اليمن_تاريخ_وثقافة
11.6K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#إدام_القوت
إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت

وما أحسن قول ابن نباتة : (والله .. لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يضع ولا يرفع ، ولا يعطي ولا يمنع .. إلّا الله).
وكنت أظنّ النّفرة استحكمت بين #العلويّين وآل #بامخرمة في عهده وعهد ولده عبد الله إلى حدّ بعيد ، حسبما أشرت إلى ذلك في «الأصل» ، ويتأكّد ذلك بالقصّة الآتية له مع السّيّد علويّ بن عقيل في #العرّ من ضرب السّيّد علويّ بن عقيل الشّيخ عمر ب #النّعال ، وما بعد ذلك من هوادة ولا حفظ لخطّ الرّجعة.
لا سيّما وقد نقل سيّدي عليّ بن حسن العطّاس عن القطب الحدّاد ما يقتضي انحصار أخذ الشّيخ عمر بامخرمة على الشّيخ عبد الرّحمن #باهرمز وأن لا شيخ له من #العلويّين.
ولا ينتقض ذلك بما كان من أخذه عن العدنيّ ؛ لأنّه لم يدم ، بل بطل حكمه ، وقد أشرت إلى جميع هذا في «الأصل» وربّما كان مبالغا فيه ، وقد عوّض الشّيخ عمر عمّا لحقه من جفاء العلويّين في زمانه بما كان من إصفاق أعقابهم على فضله والولوع بديوانه وقد أطنب سيّدي عمر بن سقّاف في مدحه.
أمّا أشعار الشّيخ عمر بامخرمة .. فألذّ من الوصال ، وأحلى من السّلسال ، وفيها فراسات صادقة عن أمور متأخّرة ، كما يعرف ذلك بالاستقراء (١). ولم يزل بسيئون تحت الضّغط و #المراقبة من بدر #بوطويرق (٢) ، لا من النّاحية الّتي ينكرها عليه الفقهاء ، ولكن لما على كلامه من القبول : وله من التّأثير ؛ فهو يخشى أن يحرّض عليه ، فتتنكّر له النّاس (٣) ، على أنّ ذلك وقع عليه مع شدّة تحرّيه ، فثار عليه ولده (٤) ، وألقى القبض عليه ، وسجنه حتّى مات بغيظه مقهورا في سجنه سنة (٩٧٧ ه‍).
______
(١) وشعره مجموع في دواوين ، والمسموع من أفواه الشيوخ أن شعره كله يزيد على (٢٠) ديوانا.
والموجود حاليا من شعره مجلدان مخطوطان متداولان بين الناس ، ويقال : إنها تصل إلى عشرة مجلدات.
(٢) تماما كما فعل بدر مع الشيخ معروف باجمال في شبام ، كما مر فيها.
(٣) أي : لبدر بوطويرق.
(٤) أي : عبد الله بن بدر .. انظر مادة مريمه.
وما كنت أدري أنّ للشّيخ عمر #بامخرمة حشما وأبّهة وأتباعا إلّا من قصّته السّابقة في #هينن مع الشّيخ حسين بن عبد الله بافضل ، فإمّا أن تكون قبل المراقبة عليه ، وإمّا أن تكون المراقبة محدودة بما يخشى منه الثّورة.
وكانت وفاة الشّيخ حسين كما في «النّور السّافر» سنة (٩٧٩ ه‍).
وكانت وفاة الشّيخ عمر بامخرمة بسيئون في سنة (٩٥٢ ه‍) ، وكان السّيّد زين بن عبد الله بن علويّ #الحدّاد كثير المدح له والثّناء عليه ، وما أكثر ما يتمنّى أن يدفن بجواره (١).
وفي غربيّ قبره : ضريح الشّيخ أحمد مسعود #بارجاء ، باني الجامع الثّاني السّابق ذكره.
وفي غربيّه إلى الجنوب : مقبرة آل #باحويرث ، كان فيهم كثير من الأخيار ، يكثرون العبادة ، ويحافظون على الصّلاة ، وأظنّهم على اتّصال في المناسب بآل حويرث السّابق ذكرهم في #الخريبة.
وكانت أمّ جدّنا عليّ بن عبد الرّحمن السّقّاف من آل ثبتان ، وهم من #سيئون.
وكان جدّنا عمر الصّافي (٢) بن عبد الرّحمن المعلّم بن محمّد بن عليّ بن عبد الرّحمن السّقّاف يتردّد من تريم إلى سيئون بسبب أنّ أحد محبّيه من تريم انتقل منها إليها ، ولمّا علم بدر بوطويرق بتردّده .. أمر ذلك الرّجل أن يزيّن له الزّواج بسيئون ، فما زال به حتّى اقترن بسلطانة بنت محمّد بانجّار ، من قوم يرجعون إلى نجّار بن نشوان من بني حارثة ، وقد اختلف في #بني_حارثة : فقيل : #كنديّون. وقيل : #مذحجيّون (٣).
وكانت لآل بانجّار #دولة ب #بور فانمحت بدولة آل كثير وصاروا سوقة بسيئون وغيرها.
وقد ولد لجدّنا عمر ولده طه من سلطانة المذكورة ، ونشأ في حجر أمّه بسيئون ،
______
(١) ولكنه مات بعمان بجزيرة #الصير سنة (١١٥٧ ه‍).
(٢) توفي الحبيب عمر الصافي بتريم ، ودفن بها ، ولم تؤرخ وفاته.
(٣) وزاد المقحفي في «معجمه» : ذكر انتسابهم لبني زياد الخولانيين (٢ / ١٧١٨).
686
#الحسوسة (١)
هي الّتي إليها الإشارة بقول الشّيخ عمر بن عبد الله بامخرمة ، يمدح الشّيخ يوسف باناجة الآتي ذكره :
حيّ وادي النبي يا أحمد وطاه أو وعوره 
حيّ ما بين بادر والحسوسه وعوره (٢)
فيه #يوسف كما يوسف في اطلال دوره 
ريتنا حلّ وسطه واختلف في ذبوره 
ولو لا أنّ المشبّه لا يكون مثل المشبّه به من سائر النّواحي .. لاشتدّت المؤاخذة على الشّيخ عمر #بامخرمة في تشبيهه الشّيخ يوسف باناجة بالعبد الصّالح يوسف بن يعقوب عليهما السّلام ؛ فلقد كفّروا المعريّ بقوله [في «سقط الزند» ١٤٢ من الكامل] :
هو مثله في الفضل إلّا أنّه 
لم يأته برسالة جبريل 
وقالوا : كفر الفرزدق ـ أو كاد ـ إذ يقول في يزيد بن عبد الملك [في «ديوانه» ١ / ٢٣٧ من البسيط] :
لو لم يبشّر به عيسى وبيّنه 
كنت النّبيّ الّذي يدعو إلى النّور
وكان الشّيخ عبد الرّحمن بن عبود بن حسن بن عبد القادر (والي الرّباط) من سكّان الحسوسة ، وبعقب استيلاء #القعيطيّ على الوادي الأيمن في سنة (١٣١٧ ه‍) .. أسند العمالة إلى المقدّم عمر بن أحمد باصرّة ، وكان يحمل ضغنا على هذا الشّيخ ، فصادر جميع أمواله ، مع أنّه لم يشترك في الحرب ، ولم يسع فيها بخفّ ولا قدم ، ولو لا أنّه أقام سورا حديديّا من الحجّاب يمنعونه الوصول إلى السّلطان غالب بن عوض .. لأدركه عفوه ؛ فقد كان واسعا شاملا ، لا يضيق عمّا هو أكبر من هذا ، فضلا عنه.
______
(١) ومن باب المتشابهات أو المتّفق وضعا المفترق صعقا : الحسوسة بفتح فضمّ ، جبل أحمر رمليّ في وادي #حبّان بالصعيد من شبوة. وآل الحسوسة : أسرة من أسر العلم والفقه ، ظهر منهم عدد من العلماء في القرن الحادي عشر ، ولهم ذرّيّة تسكن صنعاء.
(٢) وطاه : ما انخفض من الوادي ، وعوره : ما ارتفع منه.
312
#إدام_القوت

و #الخريبة أكثر بلاد #دوعن عمارة ورفاهة ، حتّى لقد جاء في «مجموع كلام السّيّد عمر بن حسن #الحدّاد» ـ المتوفّى في سنة (١٣٠٨ ه‍) وكان أقام بها كثيرا ـ أنّه : يذبح في سوقها كلّ ليلة عشرون رأسا من الغنم ، مع أنّه لا يذبح لذلك العهد في سيئون وتريم أكثر من رأسين في كلّ ليلة ، فانظر إلى هذا التّفاوت العظيم (١).
ثمّ رأيت الطّيّب #بامخرمة يقول : (والخريبة مدينة بوادي دوعان الأيمن ، ولمّا استولى الفقيه الصّالح ، الورع الزّاهد ، العالم العامل ، عفيف الدّين عبد الله بن محمّد بن عثمان بن محمّد بن عثمان #العموديّ #النّوّحيّ على وادي #دوعان .. سكن رأس #الخريبة ، وأقام لهم الشّريعة ، وأحيا السّنّة ، وأطفأ #البدعة ، لكن لم يوافق هواهم .. ف #حاربوه و #أخرجوه ، فانتقل إلى #ذمار ، وتوفّي بها سنة (٨٤٠ ه‍) ، كذا وجد بخطّ بعض الفضلاء) هذا آخر كلامه ، وفيه جزم بأنّ آل #العموديّ من #نوّح ، وقد فصّلت الخلاف في نسبهم ب «الأصل».
#الرّشيد ؛
بلدة صغيرة فيها جامع ، كانت تحت ولاية ابن #دغّار #الكنديّ إلى أواخر القرن الثامن كما سبق في حجر.
ولما جار وطغى .. أصابته سهام اللّيل (٢) الّتي لا تبطىء ولا تخطىء ، فزال عنها وخلفه عليها وعلى غيرها آل #بالحمان ، ويظهر أنّهم من #الإباضيّة ، وبهم يتحقّق قول ابن خلدون المتوفّى سنة (٨٠٨ ه‍) في (ص ١٧٠ ج ٣) من «تاريخه» : (أنّ لهم #دعوة باقية بحضرموت إلى الآن).
ثمّ أهلك الله آل #بالحمان بعقب الظّلم والجور ، ولم يسلم منهم إلّا واحد لقّب ب :
______
(١) أما اليوم فالذي يذبح في رباط باعشن يفوق ما يذبح في الخريبة ؛ لتحول السوق إليها.
(٢) سهام اللّيل : كناية عن الدّعاء ، قال الشّاعر :
أتهزأ بالدّعاء وتزدريه 
وما تدري بما صنع الدّعاء
سهام اللّيل نافذة ولكن 
لها أمد وللأمد انقضاء
#تاريخ_الشحر_بافقيه

والكتاب الثاني ـ وهو الأهم ـ هو حصول مؤلف كتابنا على مسودة مذكرات تاريخية للفقيه المؤرخ عبد الله بن عمر بن عبد الله #بامخرمة المتوفى سنة ٩٧٢ وقد أراد بها التذييل على تاريخ عمه المؤرخ الطيب عبد الله بن عبد الله بن أحمد بامخرمة المتوفى سنة ٩٤٧ المسمى «قلائد النحر في وقائع الدهر» الذي انتهى فيه إلى سنة ٩٢٧ ه‍. وهذه المذكرات لا يذكرها أحد من المؤرخين في ترجمة المذكور ، وإنما علمنا بها من كتابنا هذا ، بل إن الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة لم يعرف كمؤرخ وإنما اشتهر بين الناس كفقيه ضليع ، وهو صاحب الفتاوي الفقهية المشهورة بين العلماء والمعروفة بالفتاوي الهجرانية. وله مؤلفات فقهية أخرى. وقد صرح المؤلف رحمه‌الله أنه ينقل عن هذه المذكرات التي يسميها التقييدات وقد بدأ النقل منها من حوادث سنة ٩٠٨ فما بعدها ، وهذا يدلّ على أن بامخرمة الثاني لم يكن يذيّل على تاريخ عمه ، وإنما كان يجمع تاريخا مستقلا به. لأن تاريخ قلائد النحر لبامخرمة ينتهي إلى حوادث سنة ٩٢٧ كما أسلفنا فيكون عمل ابن أخيه عمل آخر ، وإن كنا نجد صاحب تاريخ الشحر هذا يرجع في النقل في حوادث السنوات الأولى من القرن العاشر حتى سنة ٩٢٧ إلى تاريخ قلائد النحر ونجد عباراته بالنص دون زيادة أو تغيير ، إلّا أن يكون بامخرمة الثاني قد استوعب تاريخ عمه في حوادث هذه السنوات وأضافها إلى ما قام به ، والله أعلم.
وحفظ كتابنا هذا لمذكرات المؤرخ الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة المتوفى سنة ٩٧٢ يعتبر ثروة ثمينة تعطي الكتاب هذا أهمية قصوى لأن هذه المذكرات حوت معلومات تاريخية معاصرة لكاتبها تتعلق بأخبار عدن والشحر وحضرموت لا توجد في كتاب غيره ، وتجد المؤلف ينقل تلك المذكرات بحرفية وسذاجة أحيانا ، فهو ربما نقل نص المؤرخ بامخرمة بصيغة المتكلم كما هو موجود عنده فيقول بامخرمة ـ مثلا ـ متحدثا عن حجه سنة ٩٤٦ : «وفي سلخ ذي الحجة عزمنا للحج إلى بيت الله الحرام
وتحيرنا في البندر لقوة الأزيب وعسر الخروج» الخ فينقل المؤلف هذه العبارة كما هي دون أن ينسبها إلى قائلها وكأن المتحدث هو صاحب الكتاب نفسه مع أنه يذكر عن نفسه أن ميلاده كان سنة ٩٧٠. وكذا نجده فيما ينقله عن صاحب النور السافر متحدثا عن نفسه كأن يقول #العيدروس «وأنشدني صاحبنا الفقيه عبد الله بن فلاح» فينقل المؤلف العبارة كما هي.
على أن المؤرخ الطيب #بافقيه فيما نقله عن باسنجلة وبامخرمة يعتبر مصدر موثق عن مدينة الشحر وتاريخ حضرموت وعدن. ولو لا أنه أتخمه بتراجم مطولة نقلها من النور السافر لأتى تاريخه خاصا بتاريخ الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد خلال القرن العاشر. ولأعطى كتابه طابعا متميزا يمكن أن نعده من ضمن تواريخ #حضرموت المتخصصة. ومع ذلك فإن رجوعه إلى تاريخ النور السافر على الرغم من شهرته وتعدد طبعاته نجده قد كشف عن عيوب بارزة في المطبوعة المتداولة من النور السافر ، وهو أنه يورد في كتابه معلومات تتعلق بأصحاب التراجم لا توجد في المطبوعة ، وهذا يوحي أن الطبعة المعروفة من هذا الكتاب كانت غير كاملة ، والله أعلم.
وبالجملة فإن الكتاب في عمومه مكوّن من #الثلاثة الكتب المشار إليها وهي تاريخ #باسنجلة ومسودات #بامخرمة والنور السافر. ولذا نجد المؤلف عندما فرغ من حوادث تاريخ #الشحر الموجودة في تاريخ باسنجلة والتي انتهت بموته سنة ٩٨٦ جاءت بقية سنوات الكتاب خالية من الحوادث التاريخية واكتفى بما نقله عن تراجم من النور السافر ، بل نجد بعض سنواته فارغة من الوقائع وبعضها مقتضبة. وهذا يدل دلالة أكيدة على أن المؤلف اكتفى بما حصّله من الكتب الثلاثة ولم يكلف نفسه عنا الرجوع إلى كتب أخرى تعنى بالموضوع أو الرجوع إلى رواية الشيوخ المعاصرين للأحداث ، والله أعلم.
9
وهو مستوي السّرّ والعلانية ، وسالم على جانب من الخير ، إلّا أنّ فيه ما في النّاس.
وآل باناعمة ينتسبون بالخدمة إلى السّادة آل #الحدّاد ، وقد جاء في رحلة الحبيب حسن بن عبد الله الحدّاد إلى الحجاز قوله : وقدّمنا قبلنا من الحسيّسة الخادم عوض بن شعيب إلى سيئون يعلم #الأخدام #المباركين آل باناعمة بأنّا واصلون إليهم.
وسكّان صيف لا يزيدون الآن عن ألف وثمان مئة ، وهي قفل #دوعن.
ولها ذكر كثير في التّاريخ ، وقد روي عن الشّيخ عمر #بامخرمة أنّه قال لبدر بوطويرق : (حاذر على صيف ، شف ما #دوعن الّا بصيف) في حديث طويل مستوفى ب «الأصل» ، عليه أثر الانتحال.
وكانت في القرن العاشر كثير من بلاد دوعن تحت حكم ثابت بن عليّ #النّهديّ ، وفي سنة (٩٤٥ ه‍) خرج أهل صيف عن طاعته وبذلوا صيفا للسّلطان بدر #بوطويرق ، فأهداها بدر للشّيخ عثمان #العموديّ ، ثمّ ما زالت الحرب سجالا بينهم حسبما في «الأصل».
ومن وراء #صيف إلى جهة الغرب على نصف ساعة .. بلاد #قيدون (١).
وفي شرقيّ صيف مسيل الواديين الأيمن والأيسر.
ثمّ : #فيل ، وهي قرية صغيرة يسكنها آل العموديّ ، ومنهم العلّامة الشّيخ عبد الله بن عمر بن عبد الله باجمّاح المتوفّى سنة (١٣٥٤ ه‍) ، له مؤلّفات كثيرة ، وأكثر أخذه في سربايا عن العلّامة السّيّد أحمد بن طه بن علويّ #السّقّاف المتوفّى بسيئون سنة (١٣٢٥ ه‍) (٢).
______
(١) وفي جانب صيف الغربي يأتي : شعب الصيق ، وبه نخل وغيل يسقيها ، وتزرع به خضروات ، وأكثره لأهل صيف. وتحت صيف مال ونخل ، ثم الوادي ، وفي الجانب الشرقي مال ، ثم تأتي أموال أحجال ، وتوجد ثمة ثلاثة أسواق ، أكثرها لأهل قيدون.
(٢) وفي وادي فيل : قرية فيل ، فيها جملة من الأسر العمودية ، منهم آل فقيه ، والباصمد ، والباجمّاح ، آل باربود ، وجرت بين هؤلاء وبين آل بلحمر وقائع ذكر بعضها صاحب «الشامل».
ومن أعيان (فيل):
386
معظمة وأوقف عليها وقفا جزيلا بمكة ، ولما توجّه إلى #مصر أخذ حاصل #الحرم النبوي من قناديل الذّهب والفضة وغير ذلك ، فنقم ذلك عليه من لم يعرف مقصده ولما بلغ مصرا اشترى بذلك أراض مزدرعة (١) بمصر ، وكان يحمل مغلها (٢) كل سنة إلى المدينة فيقسم على كل من بها من متوّطن ومجاور من رجل وامرأة وصبي وبالغ وحر وعبد بحيث يصل إلى كل أحد من أهل المدينة كفايته من الحنطة وحصل بذلك النفع العام لأهل المدينة و #حمدوه في فعله ، وأراد أن يجعل ذلك كسماط الخليل المستمر ب #القدس ، ولم يزل ذلك جاريا إلى أن توفي (٣) ، ولم يزل بعد وفاته تارة يسبرونهم وتارة [يقطعونهم وتارة](٤) بالبعض وذلك لاستيلاء أيدي [الخونة](٥) على الأراضي المذكورة ، واحترق الحرم الشريف النّبوي في زمنه في سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة (٦) فعمره على يد #الخواجا بن الزمن عمارة جيدة أكيدة وأصرف عليه مالا جزيلا وكان الفراغ من عمارته سنة ثمان وثمانين وثمانمائة .... (٧) قتله سنة (٨) بني #أمية بالشام فسبحان الحكيم انتهى ما ذكره المؤرخ وما نقله [من تاريخ](٩) الطيب #بامخرمة ، وأما (١٠) ما نقلته من تاريخ سيدنا السيد الشريف عبد القادر بن شيخ العيدروس [فإنه] قد طول في ترجمته (١١) قال : ولما استقر في المملكة
______
(١) في الأصل من روعه وأصلحناه من قلائد النحر.
(٢) قلائد النحر : معها.
(٣) انظر في ذلك وفاء الوفاء ٢ : ٧١٤.
(٤) ساقط من قلائد النحر.
(٥) ساقط في الأصل وأضفناه من قلائد النحر.
(٦) قلائد النحر : ست وثمانين وثمانمائة. وهو كذا في وفاء الوفاء للسمهودي ٢ : ٦٣٣.
(٧) بياض في الأصل.
(٨) بياض في الأصل.
(٩) بياض في الأصل.
(١٠) بياض في الأصل.
(١١) النور السافر : ١٦ ط العلمية والضوء اللامع ٦ : ٢٠١ ـ ٢١١.
16
الركبان وانتصفوا فيها من الأعداء كل مكان حيث يقول :
وتبالة فيها أتوا بعجائب 
ينبيك عنها كل خشف مطفل 
وشبام يوم الخبة انظر كم بها
من هارب أو عاطب بالمفصل (١)
انتهى كلام المؤرخ ، قلت : ووجدت القصيدة كلها كاملة بخط ولده الفقيه العلامة عبد الله بن عمر #بامخرمة 
وللفقيه](٤) عبد الله فيه وفي ولده بدر بن عبد الله [القصائد](٥) العظام المطولات قال المؤرخ : ذكر الإمام ابن حسان في تاريخه : [أنه في سنة](٦) ثلاث وسبعين وخمسمائة وقعت #الخبة بشبام قتل فيها عبد الباقي بن راشد ابن #الدّغار وجماعة من آل شبام (١).
[وفي](٢) يوم الأحد بعد العصر الثامن والعشرين من شهر رمضان (٣) توفى الشيخ العلامة الحافظ أبو عبد الله شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي (٤) الأصل القاهري #الشافعي بالمدينة حال مجاورته الأخيرة بها ، وعمره إحدى وسبعين سنة وصلّى عليه بعد صلاة الصبح يوم الاثنين ثاني تاريخه بالرّوضة الشريفة ووقف بنعشه تجاه الحجرة الشريفة ، ودفن بالبقيع بجوار مشهد الإمام #مالك وكانت جنازته حافلة ولم يخلف بعده مثله في مجموع فنونه ، وكانت ولادته في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين ، وحفظ القرآن العظيم وهو صغير وجوده ثم حفظ المنهاج الأصل (٥) وألفية أبن مالك والنخبة وألفية العراقي وشرح النخبة ، وغالب الشاطبية ومقدمة الشاوي في العروض ، وكلما انتهى حفظه لكتاب عرضه على شيوخ عصره ، وبرع في الفقه والعربية والقرات وغيرها وأمّا مقرؤاته ومسموعاته فكثيرة ، وشارك في الفرائض و #الحساب وأصول الفقه والتفسير وغيرها ، وأخذ عن جماعة لا يحصون ، حتى بلغت عّدة من أخذ عنه زيادة على أربعمائة نفس ، وأذن له غير واحد بالإفتاء والتّدريس والإملاء ، وسمع الكثير من الحديث على شيخه إمام الأئمة الشهاب #إبن_حجر ، وحجّ بعد وفاة شيخه ابن حجر مع والديه ، ولقي جماعة من العلماء وأخذ منهم كأبي الفتح الأغر (٦) والبرهان الزمزمي والتّقي بن فهد وأبي السّعادات ابن ظهيرة وخلائق ، وزار المدينة الشريفة ورجع الى #القاهرة ملازما للسّماع والقراءة والاستفادة من الشيوخ
______
(١) ساقط من (س). وانظر خبر هذه الوقعة في تاريخ شنبل : ٤٧ بتحقيقنا.
(٢) انظر تاريخ شنبل : ٤٧.
(٣) النور : شعبان.
(٤) انظر ترجمته في الضوء اللامع ٨ : ٣٢ الكوكب السائرة ١ : ٥٣ وشذرات الذهب ٨ : ١٥ والأعلام ٦ : ١٩٥.
(٥) النور : الأصلي.
(٦) كذا في الأصل والنور السافر لعل صوابه : المراغي أحد شيوخ السخاوي.

23
#تاريخ_الشحر_بافقيه

#الشحر فأكرمه واليها السلطان العادل الفاضل الكامل بدر بن عبد الله بن علي الكثيري وصحبه ، وكان بينهما ألفة أكيدة ومودة شديدة ، ثم رجع إلى عدن وقد تولّى القضاء بها القاضي عبد الرحمن بن عبد العليم القماط ، ولم يزل يتردّد بين الشحر وعدن وأكثر إقامته ب #عدن ، وقرأ عليه جمع كثير صاروا أئمة ، منهم شيخنا الإمام عبد الله بن عبد الرحمن فضل رحمه‌الله ، والإمام جمال الدين محمد بن عمر قضام ، والفقيه العلامة الشيخ عثمان بن محمد العمودي ، والقاضي الإمام الفقيه العلامة جمال الدين محمد بن عمر بحرق وغيرهم من الأكابر ، وكان من العلوم بحيث يقضى له في كل فن بالجميع ، وكان مهابا حتى أن العلامة الصالح عفيف الدين الفقيه عبد الله بن عبسين رحمه‌الله تعالى يقول : أني لا أخاف أحد من العلماء إلا الفقيه عبد الله بن أحمد بامخرمة ، فإني أكاد أرعد من هيبته ، وكان الملوك في زمانه يخضعون له ويخافونه ، وكان امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر لا يراعي في الحق أحد ، ولا يخاف في الله لومة لائم ، وكان صاحبه الإمام الولي الّصالح جمال الدنيا والدين محمد بن أحمد بافضل كثير التّعظم له ، وبلغني أن الفقيه عبد الله رحمه‌الله سئل : أي أعلم أنت أم الفقيه محمد ، فقال : أنا أعلم منه وهو أورع مني ، أو قال أدين مني ، ومن مصنفاته فتاواه المجيدة الجيدة الوضع مجموعة ورتبها على أبواب الفقه ، وعمل على جامع المختصرات نكتا في مجلدة ، وكذا على ألفية النحو في كراريس مفيدة وشرح ملحة الحريري شرحا حسنا ، ولخص شرح ابن الهائم على هائميته ، إلى غير ذلك من الرسائل من الهندسة وغيرها ، قال الطيب #بامخرمة في تاريخه : له النكت التي على جامع المختصرات للنشائي يذكر فيه المواضع التي ذكرها ووقعت في الكتاب على غير الصواب ، وله أيضا تأليف لطيف يذكر فيه المسائل التي ذكرها في الكتاب في غير مظنتها (١) على نمط «خبايا الزوايا» للزركشي ، وله شرح ابن ياسمين في الجبر
______
(١) قلائد : مظنها
ولا تزال لأعقابهم من #آل_خليفة أموال بصليلة وما حواليها ؛ لأنّهم من بني حارثة #الحبوظيّ.
والفرقة الأخرى : بنو حارثة #العرّ ؛ لأنّهم كانوا يسكنون القارة الّتي بسفح الجبل الجنوبيّ الّذي على يمين الذّاهب من الجهة الغربيّة إلى الحسيّسة و #تاربه وما وراءهما.
وقد جاء في أخبار سنة (٦١٩ ه‍) أنّ عمر بن مهديّ أحد أمراء #الرّسوليّين باليمن أعاد بناء قارة العرّ (١) ، ولن يعيده إلّا عن سابق بناء وانهدام.
وكان الشّيخ عبد الرّحمن #السّقّاف متزوّجا بها على امرأة من بني حارثة العرّ ، وهي أمّ بنته عائشة ، وله بها مسجد لا يزال موجودا إلى اليوم.
وصهر إليهم أيضا الشّيخ عمر #المحضار ، فمنهم أمّ بنته مريم (٢).
وإليها ينسب السّيّد عبد الرّحمن بن عليّ بن الشّيخ محمّد بن حسن #جمل_اللّيل ، فيقال : عبد الرّحمن قارة العرّ ، وبها يسكن السّيّد علويّ #بن_عقيل.
وقد أشرنا في #سيئون إلى قصّته مع الشّيخ عمر بن عبد الله #بامخرمة ، وهي ما جاء في الحكاية (١٤٨) من «أنس السّالكين» للسّيّد #باهارون (٣) : (أنّ السّيّد الشّريف علويّ بن عقيل بن أحمد بن أبي بكر السّكران بن عبد الرّحمن السّقّاف أقبل من العرّ إلى بور ، فألفى السّلطان عبد الله بن جعفر والفقيه عمر بن عبد الله بامخرمة جلوسا على عصبيّ الجامع (٤) ، فقال بامخرمة بصوت خافت ، لا يمكن للسّيّد أن يسمعه : إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا.
فدخل السّيّد علويّ إلى المسجد وصلّى ركعتين ، ثمّ خرج إلى العصبيّ وضرب
______
(١) «شنبل» (٨١).
(٢) وإلى مريم هذه ينسب السادة آل الكاف من جهة الأمهات.
(٣) هو السيد عبد الله بن عبد الرحمن بن علي بن هارون بن حسن بن علي بن الشيخ جمل الليل ، توفي بالهند ، ولم تؤرّخ وفاته.
(٤) العصبي ـ بضم العين وسكون الصاد ـ : الدكة التي تكون خارج المسجد وقد تحيط به ، يجلس الناس عليها.
761
عبد الله بن عمر بن أحمد #بامخرمة ب #عدن وعمره خمس وستون سنة ، وكان آية في العلم خصوصا الفقه والفلك أخذ عن والده الولي عمر وعمه العلامة الطيب والقاضي العلامة عبد الله بن أحمد باسرومي ، وكان يقول حال قراءته عليه : إني استفدت منه أكثر مما استفاد مني ، وجّد واجتهد حتى برع وانتصب للتدريس والفتوى ، وصار عمدة يرجع إلى فتواه. وانتهت إليه رئاسة العلم والفتوى في جميع الجهات وقصد بالفتاوى من الجهات النازحة والأقاليم البعيدة ،
وكان عمه الطّيب يقول : لا أستطيع على ما يستطيع عليه ابن أخي في حلّ المشكلات وتحرير الجوابات على المسائل الغامضات ، وكان الشيخ الإمام العلامة جمال الدين محمد بن الإمام عبد القادر #الحباني يعظمه جدّا ويرجحه على والده وكان معظم تحصيله وانتفاعه به ، وممن أخذ عنه من العلماء الأعلام شيخنا الفقيه جمال الدين محمد بن عبد الرحيم #الجابري رحمه‌الله تعالى ومدحه الأديب أبو زكريا الدمشقي ببيتين :

يا عمري الأصل أنت مالكي 
ونافعي بفضله بين البشر
ها قد رفعت سندي إليكم 
لمالك لنافع لابن عمر

وبالجملة فكلامه وأبحاثه في كتبه وأجوبته تدلّ على قوّة فطنته وغزارة مادته ، وكان مع ذلك تغلب عليه الحرارة حتى على طلبته والكمال لله ، وكان بليغا فصيحا كاملا فاضلا في الأدب نادرة الوقت في النّظم والنثر ، فمن المقطّعات الغراب التي تحتمل قافيته معنيين ويسمى أيضا #الإكتفاء عند أهل البديع :
قلت سلام الله من مغرم 
ما إن سلا عنكم فقالوا سلا
فقلت هل ترضون لي وقفة
قالوا فما تطلب قلت الكلا

وله أيضا في المعنى :
يا بدرتم ماله مشبه 
ومن الحسن البديع الجلي 
اثقلني بعدك غبّ الهوى 
فامنن بوصل لي أكون الخلي 
371
وكان مولده سنة تسع وتسعين وثمانمائة رحمه‌الله ونفعنا به آمين ، لخصت ترجمته من تاريخ السيد عبد القادر رحمه‌الله ، ذكرها استطرادا في ترجمة ابنه الشيخ محمد بن أبي الحسن المتوفي في عام ثلاث وتسعين ، ولما وقفت على تاريخه جعلتها ترجمة مستقلة من هذه السنة المتوفى فيها.
وفيها (٣) يوم السبت وعشرين ذي القعدة : توفي الفقيه الصالح شجاع الدين عمر بن عبد الله بن أحمد #بامخرمة رحمه‌الله ودفن بمقبرة #سيؤون في بلاد #حضرموت قريب من قبر السلطان بدر بن عبد الله الكثيري رحمه‌الله ، وكان مولده ليلة الثلاثاء وقت المغرب ثالث عشر رمضان سنة أربع وثمانين
______
(١) ساقط من النور السافر.
(٢) ساقط من النور السافر.
(٣) الدر الفاخر في أعيان القرن العاشر لمحمد بن عبد الرحمن سراج باجمال (خ).
السناء الباهر : ٥٠٢.
312
#تاريخ_الشحر_بافقيه

وثمانمائة ، وكان من أهل الأحوال والحقائق والأسرار والدقائق ، وكان له كرامات خارقه ومنامات صادقة ، وكان مخرّقا في الظاهر معمور الأسرار ومعمور السرائر ، اشتغل بطلب العلم الظاهر على والده واجتهد في العبادة والتقشف وأخذ الطّريقة عن الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ عبد الرحمن بن عمر #باهرمز نفع الله به ، قال رحمه‌الله : وقفت بين يدي شيخي وسيدي عبد الرحمن بن عمر #باهرمز عشية الاثنين ثاني رجب وقال لي : قد حكمتك وأنا شيخك فيها وفي علوم (( لم يطلع عليها #ملك مقرب ولا #نبي مرسل ))، وأنت نائب عني بل أنت أنا ، قلت أن لي وردا من أول آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم وهو ألف كل يوم ، قال : ابق عليه وإن زدت منه فهو خير لك وأبشر فإنهم معطينك أكثر مما توهم ما غير ما يجيئك إلا في العرض من غير ما تأمله ، قال : وكان كثيرا ما يأمرني بالتّلبس بأفعال العامة ، ويدلني على الظهور بما لا ينسب فاعله إلى طريقة القوم نفع الله به ، قال : واستأذنت شيخي في دخول #الأربعينية فقال لي أربعينيتك أن تحفظ لسانك وعينك وأذنك من المحّرمات أربعين يوما ، وأما الأربعينية المعروفة فلا تدخلها انتهى.
قال الفقيه عبد الله #باسنجلة : أخبرني الشيخ عبد الله بن محمد بن عمر عباد قال : اجتمعت بالفقيه عمر #بامخرمة عند الشيخ محمد عباد وحصلت مذاكرة بينهم في علم التّصوف ، وكان ذلك اليوم رابع شهر شوال سنة اثنتين وخمسين فقال الفقيه عمر بامخرمة :
أعط المعية حقها
وألزم له حسن الأدب 
واعلم بأنك عبده 
في كل حال وهو رب 
وأشار إلى بعض الحاضرين ، وقال : أتعرف معنى هذين البيتين فقال : لا ، فقال : أنتم تضحكون على #التصوف ، ثم قال رضي‌الله‌عنه : أما المعية فهي الإجلال والتعظيم وعلم التصوف في هذين البيتين ، قال : ولم يعش الفقيه بعد هذا الكلام إلّا ستة وأربعين يوما ، وتوفي رحمه‌الله تعالى ،
ونظمه كثير جدّا وهو مشتمل على كثير من إشارات الصوفية واصطلاحاتهم ومسائلهم الدقيقة وعليه حلاوة وفيه طلاوة ، على #غناء أهل الجهة وأصواتهم ومواخذهم ، ويقال له عندهم #الدّان ، ومن أكثر شعره من ذلك يحتوي على مجلّدات ، ولهذا يحفظه أهل تلك الجهة كثيرا ويتمثلون به ، وهو سلس الألفاظ قريب المعاني يفهمه كل أحد بحسب حاله في #المحبة المجازية ونحو ذلك ، وهو مع ذلك مشتمل على كثير من الأمثال المتداولة بينهم ، ولا بد أن نأتي ببعض من شعره في آخر الترجمة ، وله مصنفات ووصايا ورسائل ، منها مصنفه سّماها «أنوار مضمون ورد الوارد القدسي في كشف مكنون آية الكرسي» وفي أسماء الله الحسنى مع إيجاز واختصار عجيب ، وجدتها بخط الفقيه الصالح المعلم عبد الرحمن بن عبد الله #باغران #الشحري.
ونقلت من خطه أيضا هذه الرسالة قال في آخرها : علّقها سيدنا وشيخنا وبركتنا الفقيه الصالح العلامة شجاع الدين عمر بن عبد الله بن أحمد #بامخرمة كان الله له ، قبيل ظهر يوم السبت ثاني شهر ذي الحجة سنة تسع عشرة وتسعمائة من الهجرة على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام على سيدنا محمد أفضل المخلوقين وعلى آله وصحبه أجمعين وما توفيقي إلّا بالله عليه توّكلت وإليه أنيب : أعلم وفّر الله تعالى نصيبك وإياي ، من رحمته العندية وعلمه #اللدنّي إن الطريق إلى الله أشرف الطرق والسّالك إليها أفضل السالكين المقاصد وفائدته أعظم الفوائد إذ كل علم له أجر وجزاء بحسب مقصده ونيّته (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)(١) ومن كان في الله تلفه كان الله خلفه ، ففرق يا ولدي بين الثّلاث المراتب ، ويبن الثلاثة المريدين واستعن بالله واضرع إليه في أن تكون الثالث ، فإذا وصلت إلى مسام همتك نسيم المحبة الأزلية على متن رياح العناية الامتنانية ريا عطر أنس القرب الجذبي
______
(١) الآية ١٤٥ سورة آل عمران.
314
فُرُطاً)(١) وإياك ثم إياك أن تنظر أو تسمع إلى ما يحرم نظره واستماعه معتمدا على ما تراه من فعل من شهر بالولاية ويشار إليه بالأصابع ، فإن أكثر من يفعل ذلك كاذب في دعواه ، متخذ إلهه هواه ، وللصادقين من أهل #التخريق أحوال لا يضبطها القياس ، ولا يجوز أن يدعيها أحد من الناس ، يضحك أحدهم سنه مما تبكي منه عيون أولي الألباب ، وفي قلبه من ذلك ما لو فاحت رائحته على الجلد لذاب ، وبإجماع أهل الطريقة لا يجوز الاقتداء ب #مخرق ، ولو كان صادقا في حاله ، فهو غير كامل ، ولا يقتدى إلا بالكمل من أهل الوراثة #النّبوية ، فالسلامة كل السلامة في لزوم الباب والتقيد عند شرب سلاف الأنس بأضيق الآداب ، والتمسك من التحليل والتحريم بأوثق الأسباب ، جعلنا الله وإياك ممن اتعظ ، قبل أن يعظ ، وعمل قبل أن يعلم ، ولا جعلنا ممن قال بغير حال ، ودل على عوالي المناصب قبل أن ينال ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين.
وذكر الفقيه محمد بن عبد الرحيم #الجابري ومن خطه نقلت قال : ذكر الفقيه عمر بن عبد الله #بامخرمة في بعض وصاياه وسمى ذلك «المطلب اليسير من السالك الفقير» : ثم الذي لا بد منه في الأوراد أن يلازم دعا الصباح والمساء الوارد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فإن عجز فلا بد أن يقول في كل صباح ومساء : بسم الله الذي لا يضّر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات ، ثم يقول أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرّات ، ثم حسبي الله لا إله إلّا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم «تسع مرات» إلى آخر كلامه رحمه‌الله ، ومن مرائيه الصّادقة رحمه‌الله قال : رأيت ليلة الأستاذ أبا القاسم القشيري رحمه‌الله ، وسألته عن بعض المشايخ المشهورين ، فأجابني بما يدل على نقص ذلك الشيخ ، ثم ناولني كتابه الرّساله ، وقال السر في هذا الكتاب ، أو قال : في
______
(١) الآية ٢٨ سورة الكهف.

316
عبد الله بن عمر بن أحمد #بامخرمة ب #عدن وعمره خمس وستون سنة ، وكان آية في العلم خصوصا #الفقه و #الفلك أخذ عن والده الولي عمر وعمه العلامة الطيب والقاضي العلامة عبد الله بن أحمد باسرومي ، وكان يقول حال قراءته عليه : إني استفدت منه أكثر مما استفاد مني ، وجّد واجتهد حتى برع وانتصب للتدريس والفتوى ، وصار #عمدة يرجع إلى فتواه. وانتهت إليه رئاسة العلم والفتوى في جميع الجهات وقصد بالفتاوى من الجهات النازحة والأقاليم البعيدة ، وكان عمه الطّيب يقول : لا أستطيع على ما يستطيع عليه ابن أخي في حلّ المشكلات وتحرير الجوابات على المسائل الغامضات ، وكان الشيخ الإمام العلامة جمال الدين محمد بن الإمام عبد القادر #الحباني يعظمه جدّا ويرجحه على والده وكان معظم تحصيله وانتفاعه به ، وممن أخذ عنه من العلماء الأعلام شيخنا الفقيه جمال الدين محمد بن عبد الرحيم #الجابري رحمه‌الله تعالى ومدحه الأديب أبو زكريا #الدمشقي ببيتين :
يا عمري الأصل أنت مالكي 
ونافعي بفضله بين البشر
ها قد رفعت سندي إليكم 
لمالك لنافع ل ابن عمر

وبالجملة فكلامه وأبحاثه في كتبه وأجوبته تدلّ على قوّة فطنته وغزارة مادته ، وكان مع ذلك تغلب عليه #الحرارة حتى على طلبته والكمال لله ، وكان بليغا فصيحا كاملا فاضلا في الأدب نادرة الوقت في النّظم والنثر ، فمن المقطّعات الغراب التي تحتمل قافيته معنيين ويسمى أيضا الإكتفاء عند أهل البديع :

قلت سلام الله من #مغرم 
ما إن سلا عنكم فقالوا #سلا
فقلت هل ترضون لي وقفة
قالوا فما تطلب قلت #الكلا
وله أيضا في المعنى :
يا بدر تم ماله مشبه 
ومن الحسن البديع الجلي 
اثقلني بعدك غبّ الهوى 
فامنن بوصل لي أكون الخلي 
371
وفيها : زالت دولة #الأروام من #صعدة وصنعاء و #تعز واليمن و #عدن ومعاقل اليمن المنيعة كحب ب #عدان والتعكر و #صبر وغير ذلك ، ووليها الشريف مطهر بن الإمام شرف الدين.
وفيها يوم الأحد ثاني شهر رجب : توفي الخطيب المحدث الفقيه عبد الله بن الفقيه محمد بن الطيب #بامخرمة رحمه‌الله تعالى.
وفيها : وصل السلطان محمد إلى #الشحر وصحبته جماعة من المهرة منهم بركين بن محمد بن سعد #البيحاني ، وعلي بن عبد الصمد بن حقيبة وأحمد بن زنجي باحسين ، وذلك يوم الاثنين الثالث عشر من رجب.
وفي ليلة الأحد الثالث والعشرين من شهر ذي الحجة آخر السنة المذكورة : توفي السلطان محمد بن عبد الله بن جعفر #الكثيري (١) بالشحر ودفن بتربة والده رحمه‌الله تعالى.
وفيها : سافرت غربان السّلطان بدر إلى #المشقاص لحرب عمر بن محمد بن #طوعري وأصحابه ، وهي ثلاثة أغربة ليلة الأثنين أول ليلة من شهر رمضان تقدمها الغراب الكبير فيه مطران بن مطران والنصعي وأصحابه #يافع والأوسط فيه عسكر وأولاد السلطان بدر بن عمر وعبد الله وعلي وحاشية الدولة وبعض من آل كثير منهم أولاد علي بن عمر بن جعفر بدر وعمر وأولاد المرهون محمد وعلي وبدر بن جعفر بن أحمد وأولاد عبد الله بن جعفر بن أحمد وحاشية آل كثير والأمير سعيد بن عطيف عزموا من طريق البر ، والغربان صرين ليلة الأثنين أول ليلة من شهر رمضان ، والذي عزموا من طريق البر عزموا بعد صلاة الظهر يوم الاثنين أول يوم من رمضان ، وهم عدة خمسين خيال والعسكر كثير وأهل البنادق نحو أربعمائة.
______
(١) أنظر ترجمته في تاريخ الدولة الكثيرية : ٣٠ ـ ٣٣.
388
وفيها : توفي (١) السلطان بدر بن عبد الله بن جعفر #الكثيري سلطان #حضرموت فصحّ بين قبضه وموته سنة وأربعة أشهر وأربعة أيام رحمه‌الله تعالى ، وكان مولده سنة اثنتين وتسعمائة ، وولي الولاية وهو شاب ، وكان حسن الأخلاق جوادا كثير الإنفاق وافر العقل ظاهر الفضل عريق الرئاسة حسن السياسة لطيف المعاشرة طريف المحاضرة ، شجاعا مقداما وهزبرا ضرغاما ، فلكم أباد أحزاب الضلال ومزقها ، وأزال فرق الفساد وفرقها ، وكان محظوظا جدا حتى كان لا يقصد بابا مغلقا إلا انفتح ، ولا يقدم على أمرمهم إلا اتضح ، ولا يتوجه إلى مطلب إلا نجح ، وهو أول من أظهر ب #حضرموت هيبة الملك بسعده ، وأسس قواعد السلطنة ومهدها لمن بعده ، وسمعت أنه يقال : أن ثلاثة من السلاطين كانوا في عصر واحد وكانوا متقاربين في السن والولاية رزقوا السعد والإقبال وطالت أيام ملكهم أحدهم صاحب الترجمه السلطان #بدر والثاني الشريف أبو نمي محمد بن بركات والثالث السلطان سليمان صاحب #الروم ، وقد مدحه العلماء مثل الفقيه الولي الصالح عمر بن عبد الله #بامخرمة ، وولده الفقيه العلامة عبد الله بن عمر بامخرمة وغيرهما من الشعراء ولهم فيه القصائد العظيمة الطنانة ويجيزهم عليها الجوائز السنية وقصدته مشايخ العرب وأكابرها فأحسن نزلهم وأسنى جوائزهم وخلع عليهم الكساء الفاخر حتى كان يسمى عندهم ببدر الكرم ، وكاتبوه الملوك من جميع الجهات #الحجاز و #اليمن وملوك #الهند ووزرائهم ، وأرسلوا له الهدايا والتحف فقابلهم فيها بما هو أسنى منها من #الخيل العربية وغيرها من الهدايا الفاخرة ، وكاتبه سلطان الروم سليمان #العثماني وعظمه فيه وأثنى عليه وعقد له لواء المسمى #صنجقا ، وجعله أميرا من قبله ، وساعده على أعدائه إذا احتاج إلى عسكر وغيره من العدد ، ولم يفعلوا لغيره من الملوك والسلاطين ما فعلوا له من الحشمة والتعظيم رحمه‌الله تعالى ، ثم تولى بعده ولده السلطان
______
(١) النور السافر : ٢٩٣ وتاريخ الدولة الكثيرية : ٣٤ ـ ٥٤.
395
#إدام_القوت

المشهور ب #القديم المتوفّى سنة (٦٨٧ ه‍) (١) عن إحدى وسبعين سنة ـ أوّل من بنى غرفة بسفح الجبل الّذي يطلّ عليها ، وحفر عندها بئرا سمّاها : غرفيّه ، لا تزال تملأ منها جوابي مسجد عليّ بن عبد الله إلى الآن.
ثمّ زاد الشّيخ محمّد بن عمر بن محمّد بن عبد الرّحمن (٢) سنة (٧٠١ ه‍) في بناء تلك #الغرفة حتّى صارت دارا ، ثمّ انتقل إليها ولده الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عمر من شبام بعائلته وتلاميذه ، وابتنوا بها جامعا.
وكان لآل #باعبّاد منصب عظيم عليه بإشارة الفقيه المقدّم ـ على ما يروى ـ كان ان بناء دولة #آل_كثير ، حسبما فصّل ب «الأصل».
وقال الطّيّب #بامخرمة :
( #الغرفة : قرية معروفة بأعلى حضرموت ، ذات نخيل ومزارع ، بها فقراء صالحون ، يعرفون بآل أبي عبّاد.
ومن مشايخهم الكبار ومشاهيرهم : الشّيخ الكبير ، العارف بالله : عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن #باعبّاد ، وهو أوّل من اشتهر ب #التّصوّف ب #حضرموت ، له ذرّيّة
______
فينظر كلام المؤلف الآتي. ولإزالة الوهم .. فإن هناك أربع أسر تسكن ما بين شبام والغرفة متشابهة في رسمها ـ أي : كتابتها ـ .. وهي :
١ ـ آل باعبّاد ، وهم هؤلاء أهل الغرفة ، بتشديد الباء.
٢ ـ وآل عبّاد أيضا بتشديد الباء ، وهم من آل باذيب سكان شبام ، ويقال لهم : عبّاد باذيب ، ومنهم جماعة في عدن ، سماهم الناس : باعبّاد ، وليسوا منهم.
٣ ـ وآل باعباد ـ بتخفيف الباء ـ وهم من سكان شبام ، ولعلهم من كندة.
٤ ـ آل عباد ، وهم من سكان دوعن ليسر ، سبق ذكرهم في حوفة ، وينطقونها بضم العين ، ومنهم جماعة في بعض مناطق حدرى. والله أعلم.
(١) «تاريخ شنبل» (ص ١٠٦) ، وجاء في حوادث (٦٨٦ ه‍) : خرج الشيخ أبو عباد من شبام إلى الغريب. وقد توفي والد الشيخ القديم بالشحر سنة (٦٢٢ ه‍) كما تقدم فيها. وللشيخ عبد الله القديم ضريح في مقبرة شبام جرب هيصم ، ولعله من أقدم القبور المعروفة بالجرب إن لم يكن أقدمها. وله مناقب تسمّى : «المنهاج القويم في مناقب الشيخ القديم» ، تأليف الشيخ محمد بن أبي بكر باعباد.
(٢) توفي الشيخ محمد بن عمر سنة (٧٢١ ه‍) في حياة والده ودفن بشبام ، أما والده .. فتوفي سنة (٧٢٧ ه‍) عن (١٠٥) من السنين. والشيخ عمر هذا ثاني ثلاثة إخوة ، ثانيهم : القديم ، وثالثهم : عبد الرحمن ، توفي سنة (٧١١ ه‍) عن نيف وتسعين سنة.