الإحسان ومواساة الأقارب والجيران ؛ كسيّدي جعفر بن #شيخ (١) ، والشّيخ عمر #دحمي (٢).
وفي أوائل هذا القرن بدأت زهرات ضئيلة من الثّروة ، استفزّت بعض أهل العلم فاستمالوا أهلها وعظّموهم ، وكبّروهم في أنفسهم ، وحملوهم على اقتناء الفراش والأثاث ، وتشييد الدّور ، وزخرفة القصور ، ونهجوا لهم السّبيل إلى اتّباع الشّهوات ، والتّقلّب في اللّذّات ، فأخذ السّرور يغيض (٣) والأحزان تفيض (٤) ، حتّى انحلّ الرّباط ، وطوي البساط ، وتقوّض ذلك الفسطاط ، وأديل الاجتماع بالافتراق ، والاتّحاد بالانشقاق ، وانكسرت خواطر الفقراء ، فاقشعرّ بهم بطن البلاد ، وتوزّعتهم الأقاليم النّائية.
ونجمت المنافسات والمزاحمات ـ العائد كثير من شرّها إلى بدعة طائفة باطويح ، فهم ومن على شاكلتهم الّذين بذروا بذور التّحاسد ، وأثاروا الأحقاد ـ وما كان آل #سيئون قبل ظهور الثّروة والجاه ونجوم هذه البدعة إلّا إخوانا على سرر الصّفاء متقابلين ، وكان الدّرسة أحرارا ، والأوقات موزّعة ، لكلّ وقت شيخ يدرّس العلم ويحضر عليه الطّالبون ، فيبثّ فيهم الحبّ ، ويؤكّد الإخاء ، ويثني بينهم على أقرانه ، ويغريهم بالأخذ عنهم. لا يمتاز شيخ بأحد ، بل كلّهم شرع فيهم.
وقد قال النّوويّ في مقدّمة «المجموع» [٦١] : (ومن أهمّ ما يؤمر به العالم : أن لا يتأذّى ممّن يقرأ عليه إذا قرأ على غيره ، وهذه مصيبة يبتلى بها جهلة المعلّمين ، وهو من الدّلائل الصّريحة على عدم إرادتهم وجه الله ، وقد قدّمنا عن عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ ما فيه من الإغلاظ) اه
فعند نجوم الجاه ، وتفشّي المال ، وظهور #البدعة.
غاض السّرور وفاض الهمّ واتّسعت
مسافة الخلف بين القول والعمل (٥)
______
(١) هو السيد جعفر بن شيخ بن عبد الرحمن بن سقاف توفي سنة (١٢٩٥ ه). «التلخيص» (٥٤ ـ ٥٥).
(٢) وعمر دحمي من آل السبايا ، تنظر أخباره في : «العدة المفيدة».
(٣) يغيض : يذهب ، ويقلّ.
(٤) يفيض : يزداد.
(٥) البيت من البسيط ، وهو للطّغرائيّ في «ديوانه».
726
وفي أوائل هذا القرن بدأت زهرات ضئيلة من الثّروة ، استفزّت بعض أهل العلم فاستمالوا أهلها وعظّموهم ، وكبّروهم في أنفسهم ، وحملوهم على اقتناء الفراش والأثاث ، وتشييد الدّور ، وزخرفة القصور ، ونهجوا لهم السّبيل إلى اتّباع الشّهوات ، والتّقلّب في اللّذّات ، فأخذ السّرور يغيض (٣) والأحزان تفيض (٤) ، حتّى انحلّ الرّباط ، وطوي البساط ، وتقوّض ذلك الفسطاط ، وأديل الاجتماع بالافتراق ، والاتّحاد بالانشقاق ، وانكسرت خواطر الفقراء ، فاقشعرّ بهم بطن البلاد ، وتوزّعتهم الأقاليم النّائية.
ونجمت المنافسات والمزاحمات ـ العائد كثير من شرّها إلى بدعة طائفة باطويح ، فهم ومن على شاكلتهم الّذين بذروا بذور التّحاسد ، وأثاروا الأحقاد ـ وما كان آل #سيئون قبل ظهور الثّروة والجاه ونجوم هذه البدعة إلّا إخوانا على سرر الصّفاء متقابلين ، وكان الدّرسة أحرارا ، والأوقات موزّعة ، لكلّ وقت شيخ يدرّس العلم ويحضر عليه الطّالبون ، فيبثّ فيهم الحبّ ، ويؤكّد الإخاء ، ويثني بينهم على أقرانه ، ويغريهم بالأخذ عنهم. لا يمتاز شيخ بأحد ، بل كلّهم شرع فيهم.
وقد قال النّوويّ في مقدّمة «المجموع» [٦١] : (ومن أهمّ ما يؤمر به العالم : أن لا يتأذّى ممّن يقرأ عليه إذا قرأ على غيره ، وهذه مصيبة يبتلى بها جهلة المعلّمين ، وهو من الدّلائل الصّريحة على عدم إرادتهم وجه الله ، وقد قدّمنا عن عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ ما فيه من الإغلاظ) اه
فعند نجوم الجاه ، وتفشّي المال ، وظهور #البدعة.
غاض السّرور وفاض الهمّ واتّسعت
مسافة الخلف بين القول والعمل (٥)
______
(١) هو السيد جعفر بن شيخ بن عبد الرحمن بن سقاف توفي سنة (١٢٩٥ ه). «التلخيص» (٥٤ ـ ٥٥).
(٢) وعمر دحمي من آل السبايا ، تنظر أخباره في : «العدة المفيدة».
(٣) يغيض : يذهب ، ويقلّ.
(٤) يفيض : يزداد.
(٥) البيت من البسيط ، وهو للطّغرائيّ في «ديوانه».
726
#إدام_القوت
و #الخريبة أكثر بلاد #دوعن عمارة ورفاهة ، حتّى لقد جاء في «مجموع كلام السّيّد عمر بن حسن #الحدّاد» ـ المتوفّى في سنة (١٣٠٨ ه) وكان أقام بها كثيرا ـ أنّه : يذبح في سوقها كلّ ليلة عشرون رأسا من الغنم ، مع أنّه لا يذبح لذلك العهد في سيئون وتريم أكثر من رأسين في كلّ ليلة ، فانظر إلى هذا التّفاوت العظيم (١).
ثمّ رأيت الطّيّب #بامخرمة يقول : (والخريبة مدينة بوادي دوعان الأيمن ، ولمّا استولى الفقيه الصّالح ، الورع الزّاهد ، العالم العامل ، عفيف الدّين عبد الله بن محمّد بن عثمان بن محمّد بن عثمان #العموديّ #النّوّحيّ على وادي #دوعان .. سكن رأس #الخريبة ، وأقام لهم الشّريعة ، وأحيا السّنّة ، وأطفأ #البدعة ، لكن لم يوافق هواهم .. ف #حاربوه و #أخرجوه ، فانتقل إلى #ذمار ، وتوفّي بها سنة (٨٤٠ ه) ، كذا وجد بخطّ بعض الفضلاء) هذا آخر كلامه ، وفيه جزم بأنّ آل #العموديّ من #نوّح ، وقد فصّلت الخلاف في نسبهم ب «الأصل».
#الرّشيد ؛
بلدة صغيرة فيها جامع ، كانت تحت ولاية ابن #دغّار #الكنديّ إلى أواخر القرن الثامن كما سبق في حجر.
ولما جار وطغى .. أصابته سهام اللّيل (٢) الّتي لا تبطىء ولا تخطىء ، فزال عنها وخلفه عليها وعلى غيرها آل #بالحمان ، ويظهر أنّهم من #الإباضيّة ، وبهم يتحقّق قول ابن خلدون المتوفّى سنة (٨٠٨ ه) في (ص ١٧٠ ج ٣) من «تاريخه» : (أنّ لهم #دعوة باقية بحضرموت إلى الآن).
ثمّ أهلك الله آل #بالحمان بعقب الظّلم والجور ، ولم يسلم منهم إلّا واحد لقّب ب :
______
(١) أما اليوم فالذي يذبح في رباط باعشن يفوق ما يذبح في الخريبة ؛ لتحول السوق إليها.
(٢) سهام اللّيل : كناية عن الدّعاء ، قال الشّاعر :
أتهزأ بالدّعاء وتزدريه
وما تدري بما صنع الدّعاء
سهام اللّيل نافذة ولكن
لها أمد وللأمد انقضاء
و #الخريبة أكثر بلاد #دوعن عمارة ورفاهة ، حتّى لقد جاء في «مجموع كلام السّيّد عمر بن حسن #الحدّاد» ـ المتوفّى في سنة (١٣٠٨ ه) وكان أقام بها كثيرا ـ أنّه : يذبح في سوقها كلّ ليلة عشرون رأسا من الغنم ، مع أنّه لا يذبح لذلك العهد في سيئون وتريم أكثر من رأسين في كلّ ليلة ، فانظر إلى هذا التّفاوت العظيم (١).
ثمّ رأيت الطّيّب #بامخرمة يقول : (والخريبة مدينة بوادي دوعان الأيمن ، ولمّا استولى الفقيه الصّالح ، الورع الزّاهد ، العالم العامل ، عفيف الدّين عبد الله بن محمّد بن عثمان بن محمّد بن عثمان #العموديّ #النّوّحيّ على وادي #دوعان .. سكن رأس #الخريبة ، وأقام لهم الشّريعة ، وأحيا السّنّة ، وأطفأ #البدعة ، لكن لم يوافق هواهم .. ف #حاربوه و #أخرجوه ، فانتقل إلى #ذمار ، وتوفّي بها سنة (٨٤٠ ه) ، كذا وجد بخطّ بعض الفضلاء) هذا آخر كلامه ، وفيه جزم بأنّ آل #العموديّ من #نوّح ، وقد فصّلت الخلاف في نسبهم ب «الأصل».
#الرّشيد ؛
بلدة صغيرة فيها جامع ، كانت تحت ولاية ابن #دغّار #الكنديّ إلى أواخر القرن الثامن كما سبق في حجر.
ولما جار وطغى .. أصابته سهام اللّيل (٢) الّتي لا تبطىء ولا تخطىء ، فزال عنها وخلفه عليها وعلى غيرها آل #بالحمان ، ويظهر أنّهم من #الإباضيّة ، وبهم يتحقّق قول ابن خلدون المتوفّى سنة (٨٠٨ ه) في (ص ١٧٠ ج ٣) من «تاريخه» : (أنّ لهم #دعوة باقية بحضرموت إلى الآن).
ثمّ أهلك الله آل #بالحمان بعقب الظّلم والجور ، ولم يسلم منهم إلّا واحد لقّب ب :
______
(١) أما اليوم فالذي يذبح في رباط باعشن يفوق ما يذبح في الخريبة ؛ لتحول السوق إليها.
(٢) سهام اللّيل : كناية عن الدّعاء ، قال الشّاعر :
أتهزأ بالدّعاء وتزدريه
وما تدري بما صنع الدّعاء
سهام اللّيل نافذة ولكن
لها أمد وللأمد انقضاء