من ذاكر البحر ...حكاية من بلدة روكب
البلدة في ساحل روكب تنظيم وانضباط وأصالة ..
تتميز فعاليات نجم البلدة في ساحل روكب بطابع فريد يجمع بين التنظيم الصارم والأجواء الروحانية والاجتماعية التي تحترم العادات والتقاليد. فعلى امتداد الشاطئ كل شيء يسير وفق خطة واضحة تشرف عليها لجنة منظمة من اهالي روكب تعنى بأدق التفاصيل مما يمنح الزوّار تجربة استثنائية مريحة وآمنة .
في روكب تخصص أماكن مريحة ومغلقة للنساء فقط تخلو تمامآ من أي تطفل أو تجاوز. فالحياء هنا هو سيد الموقف والاحترام هو السائد. نساء متخصصات يتولين تنظيم الجلسات النسائية ويقمن بإبعاد الشباب والرجال عن محيطها بكل لباقة وحزم، في مشهد يعكس وعي المجتمع وقيمه المتجذرة. اللافت أن الرجال والشباب يلتزمون بذلك دون احتجاج فلا اختلاط ولا تجاوز ولا خروج عن الذوق العام. وقد أخبرني أكثر من شخص أنه يحرص على القدوم بأسرته من المكلا وفوة والديس إلى روكب تحديدآ لما يجده هنا من نظام واحترام يندر في بعض المواقع الأخرى خاصة فيما يتعلق بمسألة الاختلاط التي تنتشر في بعض شواطئ المكلا .
حتى طبيعة الشاطئ في روكب تضيف بعدآ آخر للراحة والاطمئنان فسواحلها آمنة بعيدة عن التيارات البحرية الخطرة والمواقع غير المناسبة للسباحة مما يجعلها مقصدآ مثاليآ للعائلات الباحثة عن المتعة والأمان معآ الأطفال يلهون والنساء يجلسن بطمأنينة والرجال يشاركون من بعيد دون أن يخلوا بالنظام العام أو يزعجوا الآخرين .
ولا يعد نجم البلدة أمرآ طارئآ في روكب بل هو امتداد لاحتفال شعبيّ قديم عرفته المنطقة منذ عقود .
أما على الصعيد التراثي، فيشير الباحث الأستاذ عمر خميس بامتيرف إلى أن ..
( في الزمن الماضي كانت روكب إلى جانب الشحر من أوائل المناطق التي احتفلت بموسم البلدة قبل أن يتحول إلى مهرجان رسمي. كان الناس ينتظرون ظهور نجم البلدة بفارغ الصبر لا سيما مع اشتداد حرارة الصيف ليكون فرصة للراحة والفرح والتلاقي. وكان من أبرز مظاهر الاحتفال في روكب إقامة فعاليات دينية واجتماعية في مسجد الشيخ أحمد بن مطهر العمودي تستمر لثلاثة أيام ويأتي إليها الناس من مختلف المناطق المجاورة للمشاركة في جوٍّ يسوده الذكر والأنس والمحبة ) .
حتى الزحام في روكب له طابعه المختلف فلا فوضى ولا ارتجال بل تنظيم دقيق يشرف عليه أهل المكان ممن حملوا على عاتقهم مهمة التنسيق والترتيب. كل شيء في مكانه وكل شخص يعرف قدره وكل شاذ عن النظام يُلاحَظ ويعاد إلى الصواب. لهذا ظلت روكب مثالآ يحتذى به في احترام الخصوصية وحسن التنظيم وعمق الانتماء لعادات وتقاليد متجذرة في وجدان أهلها .
روكب القديمة ..
محمد عمر
البلدة في ساحل روكب تنظيم وانضباط وأصالة ..
تتميز فعاليات نجم البلدة في ساحل روكب بطابع فريد يجمع بين التنظيم الصارم والأجواء الروحانية والاجتماعية التي تحترم العادات والتقاليد. فعلى امتداد الشاطئ كل شيء يسير وفق خطة واضحة تشرف عليها لجنة منظمة من اهالي روكب تعنى بأدق التفاصيل مما يمنح الزوّار تجربة استثنائية مريحة وآمنة .
في روكب تخصص أماكن مريحة ومغلقة للنساء فقط تخلو تمامآ من أي تطفل أو تجاوز. فالحياء هنا هو سيد الموقف والاحترام هو السائد. نساء متخصصات يتولين تنظيم الجلسات النسائية ويقمن بإبعاد الشباب والرجال عن محيطها بكل لباقة وحزم، في مشهد يعكس وعي المجتمع وقيمه المتجذرة. اللافت أن الرجال والشباب يلتزمون بذلك دون احتجاج فلا اختلاط ولا تجاوز ولا خروج عن الذوق العام. وقد أخبرني أكثر من شخص أنه يحرص على القدوم بأسرته من المكلا وفوة والديس إلى روكب تحديدآ لما يجده هنا من نظام واحترام يندر في بعض المواقع الأخرى خاصة فيما يتعلق بمسألة الاختلاط التي تنتشر في بعض شواطئ المكلا .
حتى طبيعة الشاطئ في روكب تضيف بعدآ آخر للراحة والاطمئنان فسواحلها آمنة بعيدة عن التيارات البحرية الخطرة والمواقع غير المناسبة للسباحة مما يجعلها مقصدآ مثاليآ للعائلات الباحثة عن المتعة والأمان معآ الأطفال يلهون والنساء يجلسن بطمأنينة والرجال يشاركون من بعيد دون أن يخلوا بالنظام العام أو يزعجوا الآخرين .
ولا يعد نجم البلدة أمرآ طارئآ في روكب بل هو امتداد لاحتفال شعبيّ قديم عرفته المنطقة منذ عقود .
أما على الصعيد التراثي، فيشير الباحث الأستاذ عمر خميس بامتيرف إلى أن ..
( في الزمن الماضي كانت روكب إلى جانب الشحر من أوائل المناطق التي احتفلت بموسم البلدة قبل أن يتحول إلى مهرجان رسمي. كان الناس ينتظرون ظهور نجم البلدة بفارغ الصبر لا سيما مع اشتداد حرارة الصيف ليكون فرصة للراحة والفرح والتلاقي. وكان من أبرز مظاهر الاحتفال في روكب إقامة فعاليات دينية واجتماعية في مسجد الشيخ أحمد بن مطهر العمودي تستمر لثلاثة أيام ويأتي إليها الناس من مختلف المناطق المجاورة للمشاركة في جوٍّ يسوده الذكر والأنس والمحبة ) .
حتى الزحام في روكب له طابعه المختلف فلا فوضى ولا ارتجال بل تنظيم دقيق يشرف عليه أهل المكان ممن حملوا على عاتقهم مهمة التنسيق والترتيب. كل شيء في مكانه وكل شخص يعرف قدره وكل شاذ عن النظام يُلاحَظ ويعاد إلى الصواب. لهذا ظلت روكب مثالآ يحتذى به في احترام الخصوصية وحسن التنظيم وعمق الانتماء لعادات وتقاليد متجذرة في وجدان أهلها .
روكب القديمة ..
محمد عمر
أفتتح السير جيه. أتش. كيه. ستيوارت، حاكم عدن، محطة كهرباء عدن في 11 فبراير 1926م وقد حضر حفل الإفتتاح جمع غفير من الضباط المدنيين والعسكريين وسكان عدن من كافة الطبقات والطوائف .. وبعد حفل الإفتتاح مباشرة، تم قص الشريط إيذاناً بإضاءة الكهرباء في كافة مناطق مدينة عدن، في المساكن والمرافق العامة، والمحلات والمعسكرات والمستشفيات والشوارع.
لم يكن الأمر مجرد مشروع بنية تحتية فحسب، بل كان رمزاً لروح المبادرة والطموح، وشهادة على قدرة الإنسان العدني على صناعة النور، حرفياً ومعنوياً، في زمن كانت فيه أغلب المدن في الجزيرة العربية تغرق في الظلام .. ومع تدفق النور في شوارع مدينة عدن ومرافقها، تغيرت ملامح الحياة اليومية لأبناء المدينة، حيث أصبح الليل امتداداً للنهار، تعج فيها الحركة والنشاط، وازدادت وتيرة التعليم والعمل والإنتاج .. المستشفيات باتت أكثر قدرة على تقديم الرعاية في كل الأوقات، والمرافق العامة بدأت تأخذ طابعاً أكثر تنظيماً وحداثة .. لقد أعادت الكهرباء تشكيل إيقاع المدينة، ورسخت في وجدان سكانها معنى النهوض والكرامة.
لقد شكلً هذا الحدث التاريخي محطة فارقة في مسيرة عدن الحديثة، حين أضاءت الكهرباء سماء المدينة في لحظة مهيبة من لحظات التحول الحضاري .. ويُحسب لحاكم عدن السير ستيوارت، بعد نظره وإيمانه العميق بأهمية التقدم المدني، إذ لم يكن مجرد حاكم عابر، بل شخصية قيادية، عمل جاهداً لترك بصمة واضحة في تحديث اللبنات الأولى للبنية التحتية للمدينة .. لقد ساهم بدعمه وتشجيعه في تحويل عدن إلى مدينة نابضة بالحياة في عهده، تتطلع إلى المستقبل بثقة، وتنافس كبرى الموانئ في المنطقة.
وفي الأخير أقول .. في ١١ فبراير من العام القادم، سوف تأتي الذكرى المئوية على تأسيس الكهرباء في مدينة عدن، هي وقفة فقط، وأنظروا إلى حالها اليوم الذي لا يسر عدو ولا حبيب!! .. لأن قيادة دفة البلاد هو فن بحد ذاته، لا يجيده الكثيرون، ولكم في قيادتنا عبرة في ذلك😏 لأنه عندما يكون القائد أو الحاكم من أمثال السير ستيوارت، ذو رؤية ثاقبة، ولديه بعد نظر، فأن مدينته لا تسير فقط نحو التنمية العمرانية، بل نحو نهضة شاملة تشمل الإنسان والمكان.
بلال غلام حسين
٢٤ يوليو ٢٠٢٥م
لم يكن الأمر مجرد مشروع بنية تحتية فحسب، بل كان رمزاً لروح المبادرة والطموح، وشهادة على قدرة الإنسان العدني على صناعة النور، حرفياً ومعنوياً، في زمن كانت فيه أغلب المدن في الجزيرة العربية تغرق في الظلام .. ومع تدفق النور في شوارع مدينة عدن ومرافقها، تغيرت ملامح الحياة اليومية لأبناء المدينة، حيث أصبح الليل امتداداً للنهار، تعج فيها الحركة والنشاط، وازدادت وتيرة التعليم والعمل والإنتاج .. المستشفيات باتت أكثر قدرة على تقديم الرعاية في كل الأوقات، والمرافق العامة بدأت تأخذ طابعاً أكثر تنظيماً وحداثة .. لقد أعادت الكهرباء تشكيل إيقاع المدينة، ورسخت في وجدان سكانها معنى النهوض والكرامة.
لقد شكلً هذا الحدث التاريخي محطة فارقة في مسيرة عدن الحديثة، حين أضاءت الكهرباء سماء المدينة في لحظة مهيبة من لحظات التحول الحضاري .. ويُحسب لحاكم عدن السير ستيوارت، بعد نظره وإيمانه العميق بأهمية التقدم المدني، إذ لم يكن مجرد حاكم عابر، بل شخصية قيادية، عمل جاهداً لترك بصمة واضحة في تحديث اللبنات الأولى للبنية التحتية للمدينة .. لقد ساهم بدعمه وتشجيعه في تحويل عدن إلى مدينة نابضة بالحياة في عهده، تتطلع إلى المستقبل بثقة، وتنافس كبرى الموانئ في المنطقة.
وفي الأخير أقول .. في ١١ فبراير من العام القادم، سوف تأتي الذكرى المئوية على تأسيس الكهرباء في مدينة عدن، هي وقفة فقط، وأنظروا إلى حالها اليوم الذي لا يسر عدو ولا حبيب!! .. لأن قيادة دفة البلاد هو فن بحد ذاته، لا يجيده الكثيرون، ولكم في قيادتنا عبرة في ذلك😏 لأنه عندما يكون القائد أو الحاكم من أمثال السير ستيوارت، ذو رؤية ثاقبة، ولديه بعد نظر، فأن مدينته لا تسير فقط نحو التنمية العمرانية، بل نحو نهضة شاملة تشمل الإنسان والمكان.
بلال غلام حسين
٢٤ يوليو ٢٠٢٥م
فن كتابة الرسائل في ضوء رسالة تاريخية
------------------
#علي_صالح_الخلاقي:
قبل ظهور وسائل التواصل الالكتروني المتنوعة بعقود، ظلت الرسائل الخطية أكثر وسيلة تواصل بين الناس والأهل والأقارب، ممن تفصلهم المسافات البعيدة وكانت الرسائل تصل عادة بصحبة القادمين من منطقة العمل أو الإقامة أو بلد الاغتراب،خاصة في الأرياف التي لم تعرف الخدمة البريدية، مثل يافع، ولذلك كان الناس ينتظرون تلك الرسائل مع القادم إليهم من المهجر بشوق كبير لمعرفة أخبار أقربائهم، أما في زمننا فقد اختفت الرسائل الخطية أو الورقية وأصبحت في حُكم الماضي، إلا فيما ندر، بعد أن حلت محلها وسائل التواصل الحديثة بالصورة والصوت.
وكلما أوغلنا في الزمن، كلما كان للمراسلات شكلها المميز، بالأسلوب والمضمون، وهذا ما التمسته شخصياً، في المراسلات القديمة التي بين يدي من المهجر الهندي أو من حضرموت ويافع، ومما يلفت الانتباه طريقة فن كتابة تلك الرسائل التي تختلف أشكالها ولا تعتمد على تسلسل الأسطر بل تتخذ فقرات الرسالة منحنيات أو التفاف يجب عليك تتبعه وأنت تحرك الرسالة يميناً أو يساراً أو من الأعلى إلى الأسفل.
ومن الرسائل التي لم أجد لها مثيلاً ، رسالة أشبه بلوحة فنية بشكلها البيضاوي، القريب إلى شكل القلب وبطريقة كتابتها وتتبع أسطرها الملتفة دائرياً بصورة لا يجيدها إلا فنان مبدع، حيث تبدأ المقدمة من قلب الرسالة البيضاوية الشكل، ثم تلتف الأسطر بعد ذلك في محيط قلب الرسالة ، فتبدو الرسالة بشكل جميل ومحبب إلى القلب (انظر الصورة).
والرسالة التي بين أيدينا من أرشيف صديقي الشيخ ناصر علي محمد الفقيه بن عزالدين البكري(أبي نصر)، وتعود إلى جده لأبيه محمد بن عبدالحبيب بن حيدر بن عبدالله بن عبدالحبيب بن أحمد بن حيدر بن علي بن أحمد بن علي بن حيدر بن علي عزالدين البكري، وهي بدون تاريخ، وتعود إلى أواخر ثلاثينات القرن الهجري الماضي، وقد أرسلها من بندر المكلا إلى شقيقه علي بن عبدالحبيب.
وحسب إفادة أبي نصر فإن ذُرِّيَّة جده علي عبدالحبيب، الموجهة إليه الرسالة، وكذا ذريّة أخيه محسن عبدالحبيب يسكنون حالياً في قصيعر. أما كاتب الرسالة، أو المُرِسِل، الفقيه محمد بن عبدالحبيب فقد مكث فترة في المكلا ثم درس العلم في تريم، وبعد تخرجه عاد إلى بني بكر وتحمل القضاء.
وعند وجود السيد محمد بن عبدالله الأدريسي ، الملقب بالدباغ في يافع كان قاضياً حينها، وقد أصدر الأدريسي مرسوماً كتابياً مؤرخ 15رجب سنة 1352هـ/ الموافق 3نوفمبر 1933م بيد القاضي محمد بن عبدالحبيب وأخيه القاضي عبدالله وكافة بيت القاضي آل عزين بعد اعطائهم العهد والميثاق على كتاب الله وسنة رسوله بالسمع والطاعة، وأنهم على ما كانوا عليه أحراراً لهم المقام التام ومزيد الاحترام حسبما كان عليه آباؤهم وأجدادهم وبموجب ما بأيديهم من سجلات من سلاطين ودول وخلافة على بني بكر وعموم يافع، كما تنطق بذلك الأوراق التي بأيديهم.
وهناك رسالة أخرى من شيخ مكتب المفلحي موجهة إلى القاضي محمد بن عبدالحبيب في 19رمضان 1352هـ/ الموافق 5يناير 1934م، وظل يزاول القضاء حتى أصيب بالعمى في وقت مبكر قبل الاستقلال ، مما جعله غير قادر على القيام بمهمته كقاضٍ ، فتبوأ القضاء من بعده محسن سعيد ابن سعيدعبدالحبيب، وقد ظل حبيس منزله بسبب فقده للنظر حتى وفاته سنة 1976م، رحمه الله زطيب ثراه.
وعودة إلى الرسالة فبعد الاستهلالة التقليدية يعاتبه على عدم الرد على عدة رسائل (جُملة كُتُب) سابقة، ويقول له متسائلاً:" ما نحن دارين هو ذا حنق منّك أو قِلّ الكُتّاب، ولكن كلّن شرعه عليه، يا علي الله الله كتابك لا يقطعنا ، الله الله يا أخ شُفك كافي على أقل بيت في كل حال، الله الله"..وتكرار (الله الله) في الرسالة في أكثر من جملة هو توكيد لفظي للتذكير بأهمية المراسلة وكذا بالدور المنوط بشقيقه في القيام على شئون وأمور البيت.
وفي الرسالة خبر عن إرسال 100 قرش فرنصة لشقيقه بيد الحبيب أحمد، القادم من المكلا إلى بني بكر، ويطلب من أخيه أن ينقُل من ذلك المبلغ (نَقَ) أي قطعة أرض زراعية، ثم يختتم بالسلام على الاخوان والمعاريف. والمبلغ المرسل كبير بمقياس ذلك الوقت ويؤكد على ارتباط الناس بمسقط رأسهم وتواصلهم مع أهلهم مهما باعدت بينهم الظروف والمسافات. ويختتم بذكر اسم صاحب الرسالة، الذي نعرف أنه مستقر حينها بالمكلا، وهو الفقير إلى الله محمد بن عبدالحبيب عزالدين.
ألم أقل لكم أن فن كتابة الرسائل قد كان سمة مميزة لأسلافنا تتجلى فيها العلاقات الاجتماعية الحميمة والمشاعر الصادقة بين الأهل والأقرباء.
------------------
#علي_صالح_الخلاقي:
قبل ظهور وسائل التواصل الالكتروني المتنوعة بعقود، ظلت الرسائل الخطية أكثر وسيلة تواصل بين الناس والأهل والأقارب، ممن تفصلهم المسافات البعيدة وكانت الرسائل تصل عادة بصحبة القادمين من منطقة العمل أو الإقامة أو بلد الاغتراب،خاصة في الأرياف التي لم تعرف الخدمة البريدية، مثل يافع، ولذلك كان الناس ينتظرون تلك الرسائل مع القادم إليهم من المهجر بشوق كبير لمعرفة أخبار أقربائهم، أما في زمننا فقد اختفت الرسائل الخطية أو الورقية وأصبحت في حُكم الماضي، إلا فيما ندر، بعد أن حلت محلها وسائل التواصل الحديثة بالصورة والصوت.
وكلما أوغلنا في الزمن، كلما كان للمراسلات شكلها المميز، بالأسلوب والمضمون، وهذا ما التمسته شخصياً، في المراسلات القديمة التي بين يدي من المهجر الهندي أو من حضرموت ويافع، ومما يلفت الانتباه طريقة فن كتابة تلك الرسائل التي تختلف أشكالها ولا تعتمد على تسلسل الأسطر بل تتخذ فقرات الرسالة منحنيات أو التفاف يجب عليك تتبعه وأنت تحرك الرسالة يميناً أو يساراً أو من الأعلى إلى الأسفل.
ومن الرسائل التي لم أجد لها مثيلاً ، رسالة أشبه بلوحة فنية بشكلها البيضاوي، القريب إلى شكل القلب وبطريقة كتابتها وتتبع أسطرها الملتفة دائرياً بصورة لا يجيدها إلا فنان مبدع، حيث تبدأ المقدمة من قلب الرسالة البيضاوية الشكل، ثم تلتف الأسطر بعد ذلك في محيط قلب الرسالة ، فتبدو الرسالة بشكل جميل ومحبب إلى القلب (انظر الصورة).
والرسالة التي بين أيدينا من أرشيف صديقي الشيخ ناصر علي محمد الفقيه بن عزالدين البكري(أبي نصر)، وتعود إلى جده لأبيه محمد بن عبدالحبيب بن حيدر بن عبدالله بن عبدالحبيب بن أحمد بن حيدر بن علي بن أحمد بن علي بن حيدر بن علي عزالدين البكري، وهي بدون تاريخ، وتعود إلى أواخر ثلاثينات القرن الهجري الماضي، وقد أرسلها من بندر المكلا إلى شقيقه علي بن عبدالحبيب.
وحسب إفادة أبي نصر فإن ذُرِّيَّة جده علي عبدالحبيب، الموجهة إليه الرسالة، وكذا ذريّة أخيه محسن عبدالحبيب يسكنون حالياً في قصيعر. أما كاتب الرسالة، أو المُرِسِل، الفقيه محمد بن عبدالحبيب فقد مكث فترة في المكلا ثم درس العلم في تريم، وبعد تخرجه عاد إلى بني بكر وتحمل القضاء.
وعند وجود السيد محمد بن عبدالله الأدريسي ، الملقب بالدباغ في يافع كان قاضياً حينها، وقد أصدر الأدريسي مرسوماً كتابياً مؤرخ 15رجب سنة 1352هـ/ الموافق 3نوفمبر 1933م بيد القاضي محمد بن عبدالحبيب وأخيه القاضي عبدالله وكافة بيت القاضي آل عزين بعد اعطائهم العهد والميثاق على كتاب الله وسنة رسوله بالسمع والطاعة، وأنهم على ما كانوا عليه أحراراً لهم المقام التام ومزيد الاحترام حسبما كان عليه آباؤهم وأجدادهم وبموجب ما بأيديهم من سجلات من سلاطين ودول وخلافة على بني بكر وعموم يافع، كما تنطق بذلك الأوراق التي بأيديهم.
وهناك رسالة أخرى من شيخ مكتب المفلحي موجهة إلى القاضي محمد بن عبدالحبيب في 19رمضان 1352هـ/ الموافق 5يناير 1934م، وظل يزاول القضاء حتى أصيب بالعمى في وقت مبكر قبل الاستقلال ، مما جعله غير قادر على القيام بمهمته كقاضٍ ، فتبوأ القضاء من بعده محسن سعيد ابن سعيدعبدالحبيب، وقد ظل حبيس منزله بسبب فقده للنظر حتى وفاته سنة 1976م، رحمه الله زطيب ثراه.
وعودة إلى الرسالة فبعد الاستهلالة التقليدية يعاتبه على عدم الرد على عدة رسائل (جُملة كُتُب) سابقة، ويقول له متسائلاً:" ما نحن دارين هو ذا حنق منّك أو قِلّ الكُتّاب، ولكن كلّن شرعه عليه، يا علي الله الله كتابك لا يقطعنا ، الله الله يا أخ شُفك كافي على أقل بيت في كل حال، الله الله"..وتكرار (الله الله) في الرسالة في أكثر من جملة هو توكيد لفظي للتذكير بأهمية المراسلة وكذا بالدور المنوط بشقيقه في القيام على شئون وأمور البيت.
وفي الرسالة خبر عن إرسال 100 قرش فرنصة لشقيقه بيد الحبيب أحمد، القادم من المكلا إلى بني بكر، ويطلب من أخيه أن ينقُل من ذلك المبلغ (نَقَ) أي قطعة أرض زراعية، ثم يختتم بالسلام على الاخوان والمعاريف. والمبلغ المرسل كبير بمقياس ذلك الوقت ويؤكد على ارتباط الناس بمسقط رأسهم وتواصلهم مع أهلهم مهما باعدت بينهم الظروف والمسافات. ويختتم بذكر اسم صاحب الرسالة، الذي نعرف أنه مستقر حينها بالمكلا، وهو الفقير إلى الله محمد بن عبدالحبيب عزالدين.
ألم أقل لكم أن فن كتابة الرسائل قد كان سمة مميزة لأسلافنا تتجلى فيها العلاقات الاجتماعية الحميمة والمشاعر الصادقة بين الأهل والأقرباء.
حضارتنا...
منضدة من الخشب عليها زخارف نباتية مكررة و كتابات بالخط العربي بأدوات و معدات يدوية
الكتابة:
- سلام قولا من رب رحيم.
- إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون.
- إقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم.
- لئن شكرتم لأزيدنكم.
المادة : خشب
المقاسات : الارتفاع ٦٠ سم، الطول ٨٠ سم، العرض ٥٠ سم.
الرقم المتحفي: م.ش.ج ٣٢٦.
من مقتنيات متحف الموروث الشعبي- صنعاء.
#متحف_الموروث_الشعبي
#الهيئة_العامة_للآثار_والمتاحف
#حضارتنا
منضدة من الخشب عليها زخارف نباتية مكررة و كتابات بالخط العربي بأدوات و معدات يدوية
الكتابة:
- سلام قولا من رب رحيم.
- إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون.
- إقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم.
- لئن شكرتم لأزيدنكم.
المادة : خشب
المقاسات : الارتفاع ٦٠ سم، الطول ٨٠ سم، العرض ٥٠ سم.
الرقم المتحفي: م.ش.ج ٣٢٦.
من مقتنيات متحف الموروث الشعبي- صنعاء.
#متحف_الموروث_الشعبي
#الهيئة_العامة_للآثار_والمتاحف
#حضارتنا
#الخنجر_اليمني
خنجر جداً جميل، مرصع بالجواهر ومصنوع مابين #اليمن (صنع الخنجر) و #الهند (المجوهرات وتركيبها) ، في أواخر القرن التاسع عشر.
برأيي هذا الخنجر مثال جميل على عمل ثقافتين مع بعض لإنتاج شي جميل.
كان يملكها أحد افراد مجتمع تشاوش، وهم مجتمع مسلم من أصل عربي حضرمي يتواجدون في هضبة الدكن في الهند.
عرف عنهم بأنهم احتفظوا بعلاقات وثيقة مع جنوب شبه الجزيرة العربية.
وبأنهم تقليديًا يرتدون الجنبيّات عند الخصر. وهذا ما يفسر ممارسة إرسال مثل هذه الأسلحة من اليمن إلى ديكان لتزيينها.
تم بيع الخنجر بمبلغ قدره 133250 جنيه إسترليني في مزاد كريستيز.
غادة المهنا
الخنجر موجود حاليا في متحف الفن الاسلامي في دولة قطر
وقد تم بيعه لأحد أباطرة المسلمين الهنود المغول....!
#اليمن_السعيد
#اليمن
#ذويدوم
خنجر جداً جميل، مرصع بالجواهر ومصنوع مابين #اليمن (صنع الخنجر) و #الهند (المجوهرات وتركيبها) ، في أواخر القرن التاسع عشر.
برأيي هذا الخنجر مثال جميل على عمل ثقافتين مع بعض لإنتاج شي جميل.
كان يملكها أحد افراد مجتمع تشاوش، وهم مجتمع مسلم من أصل عربي حضرمي يتواجدون في هضبة الدكن في الهند.
عرف عنهم بأنهم احتفظوا بعلاقات وثيقة مع جنوب شبه الجزيرة العربية.
وبأنهم تقليديًا يرتدون الجنبيّات عند الخصر. وهذا ما يفسر ممارسة إرسال مثل هذه الأسلحة من اليمن إلى ديكان لتزيينها.
تم بيع الخنجر بمبلغ قدره 133250 جنيه إسترليني في مزاد كريستيز.
غادة المهنا
الخنجر موجود حاليا في متحف الفن الاسلامي في دولة قطر
وقد تم بيعه لأحد أباطرة المسلمين الهنود المغول....!
#اليمن_السعيد
#اليمن
#ذويدوم