(و كُلّ هذا الكلام هو فقط على فَرض أنّنا نقبل أنّ مَعنى سافرات هُو (خُروجهنّ بلا حِجاب..) و إلّا فإنّ المَعنى ليس كذلكَ - كما مرّ -

❖ هناك قضيّة أخرى مُهمّة جدّاً لا بُدّ من الالتفات إليها.. و هي:
أنّ واقعةَ كربلاء فيها خُصوصيّات لا تُوجد في أيّ واقعة أُخرى..
فلا يُمكن أن نقيسَ الوقائع الزمانيّة أو المكانيّة حتّى في سيرة #أهل_البيت، أن نقيسها على الذي جرى في #كربلاء.
أصلاً المَشروع الحسيني لهُ خصوصيّات ليستْ مَوجودة في أيّ تفصيل آخر مِن سيرة نفْس المَعصومين الأربعة عشر..
فهناك تفاصيل في المشروع الحُسيني نحنُ لا نعرفُ خلفيتها..
و لا نعرف أسرارها..
و هناك مِن الروايات ما يُؤكّد هذهِ الحقيقة..
منها على سبيل المِثال هذه الرواية الواردة عن أبي ذر الغفاري.. التي يقول فيها:
(كيف أنتم إذا قَتِل الحسين بن عليّ قتْلاً أو قال ذُبحَ ذبحاً...) إلى أن يقول: (و إنّكم لو تَعلمون ما يدخلُ على أهْل البحار وسُكّان الجبال في الغِياض والآكام وأهْل السماء مِن قَتْلهِ لبكيتم و اللهِ حَتّى تزهقَ أنفُسُكم..)
👆
🚩لاحظوا العبارة دقيقة جدّاً..
فأبو ذر لم يقلْ: لو تَعلمونَ بما جَرى على الحُسين..
و إنّما قال: (و إنّكم لو تَعلمونَ ما يَدخُلُ على أهْل البحار و سُكّان الجِبال في الغِياض و الآكام و أهْل السماء مِن قَتْلهِ لبكيتم و اللهِ حَتّى تَزهقَ أنفُسُكم..)
يعني لو تَعلمون حَجْم ما يدخل عليهم مِن الّلوعة و الحُزن و التفجّع و الهَمّ و الأوجاع و الحَسْرة لِما جرى على الحُسين..
لبكيتم و اللهِ حَتّى تَزهقَ أنفُسُكم!
(علماً أنّ الإمام ذَكَر هؤلاء لأنّهم عرفوا شيئاً نَحن لا نَعْرفه)..
و هذا المَضمون الذي ذكرهُ أبو ذرّ مَوجودٌ عندنا في روايات العترة أيضاً.
فما جرى على الحُسين، و ما جرى في كربلاء في #يوم_عاشوراء لهُ خصوصيّته..
و هذا المشهد (و هو خُروج نساء المُخيّم الحُسيني مِن الخُدور، و نشرهنّ الشعور على الخُدود، ولطم الوجوه سافرات الوجوه) هذا المشهد هو جُزء من خصوصيّة هذا اليوم.

❖ أضف أنّ هذا المَضمون الوارد في زيارة الناحيّة المُقدّسة مِن نَشر العَلويات لشُعورهنّ لِعَظم المُصيبة..
نَفْس هذا المَضمون جاءَ في كلمات العِترة عندما خَرجتْ الصدّيقة الكُبرى خَلْف أمير المؤمنين "صلواتُ الله عليه" حِين قيّدوه لإجباره على بيعة السقيفة المشؤومة..

فقد جاء في تفسير العيّاشي هذه الرواية:
(فلمَّا انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة "صلوات الله عليه" أغلقتْ الباب في وجوههم، و هي لا تشكُّ أن لا يُدخَل عليها إلّا بإذنها، فضربَ عُمر الباب برجلهِ فكسرهُ و كان مِن سَعَف، ثُمَّ دخلوا فأخرجوا عليّاً "صلواتُ الله عليه" مُلبّباً، فخرجتْ فاطمة، فقالت: يا أبا بكر، أتريدُ أن تُرمّلني مِن زوجي؟
و الله لئن لم تكُفَّ عنه لأنشُرنَّ شَعري و لأشقُنّ جَيبي، و لآتينَ قبر أبي و لأصيحنَّ إلى ربّي،
فأخذتْ بيد الحَسن و الحُسين "صلواتُ الله عليهما"، و خرجتْ تُريد قَبر النبيّ "صلّى الله عليه وآله" فقال عليّ "صلواتُ الله عليه" لسلمان: أدركْ ابنةَ مُحمّد فإنّي أرى جَنبتي المَدينة تكفيان، و الله إنْ نشرتَ شَعْرها، و شقّتْ جَيبها، و أتتْ قبر أبيها وصاحتْ إلى ربّها لا يُناظِر بالمدينة أن يخسف بها و بمَن فيها، فأدركها سلمان. فقال:
يا بنتَ مُحمّد إنّ الله إنّما بعثَ أباكِ رحمة فارجعي، فقالتْ: يا سلمان، يُريدون قتْلَ عليّ، ما على عليّ صَبر، فدعني حتّى آتي قبرَ أبي فأنشرَ شعري، و اشُقَّ جَيبي، و أصيحَ إلى ربّي، فقال سلمان: إنّي أخافُ أن تخسف بالمدينة، و عليٌ بعثني إليكِ و يأمركِ أن ترجعي إلى بيتكِ، وتنصرفي، فقالتْ: إذاً أرجع واصبر وأسمع لهُ و أطيع..)
👆🏻
لاحظوا هذا المشهد وتأملّوه..
فقد كان بِمَرأىً مِن الناس..!
صَحيح أنّ هذا الأمر لم يتحقّق على أرض الواقع، فالصدّيقة الكُبرى "صلواتُ الله عليها" لم تَنشرْ شَعْرها، ولم تشُقْ جَيبها عند قَبْر أبيها..
و لكن يبقى المَضمون هو نفس المضمون الوارد في زيارة الناحيّة.
● علماً أنّ الصدّيقة الكُبرى حِين هَدّدتْ بأن تنشُر شَعْرها، فهذا يعني أنّه يُمكن أن تَفعل ذلك..
يعني أنّ هذا الأمر يُمكنُ أن يتحقّق، وليس أمراً غير جائز..
و إلّا فليسَ مِن المَنطقي أن تقول الصدّيقة الكبرى هذا الكلام و هُو ليسَ صَحيحاً شرعاً مِن وجهة نظرها و مِن وجهة نظر أمير المؤمنين.
فحتّى #أمير_المؤمنين لو لاحظتم لم يعترضْ على ما قالتهُ #فاطمة_الزهراء مِن أنّها ستنشُر شَعْرها عند قَبر أبيها..
و إنّما كان اعتراضهُ فقط على النتيجة المُترتّبة على ذلك و هي: أنّ المَدينة سيُخسَف بها.

إذن.. هُناك قضايا نَحنُ لا نَعرفُ تفاصيلها، و لا نَعرفُ المُعطيات الخَفيّة لها..

#الثقافة_الزهرائية

✴يتردّد على ألسنة الشيعة حكاية أسدٍ حضَرَ إلى كربلاء ينوحُ عند قبر سيّد الشهداء "صلوات الله عليه" بعد قتله،
ويحمي جسده من خيول الطغـاة..

🔸️ما حقيقـة هذه القصّـة..؟
🔸️هل هي مُجرّد حكاية على ألسنة عَـوام الشيعة كما يُشاع
🔸️أم أنّ لها مصدراً في كُتبنا الشيعية..؟!
🔸️هل داسَ ذِئابُ بني أميّة الّلعنـاء صدْر سيّد الشُهداء ..؟
🔸️وإذا داسوه فِـعْــلاً.. وكانت قصّة الأسد صحيحة، فلمـاذا جاء هــذا الأسدُ إذن مـاذا يُريد أن يصنع..؟!!

❂ كثيرون يتصوّرون أن قصّة الأسد في #كربلاء هي قصّة تتردّد على ألسنة #الشيعة مِن دُون مَصدر، في حين أنّها قصّة حقيقيّة، و مصدرها هو أحد أهم كُتبنا الحديثية المعروفة وهو [لكافي الشريف: ج١]
(في باب مولد الحسين_بن_علي "صلوات الله عليه")

✱ عن إدريس بن عبد الله الأودي، يقـول:
(لمّا قُتل الحسين "صلوات الله عليه" أراد القومُ أن يُوطِئوهُ الخَيل، فقالتْ فضّة لِزينب "صلواتُ الله عليها":
يا سيّدتي إنّ سفينة [و هو اسم خادم لرسول الله] كُسِرَ به في البحر - أي كُسرتْ به السفينة في البحر -، فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد، فقال: يا أبا الحارث [و هي كنية الأسد] أنا مولى #رسول_الله "صلّى الله عليه وآله"،
فهمهم - الأسد - بينَ يديه حتّى وقفهُ على الطريق - أي أرشده للطريق -،
والأسد رابض في ناحية، فدعيني أمضي إليهِ وأُعْلمَهُ ما هُم صانعون غداً - أي ما هُم صانعون بالحسين -،
قــال: فمضتْ إليه - أي مضت فضّة للأسد - فقالتْ: يا أبا الحارث، فرفع رأسه، ثمّ قالت:
أتدري ما يُريدون أن يعملوا غداً بأبي عبد الله "صلواتُ الله عليه"؟ يُريدون أن يُوطِئوا الخيلَ ظهره،
قال: فمشى - الأسد - حتّى وضع يديهِ على جسد الحسين "صلواتُ الله عليه"،
فأقبلتْ الخيل، فلمّا نظروا إليه - أي نظروا إلى الأسد - قال لهم عمر بن سعد لعنه الله:
فتنةٌ لا تثيروها، انصرفوا، فانصرفوا).
👆
✦هذه الحادثة كانتْ بإشراف العقيلة زينب "صلوات الله عليها" فهي الّتي أذنتْ لفضّة الذهاب للأسد، فهذا جزءٌ مِن وظائف العقيلة يوم الطفوف.

✦ هناك أسرارٌ كثيرة في كربلاء لا نَعرفُها، ولكن نستطيعُ أن نتلمّسَ بعض هذهِ الأسرار من أهل البيت"صلوات الله عليهم".

✦ في ليل الحادي عشر مِن المحرّم، بعد أن جَمعتْ العقيلة زينب "صلواتُ الله عليها" النساء والأطفال، خَرجتْ لأعظم وظيفة، حين تقدّمتْ نحو الجسد السليب لأبي عبد الله الحُسين، تنوبُ عن جميع المعصومين "صلواتُ الله عليهم"، و وضعتْ يديها تحتْ ظهرهِ المُبارك و قالتْ:
(الَّلهم تقبّل مِن آل محمّد هذا القربان)
هنا وقّعتْ العقيلة زينب و أمضتْ المَشروع الحُسيني، و قدّمتْ القُربان نيابةً عن آل محمّد..

وحِينها بدأتْ المُهمّة، و كان هذا الحديث منها مع فضّة خادمة أهل البيت التي كانت معهم يوم الطفوف..

■السؤال هنا
ما الّذي كانوا يُريدون أن يصنعوه بجسد الحسين؟
ولماذا جاء هذا الأسد؟
وهل وطئوا #الإمام_الحسين يوم العاشر؟
◆ الجواب: نعم داسوا بِحوافر خيولهم صدْر الحسين يوم عاشوراء، و كان الوطء الأوّل لسيّد الشهداء و هو حيٌّ بجراحاته، لم يمت بعد..💔

و تُشير إلى ذلك زيارة الناحية المُقدّسة في هذه العبارة👇🏻:
(فهويتَ إلى الأرض جريحاً، تطؤكَ الخيول بحوافرها..).

🚩قد يُشّكك الذين في قُلوبهم مرض..
كيف لأسدٍ و هو - بهيمة - أن يفهمَ و يأتي بهذا الشكل وهذه الصُورة لحماية سيّد الشهداء؟!
■ وهنا نقول:
أنّ الميزان في قبول وردّ الأحاديث هو عرضها على القرآن..
فأهل البيت "صلواتُ الله عليهم" أمرونا أن نعرضَ حديثهم على كتاب الله..
(فلنعرض إذاً هذه القصّة الواردة في الكافي الشريف على كتاب الله بالمُجمل).

❖ قابيل الّذي قتل هابيل وهو الأكثرُ شرّاً، بعث الله إليه بغُرابين، فجاءَ الغُراب و علّمه كيف يدفن أخاه لصيانة جسد هابيل..!
فلماذا يصحّ الأمر في هابيل و على يد قابيل، و لا يصحّ هذا في الحسين و على يد العقيلة زينب؟!
(وحتّى لو قيل إنّ الغراب كان مِن الملائكة، فهو بالنتيجة جاء بصورة حيوان)

❖ شاهد قرآني آخر:
النبيّ نوح "على نبيّنا وآله عليه السلام" أصعدَ الحيوانات في السفينة مِن كلّ زَوجين اثنين بالإعجاز (فكيف استجابتْ هذهِ الحيوانات لنوح على كثرتها، وأقبلتْ طائعة و ركبتْ السفينة؟)..
أضف أنّه لا يُمكن أن تعيشَ الحيوانات المُتنافرة فيما بينها في مكانٍ واحد إلّا بالإعجاز، و كذلك مسألة ترتّب أمْر عَلَفِها و فَضلاتها جاءتْ بالاعجاز.

❖ أيضاً.. صالح النبي، كانت مُعجزته الناقة و فصيلها..
و يُونس النبي مع الحُوت الّذي ابتلعه ثُمّ ألقــاه.

❖ أمّا آل إبراهيم فقصّتهم طويلة مَع الحيوانات:

● إبراهيم قال ربّي أرني كيف تُحيي الموتى، فجاء الجواب: {فخذْ أربعةً مِن الطير فصرهُنَّ إليك...}.

● أيضاً.. قصّة ذبح اسماعيل، و كيف فُـديَ بكبش مِن الجنان.
● قصة يُوسف والذئب الذي جاءَ به إخوته، و كيف نطقَ الذئب بأنّه بريءٌ مِن دم يُوسف، حتّى صار مثلاً: (براءةُ الذئبِ مِن دم بن يعقوب)