#تاريخ_صنعاء_الطبري
بسم الله الرّحمن الرّحيم
نلتقي صدفة وجها لوجه بأثر نفيس من آثار القرن الخامس الهجري التاريخية باليمن عندما وجدنا في المخطوط الذي يحمل رقم ٢٦٧٨ بمكتبة جامع صنعاء تاريخ صنعاء للمؤرخ إسحق بن جرير #الصنعاني ، وهو تاريخ طالما تحسّر على فقدانه جمهور المؤرخين وظل مجهولا عندهم حتى لا يكاد يعلم بوجود نسخة مخطوطة منه سوى تلك النتف اليسيرة التي أوردها المؤرخ الجندي في كتابه السلوك.
ولا نغالي إذا قلنا انه أول كتاب وصلنا في تاريخ اليمن يعني بالتاريخ من حيث هو تاريخ أحداث وحوليات سنوية تؤرخ لليمن بتسلسل وانتظام ، وهو يحتل هذه الرّيادة إذا علمنا أن أوّل كتاب تاريخي عرفناه ووصل إلينا هو كتاب سيرة #الهادي يحيى بن الحسين لعلي بن محمد بن عبيد الله #العلوي المتوفى نحو سنة ٣١٠ ه ليس فيه من التّاريخ إلّا ما كان يتعلّق بسيرة هذا الإمام وأخباره السياسية ، ثم جاءت كتب #الهمداني لتعنى بالجغرافيا والأنساب وليس فيها من التاريخ إلّا ما جاء عرضا.
وحتى كتاب تاريخ مدينة #صنعاء لأحمد بن عبد الله #الرازي (على فرض انه سبق مؤلف كتابنا هذا والصحيح في ذلك العكس) نجد هذا التاريخ الذي نشره الدكتور حسين العمري يعنى بفضائل #صنعاء والرّواية عنها على طريقة المحدثين ولا نظفر بشيء من التاريخ والحوادث اليومية التي شهدتها تلك المدينة الجليلة.
وقد أتى كتابنا هذا ليسد هذه الثغرة في كتاب معاصره العلامة الجليل أحمد بن عبد الله الرازي فجاء استيعابا كاملا لحوادث مدينة صنعاء التاريخية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
نلتقي صدفة وجها لوجه بأثر نفيس من آثار القرن الخامس الهجري التاريخية باليمن عندما وجدنا في المخطوط الذي يحمل رقم ٢٦٧٨ بمكتبة جامع صنعاء تاريخ صنعاء للمؤرخ إسحق بن جرير #الصنعاني ، وهو تاريخ طالما تحسّر على فقدانه جمهور المؤرخين وظل مجهولا عندهم حتى لا يكاد يعلم بوجود نسخة مخطوطة منه سوى تلك النتف اليسيرة التي أوردها المؤرخ الجندي في كتابه السلوك.
ولا نغالي إذا قلنا انه أول كتاب وصلنا في تاريخ اليمن يعني بالتاريخ من حيث هو تاريخ أحداث وحوليات سنوية تؤرخ لليمن بتسلسل وانتظام ، وهو يحتل هذه الرّيادة إذا علمنا أن أوّل كتاب تاريخي عرفناه ووصل إلينا هو كتاب سيرة #الهادي يحيى بن الحسين لعلي بن محمد بن عبيد الله #العلوي المتوفى نحو سنة ٣١٠ ه ليس فيه من التّاريخ إلّا ما كان يتعلّق بسيرة هذا الإمام وأخباره السياسية ، ثم جاءت كتب #الهمداني لتعنى بالجغرافيا والأنساب وليس فيها من التاريخ إلّا ما جاء عرضا.
وحتى كتاب تاريخ مدينة #صنعاء لأحمد بن عبد الله #الرازي (على فرض انه سبق مؤلف كتابنا هذا والصحيح في ذلك العكس) نجد هذا التاريخ الذي نشره الدكتور حسين العمري يعنى بفضائل #صنعاء والرّواية عنها على طريقة المحدثين ولا نظفر بشيء من التاريخ والحوادث اليومية التي شهدتها تلك المدينة الجليلة.
وقد أتى كتابنا هذا ليسد هذه الثغرة في كتاب معاصره العلامة الجليل أحمد بن عبد الله الرازي فجاء استيعابا كاملا لحوادث مدينة صنعاء التاريخية
مبتدئا فيه بزمن الرسول صلّى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ثم يسلسل الحوادث حتى زمنه نحو سنة ٤٢٠ ه
وأنت تجده يتوسّع في الأخبار المعاصرة له حتى كأنك تكاد تحس انها مذكرات شخصية خاصة بالمؤلف. وهذا وحده فضلا عن غيره يعطينا دلالة أكيدة على صحة نسبته وصلته بابن جرير #الصّنعاني.
بين ابن جرير #الطبري و #الرّازي
شهد القرن الرّابع وأوائل القرن الخامس عناية ملحوظة بتاريخ اليمن ففي هذه المرحلة نجد من أوائل المؤرخين اليمنيين الرازّي وابن جرير ثم معاصرهما مؤلف سيرة القاسم بن علي #العيانى ولعل قبلهما كانت مجاميع في التاريخ اليمني لم تصلنا بعد فنحن نجد المؤرخ الرازي يكثر النقّل عن جماعة من العلماء لا ندري هل كان النقل عنهم شفهيا أم بواسطة صحف مكتوبة. ومن هؤلاء :
١ ـ علي بن الحسين بن عبد الوارث #الصنعائي.
٢ ـ عبيد بن محمد بن إبراهيم الكشوري #الأزدي
٣ ـ الحسين بن محمد بن عبد الأعلى #الحذاقي.
وغيرهم فلعل لهؤلاء كتب في تاريخ اليمن لم تصل إلينا وكانت مادة لمن كتب من بعدهم.
وفي مجال المقارنة بين الرازي وابن جرير لم نجد أحدهما يرجع إلى الآخر أو يشير إليه إلّا أنك تجد هنالك بعض التطابق في جمل من تاريخ صنعاء لابن جرير هذا وبين مخطوطة التاريخ للمجهول الموجودة في مكتبة الامبروزبانا برقم G ٠١ والذي أرى أنه الصّورة الأولى لتاريخ صنعاء ل #الرازي أو انه كتاب آخر مستقل في التاريخ لمدينة #صنعاء لذلك المؤرخ وفيه من الإشارة بما لا يدع مجالا للشك في نسبة هذا الكتاب إلى الرازي حيث يشير فيه إلى اسمه صراحة (انظر لوحة ١٠٣).
ولعل سرّ تطابق بعض الجمل بين التاريخ المجهول وبين تاريخ صنعاء
4
وأنت تجده يتوسّع في الأخبار المعاصرة له حتى كأنك تكاد تحس انها مذكرات شخصية خاصة بالمؤلف. وهذا وحده فضلا عن غيره يعطينا دلالة أكيدة على صحة نسبته وصلته بابن جرير #الصّنعاني.
بين ابن جرير #الطبري و #الرّازي
شهد القرن الرّابع وأوائل القرن الخامس عناية ملحوظة بتاريخ اليمن ففي هذه المرحلة نجد من أوائل المؤرخين اليمنيين الرازّي وابن جرير ثم معاصرهما مؤلف سيرة القاسم بن علي #العيانى ولعل قبلهما كانت مجاميع في التاريخ اليمني لم تصلنا بعد فنحن نجد المؤرخ الرازي يكثر النقّل عن جماعة من العلماء لا ندري هل كان النقل عنهم شفهيا أم بواسطة صحف مكتوبة. ومن هؤلاء :
١ ـ علي بن الحسين بن عبد الوارث #الصنعائي.
٢ ـ عبيد بن محمد بن إبراهيم الكشوري #الأزدي
٣ ـ الحسين بن محمد بن عبد الأعلى #الحذاقي.
وغيرهم فلعل لهؤلاء كتب في تاريخ اليمن لم تصل إلينا وكانت مادة لمن كتب من بعدهم.
وفي مجال المقارنة بين الرازي وابن جرير لم نجد أحدهما يرجع إلى الآخر أو يشير إليه إلّا أنك تجد هنالك بعض التطابق في جمل من تاريخ صنعاء لابن جرير هذا وبين مخطوطة التاريخ للمجهول الموجودة في مكتبة الامبروزبانا برقم G ٠١ والذي أرى أنه الصّورة الأولى لتاريخ صنعاء ل #الرازي أو انه كتاب آخر مستقل في التاريخ لمدينة #صنعاء لذلك المؤرخ وفيه من الإشارة بما لا يدع مجالا للشك في نسبة هذا الكتاب إلى الرازي حيث يشير فيه إلى اسمه صراحة (انظر لوحة ١٠٣).
ولعل سرّ تطابق بعض الجمل بين التاريخ المجهول وبين تاريخ صنعاء
4
#إدام_القوت
#الغرفة لهم مآثر وصدقات جارية ، وأوقاف ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ، قال ابن خلدون في «مقدّمة تاريخه» : بنو عامر وبنو عبّاد من موالي بني أميّة ، وكان أهلهم #قضاة بني أميّة) اه
ونقل بعده عن ابن خلدون : أنّ بني عبّاد أصحاب إشبيلية من #لخم ، من #قحطان وهو مناف لكونهم موالي بني أميّة ، إلّا أنّه أشار إلى أن الموالاة كانت ب #الحلف ، وبعيد أن يرجع نسب آل باعبّاد إلى أصحاب إشبيلية ؛ لما عرف ممّا سبق.
ومن المقبورين ب #الغرفة : الشّيخ عمر بن عيسى باركوه السّمرقنديّ ، أطال سيّدي الأستاذ الأبرّ في ذكره ، وأثنى عليه ثناء جمّا ، وهو من تلاميذ الشّيخ أبي بكر بن سالم.
وممّن أخذ عنه : السّيّد عمر بن عبد الرّحمن #العطّاس ، والشّيخ أحمد بن عبد القادر #باعشن ، صاحب #الرّباط. وغيرهما. وله ذكر كثير في «القرطاس» و «شرح العينيّة» وغيرهما.
ومن أهل #الغرفة : الشّيخ الصّالح الشّهير سالم بن عبد الله #باعامر ، له مسجد صغير في طرفها الشّرقيّ ، اتّخذه آل الفاس #مخفرا بالآخرة. وله أيضا مسجد آخر في جنوب البلاد ، بسفح الجبل الّذي يطلّ عليها.
ومن اللّطائف : أنّ الشّيخ عوض #بامختار (١) ـ وكان مشهورا بالولاية والصّلاح ـ ماتت له امرأة ، فاشتدّ وجده عليها ، وبينا هو واضع كفّ حائر على ذقن نادم ـ من فرط اللّوعة ـ على دكّة دار بالغرفة .. إذ مرّ به الشّيخ عمر بن عبد الله بامخرمة ، فقال له
يا عمر ؛ (آه) طب أهل القلوب المراض؟
فأجابه الشّيخ عمر قبل أن يبلع الرّيق :
طبّه العذب لي ينزح على بير راضي
______
(١) هو الشيخ عوض بن عبد الله بامختار ، ولد بالغرفة سنة (٩١٣ ه) ، وتوفي بها سنة (٩٧٨ ه) ، كان أميا من الصالحين العارفين. «السناء الباهر» ، «تاريخ الشعراء» : (١ / ١٦٦).
#الغرفة لهم مآثر وصدقات جارية ، وأوقاف ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ، قال ابن خلدون في «مقدّمة تاريخه» : بنو عامر وبنو عبّاد من موالي بني أميّة ، وكان أهلهم #قضاة بني أميّة) اه
ونقل بعده عن ابن خلدون : أنّ بني عبّاد أصحاب إشبيلية من #لخم ، من #قحطان وهو مناف لكونهم موالي بني أميّة ، إلّا أنّه أشار إلى أن الموالاة كانت ب #الحلف ، وبعيد أن يرجع نسب آل باعبّاد إلى أصحاب إشبيلية ؛ لما عرف ممّا سبق.
ومن المقبورين ب #الغرفة : الشّيخ عمر بن عيسى باركوه السّمرقنديّ ، أطال سيّدي الأستاذ الأبرّ في ذكره ، وأثنى عليه ثناء جمّا ، وهو من تلاميذ الشّيخ أبي بكر بن سالم.
وممّن أخذ عنه : السّيّد عمر بن عبد الرّحمن #العطّاس ، والشّيخ أحمد بن عبد القادر #باعشن ، صاحب #الرّباط. وغيرهما. وله ذكر كثير في «القرطاس» و «شرح العينيّة» وغيرهما.
ومن أهل #الغرفة : الشّيخ الصّالح الشّهير سالم بن عبد الله #باعامر ، له مسجد صغير في طرفها الشّرقيّ ، اتّخذه آل الفاس #مخفرا بالآخرة. وله أيضا مسجد آخر في جنوب البلاد ، بسفح الجبل الّذي يطلّ عليها.
ومن اللّطائف : أنّ الشّيخ عوض #بامختار (١) ـ وكان مشهورا بالولاية والصّلاح ـ ماتت له امرأة ، فاشتدّ وجده عليها ، وبينا هو واضع كفّ حائر على ذقن نادم ـ من فرط اللّوعة ـ على دكّة دار بالغرفة .. إذ مرّ به الشّيخ عمر بن عبد الله بامخرمة ، فقال له
يا عمر ؛ (آه) طب أهل القلوب المراض؟
فأجابه الشّيخ عمر قبل أن يبلع الرّيق :
طبّه العذب لي ينزح على بير راضي
______
(١) هو الشيخ عوض بن عبد الله بامختار ، ولد بالغرفة سنة (٩١٣ ه) ، وتوفي بها سنة (٩٧٨ ه) ، كان أميا من الصالحين العارفين. «السناء الباهر» ، «تاريخ الشعراء» : (١ / ١٦٦).
وهي بئر يستقى منها ب #الغرفة ـ فذهب إليها فألفى امرأة تنزح منها فتزوّجها ، وكان وإيّاها كما قال قيس [المجنون في «ديوانه» ١٦٦ من الطّويل] :
محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها
وحلّت محلّا لم يكن حلّ من قبل
وب #الغرفة جماعة من أعقاب السّيّد أحمد بن محمّد #الحبشيّ ، المتوفّى سنة (١٠٣٨ه)
منهم : السّيّد زين بن علويّ بن أحمد ، المتوفّى بها سنة (١١٠٠ ه).
ومنهم : الإمام الجليل ، صاحب الفراسة الصّادقة والكشف الخارق ، السّيّد #عبد_القادر بن محمّد بن حسين بن زين بن علويّ بن أحمد ، المتوفّى بها سنة (١٢٥٠ ه) (١) ، فلقد كان جليل الشّأن ، عظيم المقدار ، حتّى إنّ سيّد الوادي الحسن بن صالح #البحر لا يزوره إلّا بعد أن يغتسل ويتطيّب ، ويبالغ في احترامه ، وبما غرس الله له من المحبّة في القلوب .. أقبلت عليه النّاس ، فقامت عليه بعض نفوس #السّادة آل أحمد #بن_زين وعقروا فرسه ، وأصيب عاقرها ، وتكلّموا عليه بما لا يليق ، كما يعرف بعض ذلك من كتاب بخطّ يده سيّره إليهم ، وهو هذا :
بسم الله الرّحمن الرّحيم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ...) الآية.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) الآية.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ...) إلخ.
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)
______
(١) كان الحبيب عبد القادر من أهل الصلاح ، ولم يكن مشهورا في زمانه ، وقد ذكره في «العقد» ، وجمع بعض أحفاده مكاتباته مع معاصريه.
618
محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها
وحلّت محلّا لم يكن حلّ من قبل
وب #الغرفة جماعة من أعقاب السّيّد أحمد بن محمّد #الحبشيّ ، المتوفّى سنة (١٠٣٨ه)
منهم : السّيّد زين بن علويّ بن أحمد ، المتوفّى بها سنة (١١٠٠ ه).
ومنهم : الإمام الجليل ، صاحب الفراسة الصّادقة والكشف الخارق ، السّيّد #عبد_القادر بن محمّد بن حسين بن زين بن علويّ بن أحمد ، المتوفّى بها سنة (١٢٥٠ ه) (١) ، فلقد كان جليل الشّأن ، عظيم المقدار ، حتّى إنّ سيّد الوادي الحسن بن صالح #البحر لا يزوره إلّا بعد أن يغتسل ويتطيّب ، ويبالغ في احترامه ، وبما غرس الله له من المحبّة في القلوب .. أقبلت عليه النّاس ، فقامت عليه بعض نفوس #السّادة آل أحمد #بن_زين وعقروا فرسه ، وأصيب عاقرها ، وتكلّموا عليه بما لا يليق ، كما يعرف بعض ذلك من كتاب بخطّ يده سيّره إليهم ، وهو هذا :
بسم الله الرّحمن الرّحيم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ...) الآية.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) الآية.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ...) إلخ.
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)
______
(١) كان الحبيب عبد القادر من أهل الصلاح ، ولم يكن مشهورا في زمانه ، وقد ذكره في «العقد» ، وجمع بعض أحفاده مكاتباته مع معاصريه.
618
#تاريخ_اليمن_عمارة_الحكمي
خمس ومائتين ، ووصل (١) إلى العراق ، وصادف #المأمون بها ، وعاد جعفر في سنة ست إلى #زبيد ومعه ألف فارس [فيها](٢) من مسودة خراسان سبع مئة ، فعظم ملك (٣) ابن زياد ، وملك (٤) إقليم #اليمن بأسره : الجبال والتهائم ، وتقلد #جعفر هذا الجبال ، واختط بها مدينة يقال لها : #المذيخرة بمخلاف #ريمة #الأشاعر [٦] ذات أنهار وأشجار (٥) واسعة. والبلاد التي كانت لجعفر تسمى إلى اليوم #مخلاف جعفر (٦). والمخلاف عند أهل اليمن عبارة عن قطر واسع. وكان جعفر هذا أحد الكفاة الدهاة (٧) ، وبه نمت (٨) دولة ابن زياد ، لأنهم (٩) يقولون ابن زياد وجعفر (١٠) ، وهو الذي اشترط على عرب #تهامة ألا يركبوا #الخيل.
وملك ابن زياد : #حضرموت ، وديار #كنده [٧] ، و #الشحر ، و #مرباطا ، و #أبين ، و #لحجا ، و #عدن ، و #التهايم إلى #حلي.
وبين حلي ومكة ـ حرسها الله ـ ثمانية أيام. وملك من الجبال #الجند وأعمالها ، ومخلاف #المعافر ، ومخلاف #جعفر ، و #صنعاء ، و #صعدة و #نجران ، و #بيحان ،
وواصل ابن زياد الخطبة ل #بني_العباس ، وحمل الأموال والهدايا السنية هو وأولاده من بعده ، وهم إبراهيم ومحمد ، هذا الذي هو أولهم ، ثم ملك بعده ابنه #زياد بن إبراهيم
فلم تطل مدته ، ثم ملك بعده أبو إسحاق بن إبراهيم وطالت مدته. فلما أسن ، وبلغ الثمانين من الملك. تشعب عليه من دولته بعضها.
فمن أظهر له بعض ما يكره : ملك #صنعاء وهو من أولاد #التبابعة [٨] من #حمير ، واسمه #أسعد بن أبي يعفر ، ولكنه كان يخطب لأبي
______
(١) في ياقوت : سار.
(٢) الزيادة من ياقوت.
(٣) في ياقوت : أمر.
(٤) في ياقوت : وتقلد.
(٥) في ياقوت : رياض.
(٦) أنباء / دار : ٣٠.
(٧) في ياقوت : وكان جعفر هذا من الدهاة الكفاة.
(٨) في ياقوت : تمت.
(٩) في ياقوت : ولذلك.
(١٠) في الأصل : ابن زياد وجعفره ؛ وفي الجندي : كان يلقب ابن زياد بجعفر.
خمس ومائتين ، ووصل (١) إلى العراق ، وصادف #المأمون بها ، وعاد جعفر في سنة ست إلى #زبيد ومعه ألف فارس [فيها](٢) من مسودة خراسان سبع مئة ، فعظم ملك (٣) ابن زياد ، وملك (٤) إقليم #اليمن بأسره : الجبال والتهائم ، وتقلد #جعفر هذا الجبال ، واختط بها مدينة يقال لها : #المذيخرة بمخلاف #ريمة #الأشاعر [٦] ذات أنهار وأشجار (٥) واسعة. والبلاد التي كانت لجعفر تسمى إلى اليوم #مخلاف جعفر (٦). والمخلاف عند أهل اليمن عبارة عن قطر واسع. وكان جعفر هذا أحد الكفاة الدهاة (٧) ، وبه نمت (٨) دولة ابن زياد ، لأنهم (٩) يقولون ابن زياد وجعفر (١٠) ، وهو الذي اشترط على عرب #تهامة ألا يركبوا #الخيل.
وملك ابن زياد : #حضرموت ، وديار #كنده [٧] ، و #الشحر ، و #مرباطا ، و #أبين ، و #لحجا ، و #عدن ، و #التهايم إلى #حلي.
وبين حلي ومكة ـ حرسها الله ـ ثمانية أيام. وملك من الجبال #الجند وأعمالها ، ومخلاف #المعافر ، ومخلاف #جعفر ، و #صنعاء ، و #صعدة و #نجران ، و #بيحان ،
وواصل ابن زياد الخطبة ل #بني_العباس ، وحمل الأموال والهدايا السنية هو وأولاده من بعده ، وهم إبراهيم ومحمد ، هذا الذي هو أولهم ، ثم ملك بعده ابنه #زياد بن إبراهيم
فلم تطل مدته ، ثم ملك بعده أبو إسحاق بن إبراهيم وطالت مدته. فلما أسن ، وبلغ الثمانين من الملك. تشعب عليه من دولته بعضها.
فمن أظهر له بعض ما يكره : ملك #صنعاء وهو من أولاد #التبابعة [٨] من #حمير ، واسمه #أسعد بن أبي يعفر ، ولكنه كان يخطب لأبي
______
(١) في ياقوت : سار.
(٢) الزيادة من ياقوت.
(٣) في ياقوت : أمر.
(٤) في ياقوت : وتقلد.
(٥) في ياقوت : رياض.
(٦) أنباء / دار : ٣٠.
(٧) في ياقوت : وكان جعفر هذا من الدهاة الكفاة.
(٨) في ياقوت : تمت.
(٩) في ياقوت : ولذلك.
(١٠) في الأصل : ابن زياد وجعفره ؛ وفي الجندي : كان يلقب ابن زياد بجعفر.
#الجيش بن #زياد ، ويضرب الدراهم على اسمه ، ولم يكن ينفذ لأبي الجيش هدية ولا ميرة ولا ضريبة.
وكان ارتفاع أموال #أسعد هذا لا يزيد على أربع مئة ألف [دينار](١) في السنة ، يصرف معظمها في سبيل البر لوافديه وقاصديه.
وأما صاحب #بيحان ، و #نجران ، و #جرش [٩] فهم أيضا تحت طاعة #إبن_زياد. وأما صعدة فثار بها الشريف #الحسني المعروف ب #الرسي ثم #الزيدي.
وما يليق ذكره في هذا الموضع ، مع أنه [١٠] ليس بجميع اليمن مدينة أكبر ولا أكثر مرافقا من #صنعاء ، وهو بلد في خط الاستواء ، وهو من الاعتدال في الهواء (٢) بحيث لا يتحول الإنسان عن مكان واحد إلى مكان آخر طول عمره ، شتاء ولا صيفا ، وتتقارب بها ساعات الشتاء والصيف. وبها بناء عظيم قد خرب ، فهو تل عال يعرف ب #غمدان (٣) ولم تبن ملوك اليمن قصرا مثله ، ولا أرفع منه. وفي ملك أسعد بن أبي يعفر صاحب صنعاء جبل #المذيخرة ، وبلغني أن أعلاه نحو عشرين فرسخا ، فيه (٤) المزارع والمياه ، وفيه نبت الورس (٥) وهو في معنى الزعفران (٦) ، ولا يسلك إلا من طريق واحد.
وقد كان #علي (٧) بن الفضل #الداعي المعروف بشيخ #لاعة. ولاعة هذه إلى جانبها قرية لطيفة يقال لها #عدن_لاعة [١١] ، وليست #عدن أبين الساحلية ، وأنا دخلت عدن لاعة (٨) هذه ، وهي أول موضع ظهرت فيه #الدعوة #العلوية ب #اليمن ، ومنها قام #منصور_اليمن ، ومنها #علي_بن_الفضل
______
(١) الزيادة : كاي.
(٢) في الأصل : الهوى.
(٣) صفة : ٣ ، ١٩٧ ، ٢٤٠.
(٤) في الأصل : فيها.
(٥) عند فريتاغ اسمه الللاتيني menecylon tincorium.
(٦) في ياقوت : وفي شفيره الزعفران.
(٧) في الأصل محمد.
(٨) في الأصل : هذه عدن لاعة.
47
وكان ارتفاع أموال #أسعد هذا لا يزيد على أربع مئة ألف [دينار](١) في السنة ، يصرف معظمها في سبيل البر لوافديه وقاصديه.
وأما صاحب #بيحان ، و #نجران ، و #جرش [٩] فهم أيضا تحت طاعة #إبن_زياد. وأما صعدة فثار بها الشريف #الحسني المعروف ب #الرسي ثم #الزيدي.
وما يليق ذكره في هذا الموضع ، مع أنه [١٠] ليس بجميع اليمن مدينة أكبر ولا أكثر مرافقا من #صنعاء ، وهو بلد في خط الاستواء ، وهو من الاعتدال في الهواء (٢) بحيث لا يتحول الإنسان عن مكان واحد إلى مكان آخر طول عمره ، شتاء ولا صيفا ، وتتقارب بها ساعات الشتاء والصيف. وبها بناء عظيم قد خرب ، فهو تل عال يعرف ب #غمدان (٣) ولم تبن ملوك اليمن قصرا مثله ، ولا أرفع منه. وفي ملك أسعد بن أبي يعفر صاحب صنعاء جبل #المذيخرة ، وبلغني أن أعلاه نحو عشرين فرسخا ، فيه (٤) المزارع والمياه ، وفيه نبت الورس (٥) وهو في معنى الزعفران (٦) ، ولا يسلك إلا من طريق واحد.
وقد كان #علي (٧) بن الفضل #الداعي المعروف بشيخ #لاعة. ولاعة هذه إلى جانبها قرية لطيفة يقال لها #عدن_لاعة [١١] ، وليست #عدن أبين الساحلية ، وأنا دخلت عدن لاعة (٨) هذه ، وهي أول موضع ظهرت فيه #الدعوة #العلوية ب #اليمن ، ومنها قام #منصور_اليمن ، ومنها #علي_بن_الفضل
______
(١) الزيادة : كاي.
(٢) في الأصل : الهوى.
(٣) صفة : ٣ ، ١٩٧ ، ٢٤٠.
(٤) في الأصل : فيها.
(٥) عند فريتاغ اسمه الللاتيني menecylon tincorium.
(٦) في ياقوت : وفي شفيره الزعفران.
(٧) في الأصل محمد.
(٨) في الأصل : هذه عدن لاعة.
47
#تاريخ_الشحر_بافقيه
الكفار ، وتولى بعده ولد أخيه إبراهيم عادل ، وهو الآن متولي #بيجافور أصلحه الله تعالى.
وفيها : توفي السيد الشريف سالم بن حسن #باعلوي بالمخا.
سنة تسع وثمانين
فيها (١) : توفي الشيخ الفاضل المحدث المعمر عبد المعطى بن الشيخ حسن بن عبد الله #باكثير المكي #الحضرمي ب #أحمد_أباد ليلة الثلاثاء لثلاث بقين من ذي الحجة ، وكان مولده سنة خمس وتسعمائة ، وكان من الأدباء الفاضلين والشعراء المصقعين ، ولد بمكة ونشأ بها ولقي جماعة من العلماء الفاضلين ، وشارك في المنقول والمعقول ، وتفنّن في كثير من العلوم ودخل #الهند وأقام بها ، وكان حسن المحاضرة لطيف المحاورة فكها له ملحا ونوادر ، ولم يزل على قدم التعفف إلى أن مات ، وحكى عنه أنه قرأ كتاب الشفا على بعض مشايخه في مجلس واحد وذلك بعد صلاة الصبح إلى أول الظهر ، ومن شيوخه شيخ الإسلام زكريا #الأنصاري ، كان سمع عليه صحيح البخاري بقراءة والده فهو يرويه عنه سماعا كما في اصطلاح أهل الحديث ، والشيخ زكريا يرويه عن شيخ الإسلام ابن حجر #العسقلاني ، ولهذا اشتهر صاحب الترجمة ب #السند العالي ، وتميز عن أقرانه بذلك فازدحم الناس على الأخذ منه ، وصار له من الحظ بسبب ذلك ما لا مزيد عليه ، ومن شعره مضمّنا للبيت الثاني :
______
(١) النور السافر : ٣٢٥
الكفار ، وتولى بعده ولد أخيه إبراهيم عادل ، وهو الآن متولي #بيجافور أصلحه الله تعالى.
وفيها : توفي السيد الشريف سالم بن حسن #باعلوي بالمخا.
سنة تسع وثمانين
فيها (١) : توفي الشيخ الفاضل المحدث المعمر عبد المعطى بن الشيخ حسن بن عبد الله #باكثير المكي #الحضرمي ب #أحمد_أباد ليلة الثلاثاء لثلاث بقين من ذي الحجة ، وكان مولده سنة خمس وتسعمائة ، وكان من الأدباء الفاضلين والشعراء المصقعين ، ولد بمكة ونشأ بها ولقي جماعة من العلماء الفاضلين ، وشارك في المنقول والمعقول ، وتفنّن في كثير من العلوم ودخل #الهند وأقام بها ، وكان حسن المحاضرة لطيف المحاورة فكها له ملحا ونوادر ، ولم يزل على قدم التعفف إلى أن مات ، وحكى عنه أنه قرأ كتاب الشفا على بعض مشايخه في مجلس واحد وذلك بعد صلاة الصبح إلى أول الظهر ، ومن شيوخه شيخ الإسلام زكريا #الأنصاري ، كان سمع عليه صحيح البخاري بقراءة والده فهو يرويه عنه سماعا كما في اصطلاح أهل الحديث ، والشيخ زكريا يرويه عن شيخ الإسلام ابن حجر #العسقلاني ، ولهذا اشتهر صاحب الترجمة ب #السند العالي ، وتميز عن أقرانه بذلك فازدحم الناس على الأخذ منه ، وصار له من الحظ بسبب ذلك ما لا مزيد عليه ، ومن شعره مضمّنا للبيت الثاني :
______
(١) النور السافر : ٣٢٥
يا رب يا من عليه مستندي
ومن على فضله العميم معتمدي
خذ بيدي قبل أن أقول لمن
ألقاه عند القيام خذ بيدي
فامنن إلهي في سمعي وفي بصري
بصحة دائما وفي جسدي
وما بقي لي من الحياة يكن
في دعة سيدي وفي رغد
ومنة في قواعد الإسلام الخمس :
هنيئا لمن صح إسلامه
ونال من الدين أو في نصيب
أقام الصلاة وآتى الزكاة
وصام وحجّ وزار الحبيب
ومنه أيضا :
فرّج هموم من استطعت
من منجد أو متهم
فالخير كل الخير في
تفريج همّ المسلم
ومنه أيصا :
يا آل بيت رسول الله حبكم
فرض وفضلكم قد شاع في الأمم
يا آل بيت رسول الله مدحكم
في الذكر جاء فما مدحي وما كلمى
ومنه في ميمات الدواة :
وميماة الدواة تعد سبعا
وسبعا عدهن بلا خفاء
مداد ثم محبرة مقص
ومرملة ومصمغة الغراء
ومكشطة ومقلمة مقط
ومصقلة ومموهة لماء
ومحمراك ومسطرة مسن
وممسحة لختم وانتهاء
ومنه أبيات كتبها للسيد شيخ بن عبد الله العيدروس وقد أوعده بإعطاء جارية :
يا سيّدا همته
فوق الدراري الجاريه
وجود كفيه غدا
مثل الرياح الجاريه
425
ومن على فضله العميم معتمدي
خذ بيدي قبل أن أقول لمن
ألقاه عند القيام خذ بيدي
فامنن إلهي في سمعي وفي بصري
بصحة دائما وفي جسدي
وما بقي لي من الحياة يكن
في دعة سيدي وفي رغد
ومنة في قواعد الإسلام الخمس :
هنيئا لمن صح إسلامه
ونال من الدين أو في نصيب
أقام الصلاة وآتى الزكاة
وصام وحجّ وزار الحبيب
ومنه أيضا :
فرّج هموم من استطعت
من منجد أو متهم
فالخير كل الخير في
تفريج همّ المسلم
ومنه أيصا :
يا آل بيت رسول الله حبكم
فرض وفضلكم قد شاع في الأمم
يا آل بيت رسول الله مدحكم
في الذكر جاء فما مدحي وما كلمى
ومنه في ميمات الدواة :
وميماة الدواة تعد سبعا
وسبعا عدهن بلا خفاء
مداد ثم محبرة مقص
ومرملة ومصمغة الغراء
ومكشطة ومقلمة مقط
ومصقلة ومموهة لماء
ومحمراك ومسطرة مسن
وممسحة لختم وانتهاء
ومنه أبيات كتبها للسيد شيخ بن عبد الله العيدروس وقد أوعده بإعطاء جارية :
يا سيّدا همته
فوق الدراري الجاريه
وجود كفيه غدا
مثل الرياح الجاريه
425
2⃣
الروابط #الفكرية و #الدينية بين
#يافع و #حضرموت
طارق سالم سعد #الموسطي
أولًا: مذهب القرامطة في يافع:
القرامطة نسبوا إلى حمدان القرمطي، انتدب إلى الدعوة، وصار أصلًا من أصول الباطنية (الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة، عبد القادر شيبة الحمد، ط4، 1433ه، ص87). بدأت دعوة الإسماعيلية (القرامطة) في اليمن سنة (268ه/881م) عندما بعث ميمون القداح من أهل الكوفة وصاحب الدعوة إلى اليمن منصور بن حسن بن حوشب بن زادان، وعلي بن الفضل الحميري، وأمرهما بالتستر حتى يتمكنا من أمرهما، ويتعاونا معًا. (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص59).
وفي يافع ظهرت دعوة علي بن الفضل سنة (291ه/903م) والتزم النسك والعبادة، إذ انتقل إليها لما لمسه في سرو يافع من سرعة الاستجابة إلى دعوته، وأخذ عليهم المواثيق بأن لا يشربوا خمرًا، وينكرون المنكر، ومازال يخدعهم بتنسكه وعبادته حتى أطاعوه إلى ذلك، فبنى حصنًا في ناحيه من سرو يافع، ومازال يدعو سرًّا إلى مذهب القرامطة، ويزعم أنه يدعو إلى مذهب أهل البيت وحبهم، إلى أن أفسد خلق كثير وملك حصون اليمن، حتى وصل إلى المديخرة فأعجبته وجعلها دار ملكه (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص60).
وفي سنة (293هـ/905م) دخل صنعاء واستولى عليها، واستناب عليها أسعد بن أبي يعفر، وكتب إليه: “من باسط الأرض وداحيها ومنزل الجبال ومرسيها علي بن الفضل إلى عبده أسعد بن أبي يعفر” (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص60) .
وقد ادَّعى النبوة وكان أديبًا ذكيًا شجاعًا فصيحًا، أظهر مذهبه الخبيث، وانتهك المحرَّمات، ونكاح البنات والأمَّهات، وأسقط الحج. (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص60).
ثانيًا: التصوف في يافع:
رُبِطَ التصوف في يافع بالتصوف في اليمن و تهامة عمومًا، وتشير المصادر إلى أن قومًا من يافع أدخلوا الطريقة الشاذلية، وشيَّد قوم من يافع من آل سعد القبيلة المشهورة من حمير قُبَّةً عظيمة متقنة محكمة البناء، وقاموا على سدنتها، شيَّدوها للولي الصالح علي بن عبدالله الشاذلي (656هـ) في مدينة المخا. (هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن، أحمد بن فضل بن علي بن محسن العبدلي، تحقيق: أبي حسان خالد العبدلي، مكتبة الجيل، صنعاء، ط1، 1425هـ/2004، ص59).
وقد اشتهر عدد من الفقهاء اليافعيين بتصوفهم منهم: قاضي اليمن أبو بكر بن عبدالله بن محمد بن ابراهيم اليافعي الجَنَدي، المتوفَّى سنة 552ه، وهو من القضاة المشهود لهم بالمعرفة والدراية، وقد ولي قضاء صنعاء وعدن، وصارت الفتوى إليه من كل ناحية، وكان خطيبًا، وله ديوان شعر (طبقات فقهاء اليمن، عبدالوهاب بن عبد الرحمن البريهي، تحقيق: عبدالله محمد الحبشي، مكتبة الإرشاد – صنعاء، ص113,112).
ومنهم محمد بن عبدالله بن إبراهيم اليافعي، قاضي إب، توفي سنة (500ه)، (طبقات فقهاء اليمن، ص112).
والمقرئ بدر الدين حسن بن محمد اليافعي، قرأ على الإمام عفيف الدين الشنيني بالقراءات وغيرها، وجعله من خواصه، وزوَّجه ابنته، ودعا له بالخير، ففتح عليه بالمال، فاشترى أرضًا وعمر مسجدًا وأوقف عليه أوقافًا، توفي سنة830ه، (طبقات صلحاء اليمن، ص215).
والأستاذ العلامة العارف عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي له مصنفات في التصوف وغيره. (طبقات صلحاء اليمن ص61).
مما لا شك فيه أن التصوف اليافعي من حيث المنشأ الأول قد ارتبط باليمن؛ فقد تأثر الكثير من رجالات يافع بالتصوف، وكان من أشهرهم عفيف عبدالله بن أسعد اليافعي، الذي يعد العلم الأبرز في تصدر التصوف، غير أنه لم يجعل من يافع قاعدة لدعوته، بل كان كثير السفر والتنقل بين اليمن وحضرموت، حتى استقر به المقام بمكة، وقد زار عفيف الدين حضرموت، وكان له مسجدٌ في الشحر بحافة الحوطة (الشهداء السبعة، محمد عبد القادر بامطرف، دار الهمداني للطباعة والنشر – عدن، ط2، 1983م، ص48). وأخذ عن علمائها، كما مكث فترة في الشحر فاتخذ له مسجدًا عرف باسمه. وقد ارتبط بحضرموت وكانت له دعوة بها. وكان أحد الشهود المصاحبة للسادة العلويين على تأكيد نسب السادة في مكة: “إن السادة آل باعلوي لما ادعوا النسبة الشريفة، اعترف لهم أهل حضرموت، ولم ينكروه، ثم بعد ذلك أرادوا إقامة البينة وتوكيدًا لما ادعوه، وكان في تريم إذذاك ثلاثون مفتيًا، فسار بهم المحدث علي بن أحمد بن جديد إلى البصرة عند قاضيها، وأشهد على إثبات القاضي نحو مئة شاهد ممن يريد الحج … ولما قدموا حضرموت وشهدوا بذلك فاعترف الناس لهم بالنسبة الشريفة، أقروا لهم بالفضل والحرمة، وأجمع على ذلك العلماء والمصلحون” (جواهر الأحقاف ص402). وتكررت زيارة بنيه من بعده وكثيرًا ما يستشهد الباحثون الحضارمة بالحركة العلمية في القرن التاسع والعاشر ببيت الفقيه عبد الرحمن بن عبدالله بن أسعد اليافعي وزيارته لحضرموت
الروابط #الفكرية و #الدينية بين
#يافع و #حضرموت
طارق سالم سعد #الموسطي
أولًا: مذهب القرامطة في يافع:
القرامطة نسبوا إلى حمدان القرمطي، انتدب إلى الدعوة، وصار أصلًا من أصول الباطنية (الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة، عبد القادر شيبة الحمد، ط4، 1433ه، ص87). بدأت دعوة الإسماعيلية (القرامطة) في اليمن سنة (268ه/881م) عندما بعث ميمون القداح من أهل الكوفة وصاحب الدعوة إلى اليمن منصور بن حسن بن حوشب بن زادان، وعلي بن الفضل الحميري، وأمرهما بالتستر حتى يتمكنا من أمرهما، ويتعاونا معًا. (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص59).
وفي يافع ظهرت دعوة علي بن الفضل سنة (291ه/903م) والتزم النسك والعبادة، إذ انتقل إليها لما لمسه في سرو يافع من سرعة الاستجابة إلى دعوته، وأخذ عليهم المواثيق بأن لا يشربوا خمرًا، وينكرون المنكر، ومازال يخدعهم بتنسكه وعبادته حتى أطاعوه إلى ذلك، فبنى حصنًا في ناحيه من سرو يافع، ومازال يدعو سرًّا إلى مذهب القرامطة، ويزعم أنه يدعو إلى مذهب أهل البيت وحبهم، إلى أن أفسد خلق كثير وملك حصون اليمن، حتى وصل إلى المديخرة فأعجبته وجعلها دار ملكه (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص60).
وفي سنة (293هـ/905م) دخل صنعاء واستولى عليها، واستناب عليها أسعد بن أبي يعفر، وكتب إليه: “من باسط الأرض وداحيها ومنزل الجبال ومرسيها علي بن الفضل إلى عبده أسعد بن أبي يعفر” (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص60) .
وقد ادَّعى النبوة وكان أديبًا ذكيًا شجاعًا فصيحًا، أظهر مذهبه الخبيث، وانتهك المحرَّمات، ونكاح البنات والأمَّهات، وأسقط الحج. (دخول الفرق الإسلامية اليمن في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ص60).
ثانيًا: التصوف في يافع:
رُبِطَ التصوف في يافع بالتصوف في اليمن و تهامة عمومًا، وتشير المصادر إلى أن قومًا من يافع أدخلوا الطريقة الشاذلية، وشيَّد قوم من يافع من آل سعد القبيلة المشهورة من حمير قُبَّةً عظيمة متقنة محكمة البناء، وقاموا على سدنتها، شيَّدوها للولي الصالح علي بن عبدالله الشاذلي (656هـ) في مدينة المخا. (هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن، أحمد بن فضل بن علي بن محسن العبدلي، تحقيق: أبي حسان خالد العبدلي، مكتبة الجيل، صنعاء، ط1، 1425هـ/2004، ص59).
وقد اشتهر عدد من الفقهاء اليافعيين بتصوفهم منهم: قاضي اليمن أبو بكر بن عبدالله بن محمد بن ابراهيم اليافعي الجَنَدي، المتوفَّى سنة 552ه، وهو من القضاة المشهود لهم بالمعرفة والدراية، وقد ولي قضاء صنعاء وعدن، وصارت الفتوى إليه من كل ناحية، وكان خطيبًا، وله ديوان شعر (طبقات فقهاء اليمن، عبدالوهاب بن عبد الرحمن البريهي، تحقيق: عبدالله محمد الحبشي، مكتبة الإرشاد – صنعاء، ص113,112).
ومنهم محمد بن عبدالله بن إبراهيم اليافعي، قاضي إب، توفي سنة (500ه)، (طبقات فقهاء اليمن، ص112).
والمقرئ بدر الدين حسن بن محمد اليافعي، قرأ على الإمام عفيف الدين الشنيني بالقراءات وغيرها، وجعله من خواصه، وزوَّجه ابنته، ودعا له بالخير، ففتح عليه بالمال، فاشترى أرضًا وعمر مسجدًا وأوقف عليه أوقافًا، توفي سنة830ه، (طبقات صلحاء اليمن، ص215).
والأستاذ العلامة العارف عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي له مصنفات في التصوف وغيره. (طبقات صلحاء اليمن ص61).
مما لا شك فيه أن التصوف اليافعي من حيث المنشأ الأول قد ارتبط باليمن؛ فقد تأثر الكثير من رجالات يافع بالتصوف، وكان من أشهرهم عفيف عبدالله بن أسعد اليافعي، الذي يعد العلم الأبرز في تصدر التصوف، غير أنه لم يجعل من يافع قاعدة لدعوته، بل كان كثير السفر والتنقل بين اليمن وحضرموت، حتى استقر به المقام بمكة، وقد زار عفيف الدين حضرموت، وكان له مسجدٌ في الشحر بحافة الحوطة (الشهداء السبعة، محمد عبد القادر بامطرف، دار الهمداني للطباعة والنشر – عدن، ط2، 1983م، ص48). وأخذ عن علمائها، كما مكث فترة في الشحر فاتخذ له مسجدًا عرف باسمه. وقد ارتبط بحضرموت وكانت له دعوة بها. وكان أحد الشهود المصاحبة للسادة العلويين على تأكيد نسب السادة في مكة: “إن السادة آل باعلوي لما ادعوا النسبة الشريفة، اعترف لهم أهل حضرموت، ولم ينكروه، ثم بعد ذلك أرادوا إقامة البينة وتوكيدًا لما ادعوه، وكان في تريم إذذاك ثلاثون مفتيًا، فسار بهم المحدث علي بن أحمد بن جديد إلى البصرة عند قاضيها، وأشهد على إثبات القاضي نحو مئة شاهد ممن يريد الحج … ولما قدموا حضرموت وشهدوا بذلك فاعترف الناس لهم بالنسبة الشريفة، أقروا لهم بالفضل والحرمة، وأجمع على ذلك العلماء والمصلحون” (جواهر الأحقاف ص402). وتكررت زيارة بنيه من بعده وكثيرًا ما يستشهد الباحثون الحضارمة بالحركة العلمية في القرن التاسع والعاشر ببيت الفقيه عبد الرحمن بن عبدالله بن أسعد اليافعي وزيارته لحضرموت
مررت بوادي حضرموت مسلِّمًا فألفيته
كل ذلك يلقي بظلاله على أسبقية الدعوة إلى التصوف في يافع إلى الفقيه عفيف الدينية عبد الله بن أسعد اليافعي، قبل مرحلة بن هرهرة بقرنين من الزمن، فضلًا عن ارتباط الشيخ عفيف الدين عبدالله بن أسعد اليافعي بالتصوف باليمن وبحضرموت وعلمائها، ولم تحدث دعوته فرقًا سياسيًا أو اجتماعيًا بين يافع وحضرموت.
فهل حقًا كان التصوف اليافعي حضرمي المنشأ؟ وعلى يد الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة مبعوث الشيخ أبوبكر بن سالم السقاف؟
في حين يرى الحداد أن مشرب التصوف في يافع قد تشربوه من دعوة الأمير أحمد بن عطاء الحرازي القرمطي، الذي ظهر بمظهر التصوف، ودخل عدن ويافع، وتبعه أناس كثير، وسمى نفسه حسن باهارون، واتخذ من يافع مقرًا لدعوته، وتبعه أناس كثير، وقد تأثر بدعوته خلق كثير، وقد دعا إلى وحدة الوجود، ونادى بأفكار ابن عربي والحلاج، وربط بين الباطنية وأفكار ابن عربي. (جني الشماريخ، طاهر بن علوي الحداد، ص41). وإنما وافق مشرب الشيخ أبي بكر بن سالم مولى عينات (ت902هـ) في تصوفه وارتبط به لتوافق مشارهم في التصوف، فظن الكثير أن التصوف في يافع يرجع إلى حضرموت؛ لارتباطهم بعد ذلك بأسرة آل الشيخ أبي بكر بن سالم واعتقادهم فيهم.
ارتباط التصوف اليافعي بالشيخ أبي بكر بن سالم ومبعوثه :
إن التصوف بمدلولاته العلمية قد ارتبط بيافع قبل ارتباطه بالشيخ أبي بكر بن سالم وذلك لبزوغ جهابدة من أعمال يافع في عدن واليمن عمومًا، مما يزمع عليه الباحث في تاريخ التصوف اليافعي، ولكن ما أخذه الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة عن الشيخ أبي بكر بن سالم السقاف، أن صحة اللقيا به والأخذ عنه فكرة الحلول والاتحاد وليس التصوف بطريقته العلوية المعروفة في حضرموت ومدرستها، التى تقوم على أساس ترك السلاح والدعوة إلى الله، وإلا فإن الشيخ عفيف الدين عبدالله بن أسعد اليافعي هو السباق إلى منهج التصوف بمدلوله وطرقه الحضرمية المتبعة، التى تجرد في إلى الدعوة لله وترك السلاح رغم انتسابه إلى بيت الحكم في يافع، وإنما لما عرف عن الشيخ عفيف الدين عبدالله اليافعي، كثرة أسفاره وتنقلاته وعدم استقراره في يافع حتى انتهى به المقام في مكة، فجاء القرن الحادي عشر، والذي راجت فيه فكر الحلاج، وتشبع الكثير من المتصوفة بهذا المنهج، حتى أصبح علمًا عليهم، وأخذ الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة هذا الفكر، أخذه بحسب رواية الباحثين، وسار به إلى يافع. وهناك مفارقة كبيرة وفجوة مجهولة في التاريخ. فالشيخ علي بن أحمد ظهر في يافع في منتصف القرن الحادي عشر الهجري، والشيخ أبو بكر بن سالم قد توفي مطلع القرن العاشر، فإن صدقتِ اللقيا بينهما فهي في أواخر مراحله كما يقول باحسن فإنه كان ينادي ويعتق من يشاء من النار. فضلًا عما صاحب ذلك من عداء سياسي وديني لمذهب للزيدية الذي تبنته الدولة الطاهرية.
ويكاد الباحثون يجمعون على أن التصوف اليافعي حضرمي المنشأ على يد مبعوث الشيخ أبي بكر بن سالم الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة الحرازي؛ إذ عيَّنه داعيًا روحيًا في يافع، ومن حينها ارتبط التصوف اليافعي بحضرموت. (صفحات من التاريخ الحضرمي، ص62).
كل ذلك يلقي بظلاله على أسبقية الدعوة إلى التصوف في يافع إلى الفقيه عفيف الدينية عبد الله بن أسعد اليافعي، قبل مرحلة بن هرهرة بقرنين من الزمن، فضلًا عن ارتباط الشيخ عفيف الدين عبدالله بن أسعد اليافعي بالتصوف باليمن وبحضرموت وعلمائها، ولم تحدث دعوته فرقًا سياسيًا أو اجتماعيًا بين يافع وحضرموت.
فهل حقًا كان التصوف اليافعي حضرمي المنشأ؟ وعلى يد الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة مبعوث الشيخ أبوبكر بن سالم السقاف؟
في حين يرى الحداد أن مشرب التصوف في يافع قد تشربوه من دعوة الأمير أحمد بن عطاء الحرازي القرمطي، الذي ظهر بمظهر التصوف، ودخل عدن ويافع، وتبعه أناس كثير، وسمى نفسه حسن باهارون، واتخذ من يافع مقرًا لدعوته، وتبعه أناس كثير، وقد تأثر بدعوته خلق كثير، وقد دعا إلى وحدة الوجود، ونادى بأفكار ابن عربي والحلاج، وربط بين الباطنية وأفكار ابن عربي. (جني الشماريخ، طاهر بن علوي الحداد، ص41). وإنما وافق مشرب الشيخ أبي بكر بن سالم مولى عينات (ت902هـ) في تصوفه وارتبط به لتوافق مشارهم في التصوف، فظن الكثير أن التصوف في يافع يرجع إلى حضرموت؛ لارتباطهم بعد ذلك بأسرة آل الشيخ أبي بكر بن سالم واعتقادهم فيهم.
ارتباط التصوف اليافعي بالشيخ أبي بكر بن سالم ومبعوثه :
إن التصوف بمدلولاته العلمية قد ارتبط بيافع قبل ارتباطه بالشيخ أبي بكر بن سالم وذلك لبزوغ جهابدة من أعمال يافع في عدن واليمن عمومًا، مما يزمع عليه الباحث في تاريخ التصوف اليافعي، ولكن ما أخذه الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة عن الشيخ أبي بكر بن سالم السقاف، أن صحة اللقيا به والأخذ عنه فكرة الحلول والاتحاد وليس التصوف بطريقته العلوية المعروفة في حضرموت ومدرستها، التى تقوم على أساس ترك السلاح والدعوة إلى الله، وإلا فإن الشيخ عفيف الدين عبدالله بن أسعد اليافعي هو السباق إلى منهج التصوف بمدلوله وطرقه الحضرمية المتبعة، التى تجرد في إلى الدعوة لله وترك السلاح رغم انتسابه إلى بيت الحكم في يافع، وإنما لما عرف عن الشيخ عفيف الدين عبدالله اليافعي، كثرة أسفاره وتنقلاته وعدم استقراره في يافع حتى انتهى به المقام في مكة، فجاء القرن الحادي عشر، والذي راجت فيه فكر الحلاج، وتشبع الكثير من المتصوفة بهذا المنهج، حتى أصبح علمًا عليهم، وأخذ الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة هذا الفكر، أخذه بحسب رواية الباحثين، وسار به إلى يافع. وهناك مفارقة كبيرة وفجوة مجهولة في التاريخ. فالشيخ علي بن أحمد ظهر في يافع في منتصف القرن الحادي عشر الهجري، والشيخ أبو بكر بن سالم قد توفي مطلع القرن العاشر، فإن صدقتِ اللقيا بينهما فهي في أواخر مراحله كما يقول باحسن فإنه كان ينادي ويعتق من يشاء من النار. فضلًا عما صاحب ذلك من عداء سياسي وديني لمذهب للزيدية الذي تبنته الدولة الطاهرية.
ويكاد الباحثون يجمعون على أن التصوف اليافعي حضرمي المنشأ على يد مبعوث الشيخ أبي بكر بن سالم الشيخ علي بن أحمد بن هرهرة الحرازي؛ إذ عيَّنه داعيًا روحيًا في يافع، ومن حينها ارتبط التصوف اليافعي بحضرموت. (صفحات من التاريخ الحضرمي، ص62).