حصن لهم بالضّليعة ـ بلغهم خلوّه من السّكّان ـ وكانوا استعدّوا بكثير من الماء والزّاد والعتاد ، فتسوّروا الحصن ، ولمّا بدر لهم المطلوب .. أطلقوا عليه الرّصاص ، فخرّ صريعا لليدين وللفم (١) ، ولكنّهم لم يقدروا على الهرب ، وتضرّر كلا الطّرفين : آل باصليب بالانحصار في الحصن ، و #الدّيّن بانكشاف مواضع تصرّفهم لبنادق آل باصليب ، حتّى توسّط بعض #المناصب ، وبعد أن طالت المراجعة في الارتجاز ـ الّذي لم يرض الخروج صلحا بدونه آل باصليب ـ سمحوا لهم به ، فقال شاعرهم :
سبعه سروا من #حيلة احمد بن علي
باروتهم عند السّما متحلّق (٢)
والدّيّني غافل ولا ظنّ الوفا
جئته من الجو والفنا متغلّق (٣)
ومن أخبارهم : أنّ السّيّد محمّد بن عمر بن علويّ #باعقيل استجار بالدّيّن ، هاربا من السّيّد حسين بن حامد #المحضار ، فبذلوا له الأمان ، وهم : آل بامسدوس ، وآل الهميم ، والمشاجرة.
ولمّا جدّ الجدّ .. قال له الأخيرون : لا نجيرك من الدّولة ، وأمّا ممّن دونهم .. فنعم.
وأمّا آل بامسدوس (٤) ورئيسهم سالم بن عليّ #باغشمي .. فثبت مع باعقيل ، فلم يكن من السّيّد حسين بن حامد إلّا أن زحف عليهم بعسكر من جند #القعيطيّ يتألّف من ألفين وأربع مئة ، على رأسهم أخوه السّيّد عبد الرّحمن بن حامد ومحمّد بن عمر بن أحمد #باصرّة ، فتقدّمت العساكر إلى مكان يقال له : الأبيضين ، وإلى مكان آخر يقال له : وليجات ، ودام الحرب نحوا من شهرين ، حملت فيه العساكر القعيطيّة على آل
______
(١) لليدين وللفم : كلمة تقال عند الشّماتة في إنسان. والأصل في هذا المثل : أنّ سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أتي بسكران في شهر رمضان ، فتعثّر بذيله ، فقال سيّدنا عمر رضي الله عنه : لليدين وللفم ، أولادنا صيام ، وأنت مفطر!! ثم أمر به فحدّ. وأراد : على اليدين والفم ؛ أي : أسقطه الله عليهما.
(٢) باروتهم : بارودهم ؛ أي : علا في الجو دخانه متراكبا.
(٣) الوفا : استيفاء الثأر. والفنا متغلق : الهلاك محقق.
(٤) البامسدوس : مشايخ قبائل الدّيّن ، ويقال لمنطقتهم ريدة بامسدوس ، وهي ضمن الدّيّن. وكانوا يتوارثون الزّعامة على الدّيّن. من فروعه : بلّحمر ، باغشمي ، بامكراب.
302
سبعه سروا من #حيلة احمد بن علي
باروتهم عند السّما متحلّق (٢)
والدّيّني غافل ولا ظنّ الوفا
جئته من الجو والفنا متغلّق (٣)
ومن أخبارهم : أنّ السّيّد محمّد بن عمر بن علويّ #باعقيل استجار بالدّيّن ، هاربا من السّيّد حسين بن حامد #المحضار ، فبذلوا له الأمان ، وهم : آل بامسدوس ، وآل الهميم ، والمشاجرة.
ولمّا جدّ الجدّ .. قال له الأخيرون : لا نجيرك من الدّولة ، وأمّا ممّن دونهم .. فنعم.
وأمّا آل بامسدوس (٤) ورئيسهم سالم بن عليّ #باغشمي .. فثبت مع باعقيل ، فلم يكن من السّيّد حسين بن حامد إلّا أن زحف عليهم بعسكر من جند #القعيطيّ يتألّف من ألفين وأربع مئة ، على رأسهم أخوه السّيّد عبد الرّحمن بن حامد ومحمّد بن عمر بن أحمد #باصرّة ، فتقدّمت العساكر إلى مكان يقال له : الأبيضين ، وإلى مكان آخر يقال له : وليجات ، ودام الحرب نحوا من شهرين ، حملت فيه العساكر القعيطيّة على آل
______
(١) لليدين وللفم : كلمة تقال عند الشّماتة في إنسان. والأصل في هذا المثل : أنّ سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أتي بسكران في شهر رمضان ، فتعثّر بذيله ، فقال سيّدنا عمر رضي الله عنه : لليدين وللفم ، أولادنا صيام ، وأنت مفطر!! ثم أمر به فحدّ. وأراد : على اليدين والفم ؛ أي : أسقطه الله عليهما.
(٢) باروتهم : بارودهم ؛ أي : علا في الجو دخانه متراكبا.
(٣) الوفا : استيفاء الثأر. والفنا متغلق : الهلاك محقق.
(٤) البامسدوس : مشايخ قبائل الدّيّن ، ويقال لمنطقتهم ريدة بامسدوس ، وهي ضمن الدّيّن. وكانوا يتوارثون الزّعامة على الدّيّن. من فروعه : بلّحمر ، باغشمي ، بامكراب.
302
#حفظ_الله ،
لا يزال جماعة من ذرّيّته إلى اليوم ب ( #جحي #الخنابشة) (١) ، وسيأتي فيه : أنّ للشّيخ سعيد باحفظ الله تاريخا عن حضرموت استعاره #باصرّة ولم يردّه.
ومن أهل #الرّشيد : الشّيخ الصّالح المشهور يوسف بن أحمد #باناجة ، المتوفّى سنة (٧٨٣ ه) ، وقد سبق في #الحسوسة بعض ما كان من أماديح الشّيخ عمر بامخرمة فيه ، وقد ترجمه سيّدي الإمام أحمد بن محمّد #المحضار ترجمة مطوّلة تدخل في كرّاسين ، سمّاها : «شرح الصّدور» ، ولم أطّلع على شيء منها.
ومن آل باناجة الشّيخان عبد الله وعبد الرّحمن ، كانت لهم ثروة وتجارة واسعة بالحجاز والهند ومصر ، وكانت لهم رتب شريفة ب #مكّة أيّام الأتراك ، إلّا أنّ أسبابهم انقطعت من #حضرموت ، ولا تزال لهم بقايا في #أفريقيا وغيرها.
وبالرّشيد جماعة من ذرّيّة السّيّد طالب بن حسين بن عمر #العطّاس.
وهي موطن آل #بازرعة (٢) ، وفيهم كثير من العلماء ؛ أوّلهم الشّيخ أبو بكر بازرعة ، كان ظهوره ب #دوعن ـ كما يروى عن الحبيب أحمد بن محمّد المحضار ـ قبل الشّيخ سعيد #العموديّ بمئة عام ، وما كان ظهور الشّيخ يوسف أحمد باناجة ـ السّابق ذكره ـ إلّا بعد الشّيخ سعيد العموديّ بمئة سنة ، وعليه : فيكون الشّيخ أبو بكر #بازرعة ممّن عاصر الشّيخ سالم بن فضل الّذي أحيا العلم بعد دروسه ، المتوفّى سنة (٥٨١ ه).
ومن مشهوريهم في القرن الحادي عشر : الشّيخ عبد الله بن أحمد #بازرعة ، له ذكر كثير في «مجموع الأجداد» ، وله فتاوى مشهورة يرجع إليها في الاعتماد ، وكثيرا ما يختلف هو و #باحويرث و #بابحير فيترجّح ما ذهب إليه ، وهو الّذي اختصر «فتاوى العلّامة ابن حجر الهيتميّ».
ومن وجهائهم في الزّمن الأخير : الشّيخ محمّد بن عمر بازرعة ، هاجر في بدء
______
(١) الجحي : مكان الإقامة. الخنابشة ـ آل الخنبشي سيأتي ذكرهم في الجحي.
(٢) آل بازرعة : أسرة عريقة ، من ذوي المجد والسّيادة والرّئاسة في القديم. ذكر في «الإكليل» (٢ / ٣٧) أنّ في هدون : بني زرعة بن جعشم من الصّدف. وفي «الشّامل» (ص ٧١) أنّ آل بازرعة من آل بابحر ، ولعلّهم غير هؤلاء ، ولعلّ كونهم من الصّدف ـ من كندة ـ أقرب.
326
لا يزال جماعة من ذرّيّته إلى اليوم ب ( #جحي #الخنابشة) (١) ، وسيأتي فيه : أنّ للشّيخ سعيد باحفظ الله تاريخا عن حضرموت استعاره #باصرّة ولم يردّه.
ومن أهل #الرّشيد : الشّيخ الصّالح المشهور يوسف بن أحمد #باناجة ، المتوفّى سنة (٧٨٣ ه) ، وقد سبق في #الحسوسة بعض ما كان من أماديح الشّيخ عمر بامخرمة فيه ، وقد ترجمه سيّدي الإمام أحمد بن محمّد #المحضار ترجمة مطوّلة تدخل في كرّاسين ، سمّاها : «شرح الصّدور» ، ولم أطّلع على شيء منها.
ومن آل باناجة الشّيخان عبد الله وعبد الرّحمن ، كانت لهم ثروة وتجارة واسعة بالحجاز والهند ومصر ، وكانت لهم رتب شريفة ب #مكّة أيّام الأتراك ، إلّا أنّ أسبابهم انقطعت من #حضرموت ، ولا تزال لهم بقايا في #أفريقيا وغيرها.
وبالرّشيد جماعة من ذرّيّة السّيّد طالب بن حسين بن عمر #العطّاس.
وهي موطن آل #بازرعة (٢) ، وفيهم كثير من العلماء ؛ أوّلهم الشّيخ أبو بكر بازرعة ، كان ظهوره ب #دوعن ـ كما يروى عن الحبيب أحمد بن محمّد المحضار ـ قبل الشّيخ سعيد #العموديّ بمئة عام ، وما كان ظهور الشّيخ يوسف أحمد باناجة ـ السّابق ذكره ـ إلّا بعد الشّيخ سعيد العموديّ بمئة سنة ، وعليه : فيكون الشّيخ أبو بكر #بازرعة ممّن عاصر الشّيخ سالم بن فضل الّذي أحيا العلم بعد دروسه ، المتوفّى سنة (٥٨١ ه).
ومن مشهوريهم في القرن الحادي عشر : الشّيخ عبد الله بن أحمد #بازرعة ، له ذكر كثير في «مجموع الأجداد» ، وله فتاوى مشهورة يرجع إليها في الاعتماد ، وكثيرا ما يختلف هو و #باحويرث و #بابحير فيترجّح ما ذهب إليه ، وهو الّذي اختصر «فتاوى العلّامة ابن حجر الهيتميّ».
ومن وجهائهم في الزّمن الأخير : الشّيخ محمّد بن عمر بازرعة ، هاجر في بدء
______
(١) الجحي : مكان الإقامة. الخنابشة ـ آل الخنبشي سيأتي ذكرهم في الجحي.
(٢) آل بازرعة : أسرة عريقة ، من ذوي المجد والسّيادة والرّئاسة في القديم. ذكر في «الإكليل» (٢ / ٣٧) أنّ في هدون : بني زرعة بن جعشم من الصّدف. وفي «الشّامل» (ص ٧١) أنّ آل بازرعة من آل بابحر ، ولعلّهم غير هؤلاء ، ولعلّ كونهم من الصّدف ـ من كندة ـ أقرب.
326
وعند ما عزم عبد الله على الانتقال من الرّشيد إلى رحاب .. ذهب يستشير الإمام الجليل أحمد بن محمّد المحضار ، فقال له [من الرّمل] :
إنّما أنت سحاب ممطر
حيثما صرّفه الله انصرف (١)
ولا يزال ولده علويّ صاحب النّوادر في رحاب ، وله ذكر متكرّر في هذا.
ومن أهل #الرّشيد : السّيّد محمّد بن حسين #الحبشيّ ، كان عالما فاضلا ، صادعا بالحقّ لا يخاف فيه ، قتل بمسجد بحر النّور وهو في درسه ، قتله ولد أحمد بامحمّد ، وهو ابن أخي المقدّم عمر بن أحمد #باصرّة ، لخلل ـ قيل ـ في عقله.
#القويرة (٢)
من قدامى بلدان #دوعن ، وكان السّيّد الجليل حامد بن أحمد #المحضار يذكر سبعين قبيلة بها فبادت ولم يبق إلّا القليل كآل #باحسين ؛ فقد كان فيهم قضاة وعلماء ؛ منهم : الشّيخ أحمد بن عبد الله #باحسين ، ولّاه الملك #الظّافر قضاء #لحج سنة (٩٠٦ ه).
وهي واقعة في حضن الجبل الغربيّ ، سكنها السّيّد الشّريف محمّد بن علويّ بن محمّد بن طالب بن عليّ بن جعفر بن أبي بكر بن عمر #المحضار ، وانتهى به إليها القرار ، وابتنى بها الدّار.
وبها وجد سيّدنا الإمام الرّبانيّ أحمد بن محمّد #المحضار (٣) ، كان آية في العبادة وتلاوة القرآن ، وسلامة الصّدر ، وعدم المبالاة بالدّنيا ، وصدق التّوكّل على الله وكمال الاعتماد عليه.
______
(١) ومن سكّان الرّشيد : آل الحبشي ، وآل باصرّة ، وآل بازرعة المذكورون ، وآل #باغفّار ، وهم بجدّة وغيرها ، وآل #باعوم ، و #باعفيف ، وآل #باجبير.
(٢) القويرة : تصغير قارة ، وقد تنسب إلى #حلبون ـ القرية الّتي بجانبها ـ فيقال : قارة حلبون.
(٣) وكان مولده في عام (١٢١٧ ه) ، وكان له تردّد إلى الحرمين ، وجاور بمكّة سنوات ، وأحواله عظيمة ، وترجمته تطول ، يراجع «تاريخ الشّعراء» (٤ / ٣٨ ـ ٤٦) ، و «الشّامل» (١٥٠ ـ ١٥١).
328
إنّما أنت سحاب ممطر
حيثما صرّفه الله انصرف (١)
ولا يزال ولده علويّ صاحب النّوادر في رحاب ، وله ذكر متكرّر في هذا.
ومن أهل #الرّشيد : السّيّد محمّد بن حسين #الحبشيّ ، كان عالما فاضلا ، صادعا بالحقّ لا يخاف فيه ، قتل بمسجد بحر النّور وهو في درسه ، قتله ولد أحمد بامحمّد ، وهو ابن أخي المقدّم عمر بن أحمد #باصرّة ، لخلل ـ قيل ـ في عقله.
#القويرة (٢)
من قدامى بلدان #دوعن ، وكان السّيّد الجليل حامد بن أحمد #المحضار يذكر سبعين قبيلة بها فبادت ولم يبق إلّا القليل كآل #باحسين ؛ فقد كان فيهم قضاة وعلماء ؛ منهم : الشّيخ أحمد بن عبد الله #باحسين ، ولّاه الملك #الظّافر قضاء #لحج سنة (٩٠٦ ه).
وهي واقعة في حضن الجبل الغربيّ ، سكنها السّيّد الشّريف محمّد بن علويّ بن محمّد بن طالب بن عليّ بن جعفر بن أبي بكر بن عمر #المحضار ، وانتهى به إليها القرار ، وابتنى بها الدّار.
وبها وجد سيّدنا الإمام الرّبانيّ أحمد بن محمّد #المحضار (٣) ، كان آية في العبادة وتلاوة القرآن ، وسلامة الصّدر ، وعدم المبالاة بالدّنيا ، وصدق التّوكّل على الله وكمال الاعتماد عليه.
______
(١) ومن سكّان الرّشيد : آل الحبشي ، وآل باصرّة ، وآل بازرعة المذكورون ، وآل #باغفّار ، وهم بجدّة وغيرها ، وآل #باعوم ، و #باعفيف ، وآل #باجبير.
(٢) القويرة : تصغير قارة ، وقد تنسب إلى #حلبون ـ القرية الّتي بجانبها ـ فيقال : قارة حلبون.
(٣) وكان مولده في عام (١٢١٧ ه) ، وكان له تردّد إلى الحرمين ، وجاور بمكّة سنوات ، وأحواله عظيمة ، وترجمته تطول ، يراجع «تاريخ الشّعراء» (٤ / ٣٨ ـ ٤٦) ، و «الشّامل» (١٥٠ ـ ١٥١).
328
#عوره (١)
هي #مصنعة (٢) #دوعن وقلعتها الحربيّة ، ومسكن أمرائها. وقد مرّ في ميفعة أنّ الشّيخ الصّالح المغربيّ اجتاز بها ، وألبس صاحبها الخرقة.
وجاء في «صفة جزيرة العرب» [١٧٠ ـ ١٧١] لابن الحائك الهمدانيّ ، الّذي كتبه أوائل القرن الرّابع للهجرة : (أنّ موضع الإمام الّذي يأمر الإباضيّة وينهى كان في مدينة دوعن).
وبما أنّ #عوره حصن دوعن .. فالظّاهر أنّها كانت هي موضع إقامته ، ويتأكّد بما سيأتي في القرين.
ولمّا زرت #دوعن في سنة (١٣٤٠ ه) .. ألحّ عليّ أميرها المقدّم عمر بن أحمد باصرّة في المجيء إليها ، فاعتذرت ، ولمّا زرتها زيارتي الأخيرة سنة (١٣٦٠ ه). كلّف عليّ الفاضل الأخ علويّ بن محمّد المحضار إجابة دعوة أبنائه ، ففعلت ، ولكنّني ندمت ندامة شديدة ؛ إذ لقيت فيها ما لا أقدر على وصفه من المتاعب في طريقها ، إن ركبت .. خفت السّقوط ، وإن ترجّلت .. لقيت الجهد!
وكان بها مسكن المقدّم عمر بن أحمد #باصرّة ، وهو رجل شهم ، وهّاب نهّاب ،
______
(١) قال في «الشّامل» : (ثمّ تأتي عوره ـ بعد الرّشيد ـ وبأعلاها على صخور أعلى القارة مصنعة عوره) اه
ومن مشاهير سكّان عوره : آل باشنفر ، سيأتي ذكرهم ، أمّا المصنعة ففيها آل المقدّم باصرة ، ومن هذا يعلم أنّ المصنعة غير البلدة ؛ لأنّ المصنعة إنّما شيّدت حديثا ، بخلاف ما يوهمه كلام المصنّف من أنّ عوره هي ذات المصنعة ، فليعلم.
(٢) المصنعة : مفرد ، جمعه مصانع ، قال في «القاموس» : المصانع : المباني من القصور والحصون.
اه وفي اليمن كثرة كاثرة من المصانع منتشرة في حضرموت وفي شمال اليمن أكثر ، وهي قلاع ومراكز حربيّة هامّة ومحصّنة جيّدا ، عدّد منها المقحفي في معجمه أكثر من (٣٠) مصنعة ، ومصنعة عوره واحدة منها.
351
هي #مصنعة (٢) #دوعن وقلعتها الحربيّة ، ومسكن أمرائها. وقد مرّ في ميفعة أنّ الشّيخ الصّالح المغربيّ اجتاز بها ، وألبس صاحبها الخرقة.
وجاء في «صفة جزيرة العرب» [١٧٠ ـ ١٧١] لابن الحائك الهمدانيّ ، الّذي كتبه أوائل القرن الرّابع للهجرة : (أنّ موضع الإمام الّذي يأمر الإباضيّة وينهى كان في مدينة دوعن).
وبما أنّ #عوره حصن دوعن .. فالظّاهر أنّها كانت هي موضع إقامته ، ويتأكّد بما سيأتي في القرين.
ولمّا زرت #دوعن في سنة (١٣٤٠ ه) .. ألحّ عليّ أميرها المقدّم عمر بن أحمد باصرّة في المجيء إليها ، فاعتذرت ، ولمّا زرتها زيارتي الأخيرة سنة (١٣٦٠ ه). كلّف عليّ الفاضل الأخ علويّ بن محمّد المحضار إجابة دعوة أبنائه ، ففعلت ، ولكنّني ندمت ندامة شديدة ؛ إذ لقيت فيها ما لا أقدر على وصفه من المتاعب في طريقها ، إن ركبت .. خفت السّقوط ، وإن ترجّلت .. لقيت الجهد!
وكان بها مسكن المقدّم عمر بن أحمد #باصرّة ، وهو رجل شهم ، وهّاب نهّاب ،
______
(١) قال في «الشّامل» : (ثمّ تأتي عوره ـ بعد الرّشيد ـ وبأعلاها على صخور أعلى القارة مصنعة عوره) اه
ومن مشاهير سكّان عوره : آل باشنفر ، سيأتي ذكرهم ، أمّا المصنعة ففيها آل المقدّم باصرة ، ومن هذا يعلم أنّ المصنعة غير البلدة ؛ لأنّ المصنعة إنّما شيّدت حديثا ، بخلاف ما يوهمه كلام المصنّف من أنّ عوره هي ذات المصنعة ، فليعلم.
(٢) المصنعة : مفرد ، جمعه مصانع ، قال في «القاموس» : المصانع : المباني من القصور والحصون.
اه وفي اليمن كثرة كاثرة من المصانع منتشرة في حضرموت وفي شمال اليمن أكثر ، وهي قلاع ومراكز حربيّة هامّة ومحصّنة جيّدا ، عدّد منها المقحفي في معجمه أكثر من (٣٠) مصنعة ، ومصنعة عوره واحدة منها.
351
#إدام_القوت
يجور على الرّعايا ، ويبسط جوده لأهل العلم والفضل ، فيتغلّب إطراؤهم لدى السّلطان غالب بن عوض #القعيطيّ فلا يؤثّر عليه ما يصل إليه معه من تظلّم الرّعيّة منه (١) ، فتأطّد مركزه ، ورسخ قدمه ، وتمّ له ما يريد بمساعدة السّيّد حسين بن حامد #المحضار ، وقد جرى في أيّامه من الظّلم والجور ولا سيّما على أهل الوادي الأيسر ما لا تبرك عليه الإبل ، حتّى لقد دخل أحد الجنود في أيّامه إلى منزل أحد الأهالي وما فيه غير امرأته ، فجاء أحد أقاربها ـ واسمه صالح بابقي ـ فقال لها : من عندك؟ فقالت : لا أحد ؛ خوفا من شرّه ، وكان مختبئا ، ثمّ إنّه ظهر وأطلق الرّصاص على بابقي ، وأرداه ، ولم تحبق في ذلك شاة.
وأخبرني غير واحد ممّن يوثق بهم : أنّ أحد آل #بارضوان ـ واسمه سالم ـ كان ب #القويرة ، وكان منحرفا عن شيخنا الشّهير أحمد بن حسن العطّاس ؛ لأنّه كان من أهل #حريضة ، فزال عنها إلى القويرة ، وكان يتحرّج أن يذهب إلى عند #باصرّة ، وفي إحدى قدمات العلّامة السّيّد أحمد بن حسن إلى القويرة .. دعاهم باصرّة كعادته للضّيافة ، فذهبوا ، وعزم الفاضل الجليل السّيّد مصطفى بن أحمد المحضار على بارضوان أن يجيء معهم ، فامتنع أوّلا ، حتّى ألحّ عليه ، فصحبهم ، ولمّا انتهوا إلى باصرّة .. قال له الحبيب مصطفى : حرّك بارضوان ، ـ وكان جريئا حاضر الجواب ، ذرب اللّسان ـ فقال باصرّة : إنّ برّضوان لم يأتني للتّعزية في عمر عبود باصرّة ، ولكنّه جاء اليوم لمّا سمع بالهريس.
فقال له : أمّا هريسك الّتي جاء لها هؤلاء .. فحرام عليّ كلحم أمّي.
ولمّا قرّبوا الغداء .. وثب إلى مكان مرتفع عن النّاس يوضع فيه فضول الفراش
______
(١) قال صاحب «الشّامل» : مصنعة عوره ؛ وهي ملك آل باصرّة ، وكانت قبل بيد المشايخ آل باجعيفر ، ثمّ صارت للقثم ، ثمّ بعد استيلاء القعيطيّ على الوادي بلغنا أنّه وهبها لولد باصرة ، قدّمه إليه وقال : إنّا سمّيناه عوض بن عمر باسمك يا سلطان ، ومرادنا له هديّة منك ، فقيل : إنّه أهدى له هذه المصنعة. شاع هذا الحديث وسمعناه في حينه ، والله أعلم بالواقع.
وقد بنى فيها المقدّم عمر وزاد وقوّى ، وصارت دار الملك ، فالنّاس يختلفون إليها ما بين شاك ومشكوّ منه ، ومسترفد ، وقد اشتهرت بعد الخمول ، وسبحان من يصرف اللّيل والنّهار. اه
يجور على الرّعايا ، ويبسط جوده لأهل العلم والفضل ، فيتغلّب إطراؤهم لدى السّلطان غالب بن عوض #القعيطيّ فلا يؤثّر عليه ما يصل إليه معه من تظلّم الرّعيّة منه (١) ، فتأطّد مركزه ، ورسخ قدمه ، وتمّ له ما يريد بمساعدة السّيّد حسين بن حامد #المحضار ، وقد جرى في أيّامه من الظّلم والجور ولا سيّما على أهل الوادي الأيسر ما لا تبرك عليه الإبل ، حتّى لقد دخل أحد الجنود في أيّامه إلى منزل أحد الأهالي وما فيه غير امرأته ، فجاء أحد أقاربها ـ واسمه صالح بابقي ـ فقال لها : من عندك؟ فقالت : لا أحد ؛ خوفا من شرّه ، وكان مختبئا ، ثمّ إنّه ظهر وأطلق الرّصاص على بابقي ، وأرداه ، ولم تحبق في ذلك شاة.
وأخبرني غير واحد ممّن يوثق بهم : أنّ أحد آل #بارضوان ـ واسمه سالم ـ كان ب #القويرة ، وكان منحرفا عن شيخنا الشّهير أحمد بن حسن العطّاس ؛ لأنّه كان من أهل #حريضة ، فزال عنها إلى القويرة ، وكان يتحرّج أن يذهب إلى عند #باصرّة ، وفي إحدى قدمات العلّامة السّيّد أحمد بن حسن إلى القويرة .. دعاهم باصرّة كعادته للضّيافة ، فذهبوا ، وعزم الفاضل الجليل السّيّد مصطفى بن أحمد المحضار على بارضوان أن يجيء معهم ، فامتنع أوّلا ، حتّى ألحّ عليه ، فصحبهم ، ولمّا انتهوا إلى باصرّة .. قال له الحبيب مصطفى : حرّك بارضوان ، ـ وكان جريئا حاضر الجواب ، ذرب اللّسان ـ فقال باصرّة : إنّ برّضوان لم يأتني للتّعزية في عمر عبود باصرّة ، ولكنّه جاء اليوم لمّا سمع بالهريس.
فقال له : أمّا هريسك الّتي جاء لها هؤلاء .. فحرام عليّ كلحم أمّي.
ولمّا قرّبوا الغداء .. وثب إلى مكان مرتفع عن النّاس يوضع فيه فضول الفراش
______
(١) قال صاحب «الشّامل» : مصنعة عوره ؛ وهي ملك آل باصرّة ، وكانت قبل بيد المشايخ آل باجعيفر ، ثمّ صارت للقثم ، ثمّ بعد استيلاء القعيطيّ على الوادي بلغنا أنّه وهبها لولد باصرة ، قدّمه إليه وقال : إنّا سمّيناه عوض بن عمر باسمك يا سلطان ، ومرادنا له هديّة منك ، فقيل : إنّه أهدى له هذه المصنعة. شاع هذا الحديث وسمعناه في حينه ، والله أعلم بالواقع.
وقد بنى فيها المقدّم عمر وزاد وقوّى ، وصارت دار الملك ، فالنّاس يختلفون إليها ما بين شاك ومشكوّ منه ، ومسترفد ، وقد اشتهرت بعد الخمول ، وسبحان من يصرف اللّيل والنّهار. اه
والوسائد ـ ويسمونه الطّاق ـ فقال له السّيّد مصطفى : ترتفع على النّاس! أما تخاف من المقدّم؟
قال له : أيّ مقدّم؟ إنّ المقدّم هو الّذي عمد بتربة تريم (١) ، أمّا هذا .. فما هو إلّا مقدّم الظّلم ، قدّمته أنت وأحمد بن حسن لأجل قروشه و الهريسه. أو ما هذا معناه ، أو قريب منه.
و #عوره في الأصل ملك آل #باجعيفر .. فكان في جملة ما صادره #باصرّة من أموالهم ، ولمّا مات المقدّم عمر بن أحمد باصرّة في سنة (١٣٥٠ ه) .. خاف أولاده أن تكثر عليهم الدّعاوي إن اندفعوا عن العمالة وذهبت الهيبة ، فبذلوا ـ على ما يقول مبغضوهم ـ الألوف المؤلّفة ؛ حتى أبقاهم السّلطان عمر بن عوض عليها ، وكان فيما بذلوه عشرون ألف ربّيّة للسّلطان عمر نفسه ، وخمسة آلاف ربّيّة للأمير سالم بن أحمد #القعيطيّ ، وأبقاهم السّلطان صالح بن غالب عليها مديدة.
وكان وزيره السّيّد حامد بن أبي بكر #المحضار يحمل عليهم ضغنا شديدا ، ولو طالت مدّته .. لجرّعهم الأجاج ، وأسعطهم الخردل ؛ إذ كان كأبيه وجدّه لا يرجعون في أحكامهم إلى قانون قطّ ، وإنّما يعملون بما تملي عليهم أغراضهم وأهواؤهم ، إلّا أنّ السّيّد حسينا كان يعتصم بالحياء والذّمم ، وله من المروءة والشّهامة الحظّ الوافر ، فهنّ المانعاته عن كثير من الأمور ، ومن حسن حظّ آل #باصرّة أن لم تكن وزارة حامد إلّا أقصر من ظمء الحمار.
ولمّا مات في سنة (١٣٥٠ ه) .. أبقى #القعيطيّ العمالة في أولاده ، فكثرت منهم الشّكاوى ، فعزلهم السّلطان صالح بن غالب ، ثمّ ردّ العمالة إلى عبود بن عوض بن عمر بن أحمد باصرّة وعمّيه أحمد ومحمّد ، فيقال : إنّهم ارعووا عمّا كانوا عليه واستقام حالهم ، ولم يجد السّلطان من يسدّ مسدّهم سواهم ، وقد بنوا في #عوره قصورا فخمة أجروا إليها الماء من عين أنبطوها بأعلى الجبل (٢) ، فأرغد عيشهم ،
______
(١) عمد ـ بالتخفيف محركة ـ : حلّ وأقام (عامية) معروفة بلهجة أهل الكسر ودوعن وعمد.
(٢) أنبطوها : استخرجوها.
353
قال له : أيّ مقدّم؟ إنّ المقدّم هو الّذي عمد بتربة تريم (١) ، أمّا هذا .. فما هو إلّا مقدّم الظّلم ، قدّمته أنت وأحمد بن حسن لأجل قروشه و الهريسه. أو ما هذا معناه ، أو قريب منه.
و #عوره في الأصل ملك آل #باجعيفر .. فكان في جملة ما صادره #باصرّة من أموالهم ، ولمّا مات المقدّم عمر بن أحمد باصرّة في سنة (١٣٥٠ ه) .. خاف أولاده أن تكثر عليهم الدّعاوي إن اندفعوا عن العمالة وذهبت الهيبة ، فبذلوا ـ على ما يقول مبغضوهم ـ الألوف المؤلّفة ؛ حتى أبقاهم السّلطان عمر بن عوض عليها ، وكان فيما بذلوه عشرون ألف ربّيّة للسّلطان عمر نفسه ، وخمسة آلاف ربّيّة للأمير سالم بن أحمد #القعيطيّ ، وأبقاهم السّلطان صالح بن غالب عليها مديدة.
وكان وزيره السّيّد حامد بن أبي بكر #المحضار يحمل عليهم ضغنا شديدا ، ولو طالت مدّته .. لجرّعهم الأجاج ، وأسعطهم الخردل ؛ إذ كان كأبيه وجدّه لا يرجعون في أحكامهم إلى قانون قطّ ، وإنّما يعملون بما تملي عليهم أغراضهم وأهواؤهم ، إلّا أنّ السّيّد حسينا كان يعتصم بالحياء والذّمم ، وله من المروءة والشّهامة الحظّ الوافر ، فهنّ المانعاته عن كثير من الأمور ، ومن حسن حظّ آل #باصرّة أن لم تكن وزارة حامد إلّا أقصر من ظمء الحمار.
ولمّا مات في سنة (١٣٥٠ ه) .. أبقى #القعيطيّ العمالة في أولاده ، فكثرت منهم الشّكاوى ، فعزلهم السّلطان صالح بن غالب ، ثمّ ردّ العمالة إلى عبود بن عوض بن عمر بن أحمد باصرّة وعمّيه أحمد ومحمّد ، فيقال : إنّهم ارعووا عمّا كانوا عليه واستقام حالهم ، ولم يجد السّلطان من يسدّ مسدّهم سواهم ، وقد بنوا في #عوره قصورا فخمة أجروا إليها الماء من عين أنبطوها بأعلى الجبل (٢) ، فأرغد عيشهم ،
______
(١) عمد ـ بالتخفيف محركة ـ : حلّ وأقام (عامية) معروفة بلهجة أهل الكسر ودوعن وعمد.
(٢) أنبطوها : استخرجوها.
353
#باصرّة يكثر من شرب #الدّخان ، وأنا حاضر ..
إذ قيل : أقبل السّيّد عمر بن أحمد بن عبد الله البار العالم التّقيّ ، فتشمّر المقدّم واهتمّ ، وجمع خاطره ، وأبعد #مداعته (١) ، ومسح يده وفمه بثوبه ، وتأدّب بين يديه ، لكنّه كان لا يدخل داره ، ولا يقبل هديّته الّتي طالما حاوله على قبولها ، فصحّ قول الجرجانيّ [في «طبقات الشافعية» ٢ / ١٦٠ من الطويل] :
أرى النّاس من داناهم هان عندهم
ومن أكرمته عزّة النّفس أكرما
توفّي السّيّد عمر المذكور بالقرين في رجب سنة (١٣٣٩ ه).
أمّا رداء الحبيب حسين بن محمّد البارّ .. فوقع على ولده محمّد بن حسين ، فقام في مقامه أحسن القيام ، حتّى توفي ، وخلفه ولده حامد ، ذكيّ نبيه مشكور الخلائق.
ومنهم : أخونا العلّامة الجليل ، بقيّة أراكين الشّرف ، السّيّد عيدروس بن سالم بن عيدروس بن سالم بن عيدروس #البارّ (٢) ، لقد كان عدّ جود خسيف ، وطود علم منيف.
فما دبّ إلّا في أنامله النّدى
ولم يرب إلّا في مجالسه العلم (٣)
إلى خلق كأنّه الرّوض طلّه الغمام ، أو الزّهر بارح الكمام (٤).
لن تلق مثل مساعيه الّتي اتّصلت
بالصّالحين وكانت عن أب فأب (٥)
______
(١) مداعته : المداعة (عامية) وهي آلة #التنباك المعروفة والمسماة بالجوزة.
(٢) مولده بمكّة سنة (١٢٩٨ ه) ، أو (١٢٩٩ ه) ، وطلب العلم صغيرا ، وجدّ واجتهد وحصّل ، وأدرك الأكابر وأخذ عنهم ، وكانت له الصّدارة بين علماء مكّة آنذاك ، وأجلّ شيوخه : الحبيب حسين الحبشيّ ، والشّيخ بابصيل ، وباجنيد ، وصالح بافضل ، وعبد الرّحمن وأسعد آل الدّهّان. ومن أراد التّوسّع في ترجمته .. فلينظر «تاج الأعراس» ، و «الدّليل المشير» ، و «سير وتراجم».
(٣) البيت من الطّويل.
(٤) بارح : فارق. الكمام : الغطاء أو البرعم الّذي يكون فيه الزّهر. والمعنى : كأنّه الوردة المتفتّحة الّتي فارقت برعمها وصارت زهرة.
(٥) البيت من البسيط ، وهو للبحتريّ في «ديوانه» (٢ / ٢٢) ، وفيه بعض التّغيير في بعض الكلمات.
357
إذ قيل : أقبل السّيّد عمر بن أحمد بن عبد الله البار العالم التّقيّ ، فتشمّر المقدّم واهتمّ ، وجمع خاطره ، وأبعد #مداعته (١) ، ومسح يده وفمه بثوبه ، وتأدّب بين يديه ، لكنّه كان لا يدخل داره ، ولا يقبل هديّته الّتي طالما حاوله على قبولها ، فصحّ قول الجرجانيّ [في «طبقات الشافعية» ٢ / ١٦٠ من الطويل] :
أرى النّاس من داناهم هان عندهم
ومن أكرمته عزّة النّفس أكرما
توفّي السّيّد عمر المذكور بالقرين في رجب سنة (١٣٣٩ ه).
أمّا رداء الحبيب حسين بن محمّد البارّ .. فوقع على ولده محمّد بن حسين ، فقام في مقامه أحسن القيام ، حتّى توفي ، وخلفه ولده حامد ، ذكيّ نبيه مشكور الخلائق.
ومنهم : أخونا العلّامة الجليل ، بقيّة أراكين الشّرف ، السّيّد عيدروس بن سالم بن عيدروس بن سالم بن عيدروس #البارّ (٢) ، لقد كان عدّ جود خسيف ، وطود علم منيف.
فما دبّ إلّا في أنامله النّدى
ولم يرب إلّا في مجالسه العلم (٣)
إلى خلق كأنّه الرّوض طلّه الغمام ، أو الزّهر بارح الكمام (٤).
لن تلق مثل مساعيه الّتي اتّصلت
بالصّالحين وكانت عن أب فأب (٥)
______
(١) مداعته : المداعة (عامية) وهي آلة #التنباك المعروفة والمسماة بالجوزة.
(٢) مولده بمكّة سنة (١٢٩٨ ه) ، أو (١٢٩٩ ه) ، وطلب العلم صغيرا ، وجدّ واجتهد وحصّل ، وأدرك الأكابر وأخذ عنهم ، وكانت له الصّدارة بين علماء مكّة آنذاك ، وأجلّ شيوخه : الحبيب حسين الحبشيّ ، والشّيخ بابصيل ، وباجنيد ، وصالح بافضل ، وعبد الرّحمن وأسعد آل الدّهّان. ومن أراد التّوسّع في ترجمته .. فلينظر «تاج الأعراس» ، و «الدّليل المشير» ، و «سير وتراجم».
(٣) البيت من الطّويل.
(٤) بارح : فارق. الكمام : الغطاء أو البرعم الّذي يكون فيه الزّهر. والمعنى : كأنّه الوردة المتفتّحة الّتي فارقت برعمها وصارت زهرة.
(٥) البيت من البسيط ، وهو للبحتريّ في «ديوانه» (٢ / ٢٢) ، وفيه بعض التّغيير في بعض الكلمات.
357
التّاريخ الّذي أخذه #باصرّة ولم يردّه ، توفّي بعد الثّلاث مئة وألف.
ومنها : صاحبنا الفاضل ، الشّيخ عبد الله بن سعيد #باجنيد ، طلب العلم بمكّة ، وولي قضاء دوعن والمكلّا عدّة مرّات ، ودرّس مدّة طويلة بمسيلة آل شيخ ، وكان في سنة (١٣٢٥ ه) بحوطة آل أحمد بن زين الحبشيّ يدرّس بها ، وله باع في الفقه ، وبضاعته مزجاة في النّحو ، ومع ذلك فقد درّس فيه بالحوطة ، وكان ليّن العريكة ، سهل الجانب ، عذب الرّوح ، دمث الأخلاق ، واسع الصّدر ، توفّي بالجحي سنة (١٣٥٩ ه) ، وله ولد اسمه محمّد ، تولّى القضاء بالمكلّا ، وكان طلب العلم بمصر ، ثمّ فصل عن قضاء المكلّا وجعل من أعضاء الاستئناف بها.
وآل #باجنيد منتشرون في رحاب وهدون والجحي والمكلّا وعدن والحجاز ، ومثراهم ب #الخريبة ، حتّى لقد روي عن الحبيب حامد بن أحمد المحضار أنّه قال : دخلت الخريبة .. فإذا عالمها : باجنيد ، وقاضيها : باجنيد ، وتاجرها : باجنيد ، ودلّالها : باجنيد ، وقصّابها : باجنيد ، ونجّارها : باجنيد ، وسائر أعمالها بأيدي آل #باجنيد.
وكانت الخريبة أولى بأخبارهم ، ولكنّها تدحرجت علينا إلى هنا ، ومنهم اليوم بعدن الشّابّ الغيور عبد الله بن سعيد بن بو بكر بن عبد الباسط ، له دين متين ، واهتمام بأمر المسلمين ، وأخوه المكرّم محمّد ، وابن عمّهم الشّيخ عبد القادر ، والشّيخ جنيد بن محمّد ، وكلّهم طيّبون مشكورون.
ومنهم : العلّامة الجليل الشّيخ عمر بن أبي بكر باجنيد ، الغني باسمه عن كلّ تعريف وهو أحد أكابر علماء مكّة المشرّفة ، بل إليه انتهت رئاسة الشّافعيّة بها بعد شيخه العلّامة الشّيخ محمّد سعيد بابصيل ـ وقد أخذنا عن الاثنين ـ توفّي الشّيخ عمر بمكّة المكرّمة سنة (١٣٥٤ ه) ، وقد سبق في الخريبة عن الحبيب أحمد بن محمّد المحضار ما يصرّح برجوع نسبهم إلى مضر.
ومن النّوادر : أنّ الشّيخ سعيد بن بو بكر باجنيد عمل للفاضل السّيّد حسين بن حامد #المحضار ضيافة بداره في الخريبة سنة (١٣٣٧ ه) ، وما كاد يستقرّ به المجلس
371
ومنها : صاحبنا الفاضل ، الشّيخ عبد الله بن سعيد #باجنيد ، طلب العلم بمكّة ، وولي قضاء دوعن والمكلّا عدّة مرّات ، ودرّس مدّة طويلة بمسيلة آل شيخ ، وكان في سنة (١٣٢٥ ه) بحوطة آل أحمد بن زين الحبشيّ يدرّس بها ، وله باع في الفقه ، وبضاعته مزجاة في النّحو ، ومع ذلك فقد درّس فيه بالحوطة ، وكان ليّن العريكة ، سهل الجانب ، عذب الرّوح ، دمث الأخلاق ، واسع الصّدر ، توفّي بالجحي سنة (١٣٥٩ ه) ، وله ولد اسمه محمّد ، تولّى القضاء بالمكلّا ، وكان طلب العلم بمصر ، ثمّ فصل عن قضاء المكلّا وجعل من أعضاء الاستئناف بها.
وآل #باجنيد منتشرون في رحاب وهدون والجحي والمكلّا وعدن والحجاز ، ومثراهم ب #الخريبة ، حتّى لقد روي عن الحبيب حامد بن أحمد المحضار أنّه قال : دخلت الخريبة .. فإذا عالمها : باجنيد ، وقاضيها : باجنيد ، وتاجرها : باجنيد ، ودلّالها : باجنيد ، وقصّابها : باجنيد ، ونجّارها : باجنيد ، وسائر أعمالها بأيدي آل #باجنيد.
وكانت الخريبة أولى بأخبارهم ، ولكنّها تدحرجت علينا إلى هنا ، ومنهم اليوم بعدن الشّابّ الغيور عبد الله بن سعيد بن بو بكر بن عبد الباسط ، له دين متين ، واهتمام بأمر المسلمين ، وأخوه المكرّم محمّد ، وابن عمّهم الشّيخ عبد القادر ، والشّيخ جنيد بن محمّد ، وكلّهم طيّبون مشكورون.
ومنهم : العلّامة الجليل الشّيخ عمر بن أبي بكر باجنيد ، الغني باسمه عن كلّ تعريف وهو أحد أكابر علماء مكّة المشرّفة ، بل إليه انتهت رئاسة الشّافعيّة بها بعد شيخه العلّامة الشّيخ محمّد سعيد بابصيل ـ وقد أخذنا عن الاثنين ـ توفّي الشّيخ عمر بمكّة المكرّمة سنة (١٣٥٤ ه) ، وقد سبق في الخريبة عن الحبيب أحمد بن محمّد المحضار ما يصرّح برجوع نسبهم إلى مضر.
ومن النّوادر : أنّ الشّيخ سعيد بن بو بكر باجنيد عمل للفاضل السّيّد حسين بن حامد #المحضار ضيافة بداره في الخريبة سنة (١٣٣٧ ه) ، وما كاد يستقرّ به المجلس
371
وفيها آل #العموديّ ، ومنهم : الشّيخ عبد الله بن عثمان (١) ، كان الحبيب عبد الله بن علويّ #الحدّاد كثير الثّناء عليه ، ويقول : ما نحن مستأمنين بأهل الوديان إلّا على السّيّد حسين بن عمر #العطّاس ، والشّيخ عبد الله بن عثمان صاحب الدّوفة. وهو من مشايخ السّيّد عليّ بن حسن #العطّاس صاحب المشهد.
ومنهم : العلّامة الشّيخ أحمد بن عبد الرّحيم #العموديّ (٢).
وفي حدود سنة (١٣٦٢ ه) كان النّزاع قائما بين آل العموديّ آل #باظفاريّ و #الخنابشة على #جريب (٣) من الأرض ، ملكه لآل باظفاريّ ، ونشره (٤) للخنابشة ،
______
الواو ـ وكان بعض سكانها أشرارا قاموا بإحراق بعض القرى ، فشرد الناس منها إلى الدوفة.
وأما سكان #الدوفة الحاليين : فمنهم : السادة آل مقيبل ، وآل #باصرة ، وقد كان أسلافهم بهينن ، ثم نزحوا إلى الدوفة ، وآل باحسن. وبالدوفة جماعة من المشايخ آل العمودي : آل سعيد ، وآل مشعب ، وآل بحمد العمودي ، والباهمام ، وآل بامقعين ، والباوهّاب ، وهم من آل بامقعين ، وآل بامقعين هؤلاء كانوا بهينن ، ثم نقلوا عنها مع سبع قبائل أخرى تفرقوا في القرى ، وبقية الست القبائل : بالعمش ، وباحطّاب ، وبن جحلان ببلاد الماء ، وباجعمان بخديش .. وباريان بقرن ماجد ، وبلّعجم بعرض باهيثم.
وبها أيضا : آل باظفاري ، وباخضر ، وباعباد ، وباحكم ، وباصهي ـ وسيأتي ذكر آل باصهي بشبام ، وآل البحيث من آل باجعيفر ، وآل باسبعين ـ مثنى ـ والباطويل وهم غير باطويل العمودي .. وهؤلاء حالكة ، كما أن من آل باعشن بيت يقال لهم : آل باطويل.
(١) تمام نسبه : عبد الله بن عثمان بن أبي بكر بن عمر بن عمر بن محمد بن علي بن أبي بكر بن عبد الرحيم بن أبي بكر بن عثمان بن عمر مولى خضم بن محمد ابن الشيخ سعيد العمودي.
ترجم له العلامة محمد بن زين بن سميط ضمن تلامذة الإمام الحداد ، وأفرده بالترجمة الشيخ أحمد باشميل صاحب العرسمة ، توفي سنة (١١٤٣ ه) ، وهو والد الفقيه العلامة سعيد بن عبد الله الآتي في قيدون ، تنظر ترجمتهما في «الشامل» (١٨٣ ـ ١٨٤).
(٢) هو الشيخ أحمد بن عبد الرحيم العمودي ، كان من العلماء المتجردين للتعليم ، المشتغلين بالعبادة في مسجد منسوب لجده الأعلى الشيخ سعيد بن عيسى ، وله ولع ونهمة بالكتب ونساختها. «لشامل» (١٨٢)
(٣) الجريب : وحدة لقياس المساحات ، أصله فارسيّ ، وهو عندهم مساحة من الأرض تعادل عشرة آلاف متر مربّع ، اقتبسه العرب منذ بداية العصر الإسلاميّ مع اختلاف في المساحة ، واستخدموه في تحديد مساحات الأرض ، وهو عندهم أرض مربّعة ، طول أحد أضلاعها ستّون ذراعا بذراع الملك. وذراع الملك مقداره (٧٧ ، ٧٥ سم) ، وعليه .. فالجريب عند العرب يعادل (١٢٠٠ م ٢). وقد يراد به المزرعة ، ويسمّيها الحضارمة : الجرب ، بسكون الرّاء وفتح الجيم.
(٤) وهو عمارة الأرض بالزراعة بعد إهمالها ؛ أي : إحياؤها ، سواء كانت مواتا أم غيره. وهي من
375
ومنهم : العلّامة الشّيخ أحمد بن عبد الرّحيم #العموديّ (٢).
وفي حدود سنة (١٣٦٢ ه) كان النّزاع قائما بين آل العموديّ آل #باظفاريّ و #الخنابشة على #جريب (٣) من الأرض ، ملكه لآل باظفاريّ ، ونشره (٤) للخنابشة ،
______
الواو ـ وكان بعض سكانها أشرارا قاموا بإحراق بعض القرى ، فشرد الناس منها إلى الدوفة.
وأما سكان #الدوفة الحاليين : فمنهم : السادة آل مقيبل ، وآل #باصرة ، وقد كان أسلافهم بهينن ، ثم نزحوا إلى الدوفة ، وآل باحسن. وبالدوفة جماعة من المشايخ آل العمودي : آل سعيد ، وآل مشعب ، وآل بحمد العمودي ، والباهمام ، وآل بامقعين ، والباوهّاب ، وهم من آل بامقعين ، وآل بامقعين هؤلاء كانوا بهينن ، ثم نقلوا عنها مع سبع قبائل أخرى تفرقوا في القرى ، وبقية الست القبائل : بالعمش ، وباحطّاب ، وبن جحلان ببلاد الماء ، وباجعمان بخديش .. وباريان بقرن ماجد ، وبلّعجم بعرض باهيثم.
وبها أيضا : آل باظفاري ، وباخضر ، وباعباد ، وباحكم ، وباصهي ـ وسيأتي ذكر آل باصهي بشبام ، وآل البحيث من آل باجعيفر ، وآل باسبعين ـ مثنى ـ والباطويل وهم غير باطويل العمودي .. وهؤلاء حالكة ، كما أن من آل باعشن بيت يقال لهم : آل باطويل.
(١) تمام نسبه : عبد الله بن عثمان بن أبي بكر بن عمر بن عمر بن محمد بن علي بن أبي بكر بن عبد الرحيم بن أبي بكر بن عثمان بن عمر مولى خضم بن محمد ابن الشيخ سعيد العمودي.
ترجم له العلامة محمد بن زين بن سميط ضمن تلامذة الإمام الحداد ، وأفرده بالترجمة الشيخ أحمد باشميل صاحب العرسمة ، توفي سنة (١١٤٣ ه) ، وهو والد الفقيه العلامة سعيد بن عبد الله الآتي في قيدون ، تنظر ترجمتهما في «الشامل» (١٨٣ ـ ١٨٤).
(٢) هو الشيخ أحمد بن عبد الرحيم العمودي ، كان من العلماء المتجردين للتعليم ، المشتغلين بالعبادة في مسجد منسوب لجده الأعلى الشيخ سعيد بن عيسى ، وله ولع ونهمة بالكتب ونساختها. «لشامل» (١٨٢)
(٣) الجريب : وحدة لقياس المساحات ، أصله فارسيّ ، وهو عندهم مساحة من الأرض تعادل عشرة آلاف متر مربّع ، اقتبسه العرب منذ بداية العصر الإسلاميّ مع اختلاف في المساحة ، واستخدموه في تحديد مساحات الأرض ، وهو عندهم أرض مربّعة ، طول أحد أضلاعها ستّون ذراعا بذراع الملك. وذراع الملك مقداره (٧٧ ، ٧٥ سم) ، وعليه .. فالجريب عند العرب يعادل (١٢٠٠ م ٢). وقد يراد به المزرعة ، ويسمّيها الحضارمة : الجرب ، بسكون الرّاء وفتح الجيم.
(٤) وهو عمارة الأرض بالزراعة بعد إهمالها ؛ أي : إحياؤها ، سواء كانت مواتا أم غيره. وهي من
375
#إدام_القوت
وللشّيخ أحمد بركات (١) من هذا القبيل ما ليس بالقليل ، إلا أنّه لم يكن كالسّيّد زين في خفّة الظّلّ ؛ لأنّ عنده شيئا من الكلفة ؛ من نوادره :
أنّ شيخنا الشّهير أحمد بن حسن #العطّاس مرّ بداره فناداه : أعندك رطوبة نطلع لها؟
قال له : احذف الطّاء واطلع. يعني أنّ عنده روبة (٢).
وبها ذكرت أنّ ابن عمّار قال للدّاني : اجلس يا داني بلا (ألف) ، فقال : نعم يا ابن عمار بلا (ميم).
وكان سنة (١٣١٨ ه) بدوعن في منزل استأجره ، فاتّفق أنّ بنتا لأهل المنزل استعارت ثوبا من أمها لتلبسه في وليمة زواج ، ففقد لهم عقد من الفضّة يسمّونه (مريّة) ، فاتّهموا بها الشّيخ أحمد ، فقال لهم : كم ثمنها؟ فقالوا : ستّة ريال. فدفعها لهم ، ولمّا عادت البنت بالثّوب .. ألفوا المريّة معها ؛ لأنها كانت بين طيّات الثّوب ، فردّوا ريالات الشّيخ أحمد واعتذروا له ، ولمّا انتهى الخبر إلى #باصرّة .. عاتب الشّيخ أحمد وقال : لو رضيت برفعهم أمرك إليّ .. لما ألزمتك بشيء ، فقال : من يدفع #التّهمة بعد الرّفع ؛ إذ لا بدّ من علوقها على أيّ حال ، فاخترت السّتر احتفاظا بالمروءة ، لا سيّما والمبلغ زهيد.
ودخل أحد أهل شبام على صديق له بها وهو يتغدّى ، فقال له : أما عندك ثمانية وسبعون؟ يعني لحم.
قال : لا ، ولكن عندي مئة وخمسون. وأحضر له عكّة السّمن ، وكلّ ذلك على الرّويّة من دون تفكير (٣).
______
(١) أحمد عبد الله بركات ، توفي بشبام سنة (١٣٤٦ ه) ، وله أشعار ونوادر ، جمع بعضها المستشرق سارجنت في كتابه : «الأدب العامي في حضرموت» ، وله مقامات أدبية نشرت ضمن «مجموع المقامات اليمنية» التي جمعها الأستاذ عبد الله محمد الحبشي ، وجمع بعض نكاته السيد الفاضل حسن بن سالم السقاف (السوم) ، المتوفى بجدة سنة (١٤١٨ ه) ، وسماها : «النوادر المضحكات من أخبار أحمد بركات».
(٢) الروبة : اللبن الرائب الحامض.
(٣) يعني بالثمانية والسبعين : مجموع حروف كلمة (لحم) ؛ فاللام ـ ٣٠ ، والحاء ـ ٨ ، والميم ـ ٤٠.
وللشّيخ أحمد بركات (١) من هذا القبيل ما ليس بالقليل ، إلا أنّه لم يكن كالسّيّد زين في خفّة الظّلّ ؛ لأنّ عنده شيئا من الكلفة ؛ من نوادره :
أنّ شيخنا الشّهير أحمد بن حسن #العطّاس مرّ بداره فناداه : أعندك رطوبة نطلع لها؟
قال له : احذف الطّاء واطلع. يعني أنّ عنده روبة (٢).
وبها ذكرت أنّ ابن عمّار قال للدّاني : اجلس يا داني بلا (ألف) ، فقال : نعم يا ابن عمار بلا (ميم).
وكان سنة (١٣١٨ ه) بدوعن في منزل استأجره ، فاتّفق أنّ بنتا لأهل المنزل استعارت ثوبا من أمها لتلبسه في وليمة زواج ، ففقد لهم عقد من الفضّة يسمّونه (مريّة) ، فاتّهموا بها الشّيخ أحمد ، فقال لهم : كم ثمنها؟ فقالوا : ستّة ريال. فدفعها لهم ، ولمّا عادت البنت بالثّوب .. ألفوا المريّة معها ؛ لأنها كانت بين طيّات الثّوب ، فردّوا ريالات الشّيخ أحمد واعتذروا له ، ولمّا انتهى الخبر إلى #باصرّة .. عاتب الشّيخ أحمد وقال : لو رضيت برفعهم أمرك إليّ .. لما ألزمتك بشيء ، فقال : من يدفع #التّهمة بعد الرّفع ؛ إذ لا بدّ من علوقها على أيّ حال ، فاخترت السّتر احتفاظا بالمروءة ، لا سيّما والمبلغ زهيد.
ودخل أحد أهل شبام على صديق له بها وهو يتغدّى ، فقال له : أما عندك ثمانية وسبعون؟ يعني لحم.
قال : لا ، ولكن عندي مئة وخمسون. وأحضر له عكّة السّمن ، وكلّ ذلك على الرّويّة من دون تفكير (٣).
______
(١) أحمد عبد الله بركات ، توفي بشبام سنة (١٣٤٦ ه) ، وله أشعار ونوادر ، جمع بعضها المستشرق سارجنت في كتابه : «الأدب العامي في حضرموت» ، وله مقامات أدبية نشرت ضمن «مجموع المقامات اليمنية» التي جمعها الأستاذ عبد الله محمد الحبشي ، وجمع بعض نكاته السيد الفاضل حسن بن سالم السقاف (السوم) ، المتوفى بجدة سنة (١٤١٨ ه) ، وسماها : «النوادر المضحكات من أخبار أحمد بركات».
(٢) الروبة : اللبن الرائب الحامض.
(٣) يعني بالثمانية والسبعين : مجموع حروف كلمة (لحم) ؛ فاللام ـ ٣٠ ، والحاء ـ ٨ ، والميم ـ ٤٠.