#الوحدة_اليمنية
#أعياد_الوحدة_اليمنية
عبد الله #باذيب
والانحياز للإنسان ووحدة المقهورين
محمد ناجي أحمد
ولد عبد الله عبد الرزاق باذيب في الشحر بمحافظة حضرموت، سنة 1931م، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي بمدرسة بازرعة الإسلامية، وتعليمه الثانوي بالمدرسة الحكومية الثانوية بكريتر. إلاَّ أنه لم يكمل السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، فقد اضطرته الظروف المعيشية الصعبة لأسرته أن يترك المدرسة عام 1951م، ليعمل في الصحافة محرراً وسكرتيراً ورئيس تحرير... الخ. لم تكن الصحافة جديدة عليه، فلقد أصدر مجلة (المستقبل) وهو طالب في الصف الأول الثانوي، ومن تصفح أعدادها يلحظ القدرة التحريرية في الإخراج وتوزيع الأبواب وتنوعها. لكن ما يلفت النظر بشكل رئيسي هو انحياز باذيب لقضايا الإنسان منذ كان طالباً يحرر هذه المجلة وعمره آنذاك 19 عاماً أو أقل. نجده حين تم اعتقال عمر سالم طرموم -وكان وقتها سكرتير نادي الشباب اللحجي-
من قبل السلطات اللحجية، يفرد مقالة بعنوان (من ضحايا الجنوب –عمر سالم طرموم). وبلغة قصصية يحكي للقارئ ما تعرض له طرموم بقوله: (إن الشاب الذي نروي مأساته الآن ليس سجيناً عادياً أو شهيداً عابراً من شهداء ديكتاتورية الجنوب، وضحايا استبداد السلاطين، بل هو روح من أرواح المستقبل، وبذرة في أعماق الجيل الجديد...).
ومن ذات المنطلق الثوري يكتب مقالاً بعنوان (هذا... أو ذاك) في صحيفة (الجنوب العربي) [العدد 114- 1 يناير1957م]، وجهه للشيخ البيحاني، متحدثاً فيه عن الدعوة التي وجهوها للبيحاني كي ينصر القضية الوطنية في خطبه على منبر العسقلاني، لكن الشيخ (ذهب ليهاجمنا من محطة إذاعة حكومة عدن. وهكذا اختلط على الشيخ أمر منبر العسقلاني، وميكرفون الإذاعة الرسمي، ولكن الناس لن يختلط عليهم أمر الشيخ بعد الآن) [مختارات -ج1، ص211]. ويعرض في مقال آخر لاستجابة الشيخ الإسهام في حملة ضد السل، مدفوعة الأجر، ورفضه أن يسهم في مواجهة الاستعمار كأسٍّ لكل داء في الوطن!
يكتب في صحيفة (النهضة) مقالاً بعنوان (عدن لمن؟) [العدد 255- 16 يونيو 1955م]، يرد فيه على أصحاب شعار (عدن للعدنيين)، منتقداً مطالباتهم بأن تكون الوظائف حكراً على أبناء عدن (عدننة الوظائف)، الموجهة ضد أبناء المحميات والشمال! ويصف مسار دعاة الاتحاد الفيدرالي بأنهم (كمن يريد أن يوحد الجنوب عن طريق تجزئته، وأن يقنع الناس بسلامة المبدأ الاتحادي بواسطة السعي إلى تثبيت الأوضاع الانفصالية القائمة) [كتابات مختارة -ج1- عبد الله باذيب -دار الفارابي- 1978م، ص54]. وينتقد الصحف العدنية التي تتناول أحداث الشمال لا كقضية وطنية وانتماء عضوي لها، بل (كمن ينظر إلى الرجل الغريب القادم من أقاصي الغرب إلى بلد شرقي! وتتخذ من الانقلابات في الشمال كمادة لإثارة القارئ واجتذاب اهتمامه ولترويج أعدادها!).
لم تكن إسهامات باذيب الفكرية والسياسية المتعلقة بثورة سبتمبر، وتوجيهها نحو إنجاز ثورة اجتماعية، هي الإسهامات الوحيدة له، فلقد استمر منذ منتصف الخمسينيات يكتب في صحف النهضة والبعث والجنوب العربي والفجر، والفكر والطليعة واليقظة... الخ، متناولاً حركة 1948م و1955م، وكتب عن حزب الأحرار والاتحاد اليمني ورجالاته. وكان في كل كتاباته ذلك الملتحم بقضايا اليمن واليمنيين، باتقاد السياسي وإيمان الثائر وحكمة المفكر.
صحيح أنه حاكم حركة 1948م بمعيار أنها كانت تغيير إمام بإمام، وأنها صراع داخل بنية الحكم، لا اجتثاث له، وأنه تخلى عن هذا المعيار حين وصف انقلاب 1955م بالثورة، ووصف المقدم أحمد الثلايا بالثوري المتطرف بثوريته منذ وقوفه -بحسب زعمه- مع حركة 1948م، والحقيقة أن الثلايا في حركة 48م كان في صف ولي العهد أحمد قائد مفرزة في حجة، ولم ينحز لجماعة 48م قولاً ولا فعلاً. كان باذيب في كتابته عن انقلاب 1955م مبرراً ومنحازاً لسيف الإسلام عبد الله والثلايا، أكثر منه مدققاً ومتأملاً ومحللاً، لكن باذيب وقتها كان في الـ25 من عمره، بكل ما تعنيه هذه السن من اندفاع وتسرع وميل إلى الجزم وإصدار الأحكام المطلقة. نجد ذلك الحماس والاندفاع والأحكام القطعية في كتاباته في الأعوام 1954-1956م، وتحديداً في الجزء الأول من المختارات التي جمعت في مجلدين عن دار الفارابي، عام 1978م.
ما يهمنا هنا هو تجذر القضية الوطنية اليمنية في كتابات باذيب.
لاشك أن الوحدة اليمنية في فكر عبد الله باذيب ليست فكرة ساكنة، وإنما متحركة ونامية مع تطور الوعي والصراع الوطني والاجتماعي. فهو بدا مؤمناً بفكرة الجنوب العربي وحق تقرير المصير في إطاره الجنوبي كهوية لها خصوصيتها بحسب وجهة نظر لها أنصارها، ثم أصبحت الوحدة اليمنية لديه هي المصير الحتمي لنضال الشعب اليمني الذي يطلق عليه شعب الجنوب الكبير، لتستقر قناعاته بالوحدة اليمنية للشعب والجغرافيا اليمنية الواحدة في سياق الوحدة العربية، كنضال لوحدة الكادحين وطنياً وعربياً وإنسانياً.
#أعياد_الوحدة_اليمنية
عبد الله #باذيب
والانحياز للإنسان ووحدة المقهورين
محمد ناجي أحمد
ولد عبد الله عبد الرزاق باذيب في الشحر بمحافظة حضرموت، سنة 1931م، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي بمدرسة بازرعة الإسلامية، وتعليمه الثانوي بالمدرسة الحكومية الثانوية بكريتر. إلاَّ أنه لم يكمل السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، فقد اضطرته الظروف المعيشية الصعبة لأسرته أن يترك المدرسة عام 1951م، ليعمل في الصحافة محرراً وسكرتيراً ورئيس تحرير... الخ. لم تكن الصحافة جديدة عليه، فلقد أصدر مجلة (المستقبل) وهو طالب في الصف الأول الثانوي، ومن تصفح أعدادها يلحظ القدرة التحريرية في الإخراج وتوزيع الأبواب وتنوعها. لكن ما يلفت النظر بشكل رئيسي هو انحياز باذيب لقضايا الإنسان منذ كان طالباً يحرر هذه المجلة وعمره آنذاك 19 عاماً أو أقل. نجده حين تم اعتقال عمر سالم طرموم -وكان وقتها سكرتير نادي الشباب اللحجي-
من قبل السلطات اللحجية، يفرد مقالة بعنوان (من ضحايا الجنوب –عمر سالم طرموم). وبلغة قصصية يحكي للقارئ ما تعرض له طرموم بقوله: (إن الشاب الذي نروي مأساته الآن ليس سجيناً عادياً أو شهيداً عابراً من شهداء ديكتاتورية الجنوب، وضحايا استبداد السلاطين، بل هو روح من أرواح المستقبل، وبذرة في أعماق الجيل الجديد...).
ومن ذات المنطلق الثوري يكتب مقالاً بعنوان (هذا... أو ذاك) في صحيفة (الجنوب العربي) [العدد 114- 1 يناير1957م]، وجهه للشيخ البيحاني، متحدثاً فيه عن الدعوة التي وجهوها للبيحاني كي ينصر القضية الوطنية في خطبه على منبر العسقلاني، لكن الشيخ (ذهب ليهاجمنا من محطة إذاعة حكومة عدن. وهكذا اختلط على الشيخ أمر منبر العسقلاني، وميكرفون الإذاعة الرسمي، ولكن الناس لن يختلط عليهم أمر الشيخ بعد الآن) [مختارات -ج1، ص211]. ويعرض في مقال آخر لاستجابة الشيخ الإسهام في حملة ضد السل، مدفوعة الأجر، ورفضه أن يسهم في مواجهة الاستعمار كأسٍّ لكل داء في الوطن!
يكتب في صحيفة (النهضة) مقالاً بعنوان (عدن لمن؟) [العدد 255- 16 يونيو 1955م]، يرد فيه على أصحاب شعار (عدن للعدنيين)، منتقداً مطالباتهم بأن تكون الوظائف حكراً على أبناء عدن (عدننة الوظائف)، الموجهة ضد أبناء المحميات والشمال! ويصف مسار دعاة الاتحاد الفيدرالي بأنهم (كمن يريد أن يوحد الجنوب عن طريق تجزئته، وأن يقنع الناس بسلامة المبدأ الاتحادي بواسطة السعي إلى تثبيت الأوضاع الانفصالية القائمة) [كتابات مختارة -ج1- عبد الله باذيب -دار الفارابي- 1978م، ص54]. وينتقد الصحف العدنية التي تتناول أحداث الشمال لا كقضية وطنية وانتماء عضوي لها، بل (كمن ينظر إلى الرجل الغريب القادم من أقاصي الغرب إلى بلد شرقي! وتتخذ من الانقلابات في الشمال كمادة لإثارة القارئ واجتذاب اهتمامه ولترويج أعدادها!).
لم تكن إسهامات باذيب الفكرية والسياسية المتعلقة بثورة سبتمبر، وتوجيهها نحو إنجاز ثورة اجتماعية، هي الإسهامات الوحيدة له، فلقد استمر منذ منتصف الخمسينيات يكتب في صحف النهضة والبعث والجنوب العربي والفجر، والفكر والطليعة واليقظة... الخ، متناولاً حركة 1948م و1955م، وكتب عن حزب الأحرار والاتحاد اليمني ورجالاته. وكان في كل كتاباته ذلك الملتحم بقضايا اليمن واليمنيين، باتقاد السياسي وإيمان الثائر وحكمة المفكر.
صحيح أنه حاكم حركة 1948م بمعيار أنها كانت تغيير إمام بإمام، وأنها صراع داخل بنية الحكم، لا اجتثاث له، وأنه تخلى عن هذا المعيار حين وصف انقلاب 1955م بالثورة، ووصف المقدم أحمد الثلايا بالثوري المتطرف بثوريته منذ وقوفه -بحسب زعمه- مع حركة 1948م، والحقيقة أن الثلايا في حركة 48م كان في صف ولي العهد أحمد قائد مفرزة في حجة، ولم ينحز لجماعة 48م قولاً ولا فعلاً. كان باذيب في كتابته عن انقلاب 1955م مبرراً ومنحازاً لسيف الإسلام عبد الله والثلايا، أكثر منه مدققاً ومتأملاً ومحللاً، لكن باذيب وقتها كان في الـ25 من عمره، بكل ما تعنيه هذه السن من اندفاع وتسرع وميل إلى الجزم وإصدار الأحكام المطلقة. نجد ذلك الحماس والاندفاع والأحكام القطعية في كتاباته في الأعوام 1954-1956م، وتحديداً في الجزء الأول من المختارات التي جمعت في مجلدين عن دار الفارابي، عام 1978م.
ما يهمنا هنا هو تجذر القضية الوطنية اليمنية في كتابات باذيب.
لاشك أن الوحدة اليمنية في فكر عبد الله باذيب ليست فكرة ساكنة، وإنما متحركة ونامية مع تطور الوعي والصراع الوطني والاجتماعي. فهو بدا مؤمناً بفكرة الجنوب العربي وحق تقرير المصير في إطاره الجنوبي كهوية لها خصوصيتها بحسب وجهة نظر لها أنصارها، ثم أصبحت الوحدة اليمنية لديه هي المصير الحتمي لنضال الشعب اليمني الذي يطلق عليه شعب الجنوب الكبير، لتستقر قناعاته بالوحدة اليمنية للشعب والجغرافيا اليمنية الواحدة في سياق الوحدة العربية، كنضال لوحدة الكادحين وطنياً وعربياً وإنسانياً.
عبدالله #باذيب
و
محمد أحمد #نعمان
رمزان كبيران للوطنية اليمنية المعاصرة
قادري أحمد حيدر
#خيوط
إن الفارق عمريًّا بين عبدالله باذيب ومحمد أحمد نعمان، سنتان؛ باذيب من مواليد 1931م، ومحمد أحمد نعمان من مواليد 1933م، الأول سبق عمره/ عصره، وكذلك الثاني. الأول يساري ثوري اشتراكي (ماركسي) وأحد أهم رموز بناء الدولة المدنية الحديثة في جنوب اليمن، والثاني وطني ديمقراطي ليبرالي "مخضرم" يكتب ويتحرك باتجاه التقدم الاجتماعي التاريخي، ويعتبر من أهم رموز ومنظري الفهم الجديد للوطنية اليمنية المعاصرة، وكذلك هو أحد أهم رموز الدعوة لبناء الدولة الوطنية اليمنية الحديثة. الأول دخل في حوارات نقدية مبكرة مع رموز فكرية، ودينية ملأت الساحة الفكرية والثقافية اليمنية في جنوب اليمن جدلًا وصخبًا، وخاض مع تلك الشخصيات الفكرية والدينية، وعلى رأسهم الأستاذ العلّامة/ محمد بن سالم البيحاني، حوارًا فكريًّا من موقعه الفكري والثقافي -أرضيته الأيديولوجية- محاججًا إياه، الحجة بالحجة، وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة. حوار فكري نقدي رصين عاد فيه إلى المصادر الفكرية، والدينية والفقهية الكلاسيكية؛ "الزمحشري" وغيره من المراجع الفقهية الدينية، دون تجريح أو تنطع أيديولوجي، أو طفولة يسارية، بل محاججة ومن ذات الأرضية المعرفية/ الفكرية، ولكن ضمن قراءة تأويلية مغايرة لنقطة انطلاق العالم الكبير البيحاني، الذي كان اسمه وتأثيره يغطي الساحة الفكرية والثقافية والدينية في المدينة عدن، في ذلك الحين، وما لفت انتباهي هو أنه في ذلك العمر الصغير (18 سنة) كان مديرًا لتحرير صحيفة مرموقة كبيرة "المستقبل"، ويكتب فيها مساجلًا بعقل حواري نقدي مع جميع القوى، والأسماء الفكرية والسياسية والاجتماعية التقليدية، والاحتلال البريطاني، وهو في ذلك العمر. ومحمد النعمان نبغ باكرًا، ودخل في حوارات فكرية وسياسية وثقافية جادة مع الرموز الفكرية والسياسية اليمنية، جيل الآباء بالنسبة له. وهو في العشرين من العمر، أنتج كتابًا هامًّا وخطيرًا، وذا معنى كبير في محتواه الفكري والسياسي والثقافي حتى اليوم. وهو في تقديري مرجع فكري/ سياسي تاريخي، على أكثر من مستوى، من خلال الأسئلة الحوارية الفكرية العميقة التي وجهها لرموز حركة الأحرار اليمنيين والتي يحتويها كتاب "من وراء الأسوار"، 1953م، واستمرّ في الكتابة المعرفية والفكرية الإبداعية حول قضايا الشأن الوطني العام في الشمال والجنوب، وحول الهموم والقضايا المشتركة بين اليمنيين في الشمال والجنوب.
الأول صار زعيمًا ورائدًا من روّاد الفكر اليساري الاشتراكي في اليمن، بل والفكر الوطني الديمقراطي الوحدوي، لا تستطيع أن تتحدث عن روّاد الفكر الماركسي في اليمن، والفكر الوطني الديمقراطي الحداثي دون أن يكون عبدالله باذيب في طليعتهم، بمثل ما لا تستطيع أن تتحدث عن الفكر السياسي الوطني والليبرالي والفكر التنويري في اليمن، دون أن يكون محمد أحمد نعمان اسمًا فاعلًا ومؤثرًا في سلسلة وسلالة تلك الريادة.
الاثنان: محمد النعمان، وعبدالله باذيب، من رموز الوطنية اليمنية، في اتجاهها الوطني الوحدوي التقدمي المعاصر، فالوحدة اليمنية، فكرةً وقضيةً، تغطي معظم صفحات الأعمال الكاملة للأستاذ المفكر الشهيد/ محمد أحمد نعمان.
يقرأ ويفهم ويقدّم الوحدة كقضية وخيار استراتيجي، يوحد ويجمع اليمنيين كلهم في نهاية المطاف، بعيدًا عن لغة وثقافة العنف والحرب، فقد كان من أبرز رموز العمل السياسي المدني السلمي الديمقراطي على الصُّعدِ كافة، وذهب شهيدًا لتلك القناعات.
والأستاذ المفكر/ عبدالله باذيب، هو من أهم رموز ومنظّري الوحدة اليمنية، ويمكنني القول إن عبدالله باذيب في مجمل أعماله النظرية والفكرية والبرامج السياسية، والرؤى المعرفية والتحليلية التي كتبها لحزبه، تقول وتؤكّد هذا المعنى، في خطاب سياسي ديمقراطي عميق ورصين وواضح حول الوحدة اليمنية، بعيدًا -كذلك- عن عقلية العنف وثقافة الغلبة، حتى تحول شعار الوحدة إلى قيمة و"تيمة" حاضرتين في بنية تفكيره، وفي بنية تفكير حزبه "الاتحاد الشعبي الديمقراطي"، تحت شعار "يمن ديمقراطي موحد"، وهو بحق أحد أهم الرموز الفكرية والثقافية الوطنية التي أصّلت وأسّست لمعنى الوطنية اليمنية، والهوية اليمنية في قلب التجربة السياسية في جنوب البلاد من قبل الاستقلال وبعده، وعند هذه القضية والفكرة يلتقيان؛ عبدالله باذيب، ومحمد النعمان.
و
محمد أحمد #نعمان
رمزان كبيران للوطنية اليمنية المعاصرة
قادري أحمد حيدر
#خيوط
إن الفارق عمريًّا بين عبدالله باذيب ومحمد أحمد نعمان، سنتان؛ باذيب من مواليد 1931م، ومحمد أحمد نعمان من مواليد 1933م، الأول سبق عمره/ عصره، وكذلك الثاني. الأول يساري ثوري اشتراكي (ماركسي) وأحد أهم رموز بناء الدولة المدنية الحديثة في جنوب اليمن، والثاني وطني ديمقراطي ليبرالي "مخضرم" يكتب ويتحرك باتجاه التقدم الاجتماعي التاريخي، ويعتبر من أهم رموز ومنظري الفهم الجديد للوطنية اليمنية المعاصرة، وكذلك هو أحد أهم رموز الدعوة لبناء الدولة الوطنية اليمنية الحديثة. الأول دخل في حوارات نقدية مبكرة مع رموز فكرية، ودينية ملأت الساحة الفكرية والثقافية اليمنية في جنوب اليمن جدلًا وصخبًا، وخاض مع تلك الشخصيات الفكرية والدينية، وعلى رأسهم الأستاذ العلّامة/ محمد بن سالم البيحاني، حوارًا فكريًّا من موقعه الفكري والثقافي -أرضيته الأيديولوجية- محاججًا إياه، الحجة بالحجة، وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة. حوار فكري نقدي رصين عاد فيه إلى المصادر الفكرية، والدينية والفقهية الكلاسيكية؛ "الزمحشري" وغيره من المراجع الفقهية الدينية، دون تجريح أو تنطع أيديولوجي، أو طفولة يسارية، بل محاججة ومن ذات الأرضية المعرفية/ الفكرية، ولكن ضمن قراءة تأويلية مغايرة لنقطة انطلاق العالم الكبير البيحاني، الذي كان اسمه وتأثيره يغطي الساحة الفكرية والثقافية والدينية في المدينة عدن، في ذلك الحين، وما لفت انتباهي هو أنه في ذلك العمر الصغير (18 سنة) كان مديرًا لتحرير صحيفة مرموقة كبيرة "المستقبل"، ويكتب فيها مساجلًا بعقل حواري نقدي مع جميع القوى، والأسماء الفكرية والسياسية والاجتماعية التقليدية، والاحتلال البريطاني، وهو في ذلك العمر. ومحمد النعمان نبغ باكرًا، ودخل في حوارات فكرية وسياسية وثقافية جادة مع الرموز الفكرية والسياسية اليمنية، جيل الآباء بالنسبة له. وهو في العشرين من العمر، أنتج كتابًا هامًّا وخطيرًا، وذا معنى كبير في محتواه الفكري والسياسي والثقافي حتى اليوم. وهو في تقديري مرجع فكري/ سياسي تاريخي، على أكثر من مستوى، من خلال الأسئلة الحوارية الفكرية العميقة التي وجهها لرموز حركة الأحرار اليمنيين والتي يحتويها كتاب "من وراء الأسوار"، 1953م، واستمرّ في الكتابة المعرفية والفكرية الإبداعية حول قضايا الشأن الوطني العام في الشمال والجنوب، وحول الهموم والقضايا المشتركة بين اليمنيين في الشمال والجنوب.
الأول صار زعيمًا ورائدًا من روّاد الفكر اليساري الاشتراكي في اليمن، بل والفكر الوطني الديمقراطي الوحدوي، لا تستطيع أن تتحدث عن روّاد الفكر الماركسي في اليمن، والفكر الوطني الديمقراطي الحداثي دون أن يكون عبدالله باذيب في طليعتهم، بمثل ما لا تستطيع أن تتحدث عن الفكر السياسي الوطني والليبرالي والفكر التنويري في اليمن، دون أن يكون محمد أحمد نعمان اسمًا فاعلًا ومؤثرًا في سلسلة وسلالة تلك الريادة.
ما يوحد بين صورة وماهية وذاتية محمد أحمد نعمان وعبدالله باذيب، معرفيًّا وفكريًّا وثقافيًّا، هو أنهما يجمعان في بنية وعيهما العميق، بين "ثقافة وطنية يمنية عميقة" وثقافة دينية وفكرية تاريخية، إلى جانب ثقافة حداثية تنويرية على مستوى الفكر والسياسة.
الاثنان: محمد النعمان، وعبدالله باذيب، من رموز الوطنية اليمنية، في اتجاهها الوطني الوحدوي التقدمي المعاصر، فالوحدة اليمنية، فكرةً وقضيةً، تغطي معظم صفحات الأعمال الكاملة للأستاذ المفكر الشهيد/ محمد أحمد نعمان.
يقرأ ويفهم ويقدّم الوحدة كقضية وخيار استراتيجي، يوحد ويجمع اليمنيين كلهم في نهاية المطاف، بعيدًا عن لغة وثقافة العنف والحرب، فقد كان من أبرز رموز العمل السياسي المدني السلمي الديمقراطي على الصُّعدِ كافة، وذهب شهيدًا لتلك القناعات.
والأستاذ المفكر/ عبدالله باذيب، هو من أهم رموز ومنظّري الوحدة اليمنية، ويمكنني القول إن عبدالله باذيب في مجمل أعماله النظرية والفكرية والبرامج السياسية، والرؤى المعرفية والتحليلية التي كتبها لحزبه، تقول وتؤكّد هذا المعنى، في خطاب سياسي ديمقراطي عميق ورصين وواضح حول الوحدة اليمنية، بعيدًا -كذلك- عن عقلية العنف وثقافة الغلبة، حتى تحول شعار الوحدة إلى قيمة و"تيمة" حاضرتين في بنية تفكيره، وفي بنية تفكير حزبه "الاتحاد الشعبي الديمقراطي"، تحت شعار "يمن ديمقراطي موحد"، وهو بحق أحد أهم الرموز الفكرية والثقافية الوطنية التي أصّلت وأسّست لمعنى الوطنية اليمنية، والهوية اليمنية في قلب التجربة السياسية في جنوب البلاد من قبل الاستقلال وبعده، وعند هذه القضية والفكرة يلتقيان؛ عبدالله باذيب، ومحمد النعمان.
عبدالله #باذيب و #النقاب !
الحرية التي تبدأ بالعلم لا يمكن أن تنتهي بالتقاليد
عبدالله #الحنكي
أول الأمر لا بدّ لي هنا من الإشارة بأمانة إلى أنه ما من علاقة لباذيب بهذه المسألة المعطوفة عليه هنا، ولم تكن من صميم اهتماماته، ولا تكاد تذكر في تراثه النضالي والفكري، فالرجل كان منهمكًا بقضايا التحرر الوطني وموجبات مقاومة الاستعمار، ونشر الوعي والمعرفة بها في أوساط الشعب، وبقضايا الفكر والتحرر الفكري ومكافحة الظلم والفقر والعبودية بكل أشكالها. وتعرض نتيجة ذلك للقمع والتنكيل والسجن من قبل سلطات مستعمرة عدن، ثم للمحاكمة التي خرجت المظاهرات الشعبية احتجاجًا عليها بقوة. ولم تكن تلك المحاكمة إلا انتقامًا منه على المقالة الشهيرة التي كتبها عام 1955، بعنوان "المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية"، ردًّا على مواعظ القس البريطاني الذي استقدمته السلطات محاضرًا وداعية يدعو الناس للخضوع والولاء التام لسلطات المستعمرين وأعوانهم بذريعة التعايش بين الناس، وهي التي قال في جزء منها:
"فاذا رأيت مثلًا صحيفة تروج لسياسة غير عربية وترسيخ النفوذ الأجنبي في بلادك، فلا تقل إنها خائنة، وإنها تعمل لحساب أعداء الوطن، وإلا اتهموك بالمهاترة!
وإذا كنت اتحاديًّا وأردت أن تهاجم شخصًا يمثل الانفصالية أشنع تمثيل، فإياك أن تمسه بكلمة سوء. فإن أيسر ما سيتهمونك به هو أنك مهاتر، وتسب الناس! وأخشى أن يقولوا لك بعد حين:
إذا دخل اللص بيتك فلا تمسك بتلابيبه، ولا تستدعِ البوليس للقبض عليه، وإلا غدوت إنسانًا مهاترًا ينضح قلبه بالحقد والصديد!".
وفي جزء آخر من المقال، يقول:
"هي اللغة الإنجليزية تخرج من كل بلاد خرج منها الإنجليز".
وفي السودان أصبحت اللغةُ العربية اللغةَ الرسمية.
وفي الهند جدّدت فترة الانتقال لعودة البلاد إلى لغتها الأصلية.
وفي كل مكان، حدث ويحدث ذلك!
كان هناك ادعاء بأن إصدار صحف بالإنجليزية يساعد على تعريف الحكام بأمانينا وآمالنا بواسطة (ترجمتها) وتوصيلها إليهم بلغتهم لإغرائهم بالاطلاع عليها واستثارة اهتمامهم بها. ذلك الادعاء العجيب لا يستند إلى منطق مكين.
بل على عكس ذلك، يجب أن نستعمل لغتنا العربية في كل مجال من مجالات الحياة، وفي كل حقل من حقول الثقافة والنشر.
وهكذا نعيد للغتنا العربية اعتبارها، ونمكّن لها في الأرض، ونفرضها على الحكام فرضًا.
وخلال ذلك، تصل أصواتنا إلى مسامع الحكام قوية هادرة فصيحة مترجمة.
وعودة إلى موضوعنا الأصلي
نعم، لم تكن مسألة النقاب في صدارة اهتمامات هذا المفكر القدير، وإنما أقحمتها عليه مضطرًا، إذ كانت قد عرضت له يومًا في سياق عمله التربوي وزيرًا للتربية والتعليم. وما كنت لأشير إليها مطلقًا لولا أن دفعني إليها تصريحات بعض التقدميين الجدد مؤخرًا، عن رفضهم قراءة أي رواية لكاتبة منقبة، ولو حازت نوبل للآداب!
إذن، ذكرني هذا التصريح العجيب بذلك العارض الذي مر مرورًا عابرًا في تفاصيل الأداء المسؤول لعبدالله باذيب يوم كان وزيرًا للتربية والتعليم. يومذاك جاءته فتاة تشكو إليه إدارة كلية التربية التي رفضت قبول طلبها التسجيل بسبب ارتدائها النقاب، هنا أوضحت الفتاة أن هذا كان شرط والدها لموافقته على دراستها، وبأنها لا تستطيع تجاوز شرط والدها في الوقت الذي ترغب فيه بالدراسة الجامعية.
تأمل الأستاذ باذيب مليًّا في جوانب الشكوى، وأدرك من إجاباتها عن أسئلته أن ذلك لم يكن شرطًا من والدها قدر ما كان حلًّا مناسبًا منه، أراد الأب أن يتجاوز به رفض الأسرة لمبدأ دراستها الجامعية. وعلى الفور أوصى بقبولها وقال لإدارة الكلية: ما دام والدها قد كسر أهم قيود التقاليد المتعلقة بحرمان الفتيات من حق الدراسة، فلا تكونوا أقل كرمًا من أبيها.
المؤكد أن عبدالله باذيب ليس مع فرض النقاب كما قد يتبادر للبعض، لكنه كان يؤمن أن الحرية التي تبدأ بالعلم لا يمكن أن تنتهي بالتقاليد.
فعسى الإخوة أصحاب ذلك التصريح أن يستوعبوا مغزى ذلك المثل التاريخي من سيرة المفكر الراحل عبدالله باذيب، ليعلموا أن النقاب، أيًّا كانت مرموزات عيوبه الاجتماعية التي لا نختلف عليها، فإنه لا يسعه أن يحول دون الإبداع متى حضرت الموهبة في عقل منفتح متنور.
•••
عبدالله #الحنكي
سفير سابق
#خيوط
الحرية التي تبدأ بالعلم لا يمكن أن تنتهي بالتقاليد
عبدالله #الحنكي
أول الأمر لا بدّ لي هنا من الإشارة بأمانة إلى أنه ما من علاقة لباذيب بهذه المسألة المعطوفة عليه هنا، ولم تكن من صميم اهتماماته، ولا تكاد تذكر في تراثه النضالي والفكري، فالرجل كان منهمكًا بقضايا التحرر الوطني وموجبات مقاومة الاستعمار، ونشر الوعي والمعرفة بها في أوساط الشعب، وبقضايا الفكر والتحرر الفكري ومكافحة الظلم والفقر والعبودية بكل أشكالها. وتعرض نتيجة ذلك للقمع والتنكيل والسجن من قبل سلطات مستعمرة عدن، ثم للمحاكمة التي خرجت المظاهرات الشعبية احتجاجًا عليها بقوة. ولم تكن تلك المحاكمة إلا انتقامًا منه على المقالة الشهيرة التي كتبها عام 1955، بعنوان "المسيح الجديد الذي يتكلم الإنجليزية"، ردًّا على مواعظ القس البريطاني الذي استقدمته السلطات محاضرًا وداعية يدعو الناس للخضوع والولاء التام لسلطات المستعمرين وأعوانهم بذريعة التعايش بين الناس، وهي التي قال في جزء منها:
"فاذا رأيت مثلًا صحيفة تروج لسياسة غير عربية وترسيخ النفوذ الأجنبي في بلادك، فلا تقل إنها خائنة، وإنها تعمل لحساب أعداء الوطن، وإلا اتهموك بالمهاترة!
وإذا كنت اتحاديًّا وأردت أن تهاجم شخصًا يمثل الانفصالية أشنع تمثيل، فإياك أن تمسه بكلمة سوء. فإن أيسر ما سيتهمونك به هو أنك مهاتر، وتسب الناس! وأخشى أن يقولوا لك بعد حين:
إذا دخل اللص بيتك فلا تمسك بتلابيبه، ولا تستدعِ البوليس للقبض عليه، وإلا غدوت إنسانًا مهاترًا ينضح قلبه بالحقد والصديد!".
وفي جزء آخر من المقال، يقول:
"هي اللغة الإنجليزية تخرج من كل بلاد خرج منها الإنجليز".
وفي السودان أصبحت اللغةُ العربية اللغةَ الرسمية.
وفي الهند جدّدت فترة الانتقال لعودة البلاد إلى لغتها الأصلية.
وفي كل مكان، حدث ويحدث ذلك!
كان هناك ادعاء بأن إصدار صحف بالإنجليزية يساعد على تعريف الحكام بأمانينا وآمالنا بواسطة (ترجمتها) وتوصيلها إليهم بلغتهم لإغرائهم بالاطلاع عليها واستثارة اهتمامهم بها. ذلك الادعاء العجيب لا يستند إلى منطق مكين.
بل على عكس ذلك، يجب أن نستعمل لغتنا العربية في كل مجال من مجالات الحياة، وفي كل حقل من حقول الثقافة والنشر.
وهكذا نعيد للغتنا العربية اعتبارها، ونمكّن لها في الأرض، ونفرضها على الحكام فرضًا.
وخلال ذلك، تصل أصواتنا إلى مسامع الحكام قوية هادرة فصيحة مترجمة.
تأمل الأستاذ باذيب مليًّا في جوانب شكوى الفتاة، وأدرك من إجاباتها عن أسئلته أن ذلك لم يكن شرطًا من والدها قدر ما كان حلًّا مناسبًا منه، أراد الأب أن يتجاوز به رفض الأسرة لمبدأ دراستها الجامعية. وعلى الفور أوصى بقبولها وقال لإدارة الكلية: ما دام والدها قد كسر أهم قيود التقاليد المتعلقة بحرمان الفتيات من حق الدراسة، فلا تكونوا أقل كرمًا من أبيها.
وعودة إلى موضوعنا الأصلي
نعم، لم تكن مسألة النقاب في صدارة اهتمامات هذا المفكر القدير، وإنما أقحمتها عليه مضطرًا، إذ كانت قد عرضت له يومًا في سياق عمله التربوي وزيرًا للتربية والتعليم. وما كنت لأشير إليها مطلقًا لولا أن دفعني إليها تصريحات بعض التقدميين الجدد مؤخرًا، عن رفضهم قراءة أي رواية لكاتبة منقبة، ولو حازت نوبل للآداب!
إذن، ذكرني هذا التصريح العجيب بذلك العارض الذي مر مرورًا عابرًا في تفاصيل الأداء المسؤول لعبدالله باذيب يوم كان وزيرًا للتربية والتعليم. يومذاك جاءته فتاة تشكو إليه إدارة كلية التربية التي رفضت قبول طلبها التسجيل بسبب ارتدائها النقاب، هنا أوضحت الفتاة أن هذا كان شرط والدها لموافقته على دراستها، وبأنها لا تستطيع تجاوز شرط والدها في الوقت الذي ترغب فيه بالدراسة الجامعية.
تأمل الأستاذ باذيب مليًّا في جوانب الشكوى، وأدرك من إجاباتها عن أسئلته أن ذلك لم يكن شرطًا من والدها قدر ما كان حلًّا مناسبًا منه، أراد الأب أن يتجاوز به رفض الأسرة لمبدأ دراستها الجامعية. وعلى الفور أوصى بقبولها وقال لإدارة الكلية: ما دام والدها قد كسر أهم قيود التقاليد المتعلقة بحرمان الفتيات من حق الدراسة، فلا تكونوا أقل كرمًا من أبيها.
المؤكد أن عبدالله باذيب ليس مع فرض النقاب كما قد يتبادر للبعض، لكنه كان يؤمن أن الحرية التي تبدأ بالعلم لا يمكن أن تنتهي بالتقاليد.
فعسى الإخوة أصحاب ذلك التصريح أن يستوعبوا مغزى ذلك المثل التاريخي من سيرة المفكر الراحل عبدالله باذيب، ليعلموا أن النقاب، أيًّا كانت مرموزات عيوبه الاجتماعية التي لا نختلف عليها، فإنه لا يسعه أن يحول دون الإبداع متى حضرت الموهبة في عقل منفتح متنور.
•••
عبدالله #الحنكي
سفير سابق
#خيوط
#إدام_القوت
#العلويّين إلى هذا الّذي لا بدّ وأن يعرّضهم لكلّ مهانة وابتلاء.
وسبب تسميته بهذا الاسم ـ حسبما أخبرني السّيّد عمر بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عمر بن سقّاف عن والده ـ : أنّ اللّصوص أخذوا كعده ـ وهي إبريق من الخزف تطبخ فيه القهوة ـ على أحد رعايا السّلطان جعفر بن عبد الله #الكثيريّ من #بور ، فلم يكن من السّلطان إلّا أن سار بقضّه وقضيضه وسائر عسكره ، ونزل بهم ضيفا على عشيرة #اللّصّ ، فأنفقوا على ضيافته كلّ طارف وتليد ، حتّى احتاجوا إلى #الدّين ، فوسّطوا من يسأله عن شأنه ، فأخبرهم ، وقال : لا أرتفع عنهم إلّا بالّذي أخذ #الكعده.
فدفعوه #برمّته إليه ، فهابه النّاس ، وأطلق اللّقب على المكان من يومئذ #الكعده
وكان سيّدي أحمد بن عمر بن سميط كثيرا ما يعاتب أهل زمانه على #القهوة ويحذّرهم منها ؛ لأنّها تأخذ عليهم كثيرا من الأموال بدون فائدة ، ويقول لهم : (إنّكم انتهبتم في نخر #كعده) يعرّض بهذا في تورية لطيفة ، وكان يتقطّع ـ كما مرّ ـ حسرات لعدم الوالي ويقول : (لو جمعت الأموال الّتي تتلف في #القهوة .. لأمكن بها إقامة دولة عادلة بحضرموت) (١).
#الحسيّسة
هي قرية خاربة بإزاء #بور ، في سفح الجبل الجنوبيّ المعروف ب #شعب_مخدّم.
وكانت قرية معمورة ، ثمّ خربت ، فبناها عليّ بن عمر #الكثيريّ في سنة (٨٢١ ه) ، ثمّ أخربها عقيل بن عيسى #الصّبراتيّ سنة (٨٣٩ ه) ، كذا في «تاريخ ابن حميد» ، وهو إنّما ينقل عن «شنبل» ، والّذي رأيته فيه : أنّ #عقيلا هذا أخربها في سنة (٨٨٩ ه).
______
(١) لأن الفوضى كانت سائدة في زمان الإمام ابن #سميط ، كما يعلم ممّا مرّ في شبام وسيئون. وله رحمه الله كلام اقتصادي وسياسي نفيس نحو هذا في «مجموع كلامه» الذي جمعه الشيخ دحمان بن عبد الله بن عمر لعجم #باذيب.
#العلويّين إلى هذا الّذي لا بدّ وأن يعرّضهم لكلّ مهانة وابتلاء.
وسبب تسميته بهذا الاسم ـ حسبما أخبرني السّيّد عمر بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عمر بن سقّاف عن والده ـ : أنّ اللّصوص أخذوا كعده ـ وهي إبريق من الخزف تطبخ فيه القهوة ـ على أحد رعايا السّلطان جعفر بن عبد الله #الكثيريّ من #بور ، فلم يكن من السّلطان إلّا أن سار بقضّه وقضيضه وسائر عسكره ، ونزل بهم ضيفا على عشيرة #اللّصّ ، فأنفقوا على ضيافته كلّ طارف وتليد ، حتّى احتاجوا إلى #الدّين ، فوسّطوا من يسأله عن شأنه ، فأخبرهم ، وقال : لا أرتفع عنهم إلّا بالّذي أخذ #الكعده.
فدفعوه #برمّته إليه ، فهابه النّاس ، وأطلق اللّقب على المكان من يومئذ #الكعده
وكان سيّدي أحمد بن عمر بن سميط كثيرا ما يعاتب أهل زمانه على #القهوة ويحذّرهم منها ؛ لأنّها تأخذ عليهم كثيرا من الأموال بدون فائدة ، ويقول لهم : (إنّكم انتهبتم في نخر #كعده) يعرّض بهذا في تورية لطيفة ، وكان يتقطّع ـ كما مرّ ـ حسرات لعدم الوالي ويقول : (لو جمعت الأموال الّتي تتلف في #القهوة .. لأمكن بها إقامة دولة عادلة بحضرموت) (١).
#الحسيّسة
هي قرية خاربة بإزاء #بور ، في سفح الجبل الجنوبيّ المعروف ب #شعب_مخدّم.
وكانت قرية معمورة ، ثمّ خربت ، فبناها عليّ بن عمر #الكثيريّ في سنة (٨٢١ ه) ، ثمّ أخربها عقيل بن عيسى #الصّبراتيّ سنة (٨٣٩ ه) ، كذا في «تاريخ ابن حميد» ، وهو إنّما ينقل عن «شنبل» ، والّذي رأيته فيه : أنّ #عقيلا هذا أخربها في سنة (٨٨٩ ه).
______
(١) لأن الفوضى كانت سائدة في زمان الإمام ابن #سميط ، كما يعلم ممّا مرّ في شبام وسيئون. وله رحمه الله كلام اقتصادي وسياسي نفيس نحو هذا في «مجموع كلامه» الذي جمعه الشيخ دحمان بن عبد الله بن عمر لعجم #باذيب.
إذا لم أفتكم بصريح علم
فلا من بعدها تستفتئوني
بما في محكم القرآن أفتي
وإلّا بعد هذا كذّبوني
أو ليس من أصرح الصّريح في دعوى #الاجتهاد؟
وذكر العلّامة ابن حجر في «فتاويه» عن علماء المتأخّرين من #الحضارم : أنّهم لا يتقيّدون بكلام الرّافعيّ والنّوويّ ، وهما عمدة #المذهب ، ولا يحضرني نصّ صريح في تعيين وقت التّمذهب ، وكانت العرب إذ ذاك متّصلة ، والأسواق جالبة ، والمشاهد جامعة ، والبلاد بما ألفوه من التّرحّل واستقراب البعيد متقاربة.
وممّا يشهد لهذا : أنّ كلّ مرحلة يأتي ذكرها عند #الهمدانيّ وأمثاله تزيد عن مرحلتين بسير أهل العصور المتأخّرة.
ومرّ في #الكسر أنّ يونس بن عبد الأعلى كان منه ، وهو أحد أصحاب #الشّافعيّ ، وغير خاف أن حرملة بن عبيد الله صاحب الإمام الشّافعيّ وأحد رواة مذهبه .. كان من #تجيب ، ومثله أبو نعيم #التّجيبيّ المتوفّى سنة (٢٠٤ ه).
ومثرى تجيب بالكسر ، ثمّ نجع منهم الكثير إلى #مصر ، ولا بدّ بطبيعة الحال أن يكونوا على اتّصال بأهل وطنهم أدبيّا ومادّيّا كما هي العادة بين العشائر ، ومعاذ الله أن تقطع رجالات العلم صلاتها بأوطانها وقراباتها وهم أحقّ النّاس بصلة الأرحام والحنين إلى الأوطان والقيام بحقوقها الّتي تفضل حقوق الأمّهات على الأولاد كما فصّلت في غير قصيدة من «الدّيوان».
ومرّت الإشارة في هذا المبحث لبعض العلماء #الحضرميّين ، وأنّ آل #باذيب نجعوا من العراق إلى حضرموت في أيّام الحجّاج ، وكان فيهم مفتون وقضاة.
وقال الشّيخ عبد الله بن أحمد #باسودان في «جواهر الأنفاس» : (نقل الشّيخ عليّ بن أبي بكر عن بعض علماء آل عبّاد أنّه كان في تريم ثلاث مئة مفت ، والصّفّ الأوّل من جامعها كلّه فقهاء ، يعني : مجتهدين في #المذهب.
وفي شبام ستّون مفتيا ، وقاض #شافعيّ ، وقاض #حنفيّ ، وفي الهجرين مثل ذلك) اه
785
فلا من بعدها تستفتئوني
بما في محكم القرآن أفتي
وإلّا بعد هذا كذّبوني
أو ليس من أصرح الصّريح في دعوى #الاجتهاد؟
وذكر العلّامة ابن حجر في «فتاويه» عن علماء المتأخّرين من #الحضارم : أنّهم لا يتقيّدون بكلام الرّافعيّ والنّوويّ ، وهما عمدة #المذهب ، ولا يحضرني نصّ صريح في تعيين وقت التّمذهب ، وكانت العرب إذ ذاك متّصلة ، والأسواق جالبة ، والمشاهد جامعة ، والبلاد بما ألفوه من التّرحّل واستقراب البعيد متقاربة.
وممّا يشهد لهذا : أنّ كلّ مرحلة يأتي ذكرها عند #الهمدانيّ وأمثاله تزيد عن مرحلتين بسير أهل العصور المتأخّرة.
ومرّ في #الكسر أنّ يونس بن عبد الأعلى كان منه ، وهو أحد أصحاب #الشّافعيّ ، وغير خاف أن حرملة بن عبيد الله صاحب الإمام الشّافعيّ وأحد رواة مذهبه .. كان من #تجيب ، ومثله أبو نعيم #التّجيبيّ المتوفّى سنة (٢٠٤ ه).
ومثرى تجيب بالكسر ، ثمّ نجع منهم الكثير إلى #مصر ، ولا بدّ بطبيعة الحال أن يكونوا على اتّصال بأهل وطنهم أدبيّا ومادّيّا كما هي العادة بين العشائر ، ومعاذ الله أن تقطع رجالات العلم صلاتها بأوطانها وقراباتها وهم أحقّ النّاس بصلة الأرحام والحنين إلى الأوطان والقيام بحقوقها الّتي تفضل حقوق الأمّهات على الأولاد كما فصّلت في غير قصيدة من «الدّيوان».
ومرّت الإشارة في هذا المبحث لبعض العلماء #الحضرميّين ، وأنّ آل #باذيب نجعوا من العراق إلى حضرموت في أيّام الحجّاج ، وكان فيهم مفتون وقضاة.
وقال الشّيخ عبد الله بن أحمد #باسودان في «جواهر الأنفاس» : (نقل الشّيخ عليّ بن أبي بكر عن بعض علماء آل عبّاد أنّه كان في تريم ثلاث مئة مفت ، والصّفّ الأوّل من جامعها كلّه فقهاء ، يعني : مجتهدين في #المذهب.
وفي شبام ستّون مفتيا ، وقاض #شافعيّ ، وقاض #حنفيّ ، وفي الهجرين مثل ذلك) اه
785
قول المسيّب بن علس [من المتقارب] :
وكالشّهد بالرّاح أخلاقهم
وأحلامهم منهما أعذب
وكالمسك ترب مقاماتهم
وترب قبورهم أطيب
ومن متأخّري علماء #شبام : الشّيخ سالم بن عبد الرّحمن #باصهي (١) ، أحد تلاميذ والدي ، وشيخ العلّامة الجليل الأمير محمّد بن عليّ #الإدريسيّ (٢) ، وكان هو همزة الوصل بيني وبينه في المعرفة الّتي كان أوّلها تعزية منه لي بواسطته في والدي ، ثمّ استمرّت المواصلات والمراسلات بما آثارها من القصائد موجودة بمواضعها من «الدّيوان» [٣٧١ و ٣٨٤].
ومن علماء #شبام ـ فيما رأينا بأبصارنا ـ أربعة إخوان ، كلّهم علماء ؛ وهم : أحمد ، ومحمّد ، وعمر ، وعبد الرّحمن أبناء أبي بكر باذيب (٣).
ومن كبار علمائهم ومصاقع شعرائهم : الشّيخ أحمد بن محمّد #باذيب ، المتوفّى بسنغافورة في حدود سنة (١٢٧٩ ه) (٤).
______
(١٣٧١ ه) ، وأخوه الحبيب محمد المتوفى سنة (١٣٧٤ ه) ، وآخرهم وخاتمة عقدهم : السيد الفقيه مربّي الأجيال عبد الله بن مصطفى ، المتوفى سنة (١٣٩١ ه) وممن لا زال منهم بشبام : الحبيب عبد الله بن عمر بن عبد الله بن سميط رحمه الله.
(١) ولد الشيخ سالم بن عبد الرحمن بن عوض بن أحمد باصهي بشبام سنة (١٢٨٠ ه) ، وتوفي بها سنة (١٣٣٦ ه) ، كان عالما جليلا ، فقيها نحويا ، داعيا إلى الله ، له سيرة عطرة وأخبار زكية ، جاوزت مصنفاته العشرين ، في الفقه والعقيدة والسلوك.
(٢) مؤسس الدولة #الإدريسية بجنوب الجزيرة العربية ، المتوفى ب #صبيا سنة (١٣٤٥ ه) ، ينظر : «ملوك العرب» للريحاني ، و «تاريخ المخلاف السليماني» للعقيلي.
(٣) وهم أبناء الفقيه الصالح الشيخ أبي بكر بن محمد بن عبود بن عمر بن عبد الرحمن باذيب ، المتوفى بشبام سنة (١٣١٢ ه) ، أحد علماء شبام وفقهائها واعتنى بتربية أولاده وتعليمهم فكانوا جميعهم فقهاء علماء صالحين. أكبرهم : الشيخ عمر ، توفي بشبام سنة (١٣٣٥ ه) ، والثاني : الشيخ محمد ، المولود سنة (١٢٧٠ ه) ، والمتوفى سنة (١٣٢٤ ه) ، والثالث : الشيخ أحمد ، الرابع : الشيخ عبد الرحمن ، توفي سنة (١٣١٩ ه) ، وبقية إخوانه لهم عقب ، وأما هو .. فلم يعقب.
(٤) إنما هو أحمد بن عمر باذيب ، كان عالما جليلا رحالا ، صادعا بالحق ، كان نادرة في الزمان ، وغرة
517
وكالشّهد بالرّاح أخلاقهم
وأحلامهم منهما أعذب
وكالمسك ترب مقاماتهم
وترب قبورهم أطيب
ومن متأخّري علماء #شبام : الشّيخ سالم بن عبد الرّحمن #باصهي (١) ، أحد تلاميذ والدي ، وشيخ العلّامة الجليل الأمير محمّد بن عليّ #الإدريسيّ (٢) ، وكان هو همزة الوصل بيني وبينه في المعرفة الّتي كان أوّلها تعزية منه لي بواسطته في والدي ، ثمّ استمرّت المواصلات والمراسلات بما آثارها من القصائد موجودة بمواضعها من «الدّيوان» [٣٧١ و ٣٨٤].
ومن علماء #شبام ـ فيما رأينا بأبصارنا ـ أربعة إخوان ، كلّهم علماء ؛ وهم : أحمد ، ومحمّد ، وعمر ، وعبد الرّحمن أبناء أبي بكر باذيب (٣).
ومن كبار علمائهم ومصاقع شعرائهم : الشّيخ أحمد بن محمّد #باذيب ، المتوفّى بسنغافورة في حدود سنة (١٢٧٩ ه) (٤).
______
(١٣٧١ ه) ، وأخوه الحبيب محمد المتوفى سنة (١٣٧٤ ه) ، وآخرهم وخاتمة عقدهم : السيد الفقيه مربّي الأجيال عبد الله بن مصطفى ، المتوفى سنة (١٣٩١ ه) وممن لا زال منهم بشبام : الحبيب عبد الله بن عمر بن عبد الله بن سميط رحمه الله.
(١) ولد الشيخ سالم بن عبد الرحمن بن عوض بن أحمد باصهي بشبام سنة (١٢٨٠ ه) ، وتوفي بها سنة (١٣٣٦ ه) ، كان عالما جليلا ، فقيها نحويا ، داعيا إلى الله ، له سيرة عطرة وأخبار زكية ، جاوزت مصنفاته العشرين ، في الفقه والعقيدة والسلوك.
(٢) مؤسس الدولة #الإدريسية بجنوب الجزيرة العربية ، المتوفى ب #صبيا سنة (١٣٤٥ ه) ، ينظر : «ملوك العرب» للريحاني ، و «تاريخ المخلاف السليماني» للعقيلي.
(٣) وهم أبناء الفقيه الصالح الشيخ أبي بكر بن محمد بن عبود بن عمر بن عبد الرحمن باذيب ، المتوفى بشبام سنة (١٣١٢ ه) ، أحد علماء شبام وفقهائها واعتنى بتربية أولاده وتعليمهم فكانوا جميعهم فقهاء علماء صالحين. أكبرهم : الشيخ عمر ، توفي بشبام سنة (١٣٣٥ ه) ، والثاني : الشيخ محمد ، المولود سنة (١٢٧٠ ه) ، والمتوفى سنة (١٣٢٤ ه) ، والثالث : الشيخ أحمد ، الرابع : الشيخ عبد الرحمن ، توفي سنة (١٣١٩ ه) ، وبقية إخوانه لهم عقب ، وأما هو .. فلم يعقب.
(٤) إنما هو أحمد بن عمر باذيب ، كان عالما جليلا رحالا ، صادعا بالحق ، كان نادرة في الزمان ، وغرة
517
#إدام_القوت
وعن الشّيخ سالم بن عبد الرّحمن #باسويدان وغيره : أنّ سبب سفره من #شبام هو أنّ خطيب الجمعة تأخّر مرّة ، فأشار عليه الحبيب أحمد بن عمر بن سميط أن يقوم بأداء الواجب من أركان الخطبة ، فارتجل ما ملأ الأسماع إعجابا ، والنّفوس إطرابا ، فخشي عليه العين ، فأمره بمغادرة البلاد وكان آخر العهد به!!!؟؟؟
ومن عيون صلحائها وأفاضلها الشّيخ عوض بن محمّد #باذيب ، وأولاده عليّ وأحمد ومحمّد ، لهم مروءة حيّة ، واعتبار تامّ ، ودين ثابت ، وكانت الأعيان تزور الشّيخ عوض وتتبّرك برؤيته ودعائه.
ومن متأخّري علمائها : الشّيخ عبد الرّحمن حميد ، وولده عبد الله.
ومن آل #شبام : آل جبر ، وآل التّويّ ، وآل باعبيد ، وهم أربعة إخوة : محمّد وعمر وعوض وأحمد بنو سالم باعبيد ، إليهم الآن أزمّة التّجارة بشبام ، ولهم مراكز في عدن وغيرها ، وقد مات عمّا قريب أحبّهم إليّ ، وهو أحمد ، فرحمه الله وأخلفه بخلف صالح.
وممّن تديّر شباما الحبيب علويّ بن أحمد بن زين الحبشيّ ، وبها توفي.
وفي «كلام الحبيب أحمد بن عمر بن #سميط» : أنّ والده لمّا مات .. قال : مات من يستحيا منه ، وإنّ آل شبام كانوا يهابونه ، وكان آل أحمد بن زين يزورونه في محرّم من كلّ سنة ، ومتى قاربوا شبام .. تنابز غوغاؤهم مع آل شبام بالألقاب ، وقالوا : (الهر لعل #القعيطي يفر) فأوقفهم منصّر بن عبد الله طائفة من النّهار في الشّمس ، فتركوا الزّيارة ، ولمّا زال منصّر وشيكا .. كتب لهم صلاح بن محمّد بالاعتذار ، فأعادوها.
______
في جبين الدهر ، ترجمته في «تاريخ الشعراء الحضرميين» (٤ / ٢٢).
وعن الشّيخ سالم بن عبد الرّحمن #باسويدان وغيره : أنّ سبب سفره من #شبام هو أنّ خطيب الجمعة تأخّر مرّة ، فأشار عليه الحبيب أحمد بن عمر بن سميط أن يقوم بأداء الواجب من أركان الخطبة ، فارتجل ما ملأ الأسماع إعجابا ، والنّفوس إطرابا ، فخشي عليه العين ، فأمره بمغادرة البلاد وكان آخر العهد به!!!؟؟؟
ومن عيون صلحائها وأفاضلها الشّيخ عوض بن محمّد #باذيب ، وأولاده عليّ وأحمد ومحمّد ، لهم مروءة حيّة ، واعتبار تامّ ، ودين ثابت ، وكانت الأعيان تزور الشّيخ عوض وتتبّرك برؤيته ودعائه.
ومن متأخّري علمائها : الشّيخ عبد الرّحمن حميد ، وولده عبد الله.
ومن آل #شبام : آل جبر ، وآل التّويّ ، وآل باعبيد ، وهم أربعة إخوة : محمّد وعمر وعوض وأحمد بنو سالم باعبيد ، إليهم الآن أزمّة التّجارة بشبام ، ولهم مراكز في عدن وغيرها ، وقد مات عمّا قريب أحبّهم إليّ ، وهو أحمد ، فرحمه الله وأخلفه بخلف صالح.
وممّن تديّر شباما الحبيب علويّ بن أحمد بن زين الحبشيّ ، وبها توفي.
وفي «كلام الحبيب أحمد بن عمر بن #سميط» : أنّ والده لمّا مات .. قال : مات من يستحيا منه ، وإنّ آل شبام كانوا يهابونه ، وكان آل أحمد بن زين يزورونه في محرّم من كلّ سنة ، ومتى قاربوا شبام .. تنابز غوغاؤهم مع آل شبام بالألقاب ، وقالوا : (الهر لعل #القعيطي يفر) فأوقفهم منصّر بن عبد الله طائفة من النّهار في الشّمس ، فتركوا الزّيارة ، ولمّا زال منصّر وشيكا .. كتب لهم صلاح بن محمّد بالاعتذار ، فأعادوها.
______
في جبين الدهر ، ترجمته في «تاريخ الشعراء الحضرميين» (٤ / ٢٢).
#إدام_القوت
ريال ، ولمّا احتاج ورثته لبيعها .. لم تنفق إلّا على واحد من #آل_باهرمز بألفين من الرّيالات فقط ؛ لأنّ آل شبام ـ بما بقي في قلوبهم من هيبة الدّين والورع ـ تحاموها ، وإلى الآن وهم يتحامون عن شراء التّمر الّذي يجمعه من #المكس صاحب السّدّة ؛ مع أنّه أرخص من غيره بثلث القيمة.
وبلغني أنّ لبعضهم رسائل في سير آل #شبام وأخبارهم الشّاهدة بالتّقوى والورع ، وهي من أنفع ما يكون لهم لو تدارسوها على عادتهم في درس يوم الثّلاثاء الّذي رتّبه الحبيب أحمد بن عمر #بن_سميط ، ـ متنقلا في ديارهم ؛ سياسة في حضورهم ـ ؛ إذ هي خير حافز للأحفاد على ترسّم آثار الأجداد ، ومن كلامه المنثور : إنّ شباما كانت بلاد المنقود (١) ، وأنّ أحد أهل شبام أخذ دراهم من أحمد ناصر #اليافعيّ ، فهجروه حتّى ردّها.
وأنّ ثمانين حملا من الحوير وردت شباما ، وفيها حمل لأحد #آل_كثير بن سلامة ، فاشتروها بأسرها إلّا ذلك الحمل لم يأخذه أحد وعاد به صاحبه.
وفي كلامه ثناء كثير على محمّد بن عوض #باذيب ، وعلى أخيه عبود ، وأنّه حصل عليهما خلل فشاورا الحبيب عبد الله #الحدّاد فقال لهما : بيعا جميع ما معكما ولو لم يخلف لكم إلّا حليّ نسائكم ، فباعاه وقضيا ما عليهما من الدّيون ، وبقيت ثلاث مئة ريال ، فذهبا إلى الحاوي ، ولمّا وصلا .. قال محمد لعبود : إن وافقتني .. أعطينا الحبيب عبد الله مئة واقتنعنا بالمئتين ، فوافقه ، فقبلها الحبيب وأشار على محمّد بالسّفر إلى #الشّحر ، وبقي يتردّد إليها ، ويقيم بها شهرين أيّام الموسم ، ويمرّ في ذهابه وإيابه ب #الحاوي.
ولمّا علم الحبيب عمر البارّ بقصّة المئة .. قال لمن حضره : أيصحّ أنّ أحدا يتصدّق بثلث ماله؟! وكان عنده دلّال من آل #باخيضر. فقال : إن كان من آل شبام .. فنعم.
______
(١) أي : أن أهلها ينتقدون ما خالف الشرع والأدب.
ريال ، ولمّا احتاج ورثته لبيعها .. لم تنفق إلّا على واحد من #آل_باهرمز بألفين من الرّيالات فقط ؛ لأنّ آل شبام ـ بما بقي في قلوبهم من هيبة الدّين والورع ـ تحاموها ، وإلى الآن وهم يتحامون عن شراء التّمر الّذي يجمعه من #المكس صاحب السّدّة ؛ مع أنّه أرخص من غيره بثلث القيمة.
وبلغني أنّ لبعضهم رسائل في سير آل #شبام وأخبارهم الشّاهدة بالتّقوى والورع ، وهي من أنفع ما يكون لهم لو تدارسوها على عادتهم في درس يوم الثّلاثاء الّذي رتّبه الحبيب أحمد بن عمر #بن_سميط ، ـ متنقلا في ديارهم ؛ سياسة في حضورهم ـ ؛ إذ هي خير حافز للأحفاد على ترسّم آثار الأجداد ، ومن كلامه المنثور : إنّ شباما كانت بلاد المنقود (١) ، وأنّ أحد أهل شبام أخذ دراهم من أحمد ناصر #اليافعيّ ، فهجروه حتّى ردّها.
وأنّ ثمانين حملا من الحوير وردت شباما ، وفيها حمل لأحد #آل_كثير بن سلامة ، فاشتروها بأسرها إلّا ذلك الحمل لم يأخذه أحد وعاد به صاحبه.
وفي كلامه ثناء كثير على محمّد بن عوض #باذيب ، وعلى أخيه عبود ، وأنّه حصل عليهما خلل فشاورا الحبيب عبد الله #الحدّاد فقال لهما : بيعا جميع ما معكما ولو لم يخلف لكم إلّا حليّ نسائكم ، فباعاه وقضيا ما عليهما من الدّيون ، وبقيت ثلاث مئة ريال ، فذهبا إلى الحاوي ، ولمّا وصلا .. قال محمد لعبود : إن وافقتني .. أعطينا الحبيب عبد الله مئة واقتنعنا بالمئتين ، فوافقه ، فقبلها الحبيب وأشار على محمّد بالسّفر إلى #الشّحر ، وبقي يتردّد إليها ، ويقيم بها شهرين أيّام الموسم ، ويمرّ في ذهابه وإيابه ب #الحاوي.
ولمّا علم الحبيب عمر البارّ بقصّة المئة .. قال لمن حضره : أيصحّ أنّ أحدا يتصدّق بثلث ماله؟! وكان عنده دلّال من آل #باخيضر. فقال : إن كان من آل شبام .. فنعم.
______
(١) أي : أن أهلها ينتقدون ما خالف الشرع والأدب.
ب ( #الزّلزلة ) .. سنحت له الفرصة ، فقطع الصّلاة ، وقال له : #زلزل الله بوالديك يا شرّ المشايخ! وهل ل #الزّلزلة مكان بعد ما نحن فيه؟
الجمعدار مزلزل ، والمحضار مبهذل ، وأنا مسفّل ، ثمّ تأتي لنا فوق ذلك بالزّلزلة.
!؟؟؟؟؟
وهكذا سمعتها ، ولكنّ وجود السّيّد حسين بن حامد لذلك العهد بصفة النّديم أو نحوه للجمعدار عبد الله .. لا يخلو من البعد .. فلعلّ النّظر انتقل عن أبيه أو غيره إليه.
ومنها : أنّه مرّ ب #شباميّ و #يهوديّ يتلاطمان في #عدن ، فلمّا أراد أن يبطش بالّذي هو عدوّ لهما .. انسلّ #الشّباميّ ، وترك زينا مع اليهوديّ ، حتّى حجز بينهما الشّرط ، وساقوهما إلى السّجن ، فسأل زين عن المقرّبين لدى الحكومة ، فقيل له : صالح جعفر ، فأرسل إليه .. فوصل ، فاستخفّ روحه ، فضمن عليه وأخذه إلى داره وأكرم مثواه ، فرأى عنده من النّعمة ما لا يعرف شيئا منه في بيوت آل شبام بعدن ، فانقطع عنهم ، وما زالوا يبحثون عنه حتّى ظفروا به ، فسبّهم وقال : لقد خرجت من النّار إلى الجنّة. قالوا : لكنّك لا تدري ما حال صالح جعفر. قال : وما حاله؟ !!!؟
قالوا : يبغض الشّيخين أبا بكر وعمر #متشيع !؟
فاستعظمها ، وقال : إذا كان يبغض هذين .. فأيّ دين له ،
ومن يحبّ؟
قالوا : لا يحبّ إلّا فاطمة وزوجها وأولادها رضي الله عنهم.
فازدهر وجهه بعد العبوس ، وقال : أمّا إذا كان يحبّ أهلي ..
فليبغض من شاء ،
وأنا كبدي محترقة من #بوبكر #لعجم و #عمر بن بو بكر #باذيب ،
فسألعنهما إن #لعن جبرا لخاطره. !!!؟؟
ثمّ نهض من فوره ودخل على صالح جعفر فأوهم أنّه عثر .. فقال : لعنة الله على أبي بكر وعمر (١).!!!؟؟؟
______
(١) وفي فعله هذا #تورية عن سب الشيخين رضي الله عنهما بسب معاصريه ، ولفعله شواهد كثيرة كقصة الإمام مع المأمون في مسألة خلق القرآن وغيرها ، ولكن رغم ذلك لم يخرج عن الإعذار ؛ فإنه لا يجوز لعن المعيّن ، بل هو حرام ، وكان على المؤلف رحمه الله أن لا يذكر الأشخاص كما فعل السيد صالح الحامد في «رحلته» ؛ فإنه ذكر الحكاية بدون ذكر الأشخاص.
529
الجمعدار مزلزل ، والمحضار مبهذل ، وأنا مسفّل ، ثمّ تأتي لنا فوق ذلك بالزّلزلة.
!؟؟؟؟؟
وهكذا سمعتها ، ولكنّ وجود السّيّد حسين بن حامد لذلك العهد بصفة النّديم أو نحوه للجمعدار عبد الله .. لا يخلو من البعد .. فلعلّ النّظر انتقل عن أبيه أو غيره إليه.
ومنها : أنّه مرّ ب #شباميّ و #يهوديّ يتلاطمان في #عدن ، فلمّا أراد أن يبطش بالّذي هو عدوّ لهما .. انسلّ #الشّباميّ ، وترك زينا مع اليهوديّ ، حتّى حجز بينهما الشّرط ، وساقوهما إلى السّجن ، فسأل زين عن المقرّبين لدى الحكومة ، فقيل له : صالح جعفر ، فأرسل إليه .. فوصل ، فاستخفّ روحه ، فضمن عليه وأخذه إلى داره وأكرم مثواه ، فرأى عنده من النّعمة ما لا يعرف شيئا منه في بيوت آل شبام بعدن ، فانقطع عنهم ، وما زالوا يبحثون عنه حتّى ظفروا به ، فسبّهم وقال : لقد خرجت من النّار إلى الجنّة. قالوا : لكنّك لا تدري ما حال صالح جعفر. قال : وما حاله؟ !!!؟
قالوا : يبغض الشّيخين أبا بكر وعمر #متشيع !؟
فاستعظمها ، وقال : إذا كان يبغض هذين .. فأيّ دين له ،
ومن يحبّ؟
قالوا : لا يحبّ إلّا فاطمة وزوجها وأولادها رضي الله عنهم.
فازدهر وجهه بعد العبوس ، وقال : أمّا إذا كان يحبّ أهلي ..
فليبغض من شاء ،
وأنا كبدي محترقة من #بوبكر #لعجم و #عمر بن بو بكر #باذيب ،
فسألعنهما إن #لعن جبرا لخاطره. !!!؟؟
ثمّ نهض من فوره ودخل على صالح جعفر فأوهم أنّه عثر .. فقال : لعنة الله على أبي بكر وعمر (١).!!!؟؟؟
______
(١) وفي فعله هذا #تورية عن سب الشيخين رضي الله عنهما بسب معاصريه ، ولفعله شواهد كثيرة كقصة الإمام مع المأمون في مسألة خلق القرآن وغيرها ، ولكن رغم ذلك لم يخرج عن الإعذار ؛ فإنه لا يجوز لعن المعيّن ، بل هو حرام ، وكان على المؤلف رحمه الله أن لا يذكر الأشخاص كما فعل السيد صالح الحامد في «رحلته» ؛ فإنه ذكر الحكاية بدون ذكر الأشخاص.
529