#شـ📝ــــــرح_الحـديث.
لبِلادِ الشَّامِ وأهلِهَا المُؤمنِينَ فَضائِلُ كثيرةٌ، وقدْ ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلكَ في سُنَّتِه؛ فبَيَّنَ أنَّها أرضُ الْمَحشَرِ، وفيها تَبقَى الفِئَةُ المؤمِنَةُ على الحقِّ إلى قِيامِ السَّاعةِ، وفِيهَا بَيْتُ المقدِسِ.
#وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
"إذا فسَدَ أهْلُ الشَّامِ"، #أي: في دِينِهم، والمُرادُ بالشَّامِ هنا ما يَشمَلُ اليومَ الأُردنَ وفِلسطينَ وسُوريَةَ ولُبْنانَ، مع اختلافٍ يَسيرٍ في حُدودِ هذه الدِّولِ مع الدِّولِ المُجاورةِ لها، "فلا خيرَ فيكم"،
#أي: إنَّ فسادَ أهْلِ الشَّامِ علامةٌ على فَسادِ أُمَّةِ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولكنَّه بيَّنَ أنَّ هذا الفسادَ ليس عامًّا؛
فقال صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَزالُ طائفةٌ من أُمَّتي مَنْصورينَ"،
#أي: ستظَلُّ جماعةٌ من أُمَّةِ الإسلامِ يُجاهِدون في سبيلِ نُصرةِ الحقِّ، وهم مُنْتصِرون وغالِبونَ، "لا يضُرُّهم مَن خذَلَهُم"، #أي: لا يضُرُّهم مَن ترَكَ نُصْرتَهم ومُعاونتَهم، وقولُه: "حتَّى تقومَ السَّاعةُ"، #أي: سيظَلُّون على هذه الحالِ إلى يومِ القيامةِ طائفةً بعدَ طائفةٍ، وهذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا ينقطِعُ في أُمَّةِ الإسلامِ، وأنَّ هناك مَن يتوارَثُه جِيلًا بعدَ جيلٍ، وفيه إشارةٌ إلى بقاءِ نَصْرِ اللهِ لهم وحفْظِهم. والمكانُ في نفْسِه لا يرفَعُ أحدًا، ولكنَّ عمَلَ أهْلِه هو الحَدُّ الفاصِلُ في الرِّفعةِ والضَّعَةِ، وأيُّ مكانٍ في الأرضِ مُدِحَ لا يدُلُّ على مدْحِ صاحبِه ومَن يسكُنُه إلَّا إذا اتَّقى اللهَ تعالى.
#قيل: وفي الحديثِ دَلائلُ على نُبوَّةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندما تحدَّثَ بهذا الحديثِ كان أهْلُ الشَّامِ كُفَّارًا، والكُفْرُ أكبَرُ أنواعِ الفَسادِ؛
#ففي هذا الحديثِ إشارةٌ إلى أنَّهم سيَدخُلونَ في دِينِ اللهِ، ويَصلُحون بعدَ فَسادِهم، وقد حصَلَ ما أشار إليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
#وكذلك فيه إخبارُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أُمَّتَه ستَفسُدُ بعدَ صَلاحِها، وسيكونُ آخِرُ النَّاسِ فَسادًا أهْلَ الشَّامِ.
وفيه: إخبارُه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ دِينَ اللهِ الَّذي أتى به سيَبْقى قائمًا بقيامِ الطَّائفةِ المنصورةِ به، وبالحفاظِ عليه، والذَّبِّ عنه.
📚 [ موقع الدرر السنية ].
لبِلادِ الشَّامِ وأهلِهَا المُؤمنِينَ فَضائِلُ كثيرةٌ، وقدْ ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلكَ في سُنَّتِه؛ فبَيَّنَ أنَّها أرضُ الْمَحشَرِ، وفيها تَبقَى الفِئَةُ المؤمِنَةُ على الحقِّ إلى قِيامِ السَّاعةِ، وفِيهَا بَيْتُ المقدِسِ.
#وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
"إذا فسَدَ أهْلُ الشَّامِ"، #أي: في دِينِهم، والمُرادُ بالشَّامِ هنا ما يَشمَلُ اليومَ الأُردنَ وفِلسطينَ وسُوريَةَ ولُبْنانَ، مع اختلافٍ يَسيرٍ في حُدودِ هذه الدِّولِ مع الدِّولِ المُجاورةِ لها، "فلا خيرَ فيكم"،
#أي: إنَّ فسادَ أهْلِ الشَّامِ علامةٌ على فَسادِ أُمَّةِ محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولكنَّه بيَّنَ أنَّ هذا الفسادَ ليس عامًّا؛
فقال صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَزالُ طائفةٌ من أُمَّتي مَنْصورينَ"،
#أي: ستظَلُّ جماعةٌ من أُمَّةِ الإسلامِ يُجاهِدون في سبيلِ نُصرةِ الحقِّ، وهم مُنْتصِرون وغالِبونَ، "لا يضُرُّهم مَن خذَلَهُم"، #أي: لا يضُرُّهم مَن ترَكَ نُصْرتَهم ومُعاونتَهم، وقولُه: "حتَّى تقومَ السَّاعةُ"، #أي: سيظَلُّون على هذه الحالِ إلى يومِ القيامةِ طائفةً بعدَ طائفةٍ، وهذا ممَّا يدُلُّ على أنَّ الحقَّ لا ينقطِعُ في أُمَّةِ الإسلامِ، وأنَّ هناك مَن يتوارَثُه جِيلًا بعدَ جيلٍ، وفيه إشارةٌ إلى بقاءِ نَصْرِ اللهِ لهم وحفْظِهم. والمكانُ في نفْسِه لا يرفَعُ أحدًا، ولكنَّ عمَلَ أهْلِه هو الحَدُّ الفاصِلُ في الرِّفعةِ والضَّعَةِ، وأيُّ مكانٍ في الأرضِ مُدِحَ لا يدُلُّ على مدْحِ صاحبِه ومَن يسكُنُه إلَّا إذا اتَّقى اللهَ تعالى.
#قيل: وفي الحديثِ دَلائلُ على نُبوَّةِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فالنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندما تحدَّثَ بهذا الحديثِ كان أهْلُ الشَّامِ كُفَّارًا، والكُفْرُ أكبَرُ أنواعِ الفَسادِ؛
#ففي هذا الحديثِ إشارةٌ إلى أنَّهم سيَدخُلونَ في دِينِ اللهِ، ويَصلُحون بعدَ فَسادِهم، وقد حصَلَ ما أشار إليه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
#وكذلك فيه إخبارُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أُمَّتَه ستَفسُدُ بعدَ صَلاحِها، وسيكونُ آخِرُ النَّاسِ فَسادًا أهْلَ الشَّامِ.
وفيه: إخبارُه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ دِينَ اللهِ الَّذي أتى به سيَبْقى قائمًا بقيامِ الطَّائفةِ المنصورةِ به، وبالحفاظِ عليه، والذَّبِّ عنه.
📚 [ موقع الدرر السنية ].
طريقُكَ نحوَ الهداية
#أعمـال_القلـ♡ـوب " الحلقة السادسة" 6⃣ #ومن أهمية أعمال القلوب هو أنّ القلب كالملك، والجوارح كالجنود التابعة له، فبصلاح القلب تصلح الجوارح بالعمل الصالح، وبفساد القلب تفسد الجوارح بالمعاصي. 🔹قال صلى الله عليه وسلم: (( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح…
#أعمـال_القلـ♡ـوب
" الحلقة السابعة" 7⃣
بعدما عرفنا الغاية العظمى التي خلقنا الله من أجلها و هي عبادة الله عزوجل و عرّفنا معناها و قسّمناها إلى عبادات ظاهرة و عبادات باطنة و هي العبادات القلبية التي هي الأخرى عرّفناها و عرفنا أهميتها و في هذه الحلقة نتطرق لشرح بعض من هذه العبادات، تنبيها على أهميتها ودلالة على لوازمها الواجبة ، ودعوة إلى تعلُمِها والعمل بها و تعليمِها لأنها لب العقيدة ولأنها أساس كل إصلاح ، فإنه لا صلاح للأمة إلى بصلاح أفرادها ، والأفراد لا صلاح لهم إلا بإصلاح قلوبهم بإعمارها بتوحيد الله تعالى وبجميع أنواع العبادات الباطنة
و أول هذه الأعمال الإخلاص .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله
في كتابه الفذ مدارج السالكين
فصل قال صاحب المنازل :
الإخلاص تصفية العمل من كل شوب
#أي لا يمازج عمله ما يشوبه من شوائب إرادات النفس : إما طلب التزين في قلوب الخلق وإما طلب مدحهم والهرب من ذمهم أو طلب تعظيمهم أو طلب أموالهم أو خدمتهم ومحبتهم وقضائهم حوائجه أو طلب محبتهم له أو غير ذلك من العلل والشوائب التي عقد متفرقاتها : هو إرادة ما سوى الله بعمله كائنا ما كان قال : وهو على ثلاث درجات الدرجة الأولى : إخراج رؤية العمل عن العمل والخلاص من طلب العوض على العمل والنزول عن الرضى بالعمل
#يعرض للعامل في عمله ثلاث آفات : رؤيته وملاحظته وطلب العوض عليه ورضاه به وسكونه إليه
#ففي هذه الدرجة يتخلص من هذه البلية فالذي يُخلِصه من رؤية عمله : مشاهدته لمنة الله عليه وفضله وتوفيقه له وأنه بالله لا بنفسه وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو كما قال تعالى :( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )
#فههنا ينفعه شهود الجبر وأنه آلة محضة وأن فعله كحركات الأشجار وهبوب الرياح وأن المحرك له غيره والفاعل فيه سواه وأنه ميت والميت لا يفعل شيئا وأنه لو خلي ونفسه لم يكن من فعله الصالح شيء البتة فإن النفس جاهلة ظالمة طبعها الكسل وإيثار الشهوات والبطالة وهي منبع كل شر ومأوى كل سوء وما كان هكذا لم يصدر منه خير ولا هو من شأنه
#فالخير الذي صدر منها : إنما هو من الله وبه لا من العبد ولا به كما قال تعالى :( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكى من يشاء) وقال أهل الجنة (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وقال تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه و سلم(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) وقال تعالى : (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم..) الآية
#فكل خير في العبد فهو مجرد فضل الله ومنته وإحسانه ونعمته وهو المحمود عليه فرؤية العبد لأعماله في الحقيقة كرؤيته لصفاته الخلقية : من سمعه وبصره وإدراكه وقوته بل من صحته وسلامة أعضائه ونحو ذلك فالكل مجرد عطاء الله ونعمته وفضله
فالذي يخلص العبد من هذه الآفة : معرفة ربه ومعرفة نفسه والذي يخلصه من طلب العوض على العمل : علمه بأنه عبد محض والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضا ولا أجرة إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضل منه وإحسان إليه وإنعام عليه لا معاوضة إذ الأجرة إنما يستحقها الحر أو عبد الغير فأما عبد نفسه فلا
والذي يخلصه من رضاه بعمله وسكونه إليه : أمران :
#أحدهما : مطالعة عيوبه وآفاته وتقصيره فيه وما فيه من حظ النفس ونصيب الشيطان فقل عمل من الأعمال إلا وللشيطان فيه نصيب وإن قل وللنفس فيه حظ سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن التفات الرجل في صلاته فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد
#فإذا كان هذا التفات طرفة أو لحظة فكيف التفات قلبه إلى ما سوى الله هذا أعظم نصيب الشيطان من العبودية
#وقال ابن مسعود لا يجعل أحدكم للشيطان حظا من صلاته يرى أن حقا عليه : أن لا ينصرف إلا عن يمينه فجعل هذا القدر اليسير النزر حظا ونصيبا للشيطان من صلاة العبد فما الظن بما فوقه وأما حظ النفس من العمل : فلا يعرفه إلا أهل البصائر الصادقون
#الثاني : علمه بما يستحقه الرب جل جلاله : من حقوق العبودية وآدابها الظاهرة والباطنة وشروطها وأن العبد أضعف وأعجز وأقل من أن يوفيها حقا وأن يرضى بها لربه فالعارف لا يرضى بشيء من عمله لربه ولا يرضى نفسه لله طرفة عين ويستحيي من مقابلة الله بعمله
فسوء ظنه بنفسه وعمله وبغضه لها وكراهته لأنفاسه وصعودها إلى الله : يحول بينه وبين الرضى بعمله والرضى عن نفسه.
#وكان بعض السلف يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركعة ثم يقبض على لحيته ويهزها ويقول لنفسه : يا مأوى كل سوء وهل رضيتك لله طرفة عين
#وقال بعضهم : آفة العبد رضاه عن نفسه ومن نظر إلى نفسه باستحسان
شيء منها فقد أهلكها وم لم يتهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور.
انتهى كلامه رحمه الله
#يتبــع .
" الحلقة السابعة" 7⃣
بعدما عرفنا الغاية العظمى التي خلقنا الله من أجلها و هي عبادة الله عزوجل و عرّفنا معناها و قسّمناها إلى عبادات ظاهرة و عبادات باطنة و هي العبادات القلبية التي هي الأخرى عرّفناها و عرفنا أهميتها و في هذه الحلقة نتطرق لشرح بعض من هذه العبادات، تنبيها على أهميتها ودلالة على لوازمها الواجبة ، ودعوة إلى تعلُمِها والعمل بها و تعليمِها لأنها لب العقيدة ولأنها أساس كل إصلاح ، فإنه لا صلاح للأمة إلى بصلاح أفرادها ، والأفراد لا صلاح لهم إلا بإصلاح قلوبهم بإعمارها بتوحيد الله تعالى وبجميع أنواع العبادات الباطنة
و أول هذه الأعمال الإخلاص .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله
في كتابه الفذ مدارج السالكين
فصل قال صاحب المنازل :
الإخلاص تصفية العمل من كل شوب
#أي لا يمازج عمله ما يشوبه من شوائب إرادات النفس : إما طلب التزين في قلوب الخلق وإما طلب مدحهم والهرب من ذمهم أو طلب تعظيمهم أو طلب أموالهم أو خدمتهم ومحبتهم وقضائهم حوائجه أو طلب محبتهم له أو غير ذلك من العلل والشوائب التي عقد متفرقاتها : هو إرادة ما سوى الله بعمله كائنا ما كان قال : وهو على ثلاث درجات الدرجة الأولى : إخراج رؤية العمل عن العمل والخلاص من طلب العوض على العمل والنزول عن الرضى بالعمل
#يعرض للعامل في عمله ثلاث آفات : رؤيته وملاحظته وطلب العوض عليه ورضاه به وسكونه إليه
#ففي هذه الدرجة يتخلص من هذه البلية فالذي يُخلِصه من رؤية عمله : مشاهدته لمنة الله عليه وفضله وتوفيقه له وأنه بالله لا بنفسه وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو كما قال تعالى :( وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين )
#فههنا ينفعه شهود الجبر وأنه آلة محضة وأن فعله كحركات الأشجار وهبوب الرياح وأن المحرك له غيره والفاعل فيه سواه وأنه ميت والميت لا يفعل شيئا وأنه لو خلي ونفسه لم يكن من فعله الصالح شيء البتة فإن النفس جاهلة ظالمة طبعها الكسل وإيثار الشهوات والبطالة وهي منبع كل شر ومأوى كل سوء وما كان هكذا لم يصدر منه خير ولا هو من شأنه
#فالخير الذي صدر منها : إنما هو من الله وبه لا من العبد ولا به كما قال تعالى :( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكى من يشاء) وقال أهل الجنة (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وقال تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه و سلم(ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) وقال تعالى : (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم..) الآية
#فكل خير في العبد فهو مجرد فضل الله ومنته وإحسانه ونعمته وهو المحمود عليه فرؤية العبد لأعماله في الحقيقة كرؤيته لصفاته الخلقية : من سمعه وبصره وإدراكه وقوته بل من صحته وسلامة أعضائه ونحو ذلك فالكل مجرد عطاء الله ونعمته وفضله
فالذي يخلص العبد من هذه الآفة : معرفة ربه ومعرفة نفسه والذي يخلصه من طلب العوض على العمل : علمه بأنه عبد محض والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضا ولا أجرة إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضل منه وإحسان إليه وإنعام عليه لا معاوضة إذ الأجرة إنما يستحقها الحر أو عبد الغير فأما عبد نفسه فلا
والذي يخلصه من رضاه بعمله وسكونه إليه : أمران :
#أحدهما : مطالعة عيوبه وآفاته وتقصيره فيه وما فيه من حظ النفس ونصيب الشيطان فقل عمل من الأعمال إلا وللشيطان فيه نصيب وإن قل وللنفس فيه حظ سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن التفات الرجل في صلاته فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد
#فإذا كان هذا التفات طرفة أو لحظة فكيف التفات قلبه إلى ما سوى الله هذا أعظم نصيب الشيطان من العبودية
#وقال ابن مسعود لا يجعل أحدكم للشيطان حظا من صلاته يرى أن حقا عليه : أن لا ينصرف إلا عن يمينه فجعل هذا القدر اليسير النزر حظا ونصيبا للشيطان من صلاة العبد فما الظن بما فوقه وأما حظ النفس من العمل : فلا يعرفه إلا أهل البصائر الصادقون
#الثاني : علمه بما يستحقه الرب جل جلاله : من حقوق العبودية وآدابها الظاهرة والباطنة وشروطها وأن العبد أضعف وأعجز وأقل من أن يوفيها حقا وأن يرضى بها لربه فالعارف لا يرضى بشيء من عمله لربه ولا يرضى نفسه لله طرفة عين ويستحيي من مقابلة الله بعمله
فسوء ظنه بنفسه وعمله وبغضه لها وكراهته لأنفاسه وصعودها إلى الله : يحول بينه وبين الرضى بعمله والرضى عن نفسه.
#وكان بعض السلف يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركعة ثم يقبض على لحيته ويهزها ويقول لنفسه : يا مأوى كل سوء وهل رضيتك لله طرفة عين
#وقال بعضهم : آفة العبد رضاه عن نفسه ومن نظر إلى نفسه باستحسان
شيء منها فقد أهلكها وم لم يتهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور.
انتهى كلامه رحمه الله
#يتبــع .