البرهان في تفسير القرآن

قِبْلتُنا (الكعبة) في بنائها الفيزيائي وبُعدها المادّي تعبق بعطر الحسين
ما السرّ في ذلك..؟! (وقفة معرفيّة)
""""""""""""""""""""""""""""""
■ يقول #الإمام_الرضا "عليه السلام" وهو يُبيّن لنا نيّة #الصلاة، كيف نتوجّه للصلاة .. يقول:
(وانو عند افتتاح الصلاة ذِكْر الله وذِكر رسول الله، واجعل واحداً من الأئمة نُصب عينيك)
لاحظوا هذه العبارة (واجعل واحداً من الأئمة نُصب عينيك) الحديث هنا عن القِبلة، والقِبلة الحقيقية في مضمونها هي هذه (أن نجعل إمام زماننا نُصبَ أعيننا)
،
نحن قِبلتنا الماديّة نتوجّه إلى #الكعبة، أمّا القِبلة المعنوية الحقيقية فنحن نتوجّه إلى إمام زماننا فهو قِبلتنا.. فنحن نُخاطبه في دعاء الندبة الشريف (أين وجه الله الذي إليه يتوجّه الأولياء) هذه هي القِبلة الحقيقية.
بل إنّ حتى الكعبة في بنائها الفيزيائي وبُعدها المادّي فنحن نتوجّه إليها لأنّه يفوح منها العَبق الحسيني..
◀وقد يقول قائل هنا : كيف يفوح من الكعبة العَبَق الحُسيني؟ ما هو علاقة الحُسين بالكعبة..؟ و أين هو عليّ إذن؟
الجواب : عليٌّ فوق الفوق وكلّ الكل.. و كما يقول المير باقر داماد:
توجّهتْ الوجوه شطر الكعبـةِ
والكعبة وجهها باتّجاه النجفِ.
(تلك هي القبلة الكاملة)
:
■ أمّا القول بأنّ عبق #الحسين يفوح من الكعبة فذلك لأنّ أعلى طقوس إبراهيم في كلّ حياته (في نبوّته) أعلى طقوسه هو ما جاء في سورة الصافات في الآية 101 و ما بعدها، قوله تعالى:
{فبشرناه بغلام حليم* فلمّا بلغ معه السعي قال يا بني إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين* فلمّا أسلما وتلّه للجبين* وناديناه أن يا إبراهيم* قد صدّقتَ الرؤيا إنّا كذلك نجزي المحسنين* إنّ هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذبح عظيم}
هذا أعلى طقس إبراهيمي وإسماعيلي وهو أشرف الطقوس الإبراهيمية،
ولِذا بعد هذا الطقس العظيم أمره الله أن يُنادي: {وأذّن في الناس بالحجّ..} فكان ذلك قد الأذان قد وصل إلى الجميع، وكلّ مَن حجّ أو سيحجّ مِن زمن إبراهيم إلى #يوم_القيامة قد بلغه ذلك الأذان.. فأيّ أذان هذا؟
ولاحظوا الخطاب لإبراهيم في الآية يقول: {يأتوكَ} يعني يأتوكَ أنتَ يا إبراهيم، وليس البيت .. لأنّك قد بلغْتَ ما بلغتَ وأدّيت ما أدّيت مِن أعلى الطقوس.
:
● قول الآية {قد صدّقتَ الرؤيا إنّا كذلك نجزي المحسنين} هذا الجزاء جاء في هذه الآية {وفديناه بذبح عظيم..}
والروايات تُحدّثنا عن قصّة ذبح إبراهيم لابنه إسماعيل تقول أنّ إبراهيم جَرَح إسماعيل، يعني حصل هناك خدْش على رقبة إسماعيل لأنّ السكّين كانت حادّة، وإسماعيل كان شابّاً يافعاً بشرته طريّة، فالسكّين تركت أثراً بسيطاً على رقبته، ولم يحدث شيء.. و رغم ذلك القرآن تحدّث عن هذا المشهد ووصفه بهذا الوصف {إنّ هذا لهو البلاء المبين* وفديناه بذبح عظيم}
فإذا كان إسماعيل خُدِشَ خَدْشاً بسيطاً بسكّين إبراهيم والقرآن وصف هذا المشهد بالبلاء المُبين .. فماذا سيقول القرآن إذاً وهذه زيارة الناحية المُقدّسة تصف لنا شيئاً من مشهد الذبح العظيم فتقول:
(فهويتَ إلى الأرض جريحاً، تطؤك الخيول بحوافرها، وتعلوك الطغاة ببواترها...)
:
◀فلنقف قليلاً عند ما يقوله #أهل_البيت "صلوات الله عليهم" في قصّة إقدام إبراهيم على ذبح إبنه إسماعيل .. يقول #الإمام_الرضا "عليه السلام":
(لمّا أمر الله تعالى إبراهيم أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه، تمنّى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده، وأنّه لم يُؤمَر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده بيده، فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.
فأوحى الله عزّ و جلّ إليه: يا إبراهيم، مَن أحبّ خلقي إليك؟ فقال: يا رب، ما خلقتَ خلقاً أحبّ إليّ مِن حبيبك محمّد. فأوحى الله عزّ و جل إليه: يا إبراهيم، فهو أحبّ إليك أو نفسك؟ فقال: بل هو أحبّ إليّ مِن نفسي.
قال: فولده أحبُّ إليك، أم ولدك؟ قال: بل ولده. قال: فذبْحُ ولده ظُلماً على أيدي أعدائه أوجعُ لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ فقال: يا ربّ بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم، إنّ طائفة تزعم أنّها من أمّة محمّد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلماً و عدواناً كما يُذبح الكبش، فيستوجبون بذلك غضبي.
فجزع إبراهيم لذلك، و توجّع قلبه، وأقبل يبكي، فأوحى الله عزّ و جل إليه: يا إبراهيم، قد فديتُ جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين و قتله، و أوجبتُ لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب. فذلك قول الله عزّ و جل: و فدينٰاه بذبح عظيم).
[تفسير البرهان: ج6]
:
لاحظوا الحسين لم يكن فداء لإسماعيل.. وإنّما الله تعالى جازى إبراهيم لتسليمه لأمر ربّه في ذبح إسماعيل جازاه بجزعه على الحسين، أن جعل الجزع على الحسين بديلاً وهديّة لإبراهيم بدلاً مِن جزعه على إسماعيل الذي حُرِم منه بسبب أنّه ذبْح الكبش.. وهذا يُشير إلى أنّ جميع الم

611 views13:15