اليمن_تاريخ_وثقافة
11.6K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#اليمن_تاريخ_وثقافة
#الصليف
ميناء الصليف وشبه جزيرة (بلدان تهامة)

تقع شبه جزيرة #الصليف إلى الشمال والشمال الغربي من مدينة الحديدة، وتبعد عن مدينة الحديدة بمسافة تصل إلى 60 كم ، ويقع على خط عرض 15.31° شمالاً ، وخط طول 42.67 °شرقاً وبارتفاع 4م فوق سطح البحر وتبلغ مساحتها الإجمالية 154 كم2 .
تعد منطقة الصليف الآن مديرية من مديريات محافظة الحديدة، وتتكون من النواحي والقرى التالية ( الصليف، القرية، الزحيفي، دير الولي، الضبرة) وتتبعها جزيرتين غير مأهولتين هما :- جزيرة وغر وجزيرة هيكوك، وتبعاً للآخر تعداد سكاني في 2004م بلغ عدد سكانها 6343 نسمه، تتميز الصليف بمزايا جعلتها تحظى بالاهتمام الدائم من قبل السلطات الحاكمة بمسمياتها المختلفة في التاريخ الحديث والمعاصر، ومن هذه المزايا:-
1- تمتلك الصليف موقعاً استراتيجياً فهي شبه جزيرة تحيط بها المياه من ثلاثة جهات وكأنها قلعة حصينة صعبة الاختراق وهو ما ثبت خلال التاريخ الحديث والمعاصر وخاصة خلال الحرب العالمية الاولى (1332- 1336هـ / 1914 - 1918م).
2- تمتلك ميناء حباه الله بمناطق رسو طبيعي وآمن وتحميه جزيرة كمران حماية طبيعية من الرياح الشديدة والأمواج و تتميز بأعماق بحرية كبيرة تصل إلى 50 قدم بحيث يستطيع استقبال بواخر عملاقة تصل حمولتها ما بين50 – 70 ألف طن ، وقد تم استقبال السفن العملاقة التي تعجز بقية الشواطئ اليمنية خلال التاريخ الحديث حيث استقبلت الحملات ذات الاساطيل الضخمة وخاصة خلال عهدي الحكم العثماني.
3- لدى الصليف مقومات سياحية بحرية وبرية متكاملة، فيمكن إقامة منتزهات وشاليهات بالقرب من الشاطئ ورياضة سباق القوارب والزوارق البحرية ورياضة التزلج على المياه .
4- يتميز أهالي الصليف باحتراف الصيد البحري وبها ميناء لصيد السمك وصناعة السفن والقوارب والحرف التقليدية التهامية، وقديماً تميزت المنطقة بصيد اللؤلؤ، فقد ورد في تاريخ الدولة الرسولية في عهد السلطان الملك المؤيد داود بن يوسف الرسولي تـ(721هـ/1321م) ما يلي:- " ينفرد الديوان السعيد بالمغاصات – أماكن محددة في البحر تتواجد فيها الأصداف الحاوية على اللؤلؤ – ومنها...بطن جابر وهو أصعبها وأجود ما توجد به الجواهر الجيدة" ، وهو ما يؤكده الرحالة الهندي العلامة رفيع الدين بن فريد الدين المراد آبادي:- "وبالقرب من هذه الجزيرة – كمران - يوجد الكثير من اللؤلؤ والمرجان ويقولون إن موسم صيدها يكون في شهور الصيف الأربعة" .
5- يوجد بالصليف مناجم من الملح والجبس وبكميات هائلة هو ما سيتم التطرق إليه في هذا البحث.
الاصل اللغوي لكلمة الصليف وسبب التسمية.
تعد مفردة الصليف من الكلمات التي تدل على المعنى الواضح الذي يوظف الكلمة في مسميات المناطق الجغرافية وتطابق المعنى مع المكان، فالصليف في اللغة مشتقة من "(صَلَفَ) الصَّادُ وَاللَّامُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ وَكَزَازَةٍ. مِنْ ذَلِكَ الصَّلَفُ، وَهُوَ قِلَّةُ نَزَلِ الطَّعَامِ - أي بركته -........ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ: صَلْفَاءُ، وَلِلْمَكَانِ الصُّلْبِ: أَصْلَفُ. وَالصَّلِيفُ: عُرْضُ الْعُنُق" ، وذكر:- " ابن عبّاد: الصَّلْفَاءُ صَفَاةٌ قد استوت في الأرض، ويقال: صِلْفَاءةٌ - بوزن حِرْباءةٍ - . وقال الأصمعي: الأصْلَفُ والصَّلْفَاءُ: ما اشتد من الأرض وغلظ وصَلُبَ، والجمع الأصَالِفُ والصَّلافي، قال أوس بن حجر:
وخَبَّ سَفَا قريانه وتوقدت ... عليه من الصَّمّانَتَيْنِ الأصالِفُ
والصَّلِيْفُ: عرض العنق؛ وهما صَلِيْفانِ من الجانبين، قال جندل بن المثنى:
ينحط من قنفذ ذِفراه الذَّفِرْ ... على صَلِيْفَيْ عنق لأْمِ الفِقَرْ
وقال أبو زيد: الصَّلِيْفانِ رأسا الفقرةِ التي تلي الرأس من شقيهما...والصَّلَفُ - بالتحريك - :- قلة نزل الطعام، وإناء صَلِفٌ: إذا كان قليل الأخذ للماء، وسَحابٌ صَلِفٌ: قليل الماء كثير الرعد. وفي المثل: رُبَّ صَلَفٍ تحت الرّاعدة: يُضْرَبُ للرجل يتوعد ثم لا يقوم به.... والصَّلِفُ: الإناء الثقيل الثخين، وطعام صَلِفٌ: مسخ لا طعم له." ، وتقول:- " العرب لكل ما لزم الإنسانَ: قد لزم عنقه. وهو لازم صَلِيفَ عُنُقه" ، فالصليف: جانب العنق، " ومنه الحديث [ كَمْ من صَلَفٍ تحت الرَّاعِدَة ] هو مَثَلٌ لمن يُكْثِر قَولَ ما لا يَفْعَل : أي تَحتَ سحاب تَرْعُدُ ولا تُمْطِر" .
يتضح - مما سبق - أن معنى الصليف يتوافق مع جغرافية منطقة الصليف، فالصليف في اللغة هي:-
1-الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ التي لا تنبت ولا تزرع وهو ما يتطابق في الواقع مع منطقة الصليف.
2-جانبي العنق وشكل منطقة الصليف التي هي شبه جزيرة لها عنق ولسان بحري فـ" تتصل ببلاد الزيدية بواسطة لسان بري في البحر (الصليف) مما جعل الصليف (برمائية)" ، بل واعتبرها بعض الكتاب والرحالة جزيرة ومنهم الرحالة العثماني أوليا جلبي(1020 – 1095هـ / 1611-1682م) والتي ذكرها بأنه
ملح #الصليف

ملح الصليف

التسميه ؟؟
الصليف من .. صلف
جرداء صلباء قارعه
لا تنبت بها شجر
فهي
كاللسان المريره الممتده

وحاشاها ذلك ،،،،،❤️

وإنما هي كاللسان
تمتد في البحر
فيحط بها الماء
من ثلاث جهات
فهي شبه جزيره

غنيه ثريه تكالب عليها
الأنجليز والعثمانيين
وتعتبر اكبر منجم للملح الصخري
في الجزيره العربيه

..
و يمتاز الملح الصخري بالصليف
بانه يعتبر من أجواد أنواع الملح في العالم لاحتوائه على اليود الطبيعي

و قد ذكر القاضي
محمد بن أحمد الحجري
فقال :
و في الصليف معدن الملح الحجري العجيب الذي لا نظير له في العالم يشبه البلورة في صفاء لونه و هو من المعادن الغنية و هذا المعدن شبه جبل في بطن الأرض و الظاهر منه على سطح الأرض

قال الشاعر
عبدالله عبدالوهاب نعمان عنها
حينما كان موظفاً بها بعد الثورة

وهناء نوم أحب إلي
من شرع الصليف
أريحوني و لا تألو بظلم
من النوم الخفيف
.

وقال العلامة عبد الرحمن بطيش :
إلهي يالحبيب الطف بنا
و أكفنا شر البلايا و النقم
الصليف صاح لا تسكنها
فسكون المرء فيها كالعدم
.
الإنتاج
وتم إكتشاف ألملح بها هذا قبل 600 عام
.
وبدأ الأستخراج والتصدير
في عام 1880م علي يد العثمانين

وبعدها
تأسست أول شركة لاستثمار الملح الصخري في هذه المنطقة في عام 1371هـ / 1952م باسم ( شركة أملاح الصليف )
ليكون
اول عمل حكومي في الصليف
تحت حكومه المملكه المتوكليه
.
وبعدها
في عام 1975م
صدر قرار مجلس القيادة
بتكوين
( المؤسسة العامة لملح الصليف )
#الصليف تهامة
يعد ميناء الصليف من الموانئ اليمنية التي لعبت دوراً هاماً في المجال السياسي والاقتصادي في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، وبإطلالته على البحر الأحمر، وجزيرة كمران، استطاع أن يكون في العهد العثماني الأول لحكم اليمن (944 – 1045هـ / 1538 – 1635م) الركيزة الأساسية لدخول القوات العثمانية لليمن، وفي العهد العثماني الثاني لحكم اليمن (1265 – 1336هـ / 1849 – 1918م) تحول دوره إلى تاريخ اقتصادي من خلال ثروته الاقتصادية والمتمثلة في منجمه للملح إلى جانب موقعه العسكري المتميز، ومن ثم تعرض للقصف والتدمير من قبل البريطانيين الذي أدركوا أهميته ومحاولة احتلاله، فما قصة هذا الميناء ومتى نشأ وظهر على الساحة الساحة الدولية وأخذ أبعاده الاستراتيجية والجيوسياسية؟

تقع شبه جزيرة الصليف إلى الشمال والشمال الغربي من مدينة الحديدة، وتبعد عن مدينة الحديدة بمسافة تصل إلى 60 كم، ويقع على خط عرض 15.31° شمالاً، وخط طول 42.67° شرقاً، وبارتفاع 4م فوق سطح البحر، وتبلغ مساحتها الإجمالية 154 كم2.

وتعد منطقة الصليف الآن مديرية من مديريات محافظة الحديدة، وتتكون من النواحي والقرى التالية (الصليف، القرية، الزحيفي، دير الولي، الضبرة)، وتتبعها جزيرتان غير مأهولتين هما: جزيرة وغر وجزيرة هيكوك، وتبعاً للآخر تعداد سكاني في 2004م بلغ عدد سكانها 6343 نسمة.

تتميز الصليف بمزايا جعلتها تحظى بالاهتمام الدائم من قبل السلطات الحاكمة لليمن بمسمياتها المختلفة في التاريخ الحديث والمعاصر، ومن هذه المزايا:
تمتلك الصليف موقعاً استراتيجياً فهي شبه جزيرة تحيط بها المياه من ثلاث جهات وكأنها قلعة حصينة صعبة الاختراق وهو ما ثبت خلال التاريخ الحديث والمعاصر وخاصة خلال الحرب العالمية الاولى (1332 – 1336هـ / 1914 – 1918م).

تمتلك ميناء حباه الله بمناطق رسو طبيعي وآمن وتحميه جزيرة كمران حماية طبيعية من الرياح الشديدة والأمواج، وتتميز بأعماق بحرية كبيرة تصل إلى 50 قدماً بحيث يستطيع استقبال بواخر عملاقة تصل حمولتها ما بين 50 – 70 ألف طن، وقد تم استقبال السفن العملاقة التي تعجز بقية الشواطئ اليمنية عن استقبالها خلال التاريخ الحديث، حيث استقبلت الحملات ذات الاساطيل الضخمة وخاصة خلال عهدي الحكم العثماني.

لدى الصليف مقومات سياحية بحرية وبرية متكاملة، فيمكن إقامة منتزهات وشاليهات بالقرب من الشاطئ، ورياضة سباق القوارب والزوارق البحرية، ورياضة التزلج على المياه.

يتميز أهالي الصليف باحتراف الصيد البحري، وبها ميناء لصيد السمك، وصناعة السفن والقوارب والحرف التقليدية التهامية، وقديماً تميزت المنطقة بصيد اللؤلؤ، فقد ورد في كتاب (ارتفاع الدولة المؤيدية جباية بلاد اليمن في عهد السلطان الملك المؤيد داوود بن يوسف الرسولي تـ(721 هـ/1321م)، تحقيق محمد عبدالرحيم جازم، ما يلي: "ينفرد الديوان السعيد بالمغاصات – أماكن محددة في البحر تتواجد فيها الأصداف الحاوية على اللؤلؤ – ومنها... بطن جابر وهو أصعبها وأجود ما توجد به الجواهر الجيدة"، وهو ما يؤكده الرحالة الهندي العلامة رفيع الدين بن فريد الدين المراد آبادي في رحلته المعنونة (الرحلة الهندية إلى الجزيرة العربية): "وبالقرب من هذه الجزيرة – كمران - يوجد الكثير من اللؤلؤ والمرجان ويقولون إن موسم صيدها يكون في شهور الصيف الأربعة".
يوجد بالصليف مناجم من الملح والجبس وبكميات هائلة هو ما سيتم التطرق إليه في هذا الحلقات.

واستوقفني الأصل اللغوي لكلمة الصليف وسبب التسمية، فتعد مفردة الصليف من الكلمات التي تدل على المعنى الواضح الذي يوظف الكلمة في مسميات المناطق الجغرافية، وتطابق المعنى مع المكان، فالصليف في اللغة مشتقة من "(صَلَفَ) الصَّادُ وَاللَّامُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ وَكَزَازَةٍ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَفُ، وَهُوَ قِلَّةُ نَزَلِ الطَّعَامِ - أي بركته -........ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ: صَلْفَاءُ، وَلِلْمَكَانِ الصُّلْبِ: أَصْلَفُ. وَالصَّلِيفُ: عُرْضُ الْعُنُق"، وتذهب المعاجم أن: " ابن عبّاد: الصَّلْفَاءُ صَفَاةٌ قد استوت في الأرض، ويقال: صِلْفَاءةٌ - بوزن حِرْباءةٍ -. وقال الأصمعي: الأصْلَفُ والصَّلْفَاءُ: ما اشتد من الأرض وغلظ وصَلُبَ، والجمع الأصَالِفُ والصَّلافي، قال أوس بن حجر:
وخَبَّ سَفَا قريانه وتوقدت
عليه من الصَّمّانَتَيْنِ الأصالِفُ

والصَّلِيْفُ: عرض العنق؛ وهما صَلِيْفانِ من الجانبين، قال جندل بن المثنى:
ينحط من قنفذ ذِفراه الذَّفِرْ
على صَلِيْفَيْ عنق لأْمِ الفِقَرْ

وقال أبو زيد: الصَّلِيْفانِ رأسا الفقرةِ التي تلي الرأس من شقيهما...والصَّلَفُ - بالتحريك -: قلة نزل الطعام، وإناء صَلِفٌ: إذا كان قليل الأخذ للماء، وسَحابٌ صَلِفٌ: قليل الماء كثير الرعد. وفي المثل: رُبَّ صَلَفٍ تحت الرّاعدة: يُضْرَبُ للرجل يتوعد ثم لا يقوم به.... والصَّلِفُ: الإناء الثقيل الثخين، وطعام صَلِفٌ: مسخ
1⃣
لصليف..
قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني


أ.د عبدالودود #مقشر

يعد ميناء الصليف من الموانئ اليمنية التي لعبت دوراً هاماً في المجال السياسي والاقتصادي في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، وبإطلالته على البحر الأحمر، وجزيرة كمران، استطاع أن يكون في العهد العثماني الأول لحكم اليمن (944 – 1045هـ / 1538 – 1635م) الركيزة الأساسية لدخول القوات العثمانية لليمن، وفي العهد العثماني الثاني لحكم اليمن (1265 – 1336هـ / 1849 – 1918م) تحول دوره إلى تاريخ اقتصادي من خلال ثروته الاقتصادية والمتمثلة في منجمه للملح إلى جانب موقعه العسكري المتميز، ومن ثم تعرض للقصف والتدمير من قبل البريطانيين الذي أدركوا أهميته ومحاولة احتلاله، فما قصة هذا الميناء ومتى نشأ وظهر على الساحة الساحة الدولية وأخذ أبعاده الاستراتيجية والجيوسياسية؟
تقع شبه جزيرة الصليف إلى الشمال والشمال الغربي من مدينة الحديدة، وتبعد عن مدينة الحديدة بمسافة تصل إلى 60 كم، ويقع على خط عرض 15.31° شمالاً، وخط طول 42.67° شرقاً، وبارتفاع 4م فوق سطح البحر، وتبلغ مساحتها الإجمالية 154 كم2.
وتعد منطقة الصليف الآن مديرية من مديريات محافظة الحديدة، وتتكون من النواحي والقرى التالية (الصليف، القرية، الزحيفي، دير الولي، الضبرة)، وتتبعها جزيرتان غير مأهولتين هما: جزيرة وغر وجزيرة هيكوك، وتبعاً للآخر تعداد سكاني في 2004م بلغ عدد سكانها 6343 نسمة.
تتميز الصليف بمزايا جعلتها تحظى بالاهتمام الدائم من قبل السلطات الحاكمة لليمن بمسمياتها المختلفة في التاريخ الحديث والمعاصر، ومن هذه المزايا:
تمتلك الصليف موقعاً استراتيجياً فهي شبه جزيرة تحيط بها المياه من ثلاث جهات وكأنها قلعة حصينة صعبة الاختراق وهو ما ثبت خلال التاريخ الحديث والمعاصر وخاصة خلال الحرب العالمية الاولى (1332 – 1336هـ / 1914 – 1918م).
تمتلك ميناء حباه الله بمناطق رسو طبيعي وآمن وتحميه جزيرة كمران حماية طبيعية من الرياح الشديدة والأمواج، وتتميز بأعماق بحرية كبيرة تصل إلى 50 قدماً بحيث يستطيع استقبال بواخر عملاقة تصل حمولتها ما بين 50 – 70 ألف طن، وقد تم استقبال السفن العملاقة التي تعجز بقية الشواطئ اليمنية عن استقبالها خلال التاريخ الحديث، حيث استقبلت الحملات ذات الاساطيل الضخمة وخاصة خلال عهدي الحكم العثماني.
لدى الصليف مقومات سياحية بحرية وبرية متكاملة، فيمكن إقامة منتزهات وشاليهات بالقرب من الشاطئ، ورياضة سباق القوارب والزوارق البحرية، ورياضة التزلج على المياه.
يتميز أهالي الصليف باحتراف الصيد البحري، وبها ميناء لصيد السمك، وصناعة السفن والقوارب والحرف التقليدية التهامية، وقديماً تميزت المنطقة بصيد اللؤلؤ، فقد ورد في كتاب (ارتفاع الدولة المؤيدية جباية بلاد اليمن في عهد السلطان الملك المؤيد داوود بن يوسف الرسولي تـ(721 هـ/1321م)، تحقيق محمد عبدالرحيم جازم، ما يلي: "ينفرد الديوان السعيد بالمغاصات – أماكن محددة في البحر تتواجد فيها الأصداف الحاوية على اللؤلؤ – ومنها... بطن جابر وهو أصعبها وأجود ما توجد به الجواهر الجيدة"، وهو ما يؤكده الرحالة الهندي العلامة رفيع الدين بن فريد الدين المراد آبادي في رحلته المعنونة (الرحلة الهندية إلى الجزيرة العربية): "وبالقرب من هذه الجزيرة – كمران - يوجد الكثير من اللؤلؤ والمرجان ويقولون إن موسم صيدها يكون في شهور الصيف الأربعة".
يوجد بالصليف مناجم من الملح والجبس وبكميات هائلة هو ما سيتم التطرق إليه في هذا الحلقات.
واستوقفني الأصل اللغوي لكلمة الصليف وسبب التسمية، فتعد مفردة الصليف من الكلمات التي تدل على المعنى الواضح الذي يوظف الكلمة في مسميات المناطق الجغرافية، وتطابق المعنى مع المكان، فالصليف في اللغة مشتقة من "(صَلَفَ) الصَّادُ وَاللَّامُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى شِدَّةٍ وَكَزَازَةٍ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَفُ، وَهُوَ قِلَّةُ نَزَلِ الطَّعَامِ - أي بركته -........ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ: صَلْفَاءُ، وَلِلْمَكَانِ الصُّلْبِ: أَصْلَفُ. وَالصَّلِيفُ: عُرْضُ الْعُنُق"، وتذهب المعاجم أن: " ابن عبّاد: الصَّلْفَاءُ صَفَاةٌ قد استوت في الأرض، ويقال: صِلْفَاءةٌ - بوزن حِرْباءةٍ -. وقال الأصمعي: الأصْلَفُ والصَّلْفَاءُ: ما اشتد من الأرض وغلظ وصَلُبَ، والجمع الأصَالِفُ والصَّلافي، قال أوس بن حجر:
وخَبَّ سَفَا قريانه وتوقدت
عليه من الصَّمّانَتَيْنِ الأصالِفُ
والصَّلِيْفُ: عرض العنق؛ وهما صَلِيْفانِ من الجانبين، قال جندل بن المثنى:
ينحط من قنفذ ذِفراه الذَّفِرْ
2⃣

#الصليف..
قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني

نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر
تحدثنا عن تسمية ومزايا الصليف، لكن التكوين التاريخي الجيولوجي للصليف وخاصة منجمها الملحي ونشأته ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ الأخدود الإفريقي العظيم في خليج عدن والبحر الأحمر، وامتد من جنوب السويس مروراً بأغلب الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر والذي تكونت فيه قباب ملحية وجبسية وخاصة في طبقاته الباطنية في عصر الميوسين.

شكل هذا الأخدود متبخرات في تهامة، وهي طبقة تمتد على ما يقرب من 100 متر، وتتكون من رواسب الملح والجبس وهو سلفات الكالسيوم calcium sulfate بالإضافة إلى رواسب فتاتية؛ ترسبت في بيئة بحيرية شاطئية، تتواجد هذه المتبخرات بشكل أساسي في مناطق شمال الحديدة، مثل الصليف وجبل القُمة وابن عباس الواقعة على ساحل البحر الأحمر على شكل قباب ملحية، وقد بدأت أهمية القباب الملحية منذ بداية برنامج الحفر العميق في البحر الأحمر والتي أكدت على وجود رواسب المتبخرات التي لها عمر أكثر من 5 ملايين سنة فوق قشرة محيطية لها شذوذ مغناطيسي يقدر بحوالى 2,2 مليون سنة.

أما بالنسبة للجبس فهو من نتائج العصر الكريتاسي والحين الثلاثي والذي كون رواسب الجبس، حيث تتواجد كميات كبيرة من الجبس في منطقة الصليف، حيث يصل استهلاك الجبس هناك إلى 2300 طن / السنة والذي يستخدم بصفة رئيسية في صناعة الأسمنت بمصنع باجل على بعد 100 كم جنوب شرق مدينة الصليف، يتواجد الجبس والذي يتبع العصر الجوراسي الأعلى في منطقة الصليف والتي تحتوي على 12,5 مليون طن (منجم الصليف فقط يحتوي على 4,5 مليون طن)، ويوجد الجبس في الصليف وقدرت جملة احتياطي الجبس الصالح للاستخراج من المناطق الثلاث (الصليف وتعز وبني حشيش) حوالي 13 مليون طن"، فيعتمد مصنع باجل للإسمنت ومصنع اسمنت الأحد في السعودية الذي يقع ما بين مدينتي جيزان والطوال على جبس محجر الصليف الذي ينقل بالسيارات إلى المصنع المذكور، كما يعتمد على جبس الصليف مصنع اسمنت المفرق بتعز والذي يبعد عنه حوالي 300 كيلومتر كما يذهب الدكتور العراقي أحمد حبيب رسول في دراسة بعنوان (صناعة الاسمنت في الجمهورية العربية اليمنية) نشر بمجلة دراسات يمنية، العدد 18.

فالملح الصخري هو الصناعة الاستخراجية الأساسية، ويتواجد في منطقة الصليف.. ويقدر الاحتياطي بحوالي 300 – 500 مليون طن.

يعتبر المؤرخ الهندي راجي Ragaei أن الصليف تتميز بأن ملحها من النوع الفريد والنادر والمحبوب لدى مستخدميه، وبأنها تمتلك ميناء عميقاً جداً تستطيع من خلاله الحمولات دخوله بسهوله، ومع إمكانية الوصول بيسر وسهولة إلى منجم تعدين سطحي يجعل قبة ملح الصليف مصدرا تنافسيا للغاية من هذا المعدن لاستخدامها في الأغراض الكيميائية، تطوير صناعة استخراج الملح في الصليف.

إذن، ارتبطت الصليف بمناجم الملح التي بها واشتهرت بذلك، ففيها "أكبر موطن للملح في جزيرة العرب"، وذكرت المصادر العثمانية صفات هذا الملح وقدرت مخزون المنجم من الملح بثلاثة ملايين طن، وفي هذا الملح "نسبة كبيرة من كلوريد الصوديوم يجعله في مصاف أعظم وأفضل المناجم في العالم". وذكرت الموسوعة العربية أن شهرة الصليف "ترجع إلى وجود مناجم ملح صخري من أجود الأنواع"، ورأى الجغرافي اليمني محمد أحمد الحجري في (مجموع بلدان اليمن) أن "في الصليف معدن الملح الحجري الذي لا نظير له في العالم يشبه البلور في صفاء لونه وهو من المعادن الغنية وهذا المعدن شبه جبل في بطن الأرض والظاهر منه على سطح الأرض نحو مائتي قدم، وشرقي الصليف معدن آخر للملح الحجري يشبه ملح مأرب ومنه يأخذ أهل تهامة وجبالها ما يحتاجون إليه من الملح".

أما بعثة مجلة العربي الكويتية فقد أوردت جوانب من تقرير خبراء كنديين الذين رأوا أن ملح الصليف بعد فحصه تأكد لهم أنه "نقي جداً، معدل متوسط نسبة كلوريد الصوديوم فيه –وهو ملح الطعام النقي– هي 98,3 % وليس هناك ما يشير إلى وجود أملاح بوتاسيوم ولا مغنسيوم بنسبة تذكر"، وذهب التقرير إلى أن "الملح متوافر بكميات هائلة تحت سطح المنطقة التي أجري عليها المسح الجيولوجي ومساحتها 680 ألف متر مربع وسمك هذا الملح 100 متر... وبالإمكان استخراج 250 مليون طن".

أما بالنسبة لتاريخ الاستيطان البشري في الصليف، فقد قام فريق البعثة الايطالية بقيادة ميغريت توزي ( M.Tosi ) بدراسة عصور ما قبل التاريخ في هذه المنطقة، وتوصل خلال موسمين من التنقيب الأثري 1986 -1985م إلى خصائص المستوطنات الساحلية في عصور ما قبل التاريخ التي تضمها منطقة الصليف، وتم اكتشاف قشور النعام وبعض آلات حجرية وخطاطيف سمكية وكسرات فخارية أرخت من خلال الراديو كربون للأصداف إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد.
3⃣
لصليف..
قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني


أ.د عبدالودود مقشر

لاحظت خلو كتب التاريخ والجغرافية والرحالة في عهد الدولة الرسولية، وما قبلها من ذكر الصليف كمسمى سائد، بل لم يرد في أشهر كتاب جغرافي يمني في النصف الأول من القرن العاشر الهجري / النصف الأول من السادس عشر الميلادي وأقصد كتاب (النسبة إلى المواضع والبلدان) لجمال الدين عبدالله الطيب بن عبدالله بن أحمد بامخرمة تـ(947هـ).

وتوصلت بعد دراسة أغلب كتب التاريخ والجغرافية اليمنية إلى أن أول ذكر ورد للصليف بدون تسميتها صراحة كان في مطلع القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي في عهد الدولة الطاهرية 858 – 923هـ / 1454 – 1517م في سياق رحلة الرحالة الإيطالي الشهير لودفيكو دي فارتيما ((Ludovico di Varthema وتسمى في رحلته بالحاج يونس المصري، والذي وصل إلى كمران في سنة 908هـ / 1503م ويصف الرحالة فارتيما الصليف بقوله: "ورأيت فيها أفضل أنواع الملح على الإطلاق، أنا شاهدت صناعته –استخراجه- على الجزء المقابل لجزيرة كمران في البر الرئيسي والذي يبعد عن الجزيرة ثمانية أميال بحرية"، لكن بدأ ذكر اسم الصليف يرد صراحة تباعاً في عهد الحكم العثماني الأول في فترتيه التاليتين وهما:
- حكم المماليك الجراكسة لليمن ( 923 – 944هـ / 1517 – 1538م).
- الحكم العثماني الأول (944 – 1045هـ / 1538 – 1635م).
يظل السؤال مطروحاً حول سببية ورود ذيوع واشتهار الصليف في العهد العثماني وخلوه عن بقية العهود التي حكمت اليمن، وأرى شخصياً أن بروز منطقة الصليف في العهد العثماني يرجع إلى الأسباب التالية:
أهمية الموقع الذي تتموضع فيه شبه جزيرة الصليف والذي يشكل عمقاً في البحر الأحمر كلسان بحري وجذر بري في ثنايا الأرض اليمنية.
التدمير شبه الكامل للموانئ اليمنية على يد القوى البرتغالية التي دمرت أغلب هذه الموانئ التي مرت بها ونزوح السكان منها.
المزايا التي ميزت الصليف –التي ذكرت سابقاً– وأهمها عمق ميناء الصليف الذي استقبل سفن الأسطول العثماني الضخمة في حين عجزت بقية الموانئ اليمنية القريبة من الصليف عن ذلك ومنها الحديدة.
ما تمتلكه الصليف من مناجم الملح وهو السبب الرئيس لاستخدام العثمانيين للصليف.
وأرى أن السبب الأخير وهو مناجم ملح الصليف هو الذي أعطى الصليف الأهمية لدى السلطات العثمانية، ومرد الأهمية هو استخدام الملح الذي يدخل كمادة رئيسية في صناعة البارود مع انتشار الأسلحة النارية الحديثة، وهو ما جعل اليمن مصدراً للبارود، فقد وردت في الوثائق العثمانية من السلطان العثماني إلى واليه على اليمن "حكم إلى بكلربكي اليمن، لما كنا قد سمعنا أن البارود يصنع في اليمن وأنه يوجد منه بقنطار اليمن 50 قنطار بارود فقد أمرنا تسليم البارود المذكور إلى أمير الحلة أحمد بك على أن يرسل إلى المخا ومنها إلى السويس ومصر وأن يصنع في كل سنة ألف قنطار. [18 جمادى الأولى 973هـ / 10 ديسمبر 1565م]"، وهو دليل واضح على أن الصليف كانت مصدراً مهماً لصناعة البارود وتصديره في الامبراطورية العثمانية، وهو ما يتجلى في جعل هذا الميناء موطأ قدم لأغلب الولاة العثمانيين ومنطلقاً لهم إلى أرجاء اليمن بعد التزود بالذخائر اللازمة من البارود.
لا شك أن الصليف ظهرت بشكل قوي وسريع كوريثة طبيعية لميناء الحردة، فأول ذكر ورد للصليف صراحة كان في جمادى الأولى سنة 932هـ / فبراير 1526م في كتب التاريخ اليمني وهو في كتاب (تاريخ الشحر) لمحمد بن عمر الطيب بافقيه، حيث قال: "وفيها – 932 هـ - يوم الأحد من جمادى الأولى [فبراير 1526م] وصل الأورام (أي العثمانيين) إلى زبيد صحبة مصطفى شلبي بن حسين بيك بن محمد مراد الطغرائي من بندر الصليف، وعند وصوله باب سهام وقع مطر عظيم جداً"، وقد ذكر المؤرخ العربي النهروالي في (البرق اليماني) أنه في نهاية هذا العام ذي الحجة 932هـ - سبتمبر 1526م –قدم الامير سلمان الرومي مرسلاً من قبل الدولة العثمانية بحملة عسكرية لاسترجاع اليمن من مصطفى بك ووقعت المعركة بينهما في الصليف وكانت النتيجة هروب مصطفى بك وهزيمته، ونفس الرواية يوردها المؤرخ ابن داعر في (الفتوحات المرادية)، ثم ذكر بافقيه في تاريخه ضمن حولياته: "وفي اليوم الثاني من شهر شوال – 945هـ / 21 يناير 1539م– أخذ الباشة الطواشي زبيد من غير قتال ولا سبب بل أدوا له الطاعة الأتراك الذي فيها، وأميرهم الناخوذا أحمد... قلت: قال باسنجله وهو الاتابكي وقاتل معه جماعة، وكان مصطفى بيرم الذي دخل الهند جعله أميراً في كمران وجعل اسكندر موز أميراً بزبيد، فلما توفي الأمير اسكندر موز جعل الناخوذا أحمد محله والأمير الذي جعله بزبيد يسمى مصطفى وسمّاه باشة اليمن وهو أول من سمي باشة اليمن وخلف عنده ألفين من العسكر وبهرام بقي في عدن على حاله وسار بأولاد اسكندر موز معه فلما وصل إلى الصليف قرية جزيرة كمران...".
4⃣

#الصليف..
قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني

أ.د عبدالودود #مقشر

بدأت الصليف تعاود الظهور من جديد، وتحتل مكانة استراتيجية في خارطة ولاية اليمن العثمانية، لكن بداية العلاقة العثمانية مع الصليف اختلفت، فقد ذكر الكابتن بلايفير Playfair أن قوة عثمانية "استطاعت أن تحتل الصليف بهجوم سريع، وذلك في يناير1851م (ربيع أول 1267هـ)، وقد صاحب هذا الهجوم أعمال بلغت الغاية القصوى في القسوة، وتم أخذ مائة وعشرين من الشخصيات الشهيرة من سكان المدينة، وتم نفيهم إلى جزيرة كمران ".

لكن العثمانيين سرعان ما أدركوا الأهمية الاقتصادية لمناجم الصليف في بُعدها الجديد، فـ"في سواحل تهامة عدة مناجم أخصها الصليف، وهي عظيمة، ملحها صخري فريد في نقائه وجودته وغزارته، وقد كانت هذه المملحة تستغل في عهد العثمانيين وتدر وارداً قيل إنه كان يبلغ مئتي ألف ذهب عثماني إلى خربتها الدوارع الإنكليزية خلال الحرب العامة (الحرب العالمية الأولى)، وحطمت مبانيها وآلاتها، فلم تعد تقوم لها قائمة"، فمناجم الملح استغله العثمانيون في عهدهم للأغراض التجارية، وكانت مناجم الصليف مستغلة من قبل العثمانيين على نطاق واسع قبل الحرب العالمية الأولى، وذكر مؤرخ معاصر لتلك الفترة، وهو القاضي حسين بن أحمد العرشي في كتابه (بلوغ المرام) أنه: "قد كان الترك في حين كانت الصليف بأيديهم، يستخرجون الملح من مملحتها بمقادير هائلة ويبيعونها في داخل اليمن وخارجه، وأما اليوم –وقد غادرها العثمانيون– فقد أهمل شأنها، وأخذ الأهلون يتزودون منها لطعامهم ما يشاءون بلا حرج ولا مانع".

اهتم العثمانيون بالصليف اهتماماً خاصاً فمدّوا إليها خط السلك البرقي، وهو الخط الرابط بين الحديدة واللحية والمتفرع منه إلى الصليف ليسير من هناك إلى جزيرة كمران، وربطوا الصليف إدارياً بقضاء الحديدة رأساً "فكانت نفس مدينة الحديدة تشكل قضاءً مستقلاً مع الصليف وما جاورها"، لكن وجد في يمن سالنامة 1313هـ أن الصليف مديرية مستقلة وهي "صليف مملحة مديريتي" ولها مدير عثماني هو داود أفندي وباش كاتب، وتعزيزاً لأهمية الصليف عُدّت من المناطق العسكرية البحرية ضمن المنطقة الأولى الممتدة من المخا إلى الصليف وبداية للمنطقة الثانية الممتدة من الصليف إلى الوسم.

فقد اهتمت الدولة العثمانية بالبحث عن موارد تغذي خزينتها العامة، فكانت مناجم الصليف للملح الصخري من أهم هذه الموارد، ودرت عليها مبالغ ضخمة، كما يتضح من خلال لائحة القاضي العثماني محمد خليل أفندي والذي تولى رئاسة محكمة الاستئناف الجزائية باليمن في الثالث من شوال 1296هـ / 19 أغسطس 1879م وقدّم لائحة اعتمد فيها على الوثائق الرسمية لولاية اليمن والسجلات الإحصائية للدولة العثمانية، فذكر أن ممالح اليمن، ويقصد بها مناجم الملح في الصليف تنتج 726,173 كيلو ملح ضريبتها 272,314 قرشاً، وفي سنة 1879م ذكر أن اليمن أنتجت 10,958,442 كيلو جراماً بقيمة إجمالية تتجاوز 6,162,195 قرشاً، وأن مقدار ما تستهلكه اليمن من الملح لا يتجاوز 2,107,467 كيلو جراماً بقيمة مالية تصل إلى 666,462 قرشاً.

خضعت الدولة العثمانية من الناحية المالية لما عرف بالإدارة العمومية للدين العام العثماني Ottoman Public Debt Administration (OPDA) فقد أدى إعلان الدولة العثمانية لإفلاسها في 1292هـ / 1875م وعدم قدرتها على الوفاء بديونها وفوائدها للدول التي أقرضتها تلك الديون إلى دفع الدائنين للمطالبة بحقوقهم وإلزام الدولة بتقديم ضمانات لهم، ونتيجة لضغوط تلك الدول ارتأت الدولة أن تشكل لجنة مالية مؤلفة من ممثلين عن فرنسا، وبريطانيا، والنمسا، والمجر، وإيطاليا، ومن خمسة مندوبين عثمانيين لمناقشة تلك الديون وآلية سدادها، واستطاعت اللجنة في 28 محرم 1299هـ / 8 ديسمبر سنة 1881م أن تتوصل إلى تأسيس هذه الإدارة التي عرفت بلجنة إدارة الدين العام العثماني على أن تكون مستقلة تماماً في جميع ما يسند إليها من مهام من دون أي تدخل من الحكومة، وكان أهم ما أنيط بها من أعمال جمع فائض الإيرادات من مناطق الدولة العثمانية، ومراقبة صحة دفع الفوائد والديون، والعمل على تحسين إدارة الإيرادات الموضوعة تحت تصرفها وبدون حدود وكتابة التقارير عن أوضاع المناطق التي تحت إشرافها، وضعت الدولة لعثمانية جزءاً من مقدراتها الاقتصادية في ولاية اليمن تحت التصرف المطلق لهذه الإدارة ومنها الصليف ومناجمها والتي كان يستثمرها العثمانيون أحسن استثمار وصنف ملحها بين أفضل أنواع الملح في العالم.

وجدت أن الوثائق العثمانية تابعت باهتمام مجريات تطوير مناجم الملح بالصليف وتوسعة مينائها رغم وقوعها تحت الإدارة العامة للدين العام العثماني، ففي الاريشف العثماني وثيقة تحكي عن: "مضبطة من مجلس شورى الدولة:- أنه قد حدث شيء من التقدم في زيادة ملح التصدير من ملاحات صليف في اليمن، وأن ملح التصدير هذا يلقى قبولاً في كلكتا، وإذا وجدت طرق أخرى عدا الطرق المعروفة في تصدير الملح فإنه يمكن
#الصليف..
قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني (6)

أ.د عبدالودود مقشر

الدور العسكري للصليف في الحرب العالمية الأولى

الصليف.. قصة ميناء

اندلعت الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918م)، فكانت الإمبراطورية العثمانية قد أعلنت دخولها الحرب في ذي الحجة 1332هـ / أكتوبر 1914م ضمن دول الوفاق، والتي ضمت الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية ومملكة بلغاريا ضد دول الحلفاء المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وفرنسا والإمبراطورية الروسية وأيرلندا وأصبحت ولاية اليمن مسرحاً للعمليات العسكرية بين القوى المتحاربة، وخاصة الساحل التهامي اليمني المطل على البحر الأحمر وموانئه، فكانت الصليف ضمن الموانئ التي استهدفت ونالها القصف الحربي من البوارج البريطانية.
استمرت العمليات العسكرية البحرية والبرية البريطانية ضد الصليف ما بين شهر محرم 1333هـ / ديسمبر 1914م حتى شهر رجب 1337هـ / أبريل 1919م، فلقد شنت بريطانيا سبع عمليات بحرية من أسطولها الحربي ضد الصليف خلال فترة الحرب وبعدها بقليل، بالإضافة إلى محاولة قام بها بعض المدنيين لإطلاق سراح الأسرى البريطانيين، وجميع هذه العمليات باستثناء اثنتين منها كانت ترمي إلى إسكات المدافع التركية التي تهدد الحامية البريطانية في كمران وسجلها بدقة جون بولدري في كتابه الوثائقي (العمليات البحرية البريطانية ضد اليمن إبان الحكم التركي 1914 – 1919م)، فالغرض من الحرب من قصف الصليف ومحاولة احتلالها تتلخص فيما يلي:
محاولة التخفيف من الضغط العثماني والتي نجحت قواته في التوغل في عمق مستعمرة عدن البريطانية وخاصة بعد السيطرة على سلطنة لحج والشيخ عثمان، فقد "أحس الانجليز بمخطط الأتراك لاحتلال عدن ولكن الانجليز سارعوا سنة 1915م إلى ضرب الحديدة وبعض الموانئ اليمنية الأخرى مثل الصليف واللحية بمدافع الأسطول".
تدمير القوة الدفاعية العثمانية والتي كانت مسلطة على الحاميات البريطانية المحتلة لجزيرة كمران المقابلة للصليف.
منع تهريب الأسلحة والعتاد للقوات العثمانية وكذلك المواد الغذائية.
إيجاد موطئ قدم في الصليف للمحتل البريطاني للتوغل البري في اليمن.
استعدت الدولة العثمانية لتحصين الصليف وتلافي ما وقع لجزيرة كمران من هجوم بريطاني خاطف غير متوقع نتج عنه السيطرة على جزيرة كمران، وشدّ من عزيمة الدولة العثمانية الروح القتالية التي تميزت بها الحامية العثمانية وقائدها بالصليف، والدعم الشعبي في المنطقة، فقد ذكر الوشلي الاستعدادات العثمانية العسكرية فقال: "وفيه – رمضان 1333هـ / يوليو 1915م - ساقت الدولة أربعة مدافع كبار إلى قرية الصليف من مدينة الزيدية بعد وصولها من مناخة، وذلك لتحصين الصليف خوفاً من هجوم الإنجريز الذين قد استولوا على كمران".
هناك فجوة في التواريخ بين الأحداث التي أوردتها الوثائق البريطانية والمؤرخ المحلي وشاهد العيان الوشلي، فالقصف البريطاني على الصليف وتدمير البنى التحتية وتدمير المساجد والمنازل ومناجم الملح حدث لدى الوشلي في رمضان / يوليو لكنه في الوثائق البريطانية حدث في ذي القعدة / ذو القعدة، قال الوشلي بشكل مقتضب عن القصف البريطاني على الصليف: "وفي يوم الجمعة الحادي عشر منه – رمضان 1333هـ / 23 يوليو 1915م - أحرقت الإنجريز قرية الصليف وأخربت بيوتها ومساجدها بالمدافع"، وهو ما تورده المصادر البريطانية بتفاصيل دقيقة فقالت: "وفي سبتمبر 1915م [ شوال / ذو القعدة 1333هـ] قام الطراد أمبرس أوف راشيا مرة أخرى بعمل ضد الصليف بعد قصف شديد على كمران من جانب المدافع التركية صباح اليوم الثالث والعشرين من الشهر [15 ذو القعدة 1333هـ]، وكان الطراد أمبرس أوف راشيا قد وصل أمام الصليف ظهر نفس اليوم وفتح النيران على الأماكن التي يمكن أن يكون بها مدافع، وفي خلال خمس عشرة دقيقة توقف القصف التركي، وبعد ذلك الطراد أمبرس أوف راشيا إلى الخليج الواقع إلى الشمال من الصليف حيث أغرق كثيراً من الزوارق الشراعية، وفي المساء سمعت عدة انفجارات كبيرة آتية من الصليف ولحقت الملاحات خسائر كبيرة، فقد دمر مطحنان للملح وتقريباً الجزء الجنوبي من المدينة، وأربعة أكواخ في الشمالي، وأطيح بمدفع واحد كان على تل إلى الشمال من المدينة، وبدأت الحرائق في أجزاء كثيرة من المدينة، واستمر بعضها مشتعلاً طوال مساء يوم الثالث والعشرين، وفي الصباح التالي شوهد مدفع تركي آخر، لكن الطراد أمبرس أوف راشيا وهو على بعد حوالى 5-6 آلاف ياردة فشل في تدميره".
7⃣
#الصليف
الصليف.. قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني

أ.د عبدالودود #مقشر

الهجوم البريطاني ومحاولة تدمير رأس عيسى

يقع رأس عيسى على خط عرض (15 درجة و15 دقيقة) شمالاً وخط طول (42 درجة و36 دقيقة) شرقاً، في الشمال الغربي لمدينة ومحافظة الحديدة، يبعد بحوالى 60 كم شمال مدينة الحديدة على شاطئ البحر الأحمر.
تنسب إلى ولي الله تعالى القطب عيسى بن أحمد بن عمر الزيلعي العقيلي الهاشمي القرشي، وكان في القرن السابع الهجري، ومات غريقاً بالمنطقة التي نُسبت إليه والتي انقطع فيها عن العالم، فسميت بجزيرة عيسى، وأصبح قبره مباركاً مزاراً، واستوطنتها ذريته، وبرز من ذريته الشيخ العالم عثمان بن إبراهيم بن عمر بن أَحْمد بن أَبى بكر بن مُحَمَّد بْن عِيسَى بن احْمَد بن عمر الزيلعي، ولد بِجَزِيرَة عِيسَى من أَعمال اللّحيَة، أفنى كهولته وشيخوخته فِي طَاعَة خالقه وَكَانَ إمام الشَّرِيعَة والطريقة يفزع إِلَيْهِ النَّاس ويعظمونه لمكانته فِي الْعلم وَالْولَايَة، وَكَانَ سَمحاً فِي المأكل وَالْمشْرَب والملبس ورعا تقيا محافظاً على الطَّاعَات ملازما للجماعات، وَمَات فِي نَيف وَثَلَاثِينَ بعد الْألف من الْهِجْرَة، (البدر الطالع للشوكاني، جـ 2، صـ144)، ومرّ بها الرحالة الهندي العلامة رفيع الدين بن فريد الدين المراد آبادي وذكرها في كتابه (الرحلة الهندية إلى الجزيرة العربية) في سنة 1201هـ الموافق 1789م وسمع الكثير عن وليها عيسى بن أحمد الزيلعي ومناقبه.
ذكر المؤرخ اليمني التهامي إسماعيل بن محمد الوشلي تـ(1354هـ) هجوم القوات البريطانية على قرية رأس عيسى، إحدى قرى الصليف، وهي ميناء تجاري كان يستخدم في الحرب العالمية الأولى، فقال: "ثم في يوم الجمعة –غرة ذي القعدة الحرام 1333هـ / 9 سبتمبر 1915م- هجمت الانجريز على الجزيرة قرية الشيخ عيسى بن أحمد العقيلي، فأطلقت عليها الرمي بالمدفع فلم تصب شيئاً، واستولت على سبع من السواعي شاحنة من الطعام، والبز لبعض تجار الحديدة وأخذتها إلى كمران"، البز أي الأقمشة.
المقاومة اليمنية ضد الهجمات البريطانية
 
تعددت الهجمات البريطانية على الصليف والتصدي العثماني وبرزت المقاومة اليمنية ضد هذه الهجمات بل والمبادرة بالهجمات ضد القوات البريطانية، فقد "حدث اشتباك صغير أمام الصليف في 9 ديسمبر 1915م [ 2 صفر 1334هـ]، فقد أطلقت النار على السفينة لاما (Lama) بينما كانت تحاول تطويق عدد من الزوارق الشرعية، فردت النيران بالمثل ودمرت زورقين شراعيين، في بداية مارس 1916م [جمادى أول 1334هـ] أبحرت السفينة لاما من كمران للاشتباك مع مدفعين جبليين على التل الواقع إلى الشمال من الصليف، وكل ما أطلقته 42 قذيفة، وعندئذ وصلت السفينة انتربرايز (Enterprise) وأطلقت سبع قذائف، وهناك تقارير متعارضة بالنسبة لما حدث من تدمير: فقد ذكر القائد العسكري لكمران أن "النتائج لا يمكن تحديدها، ولكن يبدو أن التصويب كان محكماً"، بينما زعم القائد العام لجزر الهند الشرقية ومصر في تقريره إصابة مدفع واحد.
ذكر الوشلي هذه الحادثة لمحاولة الإنزال واحتلال الصليف وقوة المقاومة لها وفشلها وفرار الانجليز بعدها، فقال: "وفي يوم الأربعاء الثالث عشر من شهر صفر 1334هـ / 20 ديسمبر 1915م - أشرف بابور من بوابير الانجريز على قرية الصليف، وفيه جمع كثير من عسكرهم، وقصد إنزال العسكر الصليف، ورمى بالمدفع على من به من عسكر الدولة العثمانية؛ فقابلوهم بالمدفع من الصليف، ففر المركب هارباً إلى كمران بمن فيه، فتحرك قائم قام الزيدية ومعه نحو مائة نفر من القبائل إلى الصليف لنصرة من بها من العسكر لقلتهم، فرجعوا سالمين ولم يلقوا حرباً".
أورد الوشلي، بحكم قربه من الصليف، مجموعة من الأحداث غير مذكورة في التقارير البريطانية، ولكنها تعبر في مجملها عن مدى تأثير الحرب على الحياة العامة في اليمن، وخاصة تهامة اليمن، وضرب الحصار الشامل من قبل الحلفاء بقيادة بريطانيا على السواحل اليمنية حتى انهارت الحياة، وعمّت المجاعة، وانتشرت الأمراض في المجتمع، وحصلت هجرات جماعية من هذه الأوضاع، فقال الوشلي: "وفي هذا العام – 1334هـ / 1915 – 1916م- انقطع الإمداد للعساكر العثمانية من الطريق البحرية بأسباب الحروب الواقعة بينهم وبين الانجريز، فضربوا الحصار على هذا البحر اليمني، ومنعوا بوابير الدولة العثمانية من الوصول إلى اليمن، وقطعوا التلغراف الممدود من القسطنطينية إلى اليمن، فانقطعت بذلك الأخبار الدولية غيرها، والبضائع التي كانت تصل إلى السواحل اليمنية من الهند، والشام ومصر، وغيرها"، واشتداد الحصار ولجوء الناس إلى أكل أوراق الأشجار والنباتات من شدة الجوع وانتشار المجاعة.
8⃣

#الصليف..
قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني

أ.د عبدالودود #مقشر

لكن الحدث الأهم هو احتلال الصليف من قبل بريطانيا، ثم انسحابهم منها نتيجة –كما يؤكد الكاتب– للمقاومة اليمنية الشرسة التي أرغمت هذه القوات على الجلاء، أوردت أحداث احتلال بريطانيا أغلب المصادر، ومنها مشاركة الضابط البحري البريطاني الجنرال كونراد كاتو Cato Conrad في حرب الصليف وكتابه (THE NAVY EVERYWHERE ) والذي طبع في 1919م، ثم التقارير والصحف العالمية.

سرد كاتو وبولدري والذي اعتمد على الارشيف البريطاني وقائع احتلال الصليف فقال: "وقد وقع أهم عمل ضد الصليف بين يومي 12 – 14 يونيو 1917م [ 22- 24 شعبان 1335هـ] عندما استخدمت خمس سفن في محاولة لإزالة الموقع العسكري التركي، ففي خلال ليل 12 يونيو اتخذت السفن مواقعها وهي:
سفينة نورث بروك (Northbrook).
سفينة توباز (Topaze).
سفينة اشبيجل(Espiegle).
سفينة منتو (Minto).
سفينة أودين (Odin)تحت قيادة الكابتن بويل (Boyle).
جماعة إنزال من السفينة (Suwa).
فصيلة بحرية صغيرة من السفينة بيرث (Perth).

وعند الفجر، ذهبت جماعة الهبوط القوية المؤلفة من 250 رجلاً إلى الشاطئ بقيادة نائب الادميرالية وضابط في القوات البحرية البريطانية وودز (A.R.W.Woods)، وهاجمت موقع الصليف تحت غطاء من نيران مدافع السفن، ورغم أن المفاجأة كانت تامة، فقد تصدى الأتراك والعرب لجماعة الإنزال، وأيضاً فتحوا النيران على السفن، ولكنهم فشلوا في إحراز أي إصابة.. وفي الساعة الثامنة والنصف تم تطويق الموقع التركي من كل من الجانبين وأسرت الفصائل البعيدة عن المركز، وبعد ذلك بخمس عشرة دقيقة استسلمت الحامية، وقد قبض على ضابطين عسكريين وتسعة من المدنيين وثمانين جندياً من لواء المشاة السابع والخمسين ولواء المدفعية الثالث والعشرين، وثلاثين من المقاومة العربية اليمنية، وقد تم الاستيلاء على مدفعين جبليين من طراز كروب وثلاثة مدافع عيار بوصة واحدة من طراز نوردين – فيلدتس (Norden - Feldts) ذي المواسير الأربع وذخيرة ومستودعات وتبين أن مشروع السير جون جاكسون وشركاه (John Jackson and Co.,) والذي استخدم قبل الحرب في تحسين ميناء الصليف قد وجد أنه لا يمكن استخدام أدواته نتيجة فسادها ولكن كل أجزاء المكثف المفيدة قد نقلت إلى عدن، وأخيراً غادرت القوة البريطانية الصليف عند الغروب 14 يونيو.".

أما المؤرخ المحلي الوشلي فسرد الرواية العربية وتكاد تتطابق مع الرواية البريطانية فقال: "وفي يوم الأربعاء الثاني والعشرين منه –شعبان 1335هـ / 12 يونيو 1917م- هجمت خمسة بوابير للانجريز ونحو عشرين ساعية على قرية الصليف مشحونة بالعساكر والأسلحة النارية من آلة الحرب، فأنزلوا بها جموعاً كثيرة، وأخذوا مآمير (ضباط) الدولة العثمانية وعساكرها الموجودين بها، وأطلعوهم إلى البوابير، ثم سيّروهم إلى عدن، وفتحوا الحرب على أهل القرية بالمدافع العظام من البوابير، فضربوا عليها نحو مائة قلة (قذيفة مدفعية)، وبفضل الله لم تصب أحداً، ولم تخرب بيتاً غير ثلاثة أشخاص قتلوا، فاستولوا على المعقل الكائن بجبل الصليف".

لكن ما ميز المؤرخ الوشلي أنه رسم صورة لمأساة القصف البريطاني على الصليف والحالة الشعبية، فقد شرح تأثير ذلك الهجوم على الناس وفرارهم من القصف الشديد والذي طال كل شيء ودمرّ قرية وميناء ومناجم الصليف، ففرّ الناس جميعهم، أطفالاً ونساءً، ورجالاً أقوياء وضعفاء، أغنياء وفقراء، مات الكثير منهم من هول القصف البريطاني للصليف ومن شدّة العطش والجوع وصور ذلك في النص التاريخي التالي: "فخرج أهل الصليف فارين من ذلك الهول، فاستقبلوا في الطرقات يوماً حاراً، وأكثرهم ضعفاء ما بين نساء وأطفال وعاجزين وأقوياء، فهلك منهم بالظمأ والجوع خلق كثير في الطرق، فنسأل الله أن يعزّ الإسلام وأهله ويذل الشرك وأهله، ويقطع دابرهم".

ثم ذكر أن الانجليز انسحبوا بعدما علموا أن هناك حراكاً شعبياً تقوده حركة المقاومة اليمنية والدولة العثمانية لطرد المستعمر البريطاني من الصليف يقوده رجل دين وعلم بسلطة روحية صوفية شعبية هو محمد بن يحيى الأهدل فقال: "ثم إن الانجريز ألقى الله في قلوبهم الرعب بعد أن مكثوا بالصليف ثلاثة أيام فطلعوا بأجمعهم إلى البوابير، ولم يبق أحد منهم بالصليف، ولكن كان رجوعهم متوقعاً فقامت حمّية أهل الإسلام من الدولة العثمانية بسوق العساكر والأسلحة النارية كالمدافع الكبار وغيرها، وما زالوا يجتمعون بالزيدية والمنيرة والقمة محل بمعدن الملح، وفي خلال اجتماعهم بالمحال المذكورة جمع السيد العلامة منصب المنيرة محمد بن يحيى الأهدل جموعاً كثيرة من القبائل ثم أرسلهم إلى الصليف وأصحبهم بأولاد قبيلته، وساق من الماء والزاد ما يكفيهم، فدخلوا إلى الصليف واستولوا عليه ورتّبوا المعاقل التي به، والدولة في خلال ذلك تجمع العساكر والمدافع العظام حتى اجتمع منهم نحو خمسمائة نفر، ومن المدافع خمسة بالمنيرة والقمة معدن الملح وبينما هم على
وشبه جزيرة #الصليف قرب كمران وفرضة بلادها ابن عبّاس تتصل ببلاد #الزيدية من شماليها بلاد الزعلية والبعجا والخشم من بلاد اللحية ووادي مور ومن شرقيها جبل ملحان وبني سعد من أعمال المحويت.
ومن جنوبيها بلاد #القحري من أعمال باجل ، ومن غربيها البحر الأحمر وجزيرة كمران وهي في الأصل من أعمالها.
وفي الصليف معدن الملح الحجري الذي لا نظير له في العالم يشبه البلور في صفاء لونه وهو من المعادن الغنية وهذا المعدن شبه جبل في بطن الأرض والظاهر منه على سطح الأرض نحو مائتي قدم.
وشرقي الصليف معدن آخر للملح الحجري يشبه ملح مأرب ومنه يأخذ أهل تهامة وجبالها ما يحتاجون إليه من الملح.
ومن قرى بلاد الزيدية المشهورة قرية المنيرة و #القناوص وقرية #الضحي في بلاد الجرابح وفيها مركز ناحية #الجرابح.
ومن البلدان الخاربة بلدة #المهجم شرقي الزيدية فيما بينها وبين جبل ملحان لم يبق من آثارها غير المنارة القائمة في بقعة المهجم.
وفي #المهجم كان قتل الداعي علي بن محمد #الصليحي وأخيه عبد الله بيد #بني_نجاح في نحو سنة ٤٧٣ ، و #المهجم : من البلدان المشهورة في تهامة ، وكانت بلدة الزيدية قديما تعرف ببيت الفقيه الزيدية ثم حذف المضاف إليه وبقي اسم الزيدية ، والزيدية من قبائل #عك ، وفي قرية الضحي قبر الولي اسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن ميمون الحميري #اليزني نسبة الى ذي يزن أحد ملوك حمير عرف ب #الحضرمي ترجمه الجندي والأهدل والشرجي توفي سنة ٦٩٦ وله شهرة عظيمة في بلاد تهامة.
وفي #دير_عطا من قرى بلاد صليل قبر الولي أبو الغيث بن جميل المتوفى سنة ٦٥١ ترجمه الأهدل وغيره وله شهرة أيضا.
ومن قرى #صليل بيت حسين (١) نسبة الى الفقيه حسين بن عبد الرحمن
______
(١) ليست النسبة إلى الفقيه حسين بن عبد الرحمن الأهدل وإنما هي معروفة من قبله وتدعى (أبيات حسين)
397
أسماء بنت شهاب أم المكرم أحمد بن علي الصليحي.
ومن مشاهير بني الصليحي #الداعي_سبأ بن أحمد صاحب حصن #أشيخ قدم عليه ابن القم وزير صاحب #زبيد فمدحه وأجازه بجائزة سنيّة وأجاب على شعره بشعر بليغ فقال ابن القم :
ولما مدحت الهزبريّ ابن أحمد
أجاز وكافأني على المدح بالمدح 
وأبدلني شعرا بشعري وزادني 
نوالا فهذا رأس مالي وذا ربحي 

وبيت #الصليحي قرية من مخلاف العباسية من ناحية #الحدا.
#الصليف : شبه جزيرة من تهامة مقابل لجزيرة #كمران وفيه معدن #الملح العجيب ، وقد ذكر في ناحية #الزيدية إذ هو من أعمالها.
#صليل : من قبائل #عك في تهامة وقد ذكرت في الزيدية.
#ذو_صميم : من قبائل سفيان ثم من رهم.

(حرف الصاد مع النون وما إليهما)
#صنابح : قال ابن مخرمة : صنابح بضم الصاد المهملة بطن من #مراد ينسب إليها أبو عبد الله عبد الرحمن بن غسيلة بضم الغين وفتح السين المهملة تابعي جليل رحل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقبض صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في الطريق في الجحفة قبل أن يصل بخمس ليال أو ست فسمع أبا بكر وخلائق من الصحابة ، أخرج له مسلم في باب الدليل على صحة #إسلام من حضره الموت. انتهى ما ذكره ابن مخرمة.

قلت : وترجمة ابن الجوزي في «صفوة الصفوة» قال أسند عن أبي بكر الصديق ومعاذ بن جبل وعبادة في آخرين.
#صنعاء : أم قرى اليمن وهي كما وصفها الحاج أحمد بن عيسى الرداعي في أرجوزة الحج البديعة :
#صنعاء ذات الدور والأطام 
والقدم الأقدم ذي القدام 
والعز عن ذي السطوة الغشام 
أمست بعلم لابن نوح سام 
79
الباشة (١) النّشار ، وكان وصول النشار من الأبواب وقد ملك الباشة أزدمر #أبين و #أحور ، وبنى حصن المحل وحصن في #خنفر ، وكان عزله آخر السنة المذكورة عشرين ذي الحجة ، وعزم إلى الأبواب السلطانية من #الصّليف في ستة عشر خشبة إلى #سواكن يريد طريق البر إلى مصر.
______
(١) هو مصطفى النشار السابق ذكره أنظر البرق اليماني : ١٠٧.
الباشة (١) #النّشار ، وكان وصول النشار من الأبواب وقد ملك الباشة أزدمر #أبين و #أحور ، وبنى حصن المحل وحصن في #خنفر ، وكان عزله آخر السنة المذكورة عشرين ذي الحجة ، وعزم إلى الأبواب السلطانية من #الصّليف في ستة عشر خشبة إلى #سواكن يريد طريق البر إلى مصر.
______
(١) هو مصطفى النشار السابق ذكره أنظر البرق اليماني : ١٠٧.
349
#الصليف

د #مقشر
الصليف.. قصة ميناء منذ الاحتلال العثماني حتى الاحتلال البريطاني (6)
الدور العسكري للصليف في الحرب العالمية الأولى:

اندلعت الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918م)، فكانت الإمبراطورية العثمانية قد أعلنت دخولها الحرب في ذي الحجة 1332هـ / أكتوبر 1914م ضمن دول الوفاق، والتي ضمت الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية ومملكة بلغاريا ضد دول الحلفاء المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وفرنسا والإمبراطورية الروسية وأيرلندا وأصبحت ولاية اليمن مسرحاً للعمليات العسكرية بين القوى المتحاربة، وخاصة الساحل التهامي اليمني المطل على البحر الأحمر وموانئه، فكانت الصليف ضمن الموانئ التي استهدفت ونالها القصف الحربي من البوارج البريطانية.
استمرت العمليات العسكرية البحرية والبرية البريطانية ضد الصليف ما بين شهر محرم 1333هـ / ديسمبر 1914م حتى شهر رجب 1337هـ / أبريل 1919م، فلقد شنت بريطانيا سبع عمليات بحرية من أسطولها الحربي ضد الصليف خلال فترة الحرب وبعدها بقليل، بالإضافة إلى محاولة قام بها بعض المدنيين لإطلاق سراح الأسرى البريطانيين، وجميع هذه العمليات باستثناء اثنتين منها كانت ترمي إلى إسكات المدافع التركية التي تهدد الحامية البريطانية في كمران وسجلها بدقة جون بولدري في كتابه الوثائقي (العمليات البحرية البريطانية ضد اليمن إبان الحكم التركي 1914 – 1919م)، فالغرض من الحرب من قصف الصليف ومحاولة احتلالها تتلخص فيما يلي:
محاولة تحرير بعض الرعايا البريطانيين الذين كانوا بالصليف بصفة موظفين في الإدارة العمومية للدين العام العثماني، أو ممن كان يعملون في شركات المستر جون جاكسون المتحدة Sir John Jackson,s Coy. والتي كانت تعمل على بناء وتطوير ميناء الصليف، وهي شركات هندسية بريطانية كبرى أسسها المهندس السيد جون إدوارد جاكسون (4 فبراير 1851 – 14 ديسمبر 1919م) الرأسمالي والسياسي البريطاني، والذي نفذت شركاته مشاريع عملاقة في مجال الأحواض المائية والبحرية والسكك الحديدية والموانئ في كل من جنوب إفريقيا وسنغافورة وإسبانيا والصليف والتي من المفترض بناء ميناء ضخم لولا اندلاع الحرب العالمية الأولى، وزاد على ذلك أسر طاقم سفينة تجارية بريطانية كان من المفترض نقل الرعايا البريطانيين في الصليف قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى "وكان عدد من البريطانيين قد استخدموا في ملاحات الدين العام العثماني في الصليف، ومن أجل تأمين خلاصهم هبط القبطان هناك ومعه رجلان من سفينة كاواسجي دينشو التجارية (Cowasjee (Dinshaw والسفينة وودكوك ((Woodock في 7 ديسمبر 1914م [20 محرم 1333هـ]، لكن العثمانيين، مع ذلك، قبضوا عليهم واحتجزوهم، وقد بحثت الادميرالية عندئذ إمكانية تأمين إطلاق سراح الموظفين البريطانيين في الدين العام العثماني ((O.P.D وطاقم السفينة وودكوك لكن الضابط البحري الأول نصح بأن ذلك لا يمكن إنجازه"، وهو ما أكده المؤرخ اليمني التهامي الوشلي في كتابه (نشر الثناء الحسن) فقال: "وسبب ذلك أن بابوراً من بوابير الإنجريز يسمى القهوجي وصل إلى كمران، ولمّا قرب منه رمته عسكر الدولة العثمانية بالدفع من الصليف بقلة – قذيفة – وقعت في البابور ولم تؤثر فيه شيئاً، فجاء بابور كبير للإنجريز غاية في القوة والسعة فوجّه الرّمي على الصليف فأحرق نحو النصف من بيوته، وجميع هذا وقع في يوم واحد، فخرج أهل الصليف هاربين بالأرواح فقط أسأل الله أن يدمر الكفر وأهله ويقطع دابرهم، وكان وصول بوابير الإنجليز متظافرة مع تباعدها لأن معهم السلك الهوائي، فعند انفتاح الحرب جرت المخابرة بأسرع من طرفة عين في البوابير."وهكذا ارتكبت بريطانيا جائم حربية يندى لها جبين الإنسانية، بقصف منازل من قشاش وحجارة بأسطولها الحربية فاستشهد المئات من أبناء الصليف.
محاولة التخفيف من الضغط العثماني والتي نجحت قواته في التوغل في عمق مستعمرة عدن البريطانية وخاصة بعد السيطرة على سلطنة لحج والشيخ عثمان، فقد "أحس الانجليز بمخطط الأتراك لاحتلال عدن ولكن الانجليز سارعوا سنة 1915م إلى ضرب الحديدة وبعض الموانئ اليمنية الأخرى مثل الصليف واللحية بمدافع الأسطول".
تدمير القوة الدفاعية العثمانية والتي كانت مسلطة على الحاميات البريطانية المحتلة لجزيرة كمران المقابلة للصليف.
منع تهريب الأسلحة والعتاد للقوات العثمانية وكذلك المواد الغذائية.
إيجاد موطئ قدم في الصليف للمحتل البريطاني للتوغل البري في اليمن.
بدأت العمليات الحربية البريطانية ضد القوات العثمانية في الصليف عقب رفض قائد الحامية العثمانية الاستسلام، فجزيرة كمران دخلتها القوات البريطانية بسلام بغير حرب ولا قتال بعد استسلام الحامية العثمانية في يوم الأربعاء 27 رجب 1333هـ / 9 يونيو 1915م، وتصورت القوات البريطانية أن الأمر نفسه سينطبق على الصليف، فـ"بعد أن أنزل الطراد أمبرس أوف راشيا Empress of Russia حاميات في جزر حنيش وزقر وكمران في 8 – 9 يونيو 1915م [26 – 27 رجب 1333هـ]،