اليمن_تاريخ_وثقافة
11.6K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
سبع تجارب #نسائية رائدة في #الغناء #اليمني
في المجابهات الباكرة لتعنيف المجتمع لغناء النساء

محمد عبدالوهاب #الشيباني

 تشابهت كثير من ظروف الإعاقة لمطربات يمنيات في المحاولات الأولى لهن في تقديم أنفسهن كأصوات غنائية، ولولا إصرارهن القوي على مواصلة السير في الطريق الشاق والوعر لما صمد ووصل إلينا إرثهن الطربي.
    العيب والمحرَّم كانا المتلازمة العائقة لهن من قبل الأسرة والعائلة والمجتمع، الذين تنتمي إليهم هذه المطربات، لكنهن خضن غمار المواجهة الصلبة، في الشمال والجنوب، مع جدار العزلة والمحافظة والتحريم الذي أحاطهن. خضن هذه المواجهة إما عُزّل تمامًا، فدفعن ثمن ذلك تنكيلًا وقهرًا من الأسر والأهل، أو أنهن وجدن مساندة محدودة من الآباء، فتعرضوا بدورهم للمقاطعة من محيطهم العائلي، لكنهم وفروا الكثير من الحماية لبناتهم، لإيمانهم القوي بدور الفن في "أنسنة" الطبائع الخشنة في محيطهم المغلق.
     هذه خلاصة قراءة في تجارب، وسِيَر أصوات غنائية نسوية يمنية خلال خمسين عامًا في شمال اليمن وجنوبه، احتواها كتاب الباحث يحيى قاسم سهل، الصادر مؤخرًا عن دار الصادق بصنعاء، وحمل ذات العنوان: "الأصوات الغنائية النسوية في اليمن 1950–2000"، الذي تكمن أهميته في طابعه التوثيقي؛ وإن صدوره في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ اليمن واليمنيين هو بمثابة الرد البليغ على تجريفات الهوية الثقافية والحضارية، التي يزاولها عصبويو المذهب والمنطقة والقرية.
     القصص والحكايات التي روتها الفنانات في مقابلات صحافية، أو التي رواها عنهن باحثون وكتاب، جديرة بأن تدرس، كوجه من أوجه مقاومة النساء لحالة العزلة والتسلط التي فرضت عليهن في مجتمع محافظ، يحطُّ على الدوام من شأن المرأة، ويستنقص من مبادراتها في عملية التحول، لأنها، حسب التعليل الذكوري المسنود بقاعدةٍ ذات ترويج فقهي متعصب، "ناقصة عقل ودين".
     معاناة الفنانة "نبات أحمد" بدأت مع إصرارها على الغناء حين كانت ترافق أختها الفنانة "روضة أحمد"، وبالرغم من قناعتها بأن صوتها كان عاديًّا وغير جاذب، إلا أن الفنان "محمد العوامي" وقف إلى جانبها، ودعم تسجيل أغنية لها وأغنيتين لأختها، وتقول عن ذلك: 
     "كنت هاوية للغناء لدرجة لا تصدق مع أن صوتي ليس جميلًا، ولم أكن أفكر أني سوف أكون فنانة مشهورة. كان تفكيري منحصرًا في كيف أغني وبس، والبداية كانت مع الأخت روضة، التي كانت في تلك الفترة معروفة بصوتها الحلو الجميل، فقد كنت أرافقها إلى الحفلات وداخلي إصرار على الغناء، وفي إحدى الحفلات دخلت روضة تغني، فقلت للعوامي وآخرين أريد أن أسجل أسطوانة، فقالوا لي: "أنت لا تنفعين للفن، فصوتك غير لائق"، فقلت لازم أغني وإن كان صوتي غير حلو، أريد أن أغني بالصميل، ويومها وقف إلى جانبي الفنان محمد العوامي، الذي تبناني، وقدم لي الأغنية والكلمات والألحان، وبعدها سمحوا لي أن أغني أغنية والأخت روضة أغنيتين، وكان عمري اثنتي عشرة سنة". [ص83]. 
     وحين علم أبوهما وأفراد عائلتهما بأنهما صارتا مغنيتين، قام بحبسهما لثلاثة أيام في المنزل، وأمام إصرارهما على مواصلة السير في الطريق الذي اختارتاه، رضخ الأب، لكنه فقد شقيقه إلى الأبد بالمقاطعة.
     في سن الخامسة عشرة تزوجت من الفنان "أحمد صالح الأبرشي"، الذي أراد احتكارها بكتابة الأغاني وتلحينها، وأثناء إقامتها معه في السعودية كان يغلق عليها باب الشقة، من شدة غيرته عليها، فلا تجد أمامها من تسلية سوى الدندنة على عوده، وحين كان يعود إلى الشقة ويراها ممسكة بالعود تعزف وتغني أغانيَ لفنانين معروفين، مثل الآنسي والسمة والسنيدار، بدأ بتعليمها العزف،  وكان يقول لها إنه سيعلمها العزف المتقن، حتى لا يعزف لها أي شخص غيره، حتى بعد موته. حسب ما روته للصحافي صالح الحميدي، في حوار نشرته الجمهورية الثقافية في 1998.
    بعد سنتين من وفاة زوجها الأبرشي بحادث سير، عادت إلى الغناء هذه المرة مع فرقة نسائية تسميهن "مجاوبات"؛ واحدة تعزف على الإيقاع والثانية على الدف، يجُبن المحافظات لإحياء حفلات الأعراس ويسجلن للإذاعة والتلفزيون، قبل أن تتزوج مرة أخرى في تهامة من ابن شيخ قبلي وتتوقف عن الغناء بطلب من زوجها، الذي سمح لها فقط في إحياء الحفلات النسائية، دون أن تظهر على الجمهور ولا في التليفزيون أو تسجل للإذاعة. لكنها بعد ثمانية عشر سنة من المنع تعود من جديد في محطة جديدة للتحدي، لكنها سترى نفسها غريبة في زحمة أصوات جديدة، وجمهور مختلف غير ذلك الذي كان يناديها، وهي تغني على المسرح بـ"سكّر نبات"، وهو نوع من أنواع السكر الصلب، الذي كان يُتناول بكثرة مع القات آنذاك.
وقف عبدالقادر باسودان، بكل صلابة إلى جانب خيار ابنته الشابة رجاء وموهبتها الفنية، في وجه العائلة في حضرموت وعدن، التي رأت في احتراف ابنتهم للغناء خروجًا فاضحًا على التقاليد الاجتماعية