7/7
لماذا فشلت وثيقة "العهد والاتفاق" بين البيض وصالح في اليمن؟ وحدثت الحرب !؟
#البيض كطرف فاعل !؟
فيصل #جلول
قصة انهيار الوحدة اليمنية وحقيقة الخلاف بين علي عبد الله صالح وسالم البيض
يجمع القسم الأكبر من خصوم وأصدقاء علي سالم البيض على القول بأنه شجاع ومصمم وعنيد. ويرى جارالله عمر أنه لا يجيد المناورة ولا يتراجع عن قرار اتخذه إن كان مقتنعا به، ولعله يزداد تصميما عندما يتصل الأمر بأذى شخصي. وللتذكير، نشير إلى بث كاميرات تصوير مجهرية في منزله في صنعاء، الأمر الذي أخرجه عن طوره، وذلك رغم نفي السلطات اليمنية لهذا الخبر.
سنقف على أثر هذا الجانب في شخصيته في الحراك السياسي الذي أطلقه بعد اعتكافه في عدن، وصولا إلى الحرب التي كان يؤكد أنه لا يريدها، وأنها ليست حلا لقضايا الخلاف مع شريكه في الحكم. وسيترافق حراكه السياسي مع تصريحات ومواقف تندرج كلها تحت سقف الوحدة.
أشرنا في الحلقة السابقة إلى استنفارات متبادلة بين حرسه وحرس الرئيس علي عبد الله صالح، كانت كافية لإقناعه باستحالة العمل مع الرئيس في مكان واحد، ناهيك عن التجسس على منزله وأخبار الاغتيالات والتهديدات التي ترده من الأصوليين والجهاديين، بل وصل الخطر إلى أولاده وأسرته على مقربة من عرينه في المنصورة في عدن، حيث تعرض أبناء البيض نايف وينوف وابن اخته كمال الحامد لمحاولة اغتيال في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 1993 أدت إلى سقوط كمال بوابل من الرصاص، ذلك أن كمال يشبه ينوف البيض وكان يقود سيارته فاعتقد القتلة أنه ابن البيض.
ستكشف التحقيقات الجنوبية أن القتلة مأجورون، ولديهم ارتباط بزعيم التيار الأصولي في صنعاء، لكن الحكومة اليمنية نفت هذه التأكيدات وتحدثت عن إرهابيين متضررين من الحكم الماركسي السابق. بعد أيام سيطلق مجهولون النار على منزل علي سالم البيض نفسه، فكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير، وقطعت كل أمل باستعادة الثقة مع الرئيس علي عبد الله صالح وبالعودة لإدارة الدولة بصورة طبيعية في صنعاء.
تزامن ذلك مع انهيار قاعدة العمل الجماعي التي اتفق عليها الطرفان، وهي عموما لم تطبق إلا في الشهور الوحدوية الأولى، ليبادر بعدها كل طرف إلى العمل بالطريقة التي تناسبه، لذا سافر البيض إلى الولايات المتحدة والتقى "أل غور" نائب الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، دون المرور بالسفارة اليمنية في واشنطن، في حين لم ينقطع علي عبد الله صالح عن ممارسة مهامه الرئاسية من دون التشاور مع نائبه.
أصرّ علي سالم البيض على البقاء في عدن حاضنته الطبيعية والامتناع عن العودة إلى صنعاء، رغم الوساطات والمحاولات المتكررة، وأهمها توقيع وثيقة "العهد والاتفاق" في العاصمة الأردنية عَمّان بإشراف الملك حسين، فكانت المحاولة الأخيرة لحل الأزمة اليمنية قبل اندلاع الحرب.
قبل التطرق إلى تفاصيل هذا الاتفاق لا بد من العودة قليلا إلى الوراء.
راهن البيض من خلال الاعتكاف على إعادة النظر بصيغة الاتفاق الوحدوي، الذي بات معطلا بحكم الأمر الواقع، وظلت حركته اختبارية حتى توقيع وثيقة "العهد والاتفاق". وتفيد مواقفه خلال تلك الفترة أنه كان متأرجحا بين تثبيت شروط إدارة الدولة بطرق دستورية، وصولا إلى الفيدرالية وربما الكونفدرالية، وكان الانفصال ما زال غير مطروح بعد من طرفه، وإن كان حزبه بغالبية أعضائه يريد العودة إلى ما قبل العام 1990.
نقل العاصمة إلى تعز أو جبلة
قبل الشهور القليلة التي سبقت الحرب، قطع علي سالم البيض كل الشكوك التي تحدثت عن نيته بالعودة إلى دولة الجنوب السابقة؛ إذ أكد في حديث صحفي "نحن الذين صنعنا الوحدة، لا يشرفنا أن يكون لنا موقف آخر" (الحياة اللندنية 30/ 10/ 1993).
ويشهد على الموقف نفسه حمود بيدر، أحد القادة الجمهوريين في شمال اليمن خلال لقاء مع الوسيط الأممي الأخضر الابراهيمي: "قلنا لعلي سالم البيض في 27 كانون الأول ـ ديسمبر 1993 صارت الوحدة ملكا للشعب، وليس ملكك وملك علي عبد الله صالح، فرد علينا بالقول: أنتم رفعتم في يوم من الأيام شعار الجمهورية أو الموت، وأنا أقول لكم الوحدة أو الموت. لما سمعنا هذا الكلام خرجنا من عنده مرتاحين" (من محضر لقاء مع الأخضر الإبراهيمي ورد في كتاب فيصل جلول ـ اليمن الثورتان الجمهوريتان الوحدة. دار الجديد. بيروت عام 2000).
حاول البيض التمسك بالوحدة الاندماجية، لكن بشروط جديدة أهمها نقل العاصمة من صنعاء إلى تعز أو جبلة، ونجد دليلا على ذلك في ما كشفه مؤخرا علي ناصر محمد في مذكراته: "التقيت علي سالم البيض في أبو ظبي، وكنت قد التقيت به في عمان في أثناء توقيع وثيقة "العهد والاتفاق". كان هو ومن معه ذاهبين إلى صلالة للقاء الرئيس علي عبد الله صالح.
لماذا فشلت وثيقة "العهد والاتفاق" بين البيض وصالح في اليمن؟ وحدثت الحرب !؟
#البيض كطرف فاعل !؟
فيصل #جلول
قصة انهيار الوحدة اليمنية وحقيقة الخلاف بين علي عبد الله صالح وسالم البيض
يجمع القسم الأكبر من خصوم وأصدقاء علي سالم البيض على القول بأنه شجاع ومصمم وعنيد. ويرى جارالله عمر أنه لا يجيد المناورة ولا يتراجع عن قرار اتخذه إن كان مقتنعا به، ولعله يزداد تصميما عندما يتصل الأمر بأذى شخصي. وللتذكير، نشير إلى بث كاميرات تصوير مجهرية في منزله في صنعاء، الأمر الذي أخرجه عن طوره، وذلك رغم نفي السلطات اليمنية لهذا الخبر.
سنقف على أثر هذا الجانب في شخصيته في الحراك السياسي الذي أطلقه بعد اعتكافه في عدن، وصولا إلى الحرب التي كان يؤكد أنه لا يريدها، وأنها ليست حلا لقضايا الخلاف مع شريكه في الحكم. وسيترافق حراكه السياسي مع تصريحات ومواقف تندرج كلها تحت سقف الوحدة.
أشرنا في الحلقة السابقة إلى استنفارات متبادلة بين حرسه وحرس الرئيس علي عبد الله صالح، كانت كافية لإقناعه باستحالة العمل مع الرئيس في مكان واحد، ناهيك عن التجسس على منزله وأخبار الاغتيالات والتهديدات التي ترده من الأصوليين والجهاديين، بل وصل الخطر إلى أولاده وأسرته على مقربة من عرينه في المنصورة في عدن، حيث تعرض أبناء البيض نايف وينوف وابن اخته كمال الحامد لمحاولة اغتيال في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 1993 أدت إلى سقوط كمال بوابل من الرصاص، ذلك أن كمال يشبه ينوف البيض وكان يقود سيارته فاعتقد القتلة أنه ابن البيض.
ستكشف التحقيقات الجنوبية أن القتلة مأجورون، ولديهم ارتباط بزعيم التيار الأصولي في صنعاء، لكن الحكومة اليمنية نفت هذه التأكيدات وتحدثت عن إرهابيين متضررين من الحكم الماركسي السابق. بعد أيام سيطلق مجهولون النار على منزل علي سالم البيض نفسه، فكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير، وقطعت كل أمل باستعادة الثقة مع الرئيس علي عبد الله صالح وبالعودة لإدارة الدولة بصورة طبيعية في صنعاء.
تزامن ذلك مع انهيار قاعدة العمل الجماعي التي اتفق عليها الطرفان، وهي عموما لم تطبق إلا في الشهور الوحدوية الأولى، ليبادر بعدها كل طرف إلى العمل بالطريقة التي تناسبه، لذا سافر البيض إلى الولايات المتحدة والتقى "أل غور" نائب الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، دون المرور بالسفارة اليمنية في واشنطن، في حين لم ينقطع علي عبد الله صالح عن ممارسة مهامه الرئاسية من دون التشاور مع نائبه.
أصرّ علي سالم البيض على البقاء في عدن حاضنته الطبيعية والامتناع عن العودة إلى صنعاء، رغم الوساطات والمحاولات المتكررة، وأهمها توقيع وثيقة "العهد والاتفاق" في العاصمة الأردنية عَمّان بإشراف الملك حسين، فكانت المحاولة الأخيرة لحل الأزمة اليمنية قبل اندلاع الحرب.
قبل التطرق إلى تفاصيل هذا الاتفاق لا بد من العودة قليلا إلى الوراء.
راهن البيض من خلال الاعتكاف على إعادة النظر بصيغة الاتفاق الوحدوي، الذي بات معطلا بحكم الأمر الواقع، وظلت حركته اختبارية حتى توقيع وثيقة "العهد والاتفاق". وتفيد مواقفه خلال تلك الفترة أنه كان متأرجحا بين تثبيت شروط إدارة الدولة بطرق دستورية، وصولا إلى الفيدرالية وربما الكونفدرالية، وكان الانفصال ما زال غير مطروح بعد من طرفه، وإن كان حزبه بغالبية أعضائه يريد العودة إلى ما قبل العام 1990.
نقل العاصمة إلى تعز أو جبلة
قبل الشهور القليلة التي سبقت الحرب، قطع علي سالم البيض كل الشكوك التي تحدثت عن نيته بالعودة إلى دولة الجنوب السابقة؛ إذ أكد في حديث صحفي "نحن الذين صنعنا الوحدة، لا يشرفنا أن يكون لنا موقف آخر" (الحياة اللندنية 30/ 10/ 1993).
ويشهد على الموقف نفسه حمود بيدر، أحد القادة الجمهوريين في شمال اليمن خلال لقاء مع الوسيط الأممي الأخضر الابراهيمي: "قلنا لعلي سالم البيض في 27 كانون الأول ـ ديسمبر 1993 صارت الوحدة ملكا للشعب، وليس ملكك وملك علي عبد الله صالح، فرد علينا بالقول: أنتم رفعتم في يوم من الأيام شعار الجمهورية أو الموت، وأنا أقول لكم الوحدة أو الموت. لما سمعنا هذا الكلام خرجنا من عنده مرتاحين" (من محضر لقاء مع الأخضر الإبراهيمي ورد في كتاب فيصل جلول ـ اليمن الثورتان الجمهوريتان الوحدة. دار الجديد. بيروت عام 2000).
حاول البيض التمسك بالوحدة الاندماجية، لكن بشروط جديدة أهمها نقل العاصمة من صنعاء إلى تعز أو جبلة، ونجد دليلا على ذلك في ما كشفه مؤخرا علي ناصر محمد في مذكراته: "التقيت علي سالم البيض في أبو ظبي، وكنت قد التقيت به في عمان في أثناء توقيع وثيقة "العهد والاتفاق". كان هو ومن معه ذاهبين إلى صلالة للقاء الرئيس علي عبد الله صالح.
#على_سالم_البيض
يخرج عن صمته ويكشف خفايا وأسرار الوحدة والانفصال وحرب الرفاق في الجنوب (1–2) :
- إعدام سالمين خطأ شنيع و إعدام مطيع كان بلا مبرر
- "تصفية القادة بدأت مع سالمين واستمرت لتشمل كل من خالف النهج "
- "رفضت إقالة سالمين ومحاكمته كانت شكلية"
- "علي ناصر أزاحني من اللجنة المركزية ومارس الفردية القاتلة"
- "عبدالفتاح وجماعته أشعلوا حرب 1979 ولم يقاتلوا فيها"
- "عودة عبدالفتاح من موسكو أربكت علي ناصر وزادت توتر الأجواء"
- "شعرنا بتدخلات السوفييت لتحويل قيادتنا إلى عملاء لهم"
#البيض يكشف المستور !
#الأمناء :
تغطّي سيرة الزعيم الجنوبي، علي سالم البيض، فترة مفصلية من الصراع داخل ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي قامت بعد الاستقلال عن بريطانيا عام 1967، واستمرّت حتى قيام الوحدة مع شمال اليمن في مايو/ أيار 1990. ويقدم البيض من موقعه القيادي في تلك التجربة روايته للخلافات بين رفاق الصف الواحد داخل الحزب الاشتراكي اليمني، الذي حكم الجنوب حتى قيام الوحدة بين الشطرين، ويكشف عن معلومات، للمرّة الأولى، عن تلك التجربة المهمة في الجزيرة العربية، ويضيء على تفاصيل الصراع، الذي بدأ بإعدام رئيس الجمهورية سالم ربيّع علي (سالمين) عام 1978، وانتهى بالحرب الأهلية في 13 يناير/ كانون الثاني 1986، بين جناحي علي ناصر محمّد وعبد الفتّاح إسماعيل الذي لقي مصرعه في تلك المواجهة، وتسلّم البيض القيادة في الجنوب.
حاور البيض وأعدّ المذكّرات الزميل بشير البكر، وتنشر "العربي الجديد" مقطعاً منها في حلقتين، وتصدر قريباً، في كتاب بعنوان "علي سالم البيض... الوحدة والانفصال"، عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان. وفي ما يلي تعيد "الأمناء" نشر الحلقة الأولى:
يشكّل إعدام رئيس اليمن الديمقراطي سالم ربيّع علي (سالمين) بعد أربعة أيام من الانقلاب عليه في 22 يونيو/ حزيران 1978 نقطة البداية في حرب الرفاق في اليمن الجنوبي، هل توافق على ذلك؟
- استسلم سالمين بعد ظهر اليوم الثاني على رفض قرار عزله، وقدّم نفسه إلى صالح أبو بكر بن حسينون (قائد عسكري وسياسي ووزير أسبق للنفط)، لأنه يثق به على المستوى الشخصي، وجرى إحضاره في المساء إلى اجتماع المكتب السياسي (في الحزب الاشتراكي)، حيث أجريت له محاكمة شكلية، وصدر بحقّه حكم الإعدام، وقد أعدم في الليلة نفسها، ومعه جاعم صالح، الذي يُعدّ خسارةً بكلّ المقاييس، لأنه شابٌّ مثقفٌ وأديب، لكن مشكلته الأساسية كانت البابوية، ولا يمكن أيضاً نسيان الشاب الآخر، الذي كان واعداً، وهو علي سالم لعور. وتعود محاكمة سالمين على وجه السرعة وإعدامه إلى الشعور بضرورة قطع دابر القتال الذي انفجر، فلو لم يصدُر القرار، ويُنفَّذه على وجه السرعة لاستمرّ القتال، لأن لسالمين أنصاره في أماكن كثيرة، وكانوا على استعداد للقتال حتى الموت، لكن حين يسقط القائد، يرمي المقاتل السلاح على العموم، وهذا ما حصل فعلاً.
كان الاعتقاد أنه رجّحت مصلحة البلاد على الاعتبارات الأخرى، لكن إعدام سالمين كان دلالة سيئة، لأنه أول حادث تصفيةٍ جسديةٍ لأحد قادة الجبهة القومية التاريخيين، وكانت بمثابة البداية لاعتماد مثل هذا الأسلوب في تصفية الحسابات السياسية في اليمن .
- ماذا كانت الآثار المباشرة لإعدامه؟
هناك من يعتقد أن سالمين دفع ثمن موقفه المتحفّظ على بناء علاقة استراتيجية مع الاتحاد السوفييتي. فهو كان يسير وفق توازن مع المحيط الإقليمي (السعودية)، والعربي (مصر)، والدولي (الاتحاد السوفييتي والصين). لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن اعتماده على الأتباع وتجاوز الحزب والدولة، كان الفاتحة في بدء الفساد وسوء الإدارة، ولم ينته الأمر بإعدام سالمين، بل تلاه طرد أتباعه من الجبهة القومية، ومن ثم بدأ الخلاف على الفور بين الاتجاهين اللذَين تحالفا ضدّه، وسرعان ما بدأت الخلافات بيننا وبين عبد الفتّاح إسماعيل بعد إعدام سالمين مباشرة. هم رشّحوا علي باذيب لمنصب رئيس الدولة، الأمر الذي يرجّح الرغبة السوفييتية، لأنه كان مسؤول الحزب الشيوعي - الجناح السوفييتي. وعلامة على الثقة الفائقة بالنفس، وثقل الدور الخارجي، احتفل الرفاق بتنصيبه قبل أن نحسم الأمر داخل الأطر والهيئات، ما أصاب بعضهم بالصدمة. لذلك بدأ الحديث عن ترتيباتٍ وسيناريوهاتٍ مرسومةٍ في الخارج، وعقدنا اجتماعاً في اليوم التالي. وبعد مشادّة جرى استبعاد باذيب، وأدّى ذلك إلى فتح باب الصراع بين عبد الفتّاح وعلي ناصر محمّد.
بعد يومين من النقاشات، توصلنا إلى تسويةٍ بتعيين عبد الفتّاح رئيساً للدولة وأميناً عاماً للحزب، وعلي ناصر محمّد رئيساً لمجلس الوزراء. وكان الاتجاه الأول على صلةٍ بالسوفييت، في حين أن الاتجاه الثاني لم يكن على صلةٍ بأحد.
يخرج عن صمته ويكشف خفايا وأسرار الوحدة والانفصال وحرب الرفاق في الجنوب (1–2) :
- إعدام سالمين خطأ شنيع و إعدام مطيع كان بلا مبرر
- "تصفية القادة بدأت مع سالمين واستمرت لتشمل كل من خالف النهج "
- "رفضت إقالة سالمين ومحاكمته كانت شكلية"
- "علي ناصر أزاحني من اللجنة المركزية ومارس الفردية القاتلة"
- "عبدالفتاح وجماعته أشعلوا حرب 1979 ولم يقاتلوا فيها"
- "عودة عبدالفتاح من موسكو أربكت علي ناصر وزادت توتر الأجواء"
- "شعرنا بتدخلات السوفييت لتحويل قيادتنا إلى عملاء لهم"
#البيض يكشف المستور !
#الأمناء :
تغطّي سيرة الزعيم الجنوبي، علي سالم البيض، فترة مفصلية من الصراع داخل ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي قامت بعد الاستقلال عن بريطانيا عام 1967، واستمرّت حتى قيام الوحدة مع شمال اليمن في مايو/ أيار 1990. ويقدم البيض من موقعه القيادي في تلك التجربة روايته للخلافات بين رفاق الصف الواحد داخل الحزب الاشتراكي اليمني، الذي حكم الجنوب حتى قيام الوحدة بين الشطرين، ويكشف عن معلومات، للمرّة الأولى، عن تلك التجربة المهمة في الجزيرة العربية، ويضيء على تفاصيل الصراع، الذي بدأ بإعدام رئيس الجمهورية سالم ربيّع علي (سالمين) عام 1978، وانتهى بالحرب الأهلية في 13 يناير/ كانون الثاني 1986، بين جناحي علي ناصر محمّد وعبد الفتّاح إسماعيل الذي لقي مصرعه في تلك المواجهة، وتسلّم البيض القيادة في الجنوب.
حاور البيض وأعدّ المذكّرات الزميل بشير البكر، وتنشر "العربي الجديد" مقطعاً منها في حلقتين، وتصدر قريباً، في كتاب بعنوان "علي سالم البيض... الوحدة والانفصال"، عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان. وفي ما يلي تعيد "الأمناء" نشر الحلقة الأولى:
يشكّل إعدام رئيس اليمن الديمقراطي سالم ربيّع علي (سالمين) بعد أربعة أيام من الانقلاب عليه في 22 يونيو/ حزيران 1978 نقطة البداية في حرب الرفاق في اليمن الجنوبي، هل توافق على ذلك؟
- استسلم سالمين بعد ظهر اليوم الثاني على رفض قرار عزله، وقدّم نفسه إلى صالح أبو بكر بن حسينون (قائد عسكري وسياسي ووزير أسبق للنفط)، لأنه يثق به على المستوى الشخصي، وجرى إحضاره في المساء إلى اجتماع المكتب السياسي (في الحزب الاشتراكي)، حيث أجريت له محاكمة شكلية، وصدر بحقّه حكم الإعدام، وقد أعدم في الليلة نفسها، ومعه جاعم صالح، الذي يُعدّ خسارةً بكلّ المقاييس، لأنه شابٌّ مثقفٌ وأديب، لكن مشكلته الأساسية كانت البابوية، ولا يمكن أيضاً نسيان الشاب الآخر، الذي كان واعداً، وهو علي سالم لعور. وتعود محاكمة سالمين على وجه السرعة وإعدامه إلى الشعور بضرورة قطع دابر القتال الذي انفجر، فلو لم يصدُر القرار، ويُنفَّذه على وجه السرعة لاستمرّ القتال، لأن لسالمين أنصاره في أماكن كثيرة، وكانوا على استعداد للقتال حتى الموت، لكن حين يسقط القائد، يرمي المقاتل السلاح على العموم، وهذا ما حصل فعلاً.
كان الاعتقاد أنه رجّحت مصلحة البلاد على الاعتبارات الأخرى، لكن إعدام سالمين كان دلالة سيئة، لأنه أول حادث تصفيةٍ جسديةٍ لأحد قادة الجبهة القومية التاريخيين، وكانت بمثابة البداية لاعتماد مثل هذا الأسلوب في تصفية الحسابات السياسية في اليمن .
- ماذا كانت الآثار المباشرة لإعدامه؟
هناك من يعتقد أن سالمين دفع ثمن موقفه المتحفّظ على بناء علاقة استراتيجية مع الاتحاد السوفييتي. فهو كان يسير وفق توازن مع المحيط الإقليمي (السعودية)، والعربي (مصر)، والدولي (الاتحاد السوفييتي والصين). لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن اعتماده على الأتباع وتجاوز الحزب والدولة، كان الفاتحة في بدء الفساد وسوء الإدارة، ولم ينته الأمر بإعدام سالمين، بل تلاه طرد أتباعه من الجبهة القومية، ومن ثم بدأ الخلاف على الفور بين الاتجاهين اللذَين تحالفا ضدّه، وسرعان ما بدأت الخلافات بيننا وبين عبد الفتّاح إسماعيل بعد إعدام سالمين مباشرة. هم رشّحوا علي باذيب لمنصب رئيس الدولة، الأمر الذي يرجّح الرغبة السوفييتية، لأنه كان مسؤول الحزب الشيوعي - الجناح السوفييتي. وعلامة على الثقة الفائقة بالنفس، وثقل الدور الخارجي، احتفل الرفاق بتنصيبه قبل أن نحسم الأمر داخل الأطر والهيئات، ما أصاب بعضهم بالصدمة. لذلك بدأ الحديث عن ترتيباتٍ وسيناريوهاتٍ مرسومةٍ في الخارج، وعقدنا اجتماعاً في اليوم التالي. وبعد مشادّة جرى استبعاد باذيب، وأدّى ذلك إلى فتح باب الصراع بين عبد الفتّاح وعلي ناصر محمّد.
بعد يومين من النقاشات، توصلنا إلى تسويةٍ بتعيين عبد الفتّاح رئيساً للدولة وأميناً عاماً للحزب، وعلي ناصر محمّد رئيساً لمجلس الوزراء. وكان الاتجاه الأول على صلةٍ بالسوفييت، في حين أن الاتجاه الثاني لم يكن على صلةٍ بأحد.