🌾 زادُ المُبَـلّـغـيـن 🌾

🔰 #العقيدة_الإسلامية

🪻 | ثقافة الانتظار |

     - النظرة العاميّة إلى المخلّص

◀ نماذج من النظرة العاميّة للمخلّص

        (أ) قيام خارج عن السنن الإلهيّة

         • الصورة المعنويّة في النظرة العاميّة

   بالإمكان أن نهب لهذه النظرة العاميّة صورة معنويّة، وذلك بأن نتصوّر أنّ قدرة الإمام (عجل الله فرجه الشريف) المعنويّة ستسوق الجميع صوب الانقياد إلى الله، أو أنَّه يحلّ جميع المشاكل بقوته الغيبيّة. فإنّ هذا الكلام لا يخلو من حكمة، وإنّ لحضور الإمام معنويًّا أثرًا بالغًا في عالم الوجود وفي جميع العوالم، ولكن ما معنى هذا الكلام في إطار النظرة العاميّة؟

   معناه أنّ نظرة الإمام وإرادته المعنويّة تؤدي إلى أن ينتاب الناس فجأة شعور جيّد، ويقول بعضهم لبعض مثلًا ومن دون مقدّمة: «يا له من شعور جيّد أحس به لإقامة الصلاة». ويقول آخر: «حصلت على ولع عجيب لا إرادي لقراءة القرآن». ويا له من جو مثاليّ خلّاب يسود الحياة!

   علما بأنّ نظرة الإمام المعنويّة تصنع المعاجز، ولا شكّ أنَّ ظهوره سيترك بالغ الأثر في النفوس المستعدّة، ولكن أين تكمن قواعد «النموّ والكمال»، ودور «العزم والأهليّة» في الإنسان؟ فلو كان المقرّر أن يستفيد الإمام (عجل الله فرجه الشريف) من قدرته المعنويّة لا غير، فإنّ النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) أولى منه بذلك. غير أنّ الله قال لنبيه: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾¹. فكيف عندئذ يقوم الإمام (عجل الله فرجه الشريف) بهداية الجميع من دون إرادتهم؟!

   وهل سيتكفّل الإمام (عجل الله فرجه الشريف) بذهابنا إلى الجنّة، والحال أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يتولّ ذلك؟ كيف أنّ الله سبحانه يقول لنبيّه في كتابه الكريم: ﴿إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾²، أو ﴿مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا البَلَاغُ﴾³، وفجأة تتغيّر وظائف الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وتختلف كيفية تطبيقها؟!

   إذًا فمن الخطأ أن نتصور بأنّ المراد من كون الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) مخلِّصًا للبشرية هو أنّه يظهر ويسوق الإنسان خارجًا عن الوظائف الملقاة على عاتقه، والمجتمع البشري خارجًا عن تركيبته الطبيعيّة، والتاريخ خارجًا عن السنن الإلهيّة، إلى الجنّة وإلى الوضع المنشود. هذا النوع من التفكير، تغافل عن الكرامة الإنسانيّة واستخفاف بالدين والسنن الإلهيّة التي لا تتبدّل. وبالتّالي سيكون مآله إلى انتظار عديم المسؤوليّة وعديم التأثير والجدوى.

   نعم، ورد في الرواية «إِذَا قَامَ قَائِمُنَا (عليه السلام) وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُؤُوسِ الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِها عُقُولَهُم»⁴، إلا أنّ فهم هذا الحديث يحتاج إلى رؤية عميقة، لا أن نُفسّر الرواية سطحيًّا ونتصوّر بأنَّ فعل الإمام سيُحدِث تغييرًا في طبيعة خلقة البشر خلافًا لجميع السنن الإلهيّة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. سورة القصص - الآية 56.
[2]. سورة فاطر - الآية 23.
[3]. سورة المائدة - الآية 99.
#توضيح: إنّ الحكومة الّتي تعدّ جزءًا من وظائف الأنبياء، تنضوي تحت نفس هدف الإبلاغ أيضًا. وباختصار، يمكن القول إنَّ الهدف الأساس من الحكومة في رؤية أولياء الله هو ضمان وصيانة الحرية والأمن والاستقرار للناس، حيث يتسنّى لهم بعيدا عن الجبر والقسر والظلم والجور أن يستمعوا قول الحقّ بكل هدوء واستقرار ويختارون طريقهم بحرية.
[4]. الإمام الباقر (عليه السلام)، كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص675.

✍ #الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الأول
🔸 #انتظار_العوام
🔸 ص18-19

#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM

❤2

160 views23:17