اليمن_تاريخ_وثقافة
11.6K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
مقهى " #الإبي" وصاحبه
سبعون عاما من ثبات المكان و تبدلات الأحوال في #تعز

محمد عبدالوهاب #الشيباني

بوفية الإبي مع صاحبها عبدالله الجرافي -تعز

أعمل منذ فترة ليست بالقصيرة على استكمال كتاب عن المقهى في اليمن (من النبذ إلى التمدن الصريح)، وقد توقفت في واحد من موضوعاته عند أشهر المقاهي التي ارتبطت بذاكرة المدن اليمنية الرئيسية ( عدن، الحديدة، تعز، صنعاء، المكلا) .. وفي تعز كان لمقهى الإبي وصاحبه عبد الله الجرافي  مساحة تليق  بتاريخه وتأثيره الثقافي والسياسي الذي بدأ قبل سبعين سنة.
ففي الذاكرة الثقافية والسياسية ليس هناك في تعز ما هو أشهر من هذا المقهى الذي تأسس في العام 1955 أسفل المدرسة “الأحمدية” بالقرب من باب المدينة الكبير، وتاليا عُرف الشارع  الذي تأسس فيه المقهى منذ 1962 بشارع 26 سبتمبر، وصارت المدرسة الأحمدية تعرف لاحقا بـمدرسة “الثورة”.

مبنى المدرسة التاريخي، الذي صمم بالطراز المعماري التقليدي اليمني، أزيل بقرار غير مسؤول، واستبدل بمبنى حجري حديث، وكان بالإمكان الحفاظ على طرازه القديم بالترميم والصيانة مع تكريس اسمه الجديد (مدرسة الثورة) بدون اسمه القديم. أما المقهى فلم يزل بموضعه وعلى حالته التي أنشئ عليها قبل سبعين عاما ، في مبنى حَجري بسيط مكون من دور واحد.
قبل الأذى الثالث
 احتفظ الجرافي من بقايا المبنى القديم من المدرسة على حجر منقوش عليه  شعار المملكة المتوكلية اليمنية ( السيف والنجمات الخمس) ويحتفظ به في مصطبة بجوار الباب،  يغطيه بطربال ثخين، حتى لا يتعرض الحجر لأذى ثالث، بعد أذى نزعه من جدار المدرسة أولا، وصعود سيارة دفع رباعي عليه (شاص) في حادث بجوار المقهى ثانياً، فناله من الحادثتين بعض التشوهات في معالمه الحفرية.
شهرة المقهى قامت على فعل صاحبه عبدالله الجرافي (الإبي) ، حين  لعب أدواراً أساسية في التخفيف عن طلاب المدرسة الذين حاصرهم عساكر الإمام داخل حجراتها، بعد خروجهم بمظاهرات جابت المدينة تشيد بأدوار الزعيم جمال عبد الناصر وأداوره القومية وتندد بسلطة الإمام المستبدة والمنغلقة في صيف 1962، حين كان، الجرافي، حلقة تواصل بين الطلاب وأحرار المدينة  وتجارها الذين كانوا يوفرون للطلاب المحاصرين الطعام والمال طيلة  وقت الحصار الذي امتد لأيام عديدة.
لم يكن المقهى ، وقتذاك، مجرد مكان للاستراحة من الحصص الدراسية أو الحلقات العلمية ،بل كان هو نافذتهم إلى العالم بواسطة الراديو العتيق الموضوع على رف قريب، حيث كانوا  يقضون جزء من وقتهم المسائي في الاستماع إلى إذاعة صوت العرب والبي بي سي  رغم ما كان يحوط بالمكان من آذان كثيرة، تنقل بكل ما يدور به إلى مقام العرضي وقصر صالة، غير أن الذي كان يشجعهم أكثر على التجمع فيه أن القبضة الأمنية  للسلطة الامامية كانت ترتخي بفعل المتغيرات المتسارعة في المنطقة واعتلالات الإمام 


 الصورة القديمة الشهيرة للمدرسة الأحمدية والتي التقطها المصور المرحوم أحمد عمر العبسي أوائل الخمسينات وتظهر في كثير من الأدبيات والوثائق عن مدينة تعز، بقيت معلقة في مقهى الابي لسنوات طويلة، بعد أن تحصل عليها  صاحب المقهى كهدية من محمد محمود أحد فتيان قصر الأمام المدللين، والذي ربطته بصاحب المقهى علاقة صداقة، فقد كان بن محمود( كما كان يطلق عليه العامة) يستقل سيارة بيك آب في أغلب المساءات ويحضر إلى المقهى عبر الطريق الاسفلتي الوحيد الذي يربط العرضي والجحملية بالمطار القديم لأخذ عصائر وبسكويت، كان يوفرها الإبي له بواسطة بعض التجار الذين يجلبون بضائعهم من عدن.. هذه الصورة، التي تظهر المنطقة المحيطة بالمدرسة ولا تزل حقولاً تحرث تقليدياً بالأثوار،  انتقلت بعد ذلك لصاحب استوديو "جاود" المجاور للمقهى فظهرت عليها تالياً العلامة الرمزية للأستوديو.
لم يكن المقهى الشعبي بالنسبة لطلاب المدرسة الأحمدية ، وقتذاك، مجرد مكان للاستراحة من الحصص الدراسية أو الحلقات العلمية يتناولون فيه المشروبات والمأكولات فقط ،بل كان هو نافذتهم إلى العالم بواسطة الراديو العتيق الموضوع على رف قريب، حيث كانوا  يقضون جزء من وقتهم المسائي في الاستماع إلى إذاعة صوت العرب والبي بي سي  رغم ما كان يحوط بالمكان من آذان كثيرة، تنقل بكل ما يدور به إلى مقام العرضي وقصر صالة، غير أن الذي كان يشجعهم أكثر على التجمع فيه أن القبضة الأمنية  للسلطة الامامية كانت ترتخي بفعل المتغيرات المتسارعة في المنطقة واعتلالات الإمام أحمد بعد حادثة محاولة اغتياله في مستشفى الحديدة في العام 1961.
بعد ثورة سبتمبر 1962 صار المقهى عنواناً لنخب المدينة والوافدين إليها من أدباء ومثقفين وسياسيين حزبيين، إذ كانوا يجلسون بالساعات على كراسيه الحديدية والخشبية يناقشون أحوال البلاد وهي تثب نحو الضوء، بعد قرون من العزلة والظلام، ولم تكن هذه النقاشات تخلو من الحدة والاختلاف التي تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي بين الأفراد الذين يتوزعون على اتجاهات سياسية مختلفة ( قومية ويسارية ودينية) كانت