اليمن_تاريخ_وثقافة
11.3K subscribers
143K photos
351 videos
2.19K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
وادي #مذاب

مذاب الوادي في الجوف ..
واحة من الاخضرار والغيول العذبة

محافظة الجوف تلك المحافظة المترامية الأطراف والتي كانت موقعا تمركزت عليه الكثير من الحضارات اليمنية القديمة وفي زيارة إلى إحدى مناطق الجوف قبل فترة من الزمن كنا فيها على موعد مع واد خصب وواسع يعد من اجمل وديان المحافظة وعلى مقربة من هذا الوادي ( مذاب) وجدنا بعض آثار لمواقع كانت شاهدة على حضارات سادت تلك المنطقة.

من صنعاء توجهنا صوب تلك المنطقة في مهمة لمعرفة حقيقة تعرض بعض تلك المواقع للنبش والتخريب وغياب تام لهيئة الآثار ، وصلنا إلى مدينة حرف سفيان تلك المدينة التي نالت نصيبا كبيرا من الدمار على مدى الحروب الست وحتى من قبل طائرات العدوان ، من حرف سفيان سلكنا طريقا من منتصف المدينة باتجاه اليمين وقبل الوصول إلى وادي مذاب شاهدنا واحة من الجمال تأسر الأفئدة منطقة غاية بالاخضرار تقع بين حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران ووادي مذاب التابع لمحافظة الجوف.
تعتبر محافظة الجوف من أهم المحافظات اليمنية وأكثرها ثراءً بالمعالم والمواقع التاريخية والآثارية فقد كانت مهداً للكثير من الحضارات التي شكلتها دويلات قديمة تنافست فيما بينها للاستيلاء على هذه المدينة ودارت على رحاها الكثير من الأحداث التي أسهمت وبشكل بارز في تنوع وعظمة التراث الذي تزخر به الجوف ولم يشفع لهذه المحافظة مدى ما تحويه من ثراء حضاري لتنال ما تستحقه من الاهتمام والرعاية وظلت في غياب تام عن البرامج التنموية بشكل عام ولا تزال مغلقة أمام السياح والباحثين المهتمين بالتاريخ وبدون الجوف يظل هناك الكثير من تاريخ اليمن لا يزال مجهولاً أو مطموراً تحت الأرض .
وادي مذاب الواقع في برط المراشي إحدى مديريات محافظة الجوف ومذاب منطقة واسعة جدا مترامية الأطراف برغم أنها تحوي عدداً من السكان الذين استوطنوا هذه الأرض حديثا إلا أنها تفتقر إلى أبسط الخدمات ويخيل للزائر أنه يعيش في عصور مضت منذ مئات السنين باستثناء بعض المظاهر المستوحاة من العصر الحديث فلا مدرسة ولا مركز صحي والطريق معبد بواسطة الأهالي ولا يزال يشكل وعورة في بعض المناطق تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع سنوردها على لسان بعض السكان هناك .
محاولات نبش
تعتبر هذه المنطقة. آخر نقطة في محافظة الجوف تفصل بينها وبين محافظة عمران تحديدا مديرية حرف سفيان التي نتجه منها عبر خط اسفلتي يربط بينها وبين برط التي تحوي ثلاث مديريات برط العنان وبرط المراشي رجوزة وبعد خروجنا من مديرية حرف سفيان بكيلومترات قليلة عبر الخط الاسفلتي إلى برط نتجه إلى منطقة وادي مذاب يسارا عبر طريق معبدة وعلى جنبات الطريق رأينا العديد من المقابر القديمة والقبور المبعثرة هنا وهناك رافقنا عدد من الساكنين في تلك المنطقة كمرشدين سياحيين لنا وعلى رأسهم الأخ محمد بن ناجي شريفة وجميعهم رافقونا إلى المناطق والمواقع التي يعتقد أنها تحوي معالم أثرية قديمة وهذه المنطقة من وادي مذاب تسمى « مقارض» ولهذا الاسم دلالة وهو اسم قديم اطلق على هذه المنطقة التي تحوي الكثير من القرى ذات الأسماء القديمة ومقارض جمع قرض وهي شجرة كانت مشهورة قديما حسب ما يقوله كبار السن هناك وهي شجرة تشتعل بالنار أكثر من الغاز ويقول كبار السن إنها كانت تستخدم قديما لاستخراج الذهب والفضة من الأحجار وفعلاً وجدنا من تلك المنطقة بقايا أفران مدفونة تحت الأرض والرماد يظهر بجلاء في إحدى الحفر الموجودة هناك وهذه الحفر محاطة بأحجار مبنية بشكل جيد ويوجد إلى جانبها الكثير من الأشياء الملفتة للنظر عبارة عن أحجار مرصوفة بشكل جيد ومربعات لا زالت بقاياها ماثلة للعيان وغيرها وبالقرب من هذه المواقع توجد مقبرة ذات بناء دائري الشكل ، ولهذا يقول  شريفة : إن هذا المواقع كانت عبارة عن سوق كان مزدهراً في عصور سابقة لا سيما في عهد الحميريين وهذا متوارث عبر الأجيال حول هذه المنطقة سمعه الكثير من آبائهم وأجدادهم وكانت هذه المنطقة طريقاٍ تجارياً هاماً بل كانت ملتقى لطرق كثيرة كونها تمثل منطقة حدودية بين ثلاثة اتجاهات أو محافظات « الجوف - عمران - صعدة » والتي لا تبعد عنها سوى مسافات قصيرة . أشكال وزخارف قديمة وبالقرب من تلك المنطقة يوجد مجرى للسيول يحوي هذا المجرى على أشكال حجرية بحجرت بأشكال تشبه السلاحف بالإضافة إلى وجود نقوش قليلة ورسوم رسمت على قاع هذا الوادي وبعد أن اجتزنا مجرى السيول وصلنا إلى منطقة ذات ارتفاع بسيط فيه صخور تحوي بعضها مجموعة من الزخارف والنقوش عبارة عن رسومات لغزلان وسيوف وكذا رسوم لجمال بالإضافة إلى رسم كف وقد تعرض هذا الموقع لنبش من قبل مجهولين لكن هذا النبش لم يؤثر كثيراً لأن بعض الأهالي أدركوا هذه العملية التي حدثت في وقت متأخر من الليل قبل أشهر أطلقو
ا النار باتجاههم الأمر الذي جعل أولئك المعتدين يلوذون بالفرار وهذه الرواية سمعناها من عدد من الأهالي الذين أكدوا أنهم سوف يحمون تلك المواقع من أي اعتداء أو عبث إلا أنهم حثوا الدولة ووزارة الثقافة وهيئة الآثار أن يقوموا بواجبهم إزاء حماية هذه المواقع والعمل على دراستها والتنقيب فيها وإجراء المسوحات الأثرية اللازمة والتأكد هل هذه المواقع أثرية أم لا.
وأوضح الأخ بن شريفة أن هناك أماكن متفرقة ومتباعدة تعرضت للنبش قبل فترة  من قبل مجهولين كانوا يأتون في أوقات متأخرة من الليل ويعتقد أن هؤلاء يأتون للنبش في أماكن محددة سلفا وفق خرائط قديمة فهناك مواقع لا أحد يستطيع التعرف على أنها مواقع قديمة لأنها أصبحت أرضاً عادية لا يوجد بها معلم أو شيء يدل على أنها أثرية مثلا وجدنا على أرض كنا نعتقد أنها عادية آثارا لتراب محفور اتجهنا إلى هناك فوجدنا حفرة مبنية بشكل متقن وقديم نبشت لكن الذي قام بالنبش لم يكمل الحفر فطلع عليه النهار قبل أن يكمل فمن الذي أدراه بهذه الحفرة المبنية التي طمرت بالتراب فأصبحت وما جوارها وكأنها أرض عادية جدا وبعد هذه الحادثة أصبحنا والأهالي حريصين أكثر حتى في الأوقات المتأخرة من الليل .
حصن مياق
وبالقرب من هذه المواقع توجد تلة أشبه بحصن ترتفع عن سواها من المواقع بشكل كبير وهذه التلة تعرف باسم «تلة مياق» أو قرن « مياق » حيث يعتقد الأهالي أن هذا الموقع كان يحوي قلعة حصينة لإحدى أميرات الحميريين والمعروفة باسم « مياق » إلا أننا وعند صعودنا إلى تلك التلة وجدنا أنها تغيرت بشكل كبير فالأحجار تحولت من أماكنها ولا يوجد ما يدل على أنها كانت قلعة أو بقايا قلعة بحسب ما قاله أحد الاختصاصيين في مجال الآثار والذي كان معنا في هذه الرحلة الأخ عبدالتواب المشرقي الذي أكد أن المنطقة بكاملها قديمة جدا وربما يعود تاريخها إلى ما قبل الحميريين والدليل على ذلك أن النقوش والزخارف التي وجدناها عبارة عن مخربشات وهذه المخربشات تسبق عصر الكتابة بزمن بعيد وهي أقدم وفي العهد الحميري كانت الكتابة قد وجدت وكانوا أهل علم وثقافة وحرف وغيرها . ويؤكد أخصائي الآثار أن الاحتمال الكبير هو أن هذه المواقع تعود إلى العصر البرونزي وما يدل عليها هو تلك المقابر والبنايات التي تبنى على شكل دائري .
غيول للمياه العذبة
بعدها اتجهنا إلى سائلة وادي عشر حيث غيول الماء العذب والتي أصبحت تجاورها مزارع عامرة خضراء نظرة تزرع الدخن والذرة وحتى القطن وهذا الغيل لا يجف أبداً إلا عندما يشتد الشتاء كثيرا ومع هذا وبواسطة الحفر لعدة سنتيمترات يوجد الماء ولكن كما يقول الأهالي أنهم يفتقدون إلى المعدات الحديثة والوسائل المناسبة للري والتي من خلالها يتم استغلال مياه الغيل ودعوا الصندوق الاجتماعي للتنمية إلى الإسهام معهم في هذا المجال ومساعدتهم بوسائل ري حديثة وكذا في عملية الزراعة حيث والمنطقة بحاجة ماسة إلى هذه الخدمات كونها أراضٍ زراعية خصبة مهددة بالجرف من السيول العارمة التي تمر في السائلة التي تعتبر جزءاً من وادي مذاب . وهنا يقول أحد أهالي برط المراشي إن منطقة وادي مذاب مشهورة عبر الأزمان بأنها أرض خصبة جدا فقد اختار منها الإمام صافية له وكما هو معروف عن الإمام أنه كان يختار أراض خصبة يتخذها مزارعاً له وهذا يدل أن مذاب من أخصب أراضي اليمن ولكن أهملت بسبب الحروب التي دارت رحاها في هذه المنطقة بين ذو محمد وحرف سفيان وخلافاتهم عليها وقد استمرت الحروب إلى وقت قريب ربما إلى ما قبل عشر سنوات والآن هدأت هذه الحروب .
ويقول محمد عباد من اهالي المنطقة : ما تناقلناه عن الأجداد إن منطقة مذاب تحوي العديد من المواقع الأثرية وفيها الكثير من القلاع والحصون القديمة التي لا زالت آثارها أو بقاياها ماثلة حتى الآن وتحتاج إلى التنقيب .
سيول جارية
ويوضح  عباد أن وادي سيل كما هو متعارف عليه أو وادي مذاب وبحسب ما يقوله كبار السن أنه ذو سيول جارفة ويقال إن سيلاً ضخماً اجتاح هذه المنطقة في أحد الأزمات وطمر المنطقة بكاملها ولهذا قد تحوي الأراضي الكثير من الآثار القديمة ربما قرى ومناطق بأكملها وهناك مثل قديم متعارف عليه في برط « مذاب يا عايبة شليت طفل المزبية » والمزبية عبارة عن حاضن للطفل يصنع من جلد الغنم
وهو مشهور في برط وراء هذا المثل قصة أن امرأة من مذاب خرجت إلى الوادي لجلب الحطب وكان معها طفل في المزبية وضعته على إحدى الأشجار وبدون سابق إنذار أو أمطار جاءت لتلك المنطقة، وإنما حدثت الأمطار في أماكن بعيدة وجبال تصب سيولها في الوادي جاءت سيول عارمة اجترفت معها الشجرة التي كان الطفل عليها فعندما عادت المرأة لأخذ الطفل وجدت السيول قد أخذته فقالت هذا المثل الذي أصبح يتداول في برط بشكل كبير .
ويقول الأخ محمد شريفة إن هذه المنطقة لم تكن مأهولة بالسكان وكان أول من سكن هذه المنطقة قبل عشرة أعوام وهو أصلا من برط العنان واستطاع أن يقنع أصدقاء وأقارب له بالسكن في مذاب وجميعهم اقنعوا آخرين حتى وصل عدد الساكنين فيها » 59 « أسرة يبلغ تعدادهم   400 أكثر من  نسمة وأنشأوا العديد من القرى أبرزها حسب ما قال الوالد محسن بن هادي أحمد « مقارض - الكوادر - عجمرة - كغلان - العابص - صنع حمة عشر - قمزان - هجل المشاريع - الشاجن - وخشم عشر » ودعا الوالد محسن الدولة إلى الالتفات إلى هذه المنطقة ومساعدة الساكنين فيها وأهم شيء المدرسة والمركز الصحي التي لا توجد منها شيء في كل تلك القرى . تعاون بين الأهالي - وهنا يؤكد الأخ بن شريفة أنه وبالتعاون مع الأهالي عمل على تدريس الأطفال من خلال تخصيص منزل كان قد بناه لنفسه ولكنه آثر أن يكون مقرا مؤقتا للمدرسة حتى تقوم الدولة ببناء مدرسة وفيها من المدرسين أربعة تعطى لهم مرتبات رمزية يفرقها الأهالي ولها ثلاث سنوات وتستقبل الطلاب حتى صف خامس ابتدائي وفيها الكثير من الطلاب .
الزائر لتلك المنطقة يلاحظ وجودا كثيفا للنوب الطينية هنا وهناك إلا أن الكثير منها أصبحت أطلالا والسبب في ذلك يرجعه الأهالي إلى الحرب التي كانت دائرة هناك بين حرف سفيان وبرط وهو نفس السبب الذي أثر على الكثير من المعالم والمواقع الأثرية من خلال انتزاع الأحجار من أماكنها واستخدامها من بناء متارس للمواجهات
حضارة وادي #مذاب

الجوف ..في أعماق التاريخ
عنوان ورقة الأستاذ عبدالحميد عامر التي قدمها أمام المشاركين في الندوة التعريفية بمحافظة الجوف .

الموقـــع والأهميـــة :
هو سهل من الأرض بين جبل نهم الشمالي الذي فيه انف اللوذ وأوبن الجنوبي الموصل بهيلان وسعة ما بين الجبلين مرحلة في أسفل الجوف ، وصوله إلى أصحر وإشراف وخبش مرحلة ونصف ، والجوف خصبة ذات مياه ، تستقيه مياه" الحارد" ، الذي يبلغ عرضه ، مترين وعمقه ، متراً ، كما تتساقط عليه الأمطار فتروي أرضه ، وتكون سيولاً، تسيل في أوديته ، ويبلغ ارتفاعه" 1100" فوق سطح البحر ، وتحيط به الجبال من ثلاث جهات ، ونظراً لوجود مزايا كثيرة فيه تساعد على تكون الحضارة فيه ، لذلك صار مخزناً للحضارة القديمة في اليمن ، وموقعاً يغري علماء الآثار يقصدونه للبحث في تربته عما كان فيها من أسرار وآثار، وسيكون من الأماكن المهمة في اليمن في الزراعة وفي التعدين بعد التطور اليمن ودخول الأساليب العلمية الحديثة إلى تلك الأرجاء.
نبذة تعريفية عن المحافظة:
تقع محافظة الجوف إلى شمال غرب العاصمة صنعاء ، وتبعد عنها بحدود(143) كيلو متراً وتعد الجوف موطن مملكة معين القديمة من إجمالي (2.3%) من سكان الجمهورية تقريباً ، وعدد مديرياتها (12) مديرية، ومدينة الحزم مركز المحافظة ، ويمكن أن تكون الحزم مركز المحافظة ، وتعد الزراعة وتربية الحيوانات النشاط الرئيس لسكان المحافظة ، ويمكن أن تكون المحافظة إقليماً زراعياً ، تشكل المحاصيل الزراعية ما نسبته (4.9%) من إجمالي الإنتاج الزراعي في الجمهورية ، ومن أهم محاصيلها الزراعية الحبوب والخضروات والفواكه والأعلاف ، وتضاريس محافظة الجوف يغلب عليها الطابع السهلي ، إذ تتداخل مع صحراء الربع الخالي ، وتتميز بمناخ صحراوي ومعالم سياحية في المحافظة متنوعة ، ومن أهم المدن الأثرية مدينة قرناو ، الخربة البيضاء والخربة السوداء وبراقش.

الأهمية التاريخية والسياحية :
قد قام الصيدلي الفرنسي" توماس يوسف أرنو برحلة إلى اليمن كانت موفقة جداً، إذ تمكن بفضل علمه بالعقاقير من اكتساب صداقة المشايخ والزعماء ، وبهذه الصداقة استطاع أن يتجول في بعض أنحاء اليمن ومدنها ، ولم يكن ذلك أمراً ميسوراً للغرباء ، فزار الجوف ووقف على خرائب " مأرب ، ومكث في مدينة " صنعاء أمداً وزار " صرواح " المدينة الأثرية القديمة ، واستنسخ ستة وخمسين نصاً كتابياً قديماً .
قد استطاع بهذه الطريقة التطواف في أرجاء اليمن ، حتى بلغ أعاليها مثل" نجران"، وأعالي الجوف وهي المنطقة التي كان فيها " المعينيون" .
ووصل في تطوافه إلى حدود " مأرب " عاصمة سبأ وإلى " صرواح " وهو بهذا أول أوروبي زار " الجوف، ولما عاد إلى أوربا أحضر معه " 686" نقشاً جمعهما من مواضع مختلفة من اليمن.
وفي سنة 1872-1874م نشر هذا العالم في الجريدة الأسيوية "Journal Asiatique " ما كتبه في وصف رحلته إلى بلاد اليمن، وقد ضمن كتاباته وصفاً للأماكن التي حل بها والطرق التي اجتازاها ، وترجمة لـ" 686" نصاً وهي النصوص التي كان قد جاء بها أو استنسخها من أصولها ، ونشر بحثاً علمياًُ وانتقاداً قيماً للأبحاث اللغوية والتراجم والنصوص التي سبق أن نشرها العلماء من قبله.
قد حصل " هاليفي" على عدد كبير من الكتابات المعينية اكتشفها في إثناء سياحته في الجوف ، دعيت ورقمت باسمه ، حصل على الكتابات المرقمة برقم(187)Halevy حتى رقم Halevy ومجموعها ثمانون كتابة من خرائب " معين" وحصل على الكتابات المرقمة من رقم "424" حتى رقم " 578" من "يثل" ، وبلغ مجموعها " 155" كتابةً كما حصل على صور عدد آخر من الكتابات من " منا" ومن السوداء، ويبلغ مجموع الكتابات المعينية التي استنسخها زهاء"700" كتابةً أغلبها قصيرة ، وبعضها يتضمن بضع كلمات ، ما خلا"50-60" كتابةً تتألف من بضعة أسطر.
وزار الجوف بعد ذلك السيد محمد توفيق وقد ندبته ، جامعة فؤاد الأول" الجامعة المصرية للدراسة هجرة الجراد والكشف عن منطق تولده ن ودخله مرتين ، المرة الأولى سنة 1944م والمرة الأخيرة سنة 1945م وأخذ صوراًُ فوتوغرافية لزخارف وكتابات ، نشرها في البحث الذي نشره له " المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة " وذلك سنة " 195م" بعنوان:" آثار معين في جوف اليمن".
ورحل" الدكتور / أحمد فخري " الأمين بالمتحف المصري ، إلى اليمن ، وزار سبأ والجوف في مارس سنة 1947م. وجمع في رحلته هذه زهاء ست مائة نقش وخمسة وثمانين نقشاً من النقوش العربية الجنوبية" محمد توفيق: آثار معين في جوف اليمن من منشورات المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة ، مطبعة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، القاهرة.
وليس في كل بلاد العرب على حد قول " هاليفي" مكان ينافس الجوف في كثرة ما فيه من آثار وخرائب قديمة ولذلك فإن الباحثين عن القديم يرون فيه أملاً عظيماً وكنزاَ ثميناً وقد يكشف لهم عن صفحات مطوية من تاريخ تلك البلاد وربما يكشف عن تاريخ بلاد أخرى كانت لها صلا
ت وعلاقات باليمن ، وفيه مدن مهمة ، كان لها شأن وصيت في تاريخ العالم القديم.
وقد أمدتنا الكتابات التي عثر عليها في الجوف وفي" ديدان"، التي كانت مستوطنة معينية في طريق البلقاء من ناحية الحجار ، والكتابات المعينية التي عثر عليها في مصر في "الجيزة " والكتابات المعينية الأخرى التي عثر عليها في جزيرة " ديلوس" delos من جزر اليونان ، والتي يعود عهدها إلى القرن الثاني قبل الميلاد بأكثر معارفنا التي سنبسطها هنا ، ومنها استخرجنا في الأغلب أسماء ملوك معين ولولاها لكانت معارفنا عن المعينيين قليلةُ جداً ، ويرى جماعة من العلماء أن" ماعون " معون " Maom أو " معونم " " معينيم" = Me'unim Me'inim الواردة في التوراة إنما يقصد بها " المعينيون " ويظهر من موقعها ومن بقايا آثارها أنها كانت ذات أهمية لعهدها ذاك، وأنها كانت عامرة بالناس لخص أرضها ووفرة مياهها ، وكانت طيئ تنزل الجوف من أرض اليمن وكان سيدهم يومئذ أسامة بن لؤي بن الغوي بن طيء ويذكر الأخباريون أن مواطن مراد القديمة هي في الجوف ، في منطقة رملية جرداء ، ويظهر أنها كانت متبدية وكان معبودها الصنم يغوذ6، الصنم الذي تعبدت له مذحج كذلك ، رويأن الصنم يغوث ،كان لمذحج كله وفي بداية البعثة النبوية نشبت الحرب بين همدان ومراد انتهت بهزيمة بما رمت به اليمن ككل في عهد الدولة الإسلامية إلى أن خضعت للأئمة الزيديين وكان الأئمة يخمدون كل التحركات التي تطرأ مثل يوم أن غزت دهمة من برط ومعهم بنو نوف إلى حدود معين من بلاد الجوف فانتبهوا ما فيها وأقدموا إلى صافية الصفي أحمد فأرسل ولده الحسين بن أحمد في جماعة إلى معين فلم يصادف أولئك الغازين وكانوا قد ارتفعوا قبل وصوله وتعقب ذلك مسير جماعة من برط إلى أطراف المراشي وقد كانت لجوف بعد ذلك ملاذاً للأئمة ومنفذا للدعم السعودي وساحة حرب بين المصريين أنصار الجمهورية والسعوديين أنصار الملكية وحتى عندما حسم الأمر للجمهورية ظلت الجوف شبه ملكية إلى الثمانينات حيث بدأت تظهر الآثار الجمهورية.
استمر التهميش لهذه المحافظة الغنية بالموارد إلى ان انقطعت مع أخواتها من المحافظات وكانت أول المحافظات التي تحررت من النظام العائلي الفاسد وعلى الإثر دافع أبطالها الشجعان ببسالة منقطعة النظير عليها وقدموا دمائهم الزكية ووقفوا أمام عصابة الحوثي الهمجية الظالمة إلى أن دحروها فارتدت خاسئة.
الأهمية الاقتصادية
تعتبر الجوف من أكبر المحافظات اليمنية حيث تبلغ مساحتها ستة وثلاثين ألف كيل متر مربع وهي بما تمتلكه من سهل خصب ومياه جوفية وفيرة قادرة على سد احتياجات سكان اليمن من القمح ومختلف المحاصيل الزراعية كالحمضيات والفواكه بأنواعها والخضروات المختلفة.

أهم الأودية :
ويفضي إليها أربعة أودية كبار:
فأولها الخارد :
مخرجه مما بين جنوبه ومغربه ، ومساقي الخارد من فروع مختلفة فأولها من مخلاف خلان في شري صنعاء وما أقبل من عدورد ، وهو وادر يصب مع سامك ودبرة ووعلان وخدار إلى الحقلين والسهلين ونواحي بقلان وأعشار وما أقبل من أشراف نقيل السود فبيت بوس فجبل عيبان وجبل نقم وما بينهما من حقل صنعاء وشعوب ، ووادي سعوان ووادي السر ، ومطرة وفيها أودية كثيرة فجبل ذباب فزجان فشبام القصة تمر مياه هذه المواضع إلى خطم الغراب ووادي شرع من أسفل الصمع وحدقان ويلقى هذه الأودية سيل مخلاف مأذن من حضور المعلل وحقل سهمان ويعموم وبيت نعامة وبيت حنبص ومحيب ومسيب وبيت قرن وبيت رفح والبادات ويرعان فوادي ظهر فعلمان فرحابة ، فالرحبة إلى حدقان وخطم الغراب ، ثم من المصانع وشبام أقيان وخلقة وحبابة وحضور بني أزد وبيت أقرع وقاعة وهند وهنيدة والبون عن آخرة ، وغولة مثل ناثرة وضباعين ولغابة والحيفة وسوق وخزامر وذي عرار وبيت ذانم وبيت شهير وحمدة وعجيب فصيحة فمساك فالأخباب وناعط وبلد الصيد وبه أويدة من ظاهر همدان مثل ينعة وذي بين وما يسقيهما من ظاهر الصيد ، فيكون هذه المياه إلى ورور ، ويلقاها سيل العقل والكساد وصولان وأكانط ومشام النخلة ووادي محصم ، وما يسقط إليه من مدر وغتوة والخشب ولاميح وبلد ذيبان فيمر بالقحف وهران والمناخي ويلتقي بمياه الخارد التي هبطت من صنعاء ومخاليفها ، فتلقي بالمناحي ثم يصبان بعمران وتعمل من أرض الجوف ، وهذا الجانب لبني نشق وبني عبد بن عليان ، وأما المناحي فلبني علوي.
والودي الثاني:
وادي خبش ويصب في موسط الجوف غربيه صادراً من خبش بعد ري نخليها وزروعها وفروع هذا الوادي من سراة بلد وادعة وظاهرها ، ويمر بمواضع مما كان من بلاد بني معمر وبني عبد والهرائم ، فإنه ينحدر إلى خيوان فيسقيها ، ويمد باقيه سيل قيعتها وبوبان والأدمة وملساء ، ويلج الفج إلى خبش فتلقاه سيول بلد بني حرب بن وادعة من رميض وحوث ويضامه سيل الفقع والحواريين والمصرع وأثافت ودماج وشواث وخرفان وجانب الكساد وقبله ظاهر الصيد والعقل وجبل ذبيان الأكبر ورخمات وحاوتين والسبيع.
والوادي الثالث:
يظهر في زاويته التي ما بين شماله ومغربه وفروعه من بلد خولان ش
رقي أبذر ، وبلاد دماج ووتران والسرير والغليل وأسل وبلد دهمة من طلاح والعستين وأكتاف وحوام جدرة الجنوبية ومساقط برط والمراشي والفتول ، ويسقط أسيل أبذر على الأعين ثم العقلة عقلة خطارير فمذاب فمجزر والحبط فحظيرة حوشم ومجزعة الغراب وعميش وشجان وقصران وبلد دهم والعمشية والحلوى وطالعين وعظالم وشبراق وبركان وعيان وطمو ومساقط جبل سفيان وقبلة الأدمة والعبلة وأسحر والحاضنة والمقبرة ويلقي هذه المياه إلى ناحية الواغرة الشبا ويمدها سيل نعمان من بلد مرهبة ويظهر بغرق فيسقيها وينحدر إلى دار هاشم وموضع الداليين ويلتقي بالخارد مع سيل يحكش.
والرابع وادي المنبج:
وفروعه من بلد يام القديمة وبلد مرهبة ملح وبران ومسورة وجبال نهم مما يصالى مهنون من بلد خولان ويأتي قابل نهم الشمالي بأودية لطاف مثل أوبن وغيره ثم يشرع على الفرط وهو جانب الغائط وهو من ديار بلحارث ، أودية من بلد شاكر من برط وهو لدهمة ومن بلد وائلة وبلد أمير أودية منها حلف وقضيب ، والذي بين الجوف ونجران من الأعراض الكبار ، والنخيل وبه يفترق الطريق إلى الجوف ومأرب من وادي خب وهو العتيق ثم قضيب ثم حلف وكل هذه الأعراض من بلد شاكر .

وادي نجران:
وفروعه من ثلاثة مواضع من بلد بني حيف من وادعة ومن بلد بني جماعة من خولان ومن بلد شاكر ، والحناجر من وادعة وبلد خولان فأما الشعبة اليمانية فإنها من شمالي وتران والسرير وغربي بلد شاكر إلى دماج من أرض خولان ثم يخرج في الخانق من بلد خولان ثم يخرج في لهوة رحبان والحاوتان والغيل والبطنات والفقارة من بلد خولان ولقي سيل غربي صعدة من علاف البقعة وشعب عين والحدايق وفروة ونعمان وأفقين فالأسلاف فالفيض فالحصن فدقرار فالمواريد وضحيان فالخبت فبلد بني مالك من بني حييي فحضبر فنسرين فصعدة حتى يضام سيل دماج بالخيبة من البطنة ويلقاهما سيل عكوان من شرقي دماج وقبلته ، وسيول شرقي كهلان فيضم إلى العشة ثم يلقاها وادي كشور فسيل جدرة وأداني أملح وأداني من وادي نحرد وبلد بني سابقة من وادعة ، ويمدها سيل القاضي دينه والدحاض والركب حتى تصب في وادي العرض هو مسيل الفرعين الآخرين فالشمالي منهما من الثويلية والشفرات وعمدان وهضاض وبقعة وشرقي بلد جماعة من شمالها والغربي منها من شرقي بوصان ويسنم وقراط بني سلمان من بني حيي ودلعان وسروم والسروم من بني جماعة وسروم بني سعد وأرض بني ثور فيجتمع كل هذه المياه من أسفل العرض بضيقتين وهما مضيق بين جبلين ويتقدم في شوكان من أعلى وادي نجران فيسقيه وينتهي في الغائط ثم يعترض بين نجران وتثليث وبلد جنب وسنذكر ديار هؤلاء القوم بعد إن شاء الله تعالى.
الجوف جوف همدان ومأرب فمخرجه العبر منهل فيه آبار ومن قدصها من بيحان والسرو ودثينة فمخرجه من بلد مذحج ثم خرج أودية تصب من بلد مذحج إلى حضرموت حتى يصل إلى دهر وهو أول حضرموت من ذلك الجانب وهو لكندة وساكنه تجيب ، ثم إلى وادي رخية وفيه قرى منها صمع وسور بني حارثة.
أما بالنسبة للنفط والغاز والمعادن فهي تعتبر مستقبل اليمن الاقتصادي بما تغطيه تربتها وتحتضنه جبالها من هذه الكنوز وقد أكدت الدراسات العلمية أن فيها مخزون هائلاً من النفط والغاز وأن نسبة الذهب فيها تفوق النسب بأضعاف ما يوجد في المناجم العالمية كما أكدت البعثة الفرنسية أن نسبة الذهب في الجوف تبلغ (18%) ، بينما في مناجم فرنسا العالمية(4%).

محافظة الجوف التاريخ القديم والمدن التاريخية
الجوف إحدى أهم المحافظات اليمنية الواقعة ضمن النطاق الجغرافي المعروف تاريخياً بمشرق اليمن حيث تقع المحافظة شمال شرق العاصمة صنعاء بمسافة (143) كم ويبلغ عدد سكان المحافظة حسب التعداد السكاني لعام 1994م حوالي(500.000) نصف مليون نسمة وتتوزع تضاريس المحافظة بين مرتفعات جبلية وهضاب وسهول واسعة تضم أراض خصبة ووديان كبيرة ومناطق صحراوية وشبه صحراوية ، وتتكون محافظة الجوف من(12) مديرية هي(الحزم- الغيل - المتون – الزاهر- خراب – المراشي- برط العنان – الخلق-المصلوب- المطمة – الحميدات – رجوزة – خب والشعف).
نبذة تاريخية :
على ضفاف وادي الجوف قامت حضارة الدولة المعينية ووصل أهلها إلى مستويات عالية من العلوم والمعارف فقد برعوا في فنون العمارة وشيدوا ا لمدن الجميلة والمعابر المزخرفة بإتقان وذوق رفيع على صخور أعمدتها الجرانيتية.
كما برع المعينيون في الزراعة والصناعة واشتهروا بالتجارة وشيدوا المحطات التجارية أثناء ازدهار نشاط طريق اللبان التجاري ، وامتد نفوذهم إلى بعض المناطق في شمال الجزيرة العربية وتتحدث عن مآثرهم النقوش اليمنية القديمة التي عثر عليها في العلا بأعالي الحجاز والنقوش الفرعونية التي تم العثور عليها في أرض مصر على قبر رجل معيني كان يمارس مهنة التجارة ويقوم بإمداد المعابد المصرية القديمة بالسلع المقدسة ويعود تاريخ النقش إلى القرن الثالث قبل الميلاد كما وثق المعينيون معاهدتهم التجارية مع بعض الدول اليمنية القديمة التي كانت مسيطرة على الموانئ البحرية ا
لمطلة على البحر العربي والبحر الأحمر ، وكانت مواقع حضارة معين مقصداً للمستشرقين خلال القرنين 19-20 الميلاديين وفي أوج ازدهار الحضارة المعينية ازدادت شهرتها حتى وصلت مراكز حضارات العالم القديم وكتب عنها الكلاسيكيون ومن اليونان والرومان وكان آخرهم" أسترابو" صاحب غزوة القائد الروماني"إليوس جالوس" لأرض الجوف عام 24 قبل الميلاد وكانت جهود البعثات الأثرية الإيطالية والفرنسية التي قامت بأعمال تنقيب أثري في مواقع محددة من أرض الجوف كشفت نتائج علمية جديدة تشير إلى أن الدولة المعينية عاصرت مرحلة ازدهار الدولة السبئية وكانت تارة تدور في فلكها وتارةً أخرى مستقلة ورغم ذلك لا يزال جوف المعينين يخفي تحت الخرائب والأنقاض الأثرية أسرارً كثيرةً لحضارة عظيمة.
التاريخ العريق والمشرف الذي ورثة أبناء محافظة الجوف وشعبنا اليمني ما يميز محافظة الجوفعن غيرها من المدن اليمنية كثرة المدن والمواقع الأثيرية التي تزخر بها هذه المحافظة والمجسدة لعظمة وعراقة الدولة المعينية القديمة إلى جانب المعالم الأثرية والإسلامية من مساجد وقلاع وحصون تنتشر عل طول وعرض هذه المحافظة الشاسعة المترامية الأطراف.
المواقع التاريخية والأثرية:
كثيرة هي الآثار والمواقع والمدن التاريخية التي تحتضنها محافظة الجوف بين ثنايا التاريخ وكثبان الرمال ويقال أن عددها يصل إلى أكثر من 43 موقعاً اثرياً صنعتها أنامل أبناء الدولة المعينية التي ازدهرت خلال العصر الأول من تاريخ اليمن القديم وكانت إحدى الكيانات السياسية المجاورة للدولة السبئية الأم في بلاد العرب الجنوبية تدور في فلكها أو تنفصل عنها ثم تتحالف مع قتبان وحضرموت ضدها.
ولقد كان لحضارة دولة معين التي اشتهرت بالرخاء والازدهار دور عظيم في تشييد وبناء السدود العملاقة وإقامة المدن والمستوطنات التاريخية .
معين
هنا في محافظة الجوف تقع مدينة معين التاريخية وتحديداً جنوب شرق مدينة الحزم عاصمة المحافظة التي تبعد عنها بحوالي 10 كيلو مترات تقريباً ، وهي الحاضر تحتفظ بعض المعالم الأثرية كالأبراج وأجزاء من السور الحجري الذي يبلغ ارتفاعه 15 متراً وله بوابتان أحداهما غربية والأخرى شرقية وتتخلله أبراج المراقبة وفتحات للرشق بالسهام كما يوجد بداخل المدينة الملعب الذي حمته الأسوار، فيما لا تزال معظم كنوزها ومعالمها الأثرية مطمورة تحت الرمال ولم يتم التنقيب عنها واكتشافها بعد ، وقد ظلت مدينة معين الأُثرية مأهولة بالسكان حتى القرن الثاني عش الميلادي وخلت من السكان منذ تسعة قرون تقريباً.
براقش :
إلى الجنوب من مديرية الخلق وعلى بعد خمسة كيلو مترات تقريباً غرب الخط الإسفلتي الرئيسي الذي يربط محافظة الجوف وبالعاصمة صنعاء ومحافظة مأرب تقع مدينة براقش الأُثرية كقلعة مهيبة فوق تلة مرتفعة محاطة بأسوارها الحصينة والمنعية من كافة الاتجاهات والتي قام بتجديدها وإعادة بناء وترميم الأجزاء المهدمة منها السبئيون عام 450ق.م عندما تمكنوا من الاستيلاء عليها وبسط نفوذها عليها ويلاحظ الزائر والوافد لموقع مدينة براقش كثرة المعابد منصبة حتى الآن على غلبة الطابع الديني لهذه المدينة التي تكتظ بالآثار والنقوش المحفورة على أحجار ومداميك بنيانها والسور الكبير الذي يحيط بها وله بوابات منجورة من الأحجار البيضاء.
ومن أهم المعابد فها معبد " عشترا" والواقع في الجزء الجنوبي من المدينة وبه 16 عموداً رأسياً كما توجد العديد من الحجرية المكتوبة بخط المسند التي حاول القائد الروماني " إليوس جالوس " البحث عنها والاستيلاء على كنوزها الأُثرية بدخوله وجيشه المدينة في العام 24ق.م إلا أن آماله وتطلعاته باءت بالخيبة والفشل الذريع بعد عودته مهزوماً منكسراً .
معبد بنات عاد :
يتكون معبد بنات عاد من أعمدة ورسوم ومقصورة وفناء محاط بأروقة وله بوابة كبيرة وممر محاط بمقاعد حجرية ونصف مصقولة وتزين جدرانه وأعمدته زخارف تمثل نباتات وثعابين وشخصيات نسائية وبسببها أطلق على المعبد مسمى معبد بنات عاد ، الذي يعتبر من أفخم المعابد اليمنية هندسة وزخرفة ما يعكس اهتمامات المعينيين بالجانب الديني الذي يقوم على عبادة النجوم والتي اتخذها المعينيون والسبئيون عوامل رئيسية لتثبيت سلطانهم ونفوذهم على بقية مناطق وأطراف اليمن.
تعتبر مدينة يثل الأثرية المنشأة الأول للدولة المعينية وعاصمته الدينية وتسمى حالياً بخربة " كمناء " وتقع غرب مدينة الحزم على بعد عشرة كيلو مترات تقريباًُ ، وقد ظلت هذه المدنية الأثرية محتفظة بطابعها الديني كعاصمة دينية للدولة المعينية وهي محاطة بسور يصل ارتفاعه إلى ثمانية أمتار لا يزال في حالة جيدة ونمن أحسن الأسوار القديمة وله 57 برجاًُ وبوابتان شرقية وغربية.
السوداء :
تقع مدينة السوداء بمديرية المصلوب إلى الشرق من مدينة البيضاء الأثرية بمسافة 20 كيلو متراً تقريباً وهي مدينة أثرية قديمة ويقال إنها كانت عاصمة المعينيين وكانت تدعى " قرناو " أما أسمها الجديد هو السوداء نسبة إ
لى أحجارها السوداء وهي مليئة بالآثار والمعالم والقطع الأثرية والنقوش ، ويحيط بها سور له بوابات منجورة من الأحجار السوداء إلا أن أجزاء كثيرة من هذا السور انهارت وهدمت البوابة الشرقية تماماً ، فيما لا تزال البوابة الغربية محتفظة بمعالمها الأثرية بينما المعبد الذي بداخل المدينة والقصور والكنوز الأثرية التي يحميها السور ودفنت بالتراب لم ترحمها معاول الهدم والدمار والعبث التي تحفر فيها بشكل عشوائي ليلاً ونهاراً بلا هوادة وشوهت معالمها وتمكنت من السطو على ما كنزته من قطع أثرية .
البيضاء :
كانت مدينة البيضاء الأثرية الواقعة إلى الغرب من مدينة السوداء بمديرية المصلوب مدينة تاريخية عظيمة وهي غنية بالنقوش والآثار وتتمتع بفن معماري فريد ومطور بمختلف الأشكال الهندسية ، أما سورها فقد تهدم ولم يتبقى منه سوى البوابة وقد أسميت بالبيضاء نسبة إلى أحجارها البيضاء الناصعة.

مواقع أثرية أخرى:
ومن المدن والمواقع الأثرية بهذه المحافظة الأحقاف ودروب الصبي وشعب الكافر وخربة اللسان وغيرها من المدن والمواقع الأُثرية وبخاصة بقايا المعابد القديمة والمقابر المدفونة والقلاع والحصون والنوب المهجور والبرك وقنوات الري القديمة في كل من مديرية الزاهر التي تبعد عن مدينة الحزم عاصمة المحافظة التي تبعد عن مدينة الحزم وفي المناطق الواقعة في الجهة الشرقية من مدينة براقش الأثرية.
المساجد التاريخية :
تشكل المساجد والجوامع القديمة التي تزخر بها محافظة الجوف أحد المعالم الأثرية والتاريخية في المحافظة ومن أهم هذه المساجد التي لا تزال معالمها قائمة حتى وقتنا الحاضر .
مسجد يحيى بن حمزة :
ويقع في مديرية الزاهر ويعود لتاريخ بنائه إلى مئات السنين وبداخله مخطوطات وزخارف مزينة بالنقوش الزاهية والفريدة ، إلى جانب الجامع الكبير في قلب المدينة القديمة الحزم وقد قام بتأسيسه أحمد عبدالله ياقوت سنة 250هـ وكان يتسع آنذاك لحوالي مائة مصل وأعيد بناؤه وتجديده عام 1379هـ ثن في عام 1982م ، وقد بني الجامع من الطين ويتسع لحوالي خمسمائة مصل وله مئذنة حديثة البناء ومسقوف من الخشب تزينه الألواح الخشبية التي تثبت عليها النقوش والآيات القرآنية وبعض الأحاديث النبوية ويتوسط جدار القبلة محراب مجوف وبارز إلى الخارج لمسافة بسيطة وفي مكتبة الجامع مخطوطات قديمة منها طبعة حيدر عباد وطبعة الحلبية المصرية مصحف واحد وهناك الكثير من المخطوطات والمصاحف القديمة قد اختفت من الجامع.
كما يوجد في محافظة الجوف جامع معين الذي تشير المصادر التاريخية أنه أسس عام 420هـ في عهد الإمام أحمد بن سليمان الذي وصل إلى الجوف قادماً من نجران وصعدة وسكن معين الواقعة في منطقة وادي الشجن ، وكان هذا المسجد قد بني من الطين وبجواره حصنان بنيا كذلك من الطين وكانت مزودة بأماكن الخيالة والعسكر وبئرين مع كل حصن وبواسطتهما كان يتم منع المهربين الواصلين من حضرموت وشبوة وما خلفهما وإجبارهم على تسليم الجباية ، وكذا مسجد حاجبة الذي كان له دور كبير في الدعوة ونشر تعاليم الدين الإسلامي بالمنطقة وقد قام بتأسيسه أحمد بن سليمان قبل مجيء عصر الإمام عبدالله بن حمزه ومن ألقي احمد بن سليمان أول خطبة في الحزم سنة 423هـ في شهر شعبان وقد دونت خطبته هذه في كتاب اسمه الحدائق الوردية.
مسجد براقش:
يقع المسجد وسط منطقة براقش الأثرية وقد بناه الإمام عبدالله بن حمزة الذي جاء بالدعوة إلى الجوف عام 480 هـ وانطلق بها من براقش ومن المسجد هذا إلى مختلف مناطق المحافظة وفي عهدة اتسعت العمارة وشيدت الحصون بما فيها النوب مثل نوبة آل عبيد في شمال الحزم ونوبة آل الشيبة في شرق الحزم كما قامت زوجته بحفر بئر تحت هذه النوبة ، ولا زالت مسماة باسمها حتى ا لآن وقامت كذلك ببناء جامع بجانب البئر وهناك مسجد سهيل الذي بناه الحصان بن سهيل وكان موجوداً بجوار الجامع الكبير بمدينة الحزم إلا أنه هدم مع البئر ودخل ضمن توسعة الجامع الكبير ومدرسة تحفيظ القرآن الكريم.

مملكة معين
(من حوالي 1300 ق.م إلي حوالي 650 ق.م), هي مملكة عربية قديمة نشأت في اليمن في الألفية الأولى ق م, فتحتها مملكة حمير في القرن الأول قبل الميلاد. كانت عاصمتهم معين أو قرناو أو القرن والتي تقع حاليا شرق صنعاء. بقيت من أثارهم أطلال معبد للآلهة عثتر (عشتار). وبيوت مسورة ونقوش وكتابات. كانت تعتمد على التجارة وخصوصا تجارة البهارات واللبان. كان الحكم فيها ملكي وراثي.وكان يطلق على الملك لقب مزود أي المقدس.
وكان المعينيين يعملون في التجارة مع مصر وبلاد الرافدين، أُسندَ اقتصادهم على الزراعةِ وتصديرِ اللبانِ، وتوابل، والأسلحة، ومواد أخرى. وفي أقصى اتساع ملكهم امتد حكمهم على الحجاز كله على يثرب والعلا وفدك وتيماء والحجر كما هو مدون على النقش ألمعيني وسيطروا على معظم طرقِ التجارة في جنوب الجزيرة العربية.
في عام 2007م تم اكتشاف كتابات وآثار معينية في منطقة الجوف يعود تاريخها إلى 3700 ق.م، فمن المرجح ان
يكون منشى مملكة معين أقدم من التاريخ الذي حدده العلماء، وللمملكة معين علاقة مع الثموديين حيث أنهم ينتمون إلى الأصل الواحد، ويعتقد العلماء أن المعينيين الثموديين كان يسكنون الربع الخالي ولكن في حدود 4000 ق.م هاجر المعينيين الثموديين إلى شمال اليمن وأقاموا مملكة معين وفيما بعد هاجر قسم آخر منهم إلى الحجاز وأقاموا مملكة تابعة في مدينة الحجر مملكة ديدان وكانوا ينحتون الجبال.
وقد ورد اسم قبيلة ثمد/ثمود/ثمادي على أن المعينيين ينتمون إلى هذه القبيلة.
مملكة معين هي من الممالك العربية القديمة في اليمن، إلا أن النسابين العرب لم يذكروا هذه المملكة ولا أحد من ملوكها ولا اسم الملك معين وصلته مع سبأ بل طوى كل ذلك النسيان إلى أن كشفت عن هذه المملكة العريقة الآثار المكتشفة في القرن العشرين الميلادي، عموماً فقد ظهرت مملكة معين في القرن العشرين قبل الميلاد أو القرن الثلاثين قبل الميلاد رغم إن ازدهارها كان في حدود القرن الثالث عشر قبل الميلاد إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد.
وليس بين الباحثين في تأريخ المعينين اتفاق على تأريخ مبدأ هذه الدولة ولا منتهاه، فالعالم "كلاسر" مثلاً يرى إن الأبجدية التي استعملها المعينيون في كتاباتهم ترجع إلى الألفية الثانية قبل الميلاد وهذا يعني إن تأريخ هذا الشعب يرجع إلى ما قبل هذا العهد.
نظام الحكم
كانت حكومة معين حكومة ملكية يرأسها حاكم يلقب بلقب "ملك"، غير إن هذه الحكومة وكذلك الحكومات الملكية الأخرى في العربية الجنوبية، جوزت إن يشترك شخص أو شخصان أو ثلاثة مع الملك في حمل لقب "ملك"، إذا كان حامل ذلك اللقب من أقرباء الملك الأدنين، كأن يكون ابنه أو شقيقه. فقد وصلت إلينا جملة كتابات، لقب فيها أبناء الملك أو أشقاؤه بلقب ملك، وذكروا مع الملك في النصوص. ولكننا لم نعثر على كتابات لقب فيها أحد بهذا اللقب، وهو بعيد عن الملك، أي ليس من أقربائه. وربما كانت هذه المشاركة في اللقب، في ظروف خاصة وفي حالات استثنائية، وليس من الواضح في الكتابات العربية الجنوبية أكانت مجرد مجاملة وحمل لقب، والدوافع التي حملت أولئك الملوك على السماح لأولئك الأشخاص بمشاركتهم في حمل اللقب، ويظهر من الكتابات المعينية أيضاً إن الحكم في معين، لم يكن حكماً ملكياً تعسفياً، السلطة الفعلية مركزة في أيدي الملوك، بل كان الحكم فيها معتدلاً استشارياً يستشير الملوك أقربائهم ورجال الدين وسادات القبائل ورؤساء المدن، ثم يبرمون أمرهم، ويصدرون أحكامهم على شكل أوامر ومراسيم تفتتح بأسماء آلهة معين، ثم يذكر اسم الملك، وتعلن الكتابة ليطلع عليها الناس. وكان لكل مدينة حكومتها الخاصة بها، فكل مدينة في معين عبارة عن حكومة صغيرة لها آلهة خاصة تتسمى باسمها، وهيئات دينية، ومجتمع يقال له: "عم"، بمعنى أمة وقوم وجماعة. ولكل مدينة مجلس استشاري يدير شؤونها في السلم وفي الحرب، وهو الذي يفصل فيما يقع بين الناس من خصومات وينظر في شؤون الجماعة "عم". وكان رؤساء القبائل يبنون دوراً، يتخذونها مجالس، يجتمعون فيها لتمضية الوقت وللبت في الأمور وللفصل بين أتباعهم في خلافاتهم، ويسجلون أيام تأسيسها وبنائها، كما يسجلون الترميمات والتحسينات التي يدخلونها على البناية. وتعرف هذه الدور عندهم بلفظة "مزود". ولكل مدينة "مزود"، وقد يكون لها جملة "مزاود". اختلف تقديرات المستشرقين في تعيين البداية السياسية لدولة معين ما بين:
1. القرن 13 قبل الميلاد والقرن 11 ق.م.
2. القرن 6 ق.م. والقرن 4 ق.م.
وأكثر التقديرات احتمالا هو القرن 6 قبل الميلاد حيث بدأت الحياة السياسية بعد انتهاء شخصية "كرب ايل وتر" السبأي وقد تعاقب على حكم معين 5 أسر حاكمة لم تحفظ النصوص الباقية من الحكام الأوائل منهم ويبدو أن سلطتهم بدأت بالصبغة الدينية فتلقب كل منهم بلقب(مزود)و ربما يعني من يزود المعابد بقرابينها وقد بقي هذا اللقب ضمن ألقاب الحكام حتى مرحلة متأخرة واستمرت معين سياسيا حتى دب الوهن في نظامها الحاكم واشتد بأس جيرانها وبدأت قتبان فاقتطعت جانبا من أرضها واجبر حاكمها القتباني "شهر يجل/ يهرجب" على عقد تحالف مع معين احتفظ لنفسه فيه بالمكانة العليا لاسيما في عهد الملكين المعينيين "وقه ايل يثع"و "ايل يفع يشور" الثاني، وحاولت قتبان استخدام معين في الضغط على سبأ من ناحية الشمال.


أهمية المحافظة الزراعية :
تمتلك المحافظة الأراضي الزراعية الخصبة المتجددة والصالحة لإنتاج أنواع من الحبوب والحمضيات والطماطم والخضار وغيرها.
ويشير إلى دراسة هولندية أجريت مؤخراً تقول لو أن الجوف زرعت لكفت 40 مليون نسمة لتوفر المساحات المناسبة للزراعة بما في ذلك جودة خصوبتها لكونها تستقبل السيول منذ ملايين السنين من جبال صعدة عبر وادي مذاب ومن حدود مقالب السيول من جبل اللوز وما جاوزه بمنطقة خولان ومن جبل النبي شعيب وما حواه لذلك فالأرض تعد خصبة لأن السيول يلاحظ أن كمية ا لطمي التي تكونت على مدى مئات بل آلاف السنين نجدها في بعض من تلك المقاطع بعمق 17
متراُ.
وبالنسبة للسياحة في محافظة الجوف تعد من أغنى المحافظات اليمنية بالآثار بالنظر إلى عدد المواقع الأثرية التي اكتشفت حتى الآن والتي تصل إلى نحو 53موقعاً والتي يعود تاريخها إلى القرن التاسع قبل الميلاد حيث قامت الدولة المعينية إحدى أهم الدول اليمنية القديمة لفد شهد وادي الجوف في فترات من التاريخ قيام مدن وممالك مستقلة عن بعضها ومن أهم ما سجلته الاكتشافات من دويلات ومدن مثل نشان ، كمنة ، هرم ، إنبا ، براقش ، البيضاء ، نشق ، ومدينة قرناو ، جميعها كانت تتحدث لغة خاصة تسمى اللغة المعينية وأحياناً تسمى اللغة المذابية ، نسبة إلى وادي مذاب وتتدفق مياه الأمطار والسيول من الجبال الواقعة في حدود محافظة صعدة والتي اكتسب هذا الوادي شهرة كبيرة في التاريخ القديم حيث كانت الجنان الخضراء الواقعة على جنباته نظراً لوفرة المياه فيه.
ولأهمية الجوف الأثرية تقتضي بالفعل خطة واضحة وبرامج للتنقيب تتزامن مع فرض حماية صارمة لإرث البلاد من الآثار في هذه المحافظة من التعديات التي تحصل من وقت لآخر من قبل البعض لأقسى وأبشع أنواع العبث جراء ويروي أن المواقع الأُثرية أعلى مستويات الخطورة ويلجأ بعض تجار الآثار إلى البحث عن ضالتهم من اللقي الأثرية بواسطة الجرافات رغبة الوصل السريع إلى الآثار لتنتهي بدورها على خارج الحدود .
تجدر الإشارة إلى أن الكثير من المعلومات عن حضارة وادي الجوف مازالت مدفون تحت الأرض وقد كشفت المؤشرات التي جاءت بها بعض الحفريات المنفذة من قبل علماء الآثار أو حتى من قبل أولئك الذين يمارسون أعمال السطو على الكنوز الأثرية في وادي الجوف.
ومن هنا نذكر مكنونها ودور ذلك في الاستفادة ورفد الخزينة العامة للدولة وقبل ذلك الدفع بعجلة التنمية المحلية ويعتبر مشاكل المحافظة مترابطة ومتشابكة وذات صبغة ثقافية وتعليمية واجتماعية كلها مجتمعة تعتبر مسئولة عن تأخر التنمية في المحافظة ومن الأهمية بمكان ألا نغيب مسألة هامة تمثل في عدم اعتماد الخطط والبرامج الواضحة والمدروسة للمشروعات التنموية بحيث يتم اعتمادها وتنفيذها وفق الاحتياج والمنفعة والاستخدام وليس اعتماد المشروعات هنا وهناك بناء على عوامل جهوية أو مناطقية أو فردية وتظل بدون استخدام بعد تنفيذها لأسباب متعددة بالإضافة إلى عامل رئيسي هذا الحرمان المتعمد والتهميش خلال 50 عام.
ويشار هنا إلى ضرورة التوجه لتنفيذ مشاريع تنموية كفيلة بأن توفر عمالة وتوفر حراكاً اقتصادياً يفيد المحافظة وأبنائها والبلد بشكل عام كما يجب.
كما يسعى من أجل ذلك ولجملة من الحيثيات ينبغي أن يتم إشراك المجتمع المحلي في عملية الحماية والرعاية والصيانة للشركات والمستثمرين بشكل عام ومن خلال تكوين مؤسسة أهلية بحيث يكون مجال عملها الاستثمار الزراعي والصناعي والقيام بالتوكيلات المحلية للشركات التي ترغب في الاستثمار في موارد.
أما بالنسبة للنفط والغاز والمعادن فهي تعتبر مستقبل اليمن الاقتصادي بما تغطيه تربتها وتحتضنه جبالها من هذه الكنوز وقد أكدت الدراسات أن فيها مخزون هائلاًُ من النفط والغاز وأن نسبة الذهب فيها تفوق النسب بأضعاف ما يوجد في المناجم العالمية كما أكدت البعثة الفرنسية أن نسبة الذهب في الجوف تبلغ (18%) بينما في مناجم فرنسا العالمية (4%).
وادي مذاب: يعد وادي مذاب أحد وديان محافظة الجوف ويعتبر من أكبر وديان اليمن الستة وعبره تمر مياه السيول القادمة من جبال محافظة صعدة ( جبال اسحر من الواغره يمتد جنوبا إلى جبال بلاد ال عمار العقلة وجبال بلاد آل سالم ) و من محافظة عمران( جبال العمشية بلاد سفيان )ومن محافظة الجوف ( جبال رهنه وجبال برط ) ويصب في منطقة السيل مديرية الحزمالجوف ومن دون رعد او مطر يتفاجؤون أبناء محافظة الجوف بقدوم السيول ومن مسافات بعيده وتتناثر القرى على جانبي الوادي الغربي والشرقي
سمي الوادي باسم وادي مذاب نسبة إلى عزلة وادي مذاب (صعدة) التي يمر منها سيول الوادي وهي إحدى عزل مديرية الصفراء في محافظة صعدة اليمنية .

اللوحة الجمالية للوادي: وأنت تواصل السير وتسابق الخطى نحو الوادي تحملك رياح المحبة ويداعبكالنسيم العليل وتسبقك الأشواق الجياشة للتمتع بالنظر إلى هذا الوادي الجميل، لتبدأ الإبحار في اطراف وادي #مذاب الذي يستقبلك فاتحاً ذراعيه يزف لك عمق الابتسامة ويهديك البشاشة المنبعثة من أعماق الخضراء لتظفر بنفحة من سحر الجمال وأنت تتمشى بين أحضانالوادي، ستشاهد أشجاراً كبيرة تخبرك عن عمرها الطويل فهناك أشجار يصل عمرها ما بين 100-150سنة ترتبط بالوادي في عناق أبدي تشهده الأجيال المتعاقبة. ولعل هذه الخصائص وغيرها الكثيرة هي التي تلقي من بعيد خلالها السحر والهيبة على هذا الوادي المثمر بالأصالة والجمال.

المناخ : مناخ الوادي معتدل صيفا وبارد شتاء في المناطق الجبلية، وفي المناطق الصحراوية يسود المناخ الحار صيفا.

النشاط الزراعي : وزراعات وادي مذاب أشهرها الحبوببجميع أنواعها والذرة ، وتعتبر الزراعة في وادي مذاب مزدهرة .وكذلك يشتهر برعي الغنم الضأن والماعز.

السدود : خلال فصل الصيف والخريف تتدفق السيول على الوادي التي يصل إرتفاع المياه فيها إلى ثلاثة أمتار كحد أقصى ومع ذلك فإن هذه المياه تستمر في التدفق حتى في فصل الشتاء غير أنها تكون قليلة. والغريب في ذلك أن مياه وادي مذاب تقوم بشق طريقها نحوصحراءالجوف دون استثمارها والاستفادة منها بالشكل المناسب، والمنطقة بأكملها تفتقر للسدود والحواجز المائية وما زالت الاراضي التي تمر منها السيول تعاني من السيول الجارفة للوادي والتي في كثير من الأحيان تقوم بجرف عدد من الأراضي الزراعية في ظل غياب مشاريع الحكومة لبناء سدود للوادي . ويمكن استغلال هذه المياه التي تهطل خلال موسم الصيف والخريف عبر إنشاءالسدود والحواجز المائية بدلاً من إهمال هذه الثروةوغض الطرف عنها فالمياه تستمر في التدفق على الوادي، ومع ذلك لا يتم إستغلالها بالشكل الصحيح.

وقد نزل في هذا الوادي واستقر به الكثير من الاسر الكريمة والوجيهة كما نزل به الكثير من الاشراف والسادة كما كان أحد الواصلين إلى هذا الوادي الامير حسن بن حسين الدهشاء الذي نزل فيه منذو حوالي300 سنه من الان.
حضارة وادي #مذاب
مملكة #كمنه #كمنهو

مملكة كمنهو أو (كمنة) هي إحدى الإمارات والممالك الصغيرة اليمنية القديمة. كانت تتبع مملكة سبأ ثم مملكة معين ثم عادت مرة أخرى لسبأ.

تقع آثار مملكة كمنة حاليا، على الضفة اليسرى من وادي مذاب بالقرب من ملتقاء بوادي الخارد على مسافة 7 كيلو مترات من الحزم بمحافظة الجوف، وخرائبها أو بقية آثارها المشاهدة اليوم توحي بإنها كانت مدينة كبيرة لها سور عظيم يرتفع عشرة أمتار لحمايتها وحماية سكانها من أي عدو. وكانت مهمة الأسوار حماية  المدينة وتأجيل سقوطها حتى يأتي التعزيز من حليفهم أو ملكهم أو مدن أخرى تابعه لهم.

كانت أغلب المدن اليمنية القديمة لها سور عظيم وآخر هذه المدن صنعاء القديمة وشبام حضرموت حيث تم تشييد سورهم على النمط اليمني القديم يتكون من عدة أبواب إضافة إلى الباب الرئيسي وقد كانت هذه المدينة في القرن السابع والثامن قبل الميلاد مدينة عظيمة ولها سور عظيم ولها باب رئيسي كبير جداً وعدة أبواب أخرى. أما مساكنها فقد شيدت من الطوب الغير محرق وهذا النوع من الأحجار صلب ويمكنه البقاء لسنوات طويلة. وبهذا تم تشييد هذه المدينة من هذا الحجر.

تاريخ مملكة كمنة

يعتقد بعض المؤرخين أنها كانت في بعض الفترات مملكة مستقلة لكن الأغلب يقول بإنها كانت تابعة لسبأ والبعض يقول معين وقد ذكرت لها عدة نقوش تعود للقرن التاسع والثامن قبل الميلاد واستمرت حتى القرن السابع قبل الميلاد وهو ما جعل المؤرخين يقولون بتبعيتها لسبأ نظرا لتحالفها معها ضد مملكة معين في محافظة الجوف.

ومن ملوك مملكة “كمنه” “كمنهو”، الملك “نبط علي”، وقد ورد اسمه في بعض الكتابات. وورد في كتابة يظن إنها من كتابات “كمنهو” مكسورة سقطت منها كلمات في الأول وفي الآخر، جاء فيها: وبمساعدة عثتر حجر “هجر” و”نبط علي”. والمقصود ب “عثتر حجر” “هجر” الصنم عثتر سيد موضع يقال له “حجر” “هجر”، وربما كان في هذا المكان معبد لعبادة هذا الصنم. وجاء قبل ذلك: “نبعل دللن” “نبعل الدلل”، وهذه الجملة ترد لأول مرة في الكتابات، ويظهر إن معناها “بعل الدلل” أو “الدليل”، ويظهر إن “الدلل” أو “الدليل” من الصفات التي أطلقها شعب “كمنه” “كمنهو” على عثتره.

وكان ل “نبط علي” ولد أصبح ملك “كمنه” “كمنهو” بعد والده، هو: “السمع نبط”. وقد وصلت إلينا كتابة، جاء فيها: “السمع نبط بن نبط علي ملك كمنهو وشعبهو كمنهو لالمقه ومريبو ولسبا”، أي “السمع نبط بن نبط على ملك كمنه وشعبه شعب كمنه، لألمقه ومأرب ولسبأ”. وهذه العبارة تظهر بجلاء إن مملكة “كمنو” “كمنهو” كانت مستقلة في هذا الزمن استقلالاّ صورياً، وإنها كانت في الحقيقة تابعة كومة “سبأ” ولمأرب العاصمة يدل على ذلك قربها إلى “المقه”، وهو صنم السبئيين ولمأرب العاصمة، أي لملوكها ولشعب سبأ. وكان من عادة الشعوب القديمة إنها إذا ذكرت اصنام غيرها فمجدتها وتقربت أليها، عنت بذلك اعترافها بسيادة الشعب الذي يتعبد لتلك الاصنام عليها
#الجوف
جوف ماضٍ عريق وحضارة ضاربة في أعماق التاريخ وأعماق الأرض .. هي كنز يحوي بين جنباته الحضارة والمستقبل معاً .. وأنا أجوب صحراء الجوف القاحلة ووديانها المترعة بالخضرة والجمال تذكرت هذه الحقيقة.. لحظتها غمرني إحساس فظيع بالزهور المستمد أصلاً من حب هذا الوطن.. كيف لا وأنا أمر فوق كنزه المخبوء. 
سر التسمية
من على قمة جبل فرضة نهم بدت الجوف أرض معين وموطن الحضارة الأزلي, مفتوحة ككتاب مكنون,حافل بالتاريخ.. مكتوب بلغة الكون الأولى,يستجدي بكل لغات الدنيا روح المبادرة التي ستسهم في فك طلاسمه ونشر خباياه للوجود.
مضت السيارة بنا الهوينى تارة في اتجاه الشمس,وتارة في اتجاه الأرض, على ظهر لسان اسفلتي يتلوى كثعبان ماكر.. هو في الأصل أكثر أماناً من عديد خطوط ثعبانية تنتشر في جبال السعيدة.. نظراً لضآلة مرور السيارات فيه.
بعد مرور ساعتين ونصف الساعة انحرفت وجهتنا صوب الجوف, عبر خط اسفلتي متفرع من خط صنعاء مأرب سيئون.. الرئيس هبت نسائم جافة اشعلت في داخلي لهفة الشوق, وحثت الخطى على استعجال اللقيا .. سألت رفيقاً رحلتي الشيخ مبخوت محمد هضبان والشيخ يحيى الهندوس, عن الجوف وسر التسمية فجاءت الإجابة بأن باطن الأرض غني بالمعادن الثمينة والآثار فقلت في خاطري وربما إن الأجداد قد تنبؤوا بكنوز أحفادهم فأسموها الجوف حتى لا يرحلوا عنها.
وفي المقابل ثمة إجابة أخرى لم تبتعد كثيراً عما سبق,وقد ورد ذكرها في كتاب معجم البلدان والقبائل اليمنية بأن تسميةالجوف جاءت كتعبير تقريبي لطبيعتها الحاضنة للسيول القادمة إليها من جبال صنعاء الشمالية والشرقية وجبال خولان العالية وجبال نهم وهمدان وكذا سيول الأمطار القادمة من جبال نجران ومن جبال صعدة, وأن طبيعتها الصحراوية تحبس مياه هذه السيول لتشكل خزانات جوفية تُعطي النماء لأرض الجوف قاطبة.
تباشير مستقبلية
قبل رحلتي إلى محافظة الجوف بيوم واحد كنت قد التقيت الدكتور ناجي صالح ثوابة الخبير الوطني في الشئون الصحية والبيئية ومحافظ الجوف السابق وبصفته أحد أبناءالجوف المرموقين كان يتحدث بعفوية مطلقة واعتزاز كبير عن محافظته المليئة بالكنوز والأسرار.. فهي على حد وصفه تتميز عن غيرها من المحافظات اليمنيةوعن مدن الجزيرة العربية بشكل عام ففي مجال الثروات المستقبلية تمتلك ثروة مائية هائلة مخزونة في أحضانها الجوفية وتكفي لإرواء أراضيها الخصبة وأرض اليمن برمتها.. كما أنها أرض زراعية تربتها عالية الخصوبة ومناخها يتواءم مع مختلف صنوف الزراعات .. وإذا ما استغلت جيداً فإنها سترفد بلادنا بالكثير.. وستكفينا مؤنة الاستيراد وأضرار الأزمات الاقتصادية العالمية المتوالية.
وأضاف ثوابة: إن ثمة تباشير مستقبلة كشفتها دراسات أجريت مؤخراً عبر الأقمار الصناعية مفادها أن باطن أرض الجوف غني بالكثير من المعادن وفيه مخزون كبير من النفط.
وفيما يخص الثروات التاريخية "الآثار" أكد ثوابة أن تاريخ اليمن القديم مازال في جوف الجوف .. وأن المحافظة لو نالت نصيباً من الاهتمام والتنقيبات العلمية من قبل البعثات الأثرية المتخصصة,فإنها ستكون العاصمة الأثرية لليمن والأجانب والمؤرخين لروعة ما تحتويه من كنوز أثرية نادرة, وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إنعاش الاقتصاد الوطني وتحسين بنية المحافظة التحتية..
لمحة جغرافية
محافظة الجوف عبارة عن سهل واسع يتداخل وصحراء الربع الخالي إلا أنها تختلف عنه بكون تربتها عالية الخصوبة, ولذلك فإن الزراعة وتربية الحيوانات تعد النشاط الرئيس لسكان المحافظة, ويمكن أن تكون إقليماً زراعياً, إذ تحتل المرتبة السادسة بين محافظات الجمهورية من حيث إنتاج المحاصيل الزراعية وبنسبة تصل إلى 5،8% من إجمالي الإنتاج الزراعي ومن أهم محاصيلها الزراعية الحبوب والخضروات والفواكه والأعلاف..
وتعد الجوف المحافظة الثالثة من حيث المساحة بعد محافظتي حضرموت والمهرة حيث تبلغ مساحتها 48،770 كم2 وعدد مديرياتها 12 مديرية بعد إضافة 3 مديريات إليها من محافظة صنعاء, وينتشر سكانها المقدر عددهم ب "550" ألف نسمة في تجمعات سكانية متناثرة وخاصة في عاصمتها حزم الجوف وحول وادي خب والشعف وغيرها من الأودية والواحات التي تتوفر فيها المياه الجوفية.
وهي جغرافياً تقع في شمال شرق العاصمةصنعاء وتبعد عنها بمسافة 170 كيلو متراً, وتتصل بمحافظة صعدة من الشمال وصحراء الربع الخالي من الشرق وأجزاء من محافظتي مأرب وصنعاء من الجنوب,ومحافظتي عمرانوصعدة من الغرب, وتحيط بها سلسلة جبلية من جميع الاتجاهات إلا الجهة الشرقية الشمالية,وترتفع عن سطح البحر بنحو "1100" متر وتفصلها عن محافظة مأرب الأثرية صحراء الخبت.
تضاريس المحافظة تتوزع بين مرتفعات وهضاب وسهول خصبة ترويها الوديان أكبرها وادي الخارد الذي يبلغ طوله 60 كيلو متراً وأخصبها وادي خب الغني بالفواكه كالتمور وغيرها.
وفيما يخص المناخ فهو معتدل صيفاً وبارد شتاءً في المناطق الداخلية والمرتفعات الجبلية, ويسود المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية المناخ الحار أثناء
الصيف والمعتدل شتاءً في النهار ويميل إلى البرودة في الليل.
بنات عاد
أقام المعينيون مملكتهم في أرض الجوف السهلية بعد أن استغلوا ضعف مملكة سبأ في القرن الرابع قبل الميلاد, وعرفت بمدنها التاريخية على طول وادي الجوف السحيق, وكانت مدينة "قرناو" عاصمة تلك المملكة العظيمة, بالإضافة إلى "براقش" الحاضرة الثانية والعاصمة الدينية وكذلك مدن خربة همدان "هرم" والبيضاء "نشق" والسوداء "نشان" والقارة وينبأ وحزمة أبو ثور .. ومن المعابد عثتر والنصيب,وجبل اللوذ ويغرو وكهف أسعد الكامل.
وبالعودة إلى المراجع التاريخية الموثوقة, فإن التجارة وحماية القوافل كانت القاعدة الأساس التي قامت عليها الحضارة المعينية القديمة مما حدا بالملك الفرعوني, "بطليموس" بأن يصف المعينيين بأنهم شعب عظيم.. وهي شهادة تاريخية واجب كتابتها بماء الذهب, عدها كثيرون مفخرة لحضارتنا القديمة خاصة وأنها صادرة من قائد أعظم حضارة في ذلك الوقت.
ومما جاء في معجم البلدان بأن الجوف من أرض مراد وله ذكر في تفسير قوله تعالى " إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه" رواه الحميدي وهو في أرض سبأ.. أما الهمداني فقد ذكر في صفة جزيرة العرب : الجوف هو منفق من الأرض بين جبال نهم الشمالية التي فيها أنف اللوذ وبين الجبال الجنوبية المتصلة بهيلان من بعد ,وسعة مابين الجبلين .. مرحلة من أسفل وطوله مرحلة ونصف ويفضي إليه أربعة أودية كبار, فأولها الخارد ومخرجه فيما بين جنوبه ومغربه..وساقي الخارد من فروع مختلفة فأولها من مخلاف خولان في شرق صنعاء فيصب إليه غيمان وما أقبل من عصفان وثربان وخبوة وحبزير.. وقال نشوان: والجوف المطمئن من الأرض والجوف اليمامة والجوف واد باليمن تسكنه همدان.
وقد اشتهرت بعض مدن ومواقع الجوف وذاع صيتها بشهرة مملكة معين مثل مدينة البيضاء التي كانت تعرف قديماً باسم " نشق" والتي مازالت معالمها ومعابدها باقية حتى اليوم, وكذلك مدينة السوداء التي كانت تعرف قديماً باسم نشان وقد اشتهرت السوداء بصناعة المعادن, وقد عثر فيها على بقايا خامات المعادن المختلفة وأيضاً أدوات تستعمل في التعدين وفي تحويل المعادن إلى أدوات كما يوجد فيها مجموعة من المعابد يطلق عليها معابد بنات عاد لأن أعمدتها مزخرفة بزخارف غاية في الروعة والجمال تمثل أشكالاً آدمية لنساء.. وحيوانية "وعول" وهندسية تضاهي معابد بلاد الرافدين.
وهناك النقش الشهير والذي يعرف بنقش النصر والذي يعود للملك السبئي المكرب إيل وتر بن ذمار والذي يذكر بأن مدينة السوداء "نشان" تعرضت لحملات عسكرية لجيوش سبأ وأن المدينة تعرضت للخراب والدمار هي وأسوارها وقصرها الملكي.. وقد حظيت أغلب تلك المناطق بزيارة المستشرق الفرنسي " جوزيف هايفي" في العام 1969م لتتوالى بعد ذلك زيارة الرحالة والمستشرقين حتى وقتنا الراهن.
الجد الأول
كانت رحلتي إلى محافظة الجوف قصيرة ومشتتة تخللتها فواصل عديدة وقصيرة ..
تجاوزت مديرية الغيل ودخلت مديرية المصلوب, وفي منطقة القارة التقطت بعدسة عيني لقطة عامة لكل شيء.. ومن ملامح الوجوه المشرئبة بدت وبوضوح هيئة الجد الأول, فقسمات الأجساد تتشابه، تتكرر وكأن الجميع أبناء لأب واحد..
وقد استشفيت من على ملامحهم أصالة الإنسان اليمني والشهامة العربية والكرم الحاتمي وكل المعاني السامية التي تميز بها الإنسان اليمني عبر العصور.. ومع نشوة اللقيا ثمة سلام مختلف أستوقفني .. فالذي أعرفه ويعرفه كثيرون ان قبائلنا باتجاه الصحراء سلامها بعد التحية و"حُيُتو" لا يتعدى المصافحة واصطدام الأنوف,وهو الأمر الذي وجدت صعوبة بالغة في إتقانه حيث لم أستطع "التنشين" !! وأثناء تكرار المحاولات قلت في خاطري ترى هل تستطيع الوقاية الطبية أن تلغي هذه العادة المتجذرة في المجتمع البدوي خاصة مع التفشي المريع لأنفلونزا الخنازير؟!
مدن الطين
استمرت رحلتي دون توقف وهذه المرة إلى منطقة "ملاحا" حاضرة "بني نوف" الزاهية .. وفوق اديم الذرات الرملية الساخنة وقفت أتأمل المشهد الأكثر روعة, الرايات البيضاء ترفرف في كل مكان,على أسطح المنازل الطينية العتيقة .. وفوق السيارات "الشاصات" المكشوفة, تُلقي بتحيتها المسالمة التي بعثت في نفوسنا الاطمئنان.
هناك بدت وبوضوح معالم الطراز المعماري الفريد الذي تتميز به مدن وقرى محافظةالجوف فمعظم منازلها طينية تتكون من التبن والطين وهي ذات أسطح مرتفعة الغرفة الواحدة قد تعادل ارتفاع طابقين مما هو متعارف عليه, ورغم ذلك فهي قوية وذات متانة وصلابة تقاوم كل أنواع التعرية الطبيعية والأمطار وغيرها.
توجهنا صوب منزل الشيخ مبارك بن غرزة شيخ مشايخ قبائل "دهم" الجوف الذي رغم عبث الشلل الذي بدأ يتسلل إلى ساعده الأيمن إلا أن لسانه طلقة مفعمة بعبارات الترحيب وحفاوة الاستقبال.. وكان إِلحاحه شديداً بأن نبقى في ضيافته,إلا أننا كنا أكثر إلحاحاً بالرحيل..
صورة معبرة
لحكمة أرادها معدو الرحلة خرجنا من بني نوف مديرية المصلوب من حيث لم نأت, وعبر طريق ترابي سلس متجاوزين عديد مناطق وأودية تتداخل على م
ساحات شاسعة فيها أراض زراعية غناء وأشجارها وارفة الظلال, بمدائن الطين البديعة, مُشكلة صورة معبرة عن ذلك الامتزاج بين الأرض والإنسان عنوانها البقاء والنماء والخير لكل الناس.
بعد أكثر من ساعة ولجنا مدينة الحزم عاصمة المحافظة من الخلف فكانت بحق مدينة حديثة في جوف الحضارة وهي كما يفيد
كتاب معجم البلدان والقبائل اليمنية مدينة تاريخية كغيرها من مدن الجوف الأخرى ومما جاء فيه " الحزم مدينة ومركز إداري في وادي الجوف، قال الدكتور أحمد فخري الحزم اسم مدينة حديثة شغلت موقع "هرم" القيمة وهي الآن مقر الحكومةبالجوف.. وتقع المدينة القديمة على مساحة حوالي 2 كيلو متر إلى الغرب من الحزم ويطلق على خرائبها "خربة آل علي" ومباني قرية علي أو المدينة كما تسمى أحياناً .. مشيدة على أعلى جزء من المدينةالقديمة وتظهر هنا وهناك بين المنازل الحديثة أطلال جدران حجرية قديمة وبالمدينة معبدان صغيران على حافة الجانب الشمالي لها,أما أهم الآثار فتقع في السهل على مسافة حوالي 300 متر شمال غرب مساكن آل علي, وحتى سنوات قليلة مضت كان يقوم في هذا المكان معبد ذا مدخل ظاهر للعيان مبني من كتل الجرانيت الضخمة المنقوش عليها مناظر مختلفة وأطلال هذا المدخل باستثناء أحد جانبيه لا تزال راقدة على الأرض.
عاصمة المعينيين
بالاتجاه شمالاً من مدينة الحزم عاصمة المحافظة وعلى بعد نحو "7" كم توجد مدينة معين " براقش" عاصمة مملكة معين القديمة رابضة على ربوة صناعية من التراب لحمايتها من أضرار السيول الجارفة وعوامل التعرية التي لا ترحم وأيضاً كحماية دفاعية عند الحروب .
ولم يكن يعرف علماء الآثار عن هذه المدينة شيئاً,رغم تميزها بالمعالم الحضارية والتاريخية, لأنها كانت ومازالت مطمورة تحت الرمال, حتى اكتشفها المستشرق "هاليفي" أثناء زيارته مدن وخرائب الجوف القديمة في العام 1870م موفداً من أكاديمية الفنون الجميلة بباريس,وعند زيارته المدينة قرأ على معالمها اسمها مكتوباً بالخط المسند, كما أشار هاليفي أن هذه المدينة وباقي الخرائب الأثرية في الجوف من أغنى مناطق اليمن والجزيرة العربية بالآثار, ولكن للأسف لم يتم حتى اليوم أي أعمال حفريات وتنقيبات أثرية علمية ومنظمة في هذه المدينة,سوى النبش العشوائي من قبل لصوص الآثار والتاريخ.. وفي ذات السياق ثمة وصف بديع للباحث المصري محمد توفيق في كتابه آثار معين في جوف اليمن .. بأنها تقع على أكمة من الطين منحدرة الجوانب,تعلو على سطح الأرض بخمسة عشر متراً, وهي مستطيلة الشكل من الشرق إلى الغرب طولها أربعمائة متر في عرض مائتين وخمسين متراً,وقد أثبتت النقوش على أنها صنعت على أيدي عمال مهرة جداً,وبواسطة آلات دقيقة أيضاً,فإن أحجام الحروف متناسقة واستقامتها متوازية وقياس الأبعاد بينها تتناسب, وعمق الحفر فيها جميعاً متساو, وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على مقدار ما وصل إليه أهل معين من الفن الرفيع والذوق السليم.
فيما يقول الدكتور فهمي الأغبري بأن لها أربع بوابات فتحت في منتصف كل ضلع من أضلاع سورها تقابل الواحدة منها الأخرى, مازالت ثلاث منها تحتفظ بأجزاء كبيرة منها بينما الرابعة وهي الشمالية مندثرة تماماً ..
بوابة الصحراء
وبسبب قرب قرناو من صحراء الربع الخالي ما تزال أغلب آثارها مطمورة تحت الرمال, فهي تحديداً تقع عند الفتحة المؤدية إلى تلك الصحراء في تماس مع السهل الفسيح, الذي يرويه وادي مذاب "الخادر" أي في منتصف المسافة بين جبل اللوذ الذي يقع إلى الشمال منها على بعد 20كم وجبال يام الذي يقع في جنوبها وبنفس المسافة..وقد تعددت أسماء هذه المدينة الأثرية في أغلب المراجع التاريخية مابين معين,قرناو, قرنوس ,أو كما يسميها الكتاب الكلاسيكيوم اليونانيون "كرنو" .. وهي تعد من أروع المعالم الأثرية والتاريخية في الجزيرة العربية.. ولها أربع بوابات من الجهات الأربع حيث يتم الولوج إلى تفاصيلها من البوابة الغربية وهي من أحسن البوابات,أما البوابة الجنوبية لم يتبق منها إلا بعض من أجزائها ويوجد بالقرب منها قصر ملكي كبير لا تزال بعض شواهده
ظاهرة حتى يومنا هذا، وقد تغيرت بعض احجار القصر بسبب حريق نتج عن الصاعقة أو الرياح أو الحروب التدميرية التي كان يقوم بها الملك السبئي كرب ال وتر لإخضاع مدينة قرناو لمملكة سبأ كما توجد بالقرب من هذه البوابة مقبرة المدينة التاريخية والتي تشكو تعرضها لأبشع عمليات النهب والنبش والتخريب لمحتوياتها بحثاً عن الكنوز والتماثيل الذهبية والبرونزية التي كان ملوك هذه المدينة يضعونها كشواهد قبورية لهم..ما البوابة الشرقية فلا زالت قائمة على جدرانها نقوش بأحرف المسند ويوجد بالقرب منها بقايا بناء مطمور بالتراب والاحجار، أما بوابتها الشمالية فهي مطمورة كلياً بما فيها سورها.. أما بعض أحجارها فهي متناثرة هنا وهناك في تلك المنطقة.
بقايا جدران
كما أن لكل بوابة من هذه البوابات سوراً يحيط بها فالبوابة الغربية هي الأحسن حالاً فسورها المبني من الحجر الأبيض المنقول من الجبال البعيدة، و
لا تزال بقاياها في غاية المتانة والروعة والدقة، فهو يتكون من 28 حبلاً حجرياً في إحدى جهاتها، منقوشة أربعة منه بأحرف المسند بأسفل السور.
أما في الجهة الأخرى فالمتبقى 30حبلاً منقوشة منها أربعة في أعلى السور وبالنسبة لأحجار السور فهي كبيرة الحجم حيث يبلغ طول الواحدة منها من المتر والنصف إلى المترين وبعرض متر واحد، وقد تم قطع تلك الأحجار بطريقة منظمة ونحتت بطريقة جميلة حيث تبرز الحجر إلى خارج بحوالي 15سم.. فيما يحدد نقش مكتوب على السور بأنه بني عليه ستة أبراج دفاعية كنظام أمني لحماية هذه المدينةمن أي غزو قد تتعرض له.
والواضح للعيان أن أغلب أجزاء هذا السور مطمورة تحت الخرائب التي تغطي موقع المدينة إضافة إلى تراكم الأتربة والرمال بفعل عوامل التصحر، كما أن نظام بناء السور قد بني على شكل دخلات وخرجات، نظام المزاوجة بين الحجرة الواحدة والأخرى.. وأن مباني المدينة كانت تستند على السور مباشرة ففي الجانب الغربي من السور توجد بقابا بعض الجدران العمودية للمنازل مستندة على السور
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM