تباط بين صنعاء وعدن… ويدعوا إلى استعادة ارض الجنوب السابقة التي توحدت مع صنعاء في 22 مايو 1990م.
كانت الأصوات تتعالى في هذا السوق.. ويرتفع الضجيج والضوضاء.. ويزداد عدد المركبات التي تمر بالعسكرية…كان مرافقي قد طلب إن يشتري بعض أوراق القات اليافعي… فهو كما يقول يفضل القات اليافعي وان كان من منطقة العمري في يافع…سيكون رائعاً…
الجميع أنهى وجبتهم الدسمة… ومتهيئون لمضغ القات مع إن الوقت لازال مبكراً..فالساعة تشير إلى الحادية عشر والنصف قبل الظهيرة… حينها قال السائق يجب إن نتحرك. لكي نتمتع بمنظر المطر والسيول… فقد بداء الجو يتكون ببعض السحب.. فهو موسم أمطار وقد اسماه السائق موسم “ثجر” في حساب مواسم يافع…. وما إن سمع مرافقنا كلمة “ثجر” حتى نظر إلى السائق وهو يقول” اش من ثجر يا صالح… هذا موسم “عنابر”..واشتد الخلاف بينهم بين موسمي ” ثجر” و”العنابر” لا اعرف بتلك الحسابات فقد كنت منشغلا بتلك الفتاة التي مددت يدها وهي تقول” هبلي لله حق الغذاء” قلت لها: الله كريم…
كررت كلامها بالقول :”الله يرزقك الله يسترك… الله يزوجك الله …يحفظ لك عيالك…” قلت لها سأعطيك ولكن قولي للي اي المواسم هو الآن” فقد كانت تسمع خلاف رفاقي” فقالت: عنابر…ما تسمع أصوات “التيوس” هذا موسم عنابر…. كان صديقي يضحك…فمنحتها حق الغذاء وحق القات.. وانطلقنا حتى نهاية السوق…لنبداء في المرور بسيله وطن…
لم نتجاوز كيلو متر ونصف…وإذا بهم يشيرون إلى وادي يقف يساراً يقولون من هنا طريق مشالة يافع… وتمتد عبر وادي طويل حتى أعالي الجبال….
على بعد ثلاثة كيلو متر ونحن نسير بطريق جانبية بالجبل ..نشاهد سيله وطن والماء يجري عبرها…والأشجار الخضراء…دون أن نجد إي اثأر لسكان بهذه المنطقة….التي قال عنها أنها تسمى” أسفل سرويت” ولم يعرف سبب هذه التسمية والى ماذا تعود..
كانت الطريق خطيرة فهي أشبه بثعبان طويل..تتميز بمنحدرات خطيرة وضيقة….تحس حينها بالدوار ….فطلبنا من السائق أن يخفف السرعة بعد أن كدنا نصطدم بقاطرة كبيرة اثر تجاوز السائق احد المنعطفات…
استمر المسير حتى أسفل معربان… الذي يقودك إلى السعدي رصد…ثم منطقة الشبحي… وبعض البيوت التي تقف يسارا ويميناً…
في يهر تشاهد قصورا حجرية…والتي سيأتي وصفها…لاحقاُ…والشيء الذي لفت انتباهي…هي تلك المنارات التي تمتد من تله إلى أخرى… ويوجد رابط كأنه خط مستقيم بين الوحدة والأخرى… والتي تستخدم للحراسة قديماً ويقول عنها مرافقي أنها أقدم وسيلة اتصال عرفها يافع…حيث كانت تستخدم للحراسة ونقل الأخبار…والتنبيه من المخاطر والغزو…من خلال بنائها المحصن وأيضا امتدادها على حدود ومناطق يافع…
النوبة او المنارة او المحرسة اليافعية التاريخية
تسمى نوبة أو محرسه أو خلوة… تلك المنارة التي تتميز بطولها الذي يمتد أحيانا أكثر من 7 متر وبقطر متران ونصف… تبنى بشكل دائري…وتتميز بباب واحد…. وبعض فتحات في الأدوار العلوية منها… بنائها بشكل دائري هو نوع من التحصين… فلا يستطيع العدو أن يهدها أو يحاول تسلقها وأيضا هي مكان يستطيع أن يشاهد فيه كل الاتجاهات…تتميز أيضا بفتحات صغيرة لا تتجاوز 20 سم وتكون بشكل مربع يستخدمها الشخص الذي يتولى الحراسة بتوجيه فوهة بندقيته منها إلى الهدف الذي يقف خارجها..
في النوبة..يوجد درج أو سلم ولكنه من حجار مرصوفة ومثبته في بناء النوبة من الداخل بشكل سلم حتى أعلى المنارة…
كانت النوبة أو المنارة في حالة أرسل رسالة ما أن يقوم الحارس بإشعال النيران..أو النداء إلى زميله الذي يتولى الحراسة في النوبة المقابلة وتكون إلى مسافة بين 500 إلى 700 متر…بينها وبين الأخرى…حيث ينتقل الخبر سريعا خلال دقائق وساعات وتأتي النجدة من كل اتجاه بين مكاتب وقرى ومدن يافع.
يهر : تراتيل من آية المطر
في يهر …وادي الحلم والجمال …يهر يحتضن الكون ويمد يديه لتراها وأنت تقف وسط هذا الوادي الكبير… ترى الجبال التي تحيطك من اليمين والشمال… وكأنه رجلاً يتلو آيات العز…ويرتل نشيد من هنا كان الميلاد يهر..
في يهر حيث يكسو عبق الشموخ الأمكنة والزوايا … وأصالة التاريخ.. وقوة الانتماء… ستبدو صغيراً وأنت ترقب الشمس مرسلةً أشعتها على السفوح والآكام … وتعانق بنورها الأفق البعيد.. راسمةً على قمم الجبال عقوداً من الياسمين… وتكسو الهضاب ألوان الزهور…وتنتشر في ثنايا الأودية مروج من ورد..وحقول البن… لتتشكل على جنبات الحقول لوحات من جمال.. وتألقٍ يأخذك شذاها وشذراتها إلى عالم الخيال …يتراقص فيه الأمل والفرح.. لتستنشق عبق الرياحين من بين تلك الأمكنة في فناء مسكون بمجد تليد..
في يهر وأنت تسير بهذا الوادي المسكون تنظر إلى السماء…تنظر إلى قمم الجبال.. تتراءَ إليك تلك الغيمة التي تهمي بخيرها من قطرات… لتشاهد الخير وقد أنطلق بطريقه إلى شعاب ووديان وسهول… يسقى الثمار اليانعة… والسدر الباسقة…والورود والزهور التي تتبسم في منظر من سحر وروعة وجمال… لتتوجه بيديك وترسل بصرك نحو السماء.. وتقول في ابتهالات
كانت الأصوات تتعالى في هذا السوق.. ويرتفع الضجيج والضوضاء.. ويزداد عدد المركبات التي تمر بالعسكرية…كان مرافقي قد طلب إن يشتري بعض أوراق القات اليافعي… فهو كما يقول يفضل القات اليافعي وان كان من منطقة العمري في يافع…سيكون رائعاً…
الجميع أنهى وجبتهم الدسمة… ومتهيئون لمضغ القات مع إن الوقت لازال مبكراً..فالساعة تشير إلى الحادية عشر والنصف قبل الظهيرة… حينها قال السائق يجب إن نتحرك. لكي نتمتع بمنظر المطر والسيول… فقد بداء الجو يتكون ببعض السحب.. فهو موسم أمطار وقد اسماه السائق موسم “ثجر” في حساب مواسم يافع…. وما إن سمع مرافقنا كلمة “ثجر” حتى نظر إلى السائق وهو يقول” اش من ثجر يا صالح… هذا موسم “عنابر”..واشتد الخلاف بينهم بين موسمي ” ثجر” و”العنابر” لا اعرف بتلك الحسابات فقد كنت منشغلا بتلك الفتاة التي مددت يدها وهي تقول” هبلي لله حق الغذاء” قلت لها: الله كريم…
كررت كلامها بالقول :”الله يرزقك الله يسترك… الله يزوجك الله …يحفظ لك عيالك…” قلت لها سأعطيك ولكن قولي للي اي المواسم هو الآن” فقد كانت تسمع خلاف رفاقي” فقالت: عنابر…ما تسمع أصوات “التيوس” هذا موسم عنابر…. كان صديقي يضحك…فمنحتها حق الغذاء وحق القات.. وانطلقنا حتى نهاية السوق…لنبداء في المرور بسيله وطن…
لم نتجاوز كيلو متر ونصف…وإذا بهم يشيرون إلى وادي يقف يساراً يقولون من هنا طريق مشالة يافع… وتمتد عبر وادي طويل حتى أعالي الجبال….
على بعد ثلاثة كيلو متر ونحن نسير بطريق جانبية بالجبل ..نشاهد سيله وطن والماء يجري عبرها…والأشجار الخضراء…دون أن نجد إي اثأر لسكان بهذه المنطقة….التي قال عنها أنها تسمى” أسفل سرويت” ولم يعرف سبب هذه التسمية والى ماذا تعود..
كانت الطريق خطيرة فهي أشبه بثعبان طويل..تتميز بمنحدرات خطيرة وضيقة….تحس حينها بالدوار ….فطلبنا من السائق أن يخفف السرعة بعد أن كدنا نصطدم بقاطرة كبيرة اثر تجاوز السائق احد المنعطفات…
استمر المسير حتى أسفل معربان… الذي يقودك إلى السعدي رصد…ثم منطقة الشبحي… وبعض البيوت التي تقف يسارا ويميناً…
في يهر تشاهد قصورا حجرية…والتي سيأتي وصفها…لاحقاُ…والشيء الذي لفت انتباهي…هي تلك المنارات التي تمتد من تله إلى أخرى… ويوجد رابط كأنه خط مستقيم بين الوحدة والأخرى… والتي تستخدم للحراسة قديماً ويقول عنها مرافقي أنها أقدم وسيلة اتصال عرفها يافع…حيث كانت تستخدم للحراسة ونقل الأخبار…والتنبيه من المخاطر والغزو…من خلال بنائها المحصن وأيضا امتدادها على حدود ومناطق يافع…
النوبة او المنارة او المحرسة اليافعية التاريخية
تسمى نوبة أو محرسه أو خلوة… تلك المنارة التي تتميز بطولها الذي يمتد أحيانا أكثر من 7 متر وبقطر متران ونصف… تبنى بشكل دائري…وتتميز بباب واحد…. وبعض فتحات في الأدوار العلوية منها… بنائها بشكل دائري هو نوع من التحصين… فلا يستطيع العدو أن يهدها أو يحاول تسلقها وأيضا هي مكان يستطيع أن يشاهد فيه كل الاتجاهات…تتميز أيضا بفتحات صغيرة لا تتجاوز 20 سم وتكون بشكل مربع يستخدمها الشخص الذي يتولى الحراسة بتوجيه فوهة بندقيته منها إلى الهدف الذي يقف خارجها..
في النوبة..يوجد درج أو سلم ولكنه من حجار مرصوفة ومثبته في بناء النوبة من الداخل بشكل سلم حتى أعلى المنارة…
كانت النوبة أو المنارة في حالة أرسل رسالة ما أن يقوم الحارس بإشعال النيران..أو النداء إلى زميله الذي يتولى الحراسة في النوبة المقابلة وتكون إلى مسافة بين 500 إلى 700 متر…بينها وبين الأخرى…حيث ينتقل الخبر سريعا خلال دقائق وساعات وتأتي النجدة من كل اتجاه بين مكاتب وقرى ومدن يافع.
يهر : تراتيل من آية المطر
في يهر …وادي الحلم والجمال …يهر يحتضن الكون ويمد يديه لتراها وأنت تقف وسط هذا الوادي الكبير… ترى الجبال التي تحيطك من اليمين والشمال… وكأنه رجلاً يتلو آيات العز…ويرتل نشيد من هنا كان الميلاد يهر..
في يهر حيث يكسو عبق الشموخ الأمكنة والزوايا … وأصالة التاريخ.. وقوة الانتماء… ستبدو صغيراً وأنت ترقب الشمس مرسلةً أشعتها على السفوح والآكام … وتعانق بنورها الأفق البعيد.. راسمةً على قمم الجبال عقوداً من الياسمين… وتكسو الهضاب ألوان الزهور…وتنتشر في ثنايا الأودية مروج من ورد..وحقول البن… لتتشكل على جنبات الحقول لوحات من جمال.. وتألقٍ يأخذك شذاها وشذراتها إلى عالم الخيال …يتراقص فيه الأمل والفرح.. لتستنشق عبق الرياحين من بين تلك الأمكنة في فناء مسكون بمجد تليد..
في يهر وأنت تسير بهذا الوادي المسكون تنظر إلى السماء…تنظر إلى قمم الجبال.. تتراءَ إليك تلك الغيمة التي تهمي بخيرها من قطرات… لتشاهد الخير وقد أنطلق بطريقه إلى شعاب ووديان وسهول… يسقى الثمار اليانعة… والسدر الباسقة…والورود والزهور التي تتبسم في منظر من سحر وروعة وجمال… لتتوجه بيديك وترسل بصرك نحو السماء.. وتقول في ابتهالات
حه المنبسط... وأتساءل مع نفسي ...ترى أين ستكون النهاية؟...
من أعلى الجبل تريد أن ترى يافع من كل الاتجاهات...ترى مدن يافع ...هكذا يخيل إليك...وأنت ترسل بصرك مد الأفق...
"العر باقي ويافع بالوجود" يقول صديقي المسعودي... الواقف بجانبي...وهو ينظر جانباً إلى ما كنت أسجل في مفكرتي...وكأنه قراء حالة الارتباك التي أصابتني...وأنا أوزع نظري بكل الاتجاهات والأنحاء...
يأخذني من يدي كي أرى وشماً في خد الجبل...رسمه الأجداد في ملحمة النصر منذ قرون...أي اياداً تلك التي أطاعها هذا العملاق؟...واستطاعت أن تروضه...فهذا ليس وشماً ..انه نحتاً يشق صدر الجبل...حفرته أياد قوم اختاروا العر رمزاً لهم...فاختارهم أهلاً له...توارثوا البطولة والمجد. في هذه البقعة المسكونة كأقوام يمتد بهم التأريخ إلى ميلاد البشرية...
تقف على سطح الجبل وكأنك تعانق السماء...تسال أين هي أقصى بقعه لحدود يافع؟..لن تنتظر طويلا تبحث عن إجابة... وأنت تنظر بكل الاتجاهات...
صديقي المسعودي وهو شيخ مكتب "الحضرمي" احد مكاتب يافع العشرة...والذي يقع هذا الجبل في أطار حدود المكتب... يقول : "انظر إلى أقصى ما يصل إليه بصرك فلن ترى النهاية...فسيرتد بصرك دون أن تصل إلى نهاية حدود يافع التاريخ.... فهي ابعد مما وراء مد البصر..!!
جبل العر يافع
من أعلى الجبل ترى جبل حلين يتكئ إلى جبل العر...يقف شامخاً وكأنه يقرأ آيات المجد...مطرزاً رأسه بتاجٍ يعلو "عمامة"يافعية...لا تتأثر بمرور الزمن...وعلى يمينه ويساره وكل زواياه...تمتد حصون يافع...وارض منبسطة...يسكنها قوم أشداء...كان لهم مع التاريخ جولات...وفي معترك الحياة صولات...صدورهم درعاً ليافع...وأرضهم "مخازن يافع من الحبوب...كتبوا التاريخ بشجاعتهم... واسقوا البيداء بدماء أعدائهم...وكان أخرها معركة تحرير جبل العر في 2011...التي سجل فيها أبناء الحد ويافع انصع علامات الفداء والنصر
من أعلى الجبل تريد أن ترى يافع من كل الاتجاهات...ترى مدن يافع ...هكذا يخيل إليك...وأنت ترسل بصرك مد الأفق...
"العر باقي ويافع بالوجود" يقول صديقي المسعودي... الواقف بجانبي...وهو ينظر جانباً إلى ما كنت أسجل في مفكرتي...وكأنه قراء حالة الارتباك التي أصابتني...وأنا أوزع نظري بكل الاتجاهات والأنحاء...
يأخذني من يدي كي أرى وشماً في خد الجبل...رسمه الأجداد في ملحمة النصر منذ قرون...أي اياداً تلك التي أطاعها هذا العملاق؟...واستطاعت أن تروضه...فهذا ليس وشماً ..انه نحتاً يشق صدر الجبل...حفرته أياد قوم اختاروا العر رمزاً لهم...فاختارهم أهلاً له...توارثوا البطولة والمجد. في هذه البقعة المسكونة كأقوام يمتد بهم التأريخ إلى ميلاد البشرية...
تقف على سطح الجبل وكأنك تعانق السماء...تسال أين هي أقصى بقعه لحدود يافع؟..لن تنتظر طويلا تبحث عن إجابة... وأنت تنظر بكل الاتجاهات...
صديقي المسعودي وهو شيخ مكتب "الحضرمي" احد مكاتب يافع العشرة...والذي يقع هذا الجبل في أطار حدود المكتب... يقول : "انظر إلى أقصى ما يصل إليه بصرك فلن ترى النهاية...فسيرتد بصرك دون أن تصل إلى نهاية حدود يافع التاريخ.... فهي ابعد مما وراء مد البصر..!!
جبل العر يافع
من أعلى الجبل ترى جبل حلين يتكئ إلى جبل العر...يقف شامخاً وكأنه يقرأ آيات المجد...مطرزاً رأسه بتاجٍ يعلو "عمامة"يافعية...لا تتأثر بمرور الزمن...وعلى يمينه ويساره وكل زواياه...تمتد حصون يافع...وارض منبسطة...يسكنها قوم أشداء...كان لهم مع التاريخ جولات...وفي معترك الحياة صولات...صدورهم درعاً ليافع...وأرضهم "مخازن يافع من الحبوب...كتبوا التاريخ بشجاعتهم... واسقوا البيداء بدماء أعدائهم...وكان أخرها معركة تحرير جبل العر في 2011...التي سجل فيها أبناء الحد ويافع انصع علامات الفداء والنصر
الفرح… حمداً وشكراً لك يا رب السماء.. على نعمة أعطيتنا إياها.. وأرض شرفتنا بسكنها..و خير رزقتنا به من ثمرها..
في يهر كنا قد وصلنا إلى قرية “مورة”…وكنت السماء ملبدة بالغيوم وبعض قطرات من مطر بدأت تتساقط. وأصوات الرعد يرتد صداه بكل اتجاهات الكون…تنظر إلى أقصى مد بصرك. لا ترى شيء. إلا وقد غطى المطر كل شيء…ماهي إلا ثواني حتى…ترى
أمواج المطر تسير على الجبال وكنها صفوفا تلي بعضها…تتراقص بها الرياح صعودا وهبوطاً…وكنها تعزف تراتيل من آية المطر…
كل شيء يختفي لم تعد ترى مد يديك…صديقي يتساءل أين القصور التي كنا نراها على جنبات الوادي؟!!…أين ناطحات السحاب الحجرية؟!!…أين وأين وأين..وأين سيمر هذا المطر. السيول…هكذا كان مرافقنا يتساءل. ويقول: هل ستتسع تلك “السيلة ” السائلة لكل ما سيأتي من سيول..؟!! أظنها لن تترك شجرة بن بعد اليوم..!
حينها كانت أصوات الصواعق وهي تهز إرجاء الوادي…الواحدة تلو الأخرى…مما جعل صديقي يصمت…وينذهل من شدة صوتها الذي يخيف أقوى القلوب والنفوس…
لم يقطع ذلك الصمت والذهول إلا صوت صديقي العقيد”علي عبادي” وهو يقول:عليهم يارب…على المردة والشياطين…ويطلق هناء وهناك بعض القفشات المحببة والساخرة التي يتميز بهذا ذلك الإنسان البشوش ذو القلب والأخلاق الطيبة..
قال صديقي ببراءة..: إذا ضربت هذه الصواعق هذه البيوت…فكان الرد عليه سريعاً…الم ترى تلك القصور الشامخة وناطحات السحاب العالية وكأنها بروجا مشيدة تثبت هذه الجبال وتحافظ على توازنها؟!!!..الم ترى تلك التشريفات التي تعلوا سطوح هذه القصور؟!!!..فلم يترك أجدادنا شيئاً…فهي إن ضربت أي صواعق تضرب هذه التشريفات فقط باعتبارها أعلى النقاط في هذه القصور…
حينها كنا نراقب المطر من شباك المجلس…الذي بدا يخف قليلاً…وكانت الجبال في منظر ليس له شبيه أو مثيل…تسيل منها الأمطار وكأنها حلة بيضاء تكسوها…
كانت أول الشعاب القريبة من القرية قد وصلت في سيولها إلى الوادي…فيزداد شيئا فشيئا…فلم نتحمل ذلك المنظر إن نشاهده من داخل المجلس…فخرجنا جميعا إلى الخط العام بجانب الوادي ولازالت الأمطار تتساقط ولكنها ليست بكثافة..
أصوات رصاص قادم صوتها من المناطق الأعلى في الوادي…يقول صديقنا علي عبادي…إن هذه إشارة إن السيول بدأت تتدفق في الوادي…ويجب الابتعاد عنها واخذ الحيطة والحذر من الأشخاص الذين يكونوا في طريقها…
تحركنا حينها وبرفقتنا العقيد علي عبادي..نسير على الطريق العام المحاذي يمينا لضفة وادي يهر… ولازالت الحركة بطيئة بهذه السيارة…ففي طريقنا تنزل بعض الشعاب فوق خط الازفلت العام وتضع بعض أكوام من الرمال تمنع مرور المركبات…
كنا نسير رويدا رويدا ونحن محاطون بالأمطار والسيول من كل اتجاه… منظر السائلة التي يمر فيها مجرى السيل تمتلئ شيئا فشيئاً…وحوائط البن تمتلئ أيضا بالمياه والتي شق لها المزارعون ما يسمونه” عبر” أو اعبار يمر السيل منها إلى داخل مزارع وحوائط البن التي كانت تحيط بالوادي يمين ويسار ..
كنا نسير وعيناً على السيل… والعين الأخرى نشاهد البنايات التي تتأبط الجبل يمين ويسار…وكان صديقنا علي عبادي يذكر لنا أسماء القرى والإمكان… ومررنا بأحد المنعطفات…وإذا به يشير لنا إن هذا بيت أبو وضاح…الشاعر اليافعي الكبير ثابت عوض اليهري اليافعي…
أي منظر وأي مشهد وأي لوحات تلك التي تشاهد على امتداد الطريق حتى تصل إلى منطقة “السويدا” مركز أو سوق يهر الرسمي…تقف هناك في ملتقى أودية ملتقى شعاب…ملتقى بشري وعمراني…كبير
وقفنا هناك ننظر للسماء…ونشاهد أعالي الجبال…وقممها وفيها قصورا كأنها نسورا أو صقورا تقف على قمم الجبال يمينا ويساراً… وفي الأرض تشاهد سيولا تتدفق وتهدر وتسيل بقوة وتندفع…لا تملك إلا إن تندهش وتقول بحسرة على عالم المدينة..أين نحن عائشون من هذا…في مشهد نادرا إن يتكرر إمامك…بينما يكون مألوفاً لأهالي المنطقة…في يهر تقف على شموخ الوادي…ونهضة المدينة…وقصورها الحجرية المطرزة بآيات الجمال…فلا تتعجب فأنت في يهر..آية عشق في المبتدأ والشموخ…ومن هنا كانت البداية يهر…ولن تكون النهاية. ولازلنا في يهر...
جبل العر
عندما كنت في طريقي إلى جبل الـعـر...كانت الأسئلة تتداخل في رأسي...ابحث عن إجابة...لكل هذا التقديس والمكانة التي يحتفظ بها هذا الجبل في نفوس قبيلة يافع...ليجعلوا منه رمزاً وطنياً وتاريخياً ربطوا بقائه ببقاء يافع...
ما أن خرجنا من منطقة "مـرفـد" ...يأخذني صديقي "صالح" سائق الجيب الأسود.. أول المنحدرات صعودا إلى الأعلى.. يقود بهدوء. لا تكاد تسمح صوتاً لمحرك السيارة...وكأنك تقترب من السماء...
ما أن تطأ قدماك جبل "الـعــر"... تقف مندهشاً تبحث عن كلام... تبحث عن وصف...لهذا العملاق... الذي كان ولازال كابوساً مرعباً... للغزاة عبر التاريخ...
أقف ساكتاً وحيداً مندهشاً... أتأمل أين البداية...ومن أين أبدا لهذا الجاثم بإصرار فوق بطن الأرض ؟. أنني أقف على جبلٍ مطلٍ على أنحاء الأرض... جبل كأنه أسطورة بحجمه ومستوى سط
في يهر كنا قد وصلنا إلى قرية “مورة”…وكنت السماء ملبدة بالغيوم وبعض قطرات من مطر بدأت تتساقط. وأصوات الرعد يرتد صداه بكل اتجاهات الكون…تنظر إلى أقصى مد بصرك. لا ترى شيء. إلا وقد غطى المطر كل شيء…ماهي إلا ثواني حتى…ترى
أمواج المطر تسير على الجبال وكنها صفوفا تلي بعضها…تتراقص بها الرياح صعودا وهبوطاً…وكنها تعزف تراتيل من آية المطر…
كل شيء يختفي لم تعد ترى مد يديك…صديقي يتساءل أين القصور التي كنا نراها على جنبات الوادي؟!!…أين ناطحات السحاب الحجرية؟!!…أين وأين وأين..وأين سيمر هذا المطر. السيول…هكذا كان مرافقنا يتساءل. ويقول: هل ستتسع تلك “السيلة ” السائلة لكل ما سيأتي من سيول..؟!! أظنها لن تترك شجرة بن بعد اليوم..!
حينها كانت أصوات الصواعق وهي تهز إرجاء الوادي…الواحدة تلو الأخرى…مما جعل صديقي يصمت…وينذهل من شدة صوتها الذي يخيف أقوى القلوب والنفوس…
لم يقطع ذلك الصمت والذهول إلا صوت صديقي العقيد”علي عبادي” وهو يقول:عليهم يارب…على المردة والشياطين…ويطلق هناء وهناك بعض القفشات المحببة والساخرة التي يتميز بهذا ذلك الإنسان البشوش ذو القلب والأخلاق الطيبة..
قال صديقي ببراءة..: إذا ضربت هذه الصواعق هذه البيوت…فكان الرد عليه سريعاً…الم ترى تلك القصور الشامخة وناطحات السحاب العالية وكأنها بروجا مشيدة تثبت هذه الجبال وتحافظ على توازنها؟!!!..الم ترى تلك التشريفات التي تعلوا سطوح هذه القصور؟!!!..فلم يترك أجدادنا شيئاً…فهي إن ضربت أي صواعق تضرب هذه التشريفات فقط باعتبارها أعلى النقاط في هذه القصور…
حينها كنا نراقب المطر من شباك المجلس…الذي بدا يخف قليلاً…وكانت الجبال في منظر ليس له شبيه أو مثيل…تسيل منها الأمطار وكأنها حلة بيضاء تكسوها…
كانت أول الشعاب القريبة من القرية قد وصلت في سيولها إلى الوادي…فيزداد شيئا فشيئا…فلم نتحمل ذلك المنظر إن نشاهده من داخل المجلس…فخرجنا جميعا إلى الخط العام بجانب الوادي ولازالت الأمطار تتساقط ولكنها ليست بكثافة..
أصوات رصاص قادم صوتها من المناطق الأعلى في الوادي…يقول صديقنا علي عبادي…إن هذه إشارة إن السيول بدأت تتدفق في الوادي…ويجب الابتعاد عنها واخذ الحيطة والحذر من الأشخاص الذين يكونوا في طريقها…
تحركنا حينها وبرفقتنا العقيد علي عبادي..نسير على الطريق العام المحاذي يمينا لضفة وادي يهر… ولازالت الحركة بطيئة بهذه السيارة…ففي طريقنا تنزل بعض الشعاب فوق خط الازفلت العام وتضع بعض أكوام من الرمال تمنع مرور المركبات…
كنا نسير رويدا رويدا ونحن محاطون بالأمطار والسيول من كل اتجاه… منظر السائلة التي يمر فيها مجرى السيل تمتلئ شيئا فشيئاً…وحوائط البن تمتلئ أيضا بالمياه والتي شق لها المزارعون ما يسمونه” عبر” أو اعبار يمر السيل منها إلى داخل مزارع وحوائط البن التي كانت تحيط بالوادي يمين ويسار ..
كنا نسير وعيناً على السيل… والعين الأخرى نشاهد البنايات التي تتأبط الجبل يمين ويسار…وكان صديقنا علي عبادي يذكر لنا أسماء القرى والإمكان… ومررنا بأحد المنعطفات…وإذا به يشير لنا إن هذا بيت أبو وضاح…الشاعر اليافعي الكبير ثابت عوض اليهري اليافعي…
أي منظر وأي مشهد وأي لوحات تلك التي تشاهد على امتداد الطريق حتى تصل إلى منطقة “السويدا” مركز أو سوق يهر الرسمي…تقف هناك في ملتقى أودية ملتقى شعاب…ملتقى بشري وعمراني…كبير
وقفنا هناك ننظر للسماء…ونشاهد أعالي الجبال…وقممها وفيها قصورا كأنها نسورا أو صقورا تقف على قمم الجبال يمينا ويساراً… وفي الأرض تشاهد سيولا تتدفق وتهدر وتسيل بقوة وتندفع…لا تملك إلا إن تندهش وتقول بحسرة على عالم المدينة..أين نحن عائشون من هذا…في مشهد نادرا إن يتكرر إمامك…بينما يكون مألوفاً لأهالي المنطقة…في يهر تقف على شموخ الوادي…ونهضة المدينة…وقصورها الحجرية المطرزة بآيات الجمال…فلا تتعجب فأنت في يهر..آية عشق في المبتدأ والشموخ…ومن هنا كانت البداية يهر…ولن تكون النهاية. ولازلنا في يهر...
جبل العر
عندما كنت في طريقي إلى جبل الـعـر...كانت الأسئلة تتداخل في رأسي...ابحث عن إجابة...لكل هذا التقديس والمكانة التي يحتفظ بها هذا الجبل في نفوس قبيلة يافع...ليجعلوا منه رمزاً وطنياً وتاريخياً ربطوا بقائه ببقاء يافع...
ما أن خرجنا من منطقة "مـرفـد" ...يأخذني صديقي "صالح" سائق الجيب الأسود.. أول المنحدرات صعودا إلى الأعلى.. يقود بهدوء. لا تكاد تسمح صوتاً لمحرك السيارة...وكأنك تقترب من السماء...
ما أن تطأ قدماك جبل "الـعــر"... تقف مندهشاً تبحث عن كلام... تبحث عن وصف...لهذا العملاق... الذي كان ولازال كابوساً مرعباً... للغزاة عبر التاريخ...
أقف ساكتاً وحيداً مندهشاً... أتأمل أين البداية...ومن أين أبدا لهذا الجاثم بإصرار فوق بطن الأرض ؟. أنني أقف على جبلٍ مطلٍ على أنحاء الأرض... جبل كأنه أسطورة بحجمه ومستوى سط
الأتراك و. #الحجرية
وصول الوزير سنان باشا .. فمالذي حصل بعدها ؟
1- البكلربكية ........... وهي لفظة تركية تعني الامارة او الولايه .
2- إصطنبول ... ويقال لها ايضا أسلام بول ..والقسطنطنية تقع على مضيق البوسفور وتعني بالعربية مدينة الاسلام .... وبالتركية تعني ثروة الاسلام .
3- اللوند ........... ومعناه الجند النصف نضامي ويجند محليا .
4- الآغا ......... يقصد به رئيس الجند .
5- الكتخداء ........ لفظة تركية معناها الموضف الكبير او الوزير الاول .
6- الدفتردار ......... وهو رئيس موضفي الواردات والخزينه .
7- التكية ........... وهي لفظ استقدمة الاتراك وهو رباط يستقر فيه الصوفية .
8- السنجق ......... معناها اللواء او الراية .
9- وطاق .......... لفظة تركية وجمع أوطاق وهي الخيمة الكبيرة والخاصة بالحكام والعظماء كانت تقام غالبا في وقت الحرب .
10- السلطان المعظم ...........وهو مولانا الاعظم والخاقان الاكرم ووو ( والذي عرشه في اطضنبول ) تركيا .....( يعني اكبر واحد في السلطنة العثمانية )
11- الخزاندارية ........ امين الخزانة للسلطان او الامير .
12- الابواب العالية .......... هي مقر السلطنة العثمانية في تركيا .
انتهينا ... عند صمود زبيد مع الاتراك وعدم سقوطها في يد جيش ( مطهر شرف الدين ) بواسطه قائده الامير على الشويع ........وقلنا لكم سابقا .. ان امور كثيرة ساعدت مطهر شرف الدين في السيطرة على بعض المناطق من جديد من الاتراك ....... وكانت اكبرها ( تقسيم اليمن على وزيرين بكلربكين ... في القسم الاعلى وفي القسم الاسفل .......وكذلك .. موت السلطان الاعظم في ( تركيا ) ...
بلغت أخبار اليمن السلطان المعظم الجديد وهو مولانا سليم خان بن سليمان ... عن الاختلال الواقع في إقليم اليمن .......... فتم ارسال الوزير الاعظم سنان باشا ....... وصل الي اليمن سنة 976 هجرية ..بجند عظيم وجيش عرمرم لاصلاح مافسد في اليمن والقضاء على الفتن والمحن ....... فوصل الى محروس تعز ونصب مخيمة في ميدان الشجرة .
فاوصل ( عثمان باشا ) الى مدينة تعز وماحولها ........ وكانت مملؤوه ( بالزيديه ) ..وكان فيها بعض امراء ( مطهر شرف الدين ) وهو الامير على بن الشويع ... وفي قلعة القاهرة وكذلك الامير يحيي النصيري وبعض من امراءهم ورؤساهم ...
فنصب عثمان باشا .... مخيمه ..... عند مصلى الجبانه ... مقابل باب موسى وذلك محاصراً للزيديه الذين في تعز .
كان الامير محمد بن شمس الدين ( اخو الامام شرف الدين ) ... محط بجنود تقدر بعشرين الف خارج مدينة تعز بمسافة نصف يوم ........ في جبل اسمة الاغبر .......( وفي بعض الكتب قيل جبل الاغابر ) .
فقام عقال مدينة تعز بارسال رسائل خفية الى عثمان باشا ... ويوكدون انهم مقهورون من الزيود وانهم سوف يفتحون الابواب لهم .
فقام عثمان باشا ... باستصواب رايهم ... وامرهم بان يلبسوا ويتميزوا بعمائم سود .. حتى لايضن انهم من جنود ( مطهر شرف الدين ) ........ وقام معهم بتحديد الموعد .
قام عثمان باشا بوعد جنودة بالترقيات والبغاشيش والمحلقات ( الهدايا ) .......
وكذلك قام عثمان باشا بارسال البيرقدار ( وهو حافظ البيرق أي العلم ) ........ والتماس اشارة مباركة من الشيخ الفاضل المعتكف في مسجد الاجيناد ... الشيخ جمال الدين محمد مقاتل .....( مازالت تربته هناك ) فتعاون معهم .
فدخل عثمان باشا مدينة تعز .. بعد حصار دام ثلاثة ايام . وفتحوا الابواب بمساعدة الاهالي ... وهرب الزيود من المدينة بقيادة الامير على الشويع . من حي المداجر ( وهو حي من احياء تعز القديمة يقع في الجهة الغربية الجنوبية ) . وساروا من طريق صبر وسوف يتجهون الى جبل الاغبر ( الاغابر ) .. حيث الامام شمس الدين ( اخوشرف الدين )
ولاقوا اهالي صبر والذين نهبوهم وسلبوهم . والذن اعفوهم من بعض الرسوم والاتااوات لما بذلوه .
طبعا ....... كان عثما ن باشا قد حاصر تعز اكثر من اربعة اشهر ... قبل وصول الدعم من الوزير سنان ..
وكان يعاند ويخالف بعض اوامر الوزير سنان باشا .....ومن ثم قام باجازته وارجاعى الى الابواب العالية ( تركيا )
سلم الزيديه قلعة القاهرة ............. وهرب الامير محمد بن شمس الدين ( من جبل الاغبر او الاغابر ) ......... وبذلك تخلص القسم الاسفل من الدولة الزيديه وسيطرتها .
اقام الوزير سنان باشا في اليمن سنتين .....وقد مهد للولاه الذين بعده الامن والاستقرار .
في سنة 977 هجرية ...... وصل من البكلربكية .. الى اليمن .... محافظ اسمة الوزير بهرام باشا بن مصطفي باشا ......... واقام في حوض الاشرف اربعة اشهر ....ومن ثم طلع الى اليمن الاعلى وسكن ذمار ....... وقعد خمس سنين ... وضرب السكة المباركة في ( ملحظ ) وابتنى جامعا عضيما موجود حتى الان .
في سنة 982 هجرية .... وصل محافظا لاقليم اليمن ... مصطفي باشا .
وتجهز بهرام باشا للعودة الى الابواب العالية ( تركيا ) ... وجعل طريقة ..شرعب وزبيد .......
اما مصطفي باشا الوالي الجديد لليمن
وصول الوزير سنان باشا .. فمالذي حصل بعدها ؟
1- البكلربكية ........... وهي لفظة تركية تعني الامارة او الولايه .
2- إصطنبول ... ويقال لها ايضا أسلام بول ..والقسطنطنية تقع على مضيق البوسفور وتعني بالعربية مدينة الاسلام .... وبالتركية تعني ثروة الاسلام .
3- اللوند ........... ومعناه الجند النصف نضامي ويجند محليا .
4- الآغا ......... يقصد به رئيس الجند .
5- الكتخداء ........ لفظة تركية معناها الموضف الكبير او الوزير الاول .
6- الدفتردار ......... وهو رئيس موضفي الواردات والخزينه .
7- التكية ........... وهي لفظ استقدمة الاتراك وهو رباط يستقر فيه الصوفية .
8- السنجق ......... معناها اللواء او الراية .
9- وطاق .......... لفظة تركية وجمع أوطاق وهي الخيمة الكبيرة والخاصة بالحكام والعظماء كانت تقام غالبا في وقت الحرب .
10- السلطان المعظم ...........وهو مولانا الاعظم والخاقان الاكرم ووو ( والذي عرشه في اطضنبول ) تركيا .....( يعني اكبر واحد في السلطنة العثمانية )
11- الخزاندارية ........ امين الخزانة للسلطان او الامير .
12- الابواب العالية .......... هي مقر السلطنة العثمانية في تركيا .
انتهينا ... عند صمود زبيد مع الاتراك وعدم سقوطها في يد جيش ( مطهر شرف الدين ) بواسطه قائده الامير على الشويع ........وقلنا لكم سابقا .. ان امور كثيرة ساعدت مطهر شرف الدين في السيطرة على بعض المناطق من جديد من الاتراك ....... وكانت اكبرها ( تقسيم اليمن على وزيرين بكلربكين ... في القسم الاعلى وفي القسم الاسفل .......وكذلك .. موت السلطان الاعظم في ( تركيا ) ...
بلغت أخبار اليمن السلطان المعظم الجديد وهو مولانا سليم خان بن سليمان ... عن الاختلال الواقع في إقليم اليمن .......... فتم ارسال الوزير الاعظم سنان باشا ....... وصل الي اليمن سنة 976 هجرية ..بجند عظيم وجيش عرمرم لاصلاح مافسد في اليمن والقضاء على الفتن والمحن ....... فوصل الى محروس تعز ونصب مخيمة في ميدان الشجرة .
فاوصل ( عثمان باشا ) الى مدينة تعز وماحولها ........ وكانت مملؤوه ( بالزيديه ) ..وكان فيها بعض امراء ( مطهر شرف الدين ) وهو الامير على بن الشويع ... وفي قلعة القاهرة وكذلك الامير يحيي النصيري وبعض من امراءهم ورؤساهم ...
فنصب عثمان باشا .... مخيمه ..... عند مصلى الجبانه ... مقابل باب موسى وذلك محاصراً للزيديه الذين في تعز .
كان الامير محمد بن شمس الدين ( اخو الامام شرف الدين ) ... محط بجنود تقدر بعشرين الف خارج مدينة تعز بمسافة نصف يوم ........ في جبل اسمة الاغبر .......( وفي بعض الكتب قيل جبل الاغابر ) .
فقام عقال مدينة تعز بارسال رسائل خفية الى عثمان باشا ... ويوكدون انهم مقهورون من الزيود وانهم سوف يفتحون الابواب لهم .
فقام عثمان باشا ... باستصواب رايهم ... وامرهم بان يلبسوا ويتميزوا بعمائم سود .. حتى لايضن انهم من جنود ( مطهر شرف الدين ) ........ وقام معهم بتحديد الموعد .
قام عثمان باشا بوعد جنودة بالترقيات والبغاشيش والمحلقات ( الهدايا ) .......
وكذلك قام عثمان باشا بارسال البيرقدار ( وهو حافظ البيرق أي العلم ) ........ والتماس اشارة مباركة من الشيخ الفاضل المعتكف في مسجد الاجيناد ... الشيخ جمال الدين محمد مقاتل .....( مازالت تربته هناك ) فتعاون معهم .
فدخل عثمان باشا مدينة تعز .. بعد حصار دام ثلاثة ايام . وفتحوا الابواب بمساعدة الاهالي ... وهرب الزيود من المدينة بقيادة الامير على الشويع . من حي المداجر ( وهو حي من احياء تعز القديمة يقع في الجهة الغربية الجنوبية ) . وساروا من طريق صبر وسوف يتجهون الى جبل الاغبر ( الاغابر ) .. حيث الامام شمس الدين ( اخوشرف الدين )
ولاقوا اهالي صبر والذين نهبوهم وسلبوهم . والذن اعفوهم من بعض الرسوم والاتااوات لما بذلوه .
طبعا ....... كان عثما ن باشا قد حاصر تعز اكثر من اربعة اشهر ... قبل وصول الدعم من الوزير سنان ..
وكان يعاند ويخالف بعض اوامر الوزير سنان باشا .....ومن ثم قام باجازته وارجاعى الى الابواب العالية ( تركيا )
سلم الزيديه قلعة القاهرة ............. وهرب الامير محمد بن شمس الدين ( من جبل الاغبر او الاغابر ) ......... وبذلك تخلص القسم الاسفل من الدولة الزيديه وسيطرتها .
اقام الوزير سنان باشا في اليمن سنتين .....وقد مهد للولاه الذين بعده الامن والاستقرار .
في سنة 977 هجرية ...... وصل من البكلربكية .. الى اليمن .... محافظ اسمة الوزير بهرام باشا بن مصطفي باشا ......... واقام في حوض الاشرف اربعة اشهر ....ومن ثم طلع الى اليمن الاعلى وسكن ذمار ....... وقعد خمس سنين ... وضرب السكة المباركة في ( ملحظ ) وابتنى جامعا عضيما موجود حتى الان .
في سنة 982 هجرية .... وصل محافظا لاقليم اليمن ... مصطفي باشا .
وتجهز بهرام باشا للعودة الى الابواب العالية ( تركيا ) ... وجعل طريقة ..شرعب وزبيد .......
اما مصطفي باشا الوالي الجديد لليمن
..... فقد كان مريضا ووصل الى بندر البقعة ( الاهواب من مواني تهامه ) فتوفي هناك .
وماكان من بهرام باشا ... الا الرجوع الى تعز مرة اخرى وقعد فيها اربعة اشهر ....... وعاد الى الابواب العالية ( تركيا ) ووكل امور اليمن الى الامير الشهير على بيك ( حاكم ولاية تعز انذاك )
بهرام باشا ...اقام في اليمن سبع سنين وكانت له مآثر جمة ومبان مستحسنه في مدينة تعز وغيرها .
في سنة 983 وصل من الابواب العالية ( تركيا ) ..... الوالي الجديد وهو الوزير مراد باشا ... فوصل زبيد ومن ثم وصل الى محروس تعز وخيم في الحوض الاشرف ومن ثم ذهب الى محروس صنعاء ..... ( طبعا مازال الامير على بيك حاكما لتعز ) .
( كان بين الامير على بيك ( حاكم تعز ) .....وكاشف الحجرية ( جعفر آغا ) .. منافسة عظيمة ومحاسدة غشيمة ....... وكان جعفر آغا ( كاشف الحجرية ) ذو دهاية وسطو وبطش وكان يراود نفسه في الاستقلال بالحجرية ولكنه كان حذر ........
فاستعان كاشف الحجرية ( جعفر اغا ) .... باحسن رامي بالبندق وذلك لقتل الامير على بيك ( حاكم تعز ) ..... وكان هذا الرامي بالبندق اسمة ( ناصر بقر او نفر ) .......ووعده بالآغويه ( رتبة عسكرية في الجيش )
فوصل هذ الرامي بالبندق ( ناصر بقر ) ..... وتمركز في بيت صنعانيه ..... وجلس في الكوه وانتظر مرور الامير على بيك ....... فاطلق طلقة .. اصابت الامير على بيك في فخذة ......... فجره حصانه في كل مكان وتضرج بالدماء بسبب ركض الحصان فمات ........... واغلقت الابواب مدينة تعز خوفا من الفتن .
وغسل وكفن ودفن ..... في قبة التباعي في ميدان تعز .
اما ناصر بقر ..... فقد رمى ببندقيته في بيت صنعانية ..... وهرب قبل ان تغلق الابواب .... الى الحجرية ..... وأغدق عليه كاشف الحجرية ( جعفر آغا ) بالذهب والاغويه .
أما الوزير مراد باشا ..... ( والي اليمن ) .... غضب غضبا شديدا مما حصل ....... وعرف مما فعله جعفر آغا ( كاشف الحجرية ) ....... فأرسل في طلبه ...وأبلغه بأنه سيوليه بدلا عن الامير على بيك ......... فلما حضر جعفر آغا سأله الوزير مراد باشا .... أنت قتلت الامير علي بيك .......... فقال جعفر أغا نعم انا قاتله فافعل مانت فاعله .
وقال له انت امرت بذلك وهذا خطك ينطق بما فيه . فغضب الوزير مراد باشا .......فأمر بقتله في الحال والفور في الديوان ( وكان من الحاضرين الامراء والاغوات والاعيان ) ......... فقتلوه شر قتله بالسيوف والخناجر .
وجه الوزير مراد باشا ....ولاية تعز الى يعقوب باشا ........ ووجهه بالقصاص والبحث عن ( ناصر بقر ) الرامي بالبندق قاتل الامير علي بيك ........ فحبسه ..... وسحبوه على ( الجمل ) .. ليكون عبرة لغيره .
الامير علي بيك كانت له بعض المحاسن والمباني في مدينة تعز ومنها السمسرة .
والوزير مراد باشا ... بنى الصرحة الكبيرة المحيطة بالتربة الشهيرة للولي الكبير صفي الدين احمد بن علوان في يفرس وكذلك بعض التحسينات في القبة والرفع لها وعمل مآذن واجتماع الماء وغيرها ..... فكانت هذة من ضمن العمارة التي حسبت لمراد باشا ...... وكذلك عمارة المشهد في مدينة تعز على ضريح الشيخ الفاضل الهزاز بن عمر ( هو من علماء الدولة الرسولية توفي في 728 هجرية )
وكذلك من اعمال الوزير مراد باشا في تعز .....بنى سمسرة .. شرقي سوق الملح .. ودكاكين وبساتين .. وأوقفها لصالح المشهد .... وجعل من كراءها ( الكراء ) الايجار ..رواتب للقائمين عليها .
وكذلك قام بعمل المشهد على ضريح السيد أحمد السندي وصاحب الاسد المعروف في مقبرة الاجيناد ... وأوقف عليها اوقافا لجميع مصالح ذلك المشهد او الضريح . وهي الان بنظر السادة من سلالة زيد بن محمد بن عبد القادر الجعدي .
وبنى ايضا الوزير مراد باشا ........ الجامع الكبير في صنعاء والمعروف الان بالقبة المرادية .
الوزير مراد باشا أقام في اليمن خمس سنين ..... في صنعاء سنتان ونصف وفي تعز سنتان ونصف وتوفي بالغزو ودفن بالقسطنطنية .
وبعدها في أواخر سنة 988 هجرية ........ وصل الى اليمن الوالي من الابواب العالية ( تركيا ) ناشر جناح العدل على الامم ..... حسن باشا .
وماكان من بهرام باشا ... الا الرجوع الى تعز مرة اخرى وقعد فيها اربعة اشهر ....... وعاد الى الابواب العالية ( تركيا ) ووكل امور اليمن الى الامير الشهير على بيك ( حاكم ولاية تعز انذاك )
بهرام باشا ...اقام في اليمن سبع سنين وكانت له مآثر جمة ومبان مستحسنه في مدينة تعز وغيرها .
في سنة 983 وصل من الابواب العالية ( تركيا ) ..... الوالي الجديد وهو الوزير مراد باشا ... فوصل زبيد ومن ثم وصل الى محروس تعز وخيم في الحوض الاشرف ومن ثم ذهب الى محروس صنعاء ..... ( طبعا مازال الامير على بيك حاكما لتعز ) .
( كان بين الامير على بيك ( حاكم تعز ) .....وكاشف الحجرية ( جعفر آغا ) .. منافسة عظيمة ومحاسدة غشيمة ....... وكان جعفر آغا ( كاشف الحجرية ) ذو دهاية وسطو وبطش وكان يراود نفسه في الاستقلال بالحجرية ولكنه كان حذر ........
فاستعان كاشف الحجرية ( جعفر اغا ) .... باحسن رامي بالبندق وذلك لقتل الامير على بيك ( حاكم تعز ) ..... وكان هذا الرامي بالبندق اسمة ( ناصر بقر او نفر ) .......ووعده بالآغويه ( رتبة عسكرية في الجيش )
فوصل هذ الرامي بالبندق ( ناصر بقر ) ..... وتمركز في بيت صنعانيه ..... وجلس في الكوه وانتظر مرور الامير على بيك ....... فاطلق طلقة .. اصابت الامير على بيك في فخذة ......... فجره حصانه في كل مكان وتضرج بالدماء بسبب ركض الحصان فمات ........... واغلقت الابواب مدينة تعز خوفا من الفتن .
وغسل وكفن ودفن ..... في قبة التباعي في ميدان تعز .
اما ناصر بقر ..... فقد رمى ببندقيته في بيت صنعانية ..... وهرب قبل ان تغلق الابواب .... الى الحجرية ..... وأغدق عليه كاشف الحجرية ( جعفر آغا ) بالذهب والاغويه .
أما الوزير مراد باشا ..... ( والي اليمن ) .... غضب غضبا شديدا مما حصل ....... وعرف مما فعله جعفر آغا ( كاشف الحجرية ) ....... فأرسل في طلبه ...وأبلغه بأنه سيوليه بدلا عن الامير على بيك ......... فلما حضر جعفر آغا سأله الوزير مراد باشا .... أنت قتلت الامير علي بيك .......... فقال جعفر أغا نعم انا قاتله فافعل مانت فاعله .
وقال له انت امرت بذلك وهذا خطك ينطق بما فيه . فغضب الوزير مراد باشا .......فأمر بقتله في الحال والفور في الديوان ( وكان من الحاضرين الامراء والاغوات والاعيان ) ......... فقتلوه شر قتله بالسيوف والخناجر .
وجه الوزير مراد باشا ....ولاية تعز الى يعقوب باشا ........ ووجهه بالقصاص والبحث عن ( ناصر بقر ) الرامي بالبندق قاتل الامير علي بيك ........ فحبسه ..... وسحبوه على ( الجمل ) .. ليكون عبرة لغيره .
الامير علي بيك كانت له بعض المحاسن والمباني في مدينة تعز ومنها السمسرة .
والوزير مراد باشا ... بنى الصرحة الكبيرة المحيطة بالتربة الشهيرة للولي الكبير صفي الدين احمد بن علوان في يفرس وكذلك بعض التحسينات في القبة والرفع لها وعمل مآذن واجتماع الماء وغيرها ..... فكانت هذة من ضمن العمارة التي حسبت لمراد باشا ...... وكذلك عمارة المشهد في مدينة تعز على ضريح الشيخ الفاضل الهزاز بن عمر ( هو من علماء الدولة الرسولية توفي في 728 هجرية )
وكذلك من اعمال الوزير مراد باشا في تعز .....بنى سمسرة .. شرقي سوق الملح .. ودكاكين وبساتين .. وأوقفها لصالح المشهد .... وجعل من كراءها ( الكراء ) الايجار ..رواتب للقائمين عليها .
وكذلك قام بعمل المشهد على ضريح السيد أحمد السندي وصاحب الاسد المعروف في مقبرة الاجيناد ... وأوقف عليها اوقافا لجميع مصالح ذلك المشهد او الضريح . وهي الان بنظر السادة من سلالة زيد بن محمد بن عبد القادر الجعدي .
وبنى ايضا الوزير مراد باشا ........ الجامع الكبير في صنعاء والمعروف الان بالقبة المرادية .
الوزير مراد باشا أقام في اليمن خمس سنين ..... في صنعاء سنتان ونصف وفي تعز سنتان ونصف وتوفي بالغزو ودفن بالقسطنطنية .
وبعدها في أواخر سنة 988 هجرية ........ وصل الى اليمن الوالي من الابواب العالية ( تركيا ) ناشر جناح العدل على الامم ..... حسن باشا .
دم الأخوين
فاة «المتوكل» القاسم بن الحسين ارتفعت وتيرة الصراع «القاسمي ـ القاسمي»، تنافس ثلاثة من نفس الأسرة على الإمامة، وحظوا بمبايعة أغلب الأنصار، تنحى كبيرهم، فانحصر الصراع بين اثنين منهم، كليهما تلقبا بـ «الناصر»، وكلاهما عاثا في «اليمن الأعلى» نهباً وخراباً، ليختلف الإمام المُنتصر مع أقرب الناس إليه، أخيه الذي كان له الفضل في انتصاره، دفع سكان «اليمن الأسفل» هذه المرة ثمن ذلك كثيراً، من أنفسهم، وأملاكهم، وراحة بالهم.
في اليوم التالي لوفاة «المتوكل» القاسم بن الحسين «23 رمضان 1139هـ / 24 إبريل 1727م»، جدد «المنصور» يوسف بن «المتوكل» اسماعيل، دعوته من صنعاء، ومن «ظفار ذيبين» جدد محمد بن إسحاق دعوته، مُتلقباً هذه المرة بـ «الناصر»، ليعلن الحسين بن «المتوكل» القاسم، بعدهما بأسبوع نفسه إماما، وتلقب أيضاً بـ «الناصر»، والمُفارقة الصادمة أنَّ سكان صنعاء بايعوا ثلاثتهم.
كان «المنصور» يوسف، الحلقة الأضعف في ذلك الصراع، خذلته القبائل، فآثر العزلة والانطواء حتى وافته المنية منتصف العام التالي في عمران، عن «72» عاماً، وكان أنصار الإمامة قد تفرقوا قبل ذلك بين «الناصر» الحسين، و«الناصر» محمد، كانت كفة الأخير هي الأرجح، سيطر بسرعة خاطفة على معظم أراضي «الدولة القاسمية»، عدا مدينة تعز وضواحيها، التي ظلت تحت حكم الأمير أحمد بن «المتوكل» القاسم.
تنكر حينها علي بن قاسم الأحمر «شيخ حاشد» للصداقة التي كانت تجمعه بـ «الناصر» الحسين، نقض عهده معه، وناصر منافسه «الناصر» محمد، وخاطبه برسالة قاسية، استدعاه «إمام صنعاء» على إثرها للتشاور، في خيمة أعدت لذلك بـ «بير الشائف ـ عصر»، ثم قام بقتله غدراً «10 محرم 1140هـ»، واحتز رأسه، وحمله في وجوه أصحابه وهو يصرخ: «هذا هو رأس صنمكم»، وقد صور أحد مادحيه ذلك المشهد بقوله:
فيا لها فتكة في الدين كم شرحت
صدراً وكم نهجت للحق من نهج
غادر «الناصر» الحسين الخيمة ورأس «ابن الأحمر» محمولاً في يده، الأمر الذي أغضب باقي المشايخ المُترقبين لنتيجة تلك المُحادثات، دارت مُناوشات محدودة أسفرت عن قتل وزيره حسين الحيمي، ليتجه الجميع بعد ذلك لمبايعة منافسه «الناصر» محمد، كان صنوه يوسف بن «المتوكل» القاسم أبرزهم.
أرسل «الناصر» محمد، جيشاً كبيراً بقيادة أخيه الحسن لاجتياح صنعاء، حاصرها الأخير لثلاثة أشهر، دارت خلالها مواجهات محدودة، أسفرت عن استسلام «الناصر» الحسين، وإذعانه مجبراً للصلح، بايع مُنافسه شفاهة، واشترط أن تكون صنعاء ومواضع أخرى سماها تحت تصرفه.
لم يلتزم «ابن اسحاق» بذلك الاتفاق، فما كان من «ابن القاسم» إلا أن أوقف بعد أقل من شهر الخطبة له في صنعاء، ثم خرج لملاقاته في شبام للتشاور، مُستصحباً معه عدد من العساكر، أطلق أحدهم عياراً نارياً في الهواء وهو يصرخ: «يا منصوراه»، استبشر الحسين بذلك النداء، وجدد من فوره دعوته، مُتلقباً بـ «المنصور»، واستطاع بالمكر والخديعة وبذل الأموال أن يغير سير المعركة وفي زمن يسير لصالحه.
دارت حروب كثيرة بين الجانبين، شابها كثير من حوادث النهب والسلب والتخريب، كانت الغلبة في معظمها لـ «المنصور» الحسين، الذي استغل خلاف قبيلة «يام» مع منافسه، فأغدق على رجالها الأموال، ثم وجه «1,200» مقاتل منهم لمُحاربة يحيى بن إسحاق «حاكم بيت الفقيه» باسم أخيه، التقوا الأخير بالحيمة، وأجبروه وولده المطهر على الاستسلام «ذي الحجة 1140هـ».
كانت تلك الحادثة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، توالى بعدها هزيمة قادة «الناصر» محمد، واستسلامهم الواحد تلو الآخر، فيما ظل هو مُتحصناً في كوكبان، بضيافة صاحبها محمد بن الحسين بن عبدالقادر، الذي أفرج عنه «إمام صنعاء» قبل عدة أشهر.
تعرض أخوة «الناصر» محمد، وقادة جيشه للحبس والإذلال من قبل «المنصور» الحسين، وكذلك فعل الأخير مع صنوه يوسف، أما أخوه الأمير أحمد «حاكم تعز»، والذي كان له الأثر الأكبر في ترجيح كفته، واستعادة معظم مناطق «اليمن الأسفل» وميناء المخا لحضيرة دولته، فقد اختلف معه، ودارت بينهما حروب وخطوب سنأتي على تناولها.
لم يدم الود بين «المنصور» الحسين ومقاتلي قبيلة «يام» كثيراً، خرج الأخيرون بمساعدة قبائل «حاشد» إلى تهامة «محرم 1142هـ»، وعاثوا فيها نهباً وخرابا، تقطع الجند الإمامي «البكيلي» لهم في طريق عودتهم، وأخذوا ما بحوزتهم، وعن ذلك قال صاحب «النفحات المسكية»: «ولم يبق بيد يام إلا اليسير مما نهبوا من بيت الفقيه، ورجع الجند الإمامي إلى حضرته، ـ يقصد الإمام ـ وقد امتلأت أيديهم بالغنائم، وغصت بها صنعاء، وبيع العلق النفيس بأبخس ثمن».
ناصرت قبيلة «بكيل» ومشايخها «المنصور» الحسين في دعوته، كانوا جنده المُخلصين، فأسماهم بالمجاهدين، خرج بهم منتصف العام التالي لإخضاع «حاشد»، القبيلة التي ناصبته العداء، و«داخ البلاد وأهلها، وأخرب الكثير من القرى، وملأ الحديد منهم بالأسرى.. فرجفت بالخوف أحشاء تلك الأقطار، وانتهى أول هارب منهم إلى أطراف الجوف»،
فاة «المتوكل» القاسم بن الحسين ارتفعت وتيرة الصراع «القاسمي ـ القاسمي»، تنافس ثلاثة من نفس الأسرة على الإمامة، وحظوا بمبايعة أغلب الأنصار، تنحى كبيرهم، فانحصر الصراع بين اثنين منهم، كليهما تلقبا بـ «الناصر»، وكلاهما عاثا في «اليمن الأعلى» نهباً وخراباً، ليختلف الإمام المُنتصر مع أقرب الناس إليه، أخيه الذي كان له الفضل في انتصاره، دفع سكان «اليمن الأسفل» هذه المرة ثمن ذلك كثيراً، من أنفسهم، وأملاكهم، وراحة بالهم.
في اليوم التالي لوفاة «المتوكل» القاسم بن الحسين «23 رمضان 1139هـ / 24 إبريل 1727م»، جدد «المنصور» يوسف بن «المتوكل» اسماعيل، دعوته من صنعاء، ومن «ظفار ذيبين» جدد محمد بن إسحاق دعوته، مُتلقباً هذه المرة بـ «الناصر»، ليعلن الحسين بن «المتوكل» القاسم، بعدهما بأسبوع نفسه إماما، وتلقب أيضاً بـ «الناصر»، والمُفارقة الصادمة أنَّ سكان صنعاء بايعوا ثلاثتهم.
كان «المنصور» يوسف، الحلقة الأضعف في ذلك الصراع، خذلته القبائل، فآثر العزلة والانطواء حتى وافته المنية منتصف العام التالي في عمران، عن «72» عاماً، وكان أنصار الإمامة قد تفرقوا قبل ذلك بين «الناصر» الحسين، و«الناصر» محمد، كانت كفة الأخير هي الأرجح، سيطر بسرعة خاطفة على معظم أراضي «الدولة القاسمية»، عدا مدينة تعز وضواحيها، التي ظلت تحت حكم الأمير أحمد بن «المتوكل» القاسم.
تنكر حينها علي بن قاسم الأحمر «شيخ حاشد» للصداقة التي كانت تجمعه بـ «الناصر» الحسين، نقض عهده معه، وناصر منافسه «الناصر» محمد، وخاطبه برسالة قاسية، استدعاه «إمام صنعاء» على إثرها للتشاور، في خيمة أعدت لذلك بـ «بير الشائف ـ عصر»، ثم قام بقتله غدراً «10 محرم 1140هـ»، واحتز رأسه، وحمله في وجوه أصحابه وهو يصرخ: «هذا هو رأس صنمكم»، وقد صور أحد مادحيه ذلك المشهد بقوله:
فيا لها فتكة في الدين كم شرحت
صدراً وكم نهجت للحق من نهج
غادر «الناصر» الحسين الخيمة ورأس «ابن الأحمر» محمولاً في يده، الأمر الذي أغضب باقي المشايخ المُترقبين لنتيجة تلك المُحادثات، دارت مُناوشات محدودة أسفرت عن قتل وزيره حسين الحيمي، ليتجه الجميع بعد ذلك لمبايعة منافسه «الناصر» محمد، كان صنوه يوسف بن «المتوكل» القاسم أبرزهم.
أرسل «الناصر» محمد، جيشاً كبيراً بقيادة أخيه الحسن لاجتياح صنعاء، حاصرها الأخير لثلاثة أشهر، دارت خلالها مواجهات محدودة، أسفرت عن استسلام «الناصر» الحسين، وإذعانه مجبراً للصلح، بايع مُنافسه شفاهة، واشترط أن تكون صنعاء ومواضع أخرى سماها تحت تصرفه.
لم يلتزم «ابن اسحاق» بذلك الاتفاق، فما كان من «ابن القاسم» إلا أن أوقف بعد أقل من شهر الخطبة له في صنعاء، ثم خرج لملاقاته في شبام للتشاور، مُستصحباً معه عدد من العساكر، أطلق أحدهم عياراً نارياً في الهواء وهو يصرخ: «يا منصوراه»، استبشر الحسين بذلك النداء، وجدد من فوره دعوته، مُتلقباً بـ «المنصور»، واستطاع بالمكر والخديعة وبذل الأموال أن يغير سير المعركة وفي زمن يسير لصالحه.
دارت حروب كثيرة بين الجانبين، شابها كثير من حوادث النهب والسلب والتخريب، كانت الغلبة في معظمها لـ «المنصور» الحسين، الذي استغل خلاف قبيلة «يام» مع منافسه، فأغدق على رجالها الأموال، ثم وجه «1,200» مقاتل منهم لمُحاربة يحيى بن إسحاق «حاكم بيت الفقيه» باسم أخيه، التقوا الأخير بالحيمة، وأجبروه وولده المطهر على الاستسلام «ذي الحجة 1140هـ».
كانت تلك الحادثة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، توالى بعدها هزيمة قادة «الناصر» محمد، واستسلامهم الواحد تلو الآخر، فيما ظل هو مُتحصناً في كوكبان، بضيافة صاحبها محمد بن الحسين بن عبدالقادر، الذي أفرج عنه «إمام صنعاء» قبل عدة أشهر.
تعرض أخوة «الناصر» محمد، وقادة جيشه للحبس والإذلال من قبل «المنصور» الحسين، وكذلك فعل الأخير مع صنوه يوسف، أما أخوه الأمير أحمد «حاكم تعز»، والذي كان له الأثر الأكبر في ترجيح كفته، واستعادة معظم مناطق «اليمن الأسفل» وميناء المخا لحضيرة دولته، فقد اختلف معه، ودارت بينهما حروب وخطوب سنأتي على تناولها.
لم يدم الود بين «المنصور» الحسين ومقاتلي قبيلة «يام» كثيراً، خرج الأخيرون بمساعدة قبائل «حاشد» إلى تهامة «محرم 1142هـ»، وعاثوا فيها نهباً وخرابا، تقطع الجند الإمامي «البكيلي» لهم في طريق عودتهم، وأخذوا ما بحوزتهم، وعن ذلك قال صاحب «النفحات المسكية»: «ولم يبق بيد يام إلا اليسير مما نهبوا من بيت الفقيه، ورجع الجند الإمامي إلى حضرته، ـ يقصد الإمام ـ وقد امتلأت أيديهم بالغنائم، وغصت بها صنعاء، وبيع العلق النفيس بأبخس ثمن».
ناصرت قبيلة «بكيل» ومشايخها «المنصور» الحسين في دعوته، كانوا جنده المُخلصين، فأسماهم بالمجاهدين، خرج بهم منتصف العام التالي لإخضاع «حاشد»، القبيلة التي ناصبته العداء، و«داخ البلاد وأهلها، وأخرب الكثير من القرى، وملأ الحديد منهم بالأسرى.. فرجفت بالخوف أحشاء تلك الأقطار، وانتهى أول هارب منهم إلى أطراف الجوف»،
احة لرجال القبائل المناصرين له، وألزمهم بالخروج منها لإيواء القادمين، ولم يكن أمام الأهالي المُتذمرين سوى الصبر والالتزام.
توفي «المنصور» الحسين صبيحة يوم السبت «23 ربيع الأول 1161هـ / 6 مارس 1748م»، والصراع بينه وبين أخيه الأمير أحمد على أوجه، ورث ولده الإمام الجديد عباس، والذي تلقب بـ «المهدي» ذلك الصراع، فيما تمادى عمه في طموحاته، وأعلن نفسه إماماً، تلقب بـ «الهادي»، وصك العملة باسمه، واكتفى بحكم «اليمن الأسفل».
ساهمت مساعي العلامة ابن الأمير الصنعاني في تلطيف الأجواء، وقيل أنَّ «إمام تعز» تنحى بفعل ذلك بعد مرور ستة أشهر، وقيل أنَّ الخلاف لم ينتهي إلا بوفاة «الهادي» أحمد في العام التالي بمدينة تعز، تاركاً ذريته هناك، وهم من عرفوا فيما بعد بـ «بيت الباشا»، وكم كان الشاعر الرقيحي مُحقاً في تشبيهه، إذا ما اعتبرنا «دم الأخوين» نهايتهما
توفي «المنصور» الحسين صبيحة يوم السبت «23 ربيع الأول 1161هـ / 6 مارس 1748م»، والصراع بينه وبين أخيه الأمير أحمد على أوجه، ورث ولده الإمام الجديد عباس، والذي تلقب بـ «المهدي» ذلك الصراع، فيما تمادى عمه في طموحاته، وأعلن نفسه إماماً، تلقب بـ «الهادي»، وصك العملة باسمه، واكتفى بحكم «اليمن الأسفل».
ساهمت مساعي العلامة ابن الأمير الصنعاني في تلطيف الأجواء، وقيل أنَّ «إمام تعز» تنحى بفعل ذلك بعد مرور ستة أشهر، وقيل أنَّ الخلاف لم ينتهي إلا بوفاة «الهادي» أحمد في العام التالي بمدينة تعز، تاركاً ذريته هناك، وهم من عرفوا فيما بعد بـ «بيت الباشا»، وكم كان الشاعر الرقيحي مُحقاً في تشبيهه، إذا ما اعتبرنا «دم الأخوين» نهايتهما
حد توصيف صاحب «النفحات المسكية».
خضعت «حاشد»، ورفع شيخها قاسم بن علي الأحمر راية الاستسلام، فيما توجهت «يام» لمناصرة «الناصر» محمد، اكتفت بأخذ الغنائم، ثم عادت أدراجها دون أن تفعل له شيئاً، ليجنح هو الآخر للسلم، توجه إلى صنعاء «15 شعبان 1143هـ»، التقى بإمامها العائد لتوه من «حاشد»، وبايعه مشترطاً بقاء عائدات كوكبان تحت تصرفه، معلناً تفرغه للعلم والعبادة، فيما ظل أقربائه في سجن «المنصور» الحسين حتى توفي معظمهم.
لم تكد أحوال دولة «المنصور» الحسين تستقر، حتى بدأت البلاد تتناقص عليه من أطرافها، بدأت قبائل يافع بشن الغارات على حدود دولته «1144هـ»، وعاثت في قعطبة نهباً وسلباً، وبدعم منها، وفي منتصف العام التالي أعلن الشيخ فضل العبدلي انفصال لحج وعدن، انكمشت بفعل ذلك خارطة «الإمامة الزيدية»، وتشكلت سلطنات صغيرة عمت الجنوب اليمني حتى حضرموت، وصلت فيما بعد إلى حدود «22» إمارة ومشيخة.
وفي بداية العام «1152هـ»، وبتحريض من بعض فقهاء «الزيدية»، جدد الحسن بن القاسم دعوته من شهارة، مُتلقباً هذه المرة بـ «الهادي»، انضمت لنصرته بعض قبائل «حاشد، وبكيل» بقيادة الشيخ هادي حبيش، حقق الأخير له بعض الانتصارات، واستولى على حراز وأطرافها، ثم ما لبث أن تخلى عنه، ليخفت بعد ذلك ذكر ذلك الإمام، وبعد ثلاثة أعوام كانت وفاته.
اختلف «المنصور» الحسين أيضاً مع أقرب الناس إليه، أخيه الأمير أحمد، الذي طالبه بتعويضه عن المناطق الجنوبية التي خسرها، وحين لم يستجب، انفصل بتعز والحجرية، ومدَّ نفوذه إلى إب والعدين والمخا، استولى على إيرادات الأخيرة «شعبان 1153هـ»، وشرع في استقبال المتذمرين من حكم «إمام صنعاء»، وفتح بابه لأصحاب الآراء، وكان بحكم مكوثه بمدينة تعز أقرب إلى مذهب أهل السنة، وعرف عنه تهجمه على المذهب «الزيدي».
استشاط «المنصور» الحسين غضباً، ثم بادر بتجييش القبائل الشمالية، وإرسالها تباعاً لإخضاع أخيه المُتمرد، دارت عدة مواجهات، قتل فيها الكثير من الجانبين، فيما كانت مناطق «اليمن الأسفل» مسرحاً لفصولها الدامية، دفع سكانها المسالمون ثمنها كثيراً.
أهالي الحجرية من جهتهم استغلوا ذلك الصراع، وأعلنوا في أواخر ذات العام تمردهم على الأمير أحمد «حاكم تعز»، أخرجوا عساكره من قلعة «الدملؤة»، فأرسل إليهم علي المؤيدي لإخضاعهم، فهزموه، ثم أرسل إليهم قوات من «حاشد، وبكيل» بقيادة ياقوت زيلعي، هزمهم الأخير، وأسر «300» منهم، واحتز نيف «245» رأساً من قتلاهم، أخذها معه إلى مدينة تعز، وقدمها قرباناً لسيده الأمير.
لم يكد «المنصور» الحسين، يحسم خلافه مع أخيه أحمد، حتى تمرد عليه صنوه يوسف «شعبان 1155هـ»، مُعلناً من «خولان العالية» نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «المهدي»، بإيعاز وتحريض من الشيخ راجح الخولاني، دارت عدة مواجهات، أسفرت عن هزيمة «الخولانيين»، وخراب دورهم، وهروبهم إلى المناطق المجاورة، أما «المهدي» يوسف، فقد تخلى هو الآخر عن دعوته، وأذعن لحكم صنوه، الذي عفا عنه، وألزمه البقاء في داره.
وبالعودة إلى ذكر الغزوات القبلية المُنفردة، قام أفراد من قبيلة «ذو حسين ـ برط» في منتصف العام التالي بغزو بلاد آنس، وعاثوا فيها نهباً وخرابا، تصدى لهم «بنو راجل» في جبل الشرق، فتوجهوا إلى بلاد عتمة وريمة، و«انتهبوا ما ظفروا به، واستاقوا حريماً، فتفادى أهلهن بمال جزيل»، كما أشار صاحب «النفحات المسكية»، وكانوا قد تعدوا في طريق مرورهم على «حاشد»، ليتقطع لهم الشيخ ناصر الأحمر أثناء عودتهم بمجاميع من قبيلته، ودارت مواجهات أسفرت عن سقوط «280» قتيل من الجانبين.
وفي ذات العام «1156هـ»، وبعد وساطات مُكثفة، توصل عدد من العلماء لحل الخلاف الدائر بين «المنصور» الحسين وأخيه أحمد، واشترطوا بقاء «مدينة تعز، وجبل صبر، وشرعب» تحت نفوذ الأمير، على أن يُعلن ولاءه لأخيه، لم يمض من الوقت الكثير حتى جدد ذات الأمير تمرده «1158هـ»، طامحاً هذه المرة بضم الحجرية ـ التي خسرها في الجولة السابقة ـ لحكمه، مستعيناً بقبيلة يافع، وقد قدم حينها الشاعر أحمد الرقيحي حله الناجع لذلك الإشكال المُتجدد، قائلاً:
صنوان قد سقيا بماء واحد
والفضل خال من كلا الأخوين
جرحا قلوب العالمين فما لها
من مرهم إلا دم الأخوين
شدد «المنصور» الحسين على أخيه أحمد هذه المرة الخناق، جيَّش له قوات قبلية جلها من «بكيل»، بقيادة الشيخ هادي حبيش، كبحت تلك القوات جماح الأمير، واستقرت بتكليف من الإمام في أطراف مدينة تعز؛ وذلك منعاً لأي حركة تمرد قد يقوم بها حاكمها، وما تواجد بيت «السفياني، والبرطي، والبحر» في تلك المناطق إلا امتداد لذلك الاستيطان، ليأتي الاستيطان «البكيلي» الثاني بعد مرور «82» عاماً، وشمل هذه المرة عدة مناطق من محافظة إب.
عُرف عن «المنصور» الحسين كرهه الشديد لسكان مدينة صنعاء، لم ينس اتهامهم له بالعقوق حين أختلف مع أبيه، وسخريتهم منه لذات السبب، أسرها في نفسه، وحين أستتب له الأمر تفنن في إذلالهم، جعل منازلهم مُستب
خضعت «حاشد»، ورفع شيخها قاسم بن علي الأحمر راية الاستسلام، فيما توجهت «يام» لمناصرة «الناصر» محمد، اكتفت بأخذ الغنائم، ثم عادت أدراجها دون أن تفعل له شيئاً، ليجنح هو الآخر للسلم، توجه إلى صنعاء «15 شعبان 1143هـ»، التقى بإمامها العائد لتوه من «حاشد»، وبايعه مشترطاً بقاء عائدات كوكبان تحت تصرفه، معلناً تفرغه للعلم والعبادة، فيما ظل أقربائه في سجن «المنصور» الحسين حتى توفي معظمهم.
لم تكد أحوال دولة «المنصور» الحسين تستقر، حتى بدأت البلاد تتناقص عليه من أطرافها، بدأت قبائل يافع بشن الغارات على حدود دولته «1144هـ»، وعاثت في قعطبة نهباً وسلباً، وبدعم منها، وفي منتصف العام التالي أعلن الشيخ فضل العبدلي انفصال لحج وعدن، انكمشت بفعل ذلك خارطة «الإمامة الزيدية»، وتشكلت سلطنات صغيرة عمت الجنوب اليمني حتى حضرموت، وصلت فيما بعد إلى حدود «22» إمارة ومشيخة.
وفي بداية العام «1152هـ»، وبتحريض من بعض فقهاء «الزيدية»، جدد الحسن بن القاسم دعوته من شهارة، مُتلقباً هذه المرة بـ «الهادي»، انضمت لنصرته بعض قبائل «حاشد، وبكيل» بقيادة الشيخ هادي حبيش، حقق الأخير له بعض الانتصارات، واستولى على حراز وأطرافها، ثم ما لبث أن تخلى عنه، ليخفت بعد ذلك ذكر ذلك الإمام، وبعد ثلاثة أعوام كانت وفاته.
اختلف «المنصور» الحسين أيضاً مع أقرب الناس إليه، أخيه الأمير أحمد، الذي طالبه بتعويضه عن المناطق الجنوبية التي خسرها، وحين لم يستجب، انفصل بتعز والحجرية، ومدَّ نفوذه إلى إب والعدين والمخا، استولى على إيرادات الأخيرة «شعبان 1153هـ»، وشرع في استقبال المتذمرين من حكم «إمام صنعاء»، وفتح بابه لأصحاب الآراء، وكان بحكم مكوثه بمدينة تعز أقرب إلى مذهب أهل السنة، وعرف عنه تهجمه على المذهب «الزيدي».
استشاط «المنصور» الحسين غضباً، ثم بادر بتجييش القبائل الشمالية، وإرسالها تباعاً لإخضاع أخيه المُتمرد، دارت عدة مواجهات، قتل فيها الكثير من الجانبين، فيما كانت مناطق «اليمن الأسفل» مسرحاً لفصولها الدامية، دفع سكانها المسالمون ثمنها كثيراً.
أهالي الحجرية من جهتهم استغلوا ذلك الصراع، وأعلنوا في أواخر ذات العام تمردهم على الأمير أحمد «حاكم تعز»، أخرجوا عساكره من قلعة «الدملؤة»، فأرسل إليهم علي المؤيدي لإخضاعهم، فهزموه، ثم أرسل إليهم قوات من «حاشد، وبكيل» بقيادة ياقوت زيلعي، هزمهم الأخير، وأسر «300» منهم، واحتز نيف «245» رأساً من قتلاهم، أخذها معه إلى مدينة تعز، وقدمها قرباناً لسيده الأمير.
لم يكد «المنصور» الحسين، يحسم خلافه مع أخيه أحمد، حتى تمرد عليه صنوه يوسف «شعبان 1155هـ»، مُعلناً من «خولان العالية» نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «المهدي»، بإيعاز وتحريض من الشيخ راجح الخولاني، دارت عدة مواجهات، أسفرت عن هزيمة «الخولانيين»، وخراب دورهم، وهروبهم إلى المناطق المجاورة، أما «المهدي» يوسف، فقد تخلى هو الآخر عن دعوته، وأذعن لحكم صنوه، الذي عفا عنه، وألزمه البقاء في داره.
وبالعودة إلى ذكر الغزوات القبلية المُنفردة، قام أفراد من قبيلة «ذو حسين ـ برط» في منتصف العام التالي بغزو بلاد آنس، وعاثوا فيها نهباً وخرابا، تصدى لهم «بنو راجل» في جبل الشرق، فتوجهوا إلى بلاد عتمة وريمة، و«انتهبوا ما ظفروا به، واستاقوا حريماً، فتفادى أهلهن بمال جزيل»، كما أشار صاحب «النفحات المسكية»، وكانوا قد تعدوا في طريق مرورهم على «حاشد»، ليتقطع لهم الشيخ ناصر الأحمر أثناء عودتهم بمجاميع من قبيلته، ودارت مواجهات أسفرت عن سقوط «280» قتيل من الجانبين.
وفي ذات العام «1156هـ»، وبعد وساطات مُكثفة، توصل عدد من العلماء لحل الخلاف الدائر بين «المنصور» الحسين وأخيه أحمد، واشترطوا بقاء «مدينة تعز، وجبل صبر، وشرعب» تحت نفوذ الأمير، على أن يُعلن ولاءه لأخيه، لم يمض من الوقت الكثير حتى جدد ذات الأمير تمرده «1158هـ»، طامحاً هذه المرة بضم الحجرية ـ التي خسرها في الجولة السابقة ـ لحكمه، مستعيناً بقبيلة يافع، وقد قدم حينها الشاعر أحمد الرقيحي حله الناجع لذلك الإشكال المُتجدد، قائلاً:
صنوان قد سقيا بماء واحد
والفضل خال من كلا الأخوين
جرحا قلوب العالمين فما لها
من مرهم إلا دم الأخوين
شدد «المنصور» الحسين على أخيه أحمد هذه المرة الخناق، جيَّش له قوات قبلية جلها من «بكيل»، بقيادة الشيخ هادي حبيش، كبحت تلك القوات جماح الأمير، واستقرت بتكليف من الإمام في أطراف مدينة تعز؛ وذلك منعاً لأي حركة تمرد قد يقوم بها حاكمها، وما تواجد بيت «السفياني، والبرطي، والبحر» في تلك المناطق إلا امتداد لذلك الاستيطان، ليأتي الاستيطان «البكيلي» الثاني بعد مرور «82» عاماً، وشمل هذه المرة عدة مناطق من محافظة إب.
عُرف عن «المنصور» الحسين كرهه الشديد لسكان مدينة صنعاء، لم ينس اتهامهم له بالعقوق حين أختلف مع أبيه، وسخريتهم منه لذات السبب، أسرها في نفسه، وحين أستتب له الأمر تفنن في إذلالهم، جعل منازلهم مُستب
#نهم
نهممديرية من مديريات محافظة صنعاء ، ونهم قبيلة من قبائل اليمن ، تقع أراضي نهم في شمال شرق العاصمة صنعاء ، يحدها من الشمال الجوف وبلاد سفيان ، ومن الشرق الجوف ، ومن الجنوب بنو حشيش وخولان العالية ، ومن الغرب أرحـب .
وتنقسم قبيلة نهم إلى غُفيري ومحلفي ، ثم ينقسم الغُفيري إلى ثلاثـة أقسام ، عيال غفير والحنشات والجدعان ومن عيال غفير سمح ، وهم حميدي وضحاكي وعبدلي وشوذري هولاء سـمح ، ثم عيال غفير المطيرة ، وعيال أحمد والنعيمات وبنو بارق ، ومن الحنشات العواصم والجفور والقميحات ومن الجدعان آل حرمل وآل جمعان وآل خضير ، ومساكن الجدعان الجوف ، وأما المحلف فهم منصوري وصيادي ، ومن المنصوري مرهبة وبنو منصور ، ومن عيال صياد عواض وفهدي ، والمذكورون هم من قبائل مرهبة في عداد نهم ، والجميع من بكيل ، ومن المنصوري عذر مطرة ، وهو في الأصل من عذر حاشد ، كما جاء عند " الهمداني " في كتابه " صفة جزيرة العرب " وعدادهم في نهم .
ومن قرى نهم المديد ، وبَّرأن ، وملح ، وثومة ، وخلقة ، وضبوعة ، ومسورة ، ومجزر ، وثاجر.
ومن أشهر جبالها جبل يام ، وهو جبل واسع متصل بالجوف ، وهو بلد قبيلة يام القديمة ، وفيه موضع يعرف بالغيضة قبر فيه الإمام " أحمد بن علي السراجي" المتوفى في سنة ( 1250 هجرية ) .
ومياه نهم ـ أودية نهم ـ تصب في الجوف ، وبعض أوديتها تصب في وادي الخارد الواقع غرب أراضي نهم ، ومن أوديتها الشرقية وادي ملاحا الذي يصب إلى مجزر ثم إلى الجوف ، ومنجم الرضراض أشهر معالم نهم .
1- منجم الرضراض :-
يقع منجم الرضراض في السفح الشمالي لجبل صلب في شعب يسمى المجني من أراضي نهم ، وهو عبارة عن منجم قديم للفضة ، بدأت قصة الرضراض عندما ذكره "الهمداني" في كتابه " الجوهرتين العتيقتين من الذهب والفضة " ، فقد ذكر أن معدن الفضة في الرضراض لا نظير له ، وقد قدم وصفاً بإسهاب عن المنطقة التي يقع فيها ، وما تحتوي من أشجار ومصادر مياه والقبيلة التي يقع في أراضيها المنجم .
وبالاعتماد على وصف " الهمداني " تمكنت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة ( كرسيتان روبان ) ، ومجموعة من الجيولوجين الفرنسيين العاملين في اليمن من تحديد موقع المنجم ، في جبل صلب في " نهم " ، الواقع في الوادي الفاصل - الحد - بين منطقة نهم ويام تحت قرية أثرية تسمى سامك ، ويبعد عن العاصمة صنعاء باتجاه الشرق حوالي ( 40 كيلومتراً ) ، وقد ذكر" الهمداني" أن المنجم والقرية قد خربتا بعد مقتل " محمد بن يعفر " الذي تولى ولاية اليمن من قبل العباسيين في سنة ( 258 هجرية ) الذي قام بتوجيه عماله على المخاليف ، وفتح حضرموت ، وحقق الكثير من المنجزات التي لم يحققها أحد من قبله ، ولكنه في سنة ( 262 هجرية ) استخلف على الولاية ابنه " إبراهيم " ؛ لأنه توجه إلى مكة لأداء مناسك الحج ، وخلالها جدد له الخليفة " العباسي الموفق " الولاية ، وعندما عاد إلى اليمن قتله ابنه " إبراهيم " الذي تولى الحكم من ( 262 -272 هجرية ) بأمر من جده " يعفر " الذي أمره بقتل أبنائه " محمد " و " أحمد " سراً بعد المغرب في صومعة مسجد شبام كوكبان ، وهو الأمر الذي أدى بالقبائل إلى الثورة عليه – لقتله أبيه " محمد " ، وعمه " أحمد " أبناء " يعفر " – تلك الثورة التي قامت بها القبائل أدت إلى مقتل عمال منجم الرضراض وسكان قرية سامك إضافة إلى نهب الممتلكات ، ويذكر أن عمال المنجم كانوا من الفرس ، وهم الذين كانوا يحتكرون صناعة واستخراج الفضة منه منذ عصور ما قبل الإســلام ، وأنه كان منجماً غزير الإنتاج لا يضاهيه منجم آخر في اليمن ، فقد كان ينتج في الأسبوع حمل جمل من الفضة أي ما يعادل ( عشرين ألف درهم ) ، أي ما يقابل ( ثلاثة آلاف كيلو غرامات من الفضة ) سنوياً ، لقد كان يحتوي موقع الرضراض على أفران تستخدم لفصل الشوائب عن الفضة في المكان نفسه ، وكان يقدر عددها بحوالي ( أربعمائة فرن ) ، وهي تعكس مدى الإنتاج الغزير للمنجم .
وهو الذي حدا بالتجار الأجانب إلى شراء الفضة من الموقع نفسه حيث كان يقدم إليه التجار من العراق وفارس ومصر .
أما مساحة المنجم فهي تقارب ( عشرة هكتارات ) تقريباً ، ويتكون من منجم مكشوف و ( ثلاثين سرداباً ) متفاوتة في الطول والعرض والارتفاع ، وأكبرها طوله حوالي ( 150 متراً ) وعرضه ( 30 - 40 متراً ) وارتفاعه ( بضعة أمتار ) ، وله ( عشرة آبار ) عمقها يتراوح فيما بين ( 10 - 25 متراً ) ، وهي للتهوية وإخراج المعدن الخام
نهممديرية من مديريات محافظة صنعاء ، ونهم قبيلة من قبائل اليمن ، تقع أراضي نهم في شمال شرق العاصمة صنعاء ، يحدها من الشمال الجوف وبلاد سفيان ، ومن الشرق الجوف ، ومن الجنوب بنو حشيش وخولان العالية ، ومن الغرب أرحـب .
وتنقسم قبيلة نهم إلى غُفيري ومحلفي ، ثم ينقسم الغُفيري إلى ثلاثـة أقسام ، عيال غفير والحنشات والجدعان ومن عيال غفير سمح ، وهم حميدي وضحاكي وعبدلي وشوذري هولاء سـمح ، ثم عيال غفير المطيرة ، وعيال أحمد والنعيمات وبنو بارق ، ومن الحنشات العواصم والجفور والقميحات ومن الجدعان آل حرمل وآل جمعان وآل خضير ، ومساكن الجدعان الجوف ، وأما المحلف فهم منصوري وصيادي ، ومن المنصوري مرهبة وبنو منصور ، ومن عيال صياد عواض وفهدي ، والمذكورون هم من قبائل مرهبة في عداد نهم ، والجميع من بكيل ، ومن المنصوري عذر مطرة ، وهو في الأصل من عذر حاشد ، كما جاء عند " الهمداني " في كتابه " صفة جزيرة العرب " وعدادهم في نهم .
ومن قرى نهم المديد ، وبَّرأن ، وملح ، وثومة ، وخلقة ، وضبوعة ، ومسورة ، ومجزر ، وثاجر.
ومن أشهر جبالها جبل يام ، وهو جبل واسع متصل بالجوف ، وهو بلد قبيلة يام القديمة ، وفيه موضع يعرف بالغيضة قبر فيه الإمام " أحمد بن علي السراجي" المتوفى في سنة ( 1250 هجرية ) .
ومياه نهم ـ أودية نهم ـ تصب في الجوف ، وبعض أوديتها تصب في وادي الخارد الواقع غرب أراضي نهم ، ومن أوديتها الشرقية وادي ملاحا الذي يصب إلى مجزر ثم إلى الجوف ، ومنجم الرضراض أشهر معالم نهم .
1- منجم الرضراض :-
يقع منجم الرضراض في السفح الشمالي لجبل صلب في شعب يسمى المجني من أراضي نهم ، وهو عبارة عن منجم قديم للفضة ، بدأت قصة الرضراض عندما ذكره "الهمداني" في كتابه " الجوهرتين العتيقتين من الذهب والفضة " ، فقد ذكر أن معدن الفضة في الرضراض لا نظير له ، وقد قدم وصفاً بإسهاب عن المنطقة التي يقع فيها ، وما تحتوي من أشجار ومصادر مياه والقبيلة التي يقع في أراضيها المنجم .
وبالاعتماد على وصف " الهمداني " تمكنت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة ( كرسيتان روبان ) ، ومجموعة من الجيولوجين الفرنسيين العاملين في اليمن من تحديد موقع المنجم ، في جبل صلب في " نهم " ، الواقع في الوادي الفاصل - الحد - بين منطقة نهم ويام تحت قرية أثرية تسمى سامك ، ويبعد عن العاصمة صنعاء باتجاه الشرق حوالي ( 40 كيلومتراً ) ، وقد ذكر" الهمداني" أن المنجم والقرية قد خربتا بعد مقتل " محمد بن يعفر " الذي تولى ولاية اليمن من قبل العباسيين في سنة ( 258 هجرية ) الذي قام بتوجيه عماله على المخاليف ، وفتح حضرموت ، وحقق الكثير من المنجزات التي لم يحققها أحد من قبله ، ولكنه في سنة ( 262 هجرية ) استخلف على الولاية ابنه " إبراهيم " ؛ لأنه توجه إلى مكة لأداء مناسك الحج ، وخلالها جدد له الخليفة " العباسي الموفق " الولاية ، وعندما عاد إلى اليمن قتله ابنه " إبراهيم " الذي تولى الحكم من ( 262 -272 هجرية ) بأمر من جده " يعفر " الذي أمره بقتل أبنائه " محمد " و " أحمد " سراً بعد المغرب في صومعة مسجد شبام كوكبان ، وهو الأمر الذي أدى بالقبائل إلى الثورة عليه – لقتله أبيه " محمد " ، وعمه " أحمد " أبناء " يعفر " – تلك الثورة التي قامت بها القبائل أدت إلى مقتل عمال منجم الرضراض وسكان قرية سامك إضافة إلى نهب الممتلكات ، ويذكر أن عمال المنجم كانوا من الفرس ، وهم الذين كانوا يحتكرون صناعة واستخراج الفضة منه منذ عصور ما قبل الإســلام ، وأنه كان منجماً غزير الإنتاج لا يضاهيه منجم آخر في اليمن ، فقد كان ينتج في الأسبوع حمل جمل من الفضة أي ما يعادل ( عشرين ألف درهم ) ، أي ما يقابل ( ثلاثة آلاف كيلو غرامات من الفضة ) سنوياً ، لقد كان يحتوي موقع الرضراض على أفران تستخدم لفصل الشوائب عن الفضة في المكان نفسه ، وكان يقدر عددها بحوالي ( أربعمائة فرن ) ، وهي تعكس مدى الإنتاج الغزير للمنجم .
وهو الذي حدا بالتجار الأجانب إلى شراء الفضة من الموقع نفسه حيث كان يقدم إليه التجار من العراق وفارس ومصر .
أما مساحة المنجم فهي تقارب ( عشرة هكتارات ) تقريباً ، ويتكون من منجم مكشوف و ( ثلاثين سرداباً ) متفاوتة في الطول والعرض والارتفاع ، وأكبرها طوله حوالي ( 150 متراً ) وعرضه ( 30 - 40 متراً ) وارتفاعه ( بضعة أمتار ) ، وله ( عشرة آبار ) عمقها يتراوح فيما بين ( 10 - 25 متراً ) ، وهي للتهوية وإخراج المعدن الخام
التجارة في اليمن والجزيرة العربية
ذكرت الاشارات في المصادر القديمة الى الرقيق والزنوج والعبيد الذين أسهموا في الحياة الاقتصادية بعد الفتوحات. وكان لهؤلاء اليد الطولى في تنشيط الزراعة والحرف البسيطة والتعدين. وقد صنف الرقيق بين أسود وأحمر نسبة الى الحبشة وما جاورها، والى أصفر نسبة الى بلاد فارس وآسيا الوسطى، وانتشر هؤلاء في أماكن متعددة كالحجاز واليمن واليمامة. أما العمال الفرس الذين عملوا في اليمن في منجمي شمام بالجام فقد قدروا في وقت من الاوقات بأكثر من الفي عامل. وكان لهم معبد زرداشتي. وورد في هذه المصادر ان قوة خراسانية قوامها الف جندي استقرت في حماية امارة بني زياد وعمل افرادها في منجم الرضراض باليمن، وهم من أصول فارسية. كذلك عملت عمالة فارسية في مناجم ذمار وصنعاء وعـدن، إما لأن أهل اليمن عزفوا عن امتهان مهنة التعدين او لكون العمال الفرس كانوا أكثر مهارة. وكانت اليد العاملة الفارسية تتدفق في هجرات مستمرة الى منطقة منجم الرضراض من قبل الدعوة الاسلامية وحتى العصر العباسي.
الرق في شبه الجزيرة العربية
إنتشر الرق في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، وأصبح ظاهرة مألوفة. وكانت المناطق الزراعية في شبه الجزيرة مراكز تواجد الرقيق للحاجة اليهم في الزراعة، لذلك كثروا في اليمن واليمامة. أما في الحجاز فعمل الرقيق في الخدمة بالمنازل والرعي وبعض الحرف اليدوية. وكانت في المدينة نخيل كثيرة يديرها رقيق من العمالة السود. ويرى مؤرخون ان زبيداً أصبحت في وقت من الاوقات قاعدة كبيرة لتجمع العبيد، خصوصاً من الأحباش الذين زاد عددهم بفعل اعتماد الدولة الزيادية عليهم في الادارة والجيش، إضافة الى جلب اصحاب المزارع لعدد كبير منهم، مما شكل تهديداً لدولة بني زياد نفسها.
كان العبد في عصر الاسلام المبكر يباع بثمانمئة درهم. أما العبيد الذين تمتعوا بخبرات تجارية فكانت أسعارهم أعلى بكثير حتى وصل سعر الواحد منهم الى عشرين الف درهم، وهو مبلغ دفعه انس بن مالك الانصاري لشراء عبده سرين. ودفع عبد الله بن عمر بن الخطاب خمسة وثلاثين الف درهم مقابل شراء عبد. وترجع هذه الاسعار المرتفعة الى الخبرة التجارية التي تمتع بها هؤلاء العبيد. يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي اسباب هذا التوسع في الاتجار بهذه الاعداد الكبيرة من اليد العاملة، ما يبرر دفع الاثمان المرتفعة جداً بمقياس ذلك الزمن لشراء هؤلاء العبيد او استئجارهم؟ . وما طبيعة العلاقة بين المواطنين والعمال الاجانب، وما هي المشاكل التي واجهت العمالة الاجنبية. وهل كان للاوضاع السياسية أثرها في ذلك. وقد تحدث مؤرخون قدامى كابن حجر والشيباني والمواردي عن ميادين العمل التي إنخرطت فيها اليد العاملة المستقدمة وكذلك اليد العاملة المحلية. وقد رأى هؤلاء ان المهن التي زاولها العمال تفوق التعداد والحصر. وهي تنقسم الى اربعة أقسام: محرمة ومباحة وشريفة وضرورية. فالتنجيم وصناعة الخمور كانت محرمة. أما المباح منها فشمل الكثير من المهن، باستثناء ما ورد النص بحرمته. وشملت الشريفة الطب والكتابة والتعليم والوراقة. أما الضرورية فكانت التجارة والبناء والخياطة والحياكة. وقد اختصت بكل صنف فئة من اليد العاملة، محلية أكانت أم مستقدمة. أما أهم المهن التي شاعت آنذاك، أي في العصر الوسيط، فشملت الصيد، الجمع والاحطاب، الرعي وتربية الماشية، الزراعة، صناعة البناء، الصناعة بشكل عام، التجارة، التعدين، الدباغة، الصباغة، الخرازة، الغزل والنسيج، الحلاقة، الكتابة والقراْة والترجمة، الطب والتمريض، العطارة ، واخيراً الصيدلة. ولا بد من الاشارة هنا الى ان أهل اليمامة استفادوا في استثمار معادن بلادهم من خبرة الآخرين. فقد ذكرت مصادر قديمة بينها ما ذكره الاصفهاني، ان ايرانيين مجوس عملوا في مناجم اليمامة. وكان للايرانيين خبرة في التعدين اكتسبوها من العمل في مناجم بلادهم التي كان التعدين فيها منتشراً في عصور تاريخية مختلفة. فقد إشتهرت ايران، على سبيل المثال، كمركز اساسي لسك العملات الفضية. وقد بلغت مراكز السك فيها ستين مركزاً في خلال الحقبة الساسانية.
التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق
كيف كان يتم التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق المستقدمون من الخارج؟. لا تتحدث المصادر كثيراً عن هذا الموضوع، الا ان هناك اشارات الى ان بعض العبيد والزنوج و الرقيق كان يتم شراءهم ويمضون جل حياتهم يخدمون الشاري، الا اذا باعهم بدوره من شارين آخرين. والبعض الآخر كان يتقاضى اجوره نقداً او عيناً وكانوا يسكنون مع اسيدهم في المزارع او قرب المناجم. وقد أكد الطبري ان الرقيق في الحجاز كانوا يعملون الى جانب اسيادهم ويتقاضون اجورهم عيناً من المحاصيل الزراعية. وهذا، على ما يبدو، كان ينطبق على اليمن. اما المهن الاخرى في الحجاز واليمن، خاصة المهن الحرفية، فكان العامل فيها لا يعمل بجانب سيده، بل كان يمارس حرفته في مكان عام يرتاده الناس حتى يتمكن من بيع السلع التي
ذكرت الاشارات في المصادر القديمة الى الرقيق والزنوج والعبيد الذين أسهموا في الحياة الاقتصادية بعد الفتوحات. وكان لهؤلاء اليد الطولى في تنشيط الزراعة والحرف البسيطة والتعدين. وقد صنف الرقيق بين أسود وأحمر نسبة الى الحبشة وما جاورها، والى أصفر نسبة الى بلاد فارس وآسيا الوسطى، وانتشر هؤلاء في أماكن متعددة كالحجاز واليمن واليمامة. أما العمال الفرس الذين عملوا في اليمن في منجمي شمام بالجام فقد قدروا في وقت من الاوقات بأكثر من الفي عامل. وكان لهم معبد زرداشتي. وورد في هذه المصادر ان قوة خراسانية قوامها الف جندي استقرت في حماية امارة بني زياد وعمل افرادها في منجم الرضراض باليمن، وهم من أصول فارسية. كذلك عملت عمالة فارسية في مناجم ذمار وصنعاء وعـدن، إما لأن أهل اليمن عزفوا عن امتهان مهنة التعدين او لكون العمال الفرس كانوا أكثر مهارة. وكانت اليد العاملة الفارسية تتدفق في هجرات مستمرة الى منطقة منجم الرضراض من قبل الدعوة الاسلامية وحتى العصر العباسي.
الرق في شبه الجزيرة العربية
إنتشر الرق في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، وأصبح ظاهرة مألوفة. وكانت المناطق الزراعية في شبه الجزيرة مراكز تواجد الرقيق للحاجة اليهم في الزراعة، لذلك كثروا في اليمن واليمامة. أما في الحجاز فعمل الرقيق في الخدمة بالمنازل والرعي وبعض الحرف اليدوية. وكانت في المدينة نخيل كثيرة يديرها رقيق من العمالة السود. ويرى مؤرخون ان زبيداً أصبحت في وقت من الاوقات قاعدة كبيرة لتجمع العبيد، خصوصاً من الأحباش الذين زاد عددهم بفعل اعتماد الدولة الزيادية عليهم في الادارة والجيش، إضافة الى جلب اصحاب المزارع لعدد كبير منهم، مما شكل تهديداً لدولة بني زياد نفسها.
كان العبد في عصر الاسلام المبكر يباع بثمانمئة درهم. أما العبيد الذين تمتعوا بخبرات تجارية فكانت أسعارهم أعلى بكثير حتى وصل سعر الواحد منهم الى عشرين الف درهم، وهو مبلغ دفعه انس بن مالك الانصاري لشراء عبده سرين. ودفع عبد الله بن عمر بن الخطاب خمسة وثلاثين الف درهم مقابل شراء عبد. وترجع هذه الاسعار المرتفعة الى الخبرة التجارية التي تمتع بها هؤلاء العبيد. يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي اسباب هذا التوسع في الاتجار بهذه الاعداد الكبيرة من اليد العاملة، ما يبرر دفع الاثمان المرتفعة جداً بمقياس ذلك الزمن لشراء هؤلاء العبيد او استئجارهم؟ . وما طبيعة العلاقة بين المواطنين والعمال الاجانب، وما هي المشاكل التي واجهت العمالة الاجنبية. وهل كان للاوضاع السياسية أثرها في ذلك. وقد تحدث مؤرخون قدامى كابن حجر والشيباني والمواردي عن ميادين العمل التي إنخرطت فيها اليد العاملة المستقدمة وكذلك اليد العاملة المحلية. وقد رأى هؤلاء ان المهن التي زاولها العمال تفوق التعداد والحصر. وهي تنقسم الى اربعة أقسام: محرمة ومباحة وشريفة وضرورية. فالتنجيم وصناعة الخمور كانت محرمة. أما المباح منها فشمل الكثير من المهن، باستثناء ما ورد النص بحرمته. وشملت الشريفة الطب والكتابة والتعليم والوراقة. أما الضرورية فكانت التجارة والبناء والخياطة والحياكة. وقد اختصت بكل صنف فئة من اليد العاملة، محلية أكانت أم مستقدمة. أما أهم المهن التي شاعت آنذاك، أي في العصر الوسيط، فشملت الصيد، الجمع والاحطاب، الرعي وتربية الماشية، الزراعة، صناعة البناء، الصناعة بشكل عام، التجارة، التعدين، الدباغة، الصباغة، الخرازة، الغزل والنسيج، الحلاقة، الكتابة والقراْة والترجمة، الطب والتمريض، العطارة ، واخيراً الصيدلة. ولا بد من الاشارة هنا الى ان أهل اليمامة استفادوا في استثمار معادن بلادهم من خبرة الآخرين. فقد ذكرت مصادر قديمة بينها ما ذكره الاصفهاني، ان ايرانيين مجوس عملوا في مناجم اليمامة. وكان للايرانيين خبرة في التعدين اكتسبوها من العمل في مناجم بلادهم التي كان التعدين فيها منتشراً في عصور تاريخية مختلفة. فقد إشتهرت ايران، على سبيل المثال، كمركز اساسي لسك العملات الفضية. وقد بلغت مراكز السك فيها ستين مركزاً في خلال الحقبة الساسانية.
التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق
كيف كان يتم التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق المستقدمون من الخارج؟. لا تتحدث المصادر كثيراً عن هذا الموضوع، الا ان هناك اشارات الى ان بعض العبيد والزنوج و الرقيق كان يتم شراءهم ويمضون جل حياتهم يخدمون الشاري، الا اذا باعهم بدوره من شارين آخرين. والبعض الآخر كان يتقاضى اجوره نقداً او عيناً وكانوا يسكنون مع اسيدهم في المزارع او قرب المناجم. وقد أكد الطبري ان الرقيق في الحجاز كانوا يعملون الى جانب اسيادهم ويتقاضون اجورهم عيناً من المحاصيل الزراعية. وهذا، على ما يبدو، كان ينطبق على اليمن. اما المهن الاخرى في الحجاز واليمن، خاصة المهن الحرفية، فكان العامل فيها لا يعمل بجانب سيده، بل كان يمارس حرفته في مكان عام يرتاده الناس حتى يتمكن من بيع السلع التي
يحترفها لحساب سيده. وتقول هذه المصادر ان اهل الحجاز كانوا يأخذون ضرائب او اتاوة من هؤلاء العمال.
من الميادين الحيوية والمهمة التي عملت فيها العمالة المستجلبة فكان العديد منها يتعلق بالري وتقنيته. ويأتي الري في أولويات التقنية الزراعية لاهمية المياه للزراعة، ولكون شبه الجزيرة تفتقر كثيراً في مناطق متعددة منها للمياه. وقد اختصت مؤلفات عديدة في التحدث عن هذه القضية – المشكلة، مثل مؤلفات ابن بصال وابن العوام وابن الأعرابي . وتشير مصادر مختلفة الى استعانة أهل البلاد بالخبرات الاجنبية التي استقطبت من عاصمة الخلافة وسواها لحل المشاكل الفنية التي واجهت التفتيش عن مصادر للمياه والاستقادة منها . ففي شبه الجزيرة مساحات صحراوية واسعة ، لهذا اعتمدت الزراعة من قبل على الامطار القليلة وعلى الابار السطحية . وكان الري يعتمد على وسائل بسيطة بمساعدة الحيوان. من هنا نرى ان الدولة الاسلامية منذ بدء الدعوة صرفت أموالاً طائلة على تقنية الري في الحجاز ونجد، فأدخلت تقنيات جديدة على طرق استخراج المياه الجوفية التي استعملت سابقاً بعد ان أدخلت عليها تطوراً جديداً. فالات التي استعملت سابقاً في استخراج المياه الجوفية كانت تصنع من الخشب فاستبدلت الآن بالحديد. وجرى تطوير المحراث والمجثات والمنجل والقلب وتم الربط بين سلسلة من الابار الجوفية لرفع المياه الجوفية الى سطح الارض.
كان للعمالة المجلوبة من الخارج دورها الكبير في المصانع والمعامل والورش. فاشتهرت الطائف بمعامل الدباغة، كما اشتهرت مدن الحجاز بصناعة الحلي والاسلحة كالقسي والرماح والسيوف والمعدات الزراعية الحديدية كالفؤوس والمحاريث وصناعة القفف والمكاتل من سعف النخيل. اما الحدادة فكانت مهنة محتقرة عند العرب. وكان يقوم بها الرقيق او بعض افراد الجالية اليهودية في اليمن واليمامة. كذلك عمل اليهود والعبيد في الصباغة والدباغة. اما النسيج والخياطة فاشتهرت بهما اليمن واليمامة وهجر. وكانت الثياب تنسب الى مصادرها مثل : ثياب السحول من بلدة سحول باليمن، والبرد القطرية نسبة الى قطر والصحارية نسبة الى صحار باليمن. اما عدن فاشتهرت ببردها.
تعزز التعدين في العصرين الاموي والعباسي بعد ان انفتحت اسواق البلدان المفتوحة بعضها على بعض وكثرت الايدي العاملة من عبيد وزنوج ورقيق، وبتنا نرى، مثلاً، معادن شبه الجزيرة العربية في اسواق كل البلدان المفتوحة. وشملت هذه المعادن: الفضة والذهب والحديد والعقيق والجزع. وعد معدن بني سليم، او معدن فران كما دعي لاحقاً، من أغزر مناجم الذهب في شبه الجزيرة العربية. وكان منجم حليت في حمى ضرية، وكان يسمى التجاري.
ويشير الهمداني الى ان معدن العقيق في نجد كان من أغزر معادن الذهب في شبه الجزيرة. وقال ياقوت ان عدد المناجم هذه كان أكثر من عشرة مناجم. كذلك ذكر الهمداني ان مناجم جديدة وجدت في اليمن. كذلك حفرت مناجم للفضة في شبه الجزيرة العربية مثل منجم الرضراض في اليمن ومنجم حمام باليمامة.
أما مناجم الحديد فكان من بينها منجم رغافة في اليمن الذي كان فيه خمسة عشر كيراً لسبك الحديد، ومنجم قساس في نجد ومناجم العقيق والجزع في اليمن التي كان يصنع منها الخرز والفصوص والأواني السعوانية او البقرانية. وكانت أعداد كبيرة من العبيد والرقيق تعمل في هذه المناجم، حتى قيل ان لولا هؤلاء العمال لبقيت المعدان في ارضها غير مستخرجة.
ترتب على وجود المعادن واكتشافها قيام صناعات معدنية مثل صناعة الحدادة والصياغة. وقد استمرت صناعة الحدادة مزدهرت في اليمامة حتى القرن الخامس الهجري. كذلك نشطت حرفة الصياغة هناك حتى القرن الخامس نفسه، ومن ثم انتشرت مزدهرة في اسواق الصاغة في الحجاز وعدن واليمن واليمامة. غير ان هذه النشاطات المعدنية تطلبت مساعدة بشرية تتمتع بخبرة لم تكن متوفرة في شبه الجزيرة في ذلك الوقت. من هنا نرى كثرة استجلاب الأيدي العاملة الخارجية ذات الخبرة. وكان بالتالي لا بد من تنظيم محكم لهذه العمالة، خصوصاً في الحجاز واليمن. وذكرت بعض المصادر ان صاحب صعدة (الحاكم) كان يفرض جباية على أصحاب المدابغ، وبالتالي تعداد العاملين وعدد المدابغ وكمية الانتاج حتى يتمكن من تحديد مقدار الجباية . أما في مكة فقد كان للمهن الحرة مشرف يتابع حركة العمل والعمال وأطلق عليه اسم أمير الحاكة او أمير النساجين .
إنخرط العبيد والموالي بالمدينة في مهنة السقاية ، وكانوا يسمون بسودان أهل المياه . وبدورهم استعان أهل اليمامة منذ وقت مبكر بالايدي العاملة من الرقيق المجلوب في مجالي الرعي والزراعة . وكان الخليفة الأموي معاوية بن ابي سفيان قد استقدم عمالة أجنبية للعمل في ممتلكاته الزراعية في الخضرمة ، وهي منطقة خصبة في جنوب اليمامة . وكانت هذه العمالة من الرقيق الذي أرسله من الشام .
إستمر الرقيق في العصر العباسي يعمل في المجال الزراعي . فقد ذكرت مصادر عديدة ان الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور طلب من والي اليمامة السَري بن عبد الله الهاشمي ان ي
من الميادين الحيوية والمهمة التي عملت فيها العمالة المستجلبة فكان العديد منها يتعلق بالري وتقنيته. ويأتي الري في أولويات التقنية الزراعية لاهمية المياه للزراعة، ولكون شبه الجزيرة تفتقر كثيراً في مناطق متعددة منها للمياه. وقد اختصت مؤلفات عديدة في التحدث عن هذه القضية – المشكلة، مثل مؤلفات ابن بصال وابن العوام وابن الأعرابي . وتشير مصادر مختلفة الى استعانة أهل البلاد بالخبرات الاجنبية التي استقطبت من عاصمة الخلافة وسواها لحل المشاكل الفنية التي واجهت التفتيش عن مصادر للمياه والاستقادة منها . ففي شبه الجزيرة مساحات صحراوية واسعة ، لهذا اعتمدت الزراعة من قبل على الامطار القليلة وعلى الابار السطحية . وكان الري يعتمد على وسائل بسيطة بمساعدة الحيوان. من هنا نرى ان الدولة الاسلامية منذ بدء الدعوة صرفت أموالاً طائلة على تقنية الري في الحجاز ونجد، فأدخلت تقنيات جديدة على طرق استخراج المياه الجوفية التي استعملت سابقاً بعد ان أدخلت عليها تطوراً جديداً. فالات التي استعملت سابقاً في استخراج المياه الجوفية كانت تصنع من الخشب فاستبدلت الآن بالحديد. وجرى تطوير المحراث والمجثات والمنجل والقلب وتم الربط بين سلسلة من الابار الجوفية لرفع المياه الجوفية الى سطح الارض.
كان للعمالة المجلوبة من الخارج دورها الكبير في المصانع والمعامل والورش. فاشتهرت الطائف بمعامل الدباغة، كما اشتهرت مدن الحجاز بصناعة الحلي والاسلحة كالقسي والرماح والسيوف والمعدات الزراعية الحديدية كالفؤوس والمحاريث وصناعة القفف والمكاتل من سعف النخيل. اما الحدادة فكانت مهنة محتقرة عند العرب. وكان يقوم بها الرقيق او بعض افراد الجالية اليهودية في اليمن واليمامة. كذلك عمل اليهود والعبيد في الصباغة والدباغة. اما النسيج والخياطة فاشتهرت بهما اليمن واليمامة وهجر. وكانت الثياب تنسب الى مصادرها مثل : ثياب السحول من بلدة سحول باليمن، والبرد القطرية نسبة الى قطر والصحارية نسبة الى صحار باليمن. اما عدن فاشتهرت ببردها.
تعزز التعدين في العصرين الاموي والعباسي بعد ان انفتحت اسواق البلدان المفتوحة بعضها على بعض وكثرت الايدي العاملة من عبيد وزنوج ورقيق، وبتنا نرى، مثلاً، معادن شبه الجزيرة العربية في اسواق كل البلدان المفتوحة. وشملت هذه المعادن: الفضة والذهب والحديد والعقيق والجزع. وعد معدن بني سليم، او معدن فران كما دعي لاحقاً، من أغزر مناجم الذهب في شبه الجزيرة العربية. وكان منجم حليت في حمى ضرية، وكان يسمى التجاري.
ويشير الهمداني الى ان معدن العقيق في نجد كان من أغزر معادن الذهب في شبه الجزيرة. وقال ياقوت ان عدد المناجم هذه كان أكثر من عشرة مناجم. كذلك ذكر الهمداني ان مناجم جديدة وجدت في اليمن. كذلك حفرت مناجم للفضة في شبه الجزيرة العربية مثل منجم الرضراض في اليمن ومنجم حمام باليمامة.
أما مناجم الحديد فكان من بينها منجم رغافة في اليمن الذي كان فيه خمسة عشر كيراً لسبك الحديد، ومنجم قساس في نجد ومناجم العقيق والجزع في اليمن التي كان يصنع منها الخرز والفصوص والأواني السعوانية او البقرانية. وكانت أعداد كبيرة من العبيد والرقيق تعمل في هذه المناجم، حتى قيل ان لولا هؤلاء العمال لبقيت المعدان في ارضها غير مستخرجة.
ترتب على وجود المعادن واكتشافها قيام صناعات معدنية مثل صناعة الحدادة والصياغة. وقد استمرت صناعة الحدادة مزدهرت في اليمامة حتى القرن الخامس الهجري. كذلك نشطت حرفة الصياغة هناك حتى القرن الخامس نفسه، ومن ثم انتشرت مزدهرة في اسواق الصاغة في الحجاز وعدن واليمن واليمامة. غير ان هذه النشاطات المعدنية تطلبت مساعدة بشرية تتمتع بخبرة لم تكن متوفرة في شبه الجزيرة في ذلك الوقت. من هنا نرى كثرة استجلاب الأيدي العاملة الخارجية ذات الخبرة. وكان بالتالي لا بد من تنظيم محكم لهذه العمالة، خصوصاً في الحجاز واليمن. وذكرت بعض المصادر ان صاحب صعدة (الحاكم) كان يفرض جباية على أصحاب المدابغ، وبالتالي تعداد العاملين وعدد المدابغ وكمية الانتاج حتى يتمكن من تحديد مقدار الجباية . أما في مكة فقد كان للمهن الحرة مشرف يتابع حركة العمل والعمال وأطلق عليه اسم أمير الحاكة او أمير النساجين .
إنخرط العبيد والموالي بالمدينة في مهنة السقاية ، وكانوا يسمون بسودان أهل المياه . وبدورهم استعان أهل اليمامة منذ وقت مبكر بالايدي العاملة من الرقيق المجلوب في مجالي الرعي والزراعة . وكان الخليفة الأموي معاوية بن ابي سفيان قد استقدم عمالة أجنبية للعمل في ممتلكاته الزراعية في الخضرمة ، وهي منطقة خصبة في جنوب اليمامة . وكانت هذه العمالة من الرقيق الذي أرسله من الشام .
إستمر الرقيق في العصر العباسي يعمل في المجال الزراعي . فقد ذكرت مصادر عديدة ان الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور طلب من والي اليمامة السَري بن عبد الله الهاشمي ان ي
شتري له رقيقاً من رقيق اليمامة للعمل عنده ، فاشترى له مئتي غلام من اليمامة. ويعتقد ان هؤلاء كانوا من مواليد اليد العاملة الاجنبية التي سبق ان جلبت للعمل في مزارع اليمامة. ويقال ان احد ولاة اليمامة في العصر العباسي، وهو محمد بن سليمان العباسي قد ملك عدداً كبيراً من الرقيق حتى ذكر ان عدد مواليه وصل الى خمسين ألف مولى ، بينهم حوالى عشرين الفاً من المعتوقين والباقي من عبيده المتزوجين ولديهم ذرية. وجاء في أكثر من مصدر واحد ان الرقيق توافدوا على البلاد الاسلامية حتى العصر العباسي وأصبح الاتجار بالرقيق في مجتمع اليمامة معروفاً ومزدهراً، وصار للرقيق سوقاً مشهوراً في اليمامة طالت شهرته كل مناطق شيه الجزيرة العربية.
مارس بعض الموالي التجارة الحرة حتى كان منهم من عمل بالنخاسة، ومنهم من أصاب ثراء ظاهراً كعقبة بن شريك الذي عرف باسم البربري. وقد استدان منه المحتاجون وكان يشكوا الى الوالي من يماطله في تسديد دينه حين حلوله.
عمل الزنوج في الزراعة في عمان في القرن الرابع الهجري. ويذكر ابن الجوزي ان حريقاً وقع في عُمان سنة 324 هجرية فاحترق من العبيد السود، سوى البيض، اكثر من اثني عشر الف شخص. ويدلنا هذا العدد الضخم على كثرة الأيدي العاملة الاجنبية المشتراة وتوفرها في عمان في القرن الرابع الهجري. وتشير المصادر الى أن أهل اليمامة استمروا بشراء الرقيق الى ما بعد القرن الثالث الهجري. فذكر ابن بلهيد ان بالحوطة من اليمامة وحدها اربعة الاف بئر يعمل في كل بئر منها نفير من الرقيق، أي ما مجموعه ستة عشر الف عامل ، وهو رقم كبير جداً في بلدة واحدة من بلاد اليمامة الصغيرة.
سيطر الموالي على سوق العمل والمهن والحرف في فجر الإسلام سيطرة شبه كاملة على قطاعات معينة في سوق الحرف. وقد كثرت كذلك فئة الموالي. وفي العصر الوسيط احتفى اسم الموالي من السجلات، الا انهم ظلوا كمواطنين. وقد اختلف الناس ازاءهم وازاء الحرفيين الذين لا ينتسبون لقبائل معروفة. فمن يرى انهم من أصل رقيق مشترى، حصلوا على العتق في ظروف زمانية ومكانية مختلفة، ومن يرى انهم لاجئون او من بقايا محاربين مرتزقة انقطعت بهم سبل العودة الى بلدانهم الاصلية. وتكاد تجمعهم ثلاث ارومات: حبشية ورومية وفارسية.
المراجع
1 – ابن الجوزي ، عبد الرحمن : المنتظم في تاريخ الملوك والامم ، حيد اباد ، 1357 هجرية
2 – ابن الأثير ، علي : الكامل في التاريخ ، دار الفكر ، بيروت 1398 هجرية .
3 – الشري ، احمد بن ابراهيم : مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، دار الفكر العربي ، القاهرة ن 1956 .
4 – العمري ، حسن : الامراء والعبيد والمماليك في اليمن ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 1989 .
5 – الازرقي ، ابو الوليد : اخبار مكة ، دار الاندلس ، بيروت 1983 .
6 – البلاذري ، ابو العباس : فتوح البلدان ، مكتبة الهلال ، بيروت 1978 .
7 – الافغاني ، سعيد : أسواق العرب في الجاهلية والاسلام
مارس بعض الموالي التجارة الحرة حتى كان منهم من عمل بالنخاسة، ومنهم من أصاب ثراء ظاهراً كعقبة بن شريك الذي عرف باسم البربري. وقد استدان منه المحتاجون وكان يشكوا الى الوالي من يماطله في تسديد دينه حين حلوله.
عمل الزنوج في الزراعة في عمان في القرن الرابع الهجري. ويذكر ابن الجوزي ان حريقاً وقع في عُمان سنة 324 هجرية فاحترق من العبيد السود، سوى البيض، اكثر من اثني عشر الف شخص. ويدلنا هذا العدد الضخم على كثرة الأيدي العاملة الاجنبية المشتراة وتوفرها في عمان في القرن الرابع الهجري. وتشير المصادر الى أن أهل اليمامة استمروا بشراء الرقيق الى ما بعد القرن الثالث الهجري. فذكر ابن بلهيد ان بالحوطة من اليمامة وحدها اربعة الاف بئر يعمل في كل بئر منها نفير من الرقيق، أي ما مجموعه ستة عشر الف عامل ، وهو رقم كبير جداً في بلدة واحدة من بلاد اليمامة الصغيرة.
سيطر الموالي على سوق العمل والمهن والحرف في فجر الإسلام سيطرة شبه كاملة على قطاعات معينة في سوق الحرف. وقد كثرت كذلك فئة الموالي. وفي العصر الوسيط احتفى اسم الموالي من السجلات، الا انهم ظلوا كمواطنين. وقد اختلف الناس ازاءهم وازاء الحرفيين الذين لا ينتسبون لقبائل معروفة. فمن يرى انهم من أصل رقيق مشترى، حصلوا على العتق في ظروف زمانية ومكانية مختلفة، ومن يرى انهم لاجئون او من بقايا محاربين مرتزقة انقطعت بهم سبل العودة الى بلدانهم الاصلية. وتكاد تجمعهم ثلاث ارومات: حبشية ورومية وفارسية.
المراجع
1 – ابن الجوزي ، عبد الرحمن : المنتظم في تاريخ الملوك والامم ، حيد اباد ، 1357 هجرية
2 – ابن الأثير ، علي : الكامل في التاريخ ، دار الفكر ، بيروت 1398 هجرية .
3 – الشري ، احمد بن ابراهيم : مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، دار الفكر العربي ، القاهرة ن 1956 .
4 – العمري ، حسن : الامراء والعبيد والمماليك في اليمن ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 1989 .
5 – الازرقي ، ابو الوليد : اخبار مكة ، دار الاندلس ، بيروت 1983 .
6 – البلاذري ، ابو العباس : فتوح البلدان ، مكتبة الهلال ، بيروت 1978 .
7 – الافغاني ، سعيد : أسواق العرب في الجاهلية والاسلام