Forwarded from غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
١٠ مُحرَّم / عاشوراء 🌿
"وأمَّا صِيامُ يومِ عاشوراءَ فإنَّه -أي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يتحرَّى صومَهُ على سائرِ الأيَّامِ، ولمَّا قَدِمَ المدينةَ وجدَ اليهودَ تصومُه وتُعظِّمُه فقال: نحنُ أحقُّ بمُوسى منكم، فصامَهُ وأمرَ بصِيامِه، وذلك قبلَ فرضِ رمضانَ، فلمَّا فُرِضَ رمضانُ قال: مَن شاءَ صامَهُ، ومَن شاءَ تَرَكَهُ".
زادُ المعادِ ( ٢ / ٦٣ ).
- فضلُ صومِهِ:
روى مُسلِمٌ ( ١١٦٢ ) عن أبي قتادةَ الأنصاريِّ قال: وسُئِلَ -أي رسولُ اللهِ- عن صومِ يومِ عاشوراءَ؟
فقال: "يُكفِّرُ السَّنَةَ الماضيةَ".
وفي روايةٍ عندَ مُسلِمٍ أيضًا: "وصيامُ يومِ عاشوراءَ أحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السَّنَةَ التي قبلَهُ".
وروى البُخاريُّ ( ٢٠٠٦ ) واللَّفظُ له، ومُسلِمٌ ( ١١٣٢ ) عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ أنَّه قال: "ما رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَهُ على غيرِه إلَّا هذا اليومَ؛ يومَ عاشوراءَ، وهذا الشَّهرَ". يعني شهرَ رمضانَ.
ولفظُ مُسلِمٍ: "ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صامَ يومًا يطلبُ فَضْلَهُ على الأيَّامِ إلَّا هذا اليومَ، ولا شهرًا إلَّا هذا الشَّهرَ".
- مراتبُ صيامِ عاشوراءَ:
قال الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيَّةِ في زادِ المعادِ ( ٢ / ٧٢ ): "فمراتبُ صومِه ثلاثةٌ: أكملُها: أن يُصامَ قبلَهُ يومٌ وبعدَهُ يومٌ.
ويلي ذلك: أن يُصامَ التَّاسِعُ والعاشِرُ، وعليه أكثرُ الأحاديثِ.
ويلي ذلك: إفرادُ العاشِرِ وحدَهُ بالصَّومِ". اهـ
وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في فتحِ الباري ( ٥ / ٤٣٦ ): "وعلى هذا فصِيامُ عاشوراءَ على ثلاثِ مراتبَ: أدناها: أن يُصامَ وحدَهُ.
وفوقَهُ: أن يُصامَ التَّاسِعُ معه.
وفوقَهُ: أن يُصامَ التَّاسعُ والحادي عشرَ".
كما أنَّه لا يُكرَهُ إفرادُه بالصَّومِ كما قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ وغيرُه.
"وأمَّا صِيامُ يومِ عاشوراءَ فإنَّه -أي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان يتحرَّى صومَهُ على سائرِ الأيَّامِ، ولمَّا قَدِمَ المدينةَ وجدَ اليهودَ تصومُه وتُعظِّمُه فقال: نحنُ أحقُّ بمُوسى منكم، فصامَهُ وأمرَ بصِيامِه، وذلك قبلَ فرضِ رمضانَ، فلمَّا فُرِضَ رمضانُ قال: مَن شاءَ صامَهُ، ومَن شاءَ تَرَكَهُ".
زادُ المعادِ ( ٢ / ٦٣ ).
- فضلُ صومِهِ:
روى مُسلِمٌ ( ١١٦٢ ) عن أبي قتادةَ الأنصاريِّ قال: وسُئِلَ -أي رسولُ اللهِ- عن صومِ يومِ عاشوراءَ؟
فقال: "يُكفِّرُ السَّنَةَ الماضيةَ".
وفي روايةٍ عندَ مُسلِمٍ أيضًا: "وصيامُ يومِ عاشوراءَ أحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السَّنَةَ التي قبلَهُ".
وروى البُخاريُّ ( ٢٠٠٦ ) واللَّفظُ له، ومُسلِمٌ ( ١١٣٢ ) عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ أنَّه قال: "ما رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَهُ على غيرِه إلَّا هذا اليومَ؛ يومَ عاشوراءَ، وهذا الشَّهرَ". يعني شهرَ رمضانَ.
ولفظُ مُسلِمٍ: "ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صامَ يومًا يطلبُ فَضْلَهُ على الأيَّامِ إلَّا هذا اليومَ، ولا شهرًا إلَّا هذا الشَّهرَ".
- مراتبُ صيامِ عاشوراءَ:
قال الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيَّةِ في زادِ المعادِ ( ٢ / ٧٢ ): "فمراتبُ صومِه ثلاثةٌ: أكملُها: أن يُصامَ قبلَهُ يومٌ وبعدَهُ يومٌ.
ويلي ذلك: أن يُصامَ التَّاسِعُ والعاشِرُ، وعليه أكثرُ الأحاديثِ.
ويلي ذلك: إفرادُ العاشِرِ وحدَهُ بالصَّومِ". اهـ
وقال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في فتحِ الباري ( ٥ / ٤٣٦ ): "وعلى هذا فصِيامُ عاشوراءَ على ثلاثِ مراتبَ: أدناها: أن يُصامَ وحدَهُ.
وفوقَهُ: أن يُصامَ التَّاسِعُ معه.
وفوقَهُ: أن يُصامَ التَّاسعُ والحادي عشرَ".
كما أنَّه لا يُكرَهُ إفرادُه بالصَّومِ كما قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ وغيرُه.
Forwarded from غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
شِدَّةُ حِرصِ السَّلَفِ على اغتِنامِ صومِ يومِ عاشوراءَ:
قال أبو جَبَلةَ: كنتُ معَ ابنِ شِهابٍ [الزُّهري] في سَفَرٍ فصامَ يومَ عاشوراءَ، فقِيلَ له: تصومُ يومَ عاشوراءَ في السَّفَرِ وأنتَ تُفطِرُ في رمضانَ؟
قال: "إنَّ رمضانَ له عِدَّةٌ من أيَّامٍ أُخَرَ، وإنَّ عاشوراءَ تفوتُ".
رواه البيهقيُّ في شُعَبِ الإيمانِ ( ٥ / ٣٣٥ برقم ٣٥١٨ ).
وذكَرَهُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ٥ / ٣٤٢ )، وابنُ رَجَبٍ في لطائفِ المعارفِ ( ص١٣٣ ) وقال: "وكان طائفةٌ من السَّلَفِ يصومونَ عاشوراءَ في السَّفَرِ، منهم: ابنُ عبَّاسٍ، وأبو إسحاقَ السَّبيعيُّ، والزُّهريُّ وقال: رمضانُ له عِدَّةٌ..".
قال أبو جَبَلةَ: كنتُ معَ ابنِ شِهابٍ [الزُّهري] في سَفَرٍ فصامَ يومَ عاشوراءَ، فقِيلَ له: تصومُ يومَ عاشوراءَ في السَّفَرِ وأنتَ تُفطِرُ في رمضانَ؟
قال: "إنَّ رمضانَ له عِدَّةٌ من أيَّامٍ أُخَرَ، وإنَّ عاشوراءَ تفوتُ".
رواه البيهقيُّ في شُعَبِ الإيمانِ ( ٥ / ٣٣٥ برقم ٣٥١٨ ).
وذكَرَهُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ٥ / ٣٤٢ )، وابنُ رَجَبٍ في لطائفِ المعارفِ ( ص١٣٣ ) وقال: "وكان طائفةٌ من السَّلَفِ يصومونَ عاشوراءَ في السَّفَرِ، منهم: ابنُ عبَّاسٍ، وأبو إسحاقَ السَّبيعيُّ، والزُّهريُّ وقال: رمضانُ له عِدَّةٌ..".
Forwarded from غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
قال ابن رجبٍ: "وكلُّ ما رُوِيَ في فضلُ الاكتحالِ في يومِ عاشوراءَ والاختضابِ والاغتسالِ فيه؛ فموضوعٌ لا يصحُّ".
غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
Photo
ابنُ المُقرِئِ ( تـ ٣٨١ هـ ).
صاحبُ الرِّحلةِ الواسعةِ الجوَّالُ الإمامُ الحافظُ: أبو بكرٍ مُحمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ عليِّ بنِ عاصمِ بنِ زاذانَ الأصبهانيُّ.
روى عن أبي يعلى الموصليِّ، وأبي بكرٍ الباغَنديِّ، وأبي القاسمِ البَغَويِّ، وأبي جعفرٍ الطَّحَاويِّ، وأبي عَرُوبةَ الحرَّانيِّ، وخلقٍ كثيرٍ.
وروى عنه أبو الشَّيخِ الأصبهانيُّ -وهو أكبرُ منه-، وأبو نُعَيمٍ الأصبهانيُّ، وابنُ مَردَويهِ، والسَّهميُّ، وخلقٌ سواهم.
وكان كثيرَ الرِّحلةِ والتَّطوافِ في طلبِ العلمِ؛ قال أبو طاهرٍ أحمدُ بنُ محمودٍ: سمعتُ أبا بكرِ بنَ المُقرِئِ يقولُ: "طُفتُ الشَّرقَ والغربَ أربعَ مرَّاتٍ".
وقال رحمه اللهُ: "مَشَيتُ بسببِ نُسخةِ مُفضَّلِ بنِ فَضالةَ سبعينَ مرحلةً، ولو عُرِضَتْ على خبَّازٍ برغيفٍ لم يَقبَلْها".
وقال الذَّهبيُّ: "سمع ابنُ المُقرِئِ الحديثَ في نَحوٍ من خمسينَ مدينةً".
ومُعجَمُه هذا جمُّ الفوائدِ، بديعُ الفرائدِ والعوائدِ، جمع فيه أحاديثَ شُيوخِهِ مُرَتَّبينَ على حُروفِ المُعجَمِ، وبدأ بمَن اسمُه مُحمَّدٌ تشريفًا وإجلالًا للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
قال ابنُ المُقرِئِ: "هذا كتابٌ جمعتُ فيه أسماءَ المُحدِّثينَ الذين سمعتُ منهم بالحِجازِ ومكَّةَ والمدينةِ ومِصرَ والشَّامِ والعِراقِ وغيرِ ذلكَ، وأخرجتُ عن كلِّ شيخٍ حديثًا أو أكثرَ على حُروفِ الهجاءِ؛ لأقفَ على عدَدِهم، فبدأتُ بمَن اسمُه مُحمَّدٌ إجلالًا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ". اهـ
وللعُلَماءِ اهتِمامٌ بالغٌ بهذا السِّفرِ الجليلِ.
انظُرْ ترجمتَهُ في أخبارِ أصبهانَ ( ٢ / ٢٩٧ ) لأبي نُعَيمٍ، وسِيَرِ الأعلامِ ( ١٦ / ٣٩٨ - ٤٠٢ ) وتذكرةِ الحُفَّاظِ ( ٣ / ٩٧٣ - ٩٧٥ ) كلاهما للذَّهبيِّ.
صاحبُ الرِّحلةِ الواسعةِ الجوَّالُ الإمامُ الحافظُ: أبو بكرٍ مُحمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ عليِّ بنِ عاصمِ بنِ زاذانَ الأصبهانيُّ.
روى عن أبي يعلى الموصليِّ، وأبي بكرٍ الباغَنديِّ، وأبي القاسمِ البَغَويِّ، وأبي جعفرٍ الطَّحَاويِّ، وأبي عَرُوبةَ الحرَّانيِّ، وخلقٍ كثيرٍ.
وروى عنه أبو الشَّيخِ الأصبهانيُّ -وهو أكبرُ منه-، وأبو نُعَيمٍ الأصبهانيُّ، وابنُ مَردَويهِ، والسَّهميُّ، وخلقٌ سواهم.
وكان كثيرَ الرِّحلةِ والتَّطوافِ في طلبِ العلمِ؛ قال أبو طاهرٍ أحمدُ بنُ محمودٍ: سمعتُ أبا بكرِ بنَ المُقرِئِ يقولُ: "طُفتُ الشَّرقَ والغربَ أربعَ مرَّاتٍ".
وقال رحمه اللهُ: "مَشَيتُ بسببِ نُسخةِ مُفضَّلِ بنِ فَضالةَ سبعينَ مرحلةً، ولو عُرِضَتْ على خبَّازٍ برغيفٍ لم يَقبَلْها".
وقال الذَّهبيُّ: "سمع ابنُ المُقرِئِ الحديثَ في نَحوٍ من خمسينَ مدينةً".
ومُعجَمُه هذا جمُّ الفوائدِ، بديعُ الفرائدِ والعوائدِ، جمع فيه أحاديثَ شُيوخِهِ مُرَتَّبينَ على حُروفِ المُعجَمِ، وبدأ بمَن اسمُه مُحمَّدٌ تشريفًا وإجلالًا للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
قال ابنُ المُقرِئِ: "هذا كتابٌ جمعتُ فيه أسماءَ المُحدِّثينَ الذين سمعتُ منهم بالحِجازِ ومكَّةَ والمدينةِ ومِصرَ والشَّامِ والعِراقِ وغيرِ ذلكَ، وأخرجتُ عن كلِّ شيخٍ حديثًا أو أكثرَ على حُروفِ الهجاءِ؛ لأقفَ على عدَدِهم، فبدأتُ بمَن اسمُه مُحمَّدٌ إجلالًا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ". اهـ
وللعُلَماءِ اهتِمامٌ بالغٌ بهذا السِّفرِ الجليلِ.
انظُرْ ترجمتَهُ في أخبارِ أصبهانَ ( ٢ / ٢٩٧ ) لأبي نُعَيمٍ، وسِيَرِ الأعلامِ ( ١٦ / ٣٩٨ - ٤٠٢ ) وتذكرةِ الحُفَّاظِ ( ٣ / ٩٧٣ - ٩٧٥ ) كلاهما للذَّهبيِّ.
قال أبو بكرٍ البرقانيُّ: "كان الدَّارقُطنيُّ يُملي عليَّ العِلَلَ من حِفظِه".
وقال الخطيبُ البغداديُّ: سألتُ البرقانيَّ: قلتُ له: هل كان أبو الحسنِ الدَّارَقُطنيُّ يُملي عليكَ العِلَلَ من حِفظِه؟ فقال: نعم، أنا الذي جمعتُها، وقرأها النَّاسُ من نُسخَتي.
قال الذَّهبيُّ -تعقيبًا- في السِّير ( ١٦ / ٤٥٥ ): "إن كان كتابُ العِلَلِ الموجودُ قد أملاه الدَّارَقُطنيُّ من حِفظِه كما دلَّتُ عليه هذه الحِكايةُ؛ فهذا أمرٌ عظيمٌ، يُقضى به للدَّارَقُطنيِّ أنَّه أحفظُ أهلِ الدُّنيا، وإن كان قد أملى بعضَهُ من حِفظِه، فهذا مُمكِنٌ". اهـ
وقال في تاريخِ الإسلامِ ( ٨ / ٥٧٨ - ٥٧٩ ) تعقيبًا أيضًا: "وهذا شيءٌ مُدهِشٌ؛ كَونُه كان يُملي العِلَلَ من حِفظِه، فمن أراد أن يعرفَ قَدرَ ذلك؛ فلْيُطالِعْ كتابَ العِلَلِ للدَّارَقُطنيِّ، ليعرفَ كيف كان الحُفَّاظُ". اهـ
وقال أيضًا في تذكرةِ الحُفَّاظِ ( ٣ / ٩٩٣ - ٩٩٤ ): "هنا يُخضَعُ للدَّارقُطنيِّ ولسِعَةِ حِفظِه الجامعِ لقُوَّةِ الحافظةِ، ولقُوَّةِ الفهمِ والمعرفةِ، وإذا شئتَ أن تبيَّنَ براعةَ هذا الإمامِ الفَردِ؛ فطالِعْ العِلَلَ له، فإنَّكَ تندهشُ ويطولُ تعجُّبُكَ". اهـ
وقال الخطيبُ البغداديُّ: سألتُ البرقانيَّ: قلتُ له: هل كان أبو الحسنِ الدَّارَقُطنيُّ يُملي عليكَ العِلَلَ من حِفظِه؟ فقال: نعم، أنا الذي جمعتُها، وقرأها النَّاسُ من نُسخَتي.
قال الذَّهبيُّ -تعقيبًا- في السِّير ( ١٦ / ٤٥٥ ): "إن كان كتابُ العِلَلِ الموجودُ قد أملاه الدَّارَقُطنيُّ من حِفظِه كما دلَّتُ عليه هذه الحِكايةُ؛ فهذا أمرٌ عظيمٌ، يُقضى به للدَّارَقُطنيِّ أنَّه أحفظُ أهلِ الدُّنيا، وإن كان قد أملى بعضَهُ من حِفظِه، فهذا مُمكِنٌ". اهـ
وقال في تاريخِ الإسلامِ ( ٨ / ٥٧٨ - ٥٧٩ ) تعقيبًا أيضًا: "وهذا شيءٌ مُدهِشٌ؛ كَونُه كان يُملي العِلَلَ من حِفظِه، فمن أراد أن يعرفَ قَدرَ ذلك؛ فلْيُطالِعْ كتابَ العِلَلِ للدَّارَقُطنيِّ، ليعرفَ كيف كان الحُفَّاظُ". اهـ
وقال أيضًا في تذكرةِ الحُفَّاظِ ( ٣ / ٩٩٣ - ٩٩٤ ): "هنا يُخضَعُ للدَّارقُطنيِّ ولسِعَةِ حِفظِه الجامعِ لقُوَّةِ الحافظةِ، ولقُوَّةِ الفهمِ والمعرفةِ، وإذا شئتَ أن تبيَّنَ براعةَ هذا الإمامِ الفَردِ؛ فطالِعْ العِلَلَ له، فإنَّكَ تندهشُ ويطولُ تعجُّبُكَ". اهـ
قال الذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ١٧ / ٣١٩ - ٣٢٠ ) عندَ ترجمةِ الخطَّاطِ ابنِ البَّوابِ: "الكِتابةُ مُسَلَّمةٌ لابنِ البوَّابِ، كما أنَّ أقرأَ الأُمَّةِ أُبَيُّ بنُ كعبٍ، وأقضاهم عليٌّ، وأفرَضَهم زيدٌ، وأعلَمَهم بالتَّأويلِ ابنُ عبَّاسٍ، وأمِينَهم أبو عُبَيدةَ، وعابِرَهم مُحمَّدُ بنُ سِيرِينَ، وأصدَقَهم لهجةً أبو ذرٍّ، وفقيهَ الأُمَّةِ مالِكٌ، ومُحدِّثَهم أحمدُ بنُ حنبلٍ، ولُغَويَّهم أبو عُبَيدٍ، وشاعِرَهم أبو تمَّامٍ، وعابِدَهم الفُضَيلُ، وحافِظَهم سُفيانُ الثَّوريُّ، وأخباريَّهم الواقديُّ، وزاهِدَهم معروفٌ الكَرخيُّ، ونَحوِيَّهم سِيبَوَيه، وعَرُوضِيَّهم الخليلُ، وخطيبَهم ابنُ نُباتةَ، ومُنشِئَهم القاضي الفاضِلُ، وفَارِسَهم خالدُ بنُ الوليدِ، رحمهم اللهُ". اهـ
الذَّهبيُّ يقصفُ ولا يُبالي :)
قال في تاريخِ الإسلامِ ( ٨ / ٨٣٨ ): أخبرني أحمدُ بن سلامةَ كتابةً، عن الطَّرَسُوسيِّ، عن ابنِ طاهرٍ الحافظِ قال: سمعتُ أبا الفتحِ عبدَ الوهَّابِ الشِّيرازيَّ بالرَّيِّ يقولُ: سمعتُ أبا حيَّانَ التَّوحيديَّ يقولُ: "أُناسٌ مَضَوْا تحتَ التَّوهُّم، وظنُّوا أنَّ الحقَّ معهم، وكان الحقُّ وراءَهم".
قال الذَّهبيُّ: "مِثلُكَ يا مُعثَّرُ، بل أنتَ حاملُ لِوائِهم".
ورواه أيضًا في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٧ / ١٢١ - ١٢٢ ) وعلَّقَ عليه التَّعليقَ نفسَه.
وأبو حيَّانَ التَّوحيديُّ هو عليُّ بنُ مُحمَّدِ بنِ العبَّاسِ البغداديُّ، صُّوفيٌّ فلسفيٌّ، وقد اتُّهِمَ بالزَّندقةِ وسُوءِ الاعتِقادِ.
قال في تاريخِ الإسلامِ ( ٨ / ٨٣٨ ): أخبرني أحمدُ بن سلامةَ كتابةً، عن الطَّرَسُوسيِّ، عن ابنِ طاهرٍ الحافظِ قال: سمعتُ أبا الفتحِ عبدَ الوهَّابِ الشِّيرازيَّ بالرَّيِّ يقولُ: سمعتُ أبا حيَّانَ التَّوحيديَّ يقولُ: "أُناسٌ مَضَوْا تحتَ التَّوهُّم، وظنُّوا أنَّ الحقَّ معهم، وكان الحقُّ وراءَهم".
قال الذَّهبيُّ: "مِثلُكَ يا مُعثَّرُ، بل أنتَ حاملُ لِوائِهم".
ورواه أيضًا في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٧ / ١٢١ - ١٢٢ ) وعلَّقَ عليه التَّعليقَ نفسَه.
وأبو حيَّانَ التَّوحيديُّ هو عليُّ بنُ مُحمَّدِ بنِ العبَّاسِ البغداديُّ، صُّوفيٌّ فلسفيٌّ، وقد اتُّهِمَ بالزَّندقةِ وسُوءِ الاعتِقادِ.
تأسرُني تلبيةُ الصَّحابةِ -رضوانُ اللهِ عليهم- لنِداءاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ!
- أبو ذرٍّ الغِفاريُّ: يا أبا ذرٍّ، فقلتُ: لبَّيكَ وسَعدَيكَ يا رسولَ اللهِ، وأنا فِداؤُكَ.
- بلالُ بنُ رباحٍ: ..ثم قال: يا بِلالُ، قم، فثار بلالٌ من تحتِ سَمُرةٍ كأنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طائرٍ فقال: لبَّيكَ وسَعدَيكَ وأنا فِداؤُكَ.
- مُعاذُ بنُ جبلٍ: قال: يا مُعاذُ، قال: لبَّيكَ يا رسولَ اللهِ وسَعدَيكَ.
- أبو هُرَيرةَ: يا أبا هُرَيرةَ، فقلتُ: لبَّيكَ رسولَ اللهِ وسَعدَيكَ.
- أبو طلحةَ الأنصاريُّ: يا نبيَّ اللهِ، جعَلَني اللهُ فِداءَكَ، هل أصابَكَ من شيءٍ؟.
- الأنصارُ: يا معشرَ الأنصارِ، قالوا: لبَّيكَ يا رسولَ اللهِ وسَعدَيكَ، لبَّيكَ نحنُ بين يدَيكَ.
- وفدُ عبدِ القيسِ لمَّا أتَوْا نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالوا: يا نبيَّ اللهِ، جعَلَنا اللهُ فِداءَكَ، ماذا يصلُحُ لنا من الأشربةِ؟.
- أبو ذرٍّ الغِفاريُّ: يا أبا ذرٍّ، فقلتُ: لبَّيكَ وسَعدَيكَ يا رسولَ اللهِ، وأنا فِداؤُكَ.
- بلالُ بنُ رباحٍ: ..ثم قال: يا بِلالُ، قم، فثار بلالٌ من تحتِ سَمُرةٍ كأنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طائرٍ فقال: لبَّيكَ وسَعدَيكَ وأنا فِداؤُكَ.
- مُعاذُ بنُ جبلٍ: قال: يا مُعاذُ، قال: لبَّيكَ يا رسولَ اللهِ وسَعدَيكَ.
- أبو هُرَيرةَ: يا أبا هُرَيرةَ، فقلتُ: لبَّيكَ رسولَ اللهِ وسَعدَيكَ.
- أبو طلحةَ الأنصاريُّ: يا نبيَّ اللهِ، جعَلَني اللهُ فِداءَكَ، هل أصابَكَ من شيءٍ؟.
- الأنصارُ: يا معشرَ الأنصارِ، قالوا: لبَّيكَ يا رسولَ اللهِ وسَعدَيكَ، لبَّيكَ نحنُ بين يدَيكَ.
- وفدُ عبدِ القيسِ لمَّا أتَوْا نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالوا: يا نبيَّ اللهِ، جعَلَنا اللهُ فِداءَكَ، ماذا يصلُحُ لنا من الأشربةِ؟.
ابنُ الفَرَضيِّ:
الإمامُ الحافظُ الفقيهُ الأديبُ الشَّهيدُ أبو الوليدِ عبدُ اللهِ بنُ مُحمَّدِ بنِ يُوسفَ القُرطُبيُّ الأندَلُسيُّ، صاحبُ كتابِ "تاريخِ عُلَماءِ الأندلُسِ".
أخذ عنه ابنُ حزمٍ، وابنُ عبدِ البرِّ وقال فيه: "كان فقيهًا عالِمًا في جميعِ فُنونِ العِلمِ في الحديثِ وعِلمِ الرِّجالِ، وله تواليفُ حِسانٌ، وكان صاحبي ونظيري، أخذتُ معه عن أكثرِ شُيوخِه، وأدركَ من الشُّيوخِ ما لم أُدرِكْه أنا، وكان بيني وبينه في السِّنِّ نحوٌ من خمسَ عشرةَ سنةً، صحبتُه قديمًا وحديثًا، وكان حسَنَ الصُّحبةِ والمُعاشَرةِ، حسنَ اللِّقاءِ، قَتَلَتْه البَربَرُ في سَنةِ الفِتنةِ، وبقي في دارِه ثلاثةَ أيَّامٍ مقتولًا، وحضرتُ جنازتَه عفا اللهُ عنه". اهـ
قال الحُمَيديُّ في جذوةِ المُقتَبَسِ ( ص٣٦٧ ): أخبرني أبو مُحمَّدٍ عليُّ بنُ أحمدَ قال: أخبرني أبو الوليدِ ابنُ الفَرَضيِّ قال: تعلَّقتُ بأستارِ الكعبةِ، وسألتُ اللهَ الشَّهادةَ، ثم انحرفتُ وفكَّرتُ في هَولِ القتلِ، فنَدِمتُ وهَمَمتُ أن أرجعَ فأستقيلَ اللهَ ذلك، فاستحييتُ.
قال أبو مُحمَّدٍ: فأخبرني مَن رآهُ بين القتلى، فدنا منه، فسَمِعَهُ يقولُ بصوتٍ ضعيفٍ وهو في آخرِ رَمَقٍ: "لا يُكلَمُ أحدٌ في سبيلِ اللهِ، واللهُ أعلمُ بمَن يُكلَمُ في سبيلِه، إلَّا جاء يومَ القيامةِ وجُرحُه يَثعَبُ دمًا، اللَّونُ لونُ الدَّمِ، والرِّيحُ رِيحُ المِسكِ"، كأنَّه يُعيدُ على نفسِه الحديثَ الواردَ في ذلكَ، قال: ثم قضى نَحبَهُ على إثرِ ذلكَ. اهـ
استُشهِدَ رحمه اللهُ سنةَ ( ٤٠٣ هـ ) أيَّامَ غزوِ البَربَرِ قُرطُبةَ.
وقولُ الحُمَيديِّ: "أخبرني أبو مُحمَّدٍ عليُّ بنُ أحمدَ": هو الإمامُ ابنُ حزمٍ الظَّاهريُّ.
وذكَرَ هذا الخبرَ: الضَّبِّيُّ في بُغيةِ المُلتَمِسِ ( ص٤٣٤ )، وابنُ خاقانَ في مَطمَحِ الأنفُسِ ( ص٢٨٥ )، وابنُ بَشكُوالَ في الصِّلةِ ( ١ / ٣٤٠ )، وابنُ خلِّكانَ في الوَفَياتِ ( ٣ / ١٠٦ )، وابنُ سعيدٍ في المُغرِبِ في حُلى المَغرِبِ ( ١ / ١٠٣ )، والذَّهبيُّ في سِيَرِ الأعلامِ ( ١٧ / ١٧٩ ) وفي تاريخِه ( ٩ / ٦٠ ) وفي تذكرةِ الحُفَّاظِ ( ٣ / ١٠٧٧ - ١٠٧٨ )، وابنُ كثيرٍ في تاريخِه ( ١٥ / ٥٥١ )، وابنُ عبدِ الهادي في طبقاتِ عُلَماءِ الحديثِ ( ٣ / ٢٧٥ )، والصَّفَديُّ في الوافي ( ١٧ / ٢٨٦ )، والمَقّريُّ في نفحِ الطِّيبِ ( ٢ / ١٣٠ )، وصدّيق حسن خان في التَّاجِ المُكلَّلِ ( ص٤٩ ).
ولابنِ الفَرَضيِّ شعرٌ عَذبٌ رائقٌ كعادةِ أهلِ الأندَلُسِ؛ فمنه قولُه لأهلِه أيَّامَ رِحلَتِه في طلبِ العِلمِ وقد تغرَّبَ عنهم:
مَضَتْ لي شُهورٌ مُنذُ غِبتُم ثلاثةٌ
وما خِلْتُني أبقى إذا غِبتُمُ شَهرا
وما لي حياةٌ بعدَكم أستَلِذُّها
ولو كان هذا لم أكُن في الهوى حُرّا
ولم يُسْلِني طُولُ التَّنائي هواكمُ
بلى زادني وَجدًا وجدَّدَ لي ذِكرا
يُمثِّلُكم لي طُولُ شَوقي إليكمُ
ويُدنيكُمُ حتَّى أُناجِيَكُم سِرّا
سأستَعتِبُ الدَّهرَ المُفرِّقَ بيننا
وهل نافِعِي أن صِرتُ أستَعتِبُ الدَّهرا
أُعَلِّلُ نفسي بالمُنى في لِقائِكم
وأستَسهِلُ البَرَّ الذي جُبتُ والبَحرَا
ويُؤنِسُني طيُّ المراحلِ دُونَكم
أروحُ على أرضٍ وأغدو على أُخرى
وتاللهِ ما فارقتُكم عن قِلَىً لكم
ولكنَّها الأقدارُ تجري كما تُجرى
رَعَتْكُم من الرَّحمنِ عَينٌ بصيرةٌ
ولا كشَفَتْ أيدي الرَّدى عنكمُ سِترا
وله أيضًا:
أسيرُ الخطايا عندَ بابِكَ واقِفُ
على وجَلٍ ممَّا به أنتَ عارِفُ
يخافُ ذُنوبًا لم يغِبْ عنكَ غَيبُها
ويرجوكَ فيها فهو راجٍ وخائِفُ
ومَن ذا الذي يرجو سِواكَ ويتَّقي
وما لكَ في فصلِ القضاءِ مُخالِفُ
فيا سيِّدي لا تُخزِني في صحيفتي
وإذا نُشِرَتْ يومَ الحِسابِ الصَّحائِفُ
وكن مُؤنِسي في ظُلمةِ القبرِ عندما
يصُدُّ ذوو القُربى ويجفو المُؤالِفُ
لئن ضاقَ عنِّي عَفوُكَ الواسِعُ الذي
أُرَجِّي لإسرافي فإنِّي لَتالِفُ
الإمامُ الحافظُ الفقيهُ الأديبُ الشَّهيدُ أبو الوليدِ عبدُ اللهِ بنُ مُحمَّدِ بنِ يُوسفَ القُرطُبيُّ الأندَلُسيُّ، صاحبُ كتابِ "تاريخِ عُلَماءِ الأندلُسِ".
أخذ عنه ابنُ حزمٍ، وابنُ عبدِ البرِّ وقال فيه: "كان فقيهًا عالِمًا في جميعِ فُنونِ العِلمِ في الحديثِ وعِلمِ الرِّجالِ، وله تواليفُ حِسانٌ، وكان صاحبي ونظيري، أخذتُ معه عن أكثرِ شُيوخِه، وأدركَ من الشُّيوخِ ما لم أُدرِكْه أنا، وكان بيني وبينه في السِّنِّ نحوٌ من خمسَ عشرةَ سنةً، صحبتُه قديمًا وحديثًا، وكان حسَنَ الصُّحبةِ والمُعاشَرةِ، حسنَ اللِّقاءِ، قَتَلَتْه البَربَرُ في سَنةِ الفِتنةِ، وبقي في دارِه ثلاثةَ أيَّامٍ مقتولًا، وحضرتُ جنازتَه عفا اللهُ عنه". اهـ
قال الحُمَيديُّ في جذوةِ المُقتَبَسِ ( ص٣٦٧ ): أخبرني أبو مُحمَّدٍ عليُّ بنُ أحمدَ قال: أخبرني أبو الوليدِ ابنُ الفَرَضيِّ قال: تعلَّقتُ بأستارِ الكعبةِ، وسألتُ اللهَ الشَّهادةَ، ثم انحرفتُ وفكَّرتُ في هَولِ القتلِ، فنَدِمتُ وهَمَمتُ أن أرجعَ فأستقيلَ اللهَ ذلك، فاستحييتُ.
قال أبو مُحمَّدٍ: فأخبرني مَن رآهُ بين القتلى، فدنا منه، فسَمِعَهُ يقولُ بصوتٍ ضعيفٍ وهو في آخرِ رَمَقٍ: "لا يُكلَمُ أحدٌ في سبيلِ اللهِ، واللهُ أعلمُ بمَن يُكلَمُ في سبيلِه، إلَّا جاء يومَ القيامةِ وجُرحُه يَثعَبُ دمًا، اللَّونُ لونُ الدَّمِ، والرِّيحُ رِيحُ المِسكِ"، كأنَّه يُعيدُ على نفسِه الحديثَ الواردَ في ذلكَ، قال: ثم قضى نَحبَهُ على إثرِ ذلكَ. اهـ
استُشهِدَ رحمه اللهُ سنةَ ( ٤٠٣ هـ ) أيَّامَ غزوِ البَربَرِ قُرطُبةَ.
وقولُ الحُمَيديِّ: "أخبرني أبو مُحمَّدٍ عليُّ بنُ أحمدَ": هو الإمامُ ابنُ حزمٍ الظَّاهريُّ.
وذكَرَ هذا الخبرَ: الضَّبِّيُّ في بُغيةِ المُلتَمِسِ ( ص٤٣٤ )، وابنُ خاقانَ في مَطمَحِ الأنفُسِ ( ص٢٨٥ )، وابنُ بَشكُوالَ في الصِّلةِ ( ١ / ٣٤٠ )، وابنُ خلِّكانَ في الوَفَياتِ ( ٣ / ١٠٦ )، وابنُ سعيدٍ في المُغرِبِ في حُلى المَغرِبِ ( ١ / ١٠٣ )، والذَّهبيُّ في سِيَرِ الأعلامِ ( ١٧ / ١٧٩ ) وفي تاريخِه ( ٩ / ٦٠ ) وفي تذكرةِ الحُفَّاظِ ( ٣ / ١٠٧٧ - ١٠٧٨ )، وابنُ كثيرٍ في تاريخِه ( ١٥ / ٥٥١ )، وابنُ عبدِ الهادي في طبقاتِ عُلَماءِ الحديثِ ( ٣ / ٢٧٥ )، والصَّفَديُّ في الوافي ( ١٧ / ٢٨٦ )، والمَقّريُّ في نفحِ الطِّيبِ ( ٢ / ١٣٠ )، وصدّيق حسن خان في التَّاجِ المُكلَّلِ ( ص٤٩ ).
ولابنِ الفَرَضيِّ شعرٌ عَذبٌ رائقٌ كعادةِ أهلِ الأندَلُسِ؛ فمنه قولُه لأهلِه أيَّامَ رِحلَتِه في طلبِ العِلمِ وقد تغرَّبَ عنهم:
مَضَتْ لي شُهورٌ مُنذُ غِبتُم ثلاثةٌ
وما خِلْتُني أبقى إذا غِبتُمُ شَهرا
وما لي حياةٌ بعدَكم أستَلِذُّها
ولو كان هذا لم أكُن في الهوى حُرّا
ولم يُسْلِني طُولُ التَّنائي هواكمُ
بلى زادني وَجدًا وجدَّدَ لي ذِكرا
يُمثِّلُكم لي طُولُ شَوقي إليكمُ
ويُدنيكُمُ حتَّى أُناجِيَكُم سِرّا
سأستَعتِبُ الدَّهرَ المُفرِّقَ بيننا
وهل نافِعِي أن صِرتُ أستَعتِبُ الدَّهرا
أُعَلِّلُ نفسي بالمُنى في لِقائِكم
وأستَسهِلُ البَرَّ الذي جُبتُ والبَحرَا
ويُؤنِسُني طيُّ المراحلِ دُونَكم
أروحُ على أرضٍ وأغدو على أُخرى
وتاللهِ ما فارقتُكم عن قِلَىً لكم
ولكنَّها الأقدارُ تجري كما تُجرى
رَعَتْكُم من الرَّحمنِ عَينٌ بصيرةٌ
ولا كشَفَتْ أيدي الرَّدى عنكمُ سِترا
وله أيضًا:
أسيرُ الخطايا عندَ بابِكَ واقِفُ
على وجَلٍ ممَّا به أنتَ عارِفُ
يخافُ ذُنوبًا لم يغِبْ عنكَ غَيبُها
ويرجوكَ فيها فهو راجٍ وخائِفُ
ومَن ذا الذي يرجو سِواكَ ويتَّقي
وما لكَ في فصلِ القضاءِ مُخالِفُ
فيا سيِّدي لا تُخزِني في صحيفتي
وإذا نُشِرَتْ يومَ الحِسابِ الصَّحائِفُ
وكن مُؤنِسي في ظُلمةِ القبرِ عندما
يصُدُّ ذوو القُربى ويجفو المُؤالِفُ
لئن ضاقَ عنِّي عَفوُكَ الواسِعُ الذي
أُرَجِّي لإسرافي فإنِّي لَتالِفُ
قال الإمامُ أبو بكرٍ الخطيبُ البغداديُّ في الجامعِ لأخلاقِ الرَّاوي ( ١ / ٤٨٢ - ٤٨٣ ): "وكتب معي أبو بكرٍ البرقانيُّ إلى أبي نُعَيمٍ أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ الأصبهانيِّ الحافظِ كتابًا يقولُ في فصلٍ منه: وقد نفذَ إلى ما عندك عمدًا مُتَعمِّدًا أخونا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ عليِّ بنِ ثابتٍ -أيَّدَه اللهُ وسَلَّمَه- ليقتبسَ من عُلُومِكَ، ويستفيدَ من حديثِكَ، وهو -بحمدِ اللهِ- ممَّن له في هذا الشَّأنِ سابِقةٌ حَسَنةٌ، وقدَمٌ ثابِتٌ، وفَهمٌ به حسنٌ، وقد رحل فيه وفي طَلَبِه، وحصل له منه ما لم يحصُلْ لكثيرٍ من أمثالِه الطَّالِبِينَ له، وسيظهرُ لك منه عند الاجتماعِ من ذلك، مع التَّورُّعِ والتَّحفُّظِ وصِحَّةِ التَّحصيلِ ما يحسُنُ لديك موقعُه، وتَجمُلُ عندك منزلتُه، وأنا أرجو إذا صحَّتْ لديك منه هذه الصِّفةُ أن تُلِينَ له جانِبَكَ، وأن تتوفَّرَ له، وتحتملَ منه ما عساه يُورِدُه من تثقيلٍ في الاستِكثارِ، أو زيادةٍ في الاصطِبارِ، فقِدَمًا حمل السَّلَفُ من الخَلَفِ ما رُبَّما ثَقُلَ، وتوفَّروا على المُستَحقِّ منهم بالتَّخصيصِ والتَّقديمِ والتَّفضيلِ ما لم يَنَلُه الكلُّ منهم". اهـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكرَ الخطيبُ هذا الكلامَ -متفاخرًا بكلامِ شيخِه وحُقَّ له- في آخرِ بابِ: "جوازِ الأثَرَةِ بالرِّوايةِ لأهلِ المعرفةِ والدِّرايةِ" بعد أن أوردَ بعضَ الآثارِ عن السَّلَفِ في استِئثارِ قومٍ بالعِلمِ دُونَ آخَرِينَ.
وذكَرَ هذا الكلامَ في ترجمةِ الخطيبِ: ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( ٥ / ٣٦ )، وياقوتُ في مُعجَمِ الأُدَباءِ ( ١ / ٣٩٥ )، والذَّهَبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٨ / ٢٧٦ - ٢٧٧ ) وفي تاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ١٧٨ ).
وكانَتْ رِحلَتُه إلى أصبهانَ سنةَ ( ٤٢١هـ ) قاصِدًا الحافظَ أبا نُعَيمٍ الأصبهانيَّ صاحبَ كتابِ "حِليةِ الأولياءِ"، وكان أبو نُعَيمٍ أكبرَ عُلَماءِ أصبهانَ يومئذٍ، وليأخذَ أيضًا عمَّن بقيَ فيها من المُسنِدِينَ الكِبارِ.
وقد استوعبَ الخطيبُ أكثرَ ما عند أبي نُعَيمٍ من مرويَّاتٍ، بالسَّماعِ أو الإجازةِ، وقد ظهر ذلك في الكمِّ الكبيرِ الذي ساقَهُ من الأسانيدِ عن أبي نُعَيمٍ في "تاريخِ بغدادَ" وغيرِه من كُتُبِه.
وطوَّفَ الخطيبُ رحمه اللهُ البلادَ في طلَبِ العِلمِ؛ فرحل إلى البصرةِ، والكُوفةِ، وعُكبَرا، والأنبارِ، والشَّامِ، ومكَّةَ، والحِجازِ، وخُراسانَ، ونيسابورَ، وأصبهانَ، ودِينَوَرَ، وهمذانَ، والرَّيِّ، والنَّهروانِ، وغيرِ ذلكَ.
وكان قد شاورَ شيخَه البرقانيَّ في الرِّحلةِ إلى مصرَ، ليسمعَ من ابنِ النَّحَّاسِ، فأشار عليه بالرِّحلةِ إلى نيسابورَ التي كانَتْ تزخرُ بكِبارِ المُحدِّثينَ آنذاك، فضلًا عن المُدُنِ المُجاوِرَةِ لها، وعلَّلَ البرقانيُّ ذلك بقولِه: "إنَّكَ إن خرجتَ إلى مصرَ إنَّما تخرجُ إلى واحدٍ، إن فاتَكَ ضاعَتْ رِحلَتُكَ، وإن خرجتَ إلى نيسابورَ ففيها جماعةٌ، إن فاتَكَ واحدٌ أدركتَ مَن بقيَ".
فخرجَ الخطيبُ إلى نيسابورَ.
قلتُ: وهو رأيٌ وجيهٌ؛ إذ كان ابنُ النَّحَّاسِ آنَذاك في الثَّانيةِ والتِّسعينَ من عُمُرِه.
وقد أدركَ الخطيبُ في نيسابورَ أصحابَ أبي العبَّاسِ الأصمِّ وتلاميذَه.
وكتبَ الكثيرَ، وتقدَّمَ في هذا الشَّأنِ، وجمعَ وصنَّفَ وصحَّحَ، وعلَّلَ وجرَّحَ، وعدَّلَ وأرَّخَ وأوضحَ، وصار أحفظَ أهلِ عَصرِه على الإطلاقِ.
وروى عن خلقٍ كثيرٍ، وينزلُ إلى أن يرويَ عن تلاميذِه، كنصرِ بنِ إبراهيمَ المقدسيِّ، وأبي عبدِ اللهِ الحُمَيديِّ، وابنِ ماكولا، وابنِ خيرونَ، والرَّوَّاسيِّ، وغيرِهم.
وروى عنه من شُيوخِه: أبو بكرٍ البرقانيُّ، وأبو القاسمِ الأزهريُّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكرَ الخطيبُ هذا الكلامَ -متفاخرًا بكلامِ شيخِه وحُقَّ له- في آخرِ بابِ: "جوازِ الأثَرَةِ بالرِّوايةِ لأهلِ المعرفةِ والدِّرايةِ" بعد أن أوردَ بعضَ الآثارِ عن السَّلَفِ في استِئثارِ قومٍ بالعِلمِ دُونَ آخَرِينَ.
وذكَرَ هذا الكلامَ في ترجمةِ الخطيبِ: ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( ٥ / ٣٦ )، وياقوتُ في مُعجَمِ الأُدَباءِ ( ١ / ٣٩٥ )، والذَّهَبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٨ / ٢٧٦ - ٢٧٧ ) وفي تاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ١٧٨ ).
وكانَتْ رِحلَتُه إلى أصبهانَ سنةَ ( ٤٢١هـ ) قاصِدًا الحافظَ أبا نُعَيمٍ الأصبهانيَّ صاحبَ كتابِ "حِليةِ الأولياءِ"، وكان أبو نُعَيمٍ أكبرَ عُلَماءِ أصبهانَ يومئذٍ، وليأخذَ أيضًا عمَّن بقيَ فيها من المُسنِدِينَ الكِبارِ.
وقد استوعبَ الخطيبُ أكثرَ ما عند أبي نُعَيمٍ من مرويَّاتٍ، بالسَّماعِ أو الإجازةِ، وقد ظهر ذلك في الكمِّ الكبيرِ الذي ساقَهُ من الأسانيدِ عن أبي نُعَيمٍ في "تاريخِ بغدادَ" وغيرِه من كُتُبِه.
وطوَّفَ الخطيبُ رحمه اللهُ البلادَ في طلَبِ العِلمِ؛ فرحل إلى البصرةِ، والكُوفةِ، وعُكبَرا، والأنبارِ، والشَّامِ، ومكَّةَ، والحِجازِ، وخُراسانَ، ونيسابورَ، وأصبهانَ، ودِينَوَرَ، وهمذانَ، والرَّيِّ، والنَّهروانِ، وغيرِ ذلكَ.
وكان قد شاورَ شيخَه البرقانيَّ في الرِّحلةِ إلى مصرَ، ليسمعَ من ابنِ النَّحَّاسِ، فأشار عليه بالرِّحلةِ إلى نيسابورَ التي كانَتْ تزخرُ بكِبارِ المُحدِّثينَ آنذاك، فضلًا عن المُدُنِ المُجاوِرَةِ لها، وعلَّلَ البرقانيُّ ذلك بقولِه: "إنَّكَ إن خرجتَ إلى مصرَ إنَّما تخرجُ إلى واحدٍ، إن فاتَكَ ضاعَتْ رِحلَتُكَ، وإن خرجتَ إلى نيسابورَ ففيها جماعةٌ، إن فاتَكَ واحدٌ أدركتَ مَن بقيَ".
فخرجَ الخطيبُ إلى نيسابورَ.
قلتُ: وهو رأيٌ وجيهٌ؛ إذ كان ابنُ النَّحَّاسِ آنَذاك في الثَّانيةِ والتِّسعينَ من عُمُرِه.
وقد أدركَ الخطيبُ في نيسابورَ أصحابَ أبي العبَّاسِ الأصمِّ وتلاميذَه.
وكتبَ الكثيرَ، وتقدَّمَ في هذا الشَّأنِ، وجمعَ وصنَّفَ وصحَّحَ، وعلَّلَ وجرَّحَ، وعدَّلَ وأرَّخَ وأوضحَ، وصار أحفظَ أهلِ عَصرِه على الإطلاقِ.
وروى عن خلقٍ كثيرٍ، وينزلُ إلى أن يرويَ عن تلاميذِه، كنصرِ بنِ إبراهيمَ المقدسيِّ، وأبي عبدِ اللهِ الحُمَيديِّ، وابنِ ماكولا، وابنِ خيرونَ، والرَّوَّاسيِّ، وغيرِهم.
وروى عنه من شُيوخِه: أبو بكرٍ البرقانيُّ، وأبو القاسمِ الأزهريُّ.
قال الإمامُ أبو مُحمَّدٍ ابنُ حزمٍ الظَّاهِريُّ الأندَلُسيُّ القُرطُبيُّ:
مُنايَ من الدُّنيا عُلومٌ أبُثُّها
وأنشُرُها في كلِّ بادٍ وحاضِرِ
دُعاءٌ إلى القُرآنِ والسُّنَنِ التي
تَناسى رجالٌ ذِكرَها في المحاضِرِ
وألزَمُ أطرافَ الثُّغورِ مُجاهِدًا
إذا هَيعةٌ ثارَتْ فأوَّلُ نافِرِ
لِألْقى حِمامي مُقبِلًا غيرَ مُدبِرٍ
بسُمرِ العوالي والرِّقاقِ البواتِرِ
كِفاحًا مع الكُفَّارِ في حَومَةِ الوغى
وأكرَمُ موتٍ للفتى قَتْلُ كافِرِ
فيا ربِّ لا تجعلْ حِمامي بغَيرِها
ولا تَجعَلَنِّي من قَطِينِ المقابِرِ
ذكرَ الأبياتَ كاملةً الذَّهبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٨ / ٢٠٦ ).
وذكرَ أوَّلَ بيتَينِ منها: الحُمَيديُّ في جذوةِ المُقتبسِ ( ص٤٥١ )، وابنُ بَشكوالَ في الصِّلَةِ ( ٢ / ٣٢ )، والذَّهبيُّ في تاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ٨١ ).
مُنايَ من الدُّنيا عُلومٌ أبُثُّها
وأنشُرُها في كلِّ بادٍ وحاضِرِ
دُعاءٌ إلى القُرآنِ والسُّنَنِ التي
تَناسى رجالٌ ذِكرَها في المحاضِرِ
وألزَمُ أطرافَ الثُّغورِ مُجاهِدًا
إذا هَيعةٌ ثارَتْ فأوَّلُ نافِرِ
لِألْقى حِمامي مُقبِلًا غيرَ مُدبِرٍ
بسُمرِ العوالي والرِّقاقِ البواتِرِ
كِفاحًا مع الكُفَّارِ في حَومَةِ الوغى
وأكرَمُ موتٍ للفتى قَتْلُ كافِرِ
فيا ربِّ لا تجعلْ حِمامي بغَيرِها
ولا تَجعَلَنِّي من قَطِينِ المقابِرِ
ذكرَ الأبياتَ كاملةً الذَّهبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٨ / ٢٠٦ ).
وذكرَ أوَّلَ بيتَينِ منها: الحُمَيديُّ في جذوةِ المُقتبسِ ( ص٤٥١ )، وابنُ بَشكوالَ في الصِّلَةِ ( ٢ / ٣٢ )، والذَّهبيُّ في تاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ٨١ ).
قال القاضي مُحمَّدُ بنُ مُحمَّدٍ الماهانيُّ: "إمامانِ ما اتَّفقَ لهما الحجُّ: أبو إسحاقَ الشِّيرازيُّ، وقاضي القُضاةِ أبو عبدِ اللهِ الدَّامَغانيُّ؛ أمَّا أبو إسحاقَ فكان فقيرًا، ولو أرادَ الحجَّ لحملوه على الأعناقِ إلى مكَّةَ، وأمَّا الدَّامَغانيُّ لو أرادَهُ لأمكَنَهُ على السُّندُسِ والإستَبْرَقِ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخَبَرُ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٨ / ٤٥٥ ) وتاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ٣٨٤ - ٣٨٥ ) للذَّهبيِّ، وفي طَبَقاتِ الشَّافعيَّةِ ( ٤ / ٢٢٧ ) للسُّبكيِّ.
ومعنى الأثَرِ: أنَّ الشِّيرازيَّ والدَّامَغانيَّ كانا فقيرَينِ، وكانا مُعظَّمَينِ عند العُلَماءِ والنَّاسِ، فلو طلبا الحجَّ، لحملوهما إلى مكَّةَ على الأعناقِ؛ لجلالَتِهما وعِظَمِ قَدرِهما.
وأبو إسحاقَ هو الشَّيخُ الإمامُ القُدوةُ المُجتَهِدُ العالِمُ الأُصوليُّ إبراهيمُ بنُ عليِّ بنِ يُوسفَ الشِّيرازيُّ، إمامُ الشَّافعيَّةِ في وقتِه بلا نِزاعٍ.
والدَّامَغانيُّ هو مُفتي العِراقِ وقاضي القُضاةِ الإمامُ العلَّامةُ البارِعُ أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ عليِّ بنِ مُحمَّدِ بنِ الحُسَينِ الدَّامَغانيُّ، من كبارِ عُلَماءِ الحنفيَّةِ.
وكان القاضي أبو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ الشَّافعيُّ يقولُ: "الدَّامَغانيُّ أعرفُ بمذهبِ الشَّافعيِّ من كثيرٍ من أصحابِنا".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخَبَرُ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٨ / ٤٥٥ ) وتاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ٣٨٤ - ٣٨٥ ) للذَّهبيِّ، وفي طَبَقاتِ الشَّافعيَّةِ ( ٤ / ٢٢٧ ) للسُّبكيِّ.
ومعنى الأثَرِ: أنَّ الشِّيرازيَّ والدَّامَغانيَّ كانا فقيرَينِ، وكانا مُعظَّمَينِ عند العُلَماءِ والنَّاسِ، فلو طلبا الحجَّ، لحملوهما إلى مكَّةَ على الأعناقِ؛ لجلالَتِهما وعِظَمِ قَدرِهما.
وأبو إسحاقَ هو الشَّيخُ الإمامُ القُدوةُ المُجتَهِدُ العالِمُ الأُصوليُّ إبراهيمُ بنُ عليِّ بنِ يُوسفَ الشِّيرازيُّ، إمامُ الشَّافعيَّةِ في وقتِه بلا نِزاعٍ.
والدَّامَغانيُّ هو مُفتي العِراقِ وقاضي القُضاةِ الإمامُ العلَّامةُ البارِعُ أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ عليِّ بنِ مُحمَّدِ بنِ الحُسَينِ الدَّامَغانيُّ، من كبارِ عُلَماءِ الحنفيَّةِ.
وكان القاضي أبو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ الشَّافعيُّ يقولُ: "الدَّامَغانيُّ أعرفُ بمذهبِ الشَّافعيِّ من كثيرٍ من أصحابِنا".
Audio
🔊
قصيدةٌ رائِقةٌ وعظيَّةٌ سُنِّيَّةٌ للإمامِ الخطيبِ أبي مُحمَّدٍ عبدِ القاهِرِ بنِ عبدِ الواحِدِ التَّبريزيِّ.
رواها عنه تلميذُه الإمامُ الذَّهبيُّ في مُعجَمِ شُيوخِه الكبيرِ ( ١ / ٤٠٩ - ٤١٠ ).
قصيدةٌ رائِقةٌ وعظيَّةٌ سُنِّيَّةٌ للإمامِ الخطيبِ أبي مُحمَّدٍ عبدِ القاهِرِ بنِ عبدِ الواحِدِ التَّبريزيِّ.
رواها عنه تلميذُه الإمامُ الذَّهبيُّ في مُعجَمِ شُيوخِه الكبيرِ ( ١ / ٤٠٩ - ٤١٠ ).
قال الإمامُ أبو يعلى حمزةُ بنُ أسدٍ التَّميميُّ المعروفُ بابنِ القلانسيِّ في تاريخِه ( ص٣٢١ ): "وفي هذه السَّنَةِ -يعني سنةَ (٥١٣هـ)- حكى مَن وردَ من بيتِ المقدسِ: ظُهورَ قُبورِ الخليلِ وولدَيهِ إسحاقَ ويعقوبَ الأنبياءِ، عليهم الصَّلاةُ من اللهِ والسَّلامُ، وهم مُجتمعون في مغارةٍ بأرضِ بيتِ المقدسِ، وكأنَّهم كالأحياءِ، لم يُبلَ لهم جسدٌ، ولا رمَّ عظمٌ، وعليهم في المغارةِ قناديلُ مُعلَّقةٌ من الذَّهبِ والفِضَّةِ، وأُعِيدَت القبورُ إلى حالِها التي كانت عليه، هذه صورةُ ما حكاه الحاكي، والله أعلمُ بالصَّحيحِ من غيرِه". اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن ابنِ القلانسيِّ نقل المُؤَرِّخونَ والعُلَماءُ هذا الخبرَ في تواريخِهم ضمنَ أحداثِ سنةِ (٥١٣هـ): ابنُ الأثيرِ في تاريخِه ( ٨ / ٦٤٧ )، وأبو الفداءِ في المُختَصرِ من أخبارِ البشرِ ( ٢ / ٢٣١ )، والذَّهبيُّ في تاريخِه ( ١١ / ١٥٣ ) وفي السِّيَرِ ( ١٩ / ٤٢٠ ) وفي العِبَرِ ( ٢ / ٤٠٠ )، وابنُ كثيرٍ في تاريخِه ( ١٦ / ٢٤١ )، وابنُ الورديِّ في تاريخِه ( ٢ / ٣٦ )، واليافعيُّ في مرآةِ الجنانِ ( ٣ / ١٥٥ )، والنُّوَيريُّ في نهايةِ الأرَبِ ( ٢٣ / ٢٦٣ )، وابنُ تغري في النُّجومِ الزَّاهرةِ ( ٥ / ٢١٨ )، وبامخرمة في قلادةِ النَّحرِ ( ٤ / ٦٥ )، والعُلَيميُّ في الأُنسِ الجليلِ ( ١ / ١٢٨ )، وابنُ العِمادِ في شَذَراتِ الذَّهبِ ( ٦ / ٥٨ ).
وفي بعضِ المصادرِ: "ورآهم كثيرٌ من النَّاسِ".
ولفظُ الذَّهبيِّ في "سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ" قال: "وفيها كشفت الفرنجُ عن مغارةِ الخليلِ عليه السَّلامُ، وفتحوا عليه، وشُوهِدَ هو وابنُه إسحاقُ وحفيدُه يعقوبُ لم يَبلُوا، ووُجِدَ عندهم قناديلُ الذَّهبِ والفِضَّةِ، نقله حمزةُ بنُ أسدٍ في تاريخِه". اهـ
ولفظُ ابنِ تغري بردي في "النُّجومِ الزَّاهرةِ في مُلوكِ مصرَ والقاهرةِ" قال: قال ابنُ القلانسيِّ: وفيها ظهرَتْ صُوَرُ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ: الخليلِ وولدَيهِ إسحاقَ ويعقوبَ صلواتُ اللهِ عليهم، وهم مجتمعون فى مغارةٍ بأرضِ بيتِ المقدسِ، وكأنَّهم أحياءٌ، لم يبلَ لهم جسدٌ، ولا رمَّ لهم عظمٌ، وعليهم قناديلُ من ذهبٍ وفضَّةٍ مُعلَّقةٌ، فسدُّوا بابَ المغارةِ وأُبقُوا على حالِهم". اهـ
واللهُ أعلمُ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن ابنِ القلانسيِّ نقل المُؤَرِّخونَ والعُلَماءُ هذا الخبرَ في تواريخِهم ضمنَ أحداثِ سنةِ (٥١٣هـ): ابنُ الأثيرِ في تاريخِه ( ٨ / ٦٤٧ )، وأبو الفداءِ في المُختَصرِ من أخبارِ البشرِ ( ٢ / ٢٣١ )، والذَّهبيُّ في تاريخِه ( ١١ / ١٥٣ ) وفي السِّيَرِ ( ١٩ / ٤٢٠ ) وفي العِبَرِ ( ٢ / ٤٠٠ )، وابنُ كثيرٍ في تاريخِه ( ١٦ / ٢٤١ )، وابنُ الورديِّ في تاريخِه ( ٢ / ٣٦ )، واليافعيُّ في مرآةِ الجنانِ ( ٣ / ١٥٥ )، والنُّوَيريُّ في نهايةِ الأرَبِ ( ٢٣ / ٢٦٣ )، وابنُ تغري في النُّجومِ الزَّاهرةِ ( ٥ / ٢١٨ )، وبامخرمة في قلادةِ النَّحرِ ( ٤ / ٦٥ )، والعُلَيميُّ في الأُنسِ الجليلِ ( ١ / ١٢٨ )، وابنُ العِمادِ في شَذَراتِ الذَّهبِ ( ٦ / ٥٨ ).
وفي بعضِ المصادرِ: "ورآهم كثيرٌ من النَّاسِ".
ولفظُ الذَّهبيِّ في "سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ" قال: "وفيها كشفت الفرنجُ عن مغارةِ الخليلِ عليه السَّلامُ، وفتحوا عليه، وشُوهِدَ هو وابنُه إسحاقُ وحفيدُه يعقوبُ لم يَبلُوا، ووُجِدَ عندهم قناديلُ الذَّهبِ والفِضَّةِ، نقله حمزةُ بنُ أسدٍ في تاريخِه". اهـ
ولفظُ ابنِ تغري بردي في "النُّجومِ الزَّاهرةِ في مُلوكِ مصرَ والقاهرةِ" قال: قال ابنُ القلانسيِّ: وفيها ظهرَتْ صُوَرُ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ: الخليلِ وولدَيهِ إسحاقَ ويعقوبَ صلواتُ اللهِ عليهم، وهم مجتمعون فى مغارةٍ بأرضِ بيتِ المقدسِ، وكأنَّهم أحياءٌ، لم يبلَ لهم جسدٌ، ولا رمَّ لهم عظمٌ، وعليهم قناديلُ من ذهبٍ وفضَّةٍ مُعلَّقةٌ، فسدُّوا بابَ المغارةِ وأُبقُوا على حالِهم". اهـ
واللهُ أعلمُ..
غِرَاسُ السَّلَفِ 📚
Photo
فائدةٌ:
الحُمَيديُّ صاحبُ هذا الكتابِ: هو الإمامُ الحافظُ القُدوةُ أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ أبي نصرٍ فُتُوحِ بنِ عبدِ اللهِ الأزديُّ الحُمَيديُّ الأندلسيُّ.
لم يُرَ مِثلُه في زمانِه: في فضلِه، ونُبلِه، ونزاهتِه، وغزارةِ عِلمِه، وحِرصِه على نشرِ العِلمِ، وبثِّه في أهلِه.
وكان ورعًا ثِقةً إمامًا في عِلمِ الحديثِ وعِلَلِه، ومعرفةِ مُتونِه ورُواتِه، مُحقِّقًا في عِلمِ الأصولِ على مذهبِ أهلِ الحديثِ، مُتبحِّرًا في علمِ الأدبِ والعربيَّةِ.
وكان صاحبَ الإمامِ ابنِ حزمٍ الظَّاهريِّ وتِلميذَه، لازَمَه كثيرًا، واختُصَّ به، وتفقَّهَ به، فأكثرَ عنه، واشتُهِرَ بصُحبتِه، وكان يتعصَّبُ له، ويميلُ إلى قولِه.
ولمَّا شُدِّدَ على ابنِ حزمٍ، وضُيِّقَ عليه وشُرِّدَ عن وطنِه بسببِ تعصُّبِ المالكيَّةِ عليه؛ اضطرَّ الحُمَيديُّ إلى هجرانِ الوطنِ، والتَّوجُّهِ إلى المشرقِ، فغادرَ الأندُلسَ سنةَ ( ٤٤٨هـ )، ورحلَ إلى مكَّةَ ومصرَ وأفريقيَّةَ والشَّامِ والعراقِ وغيرِها، واستوطنَ بغدادَ، وبها ماتَ، وفي ذلك يقولُ:
ألِفتُ النَّوى حتَّى أنِستُ بوحشتي ** وصِرتُ بها لا بالصَّبابةِ مُولَعا
فلم أُحصِ كم رافقتُ فيها مُرافِقًا ** ولم أُحصِ كم يمَّمتُ في الأرضِ مَوضِعا
ومن بعدِ جَوبِ الأرضِ شرقًا ومَغرِبًا ** فلا بُدَّ لي من أن أُوافي مصرعا
وكتابُه هذا في تاريخِ عُلَماءِ الأندَلُسِ، ألَّفَهُ في إقامتِه ببغدادَ، وذكرَ في خُطبتِه أنَّه كتَبَهُ من حِفظِه! افتتحه بمُقدِّمةٍ تاريخيَّةٍ ضافيةٍ عن وُلاةِ الأندَلُسِ منذُ فتحِها، ثم أورد ما يحضرُه من أسماءِ رُواةِ الحديثِ بالأندَلُسِ، وأهلِ الفِقهِ والأدَبِ، وذوي النَّباهةِ والشِّعرِ، وغيرِهم، ورتَّبَه على حُروفِ المُعجَمِ.
وقيل: إنَّ الأميرَ الحافظَ أبا نصرِ ابنَ ماكولا هو مَنْ كلَّف الحُمَيديَّ أن يُؤلِّفَ له مجموعًا في ذِكرِ عُلَماءِ الأندَلُسِ؛ ليستعينَ به في تأليفِ كتابِه: "لإكمالِ في المُؤتلفِ والمُختلفِ".
وقيل غيرُه من كلّفه بذلك.
الحُمَيديُّ صاحبُ هذا الكتابِ: هو الإمامُ الحافظُ القُدوةُ أبو عبدِ اللهِ مُحمَّدُ بنُ أبي نصرٍ فُتُوحِ بنِ عبدِ اللهِ الأزديُّ الحُمَيديُّ الأندلسيُّ.
لم يُرَ مِثلُه في زمانِه: في فضلِه، ونُبلِه، ونزاهتِه، وغزارةِ عِلمِه، وحِرصِه على نشرِ العِلمِ، وبثِّه في أهلِه.
وكان ورعًا ثِقةً إمامًا في عِلمِ الحديثِ وعِلَلِه، ومعرفةِ مُتونِه ورُواتِه، مُحقِّقًا في عِلمِ الأصولِ على مذهبِ أهلِ الحديثِ، مُتبحِّرًا في علمِ الأدبِ والعربيَّةِ.
وكان صاحبَ الإمامِ ابنِ حزمٍ الظَّاهريِّ وتِلميذَه، لازَمَه كثيرًا، واختُصَّ به، وتفقَّهَ به، فأكثرَ عنه، واشتُهِرَ بصُحبتِه، وكان يتعصَّبُ له، ويميلُ إلى قولِه.
ولمَّا شُدِّدَ على ابنِ حزمٍ، وضُيِّقَ عليه وشُرِّدَ عن وطنِه بسببِ تعصُّبِ المالكيَّةِ عليه؛ اضطرَّ الحُمَيديُّ إلى هجرانِ الوطنِ، والتَّوجُّهِ إلى المشرقِ، فغادرَ الأندُلسَ سنةَ ( ٤٤٨هـ )، ورحلَ إلى مكَّةَ ومصرَ وأفريقيَّةَ والشَّامِ والعراقِ وغيرِها، واستوطنَ بغدادَ، وبها ماتَ، وفي ذلك يقولُ:
ألِفتُ النَّوى حتَّى أنِستُ بوحشتي ** وصِرتُ بها لا بالصَّبابةِ مُولَعا
فلم أُحصِ كم رافقتُ فيها مُرافِقًا ** ولم أُحصِ كم يمَّمتُ في الأرضِ مَوضِعا
ومن بعدِ جَوبِ الأرضِ شرقًا ومَغرِبًا ** فلا بُدَّ لي من أن أُوافي مصرعا
وكتابُه هذا في تاريخِ عُلَماءِ الأندَلُسِ، ألَّفَهُ في إقامتِه ببغدادَ، وذكرَ في خُطبتِه أنَّه كتَبَهُ من حِفظِه! افتتحه بمُقدِّمةٍ تاريخيَّةٍ ضافيةٍ عن وُلاةِ الأندَلُسِ منذُ فتحِها، ثم أورد ما يحضرُه من أسماءِ رُواةِ الحديثِ بالأندَلُسِ، وأهلِ الفِقهِ والأدَبِ، وذوي النَّباهةِ والشِّعرِ، وغيرِهم، ورتَّبَه على حُروفِ المُعجَمِ.
وقيل: إنَّ الأميرَ الحافظَ أبا نصرِ ابنَ ماكولا هو مَنْ كلَّف الحُمَيديَّ أن يُؤلِّفَ له مجموعًا في ذِكرِ عُلَماءِ الأندَلُسِ؛ ليستعينَ به في تأليفِ كتابِه: "لإكمالِ في المُؤتلفِ والمُختلفِ".
وقيل غيرُه من كلّفه بذلك.
الخيَّاطُ: أبو منصورٍ مُحمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ عليِّ بنِ عبدِ الرَّزَّاقِ البغداديُّ الخيَّاطُ.
كان إمامًا مُقرِئًا صالحًا قُدوةً زاهدًا ثقةً، جلسَ لتعليمِ كتابِ اللهِ دهرًا، وتلا عليه أُمَمٌ، وعلَّمَ العُميانَ القُرآنَ دهرًا للهِ عزَّ وجلَّ، وكانَتْ له كراماتٌ.
تُوُفِّيَ سنةَ ( ٤٩٩هـ )، وكانَتْ جنازتُه كبيرةً مهيبةً؛ يقولُ عليُّ بنُ الأيسرِ العُكبَريُّ: "لم أرَ أكثرَ خلقًا من جنازةِ أبي منصورٍ، وقد رآها يهوديٌّ، فاهْتالَ لها وأسلمَ".
وقد رُؤِيَ رحمهُ اللهُ بعدَ موتِه في المنامِ، فقِيلَ له: ما فعل اللهُ بكَ؟ فقال: "غفرَ لي بتعليمي الصِّبيانَ فاتحةَ الكتابِ".
ذكَرَ هذا الخبَرَ: ابنُ الجوزيِّ في المُنتَظَمِ ( ١٧ / ٩٧ )، والذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ١٩ / ٢٢٤ ) وفي تاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ٨١٦ - ٨١٧ ) وفي معرفةِ القُرَّاءِ الكِبارِ ( ١ / ٤٥٨ )، وابنُ كثيرٍ في البدايةِ والنِّهايةِ ( ١٦ / ١٩٢ )، وابنُ رَجَبٍ في ذيلِ طبقاتِ الحنابلةِ ( ١ / ٢٢٨ )، وابنُ الجَزَريِّ في طبقاتِ القُرَّاءِ ( ٣ / ١٨٠ )، والعُلَيميُّ في المنهجِ الأحمدِ ( ٣ / ٣٤ )، وابنُ العِمادِ في شَذَراتِ الذَّهبِ ( ٥ / ٤١٨ ).
فائدةٌ:
اشتُهِرَ بالعِلمِ سِبطاهُ: عبدُ اللهِ والحُسَينُ ابنا عليٍّ بنِ أحمدَ البغداديَّانِ، وكانا مُقرِئَينِ عالِمَينِ بالقِراءاتِ كجدِّهما، وعنه أخذا، وكانا من العُلَماءِ وأئمَّةِ المُسلِمِينَ.
وكان الحُسَينُ الأكبرَ، لكنَّ عبدَ اللهِ كان الأشهرَ.
كذلك وردَ عن بعضِ السَّلَفِ تعليمُ الصِّبيانِ القُرآنَ، واهتمامُهم بذلك، ووردَ ذلك أيضًا عن نساءِ السَّلَفِ:
فقد ذكرَ الذَّهَبيُّ في السِّيَرِ ( ١٩ / ٦٢٥ ) في ترجمةِ المُقرِئةِ العالِمةِ أُمِّ الخيرِ فاطمةَ بنتِ زَعبَلٍ قولَ السَّمعانيِّ فيها -وهي من شُيوخِه-: "امرأةٌ صالِحةٌ عالِمةٌ، تُعلِّمُ الجواريَ القُرآنَ".
كان إمامًا مُقرِئًا صالحًا قُدوةً زاهدًا ثقةً، جلسَ لتعليمِ كتابِ اللهِ دهرًا، وتلا عليه أُمَمٌ، وعلَّمَ العُميانَ القُرآنَ دهرًا للهِ عزَّ وجلَّ، وكانَتْ له كراماتٌ.
تُوُفِّيَ سنةَ ( ٤٩٩هـ )، وكانَتْ جنازتُه كبيرةً مهيبةً؛ يقولُ عليُّ بنُ الأيسرِ العُكبَريُّ: "لم أرَ أكثرَ خلقًا من جنازةِ أبي منصورٍ، وقد رآها يهوديٌّ، فاهْتالَ لها وأسلمَ".
وقد رُؤِيَ رحمهُ اللهُ بعدَ موتِه في المنامِ، فقِيلَ له: ما فعل اللهُ بكَ؟ فقال: "غفرَ لي بتعليمي الصِّبيانَ فاتحةَ الكتابِ".
ذكَرَ هذا الخبَرَ: ابنُ الجوزيِّ في المُنتَظَمِ ( ١٧ / ٩٧ )، والذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ١٩ / ٢٢٤ ) وفي تاريخِ الإسلامِ ( ١٠ / ٨١٦ - ٨١٧ ) وفي معرفةِ القُرَّاءِ الكِبارِ ( ١ / ٤٥٨ )، وابنُ كثيرٍ في البدايةِ والنِّهايةِ ( ١٦ / ١٩٢ )، وابنُ رَجَبٍ في ذيلِ طبقاتِ الحنابلةِ ( ١ / ٢٢٨ )، وابنُ الجَزَريِّ في طبقاتِ القُرَّاءِ ( ٣ / ١٨٠ )، والعُلَيميُّ في المنهجِ الأحمدِ ( ٣ / ٣٤ )، وابنُ العِمادِ في شَذَراتِ الذَّهبِ ( ٥ / ٤١٨ ).
فائدةٌ:
اشتُهِرَ بالعِلمِ سِبطاهُ: عبدُ اللهِ والحُسَينُ ابنا عليٍّ بنِ أحمدَ البغداديَّانِ، وكانا مُقرِئَينِ عالِمَينِ بالقِراءاتِ كجدِّهما، وعنه أخذا، وكانا من العُلَماءِ وأئمَّةِ المُسلِمِينَ.
وكان الحُسَينُ الأكبرَ، لكنَّ عبدَ اللهِ كان الأشهرَ.
كذلك وردَ عن بعضِ السَّلَفِ تعليمُ الصِّبيانِ القُرآنَ، واهتمامُهم بذلك، ووردَ ذلك أيضًا عن نساءِ السَّلَفِ:
فقد ذكرَ الذَّهَبيُّ في السِّيَرِ ( ١٩ / ٦٢٥ ) في ترجمةِ المُقرِئةِ العالِمةِ أُمِّ الخيرِ فاطمةَ بنتِ زَعبَلٍ قولَ السَّمعانيِّ فيها -وهي من شُيوخِه-: "امرأةٌ صالِحةٌ عالِمةٌ، تُعلِّمُ الجواريَ القُرآنَ".
الصِّحَّةُ والفراغُ والشَّبابُ:
روى البُخاريُّ ( ٦٤١٢ ) عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "نِعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ".
وروى الحاكمُ ( ٧٨٤٦ ) عن ابنِ عبَّاسٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لرجلٍ وهو يَعِظُه: "اغتَنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَكَ قبل هرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبل سقَمِكَ، وغِناءَكَ قبل فَقرِكَ، وفراغَكَ قبل شُغلِكَ، وحياتَكَ قبل موتِكَ".
وقال أبو العنبرِ غُنَيمُ بنُ قيسٍ المازنيُّ -وهو أحدُ كِبارِ التَّابعينَ-: "كنَّا نتواعظُ في أوَّلِ الإسلامِ بأربعٍ، كنَّا نقولُ: اعْمَلْ في شبابِكَ لكِبَرِكَ، واعْمَلْ في فراغِكَ لشُغلِكَ، واعْمَلْ في صِحَّتِكَ لسَقَمِكَ، واعْمَلْ في حياتِكَ لموتِكَ".
رواه ابنُ المبارَكِ في الزُّهدِ ( ٣ )، وأحمدُ في الزُّهدِ ( ١٣٧٩ )، وهنَّادٌ في الزُّهدِ ( ٥٠١ )، وأبو بكرِ بنُ أبي الدُّنيا في قِصَرِ الأملِ ( ١١٢ )، والخطيبُ في اقتِضاءِ العِلمِ العمَلَ ( ١٧١ )، وأبو نُعَيمٍ في الحِليةِ ( ٦ / ٢٠٠ )، والمِزِّيُّ في تهذيبِ الكمالِ ( ٢٣ / ١٢٢ ).
وإسنادُه صحيحٌ.
ما جاء في هذا البابِ شِعرًا:
قال الشَّاعرُ الواعظُ محمودُ بنُ الحسنِ الورَّاقُ:
بادِرْ شبابَكَ أن يَهرَما ** وصِحَّةَ جِسمِكَ أن يَسقَما
وأيَّامَ عيشِكَ قبل المماتِ ** فما دهرُ مَن عاشَ أن يَسلَما
ووقتَ فراغِكَ بادِرْ به ** لياليَ شُغلِكَ في بعضِ ما
وقدِّمْ فكلُّ امرئٍ قادمٌ ** على بعضِ ما كان قد قدَّما
رواها الخطيبُ البغداديُّ في اقتِضاءِ العِلمِ العمَلَ ( ١٧٢ ).
وقال الشَّاعرُ الزَّاهدُ أبو العتاهيةِ في أُرجوزَتِه البديعةِ "ذاتِ الأمثالِ":
إنَّ الشَّبابَ والفراغَ والجِدَة ** مَفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسَدة
دِيوانُه ( ص٤٤٨ ).
وقال الإمامُ أبو المعالي مسعودُ بنُ مُحمَّدٍ الطُّرَيثِيثيُّ النَّيسابوريُّ:
يقولونَ أسبابُ الفراغِ ثلاثةٌ ** ورابعُها خَلَّوْهُ وهو خيارُها
وقد ذكروا أمنًا ومالًا وصِحَّةً ** ولم يعلموا أنَّ الشَّبابَ مدارُها
ذكرَهما الذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ٢١ / ١٠٨ ) في ترجمةِ أبي المعالي.
وقال الإمامُ أبو مُحمَّدٍ عبدُ الحقِّ بنِ عبدِ الرَّحمنِ الإشبِيليُّ الأندَلُسيُّ:
إنَّ في الموتِ والمعادِ لَشُغْلًا ** وادِّكارًا لذي النُّهى وبلاغا
فاغْتَنِمْ خُطَّتَينِ قبل المنايا ** صِحَّةَ الجِسمِ يا أخي والفراغا
ذكرَهما ابنُ الأبَّارِ في التَّكملةِ لكتابِ الصِّلَةِ ( ٣ / ١٢١ )، وابنُ شاكرٍ في فواتِ الوَفَيَات ( ٢ / ٢٥٧ )، والذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ٢١ / ٢٠١ ) وقال فيه: "وما أحلى قولَه وأوعظَه".
وقال الوزيرُ أبو المُظفَّرِ يحيى بنُ هُبَيرةَ البغداديُّ الحنبليُّ:
والوقتُ أنفسُ ما عُنِيتَ بحِفظِهِ ** وأراهُ أسهلَ ما عليكَ يضيعُ
ذكَرَهُ ابنُ رجبٍ في ذيلِ طبقاتِ الحنابلةِ ( ١ / ٢٨١ )، وابنُ مُفلِحٍ في الآدابِ الشَّرعيَّةِ ( ٢ / ٢٣٧ )، وابنُ العِمادِ في شَذَراتِ الذَّهبِ ( ٦ / ٣٢٥ ).
روى البُخاريُّ ( ٦٤١٢ ) عن ابنِ عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "نِعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ".
وروى الحاكمُ ( ٧٨٤٦ ) عن ابنِ عبَّاسٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ لرجلٍ وهو يَعِظُه: "اغتَنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَكَ قبل هرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبل سقَمِكَ، وغِناءَكَ قبل فَقرِكَ، وفراغَكَ قبل شُغلِكَ، وحياتَكَ قبل موتِكَ".
وقال أبو العنبرِ غُنَيمُ بنُ قيسٍ المازنيُّ -وهو أحدُ كِبارِ التَّابعينَ-: "كنَّا نتواعظُ في أوَّلِ الإسلامِ بأربعٍ، كنَّا نقولُ: اعْمَلْ في شبابِكَ لكِبَرِكَ، واعْمَلْ في فراغِكَ لشُغلِكَ، واعْمَلْ في صِحَّتِكَ لسَقَمِكَ، واعْمَلْ في حياتِكَ لموتِكَ".
رواه ابنُ المبارَكِ في الزُّهدِ ( ٣ )، وأحمدُ في الزُّهدِ ( ١٣٧٩ )، وهنَّادٌ في الزُّهدِ ( ٥٠١ )، وأبو بكرِ بنُ أبي الدُّنيا في قِصَرِ الأملِ ( ١١٢ )، والخطيبُ في اقتِضاءِ العِلمِ العمَلَ ( ١٧١ )، وأبو نُعَيمٍ في الحِليةِ ( ٦ / ٢٠٠ )، والمِزِّيُّ في تهذيبِ الكمالِ ( ٢٣ / ١٢٢ ).
وإسنادُه صحيحٌ.
ما جاء في هذا البابِ شِعرًا:
قال الشَّاعرُ الواعظُ محمودُ بنُ الحسنِ الورَّاقُ:
بادِرْ شبابَكَ أن يَهرَما ** وصِحَّةَ جِسمِكَ أن يَسقَما
وأيَّامَ عيشِكَ قبل المماتِ ** فما دهرُ مَن عاشَ أن يَسلَما
ووقتَ فراغِكَ بادِرْ به ** لياليَ شُغلِكَ في بعضِ ما
وقدِّمْ فكلُّ امرئٍ قادمٌ ** على بعضِ ما كان قد قدَّما
رواها الخطيبُ البغداديُّ في اقتِضاءِ العِلمِ العمَلَ ( ١٧٢ ).
وقال الشَّاعرُ الزَّاهدُ أبو العتاهيةِ في أُرجوزَتِه البديعةِ "ذاتِ الأمثالِ":
إنَّ الشَّبابَ والفراغَ والجِدَة ** مَفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسَدة
دِيوانُه ( ص٤٤٨ ).
وقال الإمامُ أبو المعالي مسعودُ بنُ مُحمَّدٍ الطُّرَيثِيثيُّ النَّيسابوريُّ:
يقولونَ أسبابُ الفراغِ ثلاثةٌ ** ورابعُها خَلَّوْهُ وهو خيارُها
وقد ذكروا أمنًا ومالًا وصِحَّةً ** ولم يعلموا أنَّ الشَّبابَ مدارُها
ذكرَهما الذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ٢١ / ١٠٨ ) في ترجمةِ أبي المعالي.
وقال الإمامُ أبو مُحمَّدٍ عبدُ الحقِّ بنِ عبدِ الرَّحمنِ الإشبِيليُّ الأندَلُسيُّ:
إنَّ في الموتِ والمعادِ لَشُغْلًا ** وادِّكارًا لذي النُّهى وبلاغا
فاغْتَنِمْ خُطَّتَينِ قبل المنايا ** صِحَّةَ الجِسمِ يا أخي والفراغا
ذكرَهما ابنُ الأبَّارِ في التَّكملةِ لكتابِ الصِّلَةِ ( ٣ / ١٢١ )، وابنُ شاكرٍ في فواتِ الوَفَيَات ( ٢ / ٢٥٧ )، والذَّهبيُّ في السِّيَرِ ( ٢١ / ٢٠١ ) وقال فيه: "وما أحلى قولَه وأوعظَه".
وقال الوزيرُ أبو المُظفَّرِ يحيى بنُ هُبَيرةَ البغداديُّ الحنبليُّ:
والوقتُ أنفسُ ما عُنِيتَ بحِفظِهِ ** وأراهُ أسهلَ ما عليكَ يضيعُ
ذكَرَهُ ابنُ رجبٍ في ذيلِ طبقاتِ الحنابلةِ ( ١ / ٢٨١ )، وابنُ مُفلِحٍ في الآدابِ الشَّرعيَّةِ ( ٢ / ٢٣٧ )، وابنُ العِمادِ في شَذَراتِ الذَّهبِ ( ٦ / ٣٢٥ ).