• من وجهة نظر الرفاعي، يجب أن يكون التجديد عملية إعادة قراءة تراعي البعد الوجودي والروحي والأخلاقي والجمالي، وليس مجرد تفكيك نقدي يؤدي إلى إنكار القدرة التجديدية الكامنة في التراث الإسلامي. يرى عبد الجبار الرفاعي أن منهج حسن حنفي في “توظيف” التراث يعتمد على نقدٍ أيديولوجي جدليّ يحوّل الدين إلى أداة في معركة سياسية، مما يُفقده أبعاده الروحية والأخلاقية والجمالية والوجودية. بينما يدعو الرفاعي إلى قراءة تجديدية شاملة تعيد للنصوص الدينية قيمتها الروحية والأخلاقية والجمالية والوجودية، لتكون مصدر إلهام وتحقق السلام الداخلي للفرد والمجتمع، بعيدًا عن مقاربة التوظيف السياسي الضيق.
مقارنة_بين_منهج_الدكتور_حسن_حنفي_والدكتور_عبد_الجبار_الرفاعي_في.pdf
294.9 KB
مقارنة بين منهج الدكتور حسن حنفي والدكتور عبد الجبار الرفاعي في تجديد الفكر الديني
تسجيل صوتي لكتاب: مقدمة في #علم_الكلام_الجديد، تأليف: #عبدالجبار_الرفاعي، تسجيل الفصل الأول: "علم الكلام: ملخص لنشأته وتطوره وعجزه وانسداده".
https://www.hindawi.org/books/46425727/1/
https://www.hindawi.org/books/46425727/1/
www.hindawi.org
علم الكلام | مقدمة في علم الكلام الجديد | مؤسسة هنداوي
تسجيل صوتي لكتاب عبدالجبار الرفاعي:
بعنوان: الهِرْمِنيوطيقا: بوصفها منهجًا للتفسير عند أمين الخولي
https://www.hindawi.org/books/28184726/
بعنوان: الهِرْمِنيوطيقا: بوصفها منهجًا للتفسير عند أمين الخولي
https://www.hindawi.org/books/28184726/
www.hindawi.org
الهِرْمِنيوطيقا: بوصفها منهجًا للتفسير عند أمين الخولي | عبد الجبار الرفاعي | مؤسسة هنداوي
يمكنك تحميل كتب ومؤلفات «عبد الجبار الرفاعي» مجانا من خلال موقعنا، بالإضافة إلى العديد من الكتب المجانية الأخرى.
الدرس الفلسفي في المدارس الدينية: الواقع وأفاق الانتظار
منى الصالح
اليوم أنهيت كتاب المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي: (الدرسالفلسفي في المدارس الدينية الواقع وأفاق الانتظار). حيث أخذني بينطياته برحلة سلسة للوقوف على تاريخ الدرس الفلسفي في مدارسنا الدينية بطريقة موضوعية، وبعيدا عن التقديس أو التقليل. من شأن مننتفق أو نختلف معهم.
يحسم الدكتور الرفاعي موقفه بصراحة في مقدمة كتابه بتشديده على إعطاء العقل مرجعية محورية، عندما يقول: "كلُّ شيء يخضع لمُساءَلة العقل ونقده وتمحيصه، العقل نفسه يخضع لمساءلةِ العقل، وتمحيصِ مفاهيمه، وغربلةِ أحكامه، وطريقة تعريفه لنفسه، وتفسيره لحقيقة معرفته، ومصادرها، وقيمتها. لا يضع الحدودَ للعقل إلا العقلُ، العقل يرسم حدودَه وما هو داخلٌ في فضائه، ويتدخل ببيان حقيقةِ ما هو خارج حدوده. لا يصدق التفكيرُ فلسفيًّا إلا لحظةَ يكتفي العقلُ في تصديقاتِه وحججِه وأحكامِه بذاته، فيكون هو مرجعية تمحيصِ تفكيره، ومرجعية ما سواه، والحكم عليه إثباتًا أو نفيًا. عندما يصمت العقلُ ويكفُّ عن وظيفته، تدخلُ الروحُ والعاطفةُ في متاهات".
كتاب الدرس الفلسفي في المدارس الدينية يعطيك فكرة دقيقة وواضحةلأبعاد وملابسات فكرة إبعاد الفلسفة عن الدراسة الدينية في بعضمراحل معاهد التعليم الديني، مع الوقوف على الدور الهام الذي لعبهبعض أساتذتها في حقب معينة بترسيخ دروس الفلسفة وعلم الكلاموالعرفان النظري والسلوكي. الكتاب يفيد كل طالب في معاهد التعليم الديني ومثقف ومحب للفلسفة ومدرك لأهميتها رغم عدم تعمقه بها. فهو يتحدث عن دور الفلاسفة المسلمين، والإضافات التي قدموها في مسيرةالفلسفة، ثم ينعطف لنقد وتقويم الدرس الفلسفي في الحوزة بوصفها مثالا للفلسفة في معاهد التعليم الديني التقليدية.
بعد حديثه في الفصل الأول عن مكاسب دراسة الفلسفة في الحوزةيكتب الرفاعي عن خبرته الشخصية في الدراسة والتدريس للفلسفة لمدة 40 عاما في الحوزة والتأليف فيها، ويؤشر بصراحة للثغرات الأساسية التي تواجه الدرس الفلسفي في هذه الحاضرة الدينية، فيبسط البحث في التأشير على هذه الثغرات ويشخصها في: اختزال الفلسفة في الإسلام بملا صدرا الشيرازي، والافتقار للغات الفلسفة الغربيةالحديثة، وتمركز الهوية الاعتقادية في التفكير الفلسفي في الحوزة، والارتهان بالمشاغل التقليدية للفلسفة، وعدم مواكبة إنجازات الفلسفةوالعلوم الإنسانية الحديثة، وندرة النقد وعدم الجرأة على تجاوز الفلسفةالصدرائية، وقصور اسلوب التعليم التقليدي في تدريس ودراسةالفلسفة.
ما دمنا لسنا طلاب فلسفة، فنحتاج لمثل هذه الكتب، لنتعرف علىموقعنا في خريطة تاريخ الفلسفة وأمام الفلسفة الغربية الحديثة وبكثيرمن الموضوعية، وخاصة حيث نعيش تحديات التقدم المتسارع للذكاءالاصطناعي، وكما يوضح الدكتور الرفاعي أنه: 'ينتج حالة لايقينشاملة تطول القيم والمعتقدات والثقافات. كلما تضخم اللايقين واتسعتمدياته اتسعت الحاجة لحضور فاعل للعقل الفلسفي. الأسئلة الوجوديةالكبرى، وأزمات العقل والروح والعاطفة ليست من اختصاص العلم، ولاتقع في فضاء المادة والتجربة، من ينسى الفلسفة تنساه أعيادالتاريخ".
"تنبعث الفلسفة لحظة إيقاظ العقل. الفلسفة إيقاظ متواصل للعقل وتحرير له من تسلط المعتقدات، والايديولوجيات، والهويات. التفكير الفلسفي يبدأ لحظة يتحرر العقل من أنماط الوصايات المتنوعة". بهذه الكلمات وبين سطور الكتاب الذي وجدت فيه نفسي، وقد أعادت ليطفولتي وصباي، حيث العقل المشاكس الذي ينقلني من حالة لأخرى دون هوادة، حيث كثيرا ماكنت أشكك بنفسي، لم لست كالأخريات؟! تستمع فترضى وتستقر، لم كل حادثة، أو مقولة، كل محاضرة وخطاب يأخذ من فكري مأخذا؟!
تتهاوى التساؤلات كبركان هائج يرمي بحممه النارية، يحيلني لساحة من العراك والسجالات الفكرية ، بل كل سؤال كان يفتح لي أبوابا لمئات الأسئلة، وهذا ماحدا بي نحو الكتب التي تعنى بالفلسفة، والكتب التي تحترم عقولنا فتثير وتنمي فيها ملكات التفكير النقدي والتحليلي، فالبيئة والثقافة التي تهتم بالفلسفة هي بيئة حاضنة لصنوف العلوم، وحضارة قادرة على أنتاج العلماء، كما يقول الدكتور : (لم يولد العلم إلا في أحضان الفلسفة).كل من حرمّ الفلسفة، وأتهمها بالكفر والزندقة بقصد أو بدون قصد إنما هي دعوة لتجميد العقل وتسطيحه، بحيث يصبح من السهل السيطرة عليه وأدلجته واستعباده.
لندن 6-2-2025
https://almothaqaf.com/readings-2/979733-منى-الصالح-الدرس-الفلسفي-في-المدارس-الدينية-الواقع-وأفاق-الانتظار
الدينُ كائنٌ حيٌّ يطلبُ ما يمدُّه بالحياة
عبدالجبار الرفاعي
العبادةُ مكونٌ أساسي في ماهية كلِّ دين، حيثما كان الدينُ كانت العبادةُ والطقسُ، لأن الدينَ يعبّر عن الحاجة للصلة بموجود لا متناهٍ في وجوده وقدرته وعلمه وكلِّ شيء. العبادةُ هي التعبيرُ الحي عن هذه الصلة. الصلةُ الوجودية مالم تظل متدفقةً دائمةَ الفيض، فإنها تتبدّد وتتلاشى، ومالم تظل مضيئةً باستمرار، فإنها لو انطفأت تصاب روحُ الإنسان بالوهن والعجز، ومالم تظل منهمرة، فإنها لن تبلغ غايتها فتروي الظمأ الوجودي.
العبادةُ الحقيقية تُثري رؤيةَ الدينِ للعالَم، ففي الإسلام تُثري الصلاةُ الصادقة رؤيةَ المسلم للعالَم، وتُلهمها بمعناها الروحي والأخلاقي، وتجعل من هذا المعنى أفقًا تتشكّل في ضوئه حياةُ الإنسان الخاصة وعلاقاتُه الاجتماعية المتنوعة. وحسب تعبير علي عزت بيغوفيتش: "ليست الصلاةُ مجرّد تعبير عن موقف الإسلام من العالَم، إنما هي أيضًا انعكاسٌ للطريقة التي يريد الإسلامُ بها تنظيمَ هذا العالَم".
الإيمانُ كائنٌ حيّ يقظٌ فوّار، وهو أمرٌ وجودي، لا يتحقّق ويزدهر من دون روافد يستقي منها وجودَه، وتتجدّد بها حياتُه. إنه جذوةٌ مشتعلة، وهذه الجذوةُ بلا صلاة وطقوس تظلّ تذوي شيئًا فشيئًا حتى تنطفئ. مالم تتكرّر الطقوسُ والصلاةُ في سياق تقليدٍ عباديٍّ مرسومٍ، يذبل الإيمانُ ويذوي حتى يصير حطامًا. الإيمانُ بمثابة حديقة الأزهار، مالم نواظب على سقيها تذبل وتموت وتندثر. الصلاةُ والطقوسُ كأنها ينابيعُ مياه عذبة صافية تسقي حديقةَ الإيمان، لولاها لاندثر وأصبح هشيمًا تذروه الرياح.كما أن بناءَ الإرادة وترسيخها على الدوام من الأغراض الأساسية للعبادة في الأديان، وإن كانت هذه العبادة تنحرف أحيانًا عن غايتها الأصلية، وتستخدم في وظيفة مضادة.
اهتمَ كلُّ دين معروف اهتمامًا واضحًا بالعبادة، وحرصت كلُّ الأديان على رسم تفاصيلها بجلاء، وحذّرت مَنْ يتبع الدينَ من أدائها كيفما يشاء خارج رسمَها المحدّد، لأنه يهدرُ وظيفتَها ويمسخُ هويتَها. القولُ بأن لكلِّ شخص عبادته وصلاته الخاصة كلامٌ غريبٌ على منطق الأديان، وما ترمي إليه العبادةُ فيها، وأغربُ منه محاولات بعض الناس ترقيع والتقاط عناصر متضاربة من أديان مختلفة في عباداتها وطقوسها وشعائرها، وخلطها ببعضها ولصقها بصورة متناشزة مشوّهة، وممارستها بشكل يمحقُ الدينَ، وينتحلُ حالةً زائفة للإيمان.
إن تاريخ الأديان الطويل ينبؤنا بأن العبادات تشكِّل رافدًا يغذي الصلة الوجودية الحيّة بالوجود المطلق، الذي يتجلى في كلِّ دين على شاكلة شريعة أتباعه. وأن ما تتميز به العباداتُ يكمن في اشتراك ماهيتها وصورتها بين أتباع الدين الواحد. ولم يصادف أن نجد دينًا أتاح لمعتنقيه أن يختاروا عباداتهم خارج إطار شريعتهم، أو يلتقطون عناصرها من أديان متنوعة كيفما يشاؤون.
في ضوء هذا المفهوم للعبادة في الأديان، نجد الهندوسي يؤدي طقسَه وعبادتَه الخاصة في معبده، وفي المسيحية يؤدي المسيحي قدّاسَه في كنيسته، وفي الإسلام يؤدي المسلمُ صلاتَه في مسجده. كيفيةُ القداس الذي يؤديه المسيحي في الكنيسة، تختلفُ عن كيفيةِ طقس الهندوسي في معبده، وتختلفُ عن كيفيةِ صلاة المسلم في مسجده، وهكذا الحالُ في الأديان الأخرى.
لا ننكر التشابه في بعض عناصر العبادات والطقوس والشعائر في الأديان، الذي يعبر عن مشتركات الأديان والثقافات في المجتمعات المختلفة، إلا أننا لم نجد تطابقًا وتماثلًا كليًا بينها، لكلِّ عبادة بصمتها الخاصة ولونها الذي يعكس صورةَ الديانة المشتقة منها. لكلِّ إنسان حياته الروحية، روحُ الإنسان تتغذّى من العبادات المشتركة في ديانته. صلاةُ الحلاج والبسطامي والنفري وابن عربي وجلال الدين الرومي ومحمد حسين الطباطبائي، وغيرهم من العرفاء، هي صلاةُ الإسلام ذاتها، غير أنهم تهذبوا وتسامت أروحهم بنور الله، وابتهجوا بمحُبّته .
الحياةُ الروحية تتحقّق في سياق شريعة محدّدة، الحياةُ الروحية تتطلب أن تستقي على الدوام من العبادة الخاصة بهذه الشريعة، بوصفها من سنخها وترتسم فيها صورةُ الديانة، وينعكس فيها شيءٌ من عناصر البنى اللاشعورية للديانة الراسخة في باطن الإنسان. فلو ركّبَ الإنسانُ على ديانته تقليدًا عباديًّا مستعارًا من ديانة أخرى،كما لو أن مسلمًا كان يمارس تقليدًا طقوسيًّا هندوسيًّا أو العكس، سيفضي ذلك إلى التناشز بين طقس ترتسم فيه صورةُ ديانة غير ديانته، والحياة الروحية في أفق ديانته. لكلِّ ديانة طقسٌ خاص من جنسها، بمعنى أنه مشتقٌّ من طبيعة البنى اللاشعورية للديانة الراسخة في باطن الإنسان، وكيفية رؤيتها للعالَم، وبصمة الحياة الروحية فيها.
عبدالجبار الرفاعي
العبادةُ مكونٌ أساسي في ماهية كلِّ دين، حيثما كان الدينُ كانت العبادةُ والطقسُ، لأن الدينَ يعبّر عن الحاجة للصلة بموجود لا متناهٍ في وجوده وقدرته وعلمه وكلِّ شيء. العبادةُ هي التعبيرُ الحي عن هذه الصلة. الصلةُ الوجودية مالم تظل متدفقةً دائمةَ الفيض، فإنها تتبدّد وتتلاشى، ومالم تظل مضيئةً باستمرار، فإنها لو انطفأت تصاب روحُ الإنسان بالوهن والعجز، ومالم تظل منهمرة، فإنها لن تبلغ غايتها فتروي الظمأ الوجودي.
العبادةُ الحقيقية تُثري رؤيةَ الدينِ للعالَم، ففي الإسلام تُثري الصلاةُ الصادقة رؤيةَ المسلم للعالَم، وتُلهمها بمعناها الروحي والأخلاقي، وتجعل من هذا المعنى أفقًا تتشكّل في ضوئه حياةُ الإنسان الخاصة وعلاقاتُه الاجتماعية المتنوعة. وحسب تعبير علي عزت بيغوفيتش: "ليست الصلاةُ مجرّد تعبير عن موقف الإسلام من العالَم، إنما هي أيضًا انعكاسٌ للطريقة التي يريد الإسلامُ بها تنظيمَ هذا العالَم".
الإيمانُ كائنٌ حيّ يقظٌ فوّار، وهو أمرٌ وجودي، لا يتحقّق ويزدهر من دون روافد يستقي منها وجودَه، وتتجدّد بها حياتُه. إنه جذوةٌ مشتعلة، وهذه الجذوةُ بلا صلاة وطقوس تظلّ تذوي شيئًا فشيئًا حتى تنطفئ. مالم تتكرّر الطقوسُ والصلاةُ في سياق تقليدٍ عباديٍّ مرسومٍ، يذبل الإيمانُ ويذوي حتى يصير حطامًا. الإيمانُ بمثابة حديقة الأزهار، مالم نواظب على سقيها تذبل وتموت وتندثر. الصلاةُ والطقوسُ كأنها ينابيعُ مياه عذبة صافية تسقي حديقةَ الإيمان، لولاها لاندثر وأصبح هشيمًا تذروه الرياح.كما أن بناءَ الإرادة وترسيخها على الدوام من الأغراض الأساسية للعبادة في الأديان، وإن كانت هذه العبادة تنحرف أحيانًا عن غايتها الأصلية، وتستخدم في وظيفة مضادة.
اهتمَ كلُّ دين معروف اهتمامًا واضحًا بالعبادة، وحرصت كلُّ الأديان على رسم تفاصيلها بجلاء، وحذّرت مَنْ يتبع الدينَ من أدائها كيفما يشاء خارج رسمَها المحدّد، لأنه يهدرُ وظيفتَها ويمسخُ هويتَها. القولُ بأن لكلِّ شخص عبادته وصلاته الخاصة كلامٌ غريبٌ على منطق الأديان، وما ترمي إليه العبادةُ فيها، وأغربُ منه محاولات بعض الناس ترقيع والتقاط عناصر متضاربة من أديان مختلفة في عباداتها وطقوسها وشعائرها، وخلطها ببعضها ولصقها بصورة متناشزة مشوّهة، وممارستها بشكل يمحقُ الدينَ، وينتحلُ حالةً زائفة للإيمان.
إن تاريخ الأديان الطويل ينبؤنا بأن العبادات تشكِّل رافدًا يغذي الصلة الوجودية الحيّة بالوجود المطلق، الذي يتجلى في كلِّ دين على شاكلة شريعة أتباعه. وأن ما تتميز به العباداتُ يكمن في اشتراك ماهيتها وصورتها بين أتباع الدين الواحد. ولم يصادف أن نجد دينًا أتاح لمعتنقيه أن يختاروا عباداتهم خارج إطار شريعتهم، أو يلتقطون عناصرها من أديان متنوعة كيفما يشاؤون.
في ضوء هذا المفهوم للعبادة في الأديان، نجد الهندوسي يؤدي طقسَه وعبادتَه الخاصة في معبده، وفي المسيحية يؤدي المسيحي قدّاسَه في كنيسته، وفي الإسلام يؤدي المسلمُ صلاتَه في مسجده. كيفيةُ القداس الذي يؤديه المسيحي في الكنيسة، تختلفُ عن كيفيةِ طقس الهندوسي في معبده، وتختلفُ عن كيفيةِ صلاة المسلم في مسجده، وهكذا الحالُ في الأديان الأخرى.
لا ننكر التشابه في بعض عناصر العبادات والطقوس والشعائر في الأديان، الذي يعبر عن مشتركات الأديان والثقافات في المجتمعات المختلفة، إلا أننا لم نجد تطابقًا وتماثلًا كليًا بينها، لكلِّ عبادة بصمتها الخاصة ولونها الذي يعكس صورةَ الديانة المشتقة منها. لكلِّ إنسان حياته الروحية، روحُ الإنسان تتغذّى من العبادات المشتركة في ديانته. صلاةُ الحلاج والبسطامي والنفري وابن عربي وجلال الدين الرومي ومحمد حسين الطباطبائي، وغيرهم من العرفاء، هي صلاةُ الإسلام ذاتها، غير أنهم تهذبوا وتسامت أروحهم بنور الله، وابتهجوا بمحُبّته .
الحياةُ الروحية تتحقّق في سياق شريعة محدّدة، الحياةُ الروحية تتطلب أن تستقي على الدوام من العبادة الخاصة بهذه الشريعة، بوصفها من سنخها وترتسم فيها صورةُ الديانة، وينعكس فيها شيءٌ من عناصر البنى اللاشعورية للديانة الراسخة في باطن الإنسان. فلو ركّبَ الإنسانُ على ديانته تقليدًا عباديًّا مستعارًا من ديانة أخرى،كما لو أن مسلمًا كان يمارس تقليدًا طقوسيًّا هندوسيًّا أو العكس، سيفضي ذلك إلى التناشز بين طقس ترتسم فيه صورةُ ديانة غير ديانته، والحياة الروحية في أفق ديانته. لكلِّ ديانة طقسٌ خاص من جنسها، بمعنى أنه مشتقٌّ من طبيعة البنى اللاشعورية للديانة الراسخة في باطن الإنسان، وكيفية رؤيتها للعالَم، وبصمة الحياة الروحية فيها.
الحياةُ الروحية للأديان في مختلف المجتمعات تُدلّل على ذلك، ففي المجتمعات الغربية التي يُمنَح الأشخاصُ فيها حريةً دينيةً واسعة، لا تسودها ظواهر، مثل: مسلم يصلي في معبد هندوسي، أو هندوسي يؤدي طقسَه في المسجد. وقلّما نعثر على أشخاص يتخبطون في تجريب الأديان وطقوسها، بغيةَ إرواء ظمئهم الأنطولوجي، وعادةً ما يعيش مثل هؤلاء ضياعًا وتمزقًا وقلقًا واضطرابًا، ذلك أنهم كشارب ماء البحر، كلّما شرب منه اشتدّ ظمؤه.
يُشاع أن العرفاء يبلغون مقامًا في سلوكهم الروحي يهجرون فيه العبادةَ، وهذا غير صحيح لأن ذوي البصائر من العرفاء يشددون على أن: الشريعةَ توصل إلى الطريقة، إلا أن الشريعةَ لا تتعطّل عند بلوغ الطريقة، وأن الطريقةَ توصل إلى الحقيقة، إلا أن الشريعة لا تتعطّل عند بلوغ الحقيقة.
لا طريقةَ بلا شريعة، لا حقيقةَ بلا طريقة، الشريعةُ غطاءُ الطريقة، الطريقةُ غطاءُ الحقيقة. هذا ما فسّروا فيه ما هو منسوب للنبي الكريم "ص": "الشريعةُ أقوالي، والطريقةُ أفعالي، والحقيقةُ أحوالي" . "الشريعةُ أمرٌ بالتزام العبودية، والحقيقةُ مشاهدةُ الربوبية، وكلُّ شريعةٍ غيرُ مؤيدة بالحقيقة فأمرها غير مقبول، وكلُّ حقيقةٍ غيرُ مقيدةٍ بالشريعة فأمرها غير محصول. والشريعةُ جاءت بتكليف من الخالق، والحقيقةُ إنباءٌ عن تصريف الحق. فالشريعةُ أن تعبده، والحقيقةُ أن تشهده. والشريعةُ قيام بما أمر، والحقيقةُ شهود لما قضى وقدّر، وأخفى وأظهر". حسب تفسير أبو القاسم القشيري . ويقول أحمد زروق: "الشريعةُ أن تعبده، والطريقةُ أن تقصده، والحقيقةُ أن تشهده. أو تقول: الشريعةُ لإصلاح الظواهر، والطريقةُ لإصلاح الضمائر، والحقيقةُ لإصلاح السرائر".
الموضوع مستل من الفصل الأول من كتابي: الدين والكرامة الإنسانية، وهو جواب لسؤال أحد المعلقين باسم "محب العربية" على ما نشرته قبل ليلتين على صفحة الفسبك وهذا نص سؤاله: (إن كانت العبادة جوهرية في كل دين، فلماذا لا تكون لكل مفكر وفيلسوف عبادته الخاصة التي تتواءم مع صورته عن الدين الذي يعتقده؟ ألا ترى أن العبادات تختلف بين الأديان فليست هناك عبادة صحيحة أو مطلقة؟ ألا ترى أن العبادات وضعت في الأصل للجمهور من عوام الناس؟).
https://www.facebook.com/100001524003286/posts/pfbid02sPXxVQMfSfSW8gSnKGCMT5nMks1NHvThcdYggBQ2Gw2xo9k6ejbmFvMKwvfKdKoZl/
#عبدالجبار_الرفاعي
#العبادة
يُشاع أن العرفاء يبلغون مقامًا في سلوكهم الروحي يهجرون فيه العبادةَ، وهذا غير صحيح لأن ذوي البصائر من العرفاء يشددون على أن: الشريعةَ توصل إلى الطريقة، إلا أن الشريعةَ لا تتعطّل عند بلوغ الطريقة، وأن الطريقةَ توصل إلى الحقيقة، إلا أن الشريعة لا تتعطّل عند بلوغ الحقيقة.
لا طريقةَ بلا شريعة، لا حقيقةَ بلا طريقة، الشريعةُ غطاءُ الطريقة، الطريقةُ غطاءُ الحقيقة. هذا ما فسّروا فيه ما هو منسوب للنبي الكريم "ص": "الشريعةُ أقوالي، والطريقةُ أفعالي، والحقيقةُ أحوالي" . "الشريعةُ أمرٌ بالتزام العبودية، والحقيقةُ مشاهدةُ الربوبية، وكلُّ شريعةٍ غيرُ مؤيدة بالحقيقة فأمرها غير مقبول، وكلُّ حقيقةٍ غيرُ مقيدةٍ بالشريعة فأمرها غير محصول. والشريعةُ جاءت بتكليف من الخالق، والحقيقةُ إنباءٌ عن تصريف الحق. فالشريعةُ أن تعبده، والحقيقةُ أن تشهده. والشريعةُ قيام بما أمر، والحقيقةُ شهود لما قضى وقدّر، وأخفى وأظهر". حسب تفسير أبو القاسم القشيري . ويقول أحمد زروق: "الشريعةُ أن تعبده، والطريقةُ أن تقصده، والحقيقةُ أن تشهده. أو تقول: الشريعةُ لإصلاح الظواهر، والطريقةُ لإصلاح الضمائر، والحقيقةُ لإصلاح السرائر".
الموضوع مستل من الفصل الأول من كتابي: الدين والكرامة الإنسانية، وهو جواب لسؤال أحد المعلقين باسم "محب العربية" على ما نشرته قبل ليلتين على صفحة الفسبك وهذا نص سؤاله: (إن كانت العبادة جوهرية في كل دين، فلماذا لا تكون لكل مفكر وفيلسوف عبادته الخاصة التي تتواءم مع صورته عن الدين الذي يعتقده؟ ألا ترى أن العبادات تختلف بين الأديان فليست هناك عبادة صحيحة أو مطلقة؟ ألا ترى أن العبادات وضعت في الأصل للجمهور من عوام الناس؟).
https://www.facebook.com/100001524003286/posts/pfbid02sPXxVQMfSfSW8gSnKGCMT5nMks1NHvThcdYggBQ2Gw2xo9k6ejbmFvMKwvfKdKoZl/
#عبدالجبار_الرفاعي
#العبادة
Facebook
عبد الجبار الرفاعي
من ثغرات التربية الصوفية أنها تشدد على الاحتياجات الروحية للإنسان خاصة، من دون اكتراث للأبعاد الأخرى في ذات الإنسان، التي لا تقل أهمية عن الروح. فطالما كان الجسد منسيًا لدى الصوفية، وأحيانًا يكون...
عبدالجبار الرفاعي.. حضور المحبة الكثيف
د. نصير جابر
في العراق – ولعقود طويلة خلت- تبدو مهمة المفكر صعبة ومعقّدة للغاية، بل قد تكون مستحيلة، لأنّه سيكون دائما على المحكّ مع “الأفكار” السائدة في المجتمع لحظة حضوره بطروحات حرة قد لا تكون بالضرورة مشابهة ومتناغمة مع غيرها. ومن هنا سيكون عليه سلوك طريقين – لو أراد البقاء في بلده- أما التخلّي عمّا يؤمن به ومهادنة السلطة و”أفكارها”، وأما الصمت المطبق، وسيكون لحظتئذ قد حكم على نفسه بالموت المعنوي البشع الذي لا يمكن أن يتقبّله أي عقل حركي فعّال، أو اختيار الطريق الثالث الشاق والصعب، لكنه الأسلم وهو الهجرة بما يحمله من آمال وتطلعات معرفية إلى فضاء آمن يستطيع فيه أن يقول كلمته من دون قيد أو شرط.
وهكذا فعل المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي الذي هاجر إلى ايران منذ عقود طويلة، ولم يرجع إلاّ بعد أن تنفس الوطن رائحة الحرية، وصار من الممكن أن تقول ما تؤمن به من دون خوف من رقابة مجرمة صارمة.
ولسنوات طويلة قبل أن أقرأ له كتابا منفردا، كان هذا الاسم يعني لي مجلة “قضايا إسلامية معاصرة” فقط، فمنذ ظهورها عام 1997 كانت توفر بموادها الرصينة الخصبة مساحة من متعة معرفية راقية لا تقدّر بثمن، ومهما كنت تنتمي إلى حيز فكري بعيد جدا عنها وعن توجهها فلن تجد فيها إلّا مجلة قريبة منك، لأنها تحاول أن تجايل الراهن المعرفي وتخاطبه بمودة وتَفهم ومن دون عدائية أو انتقاص!
وهذا الانطباع سينسحب على صاحبها ومؤسّسها الدكتور الرفاعي الرجل الهادئ البعيد جدا عن الصدام والعراك والجدل الذي لا طائل منه.
والمتواضع الذي لا تكاد تسمع صوته وهو يتحدث حتى لا يشعرك بفوقانية ما، أو تعال أو تكبّر يصاحب عادة أغلب المشتغلين بهذا المجال بوصفهم مُلاك حقيقة مطلقة، فالرجل عكس ذلك تماما، إذ يرى في الحضور الفعّال هو الغاية من وجود المفكر وسط صخب الحراك الثقافي، لذلك عندما رأيته أوّل مرة خلال استضافة اتحاد الأدباء والكتاب له في النجف الأشرف قبل سنوات، شعرت أن انطباعي الأوّل عنه – الذي كونته من خلال المجلة وتوجهها- انطباع صحيح جدا.
فالرجل غارق بتأمل العالم الرصين ومنشغل بهموم الإنسان المتصالح مع الذات، الباحث عن حلّ ناجع وأسئلة جديدة يمكن أن تسهم في زيادة الألفة بين الناس وتبتعد عن التعصب المقيت والتطرف الاجرامي أو الخوف والقلق من ماض شائك تعتريه المشكلات الكبيرة والمعضلات المستغلقة ومستقبل غامض مربك قد تضيع فيه هوية الإنسان وتنمسخ.
لذا بدا لي الرجل غير مكترث تماما بما يمكن أن تفعله الأضواء نحوه كمثقف بارز واسم لامع في ثقافتنا المعاصرة. إذ عاش للكتب والكتابة وكأنها مهمته الوحيدة في الحياة حتى إنه قال في آخر كتبه “مسرات القراءة ومخاض الكتابة.. فصل من سيرة كاتب” الصادر عن دار تكوين- الرافدين في الكويت عام 2023 «لم أجد نفسي خارج الكتابة منذ أكثر من 45 عاماً تقريباً”.
إن الجهد الكبير والشاق الذي بذله الرفاعي يأتي من دقّة اشتغالاته الفكرية في مساحات الأديان، وما لحق بها من امتداد تأريخي، وتأكيده الدائم على النزعة الإنسانية فيها، وإنّها -أي الأديان- منظومات روحية أخلاقية عالية جاءت من أجل الرقي بروح الإنسان نحو مصاف عالية سامية.
ومن يتأمل نتاجه العميق سيرى ذلك واضحا في كتبه مثل “انقاذ النزعة الإنسانية في الدين، تمهيد لدراسة فلسفة الدين، الدين والظمأ الأنطولوجي” وغير ذلك في عشرات المقالات المؤسّسة لهذه الفكرة النقية النبيلة، التي تبدو من الأهمية بمكان لتشكّل علامة فارقة في مسيرته الفكرية الطويلة.
حاز الرفاعي العديد من الجوائز المحلية والدولية الرفيعة تقديرا لجهوده المميزة. ولكن أزعم إن من بين أهم تلك الجوائز التي استحقها في حياته هي اتقان دوره التنويري من دون تشتّت وتحديد مجاله المعرفي بدقّة والاندكاك فيه حدّ التماهي من دون الدخول في صراعات جانبية لا تغني المعرفة شيئا.
ومن الضروري القول أيضا إن منجزه الفكري كان مادة خصبة للعديد من الرسائل والأطاريح الجامعية في دول عديدة، بوصفه رائدا من رواد علم الكلام الجديد ومفكرا عميقا أغنى المعرفة بفكر إنساني خلّاق.
د. نصير جابر، كاتب عراقي.
https://al-aalem.com/رؤى-للتجديد-بمناسبة-الذكرى-السبعين-لو-5/
د. نصير جابر
في العراق – ولعقود طويلة خلت- تبدو مهمة المفكر صعبة ومعقّدة للغاية، بل قد تكون مستحيلة، لأنّه سيكون دائما على المحكّ مع “الأفكار” السائدة في المجتمع لحظة حضوره بطروحات حرة قد لا تكون بالضرورة مشابهة ومتناغمة مع غيرها. ومن هنا سيكون عليه سلوك طريقين – لو أراد البقاء في بلده- أما التخلّي عمّا يؤمن به ومهادنة السلطة و”أفكارها”، وأما الصمت المطبق، وسيكون لحظتئذ قد حكم على نفسه بالموت المعنوي البشع الذي لا يمكن أن يتقبّله أي عقل حركي فعّال، أو اختيار الطريق الثالث الشاق والصعب، لكنه الأسلم وهو الهجرة بما يحمله من آمال وتطلعات معرفية إلى فضاء آمن يستطيع فيه أن يقول كلمته من دون قيد أو شرط.
وهكذا فعل المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي الذي هاجر إلى ايران منذ عقود طويلة، ولم يرجع إلاّ بعد أن تنفس الوطن رائحة الحرية، وصار من الممكن أن تقول ما تؤمن به من دون خوف من رقابة مجرمة صارمة.
ولسنوات طويلة قبل أن أقرأ له كتابا منفردا، كان هذا الاسم يعني لي مجلة “قضايا إسلامية معاصرة” فقط، فمنذ ظهورها عام 1997 كانت توفر بموادها الرصينة الخصبة مساحة من متعة معرفية راقية لا تقدّر بثمن، ومهما كنت تنتمي إلى حيز فكري بعيد جدا عنها وعن توجهها فلن تجد فيها إلّا مجلة قريبة منك، لأنها تحاول أن تجايل الراهن المعرفي وتخاطبه بمودة وتَفهم ومن دون عدائية أو انتقاص!
وهذا الانطباع سينسحب على صاحبها ومؤسّسها الدكتور الرفاعي الرجل الهادئ البعيد جدا عن الصدام والعراك والجدل الذي لا طائل منه.
والمتواضع الذي لا تكاد تسمع صوته وهو يتحدث حتى لا يشعرك بفوقانية ما، أو تعال أو تكبّر يصاحب عادة أغلب المشتغلين بهذا المجال بوصفهم مُلاك حقيقة مطلقة، فالرجل عكس ذلك تماما، إذ يرى في الحضور الفعّال هو الغاية من وجود المفكر وسط صخب الحراك الثقافي، لذلك عندما رأيته أوّل مرة خلال استضافة اتحاد الأدباء والكتاب له في النجف الأشرف قبل سنوات، شعرت أن انطباعي الأوّل عنه – الذي كونته من خلال المجلة وتوجهها- انطباع صحيح جدا.
فالرجل غارق بتأمل العالم الرصين ومنشغل بهموم الإنسان المتصالح مع الذات، الباحث عن حلّ ناجع وأسئلة جديدة يمكن أن تسهم في زيادة الألفة بين الناس وتبتعد عن التعصب المقيت والتطرف الاجرامي أو الخوف والقلق من ماض شائك تعتريه المشكلات الكبيرة والمعضلات المستغلقة ومستقبل غامض مربك قد تضيع فيه هوية الإنسان وتنمسخ.
لذا بدا لي الرجل غير مكترث تماما بما يمكن أن تفعله الأضواء نحوه كمثقف بارز واسم لامع في ثقافتنا المعاصرة. إذ عاش للكتب والكتابة وكأنها مهمته الوحيدة في الحياة حتى إنه قال في آخر كتبه “مسرات القراءة ومخاض الكتابة.. فصل من سيرة كاتب” الصادر عن دار تكوين- الرافدين في الكويت عام 2023 «لم أجد نفسي خارج الكتابة منذ أكثر من 45 عاماً تقريباً”.
إن الجهد الكبير والشاق الذي بذله الرفاعي يأتي من دقّة اشتغالاته الفكرية في مساحات الأديان، وما لحق بها من امتداد تأريخي، وتأكيده الدائم على النزعة الإنسانية فيها، وإنّها -أي الأديان- منظومات روحية أخلاقية عالية جاءت من أجل الرقي بروح الإنسان نحو مصاف عالية سامية.
ومن يتأمل نتاجه العميق سيرى ذلك واضحا في كتبه مثل “انقاذ النزعة الإنسانية في الدين، تمهيد لدراسة فلسفة الدين، الدين والظمأ الأنطولوجي” وغير ذلك في عشرات المقالات المؤسّسة لهذه الفكرة النقية النبيلة، التي تبدو من الأهمية بمكان لتشكّل علامة فارقة في مسيرته الفكرية الطويلة.
حاز الرفاعي العديد من الجوائز المحلية والدولية الرفيعة تقديرا لجهوده المميزة. ولكن أزعم إن من بين أهم تلك الجوائز التي استحقها في حياته هي اتقان دوره التنويري من دون تشتّت وتحديد مجاله المعرفي بدقّة والاندكاك فيه حدّ التماهي من دون الدخول في صراعات جانبية لا تغني المعرفة شيئا.
ومن الضروري القول أيضا إن منجزه الفكري كان مادة خصبة للعديد من الرسائل والأطاريح الجامعية في دول عديدة، بوصفه رائدا من رواد علم الكلام الجديد ومفكرا عميقا أغنى المعرفة بفكر إنساني خلّاق.
د. نصير جابر، كاتب عراقي.
https://al-aalem.com/رؤى-للتجديد-بمناسبة-الذكرى-السبعين-لو-5/
Al-Aalem
رؤى للتجديد.. بمناسبة الذكرى السبعين لولادة المفكر عبد الجبار الرفاعي (7)
مع حلول الذكرى السبعين لميلاد المفكر العراقي البارز عبد الجبار الرفاعي، يسر “العالم الجديد” أن تنضم إلى عدد من الدوريات العراقية والعربية المهتمة بالثقافة والفكر للاحتفاء بهذه المناسبة من خلال سلسلة مقالات تنشرها حول تجربته الثرية التي امتدت لأكثر من أربعة…
يترجم القلبُ كلمات الحُبّ بمعنى واحد
د. عبد الجبار الرفاعي
يولد الحُبّ في لغة القلب، وهي من أصدق وأعذب اللغات في العالم. يترجم القلبُ كلَّ لغات الحُبّ وكلماته المتنوعة في مختلف اللغات بمعنى واحد، لا يرى الإنسانُ في كلمات الحُبّ بكلِّ اللغات إلا الضوء. الحب يعيد إنتاج الذكريات وكأنها ضوء يخلِّد أجمل ما يمكث من الإنسان، الحُبّ يوقد جذوة الضوء في القلب، القلبُ الذي يعيشُ الحُبّ لا يدركه الوهنُ، ولا ينهكه تقدمُ العمر. مَن يتعلم الاستثمار في الحُبّ يرى الضوء بمن يتعامل معه، ويجعل حياته أسهل، وعيشه أسعد، ويظفر بجذوة الروح وبهجتها.
الحُبّ الأصيل يعنى كون الإنسان المحبوب يمتلك ضميرًا أخلاقيًّا يقظًا، هذا الضربُ من الحُبّ لا يرهقه فعلٌ مهما كان شاقًّا، بل يجعل كلَّ شيء عذبًا، وإن لم يكن في ذاته عذبًا. ما أعنيه هو الحُبّ الأخلاقي الأصيل غير المشروط، الحُبّ الذي يبادر فيه كلٌّ من المحبَّين بالعطاء بلا أية مقايضة أو استرداد لما أعطى، ويكون مَن يُحب مستعدًا لتقديم كلِّ شيء بلا أن يمنّ بما أعطى. أتحدثُ عن الحبِّ الأصيلِ الذي يحميهِ سياجٌ أخلاقي، لا أعني بعضَ الأخلاقِ الكلاميةِ والفقهيةِ المضادةِ لما يحكمُ بهِ العقلُ الأخلاقي . الأخلاقُ هنا بمعنى العقلِ العمليِّ، وهي ما يُحسِّنُهُ ويُقبِّحُهُ العقلُ الأخلاقي.
الحُبّ الأخلاقي الأصيل ضرب من الامتنان والإكرام، مَن يحبّك يكرمك ويعبر عن امتنانه العميق لك. الحُبّ المشروط مُشبَّع بالمن لا بالامتنان، والإكراه لا الاختيار، والفرض لا التطوع، والتكلف لا المبادرة، مما يجعله ضربًا من الاستعباد. يتحول الحُبّ المشروط بمرور الأيام إلى قائمة مطالب لا تنتهي، تتراكم وتضاف إليها كلّ يوم مطالب جديدة، حتى يشعر الإنسان أنه يتعرض إلى عملية ابتزاز تستنزفه وتنهك قلبه، وتعبث بسلامه الداخلي.
الحُبّ الأصيل يخفضُ وتيرةَ الخوف والقلق، ويحرّر الإنسانَ من الاكتئاب وفقدان المعنى. الحُبّ الأصيل مُلهِمٌ، الاستبصاراتُ الحاذقة يُلهمُها الحُبّ، استفاقةُ العقل يُلهمُها الحُبّ، العفو والغفران والرفق واللطف يُلهمُها الحُبّ. لا يتوقف فعلُ الحُبّ عند القلب والعواطف، بل يظهر أثرُه بشكل واضح في توجيهِ بوصلة التفكير وغاياته في العقل، وبناءِ رؤية جمالية لله والإنسان والعالَم، واثراءِ الشعور بسحر تجليات الجمال في الوجود، وإيقاظِ البهجة في أعماق الإنسان. الحُبّ ينقذ الإنسان من الاغتراب الاجتماعي، ويخفض الاغتراب الوجودي. اكتشاف الحُبّ الأصيل من أثرى اكتشافات المعنى الجميل الملهم لحياة الإنسان.
في مراحلِ عمر الإنسان كلّها، وبتنوّعِ دروب حياته، واختلافِ أنماط عيشه، وتجّددِ احتياجاته ومصالحه، وتضاعفِها، أو تضاؤلها، يظلّ الحُبّ أعذبَ منابع المعنى في حياته. لن يتراجع الأثرُ المُلهِمُ للحب مهما تقلبت أيامُه واختلفت. يلبث الإنسانُ حتى اللحظات الأخيرة من عمره بأمسّ الحاجة إلى كلمةِ حب صادقة، وضوءِ قلبٍ محب، ومحبةِ روحٍ مشفِقة. جوهرُ المحبة ضوءٌ يكشفُ تجلياتِ جمال المُحِب والمحبوب. محبّة خلق الله من أعظم النعم الإلهية، هذه النعمةُ يفتقر إليها بعضُ الناس الذين يتظاهرون بالتديّن. أعرف بعضَهم يدمن الطقوسَ والشعائر، لكنه يعجز عن المبادرةِ بأيِّ موقفٍ جميل أو فعلٍ أو كلمة تجسِّد محبتَه للناس.
القلوب مرايا؛ عندما يكون الإنسان سخيًّا بكلمة الحُبّ الصادقة يمتلك قلوب الناس السليمة من الأمراض الأخلاقية، ويسهم في مداواة النفوس المصابة بأمراض نفسية. المحبة الصادقة هي رصيد العلاقات الإنسانية المثمرة، يكرسها العمل المتواصل على اكتشاف المشتركات العاطفية والأخلاقية والإنسانية مع الآخر، مع التغاضي عن الاختلافات الاعتقادية والأيديولوجية والفكرية والمزاجية، وتجاهل الكلام والمواقف والثرثرات المزعجة، وعدم التدخل في الخصوصيات الشخصية، إلا إذا بادر الآخر بإخبارنا بمشكلة في حياته الخاصة وطلب منا التدخل والدعم بشأن خاص به، يدعونا العيش بسلام إلى أن نكفّ عن ملاحقة عثرات وأخطاء الآخرين. لو رأينا أعماق الإنسان كما هي لأصابنا الذعر؛ الحُبّ هو الحالة الوحيدة التي تجعلنا نرى الإنسان كما يراه الله بنوره ورحمته التي وسعت كلَّ شيء. الإنسان الذي يمتلك القدرة على الاستثمار في الحُبّ وتذوق تجليات الجمال في العالم لا يدركه الهرم. يضيع الإنسان، حتى وإن ظفر بكلِّ شيء، عندما يضيع عليه الطريق إلى الحُبّ الأصيل في حياته.
د. عبد الجبار الرفاعي
يولد الحُبّ في لغة القلب، وهي من أصدق وأعذب اللغات في العالم. يترجم القلبُ كلَّ لغات الحُبّ وكلماته المتنوعة في مختلف اللغات بمعنى واحد، لا يرى الإنسانُ في كلمات الحُبّ بكلِّ اللغات إلا الضوء. الحب يعيد إنتاج الذكريات وكأنها ضوء يخلِّد أجمل ما يمكث من الإنسان، الحُبّ يوقد جذوة الضوء في القلب، القلبُ الذي يعيشُ الحُبّ لا يدركه الوهنُ، ولا ينهكه تقدمُ العمر. مَن يتعلم الاستثمار في الحُبّ يرى الضوء بمن يتعامل معه، ويجعل حياته أسهل، وعيشه أسعد، ويظفر بجذوة الروح وبهجتها.
الحُبّ الأصيل يعنى كون الإنسان المحبوب يمتلك ضميرًا أخلاقيًّا يقظًا، هذا الضربُ من الحُبّ لا يرهقه فعلٌ مهما كان شاقًّا، بل يجعل كلَّ شيء عذبًا، وإن لم يكن في ذاته عذبًا. ما أعنيه هو الحُبّ الأخلاقي الأصيل غير المشروط، الحُبّ الذي يبادر فيه كلٌّ من المحبَّين بالعطاء بلا أية مقايضة أو استرداد لما أعطى، ويكون مَن يُحب مستعدًا لتقديم كلِّ شيء بلا أن يمنّ بما أعطى. أتحدثُ عن الحبِّ الأصيلِ الذي يحميهِ سياجٌ أخلاقي، لا أعني بعضَ الأخلاقِ الكلاميةِ والفقهيةِ المضادةِ لما يحكمُ بهِ العقلُ الأخلاقي . الأخلاقُ هنا بمعنى العقلِ العمليِّ، وهي ما يُحسِّنُهُ ويُقبِّحُهُ العقلُ الأخلاقي.
الحُبّ الأخلاقي الأصيل ضرب من الامتنان والإكرام، مَن يحبّك يكرمك ويعبر عن امتنانه العميق لك. الحُبّ المشروط مُشبَّع بالمن لا بالامتنان، والإكراه لا الاختيار، والفرض لا التطوع، والتكلف لا المبادرة، مما يجعله ضربًا من الاستعباد. يتحول الحُبّ المشروط بمرور الأيام إلى قائمة مطالب لا تنتهي، تتراكم وتضاف إليها كلّ يوم مطالب جديدة، حتى يشعر الإنسان أنه يتعرض إلى عملية ابتزاز تستنزفه وتنهك قلبه، وتعبث بسلامه الداخلي.
الحُبّ الأصيل يخفضُ وتيرةَ الخوف والقلق، ويحرّر الإنسانَ من الاكتئاب وفقدان المعنى. الحُبّ الأصيل مُلهِمٌ، الاستبصاراتُ الحاذقة يُلهمُها الحُبّ، استفاقةُ العقل يُلهمُها الحُبّ، العفو والغفران والرفق واللطف يُلهمُها الحُبّ. لا يتوقف فعلُ الحُبّ عند القلب والعواطف، بل يظهر أثرُه بشكل واضح في توجيهِ بوصلة التفكير وغاياته في العقل، وبناءِ رؤية جمالية لله والإنسان والعالَم، واثراءِ الشعور بسحر تجليات الجمال في الوجود، وإيقاظِ البهجة في أعماق الإنسان. الحُبّ ينقذ الإنسان من الاغتراب الاجتماعي، ويخفض الاغتراب الوجودي. اكتشاف الحُبّ الأصيل من أثرى اكتشافات المعنى الجميل الملهم لحياة الإنسان.
في مراحلِ عمر الإنسان كلّها، وبتنوّعِ دروب حياته، واختلافِ أنماط عيشه، وتجّددِ احتياجاته ومصالحه، وتضاعفِها، أو تضاؤلها، يظلّ الحُبّ أعذبَ منابع المعنى في حياته. لن يتراجع الأثرُ المُلهِمُ للحب مهما تقلبت أيامُه واختلفت. يلبث الإنسانُ حتى اللحظات الأخيرة من عمره بأمسّ الحاجة إلى كلمةِ حب صادقة، وضوءِ قلبٍ محب، ومحبةِ روحٍ مشفِقة. جوهرُ المحبة ضوءٌ يكشفُ تجلياتِ جمال المُحِب والمحبوب. محبّة خلق الله من أعظم النعم الإلهية، هذه النعمةُ يفتقر إليها بعضُ الناس الذين يتظاهرون بالتديّن. أعرف بعضَهم يدمن الطقوسَ والشعائر، لكنه يعجز عن المبادرةِ بأيِّ موقفٍ جميل أو فعلٍ أو كلمة تجسِّد محبتَه للناس.
القلوب مرايا؛ عندما يكون الإنسان سخيًّا بكلمة الحُبّ الصادقة يمتلك قلوب الناس السليمة من الأمراض الأخلاقية، ويسهم في مداواة النفوس المصابة بأمراض نفسية. المحبة الصادقة هي رصيد العلاقات الإنسانية المثمرة، يكرسها العمل المتواصل على اكتشاف المشتركات العاطفية والأخلاقية والإنسانية مع الآخر، مع التغاضي عن الاختلافات الاعتقادية والأيديولوجية والفكرية والمزاجية، وتجاهل الكلام والمواقف والثرثرات المزعجة، وعدم التدخل في الخصوصيات الشخصية، إلا إذا بادر الآخر بإخبارنا بمشكلة في حياته الخاصة وطلب منا التدخل والدعم بشأن خاص به، يدعونا العيش بسلام إلى أن نكفّ عن ملاحقة عثرات وأخطاء الآخرين. لو رأينا أعماق الإنسان كما هي لأصابنا الذعر؛ الحُبّ هو الحالة الوحيدة التي تجعلنا نرى الإنسان كما يراه الله بنوره ورحمته التي وسعت كلَّ شيء. الإنسان الذي يمتلك القدرة على الاستثمار في الحُبّ وتذوق تجليات الجمال في العالم لا يدركه الهرم. يضيع الإنسان، حتى وإن ظفر بكلِّ شيء، عندما يضيع عليه الطريق إلى الحُبّ الأصيل في حياته.
الإنسانُ منذورٌ للحُبّ؛ يولد وتولد معه الحاجةُ الأبدية للمحبّة، الرضيع يتشبث بأمه ليل نهار، لا يطلب رضاعة الحليب فقط، بل يرتضع المحبة ودفء حنان الأم وحميميتها وشفقتها. وإن كان لا يستطيع في تلك المرحلة العمرية التعبير عن ذلك بالكلمات، فإنه يعبر عنه جسديًّا برغم عجزه عن التعبير اللغوي. كلمات المحبة الصادقة، الصادرة من إنسان يتقن صناعة المحبة الأصيلة والاستثمار فيها، تبعث الطمأنينة في القلب والسكينة في الروح. عندما يفتقر الإنسانُ إلى المحبة، يشعر كأنه يعيش في منفى كئيب داخل أسوار مدينة موحشة، لكن حين يعثر على منبع للمحبّة، يسترد ما يفتقر إليه من سكينة وطمأنينة تصيّر عيشَه عذبًا.
مادام الحُبّ أثمنَ ما يظفر به الإنسانُ من المعاني وأغلاه، فإن نيلَه يتطلب معاناةً شاقةً وجهودًا مضنية. الحُبّ ليس صعبًا فقط، بل هو عصيٌّ على أكثر الناس، لا يسكن الحُبّ الأصيلُ إلا الأرواحَ السامية، ولا يناله إلا مَن يتغلّب بمشقةٍ بالغةٍ على منابع التعصّب والكراهية والعنف والشر الكامنة في أعماقه. حُبّ الإنسان من أشقِّ الأشياء في الحياة، لأن الإنسان بطبيعته أسيرُ ضعفه البشري، يصعب عليه أن يتخلّص من بواعث الغيرة في ذاته، وما تنتجه غيرتُه من منافساتٍ ونزاعاتٍ وصراعات، وما يفرضه استعدادُه للشرِّ من كراهياتٍ بغيضة، وآلامٍ مريرة .
كما أنَّ أخطرَ شيءٍ على الفكرِ والأدبِ هو عبادةُ الأصنامِ الفكريةِ والأدبيةِ، فإنَّ أخطرَ ما يفتكُ بالقلبِ هو تحويلُ المحبوبِ إلى صنمٍ. الحُبُّ يُغذِّي النرجسيةَ ويُشبعُها، وأحيانًا يُضخِّمُها إلى درجةٍ تُفسدُ الحُبَّ، حين يُسرفُ بعضُ المحبين في الثناءِ على ذواتِهم، ويفرطون في استعمالِ كلمةِ "أنا" بشكلٍ مبتذل، وتكرارِ الإعلانِ المُثيرِ عن مزاياهم وما يتفوَّقون به على غيرهم، بأسلوبٍ تسودهُ كثيرٌ من المبالغاتِ وحتى الأكاذيب. ويظلُّ بعضُهم يُلحُّ، داعيًا حبيبَهُ للإصغاءِ إليهِ في كلِّ مرةٍ يثرثرُ بهذهِ الكلماتِ المُملّة، ولا يسمحُ لهُ بالتحدثِ عن ذاتِه، وكأنَّهُ يُبلغهُ برسالةٍ مفادها التفوّقُ عليهِ وعلى غيرِهِ، حتى يشعرَ مَن يُنصتُ إليهِ بالاشمئزازِ من الحديثِ وتنضبُ روافدُ التواصلِ معهُ بالتدريج.
مادام الحُبّ أثمنَ ما يظفر به الإنسانُ من المعاني وأغلاه، فإن نيلَه يتطلب معاناةً شاقةً وجهودًا مضنية. الحُبّ ليس صعبًا فقط، بل هو عصيٌّ على أكثر الناس، لا يسكن الحُبّ الأصيلُ إلا الأرواحَ السامية، ولا يناله إلا مَن يتغلّب بمشقةٍ بالغةٍ على منابع التعصّب والكراهية والعنف والشر الكامنة في أعماقه. حُبّ الإنسان من أشقِّ الأشياء في الحياة، لأن الإنسان بطبيعته أسيرُ ضعفه البشري، يصعب عليه أن يتخلّص من بواعث الغيرة في ذاته، وما تنتجه غيرتُه من منافساتٍ ونزاعاتٍ وصراعات، وما يفرضه استعدادُه للشرِّ من كراهياتٍ بغيضة، وآلامٍ مريرة .
كما أنَّ أخطرَ شيءٍ على الفكرِ والأدبِ هو عبادةُ الأصنامِ الفكريةِ والأدبيةِ، فإنَّ أخطرَ ما يفتكُ بالقلبِ هو تحويلُ المحبوبِ إلى صنمٍ. الحُبُّ يُغذِّي النرجسيةَ ويُشبعُها، وأحيانًا يُضخِّمُها إلى درجةٍ تُفسدُ الحُبَّ، حين يُسرفُ بعضُ المحبين في الثناءِ على ذواتِهم، ويفرطون في استعمالِ كلمةِ "أنا" بشكلٍ مبتذل، وتكرارِ الإعلانِ المُثيرِ عن مزاياهم وما يتفوَّقون به على غيرهم، بأسلوبٍ تسودهُ كثيرٌ من المبالغاتِ وحتى الأكاذيب. ويظلُّ بعضُهم يُلحُّ، داعيًا حبيبَهُ للإصغاءِ إليهِ في كلِّ مرةٍ يثرثرُ بهذهِ الكلماتِ المُملّة، ولا يسمحُ لهُ بالتحدثِ عن ذاتِه، وكأنَّهُ يُبلغهُ برسالةٍ مفادها التفوّقُ عليهِ وعلى غيرِهِ، حتى يشعرَ مَن يُنصتُ إليهِ بالاشمئزازِ من الحديثِ وتنضبُ روافدُ التواصلِ معهُ بالتدريج.
فلسفة تجديد الفكر الديني عند عبد الجبار الرفاعي تقوم على إعادة بناء فهم الدين استنادًا إلى رؤية حديثة تستلهم مكاسب الفلسفة والعلوم الإنسانية، مع الحفاظ على البعد الروحي والأخلاقي للدين. في رؤيته، التجديد لا يعني هدم التراث أو القطيعة معه، بل تحريره من الجمود وإعادة تأويله بما يتناسب مع متغيرات العصر، من دون أن يفقد جوهره الوجودي والمعنوي.
ملامح فلسفة التجديد عند الرفاعي
1. الدين بوصفه حياة في أفق المعنى
يرى الرفاعي أن الدين ليس مجرد منظومة عقائدية أو طقوسية، بل هو حاجة وجودية للإنسان تمنحه معنى روحياً وأخلاقياً وجمالياً في حياته الفردية والمجتمعية.
2. التمييز بين الدين والتدين
يفرق الرفاعي بين الدين في جوهره المتعالي والتدين بوصفه فهمًا بشريًا متغيرًا، حيث يرى أن التدين يتأثر بالسياقات التاريخية والاجتماعية، وبالتالي فهو بحاجة مستمرة إلى مراجعة وتجديد.
3. نقد القراءة الأداتية للدين
يرفض توظيف الدين كأداة في السياسة أو الإيديولوجيا، معتبراً أن هذا الاستخدام يشوّه جوهر الدين ويختزله في بُعد نفعي، في حين أن الدين في جوهره يتعلق بمعنى الحياة والبعد الروحي والأخلاقي للوجود.
4. إعادة بناء علم الكلام والفكر الديني
يدعو إلى تطوير “علم كلام جديد” يواكب تطورات الفلسفة والعلوم الحديثة، بعيدًا عن المقولات الجدلية التقليدية التي لم تعد تلبي أسئلة العصر.
5. التعددية الدينية والانفتاح على الآخر
يؤمن بضرورة الاعتراف بالتنوع الديني والتعددية في الفهم، ويرى أن الإيمان لا يتنافى مع قبول الآخر المختلف، بل إن الدين في جوهره يحمل قيم التسامح والانفتاح.
6. الروحانية العميقة مقابل التدين الاستهلاكي
يدعو إلى استعادة الروحانية العميقة في التدين، بدلاً من النزعة الاستهلاكية للدين التي تركز على المظاهر والشكليات، ويؤكد أن التجربة الروحية الحقيقية هي التي تمنح الإنسان الطمأنينة والمعنى.
أهمية مشروع الرفاعي في تجديد الفكر الديني:
مشروع عبد الجبار الرفاعي في تجديد الفكر الديني يمثل محاولة للخروج من المأزق الذي تعانيه المجتمعات الإسلامية بين الجمود والانغلاق من جهة، والتفكك والانفصال عن التراث من جهة أخرى. وهو بذلك يسعى إلى تأسيس رؤية دينية حديثة تستوعب التحولات الفكرية والاجتماعية، دون أن تفقد صلتها بالبعد الروحي والأخلاقي العميق للدين.
عبد الجبار الرفاعي يولي أهمية كبيرة للرؤية الجمالية في الدين، حيث يرى أن الدين ليس مجرد منظومة عقائدية أو مجموعة أحكام فقهية، بل هو تجربة روحية وجمالية تمنح الإنسان إحساسًا بالسمو والمعنى في الحياة. في رؤيته، الجمال متجذر في الدين، سواء في النصوص المقدسة، أو في الطقوس، أو في البعد الأخلاقي والسلوكي الذي يعكس قيم الرحمة والمحبة والتسامح.
ملامح الرؤية الجمالية في الدين عند الرفاعي
1. الدين بوصفه تجربة روحية وجمالية
• يرى أن الدين يمنح الإنسان إحساسًا بالجمال من خلال علاقته بالوجود، إذ يحفّزه على التأمل في الكون بوصفه تجليًا للجمال الإلهي.
• يؤكد أن الشعائر الدينية ليست مجرد تكاليف، بل تحمل في طياتها بعدًا جماليًا وروحيًا يغذي وجدان الإنسان.
2. الجمال في الخطاب الديني
• ينتقد الخطابات الدينية التي تركز على الترهيب والوعيد، لأنها تفرّغ الدين من بعده الجمالي والإنساني.
• يؤكد أن الخطاب الديني الأصيل يجب أن يكون محمّلًا بالقيم الجمالية التي تجذب الإنسان إلى الدين عبر الحب لا الخوف.
3. التجربة الجمالية في التصوف
• يعتبر أن التصوف الإسلامي يمثل أحد أعمق تجليات الرؤية الجمالية في الدين، حيث يركز على الذوق الروحي والحب الإلهي.
• يرى أن كبار المتصوفة عبّروا عن هذه الجمالية من خلال الشعر والفن والموسيقى والتجربة الروحية العميقة.
4. الفن والدين: علاقة تكاملية
• يرفض النظرة المتشددة التي تحرم الفنون، ويرى أن الفنون الراقية تعبر عن عمق التجربة الدينية والجمالية.
• يدعو إلى استعادة الحس الجمالي في التعبير الديني، سواء في العمارة الإسلامية، أو الخط العربي، أو الموسيقى الروحانية.
5. الأخلاق بوصفها جمالًا معنويًا
• يؤكد أن الأخلاق ليست مجرد التزام سلوكي، بل هي تعبير عن الجمال في التعامل مع الآخرين، حيث تتجلى في الرحمة والتسامح والعطاء.
• يربط بين الجمال والأخلاق، معتبرًا أن الشخص الأخلاقي يعكس جمالًا داخليًا يتجلى في أفعاله وسلوكه.
الدين والجمال: استعادة البعد الروحي العميق
من خلال هذه الرؤية، يسعى الرفاعي إلى استعادة البعد الجمالي العميق في الدين، بعيدًا عن التصورات الصارمة التي اختزلته في مجموعة من القوانين الجامدة. فهو يرى أن الدين الحقيقي هو ذلك الذي يبعث في الإنسان الإحساس بالجمال، سواء في علاقته بالخالق، أو بالطبيعة، أو بالآخرين، أو حتى في رؤيته للحياة والوجود ككل.
ملامح فلسفة التجديد عند الرفاعي
1. الدين بوصفه حياة في أفق المعنى
يرى الرفاعي أن الدين ليس مجرد منظومة عقائدية أو طقوسية، بل هو حاجة وجودية للإنسان تمنحه معنى روحياً وأخلاقياً وجمالياً في حياته الفردية والمجتمعية.
2. التمييز بين الدين والتدين
يفرق الرفاعي بين الدين في جوهره المتعالي والتدين بوصفه فهمًا بشريًا متغيرًا، حيث يرى أن التدين يتأثر بالسياقات التاريخية والاجتماعية، وبالتالي فهو بحاجة مستمرة إلى مراجعة وتجديد.
3. نقد القراءة الأداتية للدين
يرفض توظيف الدين كأداة في السياسة أو الإيديولوجيا، معتبراً أن هذا الاستخدام يشوّه جوهر الدين ويختزله في بُعد نفعي، في حين أن الدين في جوهره يتعلق بمعنى الحياة والبعد الروحي والأخلاقي للوجود.
4. إعادة بناء علم الكلام والفكر الديني
يدعو إلى تطوير “علم كلام جديد” يواكب تطورات الفلسفة والعلوم الحديثة، بعيدًا عن المقولات الجدلية التقليدية التي لم تعد تلبي أسئلة العصر.
5. التعددية الدينية والانفتاح على الآخر
يؤمن بضرورة الاعتراف بالتنوع الديني والتعددية في الفهم، ويرى أن الإيمان لا يتنافى مع قبول الآخر المختلف، بل إن الدين في جوهره يحمل قيم التسامح والانفتاح.
6. الروحانية العميقة مقابل التدين الاستهلاكي
يدعو إلى استعادة الروحانية العميقة في التدين، بدلاً من النزعة الاستهلاكية للدين التي تركز على المظاهر والشكليات، ويؤكد أن التجربة الروحية الحقيقية هي التي تمنح الإنسان الطمأنينة والمعنى.
أهمية مشروع الرفاعي في تجديد الفكر الديني:
مشروع عبد الجبار الرفاعي في تجديد الفكر الديني يمثل محاولة للخروج من المأزق الذي تعانيه المجتمعات الإسلامية بين الجمود والانغلاق من جهة، والتفكك والانفصال عن التراث من جهة أخرى. وهو بذلك يسعى إلى تأسيس رؤية دينية حديثة تستوعب التحولات الفكرية والاجتماعية، دون أن تفقد صلتها بالبعد الروحي والأخلاقي العميق للدين.
عبد الجبار الرفاعي يولي أهمية كبيرة للرؤية الجمالية في الدين، حيث يرى أن الدين ليس مجرد منظومة عقائدية أو مجموعة أحكام فقهية، بل هو تجربة روحية وجمالية تمنح الإنسان إحساسًا بالسمو والمعنى في الحياة. في رؤيته، الجمال متجذر في الدين، سواء في النصوص المقدسة، أو في الطقوس، أو في البعد الأخلاقي والسلوكي الذي يعكس قيم الرحمة والمحبة والتسامح.
ملامح الرؤية الجمالية في الدين عند الرفاعي
1. الدين بوصفه تجربة روحية وجمالية
• يرى أن الدين يمنح الإنسان إحساسًا بالجمال من خلال علاقته بالوجود، إذ يحفّزه على التأمل في الكون بوصفه تجليًا للجمال الإلهي.
• يؤكد أن الشعائر الدينية ليست مجرد تكاليف، بل تحمل في طياتها بعدًا جماليًا وروحيًا يغذي وجدان الإنسان.
2. الجمال في الخطاب الديني
• ينتقد الخطابات الدينية التي تركز على الترهيب والوعيد، لأنها تفرّغ الدين من بعده الجمالي والإنساني.
• يؤكد أن الخطاب الديني الأصيل يجب أن يكون محمّلًا بالقيم الجمالية التي تجذب الإنسان إلى الدين عبر الحب لا الخوف.
3. التجربة الجمالية في التصوف
• يعتبر أن التصوف الإسلامي يمثل أحد أعمق تجليات الرؤية الجمالية في الدين، حيث يركز على الذوق الروحي والحب الإلهي.
• يرى أن كبار المتصوفة عبّروا عن هذه الجمالية من خلال الشعر والفن والموسيقى والتجربة الروحية العميقة.
4. الفن والدين: علاقة تكاملية
• يرفض النظرة المتشددة التي تحرم الفنون، ويرى أن الفنون الراقية تعبر عن عمق التجربة الدينية والجمالية.
• يدعو إلى استعادة الحس الجمالي في التعبير الديني، سواء في العمارة الإسلامية، أو الخط العربي، أو الموسيقى الروحانية.
5. الأخلاق بوصفها جمالًا معنويًا
• يؤكد أن الأخلاق ليست مجرد التزام سلوكي، بل هي تعبير عن الجمال في التعامل مع الآخرين، حيث تتجلى في الرحمة والتسامح والعطاء.
• يربط بين الجمال والأخلاق، معتبرًا أن الشخص الأخلاقي يعكس جمالًا داخليًا يتجلى في أفعاله وسلوكه.
الدين والجمال: استعادة البعد الروحي العميق
من خلال هذه الرؤية، يسعى الرفاعي إلى استعادة البعد الجمالي العميق في الدين، بعيدًا عن التصورات الصارمة التي اختزلته في مجموعة من القوانين الجامدة. فهو يرى أن الدين الحقيقي هو ذلك الذي يبعث في الإنسان الإحساس بالجمال، سواء في علاقته بالخالق، أو بالطبيعة، أو بالآخرين، أو حتى في رؤيته للحياة والوجود ككل.
عبد الجبار الرفاعي يؤسس رؤيته الجمالية في الدين على أساس تعريفه العميق للدين، حيث يعرّفه بقوله: “الدين حياة في أفق المعنى تفرضها الحاجة الوجودية لمعنى روحي وأخلاقي وجمالي في حياة الإنسان الفردية والمجتمعية.”
من هذا التعريف، يظهر أن الرفاعي لا ينظر إلى الدين بوصفه مجرد عقائد وأحكام، بل بوصفه تجربة وجودية تمنح الإنسان معنى روحيًا وأخلاقيًا وجماليًا. وبالتالي، فإن الرؤية الجمالية عنده ليست عنصرًا ثانويًا أو مكمّلًا للدين، بل هي جزء أصيل من جوهره.
كيف تتجلى الرؤية الجمالية في الدين وفقًا لهذا الأساس؟
1. الجمال كجزء من الحاجة الوجودية للدين
• الدين عند الرفاعي ليس مجرد التزام بالعقائد والشرائع، بل هو استجابة لحاجة الإنسان إلى تجربة روحية وجمالية تمنحه الطمأنينة والمعنى.
• هذه الحاجة إلى الجمال تتجسد في التأمل في الكون، وفي الشعور بالسمو الروحي، وفي الانجذاب إلى القيم الأخلاقية الرفيعة.
2. الجمال في المعنى الروحي للدين
• بما أن الدين يمنح الإنسان معنى روحيًا، فإن هذه الروحانية ترتبط بالجمال، حيث تفتح أفقًا للتذوق الجمالي عبر التأمل في العالم والعلاقة مع المقدّس.
• التصوف مثال على ذلك، حيث يرتبط بالسعي نحو تجربة جمالية للحب الإلهي والوجد الروحي.
3. الجمال في الأخلاق والسلوك
• يرى الرفاعي أن الأخلاق ليست مجرد قواعد نفعية، بل هي تعبير عن الجمال الداخلي للإنسان، حيث يصبح الشخص المتخلق إنسانًا جميلاً في سلوكه وعلاقاته.
• هذا ينسجم مع تعريفه للدين بأنه يمنح معنى أخلاقيًا، مما يعني أن الجمال ليس محصورًا في الفنون أو الطبيعة، بل يشمل المعاني والقيم السامية أيضًا.
4. الجمال في الخطاب والتجربة الدينية
• بما أن الدين عنده هو “حياة في أفق المعنى”، فهذا المعنى لا يمكن أن يكون جافًا أو منفّرًا، بل يجب أن يكون مشبعًا بالجمال، سواء في الخطاب الديني أو في الممارسات والشعائر.
• ينتقد الخطابات التي تفرّغ الدين من بعده الجمالي، سواء عبر الترهيب أو الجمود، ويدعو إلى استعادة الجمالية في التعبير عن الدين، كما نجد في النصوص الدينية الراقية أو الفنون الإسلامية.
خلاصة
عبر هذا التأسيس، يربط الرفاعي بين الدين والجمال بشكل عضوي، فلا يمكن فصل البعد الجمالي عن الدين، لأن الدين في جوهره يمنح الإنسان معنى روحيًا وأخلاقيًا وجماليًا، وكل هذه الأبعاد متداخلة في تشكيل تجربة دينية حية وعميقة.
من هذا التعريف، يظهر أن الرفاعي لا ينظر إلى الدين بوصفه مجرد عقائد وأحكام، بل بوصفه تجربة وجودية تمنح الإنسان معنى روحيًا وأخلاقيًا وجماليًا. وبالتالي، فإن الرؤية الجمالية عنده ليست عنصرًا ثانويًا أو مكمّلًا للدين، بل هي جزء أصيل من جوهره.
كيف تتجلى الرؤية الجمالية في الدين وفقًا لهذا الأساس؟
1. الجمال كجزء من الحاجة الوجودية للدين
• الدين عند الرفاعي ليس مجرد التزام بالعقائد والشرائع، بل هو استجابة لحاجة الإنسان إلى تجربة روحية وجمالية تمنحه الطمأنينة والمعنى.
• هذه الحاجة إلى الجمال تتجسد في التأمل في الكون، وفي الشعور بالسمو الروحي، وفي الانجذاب إلى القيم الأخلاقية الرفيعة.
2. الجمال في المعنى الروحي للدين
• بما أن الدين يمنح الإنسان معنى روحيًا، فإن هذه الروحانية ترتبط بالجمال، حيث تفتح أفقًا للتذوق الجمالي عبر التأمل في العالم والعلاقة مع المقدّس.
• التصوف مثال على ذلك، حيث يرتبط بالسعي نحو تجربة جمالية للحب الإلهي والوجد الروحي.
3. الجمال في الأخلاق والسلوك
• يرى الرفاعي أن الأخلاق ليست مجرد قواعد نفعية، بل هي تعبير عن الجمال الداخلي للإنسان، حيث يصبح الشخص المتخلق إنسانًا جميلاً في سلوكه وعلاقاته.
• هذا ينسجم مع تعريفه للدين بأنه يمنح معنى أخلاقيًا، مما يعني أن الجمال ليس محصورًا في الفنون أو الطبيعة، بل يشمل المعاني والقيم السامية أيضًا.
4. الجمال في الخطاب والتجربة الدينية
• بما أن الدين عنده هو “حياة في أفق المعنى”، فهذا المعنى لا يمكن أن يكون جافًا أو منفّرًا، بل يجب أن يكون مشبعًا بالجمال، سواء في الخطاب الديني أو في الممارسات والشعائر.
• ينتقد الخطابات التي تفرّغ الدين من بعده الجمالي، سواء عبر الترهيب أو الجمود، ويدعو إلى استعادة الجمالية في التعبير عن الدين، كما نجد في النصوص الدينية الراقية أو الفنون الإسلامية.
خلاصة
عبر هذا التأسيس، يربط الرفاعي بين الدين والجمال بشكل عضوي، فلا يمكن فصل البعد الجمالي عن الدين، لأن الدين في جوهره يمنح الإنسان معنى روحيًا وأخلاقيًا وجماليًا، وكل هذه الأبعاد متداخلة في تشكيل تجربة دينية حية وعميقة.
المنهج الهرمنيوطيقي في تفسير القرآن عند عبد الجبار الرفاعي يستند الرفاعي إلى قراءة روحية، أخلاقية، وجمالية للنص، تتجاوز التفسير التقليدي أو الفقهي نحو مقاربة تأويلية وجودية، تستلهم أدوات الفلسفة الحديثة، خصوصًا الهرمنيوطيقا التأويلية.
يعتمد عبد الجبار الرفاعي في تفسيره على المنهج الهرمنيوطيقي، الذي يُعدّ مناهج التأويل التي تنظر إلى النصوص الدينية كظواهر ثقافية وأدبية وتاريخية، لا تُفهم من خلال القراءة الحرفية فقط. بالنسبة للرفاعي، يجب قراءة النصوص المقدسة في سياقها التاريخي والاجتماعي والثقافي، مما يساعد على الكشف عن معانٍ جديدة تتماشى مع متطلبات العصر الحديث.
يرتكز منهجه على عدة مبادئ أساسية:
1. الاهتمام بالسياق التاريخي والنصي، إذ يرى أن كل نص ديني يحمل أبعاداً وظروفاً زمنية خاصة يجب فهمها لتفسير رسالته الحقيقية.
2. التأويل الديناميكي للنصوص، بحيث لا يُنظر إلى الرسالة الدينية على أنها جامدة، بل هي عملية مستمرة تتجدد بتغير الأزمان والأوضاع.
3. الحوار البنّاء بين العقل والنقل، حيث يدعو إلى فتح باب الحوار بين التراث الديني والتفكير العقلاني لاستنباط معانٍ جديدة تخاطب الواقع المعاصر.
4. الانفتاح على استراتيجيات التأويل الأدبي والفلسفي، مما يتيح قراءة متعددة الأبعاد للنصوص الدينية تتجاوز التفسيرات التقليدية المحدودة.
من خلال هذا النهج الهرمنيوطيقي، يسعى الرفاعي إلى تجديد قراءة النصوص الدينية وإبراز طابعها الديناميكي والمتجدد، بما يتناسب مع التحديات الفكرية والاجتماعية في العصر الراهن.”
إليك شرح مفصل لكل نقطة من النقاط المتعلقة بمنهج التفسير الهرمنيوطيقي عند عبد الجبار الرفاعي:
1. الاهتمام بالسياق التاريخي والنصي:
يُعنى هذا المبدأ بفهم النصوص الدينية ليس فقط بكلماتها ومضمونها، بل من خلال دراستها في الإطار الزمني والثقافي والاجتماعي الذي وُجدت فيه. يعني ذلك أنه عند تفسير أي نص ديني يجب النظر إلى الظروف التاريخية التي أحاطت بظهوره، مثل الأحداث السياسية والاجتماعية والأخلاقيات السائدة في ذلك الوقت. هذا النهج يساعد على استعادة المعاني الأصلية للنص وربطها بتجارب الناس آنذاك، مما يتيح للباحثين فهم كيف تشكلت الرسالة الدينية وكيف كان يُتوقع أن تُستقبل.
2. التأويل الديناميكي للنصوص:
يشير هذا المبدأ إلى أن النصوص الدينية تحمل معانٍ متعددة ومتغيرة تتأثر بتطور المجتمعات والتجارب الإنسانية على مر العصور. بدلاً من اعتبار النصوص رسائل ثابتة وغير قابلة للتغيير، يرى الرفاعي أن الرسالة الدينية يمكن أن تتجدد بتأويلات جديدة تتماشى مع تطورات الفكر والعلوم. هذا المنهج يفتح الباب أمام استنباط معانٍ حديثة دون الإخلال بجوهر الرسالة الدينية، إذ يُراعى أن كل عصر قد يستخلص منها معاني تلامس واقع حياته وتحدياته.
3. الحوار البنّاء بين العقل والنقل:
يؤكد الرفاعي على ضرورة إيجاد توازن بين العقل والنقل في تفسير النصوص الدينية. ففي حين يشكل النقل الأساس الثابت للدين، يُعتبر العقل الوسيلة لفهم وتحليل هذه النصوص بطريقة نقدية ومعاصرة. لا يعني هذا إنكار النصوص المقدسة، بل هو دعوة لإعادة قراءة النصوص باستخدام أدوات عقلية تُثري الفهم وتوضح المعاني المخفية أو الرمزية فيها. هذا الحوار البنّاء يساهم في تحديث الفكر الديني بحيث يصبح قادرًا على مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية المعاصرة.
4. الانفتاح على استراتيجيات التأويل الأدبي والفلسفي:
يرى الرفاعي أن النصوص الدينية ليست مجرد نصوص قانونية أو قصصية، بل هي أعمال أدبية تحمل رموزاً وصوراً تعبر عن معانٍ فلسفية عميقة. لذلك، من الضروري استخدام أساليب التحليل الأدبي والفلسفي لفهم الطبقات المتعددة لهذه النصوص. هذا النهج المتعدد الأبعاد يسمح بتفسير أكثر ثراءً وتكاملاً، حيث يُمكن الكشف عن جوانب جديدة في النص قد تُهمل عند اتباع منهج تقليدي محدود. الانفتاح على هذه الاستراتيجيات يثري عملية التأويل ويسهم في إبراز العلاقة بين النص والواقع الإنساني.
بهذه الطريقة، يضمن منهج التفسير الهرمنيوطيقي عند عبد الجبار الرفاعي قراءة متعمقة وشاملة للنصوص الدينية، تجمع بين تقدير التراث والنظر إلى متطلبات العصر الحديثة، مما يسهم في تقديم فهم أكثر مرونة وتجدداً للرسالة الدينية.
وإليك أبرز ملامح هذا المنهج بإيجاز:
1. البعد الوجودي للدين
يرى الرفاعي أن الدين ليس مجرد منظومة أحكام وتشريعات، بل هو تجربة روحية تتصل بوجود الإنسان ومعناه. لذا، فإن تفسير القرآن يجب أن ينطلق من هذا البعد الوجودي الذي يلامس الذات الإنسانية العميقة بدل الاقتصار على المعاني الحرفية أو القانونية للنصوص.
2. النص بين القارئ والتاريخ
الرفاعي يتبنى فكرة أن النص لا يحمل معنى ثابتًا ونهائيًا، بل هو كيان حي تتجدد دلالاته عبر الزمن وفقًا لآفاق الفهم والتجربة الإنسانية.
يعتمد عبد الجبار الرفاعي في تفسيره على المنهج الهرمنيوطيقي، الذي يُعدّ مناهج التأويل التي تنظر إلى النصوص الدينية كظواهر ثقافية وأدبية وتاريخية، لا تُفهم من خلال القراءة الحرفية فقط. بالنسبة للرفاعي، يجب قراءة النصوص المقدسة في سياقها التاريخي والاجتماعي والثقافي، مما يساعد على الكشف عن معانٍ جديدة تتماشى مع متطلبات العصر الحديث.
يرتكز منهجه على عدة مبادئ أساسية:
1. الاهتمام بالسياق التاريخي والنصي، إذ يرى أن كل نص ديني يحمل أبعاداً وظروفاً زمنية خاصة يجب فهمها لتفسير رسالته الحقيقية.
2. التأويل الديناميكي للنصوص، بحيث لا يُنظر إلى الرسالة الدينية على أنها جامدة، بل هي عملية مستمرة تتجدد بتغير الأزمان والأوضاع.
3. الحوار البنّاء بين العقل والنقل، حيث يدعو إلى فتح باب الحوار بين التراث الديني والتفكير العقلاني لاستنباط معانٍ جديدة تخاطب الواقع المعاصر.
4. الانفتاح على استراتيجيات التأويل الأدبي والفلسفي، مما يتيح قراءة متعددة الأبعاد للنصوص الدينية تتجاوز التفسيرات التقليدية المحدودة.
من خلال هذا النهج الهرمنيوطيقي، يسعى الرفاعي إلى تجديد قراءة النصوص الدينية وإبراز طابعها الديناميكي والمتجدد، بما يتناسب مع التحديات الفكرية والاجتماعية في العصر الراهن.”
إليك شرح مفصل لكل نقطة من النقاط المتعلقة بمنهج التفسير الهرمنيوطيقي عند عبد الجبار الرفاعي:
1. الاهتمام بالسياق التاريخي والنصي:
يُعنى هذا المبدأ بفهم النصوص الدينية ليس فقط بكلماتها ومضمونها، بل من خلال دراستها في الإطار الزمني والثقافي والاجتماعي الذي وُجدت فيه. يعني ذلك أنه عند تفسير أي نص ديني يجب النظر إلى الظروف التاريخية التي أحاطت بظهوره، مثل الأحداث السياسية والاجتماعية والأخلاقيات السائدة في ذلك الوقت. هذا النهج يساعد على استعادة المعاني الأصلية للنص وربطها بتجارب الناس آنذاك، مما يتيح للباحثين فهم كيف تشكلت الرسالة الدينية وكيف كان يُتوقع أن تُستقبل.
2. التأويل الديناميكي للنصوص:
يشير هذا المبدأ إلى أن النصوص الدينية تحمل معانٍ متعددة ومتغيرة تتأثر بتطور المجتمعات والتجارب الإنسانية على مر العصور. بدلاً من اعتبار النصوص رسائل ثابتة وغير قابلة للتغيير، يرى الرفاعي أن الرسالة الدينية يمكن أن تتجدد بتأويلات جديدة تتماشى مع تطورات الفكر والعلوم. هذا المنهج يفتح الباب أمام استنباط معانٍ حديثة دون الإخلال بجوهر الرسالة الدينية، إذ يُراعى أن كل عصر قد يستخلص منها معاني تلامس واقع حياته وتحدياته.
3. الحوار البنّاء بين العقل والنقل:
يؤكد الرفاعي على ضرورة إيجاد توازن بين العقل والنقل في تفسير النصوص الدينية. ففي حين يشكل النقل الأساس الثابت للدين، يُعتبر العقل الوسيلة لفهم وتحليل هذه النصوص بطريقة نقدية ومعاصرة. لا يعني هذا إنكار النصوص المقدسة، بل هو دعوة لإعادة قراءة النصوص باستخدام أدوات عقلية تُثري الفهم وتوضح المعاني المخفية أو الرمزية فيها. هذا الحوار البنّاء يساهم في تحديث الفكر الديني بحيث يصبح قادرًا على مواجهة التحديات الفكرية والاجتماعية المعاصرة.
4. الانفتاح على استراتيجيات التأويل الأدبي والفلسفي:
يرى الرفاعي أن النصوص الدينية ليست مجرد نصوص قانونية أو قصصية، بل هي أعمال أدبية تحمل رموزاً وصوراً تعبر عن معانٍ فلسفية عميقة. لذلك، من الضروري استخدام أساليب التحليل الأدبي والفلسفي لفهم الطبقات المتعددة لهذه النصوص. هذا النهج المتعدد الأبعاد يسمح بتفسير أكثر ثراءً وتكاملاً، حيث يُمكن الكشف عن جوانب جديدة في النص قد تُهمل عند اتباع منهج تقليدي محدود. الانفتاح على هذه الاستراتيجيات يثري عملية التأويل ويسهم في إبراز العلاقة بين النص والواقع الإنساني.
بهذه الطريقة، يضمن منهج التفسير الهرمنيوطيقي عند عبد الجبار الرفاعي قراءة متعمقة وشاملة للنصوص الدينية، تجمع بين تقدير التراث والنظر إلى متطلبات العصر الحديثة، مما يسهم في تقديم فهم أكثر مرونة وتجدداً للرسالة الدينية.
وإليك أبرز ملامح هذا المنهج بإيجاز:
1. البعد الوجودي للدين
يرى الرفاعي أن الدين ليس مجرد منظومة أحكام وتشريعات، بل هو تجربة روحية تتصل بوجود الإنسان ومعناه. لذا، فإن تفسير القرآن يجب أن ينطلق من هذا البعد الوجودي الذي يلامس الذات الإنسانية العميقة بدل الاقتصار على المعاني الحرفية أو القانونية للنصوص.
2. النص بين القارئ والتاريخ
الرفاعي يتبنى فكرة أن النص لا يحمل معنى ثابتًا ونهائيًا، بل هو كيان حي تتجدد دلالاته عبر الزمن وفقًا لآفاق الفهم والتجربة الإنسانية.
وهذا يتقاطع مع أطروحات غادامير وريكور في أن المعنى يتشكل في التفاعل بين القارئ والنص، وليس مجرد استرجاع للمقاصد الأصلية للمؤلف (في هذه الحالة، الوحي).
3. التأويل والتعددية الدلالية
يؤكد أن النص القرآني حمّال أوجه، ويستوعب تعدد القراءات، وهو ما يتعارض مع القراءات الحرفية أو الفقهية التي تحاول حصره في معنى واحد. التأويل عنده ليس مجرد شرح للنص، بل هو إبداع في الفهم يراعي المتغيرات الثقافية والمعرفية.
4. أولوية الأخلاق والكرامة الإنسانية
الرفاعي يضع الكرامة الإنسانية والأخلاق كمعيار أساسي في تفسير القرآن. أي أن التأويل يجب أن يكون متحررًا من الإسقاطات الأيديولوجية التي تحصر النص في أحكام جامدة، وأن يكون قادرًا على إبراز النزعة الأخلاقية والروحية التي تحفّز على بناء إنسان متحرر ومسؤول.
5. البعد الجمالي للنص
لا يقتصر القرآن عند الرفاعي على الأحكام والعقائد، بل هو نص جمالي يعبّر عن تجربة جلالية وجمالية عميقة. لذا، يجب أن يكون التأويل قادرًا على التقاط اللغة الرمزية والاستعارية في النص، بدل الاقتصار على فهمه كخطاب تقريري مباشر.
6. نقد الفهم الدوغمائي والتفسير الفقهي
ينتقد الرفاعي التفاسير التي تجعل من القرآن مجرد مرجعية قانونية أو سياسية، إذ يرى أن هذا النوع من التفسير يقتل البعد الروحي والإنساني للدين. ولذلك، فهو يدعو إلى هرمنيوطيقا مفتوحة تتيح للنص أن يكون أكثر ديناميكية وتفاعلًا مع الزمن.
7. تأثره بالفكر الفلسفي الحديث
يتناغم منهج الرفاعي مع أفكار مفكرين مثل:
بول ريكور (التفسير والتأويل والرمزية).
غادامير (دمج الآفاق بين النص والقارئ).
هيدغر (البعد الوجودي للفهم).
يقدّم الرفاعي تفسيرًا هرمنيوطيقيًا وجوديًا وأخلاقيًا للقرآن، يتجاوز الفهم الحرفي والفقهي، ويركّز على التجربة الروحية والجمالية، مؤكدًا على مرونة النص وانفتاحه على التأويل، بما يخدم القيم الإنسانية العليا.
3. التأويل والتعددية الدلالية
يؤكد أن النص القرآني حمّال أوجه، ويستوعب تعدد القراءات، وهو ما يتعارض مع القراءات الحرفية أو الفقهية التي تحاول حصره في معنى واحد. التأويل عنده ليس مجرد شرح للنص، بل هو إبداع في الفهم يراعي المتغيرات الثقافية والمعرفية.
4. أولوية الأخلاق والكرامة الإنسانية
الرفاعي يضع الكرامة الإنسانية والأخلاق كمعيار أساسي في تفسير القرآن. أي أن التأويل يجب أن يكون متحررًا من الإسقاطات الأيديولوجية التي تحصر النص في أحكام جامدة، وأن يكون قادرًا على إبراز النزعة الأخلاقية والروحية التي تحفّز على بناء إنسان متحرر ومسؤول.
5. البعد الجمالي للنص
لا يقتصر القرآن عند الرفاعي على الأحكام والعقائد، بل هو نص جمالي يعبّر عن تجربة جلالية وجمالية عميقة. لذا، يجب أن يكون التأويل قادرًا على التقاط اللغة الرمزية والاستعارية في النص، بدل الاقتصار على فهمه كخطاب تقريري مباشر.
6. نقد الفهم الدوغمائي والتفسير الفقهي
ينتقد الرفاعي التفاسير التي تجعل من القرآن مجرد مرجعية قانونية أو سياسية، إذ يرى أن هذا النوع من التفسير يقتل البعد الروحي والإنساني للدين. ولذلك، فهو يدعو إلى هرمنيوطيقا مفتوحة تتيح للنص أن يكون أكثر ديناميكية وتفاعلًا مع الزمن.
7. تأثره بالفكر الفلسفي الحديث
يتناغم منهج الرفاعي مع أفكار مفكرين مثل:
بول ريكور (التفسير والتأويل والرمزية).
غادامير (دمج الآفاق بين النص والقارئ).
هيدغر (البعد الوجودي للفهم).
يقدّم الرفاعي تفسيرًا هرمنيوطيقيًا وجوديًا وأخلاقيًا للقرآن، يتجاوز الفهم الحرفي والفقهي، ويركّز على التجربة الروحية والجمالية، مؤكدًا على مرونة النص وانفتاحه على التأويل، بما يخدم القيم الإنسانية العليا.
مقارنة_بين_منهج_محمد_أركون_وعبدالجبار_الرفاعي_في_فهم_الوحي_والدين.pdf
254.4 KB
مقارنة بين منهج محمد أركون وعبدالجبار الرفاعي في فهم الوحي والدين
(قلق الأنسنة عند عبد الجبار الرفاعي)، ورقة قدمتها الدكتورة نايلة أبي نادر، استاذة الفلسفة بكلية الآداب في الجامعة اللبنانية، في ندوة الجمعية الفلسفية الموريتانية "بيت الحكمة" حول: مشروع تجديد الفكر الديني عند عبد الجبار الرفاعي.
https://youtu.be/RQkoqmRbA7w?si=rjaRT8K76l249Wc5
https://youtu.be/RQkoqmRbA7w?si=rjaRT8K76l249Wc5
YouTube
الأنسنة عن عبدالجبار الرفاعي د نايلة أبي نادر
رؤية_عبد_الجبار_الرفاعي_وعبد_الكريم_سروش_للوحي.pdf
264.9 KB
رؤية عبد الجبار الرفاعي وعبد الكريم سروش للوحي