عبدالجبار الرفاعي
3.77K subscribers
618 photos
51 videos
270 files
1.09K links
مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضۚ
Download Telegram
مشروع_محمود_محمد_طه_ومشروع_عبد_الجبار_الرفاعي.pdf
300.6 KB
مقاربة بين مشروع محمود محمد طه (1909-1985) ومشروع عبد الجبار الرفاعي (1954-)
الخوف هو الأداة الشائعة لاستعباد الإنسان وإذلاله، الخوف يطفئ كلَّ ضوء في داخل الإنسان. بالتخويف والاكراه والقهر تستعبد السلطة السياسية الإنسان، ويخضع الإنسان طوعًا للسلطة الروحية. تفشّت القراءة التي تثير الخوف والهلع لبعض النصوص الدينية، وتضخمت صور ومشاهد العذاب والرعب في المتخيّل الديني بمرور الزمان، وغرقت المكتبة بكثير من الكتب المملؤة بمشاهد مريعة للعذاب. لم يخلق الله الإنسان ليجعله عدوه، ولم يخلقه ليخوض معركة معه، ولا بهدف التلذذ بأذاه والتنكيل به وتعذيبه. الإنسان كائن رفعه الله لمقام لا يرقى إليه موجود غيره، خلق الله الإنسانَ مكرمًا منذ ولادته، وأنزله بمقام وجودي لا يرقى إليه أي مخلوق آخر في الأرض وفي أي كوكب في الكون، ومقتضى التكريم الإلهي أن تنبثق صلة الله بالإنسان من المحبّة لا غير.

#عبدالجبار_الرفاعي
#المحبة
#الخوف
‏هذه 85 من دروس أصول الفقه الحلقة الثانية، مسجلة قبل 30 سنة تقريبا، عثرت عليها في الإنترنت. مفيدة لمن يريد دراسة الأصول بمعية الكتاب، وهو الحلقة الثانية في دروس في علم الأصول لمحمد باقر الصدر رحمه الله.

https://shiavoice.com/cat-176
حُبّ الله يجعل الدين دواء وشفاء
د. عبد الجبار الرفاعي
تقول طبيبة إنها كانت تقرأ كتبًا تتحدث عن مشاهد عذاب القبر، تزعم هذه الكتب بأن القبر مملوء بالأفاعي والعقارب والعفاريت والنيران المتقدة، وأن الميت في الليلة الأولى لدفنه يجد نفسه مقيمًا بمعية هذه الكائنات المريعة المتوطنة في قبره إلى ساعة البعث والنشور، وهو لا يقوى على حماية روحه من عذابها المهول. حدثتني هذه السيدة عن حالات روع واضطراب وكوابيس سوداء تطاردها في نومها كلَّ ليلة، فهي بعد مدة قليلة من النوم تفرّ فزعة مرتعشة، ولو كانت متعبة جدًا. تلبث في فراشها ترتجف، وكأنها تشاهد جسدها ممددًا في القبر وتنهشه الأفاعي والعقارب، وهو منبوذ ذليل في قعر هذه الأهوال والنيران.
سألتها: كيف تمكنتِ من الخلاص؟ وكيف أضحت حالتك النفسية اليوم؟ أجابت: أنقذتُ نفسي حين تركت قراءةَ تلك الكتب، وانتقلت إلى قراءة كتب أرى صورةَ الله فيها بوصفه إلهًا للرحمة، كما يصف ذاته: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ"، الأعراف 156، وإلهًا للمحبة، كما يصرح لنا: "يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"، المائدة، 54، وإلهًا هو: "نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"، و"نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ"، النور، 35. قراءةُ هذا النوع من الكتب النورانية دعتني لإعادة قراءة القرآن الكريم بعينين مضيئتين، وجدت نفسي كأني أقرأه لأول مرة في حياتي، رأيت في هذه القراءة صورة كانت محجوبة عني، حجبتها كتبٌ رسمت في ذهني صورة كئيبة لله. حيت قرأت كتابه المجيد بعينين مضيئتين اكتشفت الحضور المبهج لأنواره الأبدية، وكثافة رحمته واتساعها وشمولها لكلِّ شيء. شهود الأنوار الإلهية حرّر قلبي من الهلع، ومكّنني من أن أرى تجليات جماله واشراقاته في الوجود، وشُفيت بهذه الرؤية للوجود من التشاؤم والفزع، وامتلأت روحي سكينة وقلبي طمأنينة، وتخلصت من الكوابيس المريعة في منامي، وصرت أنام لحظة أضع رأسي على الوسادة. أدركت أن صورة الله بوصفه إلهًا للرحمة والمحبة منبع سلام الذات وسكينتها، خلافًا لصورة الله المظلمة التي تثير الوجل والقلق والفزع في نفس الإنسان، وتنفّره من الله. صورة الله النورانية مبهجة، تتلهف القلوب إلى جمالها كتلهَّف المحبّ لرؤية محبوبه. الجميل لا يفزع منه أيُّ إنسان، الجميل لا يصدر عنه إلا ما هو جميل.
الخوف هو الأداة الشائعة لاستعباد الإنسان وإذلاله، الخوف يطفئ كلَّ ضوء في داخل الإنسان. بالتخويف والاكراه والقهر تستعبد السلطة السياسية الإنسان، ويخضع الإنسان طوعًا للسلطة الروحية. تفشّت القراءة التي تثير الخوف والهلع لبعض النصوص الدينية، وتضخمت صور ومشاهد العذاب والرعب في المتخيّل الديني بمرور الزمان، وغرقت المكتبة بكثير من الكتب المملؤة بمشاهد مريعة للعذاب. لم يخلق الله الإنسان ليجعله عدوه، ولم يخلقه ليخوض معركة معه، ولا بهدف التلذذ بأذاه والتنكيل به وتعذيبه. الإنسان كائن رفعه الله لمقام لا يرقى إليه موجود غيره، خلق الله الإنسانَ مكرمًا منذ ولادته، وأنزله بمقام وجودي لا يرقى إليه أي مخلوق آخر في الأرض وفي أي كوكب في الكون، ومقتضى التكريم الإلهي أن تنبثق صلة الله بالإنسان من المحبّة لا غير.كلمات الحُبّ الصادقة تداوي جروح الروح، جربت الحُبّ فرأيته أنجع دواء للقلوب والأرواح. صناعة الحُبّ أسمى غاية في حياة الإنسان، المعنى الذي يضفيه الحُبّ لا يضفيه أيُّ شيء في الحياة. حاجة الإنسان للحُبّ من أعذب هبات الله إليه، الحُبّ هو الحالة المبهجة الوحيدة التي لا بديل يكافؤها أبدًا، حتى الإيمان عندما يفتقر للحُبّ يصير حالة منطفئة بلا شعلة حيّة.
إن كانت "الطرقُ إلى الله بعدد أنفاس الخلائق"، كما هو مأثورٌ عند العرفاء، فإن أعذبَ هذه الطرق وأقصرها وأيسرها هو الطريقُ الذي ينبض فيه قلبُ الإنسان بحب الله. الحُبّ الإلهي ينقذ الإنسان أولًا والدين ثانيًا من الخوف والرعب والهلع، ويوقد النور ويبعث السلام في داخل الإنسان. محيي الدين بن عربي يجعل مقام المحبّة شريفًا، ويراها أصل الوجود، إذ يقول: "المحبّة مقامها شريف، وهي أصل الوجود" . المحبّة هي الطاقة المحركة للموجودات، والجسر الوجودي الرابط بين الله وعباده. كلُّ موجود يسعى عبر الحُبّ للعودة إلى أصله، وأصل المخلوقات هو الله،كلما ازداد الإنسان حُبًّا ازداد من الله قربًا. يقول ابن عربي: "عَيْن محبّته لعباده عَيْن مبدأ كونهم، متقدميهم ومتأخريهم إلى ما لا نهاية له، ونسبة حُبّ الله لهم نسبة كينونته معهم أينما كانوا... فكما أنه لا أول لوجوده سبحانه، فلا أول لمحبّته عباده سبحانه، وذكر المحبّة يحدث عند المحبوب عند التعريف الإلهي لا نفس المحبّة، ومن وجه آخر إذا قلنا: إنّ للحُبّ الإلهي بدءًا، فبدؤه النفس الإلهيّ عن رؤية المحبوب، فصِف الحُبّ بما شئتَ من حادث وغيره، ليس الحُبّ سوى عين المحبّ، فما في الوجود إلا محبّ ومحبوب" .‏
الايمان الناتج عن البرهان العقلي متخشب، لا تنبض الحياة بالإيمان إلا أن يكون صلة متدفقة تغذيها المحبّة. معرفة الله غير حُبّ الله، معرفة الله أعني بها الادراك العقلي وليس الشهود القلبي. حُبّ الله سير القلب وسفره إلى الله، في رحلة يسعى فيها القلب أن يصير مرآة تنعكس عليها الأنوار الإلهية. معرفة الله هي تدبر العقل وتأمله وتفكيره في خلق الله وآياته واعتقاده بوجوده. الفلاسفة واللاهوتيون المتكلمون يعرفوننا على أدلة وجود الله وصفاته، لكن لا يوصلنا إلى الله إلا البصيرة الروحية، ولا تتكشف البصيرة وتنجلي من دون حُبّ الله. لا يرتوي الظمأ الأنطولوجي بمعرفة الله، بل يرتوي هذا الظمأ بحُبّ الله ووصاله. مثلما لا يتكرّس الإيمان بمعرفة الله، بل يتكرس بحُبّ الله. سفينة السفر إلى الله هي حُبّ الله، لا معرفة الله بمعناها العقلي. حُبّ الله يجعل الدين دواء وشفاء للروح والقلب، بل لا يكون الدين دواء وشفاء إلا بحُبّ الله، ولا تكفي لذلك معرفة الله. القلب الذي خطت عليه أسرار الحُبّ الإلهي قلبٌ لا يكفّ عن إنشاد ترانيم حُبّ الله والإنسان والعالم.
خلق الله الإنسانَ وجعله محتاجًا لصلة وجودية به، وجود الإنسان هشّ فقير، لا يثري وجوده ويحرّره من اغترابه إلا الصلة الوجودية بالله المكتفي بذاته الغني عن العالمين. لا أظن هناك انسان يستغني عن الله، وإن تنكّر لذلك يحاول الارتباط بمطلق موهوم سواه. الجيل الجديد يريد أن يرى صورة بهيجة مضيئة لله، يفرح ويبتهج عندما يشهد أنوارها. لا جيل الآباء ولا الجيل الجديد ضدّ الله بوصفه نورًا، وإلهًا للرحمة والمحبة. تفشي اللادينية لدى الجيل الجديد نشأ من تسلط الصورة المظلمة الكئيبة لله التي رسمتها تفسيرات عنيفة، حجبت أنواره المشرقة في آيات القرآن عن هؤلاء الذي يقرأونه بعيون بعض المفسّرين، وحجبتها مواقفُ وممارسات رجال سلطة ينطقون باسم الله في أحاديثهم زورًا، وهم أبعد العباد عن الله. رجال ينفّرون العباد من الله في مواقفهم وسلوكهم، ويقطعون الطرق إليه.
الحُبّ والرحمة والحقّ والعدالة والسلام ضمانة أساسية لحضور الدين المؤثر الفاعل في الحياة الفردية والمجتمعية. كلُّ ديانة تحرص على إنتاج الحُبّ والرحمة وتسعى لتحقيق الحقّ والعدالة والسلام، وتعلنها بوصفها الهدفَ الذي تسعى لتحقيقه في الحياة، ويجسّده أتباعها في سلوكهم، تتلهّف القلوب للانتماء إليها، ويتأبّد حضورها في الحياة، وكلُّ ديانة تحرص على إنتاج الحرب والانشغال بصراعات السلطة والثروة، تنفر القلوبُ منها ومن أتباعها. ما يربحه كلُّ دين رسالتُه الحُبّ والرحمة والعدالة والسلام يخسره كلُّ دين رسالته الحرب والغلبة على السلطة، واكتناز المال والاستيلاء على الثروة، واستعباد الإنسان.
بعد نصف قرن من تعلّم وتعليم علوم الدين كثّفت كتاباتي على رسم صورة نورانية لله، في ضوء ما رسمها الله لذاته في آيات القرآن الصريحة. حاولت أن تكون كتاباتي رسائلَ إيمانٍ ومحبّة وتراحم ومعرفة، باقتباس صورته النورانية، والكتابة عنها بتنويعات يتكشف فيها شيءٌ من أبعادها في كتابه المجيد، والإشارة إلى تجلياتها الساطعة في الوجود. رأيت هذا النوع من الكتابات يوقظ صوت الله في الأرواح الكئيبة، ويسعف الضائعين في وديان التيه ليدلهم على الله، ويريهم إشراقاته الأبدية، ويمكّنهم من تذوق محبته وشهود أنواره. لا أعرف هدية أقدمها لأحد أثمن من المحبّة، ولا أتقن مهنة في الحياة أفضل من صناعة المحبّة. المحبّة دواء لكلِّ داء أخلاقي، المحُبّة بلسم يسعف القلوب الجريحة بأوجاع الحياة المريرة، ذلك ما انتهيت إليه بعد مخاضات مضنية وتجارب مؤذية بتجرع ما تضج به الحياة من شرور تنهش الأرواح.

#عبدالجبار_الرفاعي
#المحبة
#حب_الله

https://al-aalem.com/%D8%AD%D9%8F%D8%A8%D9%91-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%8A%D8%AC%D8%B9%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%B4%D9%81%D8%A7%D8%A1/
عقدت الجمعية الفلسفية الموريتانية "بيت الحكمة" ندوة يوم 11-1-2025 تناولت: "قراءة في مشروع تجديد الفكر الديني عند #عبدالجبار_الرفاعي تحدث فيها:
1. د. إيمان مخينيني.
2. د. محمد همام.
3. د. نايلة ابي نادر.
4. د. محمد حسين الرفاعي.
مدير الندوة: الأستاذ إبراهيم الحيمر.
يمكن مشاهدة الندوة على هذا الرابط:

https://youtu.be/47thKw73ABU?si=JxyNG7njXoUonU3S
غواية الكتابة في: "مسّرات القراءة ومخاض الكتابة .. فصل من سيرة كاتب"

د. طه جزّاع
في مقال من مقالات كتابه الممتع "مسّرات القراءة ومخاض الكتابة .. فصل من سيرة كاتب " ينبه عبد الجبار الرفاعي إلى ما أسماه غواية الكتابة بالقول " صار الهوسُ بالكتابة والنشر، بلا موهبة، ولا قراءة مكثفة، ولا تفكير صبور، كهوس تكديس الشهادات العليا بلا تكوين علمي" . والحق فإن الرفاعي قد لخص بهذه العبارة المكثفة واقعاً مريراً أصبح من محبطات ولا أقول سمات المشهد الثقافي والأكاديمي العراقي خلال العقدين الأخيرين لأسباب كثيرة في مقدمتها استسهال الطبع والنشر في غياب شبه تام لأي نوع من أنواع التقييد والرقابة أو اخضاع المادة المنشورة لمعايير الجودة من النواحي الشكلية والفكرية والأخلاقية، كذلك لخصت تلك العبارة الواقع المؤلم الذي ضخ بعشرات الآلاف من حملة الشهادات العليا إلى الجامعات والكليات الحكومية والأهلية ونسبة كبيرة منهم حصلوا عليها من دون تكوين علمي حقيقي وبوسائل ووسائط مختلفة. إن عبارة الرفاعي هذه اصطادت مثلما يقال عصفورين بحجر، مع أنه أبعد ما يكون عن الصيد ورمي الحجارة، فالرجل كتلة من المحبة والحنو والمشاعر الإنسانية الجياشة، وهو يمتلك قلماً رقيقاً ساحراً، من رقته أنه يشخص مواطن الخلل بلطف وهدوء وكلمات طيبات تهدي ولا تؤذي، وتضمد ولا تجرح، وتبقي للإصلاح أملاً بلا حدود.
قبل أيام جمعني مع الصديق علي المرهج برنامج تلفزيوني لمناقشة موضوع الكِتاب وطباعته وتوزيعه وشواغل المؤلفين والناشرين، وأخذنا الحديث إلى الكتب التي تجد اقبالاً لدى جمهور القراء، كنا قد قررنا أن الروايات هي الأكثر مبيعاً ورواجاً انسجاماً مع اعتقادنا بأننا نعيش عصر الرواية، قبل أن ننتبه سوية وفي اللحظة نفسها لنردد معاً: وكتب عبد الجبار الرفاعي.

الرابط:
https://alsabaah.iq/109020-.html
حوار مع #عبدالجبار_الرفاعي بعنوان:
‏(إيقاظ المعنى الروحي والأخلاقي والجمالي للدين في #علم_الكلام_الجديد).‏
هذا التسجيل الصوتي طرحته مؤسسة هنداوي، التي خصصت لنشر أعمالي منصة خاصة. الاستماع أسهل اليوم على كثير من الناس من القراءة. الحوار يتضمن خارطة اولية لمشروعي في #تجديد_الفكر_الديني. ‏

https://www.hindawi.org/books/46425727/5/
مقارنة بين مشروع السيد كمال الحيدري ومشروع الدكتور عبد الجبار الرفاعي
كمال الحيدري مرجع مصلح شيعي يركز مشروعه بشكل أساسي على التراث الشيعي، ويهدف إلى نقد وتحليل مكونات هذا التراث من داخله. يتناول الحيدري العقائد والروايات الشيعية وفقاً لإطار مذهبي ضيق، مراعياً خصوصية الفكر الإمامي. وهو يركز على كشف التناقضات والأخطاء التي يراها موجودة في الموروث الشيعي، ولكن يبقى مشروعه محصورًا داخل هذا الإطار دون التوسع إلى مسائل أخرى تتجاوز المذهب الشيعي.
عبد الجبار الرفاعي فيلسوف دين يتسم مشروعه بالاتساع والشمولية، إذ يعالج الدين كظاهرة بشرية عامة تمتد إلى جميع الأديان والمذاهب، لا يقتصر فقط على إطار محدد. الرفاعي يرى أن الدين يتجاوز الحدود الطائفية والمذهبية، ويؤمن بأنه يمكن إعادة بناء الفكر الديني بشكل يتفاعل مع التحديات الحديثة، عبر الاستفادة من الفلسفة الغربية والعلوم الإنسانية. لذلك، مشروعه يعيد تأويل الدين من منظور إنساني يراعي احتياجات الإنسان المعاصر في مختلف سياقات الحياة الروحية والأخلاقية والجمالية، وليس فقط في سياق ديني أو مذهب معين.
إذن، الفرق الجوهري يكمن في أن الحيدري مرجع مصلح شيعي يركز على “إصلاح” التراث الشيعي من الداخل، بينما الرفاعي فيلسوف دين يقدم مشروعًا تجديديًا يتعامل مع الدين كظاهرة عالمية تشمل مختلف الأديان والمذاهب، ويعيد تأويله بما يتماشى مع مفاهيم الفلسفة الحديثة والحاجة الإنسانية في العصر الراهن. ويمكن المقارنة من خلال عدة محاور رئيسية تتعلق بالمنهجية، والأهداف، والنتائج المترتبة على كل مشروع. فيما يلي الفروق بين المنهجين:
1.الفرق في طبيعة المشروع الفكري:
عبد الجبار الرفاعي مشروعه فلسفي تجديدي يهدف إلى إعادة بناء الفكر الديني من خلال إدخال مفاهيم حديثة مستمدة من الفلسفة، وعلم الكلام الجديد، والدراسات الدينية الحديثة. علم الكلام هو نظرية المعرفة في الإسلام، واللاهوت هو نظرية المعرفة في الأديان. يسعى الرفاعي إلى تحرير الدين من التوظيف الأيديولوجي، وإعادته إلى طبيعته كمساحة للمعنى الروحي والأخلاقي والجمالي. يمزج بين النقد والبناء، إذ لا يكتفي بنقد الفكر التقليدي، بل يعمل على إعادة تركيبه في إطار حديث يستجيب لحاجات الإنسان المعاصر.
كمال الحيدري مشروعه نقدي إصلاحي داخلي يتركز عمله على نقد التراث الإمامي التقليدي، خاصة على مستوى الروايات والعقائد. ويهدف إلى كشف الأخطاء والتناقضات في الموروث الشيعي، لكنه لا يقدم مشروعاً فلسفياً متكاملاً لإعادة بناء الفكر الديني. غالباً ما ينحصر في نطاق الإصلاح الداخلي داخل الإطار الإمامي، دون تجاوز حدوده إلى آفاق أوسع.
2. الفرق في المنهجية الفكرية:
منهج عبد الجبار الرفاعي التفكيك ثم التركيب: يبدأ بالتفكيك النقدي للنصوص والخطابات الدينية التي فقدت ارتباطها بروح الدين. يعتمد على استلهام النظريات الفلسفية واللاهوتية الحديثة لإعادة بناء المفاهيم الدينية.يمزج بين الدراسات الغربية والعربية والإسلامية ليعيد تفسير الدين كحاجة إنسانية تتجاوز البعد الطائفي والمذهبي.
منهج كمال الحيدري النقد والتفكيك دون إعادة بناء واضحة: يعتمد على قراءة داخلية للموروث الشيعي، حيث يشتغل على تحليل الروايات والعقائد من داخل الإطار المذهبي. يسلط الضوء على التناقضات والأخطاء في التراث الإمامي دون تقديم بديل واضح. يميل إلى استعراض مشكلات التراث أكثر من تقديم رؤية جديدة لتجاوزها.
3. الفرق في التعامل مع التراث والتقاليد الدينية:
عبد الجبار الرفاعي: يعمل على إعادة تأويل التراث بروح فلسفية حديثة:
لا يتعامل الرفاعي مع التراث بوصفه معطى مقدساً لا يقبل التغيير، بل يرى أنه نتاج بشري متغير يمكن إعادة تأويله وفقاً لمقتضيات العصر. ينفتح على التجارب الدينية المختلفة، ويبحث في المشترك الإنساني في الفكر الديني. يدمج بين النقد الفلسفي والدراسات اللاهوتية الحديثة لإعادة بناء التصورات الدينية.
كمال الحيدري: يعمل على تفكيك التراث الإمامي من داخله: يحاول الحيدري مراجعة التراث الإمامي من داخله، عبر التدقيق في الروايات والمفاهيم العقائدية التي يراها بحاجة إلى تصحيح. غالباً ما يبقى داخل الإطار الشيعي، ولا يسعى إلى تقديم رؤية دينية تتجاوز المذهبية. يركز على كشف الخلل في الموروث الديني، لكنه لا يتبنى إعادة بناء المفاهيم الدينية وفق منظور شامل.
4. الفرق في طبيعة العلاقة مع الفلسفة والعلوم الحديثة:
عبد الجبار الرفاعي: يعمل على الاستفادة من الفلسفة الحديثة لإعادة بناء الفكر الديني: يرى الرفاعي أن الفلسفة والعلوم الإنسانية ضرورية لفهم الدين في سياق العصر الحديث. يتبنى منهجاً مقارناً بين الفكر الديني التقليدي والمناهج الفلسفية الحديثة، مثل فلسفة الدين والفينومينولوجيا والهرمينوطيقا. يعمل الرفاعي على ايقاظ المعاني المحورية "الأخلاقية" و"الإنسانية" و"التعددية" و"الروحانية" في الدين.
كمال الحيدري: يعمل على استخدام المنهج العقلي داخل إطار الموروث الديني:
يعتمد الحيدري على العقل في نقد الموروث الديني، لكنه لا ينفتح كثيراً على الفلسفة الحديثة كما يفعل الرفاعي. يستخدم الأدوات العقلية في تحليل الروايات والعقائد، لكنه يظل مقيداً بالإطار التقليدي للمذهب الإمامي. ولا يقدم بديلاً فلسفياً متكاملاً لإعادة تفسير الدين، بل يبقى في نطاق المراجعة الداخلية للعقائد. 5. الفرق في الأفق النهائي للمشروع:
عبد الجبار الرفاعي: يعمل على بناء خطاب ديني جديد للإنسان المعاصر: يهدف إلى تقديم رؤية حديثة للدين تستجيب لحاجات الإنسان في العصر الحديث. ويرى أن الدين ليس مجرد منظومة عقائدية، بل هو حاجة وجودية تبحث عن المعنى. يسعى إلى خلق نموذج جديد لعلم الكلام يتجاوز الجدل التقليدي ويركز على الإنسان وقيمه الروحية والأخلاقية والجمالية.
كمال الحيدري: يعمل على إصلاح داخلي دون مشروع متكامل للبديل:
يهدف الحيدري إلى تصحيح بعض الأخطاء والتناقضات في التراث الشيعي، لكنه لا يقدم رؤية بديلة متكاملة. يبقى مشروعه أقرب إلى كونه حركة إصلاح مرجعي داخل الإطار الإمامي، دون الخروج إلى فضاء أوسع من الفكر الديني العام. ولا يتناول الدين من منظور فلسفي شامل، بل يركز على تفكيك بعض جوانب الموروث الشيعي.
مشروع عبد الجبار الرفاعي أكثر اتساعاً وتأثيراً، بوصفه فيلسوف دين يتجاوز حدود المذهبية، ويمزج بين النقد وإعادة البناء، مما يجعله قادراً على تقديم بديل فكري متكامل.
مشروع كمال الحيدري يظل داخل نطاق المذهب الإمامي، بوصفه مصلحا شيعيا يركز على النقد دون تقديم رؤية فلسفية متكاملة، مما يجعله أكثر ارتباطاً بالإصلاح الداخلي للتراث الشيعي.
إذا كنت تبحث عن مشروع يعيد صياغة الفكر الديني بطريقة حديثة تتفاعل مع الفلسفة والعلوم الحديثة، فإن الرفاعي بوصفه فيلسوف دين يقدم رؤية أكثر عمقاً وشمولية. أما إذا كنت مهتماً بمراجعة الموروث الإمامي وكشف تناقضاته، فإن الحيدري بوصفه مصلحا شيعيا يقدم جهداً نقدياً في هذا المجال، لكنه لا يصل إلى مستوى بناء خطاب ديني جديد
مقارنة_بين_مشروع_السيد_كمال_الحيدري_ومشروع_الدكتور_عبد_الجبار_الرفاعي.pdf
235.6 KB
مقارنة بين مشروع السيد كمال الحيدري ومشروع الدكتور عبد الجبار الرفاعي
‏تصدر قريبا الطبعة السادسة من كتاب: "الدين والظمأ الأنطولوجي"، عن دار الموسوعة الصغيرة في جوبا عاصمة جمهورية السودان الجنوبي، طبعة خاصة بالقرن الأفريقي وشرق إفريقيا.
مقاربة بين مشروع المفكر السوداني محمود محمد طه (1909-1985) ومشروع المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي (1954-)
أوجه التشابه:
*الهدف المشترك*: كلا المشروعين يسعى إلى تجديد الفكر الديني في الإسلام، بهدف إيصال رسالة الإيمان والمحبة والمعرفة إلى المتلقي.
*التجاوز الطائفي*: كلا المشروعين يسعى لعبور الحواجز الطائفية والمذهبية وإبراز الجوهر التوحيدي للإسلام.
*اعتماد القرآن الكريم*: كلا المشروعين يستقيان من القرآن بوصفه مرجعية أساسية.
*التقدير المتبادل*: عبد الجبار الرفاعي يعبّر عن احترامه الكبير لمحمود محمد طه ويرى في رؤيته شجاعة وصدقا، وإن كانت رؤية كلٌّ منهما تختلف عن رؤية الآخر لكيفية التجديد ومنطلقاته.
أوجه الاختلاف تشمل:
*السياقات الاجتماعية والثقافية*: بين البيئات التي نشأ فيها كلٌّ من المفكرَين اختلاف، من حيث السياق الاقتصادي والطبقي والاجتماعي والديني والثقافي.
*المرجعيات الفكرية*: محمود محمد طه كان متأثرا بسياقٍ سوداني ذي طبيعة فكرية سياسية، في حين يعتمد عبد الجبار الرفاعي على تكوين مزدوج: حوزوي ديني تقليدي، وأكاديمي حديث في الفلسفة والعلوم الإنسانية.
*المنهجية*: عبد الجبار الرفاعي ينطلق من منهجٍ تجديدي يبدأ بإعادة بناء نظرية المعرفة (علم الكلام) بوصفه أساسا لتجديد علوم الدين كلها، في حين كان مشروع محمود محمد طه يجمع بين الجوانب المعرفية والسياسية.
*المحور الأساسي للتجديد*: عبد الجبار الرفاعي يركز على البعد الروحي والأخلاقي والجمالي في الإسلام، ويرى أن السياسة والدولة شأن دنيوي، في حين كان محمود محمد طه يرى السياسة جزءا من مشروعه الفكري، مع موقف أكثر وضوحا تجاه الشأن السياسي. محمود محمد طه مشروعه معرفي سياسي وعبد الجبار الرفاعي مشروعه معرفي روحي أخلاقي جمالي.
*المواقف من السياسة*: عبد الجبار الرفاعي يفصل تجديد الفكر الديني عن السياسة، ويركز على الأبعاد الروحية والأخلاقية والجمالية في الدين، في حين دمج محمود محمد طه التجديد الفكري بالدين، مع مواقف سياسية واضحة، ما أدى إلى مواجهته مع السلطات.
الدين والدولة في مشروع محمود محمد طه وفي مشروع عبد الجبار الرفاعي
محمود محمد طه كان يرى أن الإسلام يحتوي على مستويين: مستوى الأصول (الرسالة الأولى) ومستوى الفروع (الرسالة الثانية). في كتابه "الرسالة الثانية من الإسلام"، دعا طه إلى إحياء الأصول لتطبيقها على مستوى الفرد والمجتمع، وعدَّ الإسلام قادرا على تقديم حلٍّ سياسي واجتماعي شامل، لكن برؤية جديدة تختلف عن التقليدية. في أحد نصوصه يقول: "إن الإسلام دين ودولة، وهو نظام شامل للحياة الاجتماعية والسياسية، ولكن يجب أن يُفهم الدين فهماً متطوراً وفقًا لحاجات العصر." (الرسالة الثانية من الإسلام، ص. 43). وفي نصّ آخر يرى: "أن التشريع في الإسلام ليس تشريعًا جامدًا، بل تشريع متحرك ومتطور بتطور المجتمع... فالشريعة الإسلامية تصلح أن تكون أساسًا لنظام الحكم، لأنها نظام شامل لكل مناحي الحياة." (الرسالة الثانية من الإسلام، ص. 67). ويقول: "الإسلام نظام رباني متكامل، يشمل السياسة والاقتصاد والاجتماع. الإسلام السياسي هو الوسيلة لتحقيق العدالة الإلهية على الأرض، ومن الخطأ فصل الدين عن السياسة، لأن ذلك يعطل وظيفته الأساسية." (مقال في الدعوة لتطبيق الإسلام كحل سياسي).
عبد الجبار الرفاعي ينطلق من رؤية تجديدية للدين، تركز على أبعاده الروحية والأخلاقية والجمالية، ويرفض اختزال الدين في السياسة أو السلطة أو الدولة. في كتابه "الدين والكرامة الإنسانية"، يعبّر عن رفضه للإسلام السياسي بوضوح، حيث يقول: "تحويل الدين إلى أيديولوجيا سياسية يشوّه غاياته الروحية، ويُخرج الدين من مساره الوجودي والأخلاقي والروحي والجمالي ليصبح أداة للسيطرة والصراع على السلطة. إن رسالة الدين تتمثل في بناء إنسانية الإنسان عبر المعاني الروحية والأخلاقية والجمالية، وليس بناء دولة أو نظام سياسي." (الدين والكرامة الإنسانية، ص. 78). يرفض الرفاعي أيّ محاولة لدمج الدين بالسلطة بشكل أيديولوجي أو جعله أساسا لبناء الدولة. يكتب الرفاعي: "الإسلام السياسي ليس امتدادًا طبيعيًا لرسالة الإسلام الروحية والأخلاقية والجمالية. بل هو انحراف عن غاية الدين، إذ إن غاية الدين هي تحرير الإنسان من عبودية السلطة والتأويل الأيديولوجي، لا إخضاعه لقوانين الدولة تحت غطاء ديني." (الدين والكرامة الإنسانية، ص. 120). ويشير إلى أنه: " كلما تم تسييس الدين، تضاءلت قيمته الروحية والأخلاقية والجمالية، وتحول إلى أداة لإنتاج العنف والهيمنة. إن الربط بين الدين والدولة يُفقِد الدين معناه الجوهري، الذي يتجلى في تحرير الإنسان من اغترابه." (الدين والاغتراب الميتافيزيقي، ص. 89). وينصّ الرفاعي في أحد مقالاته على أنه: "لا يمكن للدين أن يُختزل إلى مجرد أيديولوجيا سياسية. إن كل محاولة لتسييس الدين تُفقِده جوهره الذي يقوم على الإيمان الشخصي، ويُدخل المجتمع في صراعات لا نهاية لها".
الفرق بين المشروعين:
1. محمود محمد طه يرى أن الإسلام يمكن أن يكون إطارا شاملا للحياة إذا جرى تحديث فهمه وإعادة قراءة النصوص على وفق رسالة الإسلام الثانية. عبد الجبار الرفاعي يرفض الإسلام السياسي تماما، ويرى أن الدين يجب أن يبقى ضمن مجال الحياة الروحانية والأخلاقية والجمالية، بعيدا عن السياسة والدولة.
2. محمود محمد طه يرى أن الدين، إذا فُهِم بشكل متجدّد، يمكن أن يكون نظامًا سياسيًا شاملًا، لكن برؤية مختلفة عن الإسلام التقليدي الذي يتبناه الإسلاميون التقليديون. عبد الجبار الرفاعي: يعتبر أن تحويل الدين إلى نظام سياسي هو انتهاك لوظيفته الروحية والأخلاقية والجمالية، ويؤكد أن مشروعه يهدف إلى فصل الدين عن الدولة للحفاظ على طهارته الروحية والمعنوية، ولحماية الدولة من العبث باستغلال الدين وترحيله من وظيفته.
3. محمود محمد طه سعى من خلال "الفكرة الجمهورية" إلى تقديم فهم جديد للإسلام يعبّر عن حيويته وقدرته على مواجهة تحديات العصر. في المقابل، ركز عبد الجبار الرفاعي على إبراز الأبعاد الروحية والأخلاقية والجمالية للإسلام، معتمدًا منهجية تأملية تعيد النظر في أساسيات الفكر الديني، وبعث القيم الكونية القرآنية.
4. هناك فرق جوهري بين المشروعين، فمشروع عبد الجبار الرفاعي يركز على تجديد الدين من داخله، إذ يسعى إلى إحياء القيم الروحية والأخلاقية والجمالية في الدين، بعيدًا عن التوظيف الأيديولوجي أو السياسي. رؤيته تعنى بجعل الدين تجربة إنسانية عميقة تلبي الحاجات الوجودية للإنسان، وتساعده في العثور على معنى للحياة في أبعادها المختلفة.
أما مشروع محمود محمد طه، فيتسم بطابع سياسي وثقافي واجتماعي، إذ عمل من خلال تأسيس جماعة الإخوان الجمهوريين على تقديم قراءة جديدة للإسلام تهدف إلى تغيير سياسي وثقافي واجتماعي. طرحه ارتكز على فكرة تطوير التشريع الإسلامي على وفق ما أسماه "الأصول"، إذ دعا إلى تجاوز الشريعة إلى مستوى "الأصول" التي تقوم على الحرية والمساواة. وقد واجه محمود محمد طه معارضة شديدة من السلطة بسبب مواقفه الجريئة، قادته في النهاية إلى الإعدام عام 1985 في السودان.
5. تعريف الدين عند عبد الجبار الرفاعي يقول فيه إن: "الدين حياة في أفق المعنى تفرضها الحاجة الوجودية لمعنى روحي وأخلاقي وجمالي في حياة الإنسان الفردية والمجتمعية." ويرى الرفاعي أن الدين يستجيب لحاجة الإنسان الوجودية إلى المعنى، إذ يوفر بُعدا روحيا وأخلاقيا وجماليا للحياة، بعيدا عن البُعد السياسي أو الأيديولوجي. يركز في رؤيته على التجربة الروحية الشخصية، وتأثير الدين في تعزيز قيم المحبة والتراحم والتسامح والجمال في حياة الفرد والمجتمع.
أما تعريف الدين عند محمود طه فيقول فيه إن: "الدين هو وسيلة الإنسان للتطور الروحي والأخلاقي، وصولاً إلى تحقيق الحرية الفردية والجماعية وفق فهم متطور للنصوص الدينية، يتجاوز الفهم التقليدي للنصوص إلى مستوى أرقى من التشريع." ركز طه على مفهوم "لتطور" في الدين، إذ يرى أن الدين يجب أن يتفاعل مع التطور الفكري والاجتماعي والسياسي للإنسان، داعيا إلى فهم جديد للقرآن يعتمد التمييز بين الآيات المكية والمدنية، مع التركيز على البعد الأخلاقي والإنساني للإسلام.
1. المنطلقات الفكرية:
• محمود محمد طه ينطلق من منظور تطوري اجتماعي، يسعى إلى إعادة قراءة النصوص لتحقيق الحرية والمساواة. الرفاعي ينطلق من منظور فلسفي روحي وأخلاقي، يركز على أثر الدين في تحقيق التوازن النفسي والمعنوي، وإرواء الظمأ الأنطولوجي، وتلبية الحاجة لمعنى لوجود الإنسان وحياته.
2. البعد الروحي مقابل التشريعي:
• محمود محمد طه يرى أن الدين يحمل مشروعا تشريعيا متطورا يمكن أن يُسهم في بناء مجتمعات أكثر عدلا. الرفاعي يركز على الدين بوصفه حالة روحية وأخلاقية وجمالية، بعيدا عن التشريع للدولة والسياسة.
3. العلاقة بالدولة:
• محمود محمد طه يدمج بين الدين والسياسة بطريقة إصلاحية تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال فهم جديد للشريعة. الرفاعي يفصل بين الدين والدولة ويركز على البعد الروحي والأخلاقي والجمالي للدين، وإرواء الظمأ الأنطولوجي، وتلبية الحاجة لمعنى لوجود الإنسان وحياته.
4. المشروع المجتمعي:
يرى محمود محمد طه الدين بوصفه أداة للتحول السياسي والاجتماعي والتطور الإنساني على وفق فهمٍ متجدّد للنصوص. الرفاعي يرى الدين بوصفه منبعا للمعاني الروحية والأخلاقية والجمالية في حياة الفرد والمجتمع، وذلك ما يدعوه لإحياء القيم الكونية الكلية في القرآن.
مشروع_محمود_محمد_طه_ومشروع_عبد_الجبار_الرفاعي.pdf
300.6 KB
مشروع محمود محمد طه ومشروع عبد الجبار الرفاعي
مقارنة بين منهج الدكتور حسن حنفي والدكتور عبد الجبار الرفاعي في تجديد الفكر الديني، مع توضيح الفروق من حيث الرؤية، والمنهجية، والأهداف، والموقف من التراث مع أمثلة توضيحية:
1. الرؤية الفلسفية واللاهوتية.
أ. عبد الجبار الرفاعي:
• الرؤية الوجودية والروحية والأخلاقية والجمالية: الرفاعي يؤكد أن الدين يُلبي حاجة إنسانية وجودية وأخلاقية وجمالية تتعلق بالبحث عن المعنى والروحانية. فهو يرى أن الدين ليس مجرد مجموعة من القواعد أو الطقوس بل تجربة إنسانية عميقة تُثري الحياة الروحية والأخلاقية والجمالية.
• التركيز على التسامح والتعددية: يدعو الرفاعي إلى إعادة بناء “علم الكلام الجديد” بحيث يُصبح أكثر انفتاحاً على الفكر الفلسفي والعلوم الإنسانية. مثال على ذلك، توجهه نحو قراءة النصوص الدينية بروح نقدية تهدف إلى استنباط قيم إنسانية عالمية تُعزز الحوار بين الحضارات.
• التركيز على الجانب الشخصي والداخلي: ينطلق الرفاعي من مقاربة إنسانية روحية وأخلاقية وجمالية تتجاوز الجدل النظري بين النقل والعقل، فتظهر التجربة الدينية الحية كوسيلة لإيجاد إجابات عن أسئلة الوجود.
ب‌. حسن حنفي:
• الرؤية الإيديولوجية والنضالية: يعتمد حنفي على قراءة التراث الإسلامي من منظور نقدي يُركز على تحرير الأمة من التبعية والاستعمار الثقافي والسياسي. فهو يرى أن التجديد يجب أن يكون وسيلة لتحرير الفكر وترسيخ هوية الأمة.
• التوظيف السياسي للدين: يؤكد حنفي على أن الدين يُمكن أن يكون أداة للتغيير الاجتماعي والسياسي، حيث يتم إعادة قراءة التراث بما يخدم الصراع الطبقي والنضال ضد القوى الخارجية التي حاولت فرض نماذج فكرية غير متوافقة مع خصوصية الثقافة الإسلامية. مثال: في كتاباته، ينتقد حنفي النظرة التقليدية للدين التي تركز فقط على التشريع الفقهي، ويرى أن النصوص يجب أن تُفهم ضمن سياق تاريخي وثوري يدعم التحرر من الهيمنة الفكرية.
• التركيز على نقد التراث وإعادة بنائه: يميل حنفي إلى استخدام أدوات فلسفية (مثل مفاهيم هيغلية أو ماركسيّة) لتفكيك النصوص التراثية من أجل استخراج تلك الجوانب التي تخدم قضية التجديد السياسي والاجتماعي.
2. المنهجية والأدوات المستخدمة
أ‌. عبد الجبار الرفاعي:
• منهجية تحليلية تاريخية ونقدية متجددة: يستخدم الرفاعي منهجاً يقوم على قراءة النصوص الدينية ضمن سياقها التاريخي، مع إدخال مقاربات فلسفية وإنسانية حديثة. فهو يجمع بين التحليل النصي التقليدي والحوارات المعاصرة التي تعتمد على العلوم الإنسانية مثل علم الاجتماع، وعلم النفس، والفلسفة.
• التركيز على التجربة الدينية الحية: يُبرز الرفاعي أهمية التجربة الفردية والروحانية والأخلاقية والجمالية في فهم الدين. على سبيل المثال، حين يتحدث عن “الدين كحاجة وجودية”، فإنه يشير إلى أن التجربة الدينية ليست مجرد تأويل عقائدي، بل تجربة تُنعش الذات وتساعد في بناء هوية فردية ومجتمعية متوازنة.
ب‌. حسن حنفي:
• منهجية تحليلية نقدية راديكالية: يعتمد حنفي على أدوات نقدية مستوحاة من الفلسفات الغربية (مثل الفكر الهيغلي والماركسي) لتفكيك النصوص الدينية والتراثية. يرى أن النقد يجب أن يكون جاداً وراديكالياً بحيث يُفضي إلى إعادة تشكيل التراث بما يتناسب مع متطلبات التحرر الاجتماعي.
• التأويل الجدلي للنصوص: يركز حنفي على تحويل النص الديني إلى أداة تغيير اجتماعي وسياسي. فعلى سبيل المثال، حين يقرأ نصوصاً تتعلق بالعدل والمساواة، فإنه يُعيد تأويلها لتكون دعوة لتحرير المجتمع من الأنظمة الظالمة أو الأطر التقليدية الجامدة.
3. الأهداف والمقاصد:
أ‌. عبد الجبار الرفاعي:
• إعادة إيقاظ البعد الروحي والأخلاقي والجمالي للدين: يهدف الرفاعي إلى استرجاع المعنى الروحي للدين ليكون وسيلة لتحقيق السلام الداخلي والاتصال الروحي العميق، بعيداً عن النزاعات الإيديولوجية.
• بناء جسر بين التراث والفكر الحديث: يسعى الرفاعي إلى دمج التراث الإسلامي مع مفاهيم الحداثة والعلوم الإنسانية، ليقدم قراءة تجديدية تُثري الحياة الروحية والفكرية للأفراد والمجتمعات. مثال: يرى الرفاعي أن دراسة مفاهيم مثل “العدل” و”الإنسانية” في التراث الإسلامي يجب أن تفتح آفاقاً جديدة تُسهم في تعزيز الحوار بين الثقافات. ب‌. حسن حنفي
• تحرير الفكر والتراث الإسلامي: يهدف حنفي إلى تمكين الأمة من خلال تحرير التراث من الجمود التقليدي، بحيث يصبح أداة في معركة تحرير الفكر والهوية ضد القوى الاستعمارية أو المهيمنة.
• التجديد كوسيلة للتغيير الثوري: يعتبر التجديد عند حنفي وسيلة لتحقيق التغيير السياسي والاجتماعي، من خلال إعادة قراءة التراث بصورة نقدية تؤكد على القيم الثورية مثل العدالة والمساواة والحرية. مثال: استخدامه لمفاهيم الصراع الطبقي في تأويل بعض المفاهيم الدينية، بحيث يظهر الدين كأداة للتغيير الاجتماعي وليس فقط كمنظومة عقائدية.
4. الموقف من التراث:
أ‌. عبد الجبار الرفاعي:
• نقد انتقائي وإعادة تأويل: يتعامل مع التراث بنهج نقدي انتقائي؛ يختار منه ما يخدم الحاجات الروحية والأخلاقية والجمالية والإنسانية المعاصرة، ويعيد تأويله في ضوء القيم العالمية والإنسانية.
• الحوار مع الحداثة: يسعى إلى بناء جسر بين التراث الإسلامي والعلوم الإنسانية والفلسفية الحديثة، بحيث يكون التراث مصدر إلهام لتجديد الفكر دون الانقطاع عنه مثال توضيحي: حين يناقش الرفاعي مفاهيم مثل “التوحيد” و”النبوة”، فإن الرفاعي قد يشير إلى ضرورة فهمها ليس كعقائد إيمانية، بل كقيم وجودية تسهم في بناء هوية فردية ومجتمعية متسامحة.
ب‌. حسن حنفي:
• تفكيك التراث وإعادة بنائه: يتبنى منهجاً نقدياً راديكالياً يقوم على تحليل التراث ككل، بهدف كشف ما يرى أنه من جملة تقاليد وآليات تهميش الفكر الحر والنضالي.
• إطلاق النقد لبناء مشروع فكري: يرى أن التراث يحمل بذور التجديد، لكن يجب تحريره من القيود التقليدية عبر نقد شامل يؤهله ليكون قوة دافعة للتغيير الاجتماعي والسياسي. مثال توضيحي: عند تأويله لبعض الآيات أو الأحاديث المتعلقة بالمساواة والعدالة، يمكن أن يقوم حنفي بتفكيك السياق التقليدي لهذه النصوص ليبرز الرسالة الثورية الكامنة فيها، مُشيراً إلى ضرورة استخدامها في مواجهة الظلم الاجتماعي.
• عبد الجبار الرفاعي: يُركز على تجديد الفكر الديني من خلال إعادة إحياء البعد الروحي والأخلاقي والجمالي للدين، ويستخدم منهجية تجمع بين النقد التاريخي والحوارات الفلسفية الحديثة. رؤيته ترتكز على تحقيق السلام الداخلي والعيش المشترك عبر قراءة تراثية تُثري التجربة الدينية الشخصية والمجتمعية.
• حسن حنفي: يتبنى منهجاً نقدياً راديكالياً يستهدف تحرير التراث الإسلامي من الجمود التقليدي، من خلال تحويل النصوص الدينية إلى أدوات للتغيير الاجتماعي والسياسي. رؤيته ترتبط بالنضال الإيديولوجي الذي يسعى إلى استعادة هوية الأمة وتحريرها من القوى الاستعمارية الفكرية.
في نهاية المطاف، يظهر اختلاف المنهجين بين الرفاعي وحسن حنفي في التركيز: حيث يضع الرفاعي التجديد على البعد الروحي والوجودي، بينما يميل حنفي إلى تجديد الفكر الإسلامي كوسيلة للتحرر والنضال الاجتماعي والسياسي.
في كتابه “مفارقات وأضداد في توظيف الدين والتراث” يُقدّم عبد الجبار الرفاعي نقدًا منهجيًا لفكر حسن حنفي، يتمحور حول عدة نقاط رئيسية تتعلق بكيفية استخدام التراث الديني وتوظيفه في الحوارات الفكرية والسياسية. ومن أهم محاور النقد التي يوجهها الرفاعي لحسن حنفي ما يلي:
1. توظيف التراث كأداة أيديولوجية:
• ينتقد الرفاعي توجه حنفي الذي يحوّل التراث الإسلامي إلى أداة للنضال السياسي والاجتماعي، حيث يركز على استغلال النصوص الدينية لتبرير مواقف جدلية ونقدية تهدف إلى تحرير الفكر من قيود الاستعمار الثقافي.
• يرى الرفاعي أن هذا التوظيف ينحصر في إطار جدليٍ سياسيّ ضيق، مما يفقد التراث بعده الروحي والوجودي، حيث يُعامل الدين كأداة للصراع بدلاً من أن يكون تجربة روحية أخلاقية إنسانية شاملة تسهم في تحقيق السلام الداخلي والانسجام الاجتماعي.
2. تفكيك التراث على حساب البعد الروحي والأخلاقي والجمالي:
• يتهم الرفاعي حنفي باستخدام أدوات نقدية (مستمدة من الفلسفات الغربية مثل الماركسية أو الهيغلية) لتفكيك النصوص الدينية، مما يؤدي إلى تآكل البعد الروحي والأخلاقي والجمالي للنصوص.
• بالنسبة للرفاعي، إن هذه المقاربة التفكيكية تقلل من قدرة التراث على إلهام التجربة الدينية الحية، إذ تُحوّل الدين من كونه منظومة متكاملة تعالج القضايا الوجودية إلى مجرد حقل للجدال الفكري.
3. غفلة عن الحاجة الوجودية للدين:
• يؤكد الرفاعي على أن الدين يجب أن يُستعاد معناه الروحي والأخلاقي والجمالي والوجودي، إذ يُعدّ احتياجه الأساسي لدى الإنسان البحث عن المعنى والطمأنينة.
• ينتقد حنفي لكون تحليله يركز على البعد الاجتماعي والسياسي، متجاهلاً إلى حدٍ كبير الحاجات الروحية والأخلاقية والجمالية الفردية والمجتمعية التي يُمكن أن يوفرها الدين، مما يؤدي إلى فصل النظرية عن التجربة الدينية الشخصية والأثر المجتمعي للدين. 4. عدم تقديم بديلٍ تجديدي حيوي:
• يرى الرفاعي أن نقد حنفي، رغم أنه يُسلّط الضوء على بعض الجمود والتركيبات التقليدية في التراث، لا يقدم بديلًا يُعيد للنصوص الدين طابعها الحي والروحاني والأخلاقي والجمالي.