🌾 زادُ المُبَـلّـغـيـن 🌾
2.83K subscribers
18.6K photos
1.27K videos
586 files
5.45K links
للمحاضرات ومجالس السيرة الحسينية والمواعظ المفيدة
تفضلوا بزيارة قناتنا الأولى المخصصة للأشعار
منبريّون حسينيّون
@MINBARIYOON
للتواصل: @MINBARIYOON3bot
Download Telegram
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
1. الاعتراض على الوضع الموجود

خصائص الاعتراض في انتظار الموعود

  إذا ما أمعنّا النظر حول عنصر الاعتراض فيما يخصّ انتظار فرج المهدي الموعود (عجل الله فرجه الشريف)، لوصلنا إلى نقاط جديدة. والنقطة المهمّة في ذلك هو جواز هذا الاعتراض. أي على الرغم من أنّ الغيبة تقديرٌ إلهي، ولكن يمكننا الاعتراض عليها. ولهذا الدليل علّمونا في دعاء الافتتاح، وكذا في الدعاء الوارد في زمن الغيبة أن نشكو إلى الله غيبة وليّنا ونعترض على ذلك: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا وَغَيْبَةَ وَلِيِّنَا»، وقرنوا هذا الاعتراض باعتراض آخر: «وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَقِلَّةَ عَدَدِنَا»¹ للتصعيد من شدّته.

   وقد تكون واحدة من حِكَم هذه الغيبة هي تبلور هذا الاعتراض المقدّس ليتأهّل الناس، ولا سيّما المسلمون والشيعة لإدراك حضوره وظهوره. كما أنّ من حقّنا الحياة في ظلّ نور إمام معصوم؛ الحقّ الذي سُلب منّا بسبب ظلم الظالمين عبر التاريخ. ومن الفضل أن نرغب في الحضور إلى جانبه والاعتراض على غيبته. وتارة نجد أئمتنا - رغم أنّهم كانوا أئمّة، ولم يكونوا مضطرّين كما هو حالنا - يندبون ويبكون على غيبة الوصيّ الخاتم بحزن وحرقة قلب، ممّا يثير دهشة الحاضرين وحيرتهم.

   فعلى سبيل المثال، يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في مناجاة له مع الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وهو لم يولد بعد بحزن واكتئاب: «سَيِّدِي غَيْبَتُكَ نَفَتْ رُقَادِي»².

   وهذا أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) يتأوّه شوقًا لرؤية المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، وذلك عندما سأله رجل عنه، فبيّن له صفاته، ثمّ أومأ بيده إلى صدره الشريف قائلًا: «آهِ، شَوْقًا إِلَى رُؤْيَتِهِ»³.

   والاعتراض على الغيبة، يتبعه انتظار الظهور. وكلّما كان هذا الاعتراض أكثر عمقًا، كان ذلك الانتظار أكثر دقّة، وقلب المنتظر أكثر رقّة. ودعاء الندبة زاخر بالاعتراض على الأوضاع السيّئة التي نعيشها. حتى أنّه يشير إلى قتل الأنبياء وأولاد الأنبياء، ويصرّح بقتل أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في كربلاء. وفي اعتراضه على شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) أيضًا، لم يستخدم كلمة «الشهادة» التي تشير إلى الجانب الإيجابي من واقعة كربلاء، وإنّما استخدم كلمة «المقتول» مناديًا الطالب بدمه: «أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ؟ »⁴.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. الدعاء الوارد في زمن الغيبة عن الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف) نقلًا عن سفيره الأول؛ كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص514. وكذلك مقطع من دعاء الافتتاح؛ مفاتيح الجنان، أعمال شهر رمضان المبارك، وتهذيب الأحكام، ج3، ص110. وأيضًا في الدعاء الوارد في قنوت الركعة الأخيرة من صلاة الليل (صلاة الوتر): الأمالي للشيخ الطوسي، ص432.
[2]. كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص335: «عَنْ سَدِيرِ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَالْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو بَصِيرٍ وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ عَلَى مَوْلَانَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام). فَرَأَيْنَاهُ جَالِسًا عَلَى التُّرَابِ وَعَلَيْهِ مِسْحٌ خَيْبَرِيٌّ مُطَوَّقٌ بِلَا جَيْبِ، مُقَصَّرُ الْكُمَّيْنِ، وَهُوَ يَبْكِي بُكَاءَ الْوَالِهِ الثَّكْلَى، ذَاتَ الْكَبِدِ الْحَرَّى، قَدْ نَالَ الْحُزْنُ مِنْ وَجْنَتَيْهِ، وَشَاعَ التَّغَيُّرُ فِي عَارِضَيْهِ وَأَبْلَى الدُّمُوعُ مَحْجِرَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: «سَيِّدِي غَيْبَتُكَ نَفَتْ رُقَادِي وَضَيَّقَتْ عَلَيَّ مِهَادِي وَأَسَرَتْ مِنِّي رَاحَةَ فُؤَادِي، سَيِّدِي غَيْبَتُكَ أَوْصَلَتْ مُصَابِي بِفَجَائِعِ الْأَبَدِ وَفَقْدُ الْوَاحِدِ بَعْدَ الْوَاحِدِ يُفْنِي الْجَمْعَ وَالْعَدَدَ...».
[3]. «... ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صِفَةِ الْمَهْدِيِّ (عجل الله فرجه الشريف) فَقَالَ: أَوْسَعُكُمْ كَهْفًا وَأَكْثَرُكُمْ عِلْمًا وَأَوْصَلُكُمْ رَحِمًا ... هَاهُ - وَأَوْمَا بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ - شَوْقًا إِلَى رُؤْيَتِهِ». الغيبة للنعماني، ص212.
[4]. مفاتيح الجنان، دعاء الندبة، وأيضا : إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس، ص297.

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص67-69

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
1. الاعتراض على الوضع الموجود

من الاعتراض إلى العداء

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص72-74

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
1. الاعتراض على الوضع الموجود

من الاعتراض إلى العداء

في مسألة الاعتراض، يتبلور الاعتراض أوّلًا بالنسبة إلى الأوضاع الموجودة. ثمّ يظهر شيئًا فشيئًا أناس يمكننا أن نوجّه اعتراضنا مباشرة لهم ونصرخ بوجههم. فهم في الحقيقة أولئك الذين تسبّبوا في إيجاد الوضع الموجود، أو وقفوا حجر عثرة أمام إصلاح الوضع الموجود بشكل من الأشكال. وفي دعاء الندبة كثيرًا ما نشاهد مثل هذه العبارات: «أَيْنَ قَاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدِينَ؟ أَيْنَ هَادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفَاق؟»¹، ومن المعلوم أنّ لهذا الاعتراض مخاطبين.

فالمنتظر في هذا العنصر الأوّل وهو الاعتراض، يصبح من أهل الحب والبغض؛ ويصل تعامله مع البعض إلى العداء. وهو لا ينظر للجميع على السواء، ولا يغمر الكلّ بمحبته فإنّه، وإن كان يحبّ أهل العالم بأجمعهم؛ وأساسًا عندما يبكي على الفرج، فهو يبكي على فرج جميع الناس، غير أنّ له عداء مع بعضهم. ويعترض على المتسبّبين بالأوضاع السيّئة في العالم. ففي الوقت الذي يعترض على الظلم، يعادي الظالم أيضًا. فلا يتأتّى لأحد أن يطلب فرج من ينشر الرحمة ويبسط العدالة، ولا يعادي الظالمين المتغطرسين.

فإنّ البعض يكرهون «الظلم»، ولكن لا يملكون الشهامة لمعاداة «الظالم»، أو إنّهم ينسون عداءهم طمعًا للوصول إلى الأمن من خلال تطبيع العلاقات معه.

علمًا بأنّ المنتظر لا يعادي كلّ فاسد، أو كلّ إنسان سيّئ، بل يريد نجاتهم وهدايتهم ، ويسعى إلى تحقيق ذلك، ولكنّه لا يقف إلى جانب المفسدين والممهّدين للفساد. وفي الحقيقة، فإنّ المنتظر لا يعادي إلّا الّذين يمهّدون الأرضيّة لانحراف الناس وفساد أوضاع العالم. وحينما تصل قضية الانتظار إلى معاداة المفسدين، ويتضح أنَّ الانتظار لا ينسجم مع طلب الراحة، يخرج الكثير ممّن كانوا يعدّون أنفسهم من المنتظرين من هذه الدائرة.

وعلى هذا الأساس، فإنّ الّذين يرغبون أن يحترمهم جميع الناس حتى المفسدون، أو الّذين لا يقفون بوجه المفسدين على أقل تقدير، لا يمكنهم أن يدخلوا في زمرة المنتظرين وأساسًا، فإن الرغبة في مساومة الظالمين والمفسدين، إنّما هو ميل خبيث إذا نفذ إلى روح المؤمن، أفسد إيمانه. وبإمكان هذا الميل الخبيث أن يسوق المؤمنين إلى أن يكونوا مستعدّين - طلبًا لرضا الأعداء أو للراحة والدعة - أن يحزّوا رؤوس أولاد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكلّ ذلك ناتج عن معاداة الله لأمثال هؤلاء الناس الذين يحسبون حساب «رضا الظالمين وغضبهم» أكثر من «الرضا والغضب الإلهي»، وطلبًا لعافيتهم وراحتهم لا يرتدعون عن تهيئة الأرضيّة لتعزيز وتوسيع قدرة الظالمين.

وفي الكثير من الأحيان، تبدأ هذه الحالة الروحيّة الخطيرة (الميل إلى مساومة الظالم)، من مجاملة بسيطة مع الظالمين، أو طلبٍ معقولٍ للراحة بحسب الظاهر. إنّ الله سبحانه وتعالى، وبكل بساطة، يُعرض عن المؤمنين الذين يميلون إلى المفسدين، ويستبدلهم بطائفة أخرى. وقد صرّح بذلك في الآية 54 من سورة المائدة، مبيّنًا سبب الإعراض عن الطائفة الأولى من خلال الصفات التي وصف بها الطائفة المستبدلة، وهي ليست سوى التسليم لأعداء الله والخوف من لوم اللّائمين: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّـهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾.² فالمؤمنون الذين يعرض الله عنهم ويستبدلهم بجماعة شجاعة أخرى، هم الّذين ينزعون إلى أعداء الله، ويتشبّثون بشتى الوسائل والذرائع للتخلّي عن معاداة أعداء البشريّة تحقيقا لمآربهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. مفاتيح الجنان، دعاء الندبة وكذلك إقبال الأعمال للسيد بن طاووس، ص297.
[2]. سورة المائدة، الآية 54.

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص72-74

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
1. الاعتراض على الوضع الموجود

من الاعتراض إلى العداء

         التكملة

ولو أردنا متابعة هذا البحث بمزيد من الدّقة، لوصلنا إلى نقاط تمثل أفجع لحظات تاريخ الإسلام وإنّ الكثير من مراثي ومصائب أهل البيت (عليهم السلام) تذكّر بهذه النقاط الأليمة. فقد كان عمر بن سعد يقول إلى ما قبل عاشوراء بأيّام: «أخشى أن يورّطنى ابن زياد بقتل الحسين (عليه السلام)».¹ ولما أفسد شمر ما أراده عمر ابن سعد من ابن زياد - عبر مراسلته إيَّاه - من إصلاح الأمور، قال له ابن سعد: «مَا لَكَ وَيْلَكَ لَا قَرَّبَ اللهُ دَارَكَ وَقَبَّحَ اللهُ مَا قَدِمْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَاللهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ نَهَيْتَهُ عَمَّا كَتَبْتُ بِهِ إِلَيْهِ وَأَفْسَدْتَ عَلَيْنَا أَمْرًا قَدْ كُنَّا رَجَوْنَا أَنْ يَصْلُح»². ولكنّه لم يمض وقتٌ طويلٌ حتى رمى أول سهم نحو الحسين (عليه السلام) وأصحابه وقال: «اشْهَدُوا لِي عِنْدَ الْأَمِيرِ أَنِّي أَوَّلُ مَنْ رَمَى»، ثم أقبلت السهام من القوم كالمطر.³ وأخيرًا آل به المطاف إلى أن يأمر مباشرة، ومن دون طلب أسياده الأشقياء، بقتل طفل أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) الرضيع.

   «الانتظار» لا ينسجم مع المساومة. ولا ينتهي بالكُره ولا حتى بالعداء، بل قد يصل إلى إظهار العداء أيضًا. فإنّ المنتظر وإن كان مظلومًا، ولكنه ليس بمنظلم⁴ وفي قاموس الانتظار، إذا ما نُصبت خيمة المنتقم، لا يتأتّى للمنتظر أن ينضوي تحت خيمة الظالمين ولو للحظة واحدة. المنتظر ليس منفعلًا، ويقف دومًا بوجه أعداء العدالة. وعلى هذا، لا يستطيع أن يكون منتظرًا إلّا من كان مستعدًّا لدفع تكاليف الاعتراض.

   والبعض حتى لا يرى من البأس أن يكون حاكمًا أو وسيطًا بين الله وبين أعدائه. ويفرّط في التعاقل بذريعة التفكير في المصالح واتّباع أوامر العقل بحيث يختار طريق الاعتدال بين الحقّ والباطل؛ وعند ذلك يصل إلى الاستقرار الناتج عن فقدان الغيرة. ويلجأ تبريرًا لنزوعه إلى الراحة والدعة إلى حجج واهية كـ«إمكان الهداية» و«الإنسانية»، غافلًا عن أنّ الله سبحانه قد أشار فيما سبق إلى أنّ الظالمين لا يهتدون ولا يُجدي السعي لذلك.⁵ وأقترح على أصدقائي الأعزّاء بعد الآيات والروايات والأدعية كدعاء الندبة مراجعة أقوال الإمام الخميني (قدّس سره) لتعلّم آداب معاداة العدوّ، وعدم نسيان السعي والجهد لمقارعة الظالمين.⁶

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. بعد أول حوار دار بين الإمام الحسين (عليه السلام) وعمر بن سعد عبر الرسول كتب الأخير رسالة إلى ابن زیاد، فأجابه ابن زياد فيها: «اعْرِضْ عَلَى الْحُسَيْنِ أَنْ يُبَايِعَ لِيَزِيدَ هُوَ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ فَإِذَا فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ رَأَيْنَا رَأْيَنَا وَالسَّلَامُ». فَلَمَّا وَرَدَ الْجَوَابُ عَلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: «قَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَقْبَلَ ابْنُ زيَادٍ الْعَافِيَة» الإرشاد للمفيد، ج2، ص86.
[2]. الإرشاد للمفيد، ج2، ص89.
[3]. اللهوف على قتلى الطفوف، ص100. الإرشاد للمفيد، ج2، ص101.
[4]. المنظلم هو المنفعل الّذي يرضخ للظلم طلبًا للوصول إلى بعض المنافع الدنيويّة الحقيرة أو خوفًا من فقدانها. أمّا المظلوم فهو الذي يتعرّض للظلم اضطرارًا ومن دون امتلاك قدرة على الردع. وقد اعتبر العلامة الحلي الظلم والانظلام كليهما رذيلة وقال في الانظلام «الانظلام وهو الاستجابة في المقتنيات بمن لا ينبغي وكما لا ينبغي». (الألفين في إمامة أمير المؤمنين، ص162) وقال الإمام الصادق (عليه السلام) في هذا الشأن: «العامِلُ بِالظُّلِمِ والمُعينُ لَهُ والرَّاضِي بِهِ شُرَكَاءُ ثَلَاثَتُهُم». الكافي، ج2، ص333.
[5]. على سبيل المثال: ﴿إِنَّ الله لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾ سورة المائدة، الآية 51.

#يتبع ــــــــــــ ① ↪️ ــــــــــــ
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
1. الاعتراض على الوضع الموجود

آفات الاعتراض

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص77-79

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
1. الاعتراض على الوضع الموجود

آفات الاعتراض

بالطبع، قد يقترن الاعتراض على الوضع الموجود مع كلّ إيجابياته، ببعض الآفات كأيّ أمر آخر. وبالإمكان أن تكون هذه الآفات خطيرة للغاية، لا سيّما في المجتمعات الممهّدة للظهور.

واحدة من آفات الاعتراض هي الغلوّ والمبالغة في الاعتراض. وهذا يعني التفريط في تقدير سوء الأوضاع، وعدم رؤيـة الـوجـوه الإيجابيّة، حتّى الوصول إلى اليأس والقنوط الّذي بإمكانه أن يُعدّ آفة مستقلّة للاعتراض. إنّ المبالغة في الاعتراض بالإضافة إلى أنّها تزرع في الإنسان الروح السلبيّة والحِدّة في الأخلاق، وتُشوّه الصورة الجميلة لـ«الاعتراض في مسار الانتظار»، بإمكانها أن تسبّب التسرّع في العمل وهدم الوجوه المطلوبة الموجودة، فلا بد من اتّقاء هذه الآفات.

والشباب أكثر من غيرهم عرضة لهذه الآفة. ففي الأغلب، عندما يدور الحديث عن الاعتراض على الوضع الموجود، سرعان ما تتورّط الروح المثاليّة والمتسارعة للشباب بآفة «الغلو». يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «احْذَرُوا عَلَى شَبَابِكُمُ الْغُلَاةَ لَا يُفْسِدُوهُمْ»¹. لماذا يجب الحذر من إيجاد العلاقة بين الشباب والغلاة؟ لأنّ الشابّ - بصورة طبيعيّة - يميل إلى الغلوّ، والحضور في جمع الغلاة ينمّي هذا الميل بسرعة ويسوقه إلى الفساد. وفي بعض الأحيان إذا أراد الشابّ أن يبالغ في مشاهدة النقاط السلبية للوضع الموجود ويسعى مفرّطا للاعتراض عليه، قد يقوم بإجراءات تعسفيّة أو يُصاب بالإحباط.

الآفة الأخرى للاعتراض على الوضع الموجود، هي اليأس من الوصول إلى الوضع المنشود الناتج عن عدم مشاهدة الأرضيّات والاستعدادات المناسبة. وقد تحلّ المصائب والنوائب بالإنسان إلى حدٍّ تغلق بوجهه جميع المنافذ، وتسوقه إلى وادي اليأس والقنوط. ولكن لنعلم أنّ الله سبحانه قد وفّر في أسوء الحالات أيضًا فرصًا للخروج من المآزق والأزمات، فلا بدّ من البحث عنها واغتنامها.

والآفّة الأخرى للاعتراض على الوضع الموجود هي السلبيّة المطلقة التي تؤول إلى العبثيّة. فلا ينبغي أن نعدّ الوضع الموجود سيّئًا على الإطلاق مهما كانت الظروف. ولا ينبغي أن نعدّ جميع الناس أشقياء بالكامل؛ أو نزعم أنّ جميع الأشقياء غير قابلين للهداية. فإنّ أسهل، وفي الوقت نفسه أبعد رؤية عن العقل، هو الإطلاق في النظرة السلبية للمجتمع والوضع الموجود؛ حيث لا تحتاج إلى أيّة دقة وعقلانيّة، وهي علامة على غلبة بعض الأحاسيس السطحيّة. فإنّ المتثاقل في ميدان التحليل، ومن خلال تلخيص كلّ شيء في النظرة المطلقة، يرى كلّ شيء فاسدًا.

إنَّ آفات وأضرار الاعتراض فى كثير من الأوقات ناجمة عن منشأ باطل. فلو لم يستند الاعتراض على أساس صحيح، لا يصل الانتظار أيضًا إلى نهاية جيّدة، وقد يزول فى وسط الطريق؛ أو إنَّه يستمرّ خطأً بعد الوصول إلى الوضع المنشود أيضًا، وهذه أسوأ من الصورتَيْن السابقتَيْن. كما أنّ بعض المنتظرين المعترضين على الوضع الموجود، يستمرّون على اعتراضاتهم الوهميّة حتّى بعد ظهور الإمام أيضًا ويسبّبون له الأذى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. الأمالي للشيخ الطوسى، ص650.

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص77-79

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
2. معرفة الوضع المنشود

وظيفة المنتظرين في رسم المجتمع المهدوي

من البركات الأخرى للمعرفة الجليّة بالوضع المنشود هي استنارة الطريق في هذا العصر، والاستلهام للعبور من المشاكل المتفشية في
مجتمعنا.

يجب علينا رسم خصائص المجتمع المهدوي، وفي المرحلة الّتي تليها تقييم بُعدنا عن الوضع المنشود والمضيّ نحوه؛ لأنّ بعض خصائص الوضع المنشود، لا بدّ وأن تتحقّق على أيدينا قدر استطاعتنا¹. وهذه هي من لوازم التمهيد للظهور التي هي وظيفتنا ورسالتنا التاريخيّة، نحن الشيعة.

وكما أنّ على مجتمعنا تلقّي الدروس والعبر الكثيرة من مدينة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، يجب علينا أخذ الدروس الكثيرة من المجتمع المهدويّ أيضًا. ويتسنّى لمجتمعنا أن يجتاز الكثير من المشاكل التي كانت موجودة في صدر الإسلام، والتي من الممكن أن تكون موجودة أيضًا في مجتمعنا، وذلك من خلال تلقّي الدروس من المجتمع المهدوي. فإنّنا، وإن كنّا نفتخر بالتاريخ المشرق لحياة المعصومين (عليهم السلام)، ونأخذ الدروس الكثيرة منه، إلّا أنّ الغالب على ذلك التاريخ هو المظلوميّة الكبيرة لأولياء الله. ويمكننا إكمال معرفتنا عبر إمعان النظر في المجتمع المهدوي الذي ستكون فيه الولاية في أوْج اقتدارها.

انظروا إلى المشاكل الموجودة في مجتمعنا اليوم أيّ واحدة من هذه المشاكل لا يمكن حلّها عبر الوقوف على مجتمع الإمام وحكومته، والتأسّي به والاستلهام منه؟ لا سيّما وأنّ لمجتمعنا اليوم شبهَـًا كبيرًا بالمجتمع المهدوي، وهو أقرب مجتمع إلى المجتمع الذي سيكوّنه الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف).

إنَّ بعض المشاكل الموجودة في مجتمعنا لو ارتفعت، لتقرّبنا إلى الوضع المنشود كثيرًا. وهذه هي بشارة مولانا؛ حيث قال في توقيعه الشريف للشيخ المفيد (قدّس سره) : «وَلَوْ أَنَّ أَشْيَاعَنَا وَفَّقَهُمْ اللهُ لِطَاعَتِهِ عَلَى اجْتِمَاعِ مِنَ الْقُلُوبِ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَيْهِمْ، لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْيُمْنُ بِلِقَائِنَا وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا».²

إنّ أهمّ خصّيصة يتحلّى بها مجتعمنا، والتي تؤدّي إلى قربنا من الإمام، هي كونه ولائيًّا واكتساب الكمالات في هذا المجال، يزيد من قربنا للإمام لا محالة. فإنّ اتّصاف مجتمعنا بمزيد من الحالة الولائيّة، يمثّل تلبية لذلك العهد المأخوذ على عاتقنا. كما أنّ مشاكلنا ناجمة عن قصورنا وسوء تصرّفنا في هذا المجال.

وإذا ما نظرنا إلى المجتمع الموعود، لوجدنا أنّ جميع البركات والخيرات في المجتمع المهدوي، وتبلور الوضع المنشود، ناجمة عن استقرار الولاية وتقبّل أهل الأرض بأجمعهم لها. وأمّا ما هي الظروف التي يصبح كلّ الناس على ضوئها ولائيّين، فهو بحث آخر لا بدّ من التعرّض له في محله، ولكن على أيّ حال، بعد أن يُصبح الجميع ولائيّين، تتنزّل النِعَم من الأمن والاستقرار إلى العدالة والرفاهية.

ولو كان للنُخب والخواص في المجتمع دورٌ أساسيّ في تعزيز أركان الولاية في المجتمع، فما هي الآن وظيفة النُخب في مجتمعنا؟ ولو كان عبء حكومة الإمام ملقىً على عاتق النُخب الأتقياء المقتدرين في عصر الظهور، فكم سيكون لتربية مثل هؤلاء النُخب وفسح المجال لهم من دورٍ هامّ في تسيير الأمور؟

ولو أنّ عقول الناس تتكامل بعنايته في ذلك العصر وتؤدّي هذه العقلانية نفسها إلى إرساء قواعد حكومة الإمام، فما هي وظيفتنا اليوم في تنمية العقلانيّة في المجتمع؟ ولو أنّ محبّة الناس الشديدة للإمام في عهده تؤدّي إلى التآلف بين القلوب وإلقاء الرعب في نفوس الأعداء، فما مدى أهمية تعزيز المحبّة لولي الله ونائبه في المجتمع (الولي الفقيه) في الظروف الراهنة؟

يجب علينا ضمن بحوث مستقلّة أن نتعرفّ من جانب إلى خصائص المجتمع المهدوي والوضع المنشود بدقّة، وأن نقوم من جانب آخر برصد المشاكل المتفشية فى مجتمعنا، والبحث عن حلولها في إطار خصائص الوضع الموعود.

#يتبع ــــــــــــــــــــــ ①
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود


العنصر الثالث للانتظار هو «الاعتقاد» بتحقّق الوضع المنشود، أي الإيمان والاعتقاد بتحقّق الوضع المنشود الّذي نعرفه. والأمل ينبثق من هذا الاعتقاد نفسه. ففي الظروف العصيبة التي تسوق الإنسان إلى اليأس، يكون الأمل ناجمًا من عقيدة راسخة بتحقّق أمر في المستقبل. فإنّنا بعد الاعتراض على الوضع الموجود، والحصول على صورة صحيحة بالنسبة إلى الوضع الموعود، يجب علينا الآن الاعتقاد بتحقّق ذلك الوضع المنشود. فإنّ الأمل بالوصول إلى الوضع الموعود هو الّذي يأخذ بأيدينا نحوه.

وفي مسألة رسم الوضع المنشود، نصل إلى خصائص يصعب على المرتابين تقبّلها بسهولة. وقد آل المطاف بالبعض إلى عدم التصديق بالصورة المذكورة في الروايات، والتي تبدو خيالية حول خصائص المجتمع المهدوي، بحيث إنّه لم يكلّف نفسه عناء إنكارها أيضًا، بل بات يمرّ عليها مرور الكرام، معتبرًا أنّ الوضع المنشود المرسوم لا يمكن تحقّقه¹.

إنّ أحد عوامل ضيق الأفق ورفض تحقّق الوضع المنشود هو الغور في التجارب البشرية التي يتمّ تنظيرها في مدارس المفكرّين الغربيّين. ومن العوامل الأخرى لإيجاد أرضيّة التشكيك في المجتمع المهدوي هو السلبيّة وعدم امتلاك فلسفة قويمة لحياة الإنسان.

إنّ للاعتقاد بالمهدويّة والوضع المنشود الموعود، عقبات سنشير إليها، ولكن رغم ذلك لا ينبغي إهمال الموانع الجديّة التي تحول دون الإيمان بكلّ ما وعده الله. إنّ الإيمان بأي وعد من وعود الأنبياء والاعتقاد بتحقّقها يحتاج أساسًا إلى نوع من صفاء السريرة لتستطيع أجنحة الفكر أن تحلّق بحرية في السماء للوصول إلى أفق الحقيقة. فإنّ أدنى ثغرة كامنة في روح الإنسان قد تقطع عليه طريق تقبّل الوعود الإلهيّة والتدبّر فيها.

وقد تؤول الكثير من الانحرافات الدينيّة إلى عدم الاعتقاد بالمجتمع المهدوي. فلو تعارضت مسيرة أحد بالكامل مع المبادئ المهدويّة، ومن جانب لا بدّ له أن يرى غاية الحياة ونهاية الكمال في المعتقدات المهدويّة، فإنّ الطريق الأسهل له هو إنكار المجتمع المهدوي من الأساس، وإلّا فلا بدّ له من تغيير مسيرة حياته، أو الاعتراف بخطأ حركته على أقلّ تقدير؛ وهو أمر عسير على الكثير.

وفي هذا، يتضّح دليل عدم اعتقاد المكابرين وعبيد الأموال بالمجتمع المهدوي للعيان وسعيهم المستمرّ لسلب الاعتقاد من المستضعفين، أو سوقهم إلى عدم الاكتراث - على أقل تقدير - بمستقبل خالٍ منهم. علمًا بأنّ المكابرة لا تختصّ بدائرة الأموال والحكم، بل لها أقسام وأنواع عدّة، وبالإمكان ظهورها في شتى المجالات. كأن يقوم طالب العلم في ضمن حوار علميّ بعدم التراجع عن كلامه الباطل حبًّا بالجاه. فهو ضرب من ضروب المكابرة.

وفي المقابل، فإنّ الاعتقاد بتحقّق المجتمع المهدوي يفتح بوجه البشرية آفاق السعادة وله آثار عديدة في إرساء القواعد الدينيّة لدى المؤمنين، وسوف نشير إلى جملة من هذه الآثار. والحدّ الأدنى للاعتقاد بهذا المستقبل المشرق هو أنّك تتحلّى بسلامة القلب، وهي علامة جيّدة تبعث على الابتهاج؛ وستترك في حياتك المعنويّة الكثير من الخيرات والبركات.

وأساسًا، فإنّ الاعتقاد بالمسائل المعنويّة علامة على سلامة روح الإنسان وسرعة التصديق بالوعود الإلهيّة ناجمة من صفاء السريرة. فإنّ سرعة التصديق، وإن تكن تارة بسبب السذاجة وهي مذمومة، غير أنّها تارة أخرى تكون بسبب شدّة الدراية والحكمة وهو أمر مطلوب للغاية. فإنّ الّذي يتمتّع بحكمة ورؤية ثاقبة وسرعة فهم وقوة تحليل، غالبًا ما يؤمن بالوعود الإلهيّة بسرعة. ولكن لا يمكن التغافل إطلاقًا عن دور صفاء السريرة؛ لأنّ الإنسان الذكيّ لو لم يتمتّع بصفاء السريرة، سيستخدم جميع ذكائه في سبيل الباطل.

   وكذلك العكس فإنّ الّذي يتحلّى بصفاء القلب، ولكن لا يحمل النظر الثاقب قد لا يستطيع في بعض المواطن اختيار الطريق الصائب. ولذا تجده ينخدع سريعًا وينحرف بأدنى تحايل وإغواء. ولو لم يسقط بمواجهة المتحايلين، فلربما يفقد إيمانه بمواجهة أدنى امتحان أو بافتراض أنّ الوعود الإلهيّة غير منطقية.

   وفيما يخصّ الإيمان بالمهدويّة لا بدّ من القول إنّ الساحة زاخرة بالابتلاءات، وإنّ الابتلاءات الإلهيّة للمؤمنين مع اقتراب الظهور وبعده يتبعها الكثير من السقوط كما في الروايات.² فمن عَقَدَ إيمانه على قليل من المعرفة، وبنى أساس عقيدته على صفاء سريرته، سيسقط في الابتلاءات الصعبة، أو سيستولي عليه الخوف على أقلّ تقدير وسوف لا ينهض للدفاع عن الحقّ بشجاعة تامّة، تلك التي تنبثق من العقيدة الراسخة والمعرفة السديدة.

↪️ #يتبع ـــــــــــــــــــــ ①
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
الاعتقاد بالموعود، يستلزم الاعتقاد بأحقيّة الدين

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص94-96

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
الاعتقاد بالموعود، يستلزم الاعتقاد بأحقيّة الدين

حريّ بنا هنا أن نشير إلى نقطة مهمّة وهي دور الاعتقاد بـ«تحقّق المجتمع المهدوي» في إثبات «أحقيّة الدين». فلو فقد الاعتقاد بالمجتمع الموعود، لأصبحت جميع مبادئنا الدينيّة في العالم عرضة للتشكيك والتساؤل. إذ إنّ في قبال الكثير من الوصايا الاجتماعيّة للدين والصورة التي يرسمها لنا من المجتمع المنشود، يمكن القول بكل بساطة: «ماذا سيكون لو أمكن، ولكن المؤسف أنّه لا يمكن». ومعنى ذلك أنَّ وصايا الدين حتى لو كانت جيّدة لا يمكن تطبيقها. وعدد القائلين بهذا الرأي - بشتّى التعابير - ليس بالقليل.

نحن لو لم نكن معتقدين بإمكانية تحقّق الدين كله، وأنَّه سيتحقّق في يوم من الأيام بصورة شاملة وثابتة لوقع الدين بأسره عرضة للتشكيك. فلو قمنا بإثبات التوحيد والعدل والنبوة والإمامة، وتعرّضنا بعد ذلك لبيان الأحكام الإسلاميّة، ولكنّنا غير معتقدين بالمجتمع المهدوي، لا يمكننا عندئذ الدفاع عن أحقيّة الدين بشكل جيد، لماذا؟

لأنّه سيُقال لنا: هذا الدين الّذي تدّعون أنّه أكمل دين، لم يستقرّ بالكامل في عهد النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك لما وجّهه المنافقون من ضربات كبيرة له، وحالوا دون تحقيق القيم النبويّة بأسرها، وما تحقّق منه لم يستمر. ولو كان قد استقرّ بالكامل، لتحقّق وعد الله في قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّين كُلّهِ﴾¹، ولكان انتشر دين الإسلام في جميع أقطار العالم.

وأهم علامة على عدم استقراره هي الأحداث التي جرت بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، حتى آل المطاف إلى أن يتربّع رجل فاسق مثل يزيد على كرسيّ الحكم بصفته خليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم يقول بعد قتل أبي عبد الله الحسين : «لَعِبَت هاشِمُ بِالمُلكِ فَلا / خَبَرٌ جَاءَ وَلا وَحَيَّ نَزَل»².

وأمير المؤمنين (عليه السلام) أيضًا لم يوفّق لتحقيق ما كان يرمي إليه بالكامل، وحكومته الإلهيّة لم تدم أكثر من خمسة أعوام³ وسائر الأئمة (عليهم السلام) أيضًا كانوا في الأغلب يعيشون في غربة ومظلوميّة، وكانوا محرومين من حقوقهم الأولى، فضلًا عن أن تؤاتيهم الفرصة لإحلال الدين في المجتمع.

وقد أشار الإمام الخميني (قدّس سره) في كلمته بمناسبة النصف من شعبان إلى هذه المسألة المهمّة حسب تعبيره قائلًا:
«إنّ قضيّة غيبة صاحب العصر، قضية مهمّة توقفنا على العديد من المسائل منها أنّ الله تبارك وتعالى قد ادّخر المهدي الموعود (عليه السلام) للبشرية من أجل تحقيق هذا العمل العظيم، وهو تطبيق العدالة بمعناها الحقيقي في جميع المعمورة، تلك التي لم يسبقه أحد إليها. فقد جاء الأنبياء من أجل تطبيق العدالة، وبغيتهم هي تطبيق العدالة في جميع العالم، ولكن لم يوفّقوا لذلك. حتّى الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي جاء لإصلاح البشر ولتطبيق العدالة ولتربية الناس، لم يوفّق لذلك في زمانه، فلم تتوفر الإمكانيّة لأيّ أحد من الأولين والآخرين، وقد توافرت للمهدي الموعود فقط إمكانيّة نشر العدالة في جميع العالم، حيث ادّخره الله تبارك وتعالى لتحقيق ما لم يوفّق إليه الأنبياء مع أنهم جاؤوا لذلك، ولتطبيق ما كان يرمي إليه جميع الأنبياء، وجميع الأولياء، ولكن الأسباب حالت دون ذلك»⁴.

ويقول الإمام الخامنئي (دام ظلّه) أيضا:
«إذا لم تكن المهدويّة كان معنى ذلك أن كل مساعي الأنبياء وكل الدعوات وكل البعثات وكل هذه الجهود المضنية لا فائدة منها ولا أثر لها. إذًا قضية المهدويّة قضية أصليّة رئيسية ومن أكثر المعارف الإلهيّة أهمية وأصالة. لذلك في كل الأديان الإلهيّة تقريبًا - في حدود اطلاعنا طبعًا - شيء لبابه ومعناه الحقيقي هو نفس هذه المهدوية»⁵.

ومن هنا، فإنّ من الانتقادات الموجّهة لديننا، بل وللأديان الإلهيّة كافة من دون النظر إلى المجتمع المهدوي، هي أنّ دينكم يحمل بين دفّتيه تعاليم قيمة للغاية، ولكن لا يمكن إدارة حكومة من خلاله. كما أنّ أولياء الله أيضًا لم يتمكنوا من ذلك.

↪️ #يتبع ـــــــــــــــــــــ ①
#تم ـــــــــــــــــــــ ②

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. ﴿هُوَ الَّذِيٓ أَرْسَلَ رَسُولُة بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كِلْهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشِرْكُونَ﴾. سورة التوبة، الآية 33، وسورة الصف، الآية 9.
[2]. الاحتجاج للطبرسي، ج2، ص307.
[3]. عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «قَدْ عَمِلَتِ الْوُلَاةُ قَبْلِي أَعْمَالًا خَالَفُوا فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)  مُتَعَمِّدِينَ لِخِلَافِهِ نَاقِضِينَ لِعَهْدِهِ مُغَيِّرِينِ لِسُنَّتِهِ وَلَوْ حَمَلْتُ النَّاسَ عَلَى تَرْكِهَا وَحَوَّلْتُهَا إِلَى مَوَاضِعِهَا وَإِلَى مَا كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لَتَفَرَّقَ عَنِّي جُنْدِي حَتَّى أَبْقَى وَحْدِي أَوْ قَلِيلٌ مِنْ شِيعَتِيَ الَّذِينَ عَرَفُوا فَضْلِي وَفَرْضَ إِمَامَتِي مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ...». الكافي، ج8، ص59. وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) ثَبَتَتْ قَدَمَاهُ، أَقَامَ كِتَابَ اللَّهِ كُلَّهُ وَالحَقِّ كُلَّهُ». الكافي، ج5 ،ص556؛ تهذيب الأحكام، ج7، ص463.
[4]. صحيفة الإمام، ج12، ص480.
[5]. كلمته في الأساتذة والخريجين المتخصصين في المهدويّة، 2911/07/09.

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص94-96

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
الاعتقاد بالموعود، يستلزم الاعتقاد بأحقيّة الدين - التكملة

يُنقل أنّ في عصر أحد ملوك الصفويّة، عُقد مجلس بحضور الحاكم. فقام أحد الحاضرين بالحديث عن عدل علي (عليه السلام) كثيرًا لعلمه بادّعاء ملوك الصفويّة حبّهم لعلي بن أبي طالب (عليه السلام). فعرف الحاكم أنّه يتحدّث بتلميح وتهكّم. وبعد انتهاء المجلس وذهاب الحاضرين، أشار إليه بالبقاء وقال له: «ما لك تتكلّم بهذا المقدار عن عدل علي (عليه السلام)؟»

فأجابه أخيرًا، وقال: «كانت لديّ أرض وأخذها رجالك منّي بالقوة ولا أجد من أتظلّم إليه»، فقال الحاكم: «قل لي من الّذي اغتصب أرضك حتّى أعيدها إليك، ولكن لماذا كل هذا الكلام عن عدل علي (عليه السلام)؟»

قال الرجل للحاكم: «إنك تدّعي حبّ علي (عليه السلام)، وعليك أن تتصرّف مثله بعدالة»، فأجابه الحاكم: «صحيح بأنّنا نحبّ عليًّا، غير أنّ حكومة علي (عليه السلام) لم تدم أكثر من خمسة أعوام العدالته. وأنا أريد أن تدوم حكومتي أكثر»، يريد أن يقول: «لا يمكن الحكم من خلال عدل علي (عليه السلام) ونهجه».

وهذه هي عقيدة الكثير من المتنصّلين عن الدين الذين يعتبرون الدين أمرًا لطيفًا، ولا يُستفاد منه سوى لتلطيف روح الإنسان؛ وما زاد عن ذلك فلا للدين أمر محتمل ولا للمجتمع ممكن التطبيق. ومن هنا، يصفون الدين باللّاواقعية معتبرين أنَّه مجرد أشعار وحكايات يتحدث بعبارات مبالغ فيها عن القمم والأساطير البعيدة المنال، ويبيّن أشدّ المواعظ مبالغة وغلوّا ليترك ولو أثرًا إيجابيًّا قليلًا في نفوس المخاطبين.

علمًا بأنّ هذه الرؤية شائعة إلى حدّ ما في أوساط الكثير من المؤمنين والمتدينين. أي إنّ عددًا من المؤمنين قد ابتلوا بنوع من العلمانية بدرجات مختلفة، وقد تظهر هذه الرؤية في مواقفهم السياسيّة. ولا يعبّرون عن ذلك باللّادينية بل يعتبرون رؤيتهم هذه مزيجًا بين الواقعية والمبدئيّة.

فلو سأل سائل: «لو كان دينكم برنامجًا للحياة، وقابل للتطبيق فلماذا لم تتوافر إمكانيّة تطبيقه على يد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوصيائه المعصومين (عليهم السلام)؟ لا سبيل لنا سوى أن نعده بالمستقل إلى جانب ذكر الموانع الموجودة في السابق بأدلّة منطقية، ونقول له بأنّ هذا الدين بصفته أفضل برنامج للحياة في هذه الدنيا، ممكن التطبيق، وسيتّضح ذلك عبر ظهور المجتمع المهدوي العالمي في المستقبل.

ولا ينبغي أن نفسّر الحسنات والفضائل التي وصّى بها الدين بشكل يؤول إلى اتصافها باللّاواقعية، وإلى ظهور هذا التصور بأنّ المجتمع لا يمكن إدارته من خلال التعاليم الدينيّة. وعلى أيّ حال، فمن ساقه النظر إلى تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) الزاخر بالمظلوميّة وإلى جميع المظالم الحالة بالبشرية باسم الدين، إلى هذه الرؤية وهي أنَّ التعاليم الدينيّة خياليّة لا يمكن تحقّقها، فالجواب الوحيد له هو المجتمع المهدوي.

ولهذا، فإنّ الاعتقاد بالمهدويّة يمثلّ عاملًا مهمًّا في أن لا يقع أساس المعتقدات الدينيّة عرضة للتشكيك والتساؤل. ومن هنا، نجد النصوص الدينيّة تؤكّد بشكل كبير على قضية الموعود. فقد خصص النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وجزءا كبيرًا من كلامه في خطبة الغدير بالحديث عن الموعود¹، لئلّا يُتّهم الدين بأنّه غير قابل للتطبيق.

ما هو تفسير بكاء الأئمة على فراق الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) الذي لم يولد بعد، مع ملاحظة أنّهم يتمتعون بمقام الإمامة أيضًا؟ أليس كذلك في أنّ الإمام سيطبّق بالكامل ذلك الدين الذي قام بتبليغه جميع الأنبياء والأوصياء، وكانت بغيتهم تطبيقه وإذاقة الناس طعمه؟ أليس كذلك في أنّ الأنبياء كانوا يريدون أن يعرف الناس بأنّ هذا النهج الإلهيّ هو النهج الأمثل للحياة، والإمام سيُبيّن ذلك للناس عمليًّا والكلّ سيصدّق به؟

ومن جانب آخر، فإنّ من الطرق الموصلة للاعتقاد بالدين هو الاعتقاد بالموعود والمجتمع المنشود، لا سيّما في هذا الزمان الذي عمدت المظاهر الماديّة المغرية في الحضارة الغربيّة إلى أن تعرّف نفسها بأنّها هي نفس ذلك المجتمع الموعود. ففي مثل هذه الظروف، يجب التصديّ لإظهار عيوب هذه الحضارة الغربيّة عبر بيان خصائص المجتمع المهدوي الّذي يمثل حالتنا المنشودة، وذلك لإنقاذ الأفكار من الوقوع في فخ هذه الحضارة الزائفة ولهدايتهم إلى الحضارة الإسلاميّّة الأصيلة.

فلو تمّ تبيان الحضارة المهدويّة وخصائصها لأولئك المولعين والوالهين والخائبين فى الوقت ذاته بالحضارة الغربيّة (الذي ولعوا بالمبادئ
الإنسانيّة السارية في شعارات الحضارة الغربيّة وذاقوا كذلك الطعم المرّ لكذبها وزيفها)، سيُدركون محاسنها قبل الآخرين لا محالة، وسوف يؤمنون بدين الإسلام بسبب هذه النهاية الحسنة أفضل وأسرع من غيرهم.

↪️ #يتبع ـــــــــــــــــــــ ①
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
إشكالات في طريق الاعتقاد بالموعود (تحقّق الوضع المنشود)

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص100-101

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
إشكالات في طريق الاعتقاد بالموعود (تحقّق الوضع المنشود) 

لا بدّ من الاعتراف بأن الاعتقاد بتحقّق الوضع المنشود مقرون بالصعوبات. فبغضّ النظر عن رفض غير المعتقدين الذين يستهزئون بكلّ النداءات الإلهيّة الغيبيّة، هناك أناس متذرّعون مرتابون يتسبّبون دومًا في إطالة الحوارات والنقاشات فإنّهم وإن يوجبون تنمية علميّة كاذبة ويُنعشون سوق البحوث العلميّة إنعاشًا ليس مفيدًا، ولكنهم يبعّدون طريق الوصول إلى المقصد. ولو كان الرأي العام في متناول أيديهم لعمدوا وبكل وقاحة إلى زرع الشك والريب في قلوب الناس.

وبالإمكان الاستماع إلى آخر الاحتجاجات الصادرة عن أمثال هؤلاء الناس، وصدّ آخر مقاومتهم من خلال استعراض الأدلّة الكافية. ولكن لا عجب إن استمروا في رفضهم (لأنّه لا يُتوقّع من المتذرّعين سوى ذلك). ولا بدّ من الاكتفاء بإنقاذ الناس من إشاعتهم للشبهات. فإنّ التذرّع لعدم الإيمان بالوعود الإلهيّة سنّة سيّئة في القلوب المريضة التي قد لا تستيقظ بتاتًا.

ومن أجل إزالة الإشكالات الاعتقاديّة، لا بدّ في البدء من تحجيم أرضيّات التذرّع، ولا يتيسّر ذلك إلا بتنمية المعرفة وبسطها. وفيما يلي نستعرض معًا بعض هذه الإشكالات لنتمكّن من اجتيازها بشكل أمثل:

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص100-101

🛑 #يتبع  ①
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
إشكالات في طريق الاعتقاد بالموعود (تحقّق الوضع المنشود) - الإشكال الأول:

التكملة


#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص101-103

🛑 #يتبع  ②
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
إشكالات في طريق الاعتقاد بالموعود (تحقّق الوضع المنشود) - الإشكال الأول:

          التكملة


- الإشكال الأول: لو كان ذلك المجتمع الموعود ممكن التحقيق، فهل سيتحقّق عبر الالتزام بكل المبادئ التي كان التزم بها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوصياؤه (عليهم السلام)؟ المبادئ التي تؤدّي إلى استخدام القوة إلى الحد الأدنى والمرونة إلى الحد الأعلى، المبادئ التي تستلزم مراعاة الكرامة الإنسانيّة، والتي يؤدي الالتزام بها إلى إتاحة الفرصة لاستغلال المنافقين وتأثير عناد الكافرين. (وبالطبع كلّنا يعلم أنّ الالتزام بنفس هذه المبادئ هو الذي سبّب أن يتعرّض المعصومون (عليهم السلام) للظلم، ولكنَّه آل في نهاية المطاف إلى اتّضاح أحقيّتهم. ومعلوم أيضًا أنَّ الالتزام بنفس هذه المبادئ قد وهب للمجتمع المهدوي أهميّة بالغة ولانتظاره قيمة متزايدة).

   ولو كان من المقرر أن يتحقّق المجتمع المهدوي عبر الالتزام بتلك المبادئ، ألا يكون الحقّ مظلومًا للمرة الثانية؟ ولو أنّنا نسمع بأنّ الإمام سيستخدم السيف لاستئصال شأفة أعداء الدين¹ ألا يعدّ ذلك نقضًا لتلك المبادئ؟

قد لا يبدو هذا الإشكال وجوابه مهمَّيْن للوهلة الأولى، غير أنّ أهمية هذه المسألة تظهر عندما نعرف أنَّ البعض - كما جاء في الروايات - ينحرف ويتّهم الإمام بالخشونة والقساوة؛ لأنّه لا يحمل تحليلًا صحيحًا عن سبب شدّة الإمام في تعامله مع المنافقين.

تكمن أهمية مثل هذه الأسئلة والأجوبة في أننا لو أدركنا زمن حضور الإمام وسمعنا بشدة الإمام في تعامله مع المنافقين، سنحمل تحليلًا صحيحًا عن ذلك لئلّا نقع في تلك الانحرافات، ولا نتّهم الإمام بالخشونة والعياذ بالله.

الإجابة عن هذا السؤال تميط اللثام عن إمكانية تحقّق ثورة الإمام وحكومته، ومراحل تشكيلها، وإرساء قواعدها (وتُنمّي المعتقدات في هذا المجال)، وتكشف السر أيضًا عن مظلوميّة أولياء الله؛ السرّ الّذي يلعب دورًا هاما في فهم الدين بشكل صحيح، ومعرفته تحول دون تكرار هذه الظلامات.

وعلى سبيل المقدّمة ولاتضاح السؤال أكثر، نقول إنّ الأسس المهمّة في دين الإسلام هي مراعاة كرامة الإنسان، إلى درجة يمكن أوّلًا أن يترعرع المنافقون في المجتمع الديني، (وهم الذين يُبطنون الكفر ويُظهرون الإيمان والإسلام)، وأولياء الله بكرمهم، يُغلقون أبواب التجسّس والإفشاء من خلال علم الغيب أو بعض المعلومات الطبيعيّة، ويسترون عيوب المنافقين عبر التعامل معهم إنسانيًّا. وثانيًا، تُتاح للمنافقين الفرصة بأن يحبطوا بعض تدابير أولياء الله. ويكتفي أولياء الله أيضًا فى الأغلب بالإفشاء العام وتنمية البصيرة، ولا يشيرون بأصابع الاتّهام إليهم مباشرة إلّا إذا كشف المنافقون الستار عن وجوههم الحقيقيّة، أو تسبّبوا بتهديد المجتمع الديني بأخطار جسيمة.

ومن الطبيعي في ظلّ هذا المنهج، أن ينحرف الضعاف من المؤمنين بواسطة المنافقين بسهولة، وأن يستولي اليأس واللبس على عامّة الناس أيضًا، متأثرين بهذه الأجواء السائدة.

وهناك أيضًا وجهٌ آخر للاهتمام بكرامة الإنسان، وهو المهلة التي يُمهلها الله لعامّة الناس من أجل أن يميّزوا الحقّ عن الباطل بفكرهم وطينتهم الطاهرة. فإنَّ فرصة التفكير والتحليل التي يوفّرها الله للناس هي ضرب من ضروب تكريم الإنسان، وإن كان أولياء الله يحتملون أنواع المظلومية في هذا الطريق.

↪️ #يتبع ـــــــــــــــــــــ ①
#تم ـــــــــــــــــــــ ②

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. يقول الإمام الباقر (عليه السلام) حول الإمام الثاني عشر: «إِذَا قَامَ سَارَ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) إِلَّا أَنَّهُ يُبَيِّنُ آثَارَ مُحَمَّدٍ وَيَضَعُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ هَرْجًا هَرْجًا حَتَّى رَضِيَ اللهُ». الغيبة للنعماني، ص164.
وقال في رواية أخرى: «سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى وَسُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم).... وَأَمَّا مِنْ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَالْقِيَامُ بِسِيرَتِهِ وَتَبْيِينُ آثَارِهِ ثُمَّ يَضَعُ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَزَالُ يَقْتُلُ أَعْدَاءَ اللَّهِ حَتَّى يَرْضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». كمال الدين وتمام النعمة، ج1، ص329.
وفي طريق العودة من حرب الجمل، أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) يتحدث عن الفتن في ضمن الإجابة على أسئلة الناس، حتى قال رجل آخر فقال: ثُمَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: «ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ يُفَرِّجُ الْفِتَنَ بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ كَتَفْرِيجِ الْأَدِيمِ بِأَبِي ابْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ يَسُومُهُمْ خَسْفًا وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ فَلَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ هَرْجًا هَرْجًا يَضَعُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَدَّتْ قُرَيْشُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنِي مَقَامًا وَاحِدًا قَدْرَ حَلْبِ شَاةٍ أَوْ جَزْرِ جَزُورٍ لِأَقْبَلَ مِنْهُمْ بَعْضَ الَّذِي يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَقُولُ قُرَيْشُ لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا فَيُغْرِيهِ اللهُ بِبَنِي أُمَيَّةَ فَيَجْعَلُهُمْ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتُلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا». الغارات، ج1، ص3 . وكذلك نهج البلاغه، الخطبة 93؛ والغيبة للنعماني، ص229، ح11، مع اختلاف يسير.

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص101-103

🛑 #يتبع  ②
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
إشكالات في طريق الاعتقاد بالموعود (تحقّق الوضع المنشود) - الإشكال الأول:

          التكملة


#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص103-106

🛑 #يتبع  ③
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
  
🪻 | ثقافة الانتظار |

- اكتشاف عناصر الانتظار
3. الاعتقاد والأمل بتحقّق الوضع المنشود
إشكالات في طريق الاعتقاد بالموعود (تحقّق الوضع المنشود) - الإشكال الأول:

          التكملة


واحدة من مصاديق هذا الإمهال في مسألة مراعاة كرامة الإنسان في صدر الإسلام هو عدم إفشاء أسماء المنافقين. فقد أشار القرآن الكريم إلى علامات المنافقين¹، ولم يذكر أسماءهم في مجتمع المدينة الصغير. إلّا أنّ المنافقين كانوا قلقين من أن يفضحهم الله عبر الوحي.²

   وقد اتّبع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) نفس هذا المنهج، فكان يشير إلى المصاديق بالتلميح على وجه العموم وبالتصريح على وجه الخصوص. ومن الأمثلة البارزة لهذا الأسلوب في التعامل هو محاولة الإغتيال الفاشلة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند عودته من غزوة تبوك:

   ففي طريق العودة من غزوة تبوك، تآمر جمع من المنافقين على اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك بإسقاطه من أعلى الجبل. فأخبر جبرائيل الأمين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)  بهذه المؤامرة. فوضع رجلَيْن من أصحابه حماية له، وأحبطوا مؤامرة المنافقين، وعرفوا المتآمرين بأجمعهم؛ حيث كانوا من وجوه المدينة، وأرادوا مجازاتهم على صنيعهم هذا، فمنعم النبي من ذلك، ولم يسمح لهم بذكر أسمائهم.³

   فواصل هؤلاء المنافقون مسيرتهم، وبقيت لهم مكانتهم المرموقة في المجتمع الإسلامي المدني، ودبّروا خططًا أخرى وطبقوا بعض مؤامراتهم، واكتسبوا نجاحًا ملحوظًا في النيل من الحقّ. وهذا ما هو مشهود في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضًا، ولا بدّ من التعرّض لذلك في البحث عن سيرته السياسية.

   والسؤال المهم هنا هو أنّ من يريد أن يحكم بهذه الطريقة، وأن يراعي كرامة الناس إلى هذا المستوى، فهل ستستمر حكومته؟ ولو أنَّ الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) سينتهج نهج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حكومته، فهل هو أمرٌ قابل للتحقّق؟ وهل ستدوم حكومته؟

   والمسألة المهمّة التى يجدر الاهتمام بها إضافة إلى ما ذُكر، هي أنّ النفاق يعدّ من بدايات العوارض الطبيعية لسيادة القِيم في المجتمع. فإنّ المبادئ والقيم إذا سادت في مجتمع ما، سواء كانت سيادة ثقافية (شيوع القيم في المجتمع) أو حكوميّة، ستؤول بالتالي إلى ظهور النفاق؛ لأنّ من لا يؤمن بقيم المجتمع، ينساق إلى التظاهر والنفاق من أجل الحفاظ على موقعه ومكانته الاجتماعيّة. وعلى الرغم من أنَّه يرفض المبادئ، يظهر بمظهر إنسان مبدئي مدافع عن القيم والمبادئ. أو أنَّه يساير المبادئ ظاهريًّا على أقلّ تقدير، ولكن من الواضح أنّه لا يستطيع مواصلة الطريق. فيبدأ بالتذرّع وتوجيه الضربات الخفيّة. علمًا بأنَّ للنفاق أقسامًا وحدًّا أدنى وأعلى، ولا بدّ من التعرّض لذلك في محله. ولكن على أيّ حال، فإنَّ النفاق ظاهرة مشؤومةٌ يبتلى بها كل مجتمع مبدئي بصورة طبيعيّة.

   والإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) الذي سيؤسّس مجتمعًا مبدئيًّا دينيًّا على صعيد العالم، من الطبيعي أن يكون المعارض الأوّل لهذا المجتمع هو النفاق. ومن جانب آخر، فإنّ الإمام سيقوم باجتثاث النفاق في هذه الحكومة الدينيّة نفسها، كما نقرأ في دعاء الندبة: «أَيْنَ هَادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنّفَاق؟»⁴، ونقرأ أيضًا في ليالي شهر رمضان: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إلَيكَ فى دَوْلَةٍ كريمةٍ تُعِزُّ بهَا الْإِسْلامَ وَأَهْلَهُ وَتُذِلُّ بها النّفاق وَأَهْلَهُ»⁵.

↪️ #يتبع ـــــــــــــــــــــ ①
#تم ـــــــــــــــــــــ ②

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. تعرض القرآن الكريم في سورة المنافقون والآية 49 - 74 من سورة التوبة، لبيان علامات المنافقين.
[2]. ﴿يُحَذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِءُوٓاْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا
تَحْذَرُونَ﴾ سورة التوبة، الآية 64.
[3]. الميزان، ج9، ص325 - 349، في ذيل الآية 64 - 74 من التوبة تعرض العلامة الطباطبائي في ذيل هذه الآيات إلى بحث تفسيري وروائي مبسوط. وفيما يلي نشير إلى ما استخلصه العلامة من هذه الآيات قائلًا: «فيتلخص من الآيات أنّ جماعة ممن خرج مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تواطؤوا على أن يمكروا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأسروا عند ذلك فيما بينهم بكلمات كفروا بها بعد إسلامهم ثم هموا أن يفعلوا ما اتفقوا عليه بفتك أو نحوه فأبطل الله كيدهم وفضحهم وكشف عنه...».
وقد ذُكرت هذه الحادثة في الكثير من المصادر الشيعية والسنية، منها: الخصال للشيخ الصدوق، الاحتجاج للطبرسي، العمدة تفسير الثعلبي، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، إعلام الورى، تفسير التبيان نقلًا عن مصادر أهل السنة، قصص الأنبياء للراوندي، البداية والنهاية لابن أثير الذي نقل هذه الواقعة عن تاريخ البيهقي وصحيح مسلم ومسند أحمد بن حنبل. ومما ذكره نقلًا عن تاريخ البيهقي عن حذيفة بن اليمان قال: «كنت آخذًا بخطام ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقود به وعمار يسوق الناقة... قلنا يا رسول الله: أولا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم؟ قال: لا، أكره أن يتحدث العرب بينها أن محمدًا قاتل لقومه». البداية والنهاية، ج5، ص20.
[4]. مفاتيح الجنان، دعاء الندبة. وأيضًا إقبال الأعمال للسيد بن طاووس، ص297.
[5]. مقطع من دعاء الافتتاح الوارد عن الإمام الكاظم (عليه السلام) الذي يُقرأ في ليالي شهر رمضان المبارك، تهذيب الأحكام، ج3، ص110. وكذلك جزء من خطبة الجمعة الواردة عن الإمام الباقر (عليه السلام)، الكافي، ج3، ص424.

#الشيخ_علي_رضا_بناهيان
📚 #ثقافة_الانتظار
🔶 #الفصل_الثاني
🔸 #انتظار_العلماء
🔸 ص103-106

🛑 #يتبع  ③
⚠️ يكمل الموضوع غدًا إن شاء الله تعالى


#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد

@ZADCOM