💠 #زاد_عاشوراء_للمحاضر_الحسيني
💠 #محرم_1447هـ
📝 الموعظة الثالثة عشرة
💠 معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
(قراءة في فقه المواجهة والمقاومة)
🔹 محاور الموعظة
1. معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
2. مفهوم النصر في الحروب اللامتماثلة
3. معايير النصر في الحروب اللامتماثلة
💠 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
@ZADCOM
💠 #محرم_1447هـ
📝 الموعظة الثالثة عشرة
💠 معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
(قراءة في فقه المواجهة والمقاومة)
🔹 محاور الموعظة
1. معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
2. مفهوم النصر في الحروب اللامتماثلة
3. معايير النصر في الحروب اللامتماثلة
💠 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
@ZADCOM
┈┉┅━━ ✿ ـ ﷽ ـ ✿ ━━┅┉┈
📝 الموعظة الثالثة عشرة
💠 معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
(قراءة في فقه المواجهة والمقاومة)
🔹 هدف الموعظة
تسليط الضوء على المعايير الإسلاميّة الأصيلة للنصر في سياق الصراع بين الحقّ والباطل، وبيان الفارق الجوهريّ بين منطق النصر في الثقافة القرآنيّة، ومنطق النصر العسكريّ المجرّد، مع ربط ذلك بواقعنا المعاصر.
🔹 محاور الموعظة
1. معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
2. مفهوم النصر في الحروب اللامتماثلة
3. معايير النصر في الحروب اللامتماثلة
🔹 تصدير الموعظة
﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾¹.
أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَمَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا»².
🔶 1. معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
إنّ النصر في المفهوم الإسلاميّ ليس حكراً على المكاسب العسكريّة أو النتائج الميدانيّة التي تُقاس بعدد القتلى والأسرى أو حجم الأراضي المُحرّرة، بل هو مفهومٌ أشملُ وأعمق، يتجاوز هذه الأطر الضيّقة ليصل إلى الموازين الإلهيّة التي تقيس النصر بمدى تثبيت قيم الحقّ، وفضح جبهات الباطل، وزرع الوعي في ضمير الأمّة. فكم من معركةٍ انتهت بانكسارٍ ظاهريٍّ لقوّة الحقّ، ولكنّها خلّفت في وجدان الأمّة هزّةً عميقةً أيقظت فيها الإيمان، وأعادت تعريف المواجهة، وحدّدت بوضوحٍ من هو العدوّ ومن هو الحليف، ومن يُمثّل المشروع الإلهيّ، ومن يُجسّد مشروع الطاغوت.
وهذا الفهم العميق للنصر هو الذي ينبغي أن يحكم رؤيتنا للصراعات الكبرى، وخاصةً في الصراعات الوجوديّة، التي لا تنحصر في حدود جغرافيّة أو في نزاعٍ على موارد، بل تمثّل تحدّياً لهويّة الأمّة، ووجودها الحضاريّ، وكرامتها الإنسانيّة، كما هو الحال في الصراع مع الكيان الصهيونيّ. ففي هذا الصراع تتجلّى معايير النصر الإلهيّ بأبهى صورها؛ إذ نرى أنّ كلّ مواجهة، وإن كانت محدودةً، تُسهم في كشف زيف هذا الكيان، وتعرّي حقيقته أمام العالم، وتُرسّخ في وجدان الأمّة ثقافة المقاومة، وتُحيي روح العزّة، وتُثبت أنّنا أمّةٌ لا تُهزم بالرصاص، بل تنتصر بالوعي والبصيرة والثبات على الموقف.
1. انتصار الفكرة وثبات المبادئ: فقد يُهزم أهل الحقّ عسكرياً، لكن تبقى أفكارهم ومبادئهم حيّة، وتنتقل من جيل إلى جيل، بينما يضمحلّ الباطل مهما بلغ من القوّة. قال تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾³ فالآية تؤكّد أنّ الباطل زائل، مهما بدا قويّاً.
2. ثبات أهل الحّق وعدم استسلامهم: إنّ الثبات على المبدأ وعدم الانحناء أمام الضغوط يُعد نصراً بحدّ ذاته. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾⁴، وعن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): «أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ»⁵.
3. كشف زيف الباطل وإضعاف شرعيّته: كلّما انكشف زيف الباطل وافتضحت أكاذيبه، كلّما اقترب النصر الحقيقيّ. قال تعالى: ﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾⁶، وهذا ما نراه اليوم في انكشاف جرائم الكيان الصهيونيّ أمام العالم.
4. استقطاب الناس إلى جانب الحقّ: كسب العقول والقلوب نحو قضيّة الحق يُعدُّ من أعظم صور النصر. قال تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾⁷، وعن الإمام علي (عليه السلام): «وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً، وَلِلْمَظْلُومِ عَوْناً»⁸.
5. استمرار حركة الحقّ رغم العقبات: استمرار مشروع الحقّ وتجدّده رغم كلّ التحدّيات يُعد نصراً استراتيجيّاً. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾⁹، وهذا ما نراه في استمرار المقاومة رغم كلّ المؤامرات التي تحاك ضدّها.
↪️ #يتبع ①
📝 الموعظة الثالثة عشرة
💠 معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
(قراءة في فقه المواجهة والمقاومة)
🔹 هدف الموعظة
تسليط الضوء على المعايير الإسلاميّة الأصيلة للنصر في سياق الصراع بين الحقّ والباطل، وبيان الفارق الجوهريّ بين منطق النصر في الثقافة القرآنيّة، ومنطق النصر العسكريّ المجرّد، مع ربط ذلك بواقعنا المعاصر.
🔹 محاور الموعظة
1. معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
2. مفهوم النصر في الحروب اللامتماثلة
3. معايير النصر في الحروب اللامتماثلة
🔹 تصدير الموعظة
﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾¹.
أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَمَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا»².
🔶 1. معايير النصر في صراع الحقّ والباطل
إنّ النصر في المفهوم الإسلاميّ ليس حكراً على المكاسب العسكريّة أو النتائج الميدانيّة التي تُقاس بعدد القتلى والأسرى أو حجم الأراضي المُحرّرة، بل هو مفهومٌ أشملُ وأعمق، يتجاوز هذه الأطر الضيّقة ليصل إلى الموازين الإلهيّة التي تقيس النصر بمدى تثبيت قيم الحقّ، وفضح جبهات الباطل، وزرع الوعي في ضمير الأمّة. فكم من معركةٍ انتهت بانكسارٍ ظاهريٍّ لقوّة الحقّ، ولكنّها خلّفت في وجدان الأمّة هزّةً عميقةً أيقظت فيها الإيمان، وأعادت تعريف المواجهة، وحدّدت بوضوحٍ من هو العدوّ ومن هو الحليف، ومن يُمثّل المشروع الإلهيّ، ومن يُجسّد مشروع الطاغوت.
وهذا الفهم العميق للنصر هو الذي ينبغي أن يحكم رؤيتنا للصراعات الكبرى، وخاصةً في الصراعات الوجوديّة، التي لا تنحصر في حدود جغرافيّة أو في نزاعٍ على موارد، بل تمثّل تحدّياً لهويّة الأمّة، ووجودها الحضاريّ، وكرامتها الإنسانيّة، كما هو الحال في الصراع مع الكيان الصهيونيّ. ففي هذا الصراع تتجلّى معايير النصر الإلهيّ بأبهى صورها؛ إذ نرى أنّ كلّ مواجهة، وإن كانت محدودةً، تُسهم في كشف زيف هذا الكيان، وتعرّي حقيقته أمام العالم، وتُرسّخ في وجدان الأمّة ثقافة المقاومة، وتُحيي روح العزّة، وتُثبت أنّنا أمّةٌ لا تُهزم بالرصاص، بل تنتصر بالوعي والبصيرة والثبات على الموقف.
1. انتصار الفكرة وثبات المبادئ: فقد يُهزم أهل الحقّ عسكرياً، لكن تبقى أفكارهم ومبادئهم حيّة، وتنتقل من جيل إلى جيل، بينما يضمحلّ الباطل مهما بلغ من القوّة. قال تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾³ فالآية تؤكّد أنّ الباطل زائل، مهما بدا قويّاً.
2. ثبات أهل الحّق وعدم استسلامهم: إنّ الثبات على المبدأ وعدم الانحناء أمام الضغوط يُعد نصراً بحدّ ذاته. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾⁴، وعن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): «أَيُّهَا النَّاسُ لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ»⁵.
3. كشف زيف الباطل وإضعاف شرعيّته: كلّما انكشف زيف الباطل وافتضحت أكاذيبه، كلّما اقترب النصر الحقيقيّ. قال تعالى: ﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾⁶، وهذا ما نراه اليوم في انكشاف جرائم الكيان الصهيونيّ أمام العالم.
4. استقطاب الناس إلى جانب الحقّ: كسب العقول والقلوب نحو قضيّة الحق يُعدُّ من أعظم صور النصر. قال تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾⁷، وعن الإمام علي (عليه السلام): «وَكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً، وَلِلْمَظْلُومِ عَوْناً»⁸.
5. استمرار حركة الحقّ رغم العقبات: استمرار مشروع الحقّ وتجدّده رغم كلّ التحدّيات يُعد نصراً استراتيجيّاً. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾⁹، وهذا ما نراه في استمرار المقاومة رغم كلّ المؤامرات التي تحاك ضدّها.
↪️ #يتبع ①
6. تحقيق نتائج استراتيجيّة برغم التضحيات: فالنصر لا يُقاس بنتيجة معركةٍ واحدة، بل بما تحقّقه المعارك المتتالية على المدى الطويل.وفي جوانب متعدّدة، وهذا ما نراه في فشل مشاريع التطبيع رغم المحاولات المكثّفة، وانكشاف القناع أمام العالم عن بشاعة الوجه الحقيقيّ المجرم للعدوّ الغاشم، والتصدّع الداخلي في الكيان المؤقت على كافة الأصعدة الاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة، لا سيّما الاختلافات الداخليّة.
هذه المعايير تُبرز بوضوح أنّ النصر في الإسلام ليس مجرّد تفوّق عسكريّ، بل هو انتصار للحقّ في الوعي والواقع، وثبات على المبادئ، وكشف لزيف الباطل، واستقطاب للناس نحو الحقّ، واستمرار في مقاومة الظلم، وتحقيق نتائج استراتيجيّة رغم التضحيّات.
في سياق الحروب اللامتماثلة، حيث تتواجه قوى غير متكافئة من حيث العدة والعتاد، يتجلى مفهوم النصر بمعايير تختلف عن تلك المعتمدة في الحروب التقليديّة. ففي هذه المواجهات، يكفي أن تصمد المقاومة وتحافظ على قدرتها القتاليّة حتّى تُعتبر رابحة. ومن هنا نشأت القاعدة: «إسرائيل تخسر إذا لم تربح، والمقاومة تربح إذا لم تخسر».
🔶 2. مفهوم النصر في الحروب اللامتماثلة
في الحروب التقليديّة، تُقاس الهزيمة بتدمير الجيش أو سقوط الدولة، بينما في الحروب اللامتماثلة، بين جيش غازٍ ومقاومة، يكفي أن تصمد المقاومة وتحافظ على قدرتها القتاليّة حتّى تُعتبر رابحة. ومن هنا نشأت القاعدة: «إسرائيل تخسر إذا لم تربح، والمقاومة تربح إذا لم تخسر»، وذلك وفق المفهوم الآتي:
1. إفشال أهداف العدوّ الاستراتيجيّة: إسرائيل، كطرفٍ مهاجم، تخسر إذا لم تحقّق أهدافها ونصراً واضحاً ومباشراً؛ لأنّها تدخل الحروب لتحقيق أهداف استراتيجيّة مثل: التوسّع، الاحتلال، القضاء على المقاومة، أو تغيير المعادلات لصالحها. فإذا فشلت في ذلك، تُعتبر خاسرةً سياسيّاً وعسكريّاً.
2. صمود المقاومة واستمرارها: أما المقاومة، كطرفٍ مدافع، فيكفيها إفشال الهجوم عليها لتُحسب رابحة، لأنّها لا تحتاج إلى احتلال أراضٍ أو تحقيق مكاسب مادّيّة، بل يكفيها الحفاظ على وجودها واستمرارها في المواجهة، خاصّةً أنّ العدو يدخل الحرب بموارد هائلة ودعم دوليّ، ممّا يجعل صمود المقاومة إنجازاً كبيراً بحدّ ذاته. وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمّيّة الصبر والثبات في مواجهة الأعداء، حيث قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾¹⁰، كما ورد عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قوله: «فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَمَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا»¹¹ ممّا يدلّ على أنّ النصر قد لا يكون دائماً في كلّ الحروب والصراعات، ولكن الثبات والصبر يؤدّيان في النهاية إلى النصر الحقيقيّ.
🔶 3. معايير النصر في الحروب اللامتماثلة
في هذا النوع من الحروب، لا يُقاس النصر فقط بالسيطرة الجغرافيّة أو عدد القتلى، بل بمعايير أخرى تتناسب مع طبيعة الصراع، أبرزها:
1. إفشال أهداف العدوّ الاستراتيجيّة: ففي الحروب اللامتماثلة، يكون المعيار الأهمّ للنصر هو إفشال المخطّطات التي وضعها العدوّ في بداية الحرب. فإذا دخل العدوّ الحرب بهدف القضاء على المقاومة، أو فرض تغييرات سياسيّة، ولم ينجح، فإنّه يُعتبر خاسراً.
2. البقاء والاستمرار في القتال: في هذا النوع من الحروب، لا تحتاج المقاومة إلى تدمير جيش العدوّ، بل يكفيها أن تصمد وتبقى على قيد المواجهة. والعدوّ الذي يمتلك جيشاً قويّاً يُعتبر خاسراً إذا لم يستطع إنهاء وجود المقاومة، حتّى لو كان أقوى عسكريّاً.
3. كسر إرادة العدوّ للقتال: فإذا تمكّنت المقاومة من جعل العدوّ غير قادر على الاستمرار في الحرب بسبب الضغط النفسيّ، أو الخسائر الاقتصاديّة، أو الاضطرابات الداخليّة، أو تخلّف جنوده عن القتال، فإنّها عندئذٍ ستكون قد انتصرت.
4. ضرب أصول العدوّ وإفقاده التوازن: إنّ الهزيمة الحقيقيّة لأيّ طرف لا تتمثّل فقط في تكبّده خسائر عسكريّة، وإنّما في ضرب أصوله الاستراتيجيّة ومحور توازنه، بحيث يفقد القدرة على التركيز والمبادرة. حتّى لو امتلك بعض القوّة القتاليّة، فإنّه يصبح فاقداً للتوازن وغير قادر على الاستمرار في المواجهة بفعاليّة، ما يجعله عرضة للانهيار التدريجيّ. وقد أكّد الإمام عليّ (عليه السلام) على أهمّيّة الوحدة وعدم التفرقة، حيث قال: «فَيَا عَجَباً عَجَباً وَاللَّهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الْهَمَّ مِنَ اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ»¹²، ممّا يوضح أن التماسك الداخليّ والثبات على المبدأ من أهمّ عوامل النصر في الحروب، وأنّ التفرقة تؤدّي إلى الهزيمة، وهو ما نشاهده بشكل واضحٍ في مجتمع العدوّ والذي ستظهر آثاره قريباً إن شاء الله تعالى.
↪️ #يتبع ②
هذه المعايير تُبرز بوضوح أنّ النصر في الإسلام ليس مجرّد تفوّق عسكريّ، بل هو انتصار للحقّ في الوعي والواقع، وثبات على المبادئ، وكشف لزيف الباطل، واستقطاب للناس نحو الحقّ، واستمرار في مقاومة الظلم، وتحقيق نتائج استراتيجيّة رغم التضحيّات.
في سياق الحروب اللامتماثلة، حيث تتواجه قوى غير متكافئة من حيث العدة والعتاد، يتجلى مفهوم النصر بمعايير تختلف عن تلك المعتمدة في الحروب التقليديّة. ففي هذه المواجهات، يكفي أن تصمد المقاومة وتحافظ على قدرتها القتاليّة حتّى تُعتبر رابحة. ومن هنا نشأت القاعدة: «إسرائيل تخسر إذا لم تربح، والمقاومة تربح إذا لم تخسر».
🔶 2. مفهوم النصر في الحروب اللامتماثلة
في الحروب التقليديّة، تُقاس الهزيمة بتدمير الجيش أو سقوط الدولة، بينما في الحروب اللامتماثلة، بين جيش غازٍ ومقاومة، يكفي أن تصمد المقاومة وتحافظ على قدرتها القتاليّة حتّى تُعتبر رابحة. ومن هنا نشأت القاعدة: «إسرائيل تخسر إذا لم تربح، والمقاومة تربح إذا لم تخسر»، وذلك وفق المفهوم الآتي:
1. إفشال أهداف العدوّ الاستراتيجيّة: إسرائيل، كطرفٍ مهاجم، تخسر إذا لم تحقّق أهدافها ونصراً واضحاً ومباشراً؛ لأنّها تدخل الحروب لتحقيق أهداف استراتيجيّة مثل: التوسّع، الاحتلال، القضاء على المقاومة، أو تغيير المعادلات لصالحها. فإذا فشلت في ذلك، تُعتبر خاسرةً سياسيّاً وعسكريّاً.
2. صمود المقاومة واستمرارها: أما المقاومة، كطرفٍ مدافع، فيكفيها إفشال الهجوم عليها لتُحسب رابحة، لأنّها لا تحتاج إلى احتلال أراضٍ أو تحقيق مكاسب مادّيّة، بل يكفيها الحفاظ على وجودها واستمرارها في المواجهة، خاصّةً أنّ العدو يدخل الحرب بموارد هائلة ودعم دوليّ، ممّا يجعل صمود المقاومة إنجازاً كبيراً بحدّ ذاته. وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمّيّة الصبر والثبات في مواجهة الأعداء، حيث قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾¹⁰، كما ورد عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قوله: «فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا وَمَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا»¹¹ ممّا يدلّ على أنّ النصر قد لا يكون دائماً في كلّ الحروب والصراعات، ولكن الثبات والصبر يؤدّيان في النهاية إلى النصر الحقيقيّ.
🔶 3. معايير النصر في الحروب اللامتماثلة
في هذا النوع من الحروب، لا يُقاس النصر فقط بالسيطرة الجغرافيّة أو عدد القتلى، بل بمعايير أخرى تتناسب مع طبيعة الصراع، أبرزها:
1. إفشال أهداف العدوّ الاستراتيجيّة: ففي الحروب اللامتماثلة، يكون المعيار الأهمّ للنصر هو إفشال المخطّطات التي وضعها العدوّ في بداية الحرب. فإذا دخل العدوّ الحرب بهدف القضاء على المقاومة، أو فرض تغييرات سياسيّة، ولم ينجح، فإنّه يُعتبر خاسراً.
2. البقاء والاستمرار في القتال: في هذا النوع من الحروب، لا تحتاج المقاومة إلى تدمير جيش العدوّ، بل يكفيها أن تصمد وتبقى على قيد المواجهة. والعدوّ الذي يمتلك جيشاً قويّاً يُعتبر خاسراً إذا لم يستطع إنهاء وجود المقاومة، حتّى لو كان أقوى عسكريّاً.
3. كسر إرادة العدوّ للقتال: فإذا تمكّنت المقاومة من جعل العدوّ غير قادر على الاستمرار في الحرب بسبب الضغط النفسيّ، أو الخسائر الاقتصاديّة، أو الاضطرابات الداخليّة، أو تخلّف جنوده عن القتال، فإنّها عندئذٍ ستكون قد انتصرت.
4. ضرب أصول العدوّ وإفقاده التوازن: إنّ الهزيمة الحقيقيّة لأيّ طرف لا تتمثّل فقط في تكبّده خسائر عسكريّة، وإنّما في ضرب أصوله الاستراتيجيّة ومحور توازنه، بحيث يفقد القدرة على التركيز والمبادرة. حتّى لو امتلك بعض القوّة القتاليّة، فإنّه يصبح فاقداً للتوازن وغير قادر على الاستمرار في المواجهة بفعاليّة، ما يجعله عرضة للانهيار التدريجيّ. وقد أكّد الإمام عليّ (عليه السلام) على أهمّيّة الوحدة وعدم التفرقة، حيث قال: «فَيَا عَجَباً عَجَباً وَاللَّهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الْهَمَّ مِنَ اجْتِمَاعِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ»¹²، ممّا يوضح أن التماسك الداخليّ والثبات على المبدأ من أهمّ عوامل النصر في الحروب، وأنّ التفرقة تؤدّي إلى الهزيمة، وهو ما نشاهده بشكل واضحٍ في مجتمع العدوّ والذي ستظهر آثاره قريباً إن شاء الله تعالى.
↪️ #يتبع ②
📝 في الختام، وبعد كلّ هذه المعايير، هل يمكن القول إنّ المقاومة هُزمت وإسرائيل انتصرت، كما يحاول الإعلام المدفوع والموجّه ترسيخ هذه النتيجة في النفوس؟ كّلا ما دام الإمام الحسين (عليه السلام) يعيش في أرواحنا ويجري في دمائنا، وما دمنا نقول كلمة الحقّ ونرفض الذلّ والخنوع ونحمل المبادئ التي نهض من أجلها الحسين (عليه السلام)، فإنّنا منتصرون بإذن الله تعالى، وكما قال سيّدنا الأقدس: «إذا انتصرنا فإنّنا منتصرون، وإذا استشهدنا فإنّنا منتصرون».
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. سورة الحجّ، الآية 40.
[2]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص92، الخطبة 56.
[3]. سورة الإسراء، الآية 81.
[4]. سورة محمد، الآية 7.
[5]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص241، الخطبة 166.
[6]. سورة الأنفال، الآية 8.
[7]. سورة العصر، الآية 3.
[8]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص421، الكتاب 47.
[9]. سورة الصافات، الآيات 171 - 173.
[10]. سورة الحجّ، الآية 40.
[11]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص92، الخطبة 56.
[12]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص7092، الخطبة 27.
⏹ #تم ③
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. سورة الحجّ، الآية 40.
[2]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص92، الخطبة 56.
[3]. سورة الإسراء، الآية 81.
[4]. سورة محمد، الآية 7.
[5]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص241، الخطبة 166.
[6]. سورة الأنفال، الآية 8.
[7]. سورة العصر، الآية 3.
[8]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص421، الكتاب 47.
[9]. سورة الصافات، الآيات 171 - 173.
[10]. سورة الحجّ، الآية 40.
[11]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص92، الخطبة 56.
[12]. السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص7092، الخطبة 27.
⏹ #تم ③
🔶 #العقيدة_الإسلامية
🔸 #كربلاء_زاد_العشاق
📝 41. العبوديّة المطلقة
🍂 إنّ مأساة الحسين (عليه السلام) بدءًا من خروجه من المدينة، إلى عودة سباياه إلى المدينة مرة أخرى، وما بينهما من الأحداث الجسام، رغم تعدّد ألوانها المأساوية، إلّا أنّها مصطبغة بلون واحد، وهو العنصر المميّز لكل حركته، ألا وهي العبوديّة المطلقة لله رب العالمين، وهي تتجلّى تارة في مناجاته مع ربّ العالمين في مقتله، وتارة في صلاة أخته زينب (عليها السلام) في جوف ليلة الحادي عشر من محرّم، وتارة في مناجاة السجَّاد (عليه السلام) مع ربّه والأغلال الجامعة في عنقه الشريف (عليه السلام).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
📝 #الشيخ_حبيب_الكاظمي
📚 #نحو_عشق_الحسين_ع : ص37-38.
🏴 #صلى_الله_عليك_يا_أبا_عبدالله
🥀 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
@ZADCOM
🔸 #كربلاء_زاد_العشاق
📝 41. العبوديّة المطلقة
🍂 إنّ مأساة الحسين (عليه السلام) بدءًا من خروجه من المدينة، إلى عودة سباياه إلى المدينة مرة أخرى، وما بينهما من الأحداث الجسام، رغم تعدّد ألوانها المأساوية، إلّا أنّها مصطبغة بلون واحد، وهو العنصر المميّز لكل حركته، ألا وهي العبوديّة المطلقة لله رب العالمين، وهي تتجلّى تارة في مناجاته مع ربّ العالمين في مقتله، وتارة في صلاة أخته زينب (عليها السلام) في جوف ليلة الحادي عشر من محرّم، وتارة في مناجاة السجَّاد (عليه السلام) مع ربّه والأغلال الجامعة في عنقه الشريف (عليه السلام).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
📝 #الشيخ_حبيب_الكاظمي
📚 #نحو_عشق_الحسين_ع : ص37-38.
🏴 #صلى_الله_عليك_يا_أبا_عبدالله
🥀 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
@ZADCOM
🔰 #العقيدة_الإسلامية
❓ما اسم خازني النار والجنة؟
خازن النار وصاحب مفتاحها هو «مالك»، وخازن الجنة وصاحب مفتاحها هو «رضوان».
يستفاد من رواية لرسول الله (ص) أنّه إذا كان يوم القيامة، ينصب له (ص) منبر يسمّى بمنبر الوسيلة وفيه ألف درجة، فيكون (ص) على الدرجة العليا، ثم يليه من بعده علي (ع)، ثم من بعد شخصان، فينادي الأول فيقول: يا أهالي المحشر أنا رضوان خازن الجنة، وقد أمرني الله بتسليم مفتاحها لمحمد (ص)، وينادي الثاني: أنا مالك خازن النار، وقد أمرني الله بتسليم مفتاحها لمحمد (ص). فيتسلم رسول الله (ص) مفتاحي الجنة والنار، ثم يسلمهما لعلي بن أبي طالب (ع).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
✍ الشـ🌹ـيد السيد عبدالحسين دستغيب (رضوان الله عليه)
📚 #عقائد_ومفاهيم : ص64
#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد 🌹
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
@ZADCOM
❓ما اسم خازني النار والجنة؟
خازن النار وصاحب مفتاحها هو «مالك»، وخازن الجنة وصاحب مفتاحها هو «رضوان».
يستفاد من رواية لرسول الله (ص) أنّه إذا كان يوم القيامة، ينصب له (ص) منبر يسمّى بمنبر الوسيلة وفيه ألف درجة، فيكون (ص) على الدرجة العليا، ثم يليه من بعده علي (ع)، ثم من بعد شخصان، فينادي الأول فيقول: يا أهالي المحشر أنا رضوان خازن الجنة، وقد أمرني الله بتسليم مفتاحها لمحمد (ص)، وينادي الثاني: أنا مالك خازن النار، وقد أمرني الله بتسليم مفتاحها لمحمد (ص). فيتسلم رسول الله (ص) مفتاحي الجنة والنار، ثم يسلمهما لعلي بن أبي طالب (ع).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
✍ الشـ🌹ـيد السيد عبدالحسين دستغيب (رضوان الله عليه)
📚 #عقائد_ومفاهيم : ص64
#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد 🌹
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
@ZADCOM
❤1
القرآن الكريم - ص119
المقرئ الشيخ محمود خليل الحصري
💠 #القرآن_الكريم
💠 نقرأ لكم الصفحة ﴿119﴾ من القرآن الكريم #سورة_المائدة
🎙 المقرئ الشيخ #محمود_خليل_الحصري
🔴 شارك المقطع مع من تحب لاكتساب أجر الختمة المباركة بطريقة سهلة.
@ZADCOM
💠 نقرأ لكم الصفحة ﴿119﴾ من القرآن الكريم #سورة_المائدة
🎙 المقرئ الشيخ #محمود_خليل_الحصري
🔴 شارك المقطع مع من تحب لاكتساب أجر الختمة المباركة بطريقة سهلة.
@ZADCOM
#الحكمة_الصباحية
قال أمير المؤمنين علي (عليه السَّلام): "إِنَّ النَّفْسَ الَّتِي تَطْلُبُ الرَّغَائِبَ الْفَانِيَةَ لَتَهْلُكُ فِي طَلَبِهَا وَتَشْقَى فِي مُنْقَلَبِهَا."
📚عيون الحكم والمواعظ: ح3335
#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد 🌹
@ZADCOM
قال أمير المؤمنين علي (عليه السَّلام): "إِنَّ النَّفْسَ الَّتِي تَطْلُبُ الرَّغَائِبَ الْفَانِيَةَ لَتَهْلُكُ فِي طَلَبِهَا وَتَشْقَى فِي مُنْقَلَبِهَا."
📚عيون الحكم والمواعظ: ح3335
#اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد 🌹
@ZADCOM
💠 #زاد_عاشوراء_للمحاضر_الحسيني
💠 #محرم_1447هـ
📝 الموعظة الرابعة عشرة
💠 بين البلاء والاستبدال
🔹 محاور الموعظة
1. ما البلاء؟ ولمن يكون؟
2. ما الحكمة من الابتلاءات المتعدّدة للمؤمن؟
3. البلاء تكريمٌ لا استبدال
4. بلاءٌ يتولّد منه النصر
💠 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
@ZADCOM
💠 #محرم_1447هـ
📝 الموعظة الرابعة عشرة
💠 بين البلاء والاستبدال
🔹 محاور الموعظة
1. ما البلاء؟ ولمن يكون؟
2. ما الحكمة من الابتلاءات المتعدّدة للمؤمن؟
3. البلاء تكريمٌ لا استبدال
4. بلاءٌ يتولّد منه النصر
💠 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
~•~•~•~•~•~•~•~•~•~
@ZADCOM
┈┉┅━━ ✿ ـ ﷽ ـ ✿ ━━┅┉┈
📝 الموعظة الرابعة عشرة
💠 بين البلاء والاستبدال
🔹 هدف الموعظة
بيان فلسفة البلاء في مسيرة أهل الحقّ، ورفض فكرة الاستبدال والخُذلان في ما يصيب المؤمنين من نكبات، وربط ذلك بنهج كربلاء، لتثبيت الإيمان والثقة بحسن العاقبة.
🔹 محاور الموعظة
1. ما البلاء؟ ولمن يكون؟
2. ما الحكمة من الابتلاءات المتعدّدة للمؤمن؟
3. البلاء تكريمٌ لا استبدال
4. بلاءٌ يتولّد منه النصر
🔹 تصدير الموعظة
الإمام الصادق (عليه السلام): «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً غَتَّهُ بِالْبَلَاءِ غَتّاً، وَإِنَّا وَإِيَّاكُمْ يَا سَدِيرُ لَنُصْبِحُ بِهِ وَنُمْسِي»¹.
قد يُخيّل لبعضهم أنّ الحرب الأخيرة التي وقعت في لبنان، وما نتج عنها من خسائر في الإمكانات والأماكن والتجهيزات، واستشهاد المجاهدين، ومنهم القادة، وعلى رأسهم سماحة سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله والسيّد هاشم صفيّ الدين، كلّ ذلك قد يُفهَم على أنّه ابتلاءٌ من الله لهذه الأمّة وللمقاومة على نحو العقوبة والخذلان، وصولاً إلى الاستبدال.
فما البلاء؟ ولمن يكون؟ وما أسبابه؟ وهل يمكن اعتبار ما حصل استبدالاً؟
🔶 1. ما البلاء؟ ولمن يكون؟
البلاء هو الاختبار والامتحان، ويكون في المرغوب وفي غير المرغوب، فليس البلاء منحصراً في الأمور السلبيّة فقط، كالمرض والفقر والموت، بل قد يكون في الأمور الإيجابيّة أيضاً، كالصحّة والغنى والحياة. فكلّ ما يختبر الله به عبده هو بلاء.
وقد يُعدّ الغنى لبعض الناس بلاءً، يُختبر فيه إن كان سيدفع الحقوق منهه، أو يُعين به الفقراء، أو يُنفق منه على الأرحام وواجبي النفقة. بينما يُبتلى آخرون بالفقر، فهل يصبرون؟ وهل يدفعهم العوز إلى الحرام؟
من هنا، فإنّ البلاء لا يختصّ بالكافر أو مرتكب الذنب، بل يحصل للمؤمن أيضاً، بل المؤمن أولى بالبلاء؛ لأنّه مورد عناية الله واهتمامه، ففي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): «سُئِلَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مَنْ أشدُّ الناس بلاءً في الدنيا؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويُبتلى المؤمنُ بعدُ على قدر إيمانه وحُسن أعماله، فمَن صحّ إيمانه وحَسُن عمله اشتدّ بلاؤه، ومَن سَخُف إيمانه وضعُف عمله قلّ بلاؤه»².
وعنه (عليه السلام) أيضاً: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً غَتَّهُ بِالْبَلَاءِ غَتّاً، وَإِنَّا وَإِيَّاكُمْ يَا سَدِيرُ لَنُصْبِحُ بِهِ وَنُمْسِي»³.
وقال (عليه السلام): «إِنَّ عَظِيمَ الْأَجْرِ لَمَعَ عَظِيمِ الْبَلَاءِ، وَمَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا إِلَّا ابْتَلَاهُمْ»⁴.
بل يظهر من الروايات أنّ البلاء هو سُنّة مستمرّة في أهل الحقّ، قال الإمام الصادق (عليه السلام): «إِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ كَانُوا فِي شِدَّةٍ أَمَا إِنَّ ذَلِكَ إِلَى مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ وَعَافِيَةٍ طَوِيلَةٍ إنّ أهلَ الحقّ لم يزالوا منذ كانوا في شدّة، أما إنّ ذلك إلى مدّة قليلة، وعافية طويلة»⁵.
🔶 2. ما الحكمة من الابتلاءات المتعدّدة للمؤمن؟
تُشير الروايات إلى حكم عديدة للبلاء، منها:
1. تنبيه المؤمن: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «الْمُؤْمِنُ لَا يَمْضِي عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِلَّا عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ يَحْزُنُهُ يُذَكَّرُ بِهِ»⁶؛ فالبلاء يُوقظ القلب، ويعيد الإنسان من الغفلة، ويربطه بالله والآخرة.
2. الحماية من الدنيا: قال الإمام الباقر (عليه السلام): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَتَعَاهَدُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَتَعَاهَدُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ بِالْهَدِيَّةِ مِنَ الْغَيْبَةِ، وَيَحْمِيهِ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي الطَّبِيبُ الْمَرِيضَ»⁷؛ فالبلاء عطيّة رحمانيّة لحماية العبد من الدنيا، كما يمنع الطبيبُ مريضَه من بعض الطعام حفظاً لصحّته.
3. اختبار الجنّة: قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾⁸؛ فالجنّة ليست لكلّ مدّعٍ، بل لمن صبر وجاهد وصدّق دعواه.
4. إعطاء المنزلة الخاصّة: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إِنَّهُ لَيَكُونُ لِلْعَبْدِ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَمَا يَنَالُهَا إِلَّا بِإِحْدَى خَصْلَتَيْنِ: إِمَّا بِذَهَابِ مَالِهِ أَوْ بِبَلِيَّةٍ فِي جَسَدِهِ»⁹؛ فالبلاء طريق الرفعة والدرجات العليا.
🔶 3. البلاء تكريمٌ لا استبدال
من هنا، وبعد استعراض هذه الروايات، يظهر لنا بوضوح أنّ البلاء ليس عقوبة، بل قد يكون تكريماً واصطفاءً، وأنّ الأمّة التي لا تُبتلى قد تكون محلّ سؤال، إذ قد يكون الله قد أعرض عنها.
↪️ #يتبع ①
📝 الموعظة الرابعة عشرة
💠 بين البلاء والاستبدال
🔹 هدف الموعظة
بيان فلسفة البلاء في مسيرة أهل الحقّ، ورفض فكرة الاستبدال والخُذلان في ما يصيب المؤمنين من نكبات، وربط ذلك بنهج كربلاء، لتثبيت الإيمان والثقة بحسن العاقبة.
🔹 محاور الموعظة
1. ما البلاء؟ ولمن يكون؟
2. ما الحكمة من الابتلاءات المتعدّدة للمؤمن؟
3. البلاء تكريمٌ لا استبدال
4. بلاءٌ يتولّد منه النصر
🔹 تصدير الموعظة
الإمام الصادق (عليه السلام): «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً غَتَّهُ بِالْبَلَاءِ غَتّاً، وَإِنَّا وَإِيَّاكُمْ يَا سَدِيرُ لَنُصْبِحُ بِهِ وَنُمْسِي»¹.
قد يُخيّل لبعضهم أنّ الحرب الأخيرة التي وقعت في لبنان، وما نتج عنها من خسائر في الإمكانات والأماكن والتجهيزات، واستشهاد المجاهدين، ومنهم القادة، وعلى رأسهم سماحة سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله والسيّد هاشم صفيّ الدين، كلّ ذلك قد يُفهَم على أنّه ابتلاءٌ من الله لهذه الأمّة وللمقاومة على نحو العقوبة والخذلان، وصولاً إلى الاستبدال.
فما البلاء؟ ولمن يكون؟ وما أسبابه؟ وهل يمكن اعتبار ما حصل استبدالاً؟
🔶 1. ما البلاء؟ ولمن يكون؟
البلاء هو الاختبار والامتحان، ويكون في المرغوب وفي غير المرغوب، فليس البلاء منحصراً في الأمور السلبيّة فقط، كالمرض والفقر والموت، بل قد يكون في الأمور الإيجابيّة أيضاً، كالصحّة والغنى والحياة. فكلّ ما يختبر الله به عبده هو بلاء.
وقد يُعدّ الغنى لبعض الناس بلاءً، يُختبر فيه إن كان سيدفع الحقوق منهه، أو يُعين به الفقراء، أو يُنفق منه على الأرحام وواجبي النفقة. بينما يُبتلى آخرون بالفقر، فهل يصبرون؟ وهل يدفعهم العوز إلى الحرام؟
من هنا، فإنّ البلاء لا يختصّ بالكافر أو مرتكب الذنب، بل يحصل للمؤمن أيضاً، بل المؤمن أولى بالبلاء؛ لأنّه مورد عناية الله واهتمامه، ففي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): «سُئِلَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مَنْ أشدُّ الناس بلاءً في الدنيا؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويُبتلى المؤمنُ بعدُ على قدر إيمانه وحُسن أعماله، فمَن صحّ إيمانه وحَسُن عمله اشتدّ بلاؤه، ومَن سَخُف إيمانه وضعُف عمله قلّ بلاؤه»².
وعنه (عليه السلام) أيضاً: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً غَتَّهُ بِالْبَلَاءِ غَتّاً، وَإِنَّا وَإِيَّاكُمْ يَا سَدِيرُ لَنُصْبِحُ بِهِ وَنُمْسِي»³.
وقال (عليه السلام): «إِنَّ عَظِيمَ الْأَجْرِ لَمَعَ عَظِيمِ الْبَلَاءِ، وَمَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا إِلَّا ابْتَلَاهُمْ»⁴.
بل يظهر من الروايات أنّ البلاء هو سُنّة مستمرّة في أهل الحقّ، قال الإمام الصادق (عليه السلام): «إِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ كَانُوا فِي شِدَّةٍ أَمَا إِنَّ ذَلِكَ إِلَى مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ وَعَافِيَةٍ طَوِيلَةٍ إنّ أهلَ الحقّ لم يزالوا منذ كانوا في شدّة، أما إنّ ذلك إلى مدّة قليلة، وعافية طويلة»⁵.
🔶 2. ما الحكمة من الابتلاءات المتعدّدة للمؤمن؟
تُشير الروايات إلى حكم عديدة للبلاء، منها:
1. تنبيه المؤمن: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «الْمُؤْمِنُ لَا يَمْضِي عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِلَّا عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ يَحْزُنُهُ يُذَكَّرُ بِهِ»⁶؛ فالبلاء يُوقظ القلب، ويعيد الإنسان من الغفلة، ويربطه بالله والآخرة.
2. الحماية من الدنيا: قال الإمام الباقر (عليه السلام): «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَتَعَاهَدُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَتَعَاهَدُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ بِالْهَدِيَّةِ مِنَ الْغَيْبَةِ، وَيَحْمِيهِ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي الطَّبِيبُ الْمَرِيضَ»⁷؛ فالبلاء عطيّة رحمانيّة لحماية العبد من الدنيا، كما يمنع الطبيبُ مريضَه من بعض الطعام حفظاً لصحّته.
3. اختبار الجنّة: قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾⁸؛ فالجنّة ليست لكلّ مدّعٍ، بل لمن صبر وجاهد وصدّق دعواه.
4. إعطاء المنزلة الخاصّة: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إِنَّهُ لَيَكُونُ لِلْعَبْدِ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَمَا يَنَالُهَا إِلَّا بِإِحْدَى خَصْلَتَيْنِ: إِمَّا بِذَهَابِ مَالِهِ أَوْ بِبَلِيَّةٍ فِي جَسَدِهِ»⁹؛ فالبلاء طريق الرفعة والدرجات العليا.
🔶 3. البلاء تكريمٌ لا استبدال
من هنا، وبعد استعراض هذه الروايات، يظهر لنا بوضوح أنّ البلاء ليس عقوبة، بل قد يكون تكريماً واصطفاءً، وأنّ الأمّة التي لا تُبتلى قد تكون محلّ سؤال، إذ قد يكون الله قد أعرض عنها.
↪️ #يتبع ①
❓هل ما حصل هو من سُنّة الاستبدال؟
لقد تحدّث القرآن عن الاستبدال في عدّة آيات، وبيّن شروطه وأسبابه، ومن هذه الموارد:
1. التمرّد والبُخل: قال تعالى: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾¹⁰.
2. التقاعس عن الجهاد: قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾¹¹.
3. الارتداد عن الدين: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾¹².
أمّا في حالتنا، فإنّ الأمة المؤمنة في لبنان أطاعت الله ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام)، والتزمت تكليفها الشرعي، وكانت سبّاقةً إلى الجهاد ونصرة المستضعفين، قدّمت الشهداء، وفي طليعتهم القادة، الذين ثبتوا وضحّوا وبذلوا أرواحهم.
وعن هذه الراية يقول الشهيد الهاشميّ (رضوان الله عليه): «إنّها رايةُ الهدى في منطقتِنا، وهِيَ الدالّةُ على الحقِّ، والداعيةُ إلى الإيمانِ، والحاملةُ لهمومِ المستضعَفينَ والمظلومينَ والمحرومينَ... ويكفينا فخراً أنّ حزبَ اللهِ هو النبتةُ الطاهرةُ التي غرسَتْها اليدُ المباركةُ للعالِمِ الربّانيِّ والعارِفِ الكاملِ والقائدِ المُلهِمِ في هذا العصرِ الإمامِ الخمينيِّ (رضوانُ اللهِ عليه)»¹³.
فأيّ سببٍ من أسباب الاستبدال لم يتحقّق فيهم، بل العكس تماماً، إذ هم مصداقٌ لقوله تعالى: ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾.
إنّ ما جرى ليس خذلاناً ولا استبدالاً، بل هو رفعةٌ وتمحيصٌ واصطفاء، وهو امتدادٌ لمسيرة الأنبياء وأولي البأس من أهل الحقّ الذين شملهم البلاء، فثبتوا وارتقوا، حتّى أصبحوا منارات في التاريخ.
إنّ الشهداء الذين ارتقوا إنّما رفعهم الله إلى المنازل التي لا تُنال إلّا بالبذل والفداء؛ أمّا الأمّة التي قدّمتهم، فهي اليوم أشدّ صلابةً وأوضح بصيرةً، وهي على موعدٍ جديدٍ مع النصر.
🔶 4. بلاءٌ يتولّد منه النصر
فهل الأمّة التي أطاعت الله ورسوله وأهل بيته (عليه السلام)، ووقفت في خط الولاية، ونصرت المستضعفين، وجاهَدت ببأس، وتناثرت دماء قادتها وشبابها في ميدان الشرف، تكون ممّن تولّى أو ارتدّ أو تقاعس؟ حاشاهم! بل هي أمّة ممتحنة كأمّة كربلاء، ممسوسة بجذبة الغيب، يُعدّها الله لأعظم النصر، ولو بعد حين.
إنّ ما يجري اليوم هو سُنة الابتلاء لا الاستبدال، وهي البلاء الذي يتولّد منه النصر.
❓ أليس الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه قد قُتلوا في ظاهر الأمر، لكنّه نصرٌ سرمديّ؟
❓ ألم يُخذل الإمام الحسين (عليه السلام) في الظاهر، ولكن خُلدت كربلاء في أعماق الزمن وأصبحت هي راية النهضة والعدل؟
إنّ خسارة القادة الشهداء ليست خسارة للخطّ، بل هي امتداد له. وهؤلاء القادة قد صاغوا بمعاركهم وكلماتهم وسيرتهم مدرسةً لا تزول، وأورثوا شباب الأمّة ميراث الوعي والبصيرة والثبات.
هي معركة أولي البأس، معركة الثابتين على ولاية الله، الذين لم يبدّلوا ولم يرتدّوا، بل ترقّوا إلى عليّين، ليُخلف الله بعدهم رجالاً أشدّاء، يُحسنون الجهاد والصبر والرباط، كما قال تعالى: ﴿وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحينَ﴾¹⁴.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص253.
[2]. المصدر نفسه، ج2، ص252.
[3]. المصدر نفسه، ج2، ص253.
[4]. المصدر نفسه، ج2، ص109.
[5]. المصدر نفسه، ج2، ص255.
[6]. المصدر نفسه، ج2، ص254.
[7]. المصدر نفسه، ج2، ص255.
[8]. سورة آل عمران، الآية 142.
[9]. الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص257.
[10]. سورة محمّد، الآية 38.
[11]. سورة التوبة، الآية 39.
[12]. سورة المائدة، الآية 54.
[13]. وصيّة الأمين العامّ لحزب الله الشهيد السيّد هاشم صفيّ الدين (قدّس سره)، ص18.
[14]. سورة العنكبوت، الآية 27.
🌿 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
⏹ #تم ②
لقد تحدّث القرآن عن الاستبدال في عدّة آيات، وبيّن شروطه وأسبابه، ومن هذه الموارد:
1. التمرّد والبُخل: قال تعالى: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾¹⁰.
2. التقاعس عن الجهاد: قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾¹¹.
3. الارتداد عن الدين: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾¹².
أمّا في حالتنا، فإنّ الأمة المؤمنة في لبنان أطاعت الله ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام)، والتزمت تكليفها الشرعي، وكانت سبّاقةً إلى الجهاد ونصرة المستضعفين، قدّمت الشهداء، وفي طليعتهم القادة، الذين ثبتوا وضحّوا وبذلوا أرواحهم.
وعن هذه الراية يقول الشهيد الهاشميّ (رضوان الله عليه): «إنّها رايةُ الهدى في منطقتِنا، وهِيَ الدالّةُ على الحقِّ، والداعيةُ إلى الإيمانِ، والحاملةُ لهمومِ المستضعَفينَ والمظلومينَ والمحرومينَ... ويكفينا فخراً أنّ حزبَ اللهِ هو النبتةُ الطاهرةُ التي غرسَتْها اليدُ المباركةُ للعالِمِ الربّانيِّ والعارِفِ الكاملِ والقائدِ المُلهِمِ في هذا العصرِ الإمامِ الخمينيِّ (رضوانُ اللهِ عليه)»¹³.
فأيّ سببٍ من أسباب الاستبدال لم يتحقّق فيهم، بل العكس تماماً، إذ هم مصداقٌ لقوله تعالى: ﴿يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾.
إنّ ما جرى ليس خذلاناً ولا استبدالاً، بل هو رفعةٌ وتمحيصٌ واصطفاء، وهو امتدادٌ لمسيرة الأنبياء وأولي البأس من أهل الحقّ الذين شملهم البلاء، فثبتوا وارتقوا، حتّى أصبحوا منارات في التاريخ.
إنّ الشهداء الذين ارتقوا إنّما رفعهم الله إلى المنازل التي لا تُنال إلّا بالبذل والفداء؛ أمّا الأمّة التي قدّمتهم، فهي اليوم أشدّ صلابةً وأوضح بصيرةً، وهي على موعدٍ جديدٍ مع النصر.
🔶 4. بلاءٌ يتولّد منه النصر
فهل الأمّة التي أطاعت الله ورسوله وأهل بيته (عليه السلام)، ووقفت في خط الولاية، ونصرت المستضعفين، وجاهَدت ببأس، وتناثرت دماء قادتها وشبابها في ميدان الشرف، تكون ممّن تولّى أو ارتدّ أو تقاعس؟ حاشاهم! بل هي أمّة ممتحنة كأمّة كربلاء، ممسوسة بجذبة الغيب، يُعدّها الله لأعظم النصر، ولو بعد حين.
إنّ ما يجري اليوم هو سُنة الابتلاء لا الاستبدال، وهي البلاء الذي يتولّد منه النصر.
❓ أليس الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه قد قُتلوا في ظاهر الأمر، لكنّه نصرٌ سرمديّ؟
❓ ألم يُخذل الإمام الحسين (عليه السلام) في الظاهر، ولكن خُلدت كربلاء في أعماق الزمن وأصبحت هي راية النهضة والعدل؟
إنّ خسارة القادة الشهداء ليست خسارة للخطّ، بل هي امتداد له. وهؤلاء القادة قد صاغوا بمعاركهم وكلماتهم وسيرتهم مدرسةً لا تزول، وأورثوا شباب الأمّة ميراث الوعي والبصيرة والثبات.
هي معركة أولي البأس، معركة الثابتين على ولاية الله، الذين لم يبدّلوا ولم يرتدّوا، بل ترقّوا إلى عليّين، ليُخلف الله بعدهم رجالاً أشدّاء، يُحسنون الجهاد والصبر والرباط، كما قال تعالى: ﴿وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحينَ﴾¹⁴.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]. الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص253.
[2]. المصدر نفسه، ج2، ص252.
[3]. المصدر نفسه، ج2، ص253.
[4]. المصدر نفسه، ج2، ص109.
[5]. المصدر نفسه، ج2، ص255.
[6]. المصدر نفسه، ج2، ص254.
[7]. المصدر نفسه، ج2، ص255.
[8]. سورة آل عمران، الآية 142.
[9]. الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص257.
[10]. سورة محمّد، الآية 38.
[11]. سورة التوبة، الآية 39.
[12]. سورة المائدة، الآية 54.
[13]. وصيّة الأمين العامّ لحزب الله الشهيد السيّد هاشم صفيّ الدين (قدّس سره)، ص18.
[14]. سورة العنكبوت، الآية 27.
🌿 #اللهم_صل_على_محمد_وآل_محمد
⏹ #تم ②