زينبيات العصر في اليمن
1.19K subscribers
4.33K photos
1.8K videos
486 files
15.2K links
🔮 قناة شاملة في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي على بلدنا الحبيب 🇾🇪
⭕️اخبارية
📚 ثقافية:
✌️ جهادية :
📕 توعوية:
🎼 اروع الزوامل :
♻️ شاملة :كل مايخص المسيرة القرآنية

زينبيـ العصر ـات فـ اليمن ـي
ஜ═━━━━━━━━━━━━━━━━━═ஜ
📝 @wksqzh 🔏
🎧 ⓣ.me/wksqzh
Download Telegram
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_الثالث
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الرابع
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 21/1/2002م
اليمن - صعدة

نحن نلمس أنما يذكَّر الناس به من الأخلاق الكريمة في خطب الجمعة وغيرها من المواعظ كلها مجرد تذكير لا يقدم ولا يؤخر ولا يخلق في أنفسنا شيئا. يجب أن نذكِّر بهذه الأخلاق الكريمة، أنها مهمة، وهي في حد ذاتها تعتبر طاعة من طاعات الله العظيمة. ولكن يجب أن نفهم أيضاً أن من أبرز غاياتها هي أنها تخدم عملية وحدة المؤمنين فيما بينهم، تلك القضية التي لا بد منها في تحقيق المسؤولية الكبيرة عليهم لدين الله سبحانه وتعالى، أن يكونوا من يعمل على نصر دينه، من يعمل على إعلاء كلمته، من يدافع عن دينه، نفهمها على هذا النحو، أما أن نتوقع أنها ستتحقق لنا، فنحن قد جربنا أنفسنا, وأعتقد كل الناس قد جربوا أنفسهم، من هو الذي لم يسمع كلاماً كثيراً من هذا النوع في خطب الجمعة وغيرها، عن الأخوة والمحبة والألفة والتعامل الحسن وكظم الغيظ.. و.. إلى آخره، نتحدث عنها كطاعات مفردات من الطاعات، لا نتحدث عن غايتها المهمة التي تكشف عن أهمية ذلك المبدأ الذي كل هذه التشريعات تتجه نحو تهيئة الأمة لتكون بمستوى أن تنهض به. فما لم نحمل هذا الهم - فيما أعتقد وفيما أرى - لن يتحقق لنا شيء في واقع أنفسنا، ومتى ما حملنا هذا الهم الكبير، ومتى ما شعرنا بالمسؤولية الكبيرة، فإن من المتوقع فعلاً أن يتدخل الله، فهو هو الذي يقدر على أن يؤلف بين قلوبنا، على أن يملأ قلوبنا حباً لبعضنا البعض، على أن يؤتينا الحكمة في تصرفنا مع بعضنا بعض، هكذا قال عن أولئك: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً}. نحن لسنا أعداء فيما بيننا أليس كذلك؟ لكن نفوس متباينة، وكل واحد يشعر بأنه لا رابط له بالآخر إلا مجرد الإلتقاء اليومي في السوق، أوفي المسجد، لا غير، لقد تدخل الله سبحانه تعالى فمنَّ على أولئك بنعمة كبيرة الذين كانوا أعداء {أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} هل تعرفوا ماذا تعني كلمة الألفة؟. ألفت، أصبحت متآلفة، وليس فقط انتزع منها العداء فأصبحت طبيعية كما نحن عليه، أصبحت قلوباً متآلفة، ومتى ما تآلفت القلوب عظمت الثقة فيما بين الناس لبعضهم بعض، أصبحوا كياناً واحداً، أصبحوا كتلة واحدة، أصبح كل شخص منهم ينصح للآخر، ويخلص له، ويخدم ضميره، ويتألم له، يشترك هو معه في موقف من المواقف فلا يتخلى عنه، يحبه يوده، قلبه يألف قلبه، أصبحت القلوب متآلفة، أي لا يألف قلبي أن يظل منفرداً لوحده، يريد أن يبقى مع تلك القلوب التي ألفها. القلوب تتآلف فتحب أن تجتمع متى ما ألف الله بينها، كما تحب أن تجتمع بصديق لك يوميا، تجلس معه، تجلس [تخزن] معه يومياً، فإذا ما غاب تصبح جلسة القات [تخزينة] ما أعجبتك {فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناًً} من خلال ما هداكم إليه، فجعل له فاعلية في أنفسكم، وبتدخله وإمداده الإلهي الغيبي. هذه القضية إذا لم نهتم بها فلو - فيما أعتقد - نجلس في هذا المجلس يومياً يومياً سنين طويلة سننسى كل شيء.. ننسى في هذا اليوم ما سمعناه مثل اليوم وهكذا، ونبقى نحن أولئك الأشخاص الذين ننظر إلى بعضنا بعض نظرات عادية. لا نحن متوحدون ولا متفرقون، ولا مختلفون ولا متفقون، كل واحد لوحده، تجمعنا الشمس عندما تطلع فنتحرك ونتلاقى في الطريق، السلام عليكم، وعليكم السلام، وفي السوق نشتري حاجات بعضنا بعض، وكل واحد يرح بيته، نخرج نصلي في المسجد جميعاً، أو نصلي فرادى، وكل واحد يرجع بيته، لا نلمس بأن هناك شيئاً يجمع بيننا، ويهمنا جميعاً، لاهتمامنا المشترك به أصبحت قلوبنا متآلفة في ظله فيرتاح الواحد منا عندما يلقى أخاه في المسجد، أو في السوق، أو في الطريق فيصبح حتى للحياة مذاق آخر. أعتقد أن بعض الناس في القرى يعيشون في واقع حياتهم غرباء، عندما يكونون غير متآلفين فيما بينهم، بل يعيشون أسر يحتاجون إلى [اتفاقيات مكتوبة] لكف الأذى عن بعضهم بعض. وفي كل أسبوع، أو في كل يوم تقريباً تظهر مشكلة من هنا ومشكلة من هنا، وكل واحد يرى بأنه فقط قدره أن يكون في هذا البيت داخل هذه القرية. تصبح الحياة تعيسة.. ترى الآخرين في المسجد لا يمثلون لديك شيئاً، إذا لم تستاء من رؤيتهم ومن لقائهم فقد لا يمثلون لديك أي شيء، منظر طبيعي، لكن متى ما تآلفت النفوس تعيش في حياة سعيدة ترى أصدقاء، ترى إخواناً، تدخل المسجد فترتاح برؤية إخوانك، تخرج إلى ساحات القرية فترتاح برؤية إخوانك، تمشي معهم في السيارة فترتاح بالمشي معهم، في السوق تلقاهم فترتاح بلقياهم، تعيش حالة من الحياة لها طعم لها مذاق. نحن بعد لم نعرف، لكن من خلال ما نتصوره قياساً على أمثلة في واقع حياتنا عندما يكون لك صديق معين تحبه ألست ترتاح عندما تراه؟ وقد لا تكون صداقتكم مع بعضكم بعض تبلغ درجة الأخوة الإيمانية، لكنك ترتاح عندما تلقاه. هذا أثره فيما يتعلق بالحياة ج
ميل، فيما يتعلق بالنفوس، يجعل الحياة سعيدة بين الناس، وهم في قراهم، في مساجدهم، في تجمعاتهم، في أسواقهم، في طرقاتهم، وضعية تغيب فيها المشاكل، وضعية تختفي فيها الكثير من الإشكاليات التي سببها ومنشؤها التباين فيما بين النفوس، والوحشة فيما بين القلوب. فكلمة من هذا تغرق هذا، سوء ظن، أو فهم خاطئ لعبارة منه تشكل مشكلة في القرية أو مشكلة بين أسرتين. لذا يجب علينا - أيها الإخوة - أن نعرف من أين نأتي لأنفسنا، من أين نأتي لقلوبنا حتى تتآلف وتتوحد، أما إذا كنا لا يهمنا هذا ونجتمع لمجرد الإجتماعات، وحديث لمجرد الحديث، وكلام لمجرد الكلام فقد نقضي فترات طويلة لا نستفيد شيئاً. ويقول سبحانه وتعالى وهو يعدد نعمه: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} وهو يأمر عباده ويرشد عباده إلى تذكر نعمه عليهم {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (المائدة:7). ويقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}(المائدة: من الآية11) أليس هذا تدخلاً إلهياً؟ {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ}فيضربونكم {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} فهذه نعمة، نعمة أنتم ربما لا تشعرون بها, قد تعتبرون القضية أنه فقط مجرد قرار آخر، كانوا قرروا أن يعملوا بنا كذا لكن ترجح لهم أن يتخذوا قراراً آخر، أو ظهر لهم أن القضية لا تستلزم أن يتخذوا منا ذلك القرار السابق فغيروا رأيهم، يأتي تدخلات إلهية، فهنا يذكر عباده {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} تلك النعمة التي هي أنه {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(المائدة: من الآية11) هذا مجال جديد من مجالات النعم أليس كذلك؟ مجال الدفع عن المؤمنين، وكف أيدي أعدائهم عنهم، أليست هذه نعمة غير النعم الأخرى النعم المادية هذه التي نراها؟ ويقول أيضاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً} (الأحزاب:9) أليست هذه نعمة أيضاً من هذا القبيل، نعمة الدفع عن المؤمنين؟. ماذا يراد من خلال هذه؟. أن تعرف أنك متى ما توليته توليت من هو على كل شيء قدير، توليت من لا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يغفل عنك، توليت من سيرعاك ويدفع عنك {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ} وهذا كان يوم الأحزاب عندما تجمع المشركون فبلغ عددهم ما يقارب عشرة آلاف شخص فحاصروا المدينة وحصل ما حصل من الرعب في نفوسهم الذي حكاه الله في كتابه الكريم: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} (الأحزاب:11). في ذلك اليوم الذي برز فيه عمرو بن عبد ود، وتحدى المسلمين وهم نحو ثلاثة آلاف، وبينهم وبين المشركين الخندق الذي كان قد عمله النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) مع المسلمين فبقي في داخل الخندق هو ونحو ثلاث آلاف من المسلمين وهم في حالة من الرعب شديدة، برز عمرو وهو يتحدى، فبرز له الإمام علي (عليه السلام)، وهو ما يزال شاباً، قد لا يتجاوز عمره الخامسة والعشرين سنة فبرز إليه وقتله، فهناك تحطمت معنويات الكافرين. وظلوا على حصارهم للمدينة، فأرسل الله عليهم فيما بعد الريح وكما قال هنا في هذه الآية: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا} كانت تأتي الريح فتطفئ النار، وأدوات الطبخ لا تستقر تنكفئ الأواني بما فيها إلى الأرض، في الأخير قرروا العودة عندما رأوا هذه الوضعية المزعجة {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا}.

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
الله اكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
#زكاتي | الحلقة الاولى

ماذا تعني الزكاة في اللغة؟

يوتيوب
https://youtu.be/zhx4A5Le5Mo
المحاضرة الرمضانية الثالثة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1440هـ…
المحاضرة الرمضانية الثالثة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1440هـ 08-05-2019
daaa_althghwr_almkhtsr__bswt_alshamy
🌺دعاء اهل الثغور🌺

للإمام زين العابدين
"عليه السلام"

بصوت / أ.محمد الشامي

https://tttttt.me/aeenOnQuraan
الحزب٣
محمد صدّيق المنشاوي
بــرنــامــج رجــال الــلــه

💐 #القرآن_الكريم( #احزاب)💐
( #مرتل)
#الحزب٣

بصوت القارئ الشيخ/محمد صديق المنشاوي
"رحمة الله تغشاة"
......
((الان يمكنكم تحميل القرآن كامل بصوت المنشاوي))
https://tttttt.me/joinchat/AAAAAEa8EP1niJLqGia8TA
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_الرابع
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الرابع
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 21/1/2002م
اليمن - صعدة

ويذكر الله في كتابه الكريم أنه هكذا مع كل الأمم، يأمرهم بأن يتذكروا النعم التي أنعم بها عليهم، فيقول في القرآن الكريم الذي هو أنزل إلى هذه الأمة يحكي أنه كان يخاطب بني إسرائيل في الماضي وخاطبهم أيضاً في هذا القرآن، خاطب من يسمع منهم في أيام النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وفيما بعد: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (البقرة:40) {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة:47) لاحظوا.. لما لم يتذكر بنو إسرائيل النعمة التي أنعم الله بها عليهم، هكـذا بلغ بهم الحال إلى أن يستبدل الله بهم غيرهم، وإلى أن يلعن الكثـير منهم، وإلى أن يصبح أكثرهم فاسقين. وهكذا أيضاً أنبياؤه يذكرون أممهم أن يذكروا نعمة الله عليهم فيقول عن نبيه موسى وهو يتحدث مع قومه فيذكرهم نعمة الله عليهم: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ} (المائدة:20). {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} (إبراهيم:6) يذكرهم بعدما قد نجاهم الله مما كان يعمل بهم آل فرعون من التعذيب والتنكيل، وبعد أن أصبحوا أمة مستقلة لها قائدها تتحرك هي في ظل راية الرسالة التي بعث الله بها موسى، لكنه كان يقول لهم: إنما أنتم فيه لا تستشعرون أنها وضعية تحافظون عليها وتحرصون عليها إلا إذا ما تذكرتم ما كنتم فيه أيام كنتم في مصر تحت عبودية آل فرعون, فرعون وجنوده وقومه أولئك الذين كانوا يقتلون أبناءكم، يستحيون النساء ويذبحون البنين ويسومونكم سوء العذاب فيستعبدونكم في المهن المسترذلة وفي الأعمال الشاقة. وهذه الآية هي مهمة جداً، الناس عادة متى ما كانوا في وضع سيء ثم تبدل بهم الحال فأصبحوا في وضعية أخرى، كانوا أذلاء فأصبحوا أقوياء، كانوا مستذلين فأصبحوا أعزاء، أصبح لهم قوة، أصبحوا متمكنين.. قد ينسون ويظنون بأنه هكذا انتهت تلك الوضعية السابقة فلم يبق إلا هذه الوضعية الجيدة وهكذا ستبقى، يتصور الناس بأن تلك الوضعية ستبقى هكذا على ما هي عليه إلى الأبد.. ألم يكن الناس أيام كان سوق [الخوبة] مفتوح زمان، وكانت البضائع رخيصة، وكان الناس يتحركون، كنت تلمس من الناس أنهم يرون أن هذه الوضعية ستبقى مستمرة هكذا. الإمام الخميني كان يقول للإيرانيين بعد الثورة الإسلامية: إن الحفاظ على الثورة أهم من الثورة نفسها، أنتم قد ثرتم ونجحتم وحققتم انتصاراً عظيماً لكن هنا بدأ العمل الحقيقي وهو: الحفاظ على الثورة.. هكذا كان يقول لهم. كما هنا قال موسى لقومه: حافظوا على هذه الوضعية التي أنتم فيها، لا تتنكروا لله، لا تبدلوا نعمة الله، تذكروا دائماًَ ما كنتم فيه سابقاً، ثم اذكروا نعمة الله عليكم إذ نجاكم منه، وفعلاً هذه لهذا أثرها العظيم فيما يتعلق بالحفاظ على منجزات الأمة، إذا الأمة تقارن بين ماضيها وما بلغت فيه وترى الفارق الكبير بين ذلك الوضع السابق السيئ وهذا الوضع الجيد الحسن فستحرص فعلاً على أن ترعى، على أن تحمي، على أن تدفع عن كل ما حقق لهم ذلك المكسب العظيم. اذكروا نعمة الله عليكم أن نجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم..إلى آخره، ثم انظروا كيف أصبحتم الآن، إذا لم تتذكروا تلك الأعمال السيئة السابقة فإنكم لن ترعوا هذه النعمة وهذه الوضعية الحسنة التي أصبحتم فيها. الله سبحانه وتعالى يعلمنا أيضاً أن أولياءه يدعونه أن يوفقهم لشكر نعمه فيقول عن نبيه سليمان: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}(النمل:17- 19). لاحظوا نبي من أنبياء الله آتاه الله من الملك مالا ينبغي لأحد من بعده، حكم الجن والإنس والطير، وسخرت له الريح وسخر معه الجبال، وألان الله له القطر، {وَأَلَنَّا
لَهُ الْحَدِيدَ}(سـبأ: من الآية10)، هذا الذي كان دائم التذكر لنعمة الله فكان يقول: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}(النمل: من الآية40) فعندما سمع كلام النملة، وعندما رأى ذلك الحشد الهائل من الجن والإنس والطير تبسم ضاحكاً، ولكن هل كانت ضحكته كضحكة قارون أو ضحكة الكثير من الأغنياء الذين يطغيهم المال، أو ابتسامة أولئك الزعماء الذين يرون أنفسهم جبارين فوق عباد الله؟ هذا نبي عظيم ينظر إلى ما بين يديه أنه نعمة من الله فيدعو الله أن يدفعه دائماً إلى أن يتذكر نعمه؛ لأن يشكرها {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}. فنملة تذكره؛ ولأن يسمع كلام نملة فيعرفها ويعرف لغة هذه المخلوقات الكثيرة يرى وقع هذه النعمة، وعظم هذه النعمة التي أنعم الله بها عليه، فيطلب من الله أن يدفعه لأن يظل دائماًَ يتذكر هذه النعم، لأن يشكرها، وليس فقط النعمة التي أنعم بها عليه بل أيضاً تلك النعم التي أنعم بها على والديه، أنا سأشكرك على هذه النعمة التي أنعمت بها علي، وأيضاً على تلك النعمة التي أنعمت بها على والدي، فيدعو الله وهو المطلب المهم بالنسبة لعباد الله وأوليائه، فلا يرى ذلك الملك كله هو ما يحقق ما يريد له، إنه يريد من الله أن يدخله في عباده الصالحين، ذلك هو المقام الرفيع وذلك هو الملك العظيم.. {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}. من هو من الناس، الناس الذين أكثرهم متى ما امتلك شيئاً بسيطاً من الدنيا أخلد إلى الدنيا، ونسي أن عليه أن يبحث، أن عليه أن يسعى، أن عليه أن يدعو الله باستمرار أن يدخله في عباده الصالحين، أن يكون من ضمن الصالحين, من ضمن أولياء الله. أولئك الذين يطغيهم المال فينسوا أنهم في حاجة ماسة إلى مقام أرفع مما يرونه رفيعاً في حياتهم، هو أن يكونوا من عباد الله الصالحين في حياتهم، هو أن يكونوا من عباد الله الصالحين. لا يصح أن ننطلق نحذر الناس من الدنيا؛ لأنها خداعة مكارة! هي نعمة عظيمة، إذاً تعال حذر من الألسن وقل اقطعوا الألسن أيها الناس، فإن الألسن تكذب، وتشهد الزور، وتحلف الأيمان الفاجرة، وتؤيد الباطل، وتنطق بالباطل، وتعيب هذا، وتسخر من أولياء الله، وهكذا... الألسن، الألسن اقطعوها، هل هذا منطق؟. لا. هكذا حديث أولئك عن الدنيا نفس الحديث، إذا كنت تريد أن تعزل الناس عن الدنيا وأن يتركوها ويبقوا صعاليك فلا يستطيعون أن يعملوا شيئاً لدينهم، ولا يستطيعون أن يعملوا شيئاً يعزون به أنفسهم ويستغنون به عن أعدائهم؛ لكون الدنيا هي مكارة وخداعة، إذاً قل للناس أن يقطعوا ألسنتهم؛ فألسنتهم تكذب. الله الذي خلق المال هو الذي خلق الألسن، الذي خلق المال هو الذي خلق الأعين والألسن، إذاً أخرجوا أعينكم فإنها تنظر إلى المحرمات، اقطعوا ألسنتكم فإنها تكذب وتشهد الزور وتحلف الأيمان الفاجرة وهكذا.. الأنفس!!. ولهذا جاء القرآن بهدايته الواسعة متجهاً نحو النفوس ولم يصب جامَّ غضبه على الدنيا، بل هو من يذكرنا بهذه النعم العظيمة في الدنيا، لم يأت ليقول للناس كما يقول كثير من أولئك الذين يرشدون الناس من أطرف كتاب يرونه، بل قال الله للناس: لا تغرنكم الحياة الدنيا فقط، لا تلهيكم، لا تنخدعوا بها، لا تؤثروها على الآخرة.. هذه عناوين حديث القرآن عن الدنيا. لكن انطلقوا فيها ابتغوا من فضل الله فيها، تحركوا فيها، ولكن اهتدوا فيها وأنتم تتحركون فيها بهديي، زكوا أنفسكم بهديي، حينئذ فليملك أحدكم كما يملك سليمان لا تغره الدنيا ولا تخدعه الدنيا، سليمان الذي قال {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} وإشارة هذا إلى الملك العظيم الذي أوتيه {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}.. هكذا يأمر الله سبحانه وتعالى أولياءه، أو يذكر أن أولياءه هم دائماً يدعون الله أن يرزقهم تذكر وشكر نعمه، وهم أولئك الذين إذا ما ملكوا نعمه الكثيرة كيفما بلغت لا تملكهم، لا تخدعهم، لا تغرهم، لا يؤثرونها على الآخرة، لا تلهيهم عن ذكر الله.. فهل تتذكر وأنت تملك شيئاً من الدنيا قد يكون ما تملك يساوي [قدراً] أو اثنين من قدور سليمان التي كان يعملها الشياطين له {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}(سـبأ: من الآية13) أليس هكذا في الآية؟. وتريد أن تطغى، تريد أن تتكبر، تنسى أن تطلب من الله أن يدخلك في عباده الصالحين.. تعال، انظر إلى سليمان الذي ملك الدنيا، ملك الجبال، ملك الطير، ملك الجن، ملك الإنس، ملك البر والبحر، ملك الرياح، تعال إلى كلماته الرقيقة: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}. بعض الناس ينسى أن يدعو لوالديه فيما إذا تركوا له مالاً [الله لا يرحمه إنه أعطى فلانة جربة فلان, كان عادها قال مهر, قال يريد يتخلص..]. سليمان يقول: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ} هذا الملك ك
له أنا أريد أن أسخره في الأعمال الصالحة، تلك الأعمال التي ترضيك.. {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} أليست هذه كلمات رقيقة؟ ما أبعد الناس، أولئك الذين لا يملكون مثل قدور سليمان عن هذا المنطق، أصبح الناس كما قال الله: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق:6-7). إذاً فالمعالجة أن نأتي نحن لنعالج الإشكالية في النفوس، وهو توجه القرآن الكريم، هو توجه إلى النفوس، لنعلم الناس كيف يزكون أنفسهم. لا أن نأت لنصب جامَّ غضبنا على الدنيا نفسها التي هي نعمة عظيمة من نعم الله، والتي للإنسان دور مهم فيها، في تحقيق عبادته لله سبحانه وتعالى، وشهادته بكمال إلهه، نتجه إلى النفوس ونذكر الناس كيف يتعاملون مع الدنيا، كيف يملكون الدنيا ولا تملكهم، كيف يكون همهم أن يعملوا أعمالاً صالحة من خلال ما يملكون، وعلى الرغم مما يملكون، وأن ينشدوا ذلك المقام الرفيع وهو أن يكونوا ضمن عباد الله الصالحين في هذه الدنيا وفي الآخرة.

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
الله اكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
نشرات الأخبار ليوم الاربعاء 08-05-2019م لقناة المسيرة على اليوتيوب:

🔸🔹🔸🔹🔸🔹🔸🔹🔸

📽️⁩أخبار التاسعه والنصف صباحاً
https://youtu.be/JESQ5f78I7g



📽️⁩أخبار الثالثة والنصف عصرا
https://youtu.be/RSMgcJX9n8g



⁦⁩⁦📽️⁩ الأخبار الدولية
https://youtu.be/3g2Bzg43y6k


⁦⁩⁦📽️⁩الأخبار الرئيسة
https://youtu.be/ORMXhlqr6c4


يمكنكم متابعة هذه القناة الثانية اذا تم حظر الاولى وهي تنشر نفس المحتوى للقناة الاولى وهو دعم قناة المسيرة
https://www.youtube.com/channel/UCvumuidg09aYV5LtGmuOKDQ

ولا تنسى ان تضغط على زر #الإشتراك وتفعيل الجرس لتصلك كل اخبار وبرامج ووثائقيات صدق الكلمة
برامج ومسلسلات رمضان لقناة المسيرة
اليوم الثالث (الاربعاء) 08-05-2019 على يوتيوب


مسلسل #غربلة (3) | الحلقة الثالثة

https://youtu.be/gfvUySqqEvA


#جيل_القرآن | 08-05-2019
الحلقة الثالثة
https://youtu.be/z5xe0mLDdX8



#حكايات_الجد_الحكيم | 08-05-2019
الحلقة الثالثة
https://youtu.be/LWib7DIFL8o


#في_الآفاق | 08-05-2019
الحلقة الثالثة
https://youtu.be/BReVOvh2p6I


برنامج (#الحاصل) | 08-05-2019
الحلقة الثالثة
https://youtu.be/uqk-kKSuvkE


برنامج (#بدون_إحراج) | 08-05-2019
الحلقة الثالثة
https://youtu.be/FFfe-Cw9t1U


#زكاتي
......
#الحلقة_الثالثة
https://youtu.be/t3VjDR4L14Q




يمكنكم متابعة هذه القناة الثانية اذا تم حظر الاولى وهي تنشر نفس المحتوى للقناة الاولى
https://www.youtube.com/channel/UCvumuidg09aYV5LtGmuOKDQ
ولا تنسى ان تضغط الاشتراك وتفعيل الجرس ليصلك كل يوم من اخبار وتقارير ووثائقيات وبرامج صدق الكلمه قناة المسيرة
المحاضرة الرمضانية الثالثة للسيد عبد الملك بدرالدين الحوثي 1440هـ
النص:-
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، اللهم اهدنا وتقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
بالأمس تحدثنا عن الواقع الذي نعيشه كبشر وكيف أن الكثير من المجتمعات والشعوب والأمم تعتمد في مسيرة حياتها في التزاماتها العملية وفي برامجها العملية وفي نظامها الذي تعتمد عليه في نظم أمرها وحياتها على ما يأتيها من توجيهات وتعليمات وخطط وأوامر من جهات من شخصيات من قادة من زعماء من ملوك من أمراء بحسب اختلاف هذا الجانب لدى شعب إلى آخر وما بين أمة إلى أخرى.
هذا هو الواقع الذي عليه البشر والكثير من أولئك الذين يحتكم إليهم البشر ويطيعهم الناس ويلتزمون بتعليماتهم وتوجيهاتهم وأوامرهم من القادة والزعماء والملوك والأمراء والسلاطين أو الجهات التي لها هذه السلطة بين قومها أو شعبها أو امتها الكثير منهم كما قلنا لا ينطلقون فيما ينطلقون فيه أو فيما يقدمونه إلى أممهم أو شعوبهم من منطلق الرحمة وعلى أساس الحكمة أو بهدف الخير وإرادة الخير لشعوبهم وأقوامهم قد ينطلقون من موقع التسلط ومن موقع تعزيز النفوذ والقدرة والأطماع إلى آخره.
أما ما يأتينا من الله سبحانه وتعالى فهو يختلف كليا، فالله سبحانه وتعالى هو ربنا الرحيم العظيم الكريم وله الكمال المطلق هو جل شأنه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وهو أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وهكذا عندما نأتي إلى بقية أسماءه الحسنى، فالواقع بالنسبة لنا نحن، للإنسان كإنسان للبشر كبشر في تفاعلهم مع ما يأتي إليهم من توجيهات أو أوامر أو إلزامات في الواقع العملي ما يأتيهم من خطاب أو نداء أن تفاعلهم يكون من خلال جانبين:
الأول: باعتبار المصدر مصدر ما وصل إليهم وقد يتفاعلون مع ما وصل إليهم من توجيهات أو أوامر أو نداء باعتبار أنه أتى من جهة يعظمونها أو يقدسونها ينظرون إليها بإكبار على أنها جهة تمتلك الحكمة تمتلك المعرفة تمتلك العلم تمتلك القدرة يرجون من جانبها خيرا أو يخافون من جانبها شراً، وقد يكون أيضا تفاعلهم باعتبار مضمون ما وصل إليهم وما أتى إليهم وما قدم إليهم باعتبار أنه يلامس واقع حياتهم وشؤونهم التي هي محط اهتمام عندهم وهي عندما يلامس ما يأتي إليهم واقعهم على مستوى الرغبات والاحتياجات أو على مستوى الانفعالات أو على مستوى المخاطر والتهديدات، فما وصل إليهم من هذا القبيل يتفاعلون معه ينشدون إليه ولا يتجاهلونه وعندما نتأمل فيما أتانا من الله سبحانه وتعالى من توجيهات وأوامر إذا جئنا لنحسب أهمية ذلك بحساب المصدر وهو الله جل شأنه فهو على أعلى درجة من الأهمية، أعلى درجة من الأهمية، هل هناك أهم من الله سبحانه وتعالى؟ أعظم من الله؟ كل الاعتبارات التي قد تجعلنا نتفاعل مع شيء وصل إلينا من طرف أو من جهة بحسب اعتبارات معينة أنه من ملك أو من أمير أو من رئيس أو من قائد أو من زعيم أو من حكيم أو من عالم أو من رحيم أو من تاجر أو من ثري أو من أي طرف لأي اعتبار قد يشدنا إلى التفاعل مع ذلك الطرف وبالتالي مع ما يأتينا من جانبه كل تلك الاعتبارات لا تساوي شيئاً أمام الله سبحانه وتعالى رب السماوات والأرض ملك السماوات والأرض رب العالمين الذي بيده الخير كله بيده ملكوت كل شيء بحساب ما نرجوه فهل هناك شيء نرجوه من الآخرين بأعظم مما نرجوه من الله وهو الذي خلقنا بيده حياتنا بيده موتنا إليه مصيرنا كل أمرنا بيده يتدخل وهو القادر جل شأنه في كل شيء أراد أن يتدخل فيه من واقع حياتنا يملك منا ما لا نملكه من أنفسنا يملك لنا ويملك منا في الخير والرشد أو الضر ما لا نملكه نحن لأنفسنا ولا يملكه أحد سواه لنا أو علينا.
هو الذي له الدنيا والآخرة وله العالم كله وله الأرض ومن عليها وهو (الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ)، فعلى مستوى ما نرجوه وعلى مستوى ما نخافه وعلى مستوى التعظيم على مستوى كل الاعتبارات ليس هناك ما ينبغي أن يشدنا إلى الآخرين بأكثر من الله سبحانه وتعالى فما أعظم غفلتنا وما أسوأ تجاهلنا لما يأتينا من عند الله سبحانه وتعالى ودعوته جل شأنه هي دعوة حق هي دعوة خير هي دعوة رشاد هي دعوة فلاح، لأنه الغني عنا عندما يأمرنا بشيء أو ينهانا عن شيء فلم يأمرنا بشيء لأنه بحاجة إليه ولم ينهانا عن شيء لأن فيه ضر عليه، هو الغني جل شأنه لا تنفعه طاعتنا ولا يحتاج إليها ولا تضره معصيتنا ولا تمثل بالنسبة له مشكلة، العائد وهو يتعلق بنا في الطاعة خيرا لمصلحتنا وخيرا ل
نا ومنفعة لنا في الدنيا وفي الآخرة وفي الآخرة كذلك أيضا فيما ينهانا عنه ولهذا عندما نأتي إلى دعوة الله وهو جل شأنه قال في عنوان عام (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ) (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ) ( يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ) على المستوى التفصيلي فيما يدعونا إليه حينما يقول جل شأنه (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) على المستوى الشخصي كم هناك من وعود في القرآن الكريم (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) أنت أنت المستفيد عندما تستجيب لله عندما تطيع الله سبحانه وتعالى عندما تلتفت إلى توجيهاته وأوامره عندما تنتهي عن نواهيه.
على المستوى العالم كجماعة أو كأمة أو كشعب أو كمجتمع في كل المجالات في كل جوانب وشؤون الحياة ونحن نحتاج إلى الله في كل شيء هو القائل جل شأنه ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ) تكونون أنتم من تستفيدون من تنتصرون من تعتزون (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) وهكذا عندما نأتي إلى سائر التوجيهات الإلهية (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) النتيجة لو أنهم آمنوا واتقوا لكانت النتيجة نتيجة خير، ونتيجة عظيمة لمصلحتهم هم (لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) بركات واسعة في أرزاقهم في حياتهم في شؤونهم في كل جوانب الخير وكل ما هو خير فيما يتصل بشؤونهم على نحو واسع ووافر.
النتيجة عندما كذبوا والتكذيب هو يتجه إلى الواقع العملي وليس فقط إلى الجحود، الجحود جانب شكلٌ من أشكال التكذيب لأنه يترتب عليه نتائج عملية سلبية وعندما يكون أيضا في الواقع العملي من الأساس ولهذا قال: (فَأَخَذْنَاهُم) بماذا؟ (بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) لأن المسألة كانت في الواقع العملي عندما يتجه إلى الواقع العملي النتيجة تساوي نتيجة الجحود سواء كذبت بالجحود أو كذبت بالواقع العملي بعدم اعتبارك لما وصل إليك من ا لله من توجيهات وهداية.
والإنسان بين حالة من حالتين إما أن يؤسس في واقع حياته وفي مسيرة حياته كما قلنا بالأمس وما قبل الأمس أيضا أن يؤسس مسيرة حياته على أساس الارتباط بهدى الله وتوجيهاته والاهتداء بهديه والالتزام بتعليماته، مسيرة إيمانية على أساس من إيمانه بالله سبحانه وتعالى ويتحقق له بذلك الخير والتقوى يقيه الله سبحانه وتعالى الشرور والعذاب والخزي، يفلح وينجو ويفوز في الدنيا والآخرة وإما أن ينطلق في هذه الحياة على أساس هوى نفسه وأهواء الآخرين وينسى الله لا يحسب حساب الله ولا يحسب حساب تقوى الله ويعيش حالة من الانفلات وراء مزاج نفسه وأهواء نفسه ورغبات نفسه وانفعالات نفسه وقد يكون منتميا في واقع الحال إلى الإيمان وهذه الحالة التي نحن عليها كمسلمين وقد نغفل وقد ننسى ونغفل وبالتالي لا نستحضر مقتضى إيماننا في واقعنا العملي في كثير من الحالات وأمام كثير من المواقف وهنا مكمن الخطورة ولهذا يذكرنا الله سبحانه وتعالى بقوله جل شأنه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) يا أيها الذين أمنوا كما قلنا تأتي الكثير من التوجيهات للذين أمنوا لنا كمجتمع مسلم نحسب أنفسنا من الذين أمنوا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ) فمجرد الانتماء الإيماني لا يكفي إنما هو أساس نبني عليه في مسيرتنا العملية في التزاماتنا العملية لنتحرك في واقع الحياة في أعمالنا وفي التزاماتنا وفي مواقفنا على أساس تعليمات الله سبحانه وتعالى فنقي أنفسنا من عقابه وسخطه.
المسألة بالنسبة للإنسان إذا هو أعرض وتكبر واغتر وطغى ولم يبالِ بتوجيهات الله سبحانه وتعالى ورمى بها عرض الحائط ولم يتلفت إليها ولم يبالِ بها ليست سهلة لا تنتهي المسألة، لا، الإنسان يجعل نفسه في موقع المؤاخذة الإلهية إن الله هو ملك السماوات والأرض ملك الناس عزيز ذو انتقام لا يفلت الإنسان من قبضته ولا يخرج من سلطانه لو بلغ به طغيانه ما بلغ أو لا مبالاته وتجاهله وغروره وغفلته ما بلغت كل ذلك لا ينقذه أبدا من سطوة الله وجبروته وعذابه وعقابه ، على العكس، كلما طغى الإنسان واغتر وتجاهل ولم يبالِ واتجه وفق أهواء نفسه هو يحمل نفسه الوزر ويسبب لنفسه العذاب والمؤاخذة من الله سبحانه وتعالى.
على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي، مجتمع معين أمة معينة شعب معين على مستوى أي مجتمع على مستوى قرية الله جل شأنه يقول في كتابه الك
ريم (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ) عتت وتجاوزت وتعدت ولم تبالِ بأوامر الله سبحانه وتعالى وبهديه بتوجيهاته وتعليماته، فماذا كانت النتيجة؟ (فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا(8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا(9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا) سورة الطلاق.
فالإنسان بحاجة إلى أن يدرك أنه إن عصى الله أنه إن تعنّت وغفل ولم يبالِ ولم يعد يكترث لتوجيهات الله سبحانه وتعالى أنه يظلم نفسه أنه يسبب لنفسه الخسارة، أنه يوقع نفسه في عذاب الله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) أنت فيما تعمل اليوم من أعمال من تصرفات قد لا تبالي بها وقد تستهين بها، أنت تقدم لنفسك يوم القيامة إما تقدم الخير وإما تقدم الشر ما تعمله ستجده يوم القيامة معدا لك بشكل جزاء، جزاء تُجازى عليه، فلتنظر ولتفكر ولتتأمل بجديّة، لا يعيش الإنسان حالة الغرور والغفلة هي أخطر شيء على الإنسان واللامبالاة والاتجاه في هذه الحياة وفق هوى النفس من دون انتباه، هذا تنبيه مهم إنذار وتذكير مهم (وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) إن لم تقدم لنفسك العمل الذي تنجو به تفوز به تسلم به من عذاب الله يمثل وقاية لك من عذاب الله سبحانه وتعالى فالنتيجة هي الهلاك لن يكفيك ولن ينفعك مجرد الانتماء الإيماني لأن هذا التنبيه هو لمن؟ للذين آمنوا، لا يكفي أن ينتمي الإنسان إلى الإيمان ثم لا يعمل ما فيه الوقاية له من عذاب الله سبحانه وتعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) سورة الحشر.
أخطر شيء على الإنسان أخطر شيء على الإطلاق هو النسيان لله، النسيان لله ليس فقط الغفلة عن ذكر اسم الله يعني أنك لم تعد كثير التسبيح وكثير الاستغفار وكثير الدعاء وكثير الالتفات إلى القرآن، أخطر شيء في حالة النسيان ليست النسيان للذكر، الذكر الذي هو عبارة عن أذكار معينة وتسبيح واستغفار ودعاء، أخطر من ذلك النسيان لله في مقام العمل في واقع الحياة تجاه المسؤوليات تجاه أوامر الله ونواهيه وتوجيهاته، عندما تغفل عن الله سبحانه وتعالى لا تحسب حساب الله فيما أنت تعمله وفيما أنت تتركه تجاه توجيهاته تجاه هديه تجاه المسؤوليات التي حملّك الله إياها، في واقع حياتك في مواقفك في ولاءاتك في عداواتك، في مسيرة حياتك في مجالات هذه الحياة، النسيان لله في موقع العمل في موقع المسؤولية، في مواقع الحياة هو الأخطر، وذلك هو جانب من جوانب النسيان والغفلة عن الله سبحانه وتعالى.
لا تكونوا كالذين نسوا الله فانطلقوا في مواقفهم بعيدا عن الله، وبعيدا عن أوامره وتوجيهاته وهديه ونهجه، لا تكونوا كالذين نسوا الله في مواقفهم في أعمالهم في تحركاتهم في هذه الحياة لم يحسبوا حساب الله، هنا الخطر، هنا وقع الكثير من الناس فانطلقوا لحسابات أخرى ودوافع أخرى، وهذا الذي عليه الكثير وللأسف الشديد حتى في واقع مجتمعنا المسلم.
الكثير من الناس ينطلقون بدوافع مادية وإغراءات أو بدافع المخاوف أو العصبيات، الأهواء هي العنوان الواسع الذي يتحرك على أساسه الكثير من الناس بعيدا عن الله سبحانه وتعالى، وهنا الخطر الكبير، الإنسان بحاجة إلى أن يحاسب نفسه، وأن يحسب حساب مستقبله المهم، لا يبقى في حالة الغرور والغفلة حتى يأتيه الموت، الموت هو بداية الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، ومرجعنا جميعا إلى الله، كل من في هذه الحياة من البشر، مصيرهم إلى الله، إلى الله المصير، إليه المصير، كل أولئك المتكبرين والغافلين والمتجاهلين واللامبالين، كل الذين يعيشون في سكر الشهوة ويضيعون وراء الغفلة وراء الشهوات، وراء الأطماع وراء الأهواء، كل الساخرين كل اللامبالين، كل الغافلين، البشرية بكلها مصيرها إلى الله، مرجعها إلى الله سبحانه وتعالى، والكثير من الناس قد يصحوا قد يستفيق قد يستيقظ، من سكر الشهوة، من حالة الغفلة من حالة الغفلة، ولكن متى؟ عندما يأتي الموت، والموت هو بداية الرجوع إلى الله، بداية الاتجاه في هذا المصير إلى الله سبحانه وتعالى، وحينها يكون قد فات الأوان، وهذا هو حال أكثر البشر، ينتبه، قد يعيش حالة غفلة، لا مبالة، سكر الشهوة، يضيع وراء اهتماماته في هذه الحياة ولا يحسب حساب الله والمصير عند الله والمستقبل عند الله تعالى، أول ما يأتيه الموت ينتبه، ينتبه، ولكن ينتبه بعد فوات الأوان، هل هناك من فرصة للعمل، هل هناك من فرصة ليصحح وضعيته ليتلافى أخطاءه، ليراجع حساباته ويصلح عمله، لا، ولهذا يذكرنا الله سبحانه وتعالى بهذا في قوله جل شأنه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، كل نفس، لا مل
ك ولا أمير ولا رئيس، لا تاجر ولا قائد ولا زعيم، ولا أي إنسان كان يمكن أن يكون حالة استثنائية من هذا، كل نفس ذائقة الموت، هذا هو المصير المحتوم لكل البشر، نحن أتينا بأجل ونعيش بأجل، كل منا لا يدري متى ينتهي أجله، متى ستنتهي حياته، هي حياة مؤقتة، هي فرصة محدودة إذا أضاعها خسر المستقبل الأبدي والدائم (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ)، الله سيوفينا الأجور والمستقبل الدائم والأبدي في يوم القيامة، اليوم الآتي الذي لا ريب فيه، (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، هذه الآية أيها الإخوة والأخوات، هذه الآية مخيفة جدا، هذه العبارة هي جرس إنذار كبير لكل إنسان منا، (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، عبارة مخيفة جدا لو نتأملها، زحزح عن النار، إن المصير الذي يصير فيه وإليه أكثر الناس هو النار، لدرجة أن الحالة التي قد تخرج فيها عن هذا المصير عن هذا الاتجاه الخطير جدا، عبر عنها في القرآن الكريم بهذا التعبير، فمن زحزح، وكأن البعض لا يذهب ولا يبتعد ولا يخرج عن هذا الاتجاه الموصل إلى جهنم إلا زحزحة، ونعرف نحن عندما نسمع عبارة زحزحة، إبعاد بصعوبة نقل بصعوبة عن هذا المصير الخطير الموصل إلى النار، جرس إنذار مهم، الإنسان بحاجة إلى أن يلتفت قبل فوات الأوان، قبل مجيء الموت، إذا أتى الموت لا فرصة أبدا للإنسان، الله حكى عن حال الكثير من الناس، هذه الحالة من التحسر بعد فوات الأوان، (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ)، يتحسر ويطلب مهلة إضافية، مهلة لماذا؟ للعمل الصالح، العمل الصالح الذي تجاهله، وتجاهل الكثير منه مما له وزن عظيم، أجر كبير، فضل عظيم، تجارة رابحة، عرضه الله عليه، دعانا حتى إلى تفصيلات عملية ذات أهمية كبيرة، ذات نتيجة إيجابية عظيمة، يقول لنا جل شأنه: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ)، وكم في القرآن الكريم من ترغيب، ومن تنبيه على أعمال ذات قيمة عظيمة في نجاة الإنسان وفلاحه وفوزه وتأمين مستقبله العظيم وتجاهلها الكثير من الناس وأضاعوا حياتهم وراء سخافات ووراء شهوات تنقضي وتنتهي ويبقى تبعاتها من العذاب الدائم، ويسببون لأنفسهم الخسارة التي ليس مثلها خسارة ولا لها نهاية، الله جل شأنه يقول: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، هذا هو الفوز عندما تؤمن مستقبلك الأبدي مستقبلك الدائم مستقبلك العظيم، أما عندما تضيع حياتك وتتحسر فإذا جاء الموت وسيأتي ولا بد أن يأتي لكل واحد منا وكل منا لا يدري متى سيأتي بالتحديد وهي حالة نراها يوميا، القوافل من البشر يرحلون في كل يوم وستأتي هذه الحالة لكل إنسان، عندما تقول (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا)، كلمة لا تفيده شيئا، لا تعطيه الفرصة ولا ليوم واحد، ولا ليوم واحد ولا لساعة واحدة ليعمل فيها أي شيء، خلاص، يقفل المجال نهائيا، تفوت الفرصة، انتهت المهلة، فما أحوجنا أن ننظر وأن نستجيب لله سبحانه وتعالى وهو يقول لنا (وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ)، لينظر كل إنسان على المستوى الشخصي ليفكر الإنسان تجاه هذا المستقبل المهم، الذي هو آت بلا شك، لا ريب في ذلك، وهو مستقبل أبدي ومستقبل مهم، حتى لا يوقع الإنسان نفسه في الورطة والخسارة الرهيبة والأبدية والتي هي النار والعياذ بالله.
المسألة مسألة مهمة فمن زحزح، إذا لم تعلم بأن تتزحزح هنا في هذه الفرص التي أتاحها الله لك فأنت توقع نفسك، الإنسان في كثير من خطواته في أعماله الطائشة المنحرفة المخالفة لتوجيهات الله سبحانه وتعالى هو يوقع نفسه أكثر وأكثر على حسب تعبيرنا المحلي يتربخ، يتربخ في طريق النار، يعمل أعمال سيئة يتصرف تصرفات سيئة، يفرط في مسؤوليات مهمة وفي أعمال عظيمة، أمره الله بها، فهو إنما يتجه أكثر وأكثر ويندفع أكثر وأكثر نحو الهاوية نحو الخسارة نحو العذاب الأليم، نحو العذاب الدائم، الله أنذرنا سبحانه وتعالى ونبهنا على هذا المستقبل ونحن بواقع الإيمان وبحسب إيماننا نؤمن بالله ونؤمن أنه جل شأنه يؤاخذ ويحاسب ويعاقب ويجازي وأن أمامنا اليوم الآخر آتٍ لا ريب فيه نؤمن بيوم القيامة، وفي القرآن الكريم حديث واسع عن اليوم الآخر وعن يوم القيامة وعن الحساب وعن الجزاء، حديث واسع عن الجزاء في الدنيا وعن الجزاء الكبير والأبدي والدائم والمستقبل المهم الذي يجب أن نحسب حسا