🍀القسم الثالث🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما العلاقة بين الإصرار على زراعة القات جيلا بعد جيل وبين الانطلاق في سبيل الله ونصرته؟
🔸 – الاقتصاد في استعمال الماء حين يكون من منطلق تقوى الله أفضل أم حين يكون من منطلق الخوف من نفاد المياه من المخزون الأرضي؟
🔸 – سمى الله تعالى الماء رزقا، فما العلاقة بين الاقتصاد والماء؟
🔸 – كيف نستعيد مخزون المياه من جديد؟ وكيف نبني اقتصادا قويا ينافس اقتصادات العالم الغربي؟
🔸 – النار قد تكون مظهرا من مظاهر نعمة الله علينا، ففي أي سياق تكون كذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
ثم إذا كنا مصرين على أن نزرع القات جيلًا بعد جيل، هذا أيضًا من الإصرار على أننا لسنا مستعدين على أن نقف موقفًا يرضي الله سبحانه وتعالى، في مجال نصر دينه، وإعلاء كلمته، وأن نقف في وجه المفسدين في الأرض: اليهود والنصارى وأوليائهم، إذا كنت مصرًّا على زراعة القات باستمرار وأن تورثها للأجيال من بعدك فأنت مصر على قعودك عن نصر دين الله؛ لأن الله عندما يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} (الصف: من الآية14) يأمرنا بأمر يوجب علينا أن نهيئ وضعيتنا بالشكل الذي نستطيع أن نكون فيه م من يحقق نصر الله، و منه الجانب الاقتصادي، تأمين غذائنا.
فليحاول الناس ـ وقد كثرت الأسر ـ أن يحرثوا أي أماكن لا تزال غير مزروعة، يحرثونها وليس كل مكان يجهزونه للزراعة يغرسونه قات، يحاول الناس أن يزرعوا الحبوب، ولو بنسبة بسيطة، ونرجع قليلًا قليلًا إلى وضعنا الطبيعي في رجوعنا إلى الله سبحانه وتعالى من خلال رجوعنا إلى الله قليلًا قليلًا حتى نعود بالشكل الذي يريد الله سبحانه وتعالى أن نكون عليه.
نعود إلى نفس الموضوع:
{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} (الواقعة: 68) أأنتم ترون هذا الماء؟ نعم نحن نراه، ونحن نعرف أننا لسنا نحن الذين نخلقه وننتجه، هل الماء تنتجه المصانع؟ {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ من الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمنزِلُونَ} (الواقعة: 69).
سؤال، كيف سيكون الجواب: أنت يا الله الذي تنـزله من المزن، من السحاب {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} (الواقعة: من الآية70) مالحًا فلا يصلح للشرب ولا يصلح لسقي الأرض، هل بإمكانك أن تسقي نباتات من البحر؟ لا يصلح.
أليس ماء البحر كثير جدًا؟ لكن لا يصلح لا للشرب ولا لزراعة الأشجار، ولا لسقي المزارع بل ولا يصلح أحيانًا استخدامه مع بعض أدوات التنظيف، أحيانًا لا يصلح استخدامه مع بعض أنواع الصابون، لا يقبل.
ألسنا مؤ منين بأن الله سبحانه وتعالى يستطيع أن يجعله أجاجًا: مالحًا شديد الملوحة؟ يستطيع حتى ولو أبقاه كثيرًا في متناولنا، لكن يستطيع أن يحوله إلى مالح، أو يغوِّره في أعماق الأرض {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمن يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (الملك: 30).
من الذي يعطيكم بديلًا، هل أمريكا يمكن أن تعطينا ماء؟ أو اليابان أو الصين يمكن أن يعطونا ماء؟ مصانع تنتج ماء؟ لا، هل تستطيع الدولة نفسها أن تعطينا ماء؟ هي تصيح على الناس المزارعين بأنه حاولوا أن تقللوا من استخدام المياه العشوائي، مخزون الماء معرض للانتهاء. ليس المخزون، إنما هو نحن، مخزون العودة إلى الله قد انتهى، مخزون العودة إلى الله في أنفسنا هو الذي انتهى. نحن لو عدنا إلى الله لما خشينا؛ لأنه قال: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} (الجـن: 16) فليكن من السماء وليكن من باطن الأرض.
الحفاظ على الماء في استهلاكه قضية مهمة، والتبذير بالماء هو من التبذير الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، وشبه المبذرين بأنهم إخوان الشياطين {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الاسراء: من الآية27) هذه الآية من الشواهد المهمة على أهمية الجانب الاقتصادي في حياة الناس، على أهمية الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بقيامهم بواجباتهم ومسئولياتهم أمام الله سبحانه وتعالى؛ لأن حياتنا مرتبطة بالماء، فغذاؤنا مرتبط بالماء، رزقنا مرتبط بالماء، بل سماه رزقًا في آيات أخرى سمى الماء رزقًا، هكذا مباشرة.
ف من يبذر بالماء كأنه شيطان، أي كأنه يعمل على أن يضرب الأمة من أساسها، حتى لا تستطيع أن تقف على قدميها في النهوض بواجباتها الدينية {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} هو لا يقدر نعمة الله سبحانه وتعالى، هو لا يعترف بالأهمية الكبرى للماء في أنه هو أساس الحياة، هو عمود الحياة: حياة الأرض، وحياة الأنفس، بل حياة الإيمان، حياة الدين، بل حياة الأمة، عزتها كرامتها.
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما العلاقة بين الإصرار على زراعة القات جيلا بعد جيل وبين الانطلاق في سبيل الله ونصرته؟
🔸 – الاقتصاد في استعمال الماء حين يكون من منطلق تقوى الله أفضل أم حين يكون من منطلق الخوف من نفاد المياه من المخزون الأرضي؟
🔸 – سمى الله تعالى الماء رزقا، فما العلاقة بين الاقتصاد والماء؟
🔸 – كيف نستعيد مخزون المياه من جديد؟ وكيف نبني اقتصادا قويا ينافس اقتصادات العالم الغربي؟
🔸 – النار قد تكون مظهرا من مظاهر نعمة الله علينا، ففي أي سياق تكون كذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
ثم إذا كنا مصرين على أن نزرع القات جيلًا بعد جيل، هذا أيضًا من الإصرار على أننا لسنا مستعدين على أن نقف موقفًا يرضي الله سبحانه وتعالى، في مجال نصر دينه، وإعلاء كلمته، وأن نقف في وجه المفسدين في الأرض: اليهود والنصارى وأوليائهم، إذا كنت مصرًّا على زراعة القات باستمرار وأن تورثها للأجيال من بعدك فأنت مصر على قعودك عن نصر دين الله؛ لأن الله عندما يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} (الصف: من الآية14) يأمرنا بأمر يوجب علينا أن نهيئ وضعيتنا بالشكل الذي نستطيع أن نكون فيه م من يحقق نصر الله، و منه الجانب الاقتصادي، تأمين غذائنا.
فليحاول الناس ـ وقد كثرت الأسر ـ أن يحرثوا أي أماكن لا تزال غير مزروعة، يحرثونها وليس كل مكان يجهزونه للزراعة يغرسونه قات، يحاول الناس أن يزرعوا الحبوب، ولو بنسبة بسيطة، ونرجع قليلًا قليلًا إلى وضعنا الطبيعي في رجوعنا إلى الله سبحانه وتعالى من خلال رجوعنا إلى الله قليلًا قليلًا حتى نعود بالشكل الذي يريد الله سبحانه وتعالى أن نكون عليه.
نعود إلى نفس الموضوع:
{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} (الواقعة: 68) أأنتم ترون هذا الماء؟ نعم نحن نراه، ونحن نعرف أننا لسنا نحن الذين نخلقه وننتجه، هل الماء تنتجه المصانع؟ {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ من الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمنزِلُونَ} (الواقعة: 69).
سؤال، كيف سيكون الجواب: أنت يا الله الذي تنـزله من المزن، من السحاب {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} (الواقعة: من الآية70) مالحًا فلا يصلح للشرب ولا يصلح لسقي الأرض، هل بإمكانك أن تسقي نباتات من البحر؟ لا يصلح.
أليس ماء البحر كثير جدًا؟ لكن لا يصلح لا للشرب ولا لزراعة الأشجار، ولا لسقي المزارع بل ولا يصلح أحيانًا استخدامه مع بعض أدوات التنظيف، أحيانًا لا يصلح استخدامه مع بعض أنواع الصابون، لا يقبل.
ألسنا مؤ منين بأن الله سبحانه وتعالى يستطيع أن يجعله أجاجًا: مالحًا شديد الملوحة؟ يستطيع حتى ولو أبقاه كثيرًا في متناولنا، لكن يستطيع أن يحوله إلى مالح، أو يغوِّره في أعماق الأرض {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمن يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (الملك: 30).
من الذي يعطيكم بديلًا، هل أمريكا يمكن أن تعطينا ماء؟ أو اليابان أو الصين يمكن أن يعطونا ماء؟ مصانع تنتج ماء؟ لا، هل تستطيع الدولة نفسها أن تعطينا ماء؟ هي تصيح على الناس المزارعين بأنه حاولوا أن تقللوا من استخدام المياه العشوائي، مخزون الماء معرض للانتهاء. ليس المخزون، إنما هو نحن، مخزون العودة إلى الله قد انتهى، مخزون العودة إلى الله في أنفسنا هو الذي انتهى. نحن لو عدنا إلى الله لما خشينا؛ لأنه قال: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} (الجـن: 16) فليكن من السماء وليكن من باطن الأرض.
الحفاظ على الماء في استهلاكه قضية مهمة، والتبذير بالماء هو من التبذير الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، وشبه المبذرين بأنهم إخوان الشياطين {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الاسراء: من الآية27) هذه الآية من الشواهد المهمة على أهمية الجانب الاقتصادي في حياة الناس، على أهمية الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بقيامهم بواجباتهم ومسئولياتهم أمام الله سبحانه وتعالى؛ لأن حياتنا مرتبطة بالماء، فغذاؤنا مرتبط بالماء، رزقنا مرتبط بالماء، بل سماه رزقًا في آيات أخرى سمى الماء رزقًا، هكذا مباشرة.
ف من يبذر بالماء كأنه شيطان، أي كأنه يعمل على أن يضرب الأمة من أساسها، حتى لا تستطيع أن تقف على قدميها في النهوض بواجباتها الدينية {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} هو لا يقدر نعمة الله سبحانه وتعالى، هو لا يعترف بالأهمية الكبرى للماء في أنه هو أساس الحياة، هو عمود الحياة: حياة الأرض، وحياة الأنفس، بل حياة الإيمان، حياة الدين، بل حياة الأمة، عزتها كرامتها.
🍀القسم الرابع🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – الحديث عن نعم الله هو يعطي أكثر من معنى، فكيف ذلك؟
🔸 – لماذا يكون الناس أكثر غفلة عن الله حين تستتم لهم النعم المختلفة؟ وهل هذه الحالة سائدة دائما؟
🔸 – بعد أن عدد الله ما خلق لنا من النعم قال: {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}، فما المقصود هنا؟
🔸 – يختلف جانب الهداية عن جانب النعم، فكيف ذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
ولنعد أيضًا إلى آيات أخرى فيها كثير مما عرضه الله سبحانه وتعالى من نعمه على الناس. وكما قلنا سابقًا: بأن الحديث عن نعم الله هو يعطي أكثر من معنى، فهي في نفس الوقت من مظاهر تدبير الله سبحانه وتعالى لشؤون خلقه، من مظاهر رحمته بعباده، من مظاهر رعايته لعباده، من مظاهر حكمته، من مظاهر قدرته العجيبة، من مظاهر علمه الواسع، من مظاهر ملكه، أنه هو من يملك السموات والأرض وما بينهما، وهو رب هذا لعرش العظيم، لا يكاد ينتهي الكلام حول هذه الآيات التي سرد الله فيها كثيرًا من النعم التي على الإنسان؛ لأنها مهمة في كل مجال.
فمتى ما جئت تتحدث عنها باعتبارها من مظاهر رحمة الله، فما أوسع الحديث عنها. ومتى ما جئت تتحدث عنها باعتبارها من مظاهر حكمة الله فما أوسع الحديث عنها. وباعتبارها من مظاهر قدرة الله وعلمه بكل شيء ورعايته ولطفه فما أوسع الحديث عنها، وفي كل الأحوال ما أهم تذكر الإنسان لها، وما أعظم أهمية أن يتذكرها الإنسان لما تعطيه من دروس في كل هذه المجالات التي ترشد إليها، وتنبئ عنها فيما يتعلق بكمال الله سبحانه وتعالى.
يقول الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ من أَمْرِهِ عَلَى من يَشَاءُ من عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل: 2)
هذا أول شيء، وأهم النعم نعمة الهداية بالنبوة بإرسال الأنبياء بإنزال الكتب، بالنسبة لنا نحن المسلمين إنزال القرآن والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (النحل: 3) خلقها ليس لمجرد هواية أن يخلق، ممارسة هواية، لا، هو خلقها بالحق، هناك غاية مهمة مرتبطة بها {خَلَقَ الْإِنْسَانَ من نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} (النحل: 4) خلقه من نطفة { من مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة: من الآية8) كما قال عنها في آية أخرى، فإذا هو عندما يكبر ويشتد ساعده، ويتمتع بكامل قوته يصبح خصيمًا لله، معاندًا متمردًا {مُبِينٌ} بيِّن الخصومة والعناد والتمرد.
أليس الإنسان ظلوم كفار؟ وعادة ينطلق الإنسان في أن يكون خصمًا لله تعالى، وهو في أوسع حالات التنعم بنعم الله تعالى، ما يتمتع به من قوة في بدنه، وما يتمتع به من نعم الله بين يديه، {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق: 6ـ7)
فمتى ما توفرت له النعم، متى ما رأى نفسه يمتلك كامل قواه وبصحة جيدة ينطلق مخاصمًا لله، ينطلق معاندًا لله، وجاحدًا لله وكافرًا بالله، ورافضًا لدينه، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (ابراهيم: من الآية34) {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (عبس: 17).
أحيانًا يكون أولئك الفقراء أقل طغيانًا، أقل ظلمًا، أقل تكبرًا، لا تزال لديهم كثير من مشاعر الحاجة إلى الله، والعودة إلى الله والطلب إلى الله سبحانه وتعالى، وبعضهم متى ما استغنى ورأى نفسه وهو ذلك الذي كان كثير الدعاء لله، وكثير الالتجاء إلى الله يوم كان ضعيفًا، يوم كان مريضًا، يوم كان مفتقرًا، ومتى ما استغنى، ومتى ما تمتع بكامل قوته انطلق خصمًا لله.
أليست حالة أن تكون متمتعًا بكامل قوتك البدنية، متمتعًا بنعم واسعة عليك هي الحال التي يجب أن تكون فيها أكثر عودة إلى الله وخشوعًا لله، وحياء من الله، وعبادة لله، أليس هذا هو الوضع الطبيعي لك؟ لو كنت تفهم.
كما كان نبي الله سليمان صاحب الدنيا الواسعة والملك العظيم، ذلك الذي يقول: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (النمل: من الآية19) هذا هو الوضع الصحيح ل من يمتلكون نعما مادية ومعنوية.
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – الحديث عن نعم الله هو يعطي أكثر من معنى، فكيف ذلك؟
🔸 – لماذا يكون الناس أكثر غفلة عن الله حين تستتم لهم النعم المختلفة؟ وهل هذه الحالة سائدة دائما؟
🔸 – بعد أن عدد الله ما خلق لنا من النعم قال: {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}، فما المقصود هنا؟
🔸 – يختلف جانب الهداية عن جانب النعم، فكيف ذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
ولنعد أيضًا إلى آيات أخرى فيها كثير مما عرضه الله سبحانه وتعالى من نعمه على الناس. وكما قلنا سابقًا: بأن الحديث عن نعم الله هو يعطي أكثر من معنى، فهي في نفس الوقت من مظاهر تدبير الله سبحانه وتعالى لشؤون خلقه، من مظاهر رحمته بعباده، من مظاهر رعايته لعباده، من مظاهر حكمته، من مظاهر قدرته العجيبة، من مظاهر علمه الواسع، من مظاهر ملكه، أنه هو من يملك السموات والأرض وما بينهما، وهو رب هذا لعرش العظيم، لا يكاد ينتهي الكلام حول هذه الآيات التي سرد الله فيها كثيرًا من النعم التي على الإنسان؛ لأنها مهمة في كل مجال.
فمتى ما جئت تتحدث عنها باعتبارها من مظاهر رحمة الله، فما أوسع الحديث عنها. ومتى ما جئت تتحدث عنها باعتبارها من مظاهر حكمة الله فما أوسع الحديث عنها. وباعتبارها من مظاهر قدرة الله وعلمه بكل شيء ورعايته ولطفه فما أوسع الحديث عنها، وفي كل الأحوال ما أهم تذكر الإنسان لها، وما أعظم أهمية أن يتذكرها الإنسان لما تعطيه من دروس في كل هذه المجالات التي ترشد إليها، وتنبئ عنها فيما يتعلق بكمال الله سبحانه وتعالى.
يقول الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ من أَمْرِهِ عَلَى من يَشَاءُ من عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل: 2)
هذا أول شيء، وأهم النعم نعمة الهداية بالنبوة بإرسال الأنبياء بإنزال الكتب، بالنسبة لنا نحن المسلمين إنزال القرآن والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (النحل: 3) خلقها ليس لمجرد هواية أن يخلق، ممارسة هواية، لا، هو خلقها بالحق، هناك غاية مهمة مرتبطة بها {خَلَقَ الْإِنْسَانَ من نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} (النحل: 4) خلقه من نطفة { من مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة: من الآية8) كما قال عنها في آية أخرى، فإذا هو عندما يكبر ويشتد ساعده، ويتمتع بكامل قوته يصبح خصيمًا لله، معاندًا متمردًا {مُبِينٌ} بيِّن الخصومة والعناد والتمرد.
أليس الإنسان ظلوم كفار؟ وعادة ينطلق الإنسان في أن يكون خصمًا لله تعالى، وهو في أوسع حالات التنعم بنعم الله تعالى، ما يتمتع به من قوة في بدنه، وما يتمتع به من نعم الله بين يديه، {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق: 6ـ7)
فمتى ما توفرت له النعم، متى ما رأى نفسه يمتلك كامل قواه وبصحة جيدة ينطلق مخاصمًا لله، ينطلق معاندًا لله، وجاحدًا لله وكافرًا بالله، ورافضًا لدينه، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (ابراهيم: من الآية34) {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (عبس: 17).
أحيانًا يكون أولئك الفقراء أقل طغيانًا، أقل ظلمًا، أقل تكبرًا، لا تزال لديهم كثير من مشاعر الحاجة إلى الله، والعودة إلى الله والطلب إلى الله سبحانه وتعالى، وبعضهم متى ما استغنى ورأى نفسه وهو ذلك الذي كان كثير الدعاء لله، وكثير الالتجاء إلى الله يوم كان ضعيفًا، يوم كان مريضًا، يوم كان مفتقرًا، ومتى ما استغنى، ومتى ما تمتع بكامل قوته انطلق خصمًا لله.
أليست حالة أن تكون متمتعًا بكامل قوتك البدنية، متمتعًا بنعم واسعة عليك هي الحال التي يجب أن تكون فيها أكثر عودة إلى الله وخشوعًا لله، وحياء من الله، وعبادة لله، أليس هذا هو الوضع الطبيعي لك؟ لو كنت تفهم.
كما كان نبي الله سليمان صاحب الدنيا الواسعة والملك العظيم، ذلك الذي يقول: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (النمل: من الآية19) هذا هو الوضع الصحيح ل من يمتلكون نعما مادية ومعنوية.
🍀القسم الخامس🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – هل تصح التسمية بـ "مجالس تشريعية" بأي حال من الأحوال؟
🔸 – أودع الله في السوائل والماء سرا عجيبا نوه إليه في ذكر نعمة مخر السفن للماء، فما هو هذا السر؟ وإلى حد استفاد منه الإنسان؟
🔸 – حين انتشر الربا بين الناس عاشوا مظاهر حرب من الله في اقتصادهم وتجاراتهم، فبم تمثل ذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
{وَمنهَا جَائِرٌ} (النحل: من الآية9) ومن السبل في هذه الحياة ما هو جائر، فإذا كانت السبل متعددة في الحياة ويأتي المجرمون والظالمون فيرسمون سبلًا من الضلال، يدعون الناس إلى السير عليها، فهو يقول: أنا لا أنساكم، وأنا الذي سأتكفل بهدايتكم، ورسم السبيل القاصد، الصراط المستقيم الذي هو هداية حقيقية لكم في هذه الحياة. {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (النحل: من الآية9) بأن يوحي إلى كل شخص، أو كما يقول المفسرون العدلية: عن طريق القسر والإلجاء غصبًا عنك، يهديك غصبًا عنك.
شاء الهداية وهدى على هذا النحو من إنزال الكتب، إنزال القرآن، وبعث الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأن يجعل في هذه الأمة ورثة لكتابه هم أهل بيت نبيه. الهداية تكفل بها، الهداية قد رسم طريقها، وهو يقول لنا ـ وسنتابع الحديث عن بقية الآيات لتلمسوا كيف أنه داخل الآيات التي تتحدث عن النعم ـ يقول لنا: هذه النعم المادية شيء عظيم، وأنتم في الحياة في حالة تعدد السبل الجائرة أيضًا أنا أتكفل بهدايتكم، سأرسم لكم الطريق القاصد الصراط المستقيم.
وجاء هنا بهذه العبارة لكي يفهم الناس، ويفهم من يقولون: بأن كل إنسان فلينطلق ليجتهد، لينطلق ليشرع يقول له هنا: {وَعَلَى اللَّهِ} وحده {قَصْدُ السَّبِيلِ وَمنهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (النحل: من الآية9) يقول لأولئك الذين يعملون مجالس تشريعية في مختلف ال مناطق في البلاد الإسلامية ليشرعوا، ليقننوا: إن كنتم تقننون فقط على وفق أحكام الله، وتشريع الله، وهدي الله سبحانه وتعالى عندما تنصون على المجالات المتعددة المتجددة في الحياة بربطها، فإن كان من منطلق أن الإنسان يملك حق التشريع لنفسه فهذا لا يبعد أن يكون من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وإن كان فقط مجرد إخراج، مجرد تفصيل للهداية الواضحة التي قد رسمها الله سبحانه وتعالى فلماذا تسمون تلك المجالس مجالس تشريعية؟ لا يصح أن تسمى مجالس تشريعية بأي حال من الأحوال.
كما ونحن في حالات التقنين والتشريع ـ كما يقولون ـ يجب أن نعتمد على القرآن الكريم، وعلى أهل البيت، على ورثة الكتاب، وليس فقط أن ندرس قوانين، ثم نقول: نحن مقننون، ثم ننطلق لنضع قوانين، ونصدر قوانين، ونحاول أن نستفيد من القانون المصري الذي هو مستفيد من القانون الفرنسي والبريطاني، وهكذا، وتنتهي المسألة، وإذا بنا نوصِل إلى داخل أوطاننا ما قننه أعداؤنا، الذين انطلقوا ليقننوا لأنفسهم؛ لأنهم كافرون بكتاب الله، كافرون برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وكأنه ليس فيما بين أيدينا من الهدى ما يمكن أن يتناول شئون الحياة، ومستجدات الحياة، والله هو الذي يقول لنا: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَ منهَا جَائِرٌ}.
ألست ترى هذه الأنعام ما تزال موجودة وقائمة؟ أليس هناك خيل، وبغال، وحمير، وبقر، وغنم، وإبل ما تزال موجودة، هو في الوقت الذي يذكرك بأنها نعم في نفس الوقت عليه قصد السبيل إذا كنت ملتجئًا إليه، إذا كانت الأمة ملتجئة إليه، وملتجئة إلى الثقلين، للتمسك بالثقلين بكتاب الله، وعترة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) فما زالت الحياة، وما دامت الحياة مستمرة فستظل الطريق القاصدة، والصراط المستقيم قائمة الله تكفل بهذا، تكفل به كما ذكر الأنعام، فكيف نرى الأنعام ما تزال قائمة، وباقية، ثم ما يتعلق بقصد السبيل، والهداية نقول: انتهت ذاك اليوم، وكل واحد يقوم يبحث هو عن الهداية لنفسه! هل هذا صحيح؟
قد ربما لو قلنا: نحن رأينا الأبقار، والأغنام والإبل، والخيل، والبغال والحمير هذه انتهت من الدنيا، يمكن إذًا فكل ما تناولته هذه الآيات ربما قد رفع، وانتهى. لكن العجيب هو أننا نرى في الوقت الذي نجد هذه الآية، الآية التي تدل على الهداية، وأن الله هو الذي يتكفل بالتشريع لعباده، وهداية عباده، تتوسط الحديث عن نعمه، ونحن ما نزال نرى نعمه قائمة، ثم نقول: أما قصد السبيل فيبدو بأنه قد غاب، كيف يرفع الله ما نحن في أمس الحاجة إليه: هدايته، ويترك لنا البقر والحمير، والإبل، والغنم، وهذه المواشي؟! أليست هداية الله لنا في هذه الحياة هي أهم؟ هل تبقى الحمير، ولا تبقى هداية الله؟! بحيث تبقى الحمير في هذه الدنيا كنعمة يحافظ الله عليها أن تبقى، ولا يحافظ على أن تبقى نعمة هدايته قائمة!، لا يصح هذا.
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – هل تصح التسمية بـ "مجالس تشريعية" بأي حال من الأحوال؟
🔸 – أودع الله في السوائل والماء سرا عجيبا نوه إليه في ذكر نعمة مخر السفن للماء، فما هو هذا السر؟ وإلى حد استفاد منه الإنسان؟
🔸 – حين انتشر الربا بين الناس عاشوا مظاهر حرب من الله في اقتصادهم وتجاراتهم، فبم تمثل ذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
{وَمنهَا جَائِرٌ} (النحل: من الآية9) ومن السبل في هذه الحياة ما هو جائر، فإذا كانت السبل متعددة في الحياة ويأتي المجرمون والظالمون فيرسمون سبلًا من الضلال، يدعون الناس إلى السير عليها، فهو يقول: أنا لا أنساكم، وأنا الذي سأتكفل بهدايتكم، ورسم السبيل القاصد، الصراط المستقيم الذي هو هداية حقيقية لكم في هذه الحياة. {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (النحل: من الآية9) بأن يوحي إلى كل شخص، أو كما يقول المفسرون العدلية: عن طريق القسر والإلجاء غصبًا عنك، يهديك غصبًا عنك.
شاء الهداية وهدى على هذا النحو من إنزال الكتب، إنزال القرآن، وبعث الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأن يجعل في هذه الأمة ورثة لكتابه هم أهل بيت نبيه. الهداية تكفل بها، الهداية قد رسم طريقها، وهو يقول لنا ـ وسنتابع الحديث عن بقية الآيات لتلمسوا كيف أنه داخل الآيات التي تتحدث عن النعم ـ يقول لنا: هذه النعم المادية شيء عظيم، وأنتم في الحياة في حالة تعدد السبل الجائرة أيضًا أنا أتكفل بهدايتكم، سأرسم لكم الطريق القاصد الصراط المستقيم.
وجاء هنا بهذه العبارة لكي يفهم الناس، ويفهم من يقولون: بأن كل إنسان فلينطلق ليجتهد، لينطلق ليشرع يقول له هنا: {وَعَلَى اللَّهِ} وحده {قَصْدُ السَّبِيلِ وَمنهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (النحل: من الآية9) يقول لأولئك الذين يعملون مجالس تشريعية في مختلف ال مناطق في البلاد الإسلامية ليشرعوا، ليقننوا: إن كنتم تقننون فقط على وفق أحكام الله، وتشريع الله، وهدي الله سبحانه وتعالى عندما تنصون على المجالات المتعددة المتجددة في الحياة بربطها، فإن كان من منطلق أن الإنسان يملك حق التشريع لنفسه فهذا لا يبعد أن يكون من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وإن كان فقط مجرد إخراج، مجرد تفصيل للهداية الواضحة التي قد رسمها الله سبحانه وتعالى فلماذا تسمون تلك المجالس مجالس تشريعية؟ لا يصح أن تسمى مجالس تشريعية بأي حال من الأحوال.
كما ونحن في حالات التقنين والتشريع ـ كما يقولون ـ يجب أن نعتمد على القرآن الكريم، وعلى أهل البيت، على ورثة الكتاب، وليس فقط أن ندرس قوانين، ثم نقول: نحن مقننون، ثم ننطلق لنضع قوانين، ونصدر قوانين، ونحاول أن نستفيد من القانون المصري الذي هو مستفيد من القانون الفرنسي والبريطاني، وهكذا، وتنتهي المسألة، وإذا بنا نوصِل إلى داخل أوطاننا ما قننه أعداؤنا، الذين انطلقوا ليقننوا لأنفسهم؛ لأنهم كافرون بكتاب الله، كافرون برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وكأنه ليس فيما بين أيدينا من الهدى ما يمكن أن يتناول شئون الحياة، ومستجدات الحياة، والله هو الذي يقول لنا: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَ منهَا جَائِرٌ}.
ألست ترى هذه الأنعام ما تزال موجودة وقائمة؟ أليس هناك خيل، وبغال، وحمير، وبقر، وغنم، وإبل ما تزال موجودة، هو في الوقت الذي يذكرك بأنها نعم في نفس الوقت عليه قصد السبيل إذا كنت ملتجئًا إليه، إذا كانت الأمة ملتجئة إليه، وملتجئة إلى الثقلين، للتمسك بالثقلين بكتاب الله، وعترة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) فما زالت الحياة، وما دامت الحياة مستمرة فستظل الطريق القاصدة، والصراط المستقيم قائمة الله تكفل بهذا، تكفل به كما ذكر الأنعام، فكيف نرى الأنعام ما تزال قائمة، وباقية، ثم ما يتعلق بقصد السبيل، والهداية نقول: انتهت ذاك اليوم، وكل واحد يقوم يبحث هو عن الهداية لنفسه! هل هذا صحيح؟
قد ربما لو قلنا: نحن رأينا الأبقار، والأغنام والإبل، والخيل، والبغال والحمير هذه انتهت من الدنيا، يمكن إذًا فكل ما تناولته هذه الآيات ربما قد رفع، وانتهى. لكن العجيب هو أننا نرى في الوقت الذي نجد هذه الآية، الآية التي تدل على الهداية، وأن الله هو الذي يتكفل بالتشريع لعباده، وهداية عباده، تتوسط الحديث عن نعمه، ونحن ما نزال نرى نعمه قائمة، ثم نقول: أما قصد السبيل فيبدو بأنه قد غاب، كيف يرفع الله ما نحن في أمس الحاجة إليه: هدايته، ويترك لنا البقر والحمير، والإبل، والغنم، وهذه المواشي؟! أليست هداية الله لنا في هذه الحياة هي أهم؟ هل تبقى الحمير، ولا تبقى هداية الله؟! بحيث تبقى الحمير في هذه الدنيا كنعمة يحافظ الله عليها أن تبقى، ولا يحافظ على أن تبقى نعمة هدايته قائمة!، لا يصح هذا.
🍀القسم السادس🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما جوانب النعمة العظيمة التي يمكن أن نتعرف عليها من الجبال والنجوم؟
🔸 – كيف تعاملنا مع الله الذي له الملك، بعد أن رأينا من عظيم حكمته ودقيق تدبيره في الكون؟
🔸 – هل هناك أحكام شرعية لمجرد التعبد؟ وما علاقة الأحكام بعضها ببعض؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا} (النحل: 15) الرواسي هي الجبال لما كانت الأرض اليابسة هي في واقعها مفروشة على الماء، والماء يشكل نسبة كبيرة قـد يكون أكثر من 70% من حجم الكرة الأرضية بكلها، كانت ـ بالطبع ـ الأرض تعتبر قطعة صغيرة فوق سطح الماء، قابلة لأن تبقى تهتز وتتحرك، فألقى الله فيها الجبال تثبتها {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} لترسوا، فترسوا الأرض على الماء، ولا تكون مهتزة، فيمكن الاستقرار عليها.
أيضًا جعل في الأرض أنهارًا، أنهار المياه، جعل فيها سبلًا {وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} تهتدون وأنتم تتجهون في هذه الأرض، وأنتم تتقلبون في السفر إلى مناطق متعددة في هذه الأرض، جعل فيها سبلًا منافذًا، أنت عندما تكون في الطائرة فترى منظر الأرض، تراها فعلًا لا ترى فيها منطقة مقفلة، حتى فيما يتعلق بتصميم الأودية، تجد كيف الجبال الشاهقة شعاب صغيرة فيها إلى أودية صغيرة، وأودية صغيرة تتجمع إلى أودية كبيرة، وتتجه هكذا باتجاه الصحراء، أو باتجاه البحر.
كذلك الأرض على الرغم من أن فيها جبالًا، لم تكن الجبال بشكل سدود، تحول بين الناس وبين أن يسافروا إلى جهات متعددة في الدنيا، بل جعل فيها سبلًا، جعل فيها منافذًا {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وأنتم تسيرون في هذه الدنيا لمختلف الأغراض.
كذلك {وَعَلامَاتٍ} (النحل: من الآية16) جعل علامات للسبل في البر، وعلامات في البحر {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل: من الآية16) المسافرون يهتدون في البر، والمسافرون يهتدون في البحر، فأعلام في البر بشكل الجبال المختلفة، أليست أشكال الجبال مختلفة؟ هذا من أهم الأشياء في أن تتعرف على ال مناطق، لو كانت الجبال كلها بشكلية واحدة، وتصميم واحد، فهي رواسي، واحد هنا، وواحد هنا، وواحد هناك، قد لا تستطيع أن تعرف وأنت تتجه، لكن الجبال أنفسها، وشكليتها هي نفسها مما يساعد ـ أن كانت بشكل أعلام ـ وأنت تسافر فترى تلك القمة، قمة الجبل هناك، ترى الطريق من عندها إلى ال منطقة الفلانية، فتراها قمة متفردة في شكلها، أليس كذلك؟ فيها عبر كثيرة.
الجبال نفسها لعدة أغراض، ولعدة فوائد. فهي نفسها تساعد على أن تبقى الأرض فلا تميد فوق البحر، وهي نفسها غير مقفلة، قابلة لتحرك الإنسان عليها، هي نفسها قابلة للاستقرار عليها، بل أحيانا تطلع مساحة البلدان التي فيها جبال كثيرة تطلع مساحة كبيرة عندما تحسب وجه الجبل من هنا، ووجهه من هناك، ترى كيف أنه وبتصميم الله سبحانه وتعالى الذي هو حكيم لا يضيع حتى المساحة التي سيشغلها الجبل، أليس الجبل ضروريا بالنسبة للأرض؟ سيجعل الجبل نفسه بشكل يكون أوسع مساحة من المساحة التي يشغلها في موقعه، فعندما تمسح مساحة الجبل من هنا كم سيطلع؟ ومن جانب آخر كم سيطلع؟ ستراه أكثر من المساحة التي يشغلها الجبل.
لأن الله حكيم، هو لا يبذر، هو لا يضيع، يقول: الجبل ضروري، سنضع الجبل وإن كان كذا، أهم شيء أن ترسو الأرض، فنرى الجبل هذا، وسلسة من الجبال تشغل مساحات واسعة من الأرض، ثم هي نراها لا تصلح للسكن عليها، ولا تصلح للتحرك فيها، عبارة عن سدود شاهقة، ليس لها أكثر من مهمة واحدة، هي أن تمسك الأرض أن تميد وهي مفترشة فوق الماء، لا، لعدة أغراض في الوقت الذي تقوم بهذه المهمة تصلح للمهام الأخرى، فتصلح حتى أن تكون أعلامًا.
وفي هذا إرشاد، لاحظوا في كل خلق الله سبحانه وتعالى إرشاد للناس في مجال التصميمات، في مجال الصناعات. عندما تصمم لك منـزلا تحاول أن يكون تصميمك للمنـزل بالشكل الذي لا يضيع المساحة، بعض الناس يأتي فيصمم له منـزلًا، فيأخذ مساحة في موقع جميل، ويخسر فيه مبالغ كبيرة، لكن صممه تصميمًا عشوائيًا، فترى البيت هذا بشكله الكبير، وتراه من داخله لا يفي بحاجات صاحب البيت من الغرف، ومن الصالات، وغيرها، ضيع أرضية، وضيع أموالًا كثيرة، وسبب ذلك كله ضعف التصميم، والخطأ في التصميم.
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما جوانب النعمة العظيمة التي يمكن أن نتعرف عليها من الجبال والنجوم؟
🔸 – كيف تعاملنا مع الله الذي له الملك، بعد أن رأينا من عظيم حكمته ودقيق تدبيره في الكون؟
🔸 – هل هناك أحكام شرعية لمجرد التعبد؟ وما علاقة الأحكام بعضها ببعض؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة
{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا} (النحل: 15) الرواسي هي الجبال لما كانت الأرض اليابسة هي في واقعها مفروشة على الماء، والماء يشكل نسبة كبيرة قـد يكون أكثر من 70% من حجم الكرة الأرضية بكلها، كانت ـ بالطبع ـ الأرض تعتبر قطعة صغيرة فوق سطح الماء، قابلة لأن تبقى تهتز وتتحرك، فألقى الله فيها الجبال تثبتها {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} لترسوا، فترسوا الأرض على الماء، ولا تكون مهتزة، فيمكن الاستقرار عليها.
أيضًا جعل في الأرض أنهارًا، أنهار المياه، جعل فيها سبلًا {وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} تهتدون وأنتم تتجهون في هذه الأرض، وأنتم تتقلبون في السفر إلى مناطق متعددة في هذه الأرض، جعل فيها سبلًا منافذًا، أنت عندما تكون في الطائرة فترى منظر الأرض، تراها فعلًا لا ترى فيها منطقة مقفلة، حتى فيما يتعلق بتصميم الأودية، تجد كيف الجبال الشاهقة شعاب صغيرة فيها إلى أودية صغيرة، وأودية صغيرة تتجمع إلى أودية كبيرة، وتتجه هكذا باتجاه الصحراء، أو باتجاه البحر.
كذلك الأرض على الرغم من أن فيها جبالًا، لم تكن الجبال بشكل سدود، تحول بين الناس وبين أن يسافروا إلى جهات متعددة في الدنيا، بل جعل فيها سبلًا، جعل فيها منافذًا {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وأنتم تسيرون في هذه الدنيا لمختلف الأغراض.
كذلك {وَعَلامَاتٍ} (النحل: من الآية16) جعل علامات للسبل في البر، وعلامات في البحر {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل: من الآية16) المسافرون يهتدون في البر، والمسافرون يهتدون في البحر، فأعلام في البر بشكل الجبال المختلفة، أليست أشكال الجبال مختلفة؟ هذا من أهم الأشياء في أن تتعرف على ال مناطق، لو كانت الجبال كلها بشكلية واحدة، وتصميم واحد، فهي رواسي، واحد هنا، وواحد هنا، وواحد هناك، قد لا تستطيع أن تعرف وأنت تتجه، لكن الجبال أنفسها، وشكليتها هي نفسها مما يساعد ـ أن كانت بشكل أعلام ـ وأنت تسافر فترى تلك القمة، قمة الجبل هناك، ترى الطريق من عندها إلى ال منطقة الفلانية، فتراها قمة متفردة في شكلها، أليس كذلك؟ فيها عبر كثيرة.
الجبال نفسها لعدة أغراض، ولعدة فوائد. فهي نفسها تساعد على أن تبقى الأرض فلا تميد فوق البحر، وهي نفسها غير مقفلة، قابلة لتحرك الإنسان عليها، هي نفسها قابلة للاستقرار عليها، بل أحيانا تطلع مساحة البلدان التي فيها جبال كثيرة تطلع مساحة كبيرة عندما تحسب وجه الجبل من هنا، ووجهه من هناك، ترى كيف أنه وبتصميم الله سبحانه وتعالى الذي هو حكيم لا يضيع حتى المساحة التي سيشغلها الجبل، أليس الجبل ضروريا بالنسبة للأرض؟ سيجعل الجبل نفسه بشكل يكون أوسع مساحة من المساحة التي يشغلها في موقعه، فعندما تمسح مساحة الجبل من هنا كم سيطلع؟ ومن جانب آخر كم سيطلع؟ ستراه أكثر من المساحة التي يشغلها الجبل.
لأن الله حكيم، هو لا يبذر، هو لا يضيع، يقول: الجبل ضروري، سنضع الجبل وإن كان كذا، أهم شيء أن ترسو الأرض، فنرى الجبل هذا، وسلسة من الجبال تشغل مساحات واسعة من الأرض، ثم هي نراها لا تصلح للسكن عليها، ولا تصلح للتحرك فيها، عبارة عن سدود شاهقة، ليس لها أكثر من مهمة واحدة، هي أن تمسك الأرض أن تميد وهي مفترشة فوق الماء، لا، لعدة أغراض في الوقت الذي تقوم بهذه المهمة تصلح للمهام الأخرى، فتصلح حتى أن تكون أعلامًا.
وفي هذا إرشاد، لاحظوا في كل خلق الله سبحانه وتعالى إرشاد للناس في مجال التصميمات، في مجال الصناعات. عندما تصمم لك منـزلا تحاول أن يكون تصميمك للمنـزل بالشكل الذي لا يضيع المساحة، بعض الناس يأتي فيصمم له منـزلًا، فيأخذ مساحة في موقع جميل، ويخسر فيه مبالغ كبيرة، لكن صممه تصميمًا عشوائيًا، فترى البيت هذا بشكله الكبير، وتراه من داخله لا يفي بحاجات صاحب البيت من الغرف، ومن الصالات، وغيرها، ضيع أرضية، وضيع أموالًا كثيرة، وسبب ذلك كله ضعف التصميم، والخطأ في التصميم.
الفهم والاستيعاب وتقسيم الملزمة
#الاسبوع_الأول
#معرفة_الله_نعم_الله_الدرس_الثالث
🍀#القسم_الأول🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما علاقة (التذكير المستمر بالنعم) بمعرفة الله سبحانه وتعالى؟
🔸 – في الوقت الذي ذكرنا الله تعالى بنعمه علينا إلا أنه لم يسمح للإنسان بأن يذكر الآخرين ويتمنن عليهم بما قدمه لهم من أشياء، فما هو الفارق؟
🔸 – ما أثر شعور الناس بأن ما يتقلبون فيه في الحياة من نعم هو من الله تعالى؟ وما أثر غياب هذا الشعور؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#نعم_الله_الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن - صعدة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين. ما يزال الكلام حول موضوع نعم الله العظيمة على الإنسان، نعم الله علينا، قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (غافر:65). إتماماً للموضوع الذي ذكرناه بالأمس، عدة آيات من كتاب الله الكريم تتحدث عن نعم الله الواسعة، نعم الله الواسعة التي تشمل كل شيء يتقلب فيه الإنسان في هذه الدنيا، تشمل كل ما يشاهده في هذه الدنيا؛ لأن الله سخر للإنسان ما في السموات وما في الأرض، فتسخيره سبحانه وتعالى للإنسان ما في السموات وما في الأرض هو من نعمه العظيمة أيضاً. عرفنا علاقة التذكير بالنعم بمعرفة الله وتأثيرها الكبير في خلق معرفة واسعة لدى الإنسان بربه، وتأثيرها العظيم في وجدانه، بحيث ينشد إلى إلهه فيحبه ويعظمه، ويشعر بعظيم إحسانه عليه فيشكره. ونلاحظ أن من العجيب أن الله سبحانه وتعالى ـ وهو أكرم الأكرمين ـ هو من ذكَّر الإنسان في القرآن الكريم بنعمه الواسعة عليه، وتمنن عليه بما أسبغ عليه من نعمه، وطلب منه أن يذكرها ويتذكرها كنعم منه تعالى عليه. في الوقت الذي نجد أن هذا غير مسموح للإنسان نفسه فيما يتعلق بالإنسان الآخر أي فيما بين الناس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}(البقرة: من الآية264) الإنسان الذي يعطي إنساناً آخر لا يجوز له أن يمنَّ عليه بما أعطى فيظل دائماً يذكره بأنني فعلت لك كذا، وأنا أعطيتك كذا، وأنا عملت لك كذا، هذا يبطل أجر الصدقة، بل يتحول الموضوع إلى معصية. فلماذا؟ ما هو الفارق؟. الله يتمنن علينا بنعمه، ويعددها علينا، ويذكِّرنا بها، ويطلب منا أن نتذكر ما أنعم علينا به، وفي ما بيننا إذا ما أعطى أحدٌ أحداً لا يجوز له أن يمنَّ عليه بما أعطى، ولا أن يعدد نعمه عليه، ولا أنا فعلت لك كذا، وكذا.. إلى آخره؟ الفارق كبير جداًَ. النعم التي يسديها الله سبحانه وتعالى للإنسان لها علاقة كبيرة بمجالات متعددة: فهي من جهة من مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر حكمة الله تعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر رحمته تعالى، وهي أيضاً من دلائل رعايته تعالى للإنسان، وهي في نفس الوقت من مفردات هذا العالم الذي يتقلب فيه الإنسان، هذا العالم الذي استخلف الله الإنسان فيه فجعله خليفة له في هذه الأرض. نعمه تعالى هي نفسها الآليات التي بها تطيع، والتي بها ـ أيضاً ـ تعصي، فهي ذات علاقة كبيرة جداً بدور الإنسان في هذه الدنيا كخليفة لله في أرضه؛ باعتبارها مفردات هذا العالم. فهنا تبدو قضية مهمة جداً بالغة الأهمية, بالغة الأهمية: أن يتذكر الإنسان أن ما هو فيه هو نعمة من ربه عليه، أن يتذكر بأنها من نعمة الله عليه، أن يتذكر الناس بأن ما هم يتقلبون فيه هو نعمة من الله عليهم، هذه لها أثرها المهم، ومتى ما غاب هذا الشعور: تذكر أنها نعم إلهية من الله إليهم تظهر سلبيات خطيرة جداً. فمثلاً حينما تتذكر بأن الله هو الذي أعطاك سمعك، أعطاك بصرك، أعطاك حواسك كلها، منحك صحتك، وأنك تعرف أن هذه هي الآليات التي بها تطيع الله، وقد تتصرف بها تصرفاً خاطئاً فتعصي بها الله الذي منحك إياها وكرمَّك بها، وتفضل عليك بها. تذكر أن بصرك هو نعمة من الله كبيرة؛ ولهذا من منا مستعد أن يبيع إحدى عينيه بمليون دولار؟ هل أحد يرضى؟ لا أحد يرضى حتى ولو لم يكن يملك عشاء ليلة واحدة. فهذه الأعين وسيلة الإبصار المهمة بها تشاهد مظاهر قدرة الله، مظاهر حكمة الله، مظاهر رعاية الله، تشاهد بها الأشياء الكثيرة التي تعمق إيمانك, وتوسع معرفتك, تشاهد الأشياء الكثيرة المرتبطة بشئون حياتك، بها تستطيع أن تتقلب في حياتك في مختلف الأعمال لتوفر لنفسك كل متطلبات الحياة. البصر مهم جداً جداً، إذا فقد الإنسان بصره عاش مسجوناً في هذه الدنيا كأنه سجين. تذكَّر دائماً بأن بصرك نعمة عظيمة من الله عليك، إذاً فا
#الاسبوع_الأول
#معرفة_الله_نعم_الله_الدرس_الثالث
🍀#القسم_الأول🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما علاقة (التذكير المستمر بالنعم) بمعرفة الله سبحانه وتعالى؟
🔸 – في الوقت الذي ذكرنا الله تعالى بنعمه علينا إلا أنه لم يسمح للإنسان بأن يذكر الآخرين ويتمنن عليهم بما قدمه لهم من أشياء، فما هو الفارق؟
🔸 – ما أثر شعور الناس بأن ما يتقلبون فيه في الحياة من نعم هو من الله تعالى؟ وما أثر غياب هذا الشعور؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#نعم_الله_الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن - صعدة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين. ما يزال الكلام حول موضوع نعم الله العظيمة على الإنسان، نعم الله علينا، قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (غافر:65). إتماماً للموضوع الذي ذكرناه بالأمس، عدة آيات من كتاب الله الكريم تتحدث عن نعم الله الواسعة، نعم الله الواسعة التي تشمل كل شيء يتقلب فيه الإنسان في هذه الدنيا، تشمل كل ما يشاهده في هذه الدنيا؛ لأن الله سخر للإنسان ما في السموات وما في الأرض، فتسخيره سبحانه وتعالى للإنسان ما في السموات وما في الأرض هو من نعمه العظيمة أيضاً. عرفنا علاقة التذكير بالنعم بمعرفة الله وتأثيرها الكبير في خلق معرفة واسعة لدى الإنسان بربه، وتأثيرها العظيم في وجدانه، بحيث ينشد إلى إلهه فيحبه ويعظمه، ويشعر بعظيم إحسانه عليه فيشكره. ونلاحظ أن من العجيب أن الله سبحانه وتعالى ـ وهو أكرم الأكرمين ـ هو من ذكَّر الإنسان في القرآن الكريم بنعمه الواسعة عليه، وتمنن عليه بما أسبغ عليه من نعمه، وطلب منه أن يذكرها ويتذكرها كنعم منه تعالى عليه. في الوقت الذي نجد أن هذا غير مسموح للإنسان نفسه فيما يتعلق بالإنسان الآخر أي فيما بين الناس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}(البقرة: من الآية264) الإنسان الذي يعطي إنساناً آخر لا يجوز له أن يمنَّ عليه بما أعطى فيظل دائماً يذكره بأنني فعلت لك كذا، وأنا أعطيتك كذا، وأنا عملت لك كذا، هذا يبطل أجر الصدقة، بل يتحول الموضوع إلى معصية. فلماذا؟ ما هو الفارق؟. الله يتمنن علينا بنعمه، ويعددها علينا، ويذكِّرنا بها، ويطلب منا أن نتذكر ما أنعم علينا به، وفي ما بيننا إذا ما أعطى أحدٌ أحداً لا يجوز له أن يمنَّ عليه بما أعطى، ولا أن يعدد نعمه عليه، ولا أنا فعلت لك كذا، وكذا.. إلى آخره؟ الفارق كبير جداًَ. النعم التي يسديها الله سبحانه وتعالى للإنسان لها علاقة كبيرة بمجالات متعددة: فهي من جهة من مظاهر قدرة الله سبحانه وتعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر حكمة الله تعالى، وهي من جهة أخرى من مظاهر رحمته تعالى، وهي أيضاً من دلائل رعايته تعالى للإنسان، وهي في نفس الوقت من مفردات هذا العالم الذي يتقلب فيه الإنسان، هذا العالم الذي استخلف الله الإنسان فيه فجعله خليفة له في هذه الأرض. نعمه تعالى هي نفسها الآليات التي بها تطيع، والتي بها ـ أيضاً ـ تعصي، فهي ذات علاقة كبيرة جداً بدور الإنسان في هذه الدنيا كخليفة لله في أرضه؛ باعتبارها مفردات هذا العالم. فهنا تبدو قضية مهمة جداً بالغة الأهمية, بالغة الأهمية: أن يتذكر الإنسان أن ما هو فيه هو نعمة من ربه عليه، أن يتذكر بأنها من نعمة الله عليه، أن يتذكر الناس بأن ما هم يتقلبون فيه هو نعمة من الله عليهم، هذه لها أثرها المهم، ومتى ما غاب هذا الشعور: تذكر أنها نعم إلهية من الله إليهم تظهر سلبيات خطيرة جداً. فمثلاً حينما تتذكر بأن الله هو الذي أعطاك سمعك، أعطاك بصرك، أعطاك حواسك كلها، منحك صحتك، وأنك تعرف أن هذه هي الآليات التي بها تطيع الله، وقد تتصرف بها تصرفاً خاطئاً فتعصي بها الله الذي منحك إياها وكرمَّك بها، وتفضل عليك بها. تذكر أن بصرك هو نعمة من الله كبيرة؛ ولهذا من منا مستعد أن يبيع إحدى عينيه بمليون دولار؟ هل أحد يرضى؟ لا أحد يرضى حتى ولو لم يكن يملك عشاء ليلة واحدة. فهذه الأعين وسيلة الإبصار المهمة بها تشاهد مظاهر قدرة الله، مظاهر حكمة الله، مظاهر رعاية الله، تشاهد بها الأشياء الكثيرة التي تعمق إيمانك, وتوسع معرفتك, تشاهد الأشياء الكثيرة المرتبطة بشئون حياتك، بها تستطيع أن تتقلب في حياتك في مختلف الأعمال لتوفر لنفسك كل متطلبات الحياة. البصر مهم جداً جداً، إذا فقد الإنسان بصره عاش مسجوناً في هذه الدنيا كأنه سجين. تذكَّر دائماً بأن بصرك نعمة عظيمة من الله عليك، إذاً فا
🍀القسم الثاني🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما الأثر الذي تتركه النعم في نفسية الإنسان الذي يعزم على التوجه نحو المعاصي؟
🔸 – كيف يتفاعل الإنسان المستشعر لعظمة النعم حين يدعى إلى أفعال الخير كالإنفاق ونحوه؟
🔸 – من الأشخاص من يستغل اسم جهة أو مؤسسة أو شخص معروف في الحصول على أشياء خاصة، فما وجه الشبه بينه وبين صاحب اليمين الغموس؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
استحِ من الله أن تصرف ريالًا واحدًا في معصية من معاصيه، هذا كفر بنعمة الله، كفر بالله، نعمته العظيمة التي أنعم بها عليك فجعلك منشرح الصدر بها، قرير العين بها، مطمئن النفس بها، أنت مرتاح، نفسك هادئة، فلوس متوفرة، ما بتكون نفس واحد مرتاحة ومطمئنة؟ هذه النعمة العظيمة هي التي أضفت على روحيتك هذا الاطمئنان والشعور بالسكينة، فاستحِ من الله أن تصرف ريالًا واحدًا في الباطل، استحِ من الله أن تصرف ريالًا واحدًا في موقف تتحرك فيه من مواقف الباطل، استحِ من إلهك الذي منحك هذه المبالغ الكبيرة، وهي كلها نعمة لا تستطيع أنت أن تقول: [ما شي اما تيّه ما هي من الله هي مني] لا تستطيع أبدًا {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (النحل: من الآية53).
فإذا ما طَلب منك أن تعطي مبلغًا زهيدًا من هذا المال العظيم الذي منحك إياه تصرفه في سبيله فاستحِ إذا كان لديك مروءة، وترعى الجميل، وتقدر الإحسان، وتشكر النعمة أن ترفض أن تعطي ألف ريال وهو الذي منحك مائة ألف ريال.
لو نتأمل ـ أيها الإخوة فعلًا ـ موقفنا من الله مع عظيم إنعامه علينا لوجدنا كيف نحن جديرين بقوله:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم: من الآية34) بهذه الصيغة:{كَفَّارٌ} يكفر بالنعمة، ما يرعى الجميل، ولا يقدر الإحسان، ولا يشكر النعمة، يعطيه مليون ويقول له: أخرج منها خمسة آلاف ريال في سبيل الله. يقول: الله كريم، ما معي شيء، لا أريد أن أصرف أموالي في أشرطة، وفي كتب، ومدرسين وطلاب! وعبارات من هذه.
لسانك الذي وهبك الله وأنت تستطيع أن تعبر عمّا في نفسك، تتكلم وتنطق، انظر إلى الآخرين الذين لا يستطيعون أن يتحدثوا كيف تلمس بأنك في نعمة عظيمة، أنك تتمكن من أن تنطق، هذه النعمة العظيمة استحِ من الله سبحانه وتعالى أن تستخدمها في القول بالباطل.
من علمك البيان بواسطة النطق أن تعرب عما في نفسك، وأن تتحدث كما تريد مع الآخرين، هذه نعمة عظيمة، أليست نعمة عظيمة؟ بلى، لا شك فيها! إذًا تذكر بأنها نعمة عظيمة عليك من الله سبحانه وتعالى فاستحِ من الله أن تكذب.
المسألة هي تفرض علينا أكثر من مجرد أن نخاف من الله، أن نمتنع لمجرد الخوف، هذا هو عند ـ تقريبًا ـ من لا يعقل، المفروض أنه من البداية من باب الحياء من الله، وشكر نعمته، أستحي منه تقديرًا للنعمة التي وهبني، وشعورًا بعظيم إحسانه علي بهذه النعمة، لا أستخدمها فيما يغضبه، لا أستخدمها في الباطل، فلا تكذب، لا تغتاب، لا تسخر من الآخرين، لا تكن همّازًا لَمّازًا، لا تكن ممن يشهد زورًا، لا تحلف بالله أيمانًا فاجرة، لا تؤيد باطلًا. لاحظوا ما أكثر ما يمكن أن يستخدم الإنسان نعم الله في مجال معصيته؛ لأنه ظلوم كفار.
أنت عندما تحلف يمينًا فاجرة تلك اليمين البالغة الخطورة التي هي من أوقح ما يصدر من الإنسان مع ربه، لأنك تقسم بالله أن القضية الفلانية كذا وكذا، وأنت تعلم أنك كاذب، فبالله العظيم، بربك العظيم، تضفي على الباطل صبغة الحق. من التقول، من الافتراء على الله سبحانه وتعالى؛ لأنك عندما تقول: أقسم بالله، أو تقول: والله إنها كذا، وكذا، ماذا يعني هذا؟ أنت تمشّي المسألة وتحاول أن تقرر بأنها صحيحة بماذا؟ باستخدام عظمة الله في الموضوع، فكأنك تجعل الله شهيدًا، تجعل الله كفيلًا، تجعل الله وكيلًا على أن هذه القضية هي هكذا، وأنت تعلم أنك كاذب، والله يعلم أنك كاذب! فباسمه تأخذ حقوق الآخرين، باسمه تظلم الآخرين.
الإنسان منا متى ما حصل منه أن يستخدم اسم شخص آخر، إذا ذهب واحد إلى منطقة وقال: أنا ابن فلان، حصل لي كذا كذا، وأنا أريد [معونة] هذه قد تحصل من بعض الأشخاص، أليس هذا يعتبر إساءة إليك؟
أن يسير يطلَّب بعدما يحمل اسمك على أساس أن اسمك معروف في المنطقة تلك، أو يسير واحد إلى عند الثاني يقول: قال فلان تعطيني مبلغ كذا قرضة وهو سيعطيك فيما بعد، وأعطاك، أليس باسمه أعطاك؟ ماذا سيقول هذا؟ استخدمت مكانته، فباسمه أخذت ما أخذت، وباسمه كذبت على الآخرين، وباسمه غشيت الآخرين.
الله سبحانه وتعالى الذي يريد منا أن يكون اسمه في نفوسنا، مترسخًا في مشاعرنا هو الذي يدفعنا، هو الذي يردعنا عن أن نتجاوز على الآخرين، أن تتذكر الله كما قال في صفات المتقين:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} (آل عمران: من الآية135) إن الله يريد منك أن يكون ذكره
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما الأثر الذي تتركه النعم في نفسية الإنسان الذي يعزم على التوجه نحو المعاصي؟
🔸 – كيف يتفاعل الإنسان المستشعر لعظمة النعم حين يدعى إلى أفعال الخير كالإنفاق ونحوه؟
🔸 – من الأشخاص من يستغل اسم جهة أو مؤسسة أو شخص معروف في الحصول على أشياء خاصة، فما وجه الشبه بينه وبين صاحب اليمين الغموس؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
استحِ من الله أن تصرف ريالًا واحدًا في معصية من معاصيه، هذا كفر بنعمة الله، كفر بالله، نعمته العظيمة التي أنعم بها عليك فجعلك منشرح الصدر بها، قرير العين بها، مطمئن النفس بها، أنت مرتاح، نفسك هادئة، فلوس متوفرة، ما بتكون نفس واحد مرتاحة ومطمئنة؟ هذه النعمة العظيمة هي التي أضفت على روحيتك هذا الاطمئنان والشعور بالسكينة، فاستحِ من الله أن تصرف ريالًا واحدًا في الباطل، استحِ من الله أن تصرف ريالًا واحدًا في موقف تتحرك فيه من مواقف الباطل، استحِ من إلهك الذي منحك هذه المبالغ الكبيرة، وهي كلها نعمة لا تستطيع أنت أن تقول: [ما شي اما تيّه ما هي من الله هي مني] لا تستطيع أبدًا {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (النحل: من الآية53).
فإذا ما طَلب منك أن تعطي مبلغًا زهيدًا من هذا المال العظيم الذي منحك إياه تصرفه في سبيله فاستحِ إذا كان لديك مروءة، وترعى الجميل، وتقدر الإحسان، وتشكر النعمة أن ترفض أن تعطي ألف ريال وهو الذي منحك مائة ألف ريال.
لو نتأمل ـ أيها الإخوة فعلًا ـ موقفنا من الله مع عظيم إنعامه علينا لوجدنا كيف نحن جديرين بقوله:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم: من الآية34) بهذه الصيغة:{كَفَّارٌ} يكفر بالنعمة، ما يرعى الجميل، ولا يقدر الإحسان، ولا يشكر النعمة، يعطيه مليون ويقول له: أخرج منها خمسة آلاف ريال في سبيل الله. يقول: الله كريم، ما معي شيء، لا أريد أن أصرف أموالي في أشرطة، وفي كتب، ومدرسين وطلاب! وعبارات من هذه.
لسانك الذي وهبك الله وأنت تستطيع أن تعبر عمّا في نفسك، تتكلم وتنطق، انظر إلى الآخرين الذين لا يستطيعون أن يتحدثوا كيف تلمس بأنك في نعمة عظيمة، أنك تتمكن من أن تنطق، هذه النعمة العظيمة استحِ من الله سبحانه وتعالى أن تستخدمها في القول بالباطل.
من علمك البيان بواسطة النطق أن تعرب عما في نفسك، وأن تتحدث كما تريد مع الآخرين، هذه نعمة عظيمة، أليست نعمة عظيمة؟ بلى، لا شك فيها! إذًا تذكر بأنها نعمة عظيمة عليك من الله سبحانه وتعالى فاستحِ من الله أن تكذب.
المسألة هي تفرض علينا أكثر من مجرد أن نخاف من الله، أن نمتنع لمجرد الخوف، هذا هو عند ـ تقريبًا ـ من لا يعقل، المفروض أنه من البداية من باب الحياء من الله، وشكر نعمته، أستحي منه تقديرًا للنعمة التي وهبني، وشعورًا بعظيم إحسانه علي بهذه النعمة، لا أستخدمها فيما يغضبه، لا أستخدمها في الباطل، فلا تكذب، لا تغتاب، لا تسخر من الآخرين، لا تكن همّازًا لَمّازًا، لا تكن ممن يشهد زورًا، لا تحلف بالله أيمانًا فاجرة، لا تؤيد باطلًا. لاحظوا ما أكثر ما يمكن أن يستخدم الإنسان نعم الله في مجال معصيته؛ لأنه ظلوم كفار.
أنت عندما تحلف يمينًا فاجرة تلك اليمين البالغة الخطورة التي هي من أوقح ما يصدر من الإنسان مع ربه، لأنك تقسم بالله أن القضية الفلانية كذا وكذا، وأنت تعلم أنك كاذب، فبالله العظيم، بربك العظيم، تضفي على الباطل صبغة الحق. من التقول، من الافتراء على الله سبحانه وتعالى؛ لأنك عندما تقول: أقسم بالله، أو تقول: والله إنها كذا، وكذا، ماذا يعني هذا؟ أنت تمشّي المسألة وتحاول أن تقرر بأنها صحيحة بماذا؟ باستخدام عظمة الله في الموضوع، فكأنك تجعل الله شهيدًا، تجعل الله كفيلًا، تجعل الله وكيلًا على أن هذه القضية هي هكذا، وأنت تعلم أنك كاذب، والله يعلم أنك كاذب! فباسمه تأخذ حقوق الآخرين، باسمه تظلم الآخرين.
الإنسان منا متى ما حصل منه أن يستخدم اسم شخص آخر، إذا ذهب واحد إلى منطقة وقال: أنا ابن فلان، حصل لي كذا كذا، وأنا أريد [معونة] هذه قد تحصل من بعض الأشخاص، أليس هذا يعتبر إساءة إليك؟
أن يسير يطلَّب بعدما يحمل اسمك على أساس أن اسمك معروف في المنطقة تلك، أو يسير واحد إلى عند الثاني يقول: قال فلان تعطيني مبلغ كذا قرضة وهو سيعطيك فيما بعد، وأعطاك، أليس باسمه أعطاك؟ ماذا سيقول هذا؟ استخدمت مكانته، فباسمه أخذت ما أخذت، وباسمه كذبت على الآخرين، وباسمه غشيت الآخرين.
الله سبحانه وتعالى الذي يريد منا أن يكون اسمه في نفوسنا، مترسخًا في مشاعرنا هو الذي يدفعنا، هو الذي يردعنا عن أن نتجاوز على الآخرين، أن تتذكر الله كما قال في صفات المتقين:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} (آل عمران: من الآية135) إن الله يريد منك أن يكون ذكره
🍀#القسم_الثالث🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما الضمانة في تسيير كل نعم الله المسخرة لنا في المجال الذي يريده الله، لا كما هو حال العالم الغربي اليوم الذي يستخدمها في إفساد النفوس والواقع؟
🔸 – كيف يرتبط الانطلاق الصحيح فيما وجهنا الله إليه بالتدبر في نعم الله؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#نعم_الله_الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
ولهذا جاء في الحديث: ((أن اليمين الغموس ليس لها جزاء إلا جهنم)) ، ((وأن اليمين الغموس تذر الديار من أهلها بلاقع)) تتدهور أحوالهم، والموت يفتك بهم فتصبح بيوتهم خالية, لماذا؟ لأنك باسم الله أضفيت على الباطل صبغة الحق، والله يريد أن تكون باسمه ترتدع عن الباطل. هذه واحدة من الإساءات البالغة التي قد تحصل منك باستخدام النعمة العظيمة التي وهبك الله إياها وأسبغ عليك بها، نعمة النطق، البيان، الإعراب بالكلمات, بالأحرف بواسطة لسانك وشفتيك. أن تأتي لتشهد شهادة زور، شهادة الزور هي نفس الشيء تشبه اليمين الفاجرة؛ لأنك تقول: أشهد لله أن هذه القضية كذا وكذا، وهي ما أسوأها وما أقبحها، شهادة الزور.. وهكذا كم سترى أن كثيراً من المعاصي يمكن أن تستخدم بواسطة النطق فتكون ممن سخر نعمة الله عليك في معصيته، في ظلم الآخرين، في أخذ حقوق الآخرين، في الحط من مكانتهم، في هتك أعراضهم، في تأييد الباطل. إذاً فاستحِ من الله، وتذكَّر بأن هذه نعمة عظيمة أنعم بها عليك. من هنا نعرف أهمية أن يذكِّرنا الله وأن يطلب منا أن نتذكر نعمه العظيمة علينا؛ لأن لها علاقة كبيرة بنا، باعتبار أنها هي الآليات التي بها نطيع وبها نعصي، فمتى ما تذكَّرنا أنها نعمة منه فإن هذا سيوجد في أنفسنا حياء من الله، أن نتوقف عما طلب منا فيها، أو أن ننطلق لاستخدامها في معاصيه. من الأشياء التي يظهر بتذكر أن ما بين أيدينا هو من نعمة الله علينا كونها من مفردات هذا العالم الذي نحن خلفاء لله فيه. لاحظ كم سيظهر من أثر كبير لتذكر نعمة الله، أنت عندما تتقلب داخل مفردات وأجزاء هذا العالم فتصنِّع وتنتج وتبدع وتعمر .. وأشياء كثيرة، إذا ما كنت متذكراً بأنها من نعمة الله، إذا ما كان الناس متذكرين بأن هذه الأشياء هي من نعمة الله عليهم فإنهم سيخشون من الله وسيستحيون من الله أن تستخدم في معاصيه، أو أن تستخدم في الإضرار بالآخرين من عباده. عندما انطلق الغربيون في التصنيع، وباستخدام المنتجات المتعددة في مختلف المجالات، ألسنا نرى ما أكثر ما تستغل في الإفساد في الأرض، وفي إفساد عباد الله وفي ظلم الناس؟ لو كانوا هم ممن يتذكر بأن ما بين أيديهم من طاقة، ما بين أيديهم من آليات، ما بين أيديهم من إمكانيات هي نعمة من الله عليهم، نعمة, يتذكرون هذه: أنها نعمة لاستحوا من الله أن تستخدم فيما هو إفساد لعباده وإبعاد لعباده عن طاعته وعبادته، فيصبح حينئذٍ تذكر أنها نعمة من الله يشكل ضمانة في تسيير كل هذه المسخرات في المجال الذي يريد الله سبحانه وتعالى، في عمارة الأرض بالصلاح. أن تتذكر بأن هذه نعم من الله سبحانه وتعالى عليك، لا أن تراها وكأنها هي أشياء طبيعية ثابتة هنا، وكأنها هنا من زمان وهي على ما هي عليه، لا تتذكر بأنها من الله هو الذي منحها، كم سيفوتك من أشياء كثيرة مما يمكن أن تعطيه هي من معرفة، وترسيخ معرفة لله سبحانه وتعالى فيما يتعلق بحكمته وقدرته ورعايته ولطفه ورحمته، لا تستفيد منها هذه المعاني المهمة. متى ما تذكرت أن كل ما أرى, كل ما أستمتع به في مختلف شؤون حياتي هو نعمة من الله سبحانه وتعالى، وأرى من خلال آياته الكريمة أنه يريد مني أن أقدرها، أن تكون ذات قيمة لدي، ألم ينهنا عن التبذير؟ ألم ينهنا عن الإسراف؟ هو تنبيه على أنه ينبغي أن يكون لهذه الأشياء قيمة لديكم، هي ذات قيمة، فإذا ما نظرت إليها كذات قيمة مصاحب هذا الشعور للشعور والتذكر بأنها نعمة من الله سبحانه وتعالى عليك، نعمة على الناس جميعاً، فإن هذا هو ما يساعد على أن تتأمل في ما تعطيه هي من معارف، في كونها من مظاهر قدرة الله، في كونها من مظاهر رحمة الله، في كونها من مظاهر رعاية الله فيترسخ ويزداد إيمانك كثيراً كثيراً بالله سبحانه وتعالى, وتعظم ثقتك به. والموضوع من أساسه هو الحديث عن كيف نثق بالله, أليس هذا هو الموضوع؟ هو كيف نثق بالله سبحانه وتعالى؟ تدلنا هذه على أن من فعلها هو عظيم الرعاية لنا، عظيم الإحسان إلينا، حكيم في تدبيره، فما وجهنا إليه، وما أرشدنا إليه، لا يمكن أن يكون فيه مجازفة، ولا خطأ، ولا ورطة لنا، ولا تصرف أحمق، هو حكيم فيساعدك تذكر أن ما بين يديك من نعمة الله يساعدك على تكرير التأمل فيها لكونها ذات قيمة لديك، قيمة في واقع الحياة باعتبارها مما تمس الحاجة إليه في مختلف شؤون الحياة بالنسبة للناس جميعاً، مما لا تستقيم الحياة إلا بها فتزداد ثقتك بالله سبحانه تعالى وتعظم ثقتك به، ومتى ما عظمت ثقتك بالله انطلقت في كل ما وجهك إليه؛ ل
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما الضمانة في تسيير كل نعم الله المسخرة لنا في المجال الذي يريده الله، لا كما هو حال العالم الغربي اليوم الذي يستخدمها في إفساد النفوس والواقع؟
🔸 – كيف يرتبط الانطلاق الصحيح فيما وجهنا الله إليه بالتدبر في نعم الله؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#نعم_الله_الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
ولهذا جاء في الحديث: ((أن اليمين الغموس ليس لها جزاء إلا جهنم)) ، ((وأن اليمين الغموس تذر الديار من أهلها بلاقع)) تتدهور أحوالهم، والموت يفتك بهم فتصبح بيوتهم خالية, لماذا؟ لأنك باسم الله أضفيت على الباطل صبغة الحق، والله يريد أن تكون باسمه ترتدع عن الباطل. هذه واحدة من الإساءات البالغة التي قد تحصل منك باستخدام النعمة العظيمة التي وهبك الله إياها وأسبغ عليك بها، نعمة النطق، البيان، الإعراب بالكلمات, بالأحرف بواسطة لسانك وشفتيك. أن تأتي لتشهد شهادة زور، شهادة الزور هي نفس الشيء تشبه اليمين الفاجرة؛ لأنك تقول: أشهد لله أن هذه القضية كذا وكذا، وهي ما أسوأها وما أقبحها، شهادة الزور.. وهكذا كم سترى أن كثيراً من المعاصي يمكن أن تستخدم بواسطة النطق فتكون ممن سخر نعمة الله عليك في معصيته، في ظلم الآخرين، في أخذ حقوق الآخرين، في الحط من مكانتهم، في هتك أعراضهم، في تأييد الباطل. إذاً فاستحِ من الله، وتذكَّر بأن هذه نعمة عظيمة أنعم بها عليك. من هنا نعرف أهمية أن يذكِّرنا الله وأن يطلب منا أن نتذكر نعمه العظيمة علينا؛ لأن لها علاقة كبيرة بنا، باعتبار أنها هي الآليات التي بها نطيع وبها نعصي، فمتى ما تذكَّرنا أنها نعمة منه فإن هذا سيوجد في أنفسنا حياء من الله، أن نتوقف عما طلب منا فيها، أو أن ننطلق لاستخدامها في معاصيه. من الأشياء التي يظهر بتذكر أن ما بين أيدينا هو من نعمة الله علينا كونها من مفردات هذا العالم الذي نحن خلفاء لله فيه. لاحظ كم سيظهر من أثر كبير لتذكر نعمة الله، أنت عندما تتقلب داخل مفردات وأجزاء هذا العالم فتصنِّع وتنتج وتبدع وتعمر .. وأشياء كثيرة، إذا ما كنت متذكراً بأنها من نعمة الله، إذا ما كان الناس متذكرين بأن هذه الأشياء هي من نعمة الله عليهم فإنهم سيخشون من الله وسيستحيون من الله أن تستخدم في معاصيه، أو أن تستخدم في الإضرار بالآخرين من عباده. عندما انطلق الغربيون في التصنيع، وباستخدام المنتجات المتعددة في مختلف المجالات، ألسنا نرى ما أكثر ما تستغل في الإفساد في الأرض، وفي إفساد عباد الله وفي ظلم الناس؟ لو كانوا هم ممن يتذكر بأن ما بين أيديهم من طاقة، ما بين أيديهم من آليات، ما بين أيديهم من إمكانيات هي نعمة من الله عليهم، نعمة, يتذكرون هذه: أنها نعمة لاستحوا من الله أن تستخدم فيما هو إفساد لعباده وإبعاد لعباده عن طاعته وعبادته، فيصبح حينئذٍ تذكر أنها نعمة من الله يشكل ضمانة في تسيير كل هذه المسخرات في المجال الذي يريد الله سبحانه وتعالى، في عمارة الأرض بالصلاح. أن تتذكر بأن هذه نعم من الله سبحانه وتعالى عليك، لا أن تراها وكأنها هي أشياء طبيعية ثابتة هنا، وكأنها هنا من زمان وهي على ما هي عليه، لا تتذكر بأنها من الله هو الذي منحها، كم سيفوتك من أشياء كثيرة مما يمكن أن تعطيه هي من معرفة، وترسيخ معرفة لله سبحانه وتعالى فيما يتعلق بحكمته وقدرته ورعايته ولطفه ورحمته، لا تستفيد منها هذه المعاني المهمة. متى ما تذكرت أن كل ما أرى, كل ما أستمتع به في مختلف شؤون حياتي هو نعمة من الله سبحانه وتعالى، وأرى من خلال آياته الكريمة أنه يريد مني أن أقدرها، أن تكون ذات قيمة لدي، ألم ينهنا عن التبذير؟ ألم ينهنا عن الإسراف؟ هو تنبيه على أنه ينبغي أن يكون لهذه الأشياء قيمة لديكم، هي ذات قيمة، فإذا ما نظرت إليها كذات قيمة مصاحب هذا الشعور للشعور والتذكر بأنها نعمة من الله سبحانه وتعالى عليك، نعمة على الناس جميعاً، فإن هذا هو ما يساعد على أن تتأمل في ما تعطيه هي من معارف، في كونها من مظاهر قدرة الله، في كونها من مظاهر رحمة الله، في كونها من مظاهر رعاية الله فيترسخ ويزداد إيمانك كثيراً كثيراً بالله سبحانه وتعالى, وتعظم ثقتك به. والموضوع من أساسه هو الحديث عن كيف نثق بالله, أليس هذا هو الموضوع؟ هو كيف نثق بالله سبحانه وتعالى؟ تدلنا هذه على أن من فعلها هو عظيم الرعاية لنا، عظيم الإحسان إلينا، حكيم في تدبيره، فما وجهنا إليه، وما أرشدنا إليه، لا يمكن أن يكون فيه مجازفة، ولا خطأ، ولا ورطة لنا، ولا تصرف أحمق، هو حكيم فيساعدك تذكر أن ما بين يديك من نعمة الله يساعدك على تكرير التأمل فيها لكونها ذات قيمة لديك، قيمة في واقع الحياة باعتبارها مما تمس الحاجة إليه في مختلف شؤون الحياة بالنسبة للناس جميعاً، مما لا تستقيم الحياة إلا بها فتزداد ثقتك بالله سبحانه تعالى وتعظم ثقتك به، ومتى ما عظمت ثقتك بالله انطلقت في كل ما وجهك إليه؛ ل
🍀القسم الرابع🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – لماذا عدّ الله تعالى المنّ بالنعم من الإنسان على أخيه الإنسان من المعاصي؟ ولماذا أقفل هذا الباب من أساسه؟
🔸 – كيف يستغل اليهود والنصارى قضية ارتباط الإحسان المادي بالجانب العاطفي في التأثير على المجتمعات؟ وبماذا نواجه ذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
هذا فيما يتعلق بالتذكير بنعم الله فيما بيننا وبين الله، لكن لماذا مُنع الإنسان من أن يستخدم نفس الأسلوب فيما يعطي مع الآخرين؟ لماذا منع؟ أليس المنّ هو من المعاصي؟ أن تمنّ بما تعطي يعني هذا أن تحبط كل ما كان يمكن أن تحصل عليه من الأجر مما أعطيت، إبطال له: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} (البقرة: من الآية264) أملس، كصخرة كان عليها قليل تراب جاء وابل المطر فتركها ملساء، هذا الإبطال ينهى العمل بالمرة.
ولما كان المال، أو النعم بصورة عامة، سواء كانت نعم معنوية، أو نعم مادية، لها أثر عاطفي في نفس الإنسان يشده إلى الطرف الذي منحه هذه النعمة، إلى من أسدى إليه هذا المعروف، يشده نحوه، كانت النعم فيما يتعلق بعلاقتنا بالله سبحانه وتعالى ذات تأثير كبير فيما إذا تذكرنا أنها نعمة، هي مربوطة بالتذكر {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى:11) بالتذكر، أما إذا كنا ناسين للنعم هذه فلا تعطينا أي معنى من المعاني، أنها تشدنا عاطفيًا نحو الله سبحانه وتعالى.
لكن إذا كان للمال أثره العاطفي، إذا كان للنعم أثرها العاطفي، والقاسم المشترك ـ ما بين تعامل الله مع الإنسان على هذا النحو وفيما يتعامل الناس مع بعضهم بعض ـ هو الجانب العاطفي، فهو بالنسبة لله مضمون، وبالنسبة لله سبحانه وتعالى إيجابي متكامل، متى انشديت إليه كلما كان انشدادك إليه في صالحك وتكريم لك وتعظيم لك، هو تكامل فيك، وسمو لروحيتك، وطهارة لنفسك، وتعطي ما تحدثنا عنه سابقًا.
لكن بالنسبة للإنسان ماذا سيحدث؟ بالطبع لو بقي المجال مفتوحًا فيما بين الناس أنه على كل واحد أن يتذكر ما أعطى إليه الآخر فيقابله بنفس الشعور، ويقف منه نفس الموقف الذي يقفه ويشعر به مع الله سبحانه وتعالى فيما أعطاه عليه من نعم، لو كان المجال مفتوحًا على هذا النحو لكان في المسألة خطورة بالغة: هو أن كثيرًا من أصحاب الأموال، كثيرًا من أهل الباطل أليسوا يسيرون الباطل بأعمال من هذا النوع، إحسان، وبذل مال، وتسهيلات معينة، وبذل معروف؟ نِعم ـ إن صح التعبير ـ أليس هذا هو ما يستخدمونه؟
فمن اللازم للتأثير السلبي لهذه القضية فيما إذا كانت مفتوحة أن يبعد الجانب الفكري الثقافي الديني بالنسبة للإنسان عن أن يخضع للتأثيرات المادية، فيبعد الجانب الديني والثقافي، الفكري، التوجهات، المواقف، تبعد عن الجانب المادي وعن تأثيرات ما قد تتركه المادة من عواطف ومشاعر في النفس تشد نحو من يسديها؛ لأن المادة ـ سواء كانت أموالًا نقدية، أو كيفما كانت ـ هي سلاح ذو حدين، لها أثر كبير في الجانب الإيجابي، ولها أثر كبير في الجانب السلبي، حتى المؤمنين نهوا عن هذا، إقفالًا للموضوع من أساسه، نهوا عن المنّ.
والمنّ الذي يعني التذكير بما أسديت للآخر [أنا عملت لك كذا وعملت لك كذا، وأنا كذا] تريد من وراء ذلك إخضاع مشاعره وعواطفه ومواقفه بالشكل الذي يستجيب لما أردت من وراء إعطائك ذلك المال، أو وقوفك معه ذلك الموقف الذي تعتبره نعمة منك عليه، هذا يتنافى مع كرامة الإنسان.
أن يشدني الله سبحانه إليه من خلال تذكيري بما أنعم علي من النعم العظيمة هو شدي إلى الكامل المطلق إلى الكمال، إلى من يعتبر ارتباطي به وقربي منه تكريمًا لي. لكن لاحظ كيف يكون بالعكس فيما يتعلق بالناس فيما بينهم، كيف يشعر الإنسان بالضعة، يشعر بثقل، بوطأة معروف معين أسدي إليه على نفسه، وصاحبه يكرر [أنا عملت لك كذا، أنا سويت لك كذا] إلى آخره.
ولذا تلاحظوا أنه حتى المؤمنين نهو عن المنّ، وجَعل المنّ مما يبطل أثر الصدقة، وحَكَم القضية بالنسبة للمعطي ـ إذا كان يريد أن يكون لعطائه أثر ـ هو أن يبتغي به وجه الله {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} (الإنسان: من الآية9) بحيث لا يشعر الطرف الآخر بأنه يراد مني من وراء ما أعطى استغلال عواطفي نحوه، فهذا أشبه شيء بمن يعطي رياء مثلما قال:{كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} (البقرة: من الآية264) {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} (الليل:19ـ20).
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – لماذا عدّ الله تعالى المنّ بالنعم من الإنسان على أخيه الإنسان من المعاصي؟ ولماذا أقفل هذا الباب من أساسه؟
🔸 – كيف يستغل اليهود والنصارى قضية ارتباط الإحسان المادي بالجانب العاطفي في التأثير على المجتمعات؟ وبماذا نواجه ذلك؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
هذا فيما يتعلق بالتذكير بنعم الله فيما بيننا وبين الله، لكن لماذا مُنع الإنسان من أن يستخدم نفس الأسلوب فيما يعطي مع الآخرين؟ لماذا منع؟ أليس المنّ هو من المعاصي؟ أن تمنّ بما تعطي يعني هذا أن تحبط كل ما كان يمكن أن تحصل عليه من الأجر مما أعطيت، إبطال له: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} (البقرة: من الآية264) أملس، كصخرة كان عليها قليل تراب جاء وابل المطر فتركها ملساء، هذا الإبطال ينهى العمل بالمرة.
ولما كان المال، أو النعم بصورة عامة، سواء كانت نعم معنوية، أو نعم مادية، لها أثر عاطفي في نفس الإنسان يشده إلى الطرف الذي منحه هذه النعمة، إلى من أسدى إليه هذا المعروف، يشده نحوه، كانت النعم فيما يتعلق بعلاقتنا بالله سبحانه وتعالى ذات تأثير كبير فيما إذا تذكرنا أنها نعمة، هي مربوطة بالتذكر {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى:11) بالتذكر، أما إذا كنا ناسين للنعم هذه فلا تعطينا أي معنى من المعاني، أنها تشدنا عاطفيًا نحو الله سبحانه وتعالى.
لكن إذا كان للمال أثره العاطفي، إذا كان للنعم أثرها العاطفي، والقاسم المشترك ـ ما بين تعامل الله مع الإنسان على هذا النحو وفيما يتعامل الناس مع بعضهم بعض ـ هو الجانب العاطفي، فهو بالنسبة لله مضمون، وبالنسبة لله سبحانه وتعالى إيجابي متكامل، متى انشديت إليه كلما كان انشدادك إليه في صالحك وتكريم لك وتعظيم لك، هو تكامل فيك، وسمو لروحيتك، وطهارة لنفسك، وتعطي ما تحدثنا عنه سابقًا.
لكن بالنسبة للإنسان ماذا سيحدث؟ بالطبع لو بقي المجال مفتوحًا فيما بين الناس أنه على كل واحد أن يتذكر ما أعطى إليه الآخر فيقابله بنفس الشعور، ويقف منه نفس الموقف الذي يقفه ويشعر به مع الله سبحانه وتعالى فيما أعطاه عليه من نعم، لو كان المجال مفتوحًا على هذا النحو لكان في المسألة خطورة بالغة: هو أن كثيرًا من أصحاب الأموال، كثيرًا من أهل الباطل أليسوا يسيرون الباطل بأعمال من هذا النوع، إحسان، وبذل مال، وتسهيلات معينة، وبذل معروف؟ نِعم ـ إن صح التعبير ـ أليس هذا هو ما يستخدمونه؟
فمن اللازم للتأثير السلبي لهذه القضية فيما إذا كانت مفتوحة أن يبعد الجانب الفكري الثقافي الديني بالنسبة للإنسان عن أن يخضع للتأثيرات المادية، فيبعد الجانب الديني والثقافي، الفكري، التوجهات، المواقف، تبعد عن الجانب المادي وعن تأثيرات ما قد تتركه المادة من عواطف ومشاعر في النفس تشد نحو من يسديها؛ لأن المادة ـ سواء كانت أموالًا نقدية، أو كيفما كانت ـ هي سلاح ذو حدين، لها أثر كبير في الجانب الإيجابي، ولها أثر كبير في الجانب السلبي، حتى المؤمنين نهوا عن هذا، إقفالًا للموضوع من أساسه، نهوا عن المنّ.
والمنّ الذي يعني التذكير بما أسديت للآخر [أنا عملت لك كذا وعملت لك كذا، وأنا كذا] تريد من وراء ذلك إخضاع مشاعره وعواطفه ومواقفه بالشكل الذي يستجيب لما أردت من وراء إعطائك ذلك المال، أو وقوفك معه ذلك الموقف الذي تعتبره نعمة منك عليه، هذا يتنافى مع كرامة الإنسان.
أن يشدني الله سبحانه إليه من خلال تذكيري بما أنعم علي من النعم العظيمة هو شدي إلى الكامل المطلق إلى الكمال، إلى من يعتبر ارتباطي به وقربي منه تكريمًا لي. لكن لاحظ كيف يكون بالعكس فيما يتعلق بالناس فيما بينهم، كيف يشعر الإنسان بالضعة، يشعر بثقل، بوطأة معروف معين أسدي إليه على نفسه، وصاحبه يكرر [أنا عملت لك كذا، أنا سويت لك كذا] إلى آخره.
ولذا تلاحظوا أنه حتى المؤمنين نهو عن المنّ، وجَعل المنّ مما يبطل أثر الصدقة، وحَكَم القضية بالنسبة للمعطي ـ إذا كان يريد أن يكون لعطائه أثر ـ هو أن يبتغي به وجه الله {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} (الإنسان: من الآية9) بحيث لا يشعر الطرف الآخر بأنه يراد مني من وراء ما أعطى استغلال عواطفي نحوه، فهذا أشبه شيء بمن يعطي رياء مثلما قال:{كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} (البقرة: من الآية264) {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} (الليل:19ـ20).
🍀القسم الخامس🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – هناك من يقف عن التحرك فيما أمرنا الله به من أجل خوفه من أن تتأثر مصالحه المادية، كالوظيفة الحكومية، أو العمل التجاري، أو العلاقة بالدولة، فما هي المعالجة التي قدمها القرآن في ذلك؟
🔸 – كيف نخلق أمة معاييرها (إلهية) وليست (مادية)؟
🔸 – من هو أول من استخدم أسلوب المنّ على الناس من البشر؟ وفي ما هي مقاييس تلك الأمة من الناس التي عاشت تلك المرحلة؟
🔸 – كيف تمكن فرعون من الاستخفاف بقومه حتى انساقوا لما يريده منهم؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
والحقيقة أنه لا يمكن أن تستخدم المادة، أو أن يضحى بالقيم، بالدين في مقابل المادة، بل العكس هو المطلوب من الإنسان {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (التوبة: من الآية111) في حالة المقارنة بين الماديات والقيم والمبادئ الدينية يضحى بالماديات حتى وإن كانت أغلى الماديات لديك التي هي روحك وجسمك بكله تضحي به من أجل الدين، ولا أن تبيع الدين في مقابل المادة، لا في مقابل ما تحصل عليه من مصلحة لنفسك أنت، ولا من باب مراعاة مصالح الآخرين، إذا كان هناك مثلًا شخصيات لها مصالح من جهة معينة وعمل معين يقولون: يا جماعة أنتم ستؤثرون على مصالحنا، نحن معنا كذا وكذا وليس لكم حق أن تأثروا على مصالحنا بما يؤدي إلى قطع معاشاتنا أو مساعدات معينة. قل له: نحن شخصيًا أُلزمنا بأن نضحي بأموالنا من أجل دين الله، فكيف نراعي مصالحك أنت، ونؤثرها على دين الله، وأنت ممن يلزمه أن يضحي بمصالحه من أجل دين الله؟!.
لهذا نلحظ كيف أنه لا يجوز إطلاقًا أن يتحدث بعضنا مع بعض من باب المن بما أعطى؛ لأنك تربي المجتمع على أن تُسخَر عواطفه للباطل، فيظهر هذا ويقول: صاحب المنجزات العظيمة، ونحن ونحن ونحن، إلخ، وأنا قد ربيتك من قبل، وأنا أتحدث معك: [يا أخي أنت تعلم أني قد أعطيتك كذا وكذا وأنت تعلم أننا فعلنا كذا. فتقول: والله صحيح ولا يهمك إبشر].
أليست هذه واحدة، ألست أنت تقوده بعواطفه؟ سيقوده الآخرون بهذه العواطف، فنهى حتى المؤمنين؛ لأن هذا سيرسخ في المجتمع تربية لأن ينقاد وراء العواطف التي تخلقها التأثيرات المادية، وهذا من أخطر ما يضرب الأمة، تصبح المقاييس مادية كلها، بدل أن تكون كما قال الإمام الخميني رحمة الله عليه: معايير إلهية، هو قال: (يجب علينا أن تكون معاييرنا إلهية) أي المقاييس التي من خلالها نتعامل مع الآخرين، أو نقف مع الآخرين إلهية وليست مادية.
أن أراك ممن يجوز لي أن أقف معك في موقفك فأؤيدك باعتبار موقفك، باعتبار موقفك حق أُؤيدك، لكن أن آخذ منك مبلغ من المال فأؤيدك، أو تسدي إليّ معروفًا معينًا فأؤيدك وأنت على باطل، هذا مما يعني أنني جعلت المقياس في تعاملي مع الآخرين، في أن أقف معهم، أن أؤيدهم، أن أشاركهم في أعمالهم، هو ما يكون هناك من عائدات مادية.
وهذه خطورة بالغة؛ لأن الباطل يستخدم المال، المال هو وسيلة يستخدمه الحق ويستخدمه الباطل، فأنت ملزم بأن تنفق مالك في سبيل الله؛ لأن الحق لا بد من بذل المال في سبيله، وأهل الباطل يعلمون ويتأكدون بأن الباطل لا يسير إلا بواسطة المال. إذًا فالمال هو سلاح ذو حدين؛ فلهذا يجب على الإنسان أن ينظر إلى الأشياء معتمدًا على مقاييس إلهية وليس من خلال الماديات.
فرعون الذي ذكر الله سبحانه وتعالى قصته في القرآن من أول من استخدم هذا الأسلوب: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (الزخرف:51ـ54)
المقاييس لديهم مادية، أساور من ذهب رأوها في يد فرعون، وموسى رجل لا يملك هذه، وهكذا أنهار هنا ولا يعرفون أنهار الحق هناك، وأنهار العزة والشرف، أنهار القيم المثلى. استخف فرعون قومه في مقابلة موسى، نبي من أنبياء الله يملك عشر آيات بينات رأوها هم وعايشوها هم، لتعرف كم هي الخطورة شديدة جدًا إذا ما انطلق الناس لينظروا نحو الأشياء وفق مقاييس مادية.
إن نبي الله موسى كان يمتلك آيات بينات وعايشوها هم الفراعنة وأهل مصر، الدم والضفادع والقمل والجراد، هذا مما كانوا يعانون منها حتى طلبوا من موسى أن يدعو الله أن يرفعها عنهم وأنهم سيؤمنون به وسيطلقون معه بني إسرائيل، ليست المسألة أنهم لم يعرفوا شيئًا، لكن نسوا مسألة أن لا ينظروا إلى الأشياء فتكون لها قيمة من خلال الماديات. استطاع فرعون أن يخدعهم؛ لأنهم كانوا قومًا فاسقين، يهمهم مصالح أنفسهم، يهمهم مادياتهم ومشاريع وخدمات فليكن فرعون في مقابل موسى لا توجد مشكلة.
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – هناك من يقف عن التحرك فيما أمرنا الله به من أجل خوفه من أن تتأثر مصالحه المادية، كالوظيفة الحكومية، أو العمل التجاري، أو العلاقة بالدولة، فما هي المعالجة التي قدمها القرآن في ذلك؟
🔸 – كيف نخلق أمة معاييرها (إلهية) وليست (مادية)؟
🔸 – من هو أول من استخدم أسلوب المنّ على الناس من البشر؟ وفي ما هي مقاييس تلك الأمة من الناس التي عاشت تلك المرحلة؟
🔸 – كيف تمكن فرعون من الاستخفاف بقومه حتى انساقوا لما يريده منهم؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
والحقيقة أنه لا يمكن أن تستخدم المادة، أو أن يضحى بالقيم، بالدين في مقابل المادة، بل العكس هو المطلوب من الإنسان {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (التوبة: من الآية111) في حالة المقارنة بين الماديات والقيم والمبادئ الدينية يضحى بالماديات حتى وإن كانت أغلى الماديات لديك التي هي روحك وجسمك بكله تضحي به من أجل الدين، ولا أن تبيع الدين في مقابل المادة، لا في مقابل ما تحصل عليه من مصلحة لنفسك أنت، ولا من باب مراعاة مصالح الآخرين، إذا كان هناك مثلًا شخصيات لها مصالح من جهة معينة وعمل معين يقولون: يا جماعة أنتم ستؤثرون على مصالحنا، نحن معنا كذا وكذا وليس لكم حق أن تأثروا على مصالحنا بما يؤدي إلى قطع معاشاتنا أو مساعدات معينة. قل له: نحن شخصيًا أُلزمنا بأن نضحي بأموالنا من أجل دين الله، فكيف نراعي مصالحك أنت، ونؤثرها على دين الله، وأنت ممن يلزمه أن يضحي بمصالحه من أجل دين الله؟!.
لهذا نلحظ كيف أنه لا يجوز إطلاقًا أن يتحدث بعضنا مع بعض من باب المن بما أعطى؛ لأنك تربي المجتمع على أن تُسخَر عواطفه للباطل، فيظهر هذا ويقول: صاحب المنجزات العظيمة، ونحن ونحن ونحن، إلخ، وأنا قد ربيتك من قبل، وأنا أتحدث معك: [يا أخي أنت تعلم أني قد أعطيتك كذا وكذا وأنت تعلم أننا فعلنا كذا. فتقول: والله صحيح ولا يهمك إبشر].
أليست هذه واحدة، ألست أنت تقوده بعواطفه؟ سيقوده الآخرون بهذه العواطف، فنهى حتى المؤمنين؛ لأن هذا سيرسخ في المجتمع تربية لأن ينقاد وراء العواطف التي تخلقها التأثيرات المادية، وهذا من أخطر ما يضرب الأمة، تصبح المقاييس مادية كلها، بدل أن تكون كما قال الإمام الخميني رحمة الله عليه: معايير إلهية، هو قال: (يجب علينا أن تكون معاييرنا إلهية) أي المقاييس التي من خلالها نتعامل مع الآخرين، أو نقف مع الآخرين إلهية وليست مادية.
أن أراك ممن يجوز لي أن أقف معك في موقفك فأؤيدك باعتبار موقفك، باعتبار موقفك حق أُؤيدك، لكن أن آخذ منك مبلغ من المال فأؤيدك، أو تسدي إليّ معروفًا معينًا فأؤيدك وأنت على باطل، هذا مما يعني أنني جعلت المقياس في تعاملي مع الآخرين، في أن أقف معهم، أن أؤيدهم، أن أشاركهم في أعمالهم، هو ما يكون هناك من عائدات مادية.
وهذه خطورة بالغة؛ لأن الباطل يستخدم المال، المال هو وسيلة يستخدمه الحق ويستخدمه الباطل، فأنت ملزم بأن تنفق مالك في سبيل الله؛ لأن الحق لا بد من بذل المال في سبيله، وأهل الباطل يعلمون ويتأكدون بأن الباطل لا يسير إلا بواسطة المال. إذًا فالمال هو سلاح ذو حدين؛ فلهذا يجب على الإنسان أن ينظر إلى الأشياء معتمدًا على مقاييس إلهية وليس من خلال الماديات.
فرعون الذي ذكر الله سبحانه وتعالى قصته في القرآن من أول من استخدم هذا الأسلوب: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (الزخرف:51ـ54)
المقاييس لديهم مادية، أساور من ذهب رأوها في يد فرعون، وموسى رجل لا يملك هذه، وهكذا أنهار هنا ولا يعرفون أنهار الحق هناك، وأنهار العزة والشرف، أنهار القيم المثلى. استخف فرعون قومه في مقابلة موسى، نبي من أنبياء الله يملك عشر آيات بينات رأوها هم وعايشوها هم، لتعرف كم هي الخطورة شديدة جدًا إذا ما انطلق الناس لينظروا نحو الأشياء وفق مقاييس مادية.
إن نبي الله موسى كان يمتلك آيات بينات وعايشوها هم الفراعنة وأهل مصر، الدم والضفادع والقمل والجراد، هذا مما كانوا يعانون منها حتى طلبوا من موسى أن يدعو الله أن يرفعها عنهم وأنهم سيؤمنون به وسيطلقون معه بني إسرائيل، ليست المسألة أنهم لم يعرفوا شيئًا، لكن نسوا مسألة أن لا ينظروا إلى الأشياء فتكون لها قيمة من خلال الماديات. استطاع فرعون أن يخدعهم؛ لأنهم كانوا قومًا فاسقين، يهمهم مصالح أنفسهم، يهمهم مادياتهم ومشاريع وخدمات فليكن فرعون في مقابل موسى لا توجد مشكلة.
🍀القسم السادس🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما الفرق بين ربط الناس بالله من خلال النظر والتفكر في النعم، وبين الأسلوب الوعظي الذي يحقر الدنيا في نفوس الناس؟
🔸 – من هم القوم المتفكرين الذين تحملوا المسؤولية واستفادوا من تسخير نعم الله الظاهرة والباطنة؟ ولماذا لم يكن المسلمون هم هؤلاء القوم؟
🔸 – لقد ربط علماء الكلام معرفة الله بقضية وجوب شكر المنعم، فهل تطابق ذلك مع أسلوب القرآن الكريم؟ وما أثر هذه الثقافة على الأجيال المتلاحقة؟
🔸 – مما أثر عن الإمام علي عليه السلام قوله "اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك"، وفي دعاء الإمام زين العابدين: "ولا تجعل لفاسق ولا لكافر علي نعمة ترزقه من قلبي بها مودة" لماذا؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
من هنا نعرف كم هو الفارق بين ما تعطيه هذه الآيات وبين من ينطلقون فيتحدثون مع الناس ويعظونهم بالزهد في الدنيا، وأن النظر إلى الدنيا يجب أن يكون نظر من يرفضها ولا قيمة لها وأنها غرّارة خداعة مكارة، واتركها، ويسمح لك فقط من أطرافها، ولا تأخذ إلا الكفاية منها فقط، أن هذا نفسه من إحدى العوامل التي ضربت المسلمين فجعلتهم بعيدين عن أن يستخدموا ما سخر الله لهم في السموات وفي الأرض، وأن يتفكروا فيها؛ لأنها أصبحت ليست ذات قيمة لديهم، ليست ذات قيمة، هي كلها لا تساوي جناح بعوضة! بينما التذكير يوحي: أن الله يذكِّرنا أن ننظر إليها كذات قيمة، لها قيمة.
وعرف الآخرون كيف أن لها قيمة، الرجال عرفوا كيف أن لها قيمة، بل حتى الأشياء التي نكمم أنوفنا عندما نمر من عندها يعرفون أنها أيضًا لها قيمة، كيف هم يستخدمون المجاري بمحطات تصفية فيستخرجون منها الأسمدة، ويستخرجون أيضًا الماء من جديد نقيًا فيعاد لسقي الأرض من الحدائق والبساتين والمزارع، وأسمدة تباع بملايين الدولارات.
ونحن نقول عنها كلها: غرّارة، خداعة مكارة من أولها إلى آخرها، حتى أصبحنا لا نملك شيئًا ولا نعرف شيئًا، ثم أصبحنا عبيدًا لأولئك الذين تفكروا، قَوْمٌ يَتَفَكَّرُونَ، نحن قوم نجهل، وأولئك قوم تفكروا فأبدعوا.
نعرف في نفس الوقت من خلال ما عرفنا من أن المسألة ليست سويًا فيما يسديه الله سبحانه وتعالى من نعم إلى الإنسان، وفيما يحصل فيما بين الناس مع بعضهم البعض، وقد ظهر أن المسألة ليست سويًا.
بينما نجد أن أول خطوة خطاها [المعتزلة] في مجال معرفة الله: أنهم اعتمدوا على قاعدة باطلة من أساسها، هو أنهم نظروا أولًا فيما يحصل بيننا نحن الناس، أن هذا عندما يعطي هذا يجب عليه أن يشكره، إذًا فهناك نعم ننطلق منها لنشكر الذي أسداها.
ألم يسوغوا للمسألة؟ ما الذي حصل؟ نحن قلنا: القاسم المشترك هو الجانب العاطفي، لكن أن تنظر إلى المسألة كأنها سويًا فتأتي لتقيس ـ على ما قالوا ـ الغائب على الشاهد! الشاهد هو الإنسان وهذه الصورة الكاملة للتعامل فيما بيننا التي تعطي حكمًا عقليًا ـ كما يقولون ـ بأنه يجب شكر المنعم، إذًا فننطلق منها لنقيس عليها تعاملنا مع من أسدى إلينا نعمًا من جانب هذه النعم التي لم ندر بعد من أين هي، فنبحث عمن أسداها، فكانت هذه هي أول خطوة التي بنوا عليها وجوب النظر في معرفة من أسدى إلينا هذه النعم لنشكره.
ما الخلل في هذه؟ هو ترسيخ حالة التسوية، مع أن القرآن بيَّن أن المسالة ليست سويًا، ليس هناك مجال للمقايسة إلا فيما يتعلق بالجانب العاطفي في أن سنن الله سبحانه وتعالى في الهداية استغلت الجانب العاطفي في المسألة في خلق الشد للإنسان نحو الله، ولاعتبارات متعددة هي هذه التي ذكرناها سابقًا فيما يتعلق بنظرته إلى ما بين يديه كنعم منه تعالى، فيأتي الشكر واحدة من الغايات، واحدة {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل: من الآية14) ألم يأت الشكر واحدة منها؟
فهم رسخوا هذه المسألة: أن ننطلق منا نحن الناس فنعتبر القضايا العقلية من خلال التعامل فيما بيننا مع بعضنا بعضًا هي الأساس الذي نقيس عليه تعاملنا مع الله، فحصل أخطاء كثيرة؛ لأننا نجد أن الفارق كبير، أنه ليس صحيحًا أنني أرى أن الله سبحانه وتعالى يذكِّر من أعطاهم بنعمه؛ فأنطلق أنا لأذكِّر الآخرين الذين أعطيتهم بنعمي، فأقول أتخلق بأخلاق الله، وأسير على منهج الله، وأعمل مثله. لا. أُقفل هذا الموضوع تمامًا، أقفل هذا الموضوع تمامًا.
بينما قد يكون أساس المسألة هو أن الناس في تعاملهم الطبيعي خاصة من لم يربوا تربية إلهية في الابتعاد عن المنّ على بعضهم بعض، ألم يكن هذا هو السلوك الطبيعي لدى الناس؟ إذًا الانطلاقة نحو الله على أساس هذا السلوك الذي هو قائم بين الناس اتضح بأنه فقط لاستخدام الجانب العاطفي، وأن ما نحن عليه هو خطأ، هو خطأ.
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما الفرق بين ربط الناس بالله من خلال النظر والتفكر في النعم، وبين الأسلوب الوعظي الذي يحقر الدنيا في نفوس الناس؟
🔸 – من هم القوم المتفكرين الذين تحملوا المسؤولية واستفادوا من تسخير نعم الله الظاهرة والباطنة؟ ولماذا لم يكن المسلمون هم هؤلاء القوم؟
🔸 – لقد ربط علماء الكلام معرفة الله بقضية وجوب شكر المنعم، فهل تطابق ذلك مع أسلوب القرآن الكريم؟ وما أثر هذه الثقافة على الأجيال المتلاحقة؟
🔸 – مما أثر عن الإمام علي عليه السلام قوله "اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك"، وفي دعاء الإمام زين العابدين: "ولا تجعل لفاسق ولا لكافر علي نعمة ترزقه من قلبي بها مودة" لماذا؟
🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀
#سلسلة_معرفة_الله (3 - 15)
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#الدرس_الثالث
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
من هنا نعرف كم هو الفارق بين ما تعطيه هذه الآيات وبين من ينطلقون فيتحدثون مع الناس ويعظونهم بالزهد في الدنيا، وأن النظر إلى الدنيا يجب أن يكون نظر من يرفضها ولا قيمة لها وأنها غرّارة خداعة مكارة، واتركها، ويسمح لك فقط من أطرافها، ولا تأخذ إلا الكفاية منها فقط، أن هذا نفسه من إحدى العوامل التي ضربت المسلمين فجعلتهم بعيدين عن أن يستخدموا ما سخر الله لهم في السموات وفي الأرض، وأن يتفكروا فيها؛ لأنها أصبحت ليست ذات قيمة لديهم، ليست ذات قيمة، هي كلها لا تساوي جناح بعوضة! بينما التذكير يوحي: أن الله يذكِّرنا أن ننظر إليها كذات قيمة، لها قيمة.
وعرف الآخرون كيف أن لها قيمة، الرجال عرفوا كيف أن لها قيمة، بل حتى الأشياء التي نكمم أنوفنا عندما نمر من عندها يعرفون أنها أيضًا لها قيمة، كيف هم يستخدمون المجاري بمحطات تصفية فيستخرجون منها الأسمدة، ويستخرجون أيضًا الماء من جديد نقيًا فيعاد لسقي الأرض من الحدائق والبساتين والمزارع، وأسمدة تباع بملايين الدولارات.
ونحن نقول عنها كلها: غرّارة، خداعة مكارة من أولها إلى آخرها، حتى أصبحنا لا نملك شيئًا ولا نعرف شيئًا، ثم أصبحنا عبيدًا لأولئك الذين تفكروا، قَوْمٌ يَتَفَكَّرُونَ، نحن قوم نجهل، وأولئك قوم تفكروا فأبدعوا.
نعرف في نفس الوقت من خلال ما عرفنا من أن المسألة ليست سويًا فيما يسديه الله سبحانه وتعالى من نعم إلى الإنسان، وفيما يحصل فيما بين الناس مع بعضهم البعض، وقد ظهر أن المسألة ليست سويًا.
بينما نجد أن أول خطوة خطاها [المعتزلة] في مجال معرفة الله: أنهم اعتمدوا على قاعدة باطلة من أساسها، هو أنهم نظروا أولًا فيما يحصل بيننا نحن الناس، أن هذا عندما يعطي هذا يجب عليه أن يشكره، إذًا فهناك نعم ننطلق منها لنشكر الذي أسداها.
ألم يسوغوا للمسألة؟ ما الذي حصل؟ نحن قلنا: القاسم المشترك هو الجانب العاطفي، لكن أن تنظر إلى المسألة كأنها سويًا فتأتي لتقيس ـ على ما قالوا ـ الغائب على الشاهد! الشاهد هو الإنسان وهذه الصورة الكاملة للتعامل فيما بيننا التي تعطي حكمًا عقليًا ـ كما يقولون ـ بأنه يجب شكر المنعم، إذًا فننطلق منها لنقيس عليها تعاملنا مع من أسدى إلينا نعمًا من جانب هذه النعم التي لم ندر بعد من أين هي، فنبحث عمن أسداها، فكانت هذه هي أول خطوة التي بنوا عليها وجوب النظر في معرفة من أسدى إلينا هذه النعم لنشكره.
ما الخلل في هذه؟ هو ترسيخ حالة التسوية، مع أن القرآن بيَّن أن المسالة ليست سويًا، ليس هناك مجال للمقايسة إلا فيما يتعلق بالجانب العاطفي في أن سنن الله سبحانه وتعالى في الهداية استغلت الجانب العاطفي في المسألة في خلق الشد للإنسان نحو الله، ولاعتبارات متعددة هي هذه التي ذكرناها سابقًا فيما يتعلق بنظرته إلى ما بين يديه كنعم منه تعالى، فيأتي الشكر واحدة من الغايات، واحدة {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل: من الآية14) ألم يأت الشكر واحدة منها؟
فهم رسخوا هذه المسألة: أن ننطلق منا نحن الناس فنعتبر القضايا العقلية من خلال التعامل فيما بيننا مع بعضنا بعضًا هي الأساس الذي نقيس عليه تعاملنا مع الله، فحصل أخطاء كثيرة؛ لأننا نجد أن الفارق كبير، أنه ليس صحيحًا أنني أرى أن الله سبحانه وتعالى يذكِّر من أعطاهم بنعمه؛ فأنطلق أنا لأذكِّر الآخرين الذين أعطيتهم بنعمي، فأقول أتخلق بأخلاق الله، وأسير على منهج الله، وأعمل مثله. لا. أُقفل هذا الموضوع تمامًا، أقفل هذا الموضوع تمامًا.
بينما قد يكون أساس المسألة هو أن الناس في تعاملهم الطبيعي خاصة من لم يربوا تربية إلهية في الابتعاد عن المنّ على بعضهم بعض، ألم يكن هذا هو السلوك الطبيعي لدى الناس؟ إذًا الانطلاقة نحو الله على أساس هذا السلوك الذي هو قائم بين الناس اتضح بأنه فقط لاستخدام الجانب العاطفي، وأن ما نحن عليه هو خطأ، هو خطأ.