2⃣
#الصراع_على_جنوب_اليمن
ترجمة
أ #نجيب_باوزير
ولا يعرف الكثير عن أنشطة هذه الهيئات والمنظمات، ولكن على ما يبدو فإنه في أواخر الخمسينيات توصلت الطبقة الحاكمة في المحميات إلى اقتناع من الناحية السياسية حول ضرورة الاستعداد للدخول في الاتحاد.
ارتأى السلاطين أن يضمنوا حماية وجودهم من خلال الدوران في فلك السياسة البريطانية التي تفتقت عن مشروع الاتحاد الفيدرالي، وذلك بعد أن أحسوا بالخطر من مداهمات اليمن الشمالي المدعومة بالتخريب الناصري. ونتيجة لذلك أصبحت شخصيات مثل شريف بيحان حسين الحبيلي، والشيخ ناصر بن فريد زعيم العوالق العليا، والسلطان صالح سلطان العواذل، والسلطان أحمد بن عبدالله الفضلي وزراء بارزين في الاتحاد. وعلى النقيض من مطالبة الأحزاب العدنية بالاستقلال، تلك المطالبة المعتدلة والمتصاعدة في الوقت نفسه، كان الشريف حسين يطلب من بريطانيا: »كلمة شرف… أنكم لن تتركونا لكي نشنق مثل أولئك النفر المساكين الذين أعدموا في مصر بسبب تعاونهم معكم في حرب السويس«. وأكثر من ذلك طالب شريف بيحان بريطانيا “حامية العقيدة” أن تحترم تعهداتها لبيحان التي اتُفق عليها في المعاهدة بين الطرفين. ومن هنا يمكن القول إن الهيئات السياسية التابعة للنخب المسيطرة في عدن والمحميات قد أفرزها الشعور بعدم الأمان الذي كانت تعيشه تلك النخب وأنها كانت إحدى المحاولات السياسية العديدة الملتبسة التي بذلتها لحماية وضعها.
وخلافًا للهيئات النخبوية، حاولت المعارضة أن تثبت وجودها من خلال انخراطها في هيئات أكثر تنظيمًا، وذات خط سياسي أكثر وضوحًا. وكما ذكرنا سابقًا، فإن موجة المعارضة في المحميات كان وراءها في كثير من الأحيان أفراد متذمرون ينتمون إلى الفئة الحاكمة نفسها. فحتى منذ أواسط الخمسينيات كان سلطان لحج علي عبدالكريم يصرح بأنه “قومي عروبي”، وأن “عهد الاستعمار” قد ولى، وقد وافق على أن يمدد معاهدة الاستشارة بين لحج والإنجليز ولكن مع عقد النية على تهيئة إمارته للاستقلال. وقد أشار فعلًا تريفاسكس إلى أنه كانت هناك “عناصر صديقة” في الطبقة الحاكمة كانت تحركها دوافع تجمع بين الرغبة في الإصلاح الاقتصادي والنزعة الوطنية. لقد تعاون هؤلاء مع الإنجليز من أجل الحصول على الخبرة الفنية والتعجيل بتطور اليمن الجنوبي، ولكنهم إنما فعلوا ذلك وهم يعتقدون أن رد بريطانيا على هذا التعاون هو أن تتعامل بصورة متحضرة، أو بالتحديد أن تتخلى عن حكم المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإنه على الرغم من المشاكل الحدودية السابقة بين لحج واليمن الشمالي، فإن علاقة السلطان علي مع حاكم اليمن الشمالي (الإمام أحمد) كانت علاقة طيبة جدًّا، وقد أعلن الأول أن اليمن الشمالي سوف تكون “عاملًا مساعدًا” على استقلال اليمن الجنوبي. وفي عام 1955م التقى السلطان علي بعبدالناصر، وبعد هذا اللقاء مباشرة أخذ يثير الضجيج حول ضرورة التعليم المجاني الإلزامي وإنشاء سد في وادي تبن بلحج، وهي مطالبات رأى تريفاسكس أنها صدى لخطط عبدالناصر التطويرية.
قدم السلطان علي مطالباته في وقت كانت المحميات فيه تشهد توسعًا اقتصاديًا. فقد كان في إمارته (لحج) جمعية تعاونية ناجحة لإنتاج القطن، ممولة من مجلس أبين. وقد سبق أن أشرنا إلى أن محمد بن العيدروس أعلن انتفاضته بعد أن رفضت السلطات البريطانية طلبه بأن يحصل السكان المحليون على نسبة كبيرة من الأرباح وعلى تمثيل أكبر في مجلس أبين. ونخلص من هذا إلى أنه لم يكن الفقر ولا الحرمان الاجتماعي هو الذي دفع علي عبدالكريم ومحمد بن العيدروس إلى رفع راية المعارضة، كما أنه لم تكن تحركهما المصالح التقليدية للطبقة الحاكمة التي لو وجدت لكان الأجدر أن تجعلهما يتعاونان مع الشريف حسين. فما كانا يريدانه هو أن يتحكما -أو أن يكون لهما نصيب أكبر- في الاقتصاد اليمني الجنوبي الآخذ في التطور وفي نمط الحكم الجديد. وكانت هذه هي نفس المصالح التقليدية لملاك الأراضي، وكبار المسؤولين، والمشتغلين بالتعليم، وبعض الفئات الأخرى المنتمية إلى الطبقة الناشئة حديثًا في اليمن الجنوبي وهي طبقة متوسطة في معظمها وعالية في جزء منها. وهؤلاء كانوا يسيّرون فعلًا المشاريع التطويرية في البلاد وكانوا هم العنصر الأكثر رقيًا والميسورين ماديًا بين السكان. وقد أشار بعض الكتاب، من بينهم هالبرن و م. بيرجر، إلى أن الطبقة المتوسطة الجديدة في الشرق الأوسط أصبحت مشاركة بقوة في النشاط الاقتصادي لبلدانها، وأظهرت رغبتها الصادقة في استلام الحكم في تلك البلدان. فقد كان لدى هذه الطبقة معرفة واهتمام بشؤون البلاد، وكان كثير من المنتمين إليها ذوي مستوى تعليمي عال إلى حد ما ومعرفة لصيقة بالمشاكل الكامنة في المجتمع، ويمكن القول على وجه العموم إن الناس الذين كانوا يمثلون الطبقة المتوسطة الناشئة قد تكوّن لديهم شعور وطني وإحساس بالمسؤولية نحو المجتمع الذي يعيشون فيه.
#الصراع_على_جنوب_اليمن
ترجمة
أ #نجيب_باوزير
ولا يعرف الكثير عن أنشطة هذه الهيئات والمنظمات، ولكن على ما يبدو فإنه في أواخر الخمسينيات توصلت الطبقة الحاكمة في المحميات إلى اقتناع من الناحية السياسية حول ضرورة الاستعداد للدخول في الاتحاد.
ارتأى السلاطين أن يضمنوا حماية وجودهم من خلال الدوران في فلك السياسة البريطانية التي تفتقت عن مشروع الاتحاد الفيدرالي، وذلك بعد أن أحسوا بالخطر من مداهمات اليمن الشمالي المدعومة بالتخريب الناصري. ونتيجة لذلك أصبحت شخصيات مثل شريف بيحان حسين الحبيلي، والشيخ ناصر بن فريد زعيم العوالق العليا، والسلطان صالح سلطان العواذل، والسلطان أحمد بن عبدالله الفضلي وزراء بارزين في الاتحاد. وعلى النقيض من مطالبة الأحزاب العدنية بالاستقلال، تلك المطالبة المعتدلة والمتصاعدة في الوقت نفسه، كان الشريف حسين يطلب من بريطانيا: »كلمة شرف… أنكم لن تتركونا لكي نشنق مثل أولئك النفر المساكين الذين أعدموا في مصر بسبب تعاونهم معكم في حرب السويس«. وأكثر من ذلك طالب شريف بيحان بريطانيا “حامية العقيدة” أن تحترم تعهداتها لبيحان التي اتُفق عليها في المعاهدة بين الطرفين. ومن هنا يمكن القول إن الهيئات السياسية التابعة للنخب المسيطرة في عدن والمحميات قد أفرزها الشعور بعدم الأمان الذي كانت تعيشه تلك النخب وأنها كانت إحدى المحاولات السياسية العديدة الملتبسة التي بذلتها لحماية وضعها.
وخلافًا للهيئات النخبوية، حاولت المعارضة أن تثبت وجودها من خلال انخراطها في هيئات أكثر تنظيمًا، وذات خط سياسي أكثر وضوحًا. وكما ذكرنا سابقًا، فإن موجة المعارضة في المحميات كان وراءها في كثير من الأحيان أفراد متذمرون ينتمون إلى الفئة الحاكمة نفسها. فحتى منذ أواسط الخمسينيات كان سلطان لحج علي عبدالكريم يصرح بأنه “قومي عروبي”، وأن “عهد الاستعمار” قد ولى، وقد وافق على أن يمدد معاهدة الاستشارة بين لحج والإنجليز ولكن مع عقد النية على تهيئة إمارته للاستقلال. وقد أشار فعلًا تريفاسكس إلى أنه كانت هناك “عناصر صديقة” في الطبقة الحاكمة كانت تحركها دوافع تجمع بين الرغبة في الإصلاح الاقتصادي والنزعة الوطنية. لقد تعاون هؤلاء مع الإنجليز من أجل الحصول على الخبرة الفنية والتعجيل بتطور اليمن الجنوبي، ولكنهم إنما فعلوا ذلك وهم يعتقدون أن رد بريطانيا على هذا التعاون هو أن تتعامل بصورة متحضرة، أو بالتحديد أن تتخلى عن حكم المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإنه على الرغم من المشاكل الحدودية السابقة بين لحج واليمن الشمالي، فإن علاقة السلطان علي مع حاكم اليمن الشمالي (الإمام أحمد) كانت علاقة طيبة جدًّا، وقد أعلن الأول أن اليمن الشمالي سوف تكون “عاملًا مساعدًا” على استقلال اليمن الجنوبي. وفي عام 1955م التقى السلطان علي بعبدالناصر، وبعد هذا اللقاء مباشرة أخذ يثير الضجيج حول ضرورة التعليم المجاني الإلزامي وإنشاء سد في وادي تبن بلحج، وهي مطالبات رأى تريفاسكس أنها صدى لخطط عبدالناصر التطويرية.
قدم السلطان علي مطالباته في وقت كانت المحميات فيه تشهد توسعًا اقتصاديًا. فقد كان في إمارته (لحج) جمعية تعاونية ناجحة لإنتاج القطن، ممولة من مجلس أبين. وقد سبق أن أشرنا إلى أن محمد بن العيدروس أعلن انتفاضته بعد أن رفضت السلطات البريطانية طلبه بأن يحصل السكان المحليون على نسبة كبيرة من الأرباح وعلى تمثيل أكبر في مجلس أبين. ونخلص من هذا إلى أنه لم يكن الفقر ولا الحرمان الاجتماعي هو الذي دفع علي عبدالكريم ومحمد بن العيدروس إلى رفع راية المعارضة، كما أنه لم تكن تحركهما المصالح التقليدية للطبقة الحاكمة التي لو وجدت لكان الأجدر أن تجعلهما يتعاونان مع الشريف حسين. فما كانا يريدانه هو أن يتحكما -أو أن يكون لهما نصيب أكبر- في الاقتصاد اليمني الجنوبي الآخذ في التطور وفي نمط الحكم الجديد. وكانت هذه هي نفس المصالح التقليدية لملاك الأراضي، وكبار المسؤولين، والمشتغلين بالتعليم، وبعض الفئات الأخرى المنتمية إلى الطبقة الناشئة حديثًا في اليمن الجنوبي وهي طبقة متوسطة في معظمها وعالية في جزء منها. وهؤلاء كانوا يسيّرون فعلًا المشاريع التطويرية في البلاد وكانوا هم العنصر الأكثر رقيًا والميسورين ماديًا بين السكان. وقد أشار بعض الكتاب، من بينهم هالبرن و م. بيرجر، إلى أن الطبقة المتوسطة الجديدة في الشرق الأوسط أصبحت مشاركة بقوة في النشاط الاقتصادي لبلدانها، وأظهرت رغبتها الصادقة في استلام الحكم في تلك البلدان. فقد كان لدى هذه الطبقة معرفة واهتمام بشؤون البلاد، وكان كثير من المنتمين إليها ذوي مستوى تعليمي عال إلى حد ما ومعرفة لصيقة بالمشاكل الكامنة في المجتمع، ويمكن القول على وجه العموم إن الناس الذين كانوا يمثلون الطبقة المتوسطة الناشئة قد تكوّن لديهم شعور وطني وإحساس بالمسؤولية نحو المجتمع الذي يعيشون فيه.
3⃣
#الصراع_على_جنوب_اليمن
ترجمة
أ #نجيب_باوزير
وكان هذا يشير إلى اتجاه سياسي جديد في اليمن الجنوبي. فإن كلا النخبتين العدنيتين اللتين كانتا تعملان من خلال الجمعية العدنية ورابطة الجنوب العربي حاولتا أن تتواءما مع النظام القائم بأن تخوضا الانتخابات، ولكنهما لم تفلحا في إقناع عمال عدن بأن يفعلوا الشيء نفسه. ولا بدَّ أن رابطة الجنوب العربي قد حاولت إقناع الجبهة الوطنية الموحدة بأن تشارك في الانتخابات بصفتها هيئة واحدة، ولكن زعماء الاتحاد (لاحقًا زعماء المؤتمر العمالي) داخل الجبهة هم الذين حرضوا الرأي العام على المقاطعة ونجحوا في ذلك. ويبدو أن هؤلاء كانوا هم الذين تولوا صياغة أهداف الجبهة وخططوا لنشاطاتها. وفي عام 1956م كانت الجبهة بتركيبتها التي سيطر عليها العمال هي التي هيجت عمال عدن حتى يشاركوا في الإضرابات التي سبقت الإشارة إليها.
نستنتج مما تقدم أن الرابطة، التي نشأت في المحميات، قد فشلت في توطيد مركزها في عدن وفي السيطرة على قيادة الحركة الوطنية في اليمن الجنوبي. ويمكن شرح هذا الفشل على مستويين. المستوى الأول يتعلق بنمو الحركة السياسية الوطنية، إذ يبدو أن شعارات الرابطة الوطنية التي تعاطفت بشدة معها الطبقات المتوسطة في المحميات كانت غير متوائمة إلى الحد الكافي مع أفكار العمال في عدن، التي كانت أكثر راديكالية بكثير. وقد عدَّ العمال مشاركة الرابطة في انتخابات العام 1955م تراجعًا خطيرًا للرابطة عن جبهة المقاومة الموحدة باتجاه السلطة الأجنبية. وفي عام 1960م كتب الأمين العام للمؤتمر العمالي قائلًا إن: »الرابطة خذلت أنصارها… خاصةً وأنه كان لها ماض وطني«. وقد قاطعت الرابطة الانتخابات فعلًا في عام 1959م ولكن هذا لم يمحُ وصمة تخاذلها السابق وتراجعها عن الصف الوطني المتشدد.
ولم تكن زيارة الجفري للرياض في المملكة العربية السعودية في عام 1959م وحصوله على مائتي ألف ريال »من أجل التمرد (الذي قاده ابن العيدروس) في الجنوب« إلا ليُحدث أثرًا معاكسًا؛ لأن المؤتمر العمالي كان يعد المملكة من أعوان الإمبريالية. وذهب المؤتمر العمالي إلى أبعد من ذلك، إذ اتهم علي عبدالكريم بأنه طموح أكثر من اللازم ويريد أن يكون »ملكًا على الجنوب«، كما اتهم الجفري بأنه يملك امتيازًا بتروليًا في لحج منحته إياه شركة (شل) الأوروبية. وعلى الرغم من أن الاتهامين كانا غير واقعيين، فإنهما أحدثا تأثيرًا غير هين في عدن.
كما أن الرابطة فشلت أيضًا على المستوى الاجتماعي. لقد أبانت معارضة المؤتمر العمالي للرابطة عن نفور الطبقات الدنيا والمتوسطة العدنية من التعاون مع العناصر القادمة من المحميات حتى لو كان هؤلاء ينتمون إلى نفس الطبقات الاجتماعية. وعلاوة على ذلك، فإن المؤتمر العمالي الذي كان يجسد البروليتاريا المنتمية إلى المدينة وجد من الصعب عليه أن يندمج مع هيئة تنتمي إلى المحميات وتضم في صفوفها سلاطين ومسؤولين حكوميين. وكان المؤتمر العمالي يرى أن علي عبدالكريم وابن العيدروس، بالإضافة إلى فرع الرابطة في عدن، كانوا في الأساس يتقبلون النظام القائم، وأن كل همهم هو أن يزيدوا من مستوى تمثيلهم داخله، وأن يحصلوا على نصيب أكبر من خيراته. وعلى العكس من ذلك كان أعضاء المؤتمر العمالي نتاج التفاوت الاجتماعي الذي كان آخذًا في الازدياد وعلاقات العمل المتوترة في عدن؛ فلم يكونوا مهتمين أو حريصين على التعاون مع النظام القائم، أو على المشاركة في السلطة. كان هؤلاء يشعرون أنهم في قطيعة تامة مع السلطة الحاكمة، ويسعون إلى إسقاطها، ولعل هذا الموقف يفسر الاتهامات التي كانت موجهة ضد علي عبدالكريم.
وعليه فإنه في أوائل الستينيات، برز المؤتمر العمالي العدني بوصفه أقوى الهيئات السياسية في اليمن الجنوبي، خاصةً بعد أن تم إخماد الانتفاضات الموعز بها من الرابطة في عام 1960م ونفي زعمائها. وهذا الوصول للمؤتمر العمالي إلى أن تكون له الغلبة كان يشير أيضًا إلى أن العمل السياسي في عدن قد انطبع بالطابع الراديكالي. وقد كانت أنشطة المؤتمر منذ انطلاقها ذات أهداف سياسية وأهداف اجتماعية مهنية. وقد توصلت لجنة تقصي الحقائق حول إضرابات عام 1956م إلى أنها كانت نتيجة لتضافر عاملين هما: المشاكل الاجتماعية، والسياسة المتبعة من قبل الحكومة في موضوع الهجرة، اللذان أديا إلى نشوء “مظلمة شديدة” سرّعت بحدوث الإضرابات. وفي أبريل من عام 1958م انفجرت إضرابات أخرى على خلفية مشابهة، وفي مايو أعلنت السلطات حالة الطوارئ. وفي أكتوبر من نفس العام، على أثر حدوث اضطرابات، نفي مائتان وأربعون عاملًا إلى اليمن. وفي تلك الأثناء اعتقل الأمين العام للمؤتمر العمالي، ومنعت من الصدور الصحيفة الصادرة عنه التي تحمل اسم (العمل). وفي أوائل عام 1959م نظم المؤتمر العمالي إضرابات أخرى احتجاجًا على الانتخابات الوشيكة في عدن. ونتيجة لهذه الإضرابات أصيب الميناء بالشلل لمدة 48 يومًا، ومصافي البترول لمدة 34 يومًا.
#الصراع_على_جنوب_اليمن
ترجمة
أ #نجيب_باوزير
وكان هذا يشير إلى اتجاه سياسي جديد في اليمن الجنوبي. فإن كلا النخبتين العدنيتين اللتين كانتا تعملان من خلال الجمعية العدنية ورابطة الجنوب العربي حاولتا أن تتواءما مع النظام القائم بأن تخوضا الانتخابات، ولكنهما لم تفلحا في إقناع عمال عدن بأن يفعلوا الشيء نفسه. ولا بدَّ أن رابطة الجنوب العربي قد حاولت إقناع الجبهة الوطنية الموحدة بأن تشارك في الانتخابات بصفتها هيئة واحدة، ولكن زعماء الاتحاد (لاحقًا زعماء المؤتمر العمالي) داخل الجبهة هم الذين حرضوا الرأي العام على المقاطعة ونجحوا في ذلك. ويبدو أن هؤلاء كانوا هم الذين تولوا صياغة أهداف الجبهة وخططوا لنشاطاتها. وفي عام 1956م كانت الجبهة بتركيبتها التي سيطر عليها العمال هي التي هيجت عمال عدن حتى يشاركوا في الإضرابات التي سبقت الإشارة إليها.
نستنتج مما تقدم أن الرابطة، التي نشأت في المحميات، قد فشلت في توطيد مركزها في عدن وفي السيطرة على قيادة الحركة الوطنية في اليمن الجنوبي. ويمكن شرح هذا الفشل على مستويين. المستوى الأول يتعلق بنمو الحركة السياسية الوطنية، إذ يبدو أن شعارات الرابطة الوطنية التي تعاطفت بشدة معها الطبقات المتوسطة في المحميات كانت غير متوائمة إلى الحد الكافي مع أفكار العمال في عدن، التي كانت أكثر راديكالية بكثير. وقد عدَّ العمال مشاركة الرابطة في انتخابات العام 1955م تراجعًا خطيرًا للرابطة عن جبهة المقاومة الموحدة باتجاه السلطة الأجنبية. وفي عام 1960م كتب الأمين العام للمؤتمر العمالي قائلًا إن: »الرابطة خذلت أنصارها… خاصةً وأنه كان لها ماض وطني«. وقد قاطعت الرابطة الانتخابات فعلًا في عام 1959م ولكن هذا لم يمحُ وصمة تخاذلها السابق وتراجعها عن الصف الوطني المتشدد.
ولم تكن زيارة الجفري للرياض في المملكة العربية السعودية في عام 1959م وحصوله على مائتي ألف ريال »من أجل التمرد (الذي قاده ابن العيدروس) في الجنوب« إلا ليُحدث أثرًا معاكسًا؛ لأن المؤتمر العمالي كان يعد المملكة من أعوان الإمبريالية. وذهب المؤتمر العمالي إلى أبعد من ذلك، إذ اتهم علي عبدالكريم بأنه طموح أكثر من اللازم ويريد أن يكون »ملكًا على الجنوب«، كما اتهم الجفري بأنه يملك امتيازًا بتروليًا في لحج منحته إياه شركة (شل) الأوروبية. وعلى الرغم من أن الاتهامين كانا غير واقعيين، فإنهما أحدثا تأثيرًا غير هين في عدن.
كما أن الرابطة فشلت أيضًا على المستوى الاجتماعي. لقد أبانت معارضة المؤتمر العمالي للرابطة عن نفور الطبقات الدنيا والمتوسطة العدنية من التعاون مع العناصر القادمة من المحميات حتى لو كان هؤلاء ينتمون إلى نفس الطبقات الاجتماعية. وعلاوة على ذلك، فإن المؤتمر العمالي الذي كان يجسد البروليتاريا المنتمية إلى المدينة وجد من الصعب عليه أن يندمج مع هيئة تنتمي إلى المحميات وتضم في صفوفها سلاطين ومسؤولين حكوميين. وكان المؤتمر العمالي يرى أن علي عبدالكريم وابن العيدروس، بالإضافة إلى فرع الرابطة في عدن، كانوا في الأساس يتقبلون النظام القائم، وأن كل همهم هو أن يزيدوا من مستوى تمثيلهم داخله، وأن يحصلوا على نصيب أكبر من خيراته. وعلى العكس من ذلك كان أعضاء المؤتمر العمالي نتاج التفاوت الاجتماعي الذي كان آخذًا في الازدياد وعلاقات العمل المتوترة في عدن؛ فلم يكونوا مهتمين أو حريصين على التعاون مع النظام القائم، أو على المشاركة في السلطة. كان هؤلاء يشعرون أنهم في قطيعة تامة مع السلطة الحاكمة، ويسعون إلى إسقاطها، ولعل هذا الموقف يفسر الاتهامات التي كانت موجهة ضد علي عبدالكريم.
وعليه فإنه في أوائل الستينيات، برز المؤتمر العمالي العدني بوصفه أقوى الهيئات السياسية في اليمن الجنوبي، خاصةً بعد أن تم إخماد الانتفاضات الموعز بها من الرابطة في عام 1960م ونفي زعمائها. وهذا الوصول للمؤتمر العمالي إلى أن تكون له الغلبة كان يشير أيضًا إلى أن العمل السياسي في عدن قد انطبع بالطابع الراديكالي. وقد كانت أنشطة المؤتمر منذ انطلاقها ذات أهداف سياسية وأهداف اجتماعية مهنية. وقد توصلت لجنة تقصي الحقائق حول إضرابات عام 1956م إلى أنها كانت نتيجة لتضافر عاملين هما: المشاكل الاجتماعية، والسياسة المتبعة من قبل الحكومة في موضوع الهجرة، اللذان أديا إلى نشوء “مظلمة شديدة” سرّعت بحدوث الإضرابات. وفي أبريل من عام 1958م انفجرت إضرابات أخرى على خلفية مشابهة، وفي مايو أعلنت السلطات حالة الطوارئ. وفي أكتوبر من نفس العام، على أثر حدوث اضطرابات، نفي مائتان وأربعون عاملًا إلى اليمن. وفي تلك الأثناء اعتقل الأمين العام للمؤتمر العمالي، ومنعت من الصدور الصحيفة الصادرة عنه التي تحمل اسم (العمل). وفي أوائل عام 1959م نظم المؤتمر العمالي إضرابات أخرى احتجاجًا على الانتخابات الوشيكة في عدن. ونتيجة لهذه الإضرابات أصيب الميناء بالشلل لمدة 48 يومًا، ومصافي البترول لمدة 34 يومًا.
4⃣
#الصراع_على_جنوب_اليمن
ترجمة
أ #نجيب_باوزير
ومما عزز أكثر فأكثر من الصبغة والتوجه (الوطني) للمؤتمر العمالي أنه في الستينيات كان خمسون في المائة من أعضائه البالغ عددهم اثنين وعشرين ألفًا ينحدرون من أصول يمنية. وبعد إقرار قانون أغسطس لعام 1960م الخاص بحظر الإضرابات، اتهم المؤتمر العمالي الإنجليز بالسعي إلى »تدمير الشخصية العربية لعدن وتحويلها إلى مدينة للأجانب… حيث إن الأجانب يجنون خيرات عدن بينما العربي… يفتقر إلى من يشفق عليه في وطنه«. وقد طالب المؤتمر العمالي بحرمان الأجانب من حق المواطنة في عدن.
وقد أعرب الأصنج والمؤتمر العمالي عن استعدادهم للتفاوض، ولكن رؤيتهم حول الوضع المستقبلي لعدن كانت متعنتة جدًّا. فقد كان من بين مطالب الأصنج: إلغاء مجلس عدن التشريعي، حل الاتحاد الفيدرالي، إشراكه هو ورفاقه في عضوية أي حكومة مؤقتة يمكن أن تشكل، وانسحاب بريطانيا من المنطقة. كان الأصنج ينظر إلى الاتحاد الفيدرالي القائم آنذاك بوصفه: »أكذوبة زائفة، وأن الذين يتحكمون فيه هم مجموعة من المستبدين الإقطاعيين المكروهين من الشعب الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم، والذين يستندون بصورة كاملة إلى تأييد الإنجليز… «، وكان يعد الأحزاب السياسية الموجودة آنذاك في عدن أحزابًا خاضعة للاستعمار، سلبية وغير قادرة أو غير راغبة في الوقوف صفًا واحدًا ضد الأجانب. قاطع المؤتمر العمالي المفاوضات المتعلقة بالبت في موضوع انضمام عدن إلى الاتحاد الفيدرالي؛ وأصر قادته على موقفهم الذي يرى أن هذا الاتحاد في حقيقة الأمر تم فرضه ضد إرادة شعب المنطقة. وفي أبريل عام 1961م زار وزير المستعمرات البريطاني، مكلاود، عدن وعقد مباحثات مع أحزاب النخبة العدنية، فقام المؤتمر العمالي بتنظيم مظاهرات حاشدة ضد هؤلاء. وعلى أثر ذلك اعتقل الأصنج لمدة قصيرة.
وبالتزامن مع استنكار المؤتمر العمالي للوضع القائم جاء اقتراحه بتشكيل حزب سياسي جديد تناط به مهمة قيادة وتوحيد القوى الوطنية في المرحلة القادمة من الكفاح. وهناك عدة أسباب دفعت إلى تقديم هذا الاقتراح؛ منها الدروس التي استفادها قادة المؤتمر العمالي من تطورات الأوضاع المشابهة في الكونغو، والجزائر، ونفوذ المؤتمر العمالي في أوساط الجماهير العدنية، والدعم المعنوي الذي كان يحظى به نشاطه من الاتحاد السوفيتي ومصر. وهكذا تأسس في فبراير من عام 1962م حزب الشعب الاشتراكي، وفي حقيقة الأمر فإن هذا الحزب كان عبارة عن بلورة للمكتب القومي الذي أنشأه المؤتمر العمالي في عام 1960م، والذي كان يرأسه محسن العيني، اليمني الشمالي ذو الاتجاه البعثي. وقد انتخب الأصنج رئيسًا لحزب الشعب الاشتراكي، وانتخب محسن العيني أمينًا عامًا له. أخذ هذا الحزب ينادي بنفس المبادئ المعهودة: الاستقلال للجنوب اليمني، والانسحاب البريطاني من كامل أراضي شبه الجزيرة العربية، والوحدة مع شمال اليمن، والتخلص من السلاطين، والإنجليز، والأحزاب السياسية العدنية، وحزب الرابطة والكف عن عدّهم ممثلين للشعب؛ وكان الأصنج يضع عقيدة البعث المتمثلة في (وحدة – حرية – اشتراكية) على رأس شعارات حزب الشعب الاشتراكي. وما لبث الحزب أن فتح فروعًا له في عدد من الدول العربية وفي لندن وطور علاقاته في هذه المواقع، وأيضًا في الدول الآسيوية والأفريقية، ثم بدأ يفكر في رفع مسألة الجنوب اليمني إلى منظمة الأمم المتحدة.
وعليه فإن السنوات الأولى من عقد الستينيات شهدت حضورًا طاغيًا للمؤتمر العمالي وذراعه السياسية حزب الشعب الاشتراكي أكثر من باقي الهيئات السياسية في الجنوب اليمني. وهناك عاملان ساهما في نيل حزب الشعب الاشتراكي تلك المكانة المتقدمة، أولهما تأييد أنصار المؤتمر العمالي الذين أبرزوه هم أصلًا إلى الوجود. وفي مقابل ذلك أيد الحزب الطبقات الدنيا في نزاعاتها الخاصة بالعمل، ودعم فكرة العروبة وشكّل تنظيمًا فعالًا يقوم على قيادة ذات خلفية ثقافية مناسبة، وعلى جماهير غير ماهرة ولكنها تخضع لهرمية مُحكمة. والعامل الثاني هو أن المؤتمر العمالي كان قادرًا على أن يؤدي أدواره التي رسمها هو لنفسه بطريقة ثورية ومنسجمة مع مبادئه، وهو شيء لم يكن معهودًا في ذلك الوقت لدى باقي الأحزاب السياسية العدنية.
وإذا أردنا أن نلخص ما تطرقنا إليه في هذا الفصل، يمكن القول إنه قد نشأت حالة ثورية في اليمن الجنوبي نتيجة للصراعات السوسيو اقتصادية والقومية والسلطوية. وتمخضت هذه الحالة بدورها عن أوضاع معينة عُدّت أنها نقاط انطلاق أو أحجار أساس للثورة. وكان لينين قد تحدث عن الإمكانيات الثورية الكامنة في المقاومة للطبقة العليا من قبل الطبقة الدنيا وجزء من الطبقة الوسطى. وعدّ فرانز فانون أن الصراع بين السيطرة الأجنبية والتطلعات القومية للاستقلال هو سبب رئيسي من أسباب الثورة. كما أن الأسس المنطقية الاستعمارية لها أيضًا دور تخريبي. وأكد A.
#الصراع_على_جنوب_اليمن
ترجمة
أ #نجيب_باوزير
ومما عزز أكثر فأكثر من الصبغة والتوجه (الوطني) للمؤتمر العمالي أنه في الستينيات كان خمسون في المائة من أعضائه البالغ عددهم اثنين وعشرين ألفًا ينحدرون من أصول يمنية. وبعد إقرار قانون أغسطس لعام 1960م الخاص بحظر الإضرابات، اتهم المؤتمر العمالي الإنجليز بالسعي إلى »تدمير الشخصية العربية لعدن وتحويلها إلى مدينة للأجانب… حيث إن الأجانب يجنون خيرات عدن بينما العربي… يفتقر إلى من يشفق عليه في وطنه«. وقد طالب المؤتمر العمالي بحرمان الأجانب من حق المواطنة في عدن.
وقد أعرب الأصنج والمؤتمر العمالي عن استعدادهم للتفاوض، ولكن رؤيتهم حول الوضع المستقبلي لعدن كانت متعنتة جدًّا. فقد كان من بين مطالب الأصنج: إلغاء مجلس عدن التشريعي، حل الاتحاد الفيدرالي، إشراكه هو ورفاقه في عضوية أي حكومة مؤقتة يمكن أن تشكل، وانسحاب بريطانيا من المنطقة. كان الأصنج ينظر إلى الاتحاد الفيدرالي القائم آنذاك بوصفه: »أكذوبة زائفة، وأن الذين يتحكمون فيه هم مجموعة من المستبدين الإقطاعيين المكروهين من الشعب الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم، والذين يستندون بصورة كاملة إلى تأييد الإنجليز… «، وكان يعد الأحزاب السياسية الموجودة آنذاك في عدن أحزابًا خاضعة للاستعمار، سلبية وغير قادرة أو غير راغبة في الوقوف صفًا واحدًا ضد الأجانب. قاطع المؤتمر العمالي المفاوضات المتعلقة بالبت في موضوع انضمام عدن إلى الاتحاد الفيدرالي؛ وأصر قادته على موقفهم الذي يرى أن هذا الاتحاد في حقيقة الأمر تم فرضه ضد إرادة شعب المنطقة. وفي أبريل عام 1961م زار وزير المستعمرات البريطاني، مكلاود، عدن وعقد مباحثات مع أحزاب النخبة العدنية، فقام المؤتمر العمالي بتنظيم مظاهرات حاشدة ضد هؤلاء. وعلى أثر ذلك اعتقل الأصنج لمدة قصيرة.
وبالتزامن مع استنكار المؤتمر العمالي للوضع القائم جاء اقتراحه بتشكيل حزب سياسي جديد تناط به مهمة قيادة وتوحيد القوى الوطنية في المرحلة القادمة من الكفاح. وهناك عدة أسباب دفعت إلى تقديم هذا الاقتراح؛ منها الدروس التي استفادها قادة المؤتمر العمالي من تطورات الأوضاع المشابهة في الكونغو، والجزائر، ونفوذ المؤتمر العمالي في أوساط الجماهير العدنية، والدعم المعنوي الذي كان يحظى به نشاطه من الاتحاد السوفيتي ومصر. وهكذا تأسس في فبراير من عام 1962م حزب الشعب الاشتراكي، وفي حقيقة الأمر فإن هذا الحزب كان عبارة عن بلورة للمكتب القومي الذي أنشأه المؤتمر العمالي في عام 1960م، والذي كان يرأسه محسن العيني، اليمني الشمالي ذو الاتجاه البعثي. وقد انتخب الأصنج رئيسًا لحزب الشعب الاشتراكي، وانتخب محسن العيني أمينًا عامًا له. أخذ هذا الحزب ينادي بنفس المبادئ المعهودة: الاستقلال للجنوب اليمني، والانسحاب البريطاني من كامل أراضي شبه الجزيرة العربية، والوحدة مع شمال اليمن، والتخلص من السلاطين، والإنجليز، والأحزاب السياسية العدنية، وحزب الرابطة والكف عن عدّهم ممثلين للشعب؛ وكان الأصنج يضع عقيدة البعث المتمثلة في (وحدة – حرية – اشتراكية) على رأس شعارات حزب الشعب الاشتراكي. وما لبث الحزب أن فتح فروعًا له في عدد من الدول العربية وفي لندن وطور علاقاته في هذه المواقع، وأيضًا في الدول الآسيوية والأفريقية، ثم بدأ يفكر في رفع مسألة الجنوب اليمني إلى منظمة الأمم المتحدة.
وعليه فإن السنوات الأولى من عقد الستينيات شهدت حضورًا طاغيًا للمؤتمر العمالي وذراعه السياسية حزب الشعب الاشتراكي أكثر من باقي الهيئات السياسية في الجنوب اليمني. وهناك عاملان ساهما في نيل حزب الشعب الاشتراكي تلك المكانة المتقدمة، أولهما تأييد أنصار المؤتمر العمالي الذين أبرزوه هم أصلًا إلى الوجود. وفي مقابل ذلك أيد الحزب الطبقات الدنيا في نزاعاتها الخاصة بالعمل، ودعم فكرة العروبة وشكّل تنظيمًا فعالًا يقوم على قيادة ذات خلفية ثقافية مناسبة، وعلى جماهير غير ماهرة ولكنها تخضع لهرمية مُحكمة. والعامل الثاني هو أن المؤتمر العمالي كان قادرًا على أن يؤدي أدواره التي رسمها هو لنفسه بطريقة ثورية ومنسجمة مع مبادئه، وهو شيء لم يكن معهودًا في ذلك الوقت لدى باقي الأحزاب السياسية العدنية.
وإذا أردنا أن نلخص ما تطرقنا إليه في هذا الفصل، يمكن القول إنه قد نشأت حالة ثورية في اليمن الجنوبي نتيجة للصراعات السوسيو اقتصادية والقومية والسلطوية. وتمخضت هذه الحالة بدورها عن أوضاع معينة عُدّت أنها نقاط انطلاق أو أحجار أساس للثورة. وكان لينين قد تحدث عن الإمكانيات الثورية الكامنة في المقاومة للطبقة العليا من قبل الطبقة الدنيا وجزء من الطبقة الوسطى. وعدّ فرانز فانون أن الصراع بين السيطرة الأجنبية والتطلعات القومية للاستقلال هو سبب رئيسي من أسباب الثورة. كما أن الأسس المنطقية الاستعمارية لها أيضًا دور تخريبي. وأكد A.