اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#سبتمبر_المجيد

الطريق إلى 26 سبتمبر العظيم
د . كمال البعداني

د كمال البعداني بينما كان الطبيب الإيطالي ينفث الدخان بشراهة وبجانبه بعض الأطباء والممرضين خارج غرفة الإمام أحمد حميد الدين والذي كان يضارب سكرات الموت في قصره بمدينة تعز خرج إليه الممرض مسرعا ليخبره أن الإمام قد زفر زفرتا قويه ومال براسه إلى جنب فأسرع الأطباء إلى الداخل وحاولوا إجراء عملية إنعاش لقلب الإمام ولكن دون فائدة فادركوا انه قد لفظ انفاسه الأخيرة في هذه الحياة كان ذلك يوم الأربعاء 19 سبتمبر 1962م وعقارب الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلة الخميس 20 سبتمبر لذلك وصل من تعز صباح الخميس كل من السيد عبدالله عبد الكريم صهر الإمام أحمد ومعه العقيد أحمد الآنسي رئيس الشعبة العسكرية في تعز واللذان ابلغا البدر بوفاة أبيه بصورة سرية ( والملاحظ أن التكتم كان واضحا في خبر موت الإمام فقد كانت الأسرة تعرف أن هناك نية لعمل شي من قبل الجيش ولذلك لم تعلن إذاعة صنعاء خبر وفاة الامام إلا قرب ظهر الخميس 20 سبتمبر بعد أن تم أخذ كل الاحتياطات ) عاد وفد تعز إلى تعز لإحضار (الجثمان ) . وأثناء ذلك قام البدر بدعوة الحكومة للانعقاد وقد حضر الجلسة الأمير سيف الإسلام علي ابن الإمام يحي والذي قام بنعي الإمام أحمد والدعوة إلى بيعة ولي العهد محمد البدر اماما وملكا على اليمن وقد تمت البيعة من الحاضرين جميعا . وبعدها خرج الجميع إلى المطار لا ستقبال جثمان الإمام وإجراء مراسيم الدفن وهنا دعوني انقل لكم الحوار الذي دار على حافة قبر الإمام بين كل من القاضي الإرياني والسيد محمد يحي الذاري كما اورده الإرياني في مذكراته يقول ( وقفنا موقف العبرة وقال لي الذاري أرأيت ذلك الرجل الرهيب الذي كان يخافه كل ابن الشعب والذي اطاح بالرؤوس واخضع القبائل واهان رؤساء العشائر هاهو بين أيدينا جثة هامدة لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ؟ فقلت له إنها الدنيا وسنة الحياة. فقال لي كيف شعورك اليوم نحوه؟ فقلت له إنه شعور المشفق فقال هل تسمح لنفسك الآن بالمسامحة ؟ فقلت نعم ولكن ماذا يجديه أن اسامحه وانت تعرف ما جرى لهذا الشعب من ويلات على يديه . وكم أخوة وزملاء ممن قطعت رؤوسهم بحد السيف لمجرد انهم طالبوا بالإصلاح إنهم ينتظرونه هناك وفيهم السيد حسين الكبسي ذلك الرجل الذي كان خيرا كله وفيهم وفيهم وفيهم . فدمعت عينا السيد الذاري رحمه الله اشفاقا ) هذا هو حوار الإرياني مع الذاري على حافة قبر الإمام أحمد رحمهم الله جميعا . ومن المعلوم أن الذي قام بتغسيل الإمام أحمد هو ا محمد المروني شقيق الأستاذ المناضل أحمد حسين المروني وذكر في كتابه ( الخروج من النفق المظلم ) أن أخاه قال له كنت وانا أقوم بتغسيل الإمام اقول في نفسي معقول هذا الرجل الذي كان يهابه الجميع أصبح جثة بين يدي ؟...اما استقبال خبر موت الإمام أحمد في عدن فقد حدثنا الشيخ سنان أبو لحوم والذي كان هاربا من الإمام في عدن حدثنا في مذكراته أن السلطان فضل العبدلي سلطان لحج قد استقبل الشيخ سنان في بيته بمدينة عدن والذي اخبره بقرار السلطات البريطانية في المستعمرة أن الشيخ سنان شخص غير مرغوب به في عدن وعليه مغادرة المدينة في مدة اقصاها 25 سبتمبر وقد شكل هذا الخبر صدمة كبيرة للشيخ سنان فهو لا يستطيع العودة إلى الشمال ولا يتحمل الغربة في الخارج وقد خيره السلطان بالخروج إلى لحج أو البقاء في دار سعد وقد خرج الشيخ سنان من بيت السلطان وهو في هم وحزن ويفكر بالمصير وبينما كان يمر بجوار قصر الجزيرة شارد الذهن ناداه أحد التجار واخبره بوفاة الإمام أحمد غير أن الشيخ سنان لم يأخذ الأمر بجدية وأعتقد ان الرجل يمزح معاه غير أنه طلب منه ان يقترب ويسمع الخبر من الإذاعة يقول الشيخ سنان أن كل ثانية كانت تمر عليه كالدهر وهو يستمع إلى تلاوة من القرآن الكريم وبعد دقائق سمع المذيع يقول ( بعد حمد الله وشكره على قضائه وقدره انتقل مولانا أمير المؤمنين وسيد المسلمين ) وهنا بكى من الفرح وعاد مسرعا ليخبر صديقه السلطان بالخبر ...يقول الإرياني في مذكراته بينما كنا صباحا في دار الضيافة بصنعاء فإذا بنا نفاجأ بوصول وصل من تعز صباح الخميس كل من السيد عبدالله عبد الكريم صهر الإمام أحمد ومعه العقيد أحمد الآنسي رئيس الشعبة العسكرية في تعز واللذان ابلغا البدر بوفاة أبيه بصورة سرية ( والملاحظ أن التكتم كان واضحا في خبر موت الإمام فقد كانت الأسرة تعرف أن هناك نية لعمل شي من قبل الجيش ولذلك لم تعلن إذاعة صنعاء خبر وفاة الامام إلا قرب ظهر الخميس 20 سبتمبر بعد أن تم أخذ كل الاحتياطات ) عاد وفد تعز إلى تعز لإحضار (الجثمان ) . وأثناء ذلك قام البدر بدعوة الحكومة للانعقاد وقد حضر الجلسة الأمير سيف الإسلام علي ابن الإمام يحي والذي قام بنعي الإمام أحمد والدعوة إلى بيعة ولي العهد محمد البدر اماما وملكا على اليمن وقد تمت البيعة من الحاضرين جميعا . وبعدها خرج الجميع إلى المطار لا ستقبال جثمان الإمام وإجراء مراسيم الدفن وهنا دعوني ا
#سبتمبر_المجيد

الطريق إلى ( 26 ) سبتمبر العظيم
د كمال البعداني

ذكرنا في ان البرقية التي أعدت لارسالها من الإمام البدر بعد موت الإمام أحمد إلى الملك سعود كانت تعطي معنى التبعية والولاء عكس البرقية التي أعدت لترسل إلى عبد الناصر . وهنا اقترح القاضي الإرياني الذي كان وزير دولة في الحكومة التي شكلها البدر قبل موت أبيه اقترح تعديل البرقية التي إلى الملك سعود بحيث تتفق مع ما يحرصون عليه من سيادة اليمن . كما اقترح كذلك تعديل البرقية التي لعبد الناصر بحيث تكون متميزه وفيها وعود بإنتهاج سياسة جديدة . غير أن اقتراح الإرياني قوبل بمعارضة شديدة من قبل معدي البرقيات . ومن الطبيعي أن يصل هذا الكلام إلى البدر .. في اليوم الثاني الذي يصادف 22 سبتمبر جاء الإمام (البدر ) إلى الجلسة والغضب واضح عليه كما ذكر ( الإرياني ) في مذكراته . وقد افتتح البدر الجلسة وقال هناك من يريدني أن اشتري عرشي من عبد الناصر او من غير عبد الناصر واني احذرهم وأقول لهم ليس لدي إلا السيف. . الإرياني فهم انه المقصود بكلام البدر وقد هم بالرد ولكن الدكتور ( عدنان ترسيسي ) وهو من اصل لبناني وكان يعمل كمستشار لدى الحكومة اليمنية . وقف وقال نحن نريد مصلحة العرش ولا نريد أن يشتري الإمام عرشه من أحد ولكن كما تعلمون ان لمصر التأثير الكبير في اليمن وفي جميع الدول العربية . ونريد أن تكون لليمن مع مصر علاقة حسنة.. وقد شكل موقف البدر هذا صدمة للارياني وغيره لتنكره لما كان يقول من قبل انه يريد الانفتاح والتعاون مع الأحرار ومع مصر... كان التفكير لدى الأحرار يزداد قوة بتعجيل الثورة خشية انكشاف الأمر وكانت هناك مؤشرات على ذلك . سفير مصر في صنعاء الأستاذ ( محمد عبد الواحد ) كان يحرض الضباط على التعجيل بالثورة وان البدر قد اكتشف المؤامرة واصبحت كل الأسماء معه . وإذا لم يعجلوا بالثورة فمصيرهم السجن أو الموت. وكان يوعدهم بوقوف مصر معهم عند قيامهم بالثورة . وفي الوقت الذي كان السفير يقول ذلك للأحرار كان أيضا يقول للبدر إنها بلغته إشاعة عن أعداد لثورة وان عليه أن يكون حذرا. وهو بذلك يريد أبعاد التهمة عن مصر في حال فشلت الثورة كما ذكر ذلك العميد ( صالح الاشول ) أحد الضباط الأحرار في كتابه ( حقائق ثورة سبتمبر اليمنية ) وهكذا هي السياسة . كل هذه الاعتبارات شكلت ضغوط على الضباط الأحرار الذين كانوا قد كلفوا كل من العميد أحمد الرحومي والعميد صالح الرحبي بالسفر إلى الحديدة لمقابلة الزعيم ( حمود الجائفي ) والطلب منه قيادة الثورة فقد كان الضباط يحرصون أن تكون على رأس الحركة شخصية معروفة لدى الجيش.. لكن الجائفي اعتذر عن ذلك رغم أنه بارك خطواتهم . الأستاذ أحمد المروني التقى اليوم في ميدان التحرير بالبطل علي عبد المغني وقال له بحذر.. ماذا وراءك ياعزيزي ؟ فرد عليه باقتضاب إنكم قد اديتم الواجب وتحملتم محنة الانتكاسة في 1948م وعلينا اليوم أن نؤدي الواجب وان نتحمل تبعة ما سنقوم به . فقال له المروني اسالونا فقد جربنا الخطأ.. فرد عليه علي عبد المغني لقد درسنا كل الاحتمالات وعلى الله التوكل. . فما كان من المروني إلا أن قال اعانكم الله ونحن شركاؤكم. ( الخروج من النفق المظلم للمروني ) .. هذه الثقة المتبادلة وهذا الحوار الخطير الذي جرى بين البطلين ممكن ان تطيح فيه رؤوس ويكون له تبعات خطيرة فيما لو تسرب . لكنه 26 سبتمبر الذي اختفت فيه العرقية والقبلية والمناطقية لتظهر اليمن ولا شيء غير اليمن... وعلى الصعيد الشعبي توافد الكثير من مشايخ القبائل إلى مدينة صنعاء بهدف مبايعة البدر.. ولكنهم قبل أن يتوجهوا إلى (دار البشائر ) مقر الإمام عقدوا إجتماعا موسعا تم فيه تحرير صيغة المبايعة . ولأول مرة في تاريخ اليمن تكون مبايعة المشايخ للإمام مشفوعة بمطالب عامة لبناء مدارس ومستشفيات وتحسين أحوال في مختلف المجالات.. وقد كلف الجميع الشيخ علي عبد الله القوسي بقراءة الكلمة وما ارفق بها من مطالب أجمع المشايخ على تقديمها للإمام الجديد عند المبايعة .. كيف قوبلت هذه المطالب؟ وما الذي حدث في يوم 23 سبتمبر ؟ #كمال_البعداني
#سبتمبر_المجيد
الطريق إلى يوم (26) سبتمبر العظيم الحلقة
د كمال البعداني

توافد الكثير من المشايخ كما ذكرنا من قبل لمبايعة الإمام البدر بعد موت أبيه ولكنهم هذه المرة شفعوا بيعتهم بمطالب لإصلاح البلاد . توجه المشايخ إلى بيت حسن بن إبراهيم (وزير الخارجية ) والذي كلفه البدر بمهمة استقبال المشايخ وأخذ البيعة منهم وقد رحب بهم في البداية ثم أراد ان يستمع منهم إلى المبايعة وهو بالطبع يعتقد انها لن تخرج عن ماهو معتاد من الخضوع التام والتعبير عن الولاء المطلق وافتداء الإمام بالمال والنفس والولد .. ولكن الوزير حسن بن إبراهيم فوجئ بلهجة جديدة ومفاهيم متحررة غير معهودة. فارتجت اعصابه عندما بدا الشيخ علي عبد الله القوسي يسرد المطالب فقاطعه بغضب وقال له من أين لك هذا الكلام العجيب؟ وهل كل المشايخ قد فقدوا صوابهم ونسوا أن مثل هذه الأمور لاتعنيهم؟ وهل مسهم الجنون حتى يوافقوا على هذا ؟ وقد حاول بعض المشايخ التخلص مما طرح القوسي بعد أن وجه الوزير نظراته إليهم .. ولكن الشيخ القوسي وقف بشجاعة وقال انها مطالب شعبيةعادلة ينتظرها الشعب اليمني كله وهي متفق عليها من المشايخ بالإجماع. .. فما كان من الوزير إلا أن وجه إنذارا إلى القوسي بترك ( الحدة وقلة الأدب ) والا فهو يعرف جزاء من يتطاول .. وهكذا انتهت المقابلة دون أن يبايع المشايخ . العميد صالح الاشول (حقائق ثورة سبتمبر اليمنية ) .وقد اختفى القوسي بعد أن صدر أمر باعتقاله مع عدد من المشايخ. فقد اعتقل الشيخ عبد الوهاب دويد. . وعبد الولي القيري وآخرين من الذين أظهروا حماسهم أثناء المقابلة . كان البعض من المشايخ على علم أنه يتم الأعداد لثورة من قبل الجيش لذلك ما أن خرجوا من تلك المقابلة العاصفة دون أن يبايعوا الإمام الجديد حتى تواصلوا بعدد من الضباط الأحرار لتداول الرأي في الوضع واستعدادهم للعمل من أجل التغيير . وقد وافق تنظيم الضباط على ذلك وتم تكليف علي عبد المغني وصالح الاشول بإجراء حوار مع عدد محدد من المشايخ كان منهم .علي عبد الله أبو لحوم. . علي عبدالله القوسي. محمد أحمد الحباري... محمد علي الرويشان. . محمد عبد الله مناع.. محمد القيري. .(المصدر السابق للاشول )) .. لجنة تنظيم الضباط اعادت المحاولة مع الزعيم حمود الجائفي لتزعم الثورة فارسلت الرحومي وجزيلان إلى الحديدة (حيث عمل الجائفي )ولكنه كرر الرفض مع استعداده لدعم أي تحرك .. وهنا استقر الأمر على الزعيم السلال لقيادة الثورة وتم تكليف القاضي عبد السلام صبرة بالتواصل معه. عبد السلام صبرة بدوره ذهب إلى القاضي الإرياني في دار الضيافة واخبره ان الأيام القريبة ستلد ثورة.. وكان الإرياني كما قال في مذكراته يعرف أن الشباب يعدون للثورة من قبل وفاة الإمام أحمد ولكنه لا يعرف موعد التنفيذ.. ولما كان الإرياني صاحب تجربه. فقد كانت تدور في رأسه تجربة ثورة 1948م التي فشلت وكلفت اليمن غاليا من خيار رجالها وقادتها كما كلفتهم سنوات في سجن نافع مع اللصوص وقطاع الطرق. كذلك ثورة 1955م . لهذا كان الإرياني حذرا ومتوجسا خوفا من فشل آخر تبتر فيه رؤوس وتفقد اليمن عدد آخر من رجالها... فقد قال لعبد السلام صبرة هل أخذ الضباط كل الاحتياطات للنجاح؟ فقال له لا أدري. فنصح الإرياني بالتريث والإعداد الجيد بحيث تكون نسبة النجاح 60% على الأقل وأي مغامرة يجب أن يقفوا ضدها هكذا كان رأي الإرياني لعبد السلام صبرة . غير أن جزيلان ومحمد الاهنومي قد ابلغاه في نفس الليلة أن التأجيل قد أصبح يشكل خطر القضاء على كل الأحرار والضباط الشباب لأن احدهم قد نقل الخطة كاملة إلى القاضي محمد الشامي محافظ صنعاء لذلك المسألة مسألة سباق والبادئ هو المنتصر. . ثم طلبا منه التوجه إلى تعز للإضطلاع بالأمور هناك بالتعاون مع الضباط الموجودين هناك . تعز كانت لها نفس أهمية صنعاء فقد كانت عاصمة الإمام أحمد وفيها حرسه الخاص وعدد كبير من الجيش والآليات . كان الإرياني يخشى من عدم موافقة البدر له بالسفر إلى تعز .. فماهو العذر الذي قدمه للبدر وماذا اشترط عليه البدر ؟؟ هذا ما سوف نعرفه يوم غدا إن شاء الله مع بقية الأحداث في الحلقة الخامسة من الطريق إلى 26 سبتمبر العظيم . نحن نقترب من الساعات الحاسمة لفجر أيلول المجيد. ..#كمال_البعداني
#سبتمبر_المجيد
الطريق إلى يوم (26)سبتمبر العظيم
د كمال البعداني

تم تكليف القاضي الإرياني من قبل قيادة الضباط الأحرار بالسفر إلى تعز للتعاون مع الضباط هناك حين إندلاع الثورة في صنعاء كما ذكرنا سابقا . ذهب القاضي إلى ( المقام ) وتقدم بطلب بالسماح له بالسفر على الطائرة إلى تعز بسبب مرض ابنه الصغير ( وكان فعلا مريض ) حسب مذكرات الإرياني. البدر الذي كان متوجسا بل إنه قد وصل إلى شبه اليقين أن هناك عمل كبير يتم التجهيز له من قبل الضباط. تردد بالسماح للارياني بالسفر إلى تعز ولكنه عاد للموافقة واشترط أن تكون هذه الزيارة لمدة أربعة أيام فقط . وقد سافر الإرياني إلى تعز وظل هناك حتى قامت الثورة. . من جانب آخر فقد عكفت قيادة تنظيم الضباط الأحرار على وضع أهداف محددة لخطة الهجوم والاستيلاء على السلطة. فقد كان من الضروري أن يتم الاستفادة من التجارب السابقة . ولكي يستفيد التنظيم قدر الإمكان من قواته المحدودة لخوض معركة حاسمة في وضعية صعبة وغير متكافئة لذلك حدد تنظيم الضباط اهدافا أربعة للخطة .وهذه الأهداف كما وضحها العميد ( صالح الاشول )في مذكراته هي
1-السيطرة على جميع المواقع الاستراتيجية في كل من صنعاء وتعز والحديدة وحجة
2-ضرب حصار محكم على مقر الإمام البدر (دار البشائر )
3-مواجهة الإمام البدر بالقوة واحتلال (دار البشائر )اذا رفض التسليم
4-اعتقال جميع العناصر الإمامية الرئيسية في المدن السالفة الذكر
ذكرنا سابقا ان البدر كان على يقين بقدوم الثورة . لهذا كان يكرر الأسئلة على كل من العميد الضبي وقائد حرسه الزعيم السلال ويخبرهم بما يصل إليه وأنه قرر أن يضرب ضربته سواء اجابوا عليه بما يؤيد شكوكه أو ينفيها.. فكان جواب السلال عليه بأن جميع أنصار عمه ( الحسن ) قد دخلوا إلى صنعاء ومعهم الأمراء الصغار من بيت حميد الدين ولذلك لم يبق معه (البدر ) غير أولئك الضباط والمشايخ الذين ربطوا مصيرهم بمصيرة . فكان جواب البدر للسلال والضبي أنتما المسؤلان عن هذا الكلام اذا حدث عكسه . ولن اتهاون بعد الآن اذا ظهر غير هذا....السلال في ( وثائق أولى عن الثورة اليمنية )....قد يتساءل الكثير عن سبب عدم قيام البدر بضربته قبل تفجير الثورة رغم كل المعلومات المتوفرة لديه والتي تصل إلى حد اليقين؟ الواقع أن التنافس بين البدر وعمه الحسن كان له دور كبير في الأمر . رغم مبايعة البدر من الحسن ( المتواجد آن ذاك في نيويورك ) وكذلك انصاره إلا أن الإمام البدر كان يشك في نواياهم وفي محاولة منه لكسبهم حاول في أسبوع خلافته أن يسلم لهم كل شيء وان يجعلهم المتحدثين بإسمه. وفاة الامام احمد فجأة قد خفف مؤقتا من حدة التنافس على السلطة وفرض اوضاعا قلقة وارتباك لدى جميع الأطراف في الأسرة المالكة. كل هذا جعل من الصعب على الإمام البدر القيام بأي خطوة ضد القوى الوطنية في الأسبوع الأول من إمامته. وهذه الظروف ساعدت قوى الثورة على التحرك في غفلة من الجميع.. هناك عامل آخر وهو المهم فإن الله تعالى كان قد اذن بزوال حكم بيت حميد الدين .. وكما يقال اذا نزل القدر عمي البصر. كان عامل الوقت يشكل ضغط شديد على قيادة الضباط الأحرار فأي تأخير ستكون عواقبه وخيمة لذلك تم الاقتراح أن تكون الثورة يوم الثلاثاء غير أنه بعد تدارس الأمر من جميع النواحي تم التأجيل إلى يوم الخميس. . يوم غدا إن شاء الله سنكون مع تفاصيل ليلة التحرك كما وضعتها قيادة تنظيم الضباط الأحرار ... نحن نقترب من ساعة الصفر نحن نقترب من ساعة ليست كبقية الساعات في حياة شعبنا اليمني ..
#سبتمبر_المجيد

الوجه الأخر للثورة
قول مالم يقال؟؟؟!!!

دراســة:
الدكتور
حسـن علـي مجلـي
أستاذ علوم القانون الجنائي - جامعة صنعاء
الإهـــــداء
إلى رواد التصالح والتسامح، ودعاة وأنصار العدالة الانتقالية وأصحاب (الحوار الوطني) ودعاة (الدولة المدنية - الديمقراطية الحديثة)، أقدم هذه المساهمة المتواضعة على درب بناء يمن خال من الاغتيالات والمحاكمات الصورية والإعدامات الجماعية والتهم الملفقة والإخفاء القسري تحت أي مسمى وبواسطة أيٍّ كان.

تمهيــــد :
اختار حكام اليمن شمالاً وجنوباً منذ انقلاب (26 سبتمبر 1962م) وانتفاضة (14 أكتوبر 1963) المسلحة، الإعدامات الجماعية وتلفيق الاتهامات والاغتيالات وتزييف التاريخ والمحاكمات الصورية والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري ... الخ، وكل جرائم إرهاب الدولة ومحظورات الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، وسيلة سهلة وطريقاً مختصراً لبسط سيطرتهم وتحقيق أطماعهم الشخصية ومطامعهم الخاصة في المال والجاه ولتدعيم حكمهم والتخلص من خصومهم ومعارضيهم وأعدائهم، وكأن مسلسل القتل خارج إطار المحاكمات المستوفاة العادلة هو أداة التغيير الوحيد( ).
لقد جرى اغتيال عدد من رؤساء الجمهوريتين اليمنيتين ودونت الجريمة في عدد منها ضد (مجهول)، وهذا أمر لا يوجد في التاريخ القديم والحديث مثيل في كافة أنحاء العالم.
وجرى ويجري قتل واغتيال العديد من المواطنين والمواطنات والأجانب الأبرياء في اليمن تحت مختلف الرايات والمسميات وبمختلف الذرائع، كذلك اختارت القوى السياسية المتقاتلة في بعض الفترات التاريخية الاغتيال وسيلتها للقضاء على معارضيها وخصومها ومن تتوهمهم كذلك.
ولكن محصلة ذلك كله كان وما زال هو سلسلة الثأر الدموية التي صبغت اليمن بلون الدم والدمار، فالقتل يجر إلى مثيله، وقد ثبت، تاريخياً، بطلان هذا السبيل الدموي الإرهابي وقَرَّ في الأذهان أنه يشكل على المدى البعيد تدميراً مادياً ومعنوياً للأوطان والشعوب مهما حاول الحكام وأعوانهم تزييف الوعي بالتاريخ وتحريفه وأياً كانت المبررات التي يسوغون بها ممارساتهم الإرهابية يجب أن يذهب إلى غير رجعة زمن الاغتيالات والمحاكمات الصورية والتهم الملفقة والإعدامات الوحشية دون ذنب أو محاكمة.
ويكفي لإثبات ذلك ما نراه اليوم من محاولات معظم (الضباط الأحرار) وحلفائهم من (مشائخ القبائل) التخلص في مذكراتهم وتصريحاتهم من مسئولية القتل الجماعي والاغتيالات والتعذيب وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية كذا المحاكمات الصورية ... الخ، حيث يحاول كل طرف إلقاءها على كاهل الطرف الآخر وذلك للتحلل من آثارها الخطيرة المدمرة وطابعها الوحشي المقيت والمحظور والمدان محلياً وعربياً وعالمياً.
يا هؤلاء وأولئك : بدلاً من انتهاج درب الإرهاب الدموي وطريق الاغتيالات الموحش والمظلم يجب على كل ذوي الشأن سلوك سبيل سيادة القانون والمحاكمات العادلة والكف عن التخلص من المعارضين بارتكاب الاغتيالات الفردية والقتل الجماعي وغير ذلك من الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، مع ضرورة التأكيد بأن كل من قُتِل دون ذنب أو محاكمة مستوفاة وعادلة فهو شهيد.
إننا بهذه الدراسة الموجزة التي تشمل النصف الثاني من القرن العشرين والعقدين الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين، نأمل أننا قد بدأنا الخطوة الأولى في مسار تصحيح التاريخ اليمني وتخليصه من الزيف والادعاءات الكاذبة والبطولات الوهمية، وخاصة في أهم وأعظم المجالات وهي: الحق في الحياة وعصمة الدماء البشرية وتحكيم القضاء العادل المحايد والشريعة والقانون في حل المنازعات السياسية بين كافة (الأطراف المعنية في اليمن)( ).


الشهداء الملكيون

تمهيـــد :
في 26 ، 27 سبتمبر 1962م قام قادة الانقلاب ضد حكم الإمام (محمد البدر) ابن الإمام (أحمد يحيى حميد الدين) بقتل ما يزيد عن (سبعين) قاضياً وفقيهاً وعالماً وإدارياً قيادياً دون ذنب ومن غير محاكمة، وتم رمي جثثهم في حفرة كبيرة في منطقة (خزيمة) (نادي الضباط)، وكان من بين مَن تم إعدامهم القاضي العلامة (يحيى علي الشهاري) رئيس الاستئناف، والأمير المثقف التقدمي الثائر (الحسن بن علي) وأبيه الأمير المثقف الشاعر (علي بن يحيى حميد الدين) والقاضي العلامة (زيد يحيى عقبات) وغيرهم ممن تم إيراد عدد منهم في هذه الدراسة.

القاضي الشهيد :
(رصاصة القَدَر) :
يروي رئيس الجمهورية السابق المشير (عبدالله السلال) عن عملية قتل رئيس الاستئناف:
قلت للزملاء: ولماذا لا نرسل لرئيس الاستئناف (الشهيد يحيى عباس الشهاري)، من يستدعيه باسم (البدر) ونوصله إلينا ونحتجزه ثم نعلن بأنه أعدم؟ وما دام الجمع المحتشد الآن حولنا من أهل صنعاء، فأنا كفيل بهم لما اشتهر عنهم من إطلاق الإشاعات والإرجاف فإنهم سوف يبالغون في القصة ويزيدون عليها، وهذه سنّة جبلوا عليها من قبل مئات السنين. وقد قال عنهم المؤرخ الكبير (أبو الحسن الهمداني) قبل ألف سنة (ما رأيت كأهل صنعاء يرجفون على أنفسهم)، ويظهر أن
#سبتمبر_المجيد

تنظيم الضباط الأحرار والتخطيط لانطلاقة ثورة 26 سبتمبر

اللواء / علي قاسم #المؤيد :

قبل الدخول في موضوع تنظيم الضباط أود أن أعطي صورة مبسطة عن أوضاع الضباط قبل أن يكونوا ضباطاً في أواخر الخمسينيات أي ما بعد حركة 1955م في تعز، لأنّ إيراد هذه الصورة سيساعد كثيراً على فهم تنظيم الضباط والعوامل التي ساعدت على قيام ذلك التنظيم :

1 - ساحة شرارة أو ما يسمى بميدان التحرير في صنعاء :

- هذا الميدان كان على جوانبه أو قريباً من أربع مدارس هي :

- المدرسة العلمية وتدرس بها العلوم الشرعية.

- المدرسة الثانوية ومنهاجها الدراسي تدريس مواد المدرسة الثانوية على نحو متدنٍ وضعيف.

- المدرسة التحضيرية وهي كالمدرسة الثانوية.

- المدرسة المتوسطة : وتعني مرحلة إعدادية :

لكنها من الناحية العملية دون الإعدادية بكثيرٍ نظراً للمواد العلمية التي تُدرَّس فيها .. ولن أدخل في تفاصيل حول مستويات الدراسة والمدرسين والمناهج الدراسية والأدوات التعليمية وبصفة إجمالية كان الوضع متخلفاً جداً جداً.. من جميع النواحي.

2 - كان يُدرس في تلك المدارس ما بين 400 - 500 طالب كأعلى تقدير، 90 % منهم يعيشون في الأقسام الداخلية، أي أنهم يسكنون ويعيشون ويدرسون في المبنى نفسه الذي يدرسون فيه.

وتوفر لهم الدولة الفراش والدفاء والخبز والإدام على نحوٍ متواضع، تظل المعدة به مرتاحة طوال اليوم، ولكنها تشكو الفراغ من العمل.

ولكي ينتسب الطالب إلى أيٍ من المدارس لابد أن يحصل على موافقة ملكية من الإمام، أو نائبه في صنعاء.. بعد أن يقدم الشهادات العادلة والموثقة بأنّه فقير ومُعدم أو يتيم وفقير ولا يوجد في أسرته من ينفق عليه.. وشرط اليتم أو الفقر أو هما معاً كان المؤهل المطلوب لتكفل الدولة إسكان الطالب وإعاشته ومصروفاً شهرياً أقصاه 3 ريالات.

وكان يوجد عدد من الطلاب لا تتوافر لهم الشروط ويدرسون من دون مقابل.

3 - فائض الوقت :

الـ 24 ساعة في اليوم كانت أكثر بكثير من الوقت الذي يحتاجه الطالب لإكمال عمله اليومي، لهذا السبب فقد وجد الطلاب متسعاً من الوقت للتعارف والصداقات والتجمعات وسماع الروايات عن أحوال البلاد والعباد وما يعانيه المواطن في كسب رزقه وصحته وتعليمه، كذلك تسقط الأخبار عن أحوال الدول الأخرى والاستماع إلى راديو صوت العرب ولندن وخطابات عبدالناصر وأغاني أم كلثوم وفريد الأطرش وعبدالوهاب وغيرهم.. كما كان الطلاب يحصلون على بعض المنشورات أو الصحف المصرية أو الكتب الأدبية، ولأنّ المستقبل ما كان يعدهم بشيء لا وظيفة ولا منحة دراسية لاستكمال التعليم في الخارج أو حتى الأمل في الزواج وبناء أسرة خاصة، وأعمارهم ما بين العشرين إلى الثلاثين، فقد كانوا يجنحون إلى اليأس المقيت، أو الخيال الكاذب، ويتسلون أحياناً باللعب أو بتبادل الحديث فيما يعنيهم وما لا يعنيهم، وكانت تغريهم أحياناً كلمات الأناشيد "نحن الشباب لنا الغد" وكان كل طالب على معرفة بالآخر في مدرسته أو المدرسة الأخرى.

4 - العدوان الثلاثي على مصر أو ما يسمى معركة بورسعيد سنة 1956م :

في هذا العدوان خرج كل الطلاب في مظاهرة كبيرة زاخرة بالحماس القومي، وقدموا أنفسهم إلى السفارة المصرية متطوعين في الدفاع عن مصر والأمة العربية، غير أنّ هذا العدوان انتهى بضغط من أمريكا والاتحاد السوفيتي وكان النشيد "انتصرنا انتصرنا" ثمّ تلت هذه المظاهرة مظاهرة أخرى، خرج الطلاب وغادروا أسوار العاصمة واعتصموا ثلاثة أيام خارجها، وتمّ التصالح مع الحسن بن علي وزير المعارف على سجن ثمانية طلاب، وكان لهذه المظاهرات قيادات طلابية، تتكون هذه القيادات بطريقة لا ندركها ولا نعرف مواصفاتها، ولكنها تتمتع بثقة كل الطلاب، وهي سنة جارية ومتبعة في كل التجمعات البشرية.

5 - صفقة الأسلحة التشيكوسلوفاكية لليمن :

عقد ولي العهد (البدر محمد) آنذاك صفقة أسلحة روسية تشيكية بواسطة من عبدالناصر أو برغبة الاتحاد السوفيتي للنفوذ إلى المنطقة وأياً كان الأمر فقد وصلت شحنات أسلحة ميناء الصليف عام 1957م، بنادق، رشاشات مدافع، دبابات، ووصلت الطائرات إلى صنعاء.

تعتبر صفقة الأسلحة نقطة تحول كبير في سياسة الإمام الانعزالية، واقتضى الأمر إزاء هذا الحدث استقدام بعثة عسكرية مصرية للتدريب على الأسلحة واستقدام بعثة طيران عسكرية للتدريب على الطائرات، وتبعاً لذلك كان لابد من إعادة فتح الكلية الحربية التي أُقفلت عقب فشل ثورة 1948م، وتمّ اختيار 80 طالباً من المدارس الآنف ذكرها، و20 طالباً من الشباب العامل في الجيش للالتحاق في الكلية الحربية، وتخرجت دفعتان من الكلية الحربية الأولى سُميت دفعة محمد مطهر زيد وثانية سُميت دفعة علي عبدالمغني، على اعتبار أنّهما الأولين على دفعتيهما.

وفي الفترة نفسها 58 / 1959م افتتحت كلية الطيران من خمسين طالباً، وافتتحت مدرسة الأسلحة التي تتدرب فيها مجموعة من ضباط الشرطة الذين كانوا قد تخرجوا من مدرسة الشرطة في تعز وعدد من ضباط الجيش الذين كانوا في الوحدات
#سبتمبر_المجيد
ثورة اليمن 1962- 1970(1/2):11 قرناً من الدماء

نقرأ في ثورة اليمن صفحةً أخرى من صفحات الدم، قصة عن مظلومين عرب كثيرين سالت دماؤهم على أرض اليمن في النصف الأول من القرن العشرين، بسبب حكم الأئمة الذي استمر أحد عشر قرناً من الاستبداد، أجيالٌ لا حصر لها لم تعرف قيمة الحق ولم تتعود يوماً على العدل، كان الظلم هو كل ما يمكن أن يملكه الحُكام، وكان الصبر هو كل ما يمكن أن يملكه اليمنيون، لكن إلى حين.

إنه «اليمن السعيد»

منذ اللحظة الأولى التي تسمع فيها هذه العبارة لا تستطيع أن تتخيل مستوى المعاناة الإنسانية التي عاشها أهل هذا البلد، خلال أكثر من عشرة قرون، قبل أن تصل إلى القرن العشرين.

لقد جسد الطغيان في هذا النظام نوعاً نادراً من القمع والاستبداد ومص دماء الشعوب على نحو شهد فيه القرن العشرون أبشع الجرائم ضد الإنسانية تحت نير هذا الحكم الدموي، في هذا اليمن «السعيد».

الدكتور عبدالرحمن البيضاني أحد قادة ثورة اليمن ونائب رئيس مجلس قيادتها لخَّص ذات مرة مأساة اليمن في قصة ذبح ألف ومئة شاب من أبناء قرية «موكل» اليمنية، بسبب أن أحدهم جاهر بالمطالبة بحقوق الشعب في المساواة مع الهاشميين، فما كان من أمير المنطقة إلا أن أمر ألف ومئة رجل من أبناء القرية بأن يحملوا رؤوس زملائهم الذين قتلهم الأمير السفاح في القرية إلى صنعاء، فساروا في طابور طويل مقيدين بالسلاسل، من الأعناق حتى الأقدام، وعندما وصل الطابور إلى صنعاء أمر الجلادين بقطع رؤوسهم جميعا.

بلغ استبداد الإمام حداً من الجنون، جعله يُقيم حواجز مرور على طول الطريق لتدفع السيارات ووسائل النقل الأخرى ضرائب عند كل حاجز، حتى بلغ عدد الحواجز على الطريق بين صنعاء وعدن أكثر من أربعين حاجزاً، وبذلك تدفع السيارة أربعين ضريبة، بينما طول الطريق حوالي ثلاثمئة كيلو متر.

حكم الأئمة

كان اليمن يسمى سابقاً «بلاد العرب السعيد» لازدهاره في زمن الحضارات العربية القديمة، لكنه انفصل عن الخلافة العباسية عام 897م، وحكمه الأئمة الزيديون 1100 سنة تقريباً، منذ ذهب اليمنيون إلى المدينة المنورة سنة 284 هـ لمبايعة الهادي يحيى بن الحسين إماماً لليمن، حيث تعهد الإمام بتحكيم شرع الله وسنة رسوله والمساواة بين جميع اليمنيين على اختلاف مذاهبهم وأصولهم، ثم خضعت لحكم الأيوبيين عام 1173م، حتى زوال دولتهم.

في عام 1517م سيطر العثمانيون على بعض أجزاء من اليمن، فقاومهم الأئمة الزيديون، حتى تمكن الإمام المتوكل على الله من إجلاء العثمانيين عن اليمن الشمالي، ومد سلطانه إلى جميع بقاع اليمن وشملت سلطته مساحة شاسعة تمتد من مكة شمالاً إلى عمان جنوبا، وبهذا كان اليمن أول دولة عربية تعلن استقلالها في ذلك الوقت.

ميز أئمة اليمن أنفسهم عن بقية الشعب على اعتبار أنهم من السلالة الهاشمية الحاكمة، وتصرفوا بعدوانية تجاه جموع الشعب وصلت إلى حد إعاقة الوعي الوطني لليمنيين، جرَّموا التعليم لأنه كان خطراً على سلطانهم، وخضبوا أرض اليمن بدماء عباقرتها ومُصلحيها وأبناء قبائلها، زاعمين أنهم طبقة أرقى من عامة الناس.

ظل اليمن الشمالي بلداً قديماً ومعزولاً عن العالم، اجتماعياً واقتصادياً، وصناعياً، لوقت طويل جداً، لدرجة أنه حتى العام 1950ـ حين كان العالم يدرس إمكانية الوصول إلى القمر ـ لم يكن في اليمن الشمالي لا كهرباء ولا طبعاً إذاعة حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أنشأ البريطانيون محطة بث في عدن عام 1946، ولم يكن يسمعها سوى ثلاثة أشخاص فقط، يوجد لديهم ثلاثة أجهزة راديو، هم: الإمام أحمد وولي العهد البدر والقاضي أحمد الحضراني!!

انقلابات فاشلة

أدى انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى حالة حراك سياسي نشط في عدد من البلدان العربية على رأسها اليمن الشمالي، حيث بدأت سلسلة من المحاولات الانقلابية، كان أولها عام 1948 وقام به عبدالله الوزير، وانتهى بالفشل.

شهد شهر أبريل عام 1955 انقلاباً قام به المقدم أحمد يحيى الثلايا، الذي قاد فرقة من الجنود لمحاصرة الإمام في قصره بمدينة تعز، وطالبوه بتسليم نفسه وهو ما حدث بالفعل، لكن خلافاً نشب بين قادة الانقلاب على مصير الإمام، بعضهم اقترح قتله، والبعض الآخر اقترح أن يُستبدَل بأخيه الأمير سيف الله عبدالله، بينما كان الإمام يفتح خزائن قصره أمام جنود الثلايا ليشتريهم، وأرسلت سيدات الأسرة المالكة رسائل إلى القبائل تقول في نصها «يا غارة الله بنات النبي»، ومع كل رسالة قصاصة من شعورهن، فهجمت القبائل على تعز وفشل الانقلاب.

بدءاً من عام 1955 فتحت مصر أبوابها للثوار اليمنيين المطرودين، وتكوَّنت داخل مصر «جبهة معارضة» للنظام اليمني، ووضع عبدالناصر إذاعة صوت العرب تحت تصرُّف ثوار اليمن والجزائر، وأتاح لهم الفرصة لإصدار نشرة معارضة بدءاً من أغسطس عام 1955، وهي «صوت اليمن» والتحق الضباط اليمنيون بالكلية الحربية المصرية، وكان يتم تدريبهم على أحدث النظم القتالية في مصر.

في هذا الوقت، كانت القاهرة بدأت تستقب
#سبتمبر_المجيد

الهوية اليمنية والمواقف الدولية تجاه التحول السبتمبري.. الحاج شريف شعفل لـ”الثورة”:حاربت ضد الملكيين وحملت أول جواز جمهوري بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م


 محمد محمد إبراهيم

أتذكر أخبار قصف الإنجليز لمناطق من الضالع ودمت وجبل العود في أربعينيات القرن الماضي

هاجرت إلى أمريكا وشاركت في الحرب الفيتنامية عام 1964م وعملت في مصنع للسيارات 36 عاماً

كان اليمنيون قبل الثورة يهاجرون إلى أمريكا

بجوازات أوروبية أو جنوبية بتوقيع الاحتلال البريطاني

اعتراف كنيدي بـ 26 سبتمبر كان ظاهره إرضاء عبدالناصر وباطنه القفز إلى مستقبل النفط اليمني المؤمل

ناصب آل سعود الجمهورية والوحدة العداء ويقودون اليوم حرباً كونية ضد ثورة التحرر من التبعية

بين ثنايا قصته الأكثر ارتباطاً بهوية النظام الجمهوري ومواقف الدول الكبرى تجاه ثورته الظافرة، تكمن تفاصيل حياة مضمخة بالسفر والمفارقات والمغامرات، فمن المشاركة الفاعلة في معسكرات التدريب بتعز استعدادا للحرب ضد الملكيين، منذ أول أسبوع لميلاد النظام الجمهوري صبيحة 26 سبتمبر 1962م- استعداداً لمعارك الدفاع عن الجمهورية الوليدة من هجمات الملكيين تحت ضغط النفوذ والمال السعودي، إلى نورس مهاجر يحمل الجواز الجمهوري رقم (1) مجتازاً به مطارات العالم وصولا إلى أمريكا، ليبدأ المهاجر الشاب شريف شعفل– المولود بمدينة جبن- محافظة الضالع، في عام1940م– تفاصيل قصة مغامرة أخرى محمولة على ثورة الحماس والشغف بحياة الجندية، ليشارك في معارك الجيش الأمريكي ضد الفيتناميين..
فمن هو شريف شعفل ..؟ وما هي قصة الجواز الجمهوري رقم (1)..؟ وماذا يعني للهوية اليمنية والمهاجرين اليمنيين نحو الغرب..؟ ولماذا تعز هي الجهة التي شهدت صدور أول جواز سفر باسم الجمهورية العربية اليمنية..؟ وماذا تعني هذه المصادفة للعلاقات بين البلدين الأمريكي واليمني ؟ وكيف انتزع جمال عبدالناصر اعتراف الرئيس الأمريكي جون كنيدي بمشروعية التحول اليمني الحر من النظام الملكي إلى الجمهوري، لتكون أمريكا بهذا الاعتراف خارج موقف حليفتها السعودية التي ناصبت الثورة السبتمبرية والتحولات التحررية والوحدوية العداء المطلق..
في هذه المادة سنجيب عن هذه الاسئلة.. لكن قبل ذلك، تقتضي الضرورة الموضوعية تقديم قصة صاحب الجواز الجمهوري رقم 1..

إلى التفاصيل:


في أربعينيات القرن الماضي كانت اليمن تعرف بالمملكة المتوكلية اليمنية نسبة للمتوكل على الله الإمام يحيى بن حميد الدين- الذي اقام دولته على أعقاب رحيل الأتراك جبرا، واعلان استقلال شمال اليمن في عام 1918م- وفي هذه الحقبة عاش الحاج شريف شعفل طفولته في زمن كانت أخبار الحروب التي شنتها قوات الإنجليز المحتلة لجنوب الوطن على مناطق متعددة من الشمال، وعلى السلطنات التي كانت تتمرد حينا وتدخل تحت الحماية البريطانية حينا آخر، إذ يتذكر شريف إنه كان يسمع في طفولته عن قصف الطائرات الإنجليزية لمناطق في الضالع وشبوة ودمت وجبال العود.. أما التعليم حسب شريف فكان يعتمد في المقام الأول على اهتمام اولياء الأمور وليس على الدولة بمفهومها اليوم، وكانت المدرسة عبارة عن غرفة أو مكان كظل شجرة يجتمع فيه الصغار ويعلمهم -مَن كان يعرف بالفقيه- أبجديات القراءة والكتابة وكانت تسمى هذه الأماكن المخصصة للتعليم بـ “الكتاتيب”.. فيما كان والده واسرته كغيرهم من أسر مديرية جبن يعملون في الزراعة، بل كانوا أهم ملاك الحقول الزراعية الخصبة، كما يتذكر شريف اخبار مقتل الإمام يحيى في عام 1948م، وما تلا ذلك من أحداث في خمسينيات القرن الماضي التي أهمها حركة 55 ومحاولات اغتيال الإمام أحمد في أواخر الخمسينيات، حتى مطلع الستينيات، ولم ينس أجواء الفرح الشعبي والتفاعل الثوري لقيام ثورة الـ 26 من سبتمبر 1962م ، وفي هذا السياق يقول: حين قامت الثورة كان عمري 22 عاماً وقد سمعت كغيري خبر الثورة من الناس ثم من الراديو، حيث سمعنا بالثورة من اذاعة صنعاء واذاعة صوت العرب التي أذاعت بيان الثورة في اليوم الثاني، وكانت البهجة والامل يكسوان وجوه الناس..
ويضيف شريف: بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر انطلقنا كشباب متحمسين لنلبي دعوة قيادة الثورة في صنعاء للتجنيد، والدفاع عن النظام الجمهوري الوليد، فذهبت أنا وبعض ابناء مديرية جبن الى المعسكرات التي تستضيف الشباب المتطوع إلى جانب الجيش النظامي للمشاركة في معارك الحرب ضد الملكيين، بدعوة من الشخصيات الاجتماعية والقبلية في مديرية جبن واتذكر منهم الشيخ علي مسعد موسى والشيخ احمد المعطي، والشيخ محمد حسين علي والشيخ علي موسى حسين، وغيرهم من المشائخ الذين كانوا يعملون بتوجيهات شيخ مشايخ مديرية جبن المناضل الشيخ علي مجلي، وكان قائد فيالق الشباب المجندين من مديرية جبن هو الشيخ عبدالزراق مجلي رحمهم الله جميعاً..
ويواصل شعفل: بدأت الحرب ضد الملكيين من أول اسبوع بعد الثورة، لكني لم استمر معهم سوى أشهر، وما يجب الإشارة اليه هو أن القائد العسكري الشاب عب
#سبتمبر_المجيد
ثورة 26 سبتمبر اليمنية، قراءة في التاريخ وبحث في نفسية الشاهد

عقد في صنعاء ندوة حول ثورة 26 سبتمبر في اليمن الجدل لم ينته حول تاريخ هذه الثورة، مَنْ فجّرها ومن هم قادتها وما هو الدور المصري والأسباب التي أدت إلى تقاتل اليمنيين فيما بينهم ثم الصراع بين الثوار أنفسهم. لمعرفة هذه الأسباب ومن فجر الثورة استضاف مكتب «البيان» في صنعاء العميد علي قاسم المؤيد أحد قادة تنظيم الضباط الأحرار الذي يعد الصانع الأول للثورة والسفير عبدالوهاب جحاف أحد المشاركين في الثورة والعميد محمد علي الأكوع وزير الداخلية في حكومة القاضي عبدالرحمن الارياني ثاني رئيس للجمهورية وعبدالملك المخلافي الأمين العام للتنظيم الوحدوي وناصري يحيى القيادي في تجمع الإصلاح الاسلامي وأحمد قاسم دماج رئيس اتحاد الأدباء والكتاب. ـ د. فارس: نبدأ بالسؤال أولا عن أهمية كتابة التاريخ وكيفية تدوينه ولماذا تختلف الروايات من شخص إلى آخر؟ ـ دماج: إن أحداثاً كبيرة تبنى عليها أشياء كثيرة لاتزال حتى اليوم تتنفس في الواقع اليومي وهي حقائق لا يمكن انكارها لكن من الممكن الاتفاق عليها ومحاولة الدس داخلها. ـ ناصر يحيى: أعتقد ان هناك اشكالية في قراءة النصوص. فمن المعروف ان كتابة التاريخ الاسلامي والعربي ـ في اليمن خصوصاً ـ تثير الكثير من الشبهات والشكوك فالمؤرخون يوردون الكثير من الروايات المتناقضة حتى أن الطبري وهو أمام في التفسير كان عند كتابة التاريخ يورد أحيانا اكثر من رواية متناقضة لحادثة واحدة. أظن أن هناك خلافا في تدوين التاريخ الأمر الذي أوجد بلبلة كبيرة. فمثلاً نأخذ الحوادث التي ظهرت بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) مثل موقعة الجمل وموقعه صفين هناك خلاف حول تقييم الكثير من الحوادث التاريخية. أقول أنه كان هناك خلاف كبير جداً في تدوين التاريخ لذلك لا أقول أن لا أحد يستطيع أن يكتب تاريخاً يجمع عليه البشر. التاريخ ليس مادة مثل الفيزياء والرياضيات يجمع الكل عليها التاريخ مادة مثل الفلسفة يختلف حولها وتفسيرها وفقاً لروايتهم وموقفهم ودوافعهم. لكن حول واقعة معينة وحول حدث بعينه ما هي الطريقة التي نصل بها إلى حقيقة هذا الحدث أو الواقعة. ـ دماج: علينا أن نفرق في كتابه التاريخ بين وقائع لايختلف عليها اثنان ،حروب الردة يختلفون على تحديد أسبابها وأبعادها مثلاً لكن لم يختلف المؤرخون حولها.. اختلفوا في النظر إلى حروب الردة. فوقائع التاريخ الكبيرة موجودة واختلف الناس بالنظر إليها وهذا شيء آخر. يأتي ما اسميه أنا بالأيديولوجيا والتي هي نظرة الإنسان إلى هذه الواقعة بما ترتب عليها من نتائج لهذا نحن لا بد أن نقر بأن الوقائع بالتاريخ تامة ومثبتة.. كيف ينظر المفكرون والمحللون للتاريخ هذا شيء آخر. ـ

د. فارس: ما هي العلاقة الجدلية بين الموضوعي والذاتي في مسألة التاريخ؟

ـ دماج: الموضوعي هو الحادثة التي لا يختلف عليها والذاتي هو التفكر والتحليل

. ـ د. فارس: هل في كتابة التاريخ رواية موضوعية كاملة؟

ـ دماج: لوقائع التاريخ

. ـ د. فارس: هناك مناهج لكتابة التاريخ عديدة هناك سردي يتعلق بالوقائع كما حدثت دون تدخل في التفسير لصنع ذاكرة جماعية وطنية موحدة وهذا مطلوب دون تدخل التحليل الذي يأتي لاحقاً؟ ـ ناصر يحيى: كلام الأستاذ أحمد صحيح لا شك لكن برغم ذلك يجب ألا ننسى أن هناك أشخاصاً وحوادث يختلف الناس حتى في وجودها. مثلاً عبدالله بن سبأ هذه شخصية يختلف حولها المؤرخون بعضهم يقول شخصية وهمية وبعضهم يقولون أنها شخصية حقيقية موجودة وكان لها دور مؤثر. رواية الحدث نفسه كيف تمت مثلاً أحداث المكتب السياسي في 13 يناير.. علي ناصر محمد له رواية والجانب الآخر له رواية لتفسير ما حدث. ـ دماج: في كلا الروايتين تثبت حقيقة واحدة أنه حصل بعد ذلك العقل النقدي هو الذي يميز بين الروايات وخلفية وقوعها على النحو أو ذاك. وإذا كان الحدث متسق مع موضوعه ويتفق مع احتمالات العقل فهو الأقرب إلى الحقيقة. هذه مهمة كاتب التاريخ ليس الراوي أو الشاهد وبين رواية الحدث والشهادة والسيرة الذاتية هذه هي مواد كتابة التاريخ لكنها تخضع بعد ذلك لمن يأتي وليفسرها ويرويها. ـ ناصر يحيى: يحدث أحياناً غموض حول نقطة معينة في حدث تاريخي معين ويظل الغموض قائماً في ثورة 26 سبتمبر قتل: علي عبدالمغني.. من قتل علي عبدالمغني كيف تمت العملية أنا طرحت سؤالاً؟ ـ د. فارس: هناك ما يسمى بالتاريخ المشكوك فيه، لأسباب كثيرة.. مسكوت عنه لأن السلطة القائمة لا تريد التحدث فيه وكذا لكن يكتشف ويشاع فيتكون ما يمكن القول عنه تاريخ ما أهمله التاريخ؟ الآن نعود إلى الواقعة الحدث ثورة 26 سبتمبر إذا أردنا أن نسقط هذا الكلام على هذه الواقعة في التاريخ نسأل.. الآن عندما تقول إعادة كتابة التاريخ ماذا تقصد؟ يقول البعض العودة إلى وقائع هذا الحدث.. ثم نحاول أن ننطق المسكوت عنه في هذا الحدث فهل هناك واجب أو ضرورة لإعادة كتابة تاريخ حدث بعينه يقول تاريخنا مقاطع من ر