#الخمور
على موائد السياسة في اليمن: حديث في السيطرة على السلطة بالدسائس والمؤامرات
رصد الباحث لوقائع اليمن السياسية والسوسيولوجية من خلال العلاقة بالخمور، تهريباً وتسويقاً واستهلاكاً واستخداماً في الابتزازات بين المتصارعين.. ونفاقاً!
/
أحمد عبد الرحمن #الهاجري
كاتب من اليمن
في محافظة تعز، وسط البلاد، وحتى عام 2011، اشتهر فندق (ق.ر) التابع للجنرال (ض)، قائد اللواء 32 مدرع، بكونه حصناً منيعاً لبيع قناني الخمرة المهربة.
يقع هذا الفندق أسفل الامتداد الشمالي للهضبة التي تضم الحرم الأمني للقصر الجمهوري بالمدينة. يباع الخمر في هذا المرفق من شباك صغير، يطل على حديقة مزروعة بأشجار المانجو والباباي، وتعتليه صورة طويلة مجسمة للرئيس صالح.
يصف الباحث (أ. إ) أجواء المكان الذي زاره أكثر من مرة، كان آخرها عام 2009:
- يقف المرتادون في صف متباعد صامت. كان هناك سكير نحيل، تبدو على ملامحه معالم قلق، وتستقر قطرات عرق على محجري عينيه. يعبر السكير الصف، يسألهم فرداً فرداً مشاركته في شراء قنينة، فهو لا يملك سوى نصف السعر، والفندق لا يتعامل بأنصاف القناني.
ويَقسم الباحث، وهو متخصص في السوسيولوجيا، صف المشترين للكحول إلى ثلاث مجموعات: فئة السياسيين والجنود، وفئة الطبقة الوسطى المتآكلة واللاهثة وراء أرستقراطية واهمة، وفئة العمال الذين لم يغادروا طقوس النصف الثاني من القرن العشرين. ويضيف: ترابط مقابل بوابة الفندق عربة عسكرية نوع "شبح"، من قوات الأمن المركزي التابعة لنجل شقيق صالح (يحيى صالح)، وينتصب عليها سلاح معدل (12/7) مغطى بالمشمّع، ويجلس في مقصورتها جندي وموظف تحويلة، يدخنان ويمضغان قاتهما كالإبل المستجِرَّة. إنهما يرقبان الحركة الخجولة لزبائن الفندق.
ويعتبر (أ) أنه وبقدر أهمية هذه الحراسة في تأمين الفندق من الهجمات المحتملة للمتطرفين، فهي مناط بها المهمة موضع الجدل: يقوم موظف التحويلة في العربة العسكرية بإلقاء تحية، بهزة خفيضة من رأسه للسيارات الجيب العسكرية وسيارات التويوتا الضخمة والمعكسة النوافذ، المغادِرة للفندق بحمولتها، وإبلاغ نقطة التفتيش في "جولة" (دوار) القصر على بعد ياردة جنوب الفندق، لتسهيل مرور هذه العربات.
وإلى جانب تأمين محاباة رجال الأمن للفئة الأولى التي يغادر أفرادها القصر بحمولاتهم، كان من المهم التعرف على هوياتهم من خلال أرقام لوحات مركباتهم، لأغراض مستقبلية تتوخاها السلطات العليا.
يَقسم الباحث السوسيولوجي صف المشترين للكحول إلى ثلاث مجموعات: فئة السياسيين والجنود، وفئة الطبقة الوسطى المتآكلة واللاهثة وراء أرستقراطية واهمة، وفئة الكادحين. وإلى جانب تأمين محاباة رجال الأمن للفئة الأولى التي يغادر أفرادها القصر بحمولاتهم، كان من المهم التعرف على هوياتهم من خلال أرقام لوحات مركباتهم، لأغراض مستقبلية تتوخاها السلطات العليا.
وتبقى الفئتان الأخيرتان، وهما الأكثر هشاشة في هذه المعادلة.. فأصحاب المركبات المدنية العادية، والعمال الراجلون بسيقانهم الحنفاء، ينتهون كطرائد مشروعة لنقطة التفتيش ومن ثم لقوانين حفظ النظام. فعند مغادرتهم لعتبة سور الفندق، يتذرع الجنديان بالانهماك بأكياس القات، ثم وقد صارت المسافة بين الطرفين قابلة للمناورة، يبلغ موظف التحويلة نقطة التفتيش المعلومات المفصلة عن المركبات وأرقامها، والعمال وأرديتهم، ليتم إيقافهم والشروع بمباحثات على جانبي الطريق، تخرج معها مسرحية رجال القانون على النحو التالي:
يصعد الجنود إلى المركبات، فإذا وجدوا مالكها من ذوي التعليم المتوسط، يهددونه بالمحاكمة، فإذا نجح في عقد صفقة معهم، يتم إطلاق سراحه مقابل نهب قنينته الكحولية وما يمتلكه من مال. وإذا تشبث بمشروبه، ينقل إلى جهات الاختصاص لمباشرة التحقيق معه في ارتكاب الجرم الجسيم.
الدستور كرشوة
أقر دستور الوحدة المستفتى عليه عام 1991، في مادته الثالثة الشريعة الإسلامية مصدراً رئيساً للتشريع، فيما كفلت المادة 23 منه الحريات الشخصية لليمنيين، وحماية الدولة لها. غير أنه، وفي العام 1994، وبعد هزيمة الحزب الاشتراكي المسيطر جنوباً، جعلت الشريعة الإسلامية مصدراً وحيداً للتشريع، وتم إلغاء المادة 23 كرشوة للإسلاميين الذين ساندوا صالح بالسلاح والفتاوى. وبذلك تمّ تعديل قانون الجرائم والعقوبات ليُلحق شرب الخمر وتعاطيه وحيازته بالجرائم الجسيمة.
وبقدر ما عارضت الأطراف الإسلامية الوحدة اليمنية التي وقعت بالفعل في 22 أيار/ مايو عام 1990، بحجة "حرمة الاتحاد بالجنوب الماركسي الملحد"، أصدرت في 1994 فتوى تحرّم الانفصال، وتبيح للقوات المهاجمة استباحة رجال ونساء وأطفال الجنوب.
ويعتبر المحامي (د.د) أن قوانين الخمر صممت لتناسب الأغراض السياسية، حيث يفقد المدانون بهذا الفعل جزءاً من أهليتهم القانونية والاجتماعية، فلا يحق لهم الشهادة أمام المحاكم، ويمكن بسهولة الطعن بأهليتهم في حال رشحوا لشغل مناصب سياسية وخدمية.
على موائد السياسة في اليمن: حديث في السيطرة على السلطة بالدسائس والمؤامرات
رصد الباحث لوقائع اليمن السياسية والسوسيولوجية من خلال العلاقة بالخمور، تهريباً وتسويقاً واستهلاكاً واستخداماً في الابتزازات بين المتصارعين.. ونفاقاً!
/
أحمد عبد الرحمن #الهاجري
كاتب من اليمن
في محافظة تعز، وسط البلاد، وحتى عام 2011، اشتهر فندق (ق.ر) التابع للجنرال (ض)، قائد اللواء 32 مدرع، بكونه حصناً منيعاً لبيع قناني الخمرة المهربة.
يقع هذا الفندق أسفل الامتداد الشمالي للهضبة التي تضم الحرم الأمني للقصر الجمهوري بالمدينة. يباع الخمر في هذا المرفق من شباك صغير، يطل على حديقة مزروعة بأشجار المانجو والباباي، وتعتليه صورة طويلة مجسمة للرئيس صالح.
يصف الباحث (أ. إ) أجواء المكان الذي زاره أكثر من مرة، كان آخرها عام 2009:
- يقف المرتادون في صف متباعد صامت. كان هناك سكير نحيل، تبدو على ملامحه معالم قلق، وتستقر قطرات عرق على محجري عينيه. يعبر السكير الصف، يسألهم فرداً فرداً مشاركته في شراء قنينة، فهو لا يملك سوى نصف السعر، والفندق لا يتعامل بأنصاف القناني.
ويَقسم الباحث، وهو متخصص في السوسيولوجيا، صف المشترين للكحول إلى ثلاث مجموعات: فئة السياسيين والجنود، وفئة الطبقة الوسطى المتآكلة واللاهثة وراء أرستقراطية واهمة، وفئة العمال الذين لم يغادروا طقوس النصف الثاني من القرن العشرين. ويضيف: ترابط مقابل بوابة الفندق عربة عسكرية نوع "شبح"، من قوات الأمن المركزي التابعة لنجل شقيق صالح (يحيى صالح)، وينتصب عليها سلاح معدل (12/7) مغطى بالمشمّع، ويجلس في مقصورتها جندي وموظف تحويلة، يدخنان ويمضغان قاتهما كالإبل المستجِرَّة. إنهما يرقبان الحركة الخجولة لزبائن الفندق.
ويعتبر (أ) أنه وبقدر أهمية هذه الحراسة في تأمين الفندق من الهجمات المحتملة للمتطرفين، فهي مناط بها المهمة موضع الجدل: يقوم موظف التحويلة في العربة العسكرية بإلقاء تحية، بهزة خفيضة من رأسه للسيارات الجيب العسكرية وسيارات التويوتا الضخمة والمعكسة النوافذ، المغادِرة للفندق بحمولتها، وإبلاغ نقطة التفتيش في "جولة" (دوار) القصر على بعد ياردة جنوب الفندق، لتسهيل مرور هذه العربات.
وإلى جانب تأمين محاباة رجال الأمن للفئة الأولى التي يغادر أفرادها القصر بحمولاتهم، كان من المهم التعرف على هوياتهم من خلال أرقام لوحات مركباتهم، لأغراض مستقبلية تتوخاها السلطات العليا.
يَقسم الباحث السوسيولوجي صف المشترين للكحول إلى ثلاث مجموعات: فئة السياسيين والجنود، وفئة الطبقة الوسطى المتآكلة واللاهثة وراء أرستقراطية واهمة، وفئة الكادحين. وإلى جانب تأمين محاباة رجال الأمن للفئة الأولى التي يغادر أفرادها القصر بحمولاتهم، كان من المهم التعرف على هوياتهم من خلال أرقام لوحات مركباتهم، لأغراض مستقبلية تتوخاها السلطات العليا.
وتبقى الفئتان الأخيرتان، وهما الأكثر هشاشة في هذه المعادلة.. فأصحاب المركبات المدنية العادية، والعمال الراجلون بسيقانهم الحنفاء، ينتهون كطرائد مشروعة لنقطة التفتيش ومن ثم لقوانين حفظ النظام. فعند مغادرتهم لعتبة سور الفندق، يتذرع الجنديان بالانهماك بأكياس القات، ثم وقد صارت المسافة بين الطرفين قابلة للمناورة، يبلغ موظف التحويلة نقطة التفتيش المعلومات المفصلة عن المركبات وأرقامها، والعمال وأرديتهم، ليتم إيقافهم والشروع بمباحثات على جانبي الطريق، تخرج معها مسرحية رجال القانون على النحو التالي:
يصعد الجنود إلى المركبات، فإذا وجدوا مالكها من ذوي التعليم المتوسط، يهددونه بالمحاكمة، فإذا نجح في عقد صفقة معهم، يتم إطلاق سراحه مقابل نهب قنينته الكحولية وما يمتلكه من مال. وإذا تشبث بمشروبه، ينقل إلى جهات الاختصاص لمباشرة التحقيق معه في ارتكاب الجرم الجسيم.
الدستور كرشوة
أقر دستور الوحدة المستفتى عليه عام 1991، في مادته الثالثة الشريعة الإسلامية مصدراً رئيساً للتشريع، فيما كفلت المادة 23 منه الحريات الشخصية لليمنيين، وحماية الدولة لها. غير أنه، وفي العام 1994، وبعد هزيمة الحزب الاشتراكي المسيطر جنوباً، جعلت الشريعة الإسلامية مصدراً وحيداً للتشريع، وتم إلغاء المادة 23 كرشوة للإسلاميين الذين ساندوا صالح بالسلاح والفتاوى. وبذلك تمّ تعديل قانون الجرائم والعقوبات ليُلحق شرب الخمر وتعاطيه وحيازته بالجرائم الجسيمة.
وبقدر ما عارضت الأطراف الإسلامية الوحدة اليمنية التي وقعت بالفعل في 22 أيار/ مايو عام 1990، بحجة "حرمة الاتحاد بالجنوب الماركسي الملحد"، أصدرت في 1994 فتوى تحرّم الانفصال، وتبيح للقوات المهاجمة استباحة رجال ونساء وأطفال الجنوب.
ويعتبر المحامي (د.د) أن قوانين الخمر صممت لتناسب الأغراض السياسية، حيث يفقد المدانون بهذا الفعل جزءاً من أهليتهم القانونية والاجتماعية، فلا يحق لهم الشهادة أمام المحاكم، ويمكن بسهولة الطعن بأهليتهم في حال رشحوا لشغل مناصب سياسية وخدمية.
#إدام_القوت
ولمّا كان #الهاجريّ أدناهم إلى #شبام مع قلّة المال والرّجال .. جعل إليه #الخفارة ، فكلّ من أخذ منه شفرة أو نحوها .. أمن بها ومرّ على رؤوس العفاريت. قتل في سنة (١٣٠٨ ه) بعد أن :
ملأ الزّمان جرائحا ومنائحا
خبطا ببؤسى في الرّجال وأنعم (١)
فغدت عرانين العلا وأكفّها
من بين أجدع بعده أو أجذم
وسبب قتله (٢) : أنّ أحد آل كدّه أخذ عذق خريف (٣) من نخيلهم فقتلوه ، فكبر عليهم قتل ولدهم في عذق خريف ولا سيّما بعدما عيّرهم سماسرة #شبام ، فكمنوا من اللّيل على مقربة من الشّعب ، وفي الصّباح أطلقوا عليه البنادق ، فخرج عليهم عائظ بأصحابه وأردى منهم اثنين واستلبوهما ، ولمّا كادوا يصلون مسيال سر الفارق بين ذي أصبح وبحيره .. كفّ عنهم ، وكان الصواب فيما فعل ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم لسلمة بن الأكوع : «ملكت #فأسجح» (٤).
ولكن أحد أصحابه كان شريرا مع منافسته له ، فقال له : تريد القهوة عند #غصون؟ وهي امرأة عائظ من آل عامر أصحاب آل كدّه ، فحمي ، وتقدّم بهم ، وقد تستّر آل كدّه بأشجار الأراك وأكوام الرّمل ، وجاءتهم نجدة آل محمّد بن عمر ، فأصلوهم نارا حامية ، فعمد عائظ وأصحابه إلى السّلاح الأبيض.
وما زالوا يتناحرون حتّى حجز بينهم #السّيّدان عبد الله بن حسن بن صالح #البحر ، وعيدروس بن حسين #العيدروس ، ولكن بعد ما قتل من آل كدّه وآل محمّد بن عمر سبعة ، ومن آل جعفر بن طالب ثلاثة عشر قتيلا وثلاثون جريحا.
وكانت الحادثة المذكورة على مقربة من #هدّامه ، كما مرّ فيها.
وعظم المصاب على #آل_كثير بمقتل #عائظ واصطكّت بعده ركبهم ، وتخاذلت
______
(١) البيت من الكامل وهو للشّريف الرّضيّ في «ديوانه» (٢ / ٢٩٠) بتحريف بسيط.
(٢) أي : عائظ بن سالمين.
(٣) العذق : العنقود. الخريف : هو الرّطب من النخلة ؛ في عرف الحضارمة.
(٤) أخرجه البخاري (٣٠٤١) ، ومعنى فأسجح : أحسن وارفق.
ولمّا كان #الهاجريّ أدناهم إلى #شبام مع قلّة المال والرّجال .. جعل إليه #الخفارة ، فكلّ من أخذ منه شفرة أو نحوها .. أمن بها ومرّ على رؤوس العفاريت. قتل في سنة (١٣٠٨ ه) بعد أن :
ملأ الزّمان جرائحا ومنائحا
خبطا ببؤسى في الرّجال وأنعم (١)
فغدت عرانين العلا وأكفّها
من بين أجدع بعده أو أجذم
وسبب قتله (٢) : أنّ أحد آل كدّه أخذ عذق خريف (٣) من نخيلهم فقتلوه ، فكبر عليهم قتل ولدهم في عذق خريف ولا سيّما بعدما عيّرهم سماسرة #شبام ، فكمنوا من اللّيل على مقربة من الشّعب ، وفي الصّباح أطلقوا عليه البنادق ، فخرج عليهم عائظ بأصحابه وأردى منهم اثنين واستلبوهما ، ولمّا كادوا يصلون مسيال سر الفارق بين ذي أصبح وبحيره .. كفّ عنهم ، وكان الصواب فيما فعل ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم لسلمة بن الأكوع : «ملكت #فأسجح» (٤).
ولكن أحد أصحابه كان شريرا مع منافسته له ، فقال له : تريد القهوة عند #غصون؟ وهي امرأة عائظ من آل عامر أصحاب آل كدّه ، فحمي ، وتقدّم بهم ، وقد تستّر آل كدّه بأشجار الأراك وأكوام الرّمل ، وجاءتهم نجدة آل محمّد بن عمر ، فأصلوهم نارا حامية ، فعمد عائظ وأصحابه إلى السّلاح الأبيض.
وما زالوا يتناحرون حتّى حجز بينهم #السّيّدان عبد الله بن حسن بن صالح #البحر ، وعيدروس بن حسين #العيدروس ، ولكن بعد ما قتل من آل كدّه وآل محمّد بن عمر سبعة ، ومن آل جعفر بن طالب ثلاثة عشر قتيلا وثلاثون جريحا.
وكانت الحادثة المذكورة على مقربة من #هدّامه ، كما مرّ فيها.
وعظم المصاب على #آل_كثير بمقتل #عائظ واصطكّت بعده ركبهم ، وتخاذلت
______
(١) البيت من الكامل وهو للشّريف الرّضيّ في «ديوانه» (٢ / ٢٩٠) بتحريف بسيط.
(٢) أي : عائظ بن سالمين.
(٣) العذق : العنقود. الخريف : هو الرّطب من النخلة ؛ في عرف الحضارمة.
(٤) أخرجه البخاري (٣٠٤١) ، ومعنى فأسجح : أحسن وارفق.