#الدودحية:
بين الواقع والمتخيل
#زيد_الفقيه
تتسم المخيلة الشعبية بالقدرة على الاختيار والحفظ والتحوير والتفخيم والتهذيب والإعادة وفقا للاحتياجات الفنية والسياسية والاجتماعية لدى الشعب المحتضن للحكاية. تأخذ الحكاية بعدها الأسطوري من خلال هذه العملية الإنتاجية الشعبية التي تتصف بالمرونة والخصوبة. وفي هذه المقالة سنناقش حكاية يمنية شعبية تسمى بالدودحية وكانت موضوع إنتاج وإعادة إنتاج شعبية منذ نهاية ثلاثينيات القرن العشرين حتى يومنا هذا.
الدودحية الحكاية الخام
الحكاية في صيغتها الخام، كما تشير بعض المصادر، تدور حول قصة عشق بين شاب وشابة في نهايات ثلاثينيات القرن العشرين في إحدى قرى وادي بنا الخصيب وسط اليمن. الفتاة حرمت من الزواج من ابن عمها، مع رغبة كل منهما في الزواج من الآخر، فقادهما العشق إلى العلاقة المحرمة شرعا. ومع أن الحاكم، في ذلك الوقت، قد عزرهما وشهر بهما، إلا أن العار لحق بعائلة الفتاة التي قادتها الحمية إلى قتل الفتاة. أطلقت أغنية شعبية تتغنى بهذه الحادثة، وحملت الأغنية اسم عائلة الفتاة ” الدودحية”، ويحكى أن العائلة من كانت الطبقة الميسورة. وظلت الأغاني ” الدودحيات” تظهر طيلة فترة الأربعينيات، وحملت معاني رمزية تنتقص من الطبقات العليا في المجتمع.
يقول الأستاذ البردوني: (انتشرت حكاية الدودحية بوجهها الرسمي ووجهها الاجتماعي معاً ، فلم يكن من المعهود أن تطال العقوبات الإمامية البيوت العالية ، وفي آخر الثلاثينات امتدت إلى بنت (الدودحي) وابن عمها ، فأمر قاضي محكمة (الشّعِر) بالتعزير على الشابة والشاب ، فدارت الجموع بهما مرددين عبارات التنديد (الدرداح) في لهجة الشعب ، فزاد حكم التعزير انتشار الحادثة في جميع أصقاع البلاد وأخذت الأغنيات تتمحور (الدودحية ) وحدها كبطلة قصة مثيرة ، ثم امتدت إلى دودحيات في أكثر من بيت ، كما تخبرنا الأغنيات
يا دودحـية ويــاغصـن القنـــا قددردحـوا بش عــلى وادي بـنـــــــا
أمـــان يـــا نازل الـــوادي أمـــــــان)[1]
وكما أخذت الحكاية طريقها إلى مجالس الناس و أشعارهم الشعبية وجدت طريقها نحو كتب الأدب اليمني، بل إنها قد جسدت في مسرحية، من إخراج محمد الرخم، في العام 2013 أتت تحت عنوان ” مهر الدودحية“.
الدودحية رمزا للتشهير والخيانة في التراث الشعبي اليمني
الدودحية في الثقافة الشعبية اليمنية باتت رمزاً للتشهير ورمزاً للخيانة وظل الوسط الشعبي يضيف إليها أيَّ خُلِقٍ مشين. ولم تقف الدودحية عند هذا الحد بل وصلت إلى أن تدخل في خصام النساء في الريف فحين تريد امرأة أن تعرّض بخصيمتها الأخرى تغني وتذكر الدودحية وتردفها باسم أو صفة خصيمتها من مثل قولهن :
يــا دودحيـــة يـا بنـت المرزبان : قـد ارتـــزحتي ومـا به لش أمــــان
أمــــان يـــا نازل الـــوادي أمــــان
وكلمة قد أرتزحتي كناية عن أنها تزوجت واستقرت وفي حياتها ( كسفٌ )[2] وأهلها لا يعرفونه .
بل لقد حملت لنا الحكايات الشعبية التي التقطناها من شفاه أهل القرى ما لم يكن بحسبان الدارس الأكاديمي فقد روى لنا الحاج / ق .ع. غ. أن الدودحية كانت مضرب المثل للمرأة الهواوية التي تهوى النَّفسْ (والنّفسْ يعنى ـ بلغة الراوي ـ الطرب والرقص)، وكانت النسوة عندما ينزلن من السدّة والنادرة وقاع الحقل إلى الحمام الطبيعي حوار[3] قبل وجود طرق السيارات لا بد أن يضعن رحالهن في بيت : ف.أ.ع ويمسين ليلة أو ليلتين وتكون هذه الليالي نفس يستمر من بعد صلاة العشاء إلى قبل الفجر ، وكانت السَّمرة تجمع النساء والرجال على حدٍ سواء ويتبادل الغناء والرقص الرجال والنساء على ضوء مسرجة الزيت أو ذبالة القاز، وقد تغني النساء ويرقص الرجال أو يغني الرجال وترقص النساء ، وكانت أغنية الدودحية ضرورية في كل (ملعاب)[4]، وإذا لم تُغنَ الدودحية من قبل المطرب الذي كان يدق على علبة القاز (تنكة) طلبها الراقصون ومنها قولهم :
* يا دودحية ويا عود اللبــــان : قد دردحوبش على وادي خبان
* يا دودحية قد اهلش فلتــوش : لا بارك الله بذيما زوجــــوش
حين يقف الباحث عند مثل هذه الأحاديث الشعبية يشعر أنه أمام نبع صافٍ متدفق تشع البراءة من أعماق الناس ، ووجدانهم وهم لا يعلمون بأنهم وهبوك درراً ثمينة من موروثنا الشعبي.
الغرائبي والواقعي في الحكاية
إن الدودحية بهذا المفهوم لم تعد تلك المرأة التي مرّت بحادث عابر يجري كل يوم بل كل ساعة في أرجاء المعمورة. بل لقد تحولت في المفهوم الشعبي ـ إلى رمز للرذيلة بسبب الاستخدام السياسي الذي رافق ذلك الحادث ( ففي نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي كانت حكاية الدودحية ـ على وفرة أمثالها ـ ينبوعاً غنائياً رددها الشعب طيلة عشرة أعوام … لهذا كانت حكاية الدودحية أرحب متنفس غنائي ، لا لذات الحادث ، وإنما لعقم الفترة من الأحداث الهزازة ، فقبل حادث الدودحية بدأت الإشارات إلى الكبار بالتهكم الغامض
بين الواقع والمتخيل
#زيد_الفقيه
تتسم المخيلة الشعبية بالقدرة على الاختيار والحفظ والتحوير والتفخيم والتهذيب والإعادة وفقا للاحتياجات الفنية والسياسية والاجتماعية لدى الشعب المحتضن للحكاية. تأخذ الحكاية بعدها الأسطوري من خلال هذه العملية الإنتاجية الشعبية التي تتصف بالمرونة والخصوبة. وفي هذه المقالة سنناقش حكاية يمنية شعبية تسمى بالدودحية وكانت موضوع إنتاج وإعادة إنتاج شعبية منذ نهاية ثلاثينيات القرن العشرين حتى يومنا هذا.
الدودحية الحكاية الخام
الحكاية في صيغتها الخام، كما تشير بعض المصادر، تدور حول قصة عشق بين شاب وشابة في نهايات ثلاثينيات القرن العشرين في إحدى قرى وادي بنا الخصيب وسط اليمن. الفتاة حرمت من الزواج من ابن عمها، مع رغبة كل منهما في الزواج من الآخر، فقادهما العشق إلى العلاقة المحرمة شرعا. ومع أن الحاكم، في ذلك الوقت، قد عزرهما وشهر بهما، إلا أن العار لحق بعائلة الفتاة التي قادتها الحمية إلى قتل الفتاة. أطلقت أغنية شعبية تتغنى بهذه الحادثة، وحملت الأغنية اسم عائلة الفتاة ” الدودحية”، ويحكى أن العائلة من كانت الطبقة الميسورة. وظلت الأغاني ” الدودحيات” تظهر طيلة فترة الأربعينيات، وحملت معاني رمزية تنتقص من الطبقات العليا في المجتمع.
يقول الأستاذ البردوني: (انتشرت حكاية الدودحية بوجهها الرسمي ووجهها الاجتماعي معاً ، فلم يكن من المعهود أن تطال العقوبات الإمامية البيوت العالية ، وفي آخر الثلاثينات امتدت إلى بنت (الدودحي) وابن عمها ، فأمر قاضي محكمة (الشّعِر) بالتعزير على الشابة والشاب ، فدارت الجموع بهما مرددين عبارات التنديد (الدرداح) في لهجة الشعب ، فزاد حكم التعزير انتشار الحادثة في جميع أصقاع البلاد وأخذت الأغنيات تتمحور (الدودحية ) وحدها كبطلة قصة مثيرة ، ثم امتدت إلى دودحيات في أكثر من بيت ، كما تخبرنا الأغنيات
يا دودحـية ويــاغصـن القنـــا قددردحـوا بش عــلى وادي بـنـــــــا
أمـــان يـــا نازل الـــوادي أمـــــــان)[1]
وكما أخذت الحكاية طريقها إلى مجالس الناس و أشعارهم الشعبية وجدت طريقها نحو كتب الأدب اليمني، بل إنها قد جسدت في مسرحية، من إخراج محمد الرخم، في العام 2013 أتت تحت عنوان ” مهر الدودحية“.
الدودحية رمزا للتشهير والخيانة في التراث الشعبي اليمني
الدودحية في الثقافة الشعبية اليمنية باتت رمزاً للتشهير ورمزاً للخيانة وظل الوسط الشعبي يضيف إليها أيَّ خُلِقٍ مشين. ولم تقف الدودحية عند هذا الحد بل وصلت إلى أن تدخل في خصام النساء في الريف فحين تريد امرأة أن تعرّض بخصيمتها الأخرى تغني وتذكر الدودحية وتردفها باسم أو صفة خصيمتها من مثل قولهن :
يــا دودحيـــة يـا بنـت المرزبان : قـد ارتـــزحتي ومـا به لش أمــــان
أمــــان يـــا نازل الـــوادي أمــــان
وكلمة قد أرتزحتي كناية عن أنها تزوجت واستقرت وفي حياتها ( كسفٌ )[2] وأهلها لا يعرفونه .
بل لقد حملت لنا الحكايات الشعبية التي التقطناها من شفاه أهل القرى ما لم يكن بحسبان الدارس الأكاديمي فقد روى لنا الحاج / ق .ع. غ. أن الدودحية كانت مضرب المثل للمرأة الهواوية التي تهوى النَّفسْ (والنّفسْ يعنى ـ بلغة الراوي ـ الطرب والرقص)، وكانت النسوة عندما ينزلن من السدّة والنادرة وقاع الحقل إلى الحمام الطبيعي حوار[3] قبل وجود طرق السيارات لا بد أن يضعن رحالهن في بيت : ف.أ.ع ويمسين ليلة أو ليلتين وتكون هذه الليالي نفس يستمر من بعد صلاة العشاء إلى قبل الفجر ، وكانت السَّمرة تجمع النساء والرجال على حدٍ سواء ويتبادل الغناء والرقص الرجال والنساء على ضوء مسرجة الزيت أو ذبالة القاز، وقد تغني النساء ويرقص الرجال أو يغني الرجال وترقص النساء ، وكانت أغنية الدودحية ضرورية في كل (ملعاب)[4]، وإذا لم تُغنَ الدودحية من قبل المطرب الذي كان يدق على علبة القاز (تنكة) طلبها الراقصون ومنها قولهم :
* يا دودحية ويا عود اللبــــان : قد دردحوبش على وادي خبان
* يا دودحية قد اهلش فلتــوش : لا بارك الله بذيما زوجــــوش
حين يقف الباحث عند مثل هذه الأحاديث الشعبية يشعر أنه أمام نبع صافٍ متدفق تشع البراءة من أعماق الناس ، ووجدانهم وهم لا يعلمون بأنهم وهبوك درراً ثمينة من موروثنا الشعبي.
الغرائبي والواقعي في الحكاية
إن الدودحية بهذا المفهوم لم تعد تلك المرأة التي مرّت بحادث عابر يجري كل يوم بل كل ساعة في أرجاء المعمورة. بل لقد تحولت في المفهوم الشعبي ـ إلى رمز للرذيلة بسبب الاستخدام السياسي الذي رافق ذلك الحادث ( ففي نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي كانت حكاية الدودحية ـ على وفرة أمثالها ـ ينبوعاً غنائياً رددها الشعب طيلة عشرة أعوام … لهذا كانت حكاية الدودحية أرحب متنفس غنائي ، لا لذات الحادث ، وإنما لعقم الفترة من الأحداث الهزازة ، فقبل حادث الدودحية بدأت الإشارات إلى الكبار بالتهكم الغامض
#مسلسل_العالية الذي أصبح اليوم رائج
يفوز بكل شيء من أغنية التتر وموسيقى التصوير إلى جميع المشاهد والحوارات حتى شقع مقع إنها كانت من الواقع القديم ...
فاز مسلسل العالية بخيال وإبداع الكاتبة وخبرة المخرج الرائع #وليد_العلفي وإبداع جميع أبطال المسلسل وقدرتهم على تقمص ادورهم بطريقة لم نتعود عليها في الدراما اليمنية من قبل...
والأهم أن مسلسل العالية استطاع أن يعكس ويظهر حقبة زمنية مهمة في حياة اليمنيين في الوقت المناسب.
وماقصة #ظبية (أشواق_علي) الإ شبيهه بقصة #الدودحية في الزمن القديم...
#اشواق_علي
الممثلة منى الاصبحي
#مملكة_الدراما_اليمنية
يفوز بكل شيء من أغنية التتر وموسيقى التصوير إلى جميع المشاهد والحوارات حتى شقع مقع إنها كانت من الواقع القديم ...
فاز مسلسل العالية بخيال وإبداع الكاتبة وخبرة المخرج الرائع #وليد_العلفي وإبداع جميع أبطال المسلسل وقدرتهم على تقمص ادورهم بطريقة لم نتعود عليها في الدراما اليمنية من قبل...
والأهم أن مسلسل العالية استطاع أن يعكس ويظهر حقبة زمنية مهمة في حياة اليمنيين في الوقت المناسب.
وماقصة #ظبية (أشواق_علي) الإ شبيهه بقصة #الدودحية في الزمن القديم...
#اشواق_علي
الممثلة منى الاصبحي
#مملكة_الدراما_اليمنية
" #الدودحية "
مو يعمل القلب واليد خاليه
خيوط
كلمات: عبدالله سلام ناجي
ألحان: محمد عبده زيدي
غناء: محمد عبده زيدي
أغنية الدودحية التي كتب كلماتها الشاعر عبدالله سلام ناجي وظهرت مغناة أوائل السبعينيات- بصوتي المطربين الرائدين محمد عبده زيدي وفرسان خليفة وبلحنين مختلفين- هي من نصوص المعالجات الاجتماعية الرائدة لعلاقة الفئات الشعبية المسحوقة بالطبقة الاقطاعية المتملكة والمؤثرة، وكيف أن الوعي الشعبي استغل تجاوز احدى فتيات هذه الطبقة المنتمية للمنطقة الوسطى في اليمن تقاليد المجتمع وهروبها مع ابن عمها ، بعد أن رفض الأب تزويجه بها لينتج هذا الوعي سرديات عديدة للتعريض بهذه الطبقة ، لكنه بالمقابل لم ينظر إلى مظلومية المرأة في دفاعها عن خياراتها العاطفية، حتى أعادت نصوص مثل؛ خطر غصن القنا لمطهر الارياني والدودحية لعبد الله سلام ناجي زاوية الرؤية لهذه الحالة ومعالجاتها جمالياَ.
تقول كلمات أغنية الدودحية التي كُتيت بصوت ابن العم الذي هربت معه الفتاة ( الدودحية) بصوت الفنان الزيدي:
غدّر عليَّه بوادي الـدودحي غدّر عليّه
ورده فراجم وغصنه مستحي غدَّر عليَّه
والنجم سامر يواسى الـدودحي غدَّر عليّه
ومنك تصدع قليبه ما يحي غدَّر عليّه
أمان يا نازل الوادي أمان
يا دودحيه وأنا ابن عمك أنا وانتي الذي تدري بموتم بيننا
لا الذنب ذنبك ولا ذنبي أنا ذنب الذي من دجا الباب ردّنا
يا دودحيه يا قبوة من درر ما دودح البن إلا بالمطر
لا تسمع الريح هداره والخبر واللّي جمعنا جمعها لو قمر
أمان يا نازل الوادي أمان
يا للّي أنت قاسي وقلبـك من حجر مو ينفع اليوم بكائك والحذر
لا تقـدر أنته ولا غيرك قدر واللي تخافه من الناس قد ظهر
مو يعمل القلب واليد خاليه والدودحي قال بنته غاليه
وكم سألته وجاب مـاهيش ليه للّي معه لهج ويسمر ليليه
أمان يا نازل الوادي أمان (1)
عن الفنان
"يعتبر الفنّان محمد عبده زيدي أحد الفنّانين الذين أثَرَوا الحياة الغنائية اليمنية بأعمالهم العذبة التي راجت في ظروف فنية تميّزت بالاستقطاب الجماهيري الحادّ لتيارَي الفنّانين الكبيرين: محمد مرشد ناجي وأحمد بن أحمد قاسم، ويبدو منذ أول وهلة أنّ بروز الفنّان القدير الزيدي في مناخ كهذا مؤشر هامّ على أصالة ملَكته الموسيقية التي أكّدتها فعلًا تجديداته الموسيقية"؛ كما يقول الفنّان والباحث الموسيقي جابر علي أحمد..
من جهته يقول الباحث والفنّان عصام خليدي، عن الفنان الزيدي:
"حمل على عاتقه مهمة تغيير أسلوب الغناء اليمني من الغناء (التطريبي) إلى أسلوب جديد عُرف بمسمى الغناء (التعبيري)، فقد كان الغناء اليمني حينها يعتمد على قوة الصوت والأداء الذي يستند على السلطنة والتطريب وحرفية الصوت بزخرفاته وعُربه وحلياته أثناء الأداء وهو ما عُرف بالغناء التطريبي، أما الغناء التعبيري يختلف تمامًا عن سابقه اختلافا جذريًّا، إذ إنّ الغناء التعبيري يعتمد على رقة الصوت ودقة التصوير والتعبير الذي يجسد المعاني بإحساس قوي مصحوبًا بأداء هادئٍ عميقٍ راكزٍ للفنان دون تكلف أو افتعال"
عن الشاعر
عبدالله سلام ناجي، مولود في قرية "الأُكيمة"، في منطقة جبل صبران، عزلة بني غازي، بمديرية الشمايتين، قضاء الحجرية، محافظة تعز، في العام 1939. انتقل إلى عدن وهو في السابعة، فدرس في المدرسة الأهلية بالتواهي، التي كانت تستقبل الطلاب الذين حُرموا من الالتحاق بالمدارس الحكومية. التحق بكلية عدن في 1954، وطرد منها لمواقفه السياسية ضدّ الاحتلال.
بعد فصله من الكلية، استطاع الحصول على منحة إلى جمهورية مصر العربية، عبر إحدى التكوينات الاجتماعية في عدن.
في سنوات دراسته الثانوية في مصر، التي أكملها في العام 1961، بدأت مدارك الشاب بالتفتّح على عوالم سياسية وثقافية أكثر اتساعًا ممّا كانت عليه حالته المعرفية إبان تكوينه الباكر في المدرسة الأهلية بالتواهي أو كلية عدن، وانخرط في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي بشكلٍ رسمي في حلقات الطلاب اليمنيين وقتها في القاهرة، حينما كان البعث يمثّل حركة فكرية وثقافية وسياسية ذات تأثيرٍ طاغٍ على الأُدباء والمثقفين الشُّبّان في اليمن.
تقدَّم مجموعة من الطلاب اليمنيين لامتحانات منح الخارجية الأمريكية (منح السيناتور فولبرايت) عبر القنصلية اليمنية في القاهرة في صيف 1962. أُعلن عن قَبول ثلاثةٍ من الطلاب (عبدالله سلام ناجي، ومحمد نعمان غالب القدسي، وعلوان سعيد الشيباني)، غير أنّ عبدالله سلام ناجي استُبعد لعدم تجاوزه الفحص الطبّي.
بعد تعذّر سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التحق بجامعة القاهرة كطالب طب، غير أنّه لم يستمرّ طويلًا، إذ قامت الأجهزة المصرية بالتضييق عليه، وكان قريبًا من دخول المعتقل بسبب انتمائه السياسي، لولا مغادرته السريعة أرض مصر؛ ويقال إنّ الفنّان محمد مرشد ناجي كان له دورًا في إخراجه من مصر، وإن صحّت هذه الرواية يعني
مو يعمل القلب واليد خاليه
خيوط
كلمات: عبدالله سلام ناجي
ألحان: محمد عبده زيدي
غناء: محمد عبده زيدي
أغنية الدودحية التي كتب كلماتها الشاعر عبدالله سلام ناجي وظهرت مغناة أوائل السبعينيات- بصوتي المطربين الرائدين محمد عبده زيدي وفرسان خليفة وبلحنين مختلفين- هي من نصوص المعالجات الاجتماعية الرائدة لعلاقة الفئات الشعبية المسحوقة بالطبقة الاقطاعية المتملكة والمؤثرة، وكيف أن الوعي الشعبي استغل تجاوز احدى فتيات هذه الطبقة المنتمية للمنطقة الوسطى في اليمن تقاليد المجتمع وهروبها مع ابن عمها ، بعد أن رفض الأب تزويجه بها لينتج هذا الوعي سرديات عديدة للتعريض بهذه الطبقة ، لكنه بالمقابل لم ينظر إلى مظلومية المرأة في دفاعها عن خياراتها العاطفية، حتى أعادت نصوص مثل؛ خطر غصن القنا لمطهر الارياني والدودحية لعبد الله سلام ناجي زاوية الرؤية لهذه الحالة ومعالجاتها جمالياَ.
تقول كلمات أغنية الدودحية التي كُتيت بصوت ابن العم الذي هربت معه الفتاة ( الدودحية) بصوت الفنان الزيدي:
غدّر عليَّه بوادي الـدودحي غدّر عليّه
ورده فراجم وغصنه مستحي غدَّر عليَّه
والنجم سامر يواسى الـدودحي غدَّر عليّه
ومنك تصدع قليبه ما يحي غدَّر عليّه
أمان يا نازل الوادي أمان
يا دودحيه وأنا ابن عمك أنا وانتي الذي تدري بموتم بيننا
لا الذنب ذنبك ولا ذنبي أنا ذنب الذي من دجا الباب ردّنا
يا دودحيه يا قبوة من درر ما دودح البن إلا بالمطر
لا تسمع الريح هداره والخبر واللّي جمعنا جمعها لو قمر
أمان يا نازل الوادي أمان
يا للّي أنت قاسي وقلبـك من حجر مو ينفع اليوم بكائك والحذر
لا تقـدر أنته ولا غيرك قدر واللي تخافه من الناس قد ظهر
مو يعمل القلب واليد خاليه والدودحي قال بنته غاليه
وكم سألته وجاب مـاهيش ليه للّي معه لهج ويسمر ليليه
أمان يا نازل الوادي أمان (1)
عن الفنان
"يعتبر الفنّان محمد عبده زيدي أحد الفنّانين الذين أثَرَوا الحياة الغنائية اليمنية بأعمالهم العذبة التي راجت في ظروف فنية تميّزت بالاستقطاب الجماهيري الحادّ لتيارَي الفنّانين الكبيرين: محمد مرشد ناجي وأحمد بن أحمد قاسم، ويبدو منذ أول وهلة أنّ بروز الفنّان القدير الزيدي في مناخ كهذا مؤشر هامّ على أصالة ملَكته الموسيقية التي أكّدتها فعلًا تجديداته الموسيقية"؛ كما يقول الفنّان والباحث الموسيقي جابر علي أحمد..
من جهته يقول الباحث والفنّان عصام خليدي، عن الفنان الزيدي:
"حمل على عاتقه مهمة تغيير أسلوب الغناء اليمني من الغناء (التطريبي) إلى أسلوب جديد عُرف بمسمى الغناء (التعبيري)، فقد كان الغناء اليمني حينها يعتمد على قوة الصوت والأداء الذي يستند على السلطنة والتطريب وحرفية الصوت بزخرفاته وعُربه وحلياته أثناء الأداء وهو ما عُرف بالغناء التطريبي، أما الغناء التعبيري يختلف تمامًا عن سابقه اختلافا جذريًّا، إذ إنّ الغناء التعبيري يعتمد على رقة الصوت ودقة التصوير والتعبير الذي يجسد المعاني بإحساس قوي مصحوبًا بأداء هادئٍ عميقٍ راكزٍ للفنان دون تكلف أو افتعال"
عن الشاعر
عبدالله سلام ناجي، مولود في قرية "الأُكيمة"، في منطقة جبل صبران، عزلة بني غازي، بمديرية الشمايتين، قضاء الحجرية، محافظة تعز، في العام 1939. انتقل إلى عدن وهو في السابعة، فدرس في المدرسة الأهلية بالتواهي، التي كانت تستقبل الطلاب الذين حُرموا من الالتحاق بالمدارس الحكومية. التحق بكلية عدن في 1954، وطرد منها لمواقفه السياسية ضدّ الاحتلال.
بعد فصله من الكلية، استطاع الحصول على منحة إلى جمهورية مصر العربية، عبر إحدى التكوينات الاجتماعية في عدن.
في سنوات دراسته الثانوية في مصر، التي أكملها في العام 1961، بدأت مدارك الشاب بالتفتّح على عوالم سياسية وثقافية أكثر اتساعًا ممّا كانت عليه حالته المعرفية إبان تكوينه الباكر في المدرسة الأهلية بالتواهي أو كلية عدن، وانخرط في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي بشكلٍ رسمي في حلقات الطلاب اليمنيين وقتها في القاهرة، حينما كان البعث يمثّل حركة فكرية وثقافية وسياسية ذات تأثيرٍ طاغٍ على الأُدباء والمثقفين الشُّبّان في اليمن.
تقدَّم مجموعة من الطلاب اليمنيين لامتحانات منح الخارجية الأمريكية (منح السيناتور فولبرايت) عبر القنصلية اليمنية في القاهرة في صيف 1962. أُعلن عن قَبول ثلاثةٍ من الطلاب (عبدالله سلام ناجي، ومحمد نعمان غالب القدسي، وعلوان سعيد الشيباني)، غير أنّ عبدالله سلام ناجي استُبعد لعدم تجاوزه الفحص الطبّي.
بعد تعذّر سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التحق بجامعة القاهرة كطالب طب، غير أنّه لم يستمرّ طويلًا، إذ قامت الأجهزة المصرية بالتضييق عليه، وكان قريبًا من دخول المعتقل بسبب انتمائه السياسي، لولا مغادرته السريعة أرض مصر؛ ويقال إنّ الفنّان محمد مرشد ناجي كان له دورًا في إخراجه من مصر، وإن صحّت هذه الرواية يعني