معرفة الأسرار،
ومن الكهنة من يزعم أن له تابعا من الجن يلقي عليه الأخبار، ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه،
ومنهم من يدعي معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله،
وهذا القسم يسمى عرافا، كمن يدعي معرفة المسروق ومكان السرقة والضالة ونحوهما.
والمنجّم: من ينظر في النجوم أي الكواكب، ويحسب سيرها ومواقيتها، ليعلم ب ها أحوال العالم وحوادثه التي تقع في المستقبل والتصديق بأخبار المنجمين هو في الحقيقة إيمان بالنجوم،
وكان من إيمانهم بالنجوم الإيمان بالأنواء، فكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا
وكانت فيهم الطّيرة (بكسر ففتح) وهي التشاؤم بالشيء، وأصله أنهم كانوا يأتون الطير أو الظبي فينفرونه، فإن أخذ ذات اليمين مضوا إلى ما قصدوا، وعدوه حسنا، وإن أخذ ذات الشمال انتهوا عن ذلك وتشاءموا، وكانوا يتشاءمون كذلك إن عرض الطير أو الحيوان في طريقهم.
ويقرب من هذا تعليقهم كعب الأرنب، والتشاؤم ببعض الأيام والشهور والحيوانات والدور والنساء، والاعتقاد بالعدوى والهامة،
فكانوا يعتقدون أن المقتول لا يسكن جأشه ما لم يؤخذ بثأره، وتصير روحه هامة أي بومة تطير في الفلوات وتقول: صدى صدى أو أسقوني أسقوني، فإذا أخذ بثأره سكن واستراح
كان أهل الجاهلية على ذلك وفيهم بقايا من دين #إبراهيم ولم يتركوه كله،
مثل تعظيم #البيت والطواف به، والحج، والعمرة، والوقوف بعرفة، والمزدلفة وإهداء البدن، نعم ابتدعوا في ذلك بدعا.
منها أن قريشا كانوا يقولون: نحن بنو #إبراهيم وأهل الحرم، وولاة البيت وقاطنو #مكة، وليس لأحد من العرب مثل حقنا ومنزلتنا - وكانوا يسمون أنفسهم الحمس -
فلا ينبغي لنا أن نخرج من الحرم إلى الحل، فكانوا لا يقفون بعرفة، ولا يفيضون منها وإنما كانوا يفيضون من المزدلفة
وفيهم أنزل:" ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاس "ُ
[البقرة:١٩٩]
ومنها أنهم قالوا: لا ينبغي للحمس أن يغطوا الأقط ولا يسلئوا السمن، وهم حرم، ولا يدخلوا بيتا من شعر، ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما داموا حرما
ومنها أنهم قالوا: لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاؤوا به من الحل إلى الحرم إذا جاؤوا حجاجا أو عمارا
ومنها أنهم أمروا أهل الحل ألايطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس، فإن لم يجدوا شيئا فكان الرجال يطوفون عراة، وكانت المرأة تضع ثيابها كلها إلا درعا مفرجا ثم تطوف فيه وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أحله
وأنزل الله في ذلك: " يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ " [الأعراف: ٣١] ،
فإن تكرم أحد من الرجل والمرأة فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها بعد الطواف، ولا ينتفع بها هؤلاء ولا أحد غيره
ومنها أنهم كانوا لا يأتون بيوتهم من أبوابها في حال الإحرام، بل كانوا ينقبون في ظهور البيوت نقبا يدخلون ويخرجون منه، وكانوا يحسبون ذلك الجفاء برا وقد منعه القرآن:
كانت هذه الديانة- ديانة الشرك وعبادة الأوثان، والاعتقاد بالوهميات والخرافيات - ديانة معظم العرب، وقد وجدت اليهودية، والمسيحية، والمجوسية والصابئية سبيلا للدخول في ربوع العرب.
يتبع غدا بإذن الله
=========================
@taye5 🇾🇪 @taye5 🇾🇪
ومن الكهنة من يزعم أن له تابعا من الجن يلقي عليه الأخبار، ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه،
ومنهم من يدعي معرفة الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله،
وهذا القسم يسمى عرافا، كمن يدعي معرفة المسروق ومكان السرقة والضالة ونحوهما.
والمنجّم: من ينظر في النجوم أي الكواكب، ويحسب سيرها ومواقيتها، ليعلم ب ها أحوال العالم وحوادثه التي تقع في المستقبل والتصديق بأخبار المنجمين هو في الحقيقة إيمان بالنجوم،
وكان من إيمانهم بالنجوم الإيمان بالأنواء، فكانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا
وكانت فيهم الطّيرة (بكسر ففتح) وهي التشاؤم بالشيء، وأصله أنهم كانوا يأتون الطير أو الظبي فينفرونه، فإن أخذ ذات اليمين مضوا إلى ما قصدوا، وعدوه حسنا، وإن أخذ ذات الشمال انتهوا عن ذلك وتشاءموا، وكانوا يتشاءمون كذلك إن عرض الطير أو الحيوان في طريقهم.
ويقرب من هذا تعليقهم كعب الأرنب، والتشاؤم ببعض الأيام والشهور والحيوانات والدور والنساء، والاعتقاد بالعدوى والهامة،
فكانوا يعتقدون أن المقتول لا يسكن جأشه ما لم يؤخذ بثأره، وتصير روحه هامة أي بومة تطير في الفلوات وتقول: صدى صدى أو أسقوني أسقوني، فإذا أخذ بثأره سكن واستراح
كان أهل الجاهلية على ذلك وفيهم بقايا من دين #إبراهيم ولم يتركوه كله،
مثل تعظيم #البيت والطواف به، والحج، والعمرة، والوقوف بعرفة، والمزدلفة وإهداء البدن، نعم ابتدعوا في ذلك بدعا.
منها أن قريشا كانوا يقولون: نحن بنو #إبراهيم وأهل الحرم، وولاة البيت وقاطنو #مكة، وليس لأحد من العرب مثل حقنا ومنزلتنا - وكانوا يسمون أنفسهم الحمس -
فلا ينبغي لنا أن نخرج من الحرم إلى الحل، فكانوا لا يقفون بعرفة، ولا يفيضون منها وإنما كانوا يفيضون من المزدلفة
وفيهم أنزل:" ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاس "ُ
[البقرة:١٩٩]
ومنها أنهم قالوا: لا ينبغي للحمس أن يغطوا الأقط ولا يسلئوا السمن، وهم حرم، ولا يدخلوا بيتا من شعر، ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما داموا حرما
ومنها أنهم قالوا: لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاؤوا به من الحل إلى الحرم إذا جاؤوا حجاجا أو عمارا
ومنها أنهم أمروا أهل الحل ألايطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس، فإن لم يجدوا شيئا فكان الرجال يطوفون عراة، وكانت المرأة تضع ثيابها كلها إلا درعا مفرجا ثم تطوف فيه وتقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أحله
وأنزل الله في ذلك: " يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ " [الأعراف: ٣١] ،
فإن تكرم أحد من الرجل والمرأة فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها بعد الطواف، ولا ينتفع بها هؤلاء ولا أحد غيره
ومنها أنهم كانوا لا يأتون بيوتهم من أبوابها في حال الإحرام، بل كانوا ينقبون في ظهور البيوت نقبا يدخلون ويخرجون منه، وكانوا يحسبون ذلك الجفاء برا وقد منعه القرآن:
كانت هذه الديانة- ديانة الشرك وعبادة الأوثان، والاعتقاد بالوهميات والخرافيات - ديانة معظم العرب، وقد وجدت اليهودية، والمسيحية، والمجوسية والصابئية سبيلا للدخول في ربوع العرب.
يتبع غدا بإذن الله
=========================
@taye5 🇾🇪 @taye5 🇾🇪
#المره #الحجة #البيت #أم العيال #أم_الصبيان ووو
ثقافة التسمية الحضرمية
الذهنية التقليدية لم تزل تُنتج النعوت الدونية التي تلاحق النساء
د. عبده بن بدر
يتناول المقال ثقافة التسمية عند الحضارمة التي تتشابه في بعض صورها في الوطن العربي، فالجريري حاول أن يفنّد هذه الثقافة، وعدّها ثقافةً لا تليق بكرامة المرأة فهي تنتهك هويتها؛ لأنها تحجب اسمها الحقيقي، فتصبح مجرّدة من هويتها، ولا يُعلن عن اسمها الحقيقي إلا في عقد قرانها وموتها.
للجريري (سعيد سالم سعيد)، كتابٌ يعلن فيه خروجه الصريح عن ذهنية أهله من الحضارمة المولعين بالتقليد في التسمية، وقضايا أُخرى تتعلق بالحريات، أسماه (من خارج الكهف). إذ يرى أنهم ما زالوا داخل الكهف، يُعيدون إنتاج ثقافة التقليد، ويفتخرون بها، وهو مُصِرٌّ على تمردّه على هذه الذهنية، فعزّز خروجه بعبارة دالة هي: "بعيدًا عن سرير بروكرست الحضرمي"، وبروكرست السفاح على أسطوريته، غدا طريقةً في التفكير تنحاز بشدة إلى النمطية، وتتعسف الإبداع الحرّ العابر للجغرافيات والإثنيات. والجريري مع الثقافة الحية التي تشجّع الإبداع الحرّ القادر على الإسهام في تأسيس المجتمع المدني، وهذا التوجه جعله مناهضًا لثقافة احتكار المرأة، وتجلّى ذلك في أكثر من مظهر عند الحضارمة، منها طريقة التسميات الخاصة بالمرأة، والأمر لا يتمثّل في اختيار الأسماء الخشنة أو الناعمة، بل في تدويرها داخل عائلاتهم، فضلًا عن انتهاك اسمها، إذ تحدث تقلّبات فيه؛ بحسب سنّها وموقعها في نظام القرابة العائلي، ففاطمة البنت الصغيرة تصبح فطومة، وحينما تكبر تصبح "البنية أو الزقرة أو العذراء"، وعندما تتزوج تصبح أم الأولاد وأم العيال ثم تصبح أم صالح حتى لو كان ابنها غير صالح، وأخيرًا قد تصبح "الشغلة".
فعل بروكرست الغاشم
إنّ الجريري يقاتل مع المقاتلين عن قضايا المرأة بالمعرفة المشحونة بحرارة التنوير مرة، ومرة أخرى بوخزات العبارة الساخرة الهادفة، وجُل مقالات الكتاب أنشودة تصدح بالغناء للمرأة الإنسان الذي نالت من كرامته الثقافةُ المعادية للأنوثة، والجريري يقرف من هذه العداوة غير المسؤولة المخربة لروح الإبداع، وهو ينحاز إلى عالم الأنثى ويطرب له. وأنوثته ليس فيها تمييز وتضييق، بل توسيع وتثوير، بل الأنوثة هنا ليست بيولوجية بل ثقافية كونية، تطمع في تلوين العالم بلون الأنوثة، وقد تزينت العنوانات الفرعية بهذا اللون، مثل: "أن تشعر بأنوثتك"، "تأنيث السلطة"، "سلمية الثورة"، "نساء عمر عبدالعزيز"، "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، "الحب.. ذلك المغضوب عليه".
والمقال المبسوط بين يدي القارئ، سيركز على تلك المقالات التي لها علاقة بثقافة التسمية عند الحضارمة، وهي ثقافة لا تستقر على معاملة إنسانية تليق بالمرأة، فاسمها الذي يمثّل وجودها وتعرف به عند الآخرين يُنتهك، ومثل هذه الثقافة يسخر منها الجريري، ويرى أنّها لصيقة بالذهنية التقليدية التي تمارس فعل بروكرست الغاشم الذي يقطّع ضحيته ولا يتركها حتى تستقر على سريره المؤطر بمقاسات صارمة. وذهنية الحضرمي تُجرِي تقلبات في تسمية المرأة حتى تستقر على سرير التقاليد المحنطة.
إنّ هذه الذهنية تجعل الحضرمي لا يشير إلى أخته باسمها، بل يطلق عليها "الكريمة" أو "الحرمة" أو "الشغلة"، واذا اشتط به الغضب يطلق عليها "المذلولة"، وهذه الطريقة المريبة في التعامل المتقلب مع اسم المرأة الزوجة أو الأخت تسيء إلى وظيفة اللغة، فبدلًا من أن تتحول اللغة إلى مسكن للوجود والمعرفة بموجوداته، بحسب المفهوم الهيدجري، تصبح تسترًا يصعب به فهم أشيائه وأحيائه، فاسمها الذي يحمل هويتها ويظللها بمعناه، يطاح به، لتصبح بلا هوية وبلا معنى فهي "الشغلة"، كلمة لا معنى لها، لا تعني شيئًا، وقد تعني كل شيء. وفي المقال الموسوم "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، يكشف الجريري عن الربط الحتمي بين اسم الطفلة واسم جدتها، سواء من جهة الأم أم الأب. ومثل هذا المصير لا يكف عن التدوير عند بعض العائلات.
والأمر لا يتوقف عند هذا المستوى من التعامل بشأن تسمية المرأة، بل إنّ هذا الاسم يتم التستر عليه وحجبه، بحسب السياقات ومتطلباتها. وترتفع درجة التستر والحجب في التعامل مع اسم الحبيبة الأنثى؛ لأنّها حكاية الحكايات الجميلة التي تستفز كل القبح الموجود في الذهنية التقليدية التي تصرّ على التستر عليه بوساطة متاريس اللغة المتزمتة تجاه المرأة، وهذا التزمت والتستر لا يزيد المرأة إلا ظهورًا في الأنفس والأرواح.
ثقافة التسمية الحضرمية
الذهنية التقليدية لم تزل تُنتج النعوت الدونية التي تلاحق النساء
د. عبده بن بدر
يتناول المقال ثقافة التسمية عند الحضارمة التي تتشابه في بعض صورها في الوطن العربي، فالجريري حاول أن يفنّد هذه الثقافة، وعدّها ثقافةً لا تليق بكرامة المرأة فهي تنتهك هويتها؛ لأنها تحجب اسمها الحقيقي، فتصبح مجرّدة من هويتها، ولا يُعلن عن اسمها الحقيقي إلا في عقد قرانها وموتها.
للجريري (سعيد سالم سعيد)، كتابٌ يعلن فيه خروجه الصريح عن ذهنية أهله من الحضارمة المولعين بالتقليد في التسمية، وقضايا أُخرى تتعلق بالحريات، أسماه (من خارج الكهف). إذ يرى أنهم ما زالوا داخل الكهف، يُعيدون إنتاج ثقافة التقليد، ويفتخرون بها، وهو مُصِرٌّ على تمردّه على هذه الذهنية، فعزّز خروجه بعبارة دالة هي: "بعيدًا عن سرير بروكرست الحضرمي"، وبروكرست السفاح على أسطوريته، غدا طريقةً في التفكير تنحاز بشدة إلى النمطية، وتتعسف الإبداع الحرّ العابر للجغرافيات والإثنيات. والجريري مع الثقافة الحية التي تشجّع الإبداع الحرّ القادر على الإسهام في تأسيس المجتمع المدني، وهذا التوجه جعله مناهضًا لثقافة احتكار المرأة، وتجلّى ذلك في أكثر من مظهر عند الحضارمة، منها طريقة التسميات الخاصة بالمرأة، والأمر لا يتمثّل في اختيار الأسماء الخشنة أو الناعمة، بل في تدويرها داخل عائلاتهم، فضلًا عن انتهاك اسمها، إذ تحدث تقلّبات فيه؛ بحسب سنّها وموقعها في نظام القرابة العائلي، ففاطمة البنت الصغيرة تصبح فطومة، وحينما تكبر تصبح "البنية أو الزقرة أو العذراء"، وعندما تتزوج تصبح أم الأولاد وأم العيال ثم تصبح أم صالح حتى لو كان ابنها غير صالح، وأخيرًا قد تصبح "الشغلة".
فعل بروكرست الغاشم
إنّ الجريري يقاتل مع المقاتلين عن قضايا المرأة بالمعرفة المشحونة بحرارة التنوير مرة، ومرة أخرى بوخزات العبارة الساخرة الهادفة، وجُل مقالات الكتاب أنشودة تصدح بالغناء للمرأة الإنسان الذي نالت من كرامته الثقافةُ المعادية للأنوثة، والجريري يقرف من هذه العداوة غير المسؤولة المخربة لروح الإبداع، وهو ينحاز إلى عالم الأنثى ويطرب له. وأنوثته ليس فيها تمييز وتضييق، بل توسيع وتثوير، بل الأنوثة هنا ليست بيولوجية بل ثقافية كونية، تطمع في تلوين العالم بلون الأنوثة، وقد تزينت العنوانات الفرعية بهذا اللون، مثل: "أن تشعر بأنوثتك"، "تأنيث السلطة"، "سلمية الثورة"، "نساء عمر عبدالعزيز"، "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، "الحب.. ذلك المغضوب عليه".
والمقال المبسوط بين يدي القارئ، سيركز على تلك المقالات التي لها علاقة بثقافة التسمية عند الحضارمة، وهي ثقافة لا تستقر على معاملة إنسانية تليق بالمرأة، فاسمها الذي يمثّل وجودها وتعرف به عند الآخرين يُنتهك، ومثل هذه الثقافة يسخر منها الجريري، ويرى أنّها لصيقة بالذهنية التقليدية التي تمارس فعل بروكرست الغاشم الذي يقطّع ضحيته ولا يتركها حتى تستقر على سريره المؤطر بمقاسات صارمة. وذهنية الحضرمي تُجرِي تقلبات في تسمية المرأة حتى تستقر على سرير التقاليد المحنطة.
إنّ هذه الذهنية تجعل الحضرمي لا يشير إلى أخته باسمها، بل يطلق عليها "الكريمة" أو "الحرمة" أو "الشغلة"، واذا اشتط به الغضب يطلق عليها "المذلولة"، وهذه الطريقة المريبة في التعامل المتقلب مع اسم المرأة الزوجة أو الأخت تسيء إلى وظيفة اللغة، فبدلًا من أن تتحول اللغة إلى مسكن للوجود والمعرفة بموجوداته، بحسب المفهوم الهيدجري، تصبح تسترًا يصعب به فهم أشيائه وأحيائه، فاسمها الذي يحمل هويتها ويظللها بمعناه، يطاح به، لتصبح بلا هوية وبلا معنى فهي "الشغلة"، كلمة لا معنى لها، لا تعني شيئًا، وقد تعني كل شيء. وفي المقال الموسوم "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، يكشف الجريري عن الربط الحتمي بين اسم الطفلة واسم جدتها، سواء من جهة الأم أم الأب. ومثل هذا المصير لا يكف عن التدوير عند بعض العائلات.
والأمر لا يتوقف عند هذا المستوى من التعامل بشأن تسمية المرأة، بل إنّ هذا الاسم يتم التستر عليه وحجبه، بحسب السياقات ومتطلباتها. وترتفع درجة التستر والحجب في التعامل مع اسم الحبيبة الأنثى؛ لأنّها حكاية الحكايات الجميلة التي تستفز كل القبح الموجود في الذهنية التقليدية التي تصرّ على التستر عليه بوساطة متاريس اللغة المتزمتة تجاه المرأة، وهذا التزمت والتستر لا يزيد المرأة إلا ظهورًا في الأنفس والأرواح.
يتم التستر على اسم المرأة وحجبه، بحسب السياقات ومتطلباتها. وترتفع درجة التستر والحجب في التعامل مع اسم الحبيبة الأنثى؛ لأنها حكاية الحكايات الجميلة التي تستفز كل القبح الموجود في الذهنية التقليدية التي تصرّ على التستر عليه بوساطة متاريس اللغة المتزمتة تجاه المرأة، وهذا التزمت والتستر لا يزيد المرأة إلا ظهورًا في الأنفس والأرواح.
#إدام_القوت
إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت
وما ألذّ ما تسمع آيات القرآن من لسانه في الصّلاة الجهريّة ، بصوته الجهير ، ونغمته الشّجيّة ، غضّة طريّة ، تكاد تنتزع القلوب من أماكنها ، ويخيّل لهم أنّهم لم يسمعوها من قبل ، وأنّها إنّما نزلت تلك السّاعة ، حتّى ليحسب المقتدون بما يشملهم من اللّذّة ويغمرهم من الهيبة ويستولي عليهم من الخشوع أن قد انفصلوا عن عالم الحسّ ، والتحقوا بعوالم القدس ، بحيث لا يمكن لمسبوق أن يقرأ (الفاتحة) من خلفه.
وأذكر أيّامي لديه فأنثني
على كبدي من خشية أن تقطّعا (١)
وما أذكر صلاة أشفى للنّفس ، وأجمع للقلب ، وأبرد للخاطر وأنفى للهمّ ، وأدنى إلى الإخلاص من صلواتي في الجهريّات خلفه ، وخلف شيخنا الفاضل الشّيخ حسن بن عوض بن زين مخدّم ، وصلواتي خلف الأستاذ الأبرّ جهريّة كانت أو سرّيّة ؛ فإنّه يسري إلينا سرّ من إخلاصه ، يلذّ لنا به التّطويل مطلقا.
وأذكر أنّ أوّل صلاة كانت لي بالمسجد الحرام لمّا حججنا في سنة (١٣٢٢ ه) هي الصّبح خلف واحد من العلماء ـ يدعى فيما أتوهّم خوقير ـ قرأ في الأولى بالتّين فكاد القلب يخرج عن شغافه عند إشارته إلى البلد بقوله : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) ثمّ ما كفاه حتّى قرأ في الثّانية سورة ـ (قريش) فلا تسل عمّا داخلني عند إشارته إلى #البيت ـ وما بيننا وبينه إلّا ثمانية أذرع أو أقلّ ـ بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) فلو لا الاعتصام بالأجل .. لا لتحقت الرّوح بالباري عزّ وجلّ ، ولكنّي :
ضممت على قلبي يديّ مخافة
وقد قرعته بالغطاة القوارع (٢)
وما ينفع القلب الّذي طاش لبّه
لتلك المعاني أن تضمّ الأصابع
______
(١) البيت من الطّويل ، وهو للصّمّة بن عبد الله القشيريّ ، بتغيير بسيط.
(٢) البيتان من الطّويل ، وهما كما عند ابن نباتة السّعديّ :
أضمّ على قلبي يديّ مخافة
إذا لاح لي برق من الشّرق لامع
وما ينفع القلب الّذي بان إلفه
إذا طار شوقا أن تضمّ الأضالع
إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت
وما ألذّ ما تسمع آيات القرآن من لسانه في الصّلاة الجهريّة ، بصوته الجهير ، ونغمته الشّجيّة ، غضّة طريّة ، تكاد تنتزع القلوب من أماكنها ، ويخيّل لهم أنّهم لم يسمعوها من قبل ، وأنّها إنّما نزلت تلك السّاعة ، حتّى ليحسب المقتدون بما يشملهم من اللّذّة ويغمرهم من الهيبة ويستولي عليهم من الخشوع أن قد انفصلوا عن عالم الحسّ ، والتحقوا بعوالم القدس ، بحيث لا يمكن لمسبوق أن يقرأ (الفاتحة) من خلفه.
وأذكر أيّامي لديه فأنثني
على كبدي من خشية أن تقطّعا (١)
وما أذكر صلاة أشفى للنّفس ، وأجمع للقلب ، وأبرد للخاطر وأنفى للهمّ ، وأدنى إلى الإخلاص من صلواتي في الجهريّات خلفه ، وخلف شيخنا الفاضل الشّيخ حسن بن عوض بن زين مخدّم ، وصلواتي خلف الأستاذ الأبرّ جهريّة كانت أو سرّيّة ؛ فإنّه يسري إلينا سرّ من إخلاصه ، يلذّ لنا به التّطويل مطلقا.
وأذكر أنّ أوّل صلاة كانت لي بالمسجد الحرام لمّا حججنا في سنة (١٣٢٢ ه) هي الصّبح خلف واحد من العلماء ـ يدعى فيما أتوهّم خوقير ـ قرأ في الأولى بالتّين فكاد القلب يخرج عن شغافه عند إشارته إلى البلد بقوله : (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) ثمّ ما كفاه حتّى قرأ في الثّانية سورة ـ (قريش) فلا تسل عمّا داخلني عند إشارته إلى #البيت ـ وما بيننا وبينه إلّا ثمانية أذرع أو أقلّ ـ بقوله : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) فلو لا الاعتصام بالأجل .. لا لتحقت الرّوح بالباري عزّ وجلّ ، ولكنّي :
ضممت على قلبي يديّ مخافة
وقد قرعته بالغطاة القوارع (٢)
وما ينفع القلب الّذي طاش لبّه
لتلك المعاني أن تضمّ الأصابع
______
(١) البيت من الطّويل ، وهو للصّمّة بن عبد الله القشيريّ ، بتغيير بسيط.
(٢) البيتان من الطّويل ، وهما كما عند ابن نباتة السّعديّ :
أضمّ على قلبي يديّ مخافة
إذا لاح لي برق من الشّرق لامع
وما ينفع القلب الّذي بان إلفه
إذا طار شوقا أن تضمّ الأضالع