#زيد_محمد_الفرح
(( يمانية الأوس والخزرج اصحاب رسول الله )) جاء اسم الأوس كإحدى القبائل اليمنية الهامة في نقوش المسند اليمنية قبل الانتقال من اليمن بعدة قرون وذلك كما ورد في النقش المسند بموقع يثل براقش رقم النقش ( ١ فخري ٢٩٢٩ هومل ) ويذكر النقش زعماء ( مراد - وبني هانئ - وأوس ) ويعود إلى القرن الخامس والرابع قبل الميلاد مما يدل على ان الأوس هم اقدم من قبائل الأزد الذين رحلوا من اليمن فكلهم من اليمن قال حسان بن ثابت الأنصاري :-
ونحن أناس أصلنا الأزد منهم * نضارا نبتنا في الفروع النواظر
ونحن بنو الغوث ابن نبت مالك * ابن زيد ابن كهلان وأهل المفاخر
يمانون تدعونا سبأ فنجيبها * إلى الجوهر المكنون خير الجواهر
وكذلك الخزرج رحلوا من اليمن ومنهم الصحابي الأمير النعمان بن بشير بن سعد بن نصر بن ثعلبة بن خلاس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث الخزرج وهو القائل من قصيدة في كتاب الإكليل وكتاب الأغاني : -
ومن سبأ أصلي وفرعي ومحتدي * تنازعني منها الجدود الأكارم
لنا من بني قحطان سبعون تبعا" * أطاعت لهم بالخرج الأعاجم
ومنا ملوك الناس فهد وتبع * وعبد كلال والقروم القماقم
وحسان ذو الشعبين منا ويرعش * وذو يزن تلك البحور الخضارم
لقد كان اليمنيون يمثلون الغالبية في جيش رسول آلله وهم الأنصار ( الأوس والخزرج بأكملهم ) وكذلك اليمنيون الذين ساروا من قبائل اليمن وانضموا إلى رسول الله ، يقول ابن خلدون (( ولما كان فتح مكة سنة ثمان وغزوة حنين على إثرها وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم فيمن كان يستألفه على الاسلام من قريش وسواهم ، وجد الأنصار في أنفسهم وقالوا : سيوفنا تقطر من دمائهم وغنائمنا تقسم فيهم ، مع أنهم ( أي الأنصار )) كانوا ظنو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فتح بلاده وجمع على الدين قومه أنه سيقيم بأرضه وله غنية عنهم ، وسمعوا ذلك من بعض المنافقين ، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم وقال : يامعشر الأنصار ما الذي بلغكم عني ؟ فصدقوه الحديث ، فقال : ألم تكونوا ضلالا" فهداكم الله بي وعالة فأغناكم الله ومتفرقين فجمعكم الله ، فقالوا ( بلى ) الله ورسوله أمن ، فقال : لو شئتم لقلتم جئتنا طريدا" فآويناك ومكذبا" فصدقناك ، ولكن والله إني لأعطي رجالا" استألفهم على الدين وغيرهم أحب إلي ، ألا ترضون أن ينقلب الناس بالشاء والبعير وتنقلبون برسول الله إلى رحالكم ، أما والذي نفسي بيده لولا الهجرة لكنت أمرأ من الأنصار ، الناس دثار وأنتم شعار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا" لسلكت شعب الأنصار ، ففرحوا بذلك ورجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب ، فلم يزل بين أظهرهم إلى أن قبضه الله إليه ))
(( والله الموفق ))
بقلم :- زيد محمد حسين الفرح
(( يمانية الأوس والخزرج اصحاب رسول الله )) جاء اسم الأوس كإحدى القبائل اليمنية الهامة في نقوش المسند اليمنية قبل الانتقال من اليمن بعدة قرون وذلك كما ورد في النقش المسند بموقع يثل براقش رقم النقش ( ١ فخري ٢٩٢٩ هومل ) ويذكر النقش زعماء ( مراد - وبني هانئ - وأوس ) ويعود إلى القرن الخامس والرابع قبل الميلاد مما يدل على ان الأوس هم اقدم من قبائل الأزد الذين رحلوا من اليمن فكلهم من اليمن قال حسان بن ثابت الأنصاري :-
ونحن أناس أصلنا الأزد منهم * نضارا نبتنا في الفروع النواظر
ونحن بنو الغوث ابن نبت مالك * ابن زيد ابن كهلان وأهل المفاخر
يمانون تدعونا سبأ فنجيبها * إلى الجوهر المكنون خير الجواهر
وكذلك الخزرج رحلوا من اليمن ومنهم الصحابي الأمير النعمان بن بشير بن سعد بن نصر بن ثعلبة بن خلاس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث الخزرج وهو القائل من قصيدة في كتاب الإكليل وكتاب الأغاني : -
ومن سبأ أصلي وفرعي ومحتدي * تنازعني منها الجدود الأكارم
لنا من بني قحطان سبعون تبعا" * أطاعت لهم بالخرج الأعاجم
ومنا ملوك الناس فهد وتبع * وعبد كلال والقروم القماقم
وحسان ذو الشعبين منا ويرعش * وذو يزن تلك البحور الخضارم
لقد كان اليمنيون يمثلون الغالبية في جيش رسول آلله وهم الأنصار ( الأوس والخزرج بأكملهم ) وكذلك اليمنيون الذين ساروا من قبائل اليمن وانضموا إلى رسول الله ، يقول ابن خلدون (( ولما كان فتح مكة سنة ثمان وغزوة حنين على إثرها وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم فيمن كان يستألفه على الاسلام من قريش وسواهم ، وجد الأنصار في أنفسهم وقالوا : سيوفنا تقطر من دمائهم وغنائمنا تقسم فيهم ، مع أنهم ( أي الأنصار )) كانوا ظنو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فتح بلاده وجمع على الدين قومه أنه سيقيم بأرضه وله غنية عنهم ، وسمعوا ذلك من بعض المنافقين ، وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم وقال : يامعشر الأنصار ما الذي بلغكم عني ؟ فصدقوه الحديث ، فقال : ألم تكونوا ضلالا" فهداكم الله بي وعالة فأغناكم الله ومتفرقين فجمعكم الله ، فقالوا ( بلى ) الله ورسوله أمن ، فقال : لو شئتم لقلتم جئتنا طريدا" فآويناك ومكذبا" فصدقناك ، ولكن والله إني لأعطي رجالا" استألفهم على الدين وغيرهم أحب إلي ، ألا ترضون أن ينقلب الناس بالشاء والبعير وتنقلبون برسول الله إلى رحالكم ، أما والذي نفسي بيده لولا الهجرة لكنت أمرأ من الأنصار ، الناس دثار وأنتم شعار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا" لسلكت شعب الأنصار ، ففرحوا بذلك ورجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب ، فلم يزل بين أظهرهم إلى أن قبضه الله إليه ))
(( والله الموفق ))
بقلم :- زيد محمد حسين الفرح
#الدودحية:
بين الواقع والمتخيل
#زيد_الفقيه
تتسم المخيلة الشعبية بالقدرة على الاختيار والحفظ والتحوير والتفخيم والتهذيب والإعادة وفقا للاحتياجات الفنية والسياسية والاجتماعية لدى الشعب المحتضن للحكاية. تأخذ الحكاية بعدها الأسطوري من خلال هذه العملية الإنتاجية الشعبية التي تتصف بالمرونة والخصوبة. وفي هذه المقالة سنناقش حكاية يمنية شعبية تسمى بالدودحية وكانت موضوع إنتاج وإعادة إنتاج شعبية منذ نهاية ثلاثينيات القرن العشرين حتى يومنا هذا.
الدودحية الحكاية الخام
الحكاية في صيغتها الخام، كما تشير بعض المصادر، تدور حول قصة عشق بين شاب وشابة في نهايات ثلاثينيات القرن العشرين في إحدى قرى وادي بنا الخصيب وسط اليمن. الفتاة حرمت من الزواج من ابن عمها، مع رغبة كل منهما في الزواج من الآخر، فقادهما العشق إلى العلاقة المحرمة شرعا. ومع أن الحاكم، في ذلك الوقت، قد عزرهما وشهر بهما، إلا أن العار لحق بعائلة الفتاة التي قادتها الحمية إلى قتل الفتاة. أطلقت أغنية شعبية تتغنى بهذه الحادثة، وحملت الأغنية اسم عائلة الفتاة ” الدودحية”، ويحكى أن العائلة من كانت الطبقة الميسورة. وظلت الأغاني ” الدودحيات” تظهر طيلة فترة الأربعينيات، وحملت معاني رمزية تنتقص من الطبقات العليا في المجتمع.
يقول الأستاذ البردوني: (انتشرت حكاية الدودحية بوجهها الرسمي ووجهها الاجتماعي معاً ، فلم يكن من المعهود أن تطال العقوبات الإمامية البيوت العالية ، وفي آخر الثلاثينات امتدت إلى بنت (الدودحي) وابن عمها ، فأمر قاضي محكمة (الشّعِر) بالتعزير على الشابة والشاب ، فدارت الجموع بهما مرددين عبارات التنديد (الدرداح) في لهجة الشعب ، فزاد حكم التعزير انتشار الحادثة في جميع أصقاع البلاد وأخذت الأغنيات تتمحور (الدودحية ) وحدها كبطلة قصة مثيرة ، ثم امتدت إلى دودحيات في أكثر من بيت ، كما تخبرنا الأغنيات
يا دودحـية ويــاغصـن القنـــا قددردحـوا بش عــلى وادي بـنـــــــا
أمـــان يـــا نازل الـــوادي أمـــــــان)[1]
وكما أخذت الحكاية طريقها إلى مجالس الناس و أشعارهم الشعبية وجدت طريقها نحو كتب الأدب اليمني، بل إنها قد جسدت في مسرحية، من إخراج محمد الرخم، في العام 2013 أتت تحت عنوان ” مهر الدودحية“.
الدودحية رمزا للتشهير والخيانة في التراث الشعبي اليمني
الدودحية في الثقافة الشعبية اليمنية باتت رمزاً للتشهير ورمزاً للخيانة وظل الوسط الشعبي يضيف إليها أيَّ خُلِقٍ مشين. ولم تقف الدودحية عند هذا الحد بل وصلت إلى أن تدخل في خصام النساء في الريف فحين تريد امرأة أن تعرّض بخصيمتها الأخرى تغني وتذكر الدودحية وتردفها باسم أو صفة خصيمتها من مثل قولهن :
يــا دودحيـــة يـا بنـت المرزبان : قـد ارتـــزحتي ومـا به لش أمــــان
أمــــان يـــا نازل الـــوادي أمــــان
وكلمة قد أرتزحتي كناية عن أنها تزوجت واستقرت وفي حياتها ( كسفٌ )[2] وأهلها لا يعرفونه .
بل لقد حملت لنا الحكايات الشعبية التي التقطناها من شفاه أهل القرى ما لم يكن بحسبان الدارس الأكاديمي فقد روى لنا الحاج / ق .ع. غ. أن الدودحية كانت مضرب المثل للمرأة الهواوية التي تهوى النَّفسْ (والنّفسْ يعنى ـ بلغة الراوي ـ الطرب والرقص)، وكانت النسوة عندما ينزلن من السدّة والنادرة وقاع الحقل إلى الحمام الطبيعي حوار[3] قبل وجود طرق السيارات لا بد أن يضعن رحالهن في بيت : ف.أ.ع ويمسين ليلة أو ليلتين وتكون هذه الليالي نفس يستمر من بعد صلاة العشاء إلى قبل الفجر ، وكانت السَّمرة تجمع النساء والرجال على حدٍ سواء ويتبادل الغناء والرقص الرجال والنساء على ضوء مسرجة الزيت أو ذبالة القاز، وقد تغني النساء ويرقص الرجال أو يغني الرجال وترقص النساء ، وكانت أغنية الدودحية ضرورية في كل (ملعاب)[4]، وإذا لم تُغنَ الدودحية من قبل المطرب الذي كان يدق على علبة القاز (تنكة) طلبها الراقصون ومنها قولهم :
* يا دودحية ويا عود اللبــــان : قد دردحوبش على وادي خبان
* يا دودحية قد اهلش فلتــوش : لا بارك الله بذيما زوجــــوش
حين يقف الباحث عند مثل هذه الأحاديث الشعبية يشعر أنه أمام نبع صافٍ متدفق تشع البراءة من أعماق الناس ، ووجدانهم وهم لا يعلمون بأنهم وهبوك درراً ثمينة من موروثنا الشعبي.
الغرائبي والواقعي في الحكاية
إن الدودحية بهذا المفهوم لم تعد تلك المرأة التي مرّت بحادث عابر يجري كل يوم بل كل ساعة في أرجاء المعمورة. بل لقد تحولت في المفهوم الشعبي ـ إلى رمز للرذيلة بسبب الاستخدام السياسي الذي رافق ذلك الحادث ( ففي نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي كانت حكاية الدودحية ـ على وفرة أمثالها ـ ينبوعاً غنائياً رددها الشعب طيلة عشرة أعوام … لهذا كانت حكاية الدودحية أرحب متنفس غنائي ، لا لذات الحادث ، وإنما لعقم الفترة من الأحداث الهزازة ، فقبل حادث الدودحية بدأت الإشارات إلى الكبار بالتهكم الغامض
بين الواقع والمتخيل
#زيد_الفقيه
تتسم المخيلة الشعبية بالقدرة على الاختيار والحفظ والتحوير والتفخيم والتهذيب والإعادة وفقا للاحتياجات الفنية والسياسية والاجتماعية لدى الشعب المحتضن للحكاية. تأخذ الحكاية بعدها الأسطوري من خلال هذه العملية الإنتاجية الشعبية التي تتصف بالمرونة والخصوبة. وفي هذه المقالة سنناقش حكاية يمنية شعبية تسمى بالدودحية وكانت موضوع إنتاج وإعادة إنتاج شعبية منذ نهاية ثلاثينيات القرن العشرين حتى يومنا هذا.
الدودحية الحكاية الخام
الحكاية في صيغتها الخام، كما تشير بعض المصادر، تدور حول قصة عشق بين شاب وشابة في نهايات ثلاثينيات القرن العشرين في إحدى قرى وادي بنا الخصيب وسط اليمن. الفتاة حرمت من الزواج من ابن عمها، مع رغبة كل منهما في الزواج من الآخر، فقادهما العشق إلى العلاقة المحرمة شرعا. ومع أن الحاكم، في ذلك الوقت، قد عزرهما وشهر بهما، إلا أن العار لحق بعائلة الفتاة التي قادتها الحمية إلى قتل الفتاة. أطلقت أغنية شعبية تتغنى بهذه الحادثة، وحملت الأغنية اسم عائلة الفتاة ” الدودحية”، ويحكى أن العائلة من كانت الطبقة الميسورة. وظلت الأغاني ” الدودحيات” تظهر طيلة فترة الأربعينيات، وحملت معاني رمزية تنتقص من الطبقات العليا في المجتمع.
يقول الأستاذ البردوني: (انتشرت حكاية الدودحية بوجهها الرسمي ووجهها الاجتماعي معاً ، فلم يكن من المعهود أن تطال العقوبات الإمامية البيوت العالية ، وفي آخر الثلاثينات امتدت إلى بنت (الدودحي) وابن عمها ، فأمر قاضي محكمة (الشّعِر) بالتعزير على الشابة والشاب ، فدارت الجموع بهما مرددين عبارات التنديد (الدرداح) في لهجة الشعب ، فزاد حكم التعزير انتشار الحادثة في جميع أصقاع البلاد وأخذت الأغنيات تتمحور (الدودحية ) وحدها كبطلة قصة مثيرة ، ثم امتدت إلى دودحيات في أكثر من بيت ، كما تخبرنا الأغنيات
يا دودحـية ويــاغصـن القنـــا قددردحـوا بش عــلى وادي بـنـــــــا
أمـــان يـــا نازل الـــوادي أمـــــــان)[1]
وكما أخذت الحكاية طريقها إلى مجالس الناس و أشعارهم الشعبية وجدت طريقها نحو كتب الأدب اليمني، بل إنها قد جسدت في مسرحية، من إخراج محمد الرخم، في العام 2013 أتت تحت عنوان ” مهر الدودحية“.
الدودحية رمزا للتشهير والخيانة في التراث الشعبي اليمني
الدودحية في الثقافة الشعبية اليمنية باتت رمزاً للتشهير ورمزاً للخيانة وظل الوسط الشعبي يضيف إليها أيَّ خُلِقٍ مشين. ولم تقف الدودحية عند هذا الحد بل وصلت إلى أن تدخل في خصام النساء في الريف فحين تريد امرأة أن تعرّض بخصيمتها الأخرى تغني وتذكر الدودحية وتردفها باسم أو صفة خصيمتها من مثل قولهن :
يــا دودحيـــة يـا بنـت المرزبان : قـد ارتـــزحتي ومـا به لش أمــــان
أمــــان يـــا نازل الـــوادي أمــــان
وكلمة قد أرتزحتي كناية عن أنها تزوجت واستقرت وفي حياتها ( كسفٌ )[2] وأهلها لا يعرفونه .
بل لقد حملت لنا الحكايات الشعبية التي التقطناها من شفاه أهل القرى ما لم يكن بحسبان الدارس الأكاديمي فقد روى لنا الحاج / ق .ع. غ. أن الدودحية كانت مضرب المثل للمرأة الهواوية التي تهوى النَّفسْ (والنّفسْ يعنى ـ بلغة الراوي ـ الطرب والرقص)، وكانت النسوة عندما ينزلن من السدّة والنادرة وقاع الحقل إلى الحمام الطبيعي حوار[3] قبل وجود طرق السيارات لا بد أن يضعن رحالهن في بيت : ف.أ.ع ويمسين ليلة أو ليلتين وتكون هذه الليالي نفس يستمر من بعد صلاة العشاء إلى قبل الفجر ، وكانت السَّمرة تجمع النساء والرجال على حدٍ سواء ويتبادل الغناء والرقص الرجال والنساء على ضوء مسرجة الزيت أو ذبالة القاز، وقد تغني النساء ويرقص الرجال أو يغني الرجال وترقص النساء ، وكانت أغنية الدودحية ضرورية في كل (ملعاب)[4]، وإذا لم تُغنَ الدودحية من قبل المطرب الذي كان يدق على علبة القاز (تنكة) طلبها الراقصون ومنها قولهم :
* يا دودحية ويا عود اللبــــان : قد دردحوبش على وادي خبان
* يا دودحية قد اهلش فلتــوش : لا بارك الله بذيما زوجــــوش
حين يقف الباحث عند مثل هذه الأحاديث الشعبية يشعر أنه أمام نبع صافٍ متدفق تشع البراءة من أعماق الناس ، ووجدانهم وهم لا يعلمون بأنهم وهبوك درراً ثمينة من موروثنا الشعبي.
الغرائبي والواقعي في الحكاية
إن الدودحية بهذا المفهوم لم تعد تلك المرأة التي مرّت بحادث عابر يجري كل يوم بل كل ساعة في أرجاء المعمورة. بل لقد تحولت في المفهوم الشعبي ـ إلى رمز للرذيلة بسبب الاستخدام السياسي الذي رافق ذلك الحادث ( ففي نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي كانت حكاية الدودحية ـ على وفرة أمثالها ـ ينبوعاً غنائياً رددها الشعب طيلة عشرة أعوام … لهذا كانت حكاية الدودحية أرحب متنفس غنائي ، لا لذات الحادث ، وإنما لعقم الفترة من الأحداث الهزازة ، فقبل حادث الدودحية بدأت الإشارات إلى الكبار بالتهكم الغامض