اليمن_تاريخ_وثقافة
11.6K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
سد مأرب.. معجزة عمرانية

حينما نتطرق إلى قصص القرآن الكريم نستذكر الحوادث الواقعة وأحوال الأمم الماضية والنبوات السابقة كما أخبرنا بها الله في كتابه العزيز، فقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي وذكر البلاد والديار وتتبع آثار كل قوم وحكى صورة ناطقة لما كان يدور في هذه العصور، والمغزى من ذلك قوة التأثير في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق، فهناك قصص عرضت بالكامل في سورة واحدة وأخرى عرض جزء منها في سورة والآخر في سورة أخرى.

 فقد بين الله لنا أصول الدين المشتركة بين جميع الأنبياء. فهذه القصص ليست مفتراة بدليل وجود أمثالها بين الناس، ففيها الحكم والعبر ونستفيد منها الكثير.

وبعد ما ذكرناه، نترككم كي تعايشوا هذا الجو القصصي في حلقات رمضانية متتالية، سيتم نشرها تباعا لكي نستفيد من مغزاها والدروس المستفادة منها، وتكون خير معين لنا في فهم ديننا وإيصاله للناس بالصورة الصحيحة وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى إنه نعم المولى ونعم النصير.

- سد مأرب.. عباره عن كتل صخرية أنشئت في وادي ضانا في بالق هيلز  باليمن
- اختراق السد تمّ منتصف القرن السادس عشر عقاباً من الله لأهل سبأ لأنهم رفضوا الإيمان به
- مأرب المعاصرة شيدت تحت أنقاض السبئية القديمة وبطول «التلة الأثرية الطبقية»

يعد سد مأرب أحد أقدم السدود في العالم، وهو يلعب دورا بارزا في رسم ملامح المنطقة التي أقيم فيها، إذ إنه أنشئ خصيصا لأغراض الزراعة، وخلال الحرب اليمنية شهد السد معارك عديدة إلى أن استرجعت الشرعية السيطرة عليه.

تاريخ سد مأرب كان يُدعى سد مأرب في العصور القديمة بوادي سبأ، وبُني على شكلٍ هرمي في المقطع العرضي، وهو ذو بنيةٍ تحتيةٍ دقيقةٍ من البناء والحجر، ويبلغ طوله حوالي 550م، ويتحكم السد بتدفق الماء لاحتوائه على بوابات، حيث أنّه يحفظ المياه بعنايةٍ لإمداد المناطق الزراعية الكثيفة بالمياه، ويقوم بريّ أكثر من 4000 فدان (16 كم مربع)، وعلى الرغم من أنّ حكام سبأ وحمير قاموا في القرنين الخامس والسادس بعد الميلاد على تطوير السد إلا أنّه يوجد فيه كسور، وفي القرن السابع حدثت هزة أرضية أدت إلى هدمه الأخير، وقد ذكر في القرآن الكريم أنّه سيل العرم، ولكن تمت ترجمته في الخرافات والأساطير الإسلامية أنّه فيضان السد أو انفجار السد.

 اختراق السد عام 632 م تمّ اختراق السد ما بين منتصف القرن السادس عشر وموت الرسول محمد عليه السلام عام 632 م، ووصفت هذه الواقعة في القرآن الكريم على أنّها عقاب من الله، لأنّ أهل سبأ رفضوا الإيمان به، وبفعل غارةٍ في الحرب الأهلية في اليمن كشفت الصور عن الدمار الذي لحق بالبرج العالي في السد الشمالي بطول 7 أمتار، والذي تمّ بناؤه من الحجر الجيري، ويبدو أنّ معظمه قد تمّ إعادة استخدامه من بناء السدود السابقة، وعليه نقوش سبئية وحميرية قديمة.

 بناء السد إنّ مدينة مأرب هي عاصمة سبأ القديمة وكان أحد حُكامها الملكة بلقيس، وقد تمّ الحديث عنها في الأدب الأوروبي إلى جانب ملكة شيبا الأسطورية، وتبعد المدينة 8كم عن موقع سد مأرب الموجود على مصب وادي عبيدة، وقد زادت الحاجة إلى توسيع السد حيث تمّ رفع السد وإعادة بناء هياكل تصريف المياه، وذلك بسبب توسيع المناطق التي يتمّ ريها، وأجريت في حكم ياسين يخنعم ( القرن الأول قبل الميلاد) أول عملية إعمارٍ ضخمة، وتمّ إجراء الإعمار الثاني في عام 30 قبل الميلاد تحت حكومة الشرجيبل يفر بن كرب أسد وتمّ تنفيذ أعمال البناء على السد خلال سنة 450 بعد الميلاد، وقد تمّ الانتهاء من آخر عملية إعادة إعمار تحت حكومة أبرهة الأشرم سنة 557 بعد الميلاد، وبعد الانتهاء من جميع أعمال البناء أصبح سداً أرضياً طوله 18 متر، وامتداده يصل كحدٍ أقصى إلى 750 متر، وقد تمّ تغليفه بالحجر لتقوية المنحدر المائي، ففي الأماكن التي يحاذي فيها السد الوادي يقع اثنين من منافذ الريّ الشمالي والجنوبي، واللذان يتمّ الحفاظ عليهما بشكلٍ جيدٍ في الوقت الحاضر، وبالنسبة لحجم المياه فهي 15متر مكعب في الثانية ويتمّ تصريفها من المنافذ إلى الضفة اليمنى، أمّا حجم المياه المصرفة إلى الضفة اليسرى فهو 30 متر مكعب في الثانية عبر القنوات الرئيسية.

انهيار سد مأرب

سد مأرب هو عباره عن كتل صخريه أنشأت في وادي ضانا في بالق هيلز ، باليمن ، والسد الحالي يقع بالقرب من أنقاض سد مأرب العظيم ، ويرجع تاريخه إلي القرن 8 قبل الميلاد ، حيث أنه كان واحدا من العجائب الهندسية في العالم القديم وجزءا أساسيا من الحضارة العربية الجنوبية حول مأرب .

وهناك أيضا السدود القديمة الهامة الأخرى في اليمن
وقد تم أعتراف اليمن بها للروعة الهندسية ووفرة المياه القديمة ، حيث أنها تمتد من ساحل البحر الأحمر إلى حدود صحراء الربع الخالي مع العديد من أنقاض سدود صغيرة وكبيرة مصنوعة من التراب والحجارة .

معلومات عن سد مأرب

مأرب هي مدينة تحتل موقع أسترانيجي تاريخي ، في شمال ووسط اليمن ، وهي المدينة المشهورة بموقعها المحصن القديم في
بالعمل في الزراعة والمشاركة في صنع القرار ، ويؤثر السد علي مستويات دخل المزارعين وتشجيع السياحة .

في عهد الآشوريين والبابليين والفرس بنيت السدود فيما بين 700 و 250 قبل الميلاد للحصول علي إمدادات مياه الري ، ومن السدود المعاصرة سد مأرب الترابي في جنوب الجزيرة العربية ، الذي بلغ أرتفاعه حوالي 600 متر لفترة طويلة ، ويحيط به مخرات ، وتم تسليم هذا السد إلى نظام من قنوات الري لأكثر من 1000 سنة
مأرب والسد المرتبط بها ، وكانت المركز الرئيسي للدولة قبل الإسلام من” ‘950-115 قبل الميلاد” . تقع المدينة القديمة في واحة خصبة مروية من المياه المحتجزة من سد مأرب ، وقد اشتهرت في العالم القديم بإسم ” باريس ” . هناك واحدة من طرق القوافل الرئيسية التي تربط عالم البحر الأبيض المتوسط بشبه الجزيرة العربية ، و التي ازدهرت بسبب احتكارها التجاري بجلب اللبان والمر من اليمن والمنطقة الساحلية الجنوبية من حضرموت . 

بني ” سد مأرب العربي” لتنظيم مياه وادي النهر ” المجرى”، الذي دعا باسم وادي saba’ في العصور القديمة ، وكان أرتفاع السد القديم ، إلى حوالي 550 متر في الطول ليأخذ الشكل الهرمي والمقطع العرضي له البني من الحجر ، وله بوابات التحكم في تدفق المياه ، والتي تروي أكثر من 4000 فدان ، وتدعم المنطقة الزراعية ذات الكثافة السكانية العالية ، حيث أعتمد عليها أجيال متعاقبة من حكام سبأ وتحسنت الأعمال بها ، وعلى الرغم ذلك ، فقد تعرض السد للتدمير النهائي ، عن طريق الزلزال أو الانفجار البركاني الذي وقع في القرن السابع الميلادي باسم “طوفان من أريم ” وهو المذكور في القرآن الكريم ، والذي يترجم أحيانا بإسم “طوفان السد” أو ” انفجار السد” بل هو الموضوع المفضل في الأسطورة الإسلامية .

شيدت بلدة مأرب الصغيرة والمعاصرة من الحجارة من تحت أنقاض السبئية القديمة وبطول ” التلة الأثرية الطبقية”، وهي مركز لرجال القبائل البدو الذين يرعون قطعان من الإبل والأغنام والماعز ، وتربي أجود الخيول في المنطقة . تختزن مدينة القلعة للعديد من النقوش والتماثيل من الفترة السبئية ما قبل الإسلام ، وبها المعبد القديم الذي بني بدقة وبه إله القمر الذي تضرر بشدة في الحرب الأهلية اليمنية 1962-1970 .

والمنطقة المحيطة هي حدود الصحراء العربية جنوباً التي تعرف بـ الربع الخالي ، ومعظمها يقع في المملكة العربية السعودية ، على الرغم من أن هناك العديد من الأودية الجافه مثل حارب والجوف ، وهي منطقة فقيره بالإنتاج الزراعي في البلاد ، ولكن أرض المنحدرات التي تمتد شرقا من 1000 إلى 2000 متر ، والتي تدمج مع rub’ الربع الخالي ، حيث تربى بها الأغنام والماعز والأبقار والحمير ، وتزرع التواريخ ، والبوب .

سد مأرب العظيم 

يقع سد مأرب العظيم ، في الجنوب الغربي من اليمن ، والذي يعرف أيضا بإسم السد من ” أريم ” سد العرم ” والذي ينبع من المدينة القديمة من مأرب ، حيث كانت عاصمة المملكة القديمة سبأ ، وكانت مملكة سبأ هي الدولة التجارية المزدهرة ، وتسيطر على طرق في تجارة اللبان والتوابل في شبه الجزيرة العربية والحبشة ، حيث بنا صابئة السد للسيطرة على الأمطار الدورية الموسمية التي تسقط على الجبال القريبة ، وذلك لري الأراضي في جميع أنحاء المدينة .

وتشير الاكتشافات الأثرية الحديثة أن السدود الترابية البسيطة وشبكة القناة التي شيدت تعود إلى 2000 سنه قبل الميلاد ، ويعود سد مأرب العظيم إلى حوالي القرن 8 قبل الميلاد ، ويعتبر أقدم سد معروف في العالم ، ويعد واحدة من أكثر الاعمال البطولية الرائعة للهندسة في العالم القديم . ويصف ذلك ، ياقوت الحموي الجغرافي العربي في القرون الوسطى على النحو التالي :

أن مياه الفيضانات تتدفق من بين ثلاثة جبال ، إلى مكان واحد ، وبسبب تصريف هذه المياه في اتجاه واحد ؛ منع القدماء ذلك بتشييد حاجز من الحجارة الصلبة والرصاص في هذا المكان . وأصبحت مياه الينابيع تتجمع ، فضلا عن مياه الفيضان هناك ، خلف السد مثل البحر ، وبذلك يتمكنوا من ري محاصيلهم من المياه التي يحتاجون إليها بفتح بوابات السد مرة واحدة ، ويستخدمون ما يكفيهم ثم تغلق الأبواب مرة أخرى . وألحقت أضرار بالسد التاريخي بشدة من جراء غارة جوية سعودية في ليلة 31 مايو 2015 .

الإنشاءات

يعود تاريخ بناء أول سد في مأرب الى ما بين 1750 و 1700 قبل الميلاد ، وأقرب نقش على السد وضع هناك في وقت بنائه . وكان المقطع العرضي للسد ، يمتد نحو 580 متر ، و بطول 4 أمتار ، وتجلى ذلك بين مجموعتين من الصخور على جانبي النهر ، حيث كان ذلك مرتبطا بالأعمال الحجرية الكبيرة ، مما يسمح للمفيض والأقفال بين الطرف الشمالي من السد والمنحدرات إلى الغرب .

وفي حوالي 500 قبل الميلاد تم زيادة ارتفاع السد إلى 7 أمتار ، وتم تعزيز المنحدر المنبع “وجه الماء” بغطاء من الحجارة ، ومدت الري لتشمل الجانب الجنوبي فضلا عن الجانب الشمالي .

وبعد نهاية مملكة سبأ ، تراجع السد تحت سيطرة الحميريون في حوالي 115 قبل الميلاد. وتعهدوا بإعادة بناء المزيد ، وإنشاء بنية عالية في محطات المياه الواسعه التي تبلغ 14 متر في كل من الناحيتين الشمالية والجنوبية ، مع خمس قنوات للمفيض ، واثنين من أقفال البناء المقوى ، وبركة تسوية ، وقناة طولها 1000 متر تصل إلى خزان التوزيع ، وفي الواقع لم يتم الانتهاء من هذه الأعمال الواسعة النطاق حتى عام 325 م ، حيث سمحت بري 25000 فدان .

اعمال الصيانة

أصر المؤرخ المسلم الأص
فهاني على أن الاختراق الشهير للسد وقع في نحو أربعة مائة سنة قبل الإسلام ، ولكن ياقوت الحموي يسنده الى وقت حكم الحبشة .

وتفيد المصادر العربية الجنوبية القديمة التي في حوالي 145 قبل الميلاد ، أن السد عانى من خرق كبير خلال الحرب بين شعب ريدان ومملكة سبأ ، ويذكر الكثير من العلماء بأن هذا الاختراق قد تسببت في فيضان كبير من أريم حيث ذكر في القرآن ، كما ذكر أيضا في الأمثال العربية التي تتحدث عن أيدي سبأ حيث حدث في ذلك الوقت ، القتال بين rayd&>57;nites والصابئة وتأخر إصلاح السد ، وهذا تسبب في خسائر مدمرة للمحاصيل والفواكه ، مما أدي إلي هجرة أعداد كبيرة من الناس بحثا عن الأرض الجديدة القادرة على دعم الحياة ، وتبع ذلك في الهجرات الضخمة جدا ، ولكنه لا يزال غير مؤكد على الرغم من الانتهاك المعين الذي تسبب في “طوفان من أريم” ، لأن بعض الهجرات قد استغرقت بالتأكيد ذمن من 2 أو 3 قرون م ، وترجع أيضا لكسر ضلع ما من السد ، وبصفة عامة تم إصلاح السد مرتين قبل وقت قصير من ظهور الإسلام .

ويظهر علم آثار سد مأرب لآثر تراكم الطمي وراء السدود في العصور القديمة ، والتدابير الرامية ولتمديد العمر التشغيلي للخزان ، حيث أن سد مأرب قد احتجز مياه الفيضان للتمكين من ري الواحات على مدى عدة قرون ، بينما كان الغرين المتراكم في مياه الري وفي الحقول المروية قد وصل أرتفاعها إلى نحو 15 مترا ، وتسببت هذه الخسارة في المنحدر والنقل ، وأثيرت للتعويض .

وبالإضافة إلى وجود فتحات تشغيلية صغيرة لسحب مياه الري ، وربما كانت تستخدم هذه الفتحات الكبيرة على جانب المنبع من السد خلال البناء عند مرور الماء من النهر ، ولكن يمكن أيضا استخدمه للتنظيف الدوري من الرواسب المتراكمة ، وتظهر هذه الأمثلة بأن المهندسين في ذلك العصر كانوا على علم وإدراك بمشاكل إطماء الخزان وتمكنوا من توسيع عمره التشغيلي بنجاح ، وواجهوا نفس المشاكل من ترسب الطمي التي واجهتها في السد القديم أيضا في بناء السد الجديد .

وعلى الرغم من الزيادة في الطول ، إلا أن السد عانى من العديد من المخالفات ” حيث وقعت حوادث كبيرة سجلت في 449، 450، 542 و 548 ” وأصبحت أعمال الصيانة مرهقة على نحو متزايد .

الخرق النهائي

وجاء في تقرير الحكايات المحلية إلى أن الأختراق النهائي للسد كان متوقعا من قبل ملك يدعى عمران ، والذي كان أيضا كاهن ، وفي وقت لاحق من زوجة الملك ، في أسطورة خرق السد بسبب الفئران الكبيرة التي تلتهم ذلك بأسنانها وتخدشه باظافرها ، في 570 أو 575 ، وفي هذه المرة تركت دون اصلاح ، وكان اختراق وتدمير سد مأرب حدثا تاريخيا ، ذكر في القرآن الكريم .

” لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ، فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ” “صدق الله العظيم “

السد الحالي

في الآونة الأخيرة ، تم بناء السد الجديد على مقربة من الموقع القديم ، وكان ذلك على نفقة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، الحاكم الراحل لدولة الإمارات العربية المتحدة ، حيث أعيد توطينهم من مأرب إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الحالية ، وأجرى حفل الافتتاح في عام 1986 بحضور صاحب السمو الشيخ زايد .

يمتد السد الجديد إلى نحو 38 مترا إلي 763 مترا ، وهو مبني من الأرض عبر وادي ضانا ، وله القدرة على تخزين 398 مليون متر مكعب ، ويقع السد على بعد 3 كم من منبع أنقاض سد مأرب القديم والسد الجديد ، صمم لتخزين المياه لري سهول مأرب ، ومع ذلك ، فإن قاع الوادي في موقع السد الجديد يتكون من الطمي والحصى والمواد الرماليه التي يبلع سمكها من 30- 50 متر والتسرب ينبثق من هذا السد ليهدد هيكله ، ولكن لا يفقد المياه .

ويجري النظر في إعادة بناء سد مأرب القديم ، على حد سواء باعتباره بنية العمل ، وأيضا بمثابة معلم تاريخي وسياحي ، ويتم تحديد حجم العمل ، والمشاركه في هذا المشروع ممايجعل من الضروري عمل منظمات تعمل معا تحت رعاية اليونسكو ، وذلك باستخدام المساهمات المالية من المنظمات الدولية . شيدت السدود الحديثة في اليمن ، مثل سد batis ومأرب ، لتستخدم في جمع المياه للسكان .

وقد بني سد مأرب دون دراسة لتقييم الأثر البيئي ، وبعض من آثار السد التي لم تكن متوقعة في عامي 1995 و 1996 ، ولكن تمت دراسة تأثيرها على جودة المياه والزراعة والمياه الجوفية والاوضاع الاقتصادية الاجتماعية ، ويمكن أن تصبح بحيرة للمياه محملة بأكثر من اللازم بالمغذيات النباتية عندما تكون الفيضانات ضعيفة ، ولا يتم التحكم في نمو الطحالب ، ولكن تم إدخال سمك البلطي النيلي للمكافحة البيولوجية لنمو الطحالب ، ويؤثر السد تأثيراً إيجابا على الزراعة والمياه الجوفية ضمن مخطط تصميم الري ، ولكن للسد أيضا تأثراً سلباً علي الأوضاع الصحية في أراضي المصب ، مع زيادة الصراعات حول توزيع المياه ، ولكنها تؤثر بشكل إيجابي علي النساء من خلال السماح لهم
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
سد مأرب العظيم

سد مأرب هو سد مائي قديم يعود تاريخه إلى بدايات الألفية الأولى ق.م ولكنه ليس الوحيد الذي بناه السبئيون وليس الأقدم إذ أظهرت الآثار أن السبئيين حاولوا حصر المياه والاستفادة من الأمطار منذ الألفية الرابعة ق.م ويعد معجزة هندسية لتاريخ شبه الجزيرة العربية   إلا أن السد الشهير نفسه يعود إلى القرن الثامن ق.م  في القرن الثامن ، وردت نصوص لمكاربة تشير إلى تعلية وإصلاحات على السد فبلغ طوله 577 متراً وعرضه 915 متر وهو ضعف سد هوفر الأمريكي   وبني في الجهة التي تسيل منها السيول فتمكن السد من حصر الماء وزود بثقوب أو أبواب لتسمح بقدر أكبر من التحكم بجهة المياه عقب استقرارها في الحوض   وتم اقتطاع حجارة السد من صخور الجبال ونحتت بدقة ووضعت فوق بعضها البعض واستخدم الجبس لربط الحجارة المنحوتة ببعضها البعض واستخدام قضبان إسطوانية من النحاس والرصاص يبلغ طول الواحدة منها ستة عشر مترا وقطرها حوالي أربع سنتمرات توضع في ثقوب الحجارة فتصبح كالمسمار فيتم دمجها بصخرة مطابقة لها وذلك ليتمكن من الثبات أمام خطر الزلازل والسيول العنيفة  كان يروي ما يقارب 24,000 آكر (قرابة 98 كم مربع)   وهو ماعنى أن سكان اليمن حققوا الاكتفاء الذاتي من ناحية إحتياجهم للماء والغذاء، فالماء الناتج عن السد القديم كان يكفيهم للزراعة وإطعام مواشيهم


ويعتبر سد مأرب من أرقى السدود من الناحية الهندسية. وقد قام المهندسون بمعاينة طبيعة الأرض قبل إنشاء السد، ثم بنوا عليها المخطط الهندسي الذي هو عبارة عن حائط حجري ضخم أقيم في مربط الدم عند مخرج السيل من الوادي، وبني على زاوية منفرجة، ممتدًا من الجنوب إلى الشمال مسافة ستمائة وخمسين مترًا، وله فتحات وأبواب تُفتح وتُغلق حسب الحاجة لمرور الماء منها المسايل المتصلة بها لإرواء الحقول والبساتين والمزارع.

ويُعد سد مأرب القديم آية الحضارة السبئية، ويقع في منطقة وادي دنا حيث تندفع السيول المتجمعة من الأمطار الموسمية المتساقطة على المرتفعات الشرقية بين جبلي البلق الشمالي والأوسط، والهدف من بنائه السيطرة على مياه السيل الجارفة وتوزيعها في أرض مأرب حتى أصبحت ـ كما يقولون ـ أخصب اليمن وأكثرها جناناً.. ويعود بناء سد مأرب القديم إلى ماقبل الألف الأول قبل الميلاد، ذكرته النقوش اليمنية القديمة باسم «عرمن» أي العرم وبهذا الاسم ذكر في القرآن الكريم،شيد على قواعد صخرية وربط جداره بالصخر في أسفل جبلي «البلق» ويعتبر اختيار موقع السد من الناحية المعمارية، فبناء سد متين يصعد على قاعدة ترابية، في طرفي جسم السد يقع الصدفان أو المصرفان، يتم تصريف المياه من السد بقناة رئىسية تقع خلف واجهته إلى قنوات فرعية تتشعب في الأرض الممتدة أمامه وعن يمينه ويساره وتسقيها


قال الشاعر أبو الطمحان في سد مأرب: أما ترى مأربًا ما كان أحصنه وما هو إليه من سور وبنيان

حسب التنقيبات الأثرية ، فإن السد تعرض لأربع انهيارات على الأقل   آخرها كان في العام 575 ولم تبذل جهود لترميمه من ذلك الحين بعد لغياب حكومة مركزية واضطراب الأمن في البلاد وتدخل القوى الأجنبية (الفُرس) واستقلال زعماء القبائل بإقطاعياتهم .
وبقي من معالم السد القديم المصدفين الأيمن والأيسر وبعض القنوات التصريفية، وكان يربط بينها جدار السد الذي انهار وجرفه “سيل العرم”، 

سد مأرب الجديد

في القرن العشرين قامت الحكومة اليمنية وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة بإعادة بناء السد على الطريقة الحديثة،  وتم افتتاحه وتدشينه يوم الأحد 21 ديسمبر/ كانون الثاني 1986.
وتبلغ مساحة حوض السد الجديد «5.30» كيلو متر مربع، وسعته التخزينية حوالي«400» متر مكعب، فيما تعمل بوابة التصريف بطاقة «35» متراً مكعباً في الثانية حيث يروي السد حوالي«570.16» هكتاراً.
ـ أما جسم السد الجديد فإن عمق القاطع الخرساني «60» متراً ، وساحة القاطع الخرساني «24» ألف متر مربع، وطول جسم القاطع الخرساني «763» متراً، وعرض جسم القاطع الخرساني عن مستوى سطح الوادي «337» متراً، وعرض جسم القاطع الخرساني عند مخرج المياه من بوابة التصريف «195» متراً

سد مارب الجديد
أهم النقاط المتعلقة بعملية تنفيذ سد مأرب
بلغ إجمالي حجم الردميات في جسم السد «3» ملايين متر مكعب تم إزالة «200 » ألف متر مكعب من الصخور من جانبي الموقع وتغطية جسم السد بالصخور التي بلغت «100» ألف متر مكعب، وشارك في إنشاء السد الجديد حوالي «400» مهندس واستشاري وعامل وفني وإداري وغيرهم.
موقع السد الجديد ومناخ المنطقة ومعدل المطر والتبخر:
ـ يقع سد مأرب الجديد على سهول محافظة مأرب والتي تبعد نحو «180» كيلو متراً شرقي العاصمة صنعاء.
ـ يقع السد عن خط عرض «30.15» درجة شمالاً وخط طول 30.45شرقاً.
ـ يقع السد على بعد «11»كيلو متراً غرب مدينة مأرب القديمة وثلاثة كيلو مترات عن السد القديم.
مع استكمال المرحلة الثانية  من بناء السد تم ري سبعة آلاف و400هكتار بدلاً عن ألف و800 هكتار حالياً بالإضافة إلى تغذية ا
لمياه الجوفية والتي سوف تسهم بدورها في ري نحو 10آلاف هكتار.. ومنذ إنجاز المرحلة الأولى لسد مأرب حدث تحول كبير في حياة سكان المنطقة الاقتصادية والاجتماعية فقد شجع ذلك المزارعين على استصلاح أكثر من 20 ألف هكتار مما أدى بالتالي إلى ارتفاع ملحوظ في إنتاج المحاصيل الزراعية المختلفة.. وتؤكد الاحصائيات أن نسبة انتاج محافظة مأرب من الحبوب ارتفعت من 30%عند افتتاح السد عام 1986م إلى أكثر من 60% في العام الماضي 2007م وتشير إلى الزيادة الكبيرة في إنتاج المحاصيل الحقلية وزراعة محاصيل لم تكن موجودة قبل إعادة بناء السد مثل الخضار والفواكه التي تمتلئ بها الأسواق في اليمن.. وفي الجانب الاجتماعي يمكن ملاحظة التطور الذي حدث في المنطقة من خلال توجه نسبة كبيرة من السكان نحو الزراعة والتوسع الأفقي فيها الذي يعتمد على المياه الجوفية وإنتاج المحاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي الأمر الذي ساعد في رفع مستوى الدخل وتحقيق الاستقرار المعيشي للسكان الذين كانوا يعتمدون في السابق على مياه السيول والأمطار الشحيحة وبسبب ذلك غلب على حياتهم طابع الترحال والتنقل بحثاً عن المياه والمرعى.

المرحلة الثانية من بناء سد مأرب الجديد :

وشملت المرحلة الثانية على إصلاح وصيانة القنوات الرئيسة التي تأثرت بالسيول وإقامة قناة رئيسة أخرى بطول 1.6 كيلو مترات وتركيب القنوات الفرعية بطول 69 كيلومتراً إضافة إلى انشاء طرق مسفلتة بطول 36.6كيلو متراً واقامة معابر على القنوات الفرعية واقامة طرق فرعية أخرى بطول 87 كيلو متراً للتتفتيش الزراعي على طول القنوات الرئيسة والفرعية.. كم شملت أيضاً أعمال الحماية من السيول وإقامة ردمية ترابية بطول 19كيلو متراً على الضفة اليمنى لوادي سيلة وردمية أخرى لحماية القرى على الضفة اليسرى للوادي بطول سبعة كيلومترات وردمية أخرى بطول نصف كيلو متر على ظفة وادي السد مع أعمال أخرى في شعاب مصادر السيول وعمل مفيضات ومخارج للسيول الفائضة وانشاء معابر للسيارات وصيانة السدود التحويلية الصغيرة التي جرفتها السيول مع أعمال حماية لمنع انجراف التربة وتعريتها والمفترض ان تروي المرحلة الثانية بعد اكتمالها حوالي 7400 هكتار من الأراضي الزراعية
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
انهيار سد مأرب وبداية الحكاية العربية

يعد انهيار سد مأرب حدثاً رئيسياً في تاريخ الحكاية العربية، والتي رواها الإخباريون جيلاً عن جيل بأسلوب يمزج بين الحقيقة والخرافة والنكهة الأسطورية للرواية، ورغم أن الانهيار ليس أقصى أحداث العرب في القدم ورغم وجود أحداث كثيرة سبقته بمئات السنين، إلا أنه يبقى حدثاً تاريخياً ذو قيمة معنوية وغاية شديدة الأهمية.

في هذه السلسلة أحاول سرد أحداث قصة العرب من البداية وحتى وصولنا إلى الزمن الحديث، بعيداً عن الطابع الديني وما يتبعه من قداسة واختلافات إيدولوجية بين المعتقدات والآراء والأفكار، وأستعين بما رواه الإخباريون مع إضافة الرؤية الشخصية والنكهة الخاصة التي يفضّل الكتّاب عادةً إضافتها لسرد القصة من الزاوية التي يرونها مناسبة لهم.

سقوط سد مأرب كنقطة بداية

رأى العرب في سد مأرب معجزة حقيقية وأعجوبة من عجائب الجزيرة العربية، وقيل أنه قد بني يدوياً وتم نحته بشكل متقن للغاية في فترة الألفية الأولى قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وهو أشهر سد في تاريخ العرب رغم وجود عدة سدود أخرى حيث كان الهدف منها رصد المياه وحصرها والاحتفاظ بها للسقاية والزراعة وتشكيل المدن والحياة الحضرية حولها.

قرأت سابقاً أن هذا السد صنع من النحاس والحجارة وقد تم سكب الرصاص على أجزاء منه للحفاظ على تماسكه، وهو بلا شك تصميم فريد جعله يستمر مدة طويلة ويجمع الناس حوله، لكنه تعرض لعدة انهيارات قبيل وبعد الرسالة النبوية ولم تتمكن الدول المتعاقبة من إصلاحه أو ترميمه، ربما كان هذا نتيجة للفوضى السياسية ولاضطراب الأحوال في المنطقة.

انهيار سد مأرب

فجأة ونتيجة لفشل هندسي معين، بدأ السد في وقت مبكر ينذر بأنه لن يصمد طويلاً مما دفع الناس إلى الهجرة من اليمن والتوزع على شكل قبائل في سورية والعراق والسعودية والأردن ومناطق مختلفة من الشرق الأوسط، وبالفعل فقد انهار السد في نهاية المطاف وتسبب في هجرة الآلاف من العرب القاطنين في اليمن آنذاك.

ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: لقد كان لسبأٍ في مسكنهم آيةٌ جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفور، فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكلٍ خمطٍ وأثلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليل سورة سبأ.

بدأت الناس تبحث عن ملجأ آمن ومنطقة جديدة للعيش بشكل مؤقت أو دائم، فوجدت في اتخاذ شكل القبيلة أسلوباً مناسباً لحماية نفسها والتجمع تحت راية واحدة، فكانت العائلات تتحول إلى قبائل بمجرد زيادة عدد أفراد الأسرة وهكذا وجدنا في النهاية قبائلاً متعددة وبطوناً مختلفة للعرب، وقيل بأن تلك القبائل العربية كانت منتشرة قبل انهيار السد.

يمكن اعتبار هذا الحدث أمراً مفصلياً في حياة العرب، نقلهم من اليمن إلى سائر مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فكانت لتلك الكارثة آثار وفضائل جمّة رغم هول أثرها وحجم الدمار الذي تسببت به لأهلها في ذلك الزمن
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من أسرار القرآن: ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ * )


مقدمة
أ.د زغلول النجار

هذا النص القرآن الكريم جاء في مطلع الربع الثاني من سورة " سبأ" وهي سورة مكة ، وآياتها أربع وخمسون ( 54 ) بعد البسملة ، وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي قوم سبأ ، وهم قبيلة من العرب سكنت بلاد اليمن في الجزء الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية في الألوف الخمسة الأولي قبل الميلاد ، وقد سميت هذه القبيلة باسم جدها ( سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان ) وهو من نسل النبي الصالح هود – عليه السلام - ، وقد لقب بهذا الاسم لكثرة ما كان يسبي ، وكان أول من أخذ السبي من العرب .

ويدور المحور الرئيسي للسورة حول قضية العقيدة الإسلامية – شانهأ في ذلك شأن كل السور المكية .

هذا ، وقد سبق لنا استعراض سورة " سبا " وما ورد فيها من ركائز العقيدة ، والإشارات العلمية والتاريخية ، ونركز هنا علي وجه الإعجاز التاريخي في ذكر القرآن الكريم لتلك الأمة الموغلة في التاريخ ( قبيلة سبأ ) وما كانت ترفل فيه من نعيم مقيم ، وما كان منها من بناء سد مأرب وغيره من السدود مما وفر لها الزروع والثمار وازدهار الحياة الحيوانية والإنسية ، ثم أبطرتها النعمة ، ووسوست لها شياطين الإنس والجن فكفرت بأنعم الله ، وأشركت في عبادته الشمس والقمر والكواكب ، فعاقبها الله – تعالي – بتسخير : "سيل العرم " عليها الذي هدم السد ، ودمر الزرع ، وأهلك الأحياء ، وشتت جمع القبيلة التي هاجر معظم أفخاذها إلي مناطق أخري من بلاد العرب حتي أصبحوا أحاديث في أفواه غيرهم من الأمم ، وقد تم إثبات ذلك مؤخراً من دراسة آثارهم التي تثبت أن العرب هم أصل الساميين جميعاً

من أوجه الأعجاز التاريخي في ذكر القرآن الكريم لقبيلة " سبأ "

جاء ذكر قبلية سبأ في موضعين من كتاب الله علي النحو التالي

(1) (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ* لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ *) ( النمل :" 20 – 22 )

(2) ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرَى الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ * ) ( سبأ : 15 – 22 )

وقد سئل رسول الله – صلي الله عليه وسلم – عن سبأ ما هو ؟ أرجل أم إمرأة أم أرض ؟ قال ( بل هو رجل ، ولد له عشرة ، فسكن اليمن منهم ستة ، وسكن الشام منهم أربعة ، فأما اليمانيون "فمذحج " ، و " كندة " ، و " الأزد " ، و" الأشعريون " ، " وأنمار " ،و" حمير " ، وأما الشامية فـ " لخم " ، و " جذام " ، و " عاملة " ، و " غسان " ) .

وأخرج الأمام أحمد في مسنده عن عروة بن مسيك قال : قلت يا رسول الله : أرأيت سبأ وادٍ هو أم جبل أما هو ؟ قال : " بل هو رجل من العرب 000 " الحديث ، وهذا الحديث رواه كذلك كل من ابن أبي حاتم وابن جرير ، كما رواه الترمذي في جامعه الصحيح هذا ، وقد ورد اسم " سبو " ( سبأ ) في نقش سومري لملك لكش ( في حدود 2500 ق . م . ) وهذا الملك عاصر آخر ملوك " أور".، وجاء في حوليات الملك الأشوري سرجون الثاني " ( في حدود 715 ق. م. ) ذكر لملكة من ملكات سبأ تدعي " سمسمي " .

كذلك جاء ذكر " سبأ " في " العهد القديم " بثلاث نقاط علي حرف السين ( شبأ = Seba ) ، كما جاء في كل من الكتابات اليونانية والرومانية القديمة ، فقد أشاد ( بليني الكبير ) بالنظم الزراعية وأنظمة الري التي اتبعها السبئيون ، وواصل استخدامها الحميريون من بعدهم ، وكان من أهم المشروعات التي أقاموها ، والآثار التي تركوها من ورائهم ( سد مأرب ) الذي كان سدا مائياً عظيما علي وادي " ذنه " بين جبلين ، في مأرب مما أدي إلي ازدهار الزراعة كماً و
كيفاً في مملكة سبأ ، حتي قيل أن المرأة كانت تمشي تحت أشجارمنطقة مأرب وما حولها وعلى رأسها مكتل ( زنبيل ) فتتساقط الثمار فيه من غير حاجة إلي قطاف أو كلفة لكثرة تلك الثمار ونضجها وهي علي أصولها .

كذلك قيل إنه من فضل – الله – تعالي – عليهم لم يكن بمأرب شئ من الذباب أو البعوض أو البراغيث ، ولا شئ من الهوام ، وذلك لاعتدال المناخ وصحته ولذلك قال – تعالي - : (لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ 00 * ) أي علي جانبي الجبلين المحيطين بالسد ، وتستمر الآية بقول ربنا – تبارك وتعالي – (كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * ) ( سبأ : 15 )

ثم جاء الشيطان وأغوي أهل " سبأ " بالانحراف عن توحيد الله – تعالي- وعن عبادته بما أمر إلي الشرك بالله وعبادة الشمس والكواكب القمر لتقربهم إلي الله زلفي ، فأرسل الله سبحانه وتعالي – بقدرته عليهم ( سيل العرم ) بماء غزير شديد السرعة ( وهو من معاني كلمة العرم ) فدمرت السد ، وخربت الزراعة في الجنتين من حوله ، حتي تم استبدال أشجارها الغنية بثمارها بأشجار الأراك والأثل ( الطرفاء ) وقليل من أشجار النبق أو الدوم ( السدر ) وفي ذلك يقول ربنا – تبارك وتعالي - :

(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الكَفُورَ * ) ( سبأ : 16 ، 17 )

وكان من نعم الله المنعم علي أهل سبأ في إسلامهم ، وهم من العرب العاربة ، أن عمرّ الأرض من حولهم فكانت قراهم متصلة آمنة ، وكذلك كانت مزارعهم مع كثرة أشجارها ، ووفرة ثمارها حتى أن مسافريهم ما كانوا يحتاجون الي حمل زاد معهم من الطعام أو الشراب ، لأنهم كانوا يجدون الزاد حيث نزلوا من قرية الي أخرى ، علي طول الطريق من مأرب إلي بلاد الشام ،ولكنهم جحدوا ربهم بالشرك ، وبطروا نعمة العديدة عليهم حتى قالوا : ( ربنا باعد بين أسفارنا ) فباعد الله – تعالى- بين أسفارهم ، حتى أصبحوا يحتاجون الزاد والراحلة والسير في الحر والبرد وسط المخاوف الشديدة ، وذلك بعد انهدام السد ، وإصابة أرضهم بالجفاف والتصحر والقحط ، وزوال العمران من حولهم وفي ذلك تقول الآيات :

(وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرَى الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * ) ( سبأ : 18 ، 19 )

وعقابا علي شرك قوم سبأ وبطرهم مزقهم الله كل ممزق ، ( حتي صارت الأمثال تضرب بما أصابهم من شتات ، يقال : " تفرقوا أيدي سبا) فمنهم من رحل إلي أرض عمان ، ومنهم من ارتحل إلي بلاد الشام (غسان) ، ومنهم من هاجر إلي تهامة ( جذام) ، ومنهم من هاجر إلي العراق ( آل خزعة ) ومنهم من ذهب إلي ارض يثرب ( أنمار التي نتج عنها كل من الأوس والخزرج ) ، ومنهم من حاول سكني وادي مكة ( مثل قبيلة خزاعة ) التي أجلتها قريش عن واديهم .

والقحط الذي أصاب أرض قبيلة سبأ ، والشتات الذي مزق غالبية أهلها ، كان عقاباً من الله – تعالي – لتحول تلك الغالبية – تحت إغراء الشيطان – من التوحيد الي الشرك ، ومن عبادة الله – تعالي – بما أمر إلي عبادة الشمس والقمر والكواكب ، ومن الشكر لله علي سابغ نعمه إلي التمرد والاستغلاء والبطر ، وفي ذلك يقول الحق – تبارك وتعالي - : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِينَ *وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ *) ( سبأ : 20 ، 21 ) .

وتقع مدينة " مأرب " علي مسافة ( 192 كم ) شمال شرقي صنعاء العاصمة الحالية لليمن ، وكانت " مأرب " قد بنيت قبل ثلاثة ألاف سنة ، لتكون نقطة ارتكاز تجارية لقوافل البخور ( اللبان المر ) القادمة من ظفار المهرة الي فلسطين وباقي مدن الشام عبر كل من شبوة ": _ (عاصمة حضر موت ) و " تمنح " ( عاصمة الدولة المعينية ) ، كما كانت تحمل معها التجارة القادمة من كل من الهند والصين . وكانت " مأرب " هي العاصمة الثانية لمملكة " سبأ" بينما كانت عاصمتهم الأولي هي " صرواح " ( 142 كم شرقي صنعاء ، 50 كم إلي الشمال الغربي من مأرب ) .

وتنتشر في مدينة " مأرب " إلي اليوم آثار حضارة مملكة " سبا :" ، ومنها السور القديم للمدينة ، وعدد من الخرائب المبعثرة فيها ومن حولها ، وبهذه الخرائب العديد من الأحجار المنقوش عليها كتابات بالخط " المسند " وقد نقل بعضها إلي متحف مأرب ، وإن كان أغ
لبها قد نهب ونقل إلي عدد من المتاحف الغربية . وفي وسط مدينة مأرب توجد بقايا أعمدة قصر ضخم ، وعلي مسافة كيلومترين إلي الجنوب من المدينة يقع ما يسمي باسم" عرش بلقيس " ،والمعبد التي كانت تعبد فيه الشمس كما يصف ذلك الأثري اليمني الأستاذ أحمد حسين شرف الدين في كتابه المعنون " اليمن عبر التاريخ " .

وصف سد مأرب :

يقوم هذا السد علي وادي " ذنه " وتقع مدينة مأرب علي الضفة الشمالية منه ، ويشق وادي " دنه " مجراه الضيق العميق في جبل " بلق " ليقسمه إلي قسمين هما " بلق الأيمن" ، وبلق الأيسر ، ومن أجل الاستفادة بمياه ذلك الممر الصخري الضيق (والمعروف باسم الضيقة ) فإن ملوك سبأ ( في القرن التاسع قبل الميلاد في عهد المكربيبن ) أقاموا عليه جدارا سميكاً بارتفاع الجبلين المحيطين بطول 1800 قدم (حوالي550 م ) ، وغطوا هذا الجدار في جانبه المواجه للسيل بالصخور الكبيرة فيما عدا فتحتين للتصريف المائي في طرفي الجدار تسميان باسم الصدفين ( الصدف الأيمن والصدف الأيسر ) وبذلك تمكنوا من حجز مياه سيول ذلك الوادي لمسافة تصل الي ثلاثة كيلومترات،و بعرض 800 إلي 1000 م ، وبذلك رفعوا مستوي الماء أمام السد إلي مستوي الأراضي الزراعية الواقعة علي جانبي الوادي فأقاموا علي كل جانب منه جنه من مختلف أشجار الثمار وصفهما القرآن الكريم بقول ربنا – تبارك وتعالي – ( جنتان عن يمين وشمال 000 ) ولا يزال كل من الصدفين الأيمن والأيسر قائمان إلي اليوم .

واستمر سد مأرب في خزن مياه السيول في وادي " ذنه " لقرابة (1400) سنة من أول القرن الثامن قبل الميلاد إلي أواخر القرن السادس الميلادي حين حدث انهياره التام بواسطة سيل العرم " وذلك في زمن (سيف بن ذي يزن أو قبله) وكان السد قد أصيب من قبل بعدد من التصدعات التي تم ترميمها وذلك في سنة (145 ق . م) ، وفي أوائل القرن الميلادي الخامس ، وفي منتصف القرن الميلادي السادس ( في زمن أبرهة الأشرم في حدود سنة 541 م ) ، حتي دمره " سيل العرم " في أواخر القرن السادس الميلادي تدميراً كاملاً ، ولم تقم له قائمة حتي قام سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمة الله – بالمساعدة المالية لحكومة اليمن من إجل أعادة بناء سد " مأرب " وقد أعيد بناؤه فعلا بالكامل .

( د . محمد علي البار : ( 427 هـ / 2007 م ) : إضاإت قرانية ونبوية في تاريخ اليمن )

من هنا كان في استعراض القرآن الكريم لأمة سبأ ، وجها من أوجه الإعجاز التاريخي في كتاب الله وذلك لأن سبأ هي واحدة من أقدم الأمم المعروفة لنا ، فهي أمة موغلة في التاريخ إلي حدود الألفية الثالثة قبل الميلاد (2500 ق . م ) ، واستعراض القرآن الكريم لما كانت فيه تلك الأمة من نعيم مقيم ، وكيف انحرفت غالبية أفرادها تلك الأمة عن منهج الله ، وأشركت في عبادته الشمس والقمر والكواكب فأرسل الله – تعالي – عليها سيل العرم فدمر سدودهم ، واغرق مزارعهم ، وخرب ديارهم ، وشتت شملهم ، وجعلهم أحاديث في أفواه الناس ،كل ذلك لم يدونه إلا القرآن الكريم ، لأن ما جاء عن قوم سبأ في العهد القديم لا يتعدى ذكر الاسم فقط في كل من سفر التكوين " ( 10/7 ) ، وسفر أخبار أيام الأول ( 1/9/ ) ، وما جاء عنهم في كتابات الحضارتين اليونانية والرومانية القديمتين لا يتعدى وصف التجارة بين مملكة سبأ وأصحاب هاتين الحضارتين ، من هنا كان في ذكر القرآن الكريم لأمة سبأ شهادة تاريخية لهذا الكتاب العزيز بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله ، وحفظه بعهده الذي قطعة علي ذاته العلية ، في نفس لغة وحية ( اللغة العربية ) ، وحفظه كذلك لفترة زادت علي الأربعة عشر قرنا ، وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتى يبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي ما شاء الله ، وشاهدا للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين