اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
معركة #قضبة

قضبة بفتح القاف وفتح الضاد المعجمة والباء الموحدة وهي منطقة تقع حنوب الحديدة وتتبع ادارياً الدريهمي ويعتقد بعض الباحثين البريطانيين انه الميناء الذي عادت منه ما تبقى من حملة ايليوس حاليوس الرومانية الى مصر في 24 قبل الميلاد..لكن في العصر الحديث والمعاصر وقعت فيها معركة تاريخية بين القوى القبلية التهامية والقوات الامامية وتسمى بيوم قضبة 1346هـ/ 1927م، تبدأ التحولات في المشهد العسكري تقترب رغم الوجل الذي اكتسى سير هذه العملية من قبل القوات الإمامية وتبدأ القوات الإمامية بالاقتراب والاحتكاك بقوات القوى التهامية والاصطدام بها، والتدرج في احتلال الأراضي القريبة من بلاد الزرانيق، وأوّكل الإمام يحيى لولده سيف الإسلام محمد أمير تهامة جس نبض تكتل قوات القبائل التهامية بزعامة الزرانيق ومحاولة الاقتراب من بيت الفقيه، فكان أول احتكاك بينهما في الدريهمي، فقد وجه سيف الإسلام محمد المتولي على تهامة من قبل والده عاملاً له هوهاشم الشريف المحويتي والذي قدم إلى الدريهمي وكانت نتيجة قدومه مع جيشه أن أحست قبائل الجحبى بوطأة هذا الجيش وبمعاملته اللإنسانية مع أبناء تهامة، فثارت بتأييد كامل من الشيخ أحمد فتيني جنيد ومناصرة القوى التهامية، قال المصدر الإمامي:- (توجه إلى مركز الدريهمي السيد هاشم الشريف المحويتي عن أمر مولانا سيف الإسلام محمد بن أمير المؤمنين لإرشاد الناس وتفقد أحوالهم وقبض ما يلزم عليهم من الزكوات الشرعية وكان من قبيلة الجحبى التطاول وإثارة الفتن واستنجدوا بالفتيني ليأمرهم بإثارة الحرب بينهم وبين السيد المذكور في قرية الدريهمي ثم اخرج السيد هاشم إلى الحديدة ثم عاد بجيش إلى قضبة وهي القرية المتوسطة بين الدريهمي والحديدة وجرت هنالك معركة استشهد فيها السيد المذكور وهذا أحد الأسباب التي أيقظ الإمام لقتال أولئك البغاة) ، وهذه الرواية الرسمية لا تذكر من هو العامل إلا باسم "السيد هاشم الشريف" ، ويعلل البردوني سبب التكتم على الاسم بقوله:- (ربما خافت السلطة يوم ذاك من تجسّيم خطورة الزرانيق، فأغفلت المدونات الرسمية اسم القائد حتى لا يشيع قتل القادة المتوكليين لأن هذا يؤثر مباشرة على من والاهم ويبث الخوف في القيادات الجديدة) ، والحقيقة أن البردوني أيضاً أخطأ في اجتهاده بذكر أن قائد الحملة هو حسين بن عبدالرحمن عامر، ورد عليه عبدالوهاب شيبان بقوله:- (وليست مرثاة سيف الإسلام أحمد التي مطلعها: -
الله أكبر هذا فادح جلل أصاب أهل الهدى من جوره الخطل
إلخ، ليست لمن قتل غدراً بالموقع المشار إليه كما أشار الأستاذ البردوني في مؤلفه اليمن الجهوري وإنما فيمن قتل بجبل جماد المعروف بغربي جبل وضرة مركز عزلة خولان التي تقع ما بين سوق الأمان وبني قيس حجة وعدد القتلى خمسون شخصاً وفي مقدمتهم عامل الناحية السيد حسين بن عبد الله عامر كما قتل من الغزاة المتحزبين نحو مائتين وهذه الحادثة بتاريخ شهر محرم 1343هـ). أما الرواية التهامية، فذكر شاهد معاصر تهامي تسلسل الأحداث وبداياتها حيث تحدث عن طلب عامل الدريهمي من شيخ مشايخ الجحبى أحمد عمر زيد نقل كل ما دار داخل الاجتماعات القبلية لأبناء تهامة والقوى التهامية إليه، فرفض ذلك بإباء بل وعدها أهانه، فأمر العامل باعتقاله رغم الآمان الذي أعطي له ولكنه نجا وتم محاصرة القوات التي تريد احتلال الطائف وخرج قائد الحملة بتوسط المناصب الأهادلة والذي كاد يقتل ومن ثم عاد بجيش ضخم، واشتركت القوى التهامية وعلى رأسها الشيخ أحمد فتيني جنيد في القضاء على الحملة مع مصرع قائدها مما أثار فزع الإمام يحيى وقادته، تقول الرواية التهامية تحت عنوان "حرب قضبة":- (كانت بداية الحرب أن الإمام كان قد طلب من مشايخ الجحبى العليا والسفلى وضع رهائن ويكون بمثابة الدخول في طاعة الدولة..وكانت بدايتها عامل الدريهمي كان وقتها السيد هاشم وجهتها، فقد استدعى أحد مشايخ الجحبى وهو الشيخ أحمد عمر زيد وطلب منه أن يطلعه على الخلاف الذي حدث بين القبائل، كما أمره أن يدفع ما عليه للدولة، ولم تكن الدولة تستلم من هذه القبائل أي شيء لأنها كانت بحكم العادة القبلية تعتبر نفسها حكومة مستقلة يجمعها ويحكمها العرف القبلي، وحينما عامل الدريهمي سمع جواب الشيخ أحمد عمر زيد هذا أمر بحبسه وكان بدون سلاح ولم يكن معه إلا رفيقه درويش وهو من أسرته وكان مسلحاً وحينما رأى جنود العامل يعاملون الشيخ أحمد عمر بقسوة فما كان منه إلا أن وجه بندقيته إليهم وأطلق رصاصة إليهم، الشيء الذي جعل الجنود يتراجعون ويخلون سبيله وكانت هذه الرصاصة بداية الحرب الطاحنة الذي ذهب ضحيتها الكثير، على صوت الرصاصة تدّاعت القُبل، وفي نفس اليوم قتل أحد القبائل وكان قتله من جنود عامل الدريهمي فقاموا بحصار عاملها ومن معه وكانت الأعراف برمتها أن يتدخل السادة والمناصب وفعلوا ما استطاعوه لكي تفك القبائل الحصار، وكان شرط القبائل هو أن يغادر عامل الدريهمي حالاً، وفي الحال ترك المنطقة متوجهاً إ
لى الحديدة وكان فيها سيف الإسلام محمد البدر نائباً للإمام ..وما إن وصل عامل الدريهمي الحديدة وأطلع محمد البدر على ما حدث، سارع إلى التجهيز وخرج إلى منطقة خارج الحديدة اسمها قضبة، وبينما كانت الأخبار تتوارد عن خروج الجيش وعلى رأسه سيف الإسلام محمد البدر وعامل الدريهمي كانت هناك في الطرف الآخر القبائل تتجمع تحت قيادة الشيخ أحمد الفتيني الذي كان يعد العدة لمهاجمة الجيش الذي كان قد وصل إلى قضبة وكانت بداية التجمع من قبيلة الجحبة والزرانيق وقد كانوا في الدريهمي وتحركوا إلى قضبة وهاجموا الجيش وقتلوا قائده والعامل وأسروا عدداً كبيراً من الباقين فلم يعد إلى الحديدة إلا من نجي بنفسه وبعد هذا النصر، تواردت القبائل من الدريهمي إلى الحسينية وأجمعت أن تكون تحت قيادة الشيخ أحمد الفتيني) .

ورواية تهامية أخرى ذكرها آخر:- (جهز الأمير محمد جيشاً ومعه الأمير السيد هاشم لقصد الاستيلاء على قبيلة الجحبى وأهالي الدريهمي المجاورين لقرية الطائف فما كان من قبيلة الجحبى إلا قام شيخها عمر بن أحمد زيد هو وأولاده فأطلقوا النار على الحصن الذي فيه السيد هاشم وجيشه في الدريهمي وفعلاً حاصروا السيد هاشم وجيشه هناك فقام مناصب الدريهمي بني المقبول وجمع من السادة أهالي الدريهمي إلى قبيلة الجحبى وتوّسطوا في خروج السيد هاشم وجيشه من الحصار وتهدأ الفتنة فرضي الجحبى وفكوّا الحصار وخرج السيد هاشم وجيشه ومعهم السادة محافظين إلى الحديدة وهدأت الفتنة، لم تهدأ بال للأمير محمد بن يحيى حميد الدين لما عملت قبيلتي الجحبى والزرانيق بالسيد هاشم فجمع جيشاً كثيفاً من الجنود والقبائل المجاورة لشمال الحديدة وشرقها وكان قائد الجنود السيد هاشم السالف ذكره وقائد القحرى الشيخ إسماعيل البغوي وقائد قبيلة الخضاريه الشيخ حسن عبد الله خضري من قضاء باجل وقائد قبيلة العبسية الشيخ سليمان سالم ومعه قبائل من صليل وغيرها وجاؤا جميعاً إلى قرية قضبة على الساحل من بلاد المنافرة قبيلة من الدريهمي غرباً فهجمت عليهم قبيلتي الزرانيق الجحبى في ذلك المحل صباحاً واشتد القتال فقتل السيد هاشم القائد وقتل الشيخ حسن عبد الله الخضري وجرح الشيخ إسماعيل البغوي جروحاً بالغة وأخذ أسيراً يراد به الطايف فمات في أثناء الطريق ودفن في الدريهمي كما أسر الشيخ سليمان سالم وقتل عدد كثير من الجيش) .

أيدّ شاهد معاصر سير الرواية السابقة فقال:(وفي سنة 1346هـ / 1927م أمر السيف محمد بتقدم السيد هاشم وبمعيته جيش كبير من الحديدة والشيخ البغوي والشيخ سليمان سالم مع قبائلهم المسلحين ليملكوا الدريهمي، فعلمت بذلك الزرانيق والجحبة والمساعيد وغيرهم، فتصدوا للجيش في قضبة ووقعت معارك كبيرة بين الطرفين وقتلى وأسر الشيخ البغوي وقتل، وأسر الشيخ سليمان سالم ورجع بقية الجيش إلى الحديدة) ، وفي رواية أخرى لمشارك في هذه الموقعة يقول:-(وتقدمت قبائل الزرانيق وقبيلة الجحبة وقبيلة المساعيد ودارت المعركة وأقامت الحرب أوزارها بقتال مرير وأخرج الجيش من الدريهمي وقضبة وقتل قائد الجيش والشيخ البغوي..وقتل معه من الجيش أكثر من أربعمائة قتيل غير المحاشيم – الجرحى - واسر الشيخ سليمان سالم العبسي وأخذوه أسيراً إلى الشيخ أحمد فتيني جنيد الزرنوقي وأطلقه بعد ثلاثة أيام وتم عودته إلى الجيش ورحل مع أولاده - أي أتباعه - إلى أهله وبلده وقتل من الزرانيق الجحبة والمساعيد على ما يزيد على مائة قتيل غير المحاشيم ) ، فمن النصوص يتضح ما يلي:-
- أن موقعة قضبة أو ما يسميه أبناء تهامة بيوم قضبة تبعاً لتسميات القبائل العربية للمعارك حدثت خارج الدريهمي وكانت لها أسبابها والتي أدت إلى هزيمة القوات الإمامية ومقتل قادتها.
- إتحاد قبائل تهامة ورفع معنوياتها والاتجاه إلى تحرير الحديدة كما يتضح من سياق الأحداث اللاحقة وقطع أمل الإمام في وقوف الشيخ أحمد فتيني لصفه رغم الإغراءات.
- تأكد النظام الإمامي أن مشايخ تهامة المنضمين تحت لواء القوات الإمامية كانوا هم السبب الرئيسي في الهزيمة على يد القوى التهامية ووجود تنسيق متكامل بين هذه القبائل والقوى كما صرح بذلك نزيه مؤيد العظم، فعندما ذكر الشيخ إسماعيل البغوي فقال عنه:- (وقد انقض الشيخ إسماعيل البغوي على جيش الإمام يوم ثورة الزرانيق وانضم مع عشيرته إليهم ففتك رجال الإمام بعشيرته وقتلوه شر قتله لخيانته وغدره) ، فمقتل البغوي كان بيد القوات الإمامية وهذا ما يؤكده المشاركون والمعمرون من أبناء تهامة .
د. عبدالودود مقشر
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
زمان
كان اليهودي يبكر الصباح قبل ما يفتح محله
يفتح برطمان العسل البلدي ويعمل لحسه باصابعه ويفتح الخزنة ويتفرج على فلوسه والذهب والبصائر
بعدها يخرج يفتح محله ويجلس عند الباب
يمر اليمني من جوار دكانه ويقول له صباح الخير .. هيا خير مالك جالس عند الباب مطنن !!

يرد عليه اليهو دي اااااه الله لا يذوقك اللي ذقته ولا يوريك اللي شفته
الاخجف حقنا يقول : اااامين

من هنا بدأت البرمات واليهوده

👍😂😂
منقوووله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#خشير بضم الخاء وكسر الشين وسكون الراء
معناها حلوة جميله معتدلة القوام رشيقة متناسقة مليحة الوجه
بلهجة #المقاطرة #القريشة #الزريقة #اليمن

ومنها #خشرة وتجمع #خشر وهي المعبر اي الظرف المظروف الفارغ النحاسي للطلقة طلقة البندقية لاعتداله وتناسقه وجماله
فكان المليحة لها صفات الخشرة فهي خشير نسبة لها
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
المعينيون المدنيون الأوائل

بقلم ؛؛عبدالله المعافري -

المعينيون المدنيون الأوائل
ظل الاعتقاد السائد إلى فترة قريبة بأن مملكة معين القديمة هي أولى الممالك اليمنية القديمة؛ إذْ صنَّفها كذلك كثيرٌ من المستشرقين الأجانب وكذلك الدكتور جواد علي صاحب موسوعة المفصل في تاريخ العرب، وهناك أسباب موضوعية أدت إلى شيوع هذا الاعتقاد لفترة طويلة لعل من أهمها:
أن المدينة ظلت تزخر بكثير من المعابد القديمة التي كانت قائمة بشكل شبه كامل إلى مطلع الأربعينات عندما زارها كل من "هاليفي"، و"جلاوزر" وأحمد فخري ، حيث ألف الأخير كتاباً عن رحلته إلى اليمن بشكل عام وأفرد فيه أجزاء خاصة لآثار الجوف وكان عنوان كتابه "رحلة أثرية لليمن".
أما السبب الثاني: هو أنه إلى ذلك الوقت لم تجر دراسات أثرية علمية في اليمن بشكل كافٍ؛ بل لم تبدأ هذه الدراسات إلا منذ وقت قريب، مما جعل الاعتقاد يسود بأن مملكة معين هي الأقدم بين الممالك اليمنية القديمة.
وهذه المملكة شغلت آثارها -ولا زالت إلى اليوم -تشغل حيزاً كبيراً وهامّاً في علم الدراسات الأثرية والاستشراقية فانجذب نحو هذه الأوابد التاريخية آلاف السواح والمغامرين من شتى أرجاء المعمورة، لا لشيء سوى لأن هذه المنطقة التي لا تزال صامدة أمام عواتي الدهور وغارات البدو الباحثين عن الثراء واللا مبالاة من الجهات ذات العلاقة في ذات الآن، ظلت برغم كل ما سبق باقية وشاهدة على عبقرية الأسلاف وإهمال الخلف، تربض على احتياطي هائل من مخزون التراث الحضاري التاريخي الذي يعود لفترة الحضارة اليمنية الأولى.
وتعد الدولة المدنية الأولى والتجارية التي أرست في ربوعها نظام الحكم الفيدرالي بين مدنها الكبيرة التي شكلت حواضر المملكة الهامة، ومنها "براقش"، و"نشق"، و"هرم"، و"معين" مُشكّلةً نسقاً سياسياً معيناً فيما بينها أولاً وبين هذه المملكة الفتية من جهة مع مملكة سبأ وريدان من جهة أخرى في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية.
حسب رأي الآثاريين والمؤرخون المحدثين بعد أن بدأت الدراسات التاريخية والآثارية العلمية تجري في اليمن بشكل منهجي نوعاً ما عما قبل. فقال أحدهم يصف تلك الأوابد لصاحبه وهو يحاوره: إن علماء الآثار وعشاق المعرفة التاريخية ومنجزات الإنسانية القديمة بإخفاقاتها ونجاحاتها لا شك يتحرقون شوقاً لحل تلك الألغاز وإدراك كنهها الخفي الجذاب الذي يشدك وأنت تشاهد منطقة (حزام الجوف) الحالية التي تشغل مركز المحافظة حالياً. إذ تتراءى لناظريك آفاقاً رحبة واسعة من الأراضي الرملية شبه الصحراوية، التي تختزن تحت كل شبر فيها قصة وحكاية تمتد لفترة أربعة آلاف عام؛ يقل أو يزيد قليلاً، حافلة بالعطاء والخير والازدهار، انعكس في تلك الآثار النايفة التي لا زالت باقية تؤكد ذلك التألق والازدهار في لحظة توقف بها التاريخ ليستريح على تلك الرمال الناعمة من عناء السفر الطويل بين الممالك المتحالفة حيناً والمتنافسة أحياناً أخرى.
وفي غضون استراحته تلك كان حاضراً وشاهداً على ميلاد تلك الحضارة الإنسانية الرائعة، وبارك مظاهر عمرانها وأشكال فنونها الزخرفية التي لم تكن إلا احتفاءً بمقدمه ليبارك ميلادها، وكتابة سفر الخلود لمن شيدوه بصبر واحتمال ومثابرة؛ فكان من مظاهر تلك الحفاوة أيضا بناء المعابد وزخرفة جدرانها بالنقوش، وكذلك الحال بالنسبة لمداخل القلاع وأعمدة القصور وبوابات المدن. هذا ما رواه الراوي لصاحبيه وهو يحاوره بينما الآخر كان منصتاً وقد تراءت له الحصون والقلاع وهي ماثلة أمامه يراها رؤي العين. تعج بالمياه يملؤها النشاط والحيوية والناس في الأسواق يبتاعون ويشترون. فإذا به ينهره ليعيده إلى حفرته من سفرته وقد ركب بساط خياله قائلاً: أين أنت يا صاحبي؟
فأجابه وهو لا زال شارد الذهن ساهم النظرات: كنت أتجول في سوق شمر الذي كان أهم منجزات مملكة معين بقوانينه التي لا زالت سائدة إلى يومنا هذا في أسواقنا الأسبوعية في اليمن والتي تعقد في يوم معين من الأسبوع؛ فأتمنى أن تدوم وأن يحافظ عليها اليمنيون وخاصة القائمون على حماية التراث الحضاري؛
خاصة وقد اجتاحتنا موجة التطور الاستهلاكي؛ مما أدى إلى اندثارها وقيام مراكز تجارية في مدن جديدة قامت على نمط الاستهلاك العالمي؛ بالرغم من أننا شعب غير منتج وهنا الخطر الداهم.
فصمت برهة. وزَفَرَ زفرةً حكت حزنه العميق، ثم أردف قائلاً: أين كانوا وأين نحن منهم اليوم؟
قال له صاحبه -وهو يحاوره - يمكن للمرء أن يحفر حفرة في أية بقعة على هذه الأرض ليجد ما يرمز إلى ذلك المستوى الحضاري ماديّا وروحيًّا يعكس المستوى الحضاري الرفيع والمنظم في ذات الوقت؛ فكان فريداً في شبه الجزيرة العربية ولم يتكرر مرة أخرى؛ بالإضافة إلى المعابد التي توحي بأن التاريخ بجلال هيئته عندما رآها اطمأن إلى أن القوم مرتبطون بمدى الكون، فرحل مطمئنًّا مسروراً فخلفه الخير العميم في تلك الديار؛ حتى جاء أمر ربك القائل في محكم كتابه "وتلك الأيام نداولها بين الناس". صدق الله العظيم.
وما أن أنهى حديثه لصاحبه
وهو يحاوره -حتى انحدرت الشمس نحوا لمغيب وتعامدت أشعتها الذهبية على تلك الرمال فبدت بساطاً ذهبياً يخلب اللب ويبعث في النفس الدهشة وحب البقاء في انتظار ليلة مقمرة. وتواعدا على اللقاء في وقت قريب لمشاهدة أطلال المدينة وأسوارها وأسواقها ودراسة قوانينها والاستمتاع بروعة نقوش المعابد، فكان الموعد غداً "إن غداً لناظره قريب". وجاء الموعد فوافى الزائرون المدينة للاستمتاع بمشاهدة الآثار العمرانية الباقية التي لا تزال تتحدى عوامل التلف على اختلافها منها سواء منها الإنسانية أو الطبيعية بفعل عوامل المناخ ومرور الأيام.
هذه الآثار توجد اليوم في مدينة "حزم الجوف" وهي عبارة عن قصور ومعابد بنيت بانماط هندسية بديعة؛ مثلث آية فنية في البناء والإعمار وحملت الكثير من النقوش؛ مما جعل المستشرقون- الذين زاروا مدينة الجوف منذ أربعيينات القرن العشرين يعتبرون أن مملكة معين هي أقدم الممالك اليمنية.
وربما صدقت المقولة المشهورة التي تقول" إن تاريخ الأمة الحقيقي هو تاريخ تمدنها وحضارتها لا تاريخ حروبها وفتوحاتها. لأن الأولى سعادة ورفاهية وعيش رغيد، والآخرى هلاك ودمار وخراب وموت زؤام وحياة زهيدة وشتان مابين الأمرين.
وقد تطرق العلامة الهمداني في كتابة الموسوعي الاكليل (ج *) لهذا المملكة التي تحدث عنها؛ فمن إطار الدولة الحميرية وتبعه نشوان الحميري إذا يقول الهمداني: و"من محافد اليمن – بَراقش ومَعين ( بفتح أولهما) وهم بأسفل "جوف أرحب" في أسفل جبل "هيلان" وهما متقابلتان فمعين بين مدينة "روتان" وبين "درب سراقة" وأما "براقش" فقائمة في أصل جبل "هيلان" وأسماء أهلها مكتوبة في حجارتها.
وفي معين يقول مالك بن حريم الدالاني الهمداني:
ونحمي الجوف مادامت معين: بأسفله مقابلة عِرادا
وقال فروة بن مسيك المرادي 0 صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أَحلَّ يحابر جدي غُطيفاً. معين الملك من بين البنينا
وملكنا براقش دون أعلا وأنعم أخوتي وبني أبينا
وفي براقش يقول علقمة ذو جدن:
وقد آسو براقش حين أسوا ببلقعةٍ ومنبسط أنيقِ
وحلوَّا من مَعينٍ حين حلوا لعزِّ هم لدى الفجّ العميقِ
وقال أيضا:
وبراقش الملك الرفيع عمادها هجر الملوك كأنهم لم تهجر.
وقال غيره:
يقود بها ديَانها غير عاجز ثمانين ألف قادها من براقش
قالوا يألفي كاعبٍ مغرية على ابل مثل الضباع النواهش
كذلك قال ( السان اليمن)
وبالجوف سوى براقش، ومعين – البيضاء والسواء مأثرتان، فيهما آثار عظيمة وقصور أخرى في الجوف ومأرب يُقدنُ الناس منها الذهب القبوري ودنا نيرهم ودراهمهم عليها صور ( انتهي كلامه)
أما أول من تنبه من المستشرقين لهذه الدولة فكان ( هاليفي) الذي هداه الأكليل إلى مكانهم إذ وصل إلى صنعاء واصطحب معه دليلاً من يهود صنعاء كان اسمه يوسف ( حبشوش) فسارا إلى الجوف ووقف "هاليفي" على أنقاض" معين" وقرأ اسمها عليها وبجانبها" براقش" وقد بلغت النقوش التي اكتشفها "هاليفي" في زيارته إلى الجوف وحدها (303) نقوش، منها (79) نقشاً من معين (154) نقشا من براقش أو بالقرب منها و (70) نقشاً من السوداء وهي مدينة "القرنا" في النقوش و"قرنا" عند اليونانين، وكشف كذلك مدينة " نشق" التي تسمى اليوم البيضاء. وجميعها مدن معينية سيَّما ( براقش) واسمها وجد على أنفاضها.
وسموا تلك الدولة أو الأمة " المعينين" كما قرأها " هاليفي" على الآثار التي اكتشفها من خلال أسماء الملوك والهتها وعادات أهلها وغير ذلك، حتى لم يبقَ شك في أن المعينين ينسبوا إلى هذا المكان، وهذا الرأي هو المُعوَّل عليه. يجدر الإشارة إلى أن اسم مدينة ( قرنا السوداء) وهذا اسمها الحالي ورد ذكرها في سفر الأحبار في العهد القديمة باسم ( كمنا)
وممن زار هذه المملكة وأطلالها الرحالة ( جلازر) وأخذ عنها معلومات كافية وزارها محمد توفيق الأثاري المصري ورسم بعض ملامحها وزارها في الأربعينيات أحمد فخري وألَّف كتاباً أورد فيه مسعاً للحديث عن آثار معين والجوف ومدتها بشكل عام. وقد إمتد نفوذ هذه الدولة إلى حوض المتوسط والخليج العربي بمعنى أنها شملت الجزيرة العربية -وهذا صحيح إذا كانت مدينة ( العلاو) ديدان، الواقعة في الخرج شمال الرياض، محطة معينية على الطريق التجاري، بل انتشرت وذاع صيتها إلى بلاد اليونان التي كانت يستورد الطيوب من المعينين وقد كانوا قوماً تجاراً مثلهم مثل الحضارمة اليوم ويطلق عليهم المؤرخون حضارمة العصور القديمة اذْ وصلت تجارتهم كذلك إلى الأسكندرية وغيرها.
وقد بلغ ملوكهم (26) ملكاً يبدءون بالملك أب بدع ( 1-3 ) وآخرهم يشع كرب.
وقد ازد، هرت الدولة المعينية بين ( 1300-630 ق.م ) تقريباً حسب رأي العلماء وقد وردت أخبارها في الكتابات الكلاسيكية مثل كتابات ( بليني) واسترايون، وديودو الصقلي إذ أخبر "استرايون" أن عاصمتهم "قرنا" ( Carna) وامتاز المسرح الذي نشأت عليه بأنه أرض منبسطة خصبة (الجوف) ومما قاله "هاليفي" في خرائب الجوف المعينية أنه لا يوجد مكان ينافس الجوف لكثرة ما فيه من آثار وخرائب عادية على حد قوله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM