اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#زيدمطيع #دماج

Zaid Muttee Dammaj -الانبهار والدهشة -كتاب مذكرات

سور تعز

كان سورها العظيم المشيد بالحجارة من الخارج والداخل بعرض يسمح بتحرك الجنود بمعداتهم، ويكاد الآن يسمح بمرور المصفحات، لمتانته، يحيط بالمدينة من كل الجوانب، ببابيه، وهما "باب موسى" و"الباب الكبير" اللذين كانا ومازالا آية رائعة لفن العمارة اليمنية. وعلى بعد كل خمسين متراً تبرز منه "نوبة" شبيهة بالقلعة. ويتجه مسار هذا السور مرتفعاً وحاضناً للمدينة صوب "قلعة القاهرة" الجبارة التي تطل على المدينة شامخة وحارسة لها كأنها "أبو الهول" حارس أهرام الجيزة بمصر.

لا أبالغ إن قلت إن هذا السور العظيم بقلعته الشامخة لا مثيل له في أي مدينة يمنية، سوى سور مدينة ثلاء وحصنها الذي يشبهه ولكن بصورة مصغرة جداً، وأنني لم أشاهد أو أعرف مثيلاً له في أي مدينة عربية أو أجنبية.

* * *

إذا كان "سور تعز" العظيم يعد أعظم أثر، فهنالك داخل المدينة، التي احتضنها هذا السور العظيم وقلعته الحارس الأمين، مآثر عديدة غاية في العظمة يتوقف أمامها الناس بدهشة وإعجاب، أعني بها الجوامع والمدارس والأضرحة ذات القباب الصغيرة والأخرى العملاقة ذات البناء المتميز بدقة زخارفه التي لا مثيل لها، والكتابات البديعة بألوان من الأصباغ اليمانية الشهيرة التي مازال بعضها قائماً منذ مئات السنين حتى عهد الإمام يحيى وبنيه الذين عمدوا إلى طمس تلك المعالم بحجة تبييضها بـ"النورة" البيضاء، كما فعل "الجار الكبير" عندما طمس معالم وزخارف وأعمدة الجامع الكبير (جامع الملكة أروى) في صنعاء و"جامع الجند" الذي أقامه معاذ بن جبل، ويعد أول جامع أقيمت فيه أول صلاة جمعة في شهر رجب، وهي الجمعة التي مازال اليمنيون يعدونها عيداً من أعيادهم المهمة.

مدرسة (أو جامع) الأشرفية

نسبة إلى الملك أشرف. يطل الجامع على المدينة من الجهة الجنوبية الشرقية، بمئذنتيه اللتين لا مثيل لهما في أي مدينة، بفن عمارتهما وزخارفهما الخارجية وقبابهما العديدة. وتحيط به من الجانبين "برندات" طويلة ذات عقود كبيرة مفتوحة على الهواء، وعند كل فتحة "دكة" من "القضاض" يجلس عليها المصلون والدارسون يستنشقون الهواء الطلق المنعش ويطلون منها على المدينة وضواحيها والجبال البعيدة الخضراء. وفي الخلف أحواض لدباغة الجلود التي اشتهرت بجودتها. وبداخل هذا الجامع أو المدرسة (الأشرفية) أعمدة وعقود يرتكز عليها البناء، وقبتان كبيرتان مزركشتان بالخط الملون، ومحاريب غاية في الإبداع.

جامع المظفر

نسبة إلى الملك (المظفر). يعد "جامع المظفر" أكبر جوامع المدينة. كانت له مئذنة شبيهة بمئذنتي مدرسة وجامع الأشرفية، بل تكاد تكون أكثر طولاً (التقطتُ صورة للمدينة والمئذنة مازالت قائمة عام 1960 قبل انهيارها، عندما خرجتُ مع الطلبة اليمنيين من مصر في أول إجازة لنا). كانت تقام في هذا الجامع الكبير جميع الصلوات، وبالذات صلاة الجمعة؛ ذلك أنه الوحيد الذي كان يستوعب سكان المدينة، لاتساعه، له بابان رئيسيان، أحدهما من الغرب، وهو أشهرهما جمالاً ورونقاً بعقوده المقوسة التي تشبه  "الأزهر" و"جامع القيروان" وقصور الأندلس وجوامعها المشهورة. والباب الآخر خشبي منحوت عليه -بخط بديع- آيات منتقاة من القرآن الكريم. وكان يقع أمام الباب، على بعد خمسة أمتار، الحمام البخاري التركي الذائع الصيت.

يمتاز "جامع المظفر" برواقه الكبير "المصلول" بالحجارة بـ"قضاض النورة" المتين، وبركته الفسيحة التي كنا نسبح فيها معظم الأيام، وبالماء الرقراق الذي ينساب إليها بساقية "مقضضة" بـ"النورة" من منحدرات "جبل صبر" الشامخ إلى "سبل" للشرب بقبابها "المقضضة" أيضاً، وتتوزع بميازيب إلى كل بركة صغيرة أو كبيرة يتوضأ فيها المصلون أو يغتسلون صباح كل يوم (من الجنابة). وأمام الجامع من الجهة "القبلية" (الشمالية) مقبرة أثرية مسورة تحتل مساحة واسعة،  تضم رفات جميع ملوك وعظماء اليمن في تلك الحقب، ويطل عليها الجامع بقبلته البارزة ذات القبة الصغيرة المزخرفة البديعة، وبجوارها من الخارج على اليسار بوابة صغيرة ذات أعمدة عليها قبة صغيرة أيضاً ليدخل منها الملوك والسلاطين والحكام وحاشياتهم مباشرةً إلى الصفوف الأمامية أمام المنبر لكي لا يطؤا رقاب المصلين.

في كل صلاة جمعة كان الإمام أحمد يخرج من قصر "دار الناصر" على صهوة جواده "الرعد" مع حاشيته وحشمه وعكفته وسواريه وعساكره "النظام" و"البراني" بزاملهم المعتاد وأصوات أبواق "البورزان" وعبيده المحيطين به، ومظلته المزركشة بمعذباتها المزينة بلون الذهب تدور فوق رأسه، يقوم بمهمة تدويرها عبد عملاق. ومع أن المسافة قصيرة ما بين "دار الناصر" وجامع "المظفر"،إذ لا يفصل بينهما إلا "ميدان الشبكة" إلا أن الإمام أحمد كان يريد بموكبه هذا أن يثبت لسكان المدينة أنه أجل مهابة وأعظم سطوة من ملوك بني رسول والغسانيين! لكن الناس والعامة منهم أيضاً يعرفون أنه كان يخرج من قصر "دار الناصر" الذي استولى عليه، ويتجه ليصلي في "جامع المظفر" في مد