#نهم
نهممديرية من مديريات محافظة صنعاء ، ونهم قبيلة من قبائل اليمن ، تقع أراضي نهم في شمال شرق العاصمة صنعاء ، يحدها من الشمال الجوف وبلاد سفيان ، ومن الشرق الجوف ، ومن الجنوب بنو حشيش وخولان العالية ، ومن الغرب أرحـب .
وتنقسم قبيلة نهم إلى غُفيري ومحلفي ، ثم ينقسم الغُفيري إلى ثلاثـة أقسام ، عيال غفير والحنشات والجدعان ومن عيال غفير سمح ، وهم حميدي وضحاكي وعبدلي وشوذري هولاء سـمح ، ثم عيال غفير المطيرة ، وعيال أحمد والنعيمات وبنو بارق ، ومن الحنشات العواصم والجفور والقميحات ومن الجدعان آل حرمل وآل جمعان وآل خضير ، ومساكن الجدعان الجوف ، وأما المحلف فهم منصوري وصيادي ، ومن المنصوري مرهبة وبنو منصور ، ومن عيال صياد عواض وفهدي ، والمذكورون هم من قبائل مرهبة في عداد نهم ، والجميع من بكيل ، ومن المنصوري عذر مطرة ، وهو في الأصل من عذر حاشد ، كما جاء عند " الهمداني " في كتابه " صفة جزيرة العرب " وعدادهم في نهم .
ومن قرى نهم المديد ، وبَّرأن ، وملح ، وثومة ، وخلقة ، وضبوعة ، ومسورة ، ومجزر ، وثاجر.
ومن أشهر جبالها جبل يام ، وهو جبل واسع متصل بالجوف ، وهو بلد قبيلة يام القديمة ، وفيه موضع يعرف بالغيضة قبر فيه الإمام " أحمد بن علي السراجي" المتوفى في سنة ( 1250 هجرية ) .
ومياه نهم ـ أودية نهم ـ تصب في الجوف ، وبعض أوديتها تصب في وادي الخارد الواقع غرب أراضي نهم ، ومن أوديتها الشرقية وادي ملاحا الذي يصب إلى مجزر ثم إلى الجوف ، ومنجم الرضراض أشهر معالم نهم .
1- منجم الرضراض :-
يقع منجم الرضراض في السفح الشمالي لجبل صلب في شعب يسمى المجني من أراضي نهم ، وهو عبارة عن منجم قديم للفضة ، بدأت قصة الرضراض عندما ذكره "الهمداني" في كتابه " الجوهرتين العتيقتين من الذهب والفضة " ، فقد ذكر أن معدن الفضة في الرضراض لا نظير له ، وقد قدم وصفاً بإسهاب عن المنطقة التي يقع فيها ، وما تحتوي من أشجار ومصادر مياه والقبيلة التي يقع في أراضيها المنجم .
وبالاعتماد على وصف " الهمداني " تمكنت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة ( كرسيتان روبان ) ، ومجموعة من الجيولوجين الفرنسيين العاملين في اليمن من تحديد موقع المنجم ، في جبل صلب في " نهم " ، الواقع في الوادي الفاصل - الحد - بين منطقة نهم ويام تحت قرية أثرية تسمى سامك ، ويبعد عن العاصمة صنعاء باتجاه الشرق حوالي ( 40 كيلومتراً ) ، وقد ذكر" الهمداني" أن المنجم والقرية قد خربتا بعد مقتل " محمد بن يعفر " الذي تولى ولاية اليمن من قبل العباسيين في سنة ( 258 هجرية ) الذي قام بتوجيه عماله على المخاليف ، وفتح حضرموت ، وحقق الكثير من المنجزات التي لم يحققها أحد من قبله ، ولكنه في سنة ( 262 هجرية ) استخلف على الولاية ابنه " إبراهيم " ؛ لأنه توجه إلى مكة لأداء مناسك الحج ، وخلالها جدد له الخليفة " العباسي الموفق " الولاية ، وعندما عاد إلى اليمن قتله ابنه " إبراهيم " الذي تولى الحكم من ( 262 -272 هجرية ) بأمر من جده " يعفر " الذي أمره بقتل أبنائه " محمد " و " أحمد " سراً بعد المغرب في صومعة مسجد شبام كوكبان ، وهو الأمر الذي أدى بالقبائل إلى الثورة عليه – لقتله أبيه " محمد " ، وعمه " أحمد " أبناء " يعفر " – تلك الثورة التي قامت بها القبائل أدت إلى مقتل عمال منجم الرضراض وسكان قرية سامك إضافة إلى نهب الممتلكات ، ويذكر أن عمال المنجم كانوا من الفرس ، وهم الذين كانوا يحتكرون صناعة واستخراج الفضة منه منذ عصور ما قبل الإســلام ، وأنه كان منجماً غزير الإنتاج لا يضاهيه منجم آخر في اليمن ، فقد كان ينتج في الأسبوع حمل جمل من الفضة أي ما يعادل ( عشرين ألف درهم ) ، أي ما يقابل ( ثلاثة آلاف كيلو غرامات من الفضة ) سنوياً ، لقد كان يحتوي موقع الرضراض على أفران تستخدم لفصل الشوائب عن الفضة في المكان نفسه ، وكان يقدر عددها بحوالي ( أربعمائة فرن ) ، وهي تعكس مدى الإنتاج الغزير للمنجم .
وهو الذي حدا بالتجار الأجانب إلى شراء الفضة من الموقع نفسه حيث كان يقدم إليه التجار من العراق وفارس ومصر .
أما مساحة المنجم فهي تقارب ( عشرة هكتارات ) تقريباً ، ويتكون من منجم مكشوف و ( ثلاثين سرداباً ) متفاوتة في الطول والعرض والارتفاع ، وأكبرها طوله حوالي ( 150 متراً ) وعرضه ( 30 - 40 متراً ) وارتفاعه ( بضعة أمتار ) ، وله ( عشرة آبار ) عمقها يتراوح فيما بين ( 10 - 25 متراً ) ، وهي للتهوية وإخراج المعدن الخام
نهممديرية من مديريات محافظة صنعاء ، ونهم قبيلة من قبائل اليمن ، تقع أراضي نهم في شمال شرق العاصمة صنعاء ، يحدها من الشمال الجوف وبلاد سفيان ، ومن الشرق الجوف ، ومن الجنوب بنو حشيش وخولان العالية ، ومن الغرب أرحـب .
وتنقسم قبيلة نهم إلى غُفيري ومحلفي ، ثم ينقسم الغُفيري إلى ثلاثـة أقسام ، عيال غفير والحنشات والجدعان ومن عيال غفير سمح ، وهم حميدي وضحاكي وعبدلي وشوذري هولاء سـمح ، ثم عيال غفير المطيرة ، وعيال أحمد والنعيمات وبنو بارق ، ومن الحنشات العواصم والجفور والقميحات ومن الجدعان آل حرمل وآل جمعان وآل خضير ، ومساكن الجدعان الجوف ، وأما المحلف فهم منصوري وصيادي ، ومن المنصوري مرهبة وبنو منصور ، ومن عيال صياد عواض وفهدي ، والمذكورون هم من قبائل مرهبة في عداد نهم ، والجميع من بكيل ، ومن المنصوري عذر مطرة ، وهو في الأصل من عذر حاشد ، كما جاء عند " الهمداني " في كتابه " صفة جزيرة العرب " وعدادهم في نهم .
ومن قرى نهم المديد ، وبَّرأن ، وملح ، وثومة ، وخلقة ، وضبوعة ، ومسورة ، ومجزر ، وثاجر.
ومن أشهر جبالها جبل يام ، وهو جبل واسع متصل بالجوف ، وهو بلد قبيلة يام القديمة ، وفيه موضع يعرف بالغيضة قبر فيه الإمام " أحمد بن علي السراجي" المتوفى في سنة ( 1250 هجرية ) .
ومياه نهم ـ أودية نهم ـ تصب في الجوف ، وبعض أوديتها تصب في وادي الخارد الواقع غرب أراضي نهم ، ومن أوديتها الشرقية وادي ملاحا الذي يصب إلى مجزر ثم إلى الجوف ، ومنجم الرضراض أشهر معالم نهم .
1- منجم الرضراض :-
يقع منجم الرضراض في السفح الشمالي لجبل صلب في شعب يسمى المجني من أراضي نهم ، وهو عبارة عن منجم قديم للفضة ، بدأت قصة الرضراض عندما ذكره "الهمداني" في كتابه " الجوهرتين العتيقتين من الذهب والفضة " ، فقد ذكر أن معدن الفضة في الرضراض لا نظير له ، وقد قدم وصفاً بإسهاب عن المنطقة التي يقع فيها ، وما تحتوي من أشجار ومصادر مياه والقبيلة التي يقع في أراضيها المنجم .
وبالاعتماد على وصف " الهمداني " تمكنت البعثة الأثرية الفرنسية برئاسة ( كرسيتان روبان ) ، ومجموعة من الجيولوجين الفرنسيين العاملين في اليمن من تحديد موقع المنجم ، في جبل صلب في " نهم " ، الواقع في الوادي الفاصل - الحد - بين منطقة نهم ويام تحت قرية أثرية تسمى سامك ، ويبعد عن العاصمة صنعاء باتجاه الشرق حوالي ( 40 كيلومتراً ) ، وقد ذكر" الهمداني" أن المنجم والقرية قد خربتا بعد مقتل " محمد بن يعفر " الذي تولى ولاية اليمن من قبل العباسيين في سنة ( 258 هجرية ) الذي قام بتوجيه عماله على المخاليف ، وفتح حضرموت ، وحقق الكثير من المنجزات التي لم يحققها أحد من قبله ، ولكنه في سنة ( 262 هجرية ) استخلف على الولاية ابنه " إبراهيم " ؛ لأنه توجه إلى مكة لأداء مناسك الحج ، وخلالها جدد له الخليفة " العباسي الموفق " الولاية ، وعندما عاد إلى اليمن قتله ابنه " إبراهيم " الذي تولى الحكم من ( 262 -272 هجرية ) بأمر من جده " يعفر " الذي أمره بقتل أبنائه " محمد " و " أحمد " سراً بعد المغرب في صومعة مسجد شبام كوكبان ، وهو الأمر الذي أدى بالقبائل إلى الثورة عليه – لقتله أبيه " محمد " ، وعمه " أحمد " أبناء " يعفر " – تلك الثورة التي قامت بها القبائل أدت إلى مقتل عمال منجم الرضراض وسكان قرية سامك إضافة إلى نهب الممتلكات ، ويذكر أن عمال المنجم كانوا من الفرس ، وهم الذين كانوا يحتكرون صناعة واستخراج الفضة منه منذ عصور ما قبل الإســلام ، وأنه كان منجماً غزير الإنتاج لا يضاهيه منجم آخر في اليمن ، فقد كان ينتج في الأسبوع حمل جمل من الفضة أي ما يعادل ( عشرين ألف درهم ) ، أي ما يقابل ( ثلاثة آلاف كيلو غرامات من الفضة ) سنوياً ، لقد كان يحتوي موقع الرضراض على أفران تستخدم لفصل الشوائب عن الفضة في المكان نفسه ، وكان يقدر عددها بحوالي ( أربعمائة فرن ) ، وهي تعكس مدى الإنتاج الغزير للمنجم .
وهو الذي حدا بالتجار الأجانب إلى شراء الفضة من الموقع نفسه حيث كان يقدم إليه التجار من العراق وفارس ومصر .
أما مساحة المنجم فهي تقارب ( عشرة هكتارات ) تقريباً ، ويتكون من منجم مكشوف و ( ثلاثين سرداباً ) متفاوتة في الطول والعرض والارتفاع ، وأكبرها طوله حوالي ( 150 متراً ) وعرضه ( 30 - 40 متراً ) وارتفاعه ( بضعة أمتار ) ، وله ( عشرة آبار ) عمقها يتراوح فيما بين ( 10 - 25 متراً ) ، وهي للتهوية وإخراج المعدن الخام
التجارة في اليمن والجزيرة العربية
ذكرت الاشارات في المصادر القديمة الى الرقيق والزنوج والعبيد الذين أسهموا في الحياة الاقتصادية بعد الفتوحات. وكان لهؤلاء اليد الطولى في تنشيط الزراعة والحرف البسيطة والتعدين. وقد صنف الرقيق بين أسود وأحمر نسبة الى الحبشة وما جاورها، والى أصفر نسبة الى بلاد فارس وآسيا الوسطى، وانتشر هؤلاء في أماكن متعددة كالحجاز واليمن واليمامة. أما العمال الفرس الذين عملوا في اليمن في منجمي شمام بالجام فقد قدروا في وقت من الاوقات بأكثر من الفي عامل. وكان لهم معبد زرداشتي. وورد في هذه المصادر ان قوة خراسانية قوامها الف جندي استقرت في حماية امارة بني زياد وعمل افرادها في منجم الرضراض باليمن، وهم من أصول فارسية. كذلك عملت عمالة فارسية في مناجم ذمار وصنعاء وعـدن، إما لأن أهل اليمن عزفوا عن امتهان مهنة التعدين او لكون العمال الفرس كانوا أكثر مهارة. وكانت اليد العاملة الفارسية تتدفق في هجرات مستمرة الى منطقة منجم الرضراض من قبل الدعوة الاسلامية وحتى العصر العباسي.
الرق في شبه الجزيرة العربية
إنتشر الرق في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، وأصبح ظاهرة مألوفة. وكانت المناطق الزراعية في شبه الجزيرة مراكز تواجد الرقيق للحاجة اليهم في الزراعة، لذلك كثروا في اليمن واليمامة. أما في الحجاز فعمل الرقيق في الخدمة بالمنازل والرعي وبعض الحرف اليدوية. وكانت في المدينة نخيل كثيرة يديرها رقيق من العمالة السود. ويرى مؤرخون ان زبيداً أصبحت في وقت من الاوقات قاعدة كبيرة لتجمع العبيد، خصوصاً من الأحباش الذين زاد عددهم بفعل اعتماد الدولة الزيادية عليهم في الادارة والجيش، إضافة الى جلب اصحاب المزارع لعدد كبير منهم، مما شكل تهديداً لدولة بني زياد نفسها.
كان العبد في عصر الاسلام المبكر يباع بثمانمئة درهم. أما العبيد الذين تمتعوا بخبرات تجارية فكانت أسعارهم أعلى بكثير حتى وصل سعر الواحد منهم الى عشرين الف درهم، وهو مبلغ دفعه انس بن مالك الانصاري لشراء عبده سرين. ودفع عبد الله بن عمر بن الخطاب خمسة وثلاثين الف درهم مقابل شراء عبد. وترجع هذه الاسعار المرتفعة الى الخبرة التجارية التي تمتع بها هؤلاء العبيد. يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي اسباب هذا التوسع في الاتجار بهذه الاعداد الكبيرة من اليد العاملة، ما يبرر دفع الاثمان المرتفعة جداً بمقياس ذلك الزمن لشراء هؤلاء العبيد او استئجارهم؟ . وما طبيعة العلاقة بين المواطنين والعمال الاجانب، وما هي المشاكل التي واجهت العمالة الاجنبية. وهل كان للاوضاع السياسية أثرها في ذلك. وقد تحدث مؤرخون قدامى كابن حجر والشيباني والمواردي عن ميادين العمل التي إنخرطت فيها اليد العاملة المستقدمة وكذلك اليد العاملة المحلية. وقد رأى هؤلاء ان المهن التي زاولها العمال تفوق التعداد والحصر. وهي تنقسم الى اربعة أقسام: محرمة ومباحة وشريفة وضرورية. فالتنجيم وصناعة الخمور كانت محرمة. أما المباح منها فشمل الكثير من المهن، باستثناء ما ورد النص بحرمته. وشملت الشريفة الطب والكتابة والتعليم والوراقة. أما الضرورية فكانت التجارة والبناء والخياطة والحياكة. وقد اختصت بكل صنف فئة من اليد العاملة، محلية أكانت أم مستقدمة. أما أهم المهن التي شاعت آنذاك، أي في العصر الوسيط، فشملت الصيد، الجمع والاحطاب، الرعي وتربية الماشية، الزراعة، صناعة البناء، الصناعة بشكل عام، التجارة، التعدين، الدباغة، الصباغة، الخرازة، الغزل والنسيج، الحلاقة، الكتابة والقراْة والترجمة، الطب والتمريض، العطارة ، واخيراً الصيدلة. ولا بد من الاشارة هنا الى ان أهل اليمامة استفادوا في استثمار معادن بلادهم من خبرة الآخرين. فقد ذكرت مصادر قديمة بينها ما ذكره الاصفهاني، ان ايرانيين مجوس عملوا في مناجم اليمامة. وكان للايرانيين خبرة في التعدين اكتسبوها من العمل في مناجم بلادهم التي كان التعدين فيها منتشراً في عصور تاريخية مختلفة. فقد إشتهرت ايران، على سبيل المثال، كمركز اساسي لسك العملات الفضية. وقد بلغت مراكز السك فيها ستين مركزاً في خلال الحقبة الساسانية.
التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق
كيف كان يتم التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق المستقدمون من الخارج؟. لا تتحدث المصادر كثيراً عن هذا الموضوع، الا ان هناك اشارات الى ان بعض العبيد والزنوج و الرقيق كان يتم شراءهم ويمضون جل حياتهم يخدمون الشاري، الا اذا باعهم بدوره من شارين آخرين. والبعض الآخر كان يتقاضى اجوره نقداً او عيناً وكانوا يسكنون مع اسيدهم في المزارع او قرب المناجم. وقد أكد الطبري ان الرقيق في الحجاز كانوا يعملون الى جانب اسيادهم ويتقاضون اجورهم عيناً من المحاصيل الزراعية. وهذا، على ما يبدو، كان ينطبق على اليمن. اما المهن الاخرى في الحجاز واليمن، خاصة المهن الحرفية، فكان العامل فيها لا يعمل بجانب سيده، بل كان يمارس حرفته في مكان عام يرتاده الناس حتى يتمكن من بيع السلع التي
ذكرت الاشارات في المصادر القديمة الى الرقيق والزنوج والعبيد الذين أسهموا في الحياة الاقتصادية بعد الفتوحات. وكان لهؤلاء اليد الطولى في تنشيط الزراعة والحرف البسيطة والتعدين. وقد صنف الرقيق بين أسود وأحمر نسبة الى الحبشة وما جاورها، والى أصفر نسبة الى بلاد فارس وآسيا الوسطى، وانتشر هؤلاء في أماكن متعددة كالحجاز واليمن واليمامة. أما العمال الفرس الذين عملوا في اليمن في منجمي شمام بالجام فقد قدروا في وقت من الاوقات بأكثر من الفي عامل. وكان لهم معبد زرداشتي. وورد في هذه المصادر ان قوة خراسانية قوامها الف جندي استقرت في حماية امارة بني زياد وعمل افرادها في منجم الرضراض باليمن، وهم من أصول فارسية. كذلك عملت عمالة فارسية في مناجم ذمار وصنعاء وعـدن، إما لأن أهل اليمن عزفوا عن امتهان مهنة التعدين او لكون العمال الفرس كانوا أكثر مهارة. وكانت اليد العاملة الفارسية تتدفق في هجرات مستمرة الى منطقة منجم الرضراض من قبل الدعوة الاسلامية وحتى العصر العباسي.
الرق في شبه الجزيرة العربية
إنتشر الرق في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، وأصبح ظاهرة مألوفة. وكانت المناطق الزراعية في شبه الجزيرة مراكز تواجد الرقيق للحاجة اليهم في الزراعة، لذلك كثروا في اليمن واليمامة. أما في الحجاز فعمل الرقيق في الخدمة بالمنازل والرعي وبعض الحرف اليدوية. وكانت في المدينة نخيل كثيرة يديرها رقيق من العمالة السود. ويرى مؤرخون ان زبيداً أصبحت في وقت من الاوقات قاعدة كبيرة لتجمع العبيد، خصوصاً من الأحباش الذين زاد عددهم بفعل اعتماد الدولة الزيادية عليهم في الادارة والجيش، إضافة الى جلب اصحاب المزارع لعدد كبير منهم، مما شكل تهديداً لدولة بني زياد نفسها.
كان العبد في عصر الاسلام المبكر يباع بثمانمئة درهم. أما العبيد الذين تمتعوا بخبرات تجارية فكانت أسعارهم أعلى بكثير حتى وصل سعر الواحد منهم الى عشرين الف درهم، وهو مبلغ دفعه انس بن مالك الانصاري لشراء عبده سرين. ودفع عبد الله بن عمر بن الخطاب خمسة وثلاثين الف درهم مقابل شراء عبد. وترجع هذه الاسعار المرتفعة الى الخبرة التجارية التي تمتع بها هؤلاء العبيد. يبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي اسباب هذا التوسع في الاتجار بهذه الاعداد الكبيرة من اليد العاملة، ما يبرر دفع الاثمان المرتفعة جداً بمقياس ذلك الزمن لشراء هؤلاء العبيد او استئجارهم؟ . وما طبيعة العلاقة بين المواطنين والعمال الاجانب، وما هي المشاكل التي واجهت العمالة الاجنبية. وهل كان للاوضاع السياسية أثرها في ذلك. وقد تحدث مؤرخون قدامى كابن حجر والشيباني والمواردي عن ميادين العمل التي إنخرطت فيها اليد العاملة المستقدمة وكذلك اليد العاملة المحلية. وقد رأى هؤلاء ان المهن التي زاولها العمال تفوق التعداد والحصر. وهي تنقسم الى اربعة أقسام: محرمة ومباحة وشريفة وضرورية. فالتنجيم وصناعة الخمور كانت محرمة. أما المباح منها فشمل الكثير من المهن، باستثناء ما ورد النص بحرمته. وشملت الشريفة الطب والكتابة والتعليم والوراقة. أما الضرورية فكانت التجارة والبناء والخياطة والحياكة. وقد اختصت بكل صنف فئة من اليد العاملة، محلية أكانت أم مستقدمة. أما أهم المهن التي شاعت آنذاك، أي في العصر الوسيط، فشملت الصيد، الجمع والاحطاب، الرعي وتربية الماشية، الزراعة، صناعة البناء، الصناعة بشكل عام، التجارة، التعدين، الدباغة، الصباغة، الخرازة، الغزل والنسيج، الحلاقة، الكتابة والقراْة والترجمة، الطب والتمريض، العطارة ، واخيراً الصيدلة. ولا بد من الاشارة هنا الى ان أهل اليمامة استفادوا في استثمار معادن بلادهم من خبرة الآخرين. فقد ذكرت مصادر قديمة بينها ما ذكره الاصفهاني، ان ايرانيين مجوس عملوا في مناجم اليمامة. وكان للايرانيين خبرة في التعدين اكتسبوها من العمل في مناجم بلادهم التي كان التعدين فيها منتشراً في عصور تاريخية مختلفة. فقد إشتهرت ايران، على سبيل المثال، كمركز اساسي لسك العملات الفضية. وقد بلغت مراكز السك فيها ستين مركزاً في خلال الحقبة الساسانية.
التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق
كيف كان يتم التعامل المالي مع هؤلاء العبيد والزنوج والرقيق المستقدمون من الخارج؟. لا تتحدث المصادر كثيراً عن هذا الموضوع، الا ان هناك اشارات الى ان بعض العبيد والزنوج و الرقيق كان يتم شراءهم ويمضون جل حياتهم يخدمون الشاري، الا اذا باعهم بدوره من شارين آخرين. والبعض الآخر كان يتقاضى اجوره نقداً او عيناً وكانوا يسكنون مع اسيدهم في المزارع او قرب المناجم. وقد أكد الطبري ان الرقيق في الحجاز كانوا يعملون الى جانب اسيادهم ويتقاضون اجورهم عيناً من المحاصيل الزراعية. وهذا، على ما يبدو، كان ينطبق على اليمن. اما المهن الاخرى في الحجاز واليمن، خاصة المهن الحرفية، فكان العامل فيها لا يعمل بجانب سيده، بل كان يمارس حرفته في مكان عام يرتاده الناس حتى يتمكن من بيع السلع التي
يحترفها لحساب سيده. وتقول هذه المصادر ان اهل الحجاز كانوا يأخذون ضرائب او اتاوة من هؤلاء العمال.
من الميادين الحيوية والمهمة التي عملت فيها العمالة المستجلبة فكان العديد منها يتعلق بالري وتقنيته. ويأتي الري في أولويات التقنية الزراعية لاهمية المياه للزراعة، ولكون شبه الجزيرة تفتقر كثيراً في مناطق متعددة منها للمياه. وقد اختصت مؤلفات عديدة في التحدث عن هذه القضية – المشكلة، مثل مؤلفات ابن بصال وابن العوام وابن الأعرابي . وتشير مصادر مختلفة الى استعانة أهل البلاد بالخبرات الاجنبية التي استقطبت من عاصمة الخلافة وسواها لحل المشاكل الفنية التي واجهت التفتيش عن مصادر للمياه والاستقادة منها . ففي شبه الجزيرة مساحات صحراوية واسعة ، لهذا اعتمدت الزراعة من قبل على الامطار القليلة وعلى الابار السطحية . وكان الري يعتمد على وسائل بسيطة بمساعدة الحيوان. من هنا نرى ان الدولة الاسلامية منذ بدء الدعوة صرفت أموالاً طائلة على تقنية الري في الحجاز ونجد، فأدخلت تقنيات جديدة على طرق استخراج المياه الجوفية التي استعملت سابقاً بعد ان أدخلت عليها تطوراً جديداً. فالات التي استعملت سابقاً في استخراج المياه الجوفية كانت تصنع من الخشب فاستبدلت الآن بالحديد. وجرى تطوير المحراث والمجثات والمنجل والقلب وتم الربط بين سلسلة من الابار الجوفية لرفع المياه الجوفية الى سطح الارض.
كان للعمالة المجلوبة من الخارج دورها الكبير في المصانع والمعامل والورش. فاشتهرت الطائف بمعامل الدباغة، كما اشتهرت مدن الحجاز بصناعة الحلي والاسلحة كالقسي والرماح والسيوف والمعدات الزراعية الحديدية كالفؤوس والمحاريث وصناعة القفف والمكاتل من سعف النخيل. اما الحدادة فكانت مهنة محتقرة عند العرب. وكان يقوم بها الرقيق او بعض افراد الجالية اليهودية في اليمن واليمامة. كذلك عمل اليهود والعبيد في الصباغة والدباغة. اما النسيج والخياطة فاشتهرت بهما اليمن واليمامة وهجر. وكانت الثياب تنسب الى مصادرها مثل : ثياب السحول من بلدة سحول باليمن، والبرد القطرية نسبة الى قطر والصحارية نسبة الى صحار باليمن. اما عدن فاشتهرت ببردها.
تعزز التعدين في العصرين الاموي والعباسي بعد ان انفتحت اسواق البلدان المفتوحة بعضها على بعض وكثرت الايدي العاملة من عبيد وزنوج ورقيق، وبتنا نرى، مثلاً، معادن شبه الجزيرة العربية في اسواق كل البلدان المفتوحة. وشملت هذه المعادن: الفضة والذهب والحديد والعقيق والجزع. وعد معدن بني سليم، او معدن فران كما دعي لاحقاً، من أغزر مناجم الذهب في شبه الجزيرة العربية. وكان منجم حليت في حمى ضرية، وكان يسمى التجاري.
ويشير الهمداني الى ان معدن العقيق في نجد كان من أغزر معادن الذهب في شبه الجزيرة. وقال ياقوت ان عدد المناجم هذه كان أكثر من عشرة مناجم. كذلك ذكر الهمداني ان مناجم جديدة وجدت في اليمن. كذلك حفرت مناجم للفضة في شبه الجزيرة العربية مثل منجم الرضراض في اليمن ومنجم حمام باليمامة.
أما مناجم الحديد فكان من بينها منجم رغافة في اليمن الذي كان فيه خمسة عشر كيراً لسبك الحديد، ومنجم قساس في نجد ومناجم العقيق والجزع في اليمن التي كان يصنع منها الخرز والفصوص والأواني السعوانية او البقرانية. وكانت أعداد كبيرة من العبيد والرقيق تعمل في هذه المناجم، حتى قيل ان لولا هؤلاء العمال لبقيت المعدان في ارضها غير مستخرجة.
ترتب على وجود المعادن واكتشافها قيام صناعات معدنية مثل صناعة الحدادة والصياغة. وقد استمرت صناعة الحدادة مزدهرت في اليمامة حتى القرن الخامس الهجري. كذلك نشطت حرفة الصياغة هناك حتى القرن الخامس نفسه، ومن ثم انتشرت مزدهرة في اسواق الصاغة في الحجاز وعدن واليمن واليمامة. غير ان هذه النشاطات المعدنية تطلبت مساعدة بشرية تتمتع بخبرة لم تكن متوفرة في شبه الجزيرة في ذلك الوقت. من هنا نرى كثرة استجلاب الأيدي العاملة الخارجية ذات الخبرة. وكان بالتالي لا بد من تنظيم محكم لهذه العمالة، خصوصاً في الحجاز واليمن. وذكرت بعض المصادر ان صاحب صعدة (الحاكم) كان يفرض جباية على أصحاب المدابغ، وبالتالي تعداد العاملين وعدد المدابغ وكمية الانتاج حتى يتمكن من تحديد مقدار الجباية . أما في مكة فقد كان للمهن الحرة مشرف يتابع حركة العمل والعمال وأطلق عليه اسم أمير الحاكة او أمير النساجين .
إنخرط العبيد والموالي بالمدينة في مهنة السقاية ، وكانوا يسمون بسودان أهل المياه . وبدورهم استعان أهل اليمامة منذ وقت مبكر بالايدي العاملة من الرقيق المجلوب في مجالي الرعي والزراعة . وكان الخليفة الأموي معاوية بن ابي سفيان قد استقدم عمالة أجنبية للعمل في ممتلكاته الزراعية في الخضرمة ، وهي منطقة خصبة في جنوب اليمامة . وكانت هذه العمالة من الرقيق الذي أرسله من الشام .
إستمر الرقيق في العصر العباسي يعمل في المجال الزراعي . فقد ذكرت مصادر عديدة ان الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور طلب من والي اليمامة السَري بن عبد الله الهاشمي ان ي
من الميادين الحيوية والمهمة التي عملت فيها العمالة المستجلبة فكان العديد منها يتعلق بالري وتقنيته. ويأتي الري في أولويات التقنية الزراعية لاهمية المياه للزراعة، ولكون شبه الجزيرة تفتقر كثيراً في مناطق متعددة منها للمياه. وقد اختصت مؤلفات عديدة في التحدث عن هذه القضية – المشكلة، مثل مؤلفات ابن بصال وابن العوام وابن الأعرابي . وتشير مصادر مختلفة الى استعانة أهل البلاد بالخبرات الاجنبية التي استقطبت من عاصمة الخلافة وسواها لحل المشاكل الفنية التي واجهت التفتيش عن مصادر للمياه والاستقادة منها . ففي شبه الجزيرة مساحات صحراوية واسعة ، لهذا اعتمدت الزراعة من قبل على الامطار القليلة وعلى الابار السطحية . وكان الري يعتمد على وسائل بسيطة بمساعدة الحيوان. من هنا نرى ان الدولة الاسلامية منذ بدء الدعوة صرفت أموالاً طائلة على تقنية الري في الحجاز ونجد، فأدخلت تقنيات جديدة على طرق استخراج المياه الجوفية التي استعملت سابقاً بعد ان أدخلت عليها تطوراً جديداً. فالات التي استعملت سابقاً في استخراج المياه الجوفية كانت تصنع من الخشب فاستبدلت الآن بالحديد. وجرى تطوير المحراث والمجثات والمنجل والقلب وتم الربط بين سلسلة من الابار الجوفية لرفع المياه الجوفية الى سطح الارض.
كان للعمالة المجلوبة من الخارج دورها الكبير في المصانع والمعامل والورش. فاشتهرت الطائف بمعامل الدباغة، كما اشتهرت مدن الحجاز بصناعة الحلي والاسلحة كالقسي والرماح والسيوف والمعدات الزراعية الحديدية كالفؤوس والمحاريث وصناعة القفف والمكاتل من سعف النخيل. اما الحدادة فكانت مهنة محتقرة عند العرب. وكان يقوم بها الرقيق او بعض افراد الجالية اليهودية في اليمن واليمامة. كذلك عمل اليهود والعبيد في الصباغة والدباغة. اما النسيج والخياطة فاشتهرت بهما اليمن واليمامة وهجر. وكانت الثياب تنسب الى مصادرها مثل : ثياب السحول من بلدة سحول باليمن، والبرد القطرية نسبة الى قطر والصحارية نسبة الى صحار باليمن. اما عدن فاشتهرت ببردها.
تعزز التعدين في العصرين الاموي والعباسي بعد ان انفتحت اسواق البلدان المفتوحة بعضها على بعض وكثرت الايدي العاملة من عبيد وزنوج ورقيق، وبتنا نرى، مثلاً، معادن شبه الجزيرة العربية في اسواق كل البلدان المفتوحة. وشملت هذه المعادن: الفضة والذهب والحديد والعقيق والجزع. وعد معدن بني سليم، او معدن فران كما دعي لاحقاً، من أغزر مناجم الذهب في شبه الجزيرة العربية. وكان منجم حليت في حمى ضرية، وكان يسمى التجاري.
ويشير الهمداني الى ان معدن العقيق في نجد كان من أغزر معادن الذهب في شبه الجزيرة. وقال ياقوت ان عدد المناجم هذه كان أكثر من عشرة مناجم. كذلك ذكر الهمداني ان مناجم جديدة وجدت في اليمن. كذلك حفرت مناجم للفضة في شبه الجزيرة العربية مثل منجم الرضراض في اليمن ومنجم حمام باليمامة.
أما مناجم الحديد فكان من بينها منجم رغافة في اليمن الذي كان فيه خمسة عشر كيراً لسبك الحديد، ومنجم قساس في نجد ومناجم العقيق والجزع في اليمن التي كان يصنع منها الخرز والفصوص والأواني السعوانية او البقرانية. وكانت أعداد كبيرة من العبيد والرقيق تعمل في هذه المناجم، حتى قيل ان لولا هؤلاء العمال لبقيت المعدان في ارضها غير مستخرجة.
ترتب على وجود المعادن واكتشافها قيام صناعات معدنية مثل صناعة الحدادة والصياغة. وقد استمرت صناعة الحدادة مزدهرت في اليمامة حتى القرن الخامس الهجري. كذلك نشطت حرفة الصياغة هناك حتى القرن الخامس نفسه، ومن ثم انتشرت مزدهرة في اسواق الصاغة في الحجاز وعدن واليمن واليمامة. غير ان هذه النشاطات المعدنية تطلبت مساعدة بشرية تتمتع بخبرة لم تكن متوفرة في شبه الجزيرة في ذلك الوقت. من هنا نرى كثرة استجلاب الأيدي العاملة الخارجية ذات الخبرة. وكان بالتالي لا بد من تنظيم محكم لهذه العمالة، خصوصاً في الحجاز واليمن. وذكرت بعض المصادر ان صاحب صعدة (الحاكم) كان يفرض جباية على أصحاب المدابغ، وبالتالي تعداد العاملين وعدد المدابغ وكمية الانتاج حتى يتمكن من تحديد مقدار الجباية . أما في مكة فقد كان للمهن الحرة مشرف يتابع حركة العمل والعمال وأطلق عليه اسم أمير الحاكة او أمير النساجين .
إنخرط العبيد والموالي بالمدينة في مهنة السقاية ، وكانوا يسمون بسودان أهل المياه . وبدورهم استعان أهل اليمامة منذ وقت مبكر بالايدي العاملة من الرقيق المجلوب في مجالي الرعي والزراعة . وكان الخليفة الأموي معاوية بن ابي سفيان قد استقدم عمالة أجنبية للعمل في ممتلكاته الزراعية في الخضرمة ، وهي منطقة خصبة في جنوب اليمامة . وكانت هذه العمالة من الرقيق الذي أرسله من الشام .
إستمر الرقيق في العصر العباسي يعمل في المجال الزراعي . فقد ذكرت مصادر عديدة ان الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور طلب من والي اليمامة السَري بن عبد الله الهاشمي ان ي
شتري له رقيقاً من رقيق اليمامة للعمل عنده ، فاشترى له مئتي غلام من اليمامة. ويعتقد ان هؤلاء كانوا من مواليد اليد العاملة الاجنبية التي سبق ان جلبت للعمل في مزارع اليمامة. ويقال ان احد ولاة اليمامة في العصر العباسي، وهو محمد بن سليمان العباسي قد ملك عدداً كبيراً من الرقيق حتى ذكر ان عدد مواليه وصل الى خمسين ألف مولى ، بينهم حوالى عشرين الفاً من المعتوقين والباقي من عبيده المتزوجين ولديهم ذرية. وجاء في أكثر من مصدر واحد ان الرقيق توافدوا على البلاد الاسلامية حتى العصر العباسي وأصبح الاتجار بالرقيق في مجتمع اليمامة معروفاً ومزدهراً، وصار للرقيق سوقاً مشهوراً في اليمامة طالت شهرته كل مناطق شيه الجزيرة العربية.
مارس بعض الموالي التجارة الحرة حتى كان منهم من عمل بالنخاسة، ومنهم من أصاب ثراء ظاهراً كعقبة بن شريك الذي عرف باسم البربري. وقد استدان منه المحتاجون وكان يشكوا الى الوالي من يماطله في تسديد دينه حين حلوله.
عمل الزنوج في الزراعة في عمان في القرن الرابع الهجري. ويذكر ابن الجوزي ان حريقاً وقع في عُمان سنة 324 هجرية فاحترق من العبيد السود، سوى البيض، اكثر من اثني عشر الف شخص. ويدلنا هذا العدد الضخم على كثرة الأيدي العاملة الاجنبية المشتراة وتوفرها في عمان في القرن الرابع الهجري. وتشير المصادر الى أن أهل اليمامة استمروا بشراء الرقيق الى ما بعد القرن الثالث الهجري. فذكر ابن بلهيد ان بالحوطة من اليمامة وحدها اربعة الاف بئر يعمل في كل بئر منها نفير من الرقيق، أي ما مجموعه ستة عشر الف عامل ، وهو رقم كبير جداً في بلدة واحدة من بلاد اليمامة الصغيرة.
سيطر الموالي على سوق العمل والمهن والحرف في فجر الإسلام سيطرة شبه كاملة على قطاعات معينة في سوق الحرف. وقد كثرت كذلك فئة الموالي. وفي العصر الوسيط احتفى اسم الموالي من السجلات، الا انهم ظلوا كمواطنين. وقد اختلف الناس ازاءهم وازاء الحرفيين الذين لا ينتسبون لقبائل معروفة. فمن يرى انهم من أصل رقيق مشترى، حصلوا على العتق في ظروف زمانية ومكانية مختلفة، ومن يرى انهم لاجئون او من بقايا محاربين مرتزقة انقطعت بهم سبل العودة الى بلدانهم الاصلية. وتكاد تجمعهم ثلاث ارومات: حبشية ورومية وفارسية.
المراجع
1 – ابن الجوزي ، عبد الرحمن : المنتظم في تاريخ الملوك والامم ، حيد اباد ، 1357 هجرية
2 – ابن الأثير ، علي : الكامل في التاريخ ، دار الفكر ، بيروت 1398 هجرية .
3 – الشري ، احمد بن ابراهيم : مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، دار الفكر العربي ، القاهرة ن 1956 .
4 – العمري ، حسن : الامراء والعبيد والمماليك في اليمن ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 1989 .
5 – الازرقي ، ابو الوليد : اخبار مكة ، دار الاندلس ، بيروت 1983 .
6 – البلاذري ، ابو العباس : فتوح البلدان ، مكتبة الهلال ، بيروت 1978 .
7 – الافغاني ، سعيد : أسواق العرب في الجاهلية والاسلام
مارس بعض الموالي التجارة الحرة حتى كان منهم من عمل بالنخاسة، ومنهم من أصاب ثراء ظاهراً كعقبة بن شريك الذي عرف باسم البربري. وقد استدان منه المحتاجون وكان يشكوا الى الوالي من يماطله في تسديد دينه حين حلوله.
عمل الزنوج في الزراعة في عمان في القرن الرابع الهجري. ويذكر ابن الجوزي ان حريقاً وقع في عُمان سنة 324 هجرية فاحترق من العبيد السود، سوى البيض، اكثر من اثني عشر الف شخص. ويدلنا هذا العدد الضخم على كثرة الأيدي العاملة الاجنبية المشتراة وتوفرها في عمان في القرن الرابع الهجري. وتشير المصادر الى أن أهل اليمامة استمروا بشراء الرقيق الى ما بعد القرن الثالث الهجري. فذكر ابن بلهيد ان بالحوطة من اليمامة وحدها اربعة الاف بئر يعمل في كل بئر منها نفير من الرقيق، أي ما مجموعه ستة عشر الف عامل ، وهو رقم كبير جداً في بلدة واحدة من بلاد اليمامة الصغيرة.
سيطر الموالي على سوق العمل والمهن والحرف في فجر الإسلام سيطرة شبه كاملة على قطاعات معينة في سوق الحرف. وقد كثرت كذلك فئة الموالي. وفي العصر الوسيط احتفى اسم الموالي من السجلات، الا انهم ظلوا كمواطنين. وقد اختلف الناس ازاءهم وازاء الحرفيين الذين لا ينتسبون لقبائل معروفة. فمن يرى انهم من أصل رقيق مشترى، حصلوا على العتق في ظروف زمانية ومكانية مختلفة، ومن يرى انهم لاجئون او من بقايا محاربين مرتزقة انقطعت بهم سبل العودة الى بلدانهم الاصلية. وتكاد تجمعهم ثلاث ارومات: حبشية ورومية وفارسية.
المراجع
1 – ابن الجوزي ، عبد الرحمن : المنتظم في تاريخ الملوك والامم ، حيد اباد ، 1357 هجرية
2 – ابن الأثير ، علي : الكامل في التاريخ ، دار الفكر ، بيروت 1398 هجرية .
3 – الشري ، احمد بن ابراهيم : مكة والمدينة في الجاهلية وعصر الرسول ، دار الفكر العربي ، القاهرة ن 1956 .
4 – العمري ، حسن : الامراء والعبيد والمماليك في اليمن ، دار الفكر المعاصر ، بيروت 1989 .
5 – الازرقي ، ابو الوليد : اخبار مكة ، دار الاندلس ، بيروت 1983 .
6 – البلاذري ، ابو العباس : فتوح البلدان ، مكتبة الهلال ، بيروت 1978 .
7 – الافغاني ، سعيد : أسواق العرب في الجاهلية والاسلام
قصر غُمدان، حرم اليمن المفقود
يُعتبر قصر غُمدان في صنعاء من أقدم قصور العالم إن لم يكن أقدمها، وقد نسجت حوله أساطير فلكية وتنجيمية تظهر مدى أهميته بين اليمنيين، فكان فيه قطّارة أو ساعة مائية لحساب الوقت[1]. وربما تم استغلال طوله الشاهق كمرصد فلكي، حيث يقدّر الدارسون أن ارتفاعه كان لا يقل عن أربعين متراً [2] وزعم بعض المؤرخين أن بانيه هو الملك الضحاك الملقب بيوراسب، وبناه على اسم الزُهرة[3] وهو أحد البيوت السبعة الموضوعة على أسماء الكواكب وروحانيتها.[4] وذكر ابن خلدون أن الأمم كانت تحج إليه[5] ويعتقد البعض أن الضحاك هو لقب الملك السكسك بن وائل بن حمير بن سبأ عبد شمس، وهو من ملوك الزمن السبئي الأقدم بالقرن التاسع عشر قبل الميلاد[6] أما أقدم ذكر لقصر غمدان (باسم غندن) في النقوش فيرجع إلى عهد الملك السبئي شعرم أوتر ملك سبأ وذي ريدان في عام 220 ق.م، وظل القصر يلعب دوراً هاماً خاصة في القرن السادس الميلادي حيث اتخذه أبرهة مقراً له[7].
أقدم ذكر لقصر غمدان، باسم "غندن"
حين ذكر الهمداني قصر غمدان وصف أن بناءه تم بموافقة طوالع النجوم، وأن هذا أكسبه خواصاً مميزة، قال: «ذَكر حُسّاب اليمن كابراً عن كابر أن الطالع كان ساعة بنائه الثور وفيه الزهرة والمريخ، ويوجد طبائع هذا البرج في ثبات الأشياء بها، وقلة تغيّرها»[8]
وتقول إحدى الروايات: «بقي القصر على حاله إلى أيام خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قعد بعض الليالي بظاهر المدينة إذ نظر في الجو شيئا يضيء شبه كوكب دري فسال عنه فقال بعض من حضر مجلس أمير المؤمنين وفي خدمته: إنّ هذا ضوء شمعة تشعل على أعلى قصر غمدان بصنعاء، فأمر بهدمه، فهُدِم»[9] وفي روايات أخرى أنه قال: «لا يستقيم أمر العرب ما دام فيها غمدانها. وهذا القول هو الذى حضّ عثمان على هدمه»[10]، مع العلم أن اليمنيين يقرنون الزهرة بالآلهة "نورو" والتي تعني "الضوء"، فلعل الرواية تشير إليها بالشمعة أعلى غمدان. خاصة وقد كانت حمير تقدس ناراً وتعبدها.
نفهم من هذا الوصف الأسطوري للقصر أنه قد لعب دوراً في عقائد الفلك والتنجيم التي آمن بها اليمنيون، وكانت من صميم دينهم الوثني، وهناك رواية ذكرها نشوان الحميري في القرن السادس الهجري أن ملك اليمن أسعد الكامل كان إذا أراد أن يخرج للغزو أو في سفرٍ طويل، استشار المنجّمين «وكان أيضاً يعرف علم النجوم»[11] ولا عجب؛ فقد كان دين اليمنيين القديم يقوم على تقديس الأجرام السماوية مما طوّر معرفتهم الفلكية، وقد كان لهم تقويم خاص. واعتقد اليمنيون أن لكوكب الزُهرة تأثيراً على الأنواء الجوية، من رعد ومطر وعواصف، وكانوا يسمونها الإله عثتر[12] فجاء الإسلام قاطعاً مع هذا التراث باعتباره عقائداً وثنية شركية مخالفة لعقيدة الإسلام، ولدينا رواية إسلامية مهمة أوردها ابن سعد تتحدث عن بقايا وثنية في اليمن، في رواية وفد خولان إلى الرسول أنه سألهم عن صنم اسمه "عم أنس" والمقصود به الإله "عم" إله مملكة قتبان اليمنية القديمة والذي يظهر في مئات النقوش. فقالوا له: "بَدَّلَنَا اللَّهُ مَا جِئْتَ بِهِ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنَّا بَعْدُ بَقَايَا مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ وَعَجُوزٍ كَبِيرَةٍ مُتَمَسِّكُونَ بِهِ" ولعل هذا ما حضّ المسلمين على هدم قصر غُمدان، فقد ذكره الشهرستاني ضمن البيوت المُتخذة للعبادة: «ومنها بيت غمدان الذي بمدينة صنعاء اليمن بناه الضحاك على اسم الزهرة, وخربه عثمان بن عفان رضي الله عنه»[13]
ويفدينا بهذا الشأن أن نستحضر حقيقة أن اليمنيين كانوا أول من ارتد بعد موت الرسول مباشرة، فربما شكّل القصر رمزاً سياسياً ودينياً يلتفّون حوله، فتم هدمه وبناء رمز إسلامي على أنقاضه هو الجامع الكبير اليوم. ولا يمكن إغفال الشبه الملحوظ بين شكل الجامع الكبير وشكل الحرم المكي حتى اليوم، خاصة مع وجود غرفة الودائع الثمينة وسط ساحة الجامع الكبير، في نفس موضع الكعبة، وهي الغرفة التي عُثِر فيها على أقدم مخطوطات قرآنية على الإطلاق، المعروفة بمخطوطات صنعاء أو طُروس صنعاء
ويُعتقد أن أحد أبواب الجامع الكبير هو نفسه باب قصر غمدان، وعليه كتابات بخط المسند.
وقد أسهب المؤرخ العراقي جواد علي، وهو أحد أهم المتخصصين في تاريخ العرب قبل الإسلام، في الحديث عن خسارة آثار اليمن وقال في موسوعته:
«تفيدنا دراسة المباني اليمانية في الزمن الحاضر فائدة كبيرة في تكوين فكرة عن البناء عند أهل اليمن قبل الإسلام ... وما قاله "الهمداني" في صفة بعض المباني والقصور الجاهلية التي كانت قائمة في أيامه ثم زالت، ينطبق على أوصاف القصور والمباني القائمة الآن... وقد زال أكثر المباني الجاهلية، ويا للأسف، بسبب اعتداء الإنسان بجهله ... وقد حُطِّمت تماثيل جميلة عُثِر عليها بين الرمال ولا تزال تُحطَّم؛ لأنها في نظر العاثرين عليها أصنام لقوم كفرة، وتماثيل قوم ممسوخين غضب الله عليهم، فلا يجوز الاحتفاظ بها، فهُشِّمت وعُبِث بها، وبذلك خسر العرب كنوزًا فنية وذخائر لا تق
يُعتبر قصر غُمدان في صنعاء من أقدم قصور العالم إن لم يكن أقدمها، وقد نسجت حوله أساطير فلكية وتنجيمية تظهر مدى أهميته بين اليمنيين، فكان فيه قطّارة أو ساعة مائية لحساب الوقت[1]. وربما تم استغلال طوله الشاهق كمرصد فلكي، حيث يقدّر الدارسون أن ارتفاعه كان لا يقل عن أربعين متراً [2] وزعم بعض المؤرخين أن بانيه هو الملك الضحاك الملقب بيوراسب، وبناه على اسم الزُهرة[3] وهو أحد البيوت السبعة الموضوعة على أسماء الكواكب وروحانيتها.[4] وذكر ابن خلدون أن الأمم كانت تحج إليه[5] ويعتقد البعض أن الضحاك هو لقب الملك السكسك بن وائل بن حمير بن سبأ عبد شمس، وهو من ملوك الزمن السبئي الأقدم بالقرن التاسع عشر قبل الميلاد[6] أما أقدم ذكر لقصر غمدان (باسم غندن) في النقوش فيرجع إلى عهد الملك السبئي شعرم أوتر ملك سبأ وذي ريدان في عام 220 ق.م، وظل القصر يلعب دوراً هاماً خاصة في القرن السادس الميلادي حيث اتخذه أبرهة مقراً له[7].
أقدم ذكر لقصر غمدان، باسم "غندن"
حين ذكر الهمداني قصر غمدان وصف أن بناءه تم بموافقة طوالع النجوم، وأن هذا أكسبه خواصاً مميزة، قال: «ذَكر حُسّاب اليمن كابراً عن كابر أن الطالع كان ساعة بنائه الثور وفيه الزهرة والمريخ، ويوجد طبائع هذا البرج في ثبات الأشياء بها، وقلة تغيّرها»[8]
وتقول إحدى الروايات: «بقي القصر على حاله إلى أيام خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قعد بعض الليالي بظاهر المدينة إذ نظر في الجو شيئا يضيء شبه كوكب دري فسال عنه فقال بعض من حضر مجلس أمير المؤمنين وفي خدمته: إنّ هذا ضوء شمعة تشعل على أعلى قصر غمدان بصنعاء، فأمر بهدمه، فهُدِم»[9] وفي روايات أخرى أنه قال: «لا يستقيم أمر العرب ما دام فيها غمدانها. وهذا القول هو الذى حضّ عثمان على هدمه»[10]، مع العلم أن اليمنيين يقرنون الزهرة بالآلهة "نورو" والتي تعني "الضوء"، فلعل الرواية تشير إليها بالشمعة أعلى غمدان. خاصة وقد كانت حمير تقدس ناراً وتعبدها.
نفهم من هذا الوصف الأسطوري للقصر أنه قد لعب دوراً في عقائد الفلك والتنجيم التي آمن بها اليمنيون، وكانت من صميم دينهم الوثني، وهناك رواية ذكرها نشوان الحميري في القرن السادس الهجري أن ملك اليمن أسعد الكامل كان إذا أراد أن يخرج للغزو أو في سفرٍ طويل، استشار المنجّمين «وكان أيضاً يعرف علم النجوم»[11] ولا عجب؛ فقد كان دين اليمنيين القديم يقوم على تقديس الأجرام السماوية مما طوّر معرفتهم الفلكية، وقد كان لهم تقويم خاص. واعتقد اليمنيون أن لكوكب الزُهرة تأثيراً على الأنواء الجوية، من رعد ومطر وعواصف، وكانوا يسمونها الإله عثتر[12] فجاء الإسلام قاطعاً مع هذا التراث باعتباره عقائداً وثنية شركية مخالفة لعقيدة الإسلام، ولدينا رواية إسلامية مهمة أوردها ابن سعد تتحدث عن بقايا وثنية في اليمن، في رواية وفد خولان إلى الرسول أنه سألهم عن صنم اسمه "عم أنس" والمقصود به الإله "عم" إله مملكة قتبان اليمنية القديمة والذي يظهر في مئات النقوش. فقالوا له: "بَدَّلَنَا اللَّهُ مَا جِئْتَ بِهِ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنَّا بَعْدُ بَقَايَا مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ وَعَجُوزٍ كَبِيرَةٍ مُتَمَسِّكُونَ بِهِ" ولعل هذا ما حضّ المسلمين على هدم قصر غُمدان، فقد ذكره الشهرستاني ضمن البيوت المُتخذة للعبادة: «ومنها بيت غمدان الذي بمدينة صنعاء اليمن بناه الضحاك على اسم الزهرة, وخربه عثمان بن عفان رضي الله عنه»[13]
ويفدينا بهذا الشأن أن نستحضر حقيقة أن اليمنيين كانوا أول من ارتد بعد موت الرسول مباشرة، فربما شكّل القصر رمزاً سياسياً ودينياً يلتفّون حوله، فتم هدمه وبناء رمز إسلامي على أنقاضه هو الجامع الكبير اليوم. ولا يمكن إغفال الشبه الملحوظ بين شكل الجامع الكبير وشكل الحرم المكي حتى اليوم، خاصة مع وجود غرفة الودائع الثمينة وسط ساحة الجامع الكبير، في نفس موضع الكعبة، وهي الغرفة التي عُثِر فيها على أقدم مخطوطات قرآنية على الإطلاق، المعروفة بمخطوطات صنعاء أو طُروس صنعاء
ويُعتقد أن أحد أبواب الجامع الكبير هو نفسه باب قصر غمدان، وعليه كتابات بخط المسند.
وقد أسهب المؤرخ العراقي جواد علي، وهو أحد أهم المتخصصين في تاريخ العرب قبل الإسلام، في الحديث عن خسارة آثار اليمن وقال في موسوعته:
«تفيدنا دراسة المباني اليمانية في الزمن الحاضر فائدة كبيرة في تكوين فكرة عن البناء عند أهل اليمن قبل الإسلام ... وما قاله "الهمداني" في صفة بعض المباني والقصور الجاهلية التي كانت قائمة في أيامه ثم زالت، ينطبق على أوصاف القصور والمباني القائمة الآن... وقد زال أكثر المباني الجاهلية، ويا للأسف، بسبب اعتداء الإنسان بجهله ... وقد حُطِّمت تماثيل جميلة عُثِر عليها بين الرمال ولا تزال تُحطَّم؛ لأنها في نظر العاثرين عليها أصنام لقوم كفرة، وتماثيل قوم ممسوخين غضب الله عليهم، فلا يجوز الاحتفاظ بها، فهُشِّمت وعُبِث بها، وبذلك خسر العرب كنوزًا فنية وذخائر لا تق
در بثمن، كان في وسعنا الاستفادة منهما في تدوين تأريخ الجاهليين. وقد حُطمت ودُمرت قصور عظيمة في اليمن، بقيت بعضها قائمة إلى الإسلام، مثل قصر "غمدان" بصنعاء. الذي يبالغ أهل الأخبار في وصف ارتفاعه وضخامته، وقد كان مؤلفًا من طبقات بعضها فوق بعض، ثم هدم وقلّ في الإسلام، وأمر الخليفة "عثمان" بهدمه، فزالت معالمه، ولو بقي إلى اليوم لكان من المفاخر»[14]
إلا أننا مع ذلك لا نلقي بكل اللائمة على المسلمين في هذه الخسارة، فقد لعب الغزو الخارجي لليمن والصراعات الداخلية دوراً في هذا الدمار، لكنه لم يكن دوراً حاسماً في دماره، إذ كان يُعاد ترميمه في كل مرة، وظلّ محافظاً على هويته حتى جاء الإسلام ، وكما قال المقريزي «هذا شأن الملوك ما زالوا يطمسون آثار من قبلهم، ويميتون ذكر أعدائهم، فقد هدموا بذلك السبب أكثر المدن والحصون، وكذلك كانوا أيام العجم، وفي جاهلية العرب، وهم على ذلك في أيام الإسلام، فقد هدم عثمان بن عفان صومعة غمدان، وهدم الآطام ]الحصون[ التي كانت بالمدينة»[15]
نشاهد في الصورة التالية رسمٌ صخري عثر عليه في منطقة سقف في خولان، التي تبعد حوالي 15 كم شرق صنعاء، ويعتقد الباحثون أنه لقصر غمدان بسبب تطابقه مع وصف القصر عند كتب الإخباريين المسلمين.[16]
[1]) أنور الحاير، القصر في اليمن القديم، ص29
([2]) مطهَر علي الإرياني، غمْدان أوّل ناطحَة سَحاب في العَالم، مجلة التراث العربي (مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب، دمشق العدد 58،يناير 1995 - شعبان 1415العالم)، ص97
([3]) النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، 1/ 384. الملك الضحاك أو بالفارسية (أزيدهاكه) من أهم شخصيات الشاهنامة (ملحمة فارسية) والأبستاق (كتاب زرادشت) وأصله عربي، وذكر اسمه في الأساطير الأزدية والإيرانية والكوردية، الدينية والتاريخية. وكان روحاً شريرة في الأساطير الآرية.
([4]) تاريخ ابن خلدون، 2/ 74 ؛ صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، (بيروت: دار الكتب العلمية) 5/38
([5]) تاريخ ابن خلدون، 4/ 284
([6]) محمد حسين الفرح، الجديد في تاريخ دولة وحضارة سبأ وحمير، المجلد الأول، (صادر عن وزارة الثقافة اليمنية، 2004) ص371
([7]) أنور الحاير، القصر في اليمن القديم بين الخبر والأثر، رسالة ماجستير (جامعة صنعاء، كلية الآداب، قسم الآثار، 2014( ص90 - 92
([8])الهمداني، الإكليل، الجزء الثامن، دار الكمة-صنعاء، ودار العودة-بيروت، ص5 ؛ ويذكر الشهرستاني أن هناك من يقول «إن بيت الله الحرام إنما هو بيت زحل، ولهذا المعنى اقترن الدوام به بقاء» الملل والنحل 3/ 78، وفي ذلك مقابلة بين غمدان والكعبة كمركزين لجماعتين مختلفة.
([9]) ابن المجاور الشيباني الدمشقي، تاريخ المستبصر، ص210
([10]) النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، 1/ 385 ؛ المسعودي، مروج الذهب 2/229
([11]) نشوان الحميري، ملوك حمير وأقيال اليمن،(بيروت: دار العودة، ط2، 1978)، ص125، 121
([12])أسمهان سعيد الجرو، دراسات في التاريخ الحضاري لليمن القديم، ص136
([13]) الشهرستاني، الملل والنحل، 3/ 78 ؛ وكذلك: تفسير الرازي: 2/ 346
([14]) جواد علي، المفصل، 15/ 7 ، 8
([15]) المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار،(بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418 هـ )، 2/ 180
([16]) أنور الحاير، القصر في اليمن القديم، ص203 - 208
إلا أننا مع ذلك لا نلقي بكل اللائمة على المسلمين في هذه الخسارة، فقد لعب الغزو الخارجي لليمن والصراعات الداخلية دوراً في هذا الدمار، لكنه لم يكن دوراً حاسماً في دماره، إذ كان يُعاد ترميمه في كل مرة، وظلّ محافظاً على هويته حتى جاء الإسلام ، وكما قال المقريزي «هذا شأن الملوك ما زالوا يطمسون آثار من قبلهم، ويميتون ذكر أعدائهم، فقد هدموا بذلك السبب أكثر المدن والحصون، وكذلك كانوا أيام العجم، وفي جاهلية العرب، وهم على ذلك في أيام الإسلام، فقد هدم عثمان بن عفان صومعة غمدان، وهدم الآطام ]الحصون[ التي كانت بالمدينة»[15]
نشاهد في الصورة التالية رسمٌ صخري عثر عليه في منطقة سقف في خولان، التي تبعد حوالي 15 كم شرق صنعاء، ويعتقد الباحثون أنه لقصر غمدان بسبب تطابقه مع وصف القصر عند كتب الإخباريين المسلمين.[16]
[1]) أنور الحاير، القصر في اليمن القديم، ص29
([2]) مطهَر علي الإرياني، غمْدان أوّل ناطحَة سَحاب في العَالم، مجلة التراث العربي (مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب، دمشق العدد 58،يناير 1995 - شعبان 1415العالم)، ص97
([3]) النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، 1/ 384. الملك الضحاك أو بالفارسية (أزيدهاكه) من أهم شخصيات الشاهنامة (ملحمة فارسية) والأبستاق (كتاب زرادشت) وأصله عربي، وذكر اسمه في الأساطير الأزدية والإيرانية والكوردية، الدينية والتاريخية. وكان روحاً شريرة في الأساطير الآرية.
([4]) تاريخ ابن خلدون، 2/ 74 ؛ صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، (بيروت: دار الكتب العلمية) 5/38
([5]) تاريخ ابن خلدون، 4/ 284
([6]) محمد حسين الفرح، الجديد في تاريخ دولة وحضارة سبأ وحمير، المجلد الأول، (صادر عن وزارة الثقافة اليمنية، 2004) ص371
([7]) أنور الحاير، القصر في اليمن القديم بين الخبر والأثر، رسالة ماجستير (جامعة صنعاء، كلية الآداب، قسم الآثار، 2014( ص90 - 92
([8])الهمداني، الإكليل، الجزء الثامن، دار الكمة-صنعاء، ودار العودة-بيروت، ص5 ؛ ويذكر الشهرستاني أن هناك من يقول «إن بيت الله الحرام إنما هو بيت زحل، ولهذا المعنى اقترن الدوام به بقاء» الملل والنحل 3/ 78، وفي ذلك مقابلة بين غمدان والكعبة كمركزين لجماعتين مختلفة.
([9]) ابن المجاور الشيباني الدمشقي، تاريخ المستبصر، ص210
([10]) النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، 1/ 385 ؛ المسعودي، مروج الذهب 2/229
([11]) نشوان الحميري، ملوك حمير وأقيال اليمن،(بيروت: دار العودة، ط2، 1978)، ص125، 121
([12])أسمهان سعيد الجرو، دراسات في التاريخ الحضاري لليمن القديم، ص136
([13]) الشهرستاني، الملل والنحل، 3/ 78 ؛ وكذلك: تفسير الرازي: 2/ 346
([14]) جواد علي، المفصل، 15/ 7 ، 8
([15]) المقريزي، المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار،(بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418 هـ )، 2/ 180
([16]) أنور الحاير، القصر في اليمن القديم، ص203 - 208
مصابغ النِّيلة قديمًا في جليلة الضالع...
صناعة صبغة النِّيلة الطبيعيّة ذات اللون الأزرق القاتم والغامق واللون السمائي الجميل والتي تُستخرج من نباتات النِّيلة التي تنمو في السهول والجبال وتُستخدم في صباغة القطن والصوف وبعض الأقمشة الأخرى ولإغراض طبية ومستحضرات تجميل وفي طلاء المنازل من الداخل، وكان لهذا اللون الجذاب بُعدًا كبيرًا في معتقدات العرب القدماء؛ فقد اشتهرت به مصابغ جليلة الضالع لقرونٍ عديدة كما ذكر الرحّالة الإيطالي رونزو بييتر مانزوني قبل 150 عام، وكانت تصدر إلى الخارج عبر مينائي عدن والمخا.
انتظروا الجديد عن تاريخ هذه الصناعة الحرفية من خلال موضوع بحثي استمريت فيه لأكثر من عام.
• الباحث//شايف محمد الحدي
صناعة صبغة النِّيلة الطبيعيّة ذات اللون الأزرق القاتم والغامق واللون السمائي الجميل والتي تُستخرج من نباتات النِّيلة التي تنمو في السهول والجبال وتُستخدم في صباغة القطن والصوف وبعض الأقمشة الأخرى ولإغراض طبية ومستحضرات تجميل وفي طلاء المنازل من الداخل، وكان لهذا اللون الجذاب بُعدًا كبيرًا في معتقدات العرب القدماء؛ فقد اشتهرت به مصابغ جليلة الضالع لقرونٍ عديدة كما ذكر الرحّالة الإيطالي رونزو بييتر مانزوني قبل 150 عام، وكانت تصدر إلى الخارج عبر مينائي عدن والمخا.
انتظروا الجديد عن تاريخ هذه الصناعة الحرفية من خلال موضوع بحثي استمريت فيه لأكثر من عام.
• الباحث//شايف محمد الحدي
مطار #الضالع الدولي
❉ تم إنشاؤه من قبل سلاح الجو الملكي البريطاني عام 1928م
✺ مطار الضالع التاريخيّ.. بعد مرور خمسين عامًا من جلاء بريطانيا أصبح أثرًا بعد عين
❍ اندثرت معالم المطار وأصبحت أطلالاً وأثرٌ دارِسٌ نتيجة الزحف الأسمنتي والإهمال
✵ كان رمزًا وإرثًا لأربعة عقودٍ زمنية من تاريخ إمارة الضالع
❂ لا يزال مسجلا ضمن منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو - ICAO) واتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا - IATA) ورمزه: DHL
✸☜ لازلنا نواصل مشوار البحث عن تاريخ مطار الوعرة ــ الضالع وتوثيق كل شيء عنه؛ فالحفاظ على المطار كان يُعدّ جزءًا من حماية الماضي، ورغم ذلك لم نعد نسمع عن هذا المطار إلاّ من خلال مذكرات الضباط والجنود الإنجليز الذين خدمو في قواعد ومعسكرات الضالع آنذاك أو الكتب التاريخيّة للمؤرخين الإنجليز وألبومات الصور الوثائقيّة في أرشيفهم أو ذكريات يرويها الشيوخ ممن عاصروا تلك المرحلة الذهبيّة للمطار، وهي ذكريات تأبى النسيان، فقد استعمرت عقولهم وحفرت فيها، كما رواها لنا أولئك الشيوخ؛ بل كان لبعضهم شرف العمل في هذا المطار، الذي سيظل راسخًا وخالدًا ومحفورًا في الذاكرة التاريخيّة لإمارة الضالع الأميرية والجنوب بشكل عام؛ لأنه كان مطارًا استراتيجيًّا يربط إمارة الضالع الأميرية بالمطارات الداخلية والخارجية.
الناظر اليوم إلى حال المطار الاستراتيجي ينتابه الأسى بعد أن فقد الكثير من ملامحه كمطار تم إنشاؤه قبل 90 عامًا، حينما كانت طائرات الداكواتا (Dakota) التابعة لشركة خطوط عدن الجوية (Aden Airways)، وطائرات النقل العسكري المخصصة لنقل القوات والأسلحة والمعدات لمسرح العمليات مثل: طائرات الإمدادات العسكرية البريطانية العملاقة البيفرلي (Beverley)، والطائرات المقاتلة الهوكر هنتر (Hawker Hunter)، التابعة لسلاح الجو الملكي (Royal Air Force)، أو طائرات الاستطلاع ذات الجناحين البايونير (Pioneer) أو الحوامات الصغيرة السيوكس(Sioux) ذات المهمات المحدودة، وكذا مروحيات البيرسيفال (Percival) أو الحوامات متعددة الأغراض التي كانت تستخدم لنقل المرضى نوع بريستول (Bristol)، وهي تحلق في سمائه وتحط على مدرجه الترابي الذي يزيد طوله على أكثر من 2 كيلومتر تقريبًا.
❉ تم إنشاؤه من قبل سلاح الجو الملكي البريطاني عام 1928م
✺ مطار الضالع التاريخيّ.. بعد مرور خمسين عامًا من جلاء بريطانيا أصبح أثرًا بعد عين
❍ اندثرت معالم المطار وأصبحت أطلالاً وأثرٌ دارِسٌ نتيجة الزحف الأسمنتي والإهمال
✵ كان رمزًا وإرثًا لأربعة عقودٍ زمنية من تاريخ إمارة الضالع
❂ لا يزال مسجلا ضمن منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو - ICAO) واتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا - IATA) ورمزه: DHL
✸☜ لازلنا نواصل مشوار البحث عن تاريخ مطار الوعرة ــ الضالع وتوثيق كل شيء عنه؛ فالحفاظ على المطار كان يُعدّ جزءًا من حماية الماضي، ورغم ذلك لم نعد نسمع عن هذا المطار إلاّ من خلال مذكرات الضباط والجنود الإنجليز الذين خدمو في قواعد ومعسكرات الضالع آنذاك أو الكتب التاريخيّة للمؤرخين الإنجليز وألبومات الصور الوثائقيّة في أرشيفهم أو ذكريات يرويها الشيوخ ممن عاصروا تلك المرحلة الذهبيّة للمطار، وهي ذكريات تأبى النسيان، فقد استعمرت عقولهم وحفرت فيها، كما رواها لنا أولئك الشيوخ؛ بل كان لبعضهم شرف العمل في هذا المطار، الذي سيظل راسخًا وخالدًا ومحفورًا في الذاكرة التاريخيّة لإمارة الضالع الأميرية والجنوب بشكل عام؛ لأنه كان مطارًا استراتيجيًّا يربط إمارة الضالع الأميرية بالمطارات الداخلية والخارجية.
الناظر اليوم إلى حال المطار الاستراتيجي ينتابه الأسى بعد أن فقد الكثير من ملامحه كمطار تم إنشاؤه قبل 90 عامًا، حينما كانت طائرات الداكواتا (Dakota) التابعة لشركة خطوط عدن الجوية (Aden Airways)، وطائرات النقل العسكري المخصصة لنقل القوات والأسلحة والمعدات لمسرح العمليات مثل: طائرات الإمدادات العسكرية البريطانية العملاقة البيفرلي (Beverley)، والطائرات المقاتلة الهوكر هنتر (Hawker Hunter)، التابعة لسلاح الجو الملكي (Royal Air Force)، أو طائرات الاستطلاع ذات الجناحين البايونير (Pioneer) أو الحوامات الصغيرة السيوكس(Sioux) ذات المهمات المحدودة، وكذا مروحيات البيرسيفال (Percival) أو الحوامات متعددة الأغراض التي كانت تستخدم لنقل المرضى نوع بريستول (Bristol)، وهي تحلق في سمائه وتحط على مدرجه الترابي الذي يزيد طوله على أكثر من 2 كيلومتر تقريبًا.