اليمن_تاريخ_وثقافة
11.5K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
الكعبي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَام الْفَتْح من قتل لَهُ قَتِيل فَهُوَ بِخَير النظرين إِن أحب فَلهُ الْعقل وَإِن أحب فَلهُ الْقود قَالَ أَبُو حنيفَة فَقلت لِابْنِ أبي ذيب أتأخذ بِهَذَا يَا أَبَا الْحَرْث فَضرب على صَدْرِي وَصَاح عَليّ صياحا كثيرا ونال مني ثمَّ قَالَ أحَدثك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول لي أتأخذ بِهِ نعم آخذ بِهِ وَذَلِكَ الْفَرْض عَليّ وعَلى من سَمعه إِن الله تبَارك وَتَعَالَى اخْتَار مُحَمَّدًا من النَّاس فهداهم بِهِ وعَلى يَدَيْهِ وَاخْتَارَ لَهُم مَا اخْتَار لَهُ وعَلى لِسَانه فعلى الْخلق أَن يتبعوه طائعين أَو داخرين لَا مخرج لمُسلم عَن ذَلِك الرسَالَة الجديدة فِي بَاب قبُول خبر الْوَاحِد 
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَائِشَة وَأَن 
(1/144) 

النَّبِي لم ينزل الأبطح إِلَّا لِأَنَّهُ كَانَ أسمح لِخُرُوجِهِ وعده التِّرْمِذِيّ بصريا إِذْ كَانَ يرتحل إِلَى الْبَصْرَة 
وَمِنْهُم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الصَّنْعَانِيّ روى عَنهُ التِّرْمِذِيّ مَا أسْندهُ إِلَى جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْعمرَة أَهِي وَاجِبَة فَقَالَ لَا وَإِن تعتمر فَهُوَ أفضل 
وَمِمَّنْ ذكرهم الأندلسيون جمَاعَة مِنْهُم مُوسَى بن مُحَمَّد الْكشِّي قَاضِي زبيد وَيحيى بن عبد الله بن كُلَيْب قَاضِي صنعاء أَيَّام بني يعفر توفّي بالمحرم سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلثمئة وَأَبُو الْقَاسِم عبد الْأَعْلَى بن مُحَمَّد بن عباد بن الْحسن البوسي من بَيت بوس يروي عَن الدبرِي وَهَارُون بن أَحْمد بن مُحَمَّد من علقان الْقرْيَة الْمَشْهُورَة ذَات السُّوق من وَادي السحول بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَاللَّام وَالْقَاف ثمَّ ألف وَنون على وزن تَثْنِيَة فعل مَفْتُوح الْفَاء وَالْعين خرج مِنْهَا جمَاعَة من الْفُضَلَاء يَأْتِي إِن شَاءَ الله ذكر المتحقق مِنْهُم وربيع بن سُلَيْمَان من الْجند 
وَمن عدن قاضيها شَيبَان بن عبد الله وَأَبُو الْحسن الْمُغيرَة بن عَمْرو بن الْوَلِيد التَّاجِر عَن أبي سعيد الجندي سنَن أبي قُرَّة 
ثمَّ صَار الْعلم إِلَى طبقَة أُخْرَى فِي صدر المئة الثَّالِثَة 
(1/145) 

مِنْهُم أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الرعرعي اللحجي فالرعرعي نِسْبَة إِلَى قَرْيَة تعرف بالرعارع بِفَتْح الرَّاء بعد الْألف وَلَام ثمَّ الْعين الْمُهْملَة ثمَّ ألف ثمَّ خفض الرَّاء ثمَّ عين مُهْملَة أَيْضا إِحْدَى قرى مخلاف لحج بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ جِيم خرج مِنْهَا وَمن مخلافها جمَاعَة من الْأَعْيَان يَأْتِي ذكر المتحقق مِنْهُم إِن شَاءَ الله
كَانَ هَذَا إِبْرَاهِيم تربا لأبي قُرَّة لكنه دونه شهرة وَكَانَ لَهُ ابْن يذكر بِالْعلمِ والورع وَلَكِن أَبَاهُ أشهر مِنْهُ وَكِلَاهُمَا مَعْدُود فِي الأخيار الْأَبْرَار وَكَانَا معظمين عِنْد أهل مخلافهما وَغَيره لم يكد يعرف لأَحَدهمَا صبوة وَلَقَد ذكر أَن امْرَأَة من الحسان تعرضت لأَحَدهمَا فحدرت درعها تُرِيدُ فتنته فَأَعْرض عَنْهَا وَقَالَ ... لَا تحدري درعك إِنِّي رعرعي ... إِن كنت من أَجلي حدرت فادرعي ... وَعَن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْمُقدم ذكره أَخذ على ابْن زِيَاد الْآتِي ذكره 
وَمِنْهُم عَليّ بن زِيَاد الْكِنَانِي وَالْمَعْرُوف بِصُحْبَة أبي قُرَّة الْمُقدم الذّكر بِحَيْثُ كَانَ لَا يعرف حَتَّى يُقَال عَليّ بن زِيَاد صَاحب أبي قُرَّة مولده على رَأس سِتِّينَ ومئة ومسكنه قَرْيَة من مخلاف لحج تعرف بالهذابي بِفَتْح الْهَاء والذال الْمُعْجَمَة ثمَّ ألف ثمَّ بَاء مُوَحدَة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة أَخذ عَن أبي قُرَّة وَعَن أَحْمد الرعرعي وَهُوَ الَّذِي قَالَ رَأَيْت أَبَا قُرَّة طول مَا صحبته يُصَلِّي الضُّحَى أَربع رَكْعَات وَكَانَ صَاحب كرامات شهيرة ذكر أَن وَادي لحج انْقَطع فِي بعض السنين وللفقيه أَرض فِي علية وَإِذا بسحابة أَقبلت فصبت على أَرض الْفَقِيه مَا أرواها كعادة الْوَادي مُخْتَصًّا بهَا ثمَّ فِي عقيب ذَلِك قدم رجل غَرِيب يسْأَل عَن الْفَقِيه فأرشد إِلَيْهِ فَجعل يُبَالغ فِي التَّبَرُّك بِهِ وسؤال الدُّعَاء حَتَّى أنكر عَلَيْهِ ذَلِك فَسئلَ عَن السَّبَب فَقَالَ إِنِّي فِي الْبَلَد الْفُلَانِيَّة وَإِذ بِي أنظر سَحَابَة تسير وَخَلفهَا قَائِلا يَقُول اذهبي إِلَى لحج من أَرض الْيمن فاسقي مِنْهَا أَرض الْفَقِيه الزيَادي فَعلم أَن سَبَب شرب أَرض الْفَقِيه ذَلِك وَهِي أَرض 
(1/146) 

تعرف إِلَى عصرنا بالجرب وَلم تزل محررة عَن الْخراج حَتَّى كَانَ فِي أَيَّام الْملك المظفر حصل من المتصرفين عناد فَعمل عَلَيْهَا خراج ففر بعض ذُرِّيَّة هَذَا الْفَقِيه إِلَى الإِمَام ابْن عجيل الْآتِي ذكره فَأخْبرهُ بِمَا جرى فَكتب إِلَى المظفر يفِيدهُ عَن ذَلِك ويخبره أَن هَذِ
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#المخا
مخون ، هكذا عرفتها نقوش المسند اليمنية قبل آلاف السنين، وتعني "المخو"، الذي يعني في بعض اللهجات اليمنية وتحديداً المعافرية "الاستلال"، قبل أن يتم تحريف اللفظ واستبدال الواو بالألف(المخا).

أقدم معلومة عن المخا في التاريخ اليمني يعود إلى زمن الأوسانيين (في الألف الثانية قبل الميلاد) الذين اتخذوا المخا ميناءً وأبحروا منه إلى العالم لممارسة التجارة عبر الملاحة البحرية والعبور من وإلى أفريقيا وإلى مصر، فصار أشهر الموانئ اليمنية قبل اكتشاف ميناء عدن.

تاريخياً عرفت اليمن ميناءين اثنين هما ميناء قنا (بير علي) في شبوة، الذي ربط الهند باليمن وارتبط به طريق البخور/اللبان البري والتاريخي حتى غزة وآسيا الوسطى، وميناء المخا الغربي.

لكن شهرة المخا ارتبطت بالأحداث السياسية والتجارية في آن؛ كونه كان البوابة الكبرى إلى أفريقيا قبل أن يظهر ميناءان آخران ثانويان هما موزع (موشا)وذو باب ليتكامل الثلاثة الموانئ مع بعضهم ليمثلوا بعد ذلك حلقة واحدة في ربط آسيا بأفريقيا تجارة وأحداثا سياسية وعسكرية.

لعب ميناء المخا دوراً هاماً في العائدات الاقتصادية للدول اليمن المختلفة ومنها أوسان وقتبان وسبأ وحمير، وكل دولة من تلك الدول أسقطت الأخرى عبر التحكم بهذه الموانئ وخنقها اقتصادياً.

اشتهرت الدول اليمنية المختلفة بالتجارة في التاريخ القديم وكانت على رأس التجارة العالمية يومها كونها متحكمة بمضيق باب المندب من ناحية، ومتحكمة بالسواحل الغربية حلقة الوصل مع أفريقيا، فضلاً عن أن المواد الخام للتجارة كانت تقع في ذلك المثلث من الجنوب الغربي لليمن والجزيرة العربية من التوابل المختلفة ومن اللبان والبخور الذي كان سلعة العالم الأولى يومها مثله مثل النفط اليوم. وذهب اليمنيون يجوبون بلدان أفريقيا حتى عملوا جسراً بحرياً رابطاً بين اليمن وأفريقيا واستخرجوا الذهب من موزمبيق وساحل العاج وتحكموا بكثير من السلع العالمية، حتى أن بعض المؤرخين اليونانيين وصفوا قصور سبأ أن سقوفها وأعمدتها وشبابيكها مكونة من الذهب الخالص والفضة.

ومن المخا كانت تبحر السفن والمراكب المحملة بتجارة الذهب والفضة والبخور واللبان والميعة واللادن والصندل، التي كانت أهم السلع في العالم القديم، إلى مصر وشمال أفريقيا وإلى اليونان، وشرقاً تتخذ الطريق البري إلى ظفار وسبأ ثم تتخذ طريق البخور البري إلى وسط آسيا وإلى آسيا الصغرى، مما جعل الفراعنة المصريين يطمعون في الطريق البحري عبر البحر الأحمر لتلك التجارة، ثم طمع الإسكندر الكبير بالوصول إليهما وإلى اليمن للتحكم بالطريق التجاري والسيطرة عليهما، وكانت دافعاً للرومان لاحتلال اليمن قبل الميلاد، وكذلك فعل الأحباش بعد الميلاد.

قبل الميلاد كانت تسمى السواحل الأفريقية بالسواحل الأوسانية، وكانت تحكم من المعافر التاريخية، ومثلت حركة التجارة النشطة تلك أهم مقومات الأمن القومي المالي والاقتصادي والسياسي، مما جعل الدولة السبأية ومن بعدها الحميرية تتوسع في أنحاء الجزيرة العربية والقرن الأفريقي، وعاش اليمنيون عيشة بذخ ورقي بلغ حد تكالب بعض الدول عليها.

حينما عمد الحميريون لإسقاط دولة سبأ في الشرق أول حركة قاموا بها قطع هذا الشريان الاقتصادي المهم عن سبأ واستولوا على الموانئ الغربية وعلى رأسها المخا حتى سقطت دولة سبأ بيد الحميريين.

برزت بعد ذلك دولة أكسوم (أحفاد اليمنيين) في الحبشة وبدأت منافسة الحميريين في التجارة الدولية وطريق الملاحة البحرية مما كان لهم دافعاً للانقضاض على الدولة الحميرية وإسقاطها بعد أن تحكموا بهذه الموانئ وطرقها. 

كانت عيون الحبشة على الطرق التجارية الدولية القديمة (طريق البخور البري، والطريق الساحلي، والطريق البحري)، وبسط نفوذها في السيطرة على طريق القوافل الساحلي، الذي يمتد من موانئ موزع والمخا وباب المندب وذو باب وحتى بصرى الشام ثم آسيا الصغرى والوسطى، لتوسيع ثروتهم وبسط سلطانهم وتأمين الشواطئ الحبشية من ناحية اليمن وإدخالها في نطاق دولة أكسوم الحبشية بمساعدة بيزنطية أيضاً لقطع الطريق على الفرس حتى لا يتمددوا إلى اليمن.

ومن جراء الفتن الداخلية التي كانت في اليمن، ضعفت الدولة الحميرية، و"تغلب الأحباش على تلك الديار سنة 375 بعد الميلاد، وعرف ملوكهم باسم ملوك أكسوم وحمير وريدان والحبشة وسبأ وسلح وتهامة. لكن سبأ (حمير) اتحدت مع جميع العناصر القومية في اليمن وطردت الأحباش من ديارها تحت قيادة الملك كرب، وكان قد تهودت ذريته حوالي 400بعد الميلاد، واستمر حكم هذه الأسرة الحميرية المتهودة إلى عهد ذي نواس الذي انهزم أمام الحبشة سنة 525 بعد الميلاد.

دارت معارك عديدة بين الملك الحميري ذي نواس (يوسف أثأر) وبين الأحباش وكانت سجالاً، وبعد طردهم من اليمن وتدمير كنيسة ظفار، وخد للمسيحيين الأخدود الشهير في نجران، الذي ذكر في القرآن الكريم، أراد الأحباش الانتقام من الملك يوسف واحتلال اليمن مرة أخرى، فتناهى إليه الأمر، فقام بتحصين السواحل اليمنية وبن
ى سلسلة أسوار وحاميات في المخا وموزع، وقام بتأديب القبائل الأشعرية والمعافرية التي تعاونت مع الأحباش وغزوها وتدميرها، واستقبل جيشه في تلك السواحل من المعافر جيش الحبشة، ودارت معركة بين الجيشين، وهزم الجيش الحبشي في المرة الأولى، ثم عززت الحبشة جيشاً آخر التقاهم ذو نواس بجيش كان على رأسه في ساحل المخا، ولكنه انهزم هذه المرة، وكان موته الشهير في اقتحامه البحر بفرسه وغرق حتى لا يقع في الأسر.

كل تلك الأحداث تحدثت عنها سلسلة من النقوش التي دونها الملك الحميري ذو نواس هو وقائد جيشه القيل "شراحئيل يقبل ذويزأن"، ووجدت في المخاء وكذلك في نجران.

ظل ميناء المخا رافداً للخزانة اليمنية عبر التاريخ، حتى ارتبطت به كذلك أحداث سياسية مختلفة، وظل بوابة اليمن الكبرى جنوباً.

لم يكد يأتي القرن السادس الهجري حتى كان المخا بيد الدولة الأيوبية ثم الرسولية من بعدهم، ولكي يحكم سيطرته على اليمن ويقضي على الانقلاب عمد الملك المظفر الرسولي إلى تطويق اليمن عبر السواحل الجنوبية الغربية بجيشه فانطلق من زبيد نحو المخا لتأمينه ثم إلى موزع فذو باب إلى عدن ثم إلى أبين والعودة إلى لحج لتكون وجهته مدينة تعز وحصنها الشهير كمحطة نهائية، في طوق نصف دائري، كما يفعل التحالف العربي اليوم، وبهذه الحركة تم محاصرة الانقلابيين من أسرته ومن الأئمة بنفس السيناريو اليوم حتى قضى على التمرد والانقلابيين.

وظل ميناء المخا وجهة الغزاة الأجانب حتى جاء البرتغاليون في القرن التاسع الهجري ومروا من المخا لكنهم لم يستقروا فيه لأن غايتهم كانت عدن.

كان الغزو البرتغالي للسواحل اليمنية الغربية على موعد آخر من تاريخ جديد للتعريف بالمخا وشهرته عندما تعرفوا على القهوة اليمنية والبن اليمني فكان فاتحة للتجارة الأوروبية مع البن اليمني. ومن بعد ذلك التاريخ بدأ يعرف المخا بميناء "موكا".

توالى الأوروبيون للتعرف على مصدر البن اليمني وأبحروا إلى المخأ وعقدوا أول صفقة تجارية للبن اليمني في المخا تلك التي اشتراها الهولنديون عام 1628، واستمروا في استيراده إلى مراكزهم التجارية في شمال غربي الهند وبلاد فارس ومن ثم إلى هولندا التي بدأت تبيع البن اليمني لأول مرة في عام 1661.

جاء العثمانيون الأتراك وأمنوا المخا وبنوا قلعة هناك إلى أن جاء الطليان وقصفوا المخاء واحتلوه لبرهة وكان آخر قصف تعرضت له المخا أيام الحرب العالمية الأولى من قبل البريطانيين والإيطاليين على السواء.

حينما غزا الأئمة تعز بسطوا سيطرتهم على ميناء المخا وتقاسموا عائدات الميناء نصفين الإمام وعامله في أكثر من مرحلة وخاصة أيام الإمام المهدي وعامله على المخا ابن أخيه الحسن بن المتوكل، وصاروا يجبون عائداته لخزانتهم الخاصة حتى أثروا ثراء فاحشاً وطمعوا أكثر في تلك المناطق.

في العصر الحديث تعرض ميناء المخا لأكبر عملية تشويه وطمست أهميته التاريخية بتحويله من أهم الموانئ اليمنية الرافدة للخزينة العامة إلى خط تهريب لكل أنواع الممنوعات من الخمور والمخدرات والسلاح وغيرها،

عبر هذه المحطات التي سردناها يمكننا إدراك أهمية المخا الاستراتيجية وما يمكن أن يلعبه في مستقبلاً في رفد الخزانة العامة إذا تم الاهتمام به وتطويره والاستثمار فيه.
#المخا
انهيار وتلاشي مدينة البن اليمني
البدايات
حين محى الدهر مدينة البن كان من المستحيل أن يُنسى أثرها الوحيد وهو المشروب الأكثر شعبية في العالم. لم تلبث أن ظهرت مدينة المخا فجأة في وجه العالم حتى عادت بعد خمس قرون لتختفي سريعا وتنسى!, وكأن شيء لم يكن! لقد حدث هذا التلاشي السريع في فترة وجيزة, وكأن وجودها ارتبط بمهمة نبيلة ومسلية في نفس الوقت وهي تعريف البشر بشراب غير حياتهم إلى الأبد. ولم نسمع عن مدينة حديثة التكوين ماتت في عصرنا كما فعلت المخا، فنحن لا نتحدث عن مدينة عاصرت برسيبوليس وطروادة كما هو حال مدن اليمن القديم، بل عن مدينة لم يتجاوز عمرها بداية عصر النهضة الأوربية. فكيف انتهت ما تسمى اليوم بالمخا القديمة ولماذا؟

تجمعت في القرن الخامس عشر على ساحل منطقة تدعى المخا أو (“مختن” كما جاء ذكرها في النقوش الحميرية القديمة) بضع أكواخ من القش والقصب بجوار كوخ شيخ صوفي يدعى الشيخ أبو الحسن علي بن عمر الشاذلي (ت. 1416م) والذي يقال إنه من أدخل البن إلى المخا ليحفز هذا المشروب طلابه على الذكر والدراسة. وفي هذا السياق، ينسب إلى صوفية اليمن ابتكار شراب البن عبر تجفيف ثماره ثم تحميصها. ومن المغرمين بالقهوة والمتغزلين بها في أشعارهم الشيخ عبدالهادي السودي(ت.932م). و القهوة حاضرة في الحضرات والموالد الصوفية في اليمن حتى اليوم كتلك التي تقام في كل من تعز وزبيد وحضرموت والبيضاء. و تجدر الإشارة أنه نسبة إلى هذا الشيخ تسمى
.القهوة في بعض مناطق اليمن اليوم بالقهوة الشاذلية
سرعان ما تزايد مع الوقت عدد المنازل في المخا لتتكون في القرن الخامس عشر مدينة مكتملة المرافق, ويذاع صيتها في مختلف أرجاء العالم كمدينة يرتبط اسمها بالبن ابتداء من القرن السادس عشر. ويرجع المؤرخون أصل كلمة موكا (Mocha) وهو اسم نوع شهير من البن إلى ( مخا ), وهو اسم المدينة و اسم مينائها الذي انتشر عبره البن إلى العالم. وبالرغم من كون هذه التجارة هي سبب نشوء المدينة و اندثارها كمدينة، فإن ميناءها كان يصدر العديد من
.المنتجات بجانب البن، كالفضة والبخور واللبان والميعة حتى نهاية القرن التاسع عشر

وصف المدينة

بُنيت مدينة المخا على بعد 75كلم إلى الشمال من باب المندب، على خط طول ١٣°.١٩`, في منطقة جرداء وجافة لافتقارها للأمطار, وتهب عليها الرياح من الشمال لمدة ستة أشهر ومن الجنوب في الستة الأشهر المتبقية من العام باستثناء شهر أغسطس, وفيه تكون الرياح غربية وأحيانا جنوبية غربية أو جنوبية. والآبار فيها معدومة باستثناء بئر بجوار ضريح الشاذلي، وكان هذا البئر في فترة تألق المدينة مخصص للأغنياء، أما الفقراء فكانوا يمشون لمدة أربع ساعات ليجلبوا الماء العذب من قرية على تخوم التلال الشرقية تسمى موزع. وأحاط بالمدينة سور من الطين والأحجار مزود بعشرة أبراج عريضة للحراسة, وللمدينة خمسة أبواب وهي: باب العمودي ويقع باتجاه الشمال، و وباب الشاذلي ويقع باتجاه الشرق، وباب فجير ويقع باتجاه الجنوب الشرقي، وباب صندل باتجاه الجنوب، وباب الساحل وهو الباب الغربي والمطل على البحر. وكان للمدينة أربعة أحياء خارج أسواراها وهي: حي الشاذلي في الشرق, وحي اليهود في الجنوب الشرقي، وحي الصوماليين في الجنوب الغربي, وحي الأوربيين في الشمال. وعدد كبير من الأحياء التي احتواها السور, أهمها: حي الإنجليز وهو الجزء الشمالي الغربي من المدينة، وحي الفرنسيين وهو الجزء الجنوبي الغربي، وحي البانيان في الجزء الشمالي، وحي دوراس في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة وفيه ساحة كبيرة خصُصت لمقابر المسلمين. أما بقية الأحياء خصوصا تلك التي مثلت قلب المدينة واحتوت أطولها ارتفاعاً, فلم أعثر على
.وثائق وخرائط قديمة تبين أسماءها
لم يتبقَ من مرفأ المدينة الذي امتد مسافة (30 – 50 متراً) إلى داخل البحر سوى أساسات من الحجارة مطمورة بالرمل، يستدل منها على وجود آثار مبنى لمسجد وأحجار دائرية الشكل كانت تستخدم لطحن الحبوب. أمَّا فناء الميناء فقد وصلت مساحته إلى (40 × 12 متراً)، وفي قمته صحن دائري من معدن النحاس ارتبط بسلم حديد إلى الأسفل. كان شاطئ المخا مغلق من الجنوب والشمال بسور بحري يتصل بسور المدينة, ويمتد مسافة 32 مترا إلى داخل البحر, وكان هذا السور يعمل على إحكام إغلاق المدينة بعزل شاطئها وربطه بها, وذلك لمنع التهرب الجمركي والمتسللين
.الذين يتفادون المرور بالبوابات الرسمية

كانت المدينة محمية من الخارج بثلاث قلاع رئيسية مزودة بالمدافع, اثنتان على الساحل وأخرى كانت تتوسط السور الجنوبي للمدينة , وهي: (قلعة الطيار) وكانت على يمين المرفأ, وسميت بهذا الاسم تيمنا بولي مسلم دفن في مكان قريب, و(قلعة عبد الرب الشاذلي) وكانت على يسار المرفأ, وهي صغيرة الحجم، سميت بهذا الاسم بسبب وجود ضريح لأحد أبناء الولي الشاذلي على مقربة منها,
.و(قلعة مالطة), وهي قلعة كبيرة بجوار باب صندل, وارتبطت بسياج سورة المدينة الجنوبي
ان سوق الخضار أكبر الأسواق في المخا, وامتدت ساحته ليتصل بعدة أحياء جنوب المدينة. وأطلت على السوق بيوت جميلة بنيت من الحجر المشذب الأزرق والأبيض وصل ارتفاعها إلى أربعة طوابق, وانتشرت بمحاذاة سور المدينة قصور بنيت من الأحجار والطوب الأحمر قريبة الشبه بمنازل حي بير العزب في صنعاء لكن بشكل أكثر إتقاناً بحسب وصف المستشرق الألماني كارستن نيبور, وفي شمال المدينة توزعت بشكل غير منتظم منازل فقيرة من الطين والقصب. كان الجمرك أكبر مباني المدينة و يواجه المرفأ مباشرة, ويفصل بينه وبين جسر الميناء ساحة كبيرة تتصل بها أغلب المباني الحكومية كقصر الحاكم, الذي انتصب كواجهة المدينة على البحر بإرتفاع ثلاثة طوابق تزينها
.الأقواس والزخارف كما أحاطت بقصر الحاكم من جميع الجهات خيام استخدمت كثكنات للجنود
أما مساجد المدينة, فقد دمُر الكثير منها ولم يبق منها إلا مسجدان, وهما: (جامع الرحمة) ويقع على الشاطئ، وهو مسجد قديم له منارة ترتفع ما يقارب خمسة وعشرين مترا, ولايزال الاسم الأصلي لهذا المسجد مجهولا, فقد كانت المساجد قديما تسمى بأسماء أولياء صالحين أو ملوك ساهموا في بنائها, وكان هذا الأسلوب في تسمية المساجد متبع في اليمن ككل حتى ثمانينيات القرن الماضي. واليوم لم تعد هناك مباني وحارات مزدحمة تحيط بالمسجد عدا القليل من
.البيوت الغارق جزؤها النصفي وسط الرمال

أما المسجد الثاني فهو (جامع وضريح الشيخ الشاذلي), وينسب إلى الشيخ أبي الحسن علي بن عمر الشاذلي المشار إليه سابقا. يقع المسجد خارج المدينة القديمة على مسافة نصف كيلو متر في اتجاه الشرق وقد جدد في العام 1987, وإليه تتم الزيارات الصوفية حتى وقتنا الراهن. وفيه تقام رجبية الشيخ الشاذلي التي تعد طقسا ضاربا في القدم يتم فيه الاحتفاء بالمولد والذكر والاستمتاع بلذيذ المأكولات والمشروبات. كما أن أحد أبواب المدينة المؤدية إليه سمي هذا
.الولي ومسجده لأهميته ورمزيته

قبل أن تندثر مدينة البن ويغادرها سكانها, لم يكن قد مضى على نشؤها أكثر من خمسة قرون, وهو عكس المتعارف عليه, حيث يستند غالبية الباحثين اليمنيين على نقش حميري يعود إلى القرن السادس ميلادي ذُكر فيها اسم المدينة, ويعتبرونه دليلًا لقياس عمرها، ويذكر النص أن الملك يوسف أسار والقبائل المتحالفة معه طردت جيوش الأحباش من السواحل اليمنية ثم قامت ببناء حصن دفاعي في المخا لمواجهة أي غزو جديد. والحقيقة أن اليمنين حتى القرن الرابع عشر لم يكونوا قد بنوا أي مدينة على الساحل الغربي, وهذا لعدم ظهور التجارة البحرية في البحر الأحمر قبل ذلك الوقت. إن القول بأن عمر المدينة لا يتجاوز أربعة قرون يستند إلى حقيقية ارتباطها الشديد بتجارة البن من ناحية, ومن ناحية أخرى إلى عدم ملائمة بيئتها المتسمة بالرطوبة العالية والحر الشديد وانعدام المياه لمتطلبات بناء المدن القديمة, والتي دائما ما كانت تتطلب وجود أنهار أو ينابيع كأقل تقدير بالإضافة إلى أرض خصبة للزراعة
.ودرجة حرارة
إن هذه المتطلبات الصعبة تفسرعدم ظهور المدن في السواحل الغربية لليمن قبل ظهور التجارة في البحر الأحمر, وتعطي صورة لسرعة نشوء المدينة وانهيارها الدراماتيكي المفاجئ, فبعد توقف تجارة البن لم يتبقَ لسكان المدينة أية منفعة أمام تحمل بيئة المخا الطاردة للسكان, وبإستثناء الصيادين وبعض التجار العاملين في التجارة مع أثيوبية انتقلت الأسر ذات الدخل المتدني إلى قرى المرتفعات الخصبة للعمل في الحقول الزراعية, واختار ذوو الدخل المتوسط من الحرفيين والمتعلمين الانتقال إلى المدن الرئيسية كالحديدة وتعز وصنعاء وغيرها حيث التجارة والأسواق النشطة, أما التجار والدبلوماسيون الأجانب ففضلوا العودة مبكرا إلى بلدانهم باستثناء قلة انتقلت إلى مستعمرة عدن التي تحولت
.مع بداية القرن العشرين إلى بوابة اليمن التجارية والفكرية

المخا اليوم؛؛
منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي بدأ من تبقى من سكان المخا مسلسل التخلي التدريجي عن القلب التاريخي للمدينة ليسكنوا متفرقين خارج حدودها الأصلية, وليطلق على ما كانت تعرف بمدينة المخا اسم “المدينة القديمة”. و بدون أي اعتبار لخصوصيتها التاريخية تعاملت الحكومات الحديثة بإهمال مع مناشدات تنادي إلى ترميم المدينة. وبذلك ظلت مدينة المخا تسير بهدوء نحو الاندثار, وتصبح اليوم مساحة مقفرة وعمارات مدفونة تجوبها الكلاب مع وجود بعض المنازل المتبقية في حالة رثة,
.وقد غمرت الرمال طابق أو طابقين منها
وعلى مسافة ٢ كلم شرقاً من المخا نجد بلدة صغيرة تدعى المخا الجديدة, وهي حسب معايير المدن اليوم أصغر من أن تكون مدينة, ويبلغ سكانها ثمانية آلافٍ يسكنون مباني مبعثرة على
يسكنون مباني مبعثرة على مساحات واسعة مع انعدام المرافق الأساسية ومياه الشرب. ولا تكثر في هذه البلدة تجمعات أسرية مستقرة في مقابل نسبة كبيرة من السكان يعيشون فرادى وبشكل غير دائم كالعمال القادمين من الأرياف للعمل في الصيد أو تصليح السيارات أو في نقل البضائع المهربة
.من البحر كالسجائر والأدوية المنتهية صلاحيتها

اليوم أصبح البن صناعة عالمية عملاقة يعمل فيها أكثر من عشرين مليون شخص حول العالم, ويحتل كسعلة متداولة المرتبة الثانية بعد النفط من حيث الدولارات المتداولة عالمياً. وبات من يزور المخا لا يرى أسواقاً للبن ولا شوارع تعج بقوميات وأعراق متنوعة ولا أرصفة يلونها انعكاس الأضواء عبر القمريات, وأصبح من الصعب ملاحظة مبانيها السليمة بين أكوام متفرقة من الطوب المفتت. وحين يتوقف نعيق غربان الشاطئ الجائعة ويتوارى قرص الشمس
.في الأفق البعيد, يسُمع الصمت كما لم يسُمع من قبل
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
كنا عظمااااء

@dontgiveup007
15/11/2006م
زار اليمن الباحث والمؤرخ المستشرق الهولندى البرفيسور كيس براور المتخصص في تاريخ اليمن مند ثلاثين عاماً والذي قام بتأليف العديد من الكتب التاريخية عن اليمن أبرزها الكتاب الذي يتحدث فيه عن تاريخ مدينة المخا ومينائها وسكانها ..

يقول البروفيسور كيس: أنا من امستردام سكنت في القاهرة ودرست المخطوطات العربية واليمنية عن تاريخ اليمن خاصة عن الحياة الاقتصادية في القرن السابع عشر. ولكن تلك المخطوطات العربية لم أجد فيها تفاصيل تحكي عن التاريخ الاقتصادي، فما وجدته يتحدث عن التاريخ الثقافي أو السياسي أو العسكري، لأن المؤلفين كانوا أشخاصا رسميين لهم علاقات مع الحكومة العثمانية أو الإمامية القاسمية. وأنا كان يهمني تخصص الاقتصاد البحري وكان عندى الكثير من الأسئلة الأخرى التي كنت أرغب بمعرفة إجاباتها عن الحياة العامة للناس والمنتوجات التجارية والسفن والملاحة والتي لا تتعلق بالموضوع العسكري أو السياسي، وفي اعتقادي ان الحياة الاقتصادية اهم بكثير من الحياة السياسية للناس .

ويقول: «تخصصي بتاريخ اليمن الاقتصادى البحري وبالعلاقات التجارية بين كل من اليمن والهند واندونيسيا والبنجال وسوريا والصومال وأثيوبيا وكل البلدان الواقعة على سواحل المحيط الهندي، حيث كان ميناء المخا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر الميناء الأهم لكل اليمن، وكان مركزا تجاريا مخزنيا للتجارة الدولية بين مصر وأندونيسيا وبين الهنود والسوريين، مخزن تجاري لمنتوجات الدول الواقعة على سواحل المحيط الهندي» .

ويتحدث البروفيسور كيس عن نتائج بحثه خلال ثلاثين عاما من الدراسة قائلاً: «كتبت العديد من المقالات وألفت العديد من الكتب عن تاريخ اليمن الاقتصادي والبحري وتخصصت في تاريخ ميناء المخا باعتباره الميناء المهم في تلك الفترة، وكانت نتائجي الأولى التي توصلت إليها أن ميناء المخا لم يكن ميناء للبن فقط، فذاك كان واحدا من المنتوجات، ولكن كانت هناك العديد من المنتوجات الأخرى مثل التوابل والمنسوجات الهندية والمعادن (الحديد والنحاس) الى جانب الخزف الصين والروائح وتجارة الرقيق، وكل هذه المنتجات كانت متوفرة في سوق المخا الدولي، فهناك الكثير من السفن كانت تسير رحلاتها من الهند أو البنجال أو الفرس أو عمان إلى المخا لشراء العديد من المنتجات المختلفة التي يزدهر بها سوق المخا الدولي، إضافة الى رحلة السفن من مصر شمال البحر الأحمر إلى المخأ لإجراء تبادل بين المنتجات الهندية مقابل المنتجات المصرية الى جانب المنتجات التي كانت مستوردة الى داخل بلاد اليمن مع القوافل حتى في تعز أو عمران أو صنعاء، ولكن تلك كانت المنتجات الرخيصة ذات القيمة الدنيا، ولكن المنتجات ذات القيمة العالية كانت تأتي من الهند عبر طريق المخا حتى الإسكندرية بمصر وصولاً الى أوروبا .

وهذه كانت شبكة تجارية دولية، فمثلاً كان الخزف الصيني يجلب في السفن الأندونيسية حتى كرمندل على الساحل الشرقي للهند، ومن كرمندل تشحن في سفن أخرى الى جودرات ميناء سورات أو أحمد اباد .. مدن هندية مختلفة تشحن على ظهر هذه السفن الى المخا، وبعض المنتجات كانت تشحن الى الشحر أو القشن أو المكلا، ولكن كان ميناء المخا أهم بكثير من ميناء المكلا أو عدن».

وأضاف: «في تلك الفترة كانت عدن نقطه عسكرية ولم تكن مهمة تجارياً وذلك قبل الحملة الإنجليزية في فترة الاحتلال التركي العثماني عام 1538م، حيث حول العثمانيون ميناء عدن التجاري الى قاعدة عسكرية دفاعاً عن ها من البرتغاليين، ففي بداية القرن السابع عشر كان ميناء عدن عبارة عن نقطة عسكرية وجنود ومدافع دون تجارة، فقد كانت التجارة ضعيفة ولسكان عدن فقط ولكن بدون سمة دولية، والمخا داخل البحر الأحمر كانت مركزاً دوليا وحين دخلت شركة الهند الشرقية الهولندية التي تأسست في عام 1602م كانت قوة عالمية ومنظمة رأسمالية ونشاطاتها دولية في كل أنحاء العالم، ودخلت هذه الشركة في التجارة اليمنية في المخا في عام 1616م وقامت هذه الشركة برحلة استكشافية في عام 1614 إلى عدن ووجدت أن عدن عبارة عن نقطة عسكرية، وبعد عام رجعت الشركة إلى المخا وأنشأت مركزا تجاريا مهما للتجارة الهولندية، وسمح مدير ميناء المخا آنذاك للهولنديين بالسفر من المخا إلى صنعاء عبر طرق المدن اليمنية، وبعد أسبوعين بدأ التاجر الاعلي السيد بيتر فند بروخه، وهو شخص مهم داخل الشركة، بزيارة إلى صنعاء وقابله بلر بك التركي العثماني في قصره بصنعاء، وبعد مناقشات عديدة وعميقة سمح بلر بك للهولنديين بالتجارة خاصة في مدينة المخا، ومنع الهولنديين من الرحيل حتى إلى جدة بسبب الأراضي المقدسة هناك، ورغم أن جدة كانت مهمة لكن المخا كان الميناء الأهم .

وبعد ذلك أسست الشركة الهولندية محطة تجارية دائمة في المخا وخلال قرن ونصف (150 عاماً) دامت الشركة في المخا وسجل التجار الهولنديون كل ما كان مهماً لهم في كتبهم ورسائلهم ودفاترهم عن الحياة الاقتصادية التجارية وعن أنواع المنتجات والأسعار الجمركية وكل م
ا يتعلق بالاقتصاد والتجارة، إضافة الى تاريخ الحياة الإدارية، فمثلا كان مدير المخا مهماً للتجار الأجانب لهذا تم تسجيل كل ما يعرفه عن الأشخاص وحكومة المدينة، كما وصف المدينة بتفاصيل كاملة (كم عدد البيوت والمدافع والسفن والمراسي ومن أين تأتي السفن ونوع البضائع) وكل هذه الوثائق موجودة الآن كوثائق في الارشيف الهولندي بمعلومات تفصيلية دقيقة وخاصة في الارشيف القومي في لاهاي، وهي معلومات قيمة عن التاريخ اليمني ويمكن أن يدرسها ويتعلمها العديد من الطلاب اليمنيين عن التاريخ الاقتصادى اليمني خلال قرن ونصف، ولكن عليهم أولاً أن يدرسوا اللغة الهولندية القديمة.. وهذا سهل لليمني لو يجيد إحدى اللغات التالية الإنجليزية أو الألمانية أو السويدية أو النرويجية لأن هذه اللغات أخوات للغة الهولندية وليس من الضرورة ان تتعلم اللغة المكتوبة في الوثائق، فأحياناً تختلف اللغة الهولندية المكتوبة بالوثائق عن اللغة المعاصرة ولكن سهل أن يتعلم الطلاب الراغبون في البحث .

اللغة الهولندية مهمة جدا للباحثين اليمنيين لمعرفة التاريخ الاقتصادي اليمني فكل شيء مدون في هذه الوثائق بكل التفاصيل. وأنا كتبت المقالات وألفت الكتاب على أساس هذه الوثائق» .

ويقول عن سبب دراسته الاقتصاد اليمني: «درست الأدب واللغة العربية في هولندا وسكنت في القاهرة فترة طويلة مع زوجتي وأولادي، وبعدها تخصصت في مواضيع كثيرة في البحث والتاريخ واخترت التاريخ الاقتصادي لليمن» .

و عن اليمن يقول: «اليمن بلاد جميلة والتجارة الدولية مهمة لأن بحثي عن تاريخ المخا واليمن داخل بحوث عن المحيط الهندي وهي شبكة عامة، والشركة الهندية الشرقية الهولندية هي واحدة فقط من عدد من الشركات داخل المحيط الهندي، وتاريخ اليمن جزء من الاتصال بين اليمن والبلدان الأخرى ليس فقط بالنسبة للمنتجات والحياة الاقتصادية فقط بل الحياة الثقافية والدينية، فالسفن ليست محملة بالبضائع بل بالثقافة أيضاً فمثلا الحضارم هاجروا إلى أندونيسيا فلم يحملوا التجارة فقط بل حملوا معهم ثقافتهم والدعوة الإسلامية والعلوم الإسلامية والعربية إلى داخل الجزر الأندونيسية، وهذا مهم جدا، ولكن أنا لم أتخصص بكل هذا وكان تخصصي في الاقتصاد اليمني فقط» .

ويواصل حديثه: «زرت اليمن في عام 1976 ورأيت العديد من المناطق والقرى في اليمن حتى صعدة وتهامة وكل قرية فيها».

وعن زيارته هذه يقول: «جئت بدعوة خاصة من رئيس جامعة عدن بمناسبة إصدار كتابي الجديد عن التاريخ الاقتصادي التجاري للمخا الذي نشر قبل ثلاثة أسابيع، وحالياً ألقي محاضرات في كل من كليتي الآداب والتربية، وسوف أزور تعز وألقي محاضرات عن نشاطات شركة الهند الشرقية أو عن تلك الوثائق الهولندية أو الاقتصاد اليمني في الماضي في مؤسسة السعيد بدعوة خاصة من قبل السيد فيصل السعيد، وبعدها أحل ضيفاً على السيد خالد تميم، رئيس جامعة صنعاء، وسألقي هناك أيضا محاضرات، وهناك في دار الضيافة أصدقاء مهمون منهم السيد حسين العمري والسيد مصطفى سالم والسيد شاكر».

كان ذلك قبساً من تاريخ شامل لمدينة المخا استعرض فيه البروفيسور العديد من المحطات المهمة والتاريخية في تاريخ مدينة المخأ ومينائها