اليمن_تاريخ_وثقافة
11.4K subscribers
143K photos
351 videos
2.19K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
Forwarded from عبدالفتاح
Forwarded from عبدالفتاح
Forwarded from عبدالفتاح
Forwarded from عبدالفتاح
من عزلة الاصابح جبله اب
شكرا صديق القناة عبدالفتاح البخيتي مشاركه رائعه تحياتي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
السلوك للجندي


همام كنيته أَبُو قدامَة وَكَانَ يُقَال إِنَّه أكبر من وهب صحب الزُّهْرِيّ وَله عَنهُ رِوَايَات جمة مِنْهَا قَالَ سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول لَيْسَ أحد أَكثر حَدِيثا مني عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير ابْن عمر لِأَنَّهُ كَانَ يكْتب وَأَنا لَا أكتب وَذكر عَنهُ القَاضِي هِشَام بن يُوسُف الْآتِي ذكره قَالَ حَدثنَا معقل بن همام بن مُنَبّه قَالَ كَانَت حجرات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مطلات على مَسْجده فَبينا عمر أَيَّام خِلَافَته فِي الْمَسْجِد إِذْ دخل أَعْرَابِي وَالنَّاس حول عمر وَحَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ تنظر من حُجْرَتهَا من وَرَاء ستر فرأت الْأَعرَابِي قد عمد إِلَى الْحلقَة وَسلم على عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بإمرة الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ لما رأى من تميزه بالبزة على سَائِر من حضر فَقَالَ لَهُ ابْن عَوْف هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَشَارَ إِلَى عمر ثمَّ كَانَ من الْعَادة أَن عمر إِذا صلى الْعشَاء وَأَرَادَ الِانْصِرَاف إِلَى بَيته يمر بِأَبْوَاب أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَيسلم عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا مر تِلْكَ اللَّيْلَة بِبَاب حَفْصَة ابْنَته وَسلم قَالَت يَا أَبَت رَأَيْت أَن أذكر لَك شَيْئا فَلَا تضعه إِلَّا على النصح قَالَ وَمَا ذَاك يَا بنية قَالَت رَأَيْت أَعْرَابِيًا دخل الْمَسْجِد وَشهر ابْن عَوْف بِالسَّلَامِ وَإِنِّي رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يلبس أحسن مَا يقدر عَلَيْهِ وَإِن الله قد فتح عَلَيْك فَإِن رَأَيْت أَن تلبس لباسا حسنا فَإِنَّهُ أبهى لَك فَقَالَ يَا بنية مَا فِي قَوْلك بَأْس وَلَكِن كنت أَنا وصاحباي على طَرِيق ووعدتهما الْمنزل وأخشى إِن سلكت غير طريقهما أَن لَا أوافي منزلهما 
وَكَانَ قوم من أهل صنعاء لَهُم أَرض فِي الْبَادِيَة يزدرعونها ثمَّ إِنَّهُم انتقلوا عَن صنعاء ميلًا إِلَى خفَّة المؤونة فِي الْبَادِيَة فَبلغ معقلا ذَلِك فكرهه ثمَّ إِنَّهُم مروا بِهِ يَوْمًا وَهُوَ على بَاب دَاره قَاعِدا فناداهم فَأتوهُ فَقَالَ سكنتم الْبَادِيَة فَقَالُوا نعم يَا أَبَا قدامَة قَالَ قُلْتُمْ لبيتنا وماشيتنا وحطبنا وَمَا نحتاج عَلَيْهِ سهلا قَالُوا نعم قَالَ لَا تَفعلُوا لَا تدعوا الْقَرار فَإِنِّي سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يخبر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من سكن الْقَرار سَاق الله إِلَيْهِ رزق الْقَرار وَمن سكن الْبَادِيَة سَاق الله إِلَيْهِ رزق الْبَادِيَة 
وَقَالَ لقِيت ابْن عمر فَسَأَلته عَن النَّبِيذ قلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن هَذَا الشَّرَاب مَا تَقول فِيهِ قَالَ كل مُسكر حرَام قلت فَإِن شربت الْخمر فَلم أسكر قَالَ أُفٍّ أُفٍّ مَا بَال الْخمر وَغَضب فتركته حَتَّى انبسط وأسفر وَجهه وَحدث من كَانَ حوله ثمَّ قلت لَهُ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنَّك بَقِيَّة من قد عرفت وَقد يَأْتِي الرَّاكِب فيسألك عَن الشَّيْء وَيَأْخُذ من 
(1/104) 

قبلك بِتِلْكَ الْكَلِمَة يضْرب بهَا فِي الْآفَاق يَقُول قَالَ ابْن عمر كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أعراقي أَنْت قلت لَا قَالَ فَمِمَّنْ قلت من الْيمن قَالَ أما الْخمر فَحَرَام لَا سَبِيل إِلَيْهَا وَأما مَا سواهَا من الْأَشْرِبَة فَكل مُسكر حرَام 
وَكَانَت وَفَاته بِصَنْعَاء أَيْضا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ ومئة وَهُوَ آخر إخْوَته موتا إِذْ أَوَّلهمْ وهب ثمَّ معقل ثمَّ غيلَان 
وَمِنْهُم أَبُو مُحَمَّد عَطاء بن أبي رَبَاح ضَبطه بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة ثمَّ ألف وحاء مُهْملَة واسْمه طَاهِر من موَالِي بني جمح مولده بالجند سنة سبع وَعشْرين وَنَشَأ بِمَكَّة وتفقه بهَا قَالَ ابْن جريج كَانَ الْمَسْجِد لعطاء فراشا عشْرين سنة وتفقه بِجَمَاعَة من الصَّحَابَة أشهرهم ابْن عَبَّاس وَقد ذكرت قَوْله كنت أَدخل على ابْن عَبَّاس مَعَ الْعَامَّة وَكَانَ لمعقل ولد اسْمه عبد الصَّمد كثير الرِّوَايَة عَن عَمه وهب من ذَلِك أَنه قَالَ سَمِعت عمي وهبا يَقُول قَالَ الله فِي بعض كتبه إِن مني الْخَيْر وأقدره لخير عبَادي فطوبى لمن قدرته لَهُ وَإِن مني الشَّرّ وَأَنا أقدره لشر عبَادي فويل لمن قدرته لَهُ وَقد جمعت وهبا وَأَهله فِي مَكَان وَاحِد 
وَقدمه الرَّازِيّ على وهب وَكَانَ بِهِ شلل وعرج ثمَّ عمى وَكَانَ من أعلم النَّاس بالمناسك وَكَانَ جليل الْقدر شهير الذّكر حج سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ فَلَمَّا قدما مَكَّة أَتَوْهُ فِي بعض الْأَيَّام فوجدوه قَائِما يُصَلِّي فقعدوا فِي انْتِظَاره حَتَّى فرغ من صلَاته ثمَّ جعلُوا يسألونه عَن الْمَنَاسِك وَهُوَ يُجِيبهُمْ غير مُخْتَلف وَلَا هائب فَلَمَّا فرغ سُؤَالهمْ حول وَجهه عَنْهُم فَقَامَ سُلَيْمَان وَأمر ابنيه بِالْقيامِ فَلَمَّا ولوا عَنهُ قَالَ لابْنَيْهِ يَا ابْني لَا تنيا فِي طلب الْعلم فَإِنِّي لَا أنسى ذلنا بَين يَدي هَذَا العَبْد الْأسود 
وَإِلَيْهِ انْتَهَت ال
ْفتيا فِي مَكَّة بعد ابْن عَبَّاس بِحَيْثُ كَانَ فِي زمن بني أُميَّة يأمرون 
(1/105) 

فِي الحجيج أَلا يُفْتِي النَّاس إِلَّا عَطاء فَإِن لم فعبد الله بن أبي نجيح وَلما بلغه قَول الشَّاعِر ... سل الْمُفْتِي الْمَكِّيّ هَل فِي تزاور ... وضمة مشتاق الْفُؤَاد جنَاح 
فَقَالَ معَاذ الله أَن يذهب التقى ... تلاصق أكباد بِهن جراح ... قَالَ وَالله مَا قلت ذَلِك وَكَانَ يحب الصَّلَاة مَعَ الْجَمَاعَة على كل حَال وَيَقُول بَلغنِي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَيكون عُمَّال لَا يصلونَ الصَّلَاة لمواقيتها فَإِذا فعلوا ذَلِك فصلوها لمواقيتها فَقيل لَهُ هَل لَا تَنْتَهِي إِلَى قَول ابْن مَسْعُود قَالَ الْجَمَاعَة أحب إِلَيّ مَا لم يفت الْوَقْت وَكَانَ بَعْدَمَا كبر إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَرَأَ فِيهَا بِقدر مئتي آيَة وَمَا تَزُول قدماه عَن موضعهما بحركة وَلَا غَيرهَا
وَسُئِلَ عَن قوم يشْهدُونَ على النَّاس بالشرك وَالْكفْر فَأنْكر ذَلِك وَقَالَ للسَّائِل أَنا أَقرَأ عَلَيْك نعت الْمُؤمنِينَ ثمَّ نعت الْكَافرين ثمَّ نعت الْمُنَافِقين ثمَّ قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {الم ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ هدى لِلْمُتقين} حَتَّى بلغ قَوْله {عَذَاب أَلِيم} 
وَقَالَ إِن من كَانَ قبلكُمْ كَانَ يكره فضول الْكَلَام وَمَتى تكلم بِغَيْر كتاب الله أَو أَمر بِمَعْرُوف أَو نهى عَن مُنكر أَو حَاجَة فِي إصْلَاح دينه ودنياه مِمَّا لَا بُد لَهُ مِنْهَا عد ذَلِك فضولا أتنكرون {إِن عَلَيْكُم لحافظين كراما كاتبين} وَإِن عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد أما يستحي أحدكُم وَقد نشرت عَلَيْهِ صَحِيفَته الَّتِي قد أمْلى صدر نَهَاره أَكثر مَا فِيهَا لَيْسَ من أَمر دينه وَلَا دُنْيَاهُ 
(1/106) 

وَذكر الرَّازِيّ بِسَنَد مُتَّصِل إِلَى مُحَمَّد بن الْمُحْتَرَم أَنه قَالَ سَمِعت الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم من إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا أؤتمن خَان قَالَ ابْن الْمُحْتَرَم فَقلت لِلْحسنِ يَا أَبَا سعيد لَو كَانَ عَليّ لرجل دين وَسَأَلته وَخفت أَن يحبسني بِهِ فَأهْلك فوعدته بِهِ إِلَى أجل وَلم أقضه بِهِ أفأكون بذلك منافقا أم لَا قَالَ هَكَذَا جَاءَ الحَدِيث أَن ابْن عمر ذكر أَن أَبَاهُ لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ زوجوا فلَانا فَإِنِّي وعدته أَن أزَوجهُ لَا ألْقى الله بِثلث النِّفَاق قلت يَا أَبَا سعيد وَيكون ثلث الرجل منافقا وثلثاه مُؤمنا قَالَ هَكَذَا جَاءَ الحَدِيث قَالَ ابْن الْمُحْتَرَم فَلَمَّا حججْت لقِيت عَطاء بن أبي رَبَاح فَأَخْبَرته بِمَا سَمِعت من الْحسن وَمَا راجعته بِهِ فَقَالَ لي عَطاء أعجزت أَن تَقول لَهُ أَخْبرنِي عَن أخوة يُوسُف ألم يعدوا أباهم فخلفوه وحدثوه فكذبوا وءأتمنهم فخانوه أفمنافقون هم ألم يَكُونُوا أَنْبيَاء وأبوهم نَبِي وجدهم نَبِي قلت لَهُ يَا أَبَا مُحَمَّد حَدثنِي بِأَصْل هَذَا الْخَبَر خَاصَّة الَّذين حدثوه فَكَذبُوهُ وءأتمنهم فخانوه ووعدوه أَن يخرجُوا مَعَه فِي الْغَزْو فأخلفوه 
خرج أَبُو سُفْيَان من مَكَّة فَنزل جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ إِن أَبَا سُفْيَان قد جَاءَ من مَوضِع كَذَا فاخرجوا إِلَيْهِ واكتموا فَسمع ذَلِك بعض الْمُنَافِقين فَبعث إِلَى أبي سُفْيَان يُخبرهُ ويحذره فَإِذا أتيت الْحسن فأقرئه 
(1/107) 

مني السَّلَام وَأخْبرهُ بِأَصْل الحَدِيث وَبِمَا قلت لَك قَالَ ابْن الْمُحْتَرَم فَلَمَّا قدمت على الْحسن أخْبرته الْخَبَر وَقلت لَهُ إِن أَخَاك عَطاء يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لَك كَذَا وَكَذَا فَأخذ بيَدي وشالها وَقَالَ يَا أهل الْعرَاق أعجزتم أَن تَكُونُوا مثل هَذَا سمع مني حَدِيثا فَلم يقبله حَتَّى استنبط أَصله 
صدق عَطاء هَكَذَا الحَدِيث هُوَ فِي الْمُنَافِقين خَاصَّة قلت وَفِي قَول الْحسن صدق عَطاء هَكَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن الْحسن كَانَ عَالما ان الْخَبَر كَمَا قَالَ عَطاء فِي الْمُنَافِقين خَاصَّة 
وَيحمل كَلَام الْحسن فِي الأولى على أَنه أَرَادَ التنفير عَن الْخِصَال وَقد فعل ذَلِك جمَاعَة من الْعلمَاء فِي الصَّحَابَة وَغَيرهم 
وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك أَيْضا مَا ذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ إِلَى مقَاتل أَنه قَالَ كنت بسمرقند فَقَرَأت حَدِيث الْمُقْرِئ يَعْنِي هَذَا الْخَبَر الْمَذْكُور فنازعني عزمي فِيهِ وَخفت على نَفسِي وعَلى جَمِيع النَّاس فَأتيت بُخَارى وَسَأَلت جَمِيع علمائها فَلم أجد فرجا فَأتيت مرو فَسَأَلت كَذَلِك فَلم أجد فرجا فَأتيت نيسابور وَسَأَلت فَلم أجد فرجا ثمَّ بَلغنِي أَن شهر بن حَوْشَب بجرجان فَأَتَيْته وَعرضت عَلَيْهِ قصتي فَقَالَ لي أَنا مُنْذُ سَمِعت هَذَا الْخَبَر كالحبة على المقلى فَعَل
َيْك بِابْن جُبَير فَإِنَّهُ بِالريِّ فَأتيت الرّيّ وَعرضت على سعيد الْخَبَر فَقَالَ أَنا كَذَلِك مُنْذُ سَمِعت هَذَا الْخَبَر كالحبة على 
(1/108) 

المقلى فَعَلَيْك بالْحسنِ الْبَصْرِيّ فارتحلت الْبَصْرَة وأتيت الْحسن وقصصت عَلَيْهِ الْخَبَر وَمَا جرى لي مَعَ من تقدم من الْعلمَاء فَقَالَ رحم الله شهرا وسعيدا بلغهما نصف الْخَبَر وَلم يبلغهما النّصْف الآخر وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قَالَ هَذَا الْخَبَر شغل قُلُوب النَّاس أَصْحَابه وهابوا أَن يسألوه فَأتوا فَاطِمَة ابْنَته وَذكروا لَهَا شغل قُلُوبهم بالْخبر فَأَتَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأخبرته بذلك فَأمر سلمَان فَنَادَى الصَّلَاة جَامِعَة وَصعد الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت قلت لكم ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق الْخَبَر وَلم أعنكم لَهُ إِنَّمَا عنيت بهَا الْمُنَافِقين أما قولي إِذا حدث كذب فَإِن الْمُنَافِقين أَتَوْنِي وَقَالُوا وَالله إِن إيمَاننَا كإيمانك وتصديق قُلُوبنَا كتصديق قَلْبك فَأنْزل الله فِي ذَلِك {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} إِلَى {الْكَاذِبُونَ} وَأما قولي إِذا أؤتمن خَان فَإِن الْأَمَانَة الصَّلَاة وَالدّين كُله أَمَانَة قَالَ الله إِن الْمُنَافِقين يخادعون الله وَهُوَ خادعهم وَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى يراءون النَّاس وَلَا يذكرُونَ الله إِلَّا قَلِيلا وَفِيهِمْ قَالَ الله تَعَالَى {فويل للمصلين} وَأما قولي إِذا وعد أخلف فَإِن ثَعْلَبَة بن حَاطِب أَتَانِي وَقَالَ إِنِّي مولع بالسائمة ولي غنيمات فَادع الله أَن يُبَارك لي فِيهِنَّ فعلي عهد الله لَئِن بَارك لي فِيهِنَّ لأصدقن ولأكونن من الصَّالِحين فدعوت الله فَنمت وزادت حَتَّى ضَاقَتْ عَنْهَا الفجاج فَسَأَلته الصَّدَقَة فَأبى عَليّ وبخل بهَا فَأنْزل الله فِيهِ {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله} الْآيَة إِلَى قَوْله {بِمَا أخْلفُوا الله مَا وعدوه وَبِمَا كَانُوا يكذبُون} فَسرِّي عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتصدقوا بِمَال عَظِيم وَهَذَا الْخَبَر فِي الْكتاب من قبيل كَون الحَدِيث شجون وَفِيه فرج لمن كَانَ وقف على الْخَبَر أَو سَمعه وَلم يعرف السَّبَب 
(1/109) 

وَقَالَ عَطاء سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} دخل فِي ذَلِك الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ وَكَانَ لعطاء مصحف لطيف إِذا قَرَأَ بِهِ حمله على يَدَيْهِ وَلَا يَضَعهُ على فَخذيهِ وَكَانَت وَفَاته بِمَكَّة سنة أَربع عشرَة وَقيل خمس عشرَة ومئة وَقد بلغ عمره ثمانيا وَثَمَانِينَ سنة 
وَمِنْهُم حجر بن قيس المدري نِسْبَة إِلَى قَرْيَة مدرات وَهِي على نصف مرحلة من الْجند من جِهَة قبليها وَهِي بِفَتْح الْمِيم وَالدَّال الْمُهْملَة وَالرَّاء ثمَّ ألف ثمَّ تَاء مثناة من فَوق صحب حجر هَذَا عليا كرم الله وَجهه وَعرف بِصُحْبَتِهِ وَله عَنهُ رِوَايَات وَلَا يعرف إِلَّا بِصُحْبَة عَليّ إِذْ تفقه بِهِ وَصَحبه غَالب زَمَانه وَكَانَ طَاوُوس يُرَاجِعهُ فِي الْمسَائِل الَّتِي يتشكك بهَا
وَقد ذكرت قَول ابْنه فِي الْوَقْف الَّذِي وَقفه وَأَنه لم يطب نفسا بِهِ حَتَّى أفتاه بحبسه 
وَذكر الْحَافِظ أَبُو نعيم بِسَنَد إِلَيْهِ أَن عليا قَالَ لَهُ يَوْمًا كنت بك يَا حجر إِذا أمرت بلعني فَقَالَ أَو كَائِن ذَلِك قَالَ نعم قلت فَكيف أصنع قَالَ العني وَلَا تَبرأ مني فَلَمَّا كَانَت ولَايَة مُحَمَّد بن يُوسُف لمخلافي الْجند وَصَنْعَاء وَحجر إِذْ ذَاك خطيب بِإِحْدَى البلدين صعد فِي بعض الْجمع الْمِنْبَر ثمَّ خطب فَلَمَّا فرغ من الْخطْبَة وَمُحَمّد بن يُوسُف إِذْ ذَاك حَاضر ناداه لَا تنزل حَتَّى تلعن عليا فَتَلَكَّأَ لَحْظَة وَذكر قَول عَليّ فَرفع صَوته وَقَالَ إِن الْأَمِير مُحَمَّد بن يُوسُف أَمرنِي أَن ألعن عليا فالعنوه لَعنه الله وتفرق أهل الْمَسْجِد وَتَفَرَّقُوا شغر بغر كَرَاهِيَة لذَلِك إِلَّا مَا كَانَ من شيخ فَإِنَّهُ فهمها وَقَالَ لَعنه الله وَكَانَ ذَلِك على مِنْبَر صنعاء وَقيل على مِنْبَر الْجند وَهُوَ الَّذِي 
(1/110) 

حَقَّقَهُ الْحَافِظ العرشاني رَحمَه الله 
وَالْقَوْل الأول أحب إِلَيّ لكَرَاهَة أَن يكون الْجند شهر بهَا أحد من السّلف مَعَ أَن الْيمن أجمع لم يشهر بهَا ذَلِك مُنْذُ أول الْإِسْلَام إِلَى عصرنا سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعمئة إِذْ برأَ الله الْيمن ونزهها عَن أَمر غلب على كثير من بِلَاد الْإِسْلَام وَهُوَ الرِّدَّة 
لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارْتَدَّت الْعَرَب إِلَّا مَا كَانَ من أهل مَكَّة وَالْمَدينَة وَصَنْعَاء والجند وغالب الْيمن وارتد قوم من أهل السوَاد حوالي الْمَدِينَة وهم الَّذين قَاتلهم الصّديق وَبَعض طغام نواحي صنعاء وعادوا من غير قتال وَلم يذكر عَن أحد مِنْهُم أَنه أحْوج إِل
َى قتال وَلَا كلف وَالِي مصره شَيْئا مِمَّا كلفه عرب الْحجاز بل إِنَّه قد ذكر أَن قوما من كِنْدَة فِي طرف حَضرمَوْت ارْتَدُّوا وتحصنوا بحصن يُقَال لَهُ النُّجَيْر وَكَانَ واليهم لبيد بن زِيَاد البياضي ثمَّ الْأنْصَارِيّ من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحصل بَينه وَبينهمْ شقَاق وَخَرجُوا بِهِ عَن حد طَاعَته فَكتب إِلَى أبي بكر ينتصره فأمده بِجَمَاعَة مِنْهُم عِكْرِمَة بن أبي جهل وَأَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَجَمَاعَة غَيرهم 
وَأما الْيمن فَكَانَ بهَا معَاذ بن جبل توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يحك عَنهُ خلاف بَينه وَبَين أَهلهَا وَلَا جَمِيع مخاليفها وَلَو كَانَ لظهر كَمَا فِي غَيرهَا 
وَأما صنعاء فَكَانَ بهَا يعلى بن أُميَّة فَحصل بَينه وَبَين عرب السوَاد تنَازع ثمَّ عَادوا إِلَى طَاعَته كَمَا هُوَ مَشْهُور فِي كتب التَّارِيخ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعه بل أردْت تَنْزِيه هذَيْن المخلافين صنعاء والجند عَن الرِّدَّة واحتياج الْوُلَاة فِيهَا إِلَى حروب 
(1/111) 

وعساكر وَلم يحك حُدُوث شَيْء فِي هذَيْن المخلافين من ذَلِك إِلَّا مَا كَانَ فِي بعض نواحي صنعاء كَمَا قدمنَا ذكره 
وَأما سبّ السّلف فَلم يعرف إِلَّا مَا كَانَ فِي بعض نواحي صنعاء على زمن الصليحيين فِي مَوضِع اختطوه كجبلة ومواضع حراز لَا صنعاء والجند وَمَا يشابههما كزبيد وعدن إِذْ تغلب على أَهلهَا عدم السب والمبتدع يضيع بَينهم وَلَا يُطيق إِظْهَار بدعته 
وَكَانَ السب على عهد بني أُميَّة لعَلي وَآله وَقد اسْتعْمل على مَنَابِر الشَّام وَالْعراق ومصر عدَّة سِنِين حَتَّى كَانَت خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز فأسقطه وَجعل مَكَانَهُ {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي الْقُرْبَى} فَلم يزل مُسْتَعْملا إِلَى عصرنا وَنعم السّنة سنّ فَهَذَا مَا كَانَ من حَال الْيمن فِي ذكر السّلف الصَّالح نفع الله بهم وَهَذَا الْكَلَام كُله دخيل لَيْسَ من غرضنا بل هُوَ ذكر فَضِيلَة أهل الْيمن وتنزيه لَهُم مِمَّا هُوَ قدح فِي من فعل ذَلِك 
وَنَرْجِع إِلَى تَتِمَّة ذكر حجر 
ذكر الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره أَن الشَّافِعِي قَالَ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوُوس عَن حجر المدري يَعْنِي هَذَا عَن زيد بن ثَابت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جعل الْعمريّ للْوَارِث فَسَأَلت شَيْخي أَبَا الْحسن الأصبحي عَن حجر فَأَخْبرنِي أَنه الْمَذْكُور أَولا وَأَنه مِمَّن صحب عليا وَلم أتحقق لَهُ تَارِيخا وَلَا وقفت عَلَيْهِ بل أوردت مَا ذكرته من أَحْوَاله من كتب شَتَّى فَيعلم أَنه كَانَ مَوْجُودا زمن مُحَمَّد بن يُوسُف الثَّقَفِيّ 
وَمِنْهُم الْمُغيرَة بن حَكِيم الصَّنْعَانِيّ الأبناوي مَعْدُود فِي فضلاء صنعاء أَخذ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم عمر وَأَبُو هُرَيْرَة وَغَيرهمَا وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي صفة الصفوة 
(1/112) 

وَقَالَ سَافر الْمُغيرَة من صنعاء إِلَى مَكَّة خمسين سفرا حافيا محرما صَائِما لَا يتْرك التَّهَجُّد وَقت السحر بل كَانَ إِذا هُوَ سَائِر فِي الْقَافِلَة فَارقهَا وَأَقْبل يُصَلِّي حَتَّى يطلع الْفجْر ثمَّ يُصَلِّي الصُّبْح ثمَّ يلْحق بالقافلة حَيْثُ كَانَت وَكَانَ يخْتم فِي كل يَوْم الْقُرْآن يقْرَأ بعد صَلَاة الصُّبْح من الْبَقَرَة إِلَى هود ثمَّ من قبل الزَّوَال إِلَى الْعَصْر يقْرَأ من هود إِلَى الْحَج ثمَّ يتم الختمة من الْمغرب إِلَى الْعشَاء 
وَمِنْهُم أَبُو رشدين حَنش بن عبد الله الصَّنْعَانِيّ بَلَدا يُقَال أَصله من بكر وَائِل وَأمه من الْأَبْنَاء وَلذَلِك يظنّ أَنه أبناوي وَلَيْسَ كَذَلِك عده مُسلم فِي تَابِعِيّ الْجند وعده البُخَارِيّ فِي أهل صنعاء وَكَذَلِكَ عبد الْغَنِيّ نسبه إِلَى صنعاء فَقَالَ الصَّنْعَانِيّ الْمصْرِيّ لِأَنَّهُ صَار إِلَى مصر فِي آخر عمره لِأَنَّهُ كَانَ نَائِبا لِابْنِ الزبير على صنعاء فَأسر فِيهَا وَأتي بِهِ الْحجَّاج إِلَى مَكَّة مُقَيّدا فَوجه بِهِ إِلَى عبد الْملك فَلَمَّا وَصله أطلقهُ فانتجع مصر وَلم يزل بهَا حَتَّى توفّي 
قَالَ الْوَاقِدِيّ وَقيل إِنَّه انْتقل من مصر إِلَى الأندلس فَنزل مِنْهَا مَدِينَة سرقسطة وَأسسَ جَامعهَا وَمَات فِيهَا فَقِيرا عِنْد بَابهَا الغربي الْمَعْرُوف بِبَاب الْيَهُود صحب عليا وَابْن عَبَّاس وَأقَام مَعَ عَليّ فِي الْكُوفَة ثمَّ ولاه ابْن الزبير مخلاف صنعاء فَأَقَامَ واليا أَرْبَعَة أشهر وَقتل ابْن الزبير وَوصل نواب الْحجَّاج فَكَانَ مِنْهُم إِلَيْهِ مَا قدمنَا 
وَمِنْهُم أَبُو مُحَمَّد عَمْرو بن دِينَار مولى باذان الْفَارِسِي أَمِير الْفرس وَقد ذكرت طرفا من حَاله وَسَيَأْتِي بَيَانه فِي الْمُلُوك إِن شَاءَ الله مولده صنعاء لبضع وَأَرْبَعين من الْهِجْرَة ثمَّ نَشأ بِمَكَّة وتفقه بهَا على ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَجَابِر بن عبد الله وَجَابِر بن زيد
وَمن التَّابِعين بطاووس وَالزهْرِيّ وَابْن جُبَير وَعنهُ أَخذ ابْن عُيَيْنَة وَابْن جريج وَغَيرهمَا قيل لعطاء بن أبي رَبَاح بِمن تَأْمُرنَا بعْدك قَالَ بِعَمْرو بن دِينَار وَقَالَ طَاوُوس لِابْنِهِ إِذا قدمت مَكَّة فجالس عَمْرو بن دِينَار فَإِن أُذُنه قمع للْعُلَمَاء وَقيل 
(1/113) 

لإياس بن مُعَاوِيَة أَي أهل مَكَّة رَأَيْت أفقه قَالَ أسوأهم خلقا عَمْرو بن دِينَار
توفّي غَالِبا بِمَكَّة سنة سِتّ وَعشْرين وَقيل سنة سبع وَقيل سنة أَربع وَعشْرين ومئة بلغ عمره ثَمَانِينَ سنة 
ثمَّ صَار الْعلم إِلَى طبقَة أُخْرَى 
مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن يزِيد الصَّنْعَانِيّ وَيُقَال لَهُ الأبناوي لِأَنَّهُ كَانَ من أهل فَارس القادمين مَعَ سيف بن ذِي يزن ذكره الرَّازِيّ وَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ كَانَ فَاضلا زاهدا وَهُوَ الَّذِي ذكرت أَولا أَن مُحَمَّد بن يُوسُف جعله مَعَ وهب واعظا وَكَانَ إِذا غَابَ إِمَام الْجَامِع خَلفه على الصَّلَاة بِالنَّاسِ 
أسْند عَن ابْن عمر وَأورد التِّرْمِذِيّ عَنهُ فِي سنَنه عدَّة أَحَادِيث مِنْهَا مَا رَوَاهُ الرَّازِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى التِّرْمِذِيّ وَبِسَنَد التِّرْمِذِيّ إِلَى هَذَا عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من سره أَن ينظر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فليقرأ {إِذا الشَّمْس كورت} و {إِذا السَّمَاء انشقت} و {إِذا السَّمَاء انفطرت} وَقَالَ أَيْضا قَالَ لي ابْن عمر يَا أَخا الأنباء إِن سُورَة الْجُمُعَة نزلت فِينَا وَفِيكُمْ فِي قتلكم الْكذَّاب ثمَّ قَرَأَ مِنْهَا إِلَى قَوْله وَآخَرين مِنْهُم لم يلْحقُوا بهم وَأخذ عَنهُ القَاضِي هِشَام الْآتِي ذكره وَغَيره من أهل صنعاء وَغَيرهم 
وَمِنْهُم عُثْمَان بن يزدويه أدْرك أنس بن مَالك وَكَانَ يَقُول قدمت الْمَدِينَة وَعمر بن عبد الْعَزِيز واليها فَصليت الصُّبْح خَلفه ومعنا أنس بن مَالك فِيمَن صلى خَلفه فَلَمَّا انْقَضتْ الصَّلَاة قَالَ أنس مَا رَأَيْت أحد أشبه بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذَا الْفَتى وَأَشَارَ إِلَى عمر قَالَ وَرَأَيْت أنسا عَلَيْهِ ثَوْبَان ممشقان وَبِه وضح وَكَانَ القَاضِي هِشَام يَقُول حَدثنِي عُثْمَان بن يزدويه قَالَ قدمت الْمَدِينَة وَعمر واليها وَذكر الحَدِيث الأول برمتِهِ فَقيل للْقَاضِي هِشَام كَيفَ كَانَت صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَحْو 
(1/114) 

من صَلَاتي فحزرنا رُكُوعه وَسُجُوده فَوجدَ من فعل القَاضِي وَأحد بِقدر عشر تسبيحات 
وَمِنْهُم مُحَمَّد بن ماجان حج مَعَ أَبِيه وَهُوَ غُلَام فَرَأى ابْن عمر وَجَابِر بن عبد الله وَأنس بن مَالك وَقَالَ حجت أم سَلمَة زوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الهودج وَكُنَّا معاشر الصغار ندور حوله وَهِي فِيهِ 
وَمِنْهُم مرْثَد بن شُرَحْبِيل أدْرك ابْن عمر وَابْن الزبير وَحضر عمَارَة بن الزبير الْكَعْبَة فَقيل لَهُ مَا حمل ابْن الزبير على خراب الْكَعْبَة وعمارتها فَقَالَ لما جَاءَ الْحصين بن نمير من وقْعَة الْحرَّة بِالْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّة وَبهَا ابْن الزبير عائذا وَقَالَ أصانع فَرمى الْحصين مَكَّة بالمنجنيق وَكَانَت تقع بِالْكَعْبَةِ حَتَّى أضعفت الْبناء وَجَاء خبر يزِيد وَمَوته فارتفع الْحصين بعسكره وَقد أثر المنجنيق بِالْكَعْبَةِ تَأْثِيرا ظَاهرا ثمَّ خلت مَكَّة لِابْنِ الزبير عَن الْمُعَارضَة فعزم على عمارتها عمَارَة مقتنة وَقَالَ أَدخل الْحجر فِيهَا حِين أبنيها ثمَّ لما جد عزمه أحضر سبعين مكبرا من قُرَيْش واستشهدهم فَشَهِدُوا أَنهم سمعُوا عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا حَدَاثَة عهد قَوْمك بالشرك لأعدت هَذَا الْبَيْت على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل هَل تدرين لم قصروا عَنْهَا قلت لَا قَالَ قصرت علهيم النَّفَقَة قلت وَسبب قصرهَا عدم الْحَلَال إِذْ لما عزموا على بنائها قبل مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخمْس سِنِين وَقد صَار ابْن خمس وَثَلَاثِينَ سنة كَمَا قدمنَا فِي ذكره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَعَاهَدُوا أَن لَا يدخلُوا فِي عمارتها مهر بغي وَلَا 
(1/115) 

زنى فَلذَلِك عدموا مَا يتممونها بِهِ وَلَوْلَا خشيَة الإطالة لذكرت من ذَلِك الْحَقِيقَة وَأَصله وَلَيْسَ هُوَ أَيْضا من ملازم الْكتاب فنورده وَلَكِن الحَدِيث شجون 
ثمَّ أَخذ ابْن الزبير فِي إخرابها والكشف عَن أساسها حَتَّى وَقع على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم وأظهرها للنَّاس فَكَانَت عجبا من الْعجب مشتبكة بَعْضهَا فِي بعض وَتركهَا ابْن الزبير أَيَّامًا مكشوفة ليشهدها النَّاس ويتعجبوا مِنْهَا وَكَانَ الرجل إِذا حرك من نَاحيَة ركنا اهتزت نَاحيَة الرُّكْن الآخر ثمَّ قَالَ اطْلُبُوا من الْعَرَب من يبنيه فَلم يُوجد ثمَّ قَالَ اسْتَعِينُوا بِأَهْل فَارس فَإِنَّهُم ولد إِبْرَاهِيم وَلنْ يرفعهُ
إِلَّا وَلَده ثمَّ بنى الْكَعْبَة على الْقَوَاعِد وَجعل لَهَا بَابَيْنِ لاصقين بِالْأَرْضِ شرقيا وغربيا فَكَانَت كَذَلِك حَتَّى غَزَاهَا الْحجَّاج وأخربها وَقتل ابْن الزبير ثمَّ أَعَادَهَا على مَا كَانَت قُرَيْش بنتهَا أَولا 
وَمِنْهُم كثير بن أبي الزفاف أدْرك ابْن عمر كَانَ عبد الرَّزَّاق الْفَقِيه الْآتِي ذكره يَقُول سَمِعت حَمَّاد بن سعيد يحدث عَن كثير أَنه قَالَ كنت وصاحبا لي بمنى يَوْم النَّفر فجاءنا رجل وَقَالَ رَأَيْت الْآن ابْن عمر يَرْمِي الْجَمْرَة فَقلت لصاحبي اذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ نَسْأَلهُ فَانْطَلَقْنَا فوجدناه قد فرغ من رمي الْجَمْرَة وأنيخت لَهُ رَاحِلَته وَقد وضع رجله بالغرز وَأخذ بوسط الرحل ليركب فَقَالَ لَهُ صَاحِبي واسْمه قيس إِنَّا أخبرنَا عَنْك فَجِئْنَا لنَنْظُر إِلَيْك ونسألك فَإنَّك قد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجونا بركتك وَلَو كنت على غير هَذَا الْحَال لسألناك فَنزع رجله من الغرز وَيَده من الرحل وَقَالَ سل عَمَّا شِئْت قَالَ مَا تَقول فِي رجل اخْتلف إِلَى هَذَا الْبَيْت نَحوا من أَرْبَعِينَ سنة وَإِذا قدم على أَهله وجدهم قد صَنَعُوا لَهُ من هَذَا النَّبِيذ شَيْئا فَإِن شرب مِنْهُ سكرو إِن مزجه بِالْمَاءِ لم يضرّهُ فَقَالَ لَهُ ابْن عمر أدن مني فَلَمَّا دنا مِنْهُ دفع فِي صَدره حَتَّى وَقع فِي الأَرْض وَقَالَ أَنْت مِمَّن لَا حج لَك وَلَا كَرَامَة فَقَالَ مَا سَأَلتك إِلَّا عَن نَفسِي وَالله لَا أَذُوق مِنْهُ قَطْرَة أبدا 
وَاعْلَم أَن من ذكر حجر المدري إِلَى هَذَا أَخَذته من كتاب الرَّازِيّ خَاصَّة وَمن هُنَا إِلَى آخر الْكتاب من المئة الْخَامِسَة إِنَّمَا أَخَذته عَن الْجَمِيع أهل الْكتب الْمَذْكُورين أَولا 
(1/116) 

وَمِنْهُم أَبُو خَليفَة القارىء أَخذ الْقُرْآن عَن عَليّ كرم الله وَجهه وَأسْندَ عَنهُ أَخْبَارًا مِنْهَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله رَفِيق يحب الرِّفْق وَيُعْطِي على الرِّفْق مَا لَا يُعْطي على العنف وَعَن هَذَا أَخذ جمَاعَة بِصَنْعَاء الْقُرْآن 
وَمِنْهُم عبد الله بن وهب الْمُقدم ذكره مَعَ أَبِيه 
وَمِنْهُم هاني الدويري مولى عُثْمَان بن عَفَّان وَله عَنهُ رِوَايَة 
وَمِنْهُم الضَّحَّاك بن فَيْرُوز الديلمي أول من ولي لمعاوية الْيمن وَكَانَ مُجْتَهدا قَالَ مؤذنه رَاشد بن أبي الْحَرِيش مَا أتيت الضَّحَّاك أؤذنه الصَّلَاة فِي النَّاس إِلَّا وجدته مستعدا 
أسْند عَن أبي هُرَيْرَة وَغَيره وَأَبوهُ قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسلم وَحسن إِسْلَامه 
وَمِنْهُم صَفْوَان بن يعلى بن أبي عبيد يعرف أَبوهُ بيعلى بن أُميَّة أحد وُلَاة صنعاء صدر الْإِسْلَام وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله فِي الْوُلَاة وَله ولأبيه رِوَايَات دخلت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا 
أسْند عَن أَبِيه وَغَيره وَقد أَخذ عَنهُ أَيْضا عَطاء بن أبي رَبَاح 
وَمِنْهُم سعيد بن عبد الله بن عَاقل عرف بالأعرج كَانَ معينا ليعلى بِإِشَارَة عمر 
وَحكي أَنه قدم على عمر فَلَمَّا سلم سَأَلَهُ عمر أَيْن تُرِيدُ قَالَ الْعرَاق 
قَالَ ارْجع إِلَى صَاحبك يعلى فَإِن عملا صَالحا بِحَق جِهَاد وَإِذا صَدقْتُمْ الْمَاشِيَة فَلَا تعينُوا الْحَسَنَة وَلَا ترزأوا بهَا صَاحبهَا وأقسموها أَثلَاثًا ويختار صَاحب الْغنم ثلثا واختاروا الصَّدَقَة من الثُّلثَيْنِ الباقيين قَالَ فَقبلت من عمر وعدت إِلَى صنعاء وَبعثت إِلَى مَعُونَة يعلى واعتمدنا مَا قَالَ عمر وَمَتى اجْتمع مَعنا شَيْء فرقناه فِي مَوْضِعه على فقرائه ثمَّ نرْجِع وَلَيْسَ مَعنا إِلَّا أسواطنا 
(1/117) 

وَمِنْهُم الْوَلِيد بن السوري أدْرك أنس بن مَالك وَقَالَ قدمت الْمَدِينَة وَصليت خلف عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ إِذْ ذَاك واليها فصلى صَلَاة خَفِيفَة فَلَمَّا فرغ قَالَ لي رجل إِلَى جَنْبي مَا أشبه صَلَاة هَذَا بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذت بِثَوْبِهِ وَقلت من أَنْت الَّذِي أدْركْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أنس بن مَالك قَالَ فحزرت لبث عمر فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فَوَجَدته بِقدر مَا يسبح كل وَاحِد منا عشر تسبيحات قلت وَهَذَا مُوَافق لما رَوَاهُ عُثْمَان بن يزدويه لِأَن مخرجهما وَاحِد ونهايتهما متفقة 
وَمِنْهُم زِيَاد بن جيل أدْرك ابْن الزبير وَقَالَ سمعته يَقُول سَمِعت خَالَتِي عَائِشَة تَقول قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا حَدِيث عهد قَوْمك بالشرك لرددت الْكَعْبَة على أساس إِبْرَاهِيم فَإِن للحجر من الْكَعْبَة أذرعا فَلَمَّا كَانَ الْعَام الَّذِي أخربها فِيهِ الْحصين وجند الشَّام ثمَّ لما عَادوا وجد ابْن الزبير إِلَى بنائها سَبِيلا ظَاهرا فَأمر بكشف الْقَوَاعِد فَوجدَ ربض الْكَعْبَة صخرا مثل البخت فحركوا صَخْرَة فبرقت بارقة فَقَالَ دَعُوهَا كَمَا هِيَ ثمَّ وجد لوح مَكْتُوب
بالعبراني فَاسْتَحْضر لَهُ جمَاعَة من أَحْبَار الْيَهُود وأحلفهم بِاللَّه ليصدقنه وَلَا يكتمونه مِمَّا فِيهِ شَيْئا ثمَّ ناولهم إِيَّاه فَقَالُوا إِن فِيهِ مَكْتُوبًا أَنا الله ذُو بكة صنعتها بيَدي يَوْم صنعت الشَّمْس وَالْقَمَر حففتها بسبعة أَمْلَاك حَقًا وَجعلت رزقها يَأْتِيهَا من طرق شَتَّى باركت لَهُم فِي المَاء وَاللَّحم أَنا الله ذُو بكة خلقت الرَّحِم وَجعلت فِيهَا سَبْعَة من اسْمِي من وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا أبنته خلقت الْخَيْر وَالشَّر فطوبى لمن خلقت الْخَيْر على يَدَيْهِ وويل لمن خلقت الشَّرّ على يَدَيْهِ 
وَقَالَ زِيَاد سَمِعت ابْن الزبير قَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب فَقَالَ اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط من أَنْعَمت عَلَيْهِم 
وَزِيَاد هَذَا هُوَ الَّذِي ذكر أصيل الْقَتِيل فِي خلَافَة عمر بِصَنْعَاء على مَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي ذكر الْخُلَفَاء وَمَا لَاق من الْحَوَادِث فِي أيامهم إِن شَاءَ الله 
(1/118) 

وَمِنْهُم فنج بن دحرج بِضَم الْفَاء وَفتح النُّون وَسُكُون الْجِيم ثمَّ فتح الدَّال وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء ثمَّ جِيم الْفَارِسِي من الْأَبْنَاء ذكره الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ فِي المؤتلف والمختلف قَالَ وَلَا نَظِير لَهُ فِي الْأَسْمَاء 
أسْند الْحَافِظ فِي كِتَابه إِلَى عبد الله بن وهب بن مُنَبّه مقدم الذّكر أَنه أخبر عَن أَبِيه عَن فنج هَذَا أَنه قَالَ كنت أعمل بالدينباذ وأعالج فِيهَا فَلَمَّا قدم يعلى بن مُنَبّه أَمِيرا على صنعاء جَاءَ مَعَه رجال فَجَاءَنِي ذَات يَوْم رجل مِنْهُم وَأَنا أصرف المَاء فِي الزَّرْع وَكَانَ فِي كمه جوز فَجَلَسَ على ساقية من المَاء وَهُوَ يكسر من ذَلِك الْجَوْز وَجعل يخرج الْجَوْز من كمه ويأكله حَبَّة فحبة بعد كسرهَا ثمَّ ناداني يَا فَارسي هَلُمَّ فدنوت مِنْهُ فَقَالَ يَا فنج أتأذن لي أَن أغرس من هَذَا الْجَوْز على هَذَا المَاء فَقلت وَمَا نفعي بذلك قَالَ إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من نصب شَجَرَة وصبر على حفظهَا وَالْقِيَام عَلَيْهَا حَتَّى تثمر كَانَ لَهُ بِكُل مَا يصاب من ثَمَرهَا صَدَقَة عِنْد الله فَقلت لَهُ أَنْت سَمِعت ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم يَا فنج أَنا أضمنها لله عز وَجل ثمَّ غرس جوزة وَسَار 
وَقَالَ الرَّاوِي لما أورد الْخَبَر أَن الغارس الْمخبر هُوَ وبر بن يحنس قَالَ فنج أول من غرس الْجَوْز بِصَنْعَاء 
قَالَ الْحَافِظ وَأَخْبرنِي الرَّاوِي أَنَّهَا تُؤْكَل إِلَى الْآن بِصَنْعَاء وَقد أخرت هَذَا وَهُوَ من أَعْيَان الطَّبَقَة الأولى وَلكنه غير ذِي شهرة بِالْعلمِ والإسناد إِنَّمَا يعرف لَهُ هَذَا الْخَبَر 
ثمَّ صَار الْعلم فِي طبقَة غير من تقدم ذكره 
مِنْهُم عبد الله بن الْفَقِيه طَاوُوس الْمُقدم ذكره أول طبقَة التَّابِعين كَانَ إِمَامًا كَبِيرا وقصده النَّاس للْعلم 
(1/119) 

قَالَ معمر الْآتِي ذكره لما عزمت على دُخُول الْيمن متجردا لطلب الْعلم قَالَ لي أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ إِن كنت راحلا فَإلَى عبد الله بن طَاوُوس أَو فَالْزَمْ تجارتك وَكَانَ مَعَ فقهه عالي الهمة كَبِير الْقدر لما توفى أَبوهُ وَعَلِيهِ دين فبادر إِلَى بيع تركته بِثمن وَغير ثمن على غَرَض الْقَضَاء عَن أَبِيه بعجل فَقيل لَهُ لَو انتظرت الْغُرَمَاء حَتَّى تبيع الْأَشْيَاء بأثمانها وَرُبمَا حصلت الزِّيَادَة فَقَالَ لَا أفعل وَأَبُو عبد الله مَحْبُوس عَن منزله فِي الْجنَّة 
قَالَ الرَّازِيّ وَلم أر فَقِيها كَابْن طَاوُوس قيل وَلَا هِشَام بن عُرْوَة قَالَ لم يكن مثله وَتُوفِّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ ومئة 
وَكَانَ لَهُ ابْنَانِ فقيهان هما طَاوُوس وَمُحَمّد لم أَقف على شئ من أحوالهما غير أَنَّهُمَا كَانَا يذكران بالفقه وَقد عرض مَعَ ذكر أَبِيهِمَا ذكر رجلَيْنِ من الْفُضَلَاء هما معمر وَأَيوب فمعمر يَأْتِي ذكره وَأَيوب هُوَ أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ لقبه أَبُو بكر من موَالِي قضاعة كَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول فِي حَقه أَيُّوب سيد شباب الْبَصْرَة وَقَالَ هِشَام بن عُرْوَة مَا رَأَيْت فِي الْبَصْرَة مثل السّخْتِيَانِيّ وَقَالَ شُعْبَة أَيُّوب سيد الْفُقَهَاء أَخذ عَنهُ مَالك وَالثَّوْري توفى سنة 131 هـ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ ومئة 
وَمِنْهُم حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان تفقه بطاووس وَمِنْهُم عبد الله بن عِيسَى عده الْحَافِظ فِي أهل الْجند وَمن الْجند عمر بن مُسلم الجندي 
وَمِنْهُم سماك بن الْفضل الْخَولَانِيّ وَقيل الشهابي وَهُوَ الَّذِي تصدى لجواب فتيا الْوَلِيد بن يزِيد بن عبد الْملك حِين وَردت الْيمن وَهُوَ أَن الْوَلِيد لما كَانَ ولي 
(1/120) 

عهد أَبِيه بعد عَمه هِشَام قَالَ لامْرَأَته وَكَانَت ابْنة خَالِد بن أسيد مَا رَأَيْت أحسن مِنْك قَالَت لَو رَأَيْت أُخْتِي لرأيت أحسن مني فَقَالَ أرينيها قَالَت أَخَاف تتركن
ي وتتزوجها فَقَالَ إِن تَزَوَّجتهَا فَهِيَ طَالِق فظنت أَنَّهَا تحرم بذلك وأرته إِيَّاهَا فَلَمَّا رَآهَا شغف بهَا فَخَطَبَهَا من أَبِيهَا بعد أَن طلق أُخْتهَا فَقَالَ أَتُرِيدُ أَن تكون فحلا لبناتي فَلَمَّا صَار الْأَمر إِلَى الْوَلِيد رغب خَالِد فِي زواجته وَاسْتعْمل من فاتحه فِي ذَلِك فَكتب الْوَلِيد إِلَى عَامله فِي الْيمن وَهُوَ إِذْ ذَاك خَاله مَرْوَان بن مُحَمَّد بن يُوسُف ابْن أخي الْحجَّاج يُخبرهُ بِيَمِينِهِ ويأمره باستفتاء الْفُقَهَاء بِالْيمن فحين وصل الْكتاب جمع الْمُفْتِينَ من أهل الْيمن مِنْهُم هَذَا سماك وَعبد الله بن طَاوُوس وَإِسْمَاعِيل بن سروس الصَّنْعَانِيّ وخلاد بن عبد الرَّحْمَن وَعبد الله بن سعيد ثمَّ أخْبرهُم بِكِتَاب الْوَلِيد وسؤاله فابتدر سماك وَقَالَ أَيهَا الْأَمِير إِنَّمَا النِّكَاح عقد يعْقد ثمَّ يحل بِالطَّلَاق وَإِن هَذَا حلف قبل أَن يعْقد فَلَا يتَعَلَّق بذلك تَحْرِيم وَأجْمع مَعَه الْفُقَهَاء الْبَاقُونَ على ذَلِك فأعجب مَرْوَان ذَلِك وَقَالَ لسماك قد وليتك الْقَضَاء ثمَّ كتب إِلَى الْوَلِيد يُخبرهُ أَن القَاضِي قبلي قَالَ كَذَا وَكَذَا فحين وصل كِتَابه إِلَى الْوَلِيد استدعى خَالِد بن أسيد وَأَوْقفهُ عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ وأزوجه وَلم أتحقق لَهُ وَلَا لفقهاء الْملَّة الْمَذْكُورين تَارِيخا وَأما ابْن طَاوُوس فقد ذكرته أَولا بل تعرف نهايتهم بِزَمَان الْوَلِيد بن يزِيد إِذا كَانَ فِي بعض سنة خمس وَعشْرين إِلَى بعض سنة سِتّ وَعشْرين ومئة إِذْ كَانَت ولَايَته سنة وشهرين 
وَمِنْهُم عَمْرو بن عبيد حيرد إِمَام أهل صنعاء أدْرك ابْن الزبير وَصلى خَلفه وَلما قدم ابْن جريج صنعاء أَخذ عَنهُ وَكَانَ من أَصْحَابه إِبْرَاهِيم بن خَالِد 
(1/121) 

أحد عباد صنعاء ومؤذنها 
حُكيَ أَنه صلى الْعشَاء وَأخذ فِي الْعِبَادَة حَتَّى طلع الْفجْر وَصلى الصُّبْح بِوضُوء الْعشَاء وَرجل يرمقه من أول اللَّيْل فَلَمَّا طلعت الشَّمْس جَاءَ الرجل الَّذِي بَات يرمقه فَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ لم لَا نمت البارحة قَالَ وجعلتني بَالا قَالَ نعم قَالَ فَإِنِّي رمقت ابْن دريه صلى الْعَتَمَة ثمَّ أوتر فَرفع يَدَيْهِ نَحْو السَّمَاء وشخص ببصره فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى طلع الصُّبْح بِوضُوء الْعَتَمَة وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه عَليّ يَأْتِي ذكره فِي أَصْحَاب معمر وَمِنْهُم مُحَمَّد بن سميع عده الإِمَام أَحْمد فِي تَابِعِيّ الْيمن وَلم ينْسبهُ إِلَى مخلاف مِنْهَا 
وَمِنْهُم سُلَيْمَان بن دَاوُود بن قيس أَخذ الْعلم عَن الْقَاسِم بن عبد الْوَاحِد الْمَكِّيّ وَطَلْحَة بن عَمْرو وَهُوَ أحد أَشْيَاخ الْفَقِيه عبد الرَّزَّاق الْآتِي ذكره 
وَكَانَ يفضل بِمَعْرِِفَة الْكتب على وهب وَهُوَ عِنْد أهل صنعاء بِمَنْزِلَة وهب وَهَمَّام بن نَافِع 
وَمِنْهُم عريف بن إِبْرَاهِيم الصَّنْعَانِيّ وَالنضْر بن كثير يروي عَن طَاوُوس وَسماك بن الْوَلِيد الجيشاني قَالَ ابْن سَمُرَة وَمِمَّنْ عده الدَّارَقُطْنِيّ من أهل الْيمن طَاوُوس وَزَمعَة بن صَالح وَعبد الله بن عِيسَى مقدم الذّكر وَعبيد بن بحير بن ريسان الْآتِي ذكره بِأَبِيهِ فِي الْوُلَاة وَسَلام ابْن وهب وتلميذه زيد بن الْمُبَارك الصَّنْعَانِيّ وعَلى بن عبد الحميد أَخذ عَن طَاوُوس وَأخذ عَنهُ ابْن جريج وَقَالَ مِمَّن 
(1/122) 

نقل عَنهُ الْفِقْه والْحَدِيث قبل ظُهُور مَذْهَب الشَّافِعِي مُحَمَّد بن يُوسُف الجذامي روى عَنهُ أَبُو سعيد الجندي مَا رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن عمرَان الْبَصْرِيّ مَا رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن الْحسن من فقه أبي حنيفَة 
وانقضى ذكر من حَقَّقَهُ الرَّازِيّ وَابْن سَمُرَة من فُقَهَاء الْيمن فِي الطَّبَقَة الأولى ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة ثمَّ صَار الْعلم فِي دَرَجَة رَابِعَة إِمَام أَهلهَا أَبُو عُرْوَة معمر بن رَاشد مولده الْبَصْرَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين وبتاريخه ولد مَالك وَالثَّوْري وَكَانَ تَاجِرًا وَهُوَ يرى النَّاس يعظمون الْحسن الْبَصْرِيّ 
وَلما توفّي الْحسن عظم أَسف النَّاس عَلَيْهِ فغبطه معمر على ذَلِك وَسَأَلَ عَن سَببه فَقيل كَونه عَالما فَانْتدبَ لطلب الْعلم وجد فِيهِ وَترك التِّجَارَة وَكَانَ الْعلم فِي الْيمن أشهر من سواهُ وَقد ذكرت قَول أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ لَهُ فِي ذكر ابْن طَاوُوس 
فَلَمَّا قدم الْيمن أَخذ عَن ابْن طَاوُوس وَغَيره كهشام بن عُرْوَة وَقَتَادَة وَإِلَيْهِ قدم السُّفْيانَانِ الثَّوْريّ وَابْن عُيَيْنَة وَابْن الْمُبَارك وَغَيرهم وَعنهُ أَخذ جمَاعَة من الْعلمَاء مِنْهُم عبد الرَّزَّاق وَالْقَاضِي هِشَام وَله كتاب فِي السّنَن مُفِيد يقرب مأخذه وَوَضعه من الْمُوَطَّأ وَمن سنَن أبي قُرَّة وَهُوَ أقدم مِنْهُمَا وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول فُقَهَاء الْعَرَب سِتَّة أفقه السِّتَّة ثَلَاثَة أفقه الثَّلَاثَة معمر 
وَكَانَ معمر لُزُوما للسّنة نفورا عَن ال
ْبِدْعَة لَا يرى السَّيْف على أهل الْقبْلَة وَذكر الرَّازِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْن يُوسُف بن زِيَاد أَنه قَالَ لعبد الرَّزَّاق من الْقَائِل لمعمر وَأَنْتُم فِي صرح الْمَسْجِد يَا أَبَا عُرْوَة إِن النَّاس يَقُولُونَ إِنَّك تصلي خلف هَذَا الظَّالِم يعنون ابْن زَائِدَة وَلَا تَعْتَد بهَا فَقَالَ أَنْت رجل صنعاني يَنْبَغِي لَك أَولا أَن تعرف مذهبي 
(1/123) 

إِنِّي مَا أحب أَن لي ملْء هَذَا الْمَسْجِد ذَهَبا يخرج من شرفاته وتفوتني صَلَاة الْجَمَاعَة قَالَ مُؤَلفه غفر الله لَهُ قَوْله أَنْت رجل صنعاني خرج من معمر على طَرِيق الْإِنْكَار كَمَا قَالَت أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة لامْرَأَة سَأَلتهَا مَا بَال الْحَائِض تُؤمر بِقَضَاء الصَّوْم وَلَا تُؤمر بِقَضَاء الصَّلَاة أحرورية إنت نسبتها إِلَى بلد ظهر مِنْهَا الْخَوَارِج وَمن عاداتهم الصدْق فِي السُّؤَال والإيغال فِي الْمقَال وَكَذَلِكَ صنعاء أول بلد فِي الْيمن أنكر أَهلهَا الصَّلَاة خلف الظلمَة وَأَن من صلى خلف أحد مِنْهُم أعَاد ثَانِيَة وَذَلِكَ الْغَالِب فِيهَا وَفِي نَوَاحِيهَا مُنْذُ أول الْإِسْلَام إِلَى عصرنا سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعمئة وَذَلِكَ أَنهم فِي الْغَالِب لَا يحْضرُون للصَّلَاة وَلَا يأتمون إِلَّا بِمن يتحققون نزاهته عَن الْمعاصِي والنجاسات 
وَالْمذهب الْحق الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة الْإِسْلَام أَن الْمُسلم لَهُ معرفَة الْأَحْكَام فِي جَوَاز الصَّلَاة خلف من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا مَا حُكيَ عَن طَاوُوس وَقد مضى وَوَافَقَهُ على ذَلِك أَئِمَّة الزيدية وَمن قَالَ بقَوْلهمْ وَهُوَ قَول غَالب أهل صنعاء ونواحيها وَقد يخرج من الْبَلَد قَلِيل أما الشَّافِعِيَّة وهم الَّذين يَجْتَمعُونَ للصَّلَاة بالجامع وإسماعيلية وَكَانُوا يَقُولُونَ لكل عَالم هفوة وهفوة طَاوُوس عدم استجازة الصَّلَاة خلف الظلمَة 
وَكَانَت مُدَّة إِقَامَة معمر بِصَنْعَاء عشْرين سنة وَتُوفِّي فِيهَا برمضان سنة ثَلَاث وَخمسين ومئة بذلك أخبر إِبْرَاهِيم بن خَالِد الْمُؤَذّن بِجَامِع صنعاء وَقَالَ صليت عَلَيْهِ وَله ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة 
قَالَ الكاشغري قَالَ مُحَمَّد بن بسطَام وَكَانَ من أفاضل 
(1/124) 

النَّاس رَأَيْت معمرا وَشهِدت جنَازَته وَأعرف قَبره فِي الحقل بخزيمة مَقْبرَة صنعاء وَهُوَ أول من قبر هُنَاكَ فَسَأَلته أَن يذهب معي ليرينيه فَذهب وَأَنا مَعَه وأوقفني بمَكَان دارس على قرب من مَسْجِد عَليّ بن أبي بكر الَّذِي يصلى فِيهِ على الْمَوْتَى المقبورين فِي الْمقْبرَة 
وَأهل الْعرَاق يَزْعمُونَ أَن معمرا مَفْقُود وَلَيْسَ كَذَلِك وَقد عرض ذكر الْحسن الْبَصْرِيّ والسفيانان 
وَالْحسن هُوَ أَبُو سعيد الْحسن بن أبي الْحسن بن يسَار الْبَصْرِيّ بِالْوَلَاءِ ولد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خلَافَة عمر وَكَانَت أمه خادمة لأم سَلمَة زوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا ولد عِنْدهَا أخرجته إِلَى عمر فَدَعَا لَهُ وَقَالَ اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين وحببه إِلَى النَّاس وَكَانَت أمه مَتى راحت تقضي لسيدتها حَاجَة وَبكى جعلت ثديها فِي فَمه تشغله بذلك حَتَّى تَأتي أمه وَرُبمَا درت عَلَيْهِ وَكَانَ النَّاس يرَوْنَ أَن سَبَب بركته من ذَلِك وَكَانَ أنس كثيرا مَا يسْأَل عَن أَمر فَيَقُول اسألوا مَوْلَانَا الْحسن فَإِنَّهُ سمع وَسَمعنَا وَحفظ ونسينا وَكَانَ قَتَادَة الْعَدوي يَقُول الزموا هَذَا الشَّيْخ وَيُشِير إِلَيْهِ فَمَا رَأَيْت أحد أشبه رَأيا بعمر مِنْهُ وَقَالَ أَبُو بردة الْأَشْعَرِيّ وَقد ذكرت أَصْحَاب عمر فَمَا رَأَيْت أحدا أشبههم كَهَذا الشَّيْخ يَعْنِي الْحسن وَقَالَ عَليّ بن زيد أدْركْت عُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب وَيحيى بن جعدة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وسالما وَآخَرين فَلم أر مثله فيهم وَلَو أَن الْحسن أدْرك أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ رجل لاحتاجوا إِلَى رَأْيه رأى ابْن سِيرِين كَأَن الجوزاء تقدّمت الثريا فَقَالَ يَمُوت الْحسن وأموت بعده وَهُوَ أشرف مني فَكَانَ كَمَا قَالَ وَكَانَت وَفَاته بِالْبَصْرَةِ سنة عشر ومئة وَهُوَ ابْن ثَمَان وَثَمَانِينَ سنة وَسَيَأْتِي ذكر السُّفْيانَانِ وَمِنْهُم أَبُو خُلَيْد مُحَمَّد بن ماجان وَيعرف 
(1/125) 

بِصَاحِب معمر وصهره إِذْ تزوج معمر أُخْته أَخذ الْقِرَاءَة عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء حِين قدم صنعاء فَارًّا من الْحجَّاج وَأحب إِيرَاد نبذه من أَحْوَال أبي عَمْرو فَهُوَ أَبُو عَمْرو أختلف فِي اسْمه فَقيل زبان وَقيل الْعُرْيَان وَقيل يحيى وَقيل كنيته أَبُو عمار بن عبد الله بن الْحصين بن الْحَارِث بن جلهم بن خزاعى التَّمِيمِي نسبا كَانَ عَمه عَاملا للحجاج فصادره فهرب وَدخل صنعاء وعدن وَقَالَ كنت لَيْلَة مفكرا فِي حَالي مَعَ الْحجَّاج إِذْ سَمِعت منشدا ... رُبمَا تجزع النُّفُوس من الْأَمر لَهُ فُرْجَة كحل العق
أحد الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين 
قَالَ ابْن عُيَيْنَة مَا رَأَيْت رجلا أعلم بالحلال وَالْحرَام من سُفْيَان وَيُقَال إِن الشَّيْخ الْجُنَيْد كَانَ على مذْهبه وَالأَصَح أَنه كَانَ على مَذْهَب أبي ثَوْر وَقَالَ ابْن الْمُبَارك لَا نعلم على وَجه الأَرْض أعلم من سُفْيَان الثَّوْريّ وَكَانَ رَأس النَّاس فِي زَمَانه وَقَبله الشّعبِيّ وَقَبله ابْن عَبَّاس وَقَبله عمر 
وَمُسْنَده عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي وَالْأَعْمَش وَمن فِي طبقتهما وَسمع مِنْهُ الْأَوْزَاعِيّ وَابْن جريج وَمُحَمّد بن إِسْحَاق وَمَالك 
وَتلك الطَّبَقَة وَكَانَت وَفَاته بِالْبَصْرَةِ متواريا عَن السُّلْطَان وَذَلِكَ سنة إِحْدَى 
(1/129) 

وَسِتِّينَ ومئة فِي خلَافَة الْمهْدي دخل فِي أَيَّام تواريه على جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق فَقَالَ لَهُ يَا سُفْيَان أَيْن تدخل وَالسُّلْطَان يطلبك وَنحن نتوقاه قَالَ حَدثنِي حَتَّى أخرج عَنْك قَالَ حَدثنِي أبي عَن جدي قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنعم الله عَلَيْهِ فليشكر الله وَمن استبطأ الرزق فليستغفر الله وَمن أحزنه أَمر فليكثر من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَدفن عشَاء رَحمَه الله وَلم يعقب وَالثَّوْري بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَبعدهَا وَاو سَاكِنة ثمَّ رَاء ثمَّ يَاء نِسْبَة إِلَى بطن من تَمِيم وَثمّ ثوري آخر إِلَى بطن من بطُون هَمدَان 
وَأما ابْن جريج فَهُوَ أَبُو الْوَلِيد عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْقرشِي بِالْوَلَاءِ الْمَكِّيّ وجريج بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ جِيم أَيْضا وَكَانَ عبدا لآل أم حبيب بنت جُبَير 
مولده سنة ثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ معدودا فِي أَعْيَان عُلَمَاء مَكَّة وَيُقَال إِنَّه أول من صنف الْكتب فِي الْإِسْلَام قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق ابْن جريج مَا دون هَذَا الْعلم تدويني أحد جالست عَمْرو بن دِينَار بَعْدَمَا فرغت من عَطاء سبع سِنِين وَقَالَ لم يغلبني أحد على يسَار عَطاء عشْرين سنة قيل فَمَا مَنعك من يَمِينه قَالَ كَانَت قُرَيْش تغلبني عَلَيْهِ وَدخل أَيْضا الْيمن كسفيان ووفد على ابْن زَائِدَة فَأكْرمه وَأحسن إِلَيْهِ وَكَانَت وَفَاته سنة خمس وَخمسين ومئة 
وَأما همام فقد سبق ذكره فِي أول طبقته 
(
ال 
ثمَّ توفّي عقيب ذَلِك بِالْكُوفَةِ سنة أَربع وَخمسين ومئة 
وَمِنْهُم عبد الله بن كثير الْمقري مولى عبد الله بن السَّائِب المَخْزُومِي وَكَانَت قِرَاءَته على مُجَاهِد بن جُبَير أبي الْحجَّاج بِأَخْذِهِ عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ أقدم الْقُرَّاء السَّبْعَة وَكَانَت وَفَاته بِمَكَّة بعد أَن قَامَ بهَا دهرا وقراءته الْغَالِبَة على أَهلهَا وَذَلِكَ سنة سِتّ وَعشرَة وَقيل بعد عشْرين ومئة 
وَمِنْهُم رَبَاح بن زيد كَانَ ذَا فضل وَدين وَمَعْرِفَة للْقِرَاءَة سجن بَصَره آخر عمره فَكَانَ لَا يزَال وَاضِعا رَأسه على رُكْبَتَيْهِ فَإِذا دخل عَلَيْهِ أحد وَسلم رفع رَأسه إِلَيْهِ وَفتح عَيْنَيْهِ ورد عَلَيْهِ ثمَّ أعَاد رَأسه إِلَى رُكْبَتَيْهِ 
(1/126) 

وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عمر بن مقسم أدْرك أَصْحَاب وهب وَأخذ عَنْهُم وَكَانَ إِمَامًا فِي الْقِرَاءَة 
وَمِنْهُم أَبُو الْأَشْعَث شرَاحِيل بن شُرَحْبِيل بن كُلَيْب بن أزدشير من الْأَبْنَاء نزل أخيرا دمشق وَمَات بهَا وعده الْحَاكِم فِي تَابِعِيّ الْيمن من نَقله الْآثَار 
وَمِنْهُم عَطاء بن مركيوذ وَضبط مركيوذ بِفَتْح الْمِيم وَقيل بخفضها وَسُكُون الرَّاء وَضم الْكَاف وَالْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَسُكُون الْوَاو ثمَّ ذال مُعْجمَة أَيْضا 
قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي طبقاته هُوَ أول من جمع الْقُرْآن يَعْنِي من أهل الْيمن وَأما الرَّازِيّ فَقَالَ أول من جمع الْقُرْآن بِصَنْعَاء أَبُو شرِيف العابد واسْمه عبد الله بن بريد كَانَ عابدا محققا وَكَانَ معاصرا لوهب بن مُنَبّه روى الرَّازِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنهُ أَنه قَالَ رَأَيْت لَيْلَة الْقدر مرَّتَيْنِ مرّة بِمَسْجِد صنعاء وَأُخْرَى بِمَكَّة 
فَقيل لَهُ أَي لَيْلَة رَأَيْتهَا فَقَالَ لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين من الْعَام الأول وَفِي الثَّانِي لَيْلَة أَربع وَعشْرين فَقيل أَي سَاعَة من اللَّيْل فَقَالَ فِي الثُّلُث الْأَوْسَط قيل كَيفَ رَأَيْتهَا قَالَ رَأَيْت السَّمَاء منفرجة وَدخل عَلَيْهِ سامك وَلم يكن بِدُونِهِ فِي الْعِبَادَة فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو شرِيف أحَدثك بِشَيْء إِن قُمْت من مرضِي هَذَا فَلَا أحب أَن تذكره وَإِن مت فافعل مَا شِئْت خطر ببالي ذكر الْحور الْعين وَسَأَلت الله أَن يزوجني مِنْهُنَّ وَكنت مغطيا رَأْسِي فَكشفت عَنهُ فَإِذا عِنْد وِسَادَتِي مِنْهُنَّ وَاحِدَة فكلمتني وكلمتها 
(1/127) 

قَالَ الرَّازِيّ وَرَأى رجل من أهل صنعاء ملكَيْنِ قد نزلا من السَّمَاء على صنعاء خَاصَّة فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر أُرِيد أخسف بِهَذِهِ الْبَلدة فَقَالَ وَكَيف تخسف بهَا وَبهَا أَبُو شرِيف ووهب بن مُنَبّه 
وَمِنْهُم زِيَاد سميركوش أَي قصير الْأذن عده مُسلم فِي تَابِعِيّ الْيمن 
وَمِنْهُم إِسْمَاعِيل بن شروس لَقِي أَصْحَاب ابْن عَبَّاس كوهب وَعَطَاء وَعِكْرِمَة ثمَّ صَار الْعلم إِلَى طبقَة خَامِسَة يَنْبَغِي أَن نبدأ من أَهلهَا بِالْإِمَامِ المرحول إِلَيْهِ من الْآفَاق وَهُوَ أَبُو بكر عبد الرَّزَّاق بن همام بن نَافِع الْحِمْيَرِي بِالْوَلَاءِ قَالَ الرَّازِيّ هُوَ مولى المغيثيين وهم قوم يسكنون بَلَدا يُقَال لَهَا دروان من مخلاف ذمار ينسبون إِلَى ذِي مغيث بن ذِي الثوجم الْأَوْزَاعِيّ ثمَّ الْهَمدَانِي مولده سنة سِتّ وَعشْرين ومئة تفقه بِمَعْمَر وَأخذ عَن همام بن مُنَبّه وَعَن عبد الله بن عِيسَى الجندي مقدم الذّكر وسُفْيَان الثَّوْريّ وَابْن جريج وَأدْركَ ابْن طَاوُوس وَهُوَ ابْن عشر سِنِين فَيُقَال إِنَّه أَخذ عَنهُ وَإِلَيْهِ قدم ابْن رَاهَوَيْه وَأحمد بن حَنْبَل وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين قَالَ الْحَافِظ فِي حَقه لم يرحل إِلَى أحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طلب الْعلم كَمَا رَحل إِلَى عبد الرَّزَّاق وَله تصنيف أَخذه عَنهُ الإِمَام أَيْضا وَأحمد وَهُوَ مَوْجُود بِبَغْدَاد من 
(1/128) 

الْحَنَابِلَة وَله تارخ أَيْضا أَخذه عَنهُ الإِمَام أَيْضا وَأَخذه غَيره عدَّة مفرقات وَهُوَ أحد أَئِمَّة الْأَمْصَار الْمَعْدُودين توفّي بِصَنْعَاء غَالِبا سنة اثْنَتَيْ عشرَة ومئتين
وَقد عرض مَعَ ذكره جمَاعَة من أَعْيَان النَّاس الْعلمَاء فأذكر من أَحْوَالهم بعض مَا صَحَّ مَعَ ذكر تواريخهم فَمنهمْ همام وسُفْيَان وَابْن جريج أحد من أَخذ عَنْهُم 
فسفيان هُوَ أَبُو عبد الله سُفْيَان بن شُعْبَة بن مَسْرُوق بن حبيب بن رَافع بن عبد الله بن موهبة بن منقذ بن نصر بن الحكم بن الْحُوَيْرِث بن مَالك بن ملكان بن ثَوْر بن عبد مَنَاة الثَّوْريّ نِسْبَة إِلَى جده هَذَا ثَوْر 
مولده سنة خمس وَقيل سبع وَسِتِّينَ من الْهِجْرَة مَعْدُود من أكَابِر الْأَئِمَّة من أهل الْأَمْصَار على الْعُمُوم وَمن أهل الْكُوفَة على الْخُصُوص وَيُقَال لَهُ الْكُوفِي أَيْضا لِأَنَّهَا بِلَاده ومنشأه أجمع النَّاس على دينه وورعه وزهده وثقته وَهُوَ
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الإدريسي
محمد بن علي بن محمد ابن السيد أحمد ابن إِدْرِيسالمعروف بـ الإِدْرِيسي

 (1293 - 1341 هـ / 1876 - 1923م) مؤسس دولة الأدارسة في صبيا، تهامة بالجزيرة العربية. أصله من فاس، ينتسب إلى إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب[] اللذي أسس دولة الأدارسة في المغرب. أقام جده السيد أحمد في صبيا، فولد الإدريسي فيها

حياته

تعلم في الأزهر وجراء اضطراب الامور في تهامة في أواخر العهد العثماني بايعه عدد من أعيان المخلاف السليماني ثم نشر في صبيا طريقة جده أحمد بن إدريس فاتبعه كثيرون ثم حاصر الوالي التركي في أبو عريش الشريف أحمد الخواجي من زعماء أبو عريش، فقطع يديه إلى الرسغين (حد الحرابه)، عقب استيلائه على صبيا سنة 1327 هـ فجهزت حكومة الترك الجيوش لقتاله، فلم تفلح. امتلك المخلاف السليماني .

لما نشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 اتفق معالإنكليز واحتفظ بعلاقته مع جيرانه الطليان. واستولى بعد الحرب على الحديدة، وتعاقد مع الملك عبد العزيز آل سعود على تأمين مصالح الجانبين. وكان بين خصمين قويين، الإمام يحيى في اليمن، والشريف حسين بن عليفي الحجاز. واستمر في حكمه إلى أن توفي. وكان مدبراً حكيماً شجاعاً خطيباً.

تاريخ

أسس محمد بن أحمد الإدريسي إمارة عرفت بإمارة الأدارسة في منطقة جازان أو ما يعرف بمنطقة المخلاف السليماني في ثلاثينيات القرن التاسع عشر الميلادي وقد توسعت حتى إلى الحديدة كانت دولة ناشئة تعتمد على جيش من القبائل وعاصمتها صبيا ومينائها مدينةجازان.

وقد حاول محمد بن علي بن محمد بن أحمد الإدريسي تقوية الإمارة خاصة بعد أن أدرك أن كلاً من الشريف حسين بن علي ـ شريف مكة ـ والإمام يحيى حميد الدينـ إمام اليمن ـ كانت لهم أطماع في ضمها. وكي يحافظ السيد محمد بن علي الإدريسي على إمارته اتصل بعبدالعزيز آل سعود، سلطان سلطنة نجد وملحقاتها، وطلب منه العون والدعم خاصة وأن سلطان نجد وملحقاتها كان على علاقة غير جيدة مع شريف مكة وإمام اليمن ويهمه أمر المنطقة الإدريسية المجاورة لحدوده. وجد الإدريسي الدعم من سلطان نجد وملحقاته واستمر منيع الجانب حتى وفاته عام 1923م.

اضطربت الإمارة الإدريسية بعد وفاة السيد محمد بن علي الإدريسي مما دعا الحسن بن علي الإدريسي إلى توقيع معاهدة مع الملك عبد العزيز عام 1345 هـ(الموافق 1926 م) عرفت باسم معاهدة الإنضمام الخاصة بالإمارة الإدريسية تم بموجبها وضع ما بقي من إمارة الإدريسي تحت حماية مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها. فاحتفظ الملك عبد العزيز آل سعود بموجب تلك المعاهدة بالشؤون الخارجية للمقاطعة الإدريسية، تاركًا الشؤون الداخلية للحسن الإدريسي يتصرف في إدارتها المحلية، ويساعده مندوب للملك عبدالعزيز. لكن الإدريسي قرر استعادة نفوذه، والإستقلال من جديد بمقاطعته عن مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، فأرسل الملك عبد العزيز آل سعود حملة عسكرية إلى صبيا، لم يستطع الحسن الإدريسي مقاومتها، فرحل مع بعض أهله وأقاربه إلى اليمن. والبعض منهم بقي وبعد مغادرة الإمام الحسن بن علي الادريسي جازان أعلن الملك عبد العزيز اسم المملكة العربية السعودية على ارجاء المملكة موحدا بذلك ارجاء الدولة الحديثة، بعد أن كان يطلق عليها اسم (سلطنة نجد وملحقاتها) وبعد ضم الحجازأصبحت (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) وبعد ضم دولة الادارسة (جازان) أصبحت (المملكة العربية السعودية