اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#ibn_aden

#ذاكرة_التاريخ

في مثل هذا اليوم 18كانون الثاني يناير من عام 1839 للميلاد كانت ثلاث سفن حربية تابعة لسلاح البحرية الملكية و هي فولياج و ماهي و كوت ، تراقب عن كثب تحركات جنود السلطان محسن فضل العبدلي و تحصي تحصيناتهم حصناً حصنا و بفارق الصبر لحظة ساعة الصفر، و تقترب من ساحل عدن ببطئ شديد من كل الاتجاهات ... صيرة و الخليج الامامي و حقات و راس معاشيق ....

و في الساعة التاسعة والنصف من صباح 19 كانون الثاني يناير سنة 1839م تقدمت السفينة الحربية فولياج ببطئ شديد صوب قلعة صيرة أقوى مراكز الدفاعات الساحلية ، وبعد عشر دقائق تقدمت السفينة الحريبة كوت نحو موقعها، أما السفينة الحربية ماهي فقد وجهت فوهات مدافعها صوب حقات .. وفي لحظة واحدة انطلقت القنابل تزأر من أفواه المدافع
وصمتت مدفعية الدفاعات الساحل وتساقطت أبراجها على الأرض، وتفرق الجنود المدافعون عن صيرة وبقوا في حماية قلعة صيرة مستعدين لإطلاق نيران بنادقهم على الانزال البحري لجنود من الجيش الملكي
ولفت سفينة ماهي حول صيرة واقتربت حتى صارت على بعد نحو ثلاثين متراً وقُبلت بطلاق نار من مدفعية دفاعات صيرة حتى أهتزت (ماهي) ولكنها لم تصب باذى، بل ردت على النيران بنيران شديدة مركزة فدكت تحصينات صيرة واضطرجنود السلطان محسن فضل العبدلي إلى التقهقر وهم يطلقون رصاص بنادقهم
وأخذت السفن كوت وفولياج و ماهي تطلق القنابل والرصاص بقوة وسرعه حتى خشى الجنود أن يظهروا انفسهم فاختفوا وراء الصخور
وفي الساعة الثانية عشر إلا ربع غادر الجنود السفن ونزلوا إلى الشاطىء، ولم يقابلوا سوى مقاومة ضعيفة، وفي الساعة الثانية عشر إلا خمس دقائق استولى جنود السفينة (كوت) على قلعة صيرة وأسروا مائة وتسعة وثلاثين جندي من جنود السلطان المختبين فيها، وفي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر ارتفع العلم البريطاني على دار السلطان محسن فضل العبدلي الذي فر مع ابنائه وحاشيته والأعيانه وكثير من السكان إلى لحج
وبلغ عدد الضحايا المواجهة خمسة عشر جنديا انجليزياً قتيلاً وجريحاً ومائة وخمسين من جنود العبدلي قتيلا وجريحا.

تحيات جمال الدين عمر
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
مفردات من اللهجة التهامية
ذكرت في القرآن الكريم

1- ((هب لي)) :
بمعنى أعطني :
قال تعالى (( ربي هب لي ملكاً ))

2- ((بًتكه))
بمعنى كسر الشيئ :
قال تعالى ((فليبتكن آذان الأنعام))

3- ((دَسْة))
بمعنى أخفى الأمر :
قال تعالى ((وقد خاب من دساها ))

4- ((زُح))
بمعنى إبتعد :
قال تعالى (( ومن زحزح عن النار وأدخل الجنة ))

5- ((يغتسل))
بمعنى يتطهر بالماء :
قال تعالى ((هذا مغتسل بارد وشراب))

6- ((الطمس))
تغطية الشيئ وإخفاءة :
قال تعالى ((ولو نشاء لطمسنا على أعينهم ))

7- ((سرى))
هو الذهاب في الليل :
قال تعالى (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً))

8- ((أتى))
بمعنى حضر :
قال تعالى ((أتى أمر الله فلا تستعجلوه ))

9- ((أبى))
بمعنى إمتنع ورفض :
قال تعالى (( أبى واستكبر ))
10- ((اركض))
بمعنى الجري :
قال تعالى ( إركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب))

11- ((يغرف))
بمعنى الأخذ من الشيئ :
قال تعالى (( إلا من اغترف غرفةً بيده ))

12- ((غلق))
بمعنى اُقفل الشي :
قال تعالى (( وغلقت الأبواب وقالت هيت لك))

13- أسكب :
بمعنى املئ الفنجان
قال تعالى (وماء مسكوب وفاكهة كثيرة ))

14- صُب :
بمعنى املئ الفنجان
قال تعالى ( وصببنا الماء صبا ))

15- ((يشق))
بمعنى حرث الارض :
قال تعالى ((وشقننا الأرض شقا))

16- ((يقرن))
بمعنى ربط كل إثنين مع بعض :
قال تعالى ( مقرنين في الأصفاد ))

17- ((يقطف))
بمعنى يجنى الثمار
قال تعالى (( قطوفها دانية ))

18- ((كبة)) :
ضع الشيئ على وجهه :
قال تعالى (( فكبكوا فيها ))

19- ((غاوي))
يعني أضاع الطريق :
قال تعالى ((فكبكوا فيها هم والغاوون ))

20- ((تكنن)) :
أي تدفئ أو إختبى :
قال تعالى ((والجبال أكنانا ))

21- ((يكيل))
أي يزن
قال تعالى ((وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ))

22- ((تلظى))
بمعنى تلتهب :
قال تعالى (فأنذرتكم نار تلظى))

23- ((مزقه))
أي تقطيع الشيئ
قال تعالى (( ومزقناهم كل ممزق ))

24- ((هجع)) :
بمعنى إرتاح
قال تعالى ((قليلاً من الليل ما يهجعون ))

25- ((الوضين)) :
هو نظم الشي وتزيينه
قال تعالى ((على سرر موضونة ))

26- ((خالي))
بمعنى فارغ
قال تعالى ((كلوا واشربوا هنيئآ بما أسلفتم في الأيام الخالية))

27- تلهى
بمعنى يلعب
قال تعالى (( فأنت عنة تلهى ))

28- ((الحبك))
بمعنى شد الشيئ وأحكمة وزينه :
قال تعالى (( والسماء ذات الحبك ))

29- ((دحاه ))
بمعنى تسوية الشيئ :
قال تعالى (( والأرض بعد ذلك دحاها ))

30- ((سَقّى))
هو الري بالماء
قال تعالى (( فسقى لهما ثم
تولى إلى الظل ))

31- ((سَكّرت))
بمعنى أغلقت أو قفلت
قال تعالى ( لقالوا إنما سكرت أبصارنا ))
.

من حائط
نشرة
الاخ
عبدالرحمن الحشيبري
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#النعمان احمد محمد
تمرد على الإمام وكفر بعبد الناصر

*قراءة في مذكرات الأستاذ أحمد محمد نعمان
*” فوجئنا بقيام الثورة ” وظهور عبد الرحمن البيضاني الذي خطف في ليلة كفاح الأحرار وتضحياتهم من عهد الإمام يحيى

لعب الأستاذ أحمد محمد نعمان دوراٍ أساسياٍ في تاريخ اليمن الحديث فالجهد التحديثي الذي ساهم في ولادة النظام الجمهوري عام 1962م مدين للنعمان بالكثير.. لقد كان أول عمل سياسي قام به من اختار له التاريخ صفة أستاذ هو تأسيس مدرسة كأسلوب للتأكيد على أهمية التعليم في العملية الثورية وفي التنمية .
لا يمكن الحديث عن ثورة الـ 26 من سبتمبر دون التطرق إلى دور الأستاذ النعمان فاستبعاد النعمان أو التقليل من دوره النضالي والتنويري في اليمن منذ ثلاثينيات القرن الماضي هو الجحود الذي لا يصدر إلاّ من جاهل أو عاق أو أناني مريض .. لقد قيل الكثير عن النعمان وأدواره ومواقفه بينما ظل الأستاذ النعمان صامتا طوال عقود إلى أن صدرت مذكراته عام 2004م والتي جاءت لتوضح الكثير من الحقائق والملابسات في مسيرة الثورة ومحطاتها المختلفة ومن خلالها يمكن التعرف على شخصية النعمان ومواقفه الحقيقية كواحد من الطلائع الأفذاذ في تاريخ اليمن الحديث .

التعليم أولا
بدأ حياته العلمية في زبيد وبعد سبع سنوات من الدراسة أدرك أن المنهج الذي درسه جامد ولا يمكن أن يعمل على تطوير الوطن والإنسان أو الاعتماد عليه في إحداث التغيير وبدأ بالتمرد على مدرسة زبيد نفسها قبل أن يعود إلى قريته في ذبحان ويعمل على تأسيس مدرسة ومكتبة ساهمت في إحداث ثورة ثقافية في ذبحان والنواحي المجاورة لها من قضاء الحجرية.
وعندما زار الأمير القاسم نجل الإمام يحيى ذبحان ومعه الأمير علي الوزير في عام 1935م قال : ” ذبحان هذه قد تتحول إلى لبنان ـ في إشارة إلى تعدد التيارات الفكرية والثقافية في لبنان وانفصالها عن سوريا ـ وقد أحدث ذلك قلقا للنظام الإمامي الذي وجه بعدها باستبدال المدرسين وفي عام 1936م توجه النعمان للحج ومن هناك سافر إلى مصر والتحق بالأزهر الذي كان يعتبره مجرد مأوى فقط وهناك تعرف على العديد من رجال الصحافة والفكر المصريين والعرب ونمت عنده روح المعارضة للاستبداد والعزلة التي تعيشها اليمن .
وحين علم بإبعاد علي الوزير من ولاية تعز واستبداله بالأمير أحمد ” الإمام في ما بعد ” شعر النعمان بأمل في التغيير والإصلاح نظرا لقربه من الأمير أحمد الذي كانت تربطه به علاقة جيدة وكانا على تواصل مستمر أثناء دراسته بمصر وقد استمرت علاقة الود والاحترام بينهما خلال الفترات اللاحقة رغم اختلاف المواقف كان الإمام أحمد يجل النعمان ويقربه منه ويدعوه بالأستاذ وكان يقول : إذا كان البدر عيني اليمين فإن النعمان عيني اليسار بينما كانت علاقة النعمان بالأمير السابق علي الوزير سيئة على الدوام وكان النعمان يرى الأمير الوزير عقبة في سبيل الإصلاح وسببا رئيسيا في كثير من المظالم التي تحدث في تعز.
عاد النعمان إلى اليمن مطلع الأربعينيات وتولى إدارة المعارف في تعز وبعد ثلاث سنوات أيقن أن آماله لا تزال بعيدة فغادر تعز إلى عدن وهناك بدأ مع رفاقه مرحلة جديدة من المعارضة في إطار ” الجمعية اليمنية ” وجريدة صوت اليمن .
عندما قامت ثورة 1948م كان النعمان ورفيقه الزبيري قد أسسا الجمعية اليمنية في عدن وكانت على صلة بالمعارضة في الشمال تمكن الزبيري من الفرار إلى باكستان بينما اعتقل النعمان في ذمار وهو في طريقه إلى صنعاء ونقل مع آخرين إلى سجن حجة وهناك التقى عمه عبد الوهاب نعمان ” شقيق والده ووالد زوجته ” الذي كان سجينا منذ 27 سنة وبعد 4 أشهر نقل من سجن نافع إلى القاهرة ليلتقي أخاه الأكبر ” علي محمد نعمان ” الذي كان سجينا منذ أربع سنوات لأن الإمام سجن معظم أفراد عائلته عندما فر إلى عدن في 1943م.

مرحلة مراجعة
بعد عام 1948م شعر النعمان ورفيقه الزبيري بالحاجة إلى مراجعة الكثير من المفاهيم السياسية والفكرية والقومية التي كانت سائدة في تلك الفترة وقد كان التخاذل العربي لمؤازرة ثورة 48 في اليمن والنكبة التي ضاعت فيها فلسطين سببين رئيسيين كي يعيدا النظر في مواقفهما .. وقد صور الزبيري موقفه من كل ذلك في رسالة بعثها من باكستان إلى رفيقه النعمان في سجنه أواخر الأربعينيات وقد جاء فيها :
” إن تفكيرنا من أساسه كان من سوق السياسة العربية بما فيها من جمعيات وأحزاب وصحف ومحاضرات وزعماء ودجالين ممن أفسدتهم ولوثت ضمائرهم الخصومات والأغراض والمتاجرة السياسية بمصائر الشعوب لقد تقبلنا منهم كل شيء وتحمسنا له .. وحملنا أنفسنا وعائلاتنا ما لم يستطع أحد تحمله سوانا .. وقد تبين لنا في ما بعد أن تلك السوق السياسية موبوءة دنسة خبيثة ..”
ويمضي الزبيري في رسالته للنعمان قائلا :
” إن هذه السوق هي التي أضاعت فلسطين .. ولما سكنت المعركة بين العرب واليهود انقلبت إلى حرب أعصاب بين العرب أنفسهم كل يتهم الآخر ويتهمه ويتربص به وكان من أثر ذلك أن حدث في سوريا وهي من أنضج البلاد العربية
ثلاثة انقلابات في أقل من عام .. ” .
رسالة الزبيري التي أوردها النعمان في مذكراته التي سجلها في بيروت عام 1969م أضاف عليها : ” وأنا اليوم أقول للإرياني ـ رئيس المجلس الجمهوري حينها ـ : هذه هي الصورة التي رسمها الزبيري قبل ” 20سنة ” ولم تتغير كثيرا إلا في أن السوق السوداء الجديدة أضاعت إلى جانب فلسطين أجزاء غالية من مصر وسوريا والأردن وهوت بالأمة العربية إلى الحضيض وجللتها بالعار كما أن الانقلابات في سوريا قد وصلت إلى 17 لا إلى ثلاثة فقط .”
تأثير الثورة المصرية
ومع قيام الثورة المصرية عام 1952م كان الزبيري قد انتقل إلى مصر وسمح له بتأسيس ” الاتحاد اليمني ” والحديث من صوت العرب وكان يحث رفيقه النعمان على الخروج .. أشعلت الثورة المصرية هواجس الإمام فتراجع حماسه عن الاستمرار في الإصلاحات التي كان قد سمح بها كما أحدثت الثورة المصرية هزة عنيفة للشارع العربي.
ويصف النعمان الوضع بقوله “: نسينا أن العرب يتاجرون بالشعوب قلنا لا شك في أن العرب الآن قد تغيروا وجاءت فلسفة الثورة لعبد الناصر لتدغدغنا وتضرب على الوتر الحساس .. ويضيف : كنت دائما ألهج بعبد الناصر وأنه الذي سيصلح العرب وكنت أفكر دائما كيف يمكنني أن ألقاه ..”
رهانات النعمان في التغيير
كان النعمان يدرك الواقع عن تجربة وخبرة ومعرفة حقيقية بمعاناة الناس وفهم لسيكلوجية الحاكم والمحكوم كما كان النعمان يستشرف المستقبل بعين المتبصر الحكيم والمسؤول .
لم يكن شكل النظام ” ملكياٍ أو جمهورياٍ ” يعنيه بقدر ما يعنيه تغيير الأوضاع التي يعيشها الناس وكان على ثقة من أن تحسين أوضاع الناس التعليمية والصحية والاقتصادية ستؤدي في النهاية إلى الأهداف المرجوة .
كان النعمان يدرك أن الشعب ـ وعلى الرغم من المعاناة التي يعيشها ـ ليس مهيأ لتقبل الثورة ولا يمكن الاعتماد عليه كحاضنة شعبية لحركة تعارض نظام الإمام ولذلك لم يكن يرى في محاولات اغتيال الإمام أو التمردات القبلية ولا في الانقلابات العسكرية حلا لمعاناة اليمنيين وكان الأستاذ يراهن في عملية التغيير على عاملين اثنين الأول : التغيير من الداخل عبر النظام نفسه من خلال استجابته للضغوط والنصح وقد كان ينطلق في ذلك من ثقافته الاجتماعية والدينية ” الدين النصيحة ” ويستدل بذلك على انتشار الإسلام وهداية عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وقد كانا من كبار الكفار في الجاهلية فكيف بالإمام الذي يعرف القرآن والسنة وقد كان يرى في البدر ـ الذي تتلمذ على يديه ـ أملا في التغيير المنشود .
فيما كان العامل الثاني يتمثل في نشر التعليم وزيادة وعي الناس وقد أولى النعمان هذا العامل جْل اهتمامه بداية من تأسيسه مدرسة ذبحان ثم إشرافه على التعليم في تعز بتوليه إدارة المعارف في اللواء بعد عودته من مصر مطلع الأربعينيات وإشرافه على التعليم في حجة عندما كان نزيلا في سجن القلعة والذي تم بإلحاح من شخصيات مقربة من الإمام وقد كلف بالإشراف ووضع مناهج الدراسة التي تضمنت مادة اللغة الإنجليزية والرياضة البدنية والكشافة وتم الاستعانة بمدرسين عرب ثم تأسيس كلية بلقيس في عدن مطلع الستينيات .
وخلال إقامته في عدن ـ سواء قبل 48 أو بعدها ـ كان شديد الحرص على تعليم أبناء الشمال الذين كان عددهم يتجاوز مائة ألف شخص .. وفي القاهرة لم يكن النعمان يألو جهدا في سبيل إلحاق اليمنيين في الجامعات والمعاهد المصرية والمساعدة في حصولهم على المنح الدراسية التي تكفل لهم الاستقرار أثناء دراستهم .
النعمان وتعليم المغتربين
وفي عام 1960م قام بجولة في بلدان المغرب العربي ـ تونس الجزائر ليبيا والمغرب ـ وحث الجاليات اليمنية هناك على أهمية تعليم أبنائهم ليعودوا إلى وطنهم بشيء من الثقافة والمعرفة .
وعن زيارته إلى بريطانيا يقول الأستاذ النعمان في مذكراته : وجدت اليمنيين عبارة عن عمال غير متعلمين يعملون على الآلات وهم يجهلونها ويتعرضون للأخطار والإصابات وتبتر أيدي البعض في تلك المصانع فلفتنا نظرهم إلى أهمية التعليم وقد جعلني ذلك اقتنع اقتناعا تاماٍ بأنه لا سبيل لتحرير بلادنا إلا بالعلم.
ويضيف النعمان : عدت من جولتي تلك إلى عدن وليس إلى مصر فاستقبلني اليمنيون وانتظروا مني أن أعمل على تنشيط حركة الأحرار من جديد وجدت مجموعة عندهم روح ثورية فقلت لهم دعونا من كل شيء العلم ولا سبيل غير العلم طريقنا الآن تعليم اليمنيين.
النعمان وكلية بلقيس
وقد أورد محمد عبد الواسع الأصبحي في مذكراته مقتطفات من كلمة الأستاذ النعمان التي ألقاها بعدن عام 1960م ـ بعد عودته من بريطانيا ـ بحضور عدد من رموز المعارضة الوطنية وجاء فيها : .. لا سبيل لنا إلا العلم .. عندما يتعلم هذا الشعب سوف يكون هناك تغيير أما الآن بدون تعليم ولا إدارات ولا طرقات ولا مدارس ولا مستشفيات فكيف سيحصل التغيير? وأضاف : لا فائدة .. يجب أن يتثقف هذا الشعب.. يجب أن يتثقف اليمنيون..عندنا طلبة يدرسون في الخارج ولكن هذا لا يكفي ..أما في هذه المستعمرة عدن فمحرم على طلاب اليمن من الشمال دخول
كلياتها ومدارسها البريطانية .. لا بد من العلم ..لا بد من العلم.. العلم..العلم .
كان هذا الحديث بعد فشل عملية اغتيال الإمام أحمد التي كان سعيد إبليس ينوي تنفيذها في السخنة وفرار المشايخ من خولان إلى عدن بعد تمرد لقبائل خولان وقد شكل ذلك الخطاب بداية الحملة التي قادها النعمان لتأسيس كلية بلقيس في عدن التي استوعبت أكثر من 4 آلاف طالب في سنواتها الأولى مع أن ذلك الاجتماع الذي تم في عدن كان يراد له البحث في جمع التبرعات لدعم تمرد خولان .
الأستاذ والطلاب
في مطلع الستينيات نشبت الخلافات بين عبد الناصر والإمام أحمد بعد فترة من العلاقات الجيدة بين الطرفين وهي الفترة التي تلت انضمام اليمن لاتحاد الدول العربية مع الجمهورية العربية المتحدة وقد حاول المصريون توظيف معارضة النعمان والزبيري في معركتهم مع الإمام عبر برامج إذاعة صوت العرب ولكنهما رفضا أن يتم استغلالهما كأبواق يحركها الآخرون متى ما أرادوا وقد وجد المصريون في البيضاني بديلا جاهزا لتلك المهمة .
وطيلة بقائه في القاهرة حافظ النعمان على استقلالية قراراته وثبات مواقفه فيما ظل المصريون يبحثون بين ” الطلاب ” اليمنيين عن أدوات بديلة طيعة . وفي مذكراته يتحدث النعمان بمرارة عن تنكر بعض أولئك الذين ساعدهم وحفزهم على التعليم فتنكروا له لاحقا ولم يتردد بعضهم في تخوينه وقد ظل النعمان يطلق عليهم اسم ” الطلاب ” حتى بعد تخرجهم من الجامعات والكليات العسكرية وتبوئهم مناصب قيادية في حكومة الثورة.
كان النعمان شديد الاعتزاز بنفسه واثقا في قدراته وكانت نزعته الوطنية الاستقلالية تحول دون أن يكون جزءاً تابعا لسياسة هذه الدولة أو أيدلوجية سياسية فكرية محددة .. إذ لم يكن مؤمنا بالحزبية كوسيلة لحل القضايا والمشكلات اليمنية في إطارها وكان يرى من يسميهم ” الطلاب ” والذين توزعوا في أحزاب متعددة ـ ناصرية بعثية اشتراكية ـ بأنهم مفرطون في الشعارات و ” عبادة الأوثان ” على حساب القضية الوطنية اليمنية .
خلاف النعمان مع المصريين
بعد إلغاء عبد الناصر لاتحاد الدول العربية ” وهو الإتحاد الذي كان يِحْدْ من نشاط المعارضة اليمنية في مصر ” أبدى النعمان والزبيري استعدادهما للتحدث عبر صوت العرب أو إعادة إصدار صوت اليمن ولكن القيادة فضلت بقاءهما بعيدا في حين تزايد نشاط البيضاني في صوت العرب واشتدت الحملات الموجهة ضد الإمام وكان اليمنيون يتساءلون : أين الزبيري أين النعمان ؟
ويمضي النعمان في مذكراته قائلا ” أخذوا يقومون بأعمال دون إشراكنا وتمت مهاجمتنا من صوت العرب وسمونا بالأحرار القدامى الذين يدعون إلى العقل والحكمة ويرفضون حماس الشباب وجنون الشباب.. صبرنا على ذلك وإذا بنا نفاجأ بثورة 26 سبتمبر وكل ما كان للأحرار من مشاعر ومكتسبات تبناها البيضاني وكما كان عبد الناصر يقول البعثيون سرقوا شرف الكفاح والنضال العربي فإذا بعبد الرحمن البيضاني يخطف في ليلة كفاح الأحرار وتضحياتهم من عهد الإمام يحيى .. قامت الثورة فإذا بالبيضاني صدرها وأمها وأبوها.”
وبعد شهر ونصف من قيام الثورة حاول النعمان لفت نظر عبد الناصر إلى بعض المشاكل والأخطاء في التعامل مع الثورة التي قد تؤدي إلى الإضرار باليمن ومصر وسمعة عبد الناصر ـ وكان لا يزال واثقا فيه ـ عندما لاحظ أن القيادة المصرية تعتمد على ” شخصيات محددة ” وفي رسالة وجهها النعمان لعبد الناصر في 14 نوفمبر 62م وصف النعمان ” البيضاني والشلة التي تحكم اليمن باسم الجمهورية ” بأنها أسوأ من الشلة التي كان الإمام أحمد يحكم بها اليمن وأبدى النعمان في رسالته لعبد الناصر انزعاجه وعدم رضاه عن الاعتماد على السادات وعبد الحكيم عامر في إدارة ملف اليمن .. وبعد أسبوعين استدعي النعمان إلى مكتب السادات ليفاجأ برسالته التي بعثها لعبد الناصر بين يدي السادات وبعد ذلك فقد النعمان أمله في القيادة المصرية وتزايدت هوة الخلافات بينه والمصريين .
معركة مصرية ـ سعودية
ومثلما فوجئ النعمان بالثورة فوجئ أيضا بحجم الدعم والتدخل العسكري المصري الذي كان ـ بحسب النعمان ـ يتنافى مع أفكار ومبادئ عبد الناصر التي كان يعلنها في مواقفه ويلتزمها في سياساته مع الدول العربية الأخرى .. ومع تزايد أعداد القوات المصرية وتفاقم المشكلة في اليمن أدرك النعمان أن اليمن بات ساحة لمعركة مصرية ـ سعودية ولذلك قدم اقتراحه لقادة الثورة في صنعاء بالتوجه إلى السعودية وطلب اعترافها بالجمهورية مقابل انسحاب القوات المصرية من اليمن .
رفض الجمهوريون وحلفاؤهم المصريون مقترح النعمان واتهموه بمحاولة إعادة البدر وتم إبعاده إلى مصر كمندوب لليمن في الجامعة العربية .. وبعد نحو ثمان سنوات وأكثر من 200 ألف قتيل توصل الجمهوريون والسعوديون والمصريون إلى الحل الذي اقترحه النعمان قبل 8 سنوات واتهم على إثره بالخيانة والعمالة والرجعية
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#التربة مدينة  .. بملامح تركية وأخرى زيدية

البناء الحديث في مدينة التربة(120كم جنوب تعز) يتوغل في القرى المحيطة بها ذبحان وشرجب والاصابح وبني غازي, ومقابل التماسك الاجتماعي للقرى المحمية بزواج الأقارب تبدو التربة مدينة متنوعة اجتماعيا.

يقول قاضي الحجرية الأسبق احمد الوزير أن التربة ورثت تنوعا مبكرا وهو تنوع لم يتطور مع حركة الزمن لكنه أبقاها على تميز.

شهدت عائلة الوزير التي قدمت إلى التربة في عهد الإمام يحي بن حميد الدين قبل ما يقارب قرن من الزمان جانب من التطور الاجتماعي الذي شهدته التربة, لكن عائلة يعقوب ذات الأصول التركية تقدم التربة كمدينة أسسها الأتراك هروبا من الملا ريا التي كانت تفتك بالجنود الأتراك في المناطق المنخفضة.

وتشير البيانات الجغرافية والسكانية الرسمية إلى ارتفاع مدينة التربة 1200متر عن مستوى سطح البحر ولا تزيد درجة الحرارة فيها عن 30 درجة مئوية في الصيف ولا تقل عن 15 درجة مئوية في الشتاء.

ووفقا للرسام التشكيلي أنور يعقوب الذي ينحدر من عائلة تركية  فقد جاء اسم التربة من تربة ضريح صوفي اسمه عمر الطيار ويرقد في وسط المدينة حيث شيد مسجدا بأسمه.

يقول يعقوب أن التربة حتى عشرينيات القرن الماضي لم يكن قد سكنها سوى عائلات قليلة  ذات وظائف سياسية ودينية  وأخرى حرفية.

يضيف يعقوب : " عائلات النعمان ويعقوب والمنصوب تنامت حضورها الاجتماعي لارتباطها بالإدارة والدين والمال والسياسة  ضمن نفوذ الأنظمة المتعاقبة".

في المقابل هناك عائلات أخرى احترفت المهن والحرف بأشكالها المتعددة وشكلت إلى جانب عائلات النفوذ الديني والسياسي والمالي النسيج الاجتماع المتنوع لمدينة التربة.

ويعتقد يعقوب أن التربة أصبحت خليطا متعددا لأسر تعددت ألقابها وحرفها ووظائفها فألى جانب القاب الدبعي والذبحاني والمقطري والسقاف, هناك القاب الأسر التي لها امتدادات إجتماعية في صنعاء وذمار مثل بيت السلامي وبيت داغز والإنسي والخولاني والوزير والمداني|. فظلا عن عائلات شكري ويعقوب التركيتان في الأصل.

مزيج بين معالم الأتراك والشيعة

ومثل التركيبة السكانية هناك البنيان " المحكمة وسجن القضاء والسواقي القديمة" وهي من قدمت التربة كمدينة تعود الى العهد التركي.

ومدهبيا هناك مظاهرللذهب الزيدي الشيعي لا زالت قائمة حتى اللحظة ففي الجانب العلوي من المدينة يقع المسجد الذي يحافظ على اداء الطقوس الدينية وفق تعاليم الشيعة.

يحمل هذا المسجد اسم والى الإمام  الزيدي حسين الجنداري, وهو حاكم الحجرية الذي قوى نفوذ الإمام يحي في الحجرية في مواجهة النفوذ البريطاني الذي ساد عدن في تلك الفترة.

تنوع التربة جعلها ترفض ثقافة الانغلاق الذي حاولت فرضه الأنظمة المتعاقبة حيث يقول الأستاذ احمد محمد نعمان في مقال له نشرته مجلة الكلمة في 72 , ان ابنا الحجرية وعاصمتها مدينة التربة هم الذين غاصوا في كل بحرو احترفوا المهن في كل ارض.

يشير النعمان الى هجرات البناء الحجرية الواسعة إلى القرن الإفريقي وعدن والهند حيث اكتسبوا ثقافات متنوعة نتجت عن الاحتكاك بشعوب العالم.

ويقول عادل الشرجبي أستاذ علم الاجتماع  بجامعة صنعاء  أن التنوع الثقافي لمنطقة الحجرية يبدوا واضحا من خلال تنوع فلكورها الشعبي حيث لا يلتزم ابناء تلك المنطقة بأزياء موحدة.

6كوافير وفلكور متنوع

هناك من يلبس زيا محاكيا للأزياء الأفريقية والهندية وهناك من يواكب الأزياء الأوربية والأمريكية .. مشيرا إلى أن الحجرية عرفت أنواع الشيكولاته والمشروبات والعطور والبخور والملابس والفرش المريحة وأدوات النظافة قبل غيرها من المجتمعات اليمنية باستثناء عدن.

هناك اليوم 6 محلات "كوافير نسائية" وهو عدد لا يتكرر في محافظات بأكملها إضافة الى 6 استديوهات تصوير ودار سينما طارق ابن زياد التي أسسها عبد الكافي القدسي في الستينات, لكنها اليوم مغلقة.

يقول القاضي الوزير أن التربة ومحيطها تنافس منذ زمن بعيد في تحديث التعليم والى جانب مناهج التعليم الجيبوتية والأثيوبية التي دخلت المنطقة في الثلاثينيات عرفت زيا  طلابيا هو احدث مما نراه اليوم مكتوب عليها اسما المدارس التي أسسها هناك الأستاذ احمد النعمان وحسين السقاف.

إداريا خرجت التربة بوصفها المدينة الأكثر حضورا  مدنيا وثقافيا قياسا بالمدن اليمنية الصغيرة كما يعتقد احمد الوزير الذي عرف اغلب مدن اليمن الثانوية.

وحاليا هي المدينة الوحدة في ريف تعز التي شيد كليات علمية مثل الآداب والتربية والعلوم والتجارة فضلا عن المعاهد المهنية والصحية  والفنية المختلفة.

فيما  التقسيم الإداري الأخير الذي  شهدته اليمن في 97 أبقى على مدينة التربة عاصمة لمديرية الشمايتين فقط بعد أن كانت عاصمة لقضاء الحجرية الذي كان يتألف من 8 مديريات
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#الحجرية التربة ذبحان

في طريقينا لزيارة المنطقة الرِّيفِيَّة الأهم والأكثر تأثيراً في اليمن: "الحُجَرِيَّة". كانت الشمس حارقة، والرطوبة حارة؛ بالنسبة لساكني عدن، ما بالك بشخصين مثلنا اعتادا الحياة في صنعاء. غادرنا المنزل، قاصدين مكان قريب كان ينتظرنا فيه الصديق عبد الرحمن سعد بسيارته. قطعنا نحو 700 متر، أو أقل، مشياً على الأقدام. مع ذلك، شَعَرْنا بالشمس تخترق رأسينا، والرطوبة اللافِحَة تخنقنا. ما إن صَعَدْنا سيارة عبد الرحمن، حتى تبدَّدت درجة الحرارة المرتفعة، وتوقَّفَ شعورنا بالقرف والضيق الناتج عنها. تُعَلِّمَك عدن أشياء كثيرة، وتجعلك تُدرِك أهمية وعظمة اختراع المُكَيِّف؛ لا سيما في ذرة الصيف.
في يونيو الفائت، كان الوضع لا يُطَاق، ودرجة الحرارة لا تُحتَمَل في عدن. حينها، كُنَّا، عدد من الأصدقاء وأنا، نتناول الغداء، ثم نعود إلى "مِقْيَلَنَا" اليومي المعتاد. كُنَّا نعود من الشارع مُحَمَّلِين بحرارة الشمس الحارقة، والرطوبة اللافحة، ولدانة العَرَقْ المُتَصَبِّب من الأجساد. والحال كذلك، كان تشغيل المُكَيِّف هو أول ما نفعله عند دخول غرفة "المَقِيْل". وبمجرد الشعور بالبرودة المتدفِّقة مع الهدير الآلي المزعِج، كان أحد الأصدقاء يرفع نظره إلى "المُكَيِّف، ويقول، بنبرة جادة: "هذا أعظم اختراع عرفته البشرية"! ورغم دخول فصل الشتاء، إلَّا أن البرد لم يكن، في الرابع من أكتوبر، قد وَصَل إلى عدن، أو لَطَّفَ، بما يكفي، من درجة الحرارة المرتفعة فيها.
إدمان مستمر على سَمَاع "أيوب"!

"الحُجَرِيِّة"، زَوَّدَت اليمن بأبرز السياسيين، والمثقفين، والتُّجَّار، والمهنيين الحِرَفِيِّين، وسلسلة من أشهر المطاعم الجيدة. والأهم من ذلك أنها أنجب عبد الرقيب عبد الوهاب، قائد معركة الدفاع عن صنعاء خلال "حصار السبعين". وإليها ينتمي عدد غير قليل من أبرز القادة السياسيين، على رأسهم عبد الفتاح إسماعيل.
لعِبَتْ "الحُجَرِيَّة" دوراً رئيسياً فاعلاً في تشكيل المدن اليمنية
حدث فيها. وهذا مفهوم بالنظر إلى التوسع العمراني الكبير الذي شهدته عدن، بشكل عام.
بعد أن شَرَعْنَا في مضغ أغصان القات، فَتَحَ صديقنا عبد الرحمن إحدى أغاني الفنان أيوب طارش. نكاية بي، أعلن "عُمَر"، بصوت مختلط بالضحك، استمتاعه بالأغنية. لم يكن أمامي غير مراعاة مزاج "صاحب الحُجَرِيَّة"، وابن عَمِّه الذي كان برفقتنا. رَضَخْتُ للأمر الواقع، وقرَّرت عدم إبداء أي اعتراض أو تأفُّف. قُلْتُ لنفسي: لعلّ الأغنية التالية ستكون لفنان آخر. لكنها كانت لـ"أيوب". وكذلك كانت الأغنية الثالثة. حينها، تأكدت أن "أبناء الحُجَرِيَّة" مازالوا مدمنون على سَمَاع "أيوب". "أيوب" فنان كبير وواسع الانتشار، بيد أن أغانيه، وطريقته في الغناء بشكل عام، ليست مناسِبة في طريق السفر، أو أثناء "تَخْزِين القات". لكن أهل "الحُجَرِيِّة" ليس لديهم وقت محدد لسماع "أيوب". إنهم يستمعون له في كل الأوقات؛ بما فيها وقت الظهيرة الحارة، وفي المساءات الهادئة. يقتضي الأمر الإشارة هُنا إلى أنه لا خلاف حول براعة وجمال الأناشيد الوطنية التي قَدَّمها "أيوب". لم يُغَنِّ أحد لليمن، كما فَعَلَ هو.
نقاط "الحزام الأمني" لا تسأل: "أنتم مِنْ وُيْنْ؟"

أخذنا الطريق إلى "خَبْتَ الرُّجَاعْ"، أهم وأكبر قاع صحراوي مُتَّسِع في محافظة لَحْج، ويقع في الجزء الشرقي من مديرية طُوْر البَاحَة؛ أكبر مديريات لَحْج من حيث المساحة( ). كُنَّا ثلاثة "شماليُّون"، و"جنوبي" واحد. وكانت نقاط التفتيش الأمنية التابعة لقوات الحزام الأمني، بما فيها "نقطة الحديد"، في مزاج غير عدائي. توقفنا في جميع تلك النقاط، وكان مرورنا منها سلساً وسريعاً. لم يطلب مِنَّا أياً من جنودها بطائق الهوية، ولم يُوَجَّه لنا السؤال المُعتاد: "أنتم مِنْ وُيْنْ؟"؛ لمعرفة انتماءاتنا الجغرافية، أو المناطقية. الأرجح أن المغادرة من عدن لا تستدعي طرح هذا السؤال، أو التشدد في إجراءات المرور من نقاط التفتيش الأمنية. المتعصِّبون، كَرَّسُوا أنفسهم لمنع "الدَّحَابِشَة" من الدخول إلى عدن، وليس لمنعهم من مغادرتها.
على يسار الطريق، شاهدنا الدمار الذي أصاب مصنع الحديد جراء تعرُّضَهُ للقصف. وخلال رحلتي الذهاب والعودة، وجدنا مسلحين يجلسون أمام بوابته الرئيسية. كلَّما مضينا قُدُمَاً زاد حجم الأراضي المزروعة، والتجمعات السكانية على يمين الطريق؛ وسط القاع الخصب والفسيح. تتَّسِعَ مساحة الاخضرار، ويزيد عدد البيوت، كلَّما توغَّلنا أكثر في "خَبْتِ الرُّجَاعْ" نحو مركز مديرية طُور البَاحَة، ثم باتجاه "الحُجَرِيَّة". يترافق ذلك، بالضرورة، مع تغيير تدريجي إيجابي في المناخ والجو. مع الاقتراب من مدينة طُوْر البَاحَة، مركز المديرية، يصبح الجو معتدلاً، إذ تقع هذه المدينة في نهاية القاع الفسيح، قريباً من جبال "الحُجَرِيَّة"؛ أسفلها( ). ويكفي أن نُشِير إلى أن كلمة "الطُّوْرُ" تعني، فيما تعني، المكان المرتفع، أو الحَدُّ، أو الأرض الفسيحة. وكل ذلك ينطبق على "طُوْرِ البَاحَة"، والمدينة التي تحمل اسمها. هُنا، لم يَعُد المناخ صحراوي حار كالذي في "خَبْتِ الرُّجَاعْ". يصبح الجو أكثر اعتدالاً ولطيفاً في "هيجة العبد"، ثم بارداً في مدينة التُّرْبَة.
"جِنِّيِ يَضْرِبْ بَكْ إلى خَبْتِ الرُّجَاعْ"

آثار الأمطار واضحة في "خَبْتِ الرُّجَاعْ"، الذي مازال اسمه يُثِير نوعاً من الخوف في النفس. لقد نَبَتَ العُشب في أجزاء من تربته الصحراوية، وكذلك في أجزاء من التربة الصحراوية لـ"طور الباحة"؛ لا سيما على جزئه الواقع على يمين الخط الاسفلتي المؤدي إلى "الحُجَرِيِّة". وبسبب الأمطار، التي هطلت على المنطقة مؤخراً، عاد بعض الأهالي إلى زراعة قِطَعُ صغيرة ومتفرِّقة من الأراضي الواقعة على يمين الخط. قِيْلَ أنهم عادوا لزراعتها بعد سنوات طويلة من تحوُّلها إلى أرض بُوْر؛ جراء الجفاف. على اليمين، في الداخل، يُمكن أن نرى مساحات كبيرة من الأراضي الخضراء، تتخلَّلَها منازل الأهالي. ويبدو أن الحال لم يكن كذلك قبل سبعين أو مئة سنة. ولو كان الحال كذلك، لمَا كان هذا المكان وُصِفَ بالخَبْتِ، ولمَا كان اسمه ارتبط بالخوف.
تقول بقايا الحكايات القديمة إن نساء "الحُجَرِيَّة" كُنَّ يَرَيْنَ أن "خَبْتُ الرُّجَاعْ" هو آخر الدنيا، أو المنطقة الأكثر إثارة للوحشة والخوف في العالم؛ لهذا كُنَّ يصرُخْنَ في وجه من يثير غضبهن: "جِنِّيِ يَضْرِبْ بَكْ إلى خَبْتِ الرُّجَاعْ". هكذا، كان هذا الخَبْت يحضر في مِخْيَالِ "نساء الجبال" باعتباره أداة لعقاب مُثِيرِي الغضب، بما فيهم الأبناء العُصاة. ولا شَكَّ أن هذه الصورة تكوَّنت في مُخَيِّلَتِهِنَّ الجماعية جراء قصص الخوف والوحشة التي سمعنها من أزواجهن وأقاربهن الذين مَرُّوا فيه ذهاباً وإياباً إلى ومن عدن.
"خَبْتُ الرُّجَاعْ"، هو قاع صحراوي فَسِيح ومتَّسِع، يقع ضمن مديرية طُوْر البَاحَة، ويتَّصِل بأراضي مركز مديرية طُور البَاحَة الصحراوية والزراعية، حتى أنه من غير الممكن للعابرين العاديين تح