زينبيات العصر في اليمن
1.28K subscribers
4.33K photos
1.79K videos
480 files
15.2K links
🔮 قناة شاملة في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي على بلدنا الحبيب 🇾🇪
⭕️اخبارية
📚 ثقافية:
✌️ جهادية :
📕 توعوية:
🎼 اروع الزوامل :
♻️ شاملة :كل مايخص المسيرة القرآنية

زينبيـ العصر ـات فـ اليمن ـي
ஜ═━━━━━━━━━━━━━━━━━═ஜ
📝 @wksqzh 🔏
🎧 ⓣ.me/wksqzh
Download Telegram
🍀القسم السادس🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما جوانب النعمة العظيمة التي يمكن أن نتعرف عليها من الجبال والنجوم؟
🔸 – كيف تعاملنا مع الله الذي له الملك، بعد أن رأينا من عظيم حكمته ودقيق تدبيره في الكون؟
🔸 – هل هناك أحكام شرعية لمجرد التعبد؟ وما علاقة الأحكام بعضها ببعض؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ:22/1/2002م
الي من - صعدة

{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا} (النحل:15) الرواسي هي الجبال لما كانت الأرض اليابسة هي في واقعها مفروشة على الماء، والماء يشكل نسبة كبيرة قـد يكون أكثر من 70% من حجم الكرة الأرضية بكلها، كانت ـ بالطبع ـ الأرض تعتبر قطعة صغيرة فوق سطح الماء، قابلة لأن تبقى تهتز وتتحرك، فألقى الله فيها الجبال تثبتها {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} لترسوا، فترسوا الأرض على الماء، ولا تكون مهتزة، فيمكن الاستقرار عليها.
أيضًا جعل في الأرض أنهارًا، أنهار المياه، جعل فيها سبلًا {وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} تهتدون وأنتم تتجهون في هذه الأرض، وأنتم تتقلبون في السفر إلى مناطق متعددة في هذه الأرض، جعل فيها سبلًا منافذًا، أنت عندما تكون في الطائرة فترى منظر الأرض، تراها فعلًا لا ترى فيها منطقة مقفلة، حتى فيما يتعلق بتصميم الأودية، تجد كيف الجبال الشاهقة شعاب صغيرة فيها إلى أودية صغيرة، وأودية صغيرة تتجمع إلى أودية كبيرة، وتتجه هكذا باتجاه الصحراء، أو باتجاه البحر.
كذلك الأرض على الرغم من أن فيها جبالًا، لم تكن الجبال بشكل سدود، تحول بين الناس وبين أن يسافروا إلى جهات متعددة في الدنيا، بل جعل فيها سبلًا، جعل فيها منافذًا {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وأنتم تسيرون في هذه الدنيا لمختلف الأغراض.
كذلك {وَعَلامَاتٍ} (النحل: من الآية16) جعل علامات للسبل في البر، وعلامات في البحر {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل: من الآية16) المسافرون يهتدون في البر، والمسافرون يهتدون في البحر، فأعلام في البر بشكل الجبال المختلفة، أليست أشكال الجبال مختلفة؟ هذا من أهم الأشياء في أن تتعرف على ال مناطق، لو كانت الجبال كلها بشكلية واحدة، وتصميم واحد، فهي رواسي، واحد هنا، وواحد هنا، وواحد هناك، قد لا تستطيع أن تعرف وأنت تتجه، لكن الجبال أنفسها، وشكليتها هي نفسها مما يساعد ـ أن كانت بشكل أعلام ـ وأنت تسافر فترى تلك القمة، قمة الجبل هناك، ترى الطريق من عندها إلى ال منطقة الفلانية، فتراها قمة متفردة في شكلها، أليس كذلك؟ فيها عبر كثيرة.
الجبال نفسها لعدة أغراض، ولعدة فوائد. فهي نفسها تساعد على أن تبقى الأرض فلا تميد فوق البحر، وهي نفسها غير مقفلة، قابلة لتحرك الإنسان عليها، هي نفسها قابلة للاستقرار عليها، بل أحيانا تطلع مساحة البلدان التي فيها جبال كثيرة تطلع مساحة كبيرة عندما تحسب وجه الجبل من هنا، ووجهه من هناك، ترى كيف أنه وبتصميم الله سبحانه وتعالى الذي هو حكيم لا يضيع حتى المساحة التي سيشغلها الجبل، أليس الجبل ضروريا بالنسبة للأرض؟ سيجعل الجبل نفسه بشكل يكون أوسع مساحة من المساحة التي يشغلها في موقعه، فعندما تمسح مساحة الجبل من هنا كم سيطلع؟ ومن جانب آخر كم سيطلع؟ ستراه أكثر من المساحة التي يشغلها الجبل.
لأن الله حكيم، هو لا يبذر، هو لا يضيع، يقول: الجبل ضروري، سنضع الجبل وإن كان كذا، أهم شيء أن ترسو الأرض، فنرى الجبل هذا، وسلسة من الجبال تشغل مساحات واسعة من الأرض، ثم هي نراها لا تصلح للسكن عليها، ولا تصلح للتحرك فيها، عبارة عن سدود شاهقة، ليس لها أكثر من مهمة واحدة، هي أن تمسك الأرض أن تميد وهي مفترشة فوق الماء، لا، لعدة أغراض في الوقت الذي تقوم بهذه المهمة تصلح للمهام الأخرى، فتصلح حتى أن تكون أعلامًا.
وفي هذا إرشاد، لاحظوا في كل خلق الله سبحانه وتعالى إرشاد للناس في مجال التصميمات، في مجال الصناعات. عندما تصمم لك منـزلا تحاول أن يكون تصميمك للمنـزل بالشكل الذي لا يضيع المساحة، بعض الناس يأتي فيصمم له منـزلًا، فيأخذ مساحة في موقع جميل، ويخسر فيه مبالغ كبيرة، لكن صممه تصميمًا عشوائيًا، فترى البيت هذا بشكله الكبير، وتراه من داخله لا يفي بحاجات صاحب البيت من الغرف، ومن الصالات، وغيرها، ضيع أرضية، وضيع أموالًا كثيرة، وسبب ذلك كله ضعف التصميم، والخطأ في التصميم.
🍀القسم الأول🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – لماذا لا تساوي كل أسلحة العالم الفتاكة يوما واحدا من العذاب في جهنم؟
🔸 – ما الفائدة العملية التي تعود علينا حين نتأمل جيدا الآيات التي توعد الله بها من عصاه؟
🔸 – أين محل الاستجابة لله؟ وبماذا يفتدي الإنسان نفسه من عذاب الله يوم القيامة؟ وما الذي يمنع الناس عن أن يستجيبوا لدعوة الله في هذه الدنيا؟
🔸 – لماذا لا تساوي الدنيا وما فيها موضع سوط في الجنة؟ وماذا يعني ذلك؟
🔸 – قد يحصل في الدنيا لك الكثير من وسائل الترف، فما الفارق بينها وبين ما يحصل للمؤمنين في الجنة؟
🔸 – ما الصديد الذي يسقى من أهل النار؟
🔸 – من الأولى بأن يكون أشد وأعظم في مقام الاستجابة لله أكثر من غيره؟
🔸 – هل الخوف من مواجهة الباطل لها مبرر مقبول في أي ظرف، سواء العالم أو غيره؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
في دعاء زين العابدين علي بن الحسين -سلام الله عليه- وهو يستعيذ بالله من نار جهنم، في دعاء يصف فيه نار جهنم، ويعلمنا كيف نستعيذ نحن بالله من نار جهنم.
قال عليه السلام: ((اللَهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مَنْ نَار تَغَلَّظْتَ بِهَا عَلَى مَنْ عَصَاكَ، وَتَوَعَّدْتَ بِهَا مَنْ صَدَفَ عَنْ رِضَاكَ، وَمِنْ نَار نورُهَا ظُلْمَة وَهَيِّنُهَا أَلِيمٌ، وَبَعِيدُهَا قَرِيبٌ، وَمِنْ نَار يَأْكُلُ بَعْضَهَا بَعْضٌ، وَيَصُولُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْض، وَمِنْ نَار تَذَرُ الْعِظَامَ رَمِيمًا، وَتَسْقِي أَهْلَهَا حَمِيمًا، وَمِنْ نَار لاَ تُبْقِي عَلَى مَنْ تَضَرَّعَ إلَيْهَا، وَلاَ تَرْحَمُ مَنِ اسْتَعْطَفَهَا، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى التَّخْفِيفِ عَمَّنْ خَشَعَ لَهَا وَاسْتَسْلَمَ إلَيْهَا، تَلْقَى سُكَّانَهَا بِأَحَرِّ مَا لَدَيْهَا مِنْ أَلِيْمِ النَّكَالِ وَشَدِيدِ الْوَبَالِ، وَأَعُوذُ بـكَ مِنْ عَقَارِبِهَا الْفَاغِرَةِ أَفْوَاهَهَا، وَحَيّاتِهَا الصَّالِقَةِ بِأَنْيَابِهَا، وَشَرَابِهَا الَّذِي يُقَطِّعُ أَمْعَاءَ وَأَفْئِدَةَ سُكَّانِهَا، وَيَنْزِعُ قُلُوبَهُمْ، وَأَسْتَهْدِيْكَ لِمَا باعَدَ مِنْهَا وَأَخَّرَ عَنْهَا)).
جهنم كما وصفها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في آيات كثيرة هي أشد من أي عذاب يتوعدنا به أي أحد من الجن أو الإنس، هي نار كما قال عليه السلام: ((تغلظ الله بها على من عصاه وتوعد بها من صدف عن رضاه)).
الكل هنا في الدنيا يخضع لأمريكا، ويخضع للدول الكبرى في بلدان أوروبا، والكل هنا في المنطقة العربية خضعوا لإسرائيل خوفًا من أن تلك الدول تمتلك [قنابل ذرية]، وتمتلك [صواريخ بعيدة المدى تحمل رؤوسا نووية]، كل ما لديهم لا يساوي يومًا واحدًا في جهنم.
لو صب الأمريكيون كل ما لديهم من قوة عليك وحدك أنت لما ساوى ذلك كله يومًا واحدًا في نار جهنم؛ لأنك هنا بأول ضربة، بأول شظية ستموت، ثم لا تحس بأي شيء بعد ذلك، ولو صبوا عليك كل أسلحتهم، ولو افترضنا أيضا أنك ستبقى حيًا وصواريخهم توجه إليك، وقنابلهم توجه إليك أيضًا حتى آخر قطعة يمتلكونها لكان ذلك أيضًا لا يساوي ساعة واحدة في قعر جهنم.
التخويف بنار جهنم في القرآن الكريم، التخويف بنار جهنم الذي تكرر كثيرًا في آيات الله في القرآن الكريم، هو جدير بأن نتأمله جيدا كلنا، وأن نتدبر تلك الآيات. حينئذ سيجد كل من تأملها، ومن تدبرها بأن كل شيء في هذه الدنيا من مصائبها، من شدائدها، وكل شيء مما يتوعدك به الآخرون، وكل ما تراه عندما يستعرضون أسلحتهم في الأيام الوطنية، ستراه كله ليس بشيء، ليس شيئا بمعنى الكلمة فعلا أمام هذه النار التي تغلظ الله بها على من عصاه، وتوعد بها من صدف عن رضاه. حينئذ تجد نفسك أنه ليس هناك ما يجب أن يخيفك، ليس في هذه الدنيا ما ينبغي أن تخاف منه أبدا، فلا الموت، ولا [قنابل]، ولا [صواريخ]، مهما كانت فتاكة، مهما كانت عظيمة الدمار.
المؤمنون بحاجة ماسة إلى أن يتدبروا كتاب الله، نتدبره بشكل جيد، وبفهم صحيح، ووعي، نتدبر الآية ونلحظ ونحن نتدبرها ما لدى الآخرين كلهم ممن نخافهم في هذه الدنيا، أو يريدون أن نخافهم، حينئذ سينطلق المؤمن، ينطلق وهو يرى أن كل عمل يعمله في هذه الدنيا أمام كل التهديدات إنما هو عمل يحقق لنفسه به الأمن من هذه النار العظيمة، من نار جهنم.
نار جهنم أكد القرآن على أنها حقيقة، وتناول الحديث عنها وصفَها كاملا: وصف شدة تسعرها، والتهابها، وصف وقودها، وطعامها، وشرابها، ولباس أهلها فيها؛ بل نقل كثيرًا من الكلمات التي يقولها أولئك الذين يتقلبون بين طبقاتها: تحسرهم، صراخهم تألمهم، تأسفهم على تفريطهم في هذه الدنيا.
🍀القسم الثاني🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – لجهنم سبعة أبواب، فلماذا؟
🔸 – أين منزلة المنافقين من المسلمين في جهنم؟ وعلام يدل ذلك؟
🔸 – ما هي ثياب أهل النار؟
🔸 – كيف يبدو خزنة جهنم؟ وهل هناك مجال لمقارنتهم بجنود العمليات الخاصة من الكومندوز وما شابههم من أتباع الظلمة؟
🔸 – ما ثمرة المقارنة بين الخلود في جهنم والعذاب المتواصل فيها وبين سجون الظلمة التي يهددون بها أهل الحق ليصرفوهم عن منهجهم؟
🔸 – ما هو الأسوأ في جهنم من العذاب على أيدي زبانيتها؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} وكأن هذه الأبواب هي أبواب لدركاتها أيضًا، كل طبقة أو كل مقام في جهنم له فئة من الناس، وله باب {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} يدخل منه من هو من أهل ذلك الدرك، سبعة أبواب سواء اعتبرتها في سور واحد وكل باب ينفذ إلى درك من دركات جهنم، وكلها سيئة، وكلها ورطة عظيمة أن تدخل من باب جهنم ثم يوصد عليك، ثم إذا حاولت أن تخرج يتلقاك زبانيتها بمقامع من حديد يضربونك فتعود، سبعة أبواب لسبعة دركات.
ووجدنا القرآن الكريم ينص على أن فئة هي محسوبة ضمن المسلمين هم سيكونون في الدرك الأسفل من النار، هم المنافقون، في الدرك الأسفل من النار؛ لأنهم أخبث عباد الله، لأنهم أسوأ البشر، لأنهم أرجس وألعن البشر جميعًا، قال الله عنهم لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله): {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} (المنافقون: من الآية4).
المنافقون هم فئة تعمل في أوساط المسلمين تثبطهم عن نصر دين الله، تخوفهم، ترعبهم، ترجف قلوبهم، تشيع الشائعات التي تقلق نفوسهم، تشيع الشائعات التي ترعب قلوبهم. المنافقون في كتاب الله الكريم تحدث عنهم أسوأ مما تحدث عن اليهود، والنصارى، والمجوس، والكافرين، إذا كانت جهنم لها سبعة أبواب، ودركاتها متفاوتة في الشدة، فإن المنافقين في الدرك الأسفل من النار.
يقول الله سبحانه وتعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} (الحج:19) ألم يتحدث أيضا عن الترويشة في جهنم؟ شراب جهنم ثم أيضا يصب من فوق رؤوسهم الحميم، يكونون نظيفين من كل شيء فوق أجسامهم، لكنها ترويشة خطيرة جدًا ليس معها [شامبو] ولا معها صابون [لوكس] ولا أي شيء من أدوات التجميل.
ثوب المجرم فيها كما قال الله في آية أخرى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} (إبراهيم:50) وهنا يصب من فوق رأس المجرم الحميم {يُصْهَرُ بِهِ} (الحج: من الآية20) يذاب {مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} (الحج: من الآية20) إذا واحد منا متروش بماء ساخن وغلِط يبقي في [المغراف] قليل ساخن وصبه فوق ظهره كيف يكون ألمه؟ يقوم من مكانه من حرارة بسيطة، أما هذه ترويشة خطيرة: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} إذا أنت في الدنيا هنا تغتسل بالماء الساخن يتحمله جسمك من أجل أن تزيل الوسخ عن جسمك، أما تلك الترويشة في جهنم، فإنها تذيب الجلد كله، تذيب الجلد كله، {يُصْهَرُ بِه} يذاب به {مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} (الحج:22). ثيابهم من نار [تفصيل] قطعت لهم ثياب تفصيل، هنا ثياب التفصيل بثلاثة ألف ونحوها [نجوم] هناك ليس الثوب من نوع [نجوم] بل نار.
كأنه يقول للشباب، طبعا الشباب يكونون حريصين جدا على ثياب التفصيل من أجل أن يبدو جميلا أمام الآخرين، يعرض عن ذكر الله، وهو يعرض عن مجالس الإرشاد، عن مجالس الهداية، يعرض عن كتاب الله، يعيش في أجواء من العشق، والحب، واتباع الشهوات، فهو من يبحث عن ثياب تفصيل ليبدو شكله جميلا، فيعرف أنه قد يكون من أولئك الذين تفصل لهم ثياب في جهنم {قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} ما هذا يعني تفصيل؟ في موضع آخر قال: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} لم ينس القرآن الكريم أن يتحدث حتى ثياب أهل النار، كل شيء ذكره.
هذه التفاصيل قارن بينها وبين أن تطلِّع على تقرير عن مختلف الأسلحة التي تمتلكها أمريكا مثلا، أو إسرائيل [صواريخ بعيدة المدى] [صواريخ تحمل رؤوسا نووية] قنابل [هيدروجينية] [قنابل ذرية] قنابل كذا، وأسلحة متعددة. أليست كلها من تفاصيل ما يمتلكون من وسائل التعذيب للآخرين؟
🍀القسم الثالث🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – لماذا حاولت معظم الفرق الإسلامية أن تبحث عن أي مخلص، أو مخرج من الخلود في جهنم؟
🔸 – من الذي سيكون أكثر اندفاعا نحو الجهاد والحركة؟ الذين يعتقدون بالخلود في جهنم، أم الآخرون؟ ولماذا يحصل العكس في بعض الأوقات؟
🔸 – القرآن يعالج قضية الخوف من الموت التي تعوق الانطلاقة الجهادية؟ فكيف كان ذلك؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

وتكرر الحديث عن الخلود فيها: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (النساء: من الآية169) {خَالِدِينَ فِيهَا} تكرر كثيرًا. والخلود في جهنم، الزيدية هم الطائفة - أعتقد - الوحيدة الذين يؤمنون بما نص عليه القرآن الكريم من خلود أهل النار في النار، أما الآخرون فهم من حاولوا - لأن القضية مزعجة جدًا - من حاولوا أن يبحثوا عن أي مخلص، عن أي مخرج من الخلود في جهنم ليطمئنوا أنفسهم نوعا ما.
فإذا كان الزيدية هم أصحاب هذه العقيدة المنسجمة مع القرآن الكريم، مع تصريحات آيات القرآن الكريم بالخلود في جهنم، وهم من يجادلون الآخرين. ألسنا نحن من نجادل الآخرين، نقول: أبدًا، لا، ليس هناك شفاعة للمجرمين، أبدًا ليس هناك أحد سيخرج من جهنم. ألسنا من نجادل الآخرين؟ ولكننا لو رأينا أنفسنا وواقعنا لرأينا أنفسنا أحوج الناس إلى جزء من هذه العقيدة لو كانت صحيحة، ولوجدنا أنفسنا نحن من يجب أن نخاف، ومن نكون أكثر الطوائف الإسلامية جهادا في سبيل الله خوفا من جهنم، وعملا على إعلاء كلمة الله، ووقوفا في وجوه أعداء الله.
لأننا من نقول لأنفسنا ونعتقد - وهي العقيدة الصحيحة - أن جهنم لا أحد يخرج منها، وأن المجرم لا يمكن أن يشفع له الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله). فما بالنا نحن نرى أنفسنا أقل الطوائف اهتماما؟! أضعف الطوائف أثرًا؟! أبعد الطوائف عن أي عمل فيه لله رضا؟
الآخرون نراهم يجاهدون، الإخوة الشيعة من الاثني عشرية، يقاتلون، يجاهدون، ويفجرون أنفسهم في عمليات استشهادية، وهم من في عقائدهم هم قضية الشفاعة، هم مَن ضمن عقائدهم، أو عند الكثير منهم القول بالشفاعة للمجرمين، ليست عقيدتهم كعقيدتنا. إذًا فما بالهم هم يجاهدون، يقاتلون، يضحون، يستبسلون، ونحن من كأن معنا من الله عهد، كما قال لليهود عندما قالوا: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} (البقرة: من الآية80)، هل عندكم عهد؟ هل عندكم ضمانة أن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة؟ {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} (البقرة: من الآية80). بل أنتم تقولون على الله قولًا افتراء عليه. {بَلَىَ} يؤكد من جديد أن هذه العقيدة باطلة {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة:81).
هل نحن الزيدية لدينا عهد من الله؟ فما بالنا، كلنا، علماؤنا، عبادنا، وجهاؤنا، أفرادنا، طلابنا. كلنا قاعدون وكلنا نرى أنفسنا أنه لا أثر لنا في هذه الحياة، وليس لنا عمل في مجال نصر دين الله، في مجال إعلاء كلمته، في إصلاح عباده، في محاربة المفسدين في أرضه. هل هناك عمل يذكر؟ كأننا نمتلك عقيدة أنه لا موت، ولا بعث، ولا حساب، ولا جنة ولا نار {بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ} (الفرقان: من الآية11) الساعة القيامة البعث {وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا} (الفرقان: من الآية11) نارا تستعر تتلهب، تتوقد، {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} (الفرقان: من الآية12) تبدو هي مشتاقة لأعداء الله، تلتهمهم.
{إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} هل لجهنم أعين ترى بها أولئك، أم أنه تصوير؟ أنها لما كانت هي محط غضب الله فإنها هي من تتلهف شوقا إلى أن تلتهم أعداء الله فكأنها هي التي تبحث عنهم {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} (الفرقان:12)، تستعر، تلتهب لشدة تغيظها وغيظها على أعداء الله. {تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} صوت هو صوت المتغيظ الذي يمتلئ غيظا على الطرف الآخر، وزفيرا، الزفير: هو صوت الإنسان عندما يخرج الهواء من فمه قويا، والشهيق هو عودة النفس بقوة إلى الداخل.
{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ} (الفرقان: من الآية13) مصفدين بالقيود، هناك العذاب، هناك الحسرات {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} (الفرقان: من الآية13) وا ثبوراه، واهلاكاه، معناه دعوا بالهلاك. يرون أنفسهم في أماكن مضيقة من جهنم وهم مقيدون تتحول قيودهم إلى نار، وأجسادهم إلى نار، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، ومن فوقهم، ومن تحتهم طبقات من النار، يدعون هنالك بالثبور [وا ثبوراه] معناها: واهلاكاه. يعني: ما أسوأ ما نحن فيه. نعوذبالله.
🍀القسم الرابع🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – عندما يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} وكأنه فقط أولئك الكافرون أما نحن من قد أسلمنا - ولو انطلقنا في أعمال كأعمال الكافرين - فهل هذا صحيح أم لا؟
🔸 – كيف يمكن أن يصبح الإسلام وسيلة أمن للمجرمين، وبطاقة ترخيص لهم؟ وكيف صار الإسلام يكيل بمكيالين في قضية الثواب والعقاب لدى بعض المسلمين؟
🔸 – بمَ فسّر القرآن الكريم تجرؤ بني إسرائيل على ارتكاب الجرائم العديدة ومنها قتل الأنبياء؟
🔸 – جاءت عقيدة الشفاعة لدى بعض الفرق الإسلامية أسوأ بكثير من عقيدة اليهود في الخروج من النار؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

نحن هنا نسمع في هـذه الآيات {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} (فاطر: من الآية36) وكأنه فقط أولئك الكافرون أما نحن من قد أسلمنا - ولو انطلقنا في أعمال كأعمال الكافرين - فإننا بعيدون عن هذا التهديد، وعن هذا الوعيد. هل هذا صحيح أم لا؟ ليس صحيحا أنه فقط من يحملون اسم كافر هم وحدهم من سيعذبون؛ لأن الكافر لا يعذب على اسمه، لأن اسمه كافر! يعذب على أعماله أعمال يعملها: إعراض عن دين الله، صد عن سبيل الله، عمل في سبيل الطاغوت.
أو لم يكن في المسلمين من كانت أعمالهم أسوأ من أعمال أولئك الكافرين؟ بلى هناك في المسلمين من يظلم، في المسلمين من يصد عن سبيل الله، في المسلمين من يقتل القائمين بالقسط من عباد الله. فهل أن الله سبحانه وتعالى إنما يعذب أولئك على أعمالهم لأن اسمهم كافرين؟!
أما أنت متى حملت اسم إسلام فلن تعذب؟ سيصبح الحال حينئذ يصبح الإسلام عبارة عن رخصة للمجرمين، أنت تريد أن تحصل على ترخيص لترتكب كل الجرائم ثم لا تعذب؟ إذًا قل: [لا إله إلا الله محمد رسول الله]. يصبح الإسلام هكذا، ويصبح الكافرون كل واحد منهم أحمق. أنت لم تسلم لأنك لا تريد أن تبتعد عن هذه الأعمال التي أنت عليها. أسلم إذًا وبإمكانك أن تستمر عليها، ثم عندما تقدم في يوم القيامة سيشفع لك محمد، وتدخل الجنة! يصبح الإسلام حينئذ وسيلة أمن للمجرمين، وبطاقة ترخيص للمجرمين.
فبدلا من أن تكون مجرما، تتهدد بهذا التهديد الشديد، ويواجهك المسلمون بالاحتقار، ويواجهونك بسيوفهم في الدنيا، كن مجرما محترما، أسلم لتكن مجرما محترما.
أليس هذا هو إسلام من يقولون بأن الشفاعة لأهل الكبائر؟! الإنسان هو الإنسان، رغباته، شهواته، مطامعه، هو هو، سواء كان يهوديًا، أو نصرانيًا، أو وثنيًا كافرًا، أو مسلمًا.
أنظر إلى واقع الناس في هذه الدنيا الآن، في هذا الزمان، أليس البشر فيها من طوائف كثيرة؟ اليهودي والنصراني، والوثني، والمسلم، والمسلمون باختلاف طوائفهم؟ انظر إلى واقعهم كناس رغباتهم واحدة، شهواتهم واحدة، مطامعهم واحدة، الإنسان هو الإنسان، الجرائم التي تنطلق منك وأنت كافر هي نفسها إذا ما سرت وراء شهواتك هي نفسها التي ستنطلق منك وأنت مسلم، تنطلق من اليهودي، والنصراني بشكل واحد سواء.
إذًا فلماذا مجرمون يعذبون، ومجرمون لا يعذبون؛ لأنهم يحملون أسماء مختلفة! هل هناك بين الله وبين أحد قرابة؟ أو الله سبحانه وتعالى يداهن أحدا، أو يكيل بمكيالين، كما نقول عن أمريكا؟ الناس هنا يقولون عن أمريكا: أنها تكيل بمكيالين.
إذا ما انطلق الإسرائيلي ليقتل الفلسطيني لا تلتفت إليه، ولا تدينه، وإذا ما اتجه الفلسطيني ليقاوم ويدافع عن نفسه المحتل لأرضه قالوا: إرهابي. قالوا: هذا كيل بمكيالين. لماذا لا تعاملهم سواء على الأقل؟ فتقول: هذا عنف، وهذا عنف، وهذا إرهاب، وهذا إرهاب.
حينئذ ستصبح القضية هكذا: أن الله سيكيل مع الناس بمكيالين، فمجرمون ينطلقون في شتى الجرائم، وكبارها، يظلمون عباد الله، ويصدون عن سبيل الله، ويحرفون دينه، وينشرون الفساد في أرضه، ويهتكون أعراض عباده ثم سيشفع لهم محمد.
الكافر ماذا يعمل إذًا؟! هل هناك نوع آخر لدى الكافر؟ إنما يعمل هكذا عندما نقول: إن الزنا محرم، هو محرم، لكن لماذا يعذب عليه الكافر ولا يعذب عليه من اقترفه ممن يحمل اسم إسلام؟ أليست عملية واحدة؟ وجريمة واحدة عند اليهودي، والنصراني، والكافر والمسلم؟ هي فاحشة. الظلم هو نفسه. ليس هناك نوع من الظلم لا يمكن أن يصدر من الكافر، أو لا يمكن أن يصدر من المسلم، الأعمال واحدة التي نريد أن نفهمها: أن الناس كل الناس على اختلاف العناوين اتجاهاتهم واحدة، وجرائمهم، ومطامعهم، وشهواتهم، ومقاصدهم واحدة، فلماذا ناس يعذبون وناس لا يعذبون على جرائمهم؟ يصبح الدين حينئذ بدلًا من أن يكون دينا للحياة، بدلًا من أن يكون دينًا لمكافحة الجريمة، بدلًا من أن يكون دينًا كما قال الله عنه: ليزكي النفوس، ليطهرها يصبح عبارة عن رخصة لكل من يريد أن يستمر في إجرامه.
🍀القسم الخامس🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – هل يميز الله بين من يدخل جهنم من المجرمين لاعتبارات أخرى طائفية أو مناطقية، أو فئوية،... إلخ، غير إجرامهم؟
🔸 – ما التوبة؟ وما معنى فرضها علينا ونحن مسلمون؟
🔸 – شجرة الزقوم، لمن خلقت؟ ومن يزرعها؟ وما ثمارها؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

إذًا فكل من صد عن سبيل الله، كل من ابتعد عن دين الله، كل من أعرض عن هدي الله، وإن كان يحمل اسم مسلم، حكمه حكم أولئك. وهذه قضية مفروغ منها في القرآن الكريم؛ مفروغ منها؛ لأنه من غير الطبيعي، ومن غير المقبول أن تفترض أن المسألة إنما هي مجرد تغيير اسم، فتقول: أولئك فقط لأن اسمهم [كافرين] أما نحن فلو انطلقنا في نفس الأعمال التي تصدر منهم فإننا قد أصبحنا مؤمّنين من عذاب الله، هذا شيء غير طبيعي.
الله البشر كلهم عبيده، وهو رب العالمين جميعًا، ولن يكيل بمكيالين معهم، لن يعذب هذا المجرم على أعمال هي نفسها التي لا يعذب عليها شخصا آخر صدرت منه، وحالته وموقفه حالة هذا الشخص الآخر. لا يمكن، إلا إذا كان هناك توبة.
والتوبة ألم يتوجه الأمر بالتوبة إلى المسلمين؟ لماذا التوبة؟ لو أن المسألة هكذا مفروغ منها أن الكلام كله حول الكافرين حول المشركين أما نحن فقد أسلمنا لما كنا بحاجة إلى توبة إذًا فلماذا التوبة؟ التوبة لا بد منها؛ لأنك أنت أيها المسلم فيما لو اقترفت عملا من أعمال أولئك ستعذب فهذه هي التوبة تب.
والتوبة معناها: الإقلاع عن المعصية، الرجوع إلى الله، الندم على ما صدر من الإنسان من تقصير، من تفريط في جنب الله، من تقصير في الأعمال التي ترضي الله سبحانه وتعالى، ما حدث منه من معاصي لا بد أن يتوب منها، وإذا لم يتب فلا فرق بينه وبين ذلك الشخص الآخر.
ألم يقل عن المنافقين: أنهم في الدرك الأسفل من النار؟ ولا تصدقوا أن المنافقين هم كلهم من يبطن الكفر ويظهر الإسلام. بل إن في المنافقين من ذكر الله عنهم بأنهم في واقعهم معترفون، مؤمنون كإيمان أي واحد منا بأن الله هو رب العالمين، وهو الإله وحده، وأن القرآن من عنده، وأن محمدا رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) ألم يقل هو: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} (التوبة: من الآية64) ألم يقل هكذا؟ يعلمون أن القرآن منزل من عند الله بل هم يخافون؛ لأنهم يعلمون أن الله عليم بذات الصدور، فهو يعلم ما يسرونه في أنفسهم فيخافون أن تتنزل سورة تفضحهم، أي هم مؤمنون بالقرآن أنه من عند الله، ومؤمنون بأن هذا الرجل هو رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، الذي يتنزل عليه القرآن، ومع هذا قال الله عنهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النساء: من الآية145).
قد يكون هناك فئة، فئة قليلة من المنافقين هم من قد يقال عنهم أنهم في واقعهم مبطنون للكفر، أي هم غير مؤمنين بالله، ولا مؤمنين بكتابه، ولا مؤمنين برسوله، إنما ألجأتهم الظروف إلى أن يتلونوا خوفا على أنفسهم، هذه النوعية من المنافقين إنما تكون في فترات محدودة، في الفترة التي تكون الغلبة فيها لجانب الإسلام، لجانب الحق فيرى الكفار أنفسهم مضطرين إلى أن يتمظهروا بالإسلام من أجل أن يأمنوا على أنفسهم وأموالهم.
لكن تجد المنافقين هم من كانوا كثيرين في المدينة، وهم من أهل المدينة، ومن غير أهل المدينة، وهم من قال عنهم أنهم مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فلا هم مع المؤمنين ولا هم كفار مع الكافرين. هم يتلونون يظهر نفسه للكافرين وكأنه معهم، ومتى ما كانت الغلبة للمسلمين أظهر نفسه أنه معهم وتملق لهم، وأظهر أنه واحد منهم، يقول عنهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النساء: من الآية145) بل وجدنا القرآن الكريم يتوعد بالعذاب الشديد، بالعذاب العظيم لمن قتل مؤمنًا متعمدًا، يتوعد بالخلود في النار لمن لم يلتزم بحدود الله في المواريث في [سورة النساء] يتوعد، والمواريث تخاطب من؟ أليست خطابًا للمسلمين؟ يتوعد بالعذاب، والخلود في جهنم لمن لا يقف عند حدود الله ويلتزم بما حدده الله سبحانه وتعالى في قضية المواريث وحدها خلي عنك أشياء كثيرة أخرى.
هل من المعقول أن يكون الصد عن دين الله مسموح للإنسان الذي يحمل اسم إسلام؟ وهل معقول أن يكون الإعراض عن هدي الله مسموح لمن يحمل اسم إسلام؟ ستصبح كلمة: [لا إله إلا الله محمد رسول الله] عبارة عن بطاقة تضعها في جيبك، ثم تنطلق إلى أسوأ مما كان عليه المشركون والكافرون في أعمالهم.
🍀القسم السادس🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – لماذا كان الكثير من الآيات القرآنية التي تصف عذاب جهنم تتناول الحديث عن العذاب بالطعام والشراب؟
🔸 – كيف تمثل مشاهد العذاب التي يذكرها القرآن الكريم لونًا من ألوان الرحمة الإلهية بنا؟
🔸 – لماذا يستغرب خزنة جهنم حين يرون المجرمين يتوافدون زمرًا إلى النار؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

{فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} من شدة الجوع يأكل رغما عنه من هذه الشجرة الشديدة المرارة التي يقال كما روي في الأثر: أنه لو أن قطرة واحدة من هذه الشجرة شجرة الزقوم وقعت في الأرض لأمرت على أهل الأرض معائشهم! شديدة المرارة جدًا، وهي أيضا نار هي تغلي في البطن، {فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} الإنسان هنا في الدنيا أليس يتعود على أن يشرب أثناء الطعام؟ يأكل زقوم ثم يشرب حميما بعده. كما قال أيضا في آية أخرى يذكر فيها هذه الشجرة أنها نار أيضا ثمرها نار: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} (الدخان:45) - كالزيت المحترق تغلي في البطن - {كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} (الدخان:46). كغلي الماء الساخن جدا.
لأنه هنا في الدنيا عادة ما يضل الإنسان، وما يصرفه عن طاعة الله، ويصرفه عن مواقف الحق، هو ما يقدم إليه من إغراءات من قبل الآخرين، والإغراءات طبعا قد يكون كثير منها متعلق بقضية الأكل والشراب، وعندما يكون الإنسان نفسه يريد أن يتوفر له الطعام الجيد والشراب الجيد والسكن الجيد ولو كان على حساب دينه فليعرف أنه سيرى تلك متعة قصيرة تنسى، عارضة في حياته ثم نُسِيت ثم سيكون له طعام من هذا النوع.
عندما يأتي حاكم من الحكام يحكم بالباطل عندما تقدم له[جالونا] من العسل عندما تقدم له خروفا، عندما تنقله إلى بيتك وتقدم له غداء دسمًا فيتعاطف معك فيضيع حق الآخرين مقابل ما أعطيته، نقول له هنا: أنت أضعت الدين، أضعت الحق مقابل طعام وشراب، أنت ستلقى طعاما وشرابا سيئا، وإذا كانت تلك وجبة واحدة فإنك ستأكل من ذلك الطعام البشع في اسمه، البشع في منظره، الذي هو يحرق البطن، ستأكله دائما، دائما، وجبة واحدة تبيع بها الحق، وجبة واحدة دسمة تبيع بها دينك، وجبة واحدة تدخل في موقف باطل؛ لأنه هنا قدم لك غداء دسما وقدم لك عسلا. هناك في جهنم ما يجب أن تتأمله، هناك زقوم، وهناك صديد، وهناك حميم.
كأن الله يقول لنا: إذا آثرتم هذا الطعام في الدنيا، وبعتم به دينكم، فإنكم ستجدون طعاما سيئا تأكلون منه دائما، دائما لا ينقطع أكلكم منه، حينئذ يخاف الإنسان.
لأن الله لرحمته عندما يذكر هذه التفاصيل هو من أجل أن نقارن نحن في الدنيا فنخاف؛ لأنه لا يريد أن ندخل جهنم إلا إذا فرضنا أنفسنا على جهنم رغما عنها، الله لا يريد لعباده أن يدخلوا جهنم، يهديهم، يذكرهم، يخوفهم يعرض تفاصيل هذه النار لأجل أن تقارن بينما تسمع من تفاصيلها وبين ما يعرض لك في الدنيا، طعام وشراب هنا، هناك طعام وشراب، فقارن بينهما، حينئذ تجد بأن هذا الطعام والشراب الذي يقدم لك في الدنيا ليس أهلا لأن تبيع دينك به ثم يكون جزاؤك طعام وشراب من هذا الطعام والشراب السيئ في نار جهنم.
هو لا يذكر هذه الأشياء لمجرد حكاية مشاهد، قصة [حزية أو وسيلة] كما نقول، بل لأن الله سبحانه وتعالى يعلم أن في ذكر هذه التفاصيل إذا ما تأملناها ما يخيفنا وما يردعنا، وسنجدها تفاصيل ماثلة أمام أعيننا كلما عرض علينا شيء من حطام الدنيا.
نقول: لا، هذا الطعام لا أقبله لأن وراءه طعام الزقوم، هذا الشراب لا أقبله وإن كان عسلا مصفى لأن وراءه الصديد والحميم، هذا الثوب، هذه البذلة لا أقبلها لأن وراءها ثياب من نار، وراءها سرابيل من قطران، وهكذا تجد في تفاصيل جهنم إذا كنت واعيًا ما يجعلك تقارن في كل مسيرة حياتك عندما تتعرض للإغراءات من قبل الآخرين التي هي عادة تتعلق بقضية الشراب والطعام.
🍀القسم السابع🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – لماذا تسود الغفلة في واقعنا بدلا من الخوف من العذاب؟
🔸 – ارتباط المؤمن بالحق يعرضه لكثير من المتاعب في نفسه وماله، فهل تعد هذه النواقص خسائر؟ وما هي الخسارة الحقيقة؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} (الزمر: من الآية71)؟!! الملائكة أنفسهم يندهشون من أهل جهنم وعندما يرون الملايين تساق إلى جهنم، {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} (الزمر: من الآية71) تلك الآيات التي تهديكم، تلك الآيات التي فيها ما يبعدكم عن أن تصلوا إلى جهنم {وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} (الزمر: من الآية71)؟!
أليس هذا حاصل في القرآن في كثير من الآيات الكريمة، سور بأكملها تتحدث عن اليوم الآخر؟ سور القرآن مليئة بالحديث بالإنذار لعباد الله من اليوم الآخر، بالآيات التي تهدي الناس إلى ما يبعدهم من سوء الحساب ومن عذاب جهنم في اليوم الآخر، أليس هذا في القرآن كثير؟ أليس القرآن في كل بيت؟ فلماذا لا نخاف؟ ولماذا نخاف الآخرين؟ بمجرد ورقة واحدة، أو واحد من زبانيتهم يخيفنا، ولا نخاف من أي شيء من كل ما نسمع الحديث عنه في كتاب الله الكريم، الذي بين أيدينا وفي كل بيت من بيوتنا؟
{قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (الزمر: من الآية71) {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} (الزمر: من الآية72) ما دام وقد جاءتكم رسل يتلون عليكم آيات ربكم، وقد أنذرتم لقاء يومكم هذا، إذا ًما بقي هناك أي عذر لكم {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (الزمر: من الآية72)
ويقول الله سبحانه وتعالى أيضا: {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} (الشورى: من الآية44)، هل هناك سبيل إلى أن نرجع إلى الدنيا، يبحثون عن الخروج من جهنم بأي وسيلة، ولو بوعد أنهم سيعودون إلى الدنيا ثم ينطلقون في الأعمال الصالحة {هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} (الشورى: من الآية45)، كأن هذا في القيامة وهم في المحشر؛ ينظرون إلى جهنم؛ لأن جهنم تبرز يوم القيامة كما قال الله: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} (الشعراء:91) فيرونها وهي تلتهب وتستعر، ويسمعون صوتها، زفيرها، وشهيقها، يتساءلون: {هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} (الشورى: من الآية44)، هل هناك ما يبعدنا عن هذه النار؟
{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ} مطأطئين رؤوسهم ومستكينين {مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} إلى جهنم {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيم} (الشورى: من الآية45). المؤمنون وهم يرون أولئك الذين كانوا في الدنيا كبارا، الذين كانوا في الدنيا معرضين عن دين الله ويسخرون من عباد الله سيرون أنهم في خسارة عظيمة، وهم يرونهم في وضع سيء، هكذا خاشعين من الذل ينظرون إلى جهنم نظرات مخيفة، نظرات شزر: لا يحاول أن يملأ عينه من رؤيتها، لا يحاول من شدة الخوف، هناك يتجلى من هو الخاسر، تجلت الخسارة على أفظع ما يمكن أن تتصور: {إِنَّ الْخَاسِرِينَ - حقيقة هم - الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}، {أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}.
لأنه هنا لاحظوا في الدنيا قد يرى أي شخص من المنافقين إذا ما تعرض الناس لأي شيء فرأوهم مثلا يقادون إلى السجون أليسوا هم من يسخرون؟ أليسوا هم من يرون أولئك المؤمنين خاسرين؟ المنافقون، الجاهلون الذين لا يعرفون من هو الخاسر الحقيقي، يرونك وأنت في السجن، وأنت تعمل في سبيل الله، يرونك وأنت تطارد فيعتبرون أنفسهم أنهم حكماء وأذكياء أنهم هاهم آمنون في بيوتهم، وأن أولئك خاسرون.
وقد يقول للبعض: [ألم نقل لك بأن هذا العمل سيضيعك من بيتك وأهلك؟ كان احسن لك تبطل وتجلس بين مالك وتجلس في بيتك وبين أولادك وما لك حاجة].
🍀القسم الثامن🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – بماذا وعد الله تعالى من ينفقون في سبيله؟
🔸 – لا يمكن أن تخسر حتى نفسك لو قتلت في سبيل الله، فكيف ذلك؟
🔸 – كيف يتهرب الإنسان من الحياة خوفًّا من الموت؟
🔸 – ما هو الإحسان الحقيقي؟ وما هي طريق الحكمة البعيدة عن الجهالات؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

سلسلة #معرفة_الله (15-15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس_عشر
ألقاها السيد/ #حسين_بدرالدين_الحوثي
بتاريخ8/2/2002
اليمن - صعدة

لاحظوا، عندما يدعو الله الناس للإنفاق في سبيله ألم يعدهم بأنه سيخلف عليهم ما أنفقوا؟ ليفهمنا أن العمل في دينه ليس فيه خسارة أبدًا، والنظرة المغلوطة لدينا هي هذه: أن كل من يفكر أن ينطلق في الأعمال في سبيل الله بنفسه وماله يخيل إليه أنه سيقع في الكثير من الخسارة، سيحتاج أن يعطي كذا، سيحتاج أن ناله كذا فيرى نفسه يتعرض للخسارة! إن الله في القرآن الكريم أوضح لنا بأنه ليس في العمل في سبيله أي خسارة أبدًا.
فأنت إن أنفقت يخلف عليك أضعاف ما أنفقت، وأنت عندما تكون تعمل في سبيله فينالك شيء من الألم كله سيكتب لك عملا صالحًا، ذلك الألم الذي قد ينالك على أيدي أعدائك الذين لم تعمل في سبيل ضربهم قد ينالك الكثير من الألم ثم لا يكتب لك شيء. أما إذا كنت في سبيل الله فإن كل حركة من حركاتك، وأي مصيبة تنالك، وأي مشقة مهما كانت بسيطة كلها تكتب لك عمل صالح، وأن يكتب لك عمل صالح مضاعف الأجر حينها ستجد بأن كل ما ينالك ليس وراءه خسارة.
إن الخسارة هي أن يكسر عظام الإنسان على أيدي اليهود وهو بعد لم يعمل ضدهم شيئًا، هذه هي الخسارة. إن الخسارة هي أن يدمر بيتك على أيدي أعداء الله وأنت ممن كنت لا تعمل ضدهم شيئًا، هذه هي الخسارة. حينها سيكون كل ما نالك عقوبة، والعقوبة لا أجر عليها، لا أجر معها. أليست هذه هي الخسارة الحقيقية؟ لكن ليحصل مثل هذا، أو أكثر منه، أو أقل منه في سبيل الله لن يكون خسارة؛ لأنه يكتب لك عمل صالح، مضاعف الأجر عند الله ثم وبناء على هذه القاعدة الإلهية أنه لو وصل الأمر إلى أن تضحي بنفسك ألم تنفق نفسك حينئذ في سبيل الله؟ يقول لك: لن تخسر أبدا حتى روحك وستعود حيا، ألم يقض بهذا للشهداء؟ {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} (البقرة:154)، {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران:169).
لأنك من بذلت نفسك في سبيله، وعلى أنه لا خسارة في التعامل معه سيعيد لك روحك، وتعيش حيًّا ترزق بكامل مشاعرك، وتفرح، وتستبشر بما أنت عليه، وبمسيرة الآخرين ممن يسيرون على نهجك، أنهم يسيرون على طريق حق، وعلى صراط مستقيم، وأن من سيلحق بعدك من إخوانك سينال ما نلته أنت من التعظيم، ومن الحياة في ذلك العالم، حياة مليئة بالفرح والسرور، هل هناك خسارة؟
بل أليس الناس يموتون؟ هذه هي الخسارة أن تموت ثم لا يكون في موتك إيجابية بالنسبة لك، ليس في موتك أي استثمار لك، وهذه هي الخسارة الحقيقية. هكذا يعلمنا الله: بأن كل من ينطلق في سبيله لن يخسر أبدًا، وأن الخسارة هي خسارة أولئك الذين قد يكون واقعهم يؤدي بهم إلى أن يخسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة. ومن يهربون من الموت في الدنيا، هم من يموتون حقيقة، هم من يضيعون في التربة حقيقة، أما الشهداء فإنهم لا يموتون. أوليس كذلك؟
فكل من يخاف من الموت هو الخاسر، هو الذي يريد أن يموت، هو من سيكون موته لا قيمة له، إذا كنت تكره الموت فحاول أن تجاهد في سبيل الله، وأن تقتل شهيدًا في سبيله.
وكلما يقعد الناس عن العمل في سبيل الله إنما هي مفاهيم مغلوطة، كلها وضعية غلط، وكله فهم غلط حتى من يرى أن هناك ما يبرر له قعوده عن أن يجاهد أعداء الله؛ لأنه عالم اكتشف على أساس قواعد [أصول الفقه] أن بإمكاني ألا يجب هذا الواجب عليّ، وأن يكون تعاملي مع الله محدودًا، أستطيع أن أبحث عن الحيل التي تخلصني من أن يجب هذا الواجب عليّ، أليس هو سيموت؟
لماذا تهرب عن هذه الكرامة العظيمة، وربما قد تكون أنت من قد عشت في الدنيا عشرات السنين ومتعت بما متعت في الدنيا، حاول أن تستثمر موتك، لا تبحث عن الحيل، لا تبحث عن المبررات، إنك من يجب لمثله أن ينطلق ليحظى بهذه الكرامة؛ لأن - في العادة - الإنسان لا يبحث عن المبررات وعن الحيل ليقعد، أو لينطلق ليصنف أعمال الآخرين بأنها أعمال حمقاء، أو أنها باطلة كله: الخوف من الموت، هل أنت تخاف من الموت؟ هل أنت تكره الموت؟ حاول أن تعيش حيًا، حاول أن تكون ممن قال الله لنا ومنعنا عن أن نسميهم أمواتًا، الموت ملغي من قائمتهم {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} ليسوا أمواتًا إنهم أحياء {بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ} {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
🍀القسم الأول🍀
🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – هناك من الناس من ينظر إلى ما في يده من النعم على أساس أنها مكتسبات خبرته وتجربته في الحياة، كيف ذكرهم الله بنعمه؟
🔸 – من وجه الله هذا السؤال: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}؟ وكيف يكون أثر الإجابة الصحيحة عليه في نفس الإنسان؟
🔸 – ماذا تخلق في واقعنا ترسخ حالة النسيان لنعم الله؟
🔸 – إلى أي اتجاه في التفكير نذهب حين يقول الله تعالى لنا: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ}؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة

بسم الله الرح من الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
في الدرس السابق عرفنا من جملة آيات: أن الله سبحانه وتعالى يطلب من عباده، أو يأمر عباده أن يذكروا نعمه، يرشدهم إلى أن يتذكروا نعمه، فهو قد عدد كثيرًا من نعمه عليهم، وهو أيضًا قد أرشدهم إلى قيمة كثير منها، في أثرها في حياتهم، وبين حاجتهم الماسة إليها.
وفي نفس الوقت هو سبحانه وتعالى ذكَّر بأسلوب آخر أولئك الذين يرون أن كل ما في أيديهم، ينظرون إليه كنظرة قارون عندما قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (القصص: من الآية78) عندما قال له بعض قومه: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ من الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ} (القصص: من الآية77) كان جوابه: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} أنا ذكي وشاطر، وعندي خبرة في البيع والشراء، وعندي خبرة في الزراعة، وعندي خبرة في كذا، فهذا هو نتاج شطارتي، ونتاج حنكتي وذكائي. هكذا ينظر الناس ـ أو ربما أكثر الناس ـ ينظرون إلى ما بين أيديهم.
ففي [سورة الواقعة] بأسلوب آخر يقول لأولئك الذين ينظرون هذه النظرة إلى ما بين أيديهم: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} (الواقعة: 63) هذه الأموال التي تحرثونها، هذه الأموال التي تجنون منها مختلف الثمار، فتحصلون من ورائها على أموال كثيرة، هذه الأرض التي تحرثونها، وهذا الزرع الذي ينبت بعد حرثكم {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (الواقعة: 64) ما هذا سؤال؟ نقول لك: تذكر النعم العظيمة عليك، تذكر، إذا أنت لم تتذكر فسنذكرك نحن، فيأتي على هذا النحو من الاستفهام {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} كيف سيكون جواب كل واحد منا؟ الله هو الزارع، إذًا هذه واحدة.
الزراعة تشمل مختلف الأصناف التي بين أيدي الناس سواء زراعة الزرع، زراعة القات، زراعة البن، زراعة الفواكه، زراعة الحبوب، تسمى كلها زراعة، بعد أن تعترف أنت بأن الله هو الزارع، الله هو الذي خلق هذه الأرض التي تحرثها، هو الذي خلق لك هذه الآلة التي تحرث عليها، أو هذا الحيوان الذي تحرث عليه، هو الذي خلق لك تلك الأيدي التي تقبض بها المحراث، أو تقبض بها عجلة القيادة في الحرَّاثة.
والأعين التي تبصر بها، أليست من الله؟، هل يستطيع الأعمى أن يحرث؟ لا يستطيع، لو تعطيه أرضًا واسعة جدًا وتقول له: هذه لك وتحرثها أنت ما يستطيع يحرثها، أرضية كبيرة تعطيه، أرضية صالحة للزراعة وتقول له: لكن نريد أنت الذي تكون تحرثها أنت بيدك، حتى لو كان صحيح الجسم لكن فاقد البصر هل يستطيع؟
ثم هذه التربة التي تحرث فيها، هل هي سواء هي والرماد، أو الدقيق أو أي شيء آخر؟ من الذي أودع فيها هذه الخاصية، فجعلها قابلة للإنبات؟ أليس هو الله سبحانه وتعالى.
لاحظ مساحة الأسئلة كثيرة داخل هذه الآية: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} داخلها أسئلة كثيرة جدًا، بدءًا من الأرض وانتهاء بالثمرة التي تجنيها، داخلها أسئلة كثيرة.
فإذا كنت معترفًا بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي زرع، هو الذي أنبت {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} (الأنعام: من الآية95) أنت فقط تلقي الحَبَّ في باطن التربة، من الذي يفلق الحب والنوى؟ هو الله {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} إذًا فهو الزارع، أليس كذلك؟
فإذا كنت معترفًا بأن هذه الأرض منه والقوة التي أنا عليها أتمكن بها من الزراعة، من الحراثة هي منه، وهذا الزرع هو الذي فلق حبّه ونواه، هو الذي أنبت هذه الأشجار التي نجني منها الأموال الكثيرة.
فما هو الموقف الصحيح بالنسبة لي منه تعالى أمام ما أعطاني، ما هو الموقف الصحيح؟ هل أرضى لنفسي أن أكون م من قال الله عنهم: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم: من الآية34)؟
🍀القسم الثالث🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما العلاقة بين الإصرار على زراعة القات جيلا بعد جيل وبين الانطلاق في سبيل الله ونصرته؟
🔸 – الاقتصاد في استعمال الماء حين يكون من منطلق تقوى الله أفضل أم حين يكون من منطلق الخوف من نفاد المياه من المخزون الأرضي؟
🔸 – سمى الله تعالى الماء رزقا، فما العلاقة بين الاقتصاد والماء؟
🔸 – كيف نستعيد مخزون المياه من جديد؟ وكيف نبني اقتصادا قويا ينافس اقتصادات العالم الغربي؟
🔸 – النار قد تكون مظهرا من مظاهر نعمة الله علينا، ففي أي سياق تكون كذلك؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة

ثم إذا كنا مصرين على أن نزرع القات جيلًا بعد جيل، هذا أيضًا من الإصرار على أننا لسنا مستعدين على أن نقف موقفًا يرضي الله سبحانه وتعالى، في مجال نصر دينه، وإعلاء كلمته، وأن نقف في وجه المفسدين في الأرض: اليهود والنصارى وأوليائهم، إذا كنت مصرًّا على زراعة القات باستمرار وأن تورثها للأجيال من بعدك فأنت مصر على قعودك عن نصر دين الله؛ لأن الله عندما يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} (الصف: من الآية14) يأمرنا بأمر يوجب علينا أن نهيئ وضعيتنا بالشكل الذي نستطيع أن نكون فيه م من يحقق نصر الله، و منه الجانب الاقتصادي، تأمين غذائنا.
فليحاول الناس ـ وقد كثرت الأسر ـ أن يحرثوا أي أماكن لا تزال غير مزروعة، يحرثونها وليس كل مكان يجهزونه للزراعة يغرسونه قات، يحاول الناس أن يزرعوا الحبوب، ولو بنسبة بسيطة، ونرجع قليلًا قليلًا إلى وضعنا الطبيعي في رجوعنا إلى الله سبحانه وتعالى من خلال رجوعنا إلى الله قليلًا قليلًا حتى نعود بالشكل الذي يريد الله سبحانه وتعالى أن نكون عليه.
نعود إلى نفس الموضوع:
{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} (الواقعة: 68) أأنتم ترون هذا الماء؟ نعم نحن نراه، ونحن نعرف أننا لسنا نحن الذين نخلقه وننتجه، هل الماء تنتجه المصانع؟ {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ من الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمنزِلُونَ} (الواقعة: 69).
سؤال، كيف سيكون الجواب: أنت يا الله الذي تنـزله من المزن، من السحاب {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} (الواقعة: من الآية70) مالحًا فلا يصلح للشرب ولا يصلح لسقي الأرض، هل بإمكانك أن تسقي نباتات من البحر؟ لا يصلح.
أليس ماء البحر كثير جدًا؟ لكن لا يصلح لا للشرب ولا لزراعة الأشجار، ولا لسقي المزارع بل ولا يصلح أحيانًا استخدامه مع بعض أدوات التنظيف، أحيانًا لا يصلح استخدامه مع بعض أنواع الصابون، لا يقبل.
ألسنا مؤ منين بأن الله سبحانه وتعالى يستطيع أن يجعله أجاجًا: مالحًا شديد الملوحة؟ يستطيع حتى ولو أبقاه كثيرًا في متناولنا، لكن يستطيع أن يحوله إلى مالح، أو يغوِّره في أعماق الأرض {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمن يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (الملك: 30).
من الذي يعطيكم بديلًا، هل أمريكا يمكن أن تعطينا ماء؟ أو اليابان أو الصين يمكن أن يعطونا ماء؟ مصانع تنتج ماء؟ لا، هل تستطيع الدولة نفسها أن تعطينا ماء؟ هي تصيح على الناس المزارعين بأنه حاولوا أن تقللوا من استخدام المياه العشوائي، مخزون الماء معرض للانتهاء. ليس المخزون، إنما هو نحن، مخزون العودة إلى الله قد انتهى، مخزون العودة إلى الله في أنفسنا هو الذي انتهى. نحن لو عدنا إلى الله لما خشينا؛ لأنه قال: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} (الجـن: 16) فليكن من السماء وليكن من باطن الأرض.
الحفاظ على الماء في استهلاكه قضية مهمة، والتبذير بالماء هو من التبذير الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، وشبه المبذرين بأنهم إخوان الشياطين {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (الاسراء: من الآية27) هذه الآية من الشواهد المهمة على أهمية الجانب الاقتصادي في حياة الناس، على أهمية الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بقيامهم بواجباتهم ومسئولياتهم أمام الله سبحانه وتعالى؛ لأن حياتنا مرتبطة بالماء، فغذاؤنا مرتبط بالماء، رزقنا مرتبط بالماء، بل سماه رزقًا في آيات أخرى سمى الماء رزقًا، هكذا مباشرة.
ف من يبذر بالماء كأنه شيطان، أي كأنه يعمل على أن يضرب الأمة من أساسها، حتى لا تستطيع أن تقف على قدميها في النهوض بواجباتها الدينية {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} هو لا يقدر نعمة الله سبحانه وتعالى، هو لا يعترف بالأهمية الكبرى للماء في أنه هو أساس الحياة، هو عمود الحياة: حياة الأرض، وحياة الأنفس، بل حياة الإيمان، حياة الدين، بل حياة الأمة، عزتها كرامتها.
🍀القسم الرابع🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – الحديث عن نعم الله هو يعطي أكثر من معنى، فكيف ذلك؟
🔸 – لماذا يكون الناس أكثر غفلة عن الله حين تستتم لهم النعم المختلفة؟ وهل هذه الحالة سائدة دائما؟
🔸 – بعد أن عدد الله ما خلق لنا من النعم قال: {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}، فما المقصود هنا؟
🔸 – يختلف جانب الهداية عن جانب النعم، فكيف ذلك؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة

ولنعد أيضًا إلى آيات أخرى فيها كثير مما عرضه الله سبحانه وتعالى من نعمه على الناس. وكما قلنا سابقًا: بأن الحديث عن نعم الله هو يعطي أكثر من معنى، فهي في نفس الوقت من مظاهر تدبير الله سبحانه وتعالى لشؤون خلقه، من مظاهر رحمته بعباده، من مظاهر رعايته لعباده، من مظاهر حكمته، من مظاهر قدرته العجيبة، من مظاهر علمه الواسع، من مظاهر ملكه، أنه هو من يملك السموات والأرض وما بينهما، وهو رب هذا لعرش العظيم، لا يكاد ينتهي الكلام حول هذه الآيات التي سرد الله فيها كثيرًا من النعم التي على الإنسان؛ لأنها مهمة في كل مجال.
فمتى ما جئت تتحدث عنها باعتبارها من مظاهر رحمة الله، فما أوسع الحديث عنها. ومتى ما جئت تتحدث عنها باعتبارها من مظاهر حكمة الله فما أوسع الحديث عنها. وباعتبارها من مظاهر قدرة الله وعلمه بكل شيء ورعايته ولطفه فما أوسع الحديث عنها، وفي كل الأحوال ما أهم تذكر الإنسان لها، وما أعظم أهمية أن يتذكرها الإنسان لما تعطيه من دروس في كل هذه المجالات التي ترشد إليها، وتنبئ عنها فيما يتعلق بكمال الله سبحانه وتعالى.
يقول الله سبحانه وتعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ من أَمْرِهِ عَلَى من يَشَاءُ من عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل: 2)
هذا أول شيء، وأهم النعم نعمة الهداية بالنبوة بإرسال الأنبياء بإنزال الكتب، بالنسبة لنا نحن المسلمين إنزال القرآن والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (النحل: 3) خلقها ليس لمجرد هواية أن يخلق، ممارسة هواية، لا، هو خلقها بالحق، هناك غاية مهمة مرتبطة بها {خَلَقَ الْإِنْسَانَ من نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} (النحل: 4) خلقه من نطفة { من مَاءٍ مَهِينٍ} (السجدة: من الآية8) كما قال عنها في آية أخرى، فإذا هو عندما يكبر ويشتد ساعده، ويتمتع بكامل قوته يصبح خصيمًا لله، معاندًا متمردًا {مُبِينٌ} بيِّن الخصومة والعناد والتمرد.
أليس الإنسان ظلوم كفار؟ وعادة ينطلق الإنسان في أن يكون خصمًا لله تعالى، وهو في أوسع حالات التنعم بنعم الله تعالى، ما يتمتع به من قوة في بدنه، وما يتمتع به من نعم الله بين يديه، {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق: 6ـ7)
فمتى ما توفرت له النعم، متى ما رأى نفسه يمتلك كامل قواه وبصحة جيدة ينطلق مخاصمًا لله، ينطلق معاندًا لله، وجاحدًا لله وكافرًا بالله، ورافضًا لدينه، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (ابراهيم: من الآية34) {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (عبس: 17).
أحيانًا يكون أولئك الفقراء أقل طغيانًا، أقل ظلمًا، أقل تكبرًا، لا تزال لديهم كثير من مشاعر الحاجة إلى الله، والعودة إلى الله والطلب إلى الله سبحانه وتعالى، وبعضهم متى ما استغنى ورأى نفسه وهو ذلك الذي كان كثير الدعاء لله، وكثير الالتجاء إلى الله يوم كان ضعيفًا، يوم كان مريضًا، يوم كان مفتقرًا، ومتى ما استغنى، ومتى ما تمتع بكامل قوته انطلق خصمًا لله.
أليست حالة أن تكون متمتعًا بكامل قوتك البدنية، متمتعًا بنعم واسعة عليك هي الحال التي يجب أن تكون فيها أكثر عودة إلى الله وخشوعًا لله، وحياء من الله، وعبادة لله، أليس هذا هو الوضع الطبيعي لك؟ لو كنت تفهم.
كما كان نبي الله سليمان صاحب الدنيا الواسعة والملك العظيم، ذلك الذي يقول: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (النمل: من الآية19) هذا هو الوضع الصحيح ل من يمتلكون نعما مادية ومعنوية.
🍀القسم الخامس🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – هل تصح التسمية بـ "مجالس تشريعية" بأي حال من الأحوال؟
🔸 – أودع الله في السوائل والماء سرا عجيبا نوه إليه في ذكر نعمة مخر السفن للماء، فما هو هذا السر؟ وإلى حد استفاد منه الإنسان؟
🔸 – حين انتشر الربا بين الناس عاشوا مظاهر حرب من الله في اقتصادهم وتجاراتهم، فبم تمثل ذلك؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة

{وَمنهَا جَائِرٌ} (النحل: من الآية9) ومن السبل في هذه الحياة ما هو جائر، فإذا كانت السبل متعددة في الحياة ويأتي المجرمون والظالمون فيرسمون سبلًا من الضلال، يدعون الناس إلى السير عليها، فهو يقول: أنا لا أنساكم، وأنا الذي سأتكفل بهدايتكم، ورسم السبيل القاصد، الصراط المستقيم الذي هو هداية حقيقية لكم في هذه الحياة. {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (النحل: من الآية9) بأن يوحي إلى كل شخص، أو كما يقول المفسرون العدلية: عن طريق القسر والإلجاء غصبًا عنك، يهديك غصبًا عنك.
شاء الهداية وهدى على هذا النحو من إنزال الكتب، إنزال القرآن، وبعث الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأن يجعل في هذه الأمة ورثة لكتابه هم أهل بيت نبيه. الهداية تكفل بها، الهداية قد رسم طريقها، وهو يقول لنا ـ وسنتابع الحديث عن بقية الآيات لتلمسوا كيف أنه داخل الآيات التي تتحدث عن النعم ـ يقول لنا: هذه النعم المادية شيء عظيم، وأنتم في الحياة في حالة تعدد السبل الجائرة أيضًا أنا أتكفل بهدايتكم، سأرسم لكم الطريق القاصد الصراط المستقيم.
وجاء هنا بهذه العبارة لكي يفهم الناس، ويفهم من يقولون: بأن كل إنسان فلينطلق ليجتهد، لينطلق ليشرع يقول له هنا: {وَعَلَى اللَّهِ} وحده {قَصْدُ السَّبِيلِ وَمنهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (النحل: من الآية9) يقول لأولئك الذين يعملون مجالس تشريعية في مختلف ال مناطق في البلاد الإسلامية ليشرعوا، ليقننوا: إن كنتم تقننون فقط على وفق أحكام الله، وتشريع الله، وهدي الله سبحانه وتعالى عندما تنصون على المجالات المتعددة المتجددة في الحياة بربطها، فإن كان من منطلق أن الإنسان يملك حق التشريع لنفسه فهذا لا يبعد أن يكون من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وإن كان فقط مجرد إخراج، مجرد تفصيل للهداية الواضحة التي قد رسمها الله سبحانه وتعالى فلماذا تسمون تلك المجالس مجالس تشريعية؟ لا يصح أن تسمى مجالس تشريعية بأي حال من الأحوال.
كما ونحن في حالات التقنين والتشريع ـ كما يقولون ـ يجب أن نعتمد على القرآن الكريم، وعلى أهل البيت، على ورثة الكتاب، وليس فقط أن ندرس قوانين، ثم نقول: نحن مقننون، ثم ننطلق لنضع قوانين، ونصدر قوانين، ونحاول أن نستفيد من القانون المصري الذي هو مستفيد من القانون الفرنسي والبريطاني، وهكذا، وتنتهي المسألة، وإذا بنا نوصِل إلى داخل أوطاننا ما قننه أعداؤنا، الذين انطلقوا ليقننوا لأنفسهم؛ لأنهم كافرون بكتاب الله، كافرون برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وكأنه ليس فيما بين أيدينا من الهدى ما يمكن أن يتناول شئون الحياة، ومستجدات الحياة، والله هو الذي يقول لنا: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَ منهَا جَائِرٌ}.
ألست ترى هذه الأنعام ما تزال موجودة وقائمة؟ أليس هناك خيل، وبغال، وحمير، وبقر، وغنم، وإبل ما تزال موجودة، هو في الوقت الذي يذكرك بأنها نعم في نفس الوقت عليه قصد السبيل إذا كنت ملتجئًا إليه، إذا كانت الأمة ملتجئة إليه، وملتجئة إلى الثقلين، للتمسك بالثقلين بكتاب الله، وعترة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) فما زالت الحياة، وما دامت الحياة مستمرة فستظل الطريق القاصدة، والصراط المستقيم قائمة الله تكفل بهذا، تكفل به كما ذكر الأنعام، فكيف نرى الأنعام ما تزال قائمة، وباقية، ثم ما يتعلق بقصد السبيل، والهداية نقول: انتهت ذاك اليوم، وكل واحد يقوم يبحث هو عن الهداية لنفسه! هل هذا صحيح؟
قد ربما لو قلنا: نحن رأينا الأبقار، والأغنام والإبل، والخيل، والبغال والحمير هذه انتهت من الدنيا، يمكن إذًا فكل ما تناولته هذه الآيات ربما قد رفع، وانتهى. لكن العجيب هو أننا نرى في الوقت الذي نجد هذه الآية، الآية التي تدل على الهداية، وأن الله هو الذي يتكفل بالتشريع لعباده، وهداية عباده، تتوسط الحديث عن نعمه، ونحن ما نزال نرى نعمه قائمة، ثم نقول: أما قصد السبيل فيبدو بأنه قد غاب، كيف يرفع الله ما نحن في أمس الحاجة إليه: هدايته، ويترك لنا البقر والحمير، والإبل، والغنم، وهذه المواشي؟! أليست هداية الله لنا في هذه الحياة هي أهم؟ هل تبقى الحمير، ولا تبقى هداية الله؟! بحيث تبقى الحمير في هذه الدنيا كنعمة يحافظ الله عليها أن تبقى، ولا يحافظ على أن تبقى نعمة هدايته قائمة!، لا يصح هذا.
🍀القسم السادس🍀

🔶 أسئلة قبلية:
🔸 – ما جوانب النعمة العظيمة التي يمكن أن نتعرف عليها من الجبال والنجوم؟
🔸 – كيف تعاملنا مع الله الذي له الملك، بعد أن رأينا من عظيم حكمته ودقيق تدبيره في الكون؟
🔸 – هل هناك أحكام شرعية لمجرد التعبد؟ وما علاقة الأحكام بعضها ببعض؟

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀

#سلسلة_معرفة_الله (5 - 15)
دروس من هدي القرآن الكريم
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
بتاريخ: 22/1/2002م
الي من - صعدة

{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا} (النحل: 15) الرواسي هي الجبال لما كانت الأرض اليابسة هي في واقعها مفروشة على الماء، والماء يشكل نسبة كبيرة قـد يكون أكثر من 70% من حجم الكرة الأرضية بكلها، كانت ـ بالطبع ـ الأرض تعتبر قطعة صغيرة فوق سطح الماء، قابلة لأن تبقى تهتز وتتحرك، فألقى الله فيها الجبال تثبتها {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} لترسوا، فترسوا الأرض على الماء، ولا تكون مهتزة، فيمكن الاستقرار عليها.
أيضًا جعل في الأرض أنهارًا، أنهار المياه، جعل فيها سبلًا {وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} تهتدون وأنتم تتجهون في هذه الأرض، وأنتم تتقلبون في السفر إلى مناطق متعددة في هذه الأرض، جعل فيها سبلًا منافذًا، أنت عندما تكون في الطائرة فترى منظر الأرض، تراها فعلًا لا ترى فيها منطقة مقفلة، حتى فيما يتعلق بتصميم الأودية، تجد كيف الجبال الشاهقة شعاب صغيرة فيها إلى أودية صغيرة، وأودية صغيرة تتجمع إلى أودية كبيرة، وتتجه هكذا باتجاه الصحراء، أو باتجاه البحر.
كذلك الأرض على الرغم من أن فيها جبالًا، لم تكن الجبال بشكل سدود، تحول بين الناس وبين أن يسافروا إلى جهات متعددة في الدنيا، بل جعل فيها سبلًا، جعل فيها منافذًا {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وأنتم تسيرون في هذه الدنيا لمختلف الأغراض.
كذلك {وَعَلامَاتٍ} (النحل: من الآية16) جعل علامات للسبل في البر، وعلامات في البحر {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل: من الآية16) المسافرون يهتدون في البر، والمسافرون يهتدون في البحر، فأعلام في البر بشكل الجبال المختلفة، أليست أشكال الجبال مختلفة؟ هذا من أهم الأشياء في أن تتعرف على ال مناطق، لو كانت الجبال كلها بشكلية واحدة، وتصميم واحد، فهي رواسي، واحد هنا، وواحد هنا، وواحد هناك، قد لا تستطيع أن تعرف وأنت تتجه، لكن الجبال أنفسها، وشكليتها هي نفسها مما يساعد ـ أن كانت بشكل أعلام ـ وأنت تسافر فترى تلك القمة، قمة الجبل هناك، ترى الطريق من عندها إلى ال منطقة الفلانية، فتراها قمة متفردة في شكلها، أليس كذلك؟ فيها عبر كثيرة.
الجبال نفسها لعدة أغراض، ولعدة فوائد. فهي نفسها تساعد على أن تبقى الأرض فلا تميد فوق البحر، وهي نفسها غير مقفلة، قابلة لتحرك الإنسان عليها، هي نفسها قابلة للاستقرار عليها، بل أحيانا تطلع مساحة البلدان التي فيها جبال كثيرة تطلع مساحة كبيرة عندما تحسب وجه الجبل من هنا، ووجهه من هناك، ترى كيف أنه وبتصميم الله سبحانه وتعالى الذي هو حكيم لا يضيع حتى المساحة التي سيشغلها الجبل، أليس الجبل ضروريا بالنسبة للأرض؟ سيجعل الجبل نفسه بشكل يكون أوسع مساحة من المساحة التي يشغلها في موقعه، فعندما تمسح مساحة الجبل من هنا كم سيطلع؟ ومن جانب آخر كم سيطلع؟ ستراه أكثر من المساحة التي يشغلها الجبل.
لأن الله حكيم، هو لا يبذر، هو لا يضيع، يقول: الجبل ضروري، سنضع الجبل وإن كان كذا، أهم شيء أن ترسو الأرض، فنرى الجبل هذا، وسلسة من الجبال تشغل مساحات واسعة من الأرض، ثم هي نراها لا تصلح للسكن عليها، ولا تصلح للتحرك فيها، عبارة عن سدود شاهقة، ليس لها أكثر من مهمة واحدة، هي أن تمسك الأرض أن تميد وهي مفترشة فوق الماء، لا، لعدة أغراض في الوقت الذي تقوم بهذه المهمة تصلح للمهام الأخرى، فتصلح حتى أن تكون أعلامًا.
وفي هذا إرشاد، لاحظوا في كل خلق الله سبحانه وتعالى إرشاد للناس في مجال التصميمات، في مجال الصناعات. عندما تصمم لك منـزلا تحاول أن يكون تصميمك للمنـزل بالشكل الذي لا يضيع المساحة، بعض الناس يأتي فيصمم له منـزلًا، فيأخذ مساحة في موقع جميل، ويخسر فيه مبالغ كبيرة، لكن صممه تصميمًا عشوائيًا، فترى البيت هذا بشكله الكبير، وتراه من داخله لا يفي بحاجات صاحب البيت من الغرف، ومن الصالات، وغيرها، ضيع أرضية، وضيع أموالًا كثيرة، وسبب ذلك كله ضعف التصميم، والخطأ في التصميم.
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_السادس

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀🍂
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
رضوان الله عليه
بتاريخ: 22/1/2002م
اليمن - صعدة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين. في الدرس السابق عرفنا من جملة آيات: أن الله سبحانه وتعالى يطلب من عباده، أو يأمر عباده أن يذكروا نعمه، يرشدهم إلى أن يتذكروا نعمه، فهو قد عدد كثيراً من نعمه عليهم، وهو أيضاً قد أرشدهم إلى قيمة كثير منها، في أثرها في حياتهم، وبين حاجتهم الماسة إليها. وفي نفس الوقت هو سبحانه وتعالى ذكَّر بأسلوب آخر أولئك الذين يرون أن كل ما في أيديهم، ينظرون إليه كنظرة قارون عندما قال:{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}(القصص: من الآية78) عندما قال له بعض قومه:{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ}(القصص: من الآية77) كان جوابه: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} أنا ذكي وشاطر، وعندي خبرة في البيع والشراء، وعندي خبرة في الزراعة، وعندي خبرة في كذا، فهذا هو نتاج شطارتي، ونتاج حنكتي وذكائي. هكذا ينظر الناس ـ أو ربما أكثر الناس ـ ينظرون إلى ما بين أيديهم. ففي [سورة الواقعة] بأسلوب آخر يقول لأولئك الذين ينظرون هذه النظرة إلى ما بين أيديهم: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} (الواقعة:63) هذه الأموال التي تحرثونها، هذه الأموال التي تجنون منها مختلف الثمار، فتحصلون من ورائها على أموال كثيرة، هذه الأرض التي تحرثونها، وهذا الزرع الذي ينبت بعد حرثكم {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (الواقعة:64) ما هذا سؤال؟ نقول لك: تذكر النعم العظيمة عليك، تذكر، إذا أنت لم تتذكر فسنذكرك نحن، فيأتي على هذا النحو من الاستفهام {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} كيف سيكون جواب كل واحد منا؟ الله هو الزارع.. إذاً هذه واحدة. الزراعة تشمل مختلف الأصناف التي بين أيدي الناس سواء زراعة الزرع، زراعة القات، زراعة البن، زراعة الفواكه، زراعة الحبوب، تسمى كلها زراعة، بعد أن تعترف أنت بأن الله هو الزارع، الله هو الذي خلق هذه الأرض التي تحرثها، هو الذي خلق لك هذه الآلة التي تحرث عليها، أو هذا الحيوان الذي تحرث عليه، هو الذي خلق لك تلك الأيدي التي تقبض بها المحراث، أو تقبض بها عجلة القيادة في الحرَّاثة. والأعين التي تبصر بها.. أليست من الله؟.. هل يستطيع الأعمى أن يحرث؟ لا يستطيع، لو تعطيه أرضاً واسعة جداً وتقول له: هذه لك وتحرثها أنت ما يستطيع يحرثها، أرضية كبيرة تعطيه، أرضية صالحة للزراعة وتقول له: لكن نريد أنت الذي تكون تحرثها أنت بيدك، حتى لو كان صحيح الجسم لكن فاقد البصر هل يستطيع؟. ثم هذه التربة التي تحرث فيها، هل هي سواء هي والرماد، أو الدقيق أو أي شيء آخر؟ من الذي أودع فيها هذه الخاصية، فجعلها قابلة للإنبات؟ أليس هو الله سبحانه وتعالى. لاحظ مساحة الأسئلة كثيرة داخل هذه الآية:{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} داخلها أسئلة كثيرة جداً، بدءاً من الأرض وانتهاء بالثمرة التي تجنيها، داخلها أسئلة كثيرة. فإذا كنت معترفاً بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي زرع، هو الذي أنبت {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}(الأنعام: من الآية95) أنت فقط تلقي الحَبَّ في باطن التربة، من الذي يفلق الحب والنوى؟ هو الله {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} إذاً فهو الزارع، أليس كذلك؟. فإذا كنت معترفاً بأن هذه الأرض منه والقوة التي أنا عليها أتمكن بها من الزراعة، من الحراثة هي منه، وهذا الزرع هو الذي فلق حبّه ونواه، هو الذي أنبت هذه الأشجار التي نجني منها الأموال الكثيرة. فما هو الموقف الصحيح بالنسبة لي منه تعالى أمام ما أعطاني، ما هو الموقف الصحيح؟ هل أرضى لنفسي أن أكون ممن قال الله عنهم:{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(إبراهيم: من الآية34)؟. أخرج من طرف السوق بعد ما بعت من [قاتي]، أو [بنِّي]، أو أي محصول زراعي بكمية كبيرة من المال، أخرج من طرف [الجِربة] وأنا محمَّل بما جنيته من تلك الأشجار التي زرعها الله سبحانه وتعالى، وأنا مدبر عن الله، ظلوم كفار، هل هذه من الناحية الإنسانية تليق بالإنسان؟ هل يليق بك أن تولي بوجهك عن الله, وتصم آذانك عن الله، وتعرض عن الله، فتكون ظلوماً كفاراًَ، هل ترضى؟ هل هذا هو ما يمليه عليك ضميرك؟. أليس هذا من الجفاء؟ أليس هذا من السوء؟ أليس هذا من الحماقة؟ أليس هذا من الكفر؟ أم أن الذي ينبغي لك بعد أن تكون قد أجبت الإجابة الصحيحة على قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} فقلت: بل أنت
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_السابع

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀🍂
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
رضوان الله عليه
بتاريخ: 22/1/2002م
اليمن - صعدة

نحن قد فسدنا، نحن فسدنا فلم تعد البركات بالشكل الذي كنا نسمع عن أجيال سابقة، الأمطار قلَّت، أليس كذلك؟ الأنهار أيضاً قلت وانتهى بعضها، وتلك المناطق التي كان يعتمد الناس فيها على الآبار الارتوازية أيضاً قلت المياه فيها بشكل كبير. {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}(الروم: من الآية41) فلم ير الناس أنفسهم متمكنين من زراعة الحبوب، ومن زراعة البقوليات الأخرى حتى يوفروا أو يؤمنّوا غذاءهم لأنفسهم, يؤمنّوا لأنفسهم الغذاء. السماء لم تعد تعطي بركاتها، الأرض لم تعد تعطي بركاتها، فسدنا كلنا، كبيراً وصغيراً، كما قال الإمام علي (عليه السلام) ((إذا فسد السلطان فسد الزمان)). أو لسنا نسمع من الدولة نفسها أنهم يشكون من الفساد المالي، والفساد الإداري، والفساد في القضاء، وفي الجانب الأمني وفي مختلف المجالات، في الجانب التعليمي، في الجانب الصحي، في مجالات كثيرة، ألسنا نسمع وهم يشكون؟. ألستم تسمعون برنامج يقدم [من هو المسئول] أليسوا يعالجون فيه أو يتحدث من المسؤول عن أخطاء في هذا المجال، أو هذا المجال، أو هذا المجال, فساد على مستوى الدولة والشعب؟. لكن ماذا؟ يبدو وكأن الله سبحانه وتعالى منحنا جرعة إسعافية مؤقتة لسكان الأرياف.. القات، من شمال اليمن إلى معظم المناطق الغربية هذه، معظم المناطق الغربية في محافظة صعدة ومحافظة حجة، وإب.. وهكذا، يعتمد الناس فيها على القات، في محافظة صنعاء وعمران والمحويت والجوف يعتمدون فيها على القات. مع أننا نصيح من زراعة القات أنه ليس هو ما يجب أن نعتمد عليه باستمرار، هذه شجرة إذا ظل الشعب معتمداً عليها باستمرار فبالتأكيد لا يستطيع أن يكون له موقف من أعداء الإسلام، هذه الشجرة لا تستطيع أن تمضغها إلا بعد أن يكون بطنك ممتلئاً وأنت شابع، أما إذا كنت جائعاً فهل تستطيع أن تمضغ القات؟.لا. إذاً فبالنسبة للقات، بالنسبة لشجرة القات، مناسب أن تكون لنا نظرة صحيحة بالنسبة لهذه الشجرة، هي في الواقع نعمة، لكن أعتقد أنها أشبه شيء بنعمة مؤقتة من جانب الله سبحانه وتعالى في فترة التيه.. هذه الأمة خاصة نحن اليمنيين في فترة التيه كما كان بنوا إسرائيل، والله سبحانه وتعالى رحيم. فالقات بالنسبة لنا كأنه أشبه شيء بطائر السلوى الذي منحه الله بني إسرائيل أيام التيه، المن والسلوى. لنعد إلى أنفسنا فنصلحها، نصلح أوضاعنا، ليعيد الله سبحانه وتعالى بركات السماء والأرض إلينا من جديد؛ لأنه في الواقع بالنسبة للقات، محصول القات عندما تبيع فيجتمع لديك مبلغا من المال، ماذا ستعمل بهذا المبلغ؟ ألست ستشتري حبوبا، وتشتري مواداً غذائية، تشتري فول من الصين وفاصوليا من الصين وعدس من تركيا، وتشتري بقوليات من خارج، وحب من خارج، تشتري ملابس من خارج، تشتري بهذا كله من خارج، أليس بالإمكان أن يعمل الناس ليتوفر ما يحتاجون إليه داخل بلدهم؟. لكن متى؟ متى ما حاولنا أن نصحح وضعيتنا فنخرج من حالة التيه، حتى لا نعد محتاجين إلى طائر السلوى، كما احتاج بنوا إسرائيل. هل كان طائر السلوى ممكن أن يكون بديلاً عن الأغنام والأبقار والإبل؟ مؤقتاً، نعمة مؤقتة، فالقات هو نعمة مؤقتة، ولكن في نفس الوقت يجب أن نشكر الله عليها. في نفس الوقت يجب ألا يترسخ لدينا بأنها هي الشجرة التي يجب أن تبقى. فأزرعها أنا ويزرعها أولادي من بعدي، ثم أولادهم وهكذا. ما دمنا مفتقدين إلى تأمين غذائنا فلا نستطيع أن نعمل شيئاً، ولو كانت كل الصحاري قات، ولو كانت كل الجبال قات، لا نستطيع أن نقف موقفاً واحداً ضد أعداء الله، أصبحت حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجة المسلمين إلى السلاح.. هل تفهمون هذا؟.حاجتنا إلى الغذاء أشد من حاجتنا إلى السلاح في ميدان وقفتنا ضد أعداء الله. الغذاء، القوت الضروري لا تستطيع أن تقف على قدميك وتصرخ في وجه أعدائك وأنت لا تملك قوتك، وإنما قوتك كله من عندهم. ولكن نحن نقول أن اتخاذ المواقف هو في نفس الوقت من مقدمات العودة إلى الله سبحانه وتعالى، أو بداية العودة إلى الله لنعد إلى أنفسنا، فنراه سبحانه وتعالى يطلب منا ويأمرنا بأن نكون أنصاراً لدينه، وأن نعتصم جميعاً بحبله، وأن نكون أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تدعو إلى الخير، تقوم بهذه المهمة في الناس جميعاً. فأملنا كبير في الله سبحانه وتعالى أن يعيد إلينا بركات السماء والأرض، فيستطيع الناس أن يعودوا إلى زراعة الحبوب، وزراعة مختلف الأصناف من الثمار التي هم بحاجة ماسة إليها. إذا كنا نعتقد أو كانت أنفسنا مطمئنة هكذا إلى أن هذه الشجرة أصبحت هي الشجرة الرئيسية التي نزرعها فيزرعها أبناؤنا من بعدنا إلى آخر أيام الحياة، هذه نظرة خاطئة فعلاًَ، هذه نظرة خاطئة. ولكن لا نعتبرها مصيبة، ولا نعتبرها طامة في ظروف كهذه.. ل
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_الثامن

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀🍂
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
رضوان الله عليه
بتاريخ: 22/1/2002م
اليمن - صعدة

نعود إلى نفس الموضوع: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ} (الواقعة:68) أأنتم ترون هذا الماء؟. نعم نحن نراه، ونحن نعرف أننا لسنا نحن الذين نخلقه وننتجه، هل الماء تنتجه المصانع؟. {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} (الواقعة:69). سؤال، كيف سيكون الجواب: أنت يا الله الذي تنـزله من المزن، من السحاب {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً}(الواقعة: من الآية70) مالحاً فلا يصلح للشرب ولا يصلح لسقي الأرض، هل بإمكانك أن تسقي نباتات من البحر؟. لا يصلح. أليس ماء البحر كثير جداً؟ لكن لا يصلح لا للشرب ولا لزراعة الأشجار، ولا لسقي المزارع بل ولا يصلح أحياناً استخدامه مع بعض أدوات التنظيف، أحياناً لا يصلح استخدامه مع بعض أنواع الصابون، لا يقبل. ألسنا مؤمنين بأن الله سبحانه وتعالى يستطيع أن يجعله أجاجاً: مالحاً شديد الملوحة؟ يستطيع حتى ولو أبقاه كثيراً في متناولنا، لكن يستطيع أن يحوله إلى مالح, أو يغوِّره في أعماق الأرض {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (الملك:30). من الذي يعطيكم بديلاً، هل أمريكا يمكن أن تعطينا ماء؟. أو اليابان أو الصين يمكن أن يعطونا ماء؟. مصانع تنتج ماء؟ لا.. هل تستطيع الدولة نفسها أن تعطينا ماء؟. هي تصيح على الناس المزارعين بأنه حاولوا أن تقللوا من استخدام المياه العشوائي، مخزون الماء معرض للانتهاء. ليس المخزون، إنما هو نحن، مخزون العودة إلى الله قد انتهى، مخزون العودة إلى الله في أنفسنا هو الذي انتهى. نحن لو عدنا إلى الله لما خشينا؛ لأنه قال: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} (الجـن:16) فليكن من السماء وليكن من باطن الأرض. الحفاظ على الماء في استهلاكه قضية مهمة، والتبذير بالماء هو من التبذير الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، وشبه المبذرين بأنهم إخوان الشياطين {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}(الاسراء: من الآية27) هذه الآية من الشواهد المهمة على أهمية الجانب الاقتصادي في حياة الناس، على أهمية الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بقيامهم بواجباتهم ومسئولياتهم أمام الله سبحانه وتعالى؛ لأن حياتنا مرتبطة بالماء، فغذاؤنا مرتبط بالماء، رزقنا مرتبط بالماء، بل سماه رزقاً في آيات أخرى سمى الماء رزقاً، هكذا مباشرة. فمن يبذر بالماء كأنه شيطان، أي كأنه يعمل على أن يضرب الأمة من أساسها، حتى لا تستطيع أن تقف على قدميها في النهوض بواجباتها الدينية {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} هو لا يقدر نعمة الله سبحانه وتعالى، هو لا يعترف بالأهمية الكبرى للماء في أنه هو أساس الحياة، هو عمود الحياة: حياة الأرض، وحياة الأنفس، بل حياة الإيمان، حياة الدين، بل حياة الأمة، عزتها كرامتها. إسرائيل تحاول أن تهدد سوريا والعراق بضرب الأنهار التي تأتي من داخل تركيا في اتفاقيات مع تركيا بأن تحول الماء إلى داخل إسرائيل، لاحظوا كيف اليهود داخل إسرائيل يحاولون بأي طريقة على أن يحصلوا على كميات كبيرة تؤمن لهم حاجتهم من الماء، أذكياء، أذكياء، بأي طريقة يحاولون أن يحصلوا على ما يؤمن لهم الماء من أجل أن يستطيعوا أن يقفوا على أقدامهم أكثر مما قد حصل في مواجهتنا. والعرب يتعرضون في شعوب كثيرة إلى أزمة مياه، بل هي قد تكون الأزمة الخانقة داخل هذه الأمة؛ لأن معظم الشعوب العربية لا تمتلك أنهاراً، أو لديها أنهار تأتي منابعها تأتي من بلدان هي لا تزال تحمل عداءً سواء للإسلام أو للعرب. بعض البلدان وإن كانت إسلامية مستعدة أن تدخل في اتفاقيات تضر بالبلاد الإسلامية العربية، لعداء للعربي لديهم، في الوقت الذي تعمل إسرائيل على أن تحصل على كميات كبيرة من الماء حكوماتنا هنا لا تحاول أن تفكر جادة في ما هو الذي يؤمن لها الماء، فقط يوجهوننا إلى ترشيد استهلاك الماء، سواء في المنازل أو في المزارع، هذا جيد لكن ماذا تملكون أنتم في سبيل توفير المياه؟. تبنى سدود صغيرة هنا وهناك وخزانات صغيرة هنا وهناك، هذه الخزانات وهذه السدود جيدة، لكنها لا تؤمن الحاجة الضرورية للماء إلا للبيوت على أكثر تقدير، بالنسبة للمزارع كثير من المناطق لا يصلح فيها سدود تكون كافية لسقي الأراضي ولفترات طويلة فيما لو بقي الجفاف من سنتين فما فوق. لماذا إسرائيل تفكر أن تحصل على الماء وتؤمن لنفسها، وأنتم لا تفكرون؟!. إذاً نحن مسلمون.. أقل من تلك التكاليف التي تصرف على محطات تحلية للماء على البحر نعود إلى الله سبحانه وتعالى هو الذي وضع لنا حلاً {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} (الجـن:16)
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_التاسع

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀🍂
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
رضوان الله عليه
بتاريخ: 22/1/2002م
اليمن - صعدة

يقول الله سبحانه وتعالى:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل:2) هذا أول شيء، وأهم النعم نعمة الهداية بالنبوة بإرسال الأنبياء بإنزال الكتب، بالنسبة لنا نحن المسلمين إنزال القرآن والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (النحل:3) خلقها ليس لمجرد هواية أن يخلق، ممارسة هواية.. لا.. هو خلقها بالحق، هناك غاية مهمة مرتبطة بها {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} (النحل:4) خلقه من نطفة {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}(السجدة: من الآية8) كما قال عنها في آية أخرى، فإذا هو عندما يكبر ويشتد ساعده، ويتمتع بكامل قوته يصبح خصيماً لله، معانداً متمرداً {مُبِينٌ} بيِّن الخصومة والعناد والتمرد. أليس الإنسان ظلوم كفار؟. وعادة ينطلق الإنسان في أن يكون خصماً لله تعالى، وهو في أوسع حالات التنعم بنعم الله تعالى، ما يتمتع به من قوة في بدنه، وما يتمتع به من نعم الله بين يديه، {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (العلق:6ـ7) فمتى ما توفرت له النعم، متى ما رأى نفسه يمتلك كامل قواه وبصحة جيدة ينطلق مخاصماً لله، ينطلق معانداً لله، وجاحداً لله وكافراً بالله، ورافضاً لدينه، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}(ابراهيم: من الآية34) {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (عبس:17). أحياناً يكون أولئك الفقراء أقل طغياناً، أقل ظلماً، أقل تكبراً، لا تزال لديهم كثير من مشاعر الحاجة إلى الله، والعودة إلى الله والطلب إلى الله سبحانه وتعالى، وبعضهم متى ما استغنى ورأى نفسه وهو ذلك الذي كان كثير الدعاء لله، وكثير الالتجاء إلى الله يوم كان ضعيفاً، يوم كان مريضاً، يوم كان مفتقراً، ومتى ما استغنى، ومتى ما تمتع بكامل قوته انطلق خصماً لله. أليست حالة أن تكون متمتعاً بكامل قوتك البدنية، متمتعاً بنعم واسعة عليك هي الحال التي يجب أن تكون فيها أكثر عودة إلى الله وخشوعاً لله، وحياء من الله، وعبادة لله، أليس هذا هو الوضع الطبيعي لك؟. لو كنت تفهم. كما كان نبي الله سليمان صاحب الدنيا الواسعة والملك العظيم، ذلك الذي يقول: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}(النمل: من الآية19) هذا هو الوضع الصحيح لمن يمتلكون نعما مادية ومعنوية. {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ}(النحل: من الآية5) الأنعام هو اسم يطلق على الإبل والبقر والغنم بأصنافها {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (النحل:5 ـ6) أيضاً مظهر من المظاهر التي تسر الناس في حياتهم، منظر جميل يتمتعون به، هل أحد منكم شاهد هذا المنظر، ولو زمان؟. يوم كانت القرى بعد أن تشرق الشمس على الناس فيفتحون أبواب البيوت والأبواب التي يسمونها [الأحواش] التي للغنم فتخرج قطعان الغنم، منظر جميل. أنا شاهدت هذا المنظر شاهدته قديماً وأنا صغير.. منظر رائع وجميل وقطعان الغنم من الضأن والمعز تتقدمها البقر وهي تسرح إلى المرعى، حركة القرية وأجواء القرية تكون جميلة جداً، ربما كثير منكم لم يشاهد هذه المناظر. {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} وأنتم تذهبون بها إلى المراعي ثم عندما تعودون بها من المراعى. {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (النحل:7) رءوف بكم رحيم بكم، يهيئ لكم هذه الحيوانات المختلفة والمتعددة الفوائد والأغراض، وأنتم لا تملكون أن تسخروها لأنفسكم فسخرها لكم؛ لأنه رؤوف بكم، رحيم بكم. {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} (النحل:8) في الوقت الذي يجعل الله سبحانه وتعالى هذه الحيوانات مما يحقق لنا أغراضاً كثيرة عملية، يلحظ أيضاً بأن يكون شكلها، أن يكون مظهرها جميلاً.. أن يكون جميلاً حتى جانب الزينة أن تكون مناظر جميلة، وحركات جميلة، حركات الأغنام، قطعان الأغنام ومنظرها وهي تسرح وهي تعود، الخيول البغال الحمير.. أليست مناظر جميلة؟ حتى الجانب الفني أو جانب الجمال، جانب الجمال هو أيضاً مما هو ملحوظ داخل هذه النعم الإلهية. فتتمتع
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_العاشر

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀🍂
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
رضوان الله عليه
بتاريخ: 22/1/2002م
اليمن - صعدة

{وَمِنْهَا جَائِرٌ} (النحل: من الآية9) ومن السبل في هذه الحياة ما هو جائر، فإذا كانت السبل متعددة في الحياة ويأتي المجرمون والظالمون فيرسمون سبلاً من الضلال، يدعون الناس إلى السير عليها، فهو يقول: أنا لا أنساكم، وأنا الذي سأتكفل بهدايتكم، ورسم السبيل القاصد، الصراط المستقيم الذي هو هداية حقيقية لكم في هذه الحياة. {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}(النحل: من الآية9) بأن يوحي إلى كل شخص، أو كما يقول المفسرون العدلية: عن طريق القسر والإلجاء غصباً عنك، يهديك غصباً عنك. شاء الهداية وهدى على هذا النحو من إنزال الكتب، إنزال القرآن، وبعث الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأن يجعل في هذه الأمة ورثة لكتابه هم أهل بيت نبيه. الهداية تكفل بها، الهداية قد رسم طريقها، وهو يقول لنا ـ وسنتابع الحديث عن بقية الآيات لتلمسوا كيف أنه داخل الآيات التي تتحدث عن النعم ـ يقول لنا: هذه النعم المادية شيء عظيم، وأنتم في الحياة في حالة تعدد السبل الجائرة أيضاً أنا أتكفل بهدايتكم، سأرسم لكم الطريق القاصد الصراط المستقيم. وجاء هنا بهذه العبارة لكي يفهم الناس، ويفهم من يقولون: بأن كل إنسان فلينطلق ليجتهد، لينطلق ليشرع يقول له هنا: {وَعَلَى اللَّهِ} وحده {قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}(النحل: من الآية9) يقول لأولئك الذين يعملون مجالس تشريعية في مختلف المناطق في البلاد الإسلامية ليشرعوا، ليقننوا: إن كنتم تقننون فقط على وفق أحكام الله، وتشريع الله، وهدي الله سبحانه وتعالى عندما تنصون على المجالات المتعددة المتجددة في الحياة بربطها، فإن كان من منطلق أن الإنسان يملك حق التشريع لنفسه فهذا لا يبعد أن يكون من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وإن كان فقط مجرد إخراج، مجرد تفصيل للهداية الواضحة التي قد رسمها الله سبحانه وتعالى فلماذا تسمون تلك المجالس مجالس تشريعية؟. لا يصح أن تسمى مجالس تشريعية بأي حال من الأحوال. كما ونحن في حالات التقنين والتشريع ـ كما يقولون ـ يجب أن نعتمد على القرآن الكريم، وعلى أهل البيت، على ورثة الكتاب، وليس فقط أن ندرس قوانين، ثم نقول: نحن مقننون، ثم ننطلق لنضع قوانين، ونصدر قوانين، ونحاول أن نستفيد من القانون المصري الذي هو مستفيد من القانون الفرنسي والبريطاني، وهكذا، وتنتهي المسألة، وإذا بنا نوصِل إلى داخل أوطاننا ما قننه أعداؤنا، الذين انطلقوا ليقننوا لأنفسهم؛ لأنهم كافرون بكتاب الله، كافرون برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وكأنه ليس فيما بين أيدينا من الهدى ما يمكن أن يتناول شئون الحياة، ومستجدات الحياة، والله هو الذي يقول لنا: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ}.
ألست ترى هذه الأنعام ما تزال موجودة وقائمة؟ أليس هناك خيل، وبغال، وحمير، وبقر، وغنم، وإبل ما تزال موجودة، هو في الوقت الذي يذكرك بأنها نعم في نفس الوقت عليه قصد السبيل إذا كنت ملتجئاً إليه، إذا كانت الأمة ملتجئة إليه، وملتجئة إلى الثقلين، للتمسك بالثقلين بكتاب الله، وعترة رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) فما زالت الحياة، وما دامت الحياة مستمرة فستظل الطريق القاصدة، والصراط المستقيم قائمة الله تكفل بهذا، تكفل به كما ذكر الأنعام، فكيف نرى الأنعام ما تزال قائمة، وباقية، ثم ما يتعلق بقصد السبيل، والهداية نقول: انتهت ذاك اليوم، وكل واحد يقوم يبحث هو عن الهداية لنفسه! هل هذا صحيح؟. قد ربما لو قلنا: نحن رأينا الأبقار، والأغنام والإبل، والخيل، والبغال والحمير هذه انتهت من الدنيا، يمكن إذاً فكل ما تناولته هذه الآيات ربما قد رفع، وانتهى. لكن العجيب هو أننا نرى في الوقت الذي نجد هذه الآية، الآية التي تدل على الهداية، وأن الله هو الذي يتكفل بالتشريع لعباده، وهداية عباده، تتوسط الحديث عن نعمه، ونحن ما نزال نرى نعمه قائمة، ثم نقول: أما قصد السبيل فيبدو بأنه قد غاب، كيف يرفع الله ما نحن في أمس الحاجة إليه: هدايته، ويترك لنا البقر والحمير، والإبل، والغنم، وهذه المواشي؟!. أليست هداية الله لنا في هذه الحياة هي أهم؟. هل تبقى الحمير، ولا تبقى هداية الله؟!. بحيث تبقى الحمير في هذه الدنيا كنعمة يحافظ الله عليها أن تبقى، ولا يحافظ على أن تبقى نعمة هدايته قائمة!.. لا يصح هذا. أم أننا رأينا أن الإنسان هو أحوج إلى الحمار أكثر من حاجته إلى هداية الله؟! نحن نرى أنفسنا مستغنين عن بعض هذه الحيوانات أليس كذلك؟. قد نستغني عنها، وقد تتطور الحياة فيستغني الناس عن كثير من هذه الحيوانات، لكن لا يمكن أن يستغنوا عن هدايته؛ لأنه هنا قال: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} أنتم لو فكرتم بأن بإمكانكم أن تستغنوا عن الإبل، والخيل والبغال، والحمير ك
#البرنامج_الرمضاني

#اليوم_الحادي_عشر

🍀🍂🍀🍂🍀🍂🍀🍂
#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم
#معرفة_الله_نعم_الله
#الدرس_الخامس
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
رضوان الله عليه
بتاريخ: 22/1/2002م
اليمن - صعدة

{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً} (النحل:15) الرواسي هي الجبال لما كانت الأرض اليابسة هي في واقعها مفروشة على الماء، والماء يشكل نسبة كبيرة قـد يكون أكثر من 70% من حجم الكرة الأرضية بكلها، كانت ـ بالطبع ـ الأرض تعتبر قطعة صغيرة فوق سطح الماء، قابلة لأن تبقى تهتز وتتحرك، فألقى الله فيها الجبال تثبتها {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} لترسوا، فترسوا الأرض على الماء، ولا تكون مهتزة، فيمكن الاستقرار عليها. أيضاً جعل في الأرض أنهاراً، أنهار المياه، جعل فيها سبلاً {وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} تهتدون وأنتم تتجهون في هذه الأرض، وأنتم تتقلبون في السفر إلى مناطق متعددة في هذه الأرض، جعل فيها سبلاً منافذاً.. أنت عندما تكون في الطائرة فترى منظر الأرض، تراها فعلاً لا ترى فيها منطقة مقفلة، حتى فيما يتعلق بتصميم الأودية، تجد كيف الجبال الشاهقة شعاب صغيرة فيها إلى أودية صغيرة، وأودية صغيرة تتجمع إلى أودية كبيرة، وتتجه هكذا باتجاه الصحراء، أو باتجاه البحر. كذلك الأرض على الرغم من أن فيها جبالاً، لم تكن الجبال بشكل سدود، تحول بين الناس وبين أن يسافروا إلى جهات متعددة في الدنيا، بل جعل فيها سبلاً، جعل فيها منافذاً {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وأنتم تسيرون في هذه الدنيا لمختلف الأغراض. كذلك {وَعَلامَاتٍ}(النحل: من الآية16) جعل علامات للسبل في البر، وعلامات في البحر {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}(النحل: من الآية16) المسافرون يهتدون في البر، والمسافرون يهتدون في البحر، فأعلام في البر بشكل الجبال المختلفة، أليست أشكال الجبال مختلفة؟ هذا من أهم الأشياء في أن تتعرف على المناطق، لو كانت الجبال كلها بشكلية واحدة، وتصميم واحد، فهي رواسي، واحد هنا، وواحد هنا، وواحد هناك، قد لا تستطيع أن تعرف وأنت تتجه.. لكن الجبال أنفسها، وشكليتها هي نفسها مما يساعد ـ أن كانت بشكل أعلام ـ وأنت تسافر فترى تلك القمة، قمة الجبل هناك، ترى الطريق من عندها إلى المنطقة الفلانية، فتراها قمة متفردة في شكلها.. أليس كذلك؟. فيها عبر كثيرة. الجبال نفسها لعدة أغراض، ولعدة فوائد. فهي نفسها تساعد على أن تبقى الأرض فلا تميد فوق البحر، وهي نفسها غير مقفلة، قابلة لتحرك الإنسان عليها، هي نفسها قابلة للاستقرار عليها، بل أحيانا تطلع مساحة البلدان التي فيها جبال كثيرة تطلع مساحة كبيرة عندما تحسب وجه الجبل من هنا، ووجهه من هناك، ترى كيف أنه وبتصميم الله سبحانه وتعالى الذي هو حكيم لا يضيع حتى المساحة التي سيشغلها الجبل.. أليس الجبل ضروريا بالنسبة للأرض؟. سيجعل الجبل نفسه بشكل يكون أوسع مساحة من المساحة التي يشغلها في موقعه، فعندما تمسح مساحة الجبل من هنا كم سيطلع؟ ومن جانب آخر كم سيطلع؟. ستراه أكثر من المساحة التي يشغلها الجبل. لأن الله حكيم، هو لا يبذر، هو لا يضيع، يقول: الجبل ضروري، سنضع الجبل وإن كان كذا.. أهم شيء أن ترسو الأرض، فنرى الجبل هذا، وسلسة من الجبال تشغل مساحات واسعة من الأرض، ثم هي نراها لا تصلح للسكن عليها، ولا تصلح للتحرك فيها، عبارة عن سدود شاهقة، ليس لها أكثر من مهمة واحدة، هي أن تمسك الأرض أن تميد وهي مفترشة فوق الماء.. لا.. لعدة أغراض في الوقت الذي تقوم بهذه المهمة تصلح للمهام الأخرى، فتصلح حتى أن تكون أعلاماً. وفي هذا إرشاد، لاحظوا في كل خلق الله سبحانه وتعالى إرشاد للناس في مجال التصميمات، في مجال الصناعات. عندما تصمم لك منـزلا تحاول أن يكون تصميمك للمنـزل بالشكل الذي لا يضيع المساحة، بعض الناس يأتي فيصمم له منـزلاً، فيأخذ مساحة في موقع جميل، ويخسر فيه مبالغ كبيرة، لكن صممه تصميماً عشوائياً، فترى البيت هذا بشكله الكبير، وتراه من داخله لا يفي بحاجات صاحب البيت من الغرف، ومن الصالات، وغيرها، ضيع أرضية، وضيع أموالاً كثيرة، وسبب ذلك كله ضعف التصميم، والخطأ في التصميم. الله الذي صمم هذه الأرض، لاحظ كيف يعمل، لا يضيع شبراً واحداً من الأرض بدون فائدة، فالمساحات التي تشغلها الجبال في الأرض يعوضها، فتطلع مساحة الجبل أكثر من المساحة التي يشغلها، وهكذا يجعل الجبل صالحاً للزراعة، يجعل الجبل صالحاً للاستقرار، صالحاً لأن تعيش فيه حيوانات أخرى، صالحاً لأن يكون فيه مراعي، والمهمة الرئيسية له هي أن تكون رواسي تمسك الأرض، أليس هو سبحانه وتعالى من يعلمنا هنا كيف نصنع؟. وكيف نعمل؟. وهو هو من كان يستطيع ويستطيع فعلاً، أن يعوض المساحة التي يشغلها الجبل بقطعة أرض يزيدها من طرف الأرض أليس هذا ممكن؟. لكن لا، لا يضيع شيئاً. {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُو