اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
145K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

ومالي لا أُرخي الركاب إلى ذرى ... به الشهب شهب والصعيد صعيد وألقيتُ كفي في أنامل لم تخن ... عهوداً ولم تخلف لهنَّ وعود وما ابن أبي عفص بجون الذي له ... الحميري الملك وهو فريد مكارم سنتها الملوك ويوسفُ ... لآثار ما سنَّ الملوك يشيد فسوحك مقصود وكفك قاهر ... وجدّك منصورُ وأنتَ حميد صبرت على حمل العظائم فانتهت ... إليك العلي أن الصبور سعيد وفي كل يوم أنت تبدو على العدى ... بخطب وتبدي في الندى وتعيد سبيل فتى لا الموت يطرق همهُ ... ولا الموت فيما يتقي فيحيد ويعلم أن الدهر ليس بدائم ... وإن خلود المكرمات مفيد أنخنا بك الآمال وهي ركائب ... لإرسائها لطف الإله يعود وقد كنت عرَّبت الرواحل برهة ... وأطرقت حتى لا يقالُ مريد وداويت لابن العم داءً وجدتهُ ... على الصبر ينمو خطبه ويزيد فأدنيت من أمواج بحرك غمرة ... أصول بها فيمن بغى فيبيد وخف بسرجي الترك والعرب فاغتدى ... بعونك ركني اليوم وهو شديد كذا يستعيد الحرُّ بالحرِّ واثقاً ... بربٍّ لهُ كل الملوكِ عبيد بمن نصر المظلوم في كلماته ... بنصرٍ لهُ أهل السماءِ جنود فدم في ظلال الملك ما هبت الصبا ... وما جنَّ في جنح الظلام وعود ولما عزم الأمير شمس الدين على الرجوع إلى بلاده حمل إليه السلطان من الأموال والخيول والكساوي والطرف مالا يعلمه إلا الله. واقطعه مدينة القحمة وجهز معهُ مائة فرس من المماليك والحلقة فتقدم الأمير شمس الدين إلى الجوف واستباحه. وكانت له وقعات عظيمة وفي هذه السنة توفي الفقيه أبو عبد الله محمد بن
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

حديث وكانت ولادته سنة تسعين وخمسمائة. وكان فقيهاً نبيهاً عارفاً محققاً قائلاً بالحق عاملاً به. ويروى أن السلطان نور الدين عمر بن علي بن رسول وجبت عليه كفارة جماع في شهر رمضان بالنهار. وكان يومئذٍ في الجند فأمر الوالي أن يجمع له الفقهاء من الجند وأعمالها فاستدعاهم الوالي فحضروا وحضر هذا الفقيه من جملتهم فقعد لهم السلطان قعوداً خاصاً وادخلوا عليه جميعاً فلما اطمأن بهم المجلس سئلوا عن المسأَلة فأجابوا بما يجاب عليه سائر الناس. ولم يتكلم الفقيه عبد الرحمن معهم بشيء في ذلك فقيل لهُ لم لا تتحدث كما تتحدث الجماعة فقال اشتهي اعرف صاحب المسأَلة فقيل له هو مولانا السلطان فقال لا يجزيه إلا صوم شهرين وإما الإطعام والإعتاق فلا يجزيه. فنازعه الفقهاءُ الحاضرون في ذلك فقال الغرض بالكفارة حسم مادة معاودة الذنب ولا تنحسم مادة معاودة الذنب في هذا الفعل من مولانا السلطان إلا بذلك فاعجب به السلطان. والله أعلم. وفيها توفي الفقيه الصالح أحمد بن محمد الشكيل بن سليمان بن أبي السعود الطوسي. وكان مولده سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وفي سنة ولادته توفي صاحب البيان. وكان المذكور فقيهاً عارفاً صالحاً ذا دعوة مستجابة تفقه بأحمد بن مقيل. ثم بالحسن بن راشد من العماقي. ثم بأحمد الصواري ونسخ بيده عدة كتب واشترى كذلك ووقفها على طلبة العلم ببلده من ذريته وغيرهم. وتزوج امرأة من بني ايمن من أهل العماقي وهي أم ولديه مسعود وعبد الله. وكانت وفاته في صفر من السنة المذكورة. وقبره مشهور مقصود للزيارة وطلب الحوائج يسمع ليلة الجمعة فيه من يقراُ القرآن في كثير من الأوقات. وكان ولده مسعود بن أحمد من عباد الله الصالحين عارفاً بالفقه ورعاً زاهداً عابداً لم يعرف له صبوة. ويروى أن جماعة من أترابه تذاكروا النساءَ وهو حاضر معهم فقال أما تستحون من الله عن نظرهن فوا الله ما أكاد أحقق لون أمي. ولم يزل على أحسن
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

قال الجندي واخبر الثقة أن موضع قبره الأول بسواية يوجد عنده رائحة المسك. وكان قتلهُ يوم الأربعاء سلخ شهر صفر من السنة المذكورة ويقال أنه قتل في اليوم الذي قتل فيه الخليفة المستعصم في بغداد. قالهُ الجندي. وكان الخليفة المستعصم قد كتب إلى السلطان الملك المظفر يأمره بأحمد بن الحسين حين بلغه ظهوره وإقبال الناس عليه ووعده على ذلك إقطاع مصر. وكان الإمام أحمد بن الحسين رحمهُ الله امثل أئمة الزيدية المتأخرين علماً وجوداً وكرماً. وللعشم بن هتميل فيه غرر المدائح الحسان موجودة في ديوانه. ولما قتل الإمام أحمد بن الحسين كما ذكرنا في تاريخه المذكور كتب الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام عبد الله بن حمزة إلى السلطان الملك المظفر كتاباً يخبره فيه بذلك وأرسل بالكتاب رسولاً على الفور معجلاً وكانت نسخة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم يحدد الخدمة ويشكر النعمة لله تعالى ثم للمقام السلطاني خلد الله ملكه. وينهى صدورها من المصف بسواية ورأس أحمد بن الحسين بين يديه " شعر " وأبيض ذي تاج أشاطت رماحنا ... بمعترك بين الفوارس أقتما هوى بين أيدي الخيل إذ فتكت به ... صدور العاولي تنضح المسك والدما ولما كان يوم الجمعة ثالث قتل الإمام دعا الشريف أبو محمد الحسن وهاس إلى نفسه الإمامة فبايعه الشيعة والأشراف وبعض عامة الزيدية. وتأخر الباقون. فلما بايعهُ ممن ذكرنا سار إلى صعدة وسار أيضاً الأمير شمس الدين على اثر الوقعة إلى الجوف ثم إلى جهة صعدة في كافة أصحابه واقتسم هو والشريف حسن بن وهاس الحصون والبلاد نصفين. ولما علم السلطان ببيعة الحسن بن وهاس خرج في عساكره المنصورة إلى الموسعة. ثم أسل الأمير أحمد بن علوان إلى الأمير شمس الدين أحمد بن الإمام إلى صعدة وقد ظن به الظنون فرجع الأمير أحمد بن علوان بما أرضاه من العلم فرجع إلى تعز المحروس.
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

وكانت في الثاني والعشرين من ذي الحجة أيضاً. وفي هذه السنة تولى السلطان أمر الحرم الشريف وعمارته. وأقام منارة وخدمة وجوامك خدامة. وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح أبو الحسن علي بن الحسين الأصابي وكان فقيهاً أصوليّاً نحويّاً لغويّاً كامل الفضل عارفاً بالحديث والتفسير. ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وتفقه بمحمد بن جديل من أهل سهعنة ويحيى بن فضل وغيرهما. ولما ابتنى السلطان الملك مدرسته التي في معزية تعز رتب فيها مدرساً فهو أول مدرس ترتب فيها. ثم لم يقف بها غير اشهرٍ قلائل وتوجع فرجع إلى السحول. وكان يسكن قرية يقال لها المعيرير بعين مهملة ورائين مهملتين بينهما ياءُ ساكنة على وزن مفيعيل وهو ناحية من نواحي المخادر. وتوفي بها في السنة المذكورة وحمل على أعناق الرجال إلى المحفد ودفن قبلي المدرسة. وقبره اشهر من أن يزار. ويجد الزائر عند قبره رائحة المسك خصوصاً ليلة الجمعة. قال الجندي وهو أول من سن الأذان لمن يسد اللحد على الميت وقد اعتمد ذلك كثير من الناس. قال وسألت شيخنا أبا الحسن الصبحي عن معناهُ فقال هو معناهُ عن الفقيه أبي الحسن علي بن الحسن الأصابي وكان فقيهاً عالماً ولعله أخذ من الأذان في إذن المولود ويقول أول خروجه من الدنيا وهذا أول خروجه إلى الآخرة. وتفقه به خلق كثير منهم عمر السهوي وأبو بكر بن عبادي وغيرهما وله مصنفات في الأصول منها كتاب ضمنه الرد على الزيدية وكتاب ضمنه الرد على من يكفر بأول الصلاة. قال الجندي رحمه الله قرأته على محمد بن أبي الرجا بروايته عن مصنفه المذكور. ويروى عنه أنه قال حججت سنة فبلغني أن الشيخ أبا الغيث قد تكلم بتفسير القرآن على المشكل منه فانتخبت من وسيط الواحدي عشرة مسائل واستثبت حقائقها. فلما رجعت من الحج مررت ببيت عطا فدخلت على الشيخ فوجدت
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

فلما دخل الأمير أسد الدين على أبيه وعمه وأخيه وابن عمه وابن أخته محمد بن حصر جعلوا يعاتبونه ويخاصمونه فقال لهم يا قوم لا نكون مثل أهل جهنم كلما دخلت أمي لعنت أختها. فلم يزالوا في اسجن حتى توفوا إلى رحمة الله تعالى. ولما قبض الأمير شمس الدين علي بن يحيى كما ذكرنا. وكان مقطعاً في صنعاء طلع الطواشي نظام الدين مختص عقيب ذلك فأقام في صنعاءَ ورجعت المحاط على مدة وتراش وطفر. ثم طلع بعد ذلك فيروز فأقام أياماً قلائل. ثم طلع الأمير هبة بن الفضل مستخلصاً للأموال فاستخلصها على أثم ما يكون. ثم تسلم الحصن حصن حيرة في شهر رجب. وكان بناه بنو وهاس فاخرب بعد التسليم ثن تسلم حصن مدة في ذي الحجة من السنة المذكورة. وفي هذه السنة توفي الفقيه الصالح أبو الخطاب عمر بن مسعود ابن محمد بن سالم الحميري نسباً إلا يبني بلداً. وكان فقيهاً صالحاً متورعاً متعففاً ملازماً للسنة تفقه بمحمد بن إسماعيل الحضرمي وعلي بن قاسم الحكمي وبطال بن أحمد الركبي وعلي بن عمر الحضرمي وإبراهيم بن علي بن عجيل وغيرهم. وعرف بصحبته الحضر كثيراً. وكان مدرساً بذي هريم بالمدرسة النظامية وتفقه به جمع كثير. ويقال أنه خرج من أصحابه أربعون مدرساً منهم محمد بن سالم اليابه وإبراهيم بن عيسى الجندي ومحمد بن محمود السفالي وسعد بن انعم بن مصنعة وغيرهم. ولم يزل على الطريق المرضي إلى أن توفي رحمة الله عليه في الثامن من شوال من السنة المذكورة وقبر في مقبرة صينية في ناحية من نواحي مدينة تعز ولما توفي في التاريخ المذكور خلفه تلميذه سعيد بن منصور بن محمد بن أحمد الجيشي بجيم وياء مثناة من تحتها ساكنة ثم شين معجمة. وكان واده يلقب بأنعم واصل بلده مصنعة سير. وكان فقيهاً محققاً درس بعد شيخه في المدرسة المذكورة إلى أن توفي سنة أربع وسبعين وستمائة وقبر إلى جنب قبر شيخه ثم خلفه ابن شيخه عبد الله بن الفقيه عمر بن مسعود فلم تطل
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

بن
عجيل. قال حكى لي من حضر موته في التاريخ المذكور قلت وأما الحفاظ فلا يثبتونه وقال الحافظ الذهبي لا حقيقة لهُ في الوجود. وإن صح وجوده فإنه شيطان يبدو للناس ليفتنهم. لان مثل هذا لتواتر الدواعي إلى نقلهِ ولتواتر الأخبار عنهُ. هذا لفظه بعينه ذكره في كتابه المغني والله أعلم وفي هذه السنة توفي الفقيه أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الحواري. وكان مولاده في مدينة زبيد وبها تفقه ثم صار إلى عدن وصحب الفقيه إبراهيم السرددي وآخاه ثم لما توفي أنزله قبره بعد أن اضطجع فيه قبله وكأنه فعل ذلك تأَسيساً بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بام علي بن أبي طالب حين أراد دفنها. وهو ممن أخذ عن الصنعاني وكانت وفاته في السنة المذكورة. وقيل في سنة ثمان وخمسين والله أعلم. وفي سنة ستين وستمائة رجع السلطان من حجته المبرورة فدخل مدينة زبيد في أحسن زي واكمل آلة ذلك في شهر صفر من السنة المذكورة. وكان الشريف يحيى بن محمد السراجي قد دعا إلى نفسه في ناحية حصور وما والاها في آخر سنة تسع وخمسين وستمائة فأجابه اجزل أهل تلك الناحية. فخرج إليه الأمير علم الدين سنجر الشعبي مواثباً له فانهزم العسكر إلى المغرب وعاد الأمير إلى صنعاءَ فسار الشريف يحيى إلى بلد بني فاهم فامسكوه وسلموه إلى الأمير علم الدين فكحله في ذي الحجة من السنة المذكورة سنة ستين وستمائة. وفي هذه السنة توفي الفقيه علي بن عمر بن مسعود وكان فقيهاً جيداً صالحاً ولي قضاء صنعاءَ برهة من الزمن وكان الفقيه عمر بن سعيد أخاه لأمه فاستعفى السلطان نور الدين فأّعفاه وحج في آخر عمره. فلما رجع من الحج إلى مدينة زبيد. توفي بها في صفر من السنة المذكورة. وفيها توفي الفقيه الصالح
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

وعلام أُوطنها وعرضي وافرُ ... والرزق من أُفق السما مقسومُ لا آمن الأيام وهي معارةُ ... فوق التراب فحسبيَ القيومُ ومن شعره قوله أيضاً إذا كان قول الحق والحق قولهُ ... بمحكمة والملك في آية الملكِ معزُّ لمن شا والمذلُّ لمن يشا ... فكيف اعتراضي قوله الصدق بالشك ونفسك فاتركها عن الهم والأذى ... فراحتك العظمى لك الله في الترك فما الأمر إلا للذي صيَّرَ الورى ... وتسييرهم في لجنة البحر بالفلك وموجدهمُ من غير وجدان سابقٍ ... ومفنيهمُ بعد التكاثرِ بالهلكِ ولا تشك ما لاقيت من غير منصف ... إلى مثلهِ لكن إلى منصفٍ تشكي ولما تاب وحسنت توبته قال يعاقب نفسهُ: وقد كان ظني الغي واللهو إِنما ... يكونان في عصر الشباب العرانق فلما أتاني الشيب وانقرض الصبي ... نظرت وذاك الغي غير مفارق فقال بلى لكن رأَيتك ربما ... تكون بإحدى الحالتين موافقي فقلت له لا مرحباً بك بعدها ... وانك مني طالق وابن طالق فقال سمعنا ما حلفت بهِ لنا ... وكم مثله قد قلتهُ غير صادق فقلت أَمن بعد الطلاق فقال لي ... وأَي طلاق للنساءِ الطوالق فقلت له لي منك جار يجيرني ... فقال ومن هو قلت ذو الطول خالقي فوَلى لهُ مني ضجيجُ فقلتُ لا ... تضجُّ وبادر نحو كل منافق وشعرهُ كثير وديوانه مجلد ضخم والغالب عليه الجزالة وهو عزيز الوجود وكانت وفاته في السنة المذكورة على اصح ما قيل وقبر في موضع من بلده يعرف بالمرجانة والله أعلم.
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

والقراءة ولم يزل على احسن سيرة إلى أن توفي في سلخ شهر ربيع الأول من السنة المذكورة فحضر دفنه خلق كثير لا يكادون يحصرون منهم الفقيه عمر بن سعيد العقيبي والشيخ علي صاحب المقداحة. وكان دفن الأديب سعيد في آخر النهار في قرية يقال لها الفراوي بفتح الفاء فبات أكثر الناس في القرية. وكان أهل بيته فقراء لا يملكون شيئاً فاتاهم من الجيران توزة فيها لوح وقدرة فيها زوم. وكان الفقيه عمر بن سعيد والشيخ علي صاحب المقداحة ممن أمسى هنالك تلك الليلة فتقلد أحدهما بكفاية الناس من ذلك اللحوح وتكفل الآخر بكفايتهم من ذلك الزوم. فقام أحدهما على إِناءِ اللحوح والآخر على إِناءِ الزوم ولم يزالا يطعمان الناس حتى صدروا كلهم عن كفايتهم والله أعلم. وفي هذه السنة توفي القاضي أبو عبد الله محمد بن اسعد بن عبد الله ابن سعيد المقري المذحجي العسني بنون بعد العين والسين. وكان فقيهاً عارفاً بالفروع والأصول ولهُ في كل منهما تصنيف مفيد. وولي قضاء عدن برهة من الدهر. وكان موصوفاً بالورع وجودة الفقه غواصاً على دقائقه عاملاً به. قال الجندي سمعت شيخي أبا العباس أحمد بن علي الحراذي يذكر هذا الرجل ويثني عليه ثناءً بليغاً. وكان ممن أدركه وقرأ عليه وأخبرني أنه كان يعجبه الاختلاط بالفقهاءِ والمواصلة لهم. وكان مدرس عدن والمعيد بها والطلبة يصلون بكرة كل يوم إلى بابه ويحضرون مجلسه فيلقاهم بالبشر والإكرام. فإذا اطمأَن بهم المجلس جعل يلقي عليهم المسائل من الكتب التي يتعانون قراءَتها فمن وجده ذاكراً شكره ووعده بالخير وحثه على الاجتهاد. وكان ذا مكارم أخلاق وكرم طباع قل ما قصده أحد إلا أنحفهُ بما يليق بحاله. وكان كثير الصدقة متنزهاً عما يتهم به كثير من الحكام وكان كثير الصدقة على الفقراءِ والمساكين في كل يوم بدينار خبز. وكانت وفاته في عدن يوم الثلاثاء لاثني عشرة ليلة بقيت من صفر من السنة المذكورة وقبره في القطيع رحمه الله.
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

ولا لهُ في الملا عدوُّ ... ولا لخلق عليه منة وحضر يوماً جماعة من الفقهاء على طعام صنعه لهم الأمير شمس الدين علي بن يحيى العسني وكان بين ذلك الطعام صفحة مملوءَة لحوحاً وزوماً فتاقت نفس الفقيه إليه أكثر من غيره فكان يمد يده إلى الصفحة وكانت الصفحة على بعد منه فقال الأمير: بَعُدَ اللحوح عن الفقيه الأوحد ... عثمان بل خير البرية عن يد فأجابه الفقيه مرتجلاً: ترد المراسم أن أردت بنقله ... ويطول منك الباع أن قصرت بدي فقام الأمير مسرعاً من مكانه واحتمل الصحفة بما فيها ووضعها بين يدي الفقيه ثم لما انقضى الطعام قال الأمير شمس الدين للفقيه يا سيدي إني رأَيتك تحب اللحوح وقد وهبت لك الحربة الفلانية تكون باسم اللحوح فاقبلها مني فقبلها وكانت تسوى ألف دينار. فرحم الله علي بن يحيى ما كان الطف شمائله واجزل نائله وأكثر فضله وفضائله. وكانت وفاة الفقيه عثمان المذكور يوم الأحد لثلاث بقين من رمضان من السنة المذكورة. ولما توفي الفقيه عثمان في التاريخ المذكور خلفه ابنه يحيى بن عثمان بن يحيى بن فضل وكان مولده يوم الجمعة لخمس خلون من صفر سنة سبع عشرة وستمائة. وكان فقيها ورعا دئبا نقالاً للفروع عارفاً بها نزل إلى ذي جبلة فدرس في المدرسة الشرفية. وكان يطلع بلده في كل سنة يقف فيها شهرين أيام انتقال الغلة ثم يرجع إلى جبلة وقد اجتمعت عليه وقف المدرسة المذكورة فيصرف له الناظر نفقته في السنة فيرد منها نفقة شهرين لأجل غيبته عن المدرسة فقيل له يوماً أن المدرسين قبلك كانوا يغيبون أكثر مما تغيب أنت ويأخذون نفقة السنة كلها فقال لا تسأَلون عما أجرمنا ولا نسأًل عما تعملون. وكان يصرف ما يقتضيه من النفقة على المحتجين من الطلبة وفيما يطلبه منهُ أهل الديوان في خراج أرضه وتوفي رحمه الله في
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

قال الجندي وأخبرني جماعة من أصحابه أنهم كانوا يتذاكرون ذلك ويقول بعضهم بحضرة الفقيه ربما أنه أتى فيتبسم الفقيه ويقول وربما فاخبرني جماعة لا أتهم منهم أحداً في ذلك أن الرجفة كانت وقت الظهر من يوم الجمعة والناس يتأهبون للصلاة. وكانت وفاة الفقيه ليلة السبت بين المغرب والعشاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة آخر شهور السنة المذكورة. وقبره على مرمى بيته ومسجده وتربته أكثر الترب قصداً في الزيارة قلَّ أن ينقطع الزائرون عنها ليلاً ونهاراً. ومما يحكى أن بعض الظلمة من المتصرفين كان كثير التردد إلى الفقيه والصحبة له وربما كان سبب موته شرق بشيء من الشراب فوصل من نعاه إلى الفقيه فأخبره بحاله الذي مات عليه فقال لأصحابه بسم الله سيروا بنا إلى هذا الصاحب فوافقوه بظواهرهم دون بواطنهم فلما صاروا في أثناء الطريق التفتت الفقيه إليهم وقال للذي يتحقق أنه أكثرهم كراهة لذلك يا فلان يا فلان إنما يُقام على الساقط وأما غيره فينجو برجلية. وكراماته كثيرة مشهورة رحمه الله تعالى. وفيها توفي الفقيه الكبير زريع بن محمد بن عبد الواحد بن مسعود بن عبد الله الباجي الهمداني. وكان فقيهاً كبيراً فاضلاً وأهله من أبين وكان أبوه محدثاً تفقه زريع بمحمد بن إسماعيل الحضرمي وبعلي بن قاسم الحكمي. وكان صاحب روايات وأخبار مستحسنات. وكانت له كرامات ظاهرة وأسانيد عالية وعنه أخذ ابن الرسول في بدايته. وكانت وفاته في السنة المذكورة رحمه الله تعالى. وفيها توفي الفقيه أبو العباس أحمد بن علي وكان فقيهاً بارعاً تفقه بتهامة على الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي وبه سمى ولده وذكران ببركة دعائه حصل لابنه إسماعيل ما حصل وذلك أنه لما اخبره بولادته وأنه سماه إسماعيل لذكائه فقال له الفقيه إسماعيل بارك الله فيه. وكانت وفاة الفقيه المذكور في مصنعة بني قيس في السنة المذكورة.
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

بلاد بها فاح النسيم معنبراً ... وأعقب مسك الليل كافورة الفجر وتفقه به جماعة كمحمد بن علي الصديقي وابن أبي سوادة وعلي ابن عمر وعمر بن علي العلوي وهو ابن بنته ومحمد بن عمر الأبح. ولما كان يوم الاثنين السابع عشر من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة احتضر بعد أن مرض أياماً فحضره من أصحابه جمع كثير وذلك بعد طلوع الشمس فسأَلهم عن اليوم ما هو فدعى بطعام فأكله ثم قال لصهره علي بن عمر العلوي ارفع صوتك أنت والجماعة بلا اله إلا الله فقالوا يا فقيه إذا لم نذكرك ذكرتنا قال نعم فهللوا وجعل خواتيم سورة يس من قوله) أَوَليس الذي خلقَ السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم الآية (وجعل يكرر ذلك ثلاث مرات رافعاً بها صوته ثم تشهد عقيب ذلك وفاضت نفسه وصلي عليه ظهر ذلك اليوم وحضر دفنه جمع عظيم حتى قيل لم يكد يتأَخر عن حضور دفنه أحد من أهل زبيد. ويروى أن بعض أهل زبيد رأى شخصاً من أهله كان قد توفي قبل ذلك بسنين. فلما توفي الفقيه أبو بكر بن حنكاش ودفن كما ذكرنا رأَى الرجل الذي من أهل زبيد قريبهُ في النوم فقال له ما فعل الله بك فقال حبست منذ مت مع جماعة فلما توفي الفقيه أبو بكر بن حنكاش شفع فينا فأطلقنا وغفر لجميع من في المقابر ببركة قدومه رحمهُ الله تعالى. وفيها توفي الفقيه أبو عبد الله محمد بن عمر العلوي وكان مولده سنة ثمان عشرة وتفقه بابن حنكاش المذكور كما ذكرنا وكان فقيهاً فاضلاً له تفضل ومكارم أخلاق. توفي بعد شيخه بأربعة أشهر. في تاسع شهر شعبان من السنة المذكورة. وهو جد ابن الأبح وعقبهُ كثير في زبيد والله أعلم. وفيها توفي الفقيه الصالح أبو الحسن علي بن سير بن إسماعيل بن الحسن الواسطي. وكان فقيهاً فاضلاً قدم نعم أولاً وأخذ عنهُ جماعة شتى من كتب الحديث منها قريب العهد المروي عم أمعمر بالهند ثم سافر إلى الجند لغرض الرجية بها
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

لا يستريح ولا يفضي بهِ سفرُ ... ما سار آل رسول الله في اليسير وعزمةٍ كل حدٍّ من صرامتها ... أمضى من الموت أو أمضى من القدر لو أن هيبتهُ أو بعض هيبته ... تلقى على الفلك الدوار لم يدر أحيي التتابع والأّدواء فاشتملت ... بالعدل دولة قحطان على مضر وجال في الأرض حتى قال ساكنها ... هذا خليفة ذي القرنين والخضر إن الخلافة قد آمت وقد فنيت ... عنها ملوك بني العباس والتتر وان طلبت مطاراً للتي عضلت ... فقد وجدت جناحاً طائراً فطر هذا قميصك إما قُدَّ من قُبُلٍ ... كابن النبي وأما قدَّ من دبر فانهض لعذرتها وأعلم بأنك أن ... أهملتها كانت الاحدى من الكبر وما أظن قناة الدهر أن عجمت ... بطاعن لي بها تخلو عن الخور يهني دقينة أن الله عوَّضها ... من الدآدي ببيض البيض والغرر غر الجحافل حصناها وما علموا ... أن الزجاجة لا تقوى على الحجر أَرسلت صاعقة في غيم بارقةٍ ... تردي وتبرق في رعدٍ بلا مطر فسلموا الخيل واعتاضوا بها حمراً ... فاعجب على حمر منهم على حمر أعميتهم فتمنوا انهم خلصُوا ... عور العين ومن للعمي بالعور جاءوُك يا شمس إرسالاً وقد بذلوا ... لك الحكومة في الأنثى وفي الذكر اسمع بقيت مصاناً عن منافسة ... الأَغيار في الملك محروساً من الغير أني امرؤُ في فمي ماءُ وفي كبدي ... جراحه من أمير غير مؤْتمر قد ذُقت من غصص الدنيا وفجعهتا ... ما كان منهُ جميل الصبر كالصبر أن جرجر العود فانظر ما بغاربه ... فانه أن رغا يرغوا من الدبر وانظر إليَّ بعينٍ منك راحمةٍ ... لا تقصدن غير وجه الله في النظر والبس من الحبر الموشى مذهبةً ... ينسيك مذهبها موشيةً الحبر وفي هذه السنة المذكورة توفي الشيخ الصالح العارف بالله أبو الحسن أحمد ابن
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

وتزوج بنت شيخه علي بن قاسم الحكمي وحاز مسجد الأشاعر على أصحاب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنهُ وأقام يدرس فيه وإذا دخل وقت الصلاة يأمر المؤذن بالأذان ثم يبادر إلى أداء الصلاة في أول وقتها فتعب من ذلك أصحاب الإمام أبي حنيفة وكان لا يكاد يوجد لا مدرساً لعلم أو مقبلاً على صلاة وكان غالب تدريسه في مسجد الأشاعر وتارة في المسجد الذي عند بيته وهو المسجد المعروف بمسجد الأمير فخر الدين في حافة الخبازين شرقي الموضع المعروف بالمدرك ولم يزل هذا دابه برهة من الزمان فلما كان ذات يوم من الأيام استدعى بأخيه أبي الخير بن أبي بكر الحطاب الذي هو جد بني الحطاب الموجودين في قرية النويدرة فقال لهُ يا أخي أني رأيت البارحة ربي تعالى فقال لي يا محمد أنا أحبك فقلت يا رب من أحببته ابتليتهُ فقال لي استعد للبلاء وأنت يا أخي فكن على أهبة من أمري. ثم أنه خرج في يومه ذلك إلى مسجد إلا شاعر بزيد فصلى فيه العصر مع الجماعة ثم رجع إلى بيته مسرعاً فلما صار في أثناء الطريق غشي عليه فمرَّ به الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي وهو في تلك الحال فأكبَّ عليه وقبله بين عينيه وقال أهلاً بك يا محبوب ثم حمل إلى بيته وكان ذلك وهو ابن خمس وعشرين سنة وكانت زوجته بنت شيخة الفقيه علي بن قاسم الحكمي ففسخ عليه نكاحها واشترى له من ماله جارية وخطبت زوجته فقالت لا أريد به بدلاً حياً ولا ميتاً فكانت الجارية تخدمه وتقوم بحاله وتحفظهُ في ساعة غفلاته ووطئها فولدت له ابنتين عاشت إحداهما إلى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة. وكان من أكثر الناس حفظاً للآثار والأخبار والأشعار وكان الطلبة من أهل عصره وأصحابه يقرؤون عليه في الأوقات التي يكون فيها معافاً وكان يقول شعراً حسناً. قال الجندي اخبرني والدي يوسف بن يعقوب قال كنت أحب هذا الفقه على ما أسمع عنهُ واكره أن أراهُ وهو على ما بلغني عنهُ من الحال فجاءَني بعض الأصحاب يوماً وقال لي أريد أن تذهب معي إلى الفقيه محمد بن الحطاب لأسّلِمِ عليه وكان الرجل يصحبه أيضاً فرافقتهُ وسرت معهُ إليه فلما دخلنا عليه سلمنا فرد علينا السلام
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

علي فهو ذاك في محراب المسجد فأقدم إليه فقدم إليه وقد علم أنه لا طاقة له به. وقال في نفسه إذا كان هذا درسي من درسه فكيف يكون المدرس ثم دخل على الفقيه وسلم عليه. وسأل منه الدعاء. وكان عمرو كبير القدر معظماً عند أهل العصر. وكان شيخه علي بن مسعود يثني عليه ثناءً حسناً ويقول هو أكثر أصحابي أخذاً عني وهو الذي لقبه بمظفر الدين وأعطاه كتبه في آخر الأمر واستخلفه على تدريس أصحابه فدرس واشتغل بالفقه والعبادة. وتفقه به جمع كثير من أهل تهامة والجبال. وممن تفقه به ابنه محمد بن عمرو وعلي بن إبراهيم وأحمد إلى أن توفي عصر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى من السنة المذكورة رحمه اله تعالى. وفيها توفي الشيخ الصالح أبو محمد عيسى بن حجاج العامري الغيثي نسبة إلى الشيخ أبي الغيث أولاً وهو أحد أصحابه واصله من عرب يقال لهم أبو عامر يسكنون جبلاً تحت حصن الشرف المذكور في بلد وصاب وهو قرب من سوق المجمع وبلادهم تعرف ببلاد أسل وكان الشيخ عيسى صاحب كرامات وصاحب حال ومقال وصاحب تربية وعلم من علوم الصوفية وكانت وفاته في شهر جمادى الأولى من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. وفي سنة ست وستين تسلم السلطان حصون علوان الجحدري وهي العرائس. وفي شهر جمادى الأخرى من السنة المذكورة وردت الأوامر الشريفة على الأمير علم الدين سيجر الشعبي بالتقدم إلى صعدة فخرج إليها في خمسمائة فارس وثلاثة آلاف راجل فحط في الجوف ثم تقدم نحو صعدة وجمع أمير صارم الدين داود بن الإمام كافة بني حمزة وعسكراً عظيماً فيهم عسكر بن سجر وفيهم م الرُّحل واحدة فحفظوا تلك الطريق بالخيل والرحل فلما وصل الأمير علم الدين إلى النقيل المذكور حط في أسفله ضحوة نهار تغدى وغدى الناس جميعاً ثم وقف إلى الظهيرة ورتب الأمير ابن نور في مائتي فارس وألف راجل في المحط ثم لبست الخيل وطلعت النقيل
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

الأمير نجم الدين عمر بن يوسف الرين وهو أخو الملك المظفر لامه. وكان أميراً كبيراً ذا همة عالية وسيرة حسنة. ومن أثاره المدرسة المعروفة بالعمرية في مدينة تعز نسبة إليه وكانت وفاته في صفر من السنة المذكورة. والله أعلم. وفيها توفي الفقيه الإمام أبو محمد الحسن بن القاضي أبي الحسن علي بن عمر بن محمد بن علي بن قاسم الحميري. وكان شديد الاجتهاد في طلب العلم ومطالعة كتبه حتى ذكر الفقيه أنه أقام سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء ولم يكن يسأل عن طعام ولا شراب حتى يؤتى به ولا يشتغل بأهل ولا ولد. قال الجندي أخبرني الثقة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد جاءه في جماعة منهم الإمام الشافعي فاستحيى وقال يا رسول الله بِمَ استحققت هذه الزيارة فقال باجتهادك في طلب العلم وتتبعك الأسانيد العالية. وكان فقيهاً مباركاً رحالً في طلب العلم روى شرح ابن يونس للتنبيه عن محمد ابن عبد الله بن الحسن الأنصاري الخزرجي عن المصنف. وبلغهُ أن الفقيه محمد الهرمل لهُ رواية سندها قريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتحل إليه فلما وصل إليه أخذ الرواية عنهُ فقال له ابن الهرمل نحب أن نسمع عليك البيان فأجابه إلى ذلك فكان وقت أن يسمع يقعد هذا الفقيه على الهرمل على السرير ويقعد هذا الفقيه دونه وقت قراءة البيان قد يرفع الفقيه محمد رأسه إلى السقف فيرى حنشاً مخرجاً رأسهُ من السقف وهو مثل المستمع ولا يزال هذا دأبه حتى تنقضي القراءة فاخبر الفقيه به الجماعة فقال ابن الهرمل هذا رجل من فقهاء قرأ عليَّ التنبيه والمهذب وهو الذي سألني أن أسألك إسماعنا البيان ولما قدم الشيخ علي بن بشير الواسطي مدينة الجند وصار إلى تعز أخذ عنهُ هذا الفقيه. قال الجندي وذيل طبقات ابن سمرة ومن تعليقه أخذت تاريخ جماعة من الفقهاء فكانت وفاته في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة.
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

وفيها توفي الشيخ الصالح أبو الحسن علي بن عبد الله المعروف بصاحب المقداحة وكان من أعيان العباد ومشاهير الزهاد. قال الجندي أخبرني الفقيه العارف بكثير من أحوال الناس أن هذا الشيخ كان في بدايته راعياً لغنم له في بعض نواحي المشرق. وكانت له زوجة فبينا هما ليلة على سقف بيتهما إذ أقبل فقير إليهما فقالت المرأة لزوجها قم إلى هذا الفقير واعتذر إليه فإنا قد تعيشنا وليس معنا شيء نطعمه منه فقام الشيخ مبادراً فأمسكت رجلاه فدخل في نفسه أن ذلك حال من الفقير فغير نيته وعزم على تلقيه وإدخاله المنزل ثم قال لامرأته قومي اطبخي لنا شيئاً نأكله فكرهت فأَخذ عوداً لها ليضربها فقامت فصنعت لهم شيئاً وأتت لهما به فأَكل الشيخ والفقير وهما يتحادثان فلما فرغا مسح على رأس الشيخ وصدره ثم ودعه وسار ثم أن الشيخ عزم على الحج فأَعطى زوجته بعض الغنم الذي معه وباع الباقي فتزود بثمنه وسار إلى مكة. فلما قضى الحج عاد إلى بلده عازماً على خدمة الفقراءِ في بعض الربط فقدم الجند وبها عدة من المشايخ أصحاب الأحوال والكرامات فقصد شيخاً منهم يعرف بعبد الله بن الرُّميش بضم الراءِ وفتح الميم وسكون المثناة من تحت وآخرهُ شين معجمة ونسب بني الرميش في بني مسكين. قاله الجندي فالتزم خدمة الرباط فذكروا أنه امتحنهُ ولم يحكمهُ وأراد اختباره كما جرت العادة من المشايخ فظهر له منهُ أمور كثيرة وأحوال خارقة فأراد أن يحكمه فقيل لهُ أنه ليس من أصحابك إنما هو من أصحاب الشيخ أبي الغيث فقال لهُ يوماً يا علي تقدمَّ إلى الشيخ أبي الغيث فاصحبهُ فهو شيخك فبادر ونزل تهامة. فذكروا أن الشيخ أبا الغيت كان يقول لأصحابه يقدم عليكم رجل كبير من هذه الجهة في هذه المدة ويشير إلى الطريق فجاءَ منها فكان الفقراء يخرجون كل يوم إلى تلك الجهة يلتقونهُ فلما كان اليوم الذي وصل فيه خرجوا يلتقونهُ فوقفوا حتى أحرقتهم الشمس فلما دخلوا البيت قد الشيخ علي فدخل الرّباط فلما رآهُ الشيخ رحب بهِ وحكمه من ساعته وقد كان على معلوم حصله في نظر الشيخ الرميش لهُ بالجند فازداد بنظر الشيخ أبي الغيث حسناً حتى كان من أعيان الطريق يقولون
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية
وتفقه بها ابنه يحيى المذكور وأخذ عن محمد بن عبد الله المازني وكان أول من بدر مدرساً في المدرسة العربانية وكان فقيهاً فاضلاً لهُ مروءَة وكرم نفس وكان يصحب الرشيد شاد الدواوين في صدر الدولة المظفرية. فلما توفي الرشيد نُقل إلى السلطان أن مع هذا الفقيه مال الرشيد فطولب باثني عشر ألف دينار وصُودر فلم تطل مدته بل وتوفي غيظاً في المدرسة المذكورة عشي الثلاثاء لليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. وفيها توفي الفقيه الإمام البارع أبو علي يحيى بن إبراهيم بن العمك. وكان من أعيان العلماء وكان في أول أمره رئيساً على قومه يركب الخيل ولا يشتغل بشيءٍ من طلب العلم. وكان سبب اشتغاله بطلب العلم أنه خطب امرأَة من بني خطاب هي ابنة الفقيه أبي بكر بن خطاب فامتنع الفقيه أبو بكر من تزويجه إياها وقال لهُ لست كفئا لها فانك رجل جاهل فانف من قولهِ فاشتغل بطلب العلم حتى صار إماماً واشتغل بفن الأدب وبرع في النحو واللغة والنسيب والعروض وغير ذلك. وكان ممن يضرب به المثل في حسن الجوار والوفاء بالذمم وله في ذلك أخبار يطول شرحها. وكان شجاعاً مقداماً كريماً جواداً شاعراً فصيحاً حسن الشعر له في السلطان الملك المظفر عدة مدائح وصنَّفَ كتباً في النحو وغيره. ومن مصنفاتهِ في الأدب كتاب الكامل في العروض والوافي وهو كتاب جليل والكافي أيضاً. وكتبهُ أحسن ما صنَّف أهل اليمن تحقيقاً وتدقيقاً. ومن شعره أيضاً ما قالهُ في مدح السواد وهو هذا: اعد لي حديثك يوم الكثيب ... وسلّي بهِ عن فؤَادي الكئيب عشية سوداءَ قد أقبلت ... تسارقني لحظها من قريب وقد أمنت رصدة الكاشحين ... وسمع الوشاة وعين الرقيب تبدت لنا من خلال البيوت ... تجرر فضل الرداءِ القشيب أرتنا النقا والقنا مائلاً ... قوام القضيب وردف الكثيب مولدةُ من بنات الموال ... كمثل الغزال الغريب الربيب
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

من الطلاب وربما قدم على أخيه الفقيه محمد بن حسين إذا عوتب في ذلك يقول تلك بنات المخاض راتعةُ ... والعود في كورِهِ وفي قَتَبهْ لا يستفق من مضاض رحلتهِ ... من راحة العالمين في تعِبهْ وكف بصرهُ في آخر عمره. وكانت وفاتهُ في ذي الحجة من السنة المذكورة رحمهُ الله تعالى. وفيها توفي الشيخ الصالح فيروز صاحب الشيخ أبي الغيث بن جميل. وكان كبير القدر شهير الذكر. وكانت يدهُ للشيخ محمد لن أبي بكر الحكمي صاحب عواجه. وبعد وفاة شيخه صحب الشيخ أبا الغيث صحبة مخصصة وكان من أكابر الصوفية وأهل الكرامات فيهم. ولما حضرت الشيخ أبا الغيث الوفاة استخلف الشيخ فيروز في رباطهِ وعلى أصحابهِ فقام بذلك قياماً مرضيّاً إلى أن توفي في السنة المذكورة. وفي سنة اثنتين وسبعين دخل السلطان الملك المظفر صنعاءَ وكان دخوله يوم الثامن عشر من المحرم فأقام بها ونهض الأشراف إلى حصور واجلب معهم أهل حصور كافة وحطوا على عزان واجهدوا من فيه ووقع الخطاب على تسليم عزان وسلامة من فيه من العسكر فنزل العسكر وقبض الأشراف الحصن. ووصل عقيب ذلك أحمد بن جابر وشرع صلحاً بين الأشراف وبين السلطان خاصة ثم الإمام وكافة الناس عموماً. فتقدم السلطان إلى اليمن في شهر ربيع الأَول من السنة المذكورة ثم جرَّد عساكره المنصورة لقصد بيت خيّض فأخذهُ قهراً ووجد العسكر فيه خمراً كثيراً فكسروا أوعيته وأراقوه فقال غازي بن المعمار وعند أَمير المؤمنين عصابةُ ... يقولون بالبيض الحسان وبالسمرِ فان تكن الأشراف تشرب خفيةً ... وتُظهر للناس التنسك في الجهرِ وتأْخذ من خلع العذار نصيبها ... فأني أَمير المؤمنين ولا أدري
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

شمس الدين علي بن يحيى العسني فأدركتهُ عليه شفقة. وكان بصحبة فدخل عليه يوماً زائراً له مع جماعة من الفقهاءِ وكان قد أعلم بحاله فلما أراد الناس الخروج من مجلس الأمير استوقفه الأمير فلما خلى المكان قال له يا فقيه بلغنا عنك انك كثير التفريط لما في يديك وأنت فقيه ودخلك قليل من وجه حلال وما خَرَجَ عنك لا يكاد يقع لك عوضه إلا بمشقةٍ وأظنك تريد الاقتداءَ بنا ولا ينبغي لك ذلك لانَّا نحن محصولنا كثير من غير كلفة يسهل علينا خروجه كما يسهل علينا دخوله ثم وبخه على فعله وحذره من مرارة الفقر والفقيه ساكت مطرق ثم قال لهُ أحب أن تعاهدني انك لا عدت إلى شيءٍ من هذا فقال له الفقيه استخير الله الليلة وآتيك غداً أن شاءَ الله بما قويت عليه عزيمتي. أربعين فلما كان تلك الليلة صلى صلاة العشاء ثم صلى صلاة الاستخارة ونام فرأَى قائلاً يقول لهُ يا فقيه أحمد انفق فانك ممن وُقي شح نفسه فلما أصبح غدا إلى الأمير فأخبره بمنامهِ وما قيل لهُ وأنه باقٍ على ذلك الأمر فبكى الأمير وقال في أَي صورةٍ ما شاءَ رَكَّبكَ ولم يزل على حالهِ إلى أن توفي في السنة المذكورة تقريباً كما قال الجندي. وفيها توفي القاضي الأجل الصالح عيسى بن الفقيه علي بن الفقيه محمد ابن أبي بكر بن مُفَلَّت بضم الميم وفتح الفاءِ واللام المشددة وآخرهُ تاءً مثناة من فوقها. وكان فقيهاً ورعاً دينّاً عفيفاً وهو أحد من تعُدُّه الفقهاء من حفظة المهذب وولاة القاضي أبو بكر بن أحمد قضاء الجند فأقام بها قاضياً خمساً وأربعين سنة لم يذكر عنه ما يذكر عن غيره من نقص الحكام. ولما أَراد السلطان الملك المظفر زواج الحَّرة مريم ابنة الشيخ العفيف استدعاه فلم يعقد له حتى استكمل شرائط العقد ولم يتساهل في شيءٍ من ذلك. فاعجب السلطان بذلك وقال لو كان متساهلاً في شيءٍ من حكمه لتساهل معنا. فكان عندهُ معظماً وكانت جامكيته من جزية اليهود في الجند وهي خمسة عشر ديناراً. وكان كثيراً ما يُدان ولا يدان من أهل الجند تورعاً وكان لهُ أرض قريبة من الجند وارض ببلده ثابتة منها ما يقوم بكفايته وكان الغالب على حاله المسكنة والضعف. وتوفي مديوناً نحواً من ستمائة دينار وكان عمرهُ أكثر من مائة سنة لم يتغير
#العقود_اللؤلؤية_الدولة_الرسولية

وأخبرهُ بهذا فما بقي لنا إليه وصول. فلما وصل علي بن راشدٍ إلى الإمام اخبرهُ الخبر فطلب الإمام كافة الشرفاء واخبرهم الخبر فاضطربوا وقالوا للأمير صارم الدين ماذا ترى فقال قد أشرت عليكم في صنعاءَ فلم تقبلوا وأنا اليوم لا آمركم بالإقدام ولا آمركم بالإحجام أن أقدمتهم لم تأمنوا الكسرة وإن احجبتهم فهي كسرة الأحجام ولكن ارحلوا هذه الساعة قبل تشييع الخبر بطلوع السلطان فنهض الجميع منهم من العمري وانحدروا في نفيل الغارة وشاع الخبر بوصول السلطان فاضطربوا وتحيَّرُوا فعادت المماليك إلى صنعاء ثم تقدم الشرفاء فحطوا في معير ونهضوا إلى أفق بكرة يوم الخميس وكان غرضهم النهوض بكرة يوم الجمعة إلى الجبجب فخرج الأمير عز الدين في ستين فارساً تستطلع الخبر فجاءوا وقد حطَّ الركاب العالي في دمار فأغارت خيلهم على أطراف المحطة فأمر السلطان أن لا يخرج إليهم أحد وحرم على الناس الركوب. فعاد الأشراف إلى محطتهم بأفق وقالوا وصلنا إلى السلطان فما خرج إلينا أحد والغالب أن المحطة ضعيفة فأمسوا في محطتهم مسرورين فلما كان صبح يوم الجمعة لم يشعروا حتى أطل عليهم فارس من الخيل فركب الأشراف وما شكوا إنها غارة لأجل غارتهم بالأمس فركب الأمير صارم الدين في نحو من أربعين فارساً وأمر الناس بالوقوف حتى يعود فما كان أسرع من عودته فاجتمعوا إليه وقالوا لهُ ما الخبر فقال هذا الملك المظفر في عساكره وكتايبهِ بعدي فقلوا فما ترى قال ما أرى إلا الصبر والحرب فإنه يوم عصيب. ثم طلب أهل أُفق وقال لهم اخبروني أَين عورة بلدكم وأَمر الإمام أن يقف في الحصن فإن وقع كسرة كان بعيداً عن القتال. وأما ما كان من أَمر السلطان فإنه لما حطَّ في ذمار وصل إليه الأمير علم الدين الشعبي وقال لهُ يا مولانا السلطان اليوم يوم الجمعة وهؤُلاءِ العرب لا يستخيرون الصلاة إلا بعد الإمام. فإن تأخر عنهم مولانا السلطان إلى بعد الجمعة اجتمع معهم من العسكر ما لا تنحصر وكانت حربهم أَشد. فقال لهُ السلطان دعهم فلانا لا نريد سفك الدماءِ يوم الجمعة وأي أَي حالة