اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
145K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#المره #الحجة #البيت #أم العيال #أم_الصبيان ووو

ثقافة التسمية الحضرمية
الذهنية التقليدية لم تزل تُنتج النعوت الدونية التي تلاحق النساء

د. عبده بن بدر

يتناول المقال ثقافة التسمية عند الحضارمة التي تتشابه في بعض صورها في الوطن العربي، فالجريري حاول أن يفنّد هذه الثقافة، وعدّها ثقافةً لا تليق بكرامة المرأة فهي تنتهك هويتها؛ لأنها تحجب اسمها الحقيقي، فتصبح مجرّدة من هويتها، ولا يُعلن عن اسمها الحقيقي إلا في عقد قرانها وموتها.
للجريري (سعيد سالم سعيد)، كتابٌ يعلن فيه خروجه الصريح عن ذهنية أهله من الحضارمة المولعين بالتقليد في التسمية، وقضايا أُخرى تتعلق بالحريات، أسماه (من خارج الكهف). إذ يرى أنهم ما زالوا داخل الكهف، يُعيدون إنتاج ثقافة التقليد، ويفتخرون بها، وهو مُصِرٌّ على تمردّه على هذه الذهنية، فعزّز خروجه بعبارة دالة هي: "بعيدًا عن سرير بروكرست الحضرمي"، وبروكرست السفاح على أسطوريته، غدا طريقةً في التفكير تنحاز بشدة إلى النمطية، وتتعسف الإبداع الحرّ العابر للجغرافيات والإثنيات. والجريري مع الثقافة الحية التي تشجّع الإبداع الحرّ القادر على الإسهام في تأسيس المجتمع المدني، وهذا التوجه جعله مناهضًا لثقافة احتكار المرأة، وتجلّى ذلك في أكثر من مظهر عند الحضارمة، منها طريقة التسميات الخاصة بالمرأة، والأمر لا يتمثّل في اختيار الأسماء الخشنة أو الناعمة، بل في تدويرها داخل عائلاتهم، فضلًا عن انتهاك اسمها، إذ تحدث تقلّبات فيه؛ بحسب سنّها وموقعها في نظام القرابة العائلي، ففاطمة البنت الصغيرة تصبح فطومة، وحينما تكبر تصبح "البنية أو الزقرة أو العذراء"، وعندما تتزوج تصبح أم الأولاد وأم العيال ثم تصبح أم صالح حتى لو كان ابنها غير صالح، وأخيرًا قد تصبح "الشغلة".
فعل بروكرست الغاشم
إنّ الجريري يقاتل مع المقاتلين عن قضايا المرأة بالمعرفة المشحونة بحرارة التنوير مرة، ومرة أخرى بوخزات العبارة الساخرة الهادفة، وجُل مقالات الكتاب أنشودة تصدح بالغناء للمرأة الإنسان الذي نالت من كرامته الثقافةُ المعادية للأنوثة، والجريري يقرف من هذه العداوة غير المسؤولة المخربة لروح الإبداع، وهو ينحاز إلى عالم الأنثى ويطرب له. وأنوثته ليس فيها تمييز وتضييق، بل توسيع وتثوير، بل الأنوثة هنا ليست بيولوجية بل ثقافية كونية، تطمع في تلوين العالم بلون الأنوثة، وقد تزينت العنوانات الفرعية بهذا اللون، مثل: "أن تشعر بأنوثتك"، "تأنيث السلطة"، "سلمية الثورة"، "نساء عمر عبدالعزيز"، "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، "الحب.. ذلك المغضوب عليه".
والمقال المبسوط بين يدي القارئ، سيركز على تلك المقالات التي لها علاقة بثقافة التسمية عند الحضارمة، وهي ثقافة لا تستقر على معاملة إنسانية تليق بالمرأة، فاسمها الذي يمثّل وجودها وتعرف به عند الآخرين يُنتهك، ومثل هذه الثقافة يسخر منها الجريري، ويرى أنّها لصيقة بالذهنية التقليدية التي تمارس فعل بروكرست الغاشم الذي يقطّع ضحيته ولا يتركها حتى تستقر على سريره المؤطر بمقاسات صارمة. وذهنية الحضرمي تُجرِي تقلبات في تسمية المرأة حتى تستقر على سرير التقاليد المحنطة.
إنّ هذه الذهنية تجعل الحضرمي لا يشير إلى أخته باسمها، بل يطلق عليها "الكريمة" أو "الحرمة" أو "الشغلة"، واذا اشتط به الغضب يطلق عليها "المذلولة"، وهذه الطريقة المريبة في التعامل المتقلب مع اسم المرأة الزوجة أو الأخت تسيء إلى وظيفة اللغة، فبدلًا من أن تتحول اللغة إلى مسكن للوجود والمعرفة بموجوداته، بحسب المفهوم الهيدجري، تصبح تسترًا يصعب به فهم أشيائه وأحيائه، فاسمها الذي يحمل هويتها ويظللها بمعناه، يطاح به، لتصبح بلا هوية وبلا معنى فهي "الشغلة"، كلمة لا معنى لها، لا تعني شيئًا، وقد تعني كل شيء. وفي المقال الموسوم "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، يكشف الجريري عن الربط الحتمي بين اسم الطفلة واسم جدتها، سواء من جهة الأم أم الأب. ومثل هذا المصير لا يكف عن التدوير عند بعض العائلات.
والأمر لا يتوقف عند هذا المستوى من التعامل بشأن تسمية المرأة، بل إنّ هذا الاسم يتم التستر عليه وحجبه، بحسب السياقات ومتطلباتها. وترتفع درجة التستر والحجب في التعامل مع اسم الحبيبة الأنثى؛ لأنّها حكاية الحكايات الجميلة التي تستفز كل القبح الموجود في الذهنية التقليدية التي تصرّ على التستر عليه بوساطة متاريس اللغة المتزمتة تجاه المرأة، وهذا التزمت والتستر لا يزيد المرأة إلا ظهورًا في الأنفس والأرواح.
يتم التستر على اسم المرأة وحجبه، بحسب السياقات ومتطلباتها. وترتفع درجة التستر والحجب في التعامل مع اسم الحبيبة الأنثى؛ لأنها حكاية الحكايات الجميلة التي تستفز كل القبح الموجود في الذهنية التقليدية التي تصرّ على التستر عليه بوساطة متاريس اللغة المتزمتة تجاه المرأة، وهذا التزمت والتستر لا يزيد المرأة إلا ظهورًا في الأنفس والأرواح.