اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
145K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#أم الصبيان..
البدايات والجذور وأول دليل محتمل من النقوش السبئية

الشيطانة الأكثر رعبا، ملكة الإرهاب التي أقسمت منذ زمن طويل على إبادة الجنس الذكري من البشر، واختارت الأماكن النائية والأودية وطرقات السفر لتتربص بالرجال المسافرين، تغويهم نداءاتها حتى يتبعونها، فتمزق بطونهم بحوافرها الحادة وتشرب عصارة أحشائهم، يسهل عليها اختطاف الأطفال المتأخرين في اللعب إلى ما بعد الغروب، وتسبب الإجهاض للنساء الحوامل بذكور. هي ليست مجرد شيطانة ابتدعها الخيال الشعبي اليمني لتخويف الأطفال من الخروج ليلاً. فأغلب ثقافات الشرق الأوسط تشترك في الاعتقاد بوجود هذا الوحش الأنثوي الرهيب، وبأرجل وحوافر الوعل تتسلق أم الصبيان المنحدرات اليمنية للحاق بفرائسها، وبأرجل الجمل الصحراوي تكون أم دويس النجدية والسعلاء الحجازية، وبذيل سمكة هي السعلوة التي تستوطن الأنهار في سورية والعراق، و في خارج الشرق الأوسط في سهوب روسيا وأوروبا الشرقية هي بابا ياجا شيطانة المستنقعات، بسيقان عظمية طويلة تشبه العصي. في هذا المقال نستعرض تاريخ أسطورة أم الصبيان وشبيهاتها بالعودة إلى جذورها الأولى عند بدايات الحضارة البشرية، ونطرح فرضية مدعومة  بدليل من النقوش السبئية حول أصل هذه الشخصية ورمزيتها القديمة في اليمن.

المرحلة السبئية:
من المعروف أن ” ليل ” هي كلمة عربية تطلق على الفترة التي تغيب فيها الشمس، لكن بالعودة خمسة الاف عام إلى الوراء، لنفتش في نصوص سومر وهي أقدم حضارة بشرية، نجد أقدم ظهور لهذه الكلمة، حيث كانت اسماَ لألهة الهواء والربيع نينليل, وهو اسم مركب من كلمتين: نين وتعني آلهة أنثى، وليل وتعني الرياح1، فتكون نينليل إي آلهة الرياح الأنثى. وفي عصر الأكادية اللاحقة  حذفت كلمة “نين”, وبدون تأنيث أطلق على الآلهة اسم ليل، كآلهة خالصة للهواء والربيع2. ويبدو أن التغييرات الاجتماعية والثقافية التي حدثت في العصر البرونزي وتعزز سلطة النظام الأبوي، قد انعكس تأثيرها ميثولوجياَ*، فلم تعد ليل آلهة كما كانت، وبالرغم من انحدار مكانتها، إلا أنها حافظت على نوع من الاحترام، وباتت تدعى مع ظهور البابلية المبكرة رياح الجنوب التائهة ليلتو3، أما الأشوريين الذين اطلقوا عليها رياح الليل الشمالية الباردة والحاملة للمرض ليليث4 فقد توسعت دولتهم  فيما بعد لتسيطر على الشرق الأدنى بكله وأصبحت لغتهم الأكادية والآرامية من بعدها اللغة الرسمية للعالم القديم6,5,  ولأكثر من ألف عام من سطوة الثقافة الأشورية على مجتمعات العالم القديم ساد المسمى الأشوري (ليليث) على نطاق واسع باعتبارها رياح ليل إي أنه تم تحويلها إلى كائن يعيش في الظلام كالبومة* يتجول في الخارج والناس نيام، هنا ربما تكون بداية ارتباط  كلمة ( ليل) بالفترة التي تغيب فيها الشمس. ومن ناحية أخرى انحدر وضعها أكثر لتصبح شيطانة العواصف الليلة التي تحمل معها الموت7، حتى باتت في البابلية المتأخرة حوالي 600 ق. م الشيطانة الأكثر فظاعة، ويتم تخليدها في اللوح الأخير من ملحمة جلجامش8.9، وفي عام 586 ق م وحدوث ما يعرف بالسبي البابلي بقيام البابليين بالهجوم على القدس، عاش اليهود لقرون في بلاد الرافدين كعبيد، وشهدت هذه الفترة انتقال ثقافة وميثولوجيا بلاد الرافدين إلى الميثولوجيا اليهودية بحسب ما يعتقد أغلب الباحثين، لتصبح ليليث فيما بعد إحدى الشخصيات الأساسية في الديانة اليهودية.

في بداية بحثي كنت أظن أن أسطورة  ليل لم تظهر في اليمن إلا بعد شيطتنها على شكل ليليث، أي مع انتشار اليهودية في اليمن، وفي محاولة يائسة قمت بالبحث عن كلمة  ليل في النقوش اليمنية القديمة، وصدمت فعلا عندما وجدتها بالفعل في نقش بيت ضبعان العائد إلى الفترة (60 ق.م)، لتبدأ حينها فرضيتي بأخذ إطار منطقي. فالنص النادر الذي اكتشف في  العام 1984 يذكر آلهة غير معهودة في أي من النقوش المسندية وهي “وليل- ليل”* ( بمباركة وعون الآلهة عثتر الشارق وليل وسميدع وذات بعدان وعثتر عزيز ذي جاوب وذي طرر وريمان وشمسهم10). يصعب اعتبار الأمر تشابها لغويا وحسب، فكلمة ليل نقشت ضمن قائمة الإلهة التي يباركها النص ويشكرها، قد يعني هذا انتقال الأسطورة من بلاد الرافدين إلى اليمن في زمن سبق شيطنتها، ويخلق تساؤل حول إذا ما كانت تعود إلى شعوب أقدم كانت سلفا مشتركا؟


رسمة تخيلية لأم الصبيان للفنانة جمانة الشامي
المرحلة الحميرية الاكسومية:
أدت سيطرة قبائل ذو ريدان على اليمن في القرن الأول للميلاد إلى قيام دولة جديدة على أنقاض دولة سبأ سميت بحمير، والتي اعتنقت في القرن الثاني الديانة اليهودية، قبل أن تبدأ دولة أكسوم الأثيوبية بنشر الديانة المسيحية في اليمن، ويقوم الحميريون اليهود بحظر الديانة المسيحية وقتل المنتمين إليها, وهكذا دخلت البلاد في قرون من الحروب الدينية، وعلى كل حال فإن هذه الـ500 عام من التحولات الدينية والثقافية ربما تكون قد انعكست بشكل عميق على شخصية ليل في المخيلة الشعبية اليمنية، فبعد أن كانت عند السبئيي
#المره #الحجة #البيت #أم العيال #أم_الصبيان ووو

ثقافة التسمية الحضرمية
الذهنية التقليدية لم تزل تُنتج النعوت الدونية التي تلاحق النساء

د. عبده بن بدر

يتناول المقال ثقافة التسمية عند الحضارمة التي تتشابه في بعض صورها في الوطن العربي، فالجريري حاول أن يفنّد هذه الثقافة، وعدّها ثقافةً لا تليق بكرامة المرأة فهي تنتهك هويتها؛ لأنها تحجب اسمها الحقيقي، فتصبح مجرّدة من هويتها، ولا يُعلن عن اسمها الحقيقي إلا في عقد قرانها وموتها.
للجريري (سعيد سالم سعيد)، كتابٌ يعلن فيه خروجه الصريح عن ذهنية أهله من الحضارمة المولعين بالتقليد في التسمية، وقضايا أُخرى تتعلق بالحريات، أسماه (من خارج الكهف). إذ يرى أنهم ما زالوا داخل الكهف، يُعيدون إنتاج ثقافة التقليد، ويفتخرون بها، وهو مُصِرٌّ على تمردّه على هذه الذهنية، فعزّز خروجه بعبارة دالة هي: "بعيدًا عن سرير بروكرست الحضرمي"، وبروكرست السفاح على أسطوريته، غدا طريقةً في التفكير تنحاز بشدة إلى النمطية، وتتعسف الإبداع الحرّ العابر للجغرافيات والإثنيات. والجريري مع الثقافة الحية التي تشجّع الإبداع الحرّ القادر على الإسهام في تأسيس المجتمع المدني، وهذا التوجه جعله مناهضًا لثقافة احتكار المرأة، وتجلّى ذلك في أكثر من مظهر عند الحضارمة، منها طريقة التسميات الخاصة بالمرأة، والأمر لا يتمثّل في اختيار الأسماء الخشنة أو الناعمة، بل في تدويرها داخل عائلاتهم، فضلًا عن انتهاك اسمها، إذ تحدث تقلّبات فيه؛ بحسب سنّها وموقعها في نظام القرابة العائلي، ففاطمة البنت الصغيرة تصبح فطومة، وحينما تكبر تصبح "البنية أو الزقرة أو العذراء"، وعندما تتزوج تصبح أم الأولاد وأم العيال ثم تصبح أم صالح حتى لو كان ابنها غير صالح، وأخيرًا قد تصبح "الشغلة".
فعل بروكرست الغاشم
إنّ الجريري يقاتل مع المقاتلين عن قضايا المرأة بالمعرفة المشحونة بحرارة التنوير مرة، ومرة أخرى بوخزات العبارة الساخرة الهادفة، وجُل مقالات الكتاب أنشودة تصدح بالغناء للمرأة الإنسان الذي نالت من كرامته الثقافةُ المعادية للأنوثة، والجريري يقرف من هذه العداوة غير المسؤولة المخربة لروح الإبداع، وهو ينحاز إلى عالم الأنثى ويطرب له. وأنوثته ليس فيها تمييز وتضييق، بل توسيع وتثوير، بل الأنوثة هنا ليست بيولوجية بل ثقافية كونية، تطمع في تلوين العالم بلون الأنوثة، وقد تزينت العنوانات الفرعية بهذا اللون، مثل: "أن تشعر بأنوثتك"، "تأنيث السلطة"، "سلمية الثورة"، "نساء عمر عبدالعزيز"، "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، "الحب.. ذلك المغضوب عليه".
والمقال المبسوط بين يدي القارئ، سيركز على تلك المقالات التي لها علاقة بثقافة التسمية عند الحضارمة، وهي ثقافة لا تستقر على معاملة إنسانية تليق بالمرأة، فاسمها الذي يمثّل وجودها وتعرف به عند الآخرين يُنتهك، ومثل هذه الثقافة يسخر منها الجريري، ويرى أنّها لصيقة بالذهنية التقليدية التي تمارس فعل بروكرست الغاشم الذي يقطّع ضحيته ولا يتركها حتى تستقر على سريره المؤطر بمقاسات صارمة. وذهنية الحضرمي تُجرِي تقلبات في تسمية المرأة حتى تستقر على سرير التقاليد المحنطة.
إنّ هذه الذهنية تجعل الحضرمي لا يشير إلى أخته باسمها، بل يطلق عليها "الكريمة" أو "الحرمة" أو "الشغلة"، واذا اشتط به الغضب يطلق عليها "المذلولة"، وهذه الطريقة المريبة في التعامل المتقلب مع اسم المرأة الزوجة أو الأخت تسيء إلى وظيفة اللغة، فبدلًا من أن تتحول اللغة إلى مسكن للوجود والمعرفة بموجوداته، بحسب المفهوم الهيدجري، تصبح تسترًا يصعب به فهم أشيائه وأحيائه، فاسمها الذي يحمل هويتها ويظللها بمعناه، يطاح به، لتصبح بلا هوية وبلا معنى فهي "الشغلة"، كلمة لا معنى لها، لا تعني شيئًا، وقد تعني كل شيء. وفي المقال الموسوم "وسميناها فاطمة على اسم الوالدة"، يكشف الجريري عن الربط الحتمي بين اسم الطفلة واسم جدتها، سواء من جهة الأم أم الأب. ومثل هذا المصير لا يكف عن التدوير عند بعض العائلات.
والأمر لا يتوقف عند هذا المستوى من التعامل بشأن تسمية المرأة، بل إنّ هذا الاسم يتم التستر عليه وحجبه، بحسب السياقات ومتطلباتها. وترتفع درجة التستر والحجب في التعامل مع اسم الحبيبة الأنثى؛ لأنّها حكاية الحكايات الجميلة التي تستفز كل القبح الموجود في الذهنية التقليدية التي تصرّ على التستر عليه بوساطة متاريس اللغة المتزمتة تجاه المرأة، وهذا التزمت والتستر لا يزيد المرأة إلا ظهورًا في الأنفس والأرواح.
يتم التستر على اسم المرأة وحجبه، بحسب السياقات ومتطلباتها. وترتفع درجة التستر والحجب في التعامل مع اسم الحبيبة الأنثى؛ لأنها حكاية الحكايات الجميلة التي تستفز كل القبح الموجود في الذهنية التقليدية التي تصرّ على التستر عليه بوساطة متاريس اللغة المتزمتة تجاه المرأة، وهذا التزمت والتستر لا يزيد المرأة إلا ظهورًا في الأنفس والأرواح.