اليمن_تاريخ_وثقافة
11.6K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
قصر #الهبيلي...
تحفة معمارية خانها العمر والإهمال

يطل من الصحراء كأنه تحفة لأباطرة الرومان جاءت من خلف الأساطير 

توفيق الشنواح
#اندبيندينت_عربيه

لقصور اليمن حكايات شتى من الجمال والإبهار، وتاريخ خالد يطاول السماء كأعناقها المطرزة بألوان الدهشة، المستندة على تربة متجذرة في حضارة عميقة تستنهض منها طرازها الباذخ.
التحف المنيفة التي قُدّت من جبالها، وزخرفت من نورة تلالها وتراب رمالها، صنعت منها آيات خالدة للفرادة العمرانية المنثورة كاللآلئ البيضاء النفيسة التي تزين ثوب أرض السعيدة الأخضر.
غير أن زمن الأحفاد لم يجد بمن يحمي إرث الأجداد من صروف الدهر وتقلباته قبل أن تتسلل جحافل الخراب من أسوارها التي استوطنها الإهمال، فأحالتها من عجائب إلى خرائب تبكي أطلال زمن ساد فيه جمالها، ثم باد في غياهب التنكر والخذلان.

رمز الإمارة الهبيلية
على الضفة الشمالية الغربية لوادي بيحان، بمديرية عسيلان التابعة لمحافظة شبوة (شرق اليمن)، يطل قصر الأمير حسين بن أحمد الهبيلي، مؤسس الإمارة الهبيلية التي حكمت منطقة بيحان في القرن السابع عشر الميلادي، كجوهرة مشعة في محيط مقفر.
تولى الشريف حسين حكم منطقة بيحان بعد أبيه في الفترة ما بين 1935 و1967.
وعلى الرغم من أن الفترة التي حكم فيها الشريف حسين شهدت نزاعات وتطورات خطيرة في المنطقة وأطماعاً دولية وداخلية وسيطرة بريطانيا على جنوب اليمن، فإنه استطاع بحنكته السياسية تكوين إمارة دانت لها الزعامة على جنبات بيحان وعاصمتها مدينة النقوب، وهي الإمارة التي عرفت باسم الإمارة الهبيلية الهاشمية التي ظلت تستمد قوتها وحضورها من الوجود البريطاني.
ولهذا سقط حكم الهبيلي في 19 سبتمبر (أيلول) 1967، بعد استقلال الجنوب اليمني على يد ثوار الجبهة القومية المناهضة للاستعمار البريطاني.

لندن وشريف بيحان
مع توسع المطامع البريطانية في الجنوب اليمني، نهاية القرن الثامن عشر، كان لا بد للندن أن تبحث عن أعوان محليين يدينون لها بالولاء ويخضعون أي صوت مناوئ، مقابل الدعم السياسي والمادي الباذخ، ولهذا أنشأت "اتحاد الجنوب العربي" الذي ضم 12 سلطنة ومشيخة توزعت على مختلف المناطق، إضافة إلى ولاية عدن بإشراف ودعم مباشر من لندن.
وتقول أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر، أسماء أحمد ريمي، إن بريطانيا وقعت مع الهبيلي معاهدة حماية في 29 ديسمبر (كانون الأول) 1903، حصل شريف بيحان بموجبها على راتب شهري قدرة 30 ريالاً يمنياً.

وتضيف إعلامية، "اقتنع البريطانيون أن يكون آل الهبيلي حلفاء لهم وحكام لمنطقة بيحان، وذلك لمعرفتهم بطبيعة التركيبة القبيلة والاجتماعية للمنطقة، وخصوصاً أن القوتين الكبيرتين اللتين كانتا في المنطقة هما قبيلتا المصعبين في جنوب بيحان، وبالحارث في شمالها، ومن الصعب أن تدين إحداهما للأخرى".
وعقب صراعات وحروب عنيفة مع القبائل في بيحان وبمساندة بريطانيا للهبيلي استطاعت أسرة الهبيلي، وفقاً للباحثة ريمي، تأسيس الإمارة الهبيلية في كل منطقة بيحان وأعلنت بريطانيا عن تأسيس هذه الإمارة في 17 سبتمبر من عام 1943. ولهذا يعد الشريف حسين بن أحمد بن محسن الهبيلي "هو المؤسس الحقيقي لهذه الإمارة، واتخذ من مدينة بيحان (القصاب العليا) مقراً له وعاصمة لإمارته".

الإغداق على الحليف الجديد
عقب تلك الحقبة يؤكد مدير عام مكتب الثقافة بمديرية عسيلان، ناجي عيضة شماخ، أن بريطانيا أغدقت على حليفها الهبيلي بالأموال الطائلة وتكفلت ببناء أفخم القصور على امتداد مناطق إمارة بيحان حينها.
ويضيف، "استقدم الهبيلي بناة مهرة من محافظة حضرموت لتشييد قصره الرئيس في منطقة النقوب خلال الربع الأول من القرن الماضي، كمسكن ودار حكم، وأنشئ بالقرب منه مطار ترابي لتمويل الإمارة بكافة احتياجاتها".
عن سبب جلب البناة من حضرموت يرجع ذلك لمهارتهم التاريخية الفائقة في بناء أكبر وأجمل القصور. وهكذا شيد الهبيلي العديد من القصور له ولإخوته على نمط متشابه في مختلف مناطق بيحان.

من الخيال
وفي جولة "اندبندنت عربية" في جنبات القصر والاطلاع على ما تبقى من مآثره المعمارية الفريدة؛ يلفت نظر الزائر للقصر الإهمال الذي طاوله، حتى تسبب ذلك في طمس الكثير من معالمه، النقوش والزخارف الفسيفسائية والمنمنمات ولوحات الزينة والقباب المرصعة بالزخارف التي كتبت عليها آيات قرآنية ونقوش للخناجر والجنابي اليمنية التقليدية التي تملأ واجهات القصر وكافة الغرف في أدواره الأربعة.

مكونات القصر
تتقدم هذا المبنى الأرستقراطي بوابات خشبية عتيقة يليها حوش واسع تقدر مساحته بمئات الأمتار، يحوي بداخله بساتين وحدائق وحمام سباحة صمم على شكل زهرة، تتفرع في جنباته ملاحق شاسعة للحراسة وصالات واسعة للضيوف.