اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
144K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#فنون_يمنية
كلمات محمد سعد عبدالله وغناء الفنان الكبير المرشدي
تخلد سقوط كريتر بيد جبهة التحرير
الغناء الثوري سجل للنضال والكفاح
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من كتاب #السلوك للجندي


وَيذكر الْعلمَاء عَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه قَالَ الْعلم ثَلَاثَة أحرف الْعين من عليين وَاللَّام من اللطف وَالْمِيم من الْملك فَيبلغ بِصَاحِبِهِ أَعلَى الدَّرَجَات من العليين والزلفى بهَا إِلَى اللطف فِي الدَّاريْنِ وَالْملك فيهمَا 
وَعَن بعض الْعلمَاء الْعلم نزهة الْقُلُوب وَالْأَدب تحفة الْأَلْبَاب وَأحسن مَا وعى الْمَرْء فِي عمره علم يلْبسهُ للزِّينَة فِي العاجل وينتج عَنهُ سَعَادَة الآجل 
وانقضى ذكر مَا أسلفته من الْآثَار فِي فضل الْعلم وَأَهله 
وَأُرِيد اتِّبَاع ذَلِك بِمثلِهِ فِي فضل الْمُلُوك وَهُوَ آثَار مِنْهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السُّلْطَان ظلّ الله فِي أرضه يأوي إِلَيْهِ كل ملهوف 
قَالَ الحريري فِي درة الغواص مَعْنَاهُ ظله السابغ على عباده المسبل على بِلَاده وَقَالَ بعض الْعلمَاء الدّين بِالْملكِ يقوى وَالْملك بِالدّينِ يبْقى وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ عُثْمَان بقوله أَن الله ليزع بالسلطان مَا لَا يَزع بِالْقُرْآنِ وَمن قبيل ذَلِك قَول ابْن الْمُبَارك الْجَمَاعَة حَبل الله فَاعْتَصمُوا مِنْهُ بعروته الوثقى ... الله يدْفع بالسلطان معضلة ... عَن ديننَا رَحْمَة مِنْهُ ودنيانا 
لَوْلَا الشَّرِيعَة لم تأمن لنا سبل ... وَكَانَ أضعفنا نهبا لأقوانا ... ثمَّ قد ذكر الْعلمَاء لذَلِك أَعنِي فضل الْعلمَاء من الْمُلُوك آثارا يطول سردها ويسمج شرحها يعرفهَا الْعَارِف وَلَيْسَ غرضي بِوَضْع مَا وضعت من ذَلِك إِلَّا التَّنْبِيه والإذكار لِذَوي الْأَبْصَار ثمَّ تَعْرِيف النَّاظر أَن لَيْسَ غرضي بِذكر الْعلمَاء أخص الْمُحَقِّقين مِنْهُم والمتسمين من أهل الْفَهم فيهم إِذْ ذَاك ينْدر فِي كل جيل لَكِن مرادي غَالِبا ذكر الْفُقَهَاء وَمن رَأس مِنْهُم ودرس وبالصواب أفتى وَهدى إِذْ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ الْعلم مَدِينَة 
(1/64) 

لَهَا بَابَانِ أَحدهمَا للدراية وَالْآخر للرواية فغرضي أَن أذكر أهل الْبَابَيْنِ الدِّرَايَة وَالرِّوَايَة لَا من حقق الْعلم وأكمل شُرُوطه وتميز أهل زَمَانه وأوانه بل كَمَا فعل ذَلِك من سبقني من المصنفين لذَلِك المطيلين مِنْهُم والمقصرين وَلَو أَرَادَ أحد حصر تصنيفه بِذكر من أكمل الْعلم معرفَة لعجز 
فَإِن ذَلِك أَمر لَا يَنْتَهِي وَالله يَقُول {وَفَوق كل ذِي علم عليم} 
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَاهُ فَوق كل عَالم أعلم مِنْهُ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الله مفيض مَا يَشَاء من علمه على من اخْتصَّ من خلقه وَمن ذَلِك مَا رُوِيَ عَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه قَالَ الْعلم أَكثر من أَن يحفظ فَخُذُوا عَن كل عَالم محاسنه 
وَمَا رُوِيَ عَن جَعْفَر بن الْأَشَج أَنه قَالَ الْعلم كَالْمَالِ مَتى كَانَ بيد الْإِنْسَان مِنْهُ شَيْء سمي مُوسِرًا وَكَذَا من حوى شَيْئا من الْعلم سمي عَالما وَكَذَلِكَ يحوي الْإِنْسَان مَالا كثيرا فَلَا يُزَاد على اسْم الْيَسَار كَمَا أَن الْعَالم وَإِن كثر علمه لَا يُزَاد على الْعَالم لَكِن يتميزان بالأفضلية فَيُقَال أغْنى من فلَان كَمَا يُقَال أعلم مِنْهُ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنى أَشَارَ الْقَائِل بقوله ... من النَّاس من يدعى الإِمَام حَقِيقَة ... ويدعى كثير بِالْإِمَامِ مجَازًا 
وَلَكِن مَتى يخفى الصَّباح إِذا بدا ... وَحل عَن اللَّيْل البهيم طرازا ... ثمَّ قد يَقُول جَاهِل أَو متجاهل مَا الْفَائِدَة الْحَاصِلَة فِي ذكر من أوردته وقص قصَص من توخيته فأجبت الأول بِالسَّلَامِ وَالْآخر أَن فِي ذَلِك فائدتين إِحْدَاهمَا مَا ذكرت أَولا من ذكر الْقُرْآن للأنبياء وأممهم والقرون الْمَاضِيَة وَمن تَبِعَهُمْ وَالْأُخْرَى أَن الْمُتَأَخر مَتى وقف على خبر من تقدمه من الْفُضَلَاء أَو سمع كَيفَ تشميرهم وإقبالهم على الْعلم وَطَلَبه تاقت نَفسه إِلَى الِاقْتِدَاء بهم والانسلاك فِي سلكهم وَالتَّحْقِيق 
(1/65) 

لتفضيلهم وتجميلهم وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ إِمَام الطريقتين أَبُو الْقَاسِم الْجُنَيْد يَقُول الْأَرْوَاح جنود مجندة من جنود الله يخفى بهَا من قُلُوب العارفين ويصفو بهَا أسرار المريدين فقد يحث الصَّالح الجبان إِلَى المعركة فرسَان الطعان ويهيج الْحَادِي أشواق القوافل وَإِن كَانَ عَن معنى مَا يَأْتِي بِهِ غافل 
وَذكر فِي صفة الصفوة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ جَلَست يَوْمًا أحدث فِي حَلقَة فِيهَا سعيد بن السَّائِب الطَّائِفِي فَجعل يبكي حَتَّى رَحمته ثمَّ قلت مَا يبكيك فَقَالَ يَا سُفْيَان إِذا سَمِعت ذكر أهل الْخَيْر وَذكر فعالهم وجدت نَفسِي عَنْهُم بمعزل وَسُئِلَ الْجُنَيْد هَل على كَلَامه الأول دَلِيل قَالَ نعم قَول الله تَعَالَى وكلا نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك فَإِذا كَانَ تثبيت فُؤَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأخبار الرُّسُل فَكيف بِمن عداهُ وَمَتى ذكرت الْفُقَهَاء وَالْأَئِمَّة المتبصرين أوردت مَعَ كل مَا صَحَّ لدي لَهُ من منقبة أَو نعت يحسن إ
ِيرَاده وَإِن لم يكن أَهلا لذَلِك كَانَ إعراضي عَنهُ كَافِيا وَإِلَيْهِ يَقُول ... ولربما كَانَ السُّكُوت عَن الْجَواب جَوَابا 
مَعَ أَن المؤرخين قد شحنوا كتبهمْ بِذكر الْعلمَاء وتاريخهم حَتَّى قَالَ المَسْعُودِيّ عَن جمَاعَة مِنْهُم ذكرتهم لنقلهم السّنَن وحاجة أهل الْعلم وَأَصْحَاب الْآثَار إِلَى تَحْقِيق أَحْوَالهم لأخذهم الْعلم عَنْهُم والاستعانة بهم فِي دينهم ودنياهم 
(1/66) 

وَأَرْجُو أَن الله قد عصمني عَن أَن أرتكب فِي كتابي هَذَا هَوَاء وأميز أحد مِمَّن ذكرته إتباع هَوَاء وأعده من جملَة الملاء وَلَيْسَ لذَلِك أَهلا بل أذكر الْفَقِيه بِمَا ثَبت لَهُ من تَارِيخ أبدأ فِي أول ذكره بميلاده وأختم ذَلِك بوفاته ثمَّ فِي أثْنَاء ذَلِك مَا صَحَّ لي من نعوت ثمَّ مَتى ولي أحد مِنْهُم قَضَاء وَسَار السِّيرَة المرضية قلت محن هَذَا بِالْقضَاءِ وَإِن لم أقل ولي الْقَضَاء سنة كَذَا من قبل فلَان 
وَاعْلَم أَنِّي أخذت أَخْبَار الْمُتَقَدِّمين غَالِبا من أحد كتب ثَلَاثَة أكملها فِي ذكر الْعلمَاء وتواريخهم كتاب الْفَقِيه أبي حَفْص عمر بن عَليّ بن سَمُرَة إِذْ ذكر غَالب الْفُقَهَاء بِالْيمن مُنْذُ ظهر بِهِ الْإِسْلَام إِلَى بضع وَثَمَانِينَ وخمسمئة ثمَّ يُقَارِبه كتاب أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الرَّازِيّ أصلا والصنانعي بَلَدا وَهُوَ كتاب يُوجد كثيرا بأيدي النَّاس يَقُول فِي تَرْجَمَة كل نُسْخَة الْجُزْء الثَّالِث من تَارِيخ الرَّازِيّ ثمَّ يذكر فِي غَالب نُسْخَة مَا لَا يُوجد فِي النّسخ الْأُخْرَى وَبحث جمع كثير من أَعْيَان الْيمن عَن تَحْصِيل النُّسْخَة بكمالها فَلم يَجدوا غير الْجُزْء الْمَذْكُور وَبلغ فِيهِ إِلَى سِتِّينَ وأربعمئة تَقْرِيبًا وحقق فِيهِ جمَاعَة من أهل الْيمن غالبهم من صنعاء والجند وَأورد لَهُم من الْآثَار كثيرا وحقق من أَحْوَالهم 
بِخِلَاف مَا ذكره ابْن سَمُرَة ثمَّ إِنِّي تتبعت كِتَابه فَرَأَيْت مَا يدل على كَمَال مُصَنفه ونزاهته عَمَّا ينْسب إِلَيْهِ أهل ناحيته من الاعتزال وَالْقَوْل بِخِلَاف مَا صَحَّ عِنْد أهل الطول فقد طالعت كِتَابه الْمَذْكُور مرَارًا ونقلت مِنْهُ إِلَى كتابي هَذَا أَخْبَارًا وأخبارا 
ثمَّ يُقَارِبه تَارِيخ صنعاء لِابْنِ جرير الصَّنْعَانِيّ الزُّهْرِيّ واسْمه إِسْحَاق بن يحيى بن جرير ينتسب إِلَى الْأسود بن عَوْف أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَهُوَ كتاب لطيف الحجم بِهِ فَوَائِد جمة ثمَّ يُقَارِبه تَارِيخ عمَارَة الموسوم بالمفيد فِي أَخْبَار صنعاء وزبيد ثمَّ تَدْعُو الْحَاجة إِلَى ذكر أحد لَيْسَ من الْيمن فَأَخذه فِي الْغَالِب عَن 
(1/67) 

كتاب القَاضِي أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خلكان الْمَعْرُوف بوفيات الْأَعْيَان إِذْ لم يذكر من الْيمن غيراليسير وَكَانَ قَاضِي قُضَاة الشَّام مُعظما عِنْد الْعَزِيز ثمَّ عزل فِي أَيَّام قلاوون الصَّالِحِي لحَدث كَانَ مِنْهُ وَكتابه على الِانْقِطَاع نَحْو ثَمَانِينَ سنه وستمئة ثمَّ من بضع ثَمَانِينَ وستمئة إِلَى وقتي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسبعمئة إِنَّمَا أخذت الْغَالِب عَن أهل بَيت مِمَّن أَدْرَكته أَو أدْركْت من أدْركهُ مَعَ أَنِّي لم أقصد فِي ذكر أحد رِيَاء وَلَا أطريته مِمَّا يسْتَحق من ثَنَاء وَالله عَليّ فِي ذَلِك من أكبر الشُّهَدَاء وَلم أحبر على جمع ذَلِك إِلَى رَجَاء حُصُول أجر من الله وثواب وَمن أهل الْإِسْلَام دُعَاء مستجاب أَو ثَنَاء مستطاب ثمَّ تبركا باقتداء أكَابِر من سلك من هَذَا المسلك وَذكروا فِي فضلاء زمانهم وَمن تقدمهم أَقْوَامًا يغلب على الظَّن أَن فِي من تَأَخّر جمَاعَة يفضلون عَلَيْهِم أَو على كثير مِنْهُم بِالْعلمِ وَرُبمَا تحقق ذَلِك فِي كثير ثمَّ قبولا لإشارة شَيْخي أبي الْحسن الأصبحي وَهُوَ الَّذِي ذكرت أَولا أَن إِشَارَته فِي حَقي حكم وطاعته غنم مَعَ تعويلي على أَن مطالع كتابي هَذَا يكون معي عِنْد تَحْقِيقه لزلل كَمَا قَالَ تَعَالَى {وليعفوا وليصفحوا أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم} وَليكن كَمَا قَالَ الأول ... ويغضي عَن الْأَشْيَاء يعلم كنهها ... إِلَى أَن يَقُول النَّاس لَيْسَ بعالم 
وَمَا ذَاك من جهل بِهِ غير أَنه ... يجر على الزلات ذيل المكارم ... ثمَّ مَتى تحقق خللا فليصلحه بعد تحوط فَإِنِّي قد أخذت مَا أوردت من مظان جَيِّدَة ورحلت من الْجند فِي طلب ذَلِك إِلَى نواح بعيدَة ثمَّ يعرض مَعَ ذكر أحد من الْعلمَاء ذكر أحد من الْأَعْيَان فأورد من ذكره مَا يشفي النَّفس ويزيل اللّبْس على حسب الطَّاقَة وَمَعَ ذَلِك فالأغراض فِي ذَلِك تبلغ أغراضا مُخْتَلفَة فقد من يُرِيد تَارِيخ 
(1/68) 

الْعلمَاء وَقد يُرِيد الْمُلُوك وَقد يُرِيد الْأَعْيَان والميل إِلَى الِاخْتِصَار بِقدر الِاسْتِطَاعَة 
ثمَّ استفتح ذَلِك بِحَمْد الله جَاعل لُحُوم الْعلمَاء مُحرمَة لأهل السَّفه والشقاء فأعوذ بِهِ من حسد الحاسدين وَاعْتِرَاض
المعاندين ثمَّ الصَّلَاة على خير الْأَنْبِيَاء وَجَمِيع أخوانه مِنْهُم وَآل كل والصحب على الِاسْتِقْصَاء 
وَرَأَيْت أَن أولى مَا استفتح بِهِ الْكتاب ذكره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ هُوَ الْموصل عَن الله الْعلم بِمَا أخبر فابتدأت حِينَئِذٍ بنسبه ثمَّ مولده ثمَّ مَا تحققته من أَحْوَاله بداية وَنِهَايَة على شَرط الإيجاز والاختصار فِيهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ بِهِ سلكنا الطَّرِيق وَحصل لكل مُسلم التَّوْفِيق ولولاه لم يكن فِي الْأمة عَالم اسْتحْسنَ وَلَا جرى ذكره فِي كتاب وَلَا بعده من الصَّوَاب 
وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم كنيته بِولد لَهُ من خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا جَاءَهُ قبل الْإِسْلَام مُحَمَّد بن عبد الله 
مُحَمَّد اسْم عَرَبِيّ يَسْتَعْمِلهُ الْعَرَب فِي الْمُسْتَغْرق للمحامد وَسمي بذلك لِأَن أمه رَأَتْ فِي الْمَنَام قَائِلا يَقُول لَهَا إِنَّك حملت بِسَيِّد هَذِه الْأمة يكون مُسْتَغْرقا لجَمِيع المحامد فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا وَأما أَبوهُ فَقيل كَانَ اسْمه عبد الدَّار وَقيل عبد قصي فَلَمَّا فدي من الذّبْح سَمَّاهُ أَبُو عبد الله وَهُوَ أحد الذبيحين الَّذِي جَاءَ فِي بعض الْأَخْبَار عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا ابْن الذبيحين عَنى أَبَاهُ وجده إِسْمَاعِيل وَهُوَ ابْن عبد الْمطلب وَيُقَال لَهُ شيبَة الْحَمد أَي شيبَة الثَّنَاء إِذْ ولد وبرأسه شيبَة ابْن هَاشم واسْمه عَمْرو وَسمي هاشما لِكَثْرَة مَا كَانَ يطعم قومه قَالَ ... عَمْرو الَّذِي هشم الثَّرِيد لِقَوْمِهِ ... وَرِجَال مَكَّة مسنتون عجاف ... وَهُوَ ابْن عبد منَاف واسْمه الْمُغيرَة بن قصي سمي قصيا لِأَن أمه تزوجت فِي غير أَهله فَخرجت بِهِ مَعهَا صَغِيرا فَلَمَّا كبر عَاد بَلَده فرأس بهَا وَجمع بيُوت قُرَيْش وَلذَلِك كَانَ يُسمى مجمع بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة وَهَذَا النَّضر هُوَ قُرَيْش فَمن كَانَ من وَلَده فَهُوَ قرشي وَسمي بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ ذَا غَلَبَة وقهر من القرش حَيَوَان فِي الْبَحْر لِأَن لَهُ قهرا على غَيره وَقيل لتجارته ويساره وتصغيره محبَّة وَسميت قُرَيْش الحمس أَيْضا قيل لتشددها فِي الدّين خَاصَّة وَقيل لتشددها فِيهِ وَفِي غَيره وَقيل من الحمسة وَهِي الْحُرْمَة فَكَانَ يُقَال لَهُم أهل 
(1/69) 

الحمسة أَي أهل الْحُرْمَة 
وَقَالَ الْخطابِيّ سُئِلَ بعض الْعلمَاء لم كَانَت قُرَيْش أفضل الْعَرَب وَهِي قَبيلَة من مُضر فَقَالَ لِأَن دارها لم يزل منسكا لحج النَّاس وموسما لَهُم وموردا لقَضَاء نسكهم وَكَانُوا لَا يزالون يتأملون أَحْوَال الواردين ويراعونها يختارون أحسن مَا يشاهدونه ويتكلمون بِأَحْسَن مَا يسمعونه من لغتهم ويتخلقون بِأَحْسَن مَا يرَوْنَ من شمائلهم فبذلك وَهُوَ حسن الِاخْتِيَار الَّذِي هُوَ ثَمَرَة الْعقل صَارُوا أفضل الْعَرَب ثمَّ قَالَ لما بعث الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم تمت لَهُم بِهِ الْفَضِيلَة وكملت بِهِ السِّيَادَة وَإِنَّمَا صَار دَارهم حرما لِأَن الله تَعَالَى لما قَالَ للسماوات وَالْأَرْض {ائتيا طَوْعًا أَو كرها قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين} كَانَ الْمُجيب لَهُ بذلك من الأَرْض مَوضِع الْكَعْبَة وَمن السَّمَاء مَا قابله فَلذَلِك جعل فِيهِ الْبَيْت الْمَعْمُور وَهَذَا كَلَام دخيل والْحَدِيث شجون 
نعود إِلَى بَقِيَّة النّسَب وكنانة هُوَ ابْن خُزَيْمَة بن مدركة واسْمه عَامر بن الْيَأْس بِفَتْح الْهمزَة ضد الرَّجَاء وَقيل بخفضها مُوَافقَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان النّسَب إِلَى هُنَا لَا يمتري فِيهِ أحد وَمَا جَاوز ذَلِك من النسابين من قَالَ بِهِ وهم جمَاعَة ابتدأت مِنْهُم بِالْإِمَامِ السُّهيْلي لجلالة قدره وشهرة مَعْرفَته فَقَالَ عدنان بن مقوم بِفَتْح الْوَاو وخفضها بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نبت بن إِسْمَاعِيل الذَّبِيح الثَّانِي على رَأْي جمَاعَة كثيرين وَاخْتَارَ السُّهيْلي أَن الْعَرَب كلهَا من ولد إِسْمَاعِيل الذَّبِيح قَالَ إِذْ هم بَنو نبت وَبَنُو أَيمن ابْني إِسْمَاعِيل فالعدنانية بَنو نبت والقحطانية بَنو أَيمن 
وَقيل قيدر بن نبت بن إِسْمَاعِيل وَلَوْلَا الْميل إِلَى الِاخْتِصَار لشرحت مَا شَرحه السُّهيْلي فِي هَذَا الْمَكَان وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَمَعْنَاهُ أَب رَحِيم ولتحقق ذَلِك فِيهِ جعله وَامْرَأَته سارة كافلي أَطْفَال الْمُؤمنِينَ الَّذين يموتون صغَارًا ابْن تارخ وَهُوَ أزر بن ناحور بن ساروح بن راغوا بن فالخ وَقيل فالغ وَمَعْنَاهُ القسام لِأَنَّهُ قسم الأَرْض بَين أَهلهَا ابْن عَابِر وَقيل عبير بياء مثناة من تَحت بدل 
(1/70) 

الْألف بن سالخ وَمَعْنَاهُ الْوَكِيل بن أرفخشد وَمَعْنَاهُ مِصْبَاح مضيء ابْن سَام بن نوح واسْمه عبد الْغفار وَسُميَّة نوحًا لِكَثْرَة نواحه على نَفسه لتَقْصِيره فِي طاعه
ربه وَهُوَ ابْن لامك بِفَتْح الْمِيم وَقيل بِكَسْرِهَا ابْن متوشلخ بالشين الْمُعْجَمَة وَقيل بِالْمُهْمَلَةِ وَاللَّام مَفْتُوحَة وَقيل بخفضها والخا مُعْجمَة وَتَفْسِيره مَاتَ الرَّسُول إِذْ مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ فِي بطن أمه بن أَخْنُوخ وَقيل خنوخ بِحَذْف الْألف وخاءين معجمتين بَينهمَا نون مَضْمُومَة ثمَّ وَاو وَهُوَ إِدْرِيس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول نَبِي خطّ بالقلم وَأعْطِي النُّبُوَّة بن يرد بن مهليل وَقيل مهلايل وَمَعْنَاهُ الممدوح وَفِي أَيَّامه ظَهرت عبَادَة الْأَصْنَام ابْن قينان بِأَلف بَين النونين وَقيل بحذفه وَمَعْنَاهُ المستوى ابْن نائش وَقيل أنوش وَمَعْنَاهُ الصَّادِق بن شِيث وَمَعْنَاهُ عَطِيَّة الله بن آدم سمي بِهِ لِأَنَّهُ خلق من أَدِيم الأَرْض وكنيته عبد المليك أَبُو الْبشر وَقيل أَبُو مُحَمَّد يعنون بِهِ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 
قَالَ السُّهيْلي وَذكر الطَّبَرِيّ بَين عَابِر وشالخ أَبَا سَمَّاهُ قينان وَأَن الله لم يذكرهُ فِي التَّوْرَاة لِأَنَّهُ كَانَ ساحرا وانقضى ذكر مَا أردناه من النّسَب وَلم يبْق غير ذكر الْأَحْوَال والنعوت بِأَلْفَاظ موجزة فولد يَوْم الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول وَقيل غير ذَلِك وَكَانَ بعد هَلَاك أَصْحَاب الْفِيل بِخَمْسِينَ لَيْلَة ولد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مختونا مَسْرُورا فأعجب جده عبد الْمطلب ذَلِك وَقَالَ ليَكُون لِابْني هَذَا شَأْن عَظِيم وَاخْتلف هَل كَانَ أَبوهُ إِذْ ذَاك بَاقِيا أم لَا فَقيل لَا وَقيل نعم عَاشَ شَهْرَيْن بعد وِلَادَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل سنة وَأجْمع المؤرخون أَنه لم يبلغ الثَّلَاث إِلَّا وَقد عدم وَكَانَت أمه تَقول أتيت حِين حملت بِهِ فَقيل لي إِنَّك حملت بِسَيِّد هَذِه الْأمة فَمَتَى وَقع على الأَرْض فَقولِي أُعِيذهُ بِالْوَاحِدِ من شَرّ كل حَاسِد ثمَّ سميه مُحَمَّدًا قَالَت فوَاللَّه مَا رَأَيْت حملا قطّ كَانَ أخف وأيسر ولادَة مِنْهُ 
وَلَقَد وَقع وَاضِعا يَدَيْهِ على الأَرْض رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء فَظهر بميلاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من العلامات والبشارات مَا يفوق الْعد كَثْرَة وتبادرت الْكُهَّان إِلَى مَكَّة وَاتَّفَقُوا مَعَ عُلَمَاء الْيَهُود على إعدامه فَأَعْجَزَهُمْ الله ثمَّ أول مُرْضِعَة أَرْضَعَتْه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمة ثويبة مولاة لِعَمِّهِ أبي لَهب وَكَانَت قد أرضعت قبله عَمه حَمْزَة ثمَّ أم أَيمن الحبشية 
(1/71) 

وَهِي أم أُسَامَة بن زيد وَكَانَت مولاة لِأَبِيهِ عبد الْمطلب أعْتقهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزوجهَا زيد بن حَارِثَة ثمَّ حليمة وَقيل إِن حليمة أَرْضَعَتْه قبل أم أَيمن ثمَّ لما صَار ابْن سِتّ سِنِين ذهبت بِهِ أمه إِلَى يثرب تزيره أخوال جده عبد الْمطلب من بني النجار ثمَّ لما صَارَت بالأبواء عَائِدَة توفيت هُنَالك وَقد زارها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح هُنَالك وَالْخَبَر مَذْكُور فِي الْمُهَذّب وَغَيره 
فَلَمَّا بلغ الْخَبَر جده عبد الْمطلب أَمر أم أَيمن الْمُرضعَة لَهُ أَن تذْهب من مَكَّة فِي طلبه فَخرجت وَجَاءَت بِهِ فَكَانَ يبره ويكرمه حَتَّى أَن كَانَ أَعْمَامه ليحسدونه على ذَلِك فَيَقُول لَيَكُونن لَهُ شَأْن عَظِيم 
فَلَمَّا صَار ابْن ثَمَانِي سِنِين توفّي جده وَقد أوصى بِهِ إِلَى عَمه أبي طَالب لكَونه شَقِيق أَبِيه عبد الله 
ثمَّ خرج بِهِ عَمه وَهُوَ ابْن تسع نَحْو الشَّام فَمروا ببحيرى الراهب وَهُوَ بباءين موحدتين مخفوضة ثمَّ مَفْتُوحَة ثمَّ حاء مُهْملَة بعْدهَا يَاء مثناة من تَحت سَاكِنة ثمَّ رَاء ضَبطنَا ذَلِك على سَمَاعنَا وَسمعت جمَاعَة يصحفونه فأضافهم وَلم يكن قبل ذَلِك يضيفهم وَأوصى أَبَا طَالب بحفظه وحذره عَلَيْهِ من الْيَهُود فَدخل ذَلِك فِي نفس أبي طَالب حَتَّى أَنه لم يكد يكمل سَفَره وَعَاد بِهِ مسرعا إِلَى مَكَّة وَلم يزل بهَا حَتَّى بلغ خمْسا وَعشْرين سنة فَتزَوج خَدِيجَة بنت خويلد من أَبِيهَا وَقيل من عَمها وَأصْدقهَا عشْرين بكرَة فَولدت قبل الْإِسْلَام الْقَاسِم وَبِه كَانَ يكنى وَزَيْنَب ورقية وَأم كُلْثُوم ورقية الْكُبْرَى وَبعد الْإِسْلَام عبد الله والطاهر وَالطّيب وَفَاطِمَة فَهَلَك البنون صغَارًا وَأدْركت الْبَنَات الْإِسْلَام فَحسن فِيهِنَّ وَلم يَأْتِ لَهُ من غَيرهَا ولد غير إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ من جَارِيَة تسمى مَارِيَة بنت شَمْعُون أهداها لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُقَوْقس واسْمه جريج بن مينا كَذَا ذكره 
(1/72) 

السُّهيْلي وَلم يَعش إِبْرَاهِيم غير سنة وَعشرَة أشهر وَثَمَانِية أَيَّام 
ثمَّ نرْجِع إِلَى ذكر أَحْوَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلما بلغ خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة من عمره بنت قُرَيْش الْكَعْبَة وحكمته أَن يرفع الرُّكْن إِلَى مَوْضِعه فَلَمَّا كملت لَهُ أَرْبَعُونَ سنة ابتدئ بِالْوَحْي مناما لِا
ثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة وَقيل لعشر خلون من ربيع الأول وَاسْتمرّ الْوَحْي مناما سِتَّة أشهر وَلما كَانَ فِي رَمَضَان أَتَاهُ جِبْرِيل بِالْوَحْي يقظة وَلذَلِك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيَا الصادقة جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأَرَادَ أَن أَعْوَام نبوته إِذا قسمت على سِتَّة أشهر كَانَت سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا إِذْ هِيَ على الصَّحِيح ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيل يقظة أخبر بذلك خَدِيجَة فآمنت وصدقت وَهِي أول النِّسَاء إسلاما وَكَانَت امْرَأَة صدق وصاحبة حق وَكَانَ إِذا جاءها مُكَذبا صدقته أَو مؤذى هونت عَلَيْهِ وَأسلم أَبُو بكر الصّديق وَعلي بن أبي طَالب وَزيد بن حَارِثَة هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة أول من آمن من هَذِه الْأمة بِاتِّفَاق مَعَ اخْتِلَاف فِي السَّابِق مِنْهُم وَوجه بعض الْعلمَاء لذَلِك بِأَن خَدِيجَة أول النِّسَاء إسلاما وَأَبُو بكر أول الرِّجَال وَعلي أول الفتيان وَزيد أول الموَالِي وَلما أسلم أَبُو بكر خبر بِإِسْلَامِهِ ودعا إِلَيْهِ فَأسلم بِإِسْلَامِهِ سِتَّة نفر خَمْسَة من الْعشْرَة وهم عُثْمَان وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن وَسعد وَطَلْحَة وَالسَّادِس خباب بن الْأَرَت وَأقَام صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه مخفون الْإِسْلَام مترددون فِي إِظْهَاره ثَلَاث سِنِين حَتَّى نزل قَوْله تَعَالَى {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} الْآيَة فنابذ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قومه وجانبهم فعادوه وَقَامَ بنصرته عَمه أَبُو طَالب وذب عَنهُ وَجعل الْمُشْركُونَ يُؤْذونَ أَصْحَابه ويعذبون من قدرُوا عَلَيْهِ مِنْهُم ويفتنونه عَن دينه 
وَلما بلغُوا ثَمَانِينَ رجلا وَرَأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هم فِيهِ من أذية الْمُشْركين أَمرهم بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَة فَهَاجَرَ مِنْهُم اثْنَان وَثَمَانُونَ رجلا اخْتلف هَل كَانَ عمار بن يَاسر فيهم ثمَّ بعد ذَلِك أسلم حَمْزَة وَعمر بن الْخطاب فَامْتنعَ بهما من بَقِي بِمَكَّة من الْمُسلمين ثمَّ فِي سنة سِتّ كتبت الصَّحِيفَة على بني هَاشم وَمن دخل مَعَهم من بني الْمطلب وَخرج مِنْهُم أَبُو لَهب ثمَّ سلط الله عَلَيْهَا الأرضة فأتلفتها ثمَّ فِي سنة عشر توفيت خَدِيجَة بنت خويلد وعمرها سِتّ وَخَمْسُونَ سنة برمضان ثمَّ أَبُو طَالب بعْدهَا بِثَلَاث وَهُوَ ابْن سِتّ وَثَمَانِينَ وَقيل تسعين فكثرت أذية الْمُشْركين لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يجد من يصد عَنهُ كَأبي طَالب وَلَا يهون عَلَيْهِ ويسكنه كخديجة رَضِي الله عَنْهَا 
(1/73) 

فَخرج فِي سنة إِحْدَى عشرَة من النُّبُوَّة إِلَى الطَّائِف يلْتَمس النَّصْر من ثَقِيف فَلم يلق بهم خيرا فَعَاد مَكَّة وَبَات بوادي نَخْلَة ثمَّ قَامَ أثْنَاء اللَّيْل يُصَلِّي جهارا بِالْقُرْآنِ فَمر بِهِ النَّفر الَّذِي قصّ الله خبرهم فِي سُورَة {قل أُوحِي} 
قَالَ الرَّازِيّ وَكَانُوا من قَرْيَة بِالْيمن تعرف بنصيبين وَفِي رَجَب من سنة اثْنَتَيْ عشرَة كَانَ الأسرى فِيهِ هدى من هدى وطرد من طرد 
وَكَانَ يعرض نَفسه فِي المواسم وَيَقُول من يؤويني من ينصرني حَتَّى أبلغ كَلَام رَبِّي فَإِن قُريْشًا منعتني من تبليغه 
ثمَّ هَاجر أَبُو بكر إِلَى الْيمن فَدخل صنعاء فلقي بهَا ابْن الدغنة وَهُوَ يَوْمئِذٍ سيد القارة فَقَالَ أَيْن تُرِيدُ يَا أَبَا بكر قَالَ أخرجني قومِي فَأُرِيد أسيح فِي الأَرْض وأعبد رَبِّي فَقَالَ لَهُ إِن مثلك لَا يخرج وَلَا يخرج بِفَتْح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَضم الرَّاء فِي الأولى وبضم الْيَاء وَفتح الرَّاء مَا لم يسم فَاعله فِي الثَّانِيَة لِأَنَّك تكسب الْمَعْدُوم وَتصل الرَّحِم وَتحمل الْكل وتقري الضَّيْف وَتعين على النوائب فَارْجِع واعبد رَبك ببلدك وَأَنا جَار لَك فَعَاد وَأقَام معززا مكرما ثمَّ تقدم سِتَّة نفر من الْأَنْصَار يُرِيدُونَ حلف قُرَيْش على قَومهمْ فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدومهم فوصلهم وَعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام وتلا الْقُرْآن فأسلموا وسألوه أَن يبْعَث مَعَهم معلما فَبعث مُصعب بن عُمَيْر بن هَاشم بن عبد منَاف فَكَانَ أول من قدم الْمَدِينَة من الْمُسلمين من مَكَّة ويعد أول الْمُهَاجِرين ثمَّ إِنَّه جَاءَ الْمَوْسِم وَقد فَشَا الْإِسْلَام فيهم وَأسلم جمَاعَة فلقي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعقبَةِ مِنْهُم 
(1/74) 

اثْنَي عشر رجلا فأسلموا وَبَايَعُوهُ بيعَة النِّسَاء وعادوا فَيُقَال إِنَّمَا رَاح مُصعب مَعَ هَؤُلَاءِ وَالله أعلم وَلما قدم مُصعب صَار يجمعهُمْ على الصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن فَأسلم على يَده خلق كثير مِنْهُم أسيد بن حضير وَسعد بن معَاذ وَفَشَا الْإِسْلَام بِيَثْرِب 
وَلما كَانَ الْمَوْسِم سنة اثْنَتَيْ عشرَة حج مِنْهُم جمع كثير وواجهوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعقبَة فِي أواسط أَيَّام التَّشْرِيق وهم إِذْ ذَاك ثَلَ
اثَة وَسَبْعُونَ رجلا وَامْرَأَتَانِ فَبَايعُوهُ مبايعة الْحَرْب ثمَّ لما عَادوا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَقِي مَعَه بِمَكَّة من أَصْحَابه بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهِم فَهَاجرُوا وَلم يبْق بِمَكَّة غير أبي بكر وَعلي فَإِن الله حماهما بِمَا حمى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر وعامر بن فهَيْرَة مَوْلَاهُ بِالْفَاءِ وَابْن أريقط دليلهما فَقدما قبَاء ظهيرة يَوْم الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول من ثَلَاث عشرَة من النُّبُوَّة وَمن ذَلِك جعل التَّارِيخ بسنته عمر فِي خِلَافَته وَكَانَ التَّارِيخ قبله بِمَوْت الْفِيل وهلاك أَصْحَابه ثمَّ قبله بِمَوْت قصي بن كلاب وَلما ولي عمر الْخلَافَة أَمر النَّاس بالتاريخ من الْهِجْرَة فَكَانَت من أوامره الْمُبَارَكَة 
ولبث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقباء ثَلَاثَة أَيَّام وَخرج فِي الرَّابِع يَوْم الْجُمُعَة إِلَى الْمَدِينَة بعد أَن أسس مَسْجِد قبَاء وَقدم عَلَيْهِ فِيهَا عبد الله بن سَلام وَأسلم وَحسن إِسْلَامه وَهُوَ أحد بني قينقاع بِضَم النُّون وَفتحهَا مَعَ فتح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت وَفتح الْقَاف بعد النُّون الْمُخْتَلف فِيهَا ثمَّ ألف ثمَّ عين مُهْملَة وأدركته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة فِي بني سَالم بن عَوْف فصلى مَعَهم وَذَلِكَ بالموضع الَّذِي اتخذ مَسْجِدا بوادي رانونا ثمَّ ركب نَاقَته حَتَّى أَتَى دَار بني النجار 
(1/75) 

أخوال جده فبركت نَاقَته بِموضع بِالْقربِ من بَيت أبي أَيُّوب فَترك رَحْله فِي بَيته بَيْنَمَا بنى مَسْجِدا حَيْثُ بَركت نَاقَته ثمَّ بنيت مساكنه وَدخل بعائشة وأرئي عبد الله بن زيد مَعَ جمَاعَة الْأَذَان وَهَذَا نِسْبَة حَاله من ميلاده إِلَى سنته الَّتِي هَاجر فِيهَا وَبَقِيَّة أَحْوَاله فِي الْمَدِينَة مَعْرُوفَة متحققة يُؤْخَذ كثيرا نقلا وسطرا وَلما كَانَ فِي سنة تسع حج حجَّته الْمَشْهُورَة بِحجَّة الْوَدَاع وَحجَّة الْبَلَاغ لم يشْهد لَهُ غَيرهَا بعد الْهِجْرَة وَلَا يعلم كم حج قبلهَا 
ثمَّ فِي مستهل ربيع الأول من سنة عشر بعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَيْشًا إِلَى الشَّام وَأمر عَلَيْهِم أُسَامَة بن زيد فَأخذُوا بالتجهيز وَمرض صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ والجيش إِذْ ذَاك لم يخرج 
قَالَ الرَّازِيّ المؤرخ بِإِسْنَاد أوردهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه قَالَ نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلَام وخيرت بَين الْبَقَاء وَأبْصر مَا يفتح الله على أمتِي وَبَين التَّعْجِيل فاخترت التَّعْجِيل وَنزل عقب ذَلِك سُورَة الضُّحَى وَإِذا جَاءَ نصر الله بكمالهما 
وَتُوفِّي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول على تَمام عشر من الْهِجْرَة لَيْسَ لَهُ فِي رَأسه عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء إِذا مَشى تقلع كَأَنَّمَا ينحط من صبب أَي يمشي بِقُوَّة والصبب الحدور ثمَّ بَايع بعض النَّاس وَقيل كلهم فِي ذَلِك الْيَوْم لأبي بكر وَلم يتَأَخَّر أحد عَن الْيَوْم الثَّانِي 
وَكَانَ لَهُ يَوْم توفّي تسع نسْوَة عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم حَبِيبَة وَأم سَلمَة وَسَوْدَة وَزَيْنَب ومَيْمُونَة وَجُوَيْرِية وَصفِيَّة بنت حييّ 
وَجُمْلَة من تزوج بِهن ثَلَاث عشرَة أولهنَّ خَدِيجَة ثمَّ الْمَذْكُورَات والحادية عشرَة زَيْنَب بنت خُزَيْمَة مَاتَت فِي حَيَاته وَكَانَت تسمى أم الْمَسَاكِين لشفقتها عَلَيْهِم وَعقد بِاثْنَتَيْنِ وَلم يدْخل بهما 
وَقد ذكر فِي سَبَب ذَلِك وَهل كن أَكثر من ثَلَاث عشرَة أم لَا فِيهِ خلاف يطول شَرحه وغالب أصدقهن أربعمئة 
(1/76) 

دِرْهَم إِلَّا خَدِيجَة وَأم زَيْنَب أصدق خَدِيجَة مَا ذَكرْنَاهُ عِنْد عقدهَا وَأم زَيْنَب وَهِي الواهبة نَفسهَا عِنْد بعض المؤرخين وَقيل هِيَ غَيرهَا أصدقهَا فراشا حشْوَة لِيف وَقَدحًا وصفحة ومجشة وَهِي الرَّحَى وانقضى ذكر مَا استحسنته من أَحْوَاله 
وَأحب تعقيبه بِطرف من شمائله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ دَائِم الْبشر حسن الْخلق لين الْجَانِب لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب وَلَا فحاش وَلَا غياب وَلَا مزاح يتغافل عَمَّا لَا يَشْتَهِي قد ترك نَفسه من ثَلَاث المراء والإكثار وَمَا لَا يعنيه 
وَترك النَّاس من ثَلَاث لَا يذم أحدا وَلَا يغيبه وَلَا يطْلب عَوْرَته 
وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا بِمَا يَرْجُو ثَوَابه 
وَكَانَ إِذا تكلم أطرق جُلَسَاؤُهُ وَإِذا سكت تكلمُوا لَا يتنازعون عِنْده يضْحك مِمَّا يَضْحَكُونَ ويتعجب مِمَّا يتعجبون مِنْهُ 
يصبر على الْغَرِيب فِي مَنْطِقه ومساءلته جمع لَهُ الْعلم والحلم وَالصَّبْر 
أَخذ بِأَرْبَع الْحق ليقتدى بِهِ وَترك الْقَبِيح لينهى عَنهُ واجتهاد الرَّأْي فِيمَا يصلح أمته وَالْقِيَام بِمَا يجمع لَهُ خير الدُّنْيَا وَالْآخ
ِرَة 
وَكَانَ يَبْتَدِئ من لقِيه بِالسَّلَامِ وَيعود أَصْحَابه كَمَا يعودونه ويشيعهم كَمَا يشيعونه ويعتنقهم كَمَا يعتنقونه وَيقبل وُجُوههم كَمَا يقبلُونَ وَجهه ويفديهم بِأَبِيهِ وَأمه كَمَا يفدونه وَرُبمَا زار عمَّة وَخَالَة إفضالا مِنْهُ عَلَيْهِمَا فِي كل شَيْء وَيسْعَى إِلَى كل مكرمَة وَكَانَ يتفقد أَصْحَابه وَيسْأل عَن غائبهم 
فَإِن كَانَ مَرِيضا عَاده ودعا لَهُ 
وَمن مَاتَ اسْترْجع فِي حَقه وترحم عَلَيْهِ ودعا لَهُ 
وَمن تخوف مِنْهُ قَالَ لَعَلَّ أَبَا فلَان أَخذ علينا فِي شَيْء أَو رأى منا تقصيرا انْطَلقُوا بِنَا إِلَيْهِ 
ثمَّ يَأْتِيهِ منزله ويستطيب قلبه 
وَمَتى دَعَاهُ مُسلم 
(1/77) 

قَالَ لبيْك حرا كَانَ أَو عبدا صَغِيرا أَو كَبِيرا ذكر كَانَ أَو أُنْثَى 
وَإِن دَعَاهُ مُشْرك قَالَ لَهُ مَا تشَاء نعْمَة الله كَمَا قَالَ {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين} 
قيل لَهُ وَهُوَ نَازل على قوم يُرِيد حربهم وَقد أجهدوه هلا لعنتهم فَقَالَ إِنَّمَا بعثت رَحْمَة للْعَالمين 
لم أبْعث لعانا 
وَنَحْو ذَلِك مَا رُوِيَ عَن خباب بن الْأَرَت أَنه قَالَ لما اشْتَدَّ بِنَا أَذَى الْمُشْركين بِمَكَّة وَكَانَ كثير منا بَين مفتون وَبَين معذب ومؤذي أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُتَوَسِّد إزَاره فِي ظلّ الْكَعْبَة فشكوت عَلَيْهِ مَا نَحن فِيهِ وَقلت يَا رَسُول الله أَلا تَدْعُو الله لنا فَقعدَ وَهُوَ محمر الْوَجْه وَقَالَ إِن من كَانَ قبلكُمْ يمشط بِأَمْشَاط الْحَدِيد حَتَّى يذهب مَا دون عِظَامه من لحم وَعصب ليرْجع عَن دينه فَلَا يرجع وَيُوضَع الْمِنْشَار على مفرق رَأسه فينشق نِصْفَيْنِ مَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه وليتمن الله هَذَا الْأَمر حَتَّى يسير الرَّاكِب من صنعاء إِلَى حضر موت لَا يخَاف إِلَّا الله تَعَالَى أَو الذِّئْب على غنمه 
أورد هَذَا الْخَبَر الرَّازِيّ فِي تَارِيخه فِي بَاب مَا ذكر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنعاء 
وَكَانَت غَزَوَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبعا وَعشْرين غَزْوَة حصل الْقِتَال فِي تسع مِنْهُنَّ بدر وَأحد وَالْخَنْدَق وَقُرَيْظَة والمصطلق وخيبر وَالْفَتْح وحنين والطائف 
وسراياه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْنَان وَثَلَاثُونَ سَرِيَّة وَقيل تسع وَثَلَاثُونَ 
وَلما اتّفق الْمُسلمُونَ على خلَافَة أبي بكر وبيعته كَانَ أول شَيْء اشْتغل بِهِ النَّاس تجهيز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فغسلوه بِقَمِيصِهِ يصبون عَلَيْهِ المَاء ثمَّ اخْتلفُوا فِي أَيْن يدْفن فَقَالَ الصّديق إِنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول مَا قبض نَبِي إِلَّا دفن حَيْثُ قبض ثمَّ استدعى أَبَا طَلْحَة رجل من أهل الْمَدِينَة وطوى لَهُ الْفراش الَّذِي توفّي عَلَيْهِ رَسُول 
(1/78) 

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمره أَن يحْفر مَكَانَهُ كَمَا يحْفر لأهل الْمَدِينَة قبرا ملحودا وَذَلِكَ فِي الزاوية الْقَرِيبَة من بَيت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت قد قَالَت لأَبِيهَا قبل ذَلِك بِمدَّة إِنِّي رَأَيْت ثَلَاثَة أقمار سقطوا فِي حُجْرَتي وغابوا فِي أرْضهَا فَمَا تَأْوِيل ذَلِك قَالَ يدْفن فِي حجرتك ثَلَاث أفطاب خير أهل الأَرْض فَلَمَّا دفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا أَبُو بكر هَذَا أحد أقمارك وَهُوَ خَيرهمْ وَهَذَا آخر مَا أسلفته من أخباره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متبركا وموجزا 
ثمَّ لم يبْق غير الشُّرُوع بِذكر الْعلمَاء بِالْيمن فَأَحْبَبْت تصدير ذَلِك بِمن دخله من فُقَهَاء الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم الَّذين شهد لَهُم بالفقه وَأثْنى عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم أَبُو بكر الصّديق وَعبد الله بن عُثْمَان بن عَامر بن كَعْب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كَعْب بن غَالب يجْتَمع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مرّة بن كَعْب 
قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق أَجمعت الْأمة على تَقْدِيمه للخلافة بعد النَّبِي وَلَا يقدم إِلَّا إِمَام عَالم وَكَانَ يُفْتِي بِحَضْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يقدم على الْفتيا بِحَضْرَتِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عظم الْقدر وجلالة الْمحل إِلَّا الموثوق بِعِلْمِهِ والمتحقق لفضله 
وَقد ذكرت فِيمَا تقدم دُخُوله صنعاء ورجوعه بجوار ابْن الدغنة كَمَا مضى توفّي على الْحَالة المرضية سنة ثَلَاث عشرَة وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة خِلَافَته سنتَانِ وَأشهر 
ثمَّ عَليّ بن أبي طَالب وَاسم أبي طَالب عبد منَاف بن عبد الْمطلب وَبَقِيَّة النّسَب مُحَقّق فِي ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل حَاكما ومفقها كَانَ يَقُول لما بَعَثَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيمن قلت يَا رَسُول الله أتبعثني الْيمن وَأَنا شَاب وهم كهول وَلَا علم لي بِالْقضَاءِ قَالَ انْطلق فَإِن الله سيهدي قَلْبك وَيثبت لسَانك وَقيل قَالَ اللَّهُمَّ اهد قلب
ه فَلَمَّا صرت بِالْيمن وحكمت بَين أَهله لم أتعايا فِي حكم قطّ ببركة دُعَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ نُزُوله على أم سعيد بنت بزرج امْرَأَة داذوية أَمِير الْفرس بعد باذان لِأَنَّهُ كَانَ ابْن أَخِيه 
(1/79) 

فاستخلفه حِين نزل بِهِ الْمَوْت وَقد كَانَ أسلم وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله من ذكره فِي الْمُلُوك مَا يَلِيق وَكَانَ من وصل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا يصل إِلَى داذويه فينزله عِنْد هَذِه الْمَرْأَة فَذكر المؤرخون لأخبار الْيمن أَنَّهَا أول من أسلم من أهل صنعاء وَقَرَأَ الْقُرْآن فَيُقَال إِن عليا كرم الله وَجهه لبث بِصَنْعَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَدخل أَمَاكِن من الْيمن مِنْهَا عدن أبين وعدن لاعة من بِلَاد حجَّة قد خربَتْ مُنْذُ زمن طَوِيل وَمِنْهَا ظهر مَنْصُور الْيمن بالدعوة للعبيديين وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك إِن شَاءَ الله فِي مَوْضِعه وَدخل عَليّ مرّة أُخْرَى فِي أَيَّام أبي بكر وتأمره وَكَانَ من أجلاء فُقَهَاء الصَّحَابَة وَكفى شَاهدا لَهُ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا مَدِينَة الْعلم وَعلي بَابهَا 
وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول أعطي عَليّ تِسْعَة أعشار الْعلم وَأَنه لأعْلم بالعشر الْبَاقِي 
وَكَانَت وَفَاته جريحا من جِرَاحَة جرحه بهَا ابْن ملجم لَيْلَة الْجُمُعَة سحرًا لسبع عشرَة لَيْلَة مَضَت من شهر رَمَضَان الْكَائِن فِي سنة أَرْبَعِينَ وَقد بلغ عمره ثَمَانِي وَخمسين سنة وَقيل ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة 
وَاخْتلف فِي مَوضِع دَفنه فَذهب كثير إِلَى أَنه دفن بقصر الْإِمَارَة بِالْكُوفَةِ وغيب قَبره وَقيل بِموضع يُقَال لَهُ الغريين وَقيل إِن ابْنه الْحسن حمله يُرِيد بِهِ الْمَدِينَة ليدفنه هُنَالك فَلَمَّا صَار خَارج الْكُوفَة لَيْلًا وَأَرَادَ نَقله سرا أَقبلت ريح وظلمة مَعَ رذاذ أذهل النَّاقة فَلم يعلم أَيْن تَوَجَّهت وَظهر فِي أثْنَاء المئة السَّادِسَة من الْهِجْرَة قبر بِموضع بِالْقربِ من الْكُوفَة على مَا قيل وَاسم الْموضع النجف فشهر أَنه قَبره كرم الله وَجهه وَتحقّق ذَلِك أَنه مَا أَتَاهُ مبتلى إِلَّا عوفي سَوَاء كَانَ بِهِ عاهة أَو لَهُ حَاجَة فتزول وتقضى 
ثمَّ أَبُو عُبَيْدَة عَامر بن الْجراح بن هِلَال بن أهيب بن ضبة بن الْحَارِث بن فهر 
(1/80) 

يجْتَمع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ بَعثه إِلَى نَجْرَان إِذْ سَأَلَهُ أهل نَجْرَان وهم إِذْ ذَاك نَصَارَى أَن يبْعَث مَعَهم بعض أَصْحَابه ليحكم بَينهم فِي أَشْيَاء اشتجروا عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَأَبْعَثَن مَعكُمْ أَمينا مَأْمُونا فَاسْتَبْشَرَ بذلك أكَابِر الصَّحَابَة حَتَّى قَالَ عمر مَا أَحْبَبْت الْإِمَارَة إِلَّا يَوْمئِذٍ ثمَّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُم يَا أَبَا عُبَيْدَة فَلَمَّا قَامَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل أمة أَمِين وَهَذَا أَمِين هَذِه الْأمة ثمَّ أمره بِالْمَسِيرِ مَعَهم وَالْحكم بَينهم فَفعل وَخرج فِي جند الشَّام فَتوفي بوادي الْأُرْدُن فِي طاعون عمواس سنة ثَمَانِي عشرَة وَدفن هُوَ ومعاذ بن جبل بِموضع وَاحِد 
وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة من خَواص أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأخيارهم من الْعشْرَة الَّذين شهد لَهُم بِالْجنَّةِ وَقد دخل مَعَهم جمَاعَة مَعَ عَليّ وَبَعْضهمْ مَعَ معَاذ أَيْضا وَمُتَفَرِّقِينَ لَكِن المُرَاد ذكر الْعلمَاء مِنْهُم ثمَّ بعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَنْصَار أَبَا عبد الرَّحْمَن معَاذ بن جبل بن عَمْرو بن أَوْس بن عَابِد بن عدي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ الخزرجي كَانَ جميل الْوَجْه براق الثنايا وَجهه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رببيع الأول من سنة تسع وَقيل غير ذَلِك ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى مُلُوك حمير وَإِلَى السكاسك وهم أهل مخلاف الْجند وَكَانَت رياستهم إِذْ ذَاك لقوم مِنْهُم يُقَال لَهُم بَنو الْأسود ووصاهم بإعانته على بِنَاء مَسْجِد الْجند ووعد من أَعَانَهُ على ذَلِك خيرا كثيرا 
هَكَذَا نَقله المعنيون بذلك وَكَانَ معَاذ يَقُول لما خرجت من الْمَدِينَة شيعني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ يَا معَاذ إِذا قدمت عَلَيْهِم الْيمن فاحتكموا إِلَيْك فَبِمَ تحكم بَينهم قلت بِكِتَاب الله قَالَ فَإِن لم تَجِد 
(1/81) 

قلت بِسنة رَسُول الله فَإِن لم تَجِد قلت أجتهد رَأْيِي فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي وفْق رَسُول رَسُول الله ثمَّ قَالَ يَا معَاذ إِذا قدمت عَلَيْهِم فزين الْإِسْلَام بعدلك وحلمك وصفحك وعفوك وَحسن خلقك فَإِن النَّاس ناظرون إِلَيْك وقائلون خيرة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يرى لَك سقطة يستريب بهَا أحد فِي حلمك وعدلك وعلمك فَإِن الرُّسُل من الْمُرْسلين وَيَا معَاذ أوصيك بتقوى الله عز وَجل وَصدق الحَدِيث ووفاء الْعَهْد وَأَدَاء الْأَمَانَة وَتر
ك الْخِيَانَة وَرَحْمَة الْيَتِيم وَحفظ الْجَار وكظم الغيظ ولين الْكَلَام وبذل السَّلَام وَلُزُوم الإِمَام والتفقه بِالْقُرْآنِ وَحب الْآخِرَة والجزع من الْحساب وَقصر الأمل وَحسن الْعَمَل وأنهاك أَن تَشْتُم مُسلما أَو تصدق كَاذِبًا أَو تكذب صَادِقا أَو تَعْصِي إِمَامًا عادلا وَأَن تفْسد فِي الأَرْض يَا معَاذ اذكر الله عِنْد كل شجر وَحجر وأحدث لكل ذَنْب تَوْبَة السِّرّ بالسر وَالْعَلَانِيَة بالعلانية وَيسر وَلَا تعسر وَبشر وَلَا تنفر وستقدم على قوم أهل كتاب يَسْأَلُونَك عَن مَفَاتِيح الْجنَّة فَقل شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ 
ثمَّ لما وَدعنِي بَكَيْت فَقَالَ مَا يبكيك فَقلت أبْكِي لفراقك بِأبي وَأمي أَنْت فَقَالَ لَا تبك فَإِن الْبكاء فتْنَة 
فَذكرُوا أَن معَاذًا قدم الْجند فِي جُمَادَى الْآخِرَة وأوصل كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني الْأسود وَقد كَانُوا أَسْلمُوا ثمَّ إِنَّهُم اجْتَمعُوا فِي أول جُمُعَة من رَجَب وخطبهم وَفِيهِمْ جمع من الْيَهُود فَسَأَلُوهُ عَن مَفَاتِيح الْجنَّة فَقَالَ صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مفاتيحها شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ فَقَالُوا عجبنا من إصابتك الْجَواب وقولك صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرنِي بسؤالكم هَذَا وَكَانَ قَوْله لَهُم سَببا لإسلام من تَأَخّر من الْيَهُود وَكَانَ ذَلِك فِي محفل عَظِيم قد اجْتمع فِيهِ النَّاس من أَمَاكِن شَتَّى وَمن ثمَّ ألف النَّاس إتْيَان الْجند فِي أول جُمُعَة من رَجَب يصلونَ بهَا الصَّلَاة الْمَشْهُورَة ويشاهد فِي تِلْكَ اللَّيْلَة بَرَكَات وَلَا تكَاد تَخْلُو لَيْلَة الْجُمُعَة الأولى من رَجَب أَو يَوْم خميسها من مطر هَذَا غَالب الزَّمن 
وَكَانَ معَاذ يتَرَدَّد بَين مخلافي الْجند وحضرموت وَعنهُ أَخذ جمَاعَة من أَهلهَا وصحبوه وتفقهوا بِهِ وَخَرجُوا مَعَه الْحجاز ثمَّ الشَّام وَكَانَ عَمْرو بن مَيْمُون الأودي من خَواص أَصْحَابه فروى عَنهُ أَنه قدم علينا معَاذ من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَرِيق الشحر 
(1/82) 

رَافعا صَوته بالتهليل وَالتَّكْبِير وَكَانَ حسن الصَّوْت فألقيت عَلَيْهِ محبتي فصحبته وَلم أفارقه حَتَّى حثوت عَلَيْهِ التُّرَاب بِالشَّام وَقَالَ صلى معَاذ بِالنَّاسِ صَلَاة الصُّبْح وَذَلِكَ بِالْيمن وَقَرَأَ سُورَة النِّسَاء فَلَمَّا تَلا قَوْله تَعَالَى {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} قَالَ رجل من خَلفه قرت عين أم إِبْرَاهِيم وَهُوَ مَعْدُود من أكابرالصحابة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَقه معَاذ أعلم أمتِي بالحلال وَالْحرَام 
وَلما خطب عمر بالجابية قَالَ من أَرَادَ الْفِقْه فليأت معَاذًا وَكَانَ الصَّحَابَة مَتى تحدثُوا وَهُوَ فيهم نظرُوا إِلَيْهِ هَيْبَة لَهُ
وَلما حضرت عمر الْوَفَاة قَالَ لَو كَانَ معَاذ حَيا لَاسْتَخْلَفْته فَإِن سَأَلَني الله تَعَالَى عَن ذَلِك قلت سَمِعت نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يَبْعَثهُ يَوْم الْقِيَامَة لَهُ رتوة بَين أَيدي الْعلمَاء وَلَو لم يكن من فقهه إِلَّا مَا رَوَاهُ الرَّازِيّ عَنهُ وَهُوَ أَنه كَانَ بِمَجْلِس عمر بن الْخطاب من جملَة جمَاعَة كثيرين إِذْ رفع رجل امْرَأَته وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ غبت عَن هَذِه زَوْجَتي سنتَيْن ثمَّ جِئْت وَهِي حَامِل فَاسْتَشَارَ عمر برجمها فَقَالَ لَهُ معَاذ إِن كَانَ لَك عَلَيْهَا سَبِيل فَمَا لَك على مَا فِي بَطنهَا من سَبِيل دعها حَتَّى تضع فَلَمَّا وضعت بعد أَيَّام عرف زَوجهَا شبهه بِالْوَلَدِ وَقَالَ ابْني وَرب الْكَعْبَة إِذْ وَلدته جفرا لَهُ سنتَانِ فَقَالَ عمر حِينَئِذٍ عجز النِّسَاء أَن يلدن كمعاذ لَوْلَا معَاذ لهلك عمر 
وَقَالَ لأهل الْيمن يُوشك أَن تعرفوا فِيكُم أهل الْجنَّة من أهل النَّار وَيَمُوت فِيكُم الْمَيِّت فيثنى عَلَيْهِ بِخَير فَهُوَ من أهل الْجنَّة وَيَمُوت الْمَيِّت فيثنى عَلَيْهِ بشر فَهُوَ من أهل النَّار وَكَانَ يَقُول السُّلْطَان ذِئْب ابْن آدم كذئب الْغنم يَأْخُذ الشاردة والناخبة والقاصية فَعَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة والمساجد 
(1/83) 

شهد معَاذ بيعَة الْعقبَة الْكُبْرَى وبدرا وَهُوَ ابْن عشْرين سنة وَتُوفِّي فِي طاعون عمواس سنة ثَمَانِي عشرَة وَقد بلغ عمره ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة 
وَيُقَال إِن عِيسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع إِلَى السَّمَاء وَهُوَ بِهَذِهِ السن وَأخْبر الثِّقَة أَنه وجد بوادي الْأُرْدُن من أَرض الشَّام قبَّة فِيهَا قبران لَهُ وَلأبي عُبَيْدَة مَكْتُوب على كل قبر اسْم صَاحبه وَنسبه وتاريخه وَكَانَ أَصْحَابه لما توفّي دخلُوا الْعرَاق وصحبوا ابْن مَسْعُود لمؤاخاة كَانَت بَينهمَا وَكَانُوا هم المقدمين بِالْكُوفَةِ على فَتْوَى الْحَلَال وَال
ْحرَام وتنفيذ الْأَحْكَام وَكَانَ معظمهم من النخع حَتَّى كَانَ بعض أكَابِر التَّابِعين يَقُول إِنِّي لأعرف سمت معَاذ فِي أذواء النخع 
فَمِمَّنْ صَحبه من أهل الْيمن واشتهر بِالْعلمِ وَالْعَمَل جمَاعَة مِنْهُم عَمْرو بن مَيْمُون الأودي الْمُقدم ذكره فأصله من حضر موت وَقيل من الدثينة كَانَ معدودا من الْأَوْلِيَاء والعباد ذكره أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن الْجَوْزِيّ فِي صفة الصفوة وَقَالَ إِنَّه حج مئة حجَّة مَا بَين عمْرَة وَحجَّة وَكَانَ يَقُول مَا سرني أَن أَمْرِي يَوْم الْقِيَامَة إِلَى أَبَوي أسْند عَن معَاذ وَعمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَأبي أَيُّوب وَأبي مَسْعُود وَعقبَة بن عَمْرو وَعبد الله بن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس فِي آخَرين وَكَانَت وَفَاته غَالِبا فِي الْكُوفَة سنة أَربع وَقيل سنة خمس وَسبعين وَمِنْهُم الْأسود بن يزِيد بن قيس بن عبد الله وَكَانَ يكنى أَبَا عَمْرو وَقَالَ فِي صفة الصفوة كَانَ يخْتم الْقُرْآن فِي كل لَيْلَتَيْنِ 
(1/84) 

من رَمَضَان ويختمه فِي كل سِتّ من غَيره وَحج ثَمَانِينَ حجَّة مَا بَين عمْرَة وَحجَّة وَكَانَ يجْهد نَفسه بِالصَّوْمِ حَتَّى يخضر جسده ويصفر فَيَقُول لَهُ عَمه عَلْقَمَة بن قيس لم تعذب هَذَا الْجَسَد فَيَقُول إِن الْأَمر جد إِن الْأَمر جد 
وَكَانَ يُقَال انْتهى الزّهْد إِلَى ثَمَانِيَة فيعد هَذَا مِنْهُم فَلَمَّا احْتضرَ بَكَى فَقيل لَهُ مِم تجزع فَقَالَ وَمن أَحَق بذلك مني وَالله لَو أتيت بالمغفرة من الله عز وَجل لأهمني الْحيَاء مِنْهُ مِمَّا قد صنعت إِن الرجل ليَكُون بَينه وَبَين الرجل الذَّنب الصَّغِير فيعفو عَنهُ فَلَا يزَال مستحيا مِنْهُ هَذَا فعل من ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ من الصَّوْم وَمَا كَانَ إِلَّا رَاهِبًا من الرهبان وَكَانَ لَا يزَال صَائِما 
أسْند عَن معَاذ وَأبي بكر وَعمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَأبي مُوسَى وسلمان الْفَارِسِي وَعَائِشَة وَلم يرو عَن عُثْمَان شَيْئا وَفَاته كَانَت بِالْكُوفَةِ سنة خَمْسَة وَسبعين 
وَمِنْهُم عَمْرو بن شُرَحْبِيل كنيته أَبُو ميسرَة وَنسبه فِي هَمدَان قَالَ بعض السّلف مَا رَأَيْت همدانيا أحب إِلَيّ أَن أكون فِي مسلاخه من أبي ميسرَة قيل وَلَا مَسْرُوق قَالَ وَلَا مَسْرُوق وَكَانَ يَقُول لَيْت أَنِّي لم أكن شَيْئا قطّ 
أسْند عَن معَاذ وَعمر وَابْن مَسْعُود وخباب بن الْأَرَت وَغَيرهم وَلم أجد لَهُ تَارِيخا وَمِنْهُم شُرَيْح بن الْحَارِث بن قيس القَاضِي كنيته أَبُو أُميَّة وَهُوَ بالشين الْمُعْجَمَة مَضْمُومَة وَالرَّاء مَفْتُوحَة ثمَّ الْيَاء الْمُثَنَّاة من تَحت سَاكِنة ثمَّ حاء مُهْملَة كَانَ كَبِير الْقدر معدودا فِي عُلَمَاء التَّابِعين ولاه عمر قَضَاء الْكُوفَة فَلم يزل على ذَلِك إِلَى زمن زِيَاد بن أَبِيه ثمَّ استقاله عَنهُ فأقاله بعد أَن استشاره بِمن يحل مَكَانَهُ فَأَشَارَ بِأبي 
(1/85) 

بردة بن أبي مُوسَى وَكَانَ يَقُول سَيعْلَمُ الظَّالِمُونَ حَظّ من يعصوا إِن الظَّالِم يتنظر الْعقَاب والمظلوم ينْتَظر النَّصْر 
قَالَ ابْن سِيرِين سَمِعت شريحا يحلف بِاللَّه مَا ترك عِنْده شَيْئا لله فَوجدَ فَقده ثمَّ قَالَ وَلَا أرَاهُ حلف إِلَّا على علم وَقضى على رجل بِإِقْرَارِهِ فَقَالَ قضيت عَليّ بِغَيْر بَيِّنَة فَقَالَ أَخْبرنِي بذلك ابْن أُخْت خَالك وَقَالَ لَهُ ابْن لَهُ إِن بيني وَبَين قوم خُصُومَة فَانْظُر فِي قصتي فَإِن كَانَ الْحق لي خاصمتهم وَإِلَّا تَركتهم 
ثمَّ قصّ عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ لَهُ انْطلق فخاصمهم فَانْطَلق وخاصمهم ورافعهم إِلَى أَبِيه فَقضى عَلَيْهِ فَلَمَّا صَار بِالْبَيْتِ عاتبه ابْنه وَقَالَ لَو لم أتقدم إِلَيْك لم ألمك لقد فضحتني 
فَقَالَ لَهُ وَالله يَا بني لأَنْت أحب إِلَيّ من ملك الأَرْض وَمِنْهُم وَالله أعز عَليّ مِنْك إِنَّنِي خشيت إِن أَخْبَرتك أَن الْقَضَاء عَلَيْك فتذهب فتصالحهم وَيذْهب بعض حَقهم 
وَقَالَ الشّعبِيّ شهِدت شريحا وَقد أَتَتْهُ امْرَأَة تخاصم رجلا فَأرْسلت عينيها بالبكاء فَقلت يَا أَبَا أُميَّة مَا أظنها إِلَّا مظلومة فَقَالَ يَا شعبي إِن أخوة يُوسُف جَاءُوا أباهم عشَاء يَبْكُونَ وافتقد يَوْمًا ابْنا لَهُ فَبعث فِي طلبه فجيء بِهِ فَقَالَ لموصله أَيْن أصبته فَقَالَ يهارش الْكلاب فَقَالَ لِابْنِهِ صليت فَقَالَ فَأرْسلهُ إِلَى الْمُؤَدب وَقَالَ لرَسُوله قل للمؤدب شعرًا ... ترك الصَّلَاة لأكلب يسْعَى لَهَا ... طلب الهراش مَعَ الغواة النحس 
فَإِذا أَتَاك فعرضنه بملامة ... وعظه موعظة الصَّبِي الْكيس ... 
(1/86) 

.. وَإِذا هَمَمْت بضربه فبدرة ... وَإِذا ضربت بهَا ثَلَاثًا فاحبس 
وَاعْلَم بأنك مَا أتيت فنفسه ... مَعَ مَا تجرعني أعز الْأَنْفس ... وَحكى أَنه خرج يَوْمًا من عِنْد زِيَاد بن أبي فَلَقِيَهُ رجل وَقَالَ لَهُ كبر سنك ودق عظمك وارتشى ابْنك فَرجع إِلَى زِيَاد فَأخْبرهُ فَسَأَلَهُ
عَن قَائِل ذَلِك قَالَ لَا أعرفهُ فاعفني قَالَ لَا أعفيك حَتَّى تُشِير عَليّ بِرَجُل أجعله مَكَانك فَقَالَ عَلَيْك بِأبي بردة فاستدعاه زِيَاد وولاه الْقَضَاء وَتُوفِّي سنة سِتّ وَقيل ثَمَان وَسبعين بعد أَن بلغ عمره مئة سنة وثماني سِنِين 
أسْند عَن معَاذ وَعلي وَعمر وَغَيرهم 
وَمِنْهُم مَسْرُوق بن الأجدع بن مَالك يكنى أَبَا عَائِشَة همداني سرق وَهُوَ صَغِير ثمَّ وجد فَسُمي مسروقا أسلم أَبوهُ وَلَقي مَسْرُوق عمر بن الْخطاب فَقَالَ لَهُ مَا اسْمك قَالَ مَسْرُوق بن الأجدع 
وَوَجَدته مضبوطا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بِخَط من يعْتَمد ضَبطه فَقَالَ لَهُ عمر إِن الأجدع شَيْطَان أَنْت عبد الرَّحْمَن فَثَبت عَلَيْهِ وَكَانَ مَسْرُوق من أكَابِر التَّابِعين وأفراد الزاهدين كَانَ يَقُول بِحَسب الْمَرْء من الْجَهْل أَن يعجب بِعَمَلِهِ وَحسب الْمُؤمن من الْعلم أَن يخْشَى الله وَقَالَ إِذا بلغ أحدكُم أَرْبَعِينَ سنة فليأخذ حذره من الله عز وَجل وَحج فَلم ينم إِلَّا سَاجِدا حَتَّى رَجَعَ قلت فَإِن قَالَ قَائِل بِأخذ قَول الشَّافِعِي إِنَّه لم ينم لم يكن بِهِ بَأْس فَإِن على قَول الشَّافِعِي الْقَدِيم من نَام فِي شَيْء من أَحْوَال الصَّلَاة كَانَ بِمَنْزِلَة من لم ينم فَلَا ينْتَقض وضوؤه وَلما وجد مِنْهُ شدَّة الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة قيل لَهُ لَو أَنَّك قصرت عَن الْكَلَام على بعض مَا تصنع فَقَالَ وَالله لَو أَتَانِي آتٍ فَأَخْبرنِي أَن الله لَا يُعَذِّبنِي لاجتهدت فِي الْعِبَادَة قيل لَهُ فَكيف ذَلِك قَالَ حَتَّى 
(1/87) 

تعذرني نَفسِي إِن دخلت جَهَنَّم لَا ألومها أما بلغك قَوْله تَعَالَى فَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوامة إِنَّمَا لاموا أنفسهم حِين صَارُوا إِلَى جَهَنَّم واعتنقتهم الزَّبَانِيَة وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون وانقطعت عَنْهُم الْأَمَانِي وَرفعت عَنْهُم الرَّحْمَة وَأَقْبل كل امْرِئ مِنْهُم يلوم نَفسه قَالَ إِنِّي أحسن مَا أكون ظنا حِين يَقُول الْخَادِم لَيْسَ فِي قلب الْبَيْت قفيز وَلَا دِرْهَم وَقَالَ إِن الْمَرْء لحقيق أَن يكون لَهُ مجَالِس يَخْلُو فِيهَا ويتذكر ذنُوبه ويستغفر مِنْهَا مَاتَ بِالْكُوفَةِ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ إِسْنَاده عَن معَاذ وَعمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وخباب وَأبي وَزيد بن ثَابت والمغيرة وَعبد الله بن عمر وَعَائِشَة 
وَقد صحب معَاذًا غير هَؤُلَاءِ من أهل الْيمن غير أَن هَؤُلَاءِ جماهيرهم والمفتون مِنْهُم وَصَحبه مُنَبّه بن كَامِل وَالِد وهب وَقد أطلت الْكَلَام فِي ذكر معَاذ وَأَصْحَابه اليمنيين وَحِينَئِذٍ أشرع بِذكر أهل طبقته أَيْضا فهم جمَاعَة مِنْهُم أَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ معدودا فِي فُقَهَاء الصَّحَابَة أَصله من الْيمن من وَادي زبيد وَفِي الْوَادي أَرض تعرف بِهِ إِلَى الْآن 
وَهُوَ أحد من بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مفقها لأهل الْيمن وَلما خدعه عَمْرو بن الْعَاصِ نزل شعبًا بِمَكَّة فِيهِ شَيْء من الْقُبُور يعرف بشعب أبي الدّرّ وَقَالَ أجاور قوما لَا يغدرون وَلم يزل حَتَّى توفّي فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَقيل سنة خمسين وَقيل توفّي بِالْكُوفَةِ 
وانقضى ذكر الْفُقَهَاء من الصَّحَابَة الَّذين دخلُوا الْيمن وَمن طبقتهم جمَاعَة أدركوا زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يجتمعوا بِهِ وَأَسْلمُوا وصاروا عُلَمَاء بأخذهم عَن الصَّحَابَة وعاملين مِنْهُم أويس بن عَامر بن جُزْء بن مَالك بن عَمْرو بن سعد بن عَمْرو بن حوران بن عصوان بن قرن بن ردمان بن وَائِل بن الْغَوْث بن جيدان بن قطن بن عريب بن زُهَيْر بن أَيمن بن الهميسع بن حمير وَفِي اسْم أَبِيه وَنسبه اخْتِلَاف هَذَا أَصَحه عِنْد أهل الْيمن وجده قرن بِفَتْح الْقَاف وَالرَّاء بطن من مُرَاد وَهُوَ قرن بن ردمان بن نَاجِية
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قبايل اقليم الصبيحه وفخوذها والبيوت الساكنة فيه

يضم اقليم الصبيحه :

1- ال سفيان :
يكثرون في وادي معادن وفي قرى صغيرة في الغرب في وادي الوريديه وغيره ,
وهم مسالمون ولو انهم مسلحون دائماً .

2- بنو سرور الفتاحي الصوفيه :
من وادي عبيل الى الغرب نجد فروعا صغيره تعيش في مناطق قبائل العاطفي وامجليدة والبريمي في أوديه صغيرة ترويها الغيول .

3- الحجور :
يعتقد انهم هاجروا من حضرموت من حجر , وهم يحبون الترحال والهجرة خاصة في موسم الحصاد حيث يعملون أجراء ووسطاء في الصفقات التجارية .

ويتكون الإقليم " اقليم الصبيحه " من القبائل التالية :

1- الحميدة
2- البسوس
3- الجبيري
4- الحزيمي

في الزاويه الشماليه الشرقية بالقرب من مدرجة , وتتصل بجبال الجهيلي الحوشبيه , وتتداخل في الحدود اليمنية الشماليه .
والماء قليل جدا في هذه النواحي الجبليه .
ويستعمل الحميدة ماء بئر حميد الذي يقع في الجانب الشمالي من نقيل مدرجة .
ويستعمل البسوس ماء وادي تبن . اما في الجانب الجنوبي من مدرجة فالماء قليل .
وقد كان يوجد بئر مملعوط , لكن مياهه جفت . ويعتقد ان الماء موجود في سفح جبل الجهيلي .

5- المطرفي :
في غرب منطقة الحميدة , ويسكنون في وادي مليحه ووادي الضر ولهم حدود مع ارض القبيطة " اليمنية الشمالية ". وتوجد بعض النواحي الزراعية في وادي مليحه ووادي الضر بالقرب من بئر قرين , لكنها تكاد تعتمد اعتمادا كليا على ماء الامطار
اما بقية اراضي المطرفي فجدباء قاحله والماء يكاد يكون معدوما فيما عدا بئر قرين , وبالقرب من سفوح جبال القبيطة .
واشتهرت قبيلة المطرفي بتربية الجمال وتدريبها ,
وكانت العاده قد جرت على بيع الجمال حين تبلغ السنة الرابعة من عمرها وتستعمل الاصغر سنا للركوب .
واشتهرت جمالهم بالقوة والصبر . وتملك القبيلة المواشي اعتادت ان تأكل الكلأ عند سفوح جبال القباطي .

6- المخدومي : " وتتفرع الى الفخائذ التالية " :

أ- المخدومي في وادي مراسه
ب- الطاهري في وادي علصان
ت- العليجي في وادي خليلة ووادي الضر ووادي علصان ووادي مراسة .
4- العميري وبني عطية في نفس الاودية .
ث- بنو عطية في وادي خليلة ووادي الضر ووادي عصلان ووادي مراسة
وفي الواديين الرئيسيين " علصان و مراسة " يوجد القليل من الزراعه . وكانا البئران الرئيسيان هما بئر غسان وبئر مراسة , اللذان ينتجان قليلا من الماء . ومن الممكن الحصول على الماء الكافي من وادي القاضي في شمال دار مرشد .


7- المنصوري " وينقسمون الى الفخائذ التالية " :

أ‌- البكيري في وادي حيح
ب‌- الحسيني في الحسينية في وادي المشارج
ت‌- عطوي المشارج في وادي المشارج
ث‌- عطوي حيح في وادي حيح
ج‌- الخليفي في وادي حيح
ح‌- الجزيري في وادي امدفنه
خ‌- العسيني تتنقل في وادي طلا ووادي وكيب
د‌- الظفوري تتنقل في وادي امقشعه
ذ‌- المسعودي تتنقل في وادي اغبره وشصر وزرب والمشارج
ر‌- العمادي تتنقل في وادي امريديه
ز‌- القشوري تتنقل في وادي امريديه وشرجة بعص
س‌- العسيري تتنقل في وادي امريديه
ش‌- المكحلي تتنقل في وادي شصر وجبل سقومي
ص‌- الشجيفي تسكن في عشان والشريجة في وادي تقار وفي حبيل القصر والحصن في وادي يميت وفي عقمة وحبيل الاسود ونوبة مها في وادي سحر وفي هيباد وسبيت وهيجة العشر في وادي شعب
ض‌- النصيري تتنقل في وادي امركاب
ط‌- العربدي تتنقل في وادي مريفه
ظ‌- الدحجي تتنقل في وادي موداليه

8- الدبيني وتتفرع الى الفخائذ التاليه :

أ‌- الذبيبي في دار سيف ذبيان في وادي امفرشه
ب‌- الطاهري في نوبة الدغور في وادي امفرشه وفي مجفرية واسلم
ت‌- المكرودي في شعب الاسود وفي وادي امفرشه وفي امراقع
ث‌- السويلمي في دار مشول وامقرية الصالحين في وادي امفرشة
ج‌- المسحقي في دار قاسم مقبل ودار خدام وامعسرجي وامجليه غرب المقارب وامهلاليه ووادي غول ووادي تقار في الفرشه السفلى
ح‌- الطبلي في امعقيص في سيلة امكداري قريب من وادي امفرشه
خ‌- الودودي في الريان في وادي سحر في اسفل وادي شعبه
د‌- العبدلي في امقارب وامسالم ووادي عمر ابراهيم في شعب نفاخه
ذ‌- الجروي في طفيح والعربدي في وادي معادن
ر‌- اليحياوي
ز‌- المصنجي
س‌- الجهدري
ش‌- الدحجري
ص‌- الشكري اولاد الدقم
ض‌-البهيري
ط‌- الخبتي في وادي معادن
ظ‌- القرميمي
ع‌- الاحمدي
غ‌- الازرقي

وتصير الارض اكثر خصوبة وراء وادي حيح . وفي وادي امفرشة في ارض الدبيني الرئيسية نجد اشجار النخيل واراضي زراعيه تمتد الى السهول الرمليه من دار القديمي وتمتد قرى الدبيني على طول وادي حيح الى الجزء الغربي من وادي حقات حيث توجد اراض زراعيه خصبة واشجار النخيل .

9- الزيدين , وتتفرع الى الفخائذ التاليه :

أ‌- المزعبي في دار صالح حسن ونوبة لبيت في وادي سحر وفي امطوبر وامشرف وحقة العلا في وادي حقات
ب‌- الراجحي في طور شرجب في وادي تقار .
ت‌- صيرة في طور امبروت في وادي عرين وحبيل العيلي في وادي تقار وفي امنوبه في وادي سحر
ث‌- الرجاحي في دار امشعب في وادي سحر.
وتقع اراضي الزيدي في شمال ارض الدبيني .
10- اهل شعب , وتتفرع الى الفخوذ التالية

أ‌- القويضة في الجمعان قرية السادة ووالي شاغث وضوكة في وادي شعب .
ب‌- العميرة في القبع في وادي شعب .
ت‌- الشجيفة في قرى وادي شعب ويميت وهيجة العشر والطين والقرية في سوق الجمعة وتقار .
ث‌- الزليطة في هيجة ضوكة .
ج‌- الحنيشة في وادي شعب في العظيرة وامرفد الاسفل والرفد الاعلى وهيجة الطيق وشعيب وهيجة الضاحه .
ح‌- المكاتله في وادي شعب .
وتقع بلاد شعب في نهاية الجزء الشرقي لوادي شعب الخصيب .

11- الجرابي : وتتفرع الى الفخائذ التاليه

أ‌- العييرة في هيجة معافي وضربيات الحمراء والعوجة وشرج عطية وشعب ودار الجرابي وعكمة في وادي معادن .
ب‌- الزعوري , في هيجة الطويل وهيجة الضاحه وهيجة الودين في وادي معادن .
ت‌- الشكري في دار العنبرتين والبريح زغريق العليا وغريق السفلى في وادي معادن .
ث‌- المكمحي في شعب حسين وطور مكمحه وطور شعب في وادي معادن .
ج‌- القبيعي في امكود في وادي معادن .
ح‌- الرزيحي في امكود في وادي معادن .
خ‌- البغيلي في طور امبغيله وشعب حسين في وادي معادن .
د‌- المصفري في دار الحيتة ونجرة وهيجة امغلوث والشميرية وكود امغرقة ودار الطرة وشعبه والطويل في وادي معادن وانتقل بعضهم الى عدن واحترفوا صيد السمك .
ذ‌- الحوباني في حبيل السبت , حيث نجد سادة ال السروري وفي والي السنوي وغريق العليا في وادي معادن ووادي معبق .
ر‌- العطوي في نجد العمري والخسيجة والزقاق والوريديه في وادي معادن .
ز‌- النصيري في امجهيلية وامجريت في وادي معادن .
س‌- المزقاري في طور حارق في وادي معادن .
ش‌- الدجيرة في خزجه في وادي معادن .
ص‌- المفايحه , في حويطات ويابوع وخدشة في وادي معادن .
ض‌- السحيري في الشعبه في وادي نفاخة
12- الوحشي , وتتفرع الى الفخائذ التاليه
أ‌- امجليده في شور بالقرب من نقيل ذنوبة.
ب‌- الزفيته بالقرب من نقيل ذنوبة .
ت‌- الحفيظي بالقرب ايضا من نقيل ذنوبة .
ث‌- امعاميه غرب وادي معادن في شطه الايمن
ج‌- امصميته وينقسمون الى فروع منها القوادع والتويمه وبني حدر في سوق الجمعه وطور ستاني والهفاش ومطرة وامجابية .
ويعيش امجليده في شرق سلسلة جبل اراف , وكان نفوذ هذه القبيله يمتد على الفروع الصغيره حتى غرب جبل عقمة .

13- البرهمي , وتتفرع الى الفخائذ التاليه :

أ‌- البرهمي في امجابيه وجريبة .
ب‌- الخليفي في دار امفجره في وادي امفجرة
ت‌- امعطيره في امنصيره ودار سالم بن ثابت وفي دار خديجة .
وتقع ارض قبيلة البرهمي في جنوب بلاد الزريقه قريبا من وادي العادم والى جنوب من ارض البرهمي نجد كثبان الرمال المرتفعه والى الشمال جبال مصينعه ومصنعه والى الغرب بين امفرجة ووادي العادم نجد سهولا صخرية تكثر فيها اشجار الشوك .

14- البشبوشي :
في نوبة علي بن رجوجة في وادي العادم على الحدود من الزريقة وتوجد قليل من الاراضي الزراعية نظرا لقلة في المنطقة .
16- الشماية :
في امجزع وامجبة ودار امجارح في وادي عبيل الذي يعتبر ضمن منطقة امجليده والبرهي . ومساكن الشماية قريبة من بلاد الزريقة في وادي عبيل الذي توجد فيه اشجار النخيل واراضي زراعية تسقى من جدول يبدأ من ارض الزريقة وينتهي عند اعلى امجزع وينعطف الجدول بعد حوالي نصف ميل عند اسفل امجزع ويسيل ماؤه حوالي ميل , وفي امجبه وامجارح نجد قليلا من الزراعة .

16- المضاربة :

وتسكن في عشة حمادي وحسب الدولة ودار عبدالله محمد وعشة الطويل في وادي المضاربة الذي يعتبر من مناطق امجليدة . وتقع ارض المضاربة في جنوب العلقمي وغرب الشمايه وتنفصل عن الاخيرة بحوالي ثمانية اميال من الاراضي الصخرية الغير مزروعة .
وتعيش الفخيذة في وادي خصيب يعترضه وادي امبرحه ويتصل بوادي خصانة ويتكون منهما وادي طوران . واغلب افراد الفخيذة من الصوفية وتحيط بقراهم اشجار النخيل والزراعة بالقرب من ملتقى الاودية حيث نجد جدول ماء ينساب حوالي ميلين من وادي طوران كما يوجد جدول اخر
--------------------------------
17- الكعللة , وتتفرع الى الفخوذ التالية :

أ‌- الجعيمة
ب‌- العوادرة وتنتقل في وادي بيتان
ت‌- المحايسه وتنتقل في وادي تبن
ث‌- الفريخة وتنتقل في وادي فروخية
ج‌- المغايدة وتنتقل في وادي لسبه
وتقع ارض امكعلله في غرب ارض المضاربة في وادي بيتان وفي وادي امكعلله الذي يسمى ايضا وادي فروخية ووادي املسبه . ويحد الشط الايسر من وادي بيتان طرف وعر من جبل حواب وفيه جدول ماء غزير يسمى الغيل وينساب ماؤه حوالي ميلين في اعلى نقطة التقاء وادي هرهرة .
وفيه قليل من اشجار النخيل والاراضي الزراعيه . وتوجد عين ماء اسفل حواب على بعد ميل الى الشرق من دار طالب .
ويفصل وادي امكعلله عن وادي بيتان اخدود في جبل احمد يقطعه نقيل برح الضمكة . ونجد في وادي امكعلله غيلا غنيا بالماء يسمى فنكور على بعد حوالي ميل ونصف اسفل بيت املسبه . وفي اسفل هذه المنطقة يوجد غيل فوتي
18- الشبيقي :
وتنقسم الى فخيذتين , العطرشي والمحامدة ,
وتنتقلان في وادي طريحه ووادي البريمي الى الغرب من وادي امكعلله وفي سهول صخرية بها تلال ليس فيها الا القليل من الاراضي الزراعية والاعشاب التي تستعمل كلأ للماشية , وعرضها حوالي ميلين .

19- العلقمي :
وتنتقل في وادي سدير من ارض البريمي , والطريق من وادي بيتا الى وادي حيقي تمر بوادي سدير , والممرات المؤدية الى هذا الوادي وعورة شديدة الصعوبة .

20- العواطف " العاطفي " :
وتسكن حويرب وطوران وجبل مصينعة في وادي طوران , وفي امجبلين والصريح والفرا والخطابية وقرية القاضي بالقرب من امفجرة وفيها عدد كبير من الصوفيه . وتمتد مناطقها القبلية الى جنوب ارض البريمي بالقرب من امفجرة الى حويرب . وتسكن المجموعة الصغيرة من قرى طوران وعلى طول ساحل الصبيحه من حدود البرهمي الى قدم في شمال ضباب في الضالع . وباستثناء بئر يبعد ميلا الى شرق نوبة السائلة توجد قليل من الاراضي الزراعية . اما القسم الجنوبي فكله صحراء قاحله .
وفي طوران يوجد قليل من الابار وغيل حزروف ليس بعيدا من طوران . وتوجد بعض المزروعات حول القرى .
وفي ارض العاطفي يوجد فرع " المحولي " وفرع " الحريبي " اللذان ينتقلان بالقرب من وادي حريم وسلسة صنفة في الشمال الغربي , ولا توجد زراعة في هذا الوادي فيما عدا امنبيه , الا ان الماء متوفر من عيون وخاصة في غيل خليطة حيث نجد الطريق من راس العارة الى كربة في ارض الحيقي تلتقي عند حريم الذي يحيط به شط صخري صعب العبور .

21- المخايا :
تنتقل في امنبيه وفي اسفل وادي حريم .

22- المحمودي :
تنتقل في وادي ذنوبة .

23- الجرثتي :
تنقسم الى فخيذتين " المزاكمة " و " المحافرة " اللتين تنتقلان في جبل وصيد وجبل خرز .
وعلى بعد ميلين نجد اخدودا ضيقا وغيل بربر وبعض الزراعة . وعلى بعد نصف ميل نجد بئرا يسمى " حسي فارع " الى الجنوب من جبل وصيد , وتوجد بعض الزراعة في الديدية على بعد بضعة اميل الى الجنوب من جبل وصيد