#علي_ناصر_صوال
#هام ..حقائق علمية ولغوية حول قلم المسند ..
فالمسند حروف تُكتب ونصوص توثق ، ليس لغة من حيث التسمية للمسند كاسم أي أنه عبارة عن وثيقة تعبر عن الخطاب اللساني للمجتمع أما اللغة هي العربية..العرباء ..
مثله مثل مسمى خط الحزم الذي نستخدمه اليوم وفروعه المعروفة بخط النسخ والرقعة والكوفي ...إلخ
والمسند من الجذر (سَند) بمعنى (وَثق - عَضد - دَعَم) وكان لخط المسند قواعد إنشائية صارمة تنظم جوانب الصرف والإعراب وتعريف الأسماء وتنكيرها ، وتسهل التفريق بين الأسماء والأفعال وذلك من خلال إلحاق حرف الميم أو النون في آخر الكلمات حسب الحاجة وإبدال همزة أفعل إلى حرف (هاء) وإسقاط همزة الوصل وإهمال حروف المد في وسط الكلمات ..
طبعاً هذه القواعد التي يكتب بها خط المسند قد تجعل فهم نصوصه صعبة بعض الشيء عند البعض في وقتنا الحاضر لكنها كانت ضرورية لكي تستقيم معاني المفردات وسياغة التعبير ..
لكن الشيء المزعج أن هناك من يستغل هذا التنظيم العظيم للمادة اللغوية بين سطوره المسندة ويعمل جاهداً على تشويه فصاحة هذا القلم..!
ولهذا السبب وجب المساهمة في التوضيح وحتى لا يطول بنا المقام في الحديث أختارنا الحديث عن كلمة واحدة من الكلمات الوردة بكثرة في المساند هي كلمة (هقنيو) الموضحة في الصورة المرفقة .
• هقنيو = أقنيوا ، أي أقنوا ، بمعنى (أهدوا - قدموا - تقربوا) لاحظوا معي الصيغة التي كُتب بها هذا اللفظ قد يبدو في نظر البعض غريب ! إلا أن هذه الصيغة لها دلالات لغوية غاية في الأهمية ..
حيث جاء الهاء هنا بديلاً عن همزة (أفعل) لتعدية الفعل ولا يمكن أن نجد أي لفظ بنفس الصيغة إلا وكان حرف (الهاء) حاضراً بالنيابة عن همزة أفعل كعلامة للتفريق بين همزة أفعل وهمزة القطع وكذلك همزة الوصل ، فعندما تأتي المفردات على وزن (أفعل) للتعدي يتم كتابتها بصيغة (هفعل) بقلب الألف إلى هاء مثال الكلمات التالية (هقنى - هشقر - هوثر - هوفى) أي أقني - أشقر - أوثر - أوفى ، أما إذا جاءت الكلمات بصيغة همزة القطع فتكتب كما هي بالألف (أ) مثال (أخذ - أسر - أتوا) وللتوضيح أكثر مثلاً عندما يأتي نفس هذا اللفظ في نقوش المسند مكتوباً بصيغة (أقني) وليس (هقني) فإنه يمثل همزة القطع ويأخذ معنى آخر تماماً ، ونستشهد ذلك من خلال المفردة الواردة في العبارة التى جاءت في النقش RES 3858 وهي كما يلي :
وهثب/يذمر ملك/أبيت/وأرضتي/وأقني/قتبن . أي : وأعاد (يذمر ملك) بيوت وأراضي و (أملاك) قتبان ، لهذا يتم إحلال حرف الهاء بدل همزة أفعل حتى يكون اللفظ أكثر بياناً ودقة .
وأما همزة الوصل فيتم إسقاطها في المسند كتابة لكنها تثبت نطقاً مثال اللفظ (مرء) أي امرء وتعنى (سيد) والمرء هو الرجل ، والمؤنث (مرأت) أي (امرأة - سيدة) كذلك اللفظ (ستكمل) بمعنى استكمل أو أكمل ، وهكذا .
وهقنيو : يأتي في المسند بمفهوم (أقنيوا) يُكتب خلافاً عن الصيغة المعروفة في الفصحى (أقنوا) لأن (أقنيوا) هنا جاء مكتوب حسب الأصول اللغوية إعتماداً على أصل المفردة المكون من مادة (قني) لذلك عندما يُكتب هذا اللفظ في الفصحى بصيغة (أقنوا) ما هو إلا لغرض الإعلال لا أكثر ..
أما من حيث الفصاحة فهو فصيح جداً بدليل أن القرآن الكريم قد استخدم هذا اللفظ في سورة النجم بقوله تعالى { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} آية (48) ، ومن هذا اللفظ جاء إستخدام كلمة المقتنيات التي تعني الممتلكات ..
هذا فضلاً عن إستخدام المجتمع اليمني لهذا اللفظ في أحاديثهم حيث يقولون على سبيل المثال فلان (أقتنى) كذا أي أمتلك أو اكتسب شيئاً ، أو يقول الشخص أنا أقتنيت كذا بمعنى أمتلكت كذا أو أكتسبت كذا ، كذلك قرأت مقطوعة شعرية مميزة لأحد الشعراء حيث قام بتوظيف الكلمة في السياق بشكل مماثل للنقوش بمفهوم الأعطية والتقديم ، يقول فيها :
تعلمنا المعالي في زمنا × وخذناها وصايا بعد ابانا × فما جاء من مرازقنا كفانا × ولا نظهر على حد لا فقرنا × ولا يُعرف عوزنا مِن غنانا × ونقني ضيفنا من ما وجدنا × على حسب الزمن ذي أجانا .
#هام ..حقائق علمية ولغوية حول قلم المسند ..
فالمسند حروف تُكتب ونصوص توثق ، ليس لغة من حيث التسمية للمسند كاسم أي أنه عبارة عن وثيقة تعبر عن الخطاب اللساني للمجتمع أما اللغة هي العربية..العرباء ..
مثله مثل مسمى خط الحزم الذي نستخدمه اليوم وفروعه المعروفة بخط النسخ والرقعة والكوفي ...إلخ
والمسند من الجذر (سَند) بمعنى (وَثق - عَضد - دَعَم) وكان لخط المسند قواعد إنشائية صارمة تنظم جوانب الصرف والإعراب وتعريف الأسماء وتنكيرها ، وتسهل التفريق بين الأسماء والأفعال وذلك من خلال إلحاق حرف الميم أو النون في آخر الكلمات حسب الحاجة وإبدال همزة أفعل إلى حرف (هاء) وإسقاط همزة الوصل وإهمال حروف المد في وسط الكلمات ..
طبعاً هذه القواعد التي يكتب بها خط المسند قد تجعل فهم نصوصه صعبة بعض الشيء عند البعض في وقتنا الحاضر لكنها كانت ضرورية لكي تستقيم معاني المفردات وسياغة التعبير ..
لكن الشيء المزعج أن هناك من يستغل هذا التنظيم العظيم للمادة اللغوية بين سطوره المسندة ويعمل جاهداً على تشويه فصاحة هذا القلم..!
ولهذا السبب وجب المساهمة في التوضيح وحتى لا يطول بنا المقام في الحديث أختارنا الحديث عن كلمة واحدة من الكلمات الوردة بكثرة في المساند هي كلمة (هقنيو) الموضحة في الصورة المرفقة .
• هقنيو = أقنيوا ، أي أقنوا ، بمعنى (أهدوا - قدموا - تقربوا) لاحظوا معي الصيغة التي كُتب بها هذا اللفظ قد يبدو في نظر البعض غريب ! إلا أن هذه الصيغة لها دلالات لغوية غاية في الأهمية ..
حيث جاء الهاء هنا بديلاً عن همزة (أفعل) لتعدية الفعل ولا يمكن أن نجد أي لفظ بنفس الصيغة إلا وكان حرف (الهاء) حاضراً بالنيابة عن همزة أفعل كعلامة للتفريق بين همزة أفعل وهمزة القطع وكذلك همزة الوصل ، فعندما تأتي المفردات على وزن (أفعل) للتعدي يتم كتابتها بصيغة (هفعل) بقلب الألف إلى هاء مثال الكلمات التالية (هقنى - هشقر - هوثر - هوفى) أي أقني - أشقر - أوثر - أوفى ، أما إذا جاءت الكلمات بصيغة همزة القطع فتكتب كما هي بالألف (أ) مثال (أخذ - أسر - أتوا) وللتوضيح أكثر مثلاً عندما يأتي نفس هذا اللفظ في نقوش المسند مكتوباً بصيغة (أقني) وليس (هقني) فإنه يمثل همزة القطع ويأخذ معنى آخر تماماً ، ونستشهد ذلك من خلال المفردة الواردة في العبارة التى جاءت في النقش RES 3858 وهي كما يلي :
وهثب/يذمر ملك/أبيت/وأرضتي/وأقني/قتبن . أي : وأعاد (يذمر ملك) بيوت وأراضي و (أملاك) قتبان ، لهذا يتم إحلال حرف الهاء بدل همزة أفعل حتى يكون اللفظ أكثر بياناً ودقة .
وأما همزة الوصل فيتم إسقاطها في المسند كتابة لكنها تثبت نطقاً مثال اللفظ (مرء) أي امرء وتعنى (سيد) والمرء هو الرجل ، والمؤنث (مرأت) أي (امرأة - سيدة) كذلك اللفظ (ستكمل) بمعنى استكمل أو أكمل ، وهكذا .
وهقنيو : يأتي في المسند بمفهوم (أقنيوا) يُكتب خلافاً عن الصيغة المعروفة في الفصحى (أقنوا) لأن (أقنيوا) هنا جاء مكتوب حسب الأصول اللغوية إعتماداً على أصل المفردة المكون من مادة (قني) لذلك عندما يُكتب هذا اللفظ في الفصحى بصيغة (أقنوا) ما هو إلا لغرض الإعلال لا أكثر ..
أما من حيث الفصاحة فهو فصيح جداً بدليل أن القرآن الكريم قد استخدم هذا اللفظ في سورة النجم بقوله تعالى { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} آية (48) ، ومن هذا اللفظ جاء إستخدام كلمة المقتنيات التي تعني الممتلكات ..
هذا فضلاً عن إستخدام المجتمع اليمني لهذا اللفظ في أحاديثهم حيث يقولون على سبيل المثال فلان (أقتنى) كذا أي أمتلك أو اكتسب شيئاً ، أو يقول الشخص أنا أقتنيت كذا بمعنى أمتلكت كذا أو أكتسبت كذا ، كذلك قرأت مقطوعة شعرية مميزة لأحد الشعراء حيث قام بتوظيف الكلمة في السياق بشكل مماثل للنقوش بمفهوم الأعطية والتقديم ، يقول فيها :
تعلمنا المعالي في زمنا × وخذناها وصايا بعد ابانا × فما جاء من مرازقنا كفانا × ولا نظهر على حد لا فقرنا × ولا يُعرف عوزنا مِن غنانا × ونقني ضيفنا من ما وجدنا × على حسب الزمن ذي أجانا .