#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
ولما بلغه حادث جبلة وما وقع فيه من القتلة ارتجف ارتجافاً عجيباً، وأمر بالحراس في نُوب دائر عمران، خشية من جهة محسن لا يقصده لما قد بلغه هذه القضية، فتحريه على أمر يفعله ورفع الضربة في الحال، وانكسر عما كان من دعوى المحال، فسبحان المعز المذل لمن يشاء، واستيقظ من نومته وانتبه من غفلته. قيل: وجملة جنود عبد الله التي طلع بها من عند والده خمسة آلاف أو ستة، مجموعة من قبائل الحجرية ومن العسكر، فوقع أول الحرب والقتل في أول القوم، وهم الحجرية بالبنادق من البيوت، ثم اختلطوا لما خرجوا فيهم، وكان فيه الاستيلاء على حسين بن علي .
وفي رابع شعبان وصل جواب قاسم بن المؤيد على حسين في شأن ما كان كتب به من الوصول إلى صنعاء وإظهار الدعوة مضمونه الوعد بذلك إلى نصف شهر شعبان، وقيل وعد مطلق، فظهر بسبب ذلك عدم القيام من قبله لما طلبوه منه مع قرب الجيوش المحمدية لصاحب المنصورة، فإنه الآن بلغ أن قد بلغت أوائل جيوشه إلى يريم وذمار، وأن قد واجهت بلاد ذمار عن بكرتهم وولى فيها إسماعيل بن عبد الله بن القاسم ، وأن حسين بن حسن صاحب رداع أجاب إلى ابن أخيه، وأنه لم يبق إلا يوسف بن المتوكل صاحب ضوران.
[136/أ] وفي هذه المدة بنصف شهر شعبانها واجهت بلاد ذمار لصاحب المنصورة وجميع بلاد عنس وزبيد، وجعلت الولاية فيها لإسماعيل بن عبد الله بن القاسم، وكانت في ولاية حسين بن المتوكل، ثم واجهت صنعاء، واضطروا حسين بن المتوكل إلى ذلك. وكذلك صاحب كوكبان حسين بن عبد القادر، وعند ذلك أيس أحمد بن المؤيد وصنوه القاسم عما كان كاتبوه من اجتماع الكلمة وتقرير القول. وسار أحمد من الروضة إلى بلاده وادعة وجهاتها وقاسم إلى شهارة.
وفي هذه الأيام طلع حسن بن المتوكل من اللحية إلى ضوران بجميع خزائنه، فتلقاه صنوه يوسف بالرحب والسعة وكل منهم أمير نفسه، ثم لما تقاربت جيوش صاحب المنصورة إلى ذمار واجه الحسن وسلم الأمر.
وفي هذا الشهر لما قصد اليافعي المحاربة للرصاص، واستولى على البيضاء خلفه الرصاص بالمغزى إلى جبل العر، فدخله وخرب فيه مرفد والمتارس التي في الطريق التي كان بناها في الحرب الأول، وهرب ابن العفيف وانتهبها، ثم عاد الرصاص إلى بلاده، فكان ذلك أعظم واقع عليه، لتعاظم نفسه.
وفي هذه الأيام مات السيد إسماعيل بن إبراهيم بن جحاف بحبور وكان المذكور قاضياً فيها وحاكماً، لكنه كان شططاً في أحكامه، يميل عن تنفيذ ما اتضح وجهه لمن وصله بره واستخف بمن لم يهاديه ويحكم بالحكم له.
والأسعار ارتفعت[136/ب] بصنعاء، بلغ القدح البر عشرة، والذرة ثمانية وتسعة.
وفي أول هذه السنة سارع الناس إلى قطع أشجار جبل ضِيْن ، بعد أن كانت من أول مُخَدَّمة، فلم يبق فيه شيء، ولكنه حصل في ثمار بلادهم الضعف، ونزل في أكثرها البرَدَ في المطر فأزالها.
وفي هذه الأيام بآخر شهر شعبان تحرك إبراهيم وتبعه عبد الله بن يحيى الذي كان بالعدين بالتقدم من يريم، فدخلوا إلى ذمار، وأرسل إبراهيم إلى زراجة بأدب وأهم بخراب القرية؛ لأجل ما وقع منهم من عدم ضيافة صنوهم القاسم بن المهدي ورجم أصحابه.
وإسحاق كاتب إلى يوسف من أجل أنه يسلم الأمر ويتوعده إن لم يدخل في ذلك من جانب صنوه محمد، فبقي يوسف حائراً في أمره عاضاً على يده لعلمه أنه لا يقدر على مقابلته وحده، وقد قيل إنه سلم الأمر اضطراراً.
ولما بلغه حادث جبلة وما وقع فيه من القتلة ارتجف ارتجافاً عجيباً، وأمر بالحراس في نُوب دائر عمران، خشية من جهة محسن لا يقصده لما قد بلغه هذه القضية، فتحريه على أمر يفعله ورفع الضربة في الحال، وانكسر عما كان من دعوى المحال، فسبحان المعز المذل لمن يشاء، واستيقظ من نومته وانتبه من غفلته. قيل: وجملة جنود عبد الله التي طلع بها من عند والده خمسة آلاف أو ستة، مجموعة من قبائل الحجرية ومن العسكر، فوقع أول الحرب والقتل في أول القوم، وهم الحجرية بالبنادق من البيوت، ثم اختلطوا لما خرجوا فيهم، وكان فيه الاستيلاء على حسين بن علي .
وفي رابع شعبان وصل جواب قاسم بن المؤيد على حسين في شأن ما كان كتب به من الوصول إلى صنعاء وإظهار الدعوة مضمونه الوعد بذلك إلى نصف شهر شعبان، وقيل وعد مطلق، فظهر بسبب ذلك عدم القيام من قبله لما طلبوه منه مع قرب الجيوش المحمدية لصاحب المنصورة، فإنه الآن بلغ أن قد بلغت أوائل جيوشه إلى يريم وذمار، وأن قد واجهت بلاد ذمار عن بكرتهم وولى فيها إسماعيل بن عبد الله بن القاسم ، وأن حسين بن حسن صاحب رداع أجاب إلى ابن أخيه، وأنه لم يبق إلا يوسف بن المتوكل صاحب ضوران.
[136/أ] وفي هذه المدة بنصف شهر شعبانها واجهت بلاد ذمار لصاحب المنصورة وجميع بلاد عنس وزبيد، وجعلت الولاية فيها لإسماعيل بن عبد الله بن القاسم، وكانت في ولاية حسين بن المتوكل، ثم واجهت صنعاء، واضطروا حسين بن المتوكل إلى ذلك. وكذلك صاحب كوكبان حسين بن عبد القادر، وعند ذلك أيس أحمد بن المؤيد وصنوه القاسم عما كان كاتبوه من اجتماع الكلمة وتقرير القول. وسار أحمد من الروضة إلى بلاده وادعة وجهاتها وقاسم إلى شهارة.
وفي هذه الأيام طلع حسن بن المتوكل من اللحية إلى ضوران بجميع خزائنه، فتلقاه صنوه يوسف بالرحب والسعة وكل منهم أمير نفسه، ثم لما تقاربت جيوش صاحب المنصورة إلى ذمار واجه الحسن وسلم الأمر.
وفي هذا الشهر لما قصد اليافعي المحاربة للرصاص، واستولى على البيضاء خلفه الرصاص بالمغزى إلى جبل العر، فدخله وخرب فيه مرفد والمتارس التي في الطريق التي كان بناها في الحرب الأول، وهرب ابن العفيف وانتهبها، ثم عاد الرصاص إلى بلاده، فكان ذلك أعظم واقع عليه، لتعاظم نفسه.
وفي هذه الأيام مات السيد إسماعيل بن إبراهيم بن جحاف بحبور وكان المذكور قاضياً فيها وحاكماً، لكنه كان شططاً في أحكامه، يميل عن تنفيذ ما اتضح وجهه لمن وصله بره واستخف بمن لم يهاديه ويحكم بالحكم له.
والأسعار ارتفعت[136/ب] بصنعاء، بلغ القدح البر عشرة، والذرة ثمانية وتسعة.
وفي أول هذه السنة سارع الناس إلى قطع أشجار جبل ضِيْن ، بعد أن كانت من أول مُخَدَّمة، فلم يبق فيه شيء، ولكنه حصل في ثمار بلادهم الضعف، ونزل في أكثرها البرَدَ في المطر فأزالها.
وفي هذه الأيام بآخر شهر شعبان تحرك إبراهيم وتبعه عبد الله بن يحيى الذي كان بالعدين بالتقدم من يريم، فدخلوا إلى ذمار، وأرسل إبراهيم إلى زراجة بأدب وأهم بخراب القرية؛ لأجل ما وقع منهم من عدم ضيافة صنوهم القاسم بن المهدي ورجم أصحابه.
وإسحاق كاتب إلى يوسف من أجل أنه يسلم الأمر ويتوعده إن لم يدخل في ذلك من جانب صنوه محمد، فبقي يوسف حائراً في أمره عاضاً على يده لعلمه أنه لا يقدر على مقابلته وحده، وقد قيل إنه سلم الأمر اضطراراً.
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
وفي شهر رمضان بعث صاحب المنصورة محمد بن المهدي رسلاً إلى رؤساء اليمن الأعلى بأنهم يرسلون من أصحابهم عسكراً لقصد المشرق، وأرسل المقدمات من أصحابه إلى تلك الجهة، فأرسل إلى بلاد أبين ولحج ولده يحيى وإلى الجهة التي يقرب إليها آخرون.
وأما ولده إسماعيل فباقي في قعطبة، فكان ذلك على رؤساء أهل اليمن الأعلى، وعلى من معهم أشق شيء للغلاء في الأسعار والشدة، وأنه لا يحملهم إلى تلك الجهة إلا بما لا بد منه مما لا يقدرون عليه، فوعدوه بذلك وعرفوا ضعف رأيه وتثاقلوا. وقالوا إذا كان ولا بد فبعد رفع الثمرة من بعد عيد عرفة، وإلا فالأولى ترك تلك الجهة، وعدم التشاغل بها لعدم المصلحة للمسلمين وللدولة فيها. وكان قد أرسل ولده إبراهيم إلى ذمار، وكذلك إسحاق إلى يريم، فاستقروا فيها وتصرفوا في ولايتها، ولم يبق لإسماعيل بن عبدالله الذي كان ولاه ذمار بحضور إبراهيم تصرف ولا كلام.
وفي نصف رمضان فما بعده إلى نصف شوال تناهى السعر بصنعاء، بلغ القدح البر إلى أربعة عشر حرفاً، والذرة إلى اثني عشر، والشعير إلى ثمانية،و قريب أوائل الثمار، فتهون السعر في شهر القعدة.
وفي هذه الأيام أرجعت المجابي في أسواق صنعاء والأبواب على ما كانت سابقاً، بعد أن كان أزالها المؤيد في زمانه.
وحسن[139/ب] بن المتوكل لم يلبث بضوران، بل عاد بسرعة إلى بلاده جهة تهامة واللحية، وكان الموجب لطلوعه كثرة مكاتبات حسين بن علي بن المتوكل بالغارة عليه، فوصل ضوران وقد انقضى الأمر، فعاد راجعاً، وأجاب إلى محمد بن المهدي مضطراً.
وفي حادي عشر شهر رمضان ظهر نجم الذنب وقت السحر بالمشرق، وكان ميله إلى جهة الجنوب يميل إلى المغرب، فالقدرة لله تعالى، وبقي كذلك نحو نصف شهر، ثم غرب من المشرق واضمحل، وهو كما ورد في الأثر علامة الغلاء في الأسعار. واتفق عند طلوعه هذا الغلاء العظيم، فلله الحكمة في ذلك، ولكن قد فرج الله بصلاح الثمار وكمال حصادها يكون لعيد عرفة بشهر الحجة إن شاء الله تعالى.
وكان الغلاء الكبير بصنعاء وبلادها وبلاد القبلة إلى صعدة وبلاد ذمار، فأما المغارب فأهون وكذلك تهامة، لكن لعسرة الطرق إلى صنعاء لا تطلع إليها حبوبها ولا ميرتها ، وإلا فإنها في أسفال المغارب بثلاثة حروف ونصف، كل قدح من الذرة إلى أربعة لا زيادة، وأما البر فمعدوم فيها؛ لأنها لا تزرعه والله يهون الأسعار، ويصلح البلاد.
واستقرت الدولة والمملكة لمحمد بن أحمد بن الحسن، وخربت القراديع التي كان نصبها الدعاة، وبقت اليد لواحد، وكان الأمر كما قال الشاعر :
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
[140/أ] وفي شهر رمضان يوم الإثنين آخر يوم فيه توفي الشريف عبد الله الوشلي بمحله شبام كوكبان، كان السيد هو الخطيب بجامع شبام، وكان له معرفة في الفقه، زاهداً يتعلق بالسبب والبيع والشراء في حانوت بسوق شبام رحمه الله. ولما مات المؤيد محمد بن المتوكل ودعا الدعاة من كل مكان اعتذر عن الخطبة وصلاة الجمعة، فعذره صاحب كوكبان، وخطب مكانه القاضي يحيى بن حسن الحيمي، وكان مرضه قدر يومين لا زيادة.
وفي ليلة العيد وصل حسن بن عبد القادر بن الناصر بن عبدالرب من صنعاء وقت العشاء ليلة الثلاثاء، بعد أن كان نزل إلى المنصورة وجعل له بعض ولاية لاعة، فتغير منه صنوه حسين، وقال: ولايته قد سبقت من صاحب المنصورة. وحسن هذا هو الكبير في السن، وكان من وقت موت والدهم بحضرة المؤيد، ثم لما مات دخل صنعاء وسكنها إلى هذا التأريخ، ونزل إلى المنصورة ثم عاد.
وفي شهر رمضان بعث صاحب المنصورة محمد بن المهدي رسلاً إلى رؤساء اليمن الأعلى بأنهم يرسلون من أصحابهم عسكراً لقصد المشرق، وأرسل المقدمات من أصحابه إلى تلك الجهة، فأرسل إلى بلاد أبين ولحج ولده يحيى وإلى الجهة التي يقرب إليها آخرون.
وأما ولده إسماعيل فباقي في قعطبة، فكان ذلك على رؤساء أهل اليمن الأعلى، وعلى من معهم أشق شيء للغلاء في الأسعار والشدة، وأنه لا يحملهم إلى تلك الجهة إلا بما لا بد منه مما لا يقدرون عليه، فوعدوه بذلك وعرفوا ضعف رأيه وتثاقلوا. وقالوا إذا كان ولا بد فبعد رفع الثمرة من بعد عيد عرفة، وإلا فالأولى ترك تلك الجهة، وعدم التشاغل بها لعدم المصلحة للمسلمين وللدولة فيها. وكان قد أرسل ولده إبراهيم إلى ذمار، وكذلك إسحاق إلى يريم، فاستقروا فيها وتصرفوا في ولايتها، ولم يبق لإسماعيل بن عبدالله الذي كان ولاه ذمار بحضور إبراهيم تصرف ولا كلام.
وفي نصف رمضان فما بعده إلى نصف شوال تناهى السعر بصنعاء، بلغ القدح البر إلى أربعة عشر حرفاً، والذرة إلى اثني عشر، والشعير إلى ثمانية،و قريب أوائل الثمار، فتهون السعر في شهر القعدة.
وفي هذه الأيام أرجعت المجابي في أسواق صنعاء والأبواب على ما كانت سابقاً، بعد أن كان أزالها المؤيد في زمانه.
وحسن[139/ب] بن المتوكل لم يلبث بضوران، بل عاد بسرعة إلى بلاده جهة تهامة واللحية، وكان الموجب لطلوعه كثرة مكاتبات حسين بن علي بن المتوكل بالغارة عليه، فوصل ضوران وقد انقضى الأمر، فعاد راجعاً، وأجاب إلى محمد بن المهدي مضطراً.
وفي حادي عشر شهر رمضان ظهر نجم الذنب وقت السحر بالمشرق، وكان ميله إلى جهة الجنوب يميل إلى المغرب، فالقدرة لله تعالى، وبقي كذلك نحو نصف شهر، ثم غرب من المشرق واضمحل، وهو كما ورد في الأثر علامة الغلاء في الأسعار. واتفق عند طلوعه هذا الغلاء العظيم، فلله الحكمة في ذلك، ولكن قد فرج الله بصلاح الثمار وكمال حصادها يكون لعيد عرفة بشهر الحجة إن شاء الله تعالى.
وكان الغلاء الكبير بصنعاء وبلادها وبلاد القبلة إلى صعدة وبلاد ذمار، فأما المغارب فأهون وكذلك تهامة، لكن لعسرة الطرق إلى صنعاء لا تطلع إليها حبوبها ولا ميرتها ، وإلا فإنها في أسفال المغارب بثلاثة حروف ونصف، كل قدح من الذرة إلى أربعة لا زيادة، وأما البر فمعدوم فيها؛ لأنها لا تزرعه والله يهون الأسعار، ويصلح البلاد.
واستقرت الدولة والمملكة لمحمد بن أحمد بن الحسن، وخربت القراديع التي كان نصبها الدعاة، وبقت اليد لواحد، وكان الأمر كما قال الشاعر :
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
[140/أ] وفي شهر رمضان يوم الإثنين آخر يوم فيه توفي الشريف عبد الله الوشلي بمحله شبام كوكبان، كان السيد هو الخطيب بجامع شبام، وكان له معرفة في الفقه، زاهداً يتعلق بالسبب والبيع والشراء في حانوت بسوق شبام رحمه الله. ولما مات المؤيد محمد بن المتوكل ودعا الدعاة من كل مكان اعتذر عن الخطبة وصلاة الجمعة، فعذره صاحب كوكبان، وخطب مكانه القاضي يحيى بن حسن الحيمي، وكان مرضه قدر يومين لا زيادة.
وفي ليلة العيد وصل حسن بن عبد القادر بن الناصر بن عبدالرب من صنعاء وقت العشاء ليلة الثلاثاء، بعد أن كان نزل إلى المنصورة وجعل له بعض ولاية لاعة، فتغير منه صنوه حسين، وقال: ولايته قد سبقت من صاحب المنصورة. وحسن هذا هو الكبير في السن، وكان من وقت موت والدهم بحضرة المؤيد، ثم لما مات دخل صنعاء وسكنها إلى هذا التأريخ، ونزل إلى المنصورة ثم عاد.
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
وفي آخر شوال بيوم السبت سادس وعشرين سار محسن بن المهدي من الغراس إجابة لصنوه لما طلبه الغارة إلى بلاد قعطبة، فخرج بمن حضر معه وعزمه وقد كان بلغ الخبر أنه اتفق بين يافع وبين إسماعيل بن الناصر محمد بن المهدي وقعة بقعطبة، وذلك أن يافع قصدت قعطبة فثبت لهم إسماعيل ومن معه في البيوت ورموهم بالبنادق، وطالت المحاصرة قدر اثني عشر يوماً والحرب عمال، فراح منهم كثير ولم يفت من أصحاب إسماعيل إلا نحو عشرة لتحصنهم في البيوت. وكان وصول عبد الله من جبلة غارة، فوصل إلى مسخيره ولم يتمكن من النفوذ؛ لكثرة يافع وإحاطتهم بقعطبة، ثم لما كان ذلك وقع المصالحة على أن كلاً منهم يرتفع عن قعطبة، فخرج إسماعيل إلى عند صنوه عبد الله، ويافع ارتفعت إلى بلادهم، وسكنوا منهم طائفة في أطراف بلادهم. ثم إن يافع لما رأوا قعطبة فرغت عن العسكر، قصدوا تلك البيوت التي وقع الحرب منها فأضربوا بعضها. ثم حصل من يافع المغزى على يحيى بن الناصر وهو بلحج، فوقع الحرب وثبت لهم وقتل منهم الكثير نحو ما وقع في قعطبة. فلما وقعت هذه الحوادث كرس الناصر الكتب إلى البلاد العليا بالمدد، فسار من صاحب ثلاء القاسم بن المتوكل نحو أربعمائة ومن صاحب كوكبان مثلهم ومن صاحب البستان، وكان عزمهم في عشرين من شهر القعدة.
وتجرم صاحب المنصورة من حسين بن المتوكل صاحب صنعاء، وقال: إنه أرسل بدراهم إلى يافع، فأشار عليه السيد الحسن بن المطهر الجرموزي صاحب المخا وكان عنده أنه لا ينبغي هذا الوقت إلا الاحتمال، وأنه ربما ذهب[141/ب] عليه بعض بلاده، فما ينبغي إلا التسكين والاجتماع ليكون الأمر واحداً، مع أن حسين قد أجاب الناصر من جملة غيره، إلا أنه يريد الهَنْجَمَة لأجل ما نقص عليه من بلاده، والله يصلح أحوال المسلمين كافة
وفي آخر شوال بيوم السبت سادس وعشرين سار محسن بن المهدي من الغراس إجابة لصنوه لما طلبه الغارة إلى بلاد قعطبة، فخرج بمن حضر معه وعزمه وقد كان بلغ الخبر أنه اتفق بين يافع وبين إسماعيل بن الناصر محمد بن المهدي وقعة بقعطبة، وذلك أن يافع قصدت قعطبة فثبت لهم إسماعيل ومن معه في البيوت ورموهم بالبنادق، وطالت المحاصرة قدر اثني عشر يوماً والحرب عمال، فراح منهم كثير ولم يفت من أصحاب إسماعيل إلا نحو عشرة لتحصنهم في البيوت. وكان وصول عبد الله من جبلة غارة، فوصل إلى مسخيره ولم يتمكن من النفوذ؛ لكثرة يافع وإحاطتهم بقعطبة، ثم لما كان ذلك وقع المصالحة على أن كلاً منهم يرتفع عن قعطبة، فخرج إسماعيل إلى عند صنوه عبد الله، ويافع ارتفعت إلى بلادهم، وسكنوا منهم طائفة في أطراف بلادهم. ثم إن يافع لما رأوا قعطبة فرغت عن العسكر، قصدوا تلك البيوت التي وقع الحرب منها فأضربوا بعضها. ثم حصل من يافع المغزى على يحيى بن الناصر وهو بلحج، فوقع الحرب وثبت لهم وقتل منهم الكثير نحو ما وقع في قعطبة. فلما وقعت هذه الحوادث كرس الناصر الكتب إلى البلاد العليا بالمدد، فسار من صاحب ثلاء القاسم بن المتوكل نحو أربعمائة ومن صاحب كوكبان مثلهم ومن صاحب البستان، وكان عزمهم في عشرين من شهر القعدة.
وتجرم صاحب المنصورة من حسين بن المتوكل صاحب صنعاء، وقال: إنه أرسل بدراهم إلى يافع، فأشار عليه السيد الحسن بن المطهر الجرموزي صاحب المخا وكان عنده أنه لا ينبغي هذا الوقت إلا الاحتمال، وأنه ربما ذهب[141/ب] عليه بعض بلاده، فما ينبغي إلا التسكين والاجتماع ليكون الأمر واحداً، مع أن حسين قد أجاب الناصر من جملة غيره، إلا أنه يريد الهَنْجَمَة لأجل ما نقص عليه من بلاده، والله يصلح أحوال المسلمين كافة
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
وفي ثالث عيد عرفة المباركة وصلت كتب من الشريف أحمد بن زيد صاحب مكة المشرفة مضمونها أنه وصل كتاب من سلطان الإسلام يذكر فيه أنه وصل إليه كتب من الشيخ معوضة بن محمد بن معوضة العفيف وغيره من مشائخ يافع يذكرون فيها أن المؤيد باليمن وأقاربه قد ضعفت دولتهم. وأنه حصل بينهم وبينه حروب وهزموهم المرة بعد المرة، واستولوا على ما يليهم من بلادهم، وأن السلطان يبعث طائفة من قبله إلى اليمن وهم عون لهم عليهم، وأن الشريف يبعث بطائفة من قبله إلى اليمن،[142/ب] وأنه يتحقق أمور اليمن، فإن كان على ما قالت يافع فلا بأس، والله أعلم ما يخرج بعده. وكان في علم الله ترك الصَّر هذه السنة إلى مكة، فربما يتقوى عند الشريف صحة الخبر بالركة. وكان وصول الكتب إلى حضرة السلطان في شهر ربيع من هذه السنة، والله أعلم.
وجاء خبر أن صاحب المنصورة الناصر صَالَحَ يافع لما رأى أن النهضة تحتاج إلى قوة والعسكر الذين قد كان اجتمعوا مع إخوته تفرق بعضهم، ولم يصل إلى قعطبة إلا البعض نحو خمس عشرة مائة مع عبد الله ومحسن، وتفالت منهم كثير حال عزمهم من ذمار، وضاعوا واختلف عليه إخوته لا سيما إبراهيم، فإنه بذمار متغير الخاطر، وصنوه إسحاق لما تخلف عليهم فيما كان وضع لهم، وتثاقل مَنْ طلَبَه مِنْ أولاد المتوكل، وعدم سرعة نفوذهم مع هذه الأخبار أيضاً من مكة أحمد بن زيد. ولما ذكر له من أجل كثرة رجوعه في أوضاعه وولايته المرة بعد المرة وأن فتح يافع لا مصلحة فيه، فكان جوابه مغالطة، فقال: إن ولايته وعطاه إنما هو لمن ناصحه وأجابه ووصل للقتال والمراكزة ليافع، فأما من لم يكن كذلك فلا حظ له في ولاية ولا غيرها، وأن رجوعه فيما رجع لأجل ذلك وبذل العطاء لمشائخ الحجرية وأسقط عنهم بعض المطالب قصداً لتأليفهم ومعونتهم.
وفي ثالث عيد عرفة المباركة وصلت كتب من الشريف أحمد بن زيد صاحب مكة المشرفة مضمونها أنه وصل كتاب من سلطان الإسلام يذكر فيه أنه وصل إليه كتب من الشيخ معوضة بن محمد بن معوضة العفيف وغيره من مشائخ يافع يذكرون فيها أن المؤيد باليمن وأقاربه قد ضعفت دولتهم. وأنه حصل بينهم وبينه حروب وهزموهم المرة بعد المرة، واستولوا على ما يليهم من بلادهم، وأن السلطان يبعث طائفة من قبله إلى اليمن وهم عون لهم عليهم، وأن الشريف يبعث بطائفة من قبله إلى اليمن،[142/ب] وأنه يتحقق أمور اليمن، فإن كان على ما قالت يافع فلا بأس، والله أعلم ما يخرج بعده. وكان في علم الله ترك الصَّر هذه السنة إلى مكة، فربما يتقوى عند الشريف صحة الخبر بالركة. وكان وصول الكتب إلى حضرة السلطان في شهر ربيع من هذه السنة، والله أعلم.
وجاء خبر أن صاحب المنصورة الناصر صَالَحَ يافع لما رأى أن النهضة تحتاج إلى قوة والعسكر الذين قد كان اجتمعوا مع إخوته تفرق بعضهم، ولم يصل إلى قعطبة إلا البعض نحو خمس عشرة مائة مع عبد الله ومحسن، وتفالت منهم كثير حال عزمهم من ذمار، وضاعوا واختلف عليه إخوته لا سيما إبراهيم، فإنه بذمار متغير الخاطر، وصنوه إسحاق لما تخلف عليهم فيما كان وضع لهم، وتثاقل مَنْ طلَبَه مِنْ أولاد المتوكل، وعدم سرعة نفوذهم مع هذه الأخبار أيضاً من مكة أحمد بن زيد. ولما ذكر له من أجل كثرة رجوعه في أوضاعه وولايته المرة بعد المرة وأن فتح يافع لا مصلحة فيه، فكان جوابه مغالطة، فقال: إن ولايته وعطاه إنما هو لمن ناصحه وأجابه ووصل للقتال والمراكزة ليافع، فأما من لم يكن كذلك فلا حظ له في ولاية ولا غيرها، وأن رجوعه فيما رجع لأجل ذلك وبذل العطاء لمشائخ الحجرية وأسقط عنهم بعض المطالب قصداً لتأليفهم ومعونتهم.
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
وفي هذه المدة لما كثرت الضرائب للدراهم وصغرت السكة بلغ صرف القرش إلى اثني عشر حرفاً ونصف وإلى ثلاثة عشر حرفاً وإلى أربعة عشر وخمسة عشر، ثم ما زال يزداد الصرف إلى أن بلغ إلى خمسة وعشرين حرفاً، فحصل مع التجار تضرر من جهة ما باعوه، والصرف كان بعشرة وبتسعة وثمانية، وكان فيه مهلة في المُخْلَص ، فانتقص البائع والمشتري، فالمشتري باع البضاعة المشتراه بربحها بعددي على أصل صرف القرش الأول، مثلاً بحرف في العشرة الحروف، وكان المقضى على أصل صرف[144/ب] القرش، مثلاً بثلاثة عشر حرفاً، فخسر المشتري حينئذٍ حرفين اثنين. والبائع حيث قبض عشرة حروف يوم باع أو تسعة من العددي صرف القرش تأريخ البيع، وأراد أن يصطرف القرش للموسم الآخر انتقص ثلاثة حروف فتحصل الخسارة عليهم من الجانبين وربح آخرون، وهو من كان في يده القروش وصرفها عند ارتفاع الصرف قدر حاجته في مصاريفه. ومما كان بيعه بالقرش مثل تجار الهند إلى بلادهم، وأهل البُن لأن بيعهم بالقرش، ومن باع بالقرش من التجار وقبضه حال البيع أو أمهل فيه ولم يقبض العددي فهؤلاء لا ينقص عليهم، لكن هم القليل؛ لأن القبض والبيع أكثره بالعددي فلا يحصل العدل إلا لو كانت الضربة بالميزان للدراهم لا يزيد ولا ينقص كما توزن القروش، فهذا لا يحصل للجميع الخسران، وتكون الضربة واحدة مستقرة إما صغيرة أو كبيرة.
وفي هذه الأيام أول شهر محرم الحرام تم حصاد الثمار، وكان أكثر ذلك الذرة، فتهونت الأسعار، واستقر السعر للقدح الذرة مائة بقشة على كبر القدح وصغر الدراهم، فكان على الزمان الأول نصف قدح، والبقشة على النصف زيادة على هذا يأتي بالقدح الأول، والدرهم الأول كل قدح بعشرين، فللَّه الحمد.
وفي هذه المدة لما كثرت الضرائب للدراهم وصغرت السكة بلغ صرف القرش إلى اثني عشر حرفاً ونصف وإلى ثلاثة عشر حرفاً وإلى أربعة عشر وخمسة عشر، ثم ما زال يزداد الصرف إلى أن بلغ إلى خمسة وعشرين حرفاً، فحصل مع التجار تضرر من جهة ما باعوه، والصرف كان بعشرة وبتسعة وثمانية، وكان فيه مهلة في المُخْلَص ، فانتقص البائع والمشتري، فالمشتري باع البضاعة المشتراه بربحها بعددي على أصل صرف القرش الأول، مثلاً بحرف في العشرة الحروف، وكان المقضى على أصل صرف[144/ب] القرش، مثلاً بثلاثة عشر حرفاً، فخسر المشتري حينئذٍ حرفين اثنين. والبائع حيث قبض عشرة حروف يوم باع أو تسعة من العددي صرف القرش تأريخ البيع، وأراد أن يصطرف القرش للموسم الآخر انتقص ثلاثة حروف فتحصل الخسارة عليهم من الجانبين وربح آخرون، وهو من كان في يده القروش وصرفها عند ارتفاع الصرف قدر حاجته في مصاريفه. ومما كان بيعه بالقرش مثل تجار الهند إلى بلادهم، وأهل البُن لأن بيعهم بالقرش، ومن باع بالقرش من التجار وقبضه حال البيع أو أمهل فيه ولم يقبض العددي فهؤلاء لا ينقص عليهم، لكن هم القليل؛ لأن القبض والبيع أكثره بالعددي فلا يحصل العدل إلا لو كانت الضربة بالميزان للدراهم لا يزيد ولا ينقص كما توزن القروش، فهذا لا يحصل للجميع الخسران، وتكون الضربة واحدة مستقرة إما صغيرة أو كبيرة.
وفي هذه الأيام أول شهر محرم الحرام تم حصاد الثمار، وكان أكثر ذلك الذرة، فتهونت الأسعار، واستقر السعر للقدح الذرة مائة بقشة على كبر القدح وصغر الدراهم، فكان على الزمان الأول نصف قدح، والبقشة على النصف زيادة على هذا يأتي بالقدح الأول، والدرهم الأول كل قدح بعشرين، فللَّه الحمد.
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
وحرك هذه الأيام صاحب المخا السيد حسن بن مطهر الجرموزي وصادره فيما عنده وتوعده وتهدده وحبسه وطلب العذر فلم يعذره، وبذل له عشرة آلاف قرش حسبما طلبه فلم يقبله. ولما ظهر ليوسف هذه الأحوال وهو بضوران استنكره منه، وكثر الشكا عليه. وكان قد كتب إليه أهل يافع أنهم منقادون لما يجب من الشريعة وأنهم مُسَلِّمون للواجبات، حافظون للطرقات، فما الوجه لغزوهم من صاحب المنصورة، فوقع هذا عند يوسف وبعث برسالة إلى القضاة وإلى إخوته، وقال: هذا
لا يجوز لصاحب المنصورة فعله، فأجابوا عليه بأن ذلك كما قال، وإنما غلب هذا الرجل للأمر المحال، وتكليف الناس ما لا يطاق ولا يكاد ينال. ووافق هذا أيضاً بعض أولاده وإخوته الذين هم: عبد الله بن محمد بن أحمد بن الحسن، وعمه إسحاق بن أحمد بن الحسن، وعبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن، وعلي بن حسين بن أحمد بن الحسن مع ما جرى أيضاً من التوعد لهم من صنوهم والمناقضات في الولايات. وكان من المقدور أن عبد الله ولده تراخى عليه سبار العسكر الذين عنده بقعطبة فكاتب والده بحاجة الناس إلى المصروف. وأن منهم[147/أ] من قد هرب من حضرته، فلما وصل الرسول إليه تهدده، وقال: المصروف قد صرنا في جمعه، ولكن عبد الله لا بد من مؤاخذته، وسأصنع به وأصنع، وأفعل من النكال ما يراه أفظع، وهذا الزنجير الكبير -وأشار إليه- قد أهبته له، وأنت -يشير إلى الرسول- لك الزنجير الصغير. فلما بلغ ولده عبد الله هذا الكلام، وما هو بانٍ عليه من النكال والخصام، مع ما قد رأوه مما جرى مع صنوهم حسن من الحبس الطويل قال: هذا من تكليف ما لا يطاق، وكيف وهو يريد استفتاح جبال يافع، فما مراده إلا إلقاؤهم إلى التهلكة، مع عدم الرعاية والوفاء. وزاد اتفق أنه جهز ولده إسماعيل إلى جبلة وجعل أمرها إليه، وعبد الله هو الذي فتحها واستولى عليها، فقال لسان حاله وإسراره: أصبح قيامه معه لا دين ولا دنيا، وأظهر الندم والاستغفار عما وقع منه في جبلة وما جرى. وكاتب يوسف وقال هو الأولى بالاتباع، وأجابه. وكذلك إسحاق وعبد الله بن يحيى، وعلي بن حسين، وأما إبراهيم بن أحمد بن حسن فهو قد باينه من قبلهم، فاجتعموا على هذا، وارتفع عبد الله من قعطبة إلى إب. فلما وصلت كتبهم إلى يوسف أظهر الدعوة، وكاتب إلى صنوه الحسين بن المتوكل صاحب صنعاء وجزموا بالخلع للمذكور، فخلعوه وخطبوا ليوسف بصنعاء وذمار وضوران وإب. وجاءت كتب يافع بالإجابة ليوسف، فكان هو السادس من الإمام القاسم،
وحرك هذه الأيام صاحب المخا السيد حسن بن مطهر الجرموزي وصادره فيما عنده وتوعده وتهدده وحبسه وطلب العذر فلم يعذره، وبذل له عشرة آلاف قرش حسبما طلبه فلم يقبله. ولما ظهر ليوسف هذه الأحوال وهو بضوران استنكره منه، وكثر الشكا عليه. وكان قد كتب إليه أهل يافع أنهم منقادون لما يجب من الشريعة وأنهم مُسَلِّمون للواجبات، حافظون للطرقات، فما الوجه لغزوهم من صاحب المنصورة، فوقع هذا عند يوسف وبعث برسالة إلى القضاة وإلى إخوته، وقال: هذا
لا يجوز لصاحب المنصورة فعله، فأجابوا عليه بأن ذلك كما قال، وإنما غلب هذا الرجل للأمر المحال، وتكليف الناس ما لا يطاق ولا يكاد ينال. ووافق هذا أيضاً بعض أولاده وإخوته الذين هم: عبد الله بن محمد بن أحمد بن الحسن، وعمه إسحاق بن أحمد بن الحسن، وعبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن، وعلي بن حسين بن أحمد بن الحسن مع ما جرى أيضاً من التوعد لهم من صنوهم والمناقضات في الولايات. وكان من المقدور أن عبد الله ولده تراخى عليه سبار العسكر الذين عنده بقعطبة فكاتب والده بحاجة الناس إلى المصروف. وأن منهم[147/أ] من قد هرب من حضرته، فلما وصل الرسول إليه تهدده، وقال: المصروف قد صرنا في جمعه، ولكن عبد الله لا بد من مؤاخذته، وسأصنع به وأصنع، وأفعل من النكال ما يراه أفظع، وهذا الزنجير الكبير -وأشار إليه- قد أهبته له، وأنت -يشير إلى الرسول- لك الزنجير الصغير. فلما بلغ ولده عبد الله هذا الكلام، وما هو بانٍ عليه من النكال والخصام، مع ما قد رأوه مما جرى مع صنوهم حسن من الحبس الطويل قال: هذا من تكليف ما لا يطاق، وكيف وهو يريد استفتاح جبال يافع، فما مراده إلا إلقاؤهم إلى التهلكة، مع عدم الرعاية والوفاء. وزاد اتفق أنه جهز ولده إسماعيل إلى جبلة وجعل أمرها إليه، وعبد الله هو الذي فتحها واستولى عليها، فقال لسان حاله وإسراره: أصبح قيامه معه لا دين ولا دنيا، وأظهر الندم والاستغفار عما وقع منه في جبلة وما جرى. وكاتب يوسف وقال هو الأولى بالاتباع، وأجابه. وكذلك إسحاق وعبد الله بن يحيى، وعلي بن حسين، وأما إبراهيم بن أحمد بن حسن فهو قد باينه من قبلهم، فاجتعموا على هذا، وارتفع عبد الله من قعطبة إلى إب. فلما وصلت كتبهم إلى يوسف أظهر الدعوة، وكاتب إلى صنوه الحسين بن المتوكل صاحب صنعاء وجزموا بالخلع للمذكور، فخلعوه وخطبوا ليوسف بصنعاء وذمار وضوران وإب. وجاءت كتب يافع بالإجابة ليوسف، فكان هو السادس من الإمام القاسم،
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
فاستولوا عليهم أجمع وأسروهم وقتلوا منهم وانتهبوا جميع محطتهم، وقبضوا ولد حسين بن حسن: القاسم بن حسين ، وعند هذا ذكر رجل مجنون: هذا صاحب المنصورة قد كان سبرت له، لكنه ما أحسن لنفسه. [148/ب]. والحمزة بن أحمد بن الحسن صاحب الغراس كرر الطلب لقبائل بني الحارث وهمدان على أنه يدخل بهم صنعاء، فمنعوا أنفسهم وقالوا: ما ندخل، ويحصل بسبب قبائلنا فيها الظلم للمسلمين، ولا ندخل بينكم أيضاً إلا من استقر عليه أحد واتفق الناس عليه من السادة والقضاة والعقال، فنحن مع الجماعة، فأصابوا وأحسنوا وما قصروا ووافقوا الشرع الشريف.
وفي هذه الأيام ظهر حيوان منكر قال الناس: إنه السبسب، فيه ضراوة، فضرَّ كثيراً من الناس، وأكلهم في النهار والليل من صدفه منفرداً، إلا أن يكونوا جماعة، في بني مطر وضوران وسنحان وقاع صنعاء، وقد قتل منها بنو مطر وسنحان اثنين، وفي طريق الغراس قتل واحد منها وبقي واحد منها في شعوب يدور، أكل صعباً بشعوب، وآخر بقاع صنعاء العدني، وظهر في بلاد حضور.
قال من رآه من الناس: وصفته أنه عريض الصدر، عريض الجبهة، دقيق الخرطوم، له أنياب ظاهرة، عريض الذنب، مسلوب من مؤخره، وكبره ما بين الضبع والكلب، إلا أنه أطول منها. وصار يثب لمن ظفر به إلى النحر ولا يأكل إلا بني آدم سلطه فالله يدفع ضرره وخوف كثيراً من الناس، وأكلت جماعة من الناس. وقد خرج هذا الحيوان في مدة محمد باشا في سنحان، وقتلوه تلك المدة، ثم لم يظهر إلى هذا التأريخ .
فاستولوا عليهم أجمع وأسروهم وقتلوا منهم وانتهبوا جميع محطتهم، وقبضوا ولد حسين بن حسن: القاسم بن حسين ، وعند هذا ذكر رجل مجنون: هذا صاحب المنصورة قد كان سبرت له، لكنه ما أحسن لنفسه. [148/ب]. والحمزة بن أحمد بن الحسن صاحب الغراس كرر الطلب لقبائل بني الحارث وهمدان على أنه يدخل بهم صنعاء، فمنعوا أنفسهم وقالوا: ما ندخل، ويحصل بسبب قبائلنا فيها الظلم للمسلمين، ولا ندخل بينكم أيضاً إلا من استقر عليه أحد واتفق الناس عليه من السادة والقضاة والعقال، فنحن مع الجماعة، فأصابوا وأحسنوا وما قصروا ووافقوا الشرع الشريف.
وفي هذه الأيام ظهر حيوان منكر قال الناس: إنه السبسب، فيه ضراوة، فضرَّ كثيراً من الناس، وأكلهم في النهار والليل من صدفه منفرداً، إلا أن يكونوا جماعة، في بني مطر وضوران وسنحان وقاع صنعاء، وقد قتل منها بنو مطر وسنحان اثنين، وفي طريق الغراس قتل واحد منها وبقي واحد منها في شعوب يدور، أكل صعباً بشعوب، وآخر بقاع صنعاء العدني، وظهر في بلاد حضور.
قال من رآه من الناس: وصفته أنه عريض الصدر، عريض الجبهة، دقيق الخرطوم، له أنياب ظاهرة، عريض الذنب، مسلوب من مؤخره، وكبره ما بين الضبع والكلب، إلا أنه أطول منها. وصار يثب لمن ظفر به إلى النحر ولا يأكل إلا بني آدم سلطه فالله يدفع ضرره وخوف كثيراً من الناس، وأكلت جماعة من الناس. وقد خرج هذا الحيوان في مدة محمد باشا في سنحان، وقتلوه تلك المدة، ثم لم يظهر إلى هذا التأريخ .
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
ووصل إلى ضوران رسول من عبد الله بن الناصر أنه يحتاج من يوسف دراهم للعسكر، فقال للرسول: لم يكن معه خزانة ولا مادة، البلاد قد تقسمت.
وعند ذلك في عشرين شهر ربيع الأول سلم قاسم بن المتوكل صاحب ثلاء لصنوه يوسف. وزيد بن المتوكل سار من بلاد ريمة إلى تهامة، فاستولى على زبيد وواجه إليه. وكاتب صاحب المخا إلى يوسف.
وخرج الفرنج ببضاعة أدخلوا بعضها المخا ثم ركزوا في باب المندب لتلقي العماني وتجار عمان، فتحير النعمان عنهم[151/أ]. وزيد بن المتوكل بعد دخوله إلى زبيد سار إلى المخا، فدخله من غير قتال وقد كان الشيخ نعمة الله اللاهوري الذي ولاه الناصر في المخا فخرج منه. وجاء الخبر بأن حسين بن علي وإسحاق وعبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن قصدوا إلى جهة المنصورة. وكان إسماعيل بن الناصر بعد رجوعه استقر بحدود جبل المنصورة مما يلي الدمنة، فلم يشعر إلا بوصول الثلاثة بمن معهم من العسكر، فحصل الحرب فيما بينهم، وجاءت غارة والده من المنصورة، فوقعت الهزيمة في أصحاب يوسف. وكان الحرب في سوق السبت تحت المنصورة بأطراف الدمنة، فوقع القتل الكثير في المنهزمين من أصحاب يوسف. وانهزم حسين بن علي وإسحاق وعبد الله بن يحيى إلى الزيلعي وذي أشرق، واختلفت الأخبار في حسين بن علي وإسحاق فقيل: أنه وقع فيهم صوائب، وقيل: أنه استولى عليهما. وأما عبد الله بن يحيى فهرب، وكان هذا في آخر شهر ربيع الأول.
ومن العجائب أنه جاء خبر هذا الحادث قبل حصوله بنحو نصف شهر، ثم وقع كما قالوا.
وجاء خبر أنه خرج باشا إلى جهة جدة، وأن أحمد باشا الذي في جدة المتولي عليها معزول.
[151/ب] ووصلت كتب صاحب صعدة علي بن أحمد إلى قضاة صنعاء وغيرهم بأنهم يجيبونه في دعوته، وأن النية معه إلى الخروج إلى جهة اليمن من صعدة لتكون اليد له، وأن الناصر ليس بأهل، وأنه أراد أن يأخذ ذلك بالسيف، وحصل ما حصل بسببه وأمْرِه بجبلة من المقتلة المنكرة. وأن يوسف دعا إلى الرضا وأنه لا يصلح وأنه قد دعا إلى نفسه راضٍ لنفسه بما دعا غير مشروط بالرضا من غيره، فحصل الأمر العجيب من هذا الاختلاف، كلما أشرف السكون من جانب انتقض من جانب.
وجاءنا كتاب من علي بن أحمد هذا بمثل ذلك، وأنه استمد الرأي في ذلك بعد إبرامه، فكان كما قال الأول في المثل "ذرينا شعير مات شير"، فأجبت عليه بما معناه أن الأولى أن تكون أموركم مبنية على التسكين، وحفظ ما تحت يده من بلاده الأولة انتساباً إلى الأولين، وليكن الأمر من الجميع على طريق الاحتساب، لعدم كمال الشروط التامة، ولأجل يكون في ذلك الصلاح بتسكين ثائرة الفتنة، فإنه قد ذكر العلماء كالنجري من الهدوية في معياره، وعبد السلام من الشافعية في قواعده أن درء المفسدة أولى من جلب المصلحة، وذكر الزمخشري في تفسير سورة الكهف أن الشرائع مصالح، وأن هذه المسألة كلها ظنية، وارتكاب المقطوع بالمظنون لا يجوز من القتل والقتال، وغصوب الأموال[152/أ] وأذية المسلمين. والمحافظة على بلادكم أولى من خروجكم. مع أن أحمد بن زيد صاحب مكة بلغ أنه جهز إلى بيشة ويخشى إذا خرجتم من اختلال بلادكم. وكان قد ساعد محسن بن المهدي صاحب الغراس بالولاء إلى جانب يوسف والخطبة، ثم لما بلغه هزيمة الجماعة في الدمنة رجع عن ذلك، وقال: هو متوقف في هذه الساعة حتى تقرر الأمور.
وقاسم بن المتوكل صاحب ثلاء خرج إلى طيبة وكاتب صنوه حسين بن المتوكل أنه يلقاه إلى هنالك لمفاوضة قواعده، فلما تراخى ترجح له عاد إلى ثلاء، ولأجل أنه بلغه خلاله ما حصل من الحادث في الدمنة من هزيمة أصحاب يوسف، وكذلك صاحب كوكبان قد كان تقارب إلى إجابة يوسف، فلما بلغهم ذلك توقفوا على الأصل.
وجاء بعض الكتب إلى بعضهم فذكر تحقيق الواقعة، قال: إن حسين بن علي بن المتوكل وعبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن وإسحاق صالوا على إسماعيل بن محمد الناصر بن المهدي أحمد بن الحسن وهو في موضع في الدمنة يقال له: (أم قُريش) جبل فيه قرى قريب من وادي الدمنة لم يكن بالمرتفع ديار بني السلمي. وأنه رتب أصحابه على الطريق في بيوت ومكامن، فلما طلع أول القوم بخيلهم صبت عليه البنادق من كل جانب والطريق في الوسط[152/ب]، فراح كثير من الخيالة، منهم الأمير فرج الذي كان مع علي بن المتوكل، ومنهم أحمد بن الفقيه ومحمد بن جميل الظليمي ومنهم ولد من أولاد الشيخ عامر الصايدي وسيد من بني الديلمي من أهل السر وكثير من أهل الخيل والعسكر، وكانت مقتلة، قيل: جملتهم نحو ثلاثين نفراً، وقيل: أكثر وأكثرهم من أهل الخيل؛ لأنهم أول القوم. وبقي إسماعيل في تلك الليلة في حكم المحاصر قدر أربعة أيام، ثم جاءت غارة عبد الله بن الناصر من قبل يوسف وهو كان في إب، فلما وصل اشتد الحصار على صنوه إسماعيل، فخاطب بالمواجهة وواجه لما قلَّ عليه وعلى من معه الماء والطعام، وأن عبد الله بن يحيى وقع فيه صائبة، وقيل: أنه هرب، وقيل: أن هذا حرب آخر غير الأول، وأن القتل الكثير كان في الأول في سوق السبت، وهذا بعده، ولما وصل عبد الله بن محمد مغيراً ترفع
ووصل إلى ضوران رسول من عبد الله بن الناصر أنه يحتاج من يوسف دراهم للعسكر، فقال للرسول: لم يكن معه خزانة ولا مادة، البلاد قد تقسمت.
وعند ذلك في عشرين شهر ربيع الأول سلم قاسم بن المتوكل صاحب ثلاء لصنوه يوسف. وزيد بن المتوكل سار من بلاد ريمة إلى تهامة، فاستولى على زبيد وواجه إليه. وكاتب صاحب المخا إلى يوسف.
وخرج الفرنج ببضاعة أدخلوا بعضها المخا ثم ركزوا في باب المندب لتلقي العماني وتجار عمان، فتحير النعمان عنهم[151/أ]. وزيد بن المتوكل بعد دخوله إلى زبيد سار إلى المخا، فدخله من غير قتال وقد كان الشيخ نعمة الله اللاهوري الذي ولاه الناصر في المخا فخرج منه. وجاء الخبر بأن حسين بن علي وإسحاق وعبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن قصدوا إلى جهة المنصورة. وكان إسماعيل بن الناصر بعد رجوعه استقر بحدود جبل المنصورة مما يلي الدمنة، فلم يشعر إلا بوصول الثلاثة بمن معهم من العسكر، فحصل الحرب فيما بينهم، وجاءت غارة والده من المنصورة، فوقعت الهزيمة في أصحاب يوسف. وكان الحرب في سوق السبت تحت المنصورة بأطراف الدمنة، فوقع القتل الكثير في المنهزمين من أصحاب يوسف. وانهزم حسين بن علي وإسحاق وعبد الله بن يحيى إلى الزيلعي وذي أشرق، واختلفت الأخبار في حسين بن علي وإسحاق فقيل: أنه وقع فيهم صوائب، وقيل: أنه استولى عليهما. وأما عبد الله بن يحيى فهرب، وكان هذا في آخر شهر ربيع الأول.
ومن العجائب أنه جاء خبر هذا الحادث قبل حصوله بنحو نصف شهر، ثم وقع كما قالوا.
وجاء خبر أنه خرج باشا إلى جهة جدة، وأن أحمد باشا الذي في جدة المتولي عليها معزول.
[151/ب] ووصلت كتب صاحب صعدة علي بن أحمد إلى قضاة صنعاء وغيرهم بأنهم يجيبونه في دعوته، وأن النية معه إلى الخروج إلى جهة اليمن من صعدة لتكون اليد له، وأن الناصر ليس بأهل، وأنه أراد أن يأخذ ذلك بالسيف، وحصل ما حصل بسببه وأمْرِه بجبلة من المقتلة المنكرة. وأن يوسف دعا إلى الرضا وأنه لا يصلح وأنه قد دعا إلى نفسه راضٍ لنفسه بما دعا غير مشروط بالرضا من غيره، فحصل الأمر العجيب من هذا الاختلاف، كلما أشرف السكون من جانب انتقض من جانب.
وجاءنا كتاب من علي بن أحمد هذا بمثل ذلك، وأنه استمد الرأي في ذلك بعد إبرامه، فكان كما قال الأول في المثل "ذرينا شعير مات شير"، فأجبت عليه بما معناه أن الأولى أن تكون أموركم مبنية على التسكين، وحفظ ما تحت يده من بلاده الأولة انتساباً إلى الأولين، وليكن الأمر من الجميع على طريق الاحتساب، لعدم كمال الشروط التامة، ولأجل يكون في ذلك الصلاح بتسكين ثائرة الفتنة، فإنه قد ذكر العلماء كالنجري من الهدوية في معياره، وعبد السلام من الشافعية في قواعده أن درء المفسدة أولى من جلب المصلحة، وذكر الزمخشري في تفسير سورة الكهف أن الشرائع مصالح، وأن هذه المسألة كلها ظنية، وارتكاب المقطوع بالمظنون لا يجوز من القتل والقتال، وغصوب الأموال[152/أ] وأذية المسلمين. والمحافظة على بلادكم أولى من خروجكم. مع أن أحمد بن زيد صاحب مكة بلغ أنه جهز إلى بيشة ويخشى إذا خرجتم من اختلال بلادكم. وكان قد ساعد محسن بن المهدي صاحب الغراس بالولاء إلى جانب يوسف والخطبة، ثم لما بلغه هزيمة الجماعة في الدمنة رجع عن ذلك، وقال: هو متوقف في هذه الساعة حتى تقرر الأمور.
وقاسم بن المتوكل صاحب ثلاء خرج إلى طيبة وكاتب صنوه حسين بن المتوكل أنه يلقاه إلى هنالك لمفاوضة قواعده، فلما تراخى ترجح له عاد إلى ثلاء، ولأجل أنه بلغه خلاله ما حصل من الحادث في الدمنة من هزيمة أصحاب يوسف، وكذلك صاحب كوكبان قد كان تقارب إلى إجابة يوسف، فلما بلغهم ذلك توقفوا على الأصل.
وجاء بعض الكتب إلى بعضهم فذكر تحقيق الواقعة، قال: إن حسين بن علي بن المتوكل وعبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن وإسحاق صالوا على إسماعيل بن محمد الناصر بن المهدي أحمد بن الحسن وهو في موضع في الدمنة يقال له: (أم قُريش) جبل فيه قرى قريب من وادي الدمنة لم يكن بالمرتفع ديار بني السلمي. وأنه رتب أصحابه على الطريق في بيوت ومكامن، فلما طلع أول القوم بخيلهم صبت عليه البنادق من كل جانب والطريق في الوسط[152/ب]، فراح كثير من الخيالة، منهم الأمير فرج الذي كان مع علي بن المتوكل، ومنهم أحمد بن الفقيه ومحمد بن جميل الظليمي ومنهم ولد من أولاد الشيخ عامر الصايدي وسيد من بني الديلمي من أهل السر وكثير من أهل الخيل والعسكر، وكانت مقتلة، قيل: جملتهم نحو ثلاثين نفراً، وقيل: أكثر وأكثرهم من أهل الخيل؛ لأنهم أول القوم. وبقي إسماعيل في تلك الليلة في حكم المحاصر قدر أربعة أيام، ثم جاءت غارة عبد الله بن الناصر من قبل يوسف وهو كان في إب، فلما وصل اشتد الحصار على صنوه إسماعيل، فخاطب بالمواجهة وواجه لما قلَّ عليه وعلى من معه الماء والطعام، وأن عبد الله بن يحيى وقع فيه صائبة، وقيل: أنه هرب، وقيل: أن هذا حرب آخر غير الأول، وأن القتل الكثير كان في الأول في سوق السبت، وهذا بعده، ولما وصل عبد الله بن محمد مغيراً ترفع
#بهجة_الزمن_بتاريخ_اليمن
ولم يبق إلا صاحب المنصورة في أضيق من حلقة الفاس في منصورته، لم يخرج منها، فالله أعلم ما ينتهي الحال بينه وبينهم، فلا قوة إلا بالله.
[153/أ]وكان الناصر قد استعان بأهل الحجرية في هذا الحرب الحاصل فأجاشه صهره ابن مغلس بقومه من أهل الحجرية، فلما كثروا حصل ما حصل من هزيمة أصحاب يوسف. وكان قبل ذلك قد طلب منهم مهلة قدر شهر، فلم يحصل إسعاد، وصاروا هنالك متراكزين الآن، وقل المدد من عند يوسف ومن صنوه الحسين لما نفدت الخزائن وقلَّ المدخول معهم وضعفت الضربة معهم التي كان يمدون بها، حتى بلغ الحال معهم العجب في قل المدد؛ لأجل تفرق البلاد بينهم واختلاف آرائهم، لكن أهل اليمن قد استمدوا من البلاد اليمنية فيما احتاجوا له ما يكفيه عن الغارة.
وجزم محسن صاحب الغراس بالخطبة ليوسف، فخطب له الجمعة أول شهر ربيع الثاني، وظهر سبب ذلك أنه وصل كتاب من المنصورة إلى الحمزة صنوه بأن الولاية له، وأنه لم يبق لمحسن أمر، فحصل التغير مع محسن. وكتب الناصر إلى قبائل بني حشيش وبني الحارث وهَمْدان بأن الولاية للحمزة، والحمزة لما وصلت الولاية له توعد القاضي عبد الواسع الخطيب وخوَّفَه، فهرب القاضي وصار إلى صنعاء، ثم إن محسن دخل صنعاء يوم السبت عاشر شهر ربيع الآخر. ولم يتم لحمزة مراده. والضربة غيَّرها صاحب المنصورة، وجعل إلى ما كانت عليه في زمن والده أحمد بن الحسن. واستقر الضرب للقرش عنده منها للخمسة الأحرف، وصعدة كذلك غيروها، ولم تسلك فيها ضربة غيرهم أصلاً، ولأجل هذا وقل الضروب[153/ب]، والضربة في بلاد يوسف كسدت وفترت، ولم يبق فيها محصول كما كانت، ولم تبق ضربته إلا الشيء الحقير في بعض الأوقات، وصارت تضمحل وتصغر، حتى صارت البقشة الخمس بقشة صغيرة، بلغ صرف القرش إلى سبعة وعشرين حرفاً منها.
ولم يبق إلا صاحب المنصورة في أضيق من حلقة الفاس في منصورته، لم يخرج منها، فالله أعلم ما ينتهي الحال بينه وبينهم، فلا قوة إلا بالله.
[153/أ]وكان الناصر قد استعان بأهل الحجرية في هذا الحرب الحاصل فأجاشه صهره ابن مغلس بقومه من أهل الحجرية، فلما كثروا حصل ما حصل من هزيمة أصحاب يوسف. وكان قبل ذلك قد طلب منهم مهلة قدر شهر، فلم يحصل إسعاد، وصاروا هنالك متراكزين الآن، وقل المدد من عند يوسف ومن صنوه الحسين لما نفدت الخزائن وقلَّ المدخول معهم وضعفت الضربة معهم التي كان يمدون بها، حتى بلغ الحال معهم العجب في قل المدد؛ لأجل تفرق البلاد بينهم واختلاف آرائهم، لكن أهل اليمن قد استمدوا من البلاد اليمنية فيما احتاجوا له ما يكفيه عن الغارة.
وجزم محسن صاحب الغراس بالخطبة ليوسف، فخطب له الجمعة أول شهر ربيع الثاني، وظهر سبب ذلك أنه وصل كتاب من المنصورة إلى الحمزة صنوه بأن الولاية له، وأنه لم يبق لمحسن أمر، فحصل التغير مع محسن. وكتب الناصر إلى قبائل بني حشيش وبني الحارث وهَمْدان بأن الولاية للحمزة، والحمزة لما وصلت الولاية له توعد القاضي عبد الواسع الخطيب وخوَّفَه، فهرب القاضي وصار إلى صنعاء، ثم إن محسن دخل صنعاء يوم السبت عاشر شهر ربيع الآخر. ولم يتم لحمزة مراده. والضربة غيَّرها صاحب المنصورة، وجعل إلى ما كانت عليه في زمن والده أحمد بن الحسن. واستقر الضرب للقرش عنده منها للخمسة الأحرف، وصعدة كذلك غيروها، ولم تسلك فيها ضربة غيرهم أصلاً، ولأجل هذا وقل الضروب[153/ب]، والضربة في بلاد يوسف كسدت وفترت، ولم يبق فيها محصول كما كانت، ولم تبق ضربته إلا الشيء الحقير في بعض الأوقات، وصارت تضمحل وتصغر، حتى صارت البقشة الخمس بقشة صغيرة، بلغ صرف القرش إلى سبعة وعشرين حرفاً منها.
#بهجة_الزمن
وفي ثامن عشر شهر جمادى الأولى وصل الخبر من أصحاب يوسف المحاصرين على المنصورة أنهم لم يشعروا ثاني عشر يوم في شهر جمادى الأولى إلا بمغزى من صاحب المنصورة إلى محطة حسين بن المتوكل، فوقع الحرب بينهم، وكادوا يستولون على حسين بن علي، لولا غارة عبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن من محطته فوقع الحرب. قتل من أصحاب صاحب المنصورة جماعة نحو اثني عشر نفراً منهم: إسماعيل الذانبي، وكان قد خرج صاحب المنصورة عقبهم، فانكسروا إلى وجهه. وراح من أصحاب حسين بن علي جماعة نحو ذلك القدر. ثم لما دخل أصحاب صاحب المنصورة أغلقوا الباب وأمروا برمي المدافع وقد كان شحنوها بشيء من المسامير والسلاسل، فطفت عليهم المدفع ولم يصبهم ورموا بآخر فتكسر المدفع، ثم رجعوا إلى محلهم سالمين ولم يرح منهم إلا من راح حال الحرب، والله أعلم.
[156/ب] وطالت الفتنة هذه فيما بين المذكورين، فهذا إلى هذا التأريخ سلخ جمادى الأولى منها سنة كاملة، وجرى ذلك بينهم كما جرى مع ملوك الطوائف .
قال الصفدي في شرح اللامية عند أول بيت منها في قوله:
أصالة الرأي أغنتني عن الخطلِ
ما لفظه: لما استولى اسكندر على ملك فارس كتب إلى أرسطو يأخذ رأيه في ذلك، فكتب إليه الرأي أن توزع ممالكهم بينهم وكل من وليته ناحية سمه بالملك، وأفرده في ملك ناحية، وأعقد له التاج على رأسه وإن صغر ملكه، فإن المسمى بالملك لا يخضع لغيره ولا ينتسب أن يقع بينهم تغالب على الملك، فيعود حربهم لك حرباً بينهم، فإن دنوت منهم دانوا لك، وإن نأيت تعززوا بك، وفي ذلك شاغل لهم عنك وأمان لإحداثهم بعدك شيئاً. فلما بلغ الإسكندر ذلك علم أنه الصواب، وفرق القوم في الممالك، فسمَّوا مُلوك الطوائف، فيقال: إنهم لم يزالوا برأي أرسطو مختلفين أربعمائة سنة، ولم ينتظم لهم أمر، انتهى كلامه.
وجاء خبر آخر شهر جمادى الأولى أنه كان بعد الحرب الأول تعقب ذلك أرسل صاحب المنصورة عسكراً من المنصورة على سعيد قاضي، وهو في محل قريب من عبد الله بن يحيى، فاحتربوا هنالك، ثم انكسر أصحاب صاحب المنصورة إلى الدملوة ثم اصطلحوا ثلاثة أيام.
وطلع جماعة من الهنود الواصلين بالبز من المخا إلى صنعاء خشية منهم على ما معهم لما رأوا أعمال المخا بسبب زيد بن المتوكل مجعوثة .
[157/أ] وجاء خبر أن الزريقة من الحجرية والوا إلى صاحب المنصورة، ووعدوه بالقيام معه والإعانة بدفع المحطة التي عليه من ولده وغيره، فعند ذلك كتب حسين بن علي وعبد الله بن يحيى إلى يوسف بالإمداد بالعسكر، لئلا يحصل ما يحصل باجتماع القبائل. فكتب يوسف إلى صنوه حسين صاحب صنعاء ويحيى بن محمد، فأرسل حسين بجماعة عسكر نحو أربعمائة رئيسهم شيخهم الشيخ صلاح بن خليل الهمداني. وفي خلاله هرب من أصحاب حسين بن علي بن المتوكل النقيب البرطي الملقب الفرحة بجماعة من أصحابه إلى المنصورة، وصارت المنصورة يدخلها يومئذٍ من طريق القماطرة والزريقة ما يحتاج إليه مما يجلب، فاسترجع بسبب ذلك وركدت المراكزة حينئذٍ.
وفي ثامن عشر شهر جمادى الأولى وصل الخبر من أصحاب يوسف المحاصرين على المنصورة أنهم لم يشعروا ثاني عشر يوم في شهر جمادى الأولى إلا بمغزى من صاحب المنصورة إلى محطة حسين بن المتوكل، فوقع الحرب بينهم، وكادوا يستولون على حسين بن علي، لولا غارة عبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن من محطته فوقع الحرب. قتل من أصحاب صاحب المنصورة جماعة نحو اثني عشر نفراً منهم: إسماعيل الذانبي، وكان قد خرج صاحب المنصورة عقبهم، فانكسروا إلى وجهه. وراح من أصحاب حسين بن علي جماعة نحو ذلك القدر. ثم لما دخل أصحاب صاحب المنصورة أغلقوا الباب وأمروا برمي المدافع وقد كان شحنوها بشيء من المسامير والسلاسل، فطفت عليهم المدفع ولم يصبهم ورموا بآخر فتكسر المدفع، ثم رجعوا إلى محلهم سالمين ولم يرح منهم إلا من راح حال الحرب، والله أعلم.
[156/ب] وطالت الفتنة هذه فيما بين المذكورين، فهذا إلى هذا التأريخ سلخ جمادى الأولى منها سنة كاملة، وجرى ذلك بينهم كما جرى مع ملوك الطوائف .
قال الصفدي في شرح اللامية عند أول بيت منها في قوله:
أصالة الرأي أغنتني عن الخطلِ
ما لفظه: لما استولى اسكندر على ملك فارس كتب إلى أرسطو يأخذ رأيه في ذلك، فكتب إليه الرأي أن توزع ممالكهم بينهم وكل من وليته ناحية سمه بالملك، وأفرده في ملك ناحية، وأعقد له التاج على رأسه وإن صغر ملكه، فإن المسمى بالملك لا يخضع لغيره ولا ينتسب أن يقع بينهم تغالب على الملك، فيعود حربهم لك حرباً بينهم، فإن دنوت منهم دانوا لك، وإن نأيت تعززوا بك، وفي ذلك شاغل لهم عنك وأمان لإحداثهم بعدك شيئاً. فلما بلغ الإسكندر ذلك علم أنه الصواب، وفرق القوم في الممالك، فسمَّوا مُلوك الطوائف، فيقال: إنهم لم يزالوا برأي أرسطو مختلفين أربعمائة سنة، ولم ينتظم لهم أمر، انتهى كلامه.
وجاء خبر آخر شهر جمادى الأولى أنه كان بعد الحرب الأول تعقب ذلك أرسل صاحب المنصورة عسكراً من المنصورة على سعيد قاضي، وهو في محل قريب من عبد الله بن يحيى، فاحتربوا هنالك، ثم انكسر أصحاب صاحب المنصورة إلى الدملوة ثم اصطلحوا ثلاثة أيام.
وطلع جماعة من الهنود الواصلين بالبز من المخا إلى صنعاء خشية منهم على ما معهم لما رأوا أعمال المخا بسبب زيد بن المتوكل مجعوثة .
[157/أ] وجاء خبر أن الزريقة من الحجرية والوا إلى صاحب المنصورة، ووعدوه بالقيام معه والإعانة بدفع المحطة التي عليه من ولده وغيره، فعند ذلك كتب حسين بن علي وعبد الله بن يحيى إلى يوسف بالإمداد بالعسكر، لئلا يحصل ما يحصل باجتماع القبائل. فكتب يوسف إلى صنوه حسين صاحب صنعاء ويحيى بن محمد، فأرسل حسين بجماعة عسكر نحو أربعمائة رئيسهم شيخهم الشيخ صلاح بن خليل الهمداني. وفي خلاله هرب من أصحاب حسين بن علي بن المتوكل النقيب البرطي الملقب الفرحة بجماعة من أصحابه إلى المنصورة، وصارت المنصورة يدخلها يومئذٍ من طريق القماطرة والزريقة ما يحتاج إليه مما يجلب، فاسترجع بسبب ذلك وركدت المراكزة حينئذٍ.
#بهجة_الزمن
وفي يوم الخميس تاسع عشر شهر جمادى الأخرى اتفق مغزى من صاحب المنصورة على ولده عبد الله فاستولى عليه وأدخله المنصورة وحبسه فيها، وسبب ذلك أنهم تفرقوا بمحاطهم، كل منهم حط بجهة متباينة، فكان ينال منهم بالغزوات، ويوثب عليهم جوار المنصورة. وظهر الوباء في فصل الصيف، فمرض كثير ومات من مات من العساكر. وجاء التحقيق واستفاضت الأخبار بأن صاحب المنصورة الناصر لما ضاق به الحال لم يجد بداً من الاستنصار بقبائل الحجرية، وبذل المال لمشائخهم، فأرسل بعض النقباء معه إليهم، فأجابوه، وهذا الرجل يسمى رباح، فاستمالهم واجتمعوا له وجمعهم إلى قريب المنصورة من ناحية بين الجبال لا يشعر بهم أهل المحطة. وكتب إلى الناصر صاحب المنصورة بذلك، فخرج صاحب المنصورة منها لمفاتحة الحرب إلى محطة ولده عبد الله وصنوه إسحاق، فشرع الحرب، فانكسر لهم والذي معه القليل من عسكره، ثم تبعوهم إلى قريب المنصورة، فلما حصل ذلك وهم في آخر الحرب والرمي؛ إذ أقبلت عليهم القبائل من كل فج عميق وأحاطوا بهم من خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، وحالوا ما بينهم وبين محطتهم ووقع الحرب والضرب، فقتل كثير من أصحابهم، ولم يفلت منهم إلا من هرب أو واجه وأسروا ولده عبد الله وصنوه إسحاق وأسروا منهم وأقبلوا على محطتهم انتهبوها، فلما شعر بذلك أهل المحطة الأخرى وهم حسين بن علي بن المتوكل وعبدالله بن يحيى بن محمد بن الحسن لم يكن همهم إلا الارتحال، وحمل ما خف من الأثقال، حتى بلغوا إلى بلاد الأحمدي وجبل سامع على مسافة يوم، وأرادوا العزم إلى تعز[159/ب] فتدرك الأحمدي بأنهم يستقرون ولا عليهم بأس، فسكنوا ثم لم يشعروا إلا بإحاطة القبائل عليهم فحاربوهم هنالك. وعند ذلك واجه جميع اليمن الأسفل للناصر، ونوروا النيران حتى بلغت إلى سمارة، ولم يبق إلا المدن؛ لأجل الرتب فيها. فلما حدث هذا الحادث شلت قبائل اليمن الأعلى رؤوسها وهابوا الناصر، ونفدت الخزائن مع الدولة
وفي يوم الخميس تاسع عشر شهر جمادى الأخرى اتفق مغزى من صاحب المنصورة على ولده عبد الله فاستولى عليه وأدخله المنصورة وحبسه فيها، وسبب ذلك أنهم تفرقوا بمحاطهم، كل منهم حط بجهة متباينة، فكان ينال منهم بالغزوات، ويوثب عليهم جوار المنصورة. وظهر الوباء في فصل الصيف، فمرض كثير ومات من مات من العساكر. وجاء التحقيق واستفاضت الأخبار بأن صاحب المنصورة الناصر لما ضاق به الحال لم يجد بداً من الاستنصار بقبائل الحجرية، وبذل المال لمشائخهم، فأرسل بعض النقباء معه إليهم، فأجابوه، وهذا الرجل يسمى رباح، فاستمالهم واجتمعوا له وجمعهم إلى قريب المنصورة من ناحية بين الجبال لا يشعر بهم أهل المحطة. وكتب إلى الناصر صاحب المنصورة بذلك، فخرج صاحب المنصورة منها لمفاتحة الحرب إلى محطة ولده عبد الله وصنوه إسحاق، فشرع الحرب، فانكسر لهم والذي معه القليل من عسكره، ثم تبعوهم إلى قريب المنصورة، فلما حصل ذلك وهم في آخر الحرب والرمي؛ إذ أقبلت عليهم القبائل من كل فج عميق وأحاطوا بهم من خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، وحالوا ما بينهم وبين محطتهم ووقع الحرب والضرب، فقتل كثير من أصحابهم، ولم يفلت منهم إلا من هرب أو واجه وأسروا ولده عبد الله وصنوه إسحاق وأسروا منهم وأقبلوا على محطتهم انتهبوها، فلما شعر بذلك أهل المحطة الأخرى وهم حسين بن علي بن المتوكل وعبدالله بن يحيى بن محمد بن الحسن لم يكن همهم إلا الارتحال، وحمل ما خف من الأثقال، حتى بلغوا إلى بلاد الأحمدي وجبل سامع على مسافة يوم، وأرادوا العزم إلى تعز[159/ب] فتدرك الأحمدي بأنهم يستقرون ولا عليهم بأس، فسكنوا ثم لم يشعروا إلا بإحاطة القبائل عليهم فحاربوهم هنالك. وعند ذلك واجه جميع اليمن الأسفل للناصر، ونوروا النيران حتى بلغت إلى سمارة، ولم يبق إلا المدن؛ لأجل الرتب فيها. فلما حدث هذا الحادث شلت قبائل اليمن الأعلى رؤوسها وهابوا الناصر، ونفدت الخزائن مع الدولة
#بهجة_الزمن
وبعض العسكر الذين كانوا حاطين على المنصورة لازموا مع الناصر، وبعثهم بآداب إلى اليمن الأسفل، بسبب إجابتهم ليوسف. وبعضهم أذن له في العزم إلى بلادهم، وأما أخوه وولده وحسين بن علي وعبد الله بن يحيى فشدد في الترسيم عليهم داخل المنصورة تحت الحفظ.
ووصل الخبر ثاني وعشرين شهر رجب إلى صنعاء بأن أحمد بن غالب قد بلغ إلى برارة ما بين جبل رازح وبين أبي عريش، وهذه البلاد إلى جهة صاحب اليمن قد دخلها نزل إليها من بلاد قحطان، ولعله يريد طريق تهامة يخرج إلى درب ملوح ثم إلى تهامة البدوي ثم إلى غرابي الشرف والواعظات طريق بطن تهامة في بلاد مور يخرج إلى مدينة مور، ثم إلى بلاد الضحي وبلاد اللحية ثم إلى بيت الفقيه، والله أعلم.
ووصل الخبر هذه الأيام بآخر شهر رجب إلى اليمن أن السلطان محمد بن عثمان نصره الله على الفرنج من النصارى عبدة الصليب، وأنه بعد خروجه عليهم العام الماضي لما وقع منهم ما وقع من الصولة على المسلمين في جزيرة الأندلس، وتجهز السلطان عليهم بنفسه، وحث المسلمين على الجهاد في سبيل الله، فاستولى عليهم، وقتل منهم قتلاً ذريعاً، وسباهم واسترد البلاد التي كان استولوا عليها، وزاد معها غيرها، ثم عاد إلى استنبول وقد دوخ بلادهم وقمع رؤوسهم.
وفي هذه الأيام بعد [أن] استولى محمد بن أحمد صاحب المنصورة على أصحاب يوسف كما سبق، وتكاثرت كتب يوسف إلى صنوه حسين وإلى صاحب عمران وكوكبان يوقفوا وواعدوه بالتجهيز من غير جزم منهم، وأما صنوه حسين فجمع من أمكنه جمعه من بني حشيش وغيرهم، وجهز معهم رئيساً ابن أخيه قاسم بن أحمد بن المتوكل ، وساروا ومرادهم المحافظة على حدود اليمن الأعلى من نواحي يريم وسمارة، مع أن العسكر الذي أرسلهم صاحب المنصورة إلى جبلة مع ولده يحيى متماكرين وتواطئهم مع صاحبهم يوسف
وبعض العسكر الذين كانوا حاطين على المنصورة لازموا مع الناصر، وبعثهم بآداب إلى اليمن الأسفل، بسبب إجابتهم ليوسف. وبعضهم أذن له في العزم إلى بلادهم، وأما أخوه وولده وحسين بن علي وعبد الله بن يحيى فشدد في الترسيم عليهم داخل المنصورة تحت الحفظ.
ووصل الخبر ثاني وعشرين شهر رجب إلى صنعاء بأن أحمد بن غالب قد بلغ إلى برارة ما بين جبل رازح وبين أبي عريش، وهذه البلاد إلى جهة صاحب اليمن قد دخلها نزل إليها من بلاد قحطان، ولعله يريد طريق تهامة يخرج إلى درب ملوح ثم إلى تهامة البدوي ثم إلى غرابي الشرف والواعظات طريق بطن تهامة في بلاد مور يخرج إلى مدينة مور، ثم إلى بلاد الضحي وبلاد اللحية ثم إلى بيت الفقيه، والله أعلم.
ووصل الخبر هذه الأيام بآخر شهر رجب إلى اليمن أن السلطان محمد بن عثمان نصره الله على الفرنج من النصارى عبدة الصليب، وأنه بعد خروجه عليهم العام الماضي لما وقع منهم ما وقع من الصولة على المسلمين في جزيرة الأندلس، وتجهز السلطان عليهم بنفسه، وحث المسلمين على الجهاد في سبيل الله، فاستولى عليهم، وقتل منهم قتلاً ذريعاً، وسباهم واسترد البلاد التي كان استولوا عليها، وزاد معها غيرها، ثم عاد إلى استنبول وقد دوخ بلادهم وقمع رؤوسهم.
وفي هذه الأيام بعد [أن] استولى محمد بن أحمد صاحب المنصورة على أصحاب يوسف كما سبق، وتكاثرت كتب يوسف إلى صنوه حسين وإلى صاحب عمران وكوكبان يوقفوا وواعدوه بالتجهيز من غير جزم منهم، وأما صنوه حسين فجمع من أمكنه جمعه من بني حشيش وغيرهم، وجهز معهم رئيساً ابن أخيه قاسم بن أحمد بن المتوكل ، وساروا ومرادهم المحافظة على حدود اليمن الأعلى من نواحي يريم وسمارة، مع أن العسكر الذي أرسلهم صاحب المنصورة إلى جبلة مع ولده يحيى متماكرين وتواطئهم مع صاحبهم يوسف
#بهجة_الزمن
وفي يوم الإثنين سادس شهر شعبان خرج الأمير حسين بن عبدالقادر صاحب كوكبان من شبام طريق المحويت، وباب الأهجر بعساكره وأتباعه ولم يعرف أحد ما سببه، ثم نزل من المحويت طريق الطور في شدة الحر وجمرة القيض وأول مبادي مطر الخريف وطلع جبل أذرع، سكن فيه بقية شعبان ثم عاد إلى كوكبان.
وفي هذه الأيام وقعت المراكزة على المخا من القبائل مع عينة يسيرة من العسكر، فخاف أهل البندر من النهب إذا دخل؛ لأنه غير حريز، وفيه يومئذٍ زيد بن المتوكل والسيد حسن الجرموزي. وأكثر مراكب الهند توقفت خارج البندر ، وامتنعوا عن الدخول من البحر لمَّا عرفوا بذلك، والبعض قد كان دخل ولم ينزل أحد من التجار من اليمن الأعلى خشية على أموالهم. ووصلت[162/أ] الرتب والعينات إلى سد مشورة رأس العدين فيها ابن فرحان من الذين كانوا أولاً من أصحاب يوسف ، ثم لما أسروا والوا الناصر واختاروا الخدمة معه، وهم مراكزون لزيد بن محمد بن الحسن بن القاسم الذي في العدين، والله أعلم.
وفي رأس سمارة رتبة من قبل صاحب المنصورة، وفي يريم علي بن حسين والأغا فرحان وجماعة عسكر معه من أصحاب يوسف، وكل يراعي منهم الفتنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ووصل خبر بأن عبد الله بن محمد بن الناصر لما رَسَّم به والده ومنع الداخل والخارج عنده غير خدَّام واحد يخدمه، وأمر في بعض الليالي أن يحرق مخزان البارود الذي تحت بيت والده ومن فيه، ففعل ذلك، فحرق نصف الدار وسلم والده؛ لأنه كان في النصف الآخر الذي سلم من الحريق، أراد بمكيدة لوالده، ففطن به قبل حصول ما أراده، فلما حصل منه ذلك أمر به والده إلى حصن الدملوة وشدد عليه بزنجير لما اطلعوه وقيده في الحصن المذكور.
وفي يوم الإثنين سادس شهر شعبان خرج الأمير حسين بن عبدالقادر صاحب كوكبان من شبام طريق المحويت، وباب الأهجر بعساكره وأتباعه ولم يعرف أحد ما سببه، ثم نزل من المحويت طريق الطور في شدة الحر وجمرة القيض وأول مبادي مطر الخريف وطلع جبل أذرع، سكن فيه بقية شعبان ثم عاد إلى كوكبان.
وفي هذه الأيام وقعت المراكزة على المخا من القبائل مع عينة يسيرة من العسكر، فخاف أهل البندر من النهب إذا دخل؛ لأنه غير حريز، وفيه يومئذٍ زيد بن المتوكل والسيد حسن الجرموزي. وأكثر مراكب الهند توقفت خارج البندر ، وامتنعوا عن الدخول من البحر لمَّا عرفوا بذلك، والبعض قد كان دخل ولم ينزل أحد من التجار من اليمن الأعلى خشية على أموالهم. ووصلت[162/أ] الرتب والعينات إلى سد مشورة رأس العدين فيها ابن فرحان من الذين كانوا أولاً من أصحاب يوسف ، ثم لما أسروا والوا الناصر واختاروا الخدمة معه، وهم مراكزون لزيد بن محمد بن الحسن بن القاسم الذي في العدين، والله أعلم.
وفي رأس سمارة رتبة من قبل صاحب المنصورة، وفي يريم علي بن حسين والأغا فرحان وجماعة عسكر معه من أصحاب يوسف، وكل يراعي منهم الفتنة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ووصل خبر بأن عبد الله بن محمد بن الناصر لما رَسَّم به والده ومنع الداخل والخارج عنده غير خدَّام واحد يخدمه، وأمر في بعض الليالي أن يحرق مخزان البارود الذي تحت بيت والده ومن فيه، ففعل ذلك، فحرق نصف الدار وسلم والده؛ لأنه كان في النصف الآخر الذي سلم من الحريق، أراد بمكيدة لوالده، ففطن به قبل حصول ما أراده، فلما حصل منه ذلك أمر به والده إلى حصن الدملوة وشدد عليه بزنجير لما اطلعوه وقيده في الحصن المذكور.
#بهجة_الزمن
هناك ولا يضره الأسد مع قربه منه، ثم يعود داره، وأنه أحيا في جبع مالاً يزرعه وجعل له أُجراء يزرعونه ولا يأكل إلا منه، والنذور التي تفد إليه لا يأكلها إلا أصحابه، فهذا دأبه. وذكر أنه مر إلى بلاد آنس فوجد فيها ناصر الدين الذي سبق الإشارة إليه في دولة المتوكل، وأنه ابتدع أشياء من التحريمات بما هو حلال، كما سبق، فذكر لي: أنه زاد مع ذلك مما يقوله تحريمه للخل؛ لأن أصله الخمر والخمر نجس فيلزمه أن كل تلبس النجاسات في الأصل نجس وجميع الحيوانات تلبس بالدم في الرحم فيلزمه نجاسة بني آدم والأنعام وهذا لا قائل به، وتحريمه لما يفعله الفلاحون من تكريم المال بالأرواث . وقال: هو نجس فيحرم الحب لأجل ذلك، وحرم القهوة وحرم أشياء كثيرة مما أحله الله تعالى من المباحات، فهذا من البدع الكاذبة في الإسلام والتحريم لما أحل الله
تعالى كما قال تعالى: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكُمْ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى الله الْكَذِبَ} .
وقال: إنه يعتمد في مذهبه بكتاب أحكام الهادي لا غيره، فضاع عليه أكثر الفقه لأن أحكام الهادي لمسائل يسيرة، وقال المذكور: إنه دار كثيراً من المساجد والربط باليمن الأعلى، وأنه بات في مسجد ببني مطر ومسجد الشمس بوَقَش ، فوجد في أحدهما جماعة يصلون في الليل بعمائم خضر أحداث يأتمون برجل شائب وهو في زاوية المسجد، وأنه ظهر عند ذلك نور وضوء أدرك أشخاصهم وهو يراهم فأردا القيام للسلام على إمامهم فلم يتمكن من القيام أصلاً وكأن شيئاً جذب رجله للقعود. وقال: إنه زار النبي شعيب بن مهدم برأس جبل القاهر بحضور وبقي فيه برهة، وسألته عن التسريج الذي يظهر في بعض دعائم المسجد، فأخبرني أن الأمر كذلك، وأنه يحدث عند شدة السخم والسحاب، وإذا وضع الإنسان أنامله قريب اللهبة تلك وهي خضراء ظهرت اللهبة تلك في جميع أصابعه، ولا يحس لها حريق بل باردة وإن هذا من عجائب قدرة الله، فهو القادر على كل شيء[164/أ]. وذكر لي المذكور أنه ذكر له بعض صوفية تهامة فقال: عجيباً لكم يا زيدية كيف لا تزورون الأحياء ممن يستحق الزيارة ويستمد منه الدعاء؟ وصرتم تزورونه إذا مات، وعجيباً لكم فإنكم تزورون وتطلبون ولا تبذلون شيئاً من الفتوحات ولا شيئاً من النذور، والأمر كما قاله فإن هذا حالهم ودأبهم.
هناك ولا يضره الأسد مع قربه منه، ثم يعود داره، وأنه أحيا في جبع مالاً يزرعه وجعل له أُجراء يزرعونه ولا يأكل إلا منه، والنذور التي تفد إليه لا يأكلها إلا أصحابه، فهذا دأبه. وذكر أنه مر إلى بلاد آنس فوجد فيها ناصر الدين الذي سبق الإشارة إليه في دولة المتوكل، وأنه ابتدع أشياء من التحريمات بما هو حلال، كما سبق، فذكر لي: أنه زاد مع ذلك مما يقوله تحريمه للخل؛ لأن أصله الخمر والخمر نجس فيلزمه أن كل تلبس النجاسات في الأصل نجس وجميع الحيوانات تلبس بالدم في الرحم فيلزمه نجاسة بني آدم والأنعام وهذا لا قائل به، وتحريمه لما يفعله الفلاحون من تكريم المال بالأرواث . وقال: هو نجس فيحرم الحب لأجل ذلك، وحرم القهوة وحرم أشياء كثيرة مما أحله الله تعالى من المباحات، فهذا من البدع الكاذبة في الإسلام والتحريم لما أحل الله
تعالى كما قال تعالى: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكُمْ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى الله الْكَذِبَ} .
وقال: إنه يعتمد في مذهبه بكتاب أحكام الهادي لا غيره، فضاع عليه أكثر الفقه لأن أحكام الهادي لمسائل يسيرة، وقال المذكور: إنه دار كثيراً من المساجد والربط باليمن الأعلى، وأنه بات في مسجد ببني مطر ومسجد الشمس بوَقَش ، فوجد في أحدهما جماعة يصلون في الليل بعمائم خضر أحداث يأتمون برجل شائب وهو في زاوية المسجد، وأنه ظهر عند ذلك نور وضوء أدرك أشخاصهم وهو يراهم فأردا القيام للسلام على إمامهم فلم يتمكن من القيام أصلاً وكأن شيئاً جذب رجله للقعود. وقال: إنه زار النبي شعيب بن مهدم برأس جبل القاهر بحضور وبقي فيه برهة، وسألته عن التسريج الذي يظهر في بعض دعائم المسجد، فأخبرني أن الأمر كذلك، وأنه يحدث عند شدة السخم والسحاب، وإذا وضع الإنسان أنامله قريب اللهبة تلك وهي خضراء ظهرت اللهبة تلك في جميع أصابعه، ولا يحس لها حريق بل باردة وإن هذا من عجائب قدرة الله، فهو القادر على كل شيء[164/أ]. وذكر لي المذكور أنه ذكر له بعض صوفية تهامة فقال: عجيباً لكم يا زيدية كيف لا تزورون الأحياء ممن يستحق الزيارة ويستمد منه الدعاء؟ وصرتم تزورونه إذا مات، وعجيباً لكم فإنكم تزورون وتطلبون ولا تبذلون شيئاً من الفتوحات ولا شيئاً من النذور، والأمر كما قاله فإن هذا حالهم ودأبهم.
#بهجة_الزمن
وفي هذه الأيام ازدادت الضربة إلى الضعف والركة، فجعلوا في الوقية قفلة فضة والباقي نحاس وجسد مخلوط، بحيث أن بعضها يظهر فيها النحاس والحمرة حال الضربة فأما إذا بقت بعض أيام لم يبق بها انتفاع، وبلغ صرف القرش بها إلى ثلاثين حرفاً. واستوت ضريبة صاحب المنصورة وضريبة يوسف في الضعف، وظهرت للدولة الركة المفرطة خصوصاً حسين بن المتوكل؛ لأن معظم الدورة عليه، ومبالغ الجهد في إمداد العسكر الذين باليمن ومعاونة صنوه يوسف. كل ذلك لتحمل صاحبه وزيره زيد الجملولي في حمله على ذلك لأجل أنه يسلم من صاحب المنصورة؛ لأنه كان حاول في طلبه إلى حضرته وحبسه وإزالته عن يوسف، وظهر ظلمه في صنعاء في طلب المعاون من أهل البيع والشراء والتجار ومشاطرة أموالهم بالقرض الذي لا يقضى، والمعونات، والتعجيل في الزكوات، وطلبهم للقروش منهم للضربة كرهاً وغصباً، وصاروا يجأرون بالدعاء بسبب ذلك لما لم يجدوا من ينصفهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفي يوم الثلاثاء[165/أ] ثامن عشر شهر شوال اتفق قران بين الزهرة وزحل في برج الميزان.
وحصل في هذا اليوم وهو الثلاثاء ثامن عشر شوال دخول الناصر جبلة، واستولى على عبد الله بن يحيى وفرحان بعد حرب جرى هنالك، وجاء عليهم بجمع لا طاقة لهم بهم، أكثرهم من الحجرية، فسُقِطَ في يد صاحب ضوران وصاحب صنعاء لضعف ما عندهم من المال والرجال، وعدم نفوذ الأوامر والكلام، وبقوا في حالة عجيبة من هذا الجاري، وعرفوا أنه بعد ذلك إليهم آتٍ. وكان الأمر كما في الحديث الذي رواه ......... عن أبي ذر عنه÷ قال:((وكانت صحف إبراهيم وموسى عبراً كلها، منها: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف لا يعمل)) .
وجاءت كتب الناصر إلى أولاد المتوكل أنه لا سبيل إلى الاختيار والاجتماع بعدما قد جرى من النزاع فيما بينهم والحروب، وليس معه إلا السيف لمن لم يسلم الأمر. وأنه قد خرج من بلاد تعز إلى جهة جبلة، وكان ما ذكر من الحادث بجبلة. وكان قد أرسل حسين بن المتوكل بالجامكية لأصحابه الذين في جهة اليمن، فلما بلغهم في خلاله رجع الرسول من الطريق بما معه واسترجعوا الدراهم التي كان قد جمعوها إلى مكة، لما حصل حادث جبلة. ولم يتم تجهيز أمير حاج من قبلهم كالعام الماضي وربما أنهم يراسلون إليه في المصالحة والتسليم قهراً عليهم، فإن لم يفعلوا ذلك اجتحفهم. وكان خروجه من المنصورة في عيد الفطر بأول شهر شوال إلى قدس ثم إلى الجند ثم إلى القاعدة والحوض الأشرف خارج مدينة تعز، وبنى على الارتحال بنفسه إلى البلاد العليا بجموع كثيرة من قبائل الحجرية أكثرهم ومن غيرهم
وفي هذه الأيام ازدادت الضربة إلى الضعف والركة، فجعلوا في الوقية قفلة فضة والباقي نحاس وجسد مخلوط، بحيث أن بعضها يظهر فيها النحاس والحمرة حال الضربة فأما إذا بقت بعض أيام لم يبق بها انتفاع، وبلغ صرف القرش بها إلى ثلاثين حرفاً. واستوت ضريبة صاحب المنصورة وضريبة يوسف في الضعف، وظهرت للدولة الركة المفرطة خصوصاً حسين بن المتوكل؛ لأن معظم الدورة عليه، ومبالغ الجهد في إمداد العسكر الذين باليمن ومعاونة صنوه يوسف. كل ذلك لتحمل صاحبه وزيره زيد الجملولي في حمله على ذلك لأجل أنه يسلم من صاحب المنصورة؛ لأنه كان حاول في طلبه إلى حضرته وحبسه وإزالته عن يوسف، وظهر ظلمه في صنعاء في طلب المعاون من أهل البيع والشراء والتجار ومشاطرة أموالهم بالقرض الذي لا يقضى، والمعونات، والتعجيل في الزكوات، وطلبهم للقروش منهم للضربة كرهاً وغصباً، وصاروا يجأرون بالدعاء بسبب ذلك لما لم يجدوا من ينصفهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفي يوم الثلاثاء[165/أ] ثامن عشر شهر شوال اتفق قران بين الزهرة وزحل في برج الميزان.
وحصل في هذا اليوم وهو الثلاثاء ثامن عشر شوال دخول الناصر جبلة، واستولى على عبد الله بن يحيى وفرحان بعد حرب جرى هنالك، وجاء عليهم بجمع لا طاقة لهم بهم، أكثرهم من الحجرية، فسُقِطَ في يد صاحب ضوران وصاحب صنعاء لضعف ما عندهم من المال والرجال، وعدم نفوذ الأوامر والكلام، وبقوا في حالة عجيبة من هذا الجاري، وعرفوا أنه بعد ذلك إليهم آتٍ. وكان الأمر كما في الحديث الذي رواه ......... عن أبي ذر عنه÷ قال:((وكانت صحف إبراهيم وموسى عبراً كلها، منها: عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف لا يعمل)) .
وجاءت كتب الناصر إلى أولاد المتوكل أنه لا سبيل إلى الاختيار والاجتماع بعدما قد جرى من النزاع فيما بينهم والحروب، وليس معه إلا السيف لمن لم يسلم الأمر. وأنه قد خرج من بلاد تعز إلى جهة جبلة، وكان ما ذكر من الحادث بجبلة. وكان قد أرسل حسين بن المتوكل بالجامكية لأصحابه الذين في جهة اليمن، فلما بلغهم في خلاله رجع الرسول من الطريق بما معه واسترجعوا الدراهم التي كان قد جمعوها إلى مكة، لما حصل حادث جبلة. ولم يتم تجهيز أمير حاج من قبلهم كالعام الماضي وربما أنهم يراسلون إليه في المصالحة والتسليم قهراً عليهم، فإن لم يفعلوا ذلك اجتحفهم. وكان خروجه من المنصورة في عيد الفطر بأول شهر شوال إلى قدس ثم إلى الجند ثم إلى القاعدة والحوض الأشرف خارج مدينة تعز، وبنى على الارتحال بنفسه إلى البلاد العليا بجموع كثيرة من قبائل الحجرية أكثرهم ومن غيرهم
#بهجة_الزمن
وكان حال الخطبة وركز في الجامع سبعة بنادقية من العبيد بفتائلهم عالقة مقابل الخطيب، فلما ذكر الخطيب الناصر وضعوا بنادقهم وصلوا مع الناس. واتصلت الإجابة إلى شهارة، فأما شهارة وبلادها فالخطبة فيها للناصر مستمرة؛ لأنها إلى قاسم بن المؤيد وهو إلى جناب الناصر، فزال بسبب ذلك عن الناس الحرج، واطمأنت قلوبهم من الحادث وحصل لهم الفرج، والله يصلح ما فيه الصلاح.
وكل هذه الفتنة هذه المدة سببها ولده عبد الله بن الناصر، فإنه الذي بعثها، وإلا فكانت هادئة ساكنة، وقد وقع في عمله، والله يصلح أحوال المسلمين.
ولما بلغ يوسف صاحب ضوران هذا الأمر لم يرتضه لنفسه، وقال: لا يسمح بترك دعوته، وكان المحمل له على ذلك القاضي جباري الذَّماري، فأمر أهل بلاد آنس أنهم[166/ب] يعينونه، فأجابوه في الظاهر. وأخرج بعض رتبة ضوران خشية لا يحصل منهم الميل إلى الناصر، فسار بعضهم إلى الناصر، وتفاقم الأمر بينهم. وحصل مع حسين صنوه التردد بعد هذا يريد الرجوع إلى صنوه، لكنه لم يكن في يده مال ولا رجال فبقي في حيرة وتغير من تنصير المدينة وغيرها. ولعن المحارب للناصر ومبغضه كما هو عادة المنصرين، وأنه كاره للناصر وإنما دخل في ذلك مضطراً إليه.
ولما وصل الناصر إلى نواحي بني سرح وآل عَمَّار شرقي المخادر تحير فيه. وبنو الجرموزي شدوا حوائجهم وخزائنهم من دار صنعاء الذي كان وصل إليه من المخا خشية على ذلك من الناصر إذا تمكن من الطلوع إليها. ولما وصل الناصر إلى يريم قبض على ابن أخيه علي بن حسين وأرسل به إلى المنصورة تحت الحفظ. وصاحب عمران حسين بن محمد بن أحمد بن القاسم لما بلغه طلوع الناصر جدد دعوته لنفسه للإمارة والملك كالمرة الأولة، وكل ذلك خشية على ما قد بسط عليه من بلاد حجة؛ لأن الناصر قد أظهر أنه معزول عنها وهي الغبطة معه، مع أن خمر قد كان الناصر جعله إلى صنوه إسماعيل بن محمد بن أحمد، إلا أنه وصل إليه صنوه منعه عن التصرف بالقهر. وإبراهيم بن حسين خرج من ظفير حجة إلى حورة، ثم نزل تهامة واستقر بحيس لتأمين طريق المخا من قاسم صاحب شهارة والناصر. ويحيى بن الناصر دخل زبيد واستقر فيه بأمر والده، قيل: إنه مأمور إلى المخا زيادة على من أرسل الناصر إليه للاستيلاء عليه وعلى تلك الجهة. واتفق بطريقه بالقاضي أحمد بن ناصر بن عبد الحق الحيمي الذي أرسله يوسف إلى المخا، فقبض عليه وأرسله إلى الناصر. وقد كان خالف على الرتبة التي من أصحاب يوسف خارج المخا القبائل فاستولوا عليهم.
وكان حال الخطبة وركز في الجامع سبعة بنادقية من العبيد بفتائلهم عالقة مقابل الخطيب، فلما ذكر الخطيب الناصر وضعوا بنادقهم وصلوا مع الناس. واتصلت الإجابة إلى شهارة، فأما شهارة وبلادها فالخطبة فيها للناصر مستمرة؛ لأنها إلى قاسم بن المؤيد وهو إلى جناب الناصر، فزال بسبب ذلك عن الناس الحرج، واطمأنت قلوبهم من الحادث وحصل لهم الفرج، والله يصلح ما فيه الصلاح.
وكل هذه الفتنة هذه المدة سببها ولده عبد الله بن الناصر، فإنه الذي بعثها، وإلا فكانت هادئة ساكنة، وقد وقع في عمله، والله يصلح أحوال المسلمين.
ولما بلغ يوسف صاحب ضوران هذا الأمر لم يرتضه لنفسه، وقال: لا يسمح بترك دعوته، وكان المحمل له على ذلك القاضي جباري الذَّماري، فأمر أهل بلاد آنس أنهم[166/ب] يعينونه، فأجابوه في الظاهر. وأخرج بعض رتبة ضوران خشية لا يحصل منهم الميل إلى الناصر، فسار بعضهم إلى الناصر، وتفاقم الأمر بينهم. وحصل مع حسين صنوه التردد بعد هذا يريد الرجوع إلى صنوه، لكنه لم يكن في يده مال ولا رجال فبقي في حيرة وتغير من تنصير المدينة وغيرها. ولعن المحارب للناصر ومبغضه كما هو عادة المنصرين، وأنه كاره للناصر وإنما دخل في ذلك مضطراً إليه.
ولما وصل الناصر إلى نواحي بني سرح وآل عَمَّار شرقي المخادر تحير فيه. وبنو الجرموزي شدوا حوائجهم وخزائنهم من دار صنعاء الذي كان وصل إليه من المخا خشية على ذلك من الناصر إذا تمكن من الطلوع إليها. ولما وصل الناصر إلى يريم قبض على ابن أخيه علي بن حسين وأرسل به إلى المنصورة تحت الحفظ. وصاحب عمران حسين بن محمد بن أحمد بن القاسم لما بلغه طلوع الناصر جدد دعوته لنفسه للإمارة والملك كالمرة الأولة، وكل ذلك خشية على ما قد بسط عليه من بلاد حجة؛ لأن الناصر قد أظهر أنه معزول عنها وهي الغبطة معه، مع أن خمر قد كان الناصر جعله إلى صنوه إسماعيل بن محمد بن أحمد، إلا أنه وصل إليه صنوه منعه عن التصرف بالقهر. وإبراهيم بن حسين خرج من ظفير حجة إلى حورة، ثم نزل تهامة واستقر بحيس لتأمين طريق المخا من قاسم صاحب شهارة والناصر. ويحيى بن الناصر دخل زبيد واستقر فيه بأمر والده، قيل: إنه مأمور إلى المخا زيادة على من أرسل الناصر إليه للاستيلاء عليه وعلى تلك الجهة. واتفق بطريقه بالقاضي أحمد بن ناصر بن عبد الحق الحيمي الذي أرسله يوسف إلى المخا، فقبض عليه وأرسله إلى الناصر. وقد كان خالف على الرتبة التي من أصحاب يوسف خارج المخا القبائل فاستولوا عليهم.
#بهجة_الزمن
وفي يوم السبت ثالث عشر شهر القعدة سار محسن بن المهدي أحمد بن الحسن صاحب الغراس والرحبة إلى حضرة صنوه، لأجل خلل حصل في بلاده عليه ولاقياً لصنوه، وسار صنوه الحمزة معه. وكان الحمزة هذا عند الناصر حال طلوعه من اليمن، ثم إنه حصل منه تعدٍ على بعض الناس، فشكوه إلى الناصر، فأرسل له فهرب إلى الغراس الشهر الماضي، فأرسل له من الغراس فأخرجوه من الغراس على حمار وساقوه معهم إلى عند الناصر، وكذلك محسن لعله مطلوب.
ووصلت آداب على جماعات من قبل الناصر، وكذلك على اليهود والبانيان بسبب الضربة المغشوشة.
وفي نصف شهر القعدة وصل الفقيه محمد بن عبد الله بن عزالدين الأكوع الذي كان سار من صنعاء، يخبر بأن الناصر سكن هذه المدة بجهة بعدان لتقرير الأمور.
وزيد بن المتوكل خرج من المخا يريد إلى بلاد ريمة، فلم يتم له.
وفي ثامن عشر شهر القعدة وصل الخبر إلى صنعاء بأن الناصر طلع من اليمن الأسفل إلى يريم.
وفي عشرين شهر القعدة وصل عبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن إلى صنعاء في حالة منكوسة ضعيفة في ثلاثة أنفار لا غير[168/ب] بعد أن كان مخارجة وحركاته في الجنود بين يديه، والبلاد العدينية تنساق إليه، والكلمة العالية معه في تلك البلاد اليمنية، فالقدرة لله تعالى والحكمة، ومن رأى حاله وما عليه وجميع من خالف على الناصر من الذلة اعتبر بهذه الدنيا وعرف أنها كسراب بقيعة.
وفي يوم الجمعة عشرين شهر القعدة دخل الناصر ذمار وجهز على يوسف إلى ضوران عساكره، فوصلوا إلى رُصَابة . وكان أصحاب يوسف من بلاد آنس قد جعلهم رتبة في المَنْشِيَّة ونحوها، فلما قرب منهم جنود الناصر ورأوا جهران قد أشعلوا النيران ونصروا للناصر هربوا إلى بيوتهم في آنس، فسُقط في يد يوسف ولم يبق في يده أحد كتب إلى الناصر بالمواجهة والإجابة. وكان الناصر قد كتب إلى قبائل بني حشيش بالوصول إلى حضرته لمحاصرة يوسف قبل هذه المواجهة وانحسم الاختلاف بالأمر الغالب ليوسف ومن معه، فالله يسكن الأمور، ويصلح أحوال الجمهور.
وفي يوم السبت ثالث عشر شهر القعدة سار محسن بن المهدي أحمد بن الحسن صاحب الغراس والرحبة إلى حضرة صنوه، لأجل خلل حصل في بلاده عليه ولاقياً لصنوه، وسار صنوه الحمزة معه. وكان الحمزة هذا عند الناصر حال طلوعه من اليمن، ثم إنه حصل منه تعدٍ على بعض الناس، فشكوه إلى الناصر، فأرسل له فهرب إلى الغراس الشهر الماضي، فأرسل له من الغراس فأخرجوه من الغراس على حمار وساقوه معهم إلى عند الناصر، وكذلك محسن لعله مطلوب.
ووصلت آداب على جماعات من قبل الناصر، وكذلك على اليهود والبانيان بسبب الضربة المغشوشة.
وفي نصف شهر القعدة وصل الفقيه محمد بن عبد الله بن عزالدين الأكوع الذي كان سار من صنعاء، يخبر بأن الناصر سكن هذه المدة بجهة بعدان لتقرير الأمور.
وزيد بن المتوكل خرج من المخا يريد إلى بلاد ريمة، فلم يتم له.
وفي ثامن عشر شهر القعدة وصل الخبر إلى صنعاء بأن الناصر طلع من اليمن الأسفل إلى يريم.
وفي عشرين شهر القعدة وصل عبد الله بن يحيى بن محمد بن الحسن إلى صنعاء في حالة منكوسة ضعيفة في ثلاثة أنفار لا غير[168/ب] بعد أن كان مخارجة وحركاته في الجنود بين يديه، والبلاد العدينية تنساق إليه، والكلمة العالية معه في تلك البلاد اليمنية، فالقدرة لله تعالى والحكمة، ومن رأى حاله وما عليه وجميع من خالف على الناصر من الذلة اعتبر بهذه الدنيا وعرف أنها كسراب بقيعة.
وفي يوم الجمعة عشرين شهر القعدة دخل الناصر ذمار وجهز على يوسف إلى ضوران عساكره، فوصلوا إلى رُصَابة . وكان أصحاب يوسف من بلاد آنس قد جعلهم رتبة في المَنْشِيَّة ونحوها، فلما قرب منهم جنود الناصر ورأوا جهران قد أشعلوا النيران ونصروا للناصر هربوا إلى بيوتهم في آنس، فسُقط في يد يوسف ولم يبق في يده أحد كتب إلى الناصر بالمواجهة والإجابة. وكان الناصر قد كتب إلى قبائل بني حشيش بالوصول إلى حضرته لمحاصرة يوسف قبل هذه المواجهة وانحسم الاختلاف بالأمر الغالب ليوسف ومن معه، فالله يسكن الأمور، ويصلح أحوال الجمهور.
#بهجة_الزمن
وجاء خبر تسليم الأمر للناصر من حسن بن المتوكل صاحب اللحية، وأنه قبض على السيد حسن الجرموزي في البحر بما معه من المال والبز والحوائج، ولم يتم له الهرب إلى مكة.
ورجع عامة الجند وأصحابه إلى كوكبان وشبام بعد أن ذكر له السادة والأعيان أنه ما كان يصلح منه العزم على ذلك الوجه، وخرج من الطويلة جهة تهامة متوجهاً إلى جهة صعدة. وهرب حسين بن الناصر طريق باب الأهجر وطريق تهامة حتى طلع جبل رازح ودخل صعدة، وانتُهِبَ بعضُ خزائنه التي سار فيها.
وتثاقل حسين بن محمد بن أحمد أبو طالب عن الوصول إلى الناصر من بلاد خمر؛ لأنه يومئذٍ فيها وقد طلبه الناصر ووعد بالوصول، والسبب أنه حصل معهم ومع غيرهم التشوش مما وقع مع زيد الجملولي والتحرك مع الناصر إلى جهة المشرق، فاستشقوا ذلك؛ لأنه أظهر الأمر لهم بأنهم يتقدمون إليه ومن لم يمتثل عزله عن البلاد[170/أ]، واستولى إبراهيم بن المهدي على بيت السيد حسن الجرموزي ببلاد آنس، وقبض ما فيه من المال.
ووصل حسين بن علي إلى الروضة هارباً من المخا، وجاء طريق بيت الفقيه، ثم خرج إلى مفحق بالحيمة ونزل من حضور[إلى] قاع صنعاء الغربي، ولم يدخل صنعاء ومعه نحو عشرة أنفار وهو متأثر بمرض.
وتمزق أولاد المتوكل ومن كان معهم في الجهات كل على وجهه متفرقين، ليس همهم إلا النجاة، والناصر استقر بذمار وصرف همته إلى الجهات اليافعية ، فأول من أرسل السيد صلاح بن محمد في جماعة من العسكر طريق بلاد لحج، ويحيى بن محمد بعد وصوله ذمار آخر شهر القعدة أرسله طريق رداع أو قعطبة.
وكان حركة أهل المشرق إلى أطراف بلاد اليمن الأسفل سبباً لكسر همة الناصر إلى النفوذ من ذمار إلى صنعاء وغيرها، وسبباً أيضاً في كسر الخوف الذي كان قد حصل مع بني المتوكل ومن مال إليهم من الناس في البلاد العليا. وسبب هذه الحركة إلى جهة حدود يافع ما جرى من قصدهم إلى لحج وما وقع منهم من الحرب لرتبة لحج. قيل: وسبب تحركهم أنه قد كان حصل من يوسف مصالحتهم بترك بلادهم لهم، والناصر قال: لا يمكن ذلك، فحصل ما حصل، واستأصلوا رتبة لحج وقتلوهم، لم يسلم منهم إلا دون العشرة وجملتهم فوق المائة. وقد كان قتلوا منهم جماعة بالبنادق من داخل البيوت لما كثروا عليهم، ولما بلغ يافع تحرك الناصر إليهم هربوا من لحج إلى بلادهم.
وجاء خبر تسليم الأمر للناصر من حسن بن المتوكل صاحب اللحية، وأنه قبض على السيد حسن الجرموزي في البحر بما معه من المال والبز والحوائج، ولم يتم له الهرب إلى مكة.
ورجع عامة الجند وأصحابه إلى كوكبان وشبام بعد أن ذكر له السادة والأعيان أنه ما كان يصلح منه العزم على ذلك الوجه، وخرج من الطويلة جهة تهامة متوجهاً إلى جهة صعدة. وهرب حسين بن الناصر طريق باب الأهجر وطريق تهامة حتى طلع جبل رازح ودخل صعدة، وانتُهِبَ بعضُ خزائنه التي سار فيها.
وتثاقل حسين بن محمد بن أحمد أبو طالب عن الوصول إلى الناصر من بلاد خمر؛ لأنه يومئذٍ فيها وقد طلبه الناصر ووعد بالوصول، والسبب أنه حصل معهم ومع غيرهم التشوش مما وقع مع زيد الجملولي والتحرك مع الناصر إلى جهة المشرق، فاستشقوا ذلك؛ لأنه أظهر الأمر لهم بأنهم يتقدمون إليه ومن لم يمتثل عزله عن البلاد[170/أ]، واستولى إبراهيم بن المهدي على بيت السيد حسن الجرموزي ببلاد آنس، وقبض ما فيه من المال.
ووصل حسين بن علي إلى الروضة هارباً من المخا، وجاء طريق بيت الفقيه، ثم خرج إلى مفحق بالحيمة ونزل من حضور[إلى] قاع صنعاء الغربي، ولم يدخل صنعاء ومعه نحو عشرة أنفار وهو متأثر بمرض.
وتمزق أولاد المتوكل ومن كان معهم في الجهات كل على وجهه متفرقين، ليس همهم إلا النجاة، والناصر استقر بذمار وصرف همته إلى الجهات اليافعية ، فأول من أرسل السيد صلاح بن محمد في جماعة من العسكر طريق بلاد لحج، ويحيى بن محمد بعد وصوله ذمار آخر شهر القعدة أرسله طريق رداع أو قعطبة.
وكان حركة أهل المشرق إلى أطراف بلاد اليمن الأسفل سبباً لكسر همة الناصر إلى النفوذ من ذمار إلى صنعاء وغيرها، وسبباً أيضاً في كسر الخوف الذي كان قد حصل مع بني المتوكل ومن مال إليهم من الناس في البلاد العليا. وسبب هذه الحركة إلى جهة حدود يافع ما جرى من قصدهم إلى لحج وما وقع منهم من الحرب لرتبة لحج. قيل: وسبب تحركهم أنه قد كان حصل من يوسف مصالحتهم بترك بلادهم لهم، والناصر قال: لا يمكن ذلك، فحصل ما حصل، واستأصلوا رتبة لحج وقتلوهم، لم يسلم منهم إلا دون العشرة وجملتهم فوق المائة. وقد كان قتلوا منهم جماعة بالبنادق من داخل البيوت لما كثروا عليهم، ولما بلغ يافع تحرك الناصر إليهم هربوا من لحج إلى بلادهم.
#بهجة_الزمن
وجاء خبر أن صاحب صعدة علي بن أحمد لما وصل حسين بن المتوكل وعبد الله بن يحيى أجاب عليهم فيما ذكروه من الاستعانة به في تحريك الفتنة، فقال: لا يسعنا هذا ولا مصلحة للمسلمين، ولا لنا يا أهل هذا البيت فيها، وقد كفى بما وقع، والدنيا عند الله حقيرة والمقصود فيها السعي في الصلاح ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح، فَسُقِط في أيديهم، وتحسروا في أنفسهم، وخابت آمالهم فيما كانوا يظنوه من مطابقة هواهم، والتحقق عما نقموه وشكوه.
وخرج هذه المدة من يافع رجل بكتب إلى أحمد بن زيد يذكرون فيها أن عيال الإمام قد اختلفوا واشتجروا[171/أ] وأن قد سبقت منهم كتب أولة مثل ذلك وأن المبادرة مطلوبة، وأنكم إذا جهزتم من جهتكم عينة يدخلون من تهامة ونحن نفتح من جهة المشرق إلى حدود البنادر وإلى حيس فعلتم ذلك، فظفر بها أصحاب الناصر، وأتوا بالكتب إلى حضرته، فطوق الزنجير في رقبته واعتقله في بعض معاقله، قيل: وهذا الرجل سيد.
ومن هذه الأيام وصل الخبرأن الناصر خرج الديلمي طرف قاع القبتين لاستدعاء حسين بن حسن صاحب رداع باللقيا للمفاوضة من أجل المشرق، فخرج الناصر من ذمار إلى ذلك المكان والتقوا هناك ورجع كل إلى محله. وكان جملة الحديث من حسين بن حسن أن المشرق يحتاج في مخرجه إلى النصاب الكامل، ولم يكن عندهم ما يغني مما اجتمع مع يحيى بن محمد ومحسن.
وفي آخر شهر الحجة أبطلت السكة من الدراهم الصغيرة وأعيدت الضربة الأولة التي كانت زمان المتوكل، كل بقشة خمس من الضربة الكبيرة، فرجع صرف القرش إلى أربعة حروف.
وفي هذه الأيام كان سعر القدح الصنعاني بصنعاء مع كبر القدح من عشرين بقشة أربع خماسيات والبر من حرف، بعد أن كان القدح في هذا التأريخ أيام صراب الثمار من أربعة حروف، والبر من ثمانية، فنزل بسبب هذه الضربة النصف، وكذلك سائر البضائع، إلا أن أهل الأسباب الذي كان اجتمع معهم من الضربة الأولة حصل عليهم الكسر خصوصاً التُجار، فإن استمرت هذه الضربة على حالة واحد فالمصلحة ظاهرة مع الناس، والله يصلح الأمور.
وأرسل قاسم صاحب شهارة إلى بيت الجملولي بسَيْرَان فوجدوا أشياء كثيرة من الذهب والقروش، فطبع عليها وسار إلى السودة استقر فيها.
وكسفت الشمس في يوم الأربعاء تاسع وعشرين شهر الحجة في برج العقرب طلعت كاسفة، وكان الكسوف فيها من أسفلها قدر نصفها بالذنب، فالقدرة لله تعالى.
ودخلت سنة تسع وتسعين وألف
استهلت بالجمعة بالرؤية وبالخميس على الحساب.
وفي رابع هذا الشهر وصلت أخبار الحجاج من مكة المشرفة أنه خرج باشا وجند كثير معه، فتخوف الشريف أحمد بن زيد منهم، وخرج من مكة إلى الطائف ،وأخبروا أن الحج كان مباركاً تاماً، والشامي والمصري فيهما قوة وعساكر كثيرة، وأن السلطان استفتح العام الماضي من بلاد النصارى جهات زائدة على ما كان أولاً، واسترد ما قد كان فعل الفرنج، كما سبق ذكره، وأن الباشا الجديد إلى جدة وصل متولياً وسار الأول معزولاً.
وأمور مكة ساكنة والخيرات عامة، ورخص الأسعار متصلة، إلا أنه كان حصل قبل الحج في ذهبان شهران حرب من القبائل حولي بيشة وبين أصحاب الشريف الذي خرجهم إلى جهاتهم، فراح من أصحاب الشريف جماعة وفيهم الشريف عبد الله بن بشر، فجهز الشريف عساكره عليهم، فقتلوا منهم طائفة وانتهبوهم، وبلغت يد الشريف إلى ذهبان وحدود عبيدة زيادة على بلاد بيشة.
وجاء خبر أن صاحب صعدة علي بن أحمد لما وصل حسين بن المتوكل وعبد الله بن يحيى أجاب عليهم فيما ذكروه من الاستعانة به في تحريك الفتنة، فقال: لا يسعنا هذا ولا مصلحة للمسلمين، ولا لنا يا أهل هذا البيت فيها، وقد كفى بما وقع، والدنيا عند الله حقيرة والمقصود فيها السعي في الصلاح ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح، فَسُقِط في أيديهم، وتحسروا في أنفسهم، وخابت آمالهم فيما كانوا يظنوه من مطابقة هواهم، والتحقق عما نقموه وشكوه.
وخرج هذه المدة من يافع رجل بكتب إلى أحمد بن زيد يذكرون فيها أن عيال الإمام قد اختلفوا واشتجروا[171/أ] وأن قد سبقت منهم كتب أولة مثل ذلك وأن المبادرة مطلوبة، وأنكم إذا جهزتم من جهتكم عينة يدخلون من تهامة ونحن نفتح من جهة المشرق إلى حدود البنادر وإلى حيس فعلتم ذلك، فظفر بها أصحاب الناصر، وأتوا بالكتب إلى حضرته، فطوق الزنجير في رقبته واعتقله في بعض معاقله، قيل: وهذا الرجل سيد.
ومن هذه الأيام وصل الخبرأن الناصر خرج الديلمي طرف قاع القبتين لاستدعاء حسين بن حسن صاحب رداع باللقيا للمفاوضة من أجل المشرق، فخرج الناصر من ذمار إلى ذلك المكان والتقوا هناك ورجع كل إلى محله. وكان جملة الحديث من حسين بن حسن أن المشرق يحتاج في مخرجه إلى النصاب الكامل، ولم يكن عندهم ما يغني مما اجتمع مع يحيى بن محمد ومحسن.
وفي آخر شهر الحجة أبطلت السكة من الدراهم الصغيرة وأعيدت الضربة الأولة التي كانت زمان المتوكل، كل بقشة خمس من الضربة الكبيرة، فرجع صرف القرش إلى أربعة حروف.
وفي هذه الأيام كان سعر القدح الصنعاني بصنعاء مع كبر القدح من عشرين بقشة أربع خماسيات والبر من حرف، بعد أن كان القدح في هذا التأريخ أيام صراب الثمار من أربعة حروف، والبر من ثمانية، فنزل بسبب هذه الضربة النصف، وكذلك سائر البضائع، إلا أن أهل الأسباب الذي كان اجتمع معهم من الضربة الأولة حصل عليهم الكسر خصوصاً التُجار، فإن استمرت هذه الضربة على حالة واحد فالمصلحة ظاهرة مع الناس، والله يصلح الأمور.
وأرسل قاسم صاحب شهارة إلى بيت الجملولي بسَيْرَان فوجدوا أشياء كثيرة من الذهب والقروش، فطبع عليها وسار إلى السودة استقر فيها.
وكسفت الشمس في يوم الأربعاء تاسع وعشرين شهر الحجة في برج العقرب طلعت كاسفة، وكان الكسوف فيها من أسفلها قدر نصفها بالذنب، فالقدرة لله تعالى.
ودخلت سنة تسع وتسعين وألف
استهلت بالجمعة بالرؤية وبالخميس على الحساب.
وفي رابع هذا الشهر وصلت أخبار الحجاج من مكة المشرفة أنه خرج باشا وجند كثير معه، فتخوف الشريف أحمد بن زيد منهم، وخرج من مكة إلى الطائف ،وأخبروا أن الحج كان مباركاً تاماً، والشامي والمصري فيهما قوة وعساكر كثيرة، وأن السلطان استفتح العام الماضي من بلاد النصارى جهات زائدة على ما كان أولاً، واسترد ما قد كان فعل الفرنج، كما سبق ذكره، وأن الباشا الجديد إلى جدة وصل متولياً وسار الأول معزولاً.
وأمور مكة ساكنة والخيرات عامة، ورخص الأسعار متصلة، إلا أنه كان حصل قبل الحج في ذهبان شهران حرب من القبائل حولي بيشة وبين أصحاب الشريف الذي خرجهم إلى جهاتهم، فراح من أصحاب الشريف جماعة وفيهم الشريف عبد الله بن بشر، فجهز الشريف عساكره عليهم، فقتلوا منهم طائفة وانتهبوهم، وبلغت يد الشريف إلى ذهبان وحدود عبيدة زيادة على بلاد بيشة.
#بهجة_الزمن
وفي أول الشهر مات يحيى بن الناصر بزبيد[173/ب]، وكان قد جعل والده نظره وما حوله من تهامة إليه.
ومات ولد حسين بن المتوكل بصعدة بحضرة والده، وكان سار صحبته.
وجهز قاسم بن المتوكل عسكراً من عنده إلى المشرق إجابة للناصر، لما عرف أن الناصر قد بنى على عزله إن لم يجهز، فأرسل بنحو أربعمائة، فما قصر في رأيه، وتدارك أمر بقية بلاده.
وحسن بن المتوكل قد كان خرج من اللحية يريد الوصول إلى حضرة الناصر لإجابته، فكتب إليه الناصر بأنه يتوقف هذه الساعة في جهاته، والمطلوب إنما هو المعونة بعسكر أو مال.
وسار المطلوبين من العسكر وغيرهم من خولان صنعاء وسنحان وغيرها بعد تمام الثمرة معهم ما وسعهم إلا العزم لإجابة الناصر، فساروا في نصف شهر محرم. وكذلك صاحب كوكبان جهز محطة من عنده نحو سبعمائة ورئيسهم مهدي بن الناصر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدين بن الإمام شرف الدين. وصاحب عمران كذلك أرسل عسكره، وتتابع الناس إلى حضرة الناصر.
وكان قد رتب قبائل الرصاص طرف بلادهم بالزهراء؛ لأنهم أظهروا الخلاف مع يافع، فخرج الذين قد كان اجتمعوا برداع إلى الخريص ببلاد قيفة وتقربوا منهم وهم قدر ألف نفر مع يحيى بن محمد ومحسن بن المهدي أحمد بن الحسن، فهربوا منها، وتقرب العسكر إلى المعسال. وجاءت كتب يافع بالمواجهة، فلم يجب عليهم الناصر بجواب، وقال: لا بد من دخول البلاد، وأخذ ما قد أخذوه على الناس وما جرى منهم سابقاً من العناد.
ووصل كتاب من الناصر إلى يوسف وهو بصنعاء أنه يمتنع من التقدم في المحراب يوم الجمعة للصلاة، فإن في ذمته ما قد جرى عليه من الخروج والحروب والديون اللازمة، وليتقدم غيره وهو يعزم شهارة، فترك المذكور التقدم وامتثل وتأخر للصلاة في المؤخر. ورجع إلى الناصر من جهة العزم إلى شهارة، وأنه لا يعرفها لأنه ولد بضوران، وتلك الديار وقد صنعاء أوفق في البقاء، والحركة تعسر عليه في هذه المدة، ويلزمه لوازم شاقة، وأن ينظر وصايا من صنوه يريد افتقادها وتنفيذها[174/أ].
وأخبرني بعض الحجاج الذين جاءوا طريق تهامة قال: لما وصلوا إلى أبي عريش -طرف بلاد صاحب اليمن- بقوا منتظرين لوصول أمير حاج على ما قد كان بنى عليه يوسف بن المتوكل بتجهيزه، فلما أزف الوقت ولم يصل في وقته اجتمع أحمد بن مهيا وجمع قبائل من الحرامية بصبيا، وأفاض عليهم شأن الحجاج، فقالت الحرامية وأهل البلاد: إن كان مع الحجاج أحد أمير من صاحب اليمن فلا بد من تسليم المعتاد ثلاثين كورجة وقدر مائتي قرش ويسلم حق العام الماضي مع هذا العام دخلوا وساروا آمنين إلى بيت الله الحرام. وإن لم يكن أحد أمير دخل الناس والبلاد بلاد الشريف، ولو لم يصر إليهم شيء من الأصل، ويدخل مع الناس الشريف أحمد بن مهيا الذي من قبل أحمد بن زيد فإنه يكفي الحجاج، وإلا فلا حرج عليهم. فدخل كثير من الحجاج مع أحمد بن مهيا إلى بيت الله الحرام، ورجع من رجع وهم القليل، مع أن الحجاج من أصلهم لم يكونوا كما كانوا، وحجوا وعادوا طريق الحرامية بلاد الحجر، ومعهم في العودة شريف الخلا أخذ منهم المعتاد من المجبا لا غيره.
ووصل إلى حضرة الناصر بعض شعراء صنعاء، فقال: لا حظ لكم عندنا؛ لأن ألسنتكم طالت علينا فرجعوا بغير شيء، والسنة حرمانهم، كما جاء في الحديث النبوي: ((احثوا في وجوه المداحين التراب )) أي: احرموهم.
وفي هذه الأيام بآخر شهر محرم وصل إلى حضرة الناصر أصحاب يحيى بن محمد يشكون منه في عدم الوفاء بالجوامك، وأنه أعطاهم من الدراهم الأولة، وقد كسدت لا تنفعهم. وقد كان شكوه مرة أولة وأمر له بدراهم من عنده، وأنه يريد أن لا يسلم لهم من الجديدة بقدر حساب الأولة، وينقص، فيجعل الثلاثة الأولة بحرف من الجديدة، فعند ذلك عزله وجعل صنوه عبد الله بن محمد الصغير في السن مكانه وولاه بلاده.
قيل: وكذلك عزل صنوه محسن بن المهدي.
وفي أول الشهر مات يحيى بن الناصر بزبيد[173/ب]، وكان قد جعل والده نظره وما حوله من تهامة إليه.
ومات ولد حسين بن المتوكل بصعدة بحضرة والده، وكان سار صحبته.
وجهز قاسم بن المتوكل عسكراً من عنده إلى المشرق إجابة للناصر، لما عرف أن الناصر قد بنى على عزله إن لم يجهز، فأرسل بنحو أربعمائة، فما قصر في رأيه، وتدارك أمر بقية بلاده.
وحسن بن المتوكل قد كان خرج من اللحية يريد الوصول إلى حضرة الناصر لإجابته، فكتب إليه الناصر بأنه يتوقف هذه الساعة في جهاته، والمطلوب إنما هو المعونة بعسكر أو مال.
وسار المطلوبين من العسكر وغيرهم من خولان صنعاء وسنحان وغيرها بعد تمام الثمرة معهم ما وسعهم إلا العزم لإجابة الناصر، فساروا في نصف شهر محرم. وكذلك صاحب كوكبان جهز محطة من عنده نحو سبعمائة ورئيسهم مهدي بن الناصر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدين بن الإمام شرف الدين. وصاحب عمران كذلك أرسل عسكره، وتتابع الناس إلى حضرة الناصر.
وكان قد رتب قبائل الرصاص طرف بلادهم بالزهراء؛ لأنهم أظهروا الخلاف مع يافع، فخرج الذين قد كان اجتمعوا برداع إلى الخريص ببلاد قيفة وتقربوا منهم وهم قدر ألف نفر مع يحيى بن محمد ومحسن بن المهدي أحمد بن الحسن، فهربوا منها، وتقرب العسكر إلى المعسال. وجاءت كتب يافع بالمواجهة، فلم يجب عليهم الناصر بجواب، وقال: لا بد من دخول البلاد، وأخذ ما قد أخذوه على الناس وما جرى منهم سابقاً من العناد.
ووصل كتاب من الناصر إلى يوسف وهو بصنعاء أنه يمتنع من التقدم في المحراب يوم الجمعة للصلاة، فإن في ذمته ما قد جرى عليه من الخروج والحروب والديون اللازمة، وليتقدم غيره وهو يعزم شهارة، فترك المذكور التقدم وامتثل وتأخر للصلاة في المؤخر. ورجع إلى الناصر من جهة العزم إلى شهارة، وأنه لا يعرفها لأنه ولد بضوران، وتلك الديار وقد صنعاء أوفق في البقاء، والحركة تعسر عليه في هذه المدة، ويلزمه لوازم شاقة، وأن ينظر وصايا من صنوه يريد افتقادها وتنفيذها[174/أ].
وأخبرني بعض الحجاج الذين جاءوا طريق تهامة قال: لما وصلوا إلى أبي عريش -طرف بلاد صاحب اليمن- بقوا منتظرين لوصول أمير حاج على ما قد كان بنى عليه يوسف بن المتوكل بتجهيزه، فلما أزف الوقت ولم يصل في وقته اجتمع أحمد بن مهيا وجمع قبائل من الحرامية بصبيا، وأفاض عليهم شأن الحجاج، فقالت الحرامية وأهل البلاد: إن كان مع الحجاج أحد أمير من صاحب اليمن فلا بد من تسليم المعتاد ثلاثين كورجة وقدر مائتي قرش ويسلم حق العام الماضي مع هذا العام دخلوا وساروا آمنين إلى بيت الله الحرام. وإن لم يكن أحد أمير دخل الناس والبلاد بلاد الشريف، ولو لم يصر إليهم شيء من الأصل، ويدخل مع الناس الشريف أحمد بن مهيا الذي من قبل أحمد بن زيد فإنه يكفي الحجاج، وإلا فلا حرج عليهم. فدخل كثير من الحجاج مع أحمد بن مهيا إلى بيت الله الحرام، ورجع من رجع وهم القليل، مع أن الحجاج من أصلهم لم يكونوا كما كانوا، وحجوا وعادوا طريق الحرامية بلاد الحجر، ومعهم في العودة شريف الخلا أخذ منهم المعتاد من المجبا لا غيره.
ووصل إلى حضرة الناصر بعض شعراء صنعاء، فقال: لا حظ لكم عندنا؛ لأن ألسنتكم طالت علينا فرجعوا بغير شيء، والسنة حرمانهم، كما جاء في الحديث النبوي: ((احثوا في وجوه المداحين التراب )) أي: احرموهم.
وفي هذه الأيام بآخر شهر محرم وصل إلى حضرة الناصر أصحاب يحيى بن محمد يشكون منه في عدم الوفاء بالجوامك، وأنه أعطاهم من الدراهم الأولة، وقد كسدت لا تنفعهم. وقد كان شكوه مرة أولة وأمر له بدراهم من عنده، وأنه يريد أن لا يسلم لهم من الجديدة بقدر حساب الأولة، وينقص، فيجعل الثلاثة الأولة بحرف من الجديدة، فعند ذلك عزله وجعل صنوه عبد الله بن محمد الصغير في السن مكانه وولاه بلاده.
قيل: وكذلك عزل صنوه محسن بن المهدي.