اليمن_تاريخ_وثقافة
11.7K subscribers
145K photos
352 videos
2.21K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تقرير : متحف الغيضة .. وكنوز مهرية تصارع الاندثار

متحف الغيضة .. 
والمخاض العسير للحفاظ ما تبقى من كنوز تاريخية مهرية لا تقدر بثمن 
التقرير / عمر علمي نيمر


متحف الغيضة .. التأسيس 
لم يكن في بلاد المهرة قديما متاحف او دور لتوثيق وحفظ المقتنيات وما تركه الأجداد ، ولكن كان التوثيق وحفظ يتم عند الأسر والبيوتات المعروفة ، ناهيك عن وثائق المراسلات بين السلطنات ، والتي كانت يتم حفظها عادة عند اسرة معينة . 

تأسس متحف الغيضة في عام 1987م ، ويتكون المتحف من أربعة أجنحة وهي : 
1- الجناح السياسي والتاريخي لسلطنة المهرة ويتضمن أيضا وثائق خاصة بالاستقلال عام 1967م.
2- جناح التاريخ البحري ، يتضمن آثار ومقتنيات الخاصة بالتراث البحري التاريخي للمحافظة ، فالمهرة اشتهر منهم بحارة وملاحيين خلدوا أعمالهم في أمهات الكتب أمثال سليمان بن أحمد المهري ، البحار والفلكي الذائع الصيت ، والذي لقب بمعلب البحر لغزارة علمه وتمكنه في هذا المجال  ، وغيرهم .
3- الجناح الثالث يحتوي على الموروث الشعبي من العادات والتقاليد .
4- الجناح الرابع يتضمن الآثار والعصر والحجري ورسومات ومخربشات ونقوش جدارية. 

متحف الغيضة .. والتعاون المفقود 
تشتهر المتاحف محليا وعالميا من خلال أنشطتها المتعددة ، وتعاونها مع المتاحف والمراكز الأخرى ، ومتحف الغيضة يكاد ينعدم عنده ذلك الأمر ، فليس هناك تعاون مع المراكز والمتاحف الأخرى ، ولم نسمع طلية العشر السنوات الأخيرة - وربما أكثر - أن المتحف له مجالات تعاون وتنسيق علمي مع المراكز والمتاحف الأخرى في أي مجال أكان نشاط توثيقي او حتى تدريب موظفي المتحف في أفضل الوسائل والطرق لحفظ المقتنيات الأثرية ، وترتيبها وتنسيقها وترميمها والبحث عنها . 

المتحف واهمال السلطة 
قد يتقبل أحدنا أن الدولة في المركز لا تهتم بالمتاحف وبالأثار ، ولكن أن نرى عدم اهتمام متحف الغيضة من قبل السلطة وهم المعنيين بهذا الأمر فهذا الذي لا يتقبله العقل ، هل يعقل أن تهمل تاريخ أمة من قبل أبناءها ، ولماذا الاهتمام على أمور ثانوية وترك الهوية والتاريخ في مهب الريح . 

للأسف لا نرى تكاتف الجميع من السلطة والشيوخ والاعيان والمثقفين في الاهتمام بتاريخ المهرة وبأثارها من خلال حفظ المقتنيات ، ورصد الاثار وتدريب الباحثين والمهتمين والعاملين في مجال المتاحف والتوثيق ، ناهيك عن الكتابة والتدوين عن ما في اليد ، وطباعة الكتب ، ومشاركة المهرجانات لتسويق الحضارة الضارية في القدم . 


الموروث الشعبي والتوثيق
محافظة المهرة تزدخر بالموروث الشعبي والعادات والتقاليد ، كالألعاب والاهازيج والرقصات الشعبية المتنوعة التي تصور حياة الانسان المهري في حقب تاريخيه مختلفة ، الا أنه لم يتم جمع المقتنيات وكل ما يتعلق بالموروث الشعبي ، ولم يخصص لهذا الأمر أي ميزانية ، فالكثير من البيوتات والمواطنين ما زال بحوزتهم الحلي والملبوسات والاواني ، وكان يجب على السلطة تخصيص ميزانية لشرائها وحفظها وتوثيقها قبل أن تندثر وتعرف الحياة العصرية طريقها في حياة الناس ، فتتبع الموضة والأفكار الدخيلة خطر يهدد كل موروث شعبي ما لم يتم كتابته وتدوينه قبل فوات الأوان . 


الباحثين الأوربيين أكثر اهتماما من المهرة 
عند الحديث عن التاريخ المعاصر لبلاد المهرة يظهر على السطح الاهتمام الكبير من قبل المستشرقين والباحثيين الأوربيين ، كالروس والفرنسيين والبريطانيين والألمان ، واهتمامهم بدأ منذ عام 1987م ، يرسلون البعثات العلمية تلو والأخرى ، مثل البعثة العلمية الفرنسية برئاسة مير كلود سيمون من جامعة السوربون ، كذلك الخدمات العلمية والمعلومات اللغوية والتاريخية والاثرية للباحث الروسي فيتالي ناوماكين عن تاريخ المهرة  وسقطرى ، ولا ننسى الباحث الأمريكي سام ليبهابر في مجال الشعر المهري .

كل ذلك الاهتمام الأوروبي المشرق يقابله جفوة وقسوة وانكار من قبل أبناء هذا التاريخ والحضارة العريقة ، فالمهرة لا يلقون بالا بما حباهم الله ، وانعمه عليهم ، وخصه دون غيرهم من الشعوب ، والأجدر أن نجد اهتمام وحب وعشق لما تركه الأجداد ، فلا فائدة من التغني بها وسرد تاريخ أهمل ولم يجد من ينتشله من الواقع المؤلم . 

كنوز مهملة لا تقدر بثمن 
يتساءل البعض ، ما هي محتويات متحف الغيضة ، لا يعلم الكثيرون من أبناء المهرة مقتنيات المتحف وما يحتويه من كنوز لا تقدر بثمن ، فالمتحف فيه مسكوكات ونقود يمنية قديمة ، ناهيك عن ريالات " ماريا تريزا " وهي عملة نمساوية كان يتعامل بها في سلطنة المهرة ، كما يوجد في المتحف الرسومات والصور الفوتوغرافية القديمة والخاصة بتاريخ المهرة ، ورسالة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل مهرة بن حيدان ، أيضا في المتحف جوازات سفر للسلطنة المهرية ، واختام وطوابع بريدية ، واواني . 

مواقع أثرية 
نشرت 14 أكتوبر في عام 2006م خبرا يفيد اكتشاف 240 موقعا اثرياً تعود الى العصر الحجري والعصر الاسلامي حيث وجدت تجمعات سكنية قديمة ومقابر في شيرق احد ال
مواقع الاثرية كما اكتشف طريق تجاري قديم لبيع اللبان والبخور يؤدي الى مدينة صنعاء القديمة طريق اخر يؤدي الى الشام كما وجدت بعض النقوش الاثرية والاواني المعدنية التي عليها نقوش تمثل تلك العصور القديمة اضافة الى فنون العمارة اليمنية القديمة التي تعود الى ثلاثة آلاف عام كما وجدت في هذه المواقع المكتبات القديمة التي تحتوي على آلاف الكتب والمخطوطات القديمة كما اكتشفت البعثة في مطلع هذا العام 2006م آثاراً من عصر الدولة الاسلامية زخرفة العمارة والبناء بالرخام الابيض والاهتمام بالتشكيلات والتكوينات الزخرفية " . 

فمحافظة المهرة غنية بالأثار التاريخية ، والمعالم الأثرية الكبيرة والمنتشرة في جميع مديريات المحافظة ، مثل منطقة " عرقيب " التي عثر عليها مواقع تعود الى العصر البرونزي في مناطق قديفوت ، وكذلك المساجد السبعة التي تعود للقرن الخامس والسابع الهجري ، وكدمة يروب ، ومستوطنة حبروت ، وقصر السلطنة العفرارية ، وحصن خيبل ، وحصن دوحل ، والمجلس القبلي بالغيضة ، وميناء خلفوت التاريخي ، وقلعة البحراني في حصوين ، وحصن بيت جيدح في قشن ، وحصن بيت مسمار ، وحصن الكافر بالمسيلة ، وموقع حيرج بسيحوت  ، ومزار الشيخ الجوهري ، الا ان الإهمال والجمود الثقافي الفظيع يسيطر على هذه الأرض الطيبة ، فالجهات المعنية والسلطة المحلية والمثقفين والباحثين والاكاديميين يضلون في صمت وكأن الأمر لا يعنيهم .  

جهود فردية
لم تخلو المهرة من عشاق للتاريخ والثقافة ، همهم الوحيد الحفاظ على الموروثات الأجداد وتسويق التاريخ والحضارة بأجمل الصور حتى وان لم يتلقوا الدعم من سلطة او حكومة ، منهم الباحث سالم ليحمر القميري الذي عمل دون كلل وملل ، فأسس بيت الموروث الشعبي ، يجمع بين ثناياه تركة عظيمة من مراحل تاريخيه قديمة ، حيث قسم الى اقسام ، جناح خاص بالمعروضات التاريخية ، وجناح للتاريخ البحري ، وهذا الجهد الفردي لم يكن حكرا عليه ، وانما هناك أسماء أخرى اسسوا متاحف صغيرة في بيوتهم ، يجمعون ما تقع على ايهم .

من يحمي المواقع والمعالم الاثرية 
في مقابلة خاصة أجرته صحيفة 26 سبتمبر مع الأخ عبد الحافظ سالم الحوثري مدير عام مكتب الهيئة والاثار والمتاحف في المهرة سابقا قال : من المشاكل والمعضلات التي تواجه نشاط ومهام عملنا , وفي محافظة المهرة يوجد أكثر من 90 موقعاً أثرياً وتاريخياً منتشرة في انحاء مديريات المحافظة لا نستطيع حمايتها بسبب عدم توفر حراس لهذه المواقع فهي تتعرض إلى النبش والتخريب وأيضا عدم وجود عقوبة رادعة تحد من هذه الجرائم التي تتعرض لها الهوية  التاريخية للإنسان اليمني ، و من أبرز هذه المعالم التاريخية قصر السلطنة العفرارية وحصن خيبل والمساجد السبعة بحصوين وهناك معالم ومواقع أثرية تعرضت للاعتداء من قبل أشخاص منها المجلس القبلي بالغيضة وحصن الكافر بالمسيلة وموقع حيرج بسيحوت " أ . هـ . 

لم يكفي هذه المواقع والمعالم الأثرية الإهمال من قبل السلطة ، حتى يجد التخريب طريقه الى تلك الكنوز التي لا تقدر بثمن ، علما أن حمايتها لا تقع على عاتق السلطة فقط وانما كل أبناء المهرة
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
 الصحابي زهير بن قرضم المهري المرباطي الذي سنتناول ملامحَ من تاريخه من خلال استقراء عدد من الدراسات التي تناولت شخصيته وتاريخ ظهوره، ولقائه بالرسول الكريم، والإشارات التي أوردتها لتأكيد وجوده التاريخي.

نسبه وعلاقته بمرباط

بحسب الباحث سعيد بن خالد العمري عند تناوله لمكانة مرباط التاريخية  فإن زهير كما ورد في طبقات ابن سعد هو زهير بن قرضم بن العجيل بن يقلل من بني قمومي بن العيدي من مهرة، خرج من بلاد الشحر – ظفار- وافدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأكرمه وفرش له رداءه لبعد بلاده، وكتب له كتابا إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، ومن المرجح أن زهيرا دُفن بمرباط، حيث ورد في بعض المخطوطات القديمة مثل الدر والياقوت في معرفة بيوتات عرب المهجر وحضرموت لابن جندان أن ذريته كانت في مرباط وظفار، كما أنه – بحسب الباحث العمري- لا يوجد قبرٌ اشتهر بهذا الاسم إلا الذي في مرباط والمعروف بضريح زهير.

كما يشير الباحث العمري إلى رواية المرزوقي في كتابة الأزمنة والأمكنة عند حديثه عن سوق الشحر أن  “بنو يقلل من مهرة تخفر هذا السوق”، وبنو يقلل منهم زهير بن قرضم المذكور، وسوق الشحر كما ذكر المرزوقي وغيره كانت تقام تحت الجبل الذي به قبر النبي هود، وأهم السلع التي تباع به اللبان، ويدحض الباحث الرواية التي تقول بأن سوق الشحر هو سوق مدينة الشحر بحضرموت؛ ذلك أن مدينة الشحر ظهرت بعد القرن السادس الهجري وكانت قبل ذلك تُعرف بالأسعاء.

ويرجح الباحث أن سوق الشحر عند المرزوقي هو سوق حاسك لأنها من موانئ اللبان القديمة وذكرت عند بطليموس وصاحب كتاب الطواف حول البحر الأرتيري، ويقع عندها وبالتحديد عند رأس نوس قبر النبي صالح بن هود الذي يعتقد الباحث أنه المقصود هنا وليس قبر النبي هود الذي يقع شمال حضرموت على تخوم الربع الخالي في موقع صعب الوصول إليه.

وفي بحثٍ بعنوان ” الحياة الفكرية والعلمية لولاية مرباط” يضيف الباحث عمر بن عبد الله محروس الصيعري إلى رواية ابن سعد في طبقاته مصادر أخرى أشارت إلى قول ابن سعد مثل أسد الغابة لابن الأثير، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر، والوافي بالوفيات للصفدي.

أدلة مهمة على وجود قبره بمرباط

يورد الباحث الصيعري ثلاثة أدلة يمكن الاستئناس بها في كون ضريح زهير الموجود في مرباط هو للصحابي الجليل زهير بن قرضم بن العجيل المهري وهي: ما ذكره أصحاب التراجم الذين تمت الإشارة إليهم من أن زهير وفد على النبي من بلاد الشحر التي هي تمتد من عمان إلى اليمن ولا يعرف على طول بلاد الشحر ضريح أو قبر قديم يحمل اسم زهير سوى الموجود في مرباط، وثانيًا ما ذكره ابن جندان في مخطوطه الدر والياقوت الذي تمت الإشارة إليه “من وجود أناس من ذرية زهير بن قرضم في مرباط وظفار يحملون اسم باقرضم وبانزار”، وثالثًا ما جاء في دليل أعلام عمان من ذكر زهير بن قرضم وأنه من أهل مرباط، وهذه الإشارات تقوي فرضية نسب قبر أو ضريح زهير في مرباط إلى الصحابي زهير بن قرضم بن العجيل المهري الوافد على الرسول صلى الله عليه وسلم.

موقع الضريح

يقع ضريح زهير بن قرضم كما ورد في دراسة محمد الشحري عن المعالم الأثرية في ولاية مرباط في طرف المدينة على تلّة سميت باسم رأس زهير، وكان الضريح عبارة عن بناء من الحجر والطين، ثم أعيد ترميمه، وكانت الناس تقصده لتقديم النذور والصدقات، وكانت العادة المتّبعة عند الخروج من الضريح هي رجوع الزائر للخلف ولا يولي ظهره للقبر بعد الزيارة.


المراجع

1- الشحري، محمد بن مستهيل. المعالم الأثرية لولاية مرباط، ورقة عمل ضمن أعمال ندوة مرباط عبر التاريخ، المنتدى الأدبي، مرباط، 2012.

2- العمري، سعيد بن خالد. المكانة التاريخية لولاية مرباط، ورقة عمل ضمن أعمال ندوة مرباط عبر التاريخ، المنتدى الأدبي، مرباط، 2012.

3- محروس، عمر بن عبد الله. الحياة الفكرية والعلمية لولاية مرباط، ورقة عمل ضمن أعمال ندوة مرباط عبر التاريخ، المنتدى الأدبي، مرباط، 2012.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
سليمان المهري .. أمير الملاحة ومعلم البحر


سليمان المهري أمير الملاحة ومعلم البحر، أحد أعلام الملاحة البحرية العربية، وصاحب العمدة المهرية، فماذا عن حياته وإسهاماته ومؤلفاته؟

يُعدُّ الرُّبَّان سليمان المهري (النصف الأول من القرن العاشر هجريًّا= السادس عشر ميلاديًّا)، الذي أُطلق عليه "معلِّم البحر"، من الربابنة العرب الذين أرسوا قواعد الملاحة على أسس وقوانين ووضعوا تقاليدًا ودستورًا راسخًا للبحر، تمتدُّ فروعه إلى دساتير البحر المعروفة اليوم عند الأمم البحريَّة القديمة؛ بل يُعتبر أحد رواد الملاحة البحريَّة ورموزها، الذين أضافوا إلى مكتبة العلوم البحريَّة العربيَّة والإسلاميَّة رصيدًا كبيرًا من العلوم البحريَّة والمعارف الملاحية، لعلَّ أشهرها كتابيه: "العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية"، "المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر".

 

اسم سليمان المهري ونسبه

سليمان بن أحمد بن سليمان المهري، ربَّان بحري وعالم فلكي عربي، من مدينة الشحَّر على الساحل الجنوبي لحضرموت ببلاد اليمن، يمتدُّ نسب المهري إلى قبيلة مهرة بن حيدان من قضاعة؛ حيث ينحدر من فرع آل باعوين المهرية، الذين اتَّخذوا مدينة الشحر موطنًا لها، وأبلت هذه القبيلة بلاءً حسنًا في الدفاع عن مدينة الشحر حين تعرَّضت لغزوات القراصنة البرتغاليُّون في القرن العاشر الهجري، ويذكر الزركلي أنَّ المهري كان من سكَّان بلدة سُقُطْرَى، وهي أرخبيل يمني مكوَّن من ستِّ جُزُر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، وقد اشتهر سليمان المهري في (القرن التاسع والعاشر الهجريَّين= الخامس والسادس عشر الميلاديَّين).

 

نشأة سليمان المهري

كانت مدينة الشحر إحدى البلاد اليمنيَّة التي اشتهر سكَّانها بالملاحة، وكانت من المراكز التعليميَّة الهامَّة في جنوب الجزيرة العربيَّة، وفيها تلقَّى الشيخ سليمان بن أحمد المهري علومه على يد كبار المشايخ، وأظهر تفوُّقًا في تحصيلها والإلمام بها خاصَّةً علوم الفلك وشئون الملاحة.

 

بين ابن ماجد وسليمان المهري

كان الشيخ سليمان المهري معاصرًا لأسد البحار أحمد بن ماجد (حوالي ٨٣٦-٩٢٣هـ= ١٤٣٢–١٥١٧م)، وقد اعتبر الزركلي -وعنه أخذ آخرون- أنَّ المهري تلميذ ابن ماجد، وأنَّه أخذ العلم على مؤلَّفاته، وأنَّه الممثِّل العربي الثاني للجغرافيا الملاحيَّة بعد أحمد بن ماجد.

وفي هذا الصدد يردُّ الأستاذ محمد عبد القادر بامطرف اليمني، يقول: "الشيخان المهري وابن ماجد خاضا التجربة وعراكها على سطح المحيط الهندي، ولكنَّهما عاشا في موقعين مختلفين؛ فالمهري من قاطني ميناء الشحر الواقع على الشاطئ الجنوبي لجزيرة العرب، وعلى مدخل خليج عدن وعلى خط طول 49 درجة 34 ق وعرض 14 درجة 44 ق، وابن ماجد من قاطني ميناء جلفار (رأس الخيمة الآن) الواقعة على خليج عمان بخط طول 56 درجة 4 ق وعرض 25 درجة 38 ق، وليس بينهما فاصل زمني كبير يُمكِّن الخلف من الإبداع وتفنيد آراء معاصريه، مع صعوبة التواصل بينهما، وإن تمَّ هذا التواصل فلم يكن عميقًا ومؤثِّرًا على ما يبدو، فلم يُشِرْ كلٌّ من الشيخين للآخر في كتبه سواء على سبيل الذكر أو النقل أو التفنيذ؛ ففي الفترة التي يُجرِّب ويختبر الأوَّل البحر ويختزن حصيلته العلميَّة ويُدوِّن ملاحظاته ومعلوماته المستجدَّة في سبيل إرشاداته، كان الثاني يقوم بالتجربة نفسها وتتمُّ معه العمليَّة نفسها تخزين الحصيلة العلمية، ولذلك عندما يُقال: إنَّ المهري يشرح ما يُورد معاصره ابن ماجد من معلومات؛ فإنَّه إنَّما يعمق ويُضيف -أيضًا- وِفْقَ تجربته هو واستنتاجاته في موقعه، فليس في هذا تقليدٌ بل تأكيدٌ لتجربة ابن ماجد وإغناء لها؛ فالاثنان كما قلنا خاضا التجربة على معتركٍ واحد، والأحرى القول: إنَّ مؤلَّفات المهري تأكيدٌ لمعارف ابن ماجد وليس شرحًا لها، إنَّ منهجه في البحث هو أسلوب مفكِّري عصره عامَّة".

 

نشاط سليمان المهري البحري

تقع فترة نشاط سليمان المهري في النصف الأوَّل من القرن (العاشر الهجري= السادس عشر)، عندما عرف ربَّانًا خبيرًا في البحار، وقد جاب سواحل إفريقيا الشرقية وسواحل الهند وجزر الملايو ووصف خطوط الملاحة لهذه الجزر.

 

قيمة المهري في الجغرافيا الملاحية

أضاف سليمان المهري كثيرًا إلى علم البحار، وصحَّح الأرقام الخاصَّة بالجداول البحريَّة التي أوردها ابن ماجد، ورتَّب المسافات البحريَّة الموافقة للارتفاعات المختلفة المقيسة بالأصابع لتحديد الأمكنة على الخريطة البحريَّة.

وقد وصل المـَهْري إلى نتيجةٍ مفادها أنَّ المعرفة بالشئون البحريَّة إنَّما تقوم على أساسٍ مزدوجٍ من سلامة التفكير والخبرة العمليَّة، وأشار دي سلان De Slane إلى أسلوب المهري ووصفه أنَّه يحفل بالغرابة وكثرة المصطلحات الفنِّيَّة التي لايتسنَّى فهمها إلَّا لملَّاحي المحيط الهندي دون غيرهم.

وعلى الرغم من أنَّ نشاط المهري كان في عهد سيطرة البرتغاليِّين، فإنَّه لم يتأثَّر بهم؛ بل كان مذهبه العلمي في ال
تأليف شرقيًّا خالصًا.

على أنَّ الأهم أنَّ منهج الشيخ سليمان المهري كان معتمدًا على التجرية والملاحظة؛ فقد ترعرع المهري وعاش على شاطئ المحيط الهندي يُراقب هيجانه وهدوءه، ويُلاحظ تغيُّرات الأنواء فيه وهبوب الرياح عليه، ولذلك جاءت معارفه مستنبطة من التجربة الحقَّة، فإنَّه في مواقع كثيرة من كتابه "العمدة المهرية في العلوم البحرية" يُؤكِّد على المعارف التجريبيَّة؛ فعنده أنَّ التجربة أثبت وأوفى من النظريَّة، والتي يُكنِّيها بالمعارف العقليَّة، ولكنَّه مع ذلك لا يستهين بها، ولا يتمُّ كمال المعرفة إلَّا بتوافرهما معًا، وفي ذلك يقول: "فإن قيل أصح العقلي أم التجريبي؟! أقول: أي. فإن قال قائل: أي العلمين أصح؛ العقلي أم التجريبي؟! قلت: وفي بعض التجريب، وفي بعض العقل. أقول: أي بعض العقليَّات أصحُّ من بعض التجريبيَّات وبعض التجريبيَّات أصحُّ من بعض العقليَّات. وهذا البحث أعلى المراتب لأنَّه يحتاج الى تمييز العقليَّات من التجريبيَّات وترجيح بعضهما على بعض، وكذلك لمحقِّقي الفن. قلت أمَّا الدير والمواسم تجريبٌ محض، وتصوير الكواكب في الأفلاك وقواعد الحساب في الأعداد والأرقاق وما تولَّد منهما عقلٌ محض، والقياسات والمسافات تجريبٌ وعقل". وفي مقامٍ آخر من كتابه نفسه يقول: (أقول: أي أصل علم البحر، إنَّما هو مستخرج من نظر العقل مع استكمال التجربة، وهما أصلان له).

ومن خلال إيمانه بثبوت التجربة كأصلٍ من أصول علم البحار وفنِّ الملاحة، فإنَّه لا يقتنع بما أورده السلف وما وضعوه من نظريَّات؛ بل كان يُطابق النظريَّة بتجربته، فإن توافقت وإلَّا فإنَّه يُعارضها، ويعتمد ما جرَّبه، وفي ذلك يقول: (وأمَّا وضعي من الأوزام في الترفات وما بين الأخنان التي وضعتها في كتابي المسمَّى بالمنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر، فهو أقرب للصحَّة من صنعهم المتقدِّم).

فالتجربة عنده أساسيَّة لاستكمال بلوغ أعلى المراتب في علم البحار، وما دام أساس علم الملاح المهري مصدره التجربة بتوافقها مع النظريَّة، فإنَّ ما كتبه سلفه من الربابنة وعلماء الفلك، وهم الذين خاضوا التجربة في مواقع تختلف عن موقع تجربته وأقاموا عليها نظرياتهم وعلمهم أنَّ ما كتبه هؤلاء لا يتَّفق في بعضه مع ما توصَّل إليه من نتائج ووضعه من نظريَّات، ولذا نشأ خلافٌ بيِّنٌ في المعارف، ولم يُناقشها أحدٌ من الباحثين؛ فلقد كانت مصنَّفات ابن ماجد ومن سبقه من الرحَّالة والملَّاحين العرب أكثر شهرةً وانتشارًا من مصنَّفات المهري، التي اكتُشفت ملحقة في مجلَّدٍ واحدٍ برسائل ابن ماجد.

 

مؤلَّفات المهري البحرية

انعكس التفوُّق العلمي للمهري على مصنَّفاته القيمة عن الملاحة والعلوم الفلكيَّة والبحريَّة، ولتبحُّر سليمان المهري في العلوم؛ فقد اجتهد في تأليف عشرات الكتب في علوم البحر وأنوائه، وأحوال النجوم والرياح، ووصف الطرق البحرية بين بلاد العرب، والبلدان المجاورة، من الهند وجاوة والصين، وهي مكتوبة نثرًا بأجمعها في باريس، ومن أهم مصنَّفات الشيخ سليمان المهري:

 

1- قلادة الشموس واستخراج قواعد الأسوس.

2- تحفة الفحول في تمهيد الأصول: شرح فيها طريقة العلماء القدامى في مختلف فروع العلوم.

3- شرح تحفة الفحول في تمهيد الأصول.

4- المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر.

5- العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية.

6- الأرجوزة السبعية.

 

العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية

يُعدُّ أكبر مؤلفات المهري، يرجع تأليفه إلى عام (917هـ=1511م)، وهو مقسَّمٌ إلى سبعة أبواب، وضمَّن كلَّ بابٍ فصولًا عدَّة، وبحث في أبوابها السبعة: أصول الفلك البحري، وتحدَّث عن النجوم وجميع ما يتعلَّق بها من شئون الملاحة، والطرق البحرية الواقعة فوق الريح وتحت الريح، ودرس كذلك الطرق المارَّة على الجزر الكبرى المختلفة، والقياسات مثل: قياس النجم القطبي، وفصَّل -أيضًا- في الرياح الموسميَّة السائدة بالمحيط الهندي، ووصف البحر الأحمر والطرق الملاحية فيه مبيِّنًا المخاطر التي ينبغي على الملَّاحين تجنُّبها.

لقد ظلَّ كتاب العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية مغمورًا في المكتبة الأهليَّة بباريس إلى عام 1912م، حيث اكتشفت مخطوطتان، الأولى كانت موجودة بالمكتبة الأهلية منذ القرن الثامن عشر، والثانية كانت قد اشترتها المكتبة من أستاذ عربي كان يُقيم بفرنسا، هو سليمان الجزائري عام 1860م، وقد اهتمَّ بهاتين المخطوطتين جبرائيل فران G.ferrand وهو من كبار المتخصِّصين في تاريخ الملاحة في المحيط الهندي والشرق الأقصى.

وقد اهتمَّ بهما الباحث الفرنسي "فران" ووضع مشروعًا متكاملًا لدراسة تلك المخطوطتين بعناية وصبر حتى أنجزه عام 1925م في عدَّة مجلدات، وقد نشر النصوص العربية بطريق التصوير؛ أي دون تحقيق مباشر للنص، وقد ألقت تلك المخطوطة من كتاب العمدة المهرية الضوء على آفاق الملاحة العربية ووضع قواعد العلوم البحرية.

 

المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر

قسَّمه المهري إلى سبعة أبواب أيضًا، ووصف فيه الس
واحل القارِّيَّة للمحيط الهندي والموانئ الموجودة على السواحل المشهورة، ووصف الجزر الكبرى المعمورة المشهورة، والمسافات بين بلاد العرب وساحل الهند الغربي، وموانئ خليج البنغال من ناحية، وبين ساحل إفريقيا الشرقي وموانئ سومطرة وجاوة وبالي من ناحية أخرى، وذكر الرياح والعواصف والمخاطر، وعالج في الباب السادس العلامات التي تُشير إلى اقتراب الأرض على السواحل الغربية للهند وإفريقيا الشرقية، وحلول الشمس والقمر منطقة البروج.

 

تاريخ وفاة سليمان المهري

كما لم تُحدِّد المصادر تاريخ مولد المهري، فإنَّها كذلك لم تُحدِّد تاريخ وفاته، وقد تعدَّدت الآراء في ذلك، فذكر فريق من العلماء أنَّ وفاته بعد عام (917هـ=1511م) عندما كان حيًّا وقت تصنيف كتابه العمدة المهرية، وذكر آخرون أنَّه تُوفِّي سنة (950هـ=1543م)، بينما ذكر فريقٌ ثالثٌ أنَّه تُوفِّي نحو سنة (961هـ=1554م).

__________________

المصادر والمراجع:

-  إغناطيوس يوليانوڤتش كراتشكوڤسكي: تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ترجمة: صلاح الدين عثمان هاشم، الناشر: دار الغرب الإسلامي - بيروت، 1987م.

- الزركلي: الأعلام، الناشر: دار العلم للملايين، الطبعة: الخامسة عشر - أيار/ مايو، 2002م.

- عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين، الناشر: مكتبة المثنى - بيروت، دار إحياء التراث العربي بيروت، د.ت.

- فياض سكيكر: سليمان المهري، الموسوعة العربية العالمية، المجلد التاسع عشر، ص758.

- الحضارمة والمعارف الملاحية البحرية، مقال على موقع تاريخ وتراث حضرموت
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
علماء حضرموت ودعاتها بجاوة اندونيسيا يتوسطهم العلامة السيد علوي بن طاهر الحداد مع الوفد الذي ترأسه سيف الاسلام الحسين بمعيّة حسين إسماعيل مفضل الوزير والسيد حسين الكبسي وسيف والقاضي علي العمري.

هذه الصورة ستكون إما والوفد يتوجه الى اليابان عام ١٩٣٨م أو منها وكان ذلك لافتتاح مسجد طوكيو والذي لا يزال موجودا الى اليوم ولكن تغير المبنى.

ترجمة السيد العلامة ( مفتي دولة ماليزيا ) خاتمة المحققين وبقية العلماء العاملين والمؤرخ والمتفنن علوي بن طاهر الحداد؛

ولد سنة 1301 ببلد قيدون من وادي دوعن بوادي حضرموت ومات والده وهو صغير وكانت له حافظة قوية , وحبه الشديد لطلب العلم حتى أنه طالع كتاب إحياء علوم الدين كله وهو لم يجاوز 12 من عمره , ووهب الله له من المواهب من الذكاء اللامع والفهم الثاقب وحفظ القرآن الكريم وألفية الإمام مالك في ثلاثة أشهر .
طلب العلم ببلد قيدون وكان جل أخذه عن مشائخه الذين تربى بهم كالحبيب أحمد بن حسن العطاس والحبيب العابد طاهر بن عمر الحداد والحبيب محمد بن طاهر الحداد وأخذ عن غيرهم من علماء المسلمين ذكرهم في كتابه الخلاصة الشافية في الأسانيد العالية منهم بالمكاتبه المحدث الشيخ محمد زاهد الكوثري .
وتصدر للتدريس وعمره 17 سنة وللوعظ والإرشاد وسنة 20 سنة وبرع في سائر العلوم والتفسير والحديث والفقه والتصوف والأصلين الأدب والتاريخ وعلوم الفلك وله في كل ذلك آثار دالة على بلوغه منها الغاية مع حسن الإسلوب وجمال التعبير وبلاغة الكلام وقوة الحجة ودقة الملاحظة وقوة وسعة الإطلاع لديه .
وقد سافر ورحل إلى السواحل والحبشة ( أفريقية الشرقية ) وإندونيسيا وأخيرا إستقر بماليزيا في ولاية جهور وتصدر الإفتاء بدولة ماليزيا ما يناهز ال25 وعشرين سنة حتى توفي بها رحمه الله في جمادي الأولى 1382 هجري.
وله مؤلفات كثيرة نذكر منها
1. كتب المدخل إلى تاريخ الإسلام بالشرق الأقصى.
2. التاريخ الشامل في تاريخ حضرموت.
3. جني الشماريخ أسأله وأجوبه في التاريخ.
4. القول الفصل فيما لبني هاشم وقريش والعرب من الفضل.
5. فتاويه البالغة إثني عشر ألف مسألة.
6. الفرائد اللؤلؤية في القواعد النحوية.
7. السيرة النبوية.
8. إعانة الناهض في علم الفرائض.
9. الطبقات العلوية .
10. رسالة في تاريخ آل عبد الملك وأنسابهم.