اليمن_تاريخ_وثقافة
11.2K subscribers
143K photos
351 videos
2.19K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#ثورة_سبتمر_المجيدة

أحمــــد عمــــر ذاكرة الثورة ورائد التصوير في اليمن

لا ندري بالتحديد متى ظهر التصوير الفوتوغرافي في اليمن إذا ما كنا نعني به ظهور الكاميرا إلا اننا نعرف أن لليمن كثيرا من الصور التي أرخت لها والتي نشاهدها في الكتب التاريخية وكتب المذكرات والمواقع الإلكترونية ولعل أهم الصور القديمة لليمن والتي التقطت بآلة التصوير المعروفة كان قد التقطها محترفون وهواة من غير اليمنيين كالمستشرقين والرحالة والعاملين الأجانب في اليمن… وهي تلك أولى الصور وأقدمها التي تؤرخ لليمن واحتفظت بجزء من ذاكرته.
ولا ندري متى ظهرت الكاميرا في اليمن لكن كثيرا من الصور التي نعثر عليها تعود إلى مطلع القرن الماضي وبعضها لأواخر القرن الذي يسبقه لكن نجوى عبدالقادر ترى أنه تم إنشاء (معهد لهواة التصوير الفوتوغرافي والسينمائي في عدن في عام 1950م وكان مقتصرا على هواة التصوير الفوتوغرافي والسينمائي يضم عددا قليلا من المصورين المحترفين والهواة وتباع فيه كاميرات التصوير الفوتوغرافي باسعار زهيدة)
وإذا ما تحدثنا عن تاريخ التصوير في اليمن فلا بد أن يحضر اسم المناضل المصور أحمد عمر الذي يعود إليه الفضل في التاريخ لثورة 62م وثوارها وحالة الشعب اليمني حينها سياسيا واجتماعيا وثقافيا ويقال أن الامام استقدمه من عدن ليكون مصوره الخاص وقد صور كثيرا من المراسم الخاصة بالإمام كما صور مشاهد الإعدام التي كان ينفذها الإمام بحق الثوار…ويعود إليه الفضل في توثيق وحشية الإمام وإباء الثوار… ومن أشهر الصور التي التقطها صورة الشهيد أحمد الثلايا قبل الإعدام. ولم يتوقف أحمد عمر عند ذلك بل لقد صور كثيرا من المناظر الأثرية والتاريخية ومظاهر الحياة الاجتماعية والعلمية في اليمن.
ولد الفنان أحمد عمر العبسي في عام 1911 تقريبا وتوفي في 28 اغسطس 1976. وهو أول مصور في اليمن والجزيرة العربية. وبدأ فن التصوير في أوائل العشرينيات في مدينة عدن. وفتح الاستديو الأول في كريتر-عدن- عام 1930 وفي عام 1949 انتقل إلى تعز وهناك فتح الاستديو الوطني أول استديو في شمال الوطن- من خلاله قام بتصوير وتوثيق حركة الأحرار وصور الشهداء عام 1955-1959م وعام 1948 – صور معظم الشخصيات في الحكم الملكي ودخل قصر الإمام كأول مصور بعد اقناع الحاشية الملكية بضرورة أخذ الصور وكذلك بداية تصوير الحجاج (فاقنع الإمام أحمد) كونه قد عرف المصور أثناء زيارته لعدن عام 1946.
والتقط صورا للمدن الرئيسية خلال الخمسينيات وصورا للشهداء وثوار الحركة الوطنية وصور الخريجين من المدرسة الأحمدية. واهتم بجمع التراث الوطني.
سمى الاستديو الذي افتتح في شارع 26 سبتمبر خارج الباب الكبير باستديو «أحمد عمر» وكان معلما لتجمع الحركات والوطنية ـ واجتمع في منزله معظم القوى الوطنية في الشمال والجنوب وكان مأوى ومقرا للجبهة القومية التي حاربت الاستعمار البريطاني. دخل الاستديو عبدالفتاح إسماعيل وسالم ربيع علي وعلي عنتر ومطيع وعبدالله عبدالولي ناشر ومعظم قادة الجبهة الوطنية أثناء الكفاح المسلح ضد الاستعمار الانجليزي.
قال عنه الدكتور عبدالعزيز المقالح: “لم يكن فنانا باحثا عن المال ولا باحثا عن الشهرة وإنما كان يبحث عن صور الوطن وراء الكاميرا واستطاع الأحرار أن يجعلوا من صوره ملحمة تروي وضع اليمن وحالة الشعب الذبيح
المخرج والمصور اليمني المميز ( عبد الرحمن الغابري ) تاريخه الفني الحافل بالعطاء ..وعلاقته مع تاريخ التصوير الفوتغرافي في اليمن ..


تاريخه الفني الحافل بالعطاء 

استطاع المخرج والمصور اليمني عبد الرحمن الغابري أن يحبس الأزمان بصور فوتغرافية وثقت تاريخا مرئيا، أبطاله رؤساء وسياسيون وفنانون وأشخاص عاديون ومناظر طبيعية.

ويفتش الغابري حاليا أرشيفه الذي تعود أقدم صورة فيه إلى ستينات القرن الماضي، وينشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كمبادرة ضمن نشاط “الهوية اليمنية” المؤسسة التي أسسها منذ سنوات.

ويعود الغابري إلى طفولته التي رسخت أول رغبة للتصوير قائلا لـ”إرم”: “في الطفولة كنت أقف مذهولا أمام الطبيعة كأول صورة ارتسمت في ذهني، وكنت شغوفا بما حولي، بالمرأة التي تذهب إلى الحقل بصوت المهاجل التي يرددونها وهم يعملون، بالأناشيد الدينية، بالجبل والمطر، وحين كبرت عرفت أن الصورة ستحقق حلمي”.


وانتقل الغابري من قريته إلى صنعاء نهاية الستينات، وهناك حصل على أول كاميرا روسية الصنع، وعمل كموظف في التوجيه المعنوي الذي أسس إرشيفه لاحقا، ثم حصل على فرصة لدراسة الإخراج في بيروت لبنان في العام 1975، صقل خلالها موهبته وشارك في تصوير أفلام تسجيلية عن الحرب منها “كفر شوبا النبطية”، و”مكان الولادة فلسطين”. وهي أفلام تحكي عن المخيمات وصبرا وشتيلا، واللاجئين من خلال قصة مجموعة من الشباب لم يمنعهم أي شيء من العيش داخل هويتهم الفلسطينية، حتى لو ولدوا في أماكن أخرى، أو شردوا.

وجمعته سنوات الشباب فنيا، بكل رؤساء اليمن ابتداء من أول رئيس للجمهورية اليمنية عبد الله السلال، حتى علي عبد الله صالح. ومثلما ينتقي اليمنيون الرئيس الثالث “إبراهيم الحمدي” ليمنحوه أجمل صورة، منحه هو أجمل صورة وأكثرها أناقة بين الرؤساء .

يتحدث الغابري عن التصوير، كأنه يتحدث عن الحياة، يقبض على اللقطة في كفه باحتراف كما أظهرته بعض الصور التي التقطها للطبيعية ويعرضها في جاليري مؤسسة “الهوية اليمنية” الذي افتتحه مع أبنائه قبل سنوات. وهنا يقف ليشير إلى صور التقطها لشلال ينعكس على ماء مصبه لون السماء مؤكدا: “الصورة المبدعة هي التي صبرت عليها كثيرا”.

عمل الغابري مصورا لسنوات طويلة في التوجيه المعنوي التابع للقوات المُسلحة، التقط أهم الصور للفعاليات السياسية، انتهى به الحال في النهاية إلى تهميش بسبب انتمائه إلى “اليسار”، وخلال الثمانينات عمل مصورا للشرق الأوسط، كما اقترب من الواقع الثقافي فالتقط صورا لأبرز الفنانين منهم الفنانة الراحلة “مديحة الحيدري” والأدباء اليمنيين منهم الشاعر “عبد الله البردوني” الذي لحن له قصيدتين من أشعاره للأطفال، وهو يمتلك لهم صورا نادرة يعرضها في معارضه، ولأبرز السياسيين من أبرزهم الرئيس الأمريكي “كارتر” ومثقفين أيضا زاروا اليمن، ومع كل صورة يروي الغابري حديثا له معنى وقصة علاقة وثيقة بشخوصها .

وعن الوضع اليمني يقول: “الصورة قاتمة، وهذا نتاج إغفال الجانب الثقافي، واحتقار الإبداع والمبدعين، من قبل السلطات المتعاقبة، هذه البلد متحف كبير مُهمل”.

ويصف الغابري الأحزاب بـ”الكارتونات” قائلا: “أقولها بكل تجرد هم سبب تدمير البلاد اتفقوا على المثقف والثقافة على مسخ هويتنا ..

وزارة الثقافة اليمني تكرم الغابري

وكانت وزارة الثقافة اليمنية قد كرمت على رواق بيت الثقافة  الفنان الكبير المصور الفوتوغرافي عبدالرحمن الغابري بمنحه درع الوزارة تقديراً لإبداعاته وعرفاناً بإسهاماته المتميزة في فضاء الصورة الفوتوغرافية التي وثقت اليمن الأرض والإنسان .

وفي إحتفائية التكريم التي نظمتها وزارة الثقافة ممثلة بصندوق التراث والتنمية الثقافية القى وزير الثقافة الدكتور محمد أبوبكر المفلحي كلمة اشاد فيها بتجربة المحتفى به..منوهاً بالسمات التي تتميز به عدسة الفنان الغابري وتجربته في التصوير الفوتوغرافي الذي قدم اليمن بأفضل ما فيه من جمال .


تاريخ التصوير الفوتغرافي في اليمن 
 

لطالما تكلمنا في شخصية فنية رائعة تجسدت في الفنان اليمني القدير عبد الرحمن الغابري

فإنه يتوجب علينا أن نوضح للقارئ الكريم ملامح وتاريخ التصوير الفوتغرافي في اليمن

والذي أنجب مثل هولاء الرواد في هذا المجال

يعود تاريخ التصوير الفوتغرافي في اليمن الى عشرينات القرن الماضي حين برز المصور اليمني أحمد عمر العبسي كأول فوتغرافي في اليمن والجزيرة العربية .


ولقد أفتتح العبسي الأستديو الأول في مدينة عدن عام 1930 م ثم أنتقل الى مدينة تعز حيث أفتتح أول استديو في شمال اليمن ووثق الحركة الوطنية اليمنية بين 1955 – 1959 وأستطاع أن يصور معظم قادة الحركة الوطنية الذين أعدموا لاحقا ، كما استطاع أن يقنع امام اليمن حينها بضرورة التقاط الصور له ولأسرته وربما الأولى والوحيدة للأسرة المالكة .

وتعد صور العبسي حتى اليوم التوثيق الضوئي الوحيد ربما لتلك المرحلة المهمة من التاريخ اليمني المعاصر .

والى جانب الدور الذي اضطلع
به العبسي على الصعيدين التاريخي والسياسي فهو أستطاع أن يلهم جيلا من المصورين الذين أتوا بعده ومن أبرزهم المصور الفنان عبد الرحمن الغابري الذي يعود إليه الفضل في نقل فن التصوير اليمني الى مرحلة الإحتراف .


ويقول عبد الرحمن الغابري للحياة أن التصوير الفوتغرافي في اليمن كان في الفترة التي تلت عميد المصورين اليمنيين الفنان أحمد عمر العبسي وكان التصوير في المراحل الأولى عبارة عن أستديوهات لتصوير الأشخاص لأغراض خدماتية تتعلق باستخراج الأوراق الثبوتيه مثل بطاقات الهوية وجوازات السفر ولم يتجاوز حاملو الكاميرات عدد أصابع اليدين في ذلك الوقت حيث كانوا يصورون المدن القريبة ويوثقون المناسبات الوطنية كما هو حال المصورين علي الرموش وعلي السمة .

ويرجع الغابري هذا التردي في وضع فن التصوير الى الصعوبات التقنية التي كان يواجهها المصورون في تلك الفترة .


ويوضح كان المصورن مجتهدين على الرغم من شحة الإمكانيات فمثلا أستطاع الرموش أن يخلط بعض الأدوية لتحميض البوزتيف ( السلايد ) كما كان  المصور خالد السقاف أول من طبع الأفلام الملونه وحمضها يدويا في اليمن .

وعن التطور النسبي في السنوات التالية يضيف الغابري بعد ذلك جاء جيلنا وأخذنا الحرفة من هولاء الرواد الى جانب قراءتنا الكتب المتخصصة بهذا الفن وكنا أنا والمصور عقبات نشتغل الأفلام الملونه يدويا كوننا كنا محترفي التصوير الخارجي الصحافي .


والحقيقة أن الطبيعية كانت ولاتزال أبرز المواضيع التي نستهدفها ، فمن الطبيعة نستلهم كل شئ نود أن نقدمه ، والطبيعة حين تتعامل معها وتكتشف اسرارها لابد أن تخدمك كفنان .

ويسرد الغابري قصة ولعه بفن التصوير ويقول منذ الطفولة وأنا أحلم بأن أجسد وأدون ضوئيا المشاهد الرائعة في قريتي وكنت لاأدري حينها كيف كنت أتخيل المشهد وأرسمه في ذاكرتي لم أكن أمتلك كاميرا ولا أعرف حتى شكلها ماكنت أعرفه هو مجرد صور شخصية كان يرسلها الأكبر زيد الذي كان يدرس في العراق قبل الثورة في منتصف القرن الماضي .

ويضيف كنت أتعجب وأفرح بتلك الصور وأتمنى أن أحصل على هذه الآلة الساحرة وحدث أن تصور والدي في نهاية الخمسينات في تعز في أستديو أحمد عمر العبسي ولم يأت بالصورة معه وبعد وفاته حصلت على الصورة وفي نفسي سؤال لماذا أبي لم يشتري لي هذه الآله المحببة الى قلبي ؟ ويوضح كنت حينها أدرس في كتاتيب القرية وأرتسمت في ذهني هذه  الآله طوال الوقت .

ومع مرور الأيام وبعد وصولي  الى صنعاء وأثناء الدراسة وانتمائي الى الإعلام العسكري تدربت على الطبع والتحميض قبل أن أستخدم الكاميرا.

 
وتوالت الأيام والشهور وحصلت على الكاميرا . وسافرت وتخصصت في مجالات فرز الألوان والتصوير الزنكوغراف وأمتلكت الكثير من الكيمرات وصورت بها كثيرا وكانت أحسن صورة أحببتها وشغفت بها هي صورة أمي في الحقل في قريتي وهذا كان واحد من من المشاهد التي حلمت بتجسيدها وأنا طفل .

وعن الجانب المضئ في كونه مصورا يمنيا يتحدث عبد الرحمن الغابري عن الميزة التي يمكن أن يحظى بها أي مصور فوتغرافي في بلد شديد الثراء ثقافيا وبيئيا ويقول اليمن أحد البلدان العظيمة والملهمة لأي فنان ، بلدنا نادر ومختلف كثيرا عن بلدان كثيرة من حيث تنوعه البيئي وتضاريسه وسكانه وهو بلد لو أخلص له حكامه ومسؤلوه لأصبح قبلة العالم سياحيا ومرسم عظماء الإبداع وملهم كل مفكر وفيسلوف .

أتمنى أن أولد مجددا كي أواصل اكتشاف أسرار هذا البلد الذي يعتبر كنزا انسانيا لكل البشر .

وفي المقابل يشكو الغابري من قلة التفاعل مع الفن الإبداعي في اليمن وخصوصا فن التصوير وهو الأمر الذي يقول أنه لمسه من خلال معارضه الشخصية التي بلغت  69 معرضا داخل اليمن وخارجه مشيرا الى أنها كلها كانت عباره محاور منها الطبيعة والتراث والفلكلور .

ويضيف الهدف أولا هو خلق جمهور لهذا الفن قبل التفكير في المردود المادي كني كسبت جمهورا محبا .

ونادرا مايقتني اعمالي مثقفون متمكنون ماديا ، فرجال الأعمال لدينا والكثير من المسؤلين يفتقرون الى الثقافة هم أغنياء لكنهم فقراء فنيا وجماليا وجشعون حد التخمة ، فيما المثقف الحقيقي للأسف فقير ماديا ومحارب معيشيا يحن إلى اقتناء صورة أو لوحه لكنه لايملك حتى ثمن الإطار وهذا يحزنني .
ويختتم الغابري حديثه بمستقبل التصوير الفوتغرافي قائلا : ينشاء في اليمن جيل لديه رؤية ويمتلك لمسات ابداعية والبعض يصقل مواهبه بالدراسة الى جانب متابعته مستجدات التصوير من خلال الإنترنت وقد برزت بعض المواهب لكنها كما قلت الإبتكارات يصنعها الموهوبون وهولاء يشكلون مدارس جديدة مختلفه نوعيا
#الغابري

أكثر من مليون صورة، يحتفظ بها في أرشيفه، المصور اليمني عبد الرحمن الغابري، تمثل ثروة هامة، استخلصها طوال مسيرته الابداعية من منجم الوجوه والاماكن التي لا تنضب.

والماثل ان أعماله ومقتنياته البصرية العابرة للأزمان، تصلح كي تكون متحفاً انثروبولوجياً، لأشياء ومكنونات يمنية مختلفة، تبدأ بالعمارة ولا تنتهي عند الازياء، مروراً بشتى اضافات التاريخ على الشخصية اليمنية، والمكان النوعي اليمني. هذه التجربة الرائدة بلغتها المستوعبة للأرشيفات، كما بطاقتها النابضة بالإنسان وبالبيئة وبتحولاتهما كذلك، تمثل في مخرجاتها كنزاً حقيقياً لانطواء مدخلاتها على مغامرات معرفية جوهرية، لفنان ليست غايته مجرد التوثيق النمطي، وإنما الخلق الفني المتراكم بالخبرات وبالمعنى، من الناحيتين السيوسيولوجية والابتسمولوجية.

مبكراً احترف الغابري التصوير وعشق الكاميرا، مجسداً علاقة أليفة معها. وفي ظل التخريب الهمجي الذي يتغلغل داخل مسامات اللحظة اليمنية الراهنة، لا بد لنسياننا اليائس من الحروب طبعاً، ان ينتعش وهو يقيم قليلاً في ذاكرة الغابري التي تنمي فعل البهجة الجمالية بإتقان. ذلك ان نصوصه البصرية الخلابة، تشكل جزءاً أصيلا من شجن الارض وحكايات الذات اليمنية، تحدث تأثيراً على الدوام، وتمنحنا شيئاً جديداً ومختلفاً.

ومع ان التلقائية مادتها الخام؛ إلا أن أعمال الغابري تنتمي الى الهوية الثقافية اليمنية وتمثلاتها الرمزية، اضافة الى استراتيجية عين الرائي المتفاعلة في دلالات معرفية بالغة التنوع، لها ان تحفظ وتصون وجدان اليمنيين الجمعي من التلف المباشر والحثيث. والشاهد ان فوتوغرافيات الغابري توسع مخيلاتنا، كما يحيطها الشعر من كل جانب. إذ تعيد طرح الاسئلة، إلا انها تفسر عجز اللغة، بمقدار ما تثير انفعالات مطمورة ذات ادراكات شاسعة وتائهة في آن. بمعنى انها فوتوغرافيات وديعة، تمارس الاحتجاج كله. فوتوغرافيات تقتفي آثار انسان ما، ترك فينا سره الغامض الحميم، واعتقدنا أنه مضى، لكنه مازال يقتفي معنا آثاره، مشرعاً على الحب والحرية والسلام.

وفي الوقت الذي يتسم فيه فن التصوير بالندرة يمنياً، استمرت اعمال الغابري مشحونة بالعاطفية وبتمثيلاتها العميقة، معززة في السياق، لمسيرة فنان صاحب وعي ثري وماهر في تصيد اللحظات المنفلتة، ليمنحها تاريخاً مستقبلياً لا ينتهي.

يؤمن الغابري بالحداثة، بالقدر الذي يؤمن فيه بالهوية اليمنية، وداخل هذه البنية الفكرية، تتسق جيداً قيمتا الأصالة والمعاصرة بشكل ادهاشي عميق. فلقد جاء جيل فوتوغرافي يمني جديد بعد الغابري، إلا ان أغلبهم بلا حس وبلا روح. بينما وحده الغابري استمر كمدرسة استثنائية عريقة تلامسنا اعماله في الصميم، جيلاً بعد آخر. 

وفي مجتمع يفيض بالأصولية الدينية التي تخاصم فن التصوير وتحتقره، استطاع الغابري الصمود والثبات والزهو بفنه تماماً. إنه ابن القرية الذي لديه احساس عال بالمدينية، الفلاح المتحدر من اسرة تعرف قيمة الارض، مازال يتغنى ببهاء اليمن تاريخاً وحضارة دون كلل، والفلاش وسيلته الوحيدة لا نتاج سعادته الخاصة.

يعتز الغابري بالمرأة الريفية وعظمتها وهي تقهر الطبيعة، كما يعيش حياته وهو في عقده السابع بشكل فني ملفت؛ بحيث يعتني بأناقته وبقيافته، معتداً بإرادته الحيوية للحياة، ومتخففاً على نحو نادر من وطأة التورط بالعمر الثقيل في بلد يقصف العمر، وبالمقابل، يبرع في استفزاز اصدقائه ومحبيه من الشباب المهمومين والمحبطين، عبر اتكائه الساحر على قدرته المتألقة في خلق الامل والبهجة.

مبكراً؛ أراد ان يكون مخرجاً سينمائياً، لكنه تعثر في هذا المسعى الصعب في بلد كاليمن. وبالرغم من ذلك ظلت الطاقة السينمائية هي بؤرة احترافه الفوتوغرافي. كما بشكل استثنائي، تفرد الغابري بالبحث عن اليمن المفقودة، إذ انه بسيارته العتيقة جاب كل اليمن بحثاً عن الجمال المتجذر والمتعدد، منحازاً الى الاصل والى الشغف معاً.

ففي كل رحلة، كان يتمكن من استعادة عافيته كفنان، كما بنبالة ملحمية، يستشف ماهية تفاصيل رحلاته المنقولة الى منتجاته البصرية بشكل آخاذ وفاتن "يطرب سامعيه ويسيل لعابهم" إذا جاز التعبير. والمعلوم ان الغابري ظل لفترة طويلة، مصوراً رسمياً في أروقة الدولة، ومقرباً من رجالاتها النافذين، لكنه لم يخضع لهذا المناخ الخانق على مستوى المضمون والمحتوى كفنان، بحيث استمر غير متوائم مع الفلاشات المقولبة والمنمطة، وفي نهاية المطاف تمكن من النجاة واتقان حريته التي يهواها ويقاتل من أجلها.

وللغابري العديد من التجارب التجريبية النابهة في الاضاءة والتكوين والمعالجات الرقمية. لكن الفنان المتمكن من ادواته لم يستسغ حظائر الاكاديميات، فتعلم من الكاميرا مباشرة، فضلاً عن الاستديو المنزلي الذي قام بإنشائه بجهد ذاتي ملحوظ.

ثم ان الغابري المصنوع من اغاني الفلاحين في الحقول المعلقة، هو الهائم بأفلام بازوليني (عاشق اليمن) الذي التقاه اكثر من مرة ونشأت بينهما صداقة بصرية سريعة. لكن من يصدق
ان الغابري الذي كان قد مارس شقاوته اللذيذة في بدايات المسرح الوطني، مسهباً في تشجيع رفاقه واصدقائه المبدعين –مثله-على العمل الاعلامي في الراديو والتلفزيون وفرقة الرقص والغناء الشعبي كما ضمن جوقة الغناء الجماعي، فترة التأسيس قبل قرابة خمسة عقود؛ هو الغابري نفسه الذي انضم في فترة من حياته للمقاومة الفلسطينية، وانجز فيلم "مكان الولادة فلسطين".

والمفارقة ان الغابري المولع بالعادات والتقاليد اليمنية الموروثة، هو الذي لا يمضغ القات أبداً ويراه سبب تخلف اليمنيين حضارياً. وبما ان القيمة العليا لفن التصوير الفوتوغرافي تكمن في تثبيته للزمن داخل اطار، لنا ان نستوعب تمسك الغابري بوعيه التام في تقويض سلطة الزمن كما تمنى.

وعليه؛ يمكننا وصف الغابري  كمصور محترف ومرموق، بأنه العين التي لا تهدأ، والمرآة البصرية المتحرشة، والحدس الذي يعرف كيف يتمثل جرسيات العين وذبذباتها، فضلاً عن انه روح العدسة التي تلتقط الجمال الصعب وتجعله ممكناً ولو في اسوأ الظروف.

ففي المعمل الخاص به (الذي تدمر جزء منه مؤخراً جراء الضربات الجوية السعودية لمواقع عسكرية وسط احياء سكنية تابعة لصالح والحوثي) يتعامل الغابري مع مكنوناته الروحية بهياج جليل الطمأنينة. بينما يتوهج مع كل صورة باعتبارها ايقونة جديدة، تحفز داخله رغباته المهووسة بتخليد كل ما تقع عليه عيناه من جماليات.  

ولطالما كانت معارض الغابري الفنية، تأكيداً على عصامية التجربة وفرادتها، وهي تعيد انتاج الجمال بسمو، ليتحفنا بمنتخبات من منتجاته التصويرية التي تتجلى فيها عظمة القيمة الابداعية للصنعة
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM