اليمن_تاريخ_وثقافة
11.2K subscribers
143K photos
351 videos
2.19K files
24.7K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
تم من ستنفذونها وستستفيدون وتفيدوا الناس، وللأسف لم يلقِ الإمام له بالا بل إنه حقد عليه وأمر بسجنه في منطقة «وشحة».

* كيف انتقلتم بعد ذلك إلى تعز حيث مقر ولي عهد الإمام؟!

- بعد ذلك الأستاذ النعمان من مصر إلى تعز، ثم خرج الزبيري من السجن، وبدأوا هناك محاولاتهم مع ولي العهد الوزير، حيث إن الأستاذ النعمان كانت تربطه علاقة وطيدة بولي العهد، ثم راحوا يحفزون ولي العهد من أجل يعمل إصلاحات، فكتبوا له القصائد الحماسية والمدح واستمروا لفترة، وانظم لهم مجموعة من المثقفين، وبعدها في عام «١٩٤٣م» اتصل بي أحمد الشامي وكان صديقي، ونزلت إلى تعز وانضممت إليهم، وقابلت حينها ولي العهد وأصبحت واحدا من الشعراء التابعين له واستمرينا لفترة، وفي إحدى المرات كلفونا بأن ننزل لجمع الزكاة من المواطنين، وفعلا توزعنا كل واحد ذهب إلى مديرية من مديريات تعز، وهناك اكتشفنا الكارثة والظلم الفظيع الواقع على الناس الفقراء وحالة البؤس التي يعيشونها، بعد ذلك عاد النعمان إلى صنعاء لزيارة أهله ثم التقى بالزبيري وهربوا إلى عدن، وكان ذلك في العام «١٩٤٤م» ولحقهم بعدها الشامي والموشكي، وكان قد سبقهم مطيع دماج ومحمد ناجي القوسي، أنا حينها كنت في السجن حيث أمر الإمام بسجني في قلعة دار النسر بجبل صبر وذلك دون أي ذنب، خصوصا أنني لم تكن لي اهتمامات سياسية، وفي العام ١٩٤٥م أطلق سراحي من السجن، ووصلتني رسالة من الزبيري طالبني فيها باللحاق بهم إلى عدن للمشاركة في حركة الأحرار، وفعلا سافرت إلى عدن وبقينا فيها حتى أسقطنا الإمام يحيى.

* ماهي الأسس التي وضعتموها لثورة ١٩٤٨م الدستورية؟ وماهي أسباب فشلها وعدم تحقيقها أهدافها؟!

- في الحقيقة نحن سعينا من خلالها لتغيير الإمام، وقمنا بعمل ميثاق وطني دستوري، وتم الاتفاق مع عبد الله الوزير بأن يتولى الإمامة، لم نفكر بإعلان نظام جمهوري؛ لأن الشعب منغلق ولا يعرف معنى الجمهورية حينها وكان من الصعب إقناعه، لذلك قلنا نغير الإمام كخطوة أولى، كما أنه لم يكن المخطط قتل الإمام يحيى، ولكنه أحس أن هناك مخططا للإطاحة به فاستدعى ولي العهد من تعز إلى صنعاء، وبدأ يرتب لسجنه هو ومن معه، وحينها أصبح الصراع بين آل الوزير وآل حميد الدين وبانتظار من يسبق بالضربة، فتدخل عبدالله الوزير ورتب قتل الإمام، وبالفعل تمت عملية الاغتيال، وتم إعلان الإمام الدستوري الوزير، وللأسف كان أكثر رجعية من الإمام يحيى؛ حيث لم يكن يؤمن بشيء غير جمع المال، وبعد إعلان مقتل الإمام يحيى ثار الشعب ضد بيت الوزير وضد الأحرار المشاركين في الثورة، وخلال 3 أسابيع انتصر الإمام، وألقي القبض على جميع الثوار، أنا قُبض عليّ في ذمار حينها، وتم نقلنا إلى سجن نافع في حجة، وتم إعدام الإمام الدستوري و٢٧ شخصية أخرى ممن شاركوا في الثورة.

* كم الفترة التي قضيتها في السجن؟ وكيف تصف لنا المعاناة التي لاقيتموها فيه؟

- في السجن قضيت 7 سنوات المرة الأولى، و ٦ سنوات المرة الثانية، يعني أني قضيت زهرة شبابي في السجن والتشرد، وفي سجن نافع التقينا بمجموعة كبيرة من الثوار والمثقفين والشعراء، وكنا نعامَل كالحيوانات، ونشرب من بركة بها ماء آسن وأسود ملئ بالقاذورات وبمخلفات الحمامات، وكنا كل يوم جمعة نفاجأ باستدعاء واحد او اثنين من السجناء والقيام بإعدامه، وظل كل واحد منا يترقب مصرعه على الدوام، حينها اتفقت مع أحمد الشامي لتأليف كتاب ندعو فيه الشعب للثورة على الطغيان، وبالفعل بدأنا بتأليف كتاب «كيف نفهم القضية الوطنية» كنا نكتبه على أوراق السجائر خفية ونخبئها لدى أحد السجناء .. وكان يهيأ لنا أن الكتاب سيخرج ويطبع، وعندما يقرأه الشعب سينتفض ضد الامام أحمد، كان لدينا اعتقاد مغلوط، إذ إن الشعب حينها لم يكن يقرأ ولا يعي شيئا، لكن هذا الاعتقاد ساعدنا على مقاومة الخوف من الموت، وفعلا أنهينا الكتاب لكنه لم يطبع ولم يحدث شيء.

* ننتقل لثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م، برأيك ماهي أبرز عوامل نجاحها؟ وما علاقتها بثورة ١٩٤٨م الدستورية؟

في الحقيقة؛ قبل قيام ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م كانت حركة الأحرار موجودة في الداخل والخارج، الذين يقولون إن ثورة ٢٦ سبتمبر جاءت من نفسها مخطئون، بل إنها كانت امتدادا للحركة الوطنية التي أشعلت ثورة ١٩٤٨م الدستورية، بدليل أن من تولوا السلطة عقب قيام ثورة سبتمبر كانوا في الأساس من رواد الحركة الوطنية، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية عبد الله السلال، والجائفي، والقاضي عبد الرحمن الإرياني، وجميعهم سجنوا من قبل الإمام.

* كيف تصف لنا الفرق بين الثورتين؟!

- أنا أعتقد أن ثورة 48 كانت ثورة متكاملة على الورق، حيث كان في ميثاق وطني وتم تشكيل مجلس شورى ومجلس وزراء ووزراء، بمعنى أنه كان هناك كيان ومؤسسات للدولة، إلا أن هذه المؤسسات لم تجتمع ولم تنفذ على الأرض، في حين ثورة ٢٦ سبتمبر قامت على الأرض إلا أنه لم يكن لديها مشروع للدولة ومؤسساتها ولذلك تعرضت للكثير من النكسات.

* حدثنا عن مرحلة قيام ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م؟

- أنا
ة، إذ إن هناك أخطاء في الشرعية ويجب إصلاحها وتفاديها، يجب أن تتحول العقلية الشمولية في الشرعية إلى حكم حقيقي يطبق مخرجات الحوار الوطني، وعملية التطبيق لن تتم ما لم تكن هناك تفاهمات بينها وجميع الأطراف الأخرى.

* كيف تعلق على النجاحات التي حققتها الحكومة الشرعية في عدن والمحافظات المحررة حتى اليوم؟

- في تقديري ما حققته الحكومة يعد إنجازا عظيما خصوصا إذا ما نظرنا وقسنا ذلك بمجمل الصعوبات والعراقيل والتحديات التي واجهتها في تلك المناطق والتي أهمها التأسيس للدولة من الصفر، وبصراحة رئيس الحكومة الدكتور بن دغر رجل مثقف وسياسي محنك وأنا أعرفه جيدا، وما قام به ويقوم به وكل ما حققه يؤكد أنه رجل دولة ولديه مشروع ورؤية لبنائها.

- ماهي رؤيتكم لمستقبل اليمن، وما مدى إيمانكم بتحقيق النصر؟

- مستقبل اليمن؛ أنا رأيي أن الدولة اليمنية حتما ستعود دولة صحيحة، لكن ليس الآن، بل إنها ستمر فترة والوطن في حالة شتات، خصوصا أن إيران تسعى بكل قوتها لتمزيق البلد لكن ذلك لن يدوم طويلا، وميليشيا الحوثي بلا شك ستزول ودعوات الانفصال حتما ستتلاشى، وسيستعيد اليمن دولته وأمنه واستقراره من جديد.

* كلمة أخيرة؛ ما الذي تود قوله في ختام اللقاء؟

- أحب أن أقول للتحالف العربي وعلى رأسه المملكة العربية السعودية أنه يجب أن تفهموا حقيقة واحدة وهامة وهي أنه: إذا لم تقم في اليمن دولة مستقرة فسيكون اليمن عامل تخريب للمنطقة كلها، وبالتالي أنتم مطالبون بمساعدة اليمنيين من الآن على بناء دولتهم وحتى تصبح لتكون ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، وما عدا ذلك ستتحول اليمن إلى مركز إرهابي رهيب وخطير وسيطال بتداعياته المنطقة والإقليم بشكل عام
في الحقيقة تمكنت من الفرار من السجن في العام ١٩٦٠م وتوجهت إلى عدن، وفي عدن بدأنا نتواصل مع الزبيري والنعمان ومحسن العيني وعدد من الضباط الأحرار الذين كانوا متواجدين في القاهرة، وكان هدفنا إعادة تنظيم الجمعية اليمنية الكبرى، وفعلا بدأنا نشتغل على أساس حركة، وبعد ذلك تدخلت المخابرات المصرية وحصل أخذ ورد بينها والضباط الأحرار في القاهرة، وكان هناك مجموعة من الضباط الأحرار متواجدون في صنعاء، وبدأ الترتيب لتفجير الثورة، وفي العام ١٩٦٢م بدأ الترتيب الفعلي لتفجير الثورة، وتم تكليفي بالدخول إلى صنعاء خفية والعمل مع الأحرار هناك، في شهر أغسطس وصلت صنعاء وفعلا «اشتغلنا شغلا جامدا»، حيث تواصلنا مع الضباط الأحرار وحاولنا إقناعهم بأن لا ينفصلوا عن الحركة الوطنية وبقية الأحرار المتواجدين في الخارج، وتم تكليف أحمد الرحومي للتحاور معنا، وفعلا تفهّموا الأمر، بعدها توجهنا لتكوين خلايا شعبية في صنعاء وفي المناطق المحيطة بها وبالفعل نجحنا في تشكيل خلايا في مناطق «أرحب وحاشد وخولان وبني مطر وذمار» وغيرها، وخلال شهر تشكلت مجاميع كبيرة من القوة البشرية المسلحة، وهؤلاء هم من شاركوا في الثورة، وساعدوا الضباط الأحرار في الإطاحة بنظام الإمام أحمد.

* ماذا حصل يوم الخميس الـ 26 سبتمبر ١٩٦٢م؟ وأين كنت حينها؟

- في الحقيقة، قبل الخميس أرسل الضباط الأحرار للرئيس عبد الله السلال رسالة قالوا له إننا سنقوم بثورة ونريدك أن تقودها، فقال لهم أنا موافق بشرط أن تعطوني الأسماء والمعلومات، ولأنهم كانوا عجلين خصوصا بعد موت الإمام أحمد في تعز ونقل جثمانه إلى صنعاء للدفن، أي لم يكن هناك وقت كي يوافوا السلال بالأسماء والمعلومات، قاموا بإشعال الثورة يوم الخميس دون أن يكون لها قائد، وكان الاتفاق على أن يتم قتل الإمام البدر إلا أن الثوار لم ينجحوا في تنفيذ عملية الاغتيال، ويومها كنت في بيت عبد السلام صبرة، وكنا نتابع قصف مقر الإمام من سطح المنزل، وبقيت أنا وعبد السلام صبرة نعد مقذوفات الدبابات حيث كنا نعلم أن عدد «الدانات» المتوفرة معهم «23» دانة فقط، وكانوا قد أطلقوا 18 دانة وبقي معهم 5 مقذوفات فقط، بعدها نزلت أنا من السطح واتصلت بالكلية الحربية، أجابني عبد الله جزيلان مدير الكلية، قلت له: «من معي؟» قال من أنت؟ قلت مواطن يريد نصيحتكم، وقلت له لم يتبق مع الضباط سوى ٥ دانات، وأنتم قريبون من قصر السلاح ولم تحتلوه إلى الآن وكل الأسلحة فيه، قال: من أنت؟ قلت مواطن ينصحكم إلى ضرورة السيطرة على قصر السلاح فأغلق التلفون على وجهي، لكنهم بعدها أرسلوا مجموعة احتلت قصر السلاح.

* ما حقيقة انك انت من كتبت البيان الأول لثورة ٢٦ سبتمبر وأنت من قرأه في إذاعة صنعاء؟

- أنا كنت مكلف أنا والدكتور عبد العزيز المقالح وعبد الرحمن جحاف بتولي أمر الإذاعة، حيث قالوا لي إنهم سيرسلون لي مصفحة في الفجر لتنقلني إلى الإذاعة، وفي الصباح صحوت مبكرا ولم تصل المصفحة فتحركت على قدمي إلى بيت المقالح، سألت عنه قالوا إنه غير موجود في البيت، فتوجهت إلى الإذاعة، وخلال الطريق كنت أشاهد الجنود التابعين للبدر وهم متمترسين في الشوارع، حتى وصلت إلى ميدان التحرير الذي كان يعتبر مكان شرارة الثورة، وهناك شاهدت مصفحة وعددا من الضابط والعسكر الثوار، سألوني أين أنت ذاهب؟ قلت لهم: ذاهب إلى الإذاعة، فسمحوا لي بالمرور، وصلت الإذاعة وكان هناك دبابة طرف الميدان فيها 2 من الضباط كانوا نائمين، ودخلت الإذاعة وسألت الحراس أين حسن العمري، قالوا مريض وأنه نائم في غرفة العساكر، وسألت من المسؤول عن الإذاعة قالوا صالح الأشول، وكان يعرفني جيدا، قلت لهم قولوا له يحضر الآن وفعلا استدعاه العسكر، ولما وصل فتح المبنى قلت له لم لم تفتحوا الإذاعة؟ قال لا توجد لدينا تعليمات، قلت إذا لم تشتغل الإذاعة ستخرب الدنيا، وكانت الساعة الخامسة والنصف قبل طلوع الشمس، قالوا خلاص سنقوم بتشغيلها، وكان المسئولون عن البث علي الأبيض ومحمد الشعبي في الاستوديو، ومحمد الهمداني مسؤول المولد الكهربائي، قلت أرسلوا لهم يحضروا ولما جاءوا قلت نريد أن نفتح الإذاعة فقاموا بتشغيلها، وأنا دخلت مع محمد الشليمي إلى الاستوديو واتفقت معه أن يتولى عملية التنفيذ على الهواء، وفعلا بدأنا البث بالقرآن الكريم، وحينها لم يكن لدي أي بلاغ أو بيان أو أي ورقة وكل البيانات والبلاغات التي كنا قد كتبناها أرسلناها للضباط الأحرار من أجل أن يطلعوا عليها ويقرّوها ثم يعيدوها، لكنهم لم يعيدوا لنا شيئا فبدأت أتصرف من نفسي، وبعد القرآن أشار لي الشليمي بأن ابدأ الكلام فقلت: هنا صنعاء إذاعة الأحرار، إذاعة الثوار، إذاعة الشعب، إذاعة الجمهورية اليمنية العربية، قدمت كلمة اليمنية قبل العربية، ثم أشرت للأخ محمد الشليمي، وهو فتح نشيد الله أكبر يا بلادي كبري.

* ماذا عن البيان الأول الذي أذعته؟

بعدها أخذت ورقة وقلما وكتبت البلاغ الأول، بلاغ من قيادة الثورة طالبت فيه الشعب منع التجول وإغلاق المجال البري
والبحري والجوي، مع أننا لم نكن نمتلك شيئا من ذلك، كما أن الناس لم يكونوا يعرفون ماذا يعني منع التجول ولم يمتنعوا عن ذلك، فقد خرجنا بعدها والشوراع تضج بالناس، وقد استمررت لوحدي في الإذاعة حوالي ساعة ونصف بعدها وصل عبد الله حمران ومحمد الشرفي والمقالح وعبدالوهاب جحاف، وهم كانوا مكلفين قبلي في الإذاعة، بعد ذلك انهار الملكيون ووصلتنا برقيات تأييد من مختلف الوحدات العسكرية والقبائل في المحافظات.

- هل فعلا شاركت في كتابة أهداف الثورة؟

في الحقيقة بعد أن وصل بقية الإخوة إلى الإذاعة نزلت أنا إلى مكتب الإدارة أكتب أهداف الثورة، وبعدما أكملت كتابتها وكانت فقط هدفين: إسقاط النظام الملكي وإقامة النظام الجمهوري، ورفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا .. اما الاهداف الستة فقد صيغت بعد ذلك بأيام .. ثم اتصلت بالأستاذ أحمد المروني وكان مدير الإذاعة، قلت له لماذا لم تحضر فاعتذر بحجة أنه مريض؟ بعدها أرسلنا له مصفحة وأرسلت أهداف الثورة معها ثم اتصلت بالمروني، قال: من أنت؟ محمد؟ قلت: نعم، قال العام يقدم على الخاص، الجمهورية العربية اليمنية وليست اليمنية العربية، قلت تعال وبعدين خير، بعد أن وصل المروني وأقررنا صياغة الأهداف، وتم إذاعتها من قبل علي قاسم المؤيد، وبعدها بقينا نذيع البلاغات والبيانات، وأنا لم أكن في الواقع مذيعا ولكن دخلت بالصدفة وجلست 3 أيام في الإذاعة.

* برأيك ما هي أبرز الأخطاء التي ارتكبتها الأنظمة الحاكمة التي تعاقبت على الجمهورية حتى اليوم؟

- في رأيي أن أبرز الأخطاء وأولها يكمن في أن ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م قامت وليس لديها مشروع لبناء دولة بالمعنى الحقيقي للدولة والمؤسسات، أما عن الأخطاء التي تلت ذلك والتي ارتكبتها الأنظمة الحاكمة فتكمن في أن الرؤساء ركزوا على الاستناد إلى مراكز النفوذ من المشايخ والضباط، وأهملوا مسألة بناء دولة المؤسسات والاستفادة من السياسيين والمثقفين، كما أغفلوا مسألة تجذير مفهوم الدولة والجمهورية والديمقراطية في الوجدان الشعبي، لذلك ظلت الدولة مجرد هيكل خارجي خاوٍ من الداخل تماما.

* شاركت مع الشباب في ثورة ١١ فبراير ٢٠١١م، برأيك ما هي دوافعها؟

- دوافعها تتمثل في أن نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح استمر بنفس الآلية الشمولية، وبعد أن كان قد استنفذ كل إمكانيات الحكم الشمولي، جاءت الثورة الشبابية الشعبية ضده تعبيرا على أنه لم يعد يصلح للحكم، ورغم محاولته احتواءها إلا أنه فشل.

* من وجهة نظرك ما هي أسباب فشلها؟! أو أين يكمن الخلل فيها؟

- ثورة الشباب بدأها الشباب والناس بشكل تلقائي، بمعنى أنها جاءت تعبيرا عن الإرادة الشعبية، لكن ما حصل أن بعض القوى والمكونات السياسية سعت إلى احتوائها
، حيث عمدت هذه القوى إلى حرف مسارها والسيطرة عليها وتوجيهها في سبيل تحقيق مكاسب خاصة، وللأسف

؟.

* ظهرت ميليشيا جديدة في الجنوب تدعو إلى الانفصال، وسعت إلى تشكيل وحدات عسكرية خارج إطار الدولة والشرعية محاولة إسقاط الدولة، كيف تنظرون إليها أو كيف تفسرونها؟

- مشروع الدولة يتمثل في الشرعية ممثلة برئيس الجمهورية وفي مخرجات الحوار الوطني، وما سوى ذلك لا يمتلكون مشروع دولة، وعلى الحكومة الشرعية حتى لا تسقط أن تبدأ في تطبيق مشروع الدولة المتمثلة في «مخرجات الحوار الوطني» وعملية تنفيذها من وجهة نظري تبدأ بقيام الحكومة الشرعية بتشكيل لجنة يطلق عليها اسم «لجنة الحوار الوطني» وتتكون من «٧ إلى ١٠» شخصيات يمنية من سياسيين ومفكرين، وتكون مهمتها العمل على تقريب وجهات النظر بين الشرعية وجميع القوى الأخرى المعارضة لها سواء كانوا جنوبيين أو شماليين.

* كيف تعلق على من يطالبون بالانفصال اليوم؟

- بصراحة مسألة الانفصال أو المطالبة به خطأ كبير ليس وقته الآن، كان وقته المناسب في عام «2007م» عند ظهور ما سمي بالحراك الجنوبي، أما بالنسبة لما يسمى اليوم بـ«المجلس الانتقالي» فهو عبارة عن كيان مسيّر وممول ومدفوع من الخارج، وليس لديه مشروع دولة، وكل ما يفهمه هو أن الشماليين لا يدخلون الجنوب ولا يدخلون أرضنا!، لذلك هم لا يفتقدون فقط لمشروع دولة بل إنهم يحملون مشروع خراب لا أكثر!، كما أن دولة الجنوب كانت تتركز سابقا في عدن وما حولها، والآن عدن لم تعد هي القوة الحقيقية، بل إن القوى الحقيقة للجنوب تتمثل الآن في حضرموت والمهرة وهي التي تمتلك القوة والفكر، ولذلك أنصح الشرعية بمحاورتهم، وفي رأيي إذا كانوا يريدون انفصالا فليؤجلوا الفكرة اليوم وبعد إقامة الدولة الاتحادية المكونة من الأقاليم يمكنهم تجربة الأمر لمدة 5 إلى 7 سنوات وإذا لم يعجبهم يمكنهم عمل استفتاء وتقرير مصيرهم، لكن الآن الوقت خاطئ وغير مناسب. 

* كيف تنظر إلى مشروع الدولة الاتحادية المكونة من 6 أقاليم؟

- أقول بوضوح أنا مع كل ما ورد في مخرجات الحوار الوطني ومع فكرة الدولة الاتحادية المكونة من 6 أقاليم، فهي الخيار الأمثل بالنسبة لليمنيين اليوم، لكنني لست مع الوضع الحالي للشرعي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#ثورة_سبتمر_المجيدة
الموقف الامريكي من ثورة اليمن

قامت ثورة 26 سبتمبر 1962 والعالَم منقسم بين قطبين رئيسيين يتحكمان بمجريات السياسة على مستوى أغلب دول العالم، وهما المعسكر الغربي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية والتي كان نجمها يبدأ بالسطوع آنذاك، والثاني المعسكر الشرقي ويتزعمه الاتحاد السوفيتي، والذي كان يعيش أوج قوته وأبهته.
 
 ونادرا ما شذت دول عن خارج هذين القطبين فلم ترتبط بهما؛ ذلك لأن الخيارات السياسية في غالبها لم تكن تتجاوز هذين الخيارين لتأثيرهما الكبير عالميا.

وقد كانت اليمن الشمالية قبل ثورة 26 سبتمبر 1962، في العهد الإمامي متأرجحة التحالف أو التبعية بين المعسكرين الشرقي تارة والغربي تارة أخرى، فأما اتصالها بالغرب فعن طريق ما سمي ببرنامج "النقطة الرابعة" (Point Four Program) وهو برنامج مساعدات تقنية أمريكي مخصص للدول النامية لاسيما لدول آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، أعلن عن البرنامج لأول مرة في خطاب الرئيس الأمريكي هاري ترومان في 20 يناير 1949 بمناسبة توليه منصب الرئاسة لفترة رئاسية ثانية، وقد تحدث الخطاب عن الأهداف الأربعة لسياسة الخارجية الأمريكية، وقد أُقر البرنامج من قبل الكونغرس الأمريكي في 5 يونيو 1950، وخصص له مبلغ 25 مليون دولار أمريكي للسنة المالية 1950ـ 1951، كما شكلت لجنة في وزارة الخارجية الأمريكية تحت اسم مجموعة المساعدات التقنية أشرفت على البرنامج؛ وقد كان مقر البرنامج في تعز، وتم اتهامه من قبل النظام الجمهوري الجديد بالتخابر مع الملكيين ودعمهم سرا بالأسلحة، والتجسس على الجمهوريين، فتم اعتقال عدد من موظفيه، والإعلان عن إنهاء العمل بالاتفاقية المبرمة عام 1959، مع وكالة التنمية الأمريكية التي تعتبر الغطاء السياسي للبرنامج، وسحب الترخيص لطائرة البرنامج، وإبعاد العناصر المخربة من موظفي البرنامج، وبالمقابل فقد قطعت أمريكا المساعدات السنوية لليمن البالغة ثلاثة مليون دولار. كما لوحت بسحب الاعتراف بالجمهورية كما ذكر ذلك الدكتور الشهاري. انظر: نظرة في بعض قضايا الثورة اليمنية، ص: 74.
 
 وأما اتصالها بالشرق فعن طريق ما عرف بالجناح البدري آخر الخمسينيات وعلاقته بعبدالناصر، مقابل جناح الحسنيين، نسبة إلى الأمير الحسن عم الإمام البدر المناوئ للبدر، والغربي التوجه.
 
وحسب المؤرخ اليمني حيدر علي ناجي: "فبعد أن ساءت العلاقة بين مصر والمملكة عام 1957 سمح الإمام أحمد لابنه البدر التقرب إلى عبدالناصر الذي قدمه بدوره للمعسكر الشرقي، فزار معظم دوله، وحصل على صفقة السلاح الروسية وبنى ميناء الحديدة وطريق الحديدة ـ تعز على نفقة الاتحاد السوفيتي، كما أسس مصنع الغزل والنسيج وطريق الحديدة ـ صنعاء على حساب الصين، وفي نفس الوقت سمح لأخيه الحسن بالتقارب مع المملكة العربية السعودية والمعسكر الغربي، وحصل على مشاريع النقطة الرابعة، ومن ثم تكون في اليمن تياران كما أسلفنا، واستمر التنافس بينهما حتى قيام الثورة"، (معلومة خاصة).
 
أما الشطر الجنوبي من الوطن فقد كان شرقي الهوى والمهوى، ومناوئا كل المناوءة للحلف الغربي حد التطرف. وبعد قيام الثورة اقترب الجمهورية العربية اليمنية من المعسكر الشرقي أكثر من خلال مصر عبدالناصر الشرقي الولاء والسند الأول للثورة، لكن هذا الاقتراب لم يحمل بين ثناياه ملامح القطيعة مع المعسكر الغربي، كما هو الشأن مع سلطة الشطر الجنوبي من الوطن التي كانت حدية التعامل ولحدِّيَّة وصلابة الأيديولوجية الشرقية نفسها التي تختلف عن برجماتية الغرب ومرونته؛ ونتيجة لهذا التضاد في سياسة القطبين فقد كل منهما يغرب حيث يشرق الآخر، والعكس أيضا صحيح، ولم يكونا يتلقيان؛ لأن لكل مصالحه الخاصة وتفكيره المناقض للآخر؛ لكن ما الذي جعل أمريكا تعترف بثورة 26 سبتمبر 1962 المدعومة شرقيا في 19 ديسمبر 1962؟ أي بعد أقل من ثلاثة أشهر على قيامها؟!! ما دوافع هذا الاعتراف خاصة وقد سبقها إلى ذلك كل من الاتحاد السوفيتي في 1 اكتوبر 1962؟ أي بعد أربعة أيام فقط من قيام الثورة، معلنا تقديمه المساعدات للثورة وللنظام الجديد، وإن كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أرفقت اعترافها بالثورة دعوة تشبه الشرط في ألا تتدخل القوات المصرية في الشأن اليمني، وألا تُمس المصالح السعودية بسوء.
 
وقد اعترف بالثورة في أيامها الأولى إلى جانب الاتحاد السوفيتي ومصر أيضا كل من: دولة الكويت ولبنان وسوريا والعراق والسودان والجزائر وتونس، وفي الشطر الجنوبي من الوطن جماعة القوى التقدمية العدنية التي شاركت ثوار الشمال أيضا نضالهم. كما اعترفت بها أيضا منظمة الأمم المتحدة، بناء على طلب من مصر.
 
كتب الضابط المرتزق في صفوف الجيش الإمامي مطلع الستينيات "ديفيد اسمايلي" في كتابه "مهمة في الجزيرة العربية" يقول: "وسارعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة معا في الاعتراف بالحكومة الجمهورية، وكان قرار الأمم المتحدة نتيجة لاقتراح تقدمت به مصر، وأيدته الدول الشيوعية والكتلة الأفرو
النفوذ البريطاني، ولاعتراض خط التعاون الذي كان قد بدأ بين البريطانيين والاتحاد السوفيتي سابقا، وفقا للدكتور محمد علي الشهاري في كتابه نظرة في بعض قضايا الثورة اليمنية، ص: 69.
أسيوية، وجاء اعتراف الولايات المتحدة في 19 ديسمبر 1962، ولا تزال دوافعه غامضة.." مهمة في الجزيرة العربية، ص: 19. وهو نفس اليوم الذي تم فيه اعتراف الأمم المتحدة بنظام الجمهورية العربية اليمنية، كما أشار إلى ذلك في مذكراته "خمسون عاما في الرمال المتحركة" ص: 60، وقدمها لاحقا بعد أيام قليلة في يناير 1963 للسيد يوثانت، الأمين العام، والذي أضاف أن الأمير فيصل بن عبدالعزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية يومها قال له عن الثورة وعن النظام الجديد: "إذا لم يكن هناك تدخل خارجي، ولم يكن النظام الجديد معاديا للسعودية فلا يوجد سبب للخلاف".
 
وذكر اسمايلي أن الولايات المتحدة حاولت الضغط على بريطانيا للاعتراف بالجمهورية العربية اليمنية، على الرغم من أن النظام الجديد -وفقا لسمايلي- جاء إلى السلطة بانقلاب، وكان يسيطر فقط على نصف السكان وعلى أقل من نصف مساحة البلاد، وقد ناقشته الخارجية البريطانية بجدية، وكادت تعترف بالجمهورية وبالنظام الجديد لولا تدخل البرلماني البريطاني "بيلي ماكلين" الذي كان في زيارة لليمن حينها، والتقى الإمام البدر وأتباعه، وهو من أقنع البريطانيين أن الإمام البدر لم يتم القضاء عليه تحت الأنقاض كما أذاع راديو الجمهورية العربية اليمنية، وتناقلته مختلف وسائل الإعلام العالمية، ولم يتثبتوا من صحة ذلك، وشكل صدمة كبيرة للثوار وأنصارهم بعد ذلك. فهذا ـ وفقا لسمايلي ـ ما أجل اعتراف بريطانيا بالجمهورية، وأبقت علاقتها السابقة بالقيادات الملكية؛ بل فقد أعلنت فى فبراير 1963 عدم الاعتراف بالنظام الجمهورى، وقدمت مساعدات عسكرية للإمام البدر خلال فترة مقاومته للنظام الجديد، خاصة في سنواته الأولى، كما ذكرت صحيفة اليوم السابع المصرية في 30 أكتوبر 2008. ووفقا للديبلوماسية والكاتبة الروسية "جلوبوفسكايا إيلينا": فإن بريطانيا قد جعلت من "بيحان" في شبوة مركز دعم للملكيين ونقطة تجمع لأنصارهم. وقد أمضى الإمام البدر وكثير من أتباعه سنواته المتأخرة في بريطانيا حتى توفي فيها في 6 أغسطس 1996.
 
 ولا شك أن موقف الكيان الصهيوني الداعم للملكيين كان تبعا لموقف البريطانيين، خاصة وأن بريطانيا يومها كانت تمثل الوصي الأمين على الكيان الصهيوني الناشئ يومها. زادته الأيام تأكيدا حين كتب المؤرخ والمحلل السياسي المصري محمد حسنين هيكل أن إسرائيل قامت بإعطاء شحنات من الأسلحة للإماميين، كما أقامت اتصالات مع المئات من المرتزقة الأوروبيين الذين يقاتلون بجانب الملكيين في اليمن. وقامت إسرائيل بإنشاء جسر جوي سري بين جيبوتي وشمال اليمن. وأعطت الحرب الفرصة للإسرائيليين لمراقبة وتقييم التكتيكات الحربية المصرية وقدرتها على التكيف مع ظروف المعارك، بعد ثلاثة عقود من الحرب، وأكد الإسرائيليون كلام هيكل نفسه.
 
وقد توجه جيم جونسون، زعيم المرتزقة الأوروبيين إلى طهران ليقنع الإيرانيين -تحت حكم الشاه وقتها- للقيام بإسقاط جوي، فنجحت الجهود بعد سفر مستشار المرتزقة نيل بيلي مكلين إلى تل أبيب، ولقاء موشي ديان وأميت مائير، رئيس الموساد، وشهد الإسقاط الجوي الأول للأسلحة الكولونيل جوني كوبر والتي كانت 180 بندقية، و 34 ألف طلقة ماوزر و 72 قذيفة مضادة للدبابات و68 كيلوجراما من المتفجرات البلاستيكية. وقد أخفى الإسرائيليون مصدر الأسلحة، فكانت الطائرات الإسرائيلية تحلق على طول السواحل السعودية تلقي الأسلحة في اليمن وتتزود بالوقود في الصومال وجيبوتي وتعود إلى إسرائيل، وأسمى الإسرائيليون عملياتهم Operation Porcupine. واستمرت الطائرات الإسرائيلية بتزويد المرتزقة الأوروبيين والملكيين بالأسلحة لمدة سنتين. انظر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة.
 
ووفقا لليوم السابع المصرية بتاريخ 30 أكتوبر 2008، فإن "شابتاى شافيت" رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" أدلى بحديث لصحيفة هآرتس الإسرائيلية فى 21 فبراير 2000 قائلاً: "إن إسرائيل لها دور كبير فى توريط مصر فى حرب اليمن لإضعاف قدرتها الاقتصادية والعسكرية، كما أنه أصدر أوامره لضباط الموساد بمعاونة قوات الإمام بدر الملكية حتى يستعيد حكمه الذى أطاح به الثوار عام 1962، وأرسل عسكريين إسرائيليين لتدريب قوات الإمام وللتعرف على القوات المصرية عن قرب، وهذا التصريح هو ما يجعل الدخول فى هذه الحرب لا ينفصل عن هزيمة 1967، بل من الممكن اعتبار المعركتين اللتين دخلهما الجندي المصرى فى اليمن وسيناء معركة واحدة متعددة الهزائم".
 
وقد أورد سمايلي تحليلا منطقيا منسوبا للجنرال السويدي "فون فورد" الذي تولى قيادة قوات المراقبة التابعة للأم المتحدة في اليمن، إذ ذكر أن اعتراف الولايات المتحدة بالجمهورية العربية اليمنية يهدف في مغزاه البعيد إلى إخراج البريطانيين من جنوب الجزيرة العربية، ويتصل بالرغبة في توسيع المصالح الأمريكية النفطية الخاصة في شبة الجزيرة العربية؛ لاسيما وأن للولايات المتحدة هدف متأصل منذ نهاية الحرب العالمية الأولى يتمثل في السيطرة على جنوب الجزيرة العربية، لمواجهة
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#ثورة_سبتمر_المجيدة

التأريخ ينصف مخطط و مفجر ثورة 26سبتمبر
مالا تعرفه عن مؤسس تنظيم الضباط الأحرار في ثورة 26 سبتمبر

أباره برس / اليمن

دينما .ثوره 26 ومحركها الأول . ومؤسس وزعيم تنظيم الضباط الاحرار انه الشهيد علي عبدالمغني

وْلدِ الشهيد علي عبدالمغني عام 1935م في قرية (المسقاة) في وادي (بنا) من مديرية السدة بمحافظة إب وكان من أوائل الشهداء في ثورة 26سبتمبر 1962م وديناموها الذي قادها من السر إلى العلن ..يْعتِبر اسمْهْ الأشهر في تاريخ الثورة اليمنية حيث يعتبره الكثير من المناضلين والثوِار القائد الفعلي لثورة 26 سبتمبر اليمنية الخالدة .

وهناك مِن يقول أنِه وْلدِ في قرية (بيت الرداعي) بمديرية السدة محافظة إب العام 1937م. .

توفي والدْه وهو في الرابعة من عمره وتلقى تعليمه الأوِلي في منطقة “نيعان” وهناك ختم القرآن في مكتب «نيعان» وهو في السابعة وأْقيمِتú له زفة طلابية من تبعان إلى بيت الرداعي وهو راكب على الحصان وأْقيمِتú الولائم والأفراح بهذه المناسبة التي حضرها السيد حسين محمد الكبسي وزير الخارجية حينذاك والذي صادف وجوده في قريته تبعان لزيارة أسرته .

تفوق دراسي

وفي عام 1946م انتقل إلى صنعاء لمواصلة دراسته. .وفي صنعاء ذهب إلى منزل حسين الكبسي في «بستان السلطان» لمساعدته بدخوله مكتب الأيتام الذي رحب به وضمه في بيته واعتبره كأحد أولاده وبعد أيام ألحقه بمكتب الأيتام وقررت لجنة الاختبارات في مكتب الأيتام أن يدخل علي عبد المغني الصف الرابع حسب مستواه وواصل دراسته بتفوق .

وفي ثورة 48م حين وصل ولي العهد أحمد يحيى حميدالدين إلى حجة ومعظم القبائل تجتمع معه وقد بدأت بالزحف على صنعاء ذهب علي عبد المغني إلى منزل السيد حسين الكبسي أحد رموز هذه الثورة فوجد عنده في المنزل الرئيس جمال جميل العراقي قائد الثورة الذي كان دائماٍ معجباٍ بذكاء علي عبد المغني فما إنú وصل وسلم عليهما حتى دعاه الرئيس جمال جميل وأجلسه بجانبه وسأله فيما تكون السعادة¿ فأجابه علي عبد المغني بسرعة وبدون تردد: (السعادة تكون في الحرية) فضمِهْ جمال جميل إلى صدره وقال وهو ينظر إليه بتأمل كبير: «لو فشلت ثورتنا لا سمح الله فهذا الشبل هو الذي سيسحقهم ويكمل ما بدأناه». .

هكذا كان تفاؤل الرئيس جمال جميل بـ علي عبد المغني رغم صغر سنه فهو حينذاك كان لا يتجاوز الحادية عشرة من عمره .

وقد قام الرئيس جمال جميل (كلمة رئيس هي رتبة عسكرية توازي رتبة الرائد) بإعطاء علي عبد المغني «ألف ريال فرانصي» من العْمúلِة الفضية ماري تريزا وقال له هذا المبلغ لك جائزة وعليك أنú تهتم بالعلم ولا يشغلك عن التعليم شيء .

وبفشل ثورة (48م) واعتلاء الإمام أحمد عرش الإمامة والقبض على الثوِار وإيداعهم السجونِ في صنعاء وحجة حيث أمر بإعدامهم وكان منهم الرئيس جمال جميل الذي كان في سجن القلعة بصنعاء وأمر بإعدامه في ميدان شرارة (ميدان التحرير) حالياٍ وقد قال قبل إعدامه للإمام والحاضرين: «لقد حبِلناها وستلد». .

وفعلاٍ كان أمل جمال جميل في محله فقد تم على يد علي عبد المغني سحق عرش الملكية وانبلاج نور الحرية والجمهورية بالثورة السبتمبرية الخالدة وتحقق النصر الذي كان يريده الشهيدان جمال جميل وحسين الكبسي .

استلم علي عبد المغني «الألف ريال الفضي» وأودعه عند شخص أمين هو عبده قاسم من قرية هجارة مديرية السدة محافظة إب كان عنده بيت وفرن للخبز في باب «السباح» بصنعاء وكان يأخذ منه ريالين في كل شهر مصاريف جيب ويأخذ ما يحتاجه من ملابس وغيره وكان يساعد زملاءه الطلبة الأيتام المحتاجين .

وظل هذا المبلغ معه يصرف منه طوال سنوات الدراسة كان يلبس أغلى الثياب محافظاٍ على مظهره دائماٍº وكان يقضي وقته في التعليم وطلب العلم يطالع أي كتاب يقع في يده محافظاٍ على الصلوات في أوقاتها وتلاوة القرآن الكريم كل يوم .

أكمل دراسته في مكتب الأيتام وانتقل إلى المدرسة المتوسطة التي درس فيها ثلاث سنوات بتفوق وانتقل بعدها إلى الثانوية وكان نظام الدراسة في المدرسة الثانوية أربع سنوات .

مدير بالإنابة

في سنة ثالث ثانوي تْوفى مديرْ المدرسة وأجمع المْدرسون والطلبةْ على أنú يقوم علي عبد المغني بأعمال مدير المدرسة لأنه كان رئيس المدرسة الثانوية والمتصرف بشؤون الطلبة ووافقت وزارة المعارف (التربية والتعليم) على ذلك .

وفي السنة الرابعة دْمجِتú المدرسة التحضيرية مع المدرسة الثانوية وتعين علي عبدالكريم الفضيل مدير التحضيرية سابقاٍ مديراٍ للمدرسة الثانوية بعد الدمج وتخرج علي عبد المغني من المدرسة الثانوية في ذلك العام وطلع الأول بامتياز كما هو شأنه في مراحل دراسته من مكتب الأيتام والمتوسطة والثانوية وهو الأول بامتياز كل سنة. .



وأقامتú وزارة المعارف حفل تخرج وألقى علي عبد المغني كلمة الخريجين وأْعجبِ الحاضرون ببلاغة كلامه وفصاحة لسانه وعند توزيع الجوائز تسلم جائزته وشهادته وأعطاه ولي العهد محمد البدر قلمه الذهبي فيما أعطاه وزير المعارف الحسن
بن علي ساعة يد نوع أوميغا ذهب وعينه سكرتيره الخاص بالوزارة .

في عام 1957م فتحت الكلية الحربية باب القبول لأول دفعة باليمن تنتخب من بين طلاب المدارس العلمية والثانوية والمتوسطة وتقدم لها مجموعة من بينهم محمد مطهر زيد وهذه الدفعة هي المعروفة باسم دفعة محمد مطهر ولم يتقدم علي عبد المغني فقد كان يأمل أنú يحصل على منحة دراسية إلى الخارج .

وفي العام الثاني 1958م فتحت الكلية الحربية باب القبول لدفعة ثانية وتقدم علي عبد المغني للالتحاق بالكلية الحربية ضمن الدفعة الثانية المعروفة الآن باسم دفعة علي عبدالمغني وتخرج منها وطلع الأول بامتياز وأقامت الكلية الحربية حفل التخرج وألقى كلمة الخريجين وعند تسليم الجوائز والشهادات لأوائل الخريجين قام ولي العهد البدر بتسليم علي عبد المغني جائزته وشهادته وأعطاه قلمه الخاص وهو قلم من الذهب وهذا القلم هو الذي صاغ به علي عبد المغني أهداف الثورة اليمنية .

وبعد التخرج من الكلية الحربية التحق بمدرسة الأسلحة والتحق معه بهذه المدرسة خيرة الضباط من خريجي الحربية والطيران والشرطة منهم زميله ورفيق دربه محمد مطهر زيد ناجي الأشول حمود بيدر عبد الله عبد السلام صبرة أحمد الرحومي وصالح الأشول وسعد الاشول وعلي علي الحيمي وعبده قائد الكهالي ومحمد مطهر زيد وأحمد بن أحمد الكبسي وغيرهم .

وبعد تخرجه من الثانوية في شهر محرم 1376 هـ وصل الطالب علي عبدالمغني الى مدينة المخا قاصداٍ بذلك زيارة زميله الحميم الملازم أحمد محمد شرف مدير شرطة المخا وطلب مساعدته على السفر عن طريق البحر الى القاهرة لمواصلة دراسته وليلحق بزميله حسين أحمد العيني وحاول الملازم أحمد محمد شرف وبذل كل جهده من أجل ركوب علي عبدالمغني على احدى البواخر التي كانت تحمل البضائع عن طريق قناة السويس إلى أوروبا, فلم تنجح المحاولة لكنه تمكن من تسفير علي عبدالمغني عن طريق الباخرة التي كانت تنقل براميل البترول من عدن إلى المخا بصحبة أحد سائقي الباخرة المسمى محمد البورزان من أهالي تعز, الذي تعهد للأخ أحمد شرف بإيصال علي عبدالمغني إلى مكتب الأحرار بعدن, وظل هنالك مدة ثلاثة أشهر ولم يتمكن من السفر إلى القاهرة, فعاد إلى تعز وزار زميله أحمد شرف وسافر إلى صنعاء بإيمان قوي لمواصلة المسيرة .

مسقط الرأس

وبعد تخرجه من مدرسة الأسلحة وحصوله على المركز الأول بامتياز قام بزيارة لمسقط رأسه في مديرية السدة لأول مرة منذ غادرها وعمره 9 سنوات وبهذه الزيارة كان عمره 22عاماٍ ورافقه في هذه الزيارة زميله وابن عمه الملازم عبدالوارث عبد المغني الذي ألِف عن الشهيد علي عبدالمغني فيما بعد كتاباٍ صغيراٍ والملازم عبده محمد قائد الكهالي وهم خريجو الكلية الحربية وأقام عند ابن عمه وزوج أخته الشيخ صالح بن صالح عبد المغني في قرية المسقاه لمدة عشرين يوماٍ وعاد مع زملائه إلى صنعاء .

الزيارة الثانية مع نفس الزملاء في عام 1960م حيث أقام في نفس البيت الأول عند الشيخ صالح بن صالح لمدة عشرين يوماٍ. .

أمِا الزيارة الثالثة فقد كانت في عام 1961م ونزل فيها أيضاٍ عند صهره الشيخ صالح بن صالح عبد المغني ولمدة خمسة عشر يوماٍ .

وكان برنامج إجازته في البلاد في الثلاث الزيارات واحد حيث يقوم في الصباح بزيارة القرى المجاورة مثل قرية تبعان وقرية بيت الرداعي وقرية ذريد والعرش بين الأشجار والمياه وقرية حفزان وكلها قْرى متقاربة ولمركز ناحية السدة مرة في الأسبوع ويرافقه دائماٍ زميله عبدالوارث عبدالمغني وعلي محمد عبدالمغني ومجموعة من شباب الأسرة وبعد العصر يجتمع مع جميع أفراد الأسرة وأهالي قرية المسقاة للمقيل والسمرة فقد كان يطول الحديث حتى المساء .

وعندما تتاح له أية فرصة تجده مع الكتاب أوغارق في التفكير وكان يردد دائماٍ: «اللهم أسمعني إعلان الجمهورية وأموت» وقد تحقق له ذلك وسمع إعلان الجمهورية لمدة سبعة أيام ومات شهيداٍ في ميادين البطولة والإباء .

في آخر زيارة له للسدة تفقد أهله في (المسقاة) و(بيت الرداعي) و(حرية) وأقام عند والدته يومين .

وحرصاٍ عليها من أن تصلها أخبار سيئة عنه أثناء غيابه صارحها بأنه مقبل على عمل كبير هو وزملاؤه وأوصاها أن تدعو له, ألحت عليه أن يخبرها بما هو مقبل عليه ليطمئن قلبها, فسألها عن رأيها في بيت حميد الدين .

فأجابته بفطرتها النقية: “ما يقومون به لا يرضي الله ولا رسوله” وزادت بقولها: “أمرهم إلى الله” فأدركته ابتسامة عريضة وشعور عميق بالفرح ثم قال: “والله يا أمي ما تسمعي عن ولدك إلاِ ما يسر خاطرك وأما بيت حميد الدين فو الله ما يذبحوني ولن أموت إلاِ موتة الأبطال” .

ثم توجه إلى مدينة تعز وهناك قام بالاتصال بخلية الضباط الأحرار وانتقل إلى الحديدة للغرض ذاته وقيل إنه سافر إلى عدن ومن ثم عاد إلى صنعاء .

في ديسمبر 1961م كان ميلاد تنظيم الضباط الأحرار على يديه وكان معه الشهيد محمد مطهر زيد – رحمهما الله- حيث يْعتبر ثاني فرد بالتنظيم بعد علي عبدالمغني .

وبعد مشاورات ومحاولات عديدة تأسس ه
ذا التنظيم الذي أخذ طابع السرية في عمله وتحركاته مثله كمثل الحركات التحررية الأخرى في الوطن العربي .

وكان علي عبد المغني واحدا من أبرز المؤسسين لهذا التنظيم وتولى مسؤولية إحدى خلاياه وكانت تضم عشرة أعضاء .

عاش علي عبد المغني مهموماٍ بهم الوطن يبحث عن حريته واستقلاله وهو طالب في المدرسة الثانوية وكان يسكن في غرفة صغيرة اسماها الكوخ كان يلتقي مع المثقفين والمشائخ والعلماء والطلبة وكان يحدثهم عن عظماء الرجال في العالم وما صنعوا من معجزات وكيف حرروا شعوبهم .

وينوه دائماٍ إلى ظلم الإمامة في بلادنا وكان يقول:«لولا الإمامة ما بقي المستعمر البريطاني في جنوب الوطن» .

في عام 1956م عندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي نظِمِ علي عبدالمغني مظاهرة طلابية مهيبة هزِتú عرش الإمامة وكانت أول مظاهرة في اليمن وبسببها تم سجنه في «الرادع» مع مجموعة من زملائه الطلبة .

التنسيق للثورة

بعد تخرجه من الكلية الحربية ومدرسة الأسلحة بدأ مشواره للإعداد للثورة وأسِسِ تنظيمِ الضباط الأحرار وتواصل مع العلماء والمثقفين والمشائخ وكل الأحرار داخل اليمن وخارجها .

وفي شهر يوليو 1962م التقى بالزعيم جمال عبدالناصر على متن باخرة مصرية في البحر الأحمر بشرم الشيخ حيث تم سفره إلى هناك على ظهر الباخرة اليمنية مأرب التي كان قبطانها الرائد محمد علي عبد المغني وكان ركوبه عليها من المخا وقد رتب له لهذه الزيارة محمد عبد الواحد القائم بأعمال السفارة المصرية بصنعاء حينذاك .

وحينها حصل على وعود من الزعيم جمال عبدالناصر للدعم ولنصرة الثورة اليمنية حال قيامها .

بعد عودته من مصر نظم مظاهرة الطلبة في كل من صنعاء وتعز والحديدة في شهر أغسطس 1962م لأنه أدرك أنِ هذه المظاهرة هي الجرس الذي سيجعل جميع اليمنيين يصحون من نومهم وإذا صحا الشعب من نومه فهو القادر والمتكفل بحماية الثورة خاصة وأنِ هؤلاء الطلبة ينتمون إلى كل المناطق اليمنية .

انتهت فترة الدراسة بمدرسة الأسلحة وحاز الملازم علي عبدالمغني على الدرجة الاولى, ثم أرسل من قبل إدارة الكلية الحربية للعمل بعرضي المدفعية مع مجموعة من الضباط أمثال: الملازم محمد مطهر زيد, الملازم حمود بيدر, وآخرين, وبعد فترة أقر الطلبة المتخرجون انتداب الملازم علي محمد عبدالمغني لمراجعة ولي العهد محمد البدر الموجود آنذاك في تعز وذلك لزيادة مرتب الخريجين وصرف أسلحتهم الشخصية مثل المسدسات, فسنحت الفرصة التي كان علي عبدالمغني يحلم بها, فتوجه على بركة الله بعد ان امضى فترة بجانب زملائه قام فيها بتدريب جنود المدفعية حيث التقى في تعز فور وصوله بالزملاء الضباط من الخريجين من نفس الدفعة التي تعينت أعمالهم في تعز أمثال: ملازم علي محمد الضبعي, ملازم أحمد علي الوشلي, ملازم سعد الاشول, كما التقى بالضباط الخريجين من مدرسة الصف الذين تقرر عملهم في تعز أمثال: محمد صلاح الهمداني, كذلك التقى بالأحرار أمثال: عبدالغني علي, عبدالغني مطهر, عبدالقوي حاميم والوالد الشيخ محمد أحمد باشا والشيخ علي محمد نعمان والشيخ عبدالواسع نعمان, وآخرين من عناصر القوى الوطنية, وسنحت له الفرصة للوصول الى محل المجاهد الكبير الشيخ المناضل أمين بن حسين أبو رأس الذي كان يسكن في داره في محل قرية الحوري قريباٍ من مركز مدينة ذي سفال حيث مكث لديه مدة ثلاثة أيام وقدم للملازم علي عبدالمغني مساعدة مادية ثم عاد الى تعز .

وكان الملازم علي محمد عبدالمغني قد قدم المراجعة لولي العهد أثناء مقابلته في مقره بقصر صالة, فوافق ولي العهد على تنفيذ كل ما جاء بقائمة المتطلبات الضرورية لخريجي الكلية الحربية التي قدمها الملازم علي محمد عبدالمغني له بصفته مندوباٍ عن الخريجين وتعهد ولي العهد للملازم علي عبدالمغني بأنه سينفذ كل شيء وأمر بصرف السلاح الشخصي للخريجين .

البيان الأول

اجتمع الملازم علي عبدالمغني مع الزملاء الخريجين الموجودين في الكلية الحربية ومدرسة الإشارة ومدرسة الأسلحة ومدرسة ضباط الصف والمستجدين في الجيش الوطني وفوج البدر وتلا على الجميع أمر ولي العهد الذي قضى بالموافقة على توفير المعاش وابلغ الجميع تحيات الزملاء الذين يعملون بلوائي الحديدة وتعز .

ثم اجتمع بصورة سرية ومكتومة مع الاخوة الضباط الذين عاهدوا الله وعاهدوه على السير في درب الإعداد والتنظيم للثورة, موضحاٍ لهم ما تم وتحقق في لقاءاته مع الاحرار في تعز والحديدة وما تم اتخاذه وإعداده مع الزملاء الخريجين الذين يعملون بتعز والحديدة, بما في ذلك الزملاء خريجو مدرسة ضباط الصف, الذين يعملون جنباٍ الى جنب مع الزملاء الخريجين بلواء الحديدة وتعز .

أعد الملازم علي عبدالمغني البيان الأول للثورة وأعد الأهداف والمبادئ الستة وتفجرت الثورة ليلة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م وتحرك الملازم علي عبدالمغني قبل المغرب وزميله ناجي محسن المسيلي بجانبه الى إدارة الهاتف وأعطى البطل حسين علي القواس وزملاءه كشفاٍ يحدد من يجب قطع تلفوناتهم وفي المقدمة تحويله قصر الب
شائر المقر الرئيسي للإمام محمد البدر .

عاد الملازم علي عبدالمغني الى الكلية وتحرك الساعة (الحادية عشرة والنصف) قبل منتصف الليل مع زميله الحميم الملازم محمد مطهر والملازم يحيى الفقيه والملازم محمد الثلايا ومعهم مدفع ميدان, اختار موقع الضرب بخزيمة وقام بقصف دار الشكر ودار البشائر وصد نيران الدفاع في البيوت المذكورة واسكت نيرانها وشكل مجموعات الاقتحام فتقدمت مجموعات الاقتحام لأداء مهامها دون أي دفاع, وحتى سال الدم من أذني علي عبدالمغني مدة يومين.



في صباح يوم الخميس – اليوم الأول للثورة- تحرك في دبابة الى عرضي المدفعية وفتح الباب وأطلق سراح الملازم حمود بيدر وألقى كلمة بعرضي المدفعية قائلاٍ: إن الثورة ثورة شعب يساندها أبناء الشعب, في مقدمة ذلك القوات المسلحة وقوات الأمن والقوات البحرية ثم عاد الى الكلية الحربية بعد انتهاء تلك المهمة وأرسل الشيخ محمد عبدالواسع عبدالمغني الى محطة الإذاعة لإلقاء قصيدة نشوان الحميري المشهورة بالدامغة بعد البيان الأول للثورة مباشرة .

وكان الملازم علي عبدالمغني يوم الأربعاء السابق للثورة قد أخطر بعض المشائخ الأحرار وأبنائهم بالحضور ساعة الصفر (أي ليلة الثورة) وهم من المناضلين الذين لهم رصيد ثوري ويمثل كل واحد منهم رئيس خليته في ذلك التنظيم الذي أعده علي عبدالمغني من خلال لقاءاته بهم فأدى كل واحد ممن ذكر واجبه ساعة الصفر ليلة 26 سبتمبر عام 1962م كذلك في صباح يوم الثورة أفرج عن الرهائن في حبس القلعة من أبناء المشايخ فوصلوا الى الكلية الحربية واشترك كل واحد منهم في واجب .

دفاع واستماتة

كان لعلي عبدالمغني الدور الطليعي الأول في ايقاد شعلة الثورة ليلة 26سبتمبر عام 1962م ولما تفتحت المعارك ضد الثورة منذ الأيام الأولى من قيامها حرص الضباط على أن يبقى الملازم علي عبدالمغني في صنعاء, بجانب النقيب عبداللطيف ضيف الله, والمقدم عبدالله حسين جزيلان, للتعاون مع الزعيم عبدالله السلال المنتخب رئيساٍ للجمهورية باعتبار علي عبدالمغني الرجل الأول المخطط للثورة فتسابقوا الى ميادين القتال للدفاع عن الثورة بكل شجاعة واستبسال ولكن الشهيد علي عبدالمغني لم يرض لنفسه ان يدفع بزملائه الى ميادين القتال ويجلس على كرسي يصدر إليهم الأوامر, قاتلوا واستميتوا وإنِا ها هنا قاعدون, بل قال: إن الدفاع عن الثورة يجب أن يكون من الخطوط الأمامية, حيث اشتعلت المعارك في صعدة والجوف وحريب وقعطبة ومأرب .

ولما اشتد الحصار على مأرب نهض الشهيد علي عبدالمغني من كرسيه في مجلس قيادة الثورة ليتحرك على رأس حملة عسكرية نظامية لإنقاذ مدينة مأرب نظراٍ لما لها من أهمية قصوى في نظر الثورة, وذلك لأن الشريف الهبيلي يحيك مؤامرات استعمارية لاقتطاع السهول الشرقية: مأرب, الجوبة, حريب الى إمارة بيحان في ظل الحماية البريطانية لمد عمق استراتيجي للدفاع عن الوجود البريطاني في عدن .

ولا يخفى ان الهيبلي كان يغازل بعض مشائخ المنطقة من قبل الثورة بفترة, ولما قامت الثورة الخالدة كانت الحامية العسكرية قد جربت أمورها وطلبت إرسال رواتب الأفراد الشهرية وتحركت طائرة عمودية يقودها طيارون من الاتحاد السوفيتي وعليها الملازم زين الله العامري لإيصال رواتب الجنود المتأخرة واستطلاع الموقف وذلك في اليوم الرابع من قيام الثورة .

وما إنú هبطت الطائرة على مطار مأرب الترابي, حتى أحدق بها المرتزقة الأجانب من كل جهة بعد أن غادرها الطيارون والملازم زين الله العامري مباشرة, واستولوا عليها وأحرقوها وبدأوا يهاجمون الحامية العسكرية في المدينة واستطاعوا ان يحاصروا المدينة لفرض الضغط على الحامية العسكرية للتسليم ولكن الأفراد والجنود صمدوا بإمكاناتهم المحدودة واقتضت الشرعية الدفاعية عن النفس أنú تنقذ مدينة مأرب, وقام الشهيد علي عبدالمغني بتجهيز الحملة العسكرية المؤلفة من: 56 فرداٍ من طلاب مدرسة المدفعية جناح م/ط الذين كانوا يتدربون على يد الملازم المدفعي علي عبدالمغني, 4 سرايا من الجيش الوطني, 4 عربات مصفحة 4×4, 4 سيارات نقل فرجو, مدفع ميدان عيار 76م, كما استصحب معه كل من الملازم محمد فايع, الملازم محمد عبدالخالق والملازم محمد غالب الساقي والملازم محمد حسن العمري .

هذا وقد تحركت الحملة حوالي الساعة الرابعة عصر يوم 7 أكتوبر 1962م وعند وصولها مدينة جحانة حوالي الساعة السادسة مساء أمر بالتوقف وقام الشهيد علي عبدالمغني بجمع المسؤولين العسكريين والمدنيين في مدينة جحانة وتدارس معهم الموقف لفترة لا تزيد عن ساعة واحدة, ثم أمر بمواصلة السير ليلاٍ عبر نقيل العرقوب ومنطقة الاعروش فنقيل الوتدة, وفي حوالي الساعة العاشرة صباحاٍ وصلت الحملة مركز صرواح, حيث كان في استقبالها مدير الناحية القاضي حسين العرشي وقائد السرية العسكرية من الجيش الدفاعي وأفراد السرية, وجمع غفير من مشائخ وعقال وأفراد منطقة جهم, وكلهم فرحون مبتهجون بالثورة, ثم أقام المسؤولون الحكوميون والمشائخ والأعيان مأدبة غداء كبرى للملازم علي عب
دالمغني والضباط والأفراد وبعد تناول الغداء أمر الملازم علي عبدالمغني بترك الحملة, لكي لا يعطي العدو فرصة لتخريب الطريق ونصب الكمائن وقد انضم الى الحملة حوالي عشرة أفراد من أبناء صرواح بناء على رغبة الملازم علي عبدالمغني استشهد منهم اثنان في معركة باب الضيقة .

فكانت المعلومات التي جمعها عبدالمغني تشير الى احتمال كمين يعترض الحملة في منعطف يقع بين صرواح وباب الضيقة وعند مرور الحملة بهذا المنعطف رشقتها بعض العيارات النارية وحينها اتخذت الحملة وضع الاستعداد للقتال ووجهت بعض نيرانها على مصادر النيران المعادية, غير ان تلك النيران اختفت, فعادت الحملة الى وضعها السابق, وواصلت التقدم نحو مأرب وعند وصولها باب الضيقة حوالي الساعة الخامسة والنصف من يوم 8 أكتوبر سنة 1962م وقعت في الكمين المعد اعداداٍ فنياٍ وتكتيكياٍ بخبرة عسكرية فائقة حيث سقطت المصفحة الأولى في الحفرة المموهة بغصون الأشجار, ثم تلتها المصفحة الثانية, وكان الملازم علي عبدالمغني في المصفحة الثانية وهذا حسب رواية شاهد عيان وبطل من أبطال الحملة الرائد صالح الضنيني أحد الأفراد الذين كانوا يدرسون في مدرسة المدفعية جناح م/ط على يد الشهيد علي عبدالمغني .

وفعلاٍ اشتبكت القوات مع أفراد الكمين واستمرت الاشتباكات لمدة ساعتين, تكبد العدو خلالها خسائر كبيرة في الأرواح وكان الشهيد علي عبدالمغني قد حاول ان يهجم على موقع قريب منه بالقنابل اليدوية .

وعندما فتح باب المصفحة وقفز منها تحالفت عليه عدد من الطلقات, فاضت على إثرها روحه الطاهرة إلى جوار ربه شهيداٍ طاهرا .

حين علم أبو الأحرار محمد محمود الزبيري بخبر استشهاد علي عبدالمغني وهو في جحامة بخولان دمعت عيناه واستدعى المشائخ والأعيان وأعلمهم بالموقف وأخذ منهم اليمين المغلظة بالوقوف إلى جانب الثورة والجمهورية وعدم الخيانة وأخذ الثأر لروح بطل الثورة ومفجرها الشهيد الملازم علي عبدالمغني .

قائد الثورة بشهادة رجال عظماء

*القائم بأعمال السفارة المصرية بصنعاء قبل قيام ثورة 26سبتمبر الأستاذ محمد عبدالواحد قال في تقاريره التي كان يبعث بها إلى بلاده وتوجد منها نسخة في كتاب “أسرار ووثائق الثورة اليمنية” إن علي عبدالمغني هو زعيم الضباط الأحرار وقائد الثورة .

الضباط الأحرار الذين ألفوا كتاب «أسرار ووثائق الثورة» قالوا إنِ علي عبدالمغني كان قائد التنظيم بالإجماع وهو مِن أسس التنظيم بإنشاء الخلايا التي كانت نواة التنظيم والتي كانت غير مترابطة ولا تعرف كل خلية مِن هي الخلية الأْخرى وكان علي عبدالمغني هو العامل المشترك في كل الخلايا .

رموز ثورة 26سبتمبر الذين دكوا عرش الملكية جميعهم قالوا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وأنه مِن كان يٍصدر الأوامر بعد الثورة ومن هؤلاء اللواء الركن حمود بيدر واللواء الركن يحيى محمد المتوكل واللواء الركن ناجي علي الأشول واللواء الركن السفير عبدالله محمد الراعي واللواء الركن علي محمد الشامي واللواء الركن حسين شرف الكبسي واللواء الركن علي عليالحيمي واللواء الركن السفير عبدالله عبدالسلام صبرة واللواء الركن حسين علي خيران واللواء الركن ناجي المسيلي واللواء الركن أحمد قائد العصري واللواء الركن محمد علي النهمي واللواء الركن هاشم صدقة واللواء الركن صالح الأشول واللواء الركن محمد عبدالله الوشلي واللواء الركن يحيى الحياسي واللواء الركن عبدالله المؤيد حيث ذكروا ذلك في عدة مناسبات ومقابلات ومقالات صحفية وتلفزيونية وإذاعية .

فيما قال الأستاذ الكبير عبدالغني مطهر إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة هو توأم جمال عبدالناصر .

والمناضل الكبير المشيرعبدالله السلال ذكرفي مذكراته – حسب علي عبدالله السلال- إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وهو رئيس الجمهورية .

أستاذنا الكبير الأديب عبدالعزيز المقالح كتب في أكثر من مقال وفي أكثر من مناسبة أنِ علي عبدالمغني كان نابغةٍ في الأدب وفيلسوفِ الكلمة وكان يمكن أنú يكون له شأن عظيم في الأدب وغيره لكن القدر سخِرِهْ لأن يقوم بالثورة ويْحرر الوطن من ظلم الإمامة في الشمال والاستعمار في الجنوب وينقذ الشعب .

الأستاذ محمد حسنين هيكل كتب في كتابه «خريف الغضب» إنِ العقيد علي عبدالمغني قائد الثورة وقد استْشهدِ في ظروف غامضة. .

أمِا اللواء صلاح المحرزي وكيل الاستخبارات المصرية فقد تكلم عن الشهيد علي عبدالمغني ووصفه بأنِهْ قائدْ الثورة الفعلي .

أعضاء قيادة الثورة المصرية 23يوليو كمال الدين حسين وعبداللطيف بغداد وحسن إبراهيم ذكروا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة اليمنية وأنِهْ استشهد في ظروف غامضة .

محبوب الجميع



** المناضل حسين شرف الكبسي قال عنه: – الحقيقة لن يستطيعوا إنصافه ولو كتبوا ما كتبوا لأن دوره كان كبيراٍ جداٍ دوراٍ ليس بسيطاٍ ولا هيناٍ فهو أول من فكر بإقامة ثورة مخخط لها مسبقاٍ وبدأ أولى خطواتها بإقناع كل الفصائل الوطنية التي كانت تحمل أفكاراٍ مغايرة بضرورة الاجتماع على كلمة واحدة ورأي واحد وقد تحقق ل
ه ذلك ودمج كافة الكيانات السياسية داخل كيان واحد استطاع من خلاله تأسيس تنظيم الضباط الأحرار الذي أقسم كل أفراده على أن نتخلى عن أي تنظيم سياسي أو حزبي وأن يكون عملناٍ داخل التنظيم من موحداٍ لإجل الوطن والفضل في ذلك يعود للشهيد علي عبد المغني الذي كان محبوباٍ لدى الجميع ولديه قدره عاليه على الإقناع وقد اقسمنا على المصحف والمسدس انا يد واحده في العمل ومواجهة الأخطار بعيداٍ عن الحزبية والعنصرية والطائفية وما إليها .

ودور علي عبد المغني تجلى في خلق هذا الاصطفاف داخل تنظم الضباط الاحرار الذي يعد هو لبنته الأولى والابتعاد بأعضائه عن العنصرية والطائفية التي كان لها تأثير كبير جدأ ما سهل لنا العمل بسرية تامة يد واحدة وصف واحد متماسك لم يستطيع أحد اختراقه أو العلم بأعضائه حتى عشية السادس والعشرين من سبتمبر 1962م حين قررنا القيام بالثورة وتغيير نظام الحكم الذي لم يعد هناك بد من القضاء عليه وإنتشال اليمن من براثنه .

علي عبد المغني كان محبوباٍ من قبل الجميع بسبب أخلاقه العاليه وتواضعه الجم إلى جانب دوره في الابتعاد بالمناضلين عن أساليب الفرقة والتشرذم .

خروج علي عبد المغني على رأس الحملة المكلفة على الملكيين والمتمردين على الثورة في مأرب هل كان بإرادته أم بتكليف من القيادة¿ الشهيد علي عبد المغني خرج يقود الحمله إلى مأرب بإرادته وتصميمه وقد حاولنا إثناءه عن ذلك ولكنه صمم بشده رغم إلحاحنا عليه وقولنا له أن القيادة والثورة بحاجة إليه وإن هناك من سيقود الحمله بدلاٍ عنه لكنه واجهنا الجميع برفض وأنا ممن حاولوا معه وقلت له:ابق هنا في القيادة فأنت مرجعنا ونحن بحاجة كبيرة إليك فقال لي:وهل تريد ياحسين أن يقولوا لي جلستم على الكراسي ونحن نقاتل¿ِ…وصمم على ذلك وخرج بالحملة على مأرب وهناك لاقاه الأجل رحمه الله .

بكاهْ عبدالناصر

*عندما وصل أنور السادات إلى صنعاء ومعه المشير عبدالحكيم عامر قال أنه أرسلهما الزعيم جمال عبدالناصر ليعزيا الشعب اليمني باستشهاد قائد الثورة علي عبدالمغني .

وقال السادات إنِ عبدالناصر بكى عندما سمع باستشهاد علي عبدالمغني .

رئيس الجمهورية السابق المشير علي عبدالله صالح قال في أكثر من خطاب وأكثر من مناسبة إنِ علي عبدالمغني هو القائد والمخطط ومفجر ثورة 26سبتمبر .

كذلك اللواء عبداللطيف ضيف الله قال في مقابلة مع الزعيم جمال عبدالناصر في القاهرة أنا والسلال وآخرون قال لنا الزعيم جمال عبدالناصر إنِ علي عبدالمغني هو قائد الثورة الفعلي .

القيادة العليا للثورة في ساعة الصفر حين اندلاع الثورة كانت هي الممثلة والناطقة باسم الثورة وكان القائد الأعلى لها هو علي عبدالمغني وهو الذي كان يصدر القرارات والأوامر .

قصب السبق

*المناضل الشيخ عبدالعزيز الحبيشي قال عنه: أودْ أن أشيد بمِن صاغوا أهداف الثورة اليمنية والذين كانوا على قدرُ كبير من الحنكة السياسية والمعرفة بمستجدات الراهن ومتطلبات وطموحات الوطن وقدرُ عالُ من حب الوطن والإيثار فجاءتú تلك الأهداف التي صاغوها بحبات قلوبهم وعمدوهم بدمائهم الزكية مْلبيةِ لطموحات وآمال كل اليمنيين بلا استثناء .

وهنا يجب أنú نشيد بالدور المشهود في هذا الجانب للشهيد علي عبدالمغني الذي كان له قصب السبق في الإعداد لثورة سبتمبر وصياغة أهدافها والمسارعة في الانطلاق إلى ميادين البطولة والقتال لنيúل شرف الموت في سبيل رفعة ومجد هذا الوطن الحبيب .

فعليه وعلى كل الشهداء الأبرار الرحمة والمغفرة ونسأل اللهِ لهم الفردوس الأعلى فليس هناك أكثر وأصدق جوداٍ وتخليداٍ من بذل الروح في سبيل الوطن .

فيما يقول المرحوم أحمد جابر العفيف: عرفته في بداية عام1955م وهو بالمرحلة الثانوية وكانت تربطني به وزملائه روابط الشعور بالمسؤولية فقد كنت يومها مسؤولاٍ عن التعليم بالوزارة وكنت أشعر بان هذا الشاب ليس عادياٍ فهو إلى جانب امتيازه في التحصيل والخلق المتين فهو من الأبطال الذين لابد وأنú يغيروا مجرى الحياة في البلاد .

بطل الثورة

وعن شخصيته الثقافية يتحدث الدكتور عبدالعزيز المقالح ليقول: من الناس من يعيش مائة عام ثم يختفي وكأنه لم يعش يوما واحداٍ ومنهم من يعيش عشرين عاما ثم يمضي وكأنه عاش ألف عام والحياة ليست بطولها وعرضها ولاهي بالسنوات الكثيرة بل هي تلك اللحظات المليئة بالجليل والعظيم. .

والبطل الذي أتقدم بخجل لأضع زهرة على قبره المجهول كان يقول دائماٍ العمر لا يقاس بالسنين وإنما بما يصنعه الإنسان في هذه السنين ذلك هو بطل الثورة الشهيد علي عبدالمغني شاب يمني أسمر في الثانية والعشرين من عمره وقد كتب هذا الكلام وكلاما كثيراٍ رائعاٍ في مجلته الحائطية التي كان يشرف عليها عندما كان طالباٍ في المدرسة الثانوية وفي هذه المجلة الحائطية كان البطل الشهيد علي عبد المغني يكتب دراسات مكثفة وقصيرة عن شخصيات العظماء في التاريخ تحت عنوان”في المرآة” .

ويضيف المقالح: كان الشهيد ألمع زملائه ذكاءٍ وعقلا وكان قادرا على تحديد مدى وعي هؤلاء الزمل
اء وإمكانياتهم الذاتية وكان بالرغم من تدني الوعي السياسي في صفوف الطلاب أكثر وعياٍ من الذين يشتغلون بالسياسة وكان يتعمق بالدراسات الاقتصادية والاجتماعية كما كان شغوفاٍ بالأدب الى حد بعيد أما حبه لبلاده فكان بلا حدود .

إرادة قوية



قال العميد المرحوم ناجي الاشول: علي عبدالمغني ظل مرتبطاٍ بمدرسته وبزملائه الطلاب وكان يقيم في غرفة في المدرسة الثانوية أطلق عليها اسم الكوخ مع نخبة من زملائه كانت فيه تعقد الندوات العملية والفكرية والسياسية ويؤمه الكثير من الشباب .

وقد كان الطلاب يتلقون تربيتهم الوطنية من واقع الحياة التعيسة والمحاطة بكل وسائل الكبت والقهر والحرمان إلا أن دور الشهيد علي عبدالمغني في هذا المضمار كان يبني الثقة بين الطلاب والتأليف بين قلوبهم ومشاعرهم ليحطم أشباح اليأس المستبدة بالنفوس..

لم يطمئن لمغريات المنصب الذي هيئه له وزير المعارف ربما كان يعتبره ضرباٍ من ضروب الشراك التي يلجأ إليها نظام الاستبداد وحين أعيد فتح الكلية الحربية بعد مجيء صفقة الأسلحة السوفيتية والتشيكية في العام 1957م تقدم للالتحاق بالكلية الحربية مجاميع من الشباب الذين رغبوا بالانخراط بالسلك العسكري برغم ما يعرفوه عن قسوة الحياة العسكرية وانحطاطها في ذاك الوقت ونجح عدد محدود من الشباب المتقدمين للتجنيد لم يكن علي عبدالمغني واحداٍ منهم ليتم قبوله في الدفعة الثانية الذي كنت أنا منهم .

وكان علي عبدالمغني ذا ذكاء خارق في الكلية الحربية الى جانب همة ونشاط كبيرين وكان يمتلك القدرة الفائقة في التأثير والإقناع فكان يعد نفسه لأمر عظيم. .

وعن تأسيس تنظيم الضباط الأحرار يقول: بالنسبة للجماعة الأولى التي دعت الى تأسيس تنظيم الضباط الأحرار فلا شك أن الشهيد علي عبدالمغني هو أول من تبنى هذه الفكرة .

العقل المفكر

* فيما أطلق عليه المناضل علي الحيمي بالعقل المفكر لثورة سبتمبر العملاقة ويقول: عندما ترأس اجتماعنا الزميل الشهيد علي عبدالمغني وفي بداية الاجتماع قمنا بأداء القسم على المصحف الكريم والمسدس وكان نصه(أقسم بالله العلي العظيم أن أعمل مخلصاٍ لأمتي وبلادي وان أفديها بدمي. . وأن لا أفشي سراٍ ولو أدى إلى إنهاء حياتي) .

رئيس الخلية

* العميد يحيى الحياسي كان عضواٍ في خلية الشهيد علي عبدالمغني وزميله في الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية آنذاك تحدث عن مرحلة الإعداد للثورة والدور الذي لعبه الضباط الأحرار وفي مقدمتهم الشهيد علي عبدالمغني قبل قيام الثورة: كنت في خلية رئيسها علي عبد المغني مكونة من خمسة ثوار علي الحيمي وناجي المسيلي ومحمد الشراعي ويحيى الحياسي الى جانب رئيس الخلية وجميعنا ضمن الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية عام 1960م. .

وكنا نتدارس الأوضاع مع علي عبدالمغني باعتباره رئيس الخلية وكان علي الاتصال بالعسكريين والمدنيين .

أنشطهم

أما الكاتب البريطاني فرد هاليدي ترجمة د .محمد الرميحي فيقول: إنِ مجموعة من ضباط الجيش اليمني تتألف من أعضاء لجنة سرية من أصل أربعمائة ضابط هم الأقوياء في الجيش اليمني وقد شارك ثمانية ضباط فعلاٍ في تنفيذ الانقلاب وكان من أنشطهم ملازم عمره 25 سنة هو علي عبدالمغني ومعه المقدم عبدالله جزيلان والنقيب عبداللطيف ضيف الله .

شاب نبيل

أما العقيد محمد عبدالله الوشلي (أحد الضباط الأربعة الذين كانوا يشكلون مجموعة الاقتحام الثانية لدار البشائر) فقد قال: وهب الله لهذا الشعب اليمني من صفوة شبابه المثقف الواعي المطلع بما يجري في هذا الكوكب فجمع شملهم ويسر لهم أسباب الثورة والنصر فكانت القناعة بحتمية الثورة وتتمثل هذه الصفوة الممتازة في الدفعة الاولى كلية حربية برئاسة محمد مطهر زيد والدفعة الثانية برئاسة الشاب النبيل الذي قد لا يولد له مثيل الشهيد علي عبد المغني .

الرمز الأبدي

اما اللواء متقاعد صلاح الدين المحرزي احد أبرز القادة المصريين الذين عملوا في اليمن قبل الثورة وبعدها وعمل خلال الفترة من 1957م الى 1960م كبيراٍ لمعلمي البعثة العسكرية المصرية وشارك في تدريب وإعداد فوج البدر وكان له دور بارز في إقناع الإمام بفتح الكلية الحربية وعمل في الدفعة الأولى والثانية مدرساٍ للأسلحة وكان محل تقدير وإعجاب الجميع نظراٍ لكفاءته وعلاقاته الطيبة خاصة مع طلبة الكلية الذين غرس فيهم الروح الثورية للتخلص من الحكم الإمامي. .

فقال بعد ان سرد قصة الثورة اليمنية:(على ضوء ما سبق نصل الى الحقيقة التي تاهت مع قيام الثورة ومكنت الانتهازية من سرقة الثورة وهي في بدايتها من يد ابنائها وشهدائها الضباط الصغار كما سموهم في ذلك الحين وقائدهم علي عبدالمغني ولست أدري ان كان التاريخ سوف ينصف هؤلاء ام ستظل الحقيقة تحت التراب تطالب كل قلم حر ان يعطيها ولو كلمة صدق وشرف. .

ومع ذلك سيظل الشهيد على عبدالمغني وإخوانه الشهداء ضباط سبتمبر وآلاف المصريين الشهداء في قبورهم على تراب اليمن الرمز الأبدي لثورة 26 سبتمبر معجزة القرن العشرين) .

قائد الثورة
*وعن دور الشهيد عند القيام بالثورة يقول الأستاذ يحيى المتوكل: ان القائد الحقيقي للثورة هو علي عبدالمغني وقد كلفني بعدد من المهام المتعلقة بالتنظيم كما كنت خلال اليوم الثاني والثالث للثورة أساعد في التواصل مع مسؤولي قصر السلاح لإعداد وتجهيز الأسلحة والذخائر للحملات العسكرية التي تحركت الى جبهة القتال, ثم كلفني بعدها بقيادة الحملة العسكرية الى جبهة القتال الشمالية الغربية القفلة –شهارة- وشحة. .

كان علي عبدالمغني بعد انفجار الثورة في قلب الأحداث وكانت المعارك تشتعل هنا وهناك فيقوم بتوجيه الحملات لإطفائها ويزودها بما تحتاجه من ذخائر وأسلحة ومواد تموينية, كما كان يكلف زملاءه الضباط بالتحرك الى المناطق المختلفة حسب ما يحددها هو فيزودهم بالتعليمات والمهام التي سيقومون بها وهي مهام في أغلبها قتالية. .

كنا جميع ضباط الثورة نتعامل مع الرئيس السلال بكل احترام وتقدير ونتلقى منه التعليمات وننفذها ولكننا في مهام القتال كنا نتلقى تعليماتنا مباشرة من علي عبدالمغني باعتباره المسؤول عن الشؤون العسكرية بصفة خاصة بينما تولى المشير السلال إدارة شؤون الدولة .

كنا جميعاٍ موالين للتنظيم ومؤمنين بقيادة يكون على رأسها علي عبدالمغني ولكن عند موت الإمام احمد لم يكن قد بت في هذه المسألة, ولم يكن علي عبدالمغني متحمساٍ لتحمل مسؤولية قيادة الثورة وبدأنا بالبحث عن حل وكان القرار نأتي بشخصية من خارج التنظيم, فقد كانت تدور في رؤوسنا التجربة في مصر شئنا أم أبينا, لهذا تم تكليف عبدالله جزيلان وأحمد الرحومي والرحبي للنزول الى الحديدة بهدف إقناع العميد حمود الجايفي ليكون زعيماٍ للثورة وبلغوه رسالة التنظيم وحاولوا طويلاٍ إقناعه لكنهم أخفقوا وتنصل رحمه الله من هذه المسؤولية .

وهكذا عاد الوفد الى صنعاء ليقول إنه لا فائدة من محاولة إقناع الجايفي الذي قال إنه مستعد ليكون جندياٍ للثورة لكنه ليس مستعداٍ لأن يتحمل مسؤولية قيادة الثورة ولهذا بدأنا البحث عن شخصية أخرى فوقع الاختيار على الزعيم عبدالله السلال وقد تحمسنا نحن ضباط كلية الطيران لأننا كنا من المؤيدين للسلال أكثر من الجايفي لوقوفه إلى جانبنا خلال إغلاق الإمام الكلية ومواقفه أثناء ثورة 1948م وفي رد على سؤال: لماذا ترددتم في اختيار علي عبدالمغني, لقد كنتم تبحثون عن زعيم بينكم¿ كان الرد, جاء موت الإمام أحمد المفاجئ ونحن لم نحسم الكثير من القضايا من بنيها قضية من يكون الزعيم بعد انتصار الثورة إضافة الى ذلك لم تكن لدى علي عبدالمغني الرغبة والطموح ليقول لنا أنا فنقول جميعاٍ موافقون, أضف الى ذلك كان هناك من يرى انه لابد أن يكون لدينا واجهة معروفة عند الناس حتى يقبلوا بها وهو نفس السيناريو الذي تكرر في مصر عندما اختير محمد نجيب رئيساٍ بينما رئيس الثورة جمال عبدالناصر .

تفجير

* وفي هذا الإطار يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه سنوات الغليان الجزء الاول- 1988م وفي فقرة من حديثه عن ثورة اليمن ص 622, (صباح يوم 18 سبتمبر 1962م تسربت من اليمن أخبار تفيد ان الإمام أحمد قد مات وترددت إشاعات توحي بأنه قتل نتيجة لقيام أحد ضباط الجيش بإطلاق النار عليه وما لبثت إذاعة صنعاء ان أذاعت نبأ وفاة الإمام رسمياٍ وخلفه ابنه الأمير (محمد البدر) ولي العهد وبدت الأمور طبيعية في اليمن. .

وفي صباح يوم 26سبتمبر 1962م لم تعد الأمور طبيعية في اليمن فقد أعلنت إذاعة صنعاء صباح ذلك اليوم عن قيام انقلاب قاده العميد (عبدالله السلال) وان هذا الانقلاب استولى على السلطة بعد مقتل (البدر) في معركة مسلحة دارت على أبواب قصره في صنعاء وبعثت السفارة المصرية في اليمن ببرقية تقول فيها إن القادة الحقيقيين للثورة مجموعة من الضباط الشباب أبرزهم علي عبدالمغني” وكان التأييد الشعبي الذي حصل عليه الانقلاب من اللحظة الأولى كاسحاٍ فسجل أسرة حميد الدين لم يترك لأحد دموعاٍ يذرفها عليه داخل اليمن أو خارجه) وهذا الكلام يؤكد الدور البارز للشهيد في قيادة الثورة وتفجيرها مع رفاق نضاله الضباط الأحرار الذين حملوا رؤوسهم على اكفهم وحققوا المعجزة الكبرى والنصر المبين فكانت ثورة سبتمبر أم الثورات اليمنية للتخلص من الاستبداد ومخلفاتهما في ربوع اليمن الواحد .

شهادة الإمام البدر



جاء على لسان الإمام محمد البدر انه في مساء يوم 26سبتمبر 62م وقع انقلاب عسكري في اليمن بقيادة ضابط يمني صغير في الجيش يدعى علي عبدالمغني وقد قتل بعد الانقلاب وهذا أعطى العقيد عبدالله السلال الفرصة للاستيلاء على السلطة ويقول ان السلال كان صديقي الحميم وقد عينته قائد الحرس الملكي .

ويقول الدكتور سعيد محمد باذيب: وخلاف ما قيل عن ان قائد الثورة هو العقيد عبدالله السلال الذي عينه الإمام قائداٍ للحرس الملكي فإن مدبر الثورة والمخطط الرئيسي هو ضابط صغير الرتبة هو علي عبدالمغني وقال الإمام البدر انه في ليلة الانقلاب كان يترأس اجتماعاٍ لمجلس الوزراء وبعد الاجتماع حاول الضابط حسين السكري نائب العقيد السل