اليمن_تاريخ_وثقافة
11.1K subscribers
143K photos
350 videos
2.19K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#ظفار #ساكلن

ظفار أو أرض اللبان، عرفت قديماً (بلاد بونت، ساكلن، أوفير)، وهي تشكل ثلث سلطنة عمان تقع محافظة ظفار في الجزء الجنوبي من سلطنة عمان وتتصل من الشرق بمحافظة الوسطى التي كانت تشكل الثلث الشرقي من ظفار ومن الجنوب الغربي في الجمهورية #اليمنية أما من الجنوب فتطل على بحر العرب ومن الشمال على صحراء الربع الخالي المحاذية للحدود السعودية ويسمى نجد ظفار وهي بادية ظفار. وهي أرض اللبان والبخور في الجزيرة العربية منذ القدم، وتكتسب محافظة ظفار أهمية تاريخية في التاريخ العماني، حيث أشتهرت قديما بتصدير اللبان لحضارات العالم القديم، كالحضارة الفرعونية والاشورية والفارسية والرومانية والإغريقية وتعتبر بوابة عمان الضخمة على المحيط الهندي وحلقة الوصل بينها وبين ساحل شرقي أفريقيا. ومعبر القوافل في جنوب شبه الجزيرة العربية وقد ذكرت ظفار في العديد من الروايات وكذلك ذكرت في حديث روي عن السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق.

التاريخ

تشتهر ظفار بإنتاج اللبان الذي تنمو أشجاره بغزاره في واحة حوجر وانظور بجبل سمحان وفي وادي عدونب[2] وسدح وهانون وحاسك والذي مهدت تجارته لترسيخ علاقة المنطقة بحضارات العالم القديم قبل حوالي 8 آلاف سنة، حيث تم تصديره إلى بلاد ما بين النهرين والهند ومصر واليونان وفارس وروما القديمة من ميناء سمهرم وعبر طرق القوافل البرية. كما يوجد فيها العديد من الآثار التاريخية والاكتشافات الأثرية الهامة كالبليد ومدينة شصر وسمهرم والأحقاف، ويعود تاريخ أغلب هذه الاكتشافات للألف الثالث قبل الميلاد، من التسميات القديمة لظفار (( ساكلن، بونت، اوبار، عفار، اوفير ،بلاد الشحر، ريدان)) وتمثل جزءاً كبيراً من بلاد الأحقاف المذكورة في القرآن الكريم في قصة قوم عاد وهود. كما تم ذكرها في النقوش الفرعونية في معبد أبوصير البحري ورسم لوحة جدارية لرحلة اسطول الملكة حتشبسوت الفرعونية إلى ظفار. وكانت تسمى أيضاً بالبلاد السعيدة تاريخياً. وتعتبر تاريخيا المصدر الرئيسي لشجرة اللبان.

أسلم أهل ظفار طوعاً في عهد النبي محمد، وقدم وفد ظفار والشحر بزعامة زهير بن قرضم المهري وارتبطت بدول الخلافة الإسلامية، وفي القرن السادس الهجري حكم ظفار المنجويون ومنهم السلطان الأكحل محمد بن أحمد المنجوي، وفي القرن السابع الهجري حكم الحبوظيون ظفار ومنهم سالم بن إدريس الحبوظي الذي غزا حضرموت واستولى على بعض مدنها وانتهى حكمه على يد الدولة الرسولية سنة 678 هـ، وفي عهد الرسوليين زار ظفار الرحالة ابن بطوطة والرحالة الإيطالي ماركو بولو في القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي، وفي القرن السادس عشر الميلادي استولت الدولة الكثيرية علي ظفار لكنها خضعت لحكم الدولة القاسمية اليمنية في السابع عشر الميلادي، وفي القرن التاسع عشر خضعت ظفار إلى دولة البوسعيد تحت حكم السيد سعيد بن سلطان.

اللغة

بينما العربية هي اللغة الرسمية للبلاد ويتحدث بها معظم السكان، إلا أنه يوجد هنالك لهجات ولغات عربية جنوبية تعود إلى عصور ما قبل الإسلام، إندثرت من جميع أرجاء جنوب شبه جزيرة العرب ما عدا ظفار في عُمان وبعض أجزاء من اليمن وجنوب السعودية. هذه اللغات الأكثر إنتشاراً هي اللغة الشحرية والتي يتحدث بها أغلب ساكني ظفار وبعض أهل المدينة، ومن ثم تأتي اللغة المهرية والتي يتحدث بها بعض من سكان ريف ظفار والمدينة وأغلبية أهل بادية ظفار
ظفار في تُحفة النظّار

أصبحت كتابات الرحالة والجغرافيين حقلاً مهما للدارسين والباحثين، خاصة أولئك المهتمين بالعلوم الإنسانية، نظراً لغنى تلك الكتابات واحتوائها على معلومات وملاحظات قيمة تزداد الحاجة إليها كلما تقدم بها الزمن، فقد وثق الرحالة حالة المجتمعات التي مروا بها ودونوا كل ما شاهدوه من عادات وتقاليد وفنون وأسلوب حياة، ومن أولئك، الرحالة ابن بطوطة صاحب رحلة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، والذي زار ظفار في سنة 1331م، ورصد الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية في مدينة ظفار، وأصبحت رحلة ابن بطوطة مرجعا للعديد من الباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة. إن المدينة التي ذكرها ابن بطوطة في ظفار هي مدينة المنصورة، والتي بناها حاكمها أحمد بن عبد الله الحبوضي سنة 620هـ/ 1228م، وانتقل إليها من ظفار القديمة، التي يعتقد البعض أنها مدينة مرباط، عاصمة الدولة المنجوية، وقد سمى بعض الجغرافيين والرحالة المدينة الجديدة التي بناها الحبوضي (بظَفَار الحبوضي). زار ابن بطوطة ظفار في 23 من رمضان من سنة 731 هـ/ 30 يونيو 1331م، قادما إليها من كلوا "ركبنا البحر من كلوا إلى مدينة ظُفَارِ الحموض وهي آخر بلاد اليمن على ساحل البحر الهندي، ومنها تُحمل الخيل العتاق إلى الهند، ويقطع البحر فيما بينها وبين بلاد الهند مع مساعدة الريح في شهر كامل، قد قطعته مرّة من قالقوط من بلاد الهند إلى ظفار في ثمانية وعشرين يوما بالريح الطيب، لم ينقطع لنا جريٌ بالليل ولا بالنهار، وبين ظفار وعدن مسيرة شهر في الصحراء، وبينها وبين حضرموت ستة عشر يوما، وبينها وبين عُمان عشرون يوما"، سمى ابن بطوطة ظفار الحموض، ولكن اسمها الصحيح هو ظفار الحبوضي، وقد زارها مرتين، كانت الزيارة الأولى ضمن رحلته الأولى التي امتدت نحو 28 سنة، وزار ظفار مرة أخرى حين عودته من القارة الهندية. كانت ظفار حينما زارها ابن بطوطة في عهد الدولة الرسولية، أيام السلطان المُغيث ابن الملك الفائز ابن عم ملك اليمن، وكان أبوه أميرا على ظفار من قِبل صاحب اليمن. يُقدّم ابن بطوطة في رحلته وصفا لمدينة ظفار من حيث المكان فيقول: "ومدينة في صحراء منقطعة لا قرية بها ولا عمالة لها"، ولكن في الواقع الجغرافي فإن مدينة ظفار – صلالة الحالية- تقع في سهل حجري أجرد منبسط يسمى (الجربيب) تحيط به جبال ظفار من جهة الشمال وبحر العرب من جهة الجنوب. يمتد هذا السهل من مرفأ ريسوت غربا إلى مدينة مرباط شرقا، ويرجع إغفال ابن بطوطة عن ذكر الجبال المحيطة بالمدينة، إلى حالة الطقس في الوقت الذي زار فيه ظفار، حيث يسود المناخ الموسمي نتيجة هبوب الرياح الموسمية الغربية من المحيط الهندي، فإذا كانت زيارته قد تمت في 23 من رمضان من سنة 731 هـ، وهو ما يقابله في التاريخ الميلادي 30 يونيو 1331م، فيعني ذلك أن زيارته كانت في فصل الخريف كما يسمى في ظفار، فالفصول الأربعة يتم تقسيمها في ظفار على غير عادة تقسيم الفصول، فعلى سبيل الذكر يبدأ فصل الخريف في 21 يونيو وينتهي 21 سبتمبر، وخلال هذا الفصل تتساقط الأمطار لمدة ثلاثة شهور متتالية، وتعد هذه الأمطار مهمة للنشاط الزراعي في ظفار، أما فصل الربيع الذي يسمى (بالصرب) فيبدأ من 21 سبتمبر وينتهي في 21 ديسمبر، ويبدأ فصل الشتاء في 21 ديسمبر وينتهي في 21 مارس، وبعد الشتاء يأتي فصل الصيف ويسمى (القيظ) ويبدأ من 21 مارس وينتهي 21 يونيو. لكن ذلك لا يعني أن ما كتبه ابن بطوطة في ظفار يدخل في باب التزييف أو الافتراء، فقد أنصف أهل ظفار ولم يجاملهم، في الوقت الذي نجد فيه إجحافا بحق بعض المدن العُمانية التي كتب عنها بعض المغالطات مثل قصته مع السلطان حامي الفساد. *** إن زيارة ابن بطوطة لظفار، ووصفه للحالة التي رآها فيها، تُعد من أهم المراجع التي اعتمد عليها الدارسين والمهتمين بالتاريخ العُماني بشكل عام وتاريخ ظفار بصفة خاصة، وذلك للمعلومات الدقيقة التي احتفظت بها ذاكرة ابن بطوطة لمدة ربع قرن من الزمان، وقد رصد من خلال إقامته بعض الظواهر الاجتماعية والاقتصادية، وكتب عن بعض العادات الدينية كما رآها، واعتمادا على وصفه يمكننا أن نتحدث عن ثلاثة جوانب من حياة أهل ظفار في رحلة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) هي الحياة الاقتصادية، والحياة الاجتماعية، والحياة الدينية، وسنتحدث عن كل جانب ببعض التفصيل. الحياة الاقتصادية: عدد ابن بطوطة الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها أهل ظفار، فيقول بأنهم أهل تجارة ولا عيش لهم إلا منها، وكان حكمه على ذلك بناء على مشاهدته للسوق الموجود خارج القرية في مكان يسمى الحرجاء، وقد وصف السوق بأنه من أقذر الأسواق وأشدها نتنا، وأكثرها ذبابا لكثرة ما يباع بها من الثمرات والسمك، وهو كلام دقيق إذا اعتبرنا أن الرجل قد جاء إلى ظفار في موسم الخريف، حيث يكثر الذباب، وتصبح الأماكن رطبا بفعل الأمطار، وذلك لا يعني أن ما ينطبق على السوق ينطبق على أهل ظفار، فقد قال عنهم "يغتسلون مرات في اليوم...، ولهم في ك
ظفار وأهل المغرب، نتمنى أن يجد القارئ ما هو جديد في هذه الورقة.
ل مسجد مطاهر كثيرة معدة للاغتسال"، وذلك يعني أن الرجل يكتب بعفوية عما يتذكره، دون أن يتحامل على أهل البلدان التي زارها. ويقول أيضا عن ظفار "ومنها تحمل الخيل العتاق إلى الهند"، كذلك وصفه عن استقبال أهل ظفار للتجار، كل ما ذكره يدعم وصفه لأهل ظفار بأنهم أهل تجارة. أما قوله "أكثر سمكها النوع المعروف بالسردين، وهو بها في النهاية من السمن، ومن العجائب أن دوابهم إنما علفها من هذا السردين، وكذلك غنمهم، ولم أر ذلك في سواها". وهو قول صحيح، لأن المجتمع في ظفار مجتمع رعوي يربي الماشية لإطعام ماشيتهم من أجل الانتفاع بحليبها ولحمها وسمنها، وظهرها. إذا وصف ابن بطوطة أهل ظفار بأنهم أهل تجارة، فيمكننا أن نضيف أيضا أن أهل ظفار هم أهل بحر، فهم صيادون في معظم أنشطتهم الاقتصادية، فهو يصف قرية الأحقاف بأنها قرية صيادين، وهو وصف صحيح لنشاط السكان القاطنين في السواحل التي مر عليها ابن بطوطة في رحلته في ظفار. كان سمك السردين في ظفار يلفت أنظار الرحالة، فقد ذكر ابن المجاور "ومطعوم دوابهم السمك اليابس وهو العَيْد، ولم يزبلوا أراضيهم إلا بالسمك"، ولم يكن الرحالة العرب وحدهم من ذكر سمك السردين في ظفار، فهذا الرحالة البريطاني ثيسيجر يقول حينما زار صلالة في 15 أكتوبر 1945م،"عندما وصلت كان الصيادون يصطادون بشباكهم سمك السردين، وتحت أشعة الشمس يجففون كميات كبيرة منه، ورائحتها العفنة تعم البلدة"، ويتم اصطياد السردين في صلالة في الشواطئ الممتدة من ريسوت غربا إلى شواطئ طاقة شرقا. ويتم صيد السردين بطريقتين تقليديتين، الطريقة الأولى تتم في شهر أكتوبر وتمتد حتى شهر أبريل وتسمى (الضواغي) وتعني تعاون عدد كبير من الناس لصيد السردين بكميات كبيرة، ويقوم الصيادين يقودهم الربان بالإبحار في السنبوق، ويلقون بالشبكة الكبيرة في البحر، التي تجمع أعدادا كبيرة من السردين، ومن ثم يسحبون الشبكة إلى الشاطئ"، كما ذكر باعمر، حسين علي المشهور، تاريخ ظفار التجاري ( 1800-1950). أما الطريق الثانية فتسمى صيد عْيد العلا، وهي عادة اقتصادية تنتشر في سواحل محافظة ظفار ويمارسها الذكور من سن العاشرة إلى سن الستين، وتشارك النساء في هذه العادة ولكن بأعداد قليلة ويقتصر دورهن على تقليب العَيْد و جمعها. تُمارس هذه العادة في آخر شهر أبريل من كل سنة عندما تجنح أعداد كبيرة من أسماك السردين إلى الشواطئ الشرقية لمحافظة ظفار، وقد قمت بصيد عيد العلا، وجففتها وحشوتها في أكياس من الخيش لنطعهما للإبل، أو نقوم بتخزينها في حفر ونغطيها بساتر من البلاستيك أو من أقمشة بالية، ومن ثم نفرش فوقها التراب والرمال. بالإضافة إلى سمك السردين يذكر ابن بطوطة أصناف عدة من الأسماك التي رآها في ظفار فيقول عن أهل حاسك "ولا معيشة لأهل ذلك المرسى إلا من صيد الأسماك، وسمكهم يُعرف باللخم، وهو شبيه كلب البحر، يُشرح ويقدد ويقتات به، وبيوتهم من عظام السمك"، وهو قول صحيح، فإلى هذه الساعة فإن أهل حاسك يشتغلون بصيد السمك، ومنها سمك القرش الذي يُقدد ويجفف، وتلك هي طريقة حفظه، وتوجد في قرية حاسك القديمة بقايا البيوت التي شاهدها ابن بطوطة، وعظام الأسماك التي ذكرها هي عظام لحوت العنبر، فإذا جنح الحوت إلى البر، ينتفع الأهالي بعظمه. يُعد ابن بطوطة من الرحالة القلائل الذين تحدثوا عن العملة المتداولة في ظفار أثناء زيارتهم لها، فقد ذكر بأن دراهم هذه المدينة من النحاس والقصدير، ولا تُنفق في سواها، وقد قمنا بالبحث عن هذه العُملة، ووجدنا أنه كانت في ظفار دار ضرب للنقود أيام حكم الدولة الرسولية، التي حكمت ظفار أثناء زيارة ابن بطوطة، وقد سكت عملة معدنية هي درهم على الطراز الرسولي التقليدي مؤرخ في 689هـ، وهذه العملة موجودة حاليا ضمن مجموعة الجمعية الأمريكية لقطع النقود في نيويورك، ويحمل وجه هذا الدرهم لفظ الشهادتين والمعنى المأخوذ من الآية 33 من سورة التوبة، وأسماء الخلفاء الراشدين، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، أما الظهر فيحمل ألقاب المظفر يوسف: "السلطان الملك المظفر شمس الدين يوسف بن الملك المنصور عمر"، ويوجد على الحاشية اسم آخر خلفاء العباسين، المستعصم بالله أمير المؤمنين، بالإضافة إلى دار الضرب والتاريخ، تتسم دراهم الأسرة الرسولية برقتها وبكونها أخف كثيرا من الدراهم التقليدية، ومن المحتمل أن يكون الرحالة الأمريكي ويندل فيليبس هو الذي أخذ معه هذه العملة المعدنية من ظفار إلى نيويورك. ساهمت ذاكرة ابن بطوطة في حفظ العملة الرسولية وذكرها ضمن المظاهر الاقتصادية التي شاهدها وكتبها كما هي، الأمر الذي جعل الباحثين يتوصلون إلى معرفة النقد المتداول في ظفار أيام الرسوليين، كما يكشف أيضا عن الاستقلال الإداري لسلطان ظفار عن القوى الإقليمية في جنوب الجزيرة العربية. يذكر ابن بطوطة العديد من المحاصيل الزراعية في ظفار ويعدد استخداماتها وفوائدها، فهو يتحدث عن شجرة النارجيل (جوز الهند)، ويتحدث عن التنبول، وعن شجر الموز، والقمح الذي يُسمى في ظفار العلس، ويسمى بذلك لأن
ه يُطحن، كما ذكر أيضا شجرة اللبان حينما نزل في بندر حاسك، وسماه شجر الكندر، ويستخرج من الجبال المحيط بحاسك أجود أنواع اللبان في ظفار، وذلك لبعده عن المناطق التي تتأثر بالرياح الموسمية، ويكون اللبان جيدا في المناطق التي تشتد فيها الحرارة. لم يغب عن بال ابن بطوطة الوجبات الغذائية لأهل ظفار، فيقول إن الأرز أكثر طعامهم، وأكلهم الذرة، وإنه أحضر معه كعك وخبز من ظفار حينما سافر على ظهر المركب، وتشتهر ظفار بصناعة خبز في تنور أرضي، و يسمى الخبز بالكعك، أو خبز القالب، ويذكر أنهم يشوون السمك ويأكلونه مع التمر، لا تزال هذه العادة في ظفار، مما يدل على أن أهل ظفار متمسكين بعاداتهم، منذ زيارة ابن بطوطة إلى هذه الساعة. لقد وصف ابن بطوطة طريقة سقي المزارع في ظفار، "وكيفية سقيهم أنهم يصنعون دلوا كبيرة، ويجعلون لها حبالا كثيرة، ويتحزم بكل حبل عبد أو خادم، ويجرون الدلو على عود كبير مرتفع عن البئر، ويصبونها في صهاريج يسقون منه"، وهذه الطريقة تسمى في ظفار بالسناوه "وهي طريقة تقليدية في سقي المزروعات، وأدواتها الشروعة، وتتكون الشروعة من حبال وعجلات وقطع من الحطب وأخشاب النارجيل، إذ يُربط الغرب (دلو مصنوع من جلد الماعز أو الوعل) بحبل غليظ يسمى "الرشا" ويُنزل إلى البئر، ومن ثم يُرفع الماء على عجال مصنوعة من خشب جوز الهند بواسطة الجمال، ويقوم واحد أو اثنان من الرجال بإدارة الجمال ذهابا ورواحا" كما ورد في دراسة باعمر، حسين علي المشهور، تاريخ ظفار التجاري ( 1800-1950)، وكانت هذه الطريقة مستخدمة في رعي المزارع في ظفار إلى بداية سنة 1970. ويوجد هناك تشابه بين اسم هذه العادة وبين اسم المزرعة في بلاد المغرب العربي، حيث يُطلق على المزرعة هناك اسم (السانية)، وتوجد في ولاية وهران في الغرب الجزائري بلدية اسمها (السانية) واسمها مشتق من الساقية أو النافورة، وجمعها سوان كما جاء في موقع الموسوعة الحرة http://ar.wikipedia.org/wiki. وقد رصد ابن بطوطة الأمراض السائدة في ظفار والمنتشرة بين أهلها حيث قال: "والغالب على أهلها رجالاً ونساء المرض المعروف بداء السفيل، وهو انتفاخ القدمين، وأكثر رجالهم مبتلون بالأدر. وقد رأيت رجلا في بداية العام 2000 مصاب بداء السفيل، أما الأدر فيصيب الرجال في ظفار بسبب تسلقهم لأشجار النارجيل حيث يؤدي تسلق النخلة في بعض الأحيان إلى اصطدام الخصية بجذع الشجرة مما يسبب في فتقها. الحياة الاجتماعية: قدم ابن بطوطة وصفا فوتوغرافيا لسكان ظفار، حيث ذكر ملابسهم وطريقة لبسها، فيقول "أكثر باعتها الخدم، وهن يلبسن السواد...، ولباسهم القطن...، ويشدون الفوط في أوساطهم عوض السروال، وأكثرهم يشدّ فوطة في وسطه، ويجعل فوق ظهره أخرى من شدة الحر، وأكثر أهلها رؤوسهم مكشوفة لا يجعلون عليها عمائم". تتفق ملاحظات ابن بطوطة مع صورة المجتمع الظفاري، فلا تزال بعض النسوة ذوات البشرة السمراء يبعن في الأسواق، ولكن دون اللباس الأسود، وهو في الحقيقة لباس من النيلة يستورد من الهند، وبمرور الوقت تذهب النيلة منه، ويتحول الثوب إلى لون السواد، وهذا اللباس يشبه لباس النساء في الصحراء الكبرى، حيث يُطلى الثوب النسائي بالنيلة، لما للنيلة من فوائد حيث تستخدمه النساء كمفتح للبشرة، ومن هنا يُمكن أن تكون مقارنة ابن بطوطة صحيحة حينما عقد مقارنة في ذهنه بين أهل ظفار وأهل المغرب، وليست الأزياء وحدها من دعمت تشابه أهل ظفار وأهل المغرب عند ابن بطوطة، بل أسماء الجواري أيضا، فقد نزل بدار خطيب المسجد عيسى بن علي، الذي يملك جواري مسميات بأسماء خدّام المغرب (بخيتة، وزاد المال). أما فيما يتعلق بالخدم فإن ظاهرة تجارة الرقيق كانت تجارة رائجة في ظفار، نظرا لقربها من السواحل الإفريقية، إضافة إلى كون ظفار إحدى المحطات البحرية في الذهاب والعودة من السواحل الإفريقية، وقد قامت ثورة ظفار بعد مؤتمر حمرين 1968 بتجريم تجارة الرق وحررت العبيد. لكن وضع الخدم في ظفار كان أفضل حالا من بعض المجتمعات التي عرفت الرق والعبودية. يلبس الرجال في جنوب الجزيرة العربية الفوطة التي تسمى (الوزار) عوضا عن السراويل، أما الفوطة التي ذكرها ابن بطوطة فهي الصبيغة، وهي قطعة طويلة من القماش المصبوغ بالنيلة، فيشد الرجل نصفها حول وسط جسمه بينما يترك النصف الآخر على ظهره، ومع مرور الوقت أصبح هذا لباس أهل الجبل في ظفار، وهذا اللباس يثير انتباه الرحالة ومنهم الرحالة البريطاني ثيسجر. إن الحديث عن الحياة الاجتماعية في ظفار أثناء زيارة ابن بطوطة، يقودنا إلى التطرق إلى الحديث عن العادات والتقاليد في تلك الفترة، ومنها تلك المتعلقة باستقبال التجار وطريقة معاملتهم وحسن ضيافتهم، وهي عادة لم تعد موجودة نتيجة لتطور الحياة الاقتصادية، أما العادة الثانية وهي مصافحة المصلين بعد صلاة الفجر والعصر وصلاة الجمعة، فإنها لا تزال موجودة في ظفار باستثناء التصافح بعد صلاة الجمعة، حيث ينصرف الناس إلى شؤونهم دون انتظار مصافحة جميع المصلين. يذكر ابن بطوطة عادة ق
رع الطبول والأبواق والأنفار على أبواب قصر السلطان الرسولي المسمى (بالحصن)، وإذا بحثنا عن هذه العادة لوجدنا شيئا منها حاضرا في الحياة الثقافية في ظفار إذ تقام الأفراح وحفلات الرقص التي يؤديها الرجال والنساء معا، وخاصة رقصات الزنوج، أما قصر الحصن فلا يزال عامرا حتى الآن، حيث يتخذه السلطان قابوس مقرا حينما يتواجد في مدينة صلالة، ويوجد بالقرب منه سوق الحصن الشعبي. الحياة الدينية: إن الاهتمام الذي أبداه ابن بطوطة تجاه ظفار يرجعه بعض الباحثين إلى عدة أسباب منها تصوف ابن بطوطة وتحمسه لعالم الصوفية والمتصوفة، ومن خلال بعض الدلائل الواردة في الرحلة نجد الصوفية حاضرة بقوة لدى ابن بطوطة من خلال جلوسه مع مشايخ ظفار وخطيب الجامع كما اشار بوتشيش، إبراهيم القادري، في دراسته "أضواء على مجتمع ظفار وعاداته الشعبية من خلال رحلة ابن بطوطة"، وقد نتفق مع هذا الرأي إذا علمنا أن الفكر الصوفي قد بدأ بالظهور في القرن السادس الهجري في منطقة جنوب الجزيرة العربية، وكانت مدينة مرباط هي الحاضنة الأولى للفكر الصوفي، إذ توجد أضرحة للعديد من علماء الصوفية، مثل محمد بن علي باعلوي، ومحمد بن علي القلعي، بالإضافة إلى وجود قبر الصحابي زهير بن قرضم الذي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم على رأس قومه يعلنون دخول أهل ظفار إلى الإسلام، وقد أكرمه النبي صلى الله عليه وسلم لبعد بلاده وكتب له كتاباً إلى قومه. وتحظى قبور علماء الصوفية في ظفار باهتمام الناس، ويوجد العديد من الأسر التي تطوعت لخدمة هذه الأضرحة، وتقام عند قبر محمد بن علي باعلوي، بعض الشعائر المعروفة لدى الصوفيين مثل الحضرة التي تقام صبيحة كل يوم جمعة، وليلة المولد النبوي، وليلة الخامس عشر من شعبان والتي تسمى بالشعبانية. وقد انتقل التصوف من مرباط إلى ظفار الحبوضي. يذكر ابن بطوطة صورة أخرى من صور التصوف في ظفار الإقليم، حينما نزلوا من المركب بإحدى جزر كوريا موريا (الحلانيات حاليا)، ووجدوا بالجزيرة شيخا نائما، وليس معه متاع فلا ركوة ولا إبريق ولا عُكاز ولا نعل، وهي عادة من انقطع إلى الله وترك الدنيا، وقد رفض طعامهم، وصلى بهم العصر والمغرب والعشاء، وكان حسن الصوت مجيدا لها. إذن هل نستطيع أن نقول إن (الذاكرة الصوفية) لدى ابن بطوطة، حفظت اسم صاحب الزاوية الشيخ الصالح العابد أبي محمد بن أبي بكر بن عيسى من أهل ظفار، كما احتفظت بأسماء أبناء الشيخ أبي بكر، أبي العباس أحمد وأبي عبد الله محمد ابني الشيخ المذكور، بالإضافة إلى ذكر قاضي المدينة أبي هاشم عبد الملك الزبيدي، والتي ما تزال عائلته (الزبيدي) موجودة الآن في ظفار. إن قوة التذكير عند ابن بطوطة واحتفاظه بأسماء العلماء والشيوخ في ظفار، تعود إلى أنه أعاد الحياة إلى اللحظة الصوفية التي رآها وسمعها وعايشها أثناء تواجده في ظفار، لأن قوة التذكر تكمن في إعادة الحياة إلى الشيء المراد تذكره، ومن ثم يمكن استرجاع المعلومة من الذهن، ومن هنا نقول إن ظفار قد ارتبطت في ذهن ابن بطوطة بالتصوف. التشابه بين أهل ظفار وأهل المغرب: أشرنا في بداية هذا البحث إلى أن ابن بطوطة يُعتبر من الأوائل القائلين بعروبة البربر وسكان شمال إفريقيا، فهو لا يُورد وجه المقارنة بين أهل ظفار وأهل المغرب من باب عجائب الأسفار، بل يورد الأدلة المادية على ذلك التشابه فيذكر "من الغرائب أن أهل هذه المدينة أشبه الناس بأهل المغرب في شؤونهم. نزلت بدار الخطيب بمسجدها الأعظم، وهو عيسى بن علي، كبير القدر كريم النفس. فكان له جوار مسميات بأسماء خدام المغرب، إحداهن اسمها بخيتة والأخرى زاد المال. ولم أسمع هذه الأسماء في بلد سواها...، وفي كل دار من دورهم سجادة الخوص، معلقة في البيت، يصلي عليها صاحب البيت، كما يفعل أهل المغرب. وأكلهم الذرة. وهذا التشابه كله مما يقوي القول بأن صنهاجة وسواهم من قبائل المغرب أصلهم من حمير". الخاتمة: في ختام هذا البحث يبقى أن نذكّر بأن الظفاريين لا يزالون يحتفظون ببعض العادات الاجتماعية التي ذكرها ابن بطوطة مثل التقوى وإكرام الضيف، وأهل تواضع وحسن أخلاق ومحبة للغرباء، كما لا يزال طبق الرز بالسمك من أفضل الوجبات في ظفار، بل يعتبر الطبق اليومي في أي بيت ظفاري، بالإضافة إلى أكل التمر مع السمك، وصيد السردين وتجفيفه، ولا زال الناس في ظفار يسمون أبنائهم وبناتهم بأسماء مثل بخيت وبخيتة وزاد المال. إن رحلة ابن بطوطة إلى ظفار تعتبر من أهم الوثائق التاريخية والاجتماعية لهذه المنطقة، ولا يُمكن أن تُذكر ظفار دون ذكر رحلة ابن بطوطة وتقديم تصوره عن مدينة ظفار (البليد الحالية) والتي اتسعت وأصبح يُطلق عليها مدينة صلالة، وهذا ما قدمه أدب الرحلة إلى الثقافة العربية. لقد اجتهدنا في هذه الورقة لكشف وتوضيح بعض الآثار التي ذكرها ابن بطوطة حينما زار ظفار، مثل ذكر الأسر الحاكمة في ظفار من المنجويين وحتى آل كثير، وكذلك الكشف عن الدرهم الرسولي، وإلقاء الضوء على الفكر الصوفي في ظفار، وكذلك التطرق إلى التشابه بين لهجات أهل
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#ظفار يحصب عاصمة ملوك حمير
القرية المنسية

على سفح جبل ريدان تقبع تلك المدينة الأثرية الشامخة شموخ الجبال لتضرب بأقاصي الأرض رموزاً تذكارية وأثرية خلدها التاريخ على مر العصور، إنها ظفار حمير .. التاريخ ، الحضارة ، القوة ، ظفار الظافرة المظفرة بالتاريخ والأثار.. ظفار المنسية ، تلتحف السماء ، وتفترش الأرض ، ظفار الموشحة بالضباب والملبدة بغيوم الأمطار تسترشف نسمات الهواء العليل على مشارف قاع الحقل ،ووادي لحاف، ووادي بناء ، ووادي عصام ، ظفار التي ضرب بها المثل بتشييد القصور، وبناء السدود ، ونحت الصخور، وسجلت بصماتها على مر الأزمان بملوكها الشامخة.
ظفار حمير ، أو ظفار يريم ، تقع بمحافظة إب على سفح جبل ريدان بعزلة العرافة مديرية السدة جنوب مديرية يريم بنحو20 كيلو متراً، وترتفع على مستوى سطح البحر بنحو ألفين و750 متراً.
وشهدت هذه المنطقة قيام الدولة الحميرية التي أسسها الملك الحميري ذو ريدان عام 115 قبل الميلاد بمنطقة ظفار «يحصب» أو ظفار قاع الحقل أو ظفار منكث ، أو ظفار وادي بناء ، كل هذه الأسامي أخذتها (ظفار حمير) نتيجة قرب الأماكن التي تنتسب إليها ، فقد اختيرت ظفار على سفح ريدان عاصمة لهذه الدول الحميرية التي استمرت قرابة 650 عاماً إلى أن وصلت قوتها السنام ، وواصل الحميريون زحفهم شمالاً وجنوباً حتى ضموا إليهم الدول السبئية والتي كانت قائمة في مأرب ، واتحدت الدولتان لتصبح اليمن بذلك أول دولة عرفت التوحد منذ أكثر من 2000 عام وكونت مملكة « سبأ وذوريدان » على يد الملك الحميري شرحبيل بن يعفر بن أبو كرب أسعد «أسعد الكامل» وعاصمتها ظفار ، وقد برزت المملكة الحميرية فيما بين 300 إلى 525 م كأقوى مملكة في جنوب الجزيرة معتمدة على التجارة مابين الغرب والشرق بالمواد العطرية واللبان.
كما كانت ظفار إحدى محطات الطريق القديم للقوافل التجارية قبل الإسلام وطريق قوافل الحجيج بعد الإسلام والذي كان يبدأ من مدينة عدن مروراً بالعاصمة ظفار ثم صنعاء عبر الهضبة الشمالية الغربية حتى مكة ثم يثرب فبلاد الشام ، وقد كان اختيار موقع ظفار كعاصمة استراتيجية وعن تخطيط مسبق وبدقة بالغة ، لما تمثله من أهمية اقتصادية وعسكرية تشرف على عدد من الأودية ذات المياه الجارية كما ذكرناها سابقاً.
ولأهمية ظفار فقد ورد ذكرها في عدد من المصادر التاريخية الداخلية والخارجية وأقدم ذكر لها في تلك المصادر يعود إلى النصف الثاني من القرن الأول الميلادي من قبل المؤرخ الكلاسيكي «بليتوس» في الجزء السادس من كتابه «التاريخ الطبيعي» ثم توالى ذكرها في عدد من الكتب والمؤلفات الأخرى.
كما أظهرت المصادر اليونانية والرومانية مخططاً للمدينة، والتي كانت تلفظ في مصادرهم «زفار» فيما أسهب لسان اليمن المؤرخ أبو محمد الحسن الهمداني الذي عاش في القرن الرابع الهجري في كتابه الإكليل في وصفها والتغني بأثرها وتحديد موقعها فذكر أن لظفار حمير (يحصب) تسعة أبواب هي : (باب ولا،باب الإسلاف ،باب خرفة ،باب صيد ،باب مآوه ، باب هدوان ، وباب خبان ، وباب حورة ، وباب الحقل ) على أن أهم تلك الأبواب باب الحقل الذي كان عليه الأجراس حسب الهمداني إذا فتح او أغلق الباب سمع له صوت الرنين من مكان بعيد وكان يوجد لديه سور كبير تحصن به المنطقة.
المعالم الأثرية
بما أن مدينة ظفار ظلت لمدة طويلة العاصمة السياسية لمملكة (سبأ وذوريدان) فقد اهتم ملوك تلك المملكة بتحصينها وتشييد المباني العامة والمعابد ، والأسواق والسدود،إلى جانب المباني الخاصة مثل القصور، والمنازل، والتي لازالت بقاياها الأثرية ظاهرة للعيان حتى اليوم ومن أهمها ( قصر ريدان، وشوحطان،وكوكبان ) على أن قصر ريدان كان الأشهر.
وكان قصر عظيم يحيطه نحو 7 أسوار محصنة ومنيعة ومثل مركز القيادة والنفوذ للمملكة، ولم يتبقَ من القصر اليوم إلا بضعة أمتار شاهدة للعيان وبقايا أسوار وأطلال من المعالم المنحوتة ، منها في أعلى جبل هدمان المقابل لقصر ريدان كهف يسمى «حود الذهب» ، ويوجد عليه فتحة مختومة من سمك الحجر، كلما رآها أحد من بعيد وجدها تلمع مثل الذهب ، وكلما اقترب منها لم يجد شيئاً، وكان يوجد عليها حيوان الحرباء يمنع أي شخص من الاقتراب منها وقد مات.
سوق الليل
يمثل سوق الليل نفقاً سرياً منحوتاً تحت جبل ريدان حالياً (جبل ظفار) كان يربط بين واجهتي الجبل والمدينة، ولكنه حالياً مدفون ، إضافة إلى دكاكين ومحلات منحوتة في الصخر ماتزال بقاياها موجودة حتى اليوم، فيما يوجد الخزانات الحميرية المنحوتة في قمم الجبال وهي صهاريج عديدة للمياه منحوتة في الصخر، وعند الاتجاه نحو قصر ريدان يجد الزائر أسفل القصر بركة مياه أو خزان مياه القصر المركزي.
يصل عمق الخزان نحو 6 أمتار وعرضه نحو 6 أمتار، وهو مجوف من الداخل ومنحوت في الصخر، ولايتم الدخول إليه إلا عبر بوابة ودرجة (سلم ) منحوت وقد تهدم جزء منه.. وحسب السكان المحليين كان يوجد ساقية منحوتة في الصخر تحت الأرض يصل إليها الماء من الخزان الأعلى للقصر الذي يقع
أعلى الخزان المركزي ، إضافة إلى غرف مربعة ومستطيلة الشكل كلها منحوتة في الصخر بمقاسات مختلفة كانت مدافن للحبوب في أسفل القصر ومرابض للخيول وفيها سجن الغضب .. وفي المكان تلفت الانتباه غرف منحوتة في مشارف جبل ريدان بأشكال هندسية مختلفة كانت تستخدم كمرابض للخيول وأماكن العلف وحمام ومطابخ كلها منحوتة لازالت موجودة وشاهدة للعيان تدل على قوة وعبقرية الإنسان الحميري ولم يتوقف هذا الدهاء عن هذا الحد بل تجاوز الخيال، حيث يشد انتباه الزائر اسفل القصر وفي وسط الحيد الشاهق سجن حميري يسمى ( سجن الغضب) منحوت في الصخر بعمق 3 أمتار وعرض تقريباً 5 أمتار تقريباً.. ويوجد أعلى السجن مدخل وحيد، ويمثل فتحة صغيرة الحجم كانت دائرية الشكل يدخلها السجين ويختم عليه بغطاء من حجر منحوت وفي عرض الحيد توجد فتحة للتنفس والضوء تطل على قاع الحقل ووادي لحاف لايستطيع السجين النفاذ منها أو الهرب ؛ لأنها تقع على شاهق مرتفع ومخيف.
ويبقى المعلم الأثري البارز لظفار ( متحف ظفار) وهو عبارة عن مبنى متواضع عند مدخل قرية ظفار الحالية ويضم نحو 300 قطعة أثرية قيمة ، عثر عليها الأهالي خلال سنوات عدة ، وجمعت تلك اللقى الأثرية من خلال مبادرات ذاتية للسكان المحليين، وتمثل أجمل ما تتمتع به أرض «يحصب».
(5) آلاف قطعة أثرية معرضة للتلف ، يقول أمين متحف ظفار علي صالح الزبيدي : إن المتحف يعاني إهمال وإبعاد وإقصاء كبير من الجهات المختصة ومن المجلس المحلي ، وعدم تأهيله وترميمه ليصبح متحفاً بمعنى الكلمة.
ويشير إلى أن المتحف يحتوي على أكثر من 300 قطعة أثرية معروضة ومرممة وموثقة، مؤكدًا أن أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية حميرية لازالت تقبع في المخزن المجاور للمتحف لأكثر من 15 عاماً معرضة للتلف والصدأ في انتظار إنقاذها من قبل الجهات المختصة من خلال ترميمها وإعادة تأهيلها وتوثيقها وبناء الدور الثاني للمتحف الذي وجه به وزير الثقافة السابق.
توجد في واجهة الجبل الشرقي لقصر ريدان بظفار مقبرة العصبي الحميرية"، وهي عبارة عن غرف واسعة متصلة ببعضها في باطن الجبل بواسطة مداخل وفتحات ، وفي كل غرفة منها مصطبة لحفظ أجساد الموتى.
وقد انتشرت القبور في عدد من مناطق ظفار وأغلبها في الصخر ومنحدرات الجبال وتبرز أهمية صاحب القبر ومكانته الاجتماعية ، فهناك القبور الملكية الخاصة بالملوك وعلية القوم، والتي كانت أكثر فخامة وإتقاناً عن تلك التي خصصت لعامة الناس.
ولعل أبرز هذه القبور «الجوخ» قبر لملك حميري منحوت في الجبل، ولكن الأهالي يؤكدون أن مقبرة العصبي تتعرض للنبش والنهب والحفر من قبل بعض أهالي القرى المجاورة وبصورة شبه يومية، دون أن تحرك الجهات المعنية ساكناً تجاه ما يتهدد آثارنا وتاريخنا، وفقاً للأهالي.
سدود قديمة
وفي البقعة الخضراء من أرض يحصب ، يوجد ثمانون سداً يقذف الماء سائلاً بسبب طبيعة المنطقة الزراعية، قام ملوك سبأ وذو ريدان بإنشاء عدد من المنشآت المائية المختلفة ، وفي مقدمتها السدود في ظفار والمناطق المجاورة والمحيطة بها.
كما توجد في منطقة ظفار «يحصب» حسب كتب التاريخ عدد من الحصون الأثرية والتأريخية منها حصن العرافة الذي كان يضم قصراً مهدماً ومقبرة صخرية منحوتة داخل الجبل.
حصن اليهودية
أما على الجهة الجنوبية الغربية ببضعة كيلومترات يوجد حصن اليهودية وهو جبل مرتفع يسمى جبل اليهودية حالياً نسبة إلى الحصن الذي كان يقع على سفح الجبل ، وقد تم ذكره في معجم القبائل اليمنية لإبراهيم المقفي على أن اليهود في العصر الحميري كان يوجد لهم حصن أعلى الجبل وهو قائم إلى حد الآن ومعروف باسم جبل اليهودية في مخلاف العرافة بمنطقة خبان يطل على قرية بيت الأشول وقرية السيرة وجبل حجاج والأعماس.
جبل الحرثي
يقع جنوب ظفار في وادي جبل حجاج حيث كانت الملوك الحميرية تتنقل للعيش والسكن في أعلى القمم والتحصن من الغزوات التي كانت تحصل آنذاك ، و جبل الحرثي الموجود حالياً والذي سكنه الملك الحميري الحارث الرياش، كان يوجد فيه بعض الآثار والتي تم التنقيب عنها وتوقفت بسبب وعورة الطريق والمكان وقلة الإمكانات ، حيث يوجد فيه مقابر صخرية منحوتة في الصخر وبعض الصهاريج والبرك الحميرية لحفظ المياه، وبما أن المنطقة لازالت بكراً كما تؤكد الشواهد فإن هناك كماً هائلاً وكبيراً من القطع الأثرية والاكتشافات الاثرية التاريخية المتتالية في جميع نواحي المنطقة، إلا أنها تتعرض حسب واقع الحال للعبث والسطو والنهب والنبش والسرقة والتهريب.
معبد قصر ريدان
في شهر أبريل 2007م وخلال اعمال التنقيب عن الآثار التي تقوم بها البعثة الألمانية التابعة لجامعة (هيدل برج ) بموقع ظفار ذو ريدان تم اكتشاف معبد أثري يعود تاريخه الى عام 100 ميلادي، ويشمل آثار المعبد على بقايا امتدادات للجدران المعمارية للمبنى وجدران ومداميك تتميز بأحجارها الرأسية وبنيت بأحجار مهندمة وزخرفت بالنحت البارز لأشكال حيوانية ونباتية مختلفة قوامها نحو 3 صفوف عن المداميك عليها رسوم نحتية لصور الغزلان والفهو
د وحيوانات خرافية مجنحة ، إضافة إلى اشجار العنب وثمارها وأوراقها وأحجار منحوتة عليها رسوم الثيران والوعل، كما أن المعبد مرصوف بأحجار البلق الأثرية والجميلة وهو حالياً شاهد للعيان.. وتقوم البعثة الألمانية بالتنقيب عن الآثار في موقع ظفار كل عام من بداية يناير وحتى مارس ، ويؤكد أعضاء البعثة أن الأيام القادمة ستشهد اكتشافات مذهلة وكبيرة في الموقع.
ومعلوم أن النقوش الحميرية مصطلح استخدم للإشارة لكافة نقوش وكتابات اليمن قبل الإسلام وكثير من نقوش فترة ملوك (سبأ وذي ريدان) هي نقوش مؤرخة بالتاريخ الحميري وتعود إلى فترة مابين القرنين الأول والرابع الميلادي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM