أمة واحدة
8.35K subscribers
911 photos
316 videos
251 files
678 links
ما هي مرآة الأمم ، التي تعكس ماضيها، وتترجم حاضرها ، وتستلهم من خلاله مستقبلها ؟!!
إنها التاريخ
نعرض وقائع التاريخ الإسلامي
للوصول الى كامل ارشيف القناة اضغط على الهاشتاج التالي 👇👇👇
#ارشيف_الموسوعة_التاريخية

بوت التواصل معنا @bassammoharram_bot
Download Telegram
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور

❣️ (( صقر قريش _1 )) 🦅

** صقر قريش هو (( عبد الرحمن بن معاوية بن هشام )) ، و يلقب أيضا ب (( عبد الرحمن الداخل )) .. ، و هذا الرجل بطل عظيم من أبطال بني أمية سجل له التاريخ صفحات من نور .. ، فتعالوا بنا لنتعرف عليه عن قرب ، و لنرى كيف استطاع أن ينجو من سيوف العباسيين .. ؟!!!

.............. .............. ...... . ............

.. ولد ( صقر قريش ) في فترة خلافة جده
(( هشام بن عبد الملك )) في قرية تابعة لمدينة قنسرين بالشام .. ، و كان أبوه (( معاوية بن هشام )) فارسا بطلا شجاعا شارك في الحملات العسكرية ضد الرومان ، و لكنه مات في ريعان شبابه .. ، فتكفل أبوه الخليفة
(( هشام بن عبد الملك )) برعاية أحفاده اليتامى بعد أن فقدوا حضن الوالد .. ، فنشأ ( صقر قريش ) مع إخوته في قصر الخلافة بدمشق .. ، و كان هشام بن عبد الملك يعامله معاملة خاصة جدا لما رأى فيه من النجابة و الخصال الحسنة ..

.. ، و بعد وفاة جده (( هشام بن عبد الملك )) عاش
صقر قريش و إخوته أحداث تلك الطامة الكبرى التي أصابت أمراء ( بني أمية ) ..
.. ، فقد رأينا كيف أقام العباسيون دولتهم على أنقاض الدولة الأموية ، و كيف تعقبوا الأمويين في كل مكان و ذبحوهم ذبح النعاج بلا رحمة خشية أن يحاولوا استرداد ملكهم ، فذبحوا حتى الأطفال .. ، و كل ذلك باسم الدين .... !!!!!

.. ، و أخذ الأمويون يفرون إلى كل بلد و يستترون خوفا من القتل .. ، و كذلك فعل صقر قريش و إخوته ..

.. ، فأشاع العباسيون بين الناس أن الذي سيسلم نفسه مما بقي من الأمويين فسيعطوه الأمان و لن يقتلوه ..
.. و غرضهم طبعا أن يخرجوا بني أمية من مخابئهم ..

.. ، و بالفعل ..
صدق الأمويون المساكين هذا الكلام ، فخرجوا ليسلموا أنفسهم ، و اجتمع منهم بضع و سبعون رجلا و كان معهم أحد أخوة عبد الرحمن الداخل ( صقر قريش ) و اسمه ( يحيى) ..

.. ، بينما ظل عبد الرحمن الداخل مختبئا لأنه كان يشك في كلام العباسيين و يخاف من غدرهم ..
.. ، فقام العباسيون بضرب رؤوس هؤلاء الأمويين الذين سلموا أنفسهم جميعا .. !!
.. ، فلما بلغ عبد الرحمن بن معاوية ذلك هرب من مخبأه فورا و هرب معه أخوه الصغير ( هشام ) الذي كان في 13 من عمره .. ، ثم لحقت به أختاه تحملان معهما ابنه الطفل الصغير ( سليمان ) .. ، و تحركوا جميعا خفية من مدينة إلى أخرى حتى خرجوا من الشام كلها و دخلوا العراق .. ، فاستقروا في قرية على نهر الفرات ..

.. ، و ذات يوم ..
إذا بسليمان ابن عبد الرحمن الداخل .. و هو ابن أربع سنين .. يدخل عليه فزعا باكيا .. ، فتوجس عبد الرحمن و خرج ليرى ما الذي أفزع ولده .. ؟!!!

.. ، فإذا برايات العباسيين السوداء منتشرة في القرية ..

.. ، ثم جاء أخوه الغلام الصغير ( هشام ) من خارج البيت ، فدخل عليه وهو يجرى و أنفاسه تجري معه ، و على وجهه علامات الفزع و الرعب ، فأخبر عبد الرحمن الداخل بأن
( رجال الشرطة ) العباسية يبحثون عنهم في كل مكان .. !!

.. ، فعمد عبد الرحمن الداخل إلى دنانير فتناولها ، ثم أعلم أختيه بمتوجهه و فر هو و أخوه ( هشام ) .. ، فرآه فرسان العباسيين و طاردوه .. ، فلم يجد أمامه مهربا إلا أن يعبر نهر الفرات ، فقذف بنفسه فيه و تبعه أخوه ، و أخذا في السباحة .. ، و فرسان الشرطة العباسية واقفون على الشاطئ يفكرون في حيلة للقبض عليهما ..

.. ، فلما وصل عبد الرحمن و أخوه إلى منتصف النهر ناداهما العباسيون و أغروهما بأن يرجعا و لهما الأمان ..
.. ، فقرر هشام الغلام الصغير أن يرجع و يسلم نفسه لأنه كان يخاف أن يغرق في الفرات .. ، فقال له صقر قريش :
(( لا تفعل .. إنهم كذبة غدارون .. ستقتل ))

.. و لكن هشام لم يسمع لكلام أخيه ..
.. ، و غير وجهته و أخذ يسبح عائدا إلى ( الشرطة ) و سلم لهم نفسه ، فقاموا بذبحه .... !!!

.. ، فأخذ عبد الرحمن الداخل يسبح و يسبح حتى نجح في الوصول إلى الضفة الأخرى ..
.. و قرر بعدها أن يترك العراق كلها و أن يتوجه إلى أفريقيا ..

............... تابعونا .............

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور

🍂 (( صقر قريش _ 2 )) 🦅

* أمسك رجال الشرطة العباسية بهشام .. ذلك الغلام الصغير البريئ الذي لم يتجاوز من العمر ال 13 عاما ..
.. ، و ذبحوه أمام أخيه (( عبد الرحمن بن الداخل )) .. ، و ما نقموا منه إلا إنه من ( بني أمية ) .. !!!!!
.. ، و اضطر (( عبد الرحمن الداخل )) إلى أن يعبر نهر الفرات وحده .. لا يستطيع أن يتكلم أو يفكر من شدة الحزن .. !!!

.. ، و لم يكن (( صقر قريش )) قد تجاوز ال 19 من عمره و هو يمر بتلك الأحداث العصيبة .. ، و كان عليه أن يتخذ قرارا سريعا .. ، فقرر أن يرحل إلى ( القيروان ) في بلاد المغرب لأن أخواله كانوا من البربر فأراد أن يختبئ عندهم من بطش السفاح العباسي ..

.. ، فبدأ هذا (( الصقر الصغير )) المكلوم رحلة هروب طويلة جدا و خطيرة .. بدأها العراق .. حتى وصل إلى مصر .. ثم ليبيا .. ثم وصل إلى بلاد المغرب .. ، و كان أهم شيئ في تلك الرحلة أن يخفي شخصيته تماما .. ، فالسفاح كان قد بسط نفوذه على معظم البلاد الإسلامية ، و نشر جنوده و عيونه في كل مكان .. !!

.......... ............... ................. ..............

.. ، و دخل صقر قريش (( عبد الرحمن الداخل )) مدينة القيروان .. ، فتفاجأ بأن الأوضاع فيها كانت مأساوية للغاية
.. ، حيث وجد هناك ثورة كبيرة جداً للخوارج ضد والي ( إفريقية : تونس ) عبد الرحمن بن حبيب الفهري ..

.. ، و كان (( الفهري )) هذا .. و هو من أحفاد عقبة بن نافع .. معينا من قبل الخلافة الأموية .. ، و لكنه كان يريد أن يستغل تلك الأحداث السياسية المتدهورة في دولة الخلافة ، و انشغال الخليفة العباسي ( السفاح ) بتصفية أمراء بني أمية ليستقل هو بالشمال الإفريقي كله و يفصله عن سلطان الخلافة العباسية .. ، كما كان يطمع في أن يصبح حاكما على بلاد الأندلس ..!!

.. ، و بالفعل نجح (( عبد الرحمن الفهري )) في مخططه و قضى على ثورة الخوارج و قتل رؤوسهم .. ، كما قضى على تمرد البربر الذين كانوا رافضين لحكمه .. ، و بذلك بسط نفوذه على كل بلاد المغرب .. ، و لكنه لم يتمكن من حكم بلاد الأندلس .. !!
.. ، و قام (( عبد الرحمن الفهري )) هو الآخر بمذابح ضد أمراء ( بني أمية ) الذين كان يفرون من سيوف العباسيين إلى بلاد المغرب .. ، فقد كان (( الفهري )) يخشى من بني أمية أن يزيحوه عن الحكم ليحاولوا استعادة ملكهم ، و يدعوا لقيام دولتهم من جديد .. !!

.. ، و كما تعلمون فالخوارج أيضا يكرهون ( بني أمية ) كراهية شديدة .. ، و لذلك فبمجرد أن وصل (( صقر قريش )) إلى القيروان اجتمع عليه الخوارج و كادوا أن يقتلوه .. !!

.. ، فهرب منهم إلى برقة في ليبيا .. ، و مكث هناك
أربع سنوات كاملة مختبئاً عند بعض أخواله ، حتى مات الخليفة العباسي ( السفاح ) .. في سنة 136هـ .. و تولى الخلافة من بعده أخوه / أبو جعفر المنصور ..

.. ، فجلس (( صقر قريش )) يفكر :
(( ماذا أفعل .. ؟!!
هل سأظل مختفياً طيلة العمر .. ؟!!
.. ، أم أظهر من جديد .. ؟!!
.. ، و لكن كيف أظهر .. ؟!!
.. إن ظهرت في الشام قتلني العباسيون ..
.. ، و إن ظهرت في المغرب قتلني (( عبد الرحمن الفهري )) ..
.. ، أو قتلني الخوارج .. !!!

.. ، و هل أظل مختبئا في مكاني و أنا سليل الخلفاء و الأمراء .. ؟!!
.. ، أظل متخفيا هكذا كالمجرمين و اللصوص ، و أهلي و عشيرتي يقتلون و يذبحون في كل مكان ..!!!
.. ، أم أخرج و أحاول أن أقيم للأمويين مجدا جديدا ..؟!! ))

* و كان صقر قريش وقتها شابا صغيرا في ال 23 من عمره *

.......... تابعونا ..........

🎀 بسام محرم 🎀

المرجع :
كتابات الدكتور / راغب السرجاني حفظه الله 🌿
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور

💞 (( صقر قريش _3 )) 🦅

* و في مدينة ( برقة ) ..

.. عاش عبد الرحمن الداخل .. حفيد الخلفاء و الأمراء .. طريدا شريدا هو و أسرته الصغيرة و معهم مولى لهم اسمه ( بدر ) .. ، و تمر عليهم السنين و هم ينتظرون الفرج من الله و يسألونه ليل نهار أن يخلصهم من هذا الكرب و البلاء .. !!

.. ، و كل هذا الخراب و التشريد و الاقتتال و الدماء لم يكن لشئ إلا لأن (( السفاح )) و زبانيته طمعوا في أن يستولوا على عرش الخلافة .. !!!

.. ، و قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن كل ذلك سيحدث .. ، فقال في الحديث الصحيح الذي رواه الصحابي الجليل / النعمان بن بشير :

(( تكون النبوة فيكم ماشاء الله أن تكون .. ، ثم يرفعها اللهُ تعالى .. ، ثم تكون خلافةٌ على مِنهاجِ النُّبُوَّةِ ما شاء اللهُ أن تكونَ .. ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى .. ، ثم تكونُ مُلْكًا عاضًّا فتكونُ ما شاء اللهُ أن تكونَ .. ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى .. ، ثم تكونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً ، فيكونُ ما شاء اللهُ أن يكونَ .. ، ثم يَرْفَعُها اللهُ تعالى .. ، ثم تكونُ خلافةً على مِنهاجِ نُبُوَّةٍ .. ثم سكت ))

.. ، و أصبح بأس المسلمين بينهم شديدا .. ، و أصبحت سيوف المسلمين تدور على رقابهم ، بعد أن كانت تدور لتجتث رقاب أعدائهم .. !!
.. ، و هذا أيضا أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم .. ، فقال :

(( سألت ربي ثلاثا .. ، فأعطاني اثنتينِ و منعني واحدة ؛ سألتُ ربي ألا يهلِكَ أمتي بالسَنَةِ ، فأعطانيها .. ، وسألتُهُ ألّا يهلِكَ أمتي بالغرَقِ ، فأعطانِيها .. ، وسألْته ألا يَجعَلَ بأسهم بينَهم ، فمنعنِيها ))

.. ، فتلك الأحداث المؤسفة الموجعة التي نراها أو نسمع عنها بين المسلمين تعتبر من علامات الساعة التي تخبرنا بصدق نبوة رسولنا الكريم الذي لا ينطق عن الهوى .. ، فقد قال صلى الله عليه وسلم :

(( لا تقوم السَّاعة حتى يفيض المال ، وتظهر الفتن .. ، ويكثر الهرج )) .. ، قالوا : ( و ما الهرج يا رسول اللَّهِ .. ؟!! )
.. ، قال : (( القَتل .. القتلُ .. القَتل .. ثلاثًا ))

.. ، ثم وصف رسول الله تلك الحالة المزرية التي سيصل إليها المسلمون قائلا :

(( إنه ليس بقتلكم المشرِكِين ، و لكن قتل بعْضكم بعضا ، حتى يقتل الرجل جاره ، و يقتل أخاه ، و يقتل عمه ، و يقتل ابن عمه ))

.. ، و بطبيعة الحال تعجب الصحابة عندما سمعوا منه هذا الكلام .. فكيف ينحدر الحال بالمسلمين إلى هذه الدرجة .. ؟!!
.. ، و لذلك سألوا النبي في دهشة :
(( و معنا عقولنا يومئذ ... ؟!!!! ))

.. ، فرد عليهم قائلا :
(( إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ، و يخلف له هَباء مِن الناسِ ، يحسِب أكثرهم أنهم على شيءٍ ، و لَيسوا على شيءٍ ))

............... ................. ...................

(( الأندلس ))

.. ، و بعد تفكير عميق ..

خطر ببال (( عبد الرحمن الداخل )) أن يذهب إلى الأندلس ،
فهي أصلح البلدان لاستقباله لأنها أبعد الأماكن عن العباسيين

.. ، فطلب من مولاه ( بدر ) أن يسافر إلى الأندلس لدراسة الموقف ، و لمعرفة أحوالها السياسية و القوى المؤثرة في الحكم فيها ..

.. ، و بعد البحث و الاستقصاء ..

تمكن ( بدر ) من إرسال كل ما يريده (( صقر قريش )) من المعلومات الهامة عن الموالين لبني أمية و المحبين لهم ..
.. ، و قد كان الكثير من القبائل في الأندلس يحبون
( بني أمية ) حبا شديدا .. و كذلك كان الحال في أقطار الدولة الإسلامية .. كان الكثير من المسلمين يحبون
( بني أمية ) لأنهم اشتهروا على مر العصور بالسخاء الشديد والسياسة والحكمة و اكتساب ثقة الناس و حسن معاملتهم و الجهاد في سبيل الله و نشر الدين و فتح البلاد ..

.. ، و لذلك كله كان لبني أمية داخل بلاد الأندلس الكثير من المريدين و المحبين .. حتى من غير ( بني أمية ) من القبائل الأخرى المختلفة ...

.. ، فبدأ (( عبد الرحمن الداخل )) يراسلهم حتى يتهيأوا لاستقباله ليدخل الأندلس في حمايتهم .. ، كما راسل قبائل (( البربر )) في الأندلس بعد أن عرف أنهم كانوا على خلاف شديد مع حاكم الأندلس (( يوسف الفهري )) الذي كان يطهدهم و يعاملهم معاملة ( عنصرية ) ، فيؤثر ( العرب ) عليهم ، و لذلك كانوا يقومون بثورات كبيرة ضده و يريدون التخلص منه ..

.. ، فأرسل (( عبد الرحمن الداخل )) إلى زعماء البربر في الأندلس يطلب منهم أن يعينوه و يدعموه ، فرأوا فيه من سيخلصهم من بطش (( يوسف الفهري )) ...

................. تابعونا ..............

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور

💞 (( صقر قريش _4 )) 🦅

.. ها قد عدنا إلى (( قصة الأندلس )) من جديد ..

.. ، فقد أرسل ( بدر ) رسالة من الأندلس إلى مولاه
(( عبد الرحمن الداخل )) يخبره فيها بأن الظروف مهيأة لاستقباله ، و أن قبائل الأندلس الموالية لبني أمية في انتظار وصوله ..
.. ، فتجهز (( صقر قريش )) للإبحار من ( برقة ) نحو الأندلس راجيا أن يجد فيها الأمن و الأمان و الاستقرار ..

.. ، و لكن الحقيقة أن الأوضاع في الأندلس في ذلك الوقت كانت مأساوية و خطيرة للغاية ..
.. ، و ذلك منذ أن ترك أمراءها جهاد الفرنجة في الشمال فلم يخرجوا إلى مزيد من الفتوحات عندما كثرت بينهم الأموال و الغنائم فتعلقت قلوبهم بالدنيا ، و انشغلوا بالصراعات الداخلية على السلطة ..!!
.. ، لقد انقسم المسلمون في الأندلس إلى عدة فرق و أحزاب متناحرة ، و ظهرت فيها النزعات القبلية و الدعايات العنصرية ، فكل فريق يريد أن يمتلك و يحكم و يسيطر .. !!

.. ، و الأخطر من ذلك أن فكر ( الخوارج ) التكفيريين كان قد وصل من العراق و الشام إلى ( الأندلس ) فوجد فيها أرضا خصبة لينمو و يترعرع و ينتشر .. ، خاصة بين قبائل البربر الذين كانوا يعانون من الاضطهاد و الظلم الشديد من قبل حاكم الأندلس (( يوسف الفهري )) ..

.. ، و بطبيعة الحال كان سقوط الخلافة الأموية بهذا الشكل البشع الذي رأيناه ، و انشغال العباسيين بقتالهم و تصفيتهم سببا رئيسا في ضياع ( قضية الأندلس ) و سقوطها تماما من الأذهان .. ، فاستطاع (( يوسف الفهري )) أن ينفصل بالأندلس عن الخلافة الإسلامية ... !!

.. ، و أدى كل ذلك .. مع الأسف .. إلى أن فقد المسلمون جزء كبيرا من الأراضي الإسلامية التي كانت قد فتحت في فرنسا .. ، كما استطاع الفرنجة أن يؤسسوا لأنفسهم مملكة نصرانية في الشمال الغربي للأندلس سميت ب
(( مملكة ليون )) .. !!

.. ، و بسبب كل تلك الأوضاع المتردية كان الإسلام على وشك أن ينتهي تماما من بلاد الأندلس ، و أصبح أمرها يحتاج إلى ( معجزة إلهية ) لإصلاحه ....

.. ، و بالفعل .. حدثت تلك المعجزة الإلهية بوصول البطل العظيم / عبد الرحمن الداخل (( صقر قريش )) بسلامة الله إلى الأراضي الأندلسية في شهر ذي الحجة من سنة 138 هجرية ..

......... تابعونا ..........

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور

💞 (( صقر قريش _5 )) 🦅

.. و على قارب سماك ..
وصل الشاب الأموي الصغير عبد الرحمن الداخل ( وحده ) إلى السواحل الأندلسية .. ، فاستقبله مولاه ( بدر ) و أخذه لمقابلة زعماء القبائل الموالية لبني أمية .. ، فاستقبلوه استقبالا عظيما و فرحوا به فرحا شديدا ، فقد رأوا فيه الأمل في نهضة جديدة للأندلس ..

.. ، و ذهب (( صقر قريش )) في البداية إلى (( إشبيلية )) ، فاستطاع أن يجمع فيها عددا كبيرا من أنصاره من القبائل العربية ، و كذلك من قبائل البربر ( الأمازيغ ) .. ، كما انضمت إليهم بعض القبائل التي كانت تكره حاكم الأندلس الحالي
(( يوسف الفهري )) كرها شديدا و تتمنى التخلص منه ..

.. ، و كانوا جميعا يعتبرون أن عبد الرحمن الداخل هو الأحق بحكم الأندلس من (( يوسف الفهري )) هذا الذي ضيع مصالح البلاد و العباد ، و زرع بين أهل الأندلس الشقاق و العداوة و البغضاء ..

** كان عبد الرحمن الداخل شابا حكيما عادلا ، ولم يكن يحب أن تراق دماء المسلمين من أجل الصراع على الحكم .. ، و لذلك أرسل عدة رسائل إلى (( يوسف الفهري )) ليتودد إليه ، و يطلب منه أن يسلمه حكم الأندلس سلميا بصفته أحد الأمراء الأمويين ، فهو حفيد أمير المؤمنين الأسبق /
هشام بن عبد الملك .. ، و وعده عبد الرحمن الداخل بأن يجعل له مكانة كبيرة في دولته و أن يكون وزيرا من وزرائه .. ، و لكن يوسف الفهري رفض ذلك العرض رفضا قاطعا .. ، و قرر أن يقاتل عبد الرحمن الداخل و أنصاره بكل ما أوتي من قوة .. !!

.. ، و بالفعل جمع يوسف الفهري جنوده و كون جيشه و استعد للقتال ..

.. ، و لم يكن صقر قريش يتمنى ذلك ..
.. ، و لكن أوضاع الأندلس في ظل تلك الثورات التي كانت لا تنتهي ، و في ظل الفتن و الصراعات الداخلية الطاحنة التي مزقت البلاد و فرقت شمل المسلمين جعلته يرى أن
( الحل العسكري ) أصبح حتميا لإنقاذ الأندلس و أهلها من الضياع ... !!

.............. .................... ................

(( معركة المصارة ))

.. ، تحرك (( صقر قريش )) مع أنصاره في طريقهم نحو العاصمة الأندلسية (( قرطبة )) .. ، فالتقوا مع جيش (( الفهري )) في معركة المصارة .. ، و دار بينهم قتال شديد انتصر فيه عبد الرحمن الداخل انتصارا ساحقا .. ، و فر يوسف الفهري بجيشه من أرض المعركة .. !!

.. ، فأراد أنصار عبد الرحمن الداخل أن يتتبعوا فلول (( الفهري )) ليقضوا عليهم و يستولوا على الغنائم ..
.. ، و لكن (( صقر قريش )) نهاهم عن ذلك ، و قال لهم كلمات تظهر مدى حكمته و فهمه الواسع و نظرته البعيدة .. قال :

(( لا تستأصلوا شأفه أعداء ترجون صداقتهم ..
.. ، و استبقوهم لمن هم أشد عداوة منهم ))

.. ، فقد كان عبد الرحمن الداخل يدرك من هو
(( العدو الحقيقي )) الذي يجب أن يتحد المسلمون و يبذلوا الجهد من أجل استئصاله .. ، كما أن إخوانهم المسلمين الذين بغوا عليهم و قاتلوهم لا يجوز شرعا أن يعاملوهم معاملة العدو الكافر .. ، فلا يجوز أن يتتبعوا الفارين منهم .. ، و لا أن يقتلوا أسيرهم .. ، و لا ان يجهزوا على جريحهم .. ، و لا حتى أن يغنموا منهم .. !!!!

............... ............... ...............

(( الطريق إلى قرطبة ))

.. ، و كانت هزيمة (( الفهري )) هزيمة بالغة ، حتى أن
صقر قريش و أنصاره لم يجدوا أحدا منهم في طريقهم إلى قصر الحكم في قرطبة .. !!

.. ، فلما وصل عبد الرحمن الداخل إلى ضواحي قرطبة أرادت بعض القبائل الموالية له أن تقتحم قصر الإمارة لتستولي على ما فيه من الذهب و الأموال الخاصة بيوسف الفهري و لتسبي نساءه و أبناءه ، فقد كانت قلوبهم ممتلئة كراهية و غلا على يوسف الفهري بسبب ما فعله فيهم ..
.. ، و لكن عبد الرحمن الداخل رفض ذلك تماما .. ، و أمر أنصاره أن يمكثوا في ضواحي قرطبة ثلاثة أيام كاملة حتى يترك الفرصة أمام نساء يوسف الفهري و أهله أن يجمعوا أمتعتهم و أموالهم ، و يرحلوا من قرطبة في أمان كامل دون أن يعتدي عليهم أحد ..

.. ، فكان هذا الموقف الكريم هو أول المواقف التي أظهرت لأهل الأندلس سمو أخلاق عبد الرحمن الداخل و عفافه و حسن نيته ...

.. ، ثم دخل صقر قريش قصر الحكم في قرطبة ، و استطاع أن يمتلك زمام الأمور في الأندلس كلها .. ، فلقب من وقتها بعبد الرحمن ( الداخل ) لأنه أول من دخل من بني أمية (( قرطبة )) عاصمة الأندلس حاكما لها ..

.................. تابعونا ...................

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور

💞 (( صقر قريش _ 6 )) 🦅

* و في نفس الوقت الذي كان الخليفة العباسي الثاني / أبوجعفر المنصور يوطد أركان الملك للعباسيين في المشرق ، كان عبد الرحمن الداخل (( صقر قريش )) يوطد أركان إمارة جديدة لبني أمية في بلاد الأندلس ..

.. ، و لم يكن (( يوسف الفهري )) و أبناءه و عشيرته ليتركوا
صقر قريش يهنأ بحكم الأندلس بهذه البساطة بعد هزيمتهم المنكرة أمامه .. ، و لذلك كانوا يشعلون الثورات الداخلية ضده من أجل التخلص منه ..
.. ، كما قامت بعض القبائل الناقمة على بني أمية هي الأخرى بتأجيج الثورات ضد حكم عبد الرحمن الداخل .. ، فكانت الثورات في السنين الأولى من حكم ( الداخل ) لا تتوقف ..
.. ، حتى وصل إجمالي عددها إلى 25 ثورة .. !!!

.. ، و لم يكن هذا الأمر سهلا على صقر قريش ، و لكنه حاول أن يستميل هؤلاء المتمردين بحكمته و حسن معاملته تجنبا للقتال و حقنا لدماء المسلمين .. ، و نجح بالفعل في إطفاء بعض تلك الثورات بالطرق السلمية.. ، و لكن البعض من هؤلاء الذين امتلأت صدورهم بالغل و الحقد كانوا يصرون على التصعيد ، مما اضطر (( صقر قريش )) إلى أن يعاملهم بالحزم و يقاتلهم حتى يتمكن من إخماد كل تلك الثورات ..

.. ، و كانت أخطرها على الإطلاق هي : (( الثورة العباسية ))
.. ، فبطبيعة الحال لم يكن الخليفة العباسي /
أبوجعفر المنصور ليسكت على وجود (( إمارة أموية )) منفصلة تماما عن دولة الخلافة العباسية لفترة طويلة ..
.. ، و لذلك أرسل رسالة إلى أحد أنصاره في بلاد المغرب يأمره فيها باغتيال عبد الرحمن الداخل و القيام بثورة ضد بني أمية في الأندلس ...

.. ، و بالفعل ..
ترك هذا الرجل .. و يدعى (( العلاء بن مغيث )) .. بلاد المغرب و رحل إلى الأندلس .. ، و أخذ ينادي بين القبائل بالدعوة إلى ( بني العباس ) حاملا ( الرايات السود ) التي اشتهروا بها ، و استطاع أن يجمع حوله عددا من القبائل التي كانت تطمع في الإطاحة بحكم (( عبد الرحمن الداخل )) .. !!!

.. ، و جيش (( العلاء بن المغيث )) الجيوش من هؤلاء الذين بايعوه ، و أخذ يتهيأ لقتال عبد الرحمن الداخل .. !!

.. ، و لكن صقر قريش تصدى له بكل قوة ، و استطاع أن يهزمه و أن يقمع ثورته .. ، و قتل (( العلاء بن مغيث )) في أثناء تلك الاشتباكات ..

.. ، ووصلت أخبار الهزيمة إلى الخليفة / أبي جعفر المنصور
ففهم ساعتها أن (( صقر قريش )) أصبحت له قوة لا يستهان بها ، و أنه لن يستطيع أن ينتزع منه بلاد الأندلس .. ، و لذلك لم يحاول أن يعيد تلك الكرة عليه بعدها .. ، و قال لوزرائه :

(( ما لنا في هذا الفتى من مطمع .. ( يقصد : عبد الرحمن
الداخل ) .. ، و الحمد لله الذي جعل بيننا و بينه البحر ))

.. ، لقد كان أبوجعفر المنصور معجبا جدا بشجاعة
عبد الرحمن الداخل و بشخصيته القوية .. رغم تلك العداوة الشديدة التي كانت بينهما .. ، و من الطرائف أنه هو الذي لقبه بلقب (( صقر قريش )) الذي اشتهر به في التاريخ .. !!

.. ، فقد كان أبو جعفر المنصور يوما بين جلسائه فسألهم :
(( أخبروني .. من ترونه ( صقر قريش ) .. ؟!!! ))

.. ، و طبعا ردوا عليه بلا تردد :
(( أنت يا أمير المؤمنين .. أنت صقر قريش الذي راض الملوك ، و سكن الزلازل ، و أباد الأعداء ))

.. ، فقال لهم : (( لا .. غير صحيح ))

.. ، فقالوا : (( إذن .. هو معاوية بن أبي سفيان ))

.. ، فقال : (( لا ))

.. ، قالوا : (( فعبد الملك بن مروان .. ؟ ))

.. ، فقال : (( لم تقولوا شيئا ))

.. ، فقالوا متعجبين : (( فمن هو يا أمير المؤمنين ... ؟!!! ))

.. ، قال : (( صقر قريش هو ( عبد الرحمن بن معاوية )
الذي قطع الصحاري .. ، و عبر البحر .. ، و دخل بلدا أعجميا وحده .. ، فمصر فيها الامصار ، و جند الأجناد ، و دون الدواوين .. ، و أقام ملكا عظيما بعد انقطاعه بحسن تدبيره ، و شدة شكيمته .. ، و استطاع بعزيمته و حسن رأيه .. و هو منفرد ( بنفسه ) .. أن يوطد الإمارة بالأندلس ، ففتح الثغور ، و أطاح بالمارقين ، و أذل الجبابرة الثائرين ))

.. ، فقالوا : (( صدقت و الله يا أمير المؤمنين ))

.. ، و بقيت الأندلس تحت حكم ذلك البطل العظيم 34 عاما كاملة .. ، فكانت فترة حكمه من أقوى و أعظم الفترات في تاريخ الأندلس ...

.......... تابعونا ...........

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور

💞 (( صفر قريش _7 )) 🦅

* و مما قاله المؤرخون عن (( عبد الرحمن الداخل )) :

(( لقد كان راجح العقل .. ، راسخ العلم .. ، ثاقب الفهم .. ، نافذ العزم .. ، سريع النهضة .. ، متصل الحركة .. ، لا يخلد إلى الراحة .. ، و لا يكل الأمور إلى غيره ، و لا ينفرد برأيه ..
.. ، كان شجاعا مقداما .. ، بليغا مفوها .. ، سمحا سخيا ..
، و كانت له هيبة بين أوليائه و أعدائه .. ))

.. ، و لذلك أحبه أهل الأندلس فقد كانت شخصيته تبهر عقولهم ، و أخلاقه تأسر قلوبهم .. حيث كان ذا إنسانية سامية و معدن نفيس ... !!

.. ، و حرص صقر قريش على أن يكون ( بين الناس ) ، فكان يعود مريضهم ، و يحضر جنائزهم ، و يصلي بهم الصلوات في المسجد ، و يخطب فيهم على المنابر ..

.. ، و كان يختلط بالناس ( بلا حراس ) .. حتى حذره بعض المقربين له من ذلك خشية أن يتباسط معه الناس في المعاملة ... !!

.. ، كما كان عبد الرحمن الداخل حريصا على أن يجعل قلوب العباد تتعلق بربها .. ، و يعلمهم ذلك ..

.. ، فذات يوم خرج له رجل من بين الناس ، فسأله حاجته على مرأى و مسمع منهم .. و كان فقيرا و يمر بظروف صعبة .. ، فأعطاه( عبد الرحمن الداخل ) و قضى له حاجته
.. ، ثم قال له :
(( إذا ألم بك خطب ، أو حزبك أمر بعد ذلك فارفعه إلينا مكتوبا في رقعة كيما تستر على نفسك و نستر عليك ..
.. ، و ذلك بعد أن ترفعها أولا إلى مالكك و مالكنا سبحانه و تعالى بأن تخلص له في الدعاء ))

.. ، إنها تربية ربانية كان يربي شعبه عليها .. يريد منهم أن يرفعوا حاجتهم إلى خالقهم و أن تتعلق آمالهم به وحده ..

.......... .................... ................

(( النهضة الشاملة ))

.. ، و بعد أن قضى صقر قريش على الصراعات الداخلية و أخمد الثورات .. سعى في إحداث نهضة شاملة في الأندلس ، فقد كان يتمنى أن يراها ( جوهرة التاج ) الأوربي ، مهابة الجانب في أعين أعداء الإسلام حتى لا يفكر أحد منهم أن يمسها بسوء ..

.. ، و لتحقيق ذلك .. قسم عبد الرحمن الداخل ميزانية الدولة إلى ثلاثة أقسام رئيسية :

1_ قسم كان ينفقه بالكامل على الجيش و التعزيزات العسكرية و الأسلحة : و قد نجح في أن يزيد من تعداد جيش الأندلس بشكل مذهل بعد أن ألف بين قلوب القبائل المتناحرة و قرب قبائل البربر و أحسن معاملتهم .. ، فأصبح تعداد الجيش يقدر بمائة ألف فارس .. هذا غير المشاة .. !!

.. ، كما أنشأ أسطولا بحريا قويا ، و عدة مواني حربية ..
.. ، و أقام عدة دور ( مصانع ) للأسلحة و المجانيق و السيوف في أماكن مختلفة من الأندلس .. ، و كذلك أنفق الكثير من الأموال على إنشاء القلاع و الحصون المنيعة ... !!

.. ، أيضا .. كان صقر قريش شديد الحرص على تأمين الثغور ضد خطر الفرنجة .. العدو الحقيقي للمسلمين .. ، فكان يبعث ( الصوائف ) و هي حملات عسكرية كانت تخرج بانتظام إلى الثغور الشمالية في ( فصل الصيف ) .. بعد ذوبان الجليد و انتهاء الصقيع و البرد .. ، و ذلك بهدف الإرباك الدائم للعدو ، و قد تعلم ذلك من آبائه و أجداده في الشام ..
.. ، و بذلك استطاع (( صقر قريش )) أن يحيي فريضة الجهاد الغائبة ، و أن يوجه طاقات الجند و سيوفهم لتكون في وجه أعدائهم .. بعد أن كان يقتل بعضهم بعضا ..

2 _ أما الثلث الثاني من الميزانية فكان ينفقه على المشروعات العمرانية الضخمة و على أمور الدولة المختلفة و على المرتبات ..
.. ، فأمر ببناء ( مسجد قرطبة الكبير ) و أنفق على بنائه 80 ألف دينار ذهبية .. ، كما كان ينفق أموالا كثيرة من أجل نشر العلم الشرعي و إكرام العلماء ..
.. ، و أنشأ أيضا العديد من القناطر لربط أرجاء الأندلس بعضها ببعض ..

.. ، كما كان يهتم ( بالمظهر الجمالي ) للأندلس ، و لذلك أنشأ
( الرصافة ) ، و التي كانت من أكبر الحدائق المفتوحة في الإسلام .. ، و صممها على غرار ( رصافة الشام ) ، و كان يأتي لها بالزهور المبهجة ، و الأشجار النادرة ، و النباتات العجيبة رائعة المنظر من كل بلاد العالم ... !!

3_ أما القسم الثالث من ميزانية الدولة ، فكان يدخره ( للزمن ) .. تحسبا للنوائب و الكوارث الغير متوقعة ..

.. ، و في جمادى الأول من سنة 172 هجرية ..

توفي البطل المغوار / عبد الرحمن الداخل صاحب القلب الجريئ و الأخلاق الرفيعة .. توفي و دفن في قرطبة ..

.. ، فبكته الأندلس كلها ..
.. ، و كيف لا .. ؟
فهذا الرجل العظيم قد بذل 34 سنة كاملة من عمره من أجل رفعتها و وحدتها و نهضتها .. ، و لولاه لانتهى الإسلام من الأندلس بالكلية .. رحمة الله عليه ...

................ تابعونا ...............

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور A

🌿 (( خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا )) 💥

.. ، و الآن ....

و بعد أن انتهينا من قصة (( صقر قريش )) ، نترك الأندلس مرة أخرى مؤقتا ، و نعود سويا إلى قصر الخلافة في الكوفة لنقترب أكثر و أكثر من أبي جعفر المنصور .. هذا الخليفة العباسي الثاني .. فنتعرف على شخصيته و أعماله في فترة خلافته .. ، و لنجيب على هذا السؤال الذي يطرح نفسه دائما عندما نبدأ الحديث عن أي خليفة من خلفاء المسلمين :
هل كان من الصالحين فنحبه و نمدحه .. ، أم كان من الظلمة المفسدين فنكرهه و نسبه و نلعنه .. ؟!!

.. ، و الحقيقة أن أبا جعفر المنصور قد خلط عملا صالحا و آخر سيئا مثل الكثيرين من ملوك المسلمين و خلفائهم .. سواء في العصر الأموي أو العباسي أو العثماني ..

.. ، و لذلك فليس من العدل ، و لا من الحكمة في دراسة التاريخ الإسلامي أن نميل إلى عصر من العصور فنحبه و نحب خلفائه كلهم بلا استثناء ، بينما نبغض عصرا آخر بكل ما فيه و من فيه فنتناسى فضلهم ، و نشوه صورهم ، و نسلط عليهم ألسنة حداد فنقذفهم بالسباب و النقائص ..
.. هذا لا يصح .. لا يصح أن نتعامل مع أحداث التاريخ
(( بنزعة طائفية )) فنحرم أنفسنا من الاستفادة الكاملة من عبر التاريخ و مواعظه ..

.. ، فالمسلمون الصادقون مجمعون على حب الصحابة الكرام و حب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم جميعا و ذلك لأن الله سبحانه و تعالى زكاهم في القرآن و بشرهم بالجنة ، و لأن رسول الله زكاهم و نهى عن سبهم ، فقال :

(( لا تسبوا أصحابي .. ))

.. ، و لأن صبرهم ، و أعمالهم العظيمة ، و جهادهم .. كل ذلك زكاهم .. ، فنحن نحسن الظن بهم ، فإن أخطأ واحد منهم يوما فإننا نقول عنه : (( اجتهد فأخطأ ، فله أجر ))

.. ، فالمسلمون يؤمنون بأن ( عصر الصحابة ) هو خير القرون ، فيحبون الخلفاء الراشدين الخمسة : أبا بكر و عمر و عثمان و علي بن أبي طالب و الحسن بن علي .. ، و كذلك يحبون الصحابي الجليل / معاوية بن أبي سفيان ..
... رضي الله عنهم أجمعين ....

.. ، و يعتبرون أن حب الصحابة ( دين ) يتقربون به إلى الله ..

.. ، أما عن الملوك و الخلفاء الذين جاءوا من بعد سيدنا / معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .. ، فنحن ندرس سيرهم و نذكر محاسنهم و مساوئهم ، و نعتبر بقصصهم .. ، ثم نترك حسابهم على الله تعالى ..
.. ، فلا نتحيز .. و لا نتطاول .. و لا نسب .. و لا ننسى الفضل لأهل الفضل منهم ..

.. ، و لنتذكر دائما يا إخواني أننا .. كلنا .. ( ذوو خطأ ) .. و نسأل الله تعالى أن يستر معايبنا ، و أن يغفر ذنوبنا و يرحمنا برحمته ..

.. ، و سأحكي لكم عن أبي جعفر المنصور في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى .. ، فتابعونا ...

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور B

💥 (( أعوان الظلمة )) 🦇

* أبو جعفر المنصور من أحفاد الصحابي الجليل /
عبد الله بن عباس .. ، و كانت له شخصية قوية و مهابة في نفوس الناس ..
.. تولى الخلافة سنة ( 136 هجرية ) بعد وفاة أخيه (( السفاح )) .. ، و كان السفاح أصغر منه سنا ..

.. ، و قد طالت فترة خلافة أبي جعفر المنصور حيث بقي في الحكم حتى سنة 158 هجرية .. أي حوالي 22 عاما ..

فكيف أدار شئون البلاد و مصالح العباد في تلك الفترة .. ؟!!

.................... ................. .................

.. كما عرفنا من قبل ..

كان هناك اثنان من أبرز و أشرس و أقوى القادة العباسيين ، و على أكتافهما قامت دولة الخلافة العباسية على أنقاض و أشلاء الدولة الأموية ..

.. ، الأول : هو (( أبو مسلم الخراساني )) ذلك القائد العسكري الشاب الجرئ الذي حشد الحشود لنصرة العباسيين في بلاد فارس و تمكن من السيطرة الكاملة عليها بعد أن أطاح بكل من كان فيها من جنود و أمراء الأمويين ..

.. ، و الثاني : هو (( عبد الله بن علي )) عم كل من السفاح و أبي جعفر المنصور .. ، و كان السفاح قد ارسله بجيش العباسيين إلى الشام لقتال آخر خلفاء الأمويين
(( مروان بن محمد )) ، فانتصر عليه انتصارا ساحقا في (( معركة الزاب )) ، و استطاع أن يفرض سيطرته على بلاد الشام ..

.. ، و بعد أن مات (( السفاح )) بويع بالخلافة لأخيه الأكبر /
أبي جعفر المنصور فدانت له بلاد العراق و فارس ..
.. ، فأرسل إلى عمه (( عبد الله بن علي )) يخبره بوفاة السفاح و يطلب منه أن يأخذ له البيعة من أهل الشام ..

.. ، فغضب عمه غضبا عظيما لأنه كان يرى نفسه أحق بالخلافة منه .. ، و هنا بدأ الشيطان ينزغ بين من كانا متحابين و متناصرين بالأمس القريب ..
.. ، فقام (( عبد الله بن علي )) و نادى في أهل الشام :
( الصلاة جامعة ) .. ، ثم خطب فيهم فأخبرهم بوفاة السفاح و بأنه كان قد عهد إليه بالخلافة من بعده ..
.. ، و استطاع أن يأخذ البيعة لنفسه من معظم أعيان الشام ، و بذلك أحكم قبضته عليها ..

.. ، فلما وصلت تلك الأخبار إلى أبي جعفر المنصور قرر الإطاحة بعمه .. ، فأرسل إلى أبي مسلم الخراساني يأمره بان يتحرك بجيش خراسان لقتال عمه (( عبد الله بن علي ))

.. ، فاستجاب أبو مسلم الخراساني فورا و انطلق بجيشه نحو الشام .. ، و استطاع ان ينتصر على جيش
(( عبد الله بن علي )) بعد قتال استمر لستة أشهر كاملة ..
.. ، فهرب (( عبد الله بن علي )) إلى البصرة و مكث فيها متخفيا ..

.. ، فأمر الخليفة / أبو جعفر المنصور جنوده بأن يبحثوا عن ( عمه ) في كل مكان ، فلما تمكنوا من القبض عليه ألقى به
أبو جعفر المنصور في السجن لفترة .. ثم قتله .... !!!!!!

................... .................. ................

.. ، و بعد أن انتصر أبو مسلم الخراساني على
(( عبد الله بن علي )) زاد اعتزازه بنفسه و كثر جنوده و أنصاره حتى أصبح قوة لا يستهان بها ..

.. ، و كان ذلك يقلق الخليفة / أبا جعفر المنصور بشدة
، فقد كان يخاف أن يقوم عليه أبو مسلم الخراساني
بانقلاب عسكري ..
.. ، فاستشار وزراءه في ذلك الأمر ، فأشاروا عليه بضرورة التخلص منه في اسرع وقت .. !!!
.. ، فدبر مكيدة لاغتياله ، حيث أرسل إليه يطلب مقابلته في قصر الخلافة .. ، و اتفق مع حراسه أن يقتلوه إذا حضر إليه ..

.. ، فلما وصل أبو مسلم الخراساني استقبله أبو جعفر المنصور بالحفاوة و التكريم الذي يليق بقائد ذي شأن عظيم مثله .. ، ثم اشار إلى الحرس فطعنوه غدرا ... !!!!

.. ، و هذه كانت نهاية القائد الشاب الطموح /
أبي مسلم الخراساني الذي كان في الثلاثينات من عمره وقت اغتياله ، فلم يهنأ بالسلطان ، و لم يهنأ حتى بشبابه ..!!

، و لعل ما أصابه .. و أصاب ( السفاح ) و ( عبد الله بن علي ) من قبله .. كان بشؤم جرائمهم في حق (( بني أمية )) ..
.. ، فالله سبحانه يمهل و لا يهمل .. ، و كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ))

.. ، و هكذا تخلص أبو جعفر المنصور من أخطر منافسيه ..

.. و هذا حال (( الكرسي )) في كل زمان و مكان ..
لا يعرف رحمة .. ، و لا صداقة .. ، و لا ( رحما ) و لا نسبا ..
.. ، و لا حول و لا قوة إلا بالله .... !!!!

............ تابعونا ..........

🎀 بسام محرم 🎀
#زمن_العزة

#خلافة_أبي_جعفر_المنصور C

🌿 (( فألهمها فجورها و تقواها ))

* أعرف جيدا تلك الصورة الكئيبة التي رسمتموها في مخيلاتكم لأبي جعفر المنصور بعد هذا الذي قرأتموه عن مذابحه البشعة التي قام بها في مطلع فترة خلافته ..

.. ، و لكنني أريد منكم أن تتسع صدوركم لتستوعبوا ما سأذكره عنه اليوم ..
.. ، فالعدل يقتضي منا أن نذكر ما له و ما عليه ..

...... ....... ............. ...............

(( أم الدنيا ))

.. بعد أن تخلص أبو جعفر المنصور من كل خصومه و منافسيه و استقر له الأمر .. بدأ يفكر في عمل يقدمه للأمة الإسلامية لينهض بها و ليجعلها في مكانة رفيعة مشرفة تليق بها .. ، فقرر أن ينشئ عاصمة جديدة للخلافة الإسلامية و أن ينفق عليها أموالا ضخمة حتى تصبح أكبر ، و أروع ، و أعظم مدينة في العالم كله .. !!!!!!!

.. ، و بالفعل ..
أصدر أبو جعفر المنصور مرسوما رسميا يأمر فيه بإنشاء مدينة (( بغداد )) على أحدث طراز معماري على وجه الأرض
.. ، و فرض لهذا المشروع العملاق ميزانية ضخمة جداا ... !!

.. ، و تم الانتهاء من بناء مدينة بغداد في سنة 146 هجرية بعد أن أنفق عليها (( 18 مليون دينارا ذهبية )) ..
.. ، فكانت تبهر الأنظار و تأخذ بالقلوب من جمالها .. !!

.. ، و جمع لها (( المنصور )) العلماء من كل بلد حتى صارت بغداد هي (( أم الدنيا )) وقتها بلا منازع ..

.. ، و مع مرور الوقت أصبحت (( بغداد )) مهدا للحضارة الإسلامية و منارة للعلم في عهد الخلفاء العباسيين ..
.. ، و تزايد عدد سكانها حتى أصبح يعيش فيها
2 مليون نسمة ... !!!

.. ، و تحدث المؤرخون عن روعة (( بغداد )) فقالوا :

(( لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في
جلالة قدرها ، و فخامة أمرها
، و كثرة علمائها و أعلامها ))

.................. .................... ...................

.. ، و لم تحدث أية فتوحات إسلامية جديدة تذكر في خلافة أبي جعفر المنصور .. ، و لكن يشهد له أنه كان حريصا على الإبقاء على هيبة الدولة الإسلامية و حماية ثغورها ، فلم يستطع أعداءها .. من الرومان المتربصين في الشمال ، أو من غيرهم .. أن يمسوها بسوء ..

.. ، و كان أبو جعفر المنصور (( رجل دولة )) من الطراز الأول .. يعرف جيدا كيف يدير البلاد و يسوس العباد و يرعى مصالحهم .. ، فانتعشت في خلافته أحوال الناس ، و استقرت الأوضاع الداخلية فيها بشكل كبير ..

.. ، كما كان أبو جعفر المنصور حريصا أشد الحرص على الصلاة و العبادة ، فكان يصلي بالناس إماما في المسجد و لا يترك صلاة الفجر .. ، بل و يروى عنه أنه كان يواظب على التهجد في الثلث الأخير من كل ليلة .. !!!

.. ، و حرص على تربية ابنه ( المهدي ) تربية صالحة ..
.. ، فنشأ (( المهدي )) معظما للقرآن و السنة .. محبا للعدل و الرحمة .. متحليا بمكارم الأخلاق ..
.. ، فاختاره أبو جعفر المنصور لولاية العهد ، و أعده إعدادا جيدا لتحمل تلك المسئولية الكبيرة من بعده ...

................. ...................

(( المهدي ))

.. ، و في عام 158 هجرية توفي أبو جعفر المنصور ..
.. ، و ذكروا أنه كان في مرض موته يكثر الاستغفار ، و يعترف لله بذنوبه و ظلمه ، و يدعوه متضرعا أن يعفو عنه ..

.. ، و تولى (( المهدي )) من بعده .. و كان في 32 من عمره ..
فبدأ خلافته بأن أطلق سراح المعتقلين الذين سجنهم
أبو جعفر المنصور لأنه كانوا معارضين لنظامه ..

.. ، و انتشر ( الزنادقة ) في عهد (( المهدي )) .. و هؤلاء كانوا يخادعون الناس و يظهرون أمامهم في صورة التدين و الصلاح ، و حقيقة أمرهم أنهم كانوا يسعون لتشويه معالم الدين و إفساد عقيدة المسلمين عن طريق نشر الأفكار و المعتقدات الباطلة و الأحاديث الموضوعة و المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

.. ، فحاربهم (( المهدي )) بكل قوة .. ، فقد كان غيورا على دينه و على سنة رسول الله ..

.................. ................... ...............

(( موسى الهادي ))

.. ، و جعل الخليفة / المهدي ولاية العهد من بعده لابنيه :
موسى الهادي .. ، ثم (( هارون الرشيد )) ..

.. ، و في سنة 169 هجرية توفي الخليفة المهدي ..
.. ، و تولى الخلافة من بعده (( موسى الهادي )) ، فسار على نهج أبيه في العدل و التقوى .. و كان شهما كريما ، و لكنه مات شابا بعد عام واحد فقط من توليه الحكم ..
.. ، فتولى الخلافة أخوه / هارون الرشيد .. ذلك الخليفة العباسي العظيم .. الذي كثر الافتراء عليه قديما و حديثا ...

.. ، و سنذكر قصة كاملة بإذن الله تعالى .... فتابعونا .....

🎀 بسام محرم 🎀