عبدالجبار الرفاعي
3.77K subscribers
618 photos
51 videos
270 files
1.09K links
مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضۚ
Download Telegram
في النهاية، يقدم الكاتب تأملاته كحكاية لجيلين، لكلٍ منهما رؤيته الخاصة للعالم، ويؤكد على أهمية "التربية التي تعتمد على الحصانة لا المنع". الأبناء اليوم يملكون أسئلة تتطلب إجابات أعمق ومعرفة تواكب تحديات عصرهم، بينما جيل الآباء يتأمل بحنين لعصره ومعطياته. هذا الصراع بين الميتافيزيقية والواقعية هو جوهر العلاقة المعقدة بين الأجيال، حيث يتكامل كلٌ منهما مع الآخر، في محاولة لإيجاد "دروب للخلاص لا تكرّر متاهاتنا"، كما وصفها الرفاعي، الذي اختار أن يمنح أبناءه حرية التعبير عن ذواتهم، وحقهم في صناعة حكايتهم في عالمهم.
https://altanweeri.net/14863/%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF/
إلى الأصدقاء الكرام الذين يسألون عن رقم جناح دار الرافدين الذي تباع فيه مؤلفاتي في معرضي الجزائر والشارقة:

1.الصالون الدولي للكتاب بالجزائر⁩
‏جناح ⁧ دار الرافدين⁩ رقم B69
‏من 11/6 لغاية 2024/11/16 .‏⁧

2.معرض الشارقة الدولي للكتاب⁩، جناح ‏⁧ دار الرافدين⁩، قاعة 2 رقم B2 من 11/6 لغاية 2024/11/17
تسجيل صوتي لكتاب الهرمنيوطقا بوصفها منهجا للتفسير عند أمين الخولي-2

https://search.app?link=https%3A%2F%2Fwww.hindawi.org%2Fbooks%2F28184726%2F2%2F&utm_campaign=aga&utm_source=agsadl2%2Csh%2Fx%2Fgs%2Fm2%2F4
يترجم القلبُ كلمات الحُبّ بمعنى واحد
د. عبد الجبار الرفاعي
يولد الحُبّ في لغة القلب، وهي من أصدق وأعذب اللغات في العالم. يترجم القلبُ كلَّ لغات الحُبّ وكلماته المتنوعة في مختلف اللغات بمعنى واحد، لا يرى الإنسانُ في كلمات الحُبّ بكلِّ اللغات إلا الضوء. الحب يعيد إنتاج الذكريات وكأنها ضوء يخلِّد أجمل ما يمكث من الإنسان، الحُبّ يوقد جذوة الضوء في القلب، القلبُ الذي يعيشُ الحُبّ لا يدركه الوهنُ، ولا ينهكه تقدمُ العمر. مَن يتعلم الاستثمار في الحُبّ يرى الضوء بمن يتعامل معه، ويجعل حياته أسهل، وعيشه أسعد، ويظفر بجذوة الروح وبهجتها.
الحُبّ الأصيل يعنى كون الإنسان المحبوب يمتلك ضميرًا أخلاقيًّا يقظًا، هذا الضربُ من الحُبّ لا يرهقه فعلٌ مهما كان شاقًّا، بل يجعل كلَّ شيء عذبًا، وإن لم يكن في ذاته عذبًا. ما أعنيه هو الحُبّ الأخلاقي الأصيل غير المشروط، الحُبّ الذي يبادر فيه كلٌّ من المحبَّين بالعطاء بلا أية مقايضة أو استرداد لما أعطى، ويكون مَن يُحب مستعدًا لتقديم كلِّ شيء بلا أن يمنّ بما أعطى. أتحدثُ عن الحبِّ الأصيلِ الذي يحميهِ سياجٌ أخلاقي، لا أعني بعضَ الأخلاقِ الكلاميةِ والفقهيةِ المضادةِ لما يحكمُ بهِ العقلُ الأخلاقي . الأخلاقُ هنا بمعنى العقلِ العمليِّ، وهي ما يُحسِّنُهُ ويُقبِّحُهُ العقلُ الأخلاقي.
الحُبّ الأخلاقي الأصيل ضرب من الامتنان والإكرام، مَن يحبّك يكرمك ويعبر عن امتنانه العميق لك. الحُبّ المشروط مُشبَّع بالمن لا بالامتنان، والإكراه لا الاختيار، والفرض لا التطوع، والتكلف لا المبادرة، مما يجعله ضربًا من الاستعباد. يتحول الحُبّ المشروط بمرور الأيام إلى قائمة مطالب لا تنتهي، تتراكم وتضاف إليها كلّ يوم مطالب جديدة، حتى يشعر الإنسان أنه يتعرض إلى عملية ابتزاز تستنزفه وتنهك قلبه، وتعبث بسلامه الداخلي.
الحُبّ الأصيل يخفضُ وتيرةَ الخوف والقلق، ويحرّر الإنسانَ من الاكتئاب وفقدان المعنى. الحُبّ الأصيل مُلهِمٌ، الاستبصاراتُ الحاذقة يُلهمُها الحُبّ، استفاقةُ العقل يُلهمُها الحُبّ، العفو والغفران والرفق واللطف يُلهمُها الحُبّ. لا يتوقف فعلُ الحُبّ عند القلب والعواطف، بل يظهر أثرُه بشكل واضح في توجيهِ بوصلة التفكير وغاياته في العقل، وبناءِ رؤية جمالية لله والإنسان والعالَم، واثراءِ الشعور بسحر تجليات الجمال في الوجود، وإيقاظِ البهجة في أعماق الإنسان. الحُبّ ينقذ الإنسان من الاغتراب الاجتماعي، ويخفض الاغتراب الوجودي. اكتشاف الحُبّ الأصيل من أثرى اكتشافات المعنى الجميل الملهم لحياة الإنسان.
في مراحلِ عمر الإنسان كلّها، وبتنوّعِ دروب حياته، واختلافِ أنماط عيشه، وتجّددِ احتياجاته ومصالحه، وتضاعفِها، أو تضاؤلها، يظلّ الحُبّ أعذبَ منابع المعنى في حياته. لن يتراجع الأثرُ المُلهِمُ للحب مهما تقلبت أيامُه واختلفت. يلبث الإنسانُ حتى اللحظات الأخيرة من عمره بأمسّ الحاجة إلى كلمةِ حب صادقة، وضوءِ قلبٍ محب، ومحبةِ روحٍ مشفِقة. جوهرُ المحبة ضوءٌ يكشفُ تجلياتِ جمال المُحِب والمحبوب. محبّة خلق الله من أعظم النعم الإلهية، هذه النعمةُ يفتقر إليها بعضُ الناس الذين يتظاهرون بالتديّن. أعرف بعضَهم يدمن الطقوسَ والشعائر، لكنه يعجز عن المبادرةِ بأيِّ موقفٍ جميل أو فعلٍ أو كلمة تجسِّد محبتَه للناس.
القلوب مرايا؛ عندما يكون الإنسان سخيًّا بكلمة الحُبّ الصادقة يمتلك قلوب الناس السليمة من الأمراض الأخلاقية، ويسهم في مداواة النفوس المصابة بأمراض نفسية. المحبة الصادقة هي رصيد العلاقات الإنسانية المثمرة، يكرسها العمل المتواصل على اكتشاف المشتركات العاطفية والأخلاقية والإنسانية مع الآخر، مع التغاضي عن الاختلافات الاعتقادية والأيديولوجية والفكرية والمزاجية، وتجاهل الكلام والمواقف والثرثرات المزعجة، وعدم التدخل في الخصوصيات الشخصية، إلا إذا بادر الآخر بإخبارنا بمشكلة في حياته الخاصة وطلب منا التدخل والدعم بشأن خاص به، يدعونا العيش بسلام إلى أن نكفّ عن ملاحقة عثرات وأخطاء الآخرين. لو رأينا أعماق الإنسان كما هي لأصابنا الذعر؛ الحُبّ هو الحالة الوحيدة التي تجعلنا نرى الإنسان كما يراه الله بنوره ورحمته التي وسعت كلَّ شيء. الإنسان الذي يمتلك القدرة على الاستثمار في الحُبّ وتذوق تجليات الجمال في العالم لا يدركه الهرم. يضيع الإنسان، حتى وإن ظفر بكلِّ شيء، عندما يضيع عليه الطريق إلى الحُبّ الأصيل في حياته.‏
الإنسانُ منذورٌ للحُبّ؛ يولد وتولد معه الحاجةُ الأبدية للمحبّة، الرضيع يتشبث بأمه ليل نهار، لا يطلب رضاعة الحليب فقط، بل يرتضع المحبة ودفء حنان الأم وحميميتها وشفقتها. وإن كان لا يستطيع في تلك المرحلة العمرية التعبير عن ذلك بالكلمات، فإنه يعبر عنه جسديًّا برغم عجزه عن التعبير اللغوي. كلمات المحبة الصادقة، الصادرة من إنسان يتقن صناعة المحبة الأصيلة والاستثمار فيها، تبعث الطمأنينة في القلب والسكينة في الروح. عندما يفتقر الإنسانُ إلى المحبة، يشعر كأنه يعيش في منفى كئيب داخل أسوار مدينة موحشة، لكن حين يعثر على منبع للمحبّة، يسترد ما يفتقر إليه من سكينة وطمأنينة تصيّر عيشَه عذبًا.
مادام الحُبّ أثمنَ ما يظفر به الإنسانُ من المعاني وأغلاه، فإن نيلَه يتطلب معاناةً شاقةً وجهودًا مضنية. الحُبّ ليس صعبًا فقط، بل هو عصيٌّ على أكثر الناس، لا يسكن الحُبّ الأصيلُ إلا الأرواحَ السامية، ولا يناله إلا مَن يتغلّب بمشقةٍ بالغةٍ على منابع التعصّب والكراهية والعنف والشر الكامنة في أعماقه. حُبّ الإنسان من أشقِّ الأشياء في الحياة، لأن الإنسان بطبيعته أسيرُ ضعفه البشري، يصعب عليه أن يتخلّص من بواعث الغيرة في ذاته، وما تنتجه غيرتُه من منافساتٍ ونزاعاتٍ وصراعات، وما يفرضه استعدادُه للشرِّ من كراهياتٍ بغيضة، وآلامٍ مريرة .
كما أنَّ أخطرَ شيءٍ على الفكرِ والأدبِ هو عبادةُ الأصنامِ الفكريةِ والأدبيةِ، فإنَّ أخطرَ ما يفتكُ بالقلبِ هو تحويلُ المحبوبِ إلى صنمٍ. الحُبُّ يُغذِّي النرجسيةَ ويُشبعُها، وأحيانًا يُضخِّمُها إلى درجةٍ تُفسدُ الحُبَّ، حين يُسرفُ بعضُ المحبين في الثناءِ على ذواتِهم، ويفرطون في استعمالِ كلمةِ "أنا" بشكلٍ مبتذل، وتكرارِ الإعلانِ المُثيرِ عن مزاياهم وما يتفوَّقون به على غيرهم، بأسلوبٍ تسودهُ كثيرٌ من المبالغاتِ وحتى الأكاذيب. ويظلُّ بعضُهم يُلحُّ، داعيًا حبيبَهُ للإصغاءِ إليهِ في كلِّ مرةٍ يثرثرُ بهذهِ الكلماتِ المُملّة، ولا يسمحُ لهُ بالتحدثِ عن ذاتِه، وكأنَّهُ يُبلغهُ برسالةٍ مفادها التفوّقُ عليهِ وعلى غيرِهِ، حتى يشعرَ مَن يُنصتُ إليهِ بالاشمئزازِ من الحديثِ وتنضبُ روافدُ التواصلِ معهُ بالتدريج.
https://alsabaah.iq/105842-.html
القلب هو الطريق

عبدالجبار الرفاعي

مسارُ القلبِ غير مسارِ العقلِ التساؤلي التشكيكي الذي لا يهدأ. طريقُ القلب أقصرُ وأسهل وأجمل الطرق إلى الله، وأسرعُها حضورًا في ملكوته، طريقُ القلب يجعل الدينَ مُلهِمًا للمحبَّة والنور والفرح. هذا طريقٌ يعرفه ذوو التجارب الروحية، وهو منبعُ طمأنينة القلب وسكينة الروح والسلام الذي يعيشونه في حياتهم.
الإيمانُ نورٌ يكشفُ للإنسان وجودَ الله ويُوصلُه به، ويُشكِّلُ المنبعَ الأغزرَ لمعنى وجود الإنسان ولحياته ومصيره وأمله بالخلود، وهو حالةٌ يعيشها الإنسانُ وحقيقةٌ يتذوَّقها، هذه الحقيقة أمرٌ وجوديٌ، وهي تختلف عن التصوُّر الذهني أو الشعور النفساني. الإيمانُ نورٌ ينعكس فيه تجلِّي الإلهي في البشري، وشهودُ البشري للإلهي، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ.١ يقول باسكال: «للقلب حُجَجُه التي لا يعرفُها العقلُ. القلبُ، لا العقل، يُحسُّ اللهَ، وهذا هو الإيمانُ؛ استشعارُ الله بالقلب لا بالعقل.»٢ويقول خافيير زوبيري:٣ «كلُّ وجودٍ إنساني هو تجربةٌ للألوهية … العقلُ يعجز وحدَه عن الإدراك المباشر لله، فلا يُتمثَّل اللهُ عن طريق العقل وحدَه، لكن أيضًا عن طريق التجربة.»٤ «أقوى برهان على وجود الله هو إمكانُ تجربته وإدراك حضوره. الله مُعطًى تجريبي، ومضمونٌ محسوس للتجربة، وحالةٌ روحانية.» حسب تعبير المتصوِّف الهندوسي رادها كريشنان. الإيمانُ ليس فكرةً نتأمَّلُها، أو معرفةً نتعلَّمُها، أو معلومةً نتذكَّرُها. الإيمانُ حالةٌ للروح نعيشها، وتجربةٌ للحقيقة نتذوَّقها، ثمرةُ الإيمانِ تُعرف بمقدار إثرائه للسلام الباطني. تبتهجُ للإنسانِ الأرضُ لحظةَ يبتهجُ قلبُ الإنسان بأنوار الإيمانِ. الإيمانُ يختزنُ كنوزَ الله في القلب، أجملُ وأرقُّ لغة يتجلى فيها الإيمانُ هي لغةُ القلب. لغةُ القلب تتسعُ لحالاتٍ لا تتسعُ لها الكلماتُ، إنها أعذبُ لغةٍ مشتركة بين كلِّ الناس في كلِّ زمان ومكان.
يحتاج الناسُ إلى من يتعلَّمون منه كيف يستمعون إلى نداء قلوبهم. القلبُ هو الطريقُ إلى الله، ما دام القلبُ يحتضنُ الإيمانَ فلا جَدْوى من تَكرارِ محاجَجات المتكلمين غير المنتجة لطمأنينة القلب وسكينة الروح. كلُّ دليلٍ على الله لا يُمكِن أن يُوصلَنا إلى الله بالشكل الذي يُوصلُنا فيه القلبُ إلى الله، يعجز الدليلُ خارج القلب عن كشف الصلةِ الوجودية للخلق بالحق، ولا تنكشفُ في مثل هذا الدليل تجلياتُ جمال الله في الوجود، ولا يُمكِن أن تُشرِق بواسطته أنوارُه على القلوب…
تتمة المقال على هذا الرابط:

https://www.hindawi.org/books/13907429/2/
سيرة كاتب أوقف حياته للقراءة والكتابة

د. حميدة القحطاني «يكتب #عبدالجبار_الرفاعي بلغة الشذرات» هكذا وصف كتابته الناقد العراقي المعروف الدكتور ناظم عودة في مقالته عن كتاب "الدين والظمأ الأنطولوجي"، وانا عندما اقرأ كتابات الرفاعي أشعر كأني اقرأ قصيدة نثر. هكذا يركب الرفاعي الكلمات المبعثرة،ليهبنا عبارات ساحرة، وعلامات ترشدنا في درب الحياة للجميل والجمال. ذكرتني هذه النصوص بكلام زميل لي أيام دراستي الدكتوراه في فلسفة القانون العام «كلية الحقوق بجامعة النهرين ببغداد» قبل سنوات عندما كان يقرأ كتاب الدين والظمأ الأنطولوجي للرفاعي، إذ قال لي: انا أقرأ صفحة كل ليلة، ليس لضيق الوقت، لكن أخشى إن أنهيت قراءتي للكتاب من وحشة فراق عبق نصوصه التي تحلق بي في عالم المعنى، وتروي ظمأ روحي، وتغدق على قلبي الجمال، لكل ذلك لا أود مفارقة هذا الكتاب». هكذا هو حالي مع كتاب «مسرات القراءة ومخاض الكتابة»، لشدة ملامسته لروحي، والتصاقه بشغاف قلبي، وتلقي ذهني لبذوره الممتلئة، اتنقل بين صفحاته بفرح غامر،ووجل خشية أن ينتهي الكتاب، أتقدم بصفحاته وأنا مشتاقة لما مضى منها.... https://alzawraapaper.com/content.php?id=372561
لا يقطع علمُ الكلام الجديد كليًّا مع التراث، بل يحاولُ أن يستوعبَ ما هو حيّ في عقلانيته، ويستخلص ما أشرق به العرفانُ من رؤى واستبصارات تفتقر إليها حقولُ التراث الأخرى. العرفانُ كنزُ الأديان، وعصارةُ معناها الروحي والأخلاقي والجمالي، لذلك يحرصُ الكلامُ الجديد على توظيف رؤية العرفاء لنمط الصلة بالله، المؤسسة على المحبّة المُتبادَلة بين الله وعباده، ويستأنفُ مقولاتِهم في النجاة والخلاص، ليكسر احتكارَ الرحمة الإلهية، والادعاء باختصاص النجاة والخلاص بديانة أو فرقة أو طائفة دون سواها.
كتاب ثناء على الجيل الجديد

د. حسن مدن
في مرحلة معينة من أعمار أبنائنا وبناتنا نكفّ نحن عن أن نكون معلمين لهم، أو أن مساحة ما يمكن أن نقدّمه لهم من معرفة تتضاءل وتضيق، قياساً إلى ما باتوا يملكونه هم من معارف ومهارات وما يتمتعون به من سعة أفق، فتنقلب الأمور، فيغدوا الأبناء والبنات هم من يعلموننا ويمدّوننا بمعلومات ما كنا سنصل إليها بأنفسنا، وعلى مهاراتهم المختلفة سنعتمد في التعامل مع ما هو جديد في دنيا العالم التقني. أعتقد أن هذا ينطبق علينا جميعاً، ولو تحدثت عن تجربتي ككاتب عمود يومي أحتاج إلى فكرة جديدة كل يوم كي أكتب عنها فإني كثيراً ما ألتقط من أحاديث ابني وابنتي، وما ينقلانه من معلومات، أو يريانه من انطباعات عن مشاهداتهما، ما يلهمني في الكتابة.
الدكتور #عبدالجبار_الرفاعي أشار إلى الفكرة نفسها، حتى إنه قدم لكتابه الجديد بالعبارة التالية: "تعلمت من أبنائي أكثر من آبائي.. تعلمت من تلامذتي أكثر من أساتذتي". حمل كتاب الرفاعي عنواناً لافتاً وجاذباً هو: "ثناء على الجيل الجديد"، ويأتي العنوان مخالفاً، بل ناقضاً، لاعتقاد سائد خاطئ لدى المخضرمين قائم على نظرة سلبية تجاه الأجيال الجديدة التي توصف بالضائعة والتائهة، الفاقدة للرؤية حول ماذا تريد، وفي المفاضلة بين الآباء والأبناء، يجنح الأولون إلى وصف أنفسهم بأنهم كانوا، وهم في أعمار أبنائهم، أكثر حكمة وجدية ووضوحاً في الرؤية، ويترحمون على زمن ولى ولم يعد، دون أن ينتبهوا إلى أن «الزمن الجميل» مفهوم نسبي وملتبس جداً، والنظرة إليه تختلف باختلاف الأجيال.
يقف الرفاعي عند هذه المسألة بالذات، ملاحظاً أن الجيل الأكبر في نظرته للجيل الجديد بأنه ضائع ولا يعرف ماذا يريد، يخطئ مرتين، الأولى لأن "عقل الشباب اليوم أنضج، ووعيهم بالحياة أعمق منا حين كنا في مرحلته العمرية. عالمهم مركب وعالمنا بسيط. عالمهم متنوع وعالمنا أحادي، عالمهم نسيج معقد تتلاقح فيه الهويات وتتفاعل فيه الثقافات ويتوحد في موكب واحد".
هذا عن الخطأ الأول، أما الخطأ الثاني الذي يقع فيه الجيل الأكبر فيتمثل في اعتقاد هذا الجيل بأنه كان يعرف ماذا يريد، وهنا يتساءل الرفاعي: كيف "يعرف هذا الجيل (الكبير) ماذا يريد وهو لم يكتشف حتى ذاته الفردية؟"، كونه جيلاً ولد في زمن كان المتاح فيه من وسائل المعرفة محدوداً قياساً إلى ما هو متيسر للأجيال الجديدة، والذي ييسر لها ولوج دروب متعددة في الحياة والمعرفة، ويمكّنها من النهل من روافدها المختلفة والمتزايدة يوماً عن يوم، "والتي تسهم في إنتاج أنماط وجوده، وطرائق عيشه، ووسائل تواصله مع ما حوله" حسب الكاتب.

https://almothaqaf.org/readings-2/978535-حسن-مدن-كتاب-ثناء-على-الجيل-الجديد
كل شيء يخضع لمسائلة العقل ونقده وتمحيصه، العقل نفسه يخضع لمسائلة العقل، وتمحيص مفاهيمه، وغربلة أحكامه، وطريقة تعريفه لنفسه، وتفسيره لحقيقة معرفته، ومصادرها، وقيمتها. لا يضع الحدود للعقل إلا العقل، العقل يرسم حدوده وما هو داخل في فضائه، ويتدخل ببيان حقيقة ما هو خارج حدوده. لا يصدق التفكير فلسفيا إلا لحظة يكتفي العقل في تصديقاته وحججه وأحكامه بذاته، فيكون هو مرجعية تمحيص تفكيره، ومرجعية ما سواه، والحكم عليه إثباتا أو نفيا. عندما يصمت العقل ويكف عن وظيفته، تدخل الروح والعاطفة في متاهات. العقل يريد ألا نستمع منه إلا إلى صوته الخاص، من دون أن تشوش عليه وتربكه وتنهكه أصوات خارج حدوده. العقل يحكم بعدم إمكان أن يتخلص الإنسان من تأثير خفي لذاته وعواطفه ومشاعره والمحيط الذي يعيش فيه بشكل تام.

#اليوم_العالمي_للفلسفة_2024
#عبدالجبار_الرفاعي
تباع هذه الكتب في منشورات تكوين⁦ @TakweenPH ⁩، وفي دار الرافدين⁦ @daralrafidain
‏في ⁧ #معرض_الكويت_الدولي_للكتاب ⁩.